الصفحة الرئيسية » الأدعية والزيارات المهدوية » زيارة الناحية المقدّسة
 الأدعية والزيارات المهدوية

المقالات زيارة الناحية المقدّسة

القسم القسم: الأدعية والزيارات المهدوية تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٨/٠٥/٢٠ المشاهدات المشاهدات: ٢٣٢٨ التعليقات التعليقات: ٠

زيارة الناحية المقدّسة

بسم الله الرحمن الرحيم

اَلسَّلامُ عَلى آدَمَ صِفْوَةِ الله مِنْ خَليقَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى شَيْثٍ وَلِيِّ الله وَخِيَرَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى إِدْريسَ الْقائِمِ للهِ بِحُجَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى نُوحٍ الْمُجابِ في دَعْوَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى هُودٍ الْمَمْدُودِ مِنَ الله بِمَعُونَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى صالِحٍ الَّذي تَوَّجَهُ الله بِكَرامَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى إِبْراهيمَ الَّذي حَباهُ الله بِخُلَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى إِسْماعيلَ الَّذي فَداهُ الله بِذِبْحٍ عَظيمٍ مِنْ جَنَّتِهِ.
اَلسَّلامُ عَلى إِسْحاقَ الَّذي جَعَلَ الله النُّبُوَّةَ في ذُرِّيَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى يَعْقُوبَ الَّذي رَدَّ الله عَلَيْهِ بَصَرَهُ بِرَحْمَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى يُوسُفَ الَّذي نَجَّاهُ الله مِنَ الْجُبِّ بِعَظَمَتِهِ.
اَلسَّلامُ عَلى مُوسَى الَّذي فَلَقَ الله الْبَحْرَ لَهُ بِقُدْرَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى هارُونَ الَّذي خَصَّهُ الله بِنُبُوَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى شُعَيْبٍ الَّذي نَصَرَهُ الله عَلى اُمَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى داوُدَ الَّذي تابَ الله عَلَيْهِ مِنْ خَطيئَتِهِ.
اَلسَّلامُ عَلى سُلَيْمانَ الَّذي ذَلَّتْ لَهُ الْجِنُّ بِعِزَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى أَيُّوبَ الَّذي شَفاهُ الله مِنْ عِلَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى يُونُسَ الَّذي أَنْجَزَ الله لَهُ مَضْمُونَ عِدَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى عُزَيْرٍ الَّذي أَحْياهُ الله بَعْدَ مَيْتَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى زَكَرِيَّا الصَّابِرِ في مِحْنَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى يَحْيَى الَّذي أَزْلَفَهُ الله بِشَهادَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى عيسى رُوحِ الله وَكَلِمَتِهِ.
اَلسَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ حَبيبِ الله وَصِفْوَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى أمير المؤمنين عَلِيِّ بْنِ أَبي طالِبٍ الْمَخْصُوصِ بِاُخُوَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى فاطِمَةَ الزَّهْراءِ ابْنَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى أَبي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ وَصِيِّ أَبيهِ وَخَليفَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ الَّذي سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِمُهْجَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى مَنْ أَطاعَ الله في سِرِّهِ وَعَلانِيَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى مَنْ جَعَلَ الله الشِّفاءَ في تُرْبَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى مَنِ الْإِجابَةُ تَحْتَ قُبَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلى مَنِ الْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ.
اَلسَّلامُ عَلَى ابْنِ خاتَمِ الْأَنْبِياءِ، اَلسَّلامُ عَلَى ابْنِ سَيِّدِ الْأَوْصِياءِ، اَلسَّلامُ عَلَى ابْنِ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ، اَلسَّلامُ عَلَى ابْنِ خَديجَةَ الْكُبْرى، اَلسَّلامُ عَلَى ابْنِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى، اَلسَّلامُ عَلَى ابْنِ جَنَّةِ الْمَأْوى، اَلسَّلامُ عَلَى ابْنِ زَمْزَمَ وَالصَّفا.
اَلسَّلامُ عَلَى الْمُرَمَّلِ بِالدِّماءِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمَهْتُوكِ الْخِباءِ، اَلسَّلامُ عَلى خامِسِ أَصْحابِ أَهْلِ الْكِساءِ، اَلسَّلامُ عَلى غَريبِ الْغُرَباءِ، اَلسَّلامُ عَلى شَهيدِ الشُّهَداءِ، اَلسَّلامُ عَلى قَتيلِ الْأَدْعِياءِ، اَلسَّلامُ عَلى ساكِنِ كَرْبَلاءَ، اَلسَّلامُ عَلى مَنْ بَكَتْهُ مَلائِكَةُ السَّماءِ، اَلسَّلامُ عَلى مَنْ ذُرِّيَّتُهُ الْأَزْكِياءُ.
اَلسَّلامُ عَلى يَعْسُوبِ الدّينِ، اَلسَّلامُ عَلى مَنازِلِ الْبَراهينِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْأَئِمَّةِ السَّاداتِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْجُيُوبِ الْمُضَرَّجاتِ، اَلسَّلامُ عَلَى الشِّفاهِ الذَّابِلاتِ، اَلسَّلامُ عَلَى النُّفُوسِ الْمُصْطَلَماتِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْأَرْواحِ الْمُخْتَلَساتِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْأَجْسادِ الْعارِياتِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْجُسُومِ الشَّاحِباتِ، اَلسَّلامُ عَلَى الدِّماءِ السَّائِلاتِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْأَعْضاءِ الْمُقَطَّعاتِ، اَلسَّلامُ عَلَى الرُّؤُوسِ الْمُشالاتِ، اَلسَّلامُ عَلَى النِّسْوَةِ الْبارِزاتِ.
اَلسَّلامُ عَلى حُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى آبائِكَ الطَّاهِرينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى أَبْنائِكَ الْمُسْتَشْهَدينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى ذُرِّيَّتِكَ النَّاصِرينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْمَلائِكَةِ الْمُضاجِعينَ، اَلسَّلامُ عَلَى الْقَتيلِ الْمَظْلُومِ، اَلسَّلامُ عَلى أَخيهِ الْمَسْمُومِ، اَلسَّلامُ عَلى عَلِيٍّ الْكَبيرِ، اَلسَّلامُ عَلَى الرَّضيعِ الصَّغير.
اَلسَّلامُ عَلَى الْأَبْدانِ السَّليبَةِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْعِتْرَةِ الْقَريبَةِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمُجَدَّلينَ فِي الْفَلَواتِ، اَلسَّلامُ عَلَى النَّازِحينَ عَنِ الْأَوْطانِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمَدْفُونينَ بِلا أَكْفانٍ، اَلسَّلامُ عَلَى الرُّؤُوسِ الْمُفَرَّقَةِ عَنِ الْأَبْدانِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمُحْتَسِبِ الصَّابِرِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمَظْلُومِ بِلا ناصِرٍ، اَلسَّلامُ عَلَى ساكِنِ التُّرْبَةِ الزَّاكِيَةِ، اَلسَّلامُ عَلى صاحِبِ الْقُبَّةِ السَّامِيَةِ.
اَلسَّلامُ عَلى مَنْ طَهَّرَهُ الْجَليلُ، اَلسَّلامُ عَلى مَنِ افْتَخَرَ بِهِ جَبْرَئيلُ، اَلسَّلامُ عَلى مَنْ ناغاهُ فِي الْمَهْدِ ميكائيلُ، اَلسَّلامُ عَلى مَنْ نُكِثَتْ ذِمَّتُهُ، اَلسَّلامُ عَلى مَنْ هُتِكَتْ حُرْمَتُهُ، اَلسَّلامُ عَلى مَنْ اُريقُ بِالظُّلْمِ دَمُهُ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمُغَسَّلِ بِدَمِ الْجِراحِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمُجَرَّعِ بِكَأْساتِ الرِّماحِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمُضامِ الْمُسْتَباحِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمَنْحُورِ فِي الْوَرى، اَلسَّلامُ عَلى مَنْ دَفَنَهُ أَهْلُ الْقُرى.
اَلسَّلامُ عَلَى الْمَقْطُوعِ الْوَتينِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمُحامي بِلا مُعينٍ، اَلسَّلامُ عَلَى الشَّيْبِ الخَضيبِ، اَلسَّلامُ عَلَى الخَدِّ التَّريبِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْبَدَنِ السَّليبِ، اَلسَّلامُ عَلَى الثَّغْرِ الْمَقْرُوعِ بِالْقَضيبِ، اَلسَّلامُ عَلَى الرَّأْسِ الْمَرْفُوعِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْأَجْسامِ الْعارِيَةِ فِي الْفَلَواتِ، تَنْهَشُهَا الذِّئابُ الْعادِياتُ، وَتَخْتَلِفُ إِلَيْهَا السِّباعُ الضَّارِياتُ.
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ وَعَلَى الْمَلائِكَةِ الْمَرْفُوفينَ حَوْلَ قُبَّتِكَ، اَلْحافّينَ بِتُرْبَتِكَ، اَلطَّائِفينَ بِعَرْصَتِكَ، اَلْوارِدينَ لِزِيارَتِكَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ فَإِنّي قَصَدْتُ إِلَيْكَ، وَرَجَوْتُ الْفَوْزَ لَدَيْكَ.
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ سَلامَ الْعارِفِ بِحُرْمَتِكَ، اَلْمُخْلِصِ في وِلايَتِكَ، اَلْمُتَقَرِّبِ إِلَى الله بِمَحَبَّتِكَ، اَلْبَريء مِنْ أَعْدائِكَ، سَلامَ مَنْ قَلْبُهُ بِمُصابِكَ مَقْرُوحٌ، وَدَمْعُهُ عِنْدَ ذِكْرِكَ مَسْفُوحٌ، سَلامَ الْمَفْجُوعِ الْحَزينِ الْوالِهِ الْمُسْتَكينِ، سَلامَ مَنْ لَوْ كانَ مَعَكَ بِالطُّفُوفِ لَوَقاكَ بِنَفْسِهِ حَدَّ السُّيُوفِ، وَبَذَلَ حُشاشَتَهُ دُونَكَ لِلْحُتُوفِ، وَجاهَدَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَنَصَرَكَ عَلى مَنْ بَغى عَلَيْكَ، وَفَداكَ بِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ وَمالِهِ وَوَلَدِهِ، وَرُوحُهُ لِرُوحِكَ فِداءٌ، وَأَهْلُهُ لِأَهْلِكَ وِقاءٌ.
فَلَئِنْ أَخَّرَتْنِي الدُّهُورُ، وَعاقَني عَنْ نَصْرِكَ الْمَقْدُورُ، وَلَمْ أَكُنْ لِمَنْ حارَبَكَ مُحارِباً، وَلِمَنْ نَصَبَ لَكَ الْعَداوَةَ مُناصِباً، فَلَأَنْدُبَنَّكَ صَباحاً وَمَساءً، وَلَأَبْكِيَنَّ لَكَ بَدَلَ الدُّمُوعِ دَماً، حَسْرَةً عَلَيْكَ، وَتَأَسُّفاً عَلى ما دَهاكَ، وَتَلَهُّفاً حَتَّى أَمُوتَ بِلَوْعَةِ الْمُصابِ، وَغُصَّةِ الْإِكْتِيابِ.
أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْعُدْوانِ، وَأَطَعْتَ الله وَما عَصَيْتَهُ، وَتَمَسَّكْتَ بِهِ وَبِحَبْلِهِ فَأَرْضَيْتَهُ وَخَشيتَهُ، وَراقَبْتَهُ وَاسْتَجَبْتَهُ، وَسَنَنْتَ السُّنَنَ، وَأَطْفَأْتَ الْفِتَنَ، وَدَعَوْتَ إِلَى الرَّشادِ، وَأَوْضَحْتَ سُبُلَ السَّدادِ، وَجاهَدْتَ فِي الله حَقَّ الْجِهادِ.
وَكُنْتَ للهِ طائِعاً، وَلِجَدِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ تابِعاً، وَلِقَوْلِ أَبيكَ سامِعَاً، وإِلى وَصِيَّةِ أَخيكَ مُسارِعاً، وَلِعِمادِ الدّينِ رافِعاً، وَلِلطُّغْيانِ قامِعاً، وَلِلطُّغاةِ مُقارِعاً، وَلِلْاُمَّةِ ناصِحاً، وَفي غَمَراتِ الْمَوْتِ سابِحاً، وَلِلْفُسَّاقِ مُكافِحاً، وَبِحُجَجِ الله قائِماً، وَلِلْإِسْلامِ وَالْمُسْلِمينَ راحِماً، وَلِلْحَقِّ ناصِراً، وَعِنْدَ الْبَلاءِ صابِراً، وَلِلدّينِ كالِئاً، وَعَنْ حَوْزَتِهِ مُرامِياً.
تَحُوطُ الْهُدى وَتَنْصُرُهُ، وَتَبْسُطُ الْعَدْلَ وَتَنْشُرُهُ، وَتَنْصُرُ الدّينَ وَتُظْهِرُهُ، وَتَكُفُّ الْعابِثَ وَتَزْجُرُهُ، وَتَأْخُذُ لِلدَّنِيِّ مِنَ الشَّريفِ، وَتُساوي فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْقَوِيِّ وَالضَّعيفِ.
كُنْتَ رَبيعَ الْأَيْتامِ، وَعِصْمَةَ الْأَنامِ، وَعِزَّ الْإِسْلامِ، وَمَعْدِنَ الْأَحْكامِ، وَحَليفَ الْإِنْعامِ، سالِكاً طَرائِقَ جَدِّكَ وَأَبيكَ، مُشْبِهاً فِي الْوَصِيَّةِ لِأَخيكَ، وَفِيَّ الذِّمَمِ، رَضِيَّ الشِّيَمِ، ظاهِرَ الْكَرَمِ، مُتَهَجِّداً فِي الظُّلَمِ، قَويمَ الطَّرائِقِ، كَريمَ الْخَلائِقِ، عَظيمَ السَّوابِقِ، شَريفَ النَّسَبِ، مُنيفَ الْحَسَبِ، رَفيعَ الرُّتَبِ، كَثيرَ الْمَناقِبِ، مَحْمُودَ الضَّرائِبِ، جَزيلَ الْمَواهِبِ.
حَليمٌ رَشيدٌ مُنيبٌ، جَوادٌ عَليمٌ شَديدٌ، إِمامٌ شَهيدٌ، أَوَّاهٌ مُنيبٌ، حَبيبٌ مَهيبٌ. كُنْتَ لِلرَّسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَلَداً، وَلِلْقُرْآنِ سَنَداً، وَلِلْاُمَّةِ عَضُداً، وَفِي الطَّاعَةِ مُجْتَهِداً، حافِظاً لِلْعَهْدِ وَالْميثاقِ، ناكِباً عَنْ سُبُلِ الفُسَّاقِ، [وَ] باذِلاً لِلْمَجْهُودِ، طَويلَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
زاهِداً فِي الدُّنْيا زُهْدَ الرَّاحِلِ عَنْها، ناظِراً إِلَيْها بِعَيْنِ الْمُسْتَوْحِشينَ مِنْها، آمالُكَ عَنْها مَكْفُوفَةٌ، وَهِمَّتُكَ عَنْ زينَتِها مَصْرُوفَةٌ، وَأَلْحاظُكَ عَنْ بَهْجَتِها مَطْرُوفَةٌ، وَرَغْبَتُكَ فِي الْآخِرَةِ مَعْرُوفَةٌ.
حَتَّى إِذَا الْجَوْرُ مَدَّ باعَهُ، وَأَسْفَرَ الُّظلْمُ قِناعَهُ، وَدَعَا الْغَيُّ أَتْباعَهُ، وَأَنْتَ في حَرَمِ جَدِّكَ قاطِنٌ، وَلِلظَّالِمينَ مُبايِنٌ، جَليسُ الْبَيْتِ وَالْمِحْرابِ، مُعْتَزِلٌ عَنِ اللَّذَّاتِ وَالشَّهَواتِ، تُنْكِرُ الْمُنْكَرَ بِقَلْبِكَ وَلِسانِكَ، عَلى حَسَبِ طاقَتِكَ وإِمْكانِكَ، ثُمَّ اقْتَضاكَ الْعِلْمُ لِلْإِنْكارِ، وَلَزِمَكَ أَنْ تُجاهِدَ الْفُجَّارَ، فَسِرْتَ في أَوْلادِكَ وَأَهاليكَ، وَشيعَتِكَ وَمَواليكَ، وَصَدَعْتَ بِالْحَقِّ وَالْبَيِّنَةِ، وَدَعَوْتَ إِلَى الله بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَأَمَرْتَ بِإِقامَةِ الْحُدُودِ، وَالطَّاعَةِ لِلْمَعْبُودِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْخَبائِثِ وَالطُّغْيانِ، وَواجَهُوكَ بِالظُّلْمِ وَالْعُدْوانِ.
فَجاهَدْتَهُمْ بَعْدَ الْإيعاظِ لَهُمْ، وَتَأْكيدِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، فَنَكَثُوا ذِمامَكَ وَبَيْعَتَكَ، وَأَسْخَطُوا رَبَّكَ وَجَدَّكَ، وَبَدَؤُوكَ بِالْحَرْبِ، فَثَبَتَّ لِلطَّعْنِ وَالضَّرْبِ، وَطَحَنْتَ جُنُودَ الْفُجَّارِ، وَاقْتَحَمْتَ قَسْطَلَ الْغُبارِ، مُجالِداً بِذِي الْفِقارِ، كَأَنَّكَ عَلِيٌّ الْمُخْتارُ.
فَلَمَّا رَأَوْكَ ثابِتَ الْجَأْشِ، غَيْرَ خائِفٍ وَلا خاشٍ، نَصَبُوا لَكَ غَوائِلَ مَكْرِهِمْ، وَقاتَلُوكَ بِكَيْدِهِمْ وَشَرِّهِمْ، وَأَمَرَ اللَّعينُ جُنُودَهُ، فَمَنَعُوكَ الْماءَ وَوُرُودَهُ، وَناجَزُوكَ الْقِتالَ، وَعاجَلُوكَ النِّزالَ، وَرَشَقُوكَ بِالسِّهامِ وَالنِّبالِ، وَبَسَطُوا إِلَيْكَ أَكُفَّ الْاِصْطِلامِ، وَلَمْ يَرْعَوْا لَكَ ذِماماً، وَلا راقَبُوا فيكَ آثاماً، في قَتْلِهِمْ أَوْلِياءَكَ، وَنَهْبِهِمْ رِحالَكَ، وَأَنْتَ مُقَدَّمٌ فِي الْهَبَواتِ، وَمُحْتَمِلٌ لِلْأَذِيَّاتِ، قَدْ عَجِبَتْ مِنْ صَبْرِكَ مَلائِكَةُ السَّماواتِ.
فَأَحْدَقُوا بِكَ مِنْ كُلِّ الْجَهاتِ، وَأَثْخَنُوكَ بِالْجِراحِ، وَحالُوا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الرَّواحِ، وَلَمْ يَبْقَ لَكَ ناصِرٌ، وَأَنْتَ مُحْتَسِبٌ صابِرٌ، تَذُبُّ عَنْ نِسْوَتِكَ وَأَوْلادِكَ، حَتَّى نَكَسُوكَ عَنْ جَوادِكَ، فَهَوَيْتَ إِلَى الْأَرْضِ جَريحاً، تَطَؤُكَ الْخُيُولُ بِحَوافِرِها، وَتَعْلُوكَ الطُّغاةُ بِبَواتِرِها.
قَدْ رَشَحَ لِلْمَوْتِ جَبينُكَ، وَاخْتَلَفَتْ بِالْإِنْقِباضِ وَالْإِنْبِساطِ شِمالُكَ وَيَمينُكَ، تُديرُ طَرْفاً خَفِيّاً إِلى رَحْلِكَ وَبَيْتِكَ، وَقَدْ شَغَلْتَ بِنَفْسِكَ عَنْ وُلْدِكَ وَأَهاليكَ، وَأَسْرَعَ فَرَسُكَ شارِداً، إِلى خِيامِكَ قاصِداً، مُحَمْحِماً باكِياً، فَلَمَّا رَأَيْنَ النِّساءُ جَوادَكَ مَخْزِيّاً، وَنَظَرْنَ سَرْجَكَ عَلَيْهِ مَلْوِيّاً، بَرَزْنَ مِنَ الْخُدُورِ، ناشِراتِ الشُّعُورِ عَلَى الْخُدُودِ، لاطِماتِ الْوُجُوهِ سافِراتٍ، وَبِالْعَويلِ داعِياتٍ، وَبَعْدَ الْعِزِّ مُذَلَّلاتٍ، وإِلى مَصْرَعِكَ مُبادِراتٍ.
وَالشِّمْرُ جالِسٌ عَلى صَدْرِكَ، وَمُولِغٌ سَيْفَهُ عَلى نَحْرِكَ، قابِضٌ عَلى شَيْبَتِكَ بِيَدِهِ، ذابِحٌ لَكَ بِمُهَنَّدِهِ، قَدْ سَكَنَتْ حَواسُّكَ، وَخَفِيَتْ أَنْفاسُكَ، وَرُفِعَ عَلَى الْقَناةِ رَأْسُكَ، وَسُبِىَ أَهْلُكَ كَالْعَبيدِ، وَصُفِّدُوا فِي الْحَديدِ، فَوْقَ أَقْتابِ الْمَطِيَّاتِ، تَلْفَحُ وَجُوهَهُمْ حَرُّ الْهاجِراتِ، يُساقُونَ فِي الْبَراري وَالْفَلَواتِ، أَيْديهِمْ مَغْلُولَةٌ إِلَى الْأَعْناقِ، يُطافُ بِهِمْ فِي الْأَسْواقِ.
فَالْوَيْلُ لِلْعُصاةِ الْفُسَّاقِ، لَقَدْ قَتَلُوا بِقَتْلِكَ الْإِسْلامَ، وَعَطَّلُوا الصَّلاةَ وَالصِّيامَ، وَنَقَضُوا السُّنَنَ وَالْأَحْكامَ، وَهَدَمُوا قَواعِدَ الْإيمانِ، وَحَرَّفُوا آياتِ الْقُرْآنِ، وَهَمْلَجُوا فِي الْبَغْيِ وَالْعُدْوانِ.
لَقَدْ أَصْبَحَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ مَوْتُوراً، وَعادَ كِتابُ الله عزّ وجلّ مَهْجُوراً، وَغُودِرَ الْحَقُّ إِذْ قُهِرْتَ مَقْهُوراً، وَفُقِدَ بِفَقْدِكَ التَّكْبيرُ وَالتَّهْليلُ، وَالتَّحْريمُ وَالتَّحْليلُ، وَالتَنْزيلُ وَالتَّأْويلُ، وَظَهَرَ بَعْدَكَ التَّغْييرُ وَالتَّبْديلُ، وَالْإِلْحادُ وَالتَّعْطيلُ، وَالْأَهْواءُ وَالْأَضاليلُ، وَالْفِتَنُ وَالْأَباطيلُ.
فَقامَ ناعيكَ عِنْدَ قَبْرِ جَدِّكَ الرَّسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَنَعاكَ إِلَيْهِ بِالدَّمْعِ الْهَطُولِ، قائِلاً يا رَسُولَ الله قُتِلَ سِبْطُكَ وَفَتاكَ، وَاسْتُبيحَ أَهْلُكَ وَحِماكَ، وَسُبِيَتْ بَعْدَكَ ذَراريكَ، وَوَقَعَ الْمَحْذُورُ بِعِتْرَتِكَ وَذَويكَ.
فَانْزَعَجَ الرَّسُولُ، وَبَكى قَلْبُهُ الْمَهُولُ، وَعَزَّاهُ بِكَ الْمَلائِكَةُ وَالْأَنْبِياءُ، وَفُجِعَتْ بِكَ اُمُّكَ الزَّهْراءُ، وَاخْتَلَفَتْ جُنُودُ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبينَ، تُعَزّي أَباكَ أمير المؤمنين، وَاُقيمَتْ لَكَ الْمَاتِمُ فِي أَعْلا عِلِّيّينَ، وَلَطَمَتْ عَلَيْكَ الْحُورُ الْعينُ، وَبَكَتِ السَّماءُ وَسُكَّانُها، وَالْجِنانُ وَخُزَّانُها، وَالْهِضابُ وَأَقْطارُها، وَالْبِحارُ وَحيتانُها، وَالْجِنانُ وَوِلْدانُها، وَالْبَيْتُ وَالْمَقامُ، وَالْمَشْعَرُ الْحَرامُ، وَالْحِلُّ وَالْأَحْرامُ(١).
اللّهم فَبِحُرْمَةِ هذَا الْمَكانِ الْمُنيفِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاحْشُرْني في زُمرَتِهِمْ، وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِشَفاعَتِهِمْ.
اللّهم إِنّي أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ يا أَسْرَعَ الْحاسِبينَ، وَيا أَكْرَمَ الْأَكْرَمينَ، وَيا أَحْكَمَ الْحاكِمينَ، بِمُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ، رَسُولِكَ إِلَى الْعالَمينَ أَجْمَعينَ، وَبِأَخيهِ وَابْنِ عَمِّهِ الْأَنْزَعِ الْبَطينِ، اَلْعالِمِ الْمَكينِ، عَلِيٍّ أمير المؤمنين، وَبِفاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، وَبِالْحَسَنِ الزَّكِيِّ عِصْمَةِ الْمُتَّقينَ.
وَبِأَبي عبد الله الْحُسَيْنِ أَكْرَمِ الْمُسْتَشْهَدينَ، وَبِأَوْلادِهِ الْمَقْتُولينَ، وَبِعِتْرَتِهِ الْمَظْلُومينَ، وَبِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعابِدينَ، وَبِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قِبْلَةِ الْأَوَّابينَ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَصْدَقِ الصَّادِقينَ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ مُظْهِرِ الْبَراهينَ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى ناصِرِ الدّينِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قُدْوَةِ الْمُهْتَدينَ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ أَزْهَدِ الزَّاهِدينَ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وارِثِ الْمُسْتَخْلَفينَ، وَالْحُجَّةِ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعينَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، اَلصَّادِقينَ الْأَبَرّينَ، آلِ طه وَيس، وَأَنْ تَجْعَلَني فِي الْقِيامَةِ مِنَ الْآمِنينَ الْمُطْمَئِنّينَ الْفائِزينَ الْفَرِحينَ الْمُسْتَبْشِرينَ.
اللّهم اكْتُبْني فِي الْمُسْلِمينَ، وَأَلْحِقْني بِالصَّالِحينَ، وَاجْعَلْ لي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرينَ، وَانْصُرْني عَلَى الْباغينَ، وَاكْفِني كَيْدَ الْحاسِدينَ، وَاصْرِفْ عَنّي مَكْرَ الْماكِرينَ، وَاقْبِضْ عَنّي أَيْدِي الظَّالِمينَ، وَاجْمَعْ بَيْني وَبَيْنَ السَّادَةِ الْمَيامينِ، في أَعْلا عِلِّيّينَ، مَعَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، مِنَ النَّبِيّينَ وَالصِّدّيقينَ، وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحينَ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
اللّهم إِنّي اُقْسِمُ عَلَيْكَ بِنَبِيِّكَ الْمَعْصُومِ، وَبِحُكْمِكَ الْمَحْتُومِ، وَنَهْيِكَ الْمَكْتُومِ، وَبِهذَا الْقَبْرِ الْمَلْمُومِ، اَلْمُوَسَّدِ في كَنَفِهِ، اَلْإِمامُ الْمَعْصُومُ الْمَقْتُولُ الْمَظْلُومُ، أَنْ تَكْشِفَ ما بي مِنَ الْغُمُومِ، وَتَصْرِفَ عَنّي شَرَّ الْقَدَرِ الْمَحْتُومِ، وَتُجيرَني مِنَ النَّارِ ذاتِ السَّمُومِ.
اللّهم جَلِّلْني بِنِعْمَتِكَ، وَرَضِّني بِقِسْمِكَ، وَتَغَمَّدْني بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، وَباعِدْني مِنْ مَكْرِكَ وَنِقْمَتِكَ. اللّهم اعْصِمْني مِنَ الزَّلَلِ، وَسَدِّدْني فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَافْسَحْ لي في مُدَّةِ الْأَجَلِ، وَأَعْفِني مِنَ الْأَوْجاعِ وَالْعِلَلِ، وَبَلِّغْني بِمَوالِيَّ وَبِفَضْلِكَ أَفْضَلَ الْأَمَلِ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاقْبَلْ تَوْبَتي، وَارْحَمْ عَبْرَتي، وَأَقِلْني عَثْرَتي، وَنَفِّسْ كُرْبَتي، وَاغْفِرْ لي خَطيئَتي، وَأَصْلِحْ لي في ذُرِّيَّتي.
اللّهم لاتَدَعْ لي في هذَا الْمَشْهَدِ الْمُعَظَّمِ، وَالْمَحَلِّ الْمُكَرَّمِ ذَنْباً إِلّا غَفَرْتَهُ، وَلا عَيْباً إِلّا سَتَرْتَهُ، وَلا غَمّاً إِلّا كَشَفْتَهُ، وَلا رِزْقاً إِلّا بَسَطْتَهُ، وَلا جاهاً إِلّا عَمَّرْتَهُ، وَلا فَساداً إِلّا أَصْلَحْتَهُ، وَلا أَمَلاً إِلّا بَلَّغْتَهُ، وَلا دُعاءً إِلّا أَجَبْتَهُ، وَلا مَضيقاً إِلّا فَرَّجْتَهُ، وَلا شَمْلاً إِلّا جَمَعْتَهُ، وَلا أَمْراً إِلّا أَتْمَمْتَهُ، وَلا مالاً إِلّا كَثَّرْتَهُ، وَلا خُلْقاً إِلّا حَسَّنْتَهُ، وَلا إِنْفاقاً إِلّا أَخْلَفْتَهُ، وَلا حالاً إِلّا عَمَّرْتَهُ، وَلا حَسُوداً إِلّا قَمَعْتَهُ، وَلا عَدُوّاً إِلّا أَرْدَيْتَهُ، وَلا شَرّاً إِلّا كَفَيْتَهُ، وَلا مَرَضاً إِلّا شَفَيْتَهُ، وَلا بَعيداً إِلّا أَدْنَيْتَهُ، وَلا شَعْثاً إِلّا لَمَمْتَهُ، وَلا سُؤالاً إِلّا أَعْطَيْتَهُ.
اللّهم إِنّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْعاجِلَةِ، وَثَوابَ الْآجِلَةِ. اللّهم أَغْنِني بِحَلالِكَ عَنِ الْحَرامِ، وَبِفَضْلِكَ عَنْ جَميعِ الْأَنامِ. اللّهم إِنّي أَسْأَلُكَ عِلْماً نافِعاً، وَقَلْباً خاشِعاً وَيَقيناً شافِياً، وَعَمَلاً زاكِياً، وَصَبْراً جَميلاً، وَأَجْراً جَزيلاً.
اللّهم ارْزُقْني شُكْرَ نِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَزِدْ في إِحْسانِكَ وَكَرَمِكَ إِلَيَّ، وَاجْعَلْ قَوْلي فِي النَّاسِ مَسْمُوعاً، وَعَمَلي عِنْدَكَ مَرْفُوعاً، وَأَثَري فِي الْخَيْراتِ مَتْبُوعاً، وَعَدُوّي مَقْمُوعاً.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْأَخْيارِ، في آناءِ اللَّيْلِ وَأَطْرافِ النَّهارِ، وَاكْفِني شَرَّ الْأَشْرارِ، وَطَهِّرْني مِنَ الذُّنُوبِ وَالْأَوْزارِ، وَأَجِرْني مِنَ النَّارِ، وَأَحِلَّني دارَ الْقَرارِ، وَاغْفِرْ لي وَلِجَميعِ إِخْواني فيكَ وَأَخَواتِيَ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
ثمّ توجّه إلى القبلة، وصلّ ركعتين، واقرأ في الاُولى سورة الأنبياء، وفي الثانية الحشر، واقنت وقل:
لا إِلهَ إِلّاَ الله الْحَليمُ الْكَريمُ، لا إِلهَ إِلّاَ الله الْعَلِيُّ الْعَظيمُ، لا إِلهَ إِلّاَ الله رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ، وَالْأَرَضينَ السَّبْعِ، وَما فيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ، خِلافاً لِأَعْدائِهِ، وَتَكْذيباً لِمَنْ عَدَلَ بِهِ، وإِقْراراً لِرُبُوبِيَّتِهِ، وَخُضُوعاً لِعِزَّتِهِ، اَلْأَوَّلُ بِغَيْرِ أَوَّلٍ، وَالْآخِرُ إِلى غَيْرِ آخِرٍ، اَلظَّاهِرُ عَلى كُلِّ شيء بِقُدْرَتِهِ، اَلْباطِنُ دُونَ كُلِّ شيء بِعِلْمِهِ وَلُطْفِهِ، لاتَقِفُ الْعُقُولُ عَلى كُنْهِ عَظَمَتِهِ، وَلا تُدْرِكُ الْأَوْهامُ حَقيقَةَ ماهِيَّتِهِ، وَلا تَتَصَوَّرُ الْأَنْفُسُ مَعانِيَ كَيْفِيَّتِهِ، مُطَّلِعاً عَلَى الضَّمائِرِ، عارِفاً بِالسَّرائِرِ، يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ.
اللّهم إِنّي اُشْهِدُكَ عَلى تَصْديقي رَسُولَكَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَايماني بِهِ، وَعِلْمي بِمَنْزِلَتِهِ، وَإِنّي أَشْهَدُ أَنَّهُ النَّبِيُّ الَّذي نَطَقَتِ الْحِكْمَةُ بِفَضْلِهِ، وَبَشَّرَتِ الْأَنْبِياءُ بِهِ، وَدَعَتْ إِلَى الْإِقْرارِ بِما جاءَ بِهِ، وَحَثَّتْ عَلى تَصْديقِهِ بِقَوْلِهِ تَعالى «اَ لَّذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْريةِ وَالْإِنْجيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهيهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتي كانَتْ عَلَيْهِمْ»(٢).
فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِكَ إِلَى الثَّقَلَيْنِ، وَسَيِّدِ الْأَنْبِياءِ الْمُصْطَفَيْنَ، وَعَلى أَخيهِ وَابْنِ عَمِّهِ اللَّذَيْنِ لَمْ يُشْرِكا بِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً، وَعَلى فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، وَعَلى سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، صَلاةً خالِدَةَ الدَّوامِ، عَدَدَ قَطْرِ الرِّهامِ، وَزِنَةَ الْجِبالِ وَالْآكامِ ما أَوْرَقَ السَّلامُ، وَاخْتَلَفَ الضِّياءُ وَالظَّلامُ، وَعَلى آلِهِ الطَّاهِرينَ، اَلْأَئِمَّةِ الْمُهْتَدينَ، اَلذَّائِدينَ عَنِ الدّينِ، عَلِيٍّ وَمُحَمَّدٍ وَجَعْفَرٍ وَمُوسى وَعَلِيٍّ وَمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُجَّةِ الْقُوَّامِ بِالْقِسْطِ وَسُلالَةِ السِّبْطِ.
اللّهم إِنّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذَا الْإِمامِ، فَرَجاً قَريباً، وَصَبْراً جَميلاً، وَنَصْراً عَزيزاً، وَغِنىً عَنِ الْخَلْقِ، وَثَباتاً فِي الْهُدى، وَالتَّوْفيقَ لِما تُحِبُّ وَتَرْضى، وَرِزْقاً واسِعاً حَلالاً، طَيِّباً مَريئاً، دارّاً سائِغاً، فاضِلاً مُفَضِّلاً، صَبّاً صَبّاً، مِنْ غَيْرِ كَدٍّ وَلا نَكَدٍ وَلا مِنَّةٍ مِنْ أَحَدٍ، وَعافِيَةً مِنْ كُلِّ بَلاءٍ وَسُقْمٍ وَمَرَضٍ، وَالشُّكْرَ عَلَى الْعافِيَةِ وَالنَّعْماءِ، وإِذا جاءَ الْمَوْتُ فَاقْبِضْنا عَلى أَحْسَنِ ما يَكُونُ لَكَ طاعَةً، عَلى ما أَمَرْتَنا مُحافِظينَ، حَتَّى تُؤَدِّيَنا إِلى جَنَّاتِ النَّعيمِ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَوْحِشْني مِنَ الدُّنْيا، وَآنِسْني بِالْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ لا يُوْحِشُ مِنَ الدُّنْيا إِلّا خَوْفُكَ، وَلا يُؤْنِسُ بِالْآخِرَةِ إِلّا رَجاؤُكَ. اللّهم لَكَ الْحُجَّةُ لا عَلَيْكَ، وإِلَيْكَ الْمُشْتَكى لا مِنْكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَعِنّي عَلى نَفْسِيَ الظَّالِمَةِ الْعاصِيَةِ، وَشَهْوَتِيَ الْغالِبَةِ، وَاخْتِمْ لي بِالْعافِيَةِ.
اللّهم إِنَّ اسْتِغْفاري إِيَّاكَ وَأَنَا مُصِرٌّ عَلى ما نَهَيْتَ قِلَّةُ حَياءٍ، وَتَرْكِيَ الْاِسْتِغْفارَ مَعَ عِلْمي بِسَعَةِ حِلْمِكَ تَضْييعٌ لِحَقِّ الرَّجاءِ. اللّهم إِنَّ ذُنُوبي تُؤْيِسُني أَنْ أَرْجُوكَ، وإِنَّ عِلْمي بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ يَمْنَعُني أَنْ أَخْشاكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَصَدِّقْ رَجائي لَكَ، وَكَذِّبْ خَوْفي مِنْكَ، وَكُنْ لي عِنْدَ أَحْسَنِ ظَنّي بِكَ، يا أَكْرَمَ الْأَكْرَمينَ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَيِّدْني بِالْعِصْمَةِ، وَأَنْطِقْ لِساني بِالْحِكْمَةِ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ يَنْدَمُ عَلى ما ضَيَّعَهُ في أَمْسِهِ، وَلا يَغْبَنُ حَظَّهُ في يَوْمِهِ، وَلا يَهِمُّ لِرِزْقِ غَدِهِ.
اللّهم إِنَّ الْغَنِىَّ مَنِ اسْتَغْنى بِكَ وَافْتَقَرَ إِلَيْكَ، وَالْفَقيرَ مَنِ اسْتَغْنى بِخَلْقِكَ عَنْكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَغْنِني عَنْ خَلْقِكَ بِكَ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ لا يَبْسُطُ كَفّاً إِلّا إِلَيْكَ. اللّهم إِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ قَنَطَ وَأَمامَهُ التَّوْبَةُ، وَوَراءَهُ الرَّحْمَةُ، وإِنْ كُنْتُ ضَعيفَ الْعَمَلِ فَإِنّي في رَحْمَتِكَ قَوِيُّ الْأَمَلِ، فَهَبْ لي ضَعْفَ عَمَلي لِقُوَّةِ أَمَلي.
اللّهم إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ ما في عِبادِكَ مَنْ هُوَ أَقْسى قَلْباً مِنّي، وَأَعْظَمُ مِنّي ذَنْباً، فَإِنّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لا مَوْلى أَعْظَمُ مِنْكَ طَوْلاً، وَأَوْسَعُ رَحْمَةً وَعَفْواً، فَيامَنْ هُوَ أَوْحَدُ في رَحْمَتِهِ، إِغْفِرْ لِمَنْ لَيْسَ بِأَوْحَدَ في خَطيئَتِهِ.
اللّهم إِنَّكَ أَمَرْتَنا فَعَصَيْنا، وَنَهَيْتَ فَمَا انْتَهَيْنا، وَذَكَّرْتَ فَتَناسَيْنا، وَبَصَّرْتَ فَتَعامَيْنا، وَحَذَّرْتَ فَتَعَدَّيْنا، وَما كانَ ذلِكَ جَزاءَ إِحْسانِكَ إِلَيْنا، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِما أَعْلَنَّا وَأَخْفَيْنا، وَأَخْبَرُ بِما نَأْتي وَما أَتَيْنا، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَلا تُؤاخِذْنا بِما أَخْطَأْنا وَنَسينا، وَهَبْ لَنا حُقُوقَكَ لَدَيْنا، وَأَتِمَّ إِحْسانَكَ إِلَيْنا، وَأَسْبِلْ رَحْمَتَكَ عَلَيْنا.
اللّهم إِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِهذَا الصِّدّيقِ الْإِمامِ، وَنَسْأَلُكَ بِالْحَقِّ الَّذي جَعَلْتَهُ لَهُ، وَلِجَدِّهِ رَسُولِكَ، وَلِأَبَوَيْهِ عَلِيٍّ وَفاطِمَةَ أَهْلِ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، إِدْرارَ الرِّزْقِ الَّذي بِهِ قِوامُ حَياتِنا، وَصَلاحُ أَحْوالِ عِيالِنا، فَأَنْتَ الْكَريمُ الَّذي تُعْطي مِنْ سَعَةٍ، وَتَمْنَعُ مِنْ قُدْرَةٍ، وَنَحْنُ نَسْئَلُكَ مِنَ الرِّزْقِ ما يَكُونُ صَلاحاً لِلدُّنْيا، وَبَلاغاً لِلْآخِرَةِ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لَنا وَلِوالِدَيْنا، وَلِجَميعِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ، وَالْمُسْلِمينَ وَالْمُسْلِماتِ، اَلْأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْواتِ، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النَّارِ.
ثمّ تركع وتسجد وتجلس وتتشهّد وتسلّم، فإذا سبّحت فعفّر خدّيك وقل: سُبْحانَ الله وَالْحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلَّا الله وَالله أَكْبَرُ أربعين مرّة، واسأل الله العصمة والنّجاة والمغفرة والتوفيق بحسن العمل والقبول، لما تتقرّب به إليه، وتبتغي به وجهه، وقف عند الرأس، ثمّ صل ركعتين على ما تقدّم.
ثمّ انكبّ على القبر وقبّله وقل: زادَ الله في شَرَفِكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، وادع لنفسك ولوالديك ولمن أردت(٣) (٤).

الهوامش:

(١) الأَحْرام جمع الحرم: يقال لأَطراف الكعبة.
(٢) الأعراف: ١٥٧.
(٣) البحار: ٣٢٨/١٠١، الصحيفة المباركة المهدوية.
(٤) قال العلّامة المجلسي رحمه الله في بحار الأنوار: روى الشيخ المفيد رحمه الله: إذا أردت زيارته بها في هذا اليوم، فقف عليه، وقل: (اَلسَّلامُ عَلى آدَمَ صِفْوَةِ الله مِنْ خَليقَتِهِ...).

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016