الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في روايات أهل السنّة

الإمام المهدي (عليه السلام) في روايات أهل السنّة

تأليف: السيد عبد الرحيم الموسوي
المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) - قم
إشراف: الشيخ أبو الفضل الإسلامي (علي)
مراجعة: الشيخ محمد هادي اليوسفي، صائب عبد الحميد

الفهرس

المدخل..................9
الأمر الأول: اعتراف علماء أهل السنّة بولادة الإمام المهدي (عليه السلام)..................15
الأمر الثاني: ما هو اسم الإمام ونسبه؟..................21
المهدي: كناني، قرشي، هاشمي..................21
المهدي من أولاد عبد المطلب..................22
المهدي من ولد أبي طالب..................22
المهدي من أهل البيت (عليهم السلام):..................23
المهدي من ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله):..................25
المهدي من ولد فاطمة (عليها السلام):..................25
المهدي من ولد الحسين (عليه السلام):..................26
اسم والدة الإمام المهدي (عليه السلام) والمهدي من ولد الصادق (عليه السلام)..................27
المهدي من ولد الرضا (عليه السلام):..................28
اسم والد الإمام المهدي (عليه السلام)..................28
الأمر الثالث: صفات الإمام المهدي (عليه السلام)..................30
الأمر الرابع: مقام الإمام المهدي (عليه السلام) عند الله تعالى..................35
الأمر الخامس: المهدي (عليه السلام) خليفة الله وخاتم الأئمة..................37
الأمر السادس: المهدي (عليه السلام) يؤمّ النبي عيسى (عليه السلام)..................40
الأمر السابع: راية المهدي (عليه السلام)..................43
الأمر الثامن: عطاء الإمام المهدي (عليه السلام)..................44
الأمر التاسع: معجزات الإمام المهدي (عليه السلام)..................46
الخلاصة:..................48

المدخل

الإيمان بحتمية ظهور المصلح العالمي ودولته العادلة لا يختصّ بالأديان السماوية، بل يشمل المدارس الفكرية والفلسفية غير الدينية، فالمادية الجدلية التي فسّرت التاريخ على أساس التناقضات، تؤمن بأن هناك يوماً موعوداً تتلاشى فيه التناقضات ويسوده الوئام والسلام(1).
كما نجد عدداً من المفكّرين غير الدينيين يذهبون إلى هذه الحتمية، فمثلاً يقول المفكّر البريطاني الشهير برتراندراسل: (إن العالم في انتظار مصلح يوحّده تحت لواء واحد وشعار واحد)(2).
وبنفس هذا المعنى يقول العالم الفيزياوي المعروف آلبرت أنشتاين: (إن اليوم الذي يسود العالم كلّه فيه السلام والصفاء ويكون الناس متحابّين متآخين ليس ببعيد)(3).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بحث حول المهدي، السيد الشهيد محمد باقر الصدر: 87.
(2) المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه، للسيد عبد الرضا الشهرستاني: 6.
(3) المصدر السابق.

(٩)

أما المفكّر الايرلندي برناردشو فقد صرّح بأكثر من هذين التصريحين وأدقّ منهما، فقال في وصفه للمصلح ولزوم أن يكون عمره طويلاً قبل ظهوره: (إنه إنسان حيّ ذو بنية جسدية صحيحة وطاقة عقلية خارقة، إنسان أعلى يترقى إليه هذا الإنسان الأدنى بعد جهد طويل، وأنه يطول عمره حتى ينيف على ثلاثمائة سنة، ويستطيع أن ينتفع بما استجمعه من أطوار حياته الطويلة)(4).
أما الديانات السماوية فقد أشارت إلى حتمية ظهور المصلح العالمي، والمتتبع للبشارات السماوية في الكتب المقدّسة سيجدها تهدي إلى أن هذا المصلح هو المهدي الذي يقول به مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، كما أثبتته دراسات متعددة في نصوص تلك البشارات(5).
فقد تناول القاضي الساباطي إحدى البشارات الواردة في كتاب أشعيا من العهد القديم من الكتاب المقدّس بشأن المصلح العالمي، وقال: هذا نص صريح في المهدي (عليه السلام)، إلى أن قال:
وقال الإماميون: بل هو محمد بن الحسن العسكري الذي ولد سنة خمس وخمسين ومائتين، من جارية للحسن العسكري اسمها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(4) برناردشو: عباس محمود العقاد: 124 - 125.
(5) راجع كتاب بشارات عهدين للشيخ الصادقي وترجم للعربية بعنوان (البشارات والمقارنات).

(١٠)

نرجس، في (سُر من رأى) في عصر المعتمد ثم غاب سنة(6) ثم ظهر ثم غاب وهي الغيبة الكبرى، ولا يرجع بعدها إلاّ حين يريد الله تعالى.
ولما كان قولهم أقرب لما يتناوله هذا النص وإن هدفي الدفاع عن اُمّة محمد (صلى الله عليه وآله)، مع قطع النظر عن التعصّب لمذهب، لذلك ذكرت لك أن ما يدّعيه الإمامية يتطابق مع هذا النص(7).
كما توصّل العلاّمة محمد رضا فخر الإسلام، الذي كان نصرانيّاً واعتنق الإسلام وانتمى إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، إلى نفس النتيجة التي توصل إليها الساباطي، وقد ألّف كتاباً موسوعيّاً (أنيس الإسلام) في الردّ على اليهود والنصارى وتناول في دراسته البشارات؛ وانتهى بأنها تنطبق على المهدي بن الحسن العسكري (عليه السلام)(8).
فالذي يمعن النظر في نصوص تلك البشارات؛ يجد أنها تقدّم مواصفات للمصلح العالمي لا تنطبق على غير المهدي المنتظر، طبقاً لعقيدة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، لذلك فإن مَن لم يتعرّف على هذه العقيدة لا يستطيع التوصّل إلى المصداق الذي تتحدث عنه تلك البشارات، كما نلاحظ ذلك مثلاً في أقوال مفسّري الإنجيل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(6) الثابت إن غيبة الإمام المهدي بعد وفاة أبيه استمرت 69 سنة.
(7) البراهين الساباطية: نقلاً عن كشف الأستار للميرزا النوري: 84.
(8) بشارات عهدين لمحمد الصادقي: 232.

(١١)

بشأن الفقرات من (1 - 17) من سفر الرؤيا، الفصل الثاني عشر (مكاشفات يوحنا اللاهوتي)، فهم يصرّحون بأن الشخص الذي تتحدث عنه البشارات الواردة في هذه الفقرات لم يُولد بعد، لذا فإن تفسيرها الواضح ومعناها البيِّن موكول إلى المستقبل والزمان المجهول الذي سيظهر فيه(9).
وهناك عدد من علماء أهل السنّة يذهبون إلى نفس تلك الدراسات ونتائجها، فقد اهتدى مثلاً الأُستاذ سعيد أيوب بأن المصداق الذي تتحدث عنه الفقرات السابقة من سفر الرؤيا، هو المصداق الذي تعتقده مدرسة أهل البيت، إذ يقول: (مكتوب في أسفار الأنبياء، المهدي ما في عمله عيب)، ثم علّق على هذا النصّ بالقول: (وأشهد أني وجدته كذلك في كتب أهل الكتاب لقد تتبع أهل الكتاب أخبار المهدي كما تتبعوا أخبار جدّه (صلى الله عليه وآله)، فدلّت أخبار سفر الرؤيا إلى امرأة، يخرج من صلبها اثنا عشر رجلاً)، ثم أشار إلى امرأة أُخرى، أي التي تلد الرجل الأخير الذي هو من صلب جدّته، وقال السِفر: إن هذه المرأة ستحيط بها المخاطر، ورمز للمخاطر باسم «التنين» وقال: (والتنين وقف أمام المرأة العتيدة حتى تلد، يبتلع ولدها متى ولدت)(10).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(9) بشارات عهدين لمحمد الصادقي: 264.
(10) سفر الرؤيا: 12 / 3.

(١٢)

أي أن السلطة كانت تريد قتل هذا الغلام، ولكن بعد ولادة الطفل؛ يقول باركلي في تفسيره: (عندما هجمت عليها المخاطر اختطف الله ولدها وحفظه). والنص: (واختطف الله ولدها)(11) أي: «إن الله غيّبَ هذا الطفل»، كما في قول باركلي:
وذكر السِفر: (أن غيبة الغلام ستكون ألفاً ومائتين وستين يوماً(12)، وهي مدّة لها رموزها عند أهل الكتاب، ثم قال باركلي عن نسل المرأة ) الأُولى (عموماً: إن التنين سيعمل حرباً شرسة مع نسل المرأة، كما قال في السفر:
فغضب التنين على المرأة، وذهب ليضع حرباً مع باقي نسلها، الذين يحفظون وصايا الله)(13).
وعقب الأستاذ سعيد أيوب على ما تقدم بالقول: هذه هي أوصاف المهدي، وهي نفس أوصافه عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية(14).
ودعم قوله بتعليقات أوردها في الهامش بشأن انطباق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(11) سفر الرؤيا: 12 / 5.
(12) المدة رمزية وقد وردت في الأصل العبري بتعبير: «وسيغيب عن التنين زماناً وزمانين ونصف زمان». راجع بشارات العهدين: 263.
(13) سفر الرؤيا: 12/ 13.
(14) المسيح الدجال/ سعيد أيوب: 379 - 380 نقلاً عن (المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي)/ إصدار مركز الرسالة: 13 - 14.

(١٣)

الأوصاف على مهدي آل البيت(15).
لذا فقد أكدت كثير من الدراسات بأن البشارات تومئ إلى شخص المهدي المنتظر بعينه على طبق ما تذهب إليه مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، فلنتّجه الآن نحو روايات أهل السنّة التي صدرت في شخص الإمام وهويته، لنلاحظ هل أنها تعدّت التصريح بالعنوان فتحدثت عن شخصه بعد أن حصل التواتر في ظهوره، أم توقفت عند العنوان فقط؟
والجواب: من المعلوم أن الذي يعتقد بالظهور ويقطع بحدوثه، لكن لم يتعيّن له من هو المهدي الموعود آخر الزمان، على طبق الواقع فهذا لا يُعدّ معتقداً بالمهدي، كما تريده الرسالة الإسلامية، لأنه آمن واعتقد بالمهدي كعنوان، لكنه لا يعتقد بالمضمون، وعملية التجزئة بين الاعتقاد بشخص الإمام وبين الاعتقاد بالظهور تفسد الاعتقاد بالمهدي كالذي يعتقد بوجوب الصلاة، ولكنه يجهل أركانها.
ولأجل التوصّل إلى معرفة الإمام المهدي بشخصه وعلى طبق الواقع من خلال روايات أهل السنّة، سيتوزع البحث على عدّة أُمور:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(15) راجع الإمام المهدي ضمن سلسلة أعلام الهداية / المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام): 9 - 24.

(١٤)

الأمر الأول: اعتراف علماء أهل السنّة بولادة الإمام المهدي (عليه السلام)

هناك اعترافات ضافية سجّلها الكثير من أهل السنّة بأقلامهم بولادة الإمام المهدي (عليه السلام)، وقد قام البعض باستقراء هذه الاعترافات في بحوث خاصة، فكانت متصلة الأزمان، بحيث لا تتعذر معاصرة صاحب الاعتراف اللاحق لصاحب الاعتراف السابق بولادة المهدي (عليه السلام)، وذلك ابتداءً من عصر الغيبة الصغرى للإمام المهدي (عليه السلام) (260 هـ - 329 هـ) وإلى الوقت الحاضر.
وسوف نقتصر على ذكر بعضهم - ومن أراد التوسعة فعليه مراجعة الاستقراءات السابقة لتلك الاعترافات(16)- وهم:
1 - ابن الأثير الجزري عز الدين (ت / 630 هـ) قال في كتابه (الكامل في التاريخ) في حوادث سنة (260 هـ): «وفيها توفي أبو محمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(16) راجع كتاب الإيمان الصحيح للسيد القزويني، وكتاب الإمام المهدي في نهج البلاغة للشيخ مهدي فقيه ايماني، وكتاب من هو الإمام المهدي للتبريزي، وكتاب إلزام الناصب للشيخ علي اليزدي الحائري، وكتاب الإمام المهدي للأُستاذ علي محمد دخيل، وكتاب دفاع عن الكافي للسيد ثامر العميدي. وقد ذكر في هذا الأخير مائة وثمانية وعشرين شخصاً من أهل السنّة من الذين اعترفوا بولادة الإمام المهدي (عليه السلام) مع ترتيبهم بحسب القرون، فكان أولهم (أبو بكر محمد بن هارون الروياني (ت / 307 هـ) في كتابه المسند (مخطوط) وآخرهم الأُستاذ المعاصر يونس أحمد السامرائي في كتابه: سامراء في أدب القرن الثالث الهجري، ساعدت جامعة بغداد على طبعه سنة 1968 م. انظر دفاع عن الكافي: 1 /568 - 592 تحت عنوان: الدليل السادس: اعترافات أهل السنّة.

(١٥)

العلوي العسكري، وهو أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية، وهو والد محمد الذي يعتقدونه المنتظر»(17).
2 - ابن خلكان المتوفى سنة (681 هـ) قال في وفيات الأعيان: «أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الأئمة الإثني عشر على اعتقاد الإمامية المعروف بالحجة... كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين» ثم نقل عن المؤرخ الرحّالة ابن الأزرق الفارقي المتوفى سنة (577 هـ) أنه قال في تاريخ مَيَّافارقين: «إنّ الحجة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ومائتين، وقيل في ثامن شعبان سنة ست وخمسين، وهو الأصح»(18).
أقول: الصحيح في ولادته (عليه السلام) هو ما ذكره ابن خلّكان أولاً، وهو يوم الجمعة منتصف شهر شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وعلى ذلك اتفق جمهور الشيعة، وقد أخرجوا في ذلك روايات صحيحة في ذلك مع شهادة أعلامهم المتقدمين، وقد أطلق هذا التاريخ الشيخ الكليني المعاصر للغيبة الصغرى بكاملها تقريباً، إطلاق المسلمات وقدّمه على الروايات الواردة بخلافه، فقال في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(17) الكامل في التاريخ: 7 / 274 في آخر حوادث سنة 260 هـ.
(18)وفيات الأعيان: 4 / 176، 562.

(١٦)

باب مولده (عليه السلام): «ولد (عليه السلام) للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين»(19).
وقد روى الصدوق المتوفى سنة (381 هـ) عن شيخه محمد بن محمد بن عصام الكليني، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن علي ابن محمد بن بندار قال: «ولد الصاحب (عليه السلام) للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين»(20).
والكليني لم ينسب قوله إلى علي بن محمد لشهرته وحصول الاتفاق عليه.
3 - الذهبي المتوفى سنة (748 هـ) اعترف بولادة المهدي (عليه السلام)في ثلاثة من كتبه، ولم نتتبع كتبه الأُخرى.
قال في كتابه العبر: «وفيها [أي في سنة 256 هـ] ولد محمد بن الحسن بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني، أبو القاسم الذي تلقّبه الرافضة الخلف الحجة، وتلقّبه بالمهدي، والمنتظر، وتلقّبه بصاحب الزمان، وهو خاتمة الاثني عشر»(21).
وقال في تاريخ دول الإسلام في ترجمة الإمام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(19) أُصول الكافي: 1 / 514 باب 125.
(20)كمال الدين: 2/430، 4 باب 42.
(21) العبر في خبر من غبر: 3 / 31.

(١٧)

الحسن العسكري:
«الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر الصادق، أبو محمد الهاشمي الحسيني، أحد أئمة الشيعة الذي تدّعي الشيعة عصمتهم، ويقال له: الحسن العسكري، لكونه سكن سامراء، فإنها يقال لها: العسكر، وهو والد منتظر الرافضة، توفي إلى رضوان الله بسامراء في ثامن ربيع الأول سنة ستين ومائتين وله تسع وعشرون سنة، ودفن إلى جانب والده.
وأما ابنه محمد بن الحسن الذي يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل: سنة ستّ وخمسين»(22).
وقال في سير أعلام النبلاء: «المنتظر الشريف أبو القاسم محمد ابن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر ابن زيد العابدين بن علي بن الحسين الشهيد ابن الإمام علي بن أبي طالب، العلوي، الحسيني خاتمة الاثني عشر سيّداً»(23).
أقول: ما يعنينا من رأي الذهبي في ولادة الإمام المهدي قد بيّناه، وأما عن اعتقاده بالمهدي فهو كما في جميع أقواله الأخرى كان ينتظر - كغيره - سراباً كما أوضحناه في مَن يعتقد بكون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(22) تاريخ الإسلام / الجزء 19 في حوادث ووفيات (251 - 260 هـ): 113.
(23) سير أعلام النبلاء: 13 / 119، الترجمة رقم 60.

(١٨)

المهدي (محمد بن عبد الله).
4 - ابن الوردي المتوفى سنة (749 هـ) في ذيل تتمة المختصر المعروف بتاريخ ابن الوردي: «ولد محمد بن الحسن الخالص سنة خمس وخمسين ومائتين»(24).
5 - أحمد بن حجر الهيثمي الشافعي المتوفى سنة (974 هـ) قال في كتابه (الصواعق المحرقة) في آخر الفصل الثالث من الباب الحادي عشر ما هذا نصّه: «أبو محمد الحسن الخالص، وجعل ابن خلّكان هذا هو العسكري، ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين... مات بسُرَّ من رأى، ودفن عند أبيه وعمّه، وعمره ثمان وعشرون سنة، ويقال: إنّه سُمّ أيضاً، ولم يخلّف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن أتاه الله فيها الحكمة، ويسمى القائم المنتظر، قيل: لأنّه سُتِرَ بالمدينة وغاب فلم يعرف أين ذهب»(25).
6 - الشبراوي الشافعي المتوفى سنة (1171 هـ) صرّح في كتابه (الإتحاف): بولادة الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري (عليه السلام) في ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(24) نور الأبصار: 186.
(25)الصواعق المحرقة، ابن حجر الهيثمي، الطبعة الأولى: 207، والطبعة الثانية: 124، والطبعة الثالثة: 313 - 314.

(١٩)

من الهجرة(26).
7 - مؤمن بن حسن الشبلنجي المتوفى سنة (1308 هـ) اعترف في كتابه (نور الأبصار) باسم الإمام المهدي، ونسبه الشريف الطاهر، وكنيته، وألقابه في كلام طويل إلى أن قال: «وهو آخر الأئمة الاثني عشر على ما ذهب إليه الإمامية»(27).
8 - خير الدين الزركلي المتوفى سنة (1396 هـ) قال في كتابه (الأعلام) في ترجمة الإمام المهدي المنتظر: «محمد بن الحسن العسكري الخالص بن علي الهادي أبو القاسم، آخر الأئمة الاثني عشر عند الإمامية... ولد في سامراء ومات أبوه وله من العمر خمس سنين.. وقيل في تاريخ مولده: ليلة نصف شعبان سنة 255، وفي تاريخ غيبته، سنة 265 هـ»(28).
أقول: ابتداءً تاريخ الغيبة الصغرى هو 260 هـ، باتفاق الشيعة أجمع وسائر من أرّخ لتاريخ الغيبة في ما اطّلعنا عليه. ولعلّ ما ورد في الأعلام من غلط المطبعة، لأنّ الزركلي لم يكتب سنة الغيبة كتابةً بل رقماً، واحتمال الغلط في طباعة الأرقام ممكن جداً. إلى غير ذلك من الاعترافات الكثيرة الأخرى التي لا يسعها البحث(29).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(26) الإتحاف بحب الأشراف: 68.
(27) نور الأبصار: 186.
(28)الأعلام: 6 / 80.
(29) راجع المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي، إصدار مركز الرسالة: 123 - 127.

(٢٠)

الأمر الثاني: ما هو اسم الإمام ونسبه؟

المتتبع للأحاديث الصحيحة الواردة في اسم ونسب المهدي في كتب أهل السنّة؛ سيجدها على كثرتها أنّها تؤكّد حقيقة واحدة هي: أن نسب المهدي يرجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنه من أهل البيت ومن الأئمة الاثني عشر المعصومين، وهو آخرهم (وهو محمد بن الحسن العسكري (عليه السلام) ابن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي السجاد بن الحسين الشهيد بكربلاء بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)).
وهو الملقّب بالمهدي المنتظر، المنسجم مع ما تعتقد به الشيعة الإمامية، وإليك الروايات التي تحدّثت عن اسمه ونسبه:
المهدي: كناني، قرشي، هاشمي
عن قتادة، قال قلت لسعيد بن المسيب: المهدي حقّ؟
قال: حقّ.
قلت: ممّن هو؟ قال: من كنانة.
قلت: ثم ممّن؟ قال: من قريش.
قلت: ثم ممّن؟ قال: من بني هاشم(30).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(30) عقد الدرر: 42 - 44 الباب الأول، ومستدرك الحاكم: 4/ 553، ومجمع الزوائد: 7/ 115.

(٢١)

فالمهدي حسب هذه الرواية إنه كناني، قرشي، هاشمي، ولا فرق بين هذه الألقاب، لأن كل هاشمي هو من قريش وكل قرشي هو من كنانة، لأن قريشاً هو النضر بن كنانة باتفاق أهل الأنساب.
المهدي من أولاد عبد المطلب:
روى ابن ماجة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة، أنا، وحمزة، وعلي، وجعفر، والحسن، والحسين، والمهدي»(31).
وبهذه الرواية يكون الإمام المهدي من أولاد عبد المطلب.
المهدي من ولد أبي طالب:
عن سيف بن عُمَير قال: كنت عند أبي جعفر المنصور فقال لي ابتداء: يا سيف بن عميرة! لابدّ من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(31) سنن ابن ماجة 2: 1368، ح 4087، باب خروج المهدي، ومستدرك الحاكم: 3/ 211، وجمع الجوامع للسيوطي: 1/ 851.

(٢٢)

فقلت: جعلت فداك يا أمير المؤمنين تروي هذا؟
قال: إي والذي نفسي بيده؛ لسماع أُذُني له.
فقلت: يا أمير المؤمنين! إن هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا.
فقال: يا سيف! إنه لحقّ، وإذا كان فنحن أول من يجيبه، أما إنّ النداء إلى رجل من بني عمّنا.
فقلت: رجل من ولد فاطمة؟ فقال: نعم يا سيف، لولا أنني سمعت من أبي جعفر محمد بن علي يحدّثني به، وحدّثني به أهل الأرض كلهم ما قبلته منهم، ولكنه محمد بن علي(32).
وهذا الحديث يؤكّد أن الإمام المهدي من ولد أبي طالب.
المهدي من أهل البيت (عليهم السلام):
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً»، قال: «ثم يخرج رجلٌ من عترتي أو من أهل بيتي يَمْلؤُها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً»(33).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(32) عقد الدرر للمقدسي الشافعي: 149 - 150 الباب الرابع.
(33) مسند أحمد: 3/424، ح 10920 ومسند أبي يعلى: 2/274 ح 987، والمستدرك: 4/577، وعقد الدرر: 36 باب 1 وموارد الظمآن: 464 ح 1879 و1880 ومقدمة ابن خلدون: 250 فصل 53 وجمع الجوامع: 1/902 وكنز العمال: 14/271 ح 38691 وينابيع المودّة: 433 باب 73.

(٢٣)

ومثله عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وآله):
«لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»(34).
عن علي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «المهديّ منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة»(35).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(34) مسند البزاز: 1/281، ومسند أحمد: 3761 وسنن الترمذي: 4/505 باب 52 ح2230 والمعجم الكبير: 10/135 ح10221 مع اختلاف يسير وتاريخ بغداد: 4/388 وعقد الدرر: 38 باب 3 ومطالب السؤول: 2/81 والبيان في أخبار صاحب الزمان: 91 لمحمّد النوفلي القريشي الكنجي الشافعي، وفرائد السمطين: 2/327 ح 576 والدر المنثور: 6/58، وجمع الجوامع: 1/903 وكنز العمال: 14/271 ح 38692 وبرهان المتقي: 90 باب 2 ح 4.
(35)ابن أبي شيبة: 8/678 ح 190 وفتن ابن حماد: ومسند أحمد: 1/84 وتاريخ البخاري: 1/371 ح 994 وسنن ابن ماجة: 2/1367 باب 34 ح 4085 ومسند أبو يعلى: 1/359 ح 465 وحلية الأولياء: 3/177 والكامل لابن عدي: 7/2643 والفردوس: 4/222 ح 6619 والبيان في أخبار صاحب الزمان: 100 للكنجي الشافعي وعقد الدرر: 183 باب 6 والعلل المتناهية: 2/2856 ح 1432 وفرائد السمطين: 2 / 331 ح 583 وميزان الاعتدال: 4/359 ح 9444 ومقدمة ابن خلدون: 1/396 باب 53 وتهذيب التهذيب: 11/152 ح 294 وعرف السيوطي الحاوي: 2/213 والدر المنثور: 6/58 وجمع الجوامع: 1/449 والجامع الصغير: 2/672، ح 9243 وصواعق ابن حجر: 163 باب 511 فصل 1 وكنز العمال: 14/264، ح 38664 وبرهان المتقي: 87 باب 1، ح 43 ومن ص: 89، باب 2، ح 1، ومرقاة المفاتيح: 9/349 مع اختلاف يسير وفيض القدير: 6/278، ح 9243.

(٢٤)

المهدي من ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله):
عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«يخرج في آخر الزمان رجلٌ من ولدي، اسمه كاسمي وكنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً فذلك هو المهدي»(36).
المهدي من ولد فاطمة (عليها السلام):
1 - عن أُمّ سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) عن النبي (صلى الله عليه وآله): «المهدي حقٌّ وهو من ولد فاطمة»(37).
2 - وعن أُمّ سلمة قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة»(38).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(36)تذكرة الخواص: 363، وعقد الدرر: 43 باب 1 ومنهاج السنّة، ابن تيمية: 4/ 86 - 87.
(37) تاريخ البخاري: 3/364، المعجم الكبير: 23/267 ح 566، ومستدرك الحاكم: 4/557.
(38) سنن أبي داود: 4/104 ح 4284 وسنن ابن ماجة: 2/1368 باب 34 ح 4086 والفردوس: 4/497 ح 6943 ومصابيح البغوي: 3/492 باب 3 ح 4211 وجامع الأُصول: 5 / 343 ومطالب السؤول: 8 وعقد الدرر: 36 باب 1 وميزان الاعتدال: 2/87 ومشكاة المصابيح: 3/24 فصل 2 ح 5453 وتحفة الأشراف: 13/7 ح 18153 والجامع الصغير: 2/672 ح 9241 والدر المنثور: 6/58 وجمع الجوامع: 1/449 وصواعق ابن حجر: 141 باب 11 فصل 1 وكنز العمال: 14/264 ح 38662 ومرقاة المفاتيح: 9 / 350 وإسعاف الراغبين: 145 وفيض القدير: 6/277 ح 9241 والتاج الجامع للأُصول: 5/343.

(٢٥)

المهدي من ولد الحسين (عليه السلام):
عن حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه) قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فذكّرنا رسول الله بما هو كائن، ثم قال: «لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله عزّ وجلّ ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من وُلدي اسمه اسمي» فقال سلمان الفارسي (رضي الله عنه): يا رسول الله من أيّ ولدك؟ قال: «من ولدي هذا» وضرب بيده على الحسين (عليه السلام)(39).
عن أبي سعيد الخدري قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرض مرضة نقه منها، فدخلت عليه فاطمة (عليها السلام) تعوده وأنا جالس عن يمين رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما رأت ما برسول الله (صلى الله عليه وآله) من الضعف خنقتها العبرة حتى بدت دموعها على خدّها، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ما يبكيكَ يا فاطمة؟ أما علمت أنّ الله تعالى اطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبيّاً، ثم اطلع ثانيةً فاختار بعلك، فأوحى إليّ فأنكحته واتخذته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(39) المنار المنيف لابن القيم: 148، 329 فصل 50، عن الطبراني في الأوسط، عقد الدرر: 45 من الباب الأوّل وفيه: (أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي)، ذخائر العقبى، المحب الطبري: 136، وفيه: (فيحمل ما ورد مطلقاً فيما تقدم على هذا المقيّد)، فرائد السمطين: 2/325، 575 باب 61، القول المختصر لابن حجر: 7/37 باب 1، فرائد فوائد الفكر: 2 باب 1، السيرة الحلبية: 1/193، ينابيع المودّة: 3/63 باب 94، وهناك أحاديث أُخرى بهذا الخصوص في مقتل الإمام الحسين (عليه السلام)للخوارزمي الحنفي: 1/196، وفرائد السمطين: 2/310 - 315 الأحاديث 561 - 569، وينابيع المودّة: 3/170 / 212 باب 93 وباب 94.

(٢٦)

وصيّاً، أما علمت أنكِ بكرامة الله تعالى بأنّ أباكِ زوّجك أعلمهم علماً وأكثرهم حلماً وأقدمهم سلماً». فضحكت واستبشرت، فأراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يزيدها مزيد الخير كلّه الذي قَسَمه الله لمحمد وآل محمد، فقال لها: يا فاطمة! ولعلي ثمانية أضراس - يعني مناقب -: إيمان بالله ورسوله، وحكمته، وزوجته، وسبطاه الحسن والحسين، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
«يا فاطمة! إنّا أهل بيت أُعطينا ست خصال لم يعطها أحدٌ من الأولين، ولا يدركها أحدٌ من الآخرين غيرنا أهل البيت: نبيّنا خير الأنبياء وهو أبوكِ، ووصيّنا خير الأوصياء وهو بعلكِ، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمّ أبيكِ، ومنّا سبطا هذه الأُمّة وهما ابناكِ، ومنا مهدي الأُمّة الذي يُصلّي عيسى خلفه، ثم ضرب على منكب الحسين (عليه السلام) فقال: من هذا مهدي الأُمّة»(40).
اسم والدة الإمام المهدي (عليه السلام) والمهدي من ولد الصادق (عليه السلام)
عن المفسّر اللغوي المعروف بابن الخشاب، قال: حدثني أبو القاسم الطاهر بن هارون بن موسى الكاظم عن أبيه عن جدّه، قال: قال سيدي جعفر بن محمد: «الخلف الصالح من ولدي وهو المهدي اسمه محمد وكنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يقال لأُمّه نرجس وعلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(40) البيان: 120 باب 9 والفصول المهمة: 286 ط دار الأضواء فصل 12، ينابيع المودّة: 490 و493 باب 94 مع اختلاف.

(٢٧)

رأسه غمامة تظلّه عن الشمس، تدور معه حيثما دار تنادي بصوت فصيح هذا المهدي فاتبعوه»(41).
المهدي من ولد الرضا (عليه السلام):
عن الحسن بن خالد، قال: قال علي بن موسى الرضا (عليه السلام): «لا دين لمن لا ورع له، وان أكرمكم عند الله أتقاكم - أي أعلمكم بالتقوى -، ثم قال: إن الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء يطهّر الله به الأرض من كل جور وظلم...»(42).
اسم والد الإمام المهدي (عليه السلام)
وأخرج الروياني والطبراني وغيرهما المهدي من ولدي وجهه كالكوكب الدرّيّ، اللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي - أي طويل - يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يرضى لخلافته أهل السماء وأهل الأرض. وورد أيضاً في حليته: أنه شاب أكحل العينين أزج الحاجبين أقنى الأنف كثّ اللحية على خدّه الأيمن خال.
وقال الشيخ القطب الغوثي سيدي محيي الدين ابن العربي في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(41) ينابيع المودّة: 491 عن أربعين الحافظ أبي نعيم الأصبهاني.
(42)ينابيع المودّة: 448 و489 عن كتاب فرائد السمطين.

(٢٨)

الفتوحات: اعلموا أنّه لا بد من خروج المهدي، لكن لا يخرج حتى تملأ الأرض جوراً وظلماً فيملأها قسطاً وعدلاً وهو من عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ولد فاطمة رضي الله تعالى عنها، جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب ووالده الإمام الحسن العسكري ابن الإمام علي النقي - بالنون - ابن الإمام محمد التقي - بالتاء - ابن الإمام علي الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام زين العابدين علي ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، يواطئ اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبايعه المسلمون بين الركن والمقام، يشبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الخَلق - بفتح الخاء - وقريباً منه في الخُلق، أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسم المال بالسوية، ويعدل به في الرعية يمشي الخضر بين يديه(43).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(43) مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار، للشيخ حسن العدوي الحمزاوي المصري: 476 - 477، فصل في المهدي (عج)، يواقيت الجواهر: ج562، باب في بيان أن جميع أشراط الساعة، نقلاً عن الفتوحات المكيّة، باب ست وستين وثلاثمائة.

(٢٩)

الأمر الثالث: صفات الإمام المهدي (عليه السلام)

بعد أن اتضح اسم الإمام المهدي ونسبه، نتناول في هذا الأمر الروايات الواردة في كتب أهل السنّة، حول صفات الإمام (عليه السلام) الجسمية، من حيث صفة الوجه ولونه والشعر وما شابه ذلك، ضمن عدّة روايات.
1 - عن أبي سعيد الخدري عن رسول لله (صلى الله عليه وآله) قال: «المهدي منّي أجلى الجبهة أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما مُلئت جوراً وظلماً...»(44).
2 - عن حذيفة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«المهدي رجلٌ من ولدي وجهه كالقمر الدرّي، اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي، يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً، يرضى بخلافته أهل السماء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(44) سنن أبي داود: 4/107 ح 428 ومستدرك الحاكم مع اختلاف يسير: 4/557 ومعالم السنن: 4/344 ومصابيح البغوي: 3/492 ح 4212 والعلل المتناهية: 2/859 ح 1443 وجامع الأُصول: 5 / 343 باب 7. ومطالب السؤول: 2/80 باب 12 والبيان: 117 وعقد الدرر: 59 باب 3 ومشكاة المصابيح: 3/171 باب 2 فصل 2 ح 5454، والجامع الصغير: 2/672 ح 9244 وجمع الجوامع: 1/449 وكنز العمال: 14/264 ح 38665 ومرقاة المفاتيح: 9 / 351 ح 5454 وفيض القدير: 6/278 ح 9244 والتاج الجامع للأُصول: 5/343 باب 7.

(٣٠)

وأهل الأرض والطير في الهواء...»(45).
3 - عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«المهدي منّا أهل البيت، أشمّ الأنف أقنى، أجلى، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يعيش هكذا - وبسط يساره واصبعين من يمينه - المسبّحة والإبهام وعقد ثلاث»(46).
4 - عن قتادة عن عبد الله بن الحرث قال: «يخرج المهدي وهو ابن أربعين سنة كأنّه رجل من بني إسرائيل»(47).
5 - عن محمد بن جبير قال: «المهدي أزج، أبلج، أعين، يجيء من الحجاز حتى يستوي على منبر دمشق، وهو ابن ثمان عشرة سنة»(48).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(45) الفردوس: 4/496 ح 6940 والعلل المتناهية: 2/858 ح 1439 والبيان: 118 باب 8 وذخائر العقبى: 136 وعقد الدرر: 60 باب 3 وفيه «كالكوكب الدرّي» وميزان الاعتدال: 3/449 ولسان الميزان: 5/24 والفصول المهمة: 284 والجامع الصغير: 2/672 ح 9245 وصواعق ابن حجر: 164 باب 11 فصل 1 وكنز العمال: 14/264 ح 38666 ومرقاة المفاتيح: 9 / 350 ولوائح السفاويني: 2/4 وإسعاف الراغبين: 146 ونور الأبصار: 187 وفيض القدير: 6/279 ح 9245.
(46) مستدرك الحاكم: 4/557 وعقد الدرر: 60، باب 3 (مع اختلاف يسير) وفرائد السمطين: 2/330 ح 580 وبرهان المتقي: 98 باب 2 ح 28 و99 باب 3 ح 3 وينابيع المودّة: 488 باب 94.
(47) فتن ابن حماد: 258 ح 1008 وعرف السيوطي، الحاوي: 2/232 وبرهان المتقي: 99 باب 3، ح 2 وكنز العمال: 14/586 ح 39660.
(48) برهان المتقي: 100 باب 3 ح 5 وعقد الدرر: 63 - 64، باب 3 وعرف السيوطي، الحاوي: 2/232 وفرائد فوائد الفكر: 4 باب 2.

(٣١)

6 - عن عبد الله بن بشير عن كعب قال: «المهدي خاشع لله كخشوع النسر جناحيه»(49).
7 - عن ابن عباس قال: «المهدي شابٌ منّا أهل البيت»(50).
8 - عن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ليبعثنّ الله تعالى من عترتي رجلاً، أفرق الثنايا، أجلى الجبهة، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ويفيض المالَ فيضاً»(51).
9 - عن محمد بن جعفر عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «إن ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيّداً وسيخرج الله من صلبه رجلاً باسم نبيّكم، يشبهه من الخَلق والخُلق، يخرج على حين غفلة من الناس، وإماتة للحق وإظهار للجور، والله لو لم يخرج لضربت عُنقه، يفرح بخروجه أهل السماوات وسكّانها، وهو رجلٌ أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، أزيل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(49) ابن حماد: 258، وعقد الدرر: 65 باب 3 وعرف السيوطي، الحاوي: 2/232 والقول المختصر: 98، باب 3 ح 29 وبرهان المتقي: 101، باب 3 ح 10.
(50) ابن حماد: 102 وعرف السيوطي، الحاوي: 2/232 وبرهان المتقي: 98، باب 2 ح 26 و27 وكنز العمال: 14/585 ح 39658 مع اختلاف يسير، وفرائد فوائد الفكر: 2 باب 1.
(51) البيان: 139 باب 19 وعقد الدرر: 37، باب 1 وفرائد السمطين: 2/331 ح 582 مع اختلاف يسير وعرف السيوطي، الحاوي: 2/220 وصواعق ابن حجر: 164 باب 11 فصل 1 والقول المختصر: 43، باب 1 ح 33 وبرهان المتقي: 84 باب 1 ح 32 وإسعاف الراغبين: 146 وينابيع المودّة: 433 و436 باب 73 فصل 2 وفرائد فوائد الفكر: 4 باب 2.

(٣٢)

الفخذين، بفخذه اليمنى شامة، أفلج الثنايا، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً»(52).
10 - عن سليمان بن حبيب قال: سمعت أبا أُمامة الباهلي يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«بينكم وبين الروم أربع هدن في يوم، الرابعة يفتح على يدي رجل من آل هرقل يدوم سبع سنين، فقال له رجل من عبد القيس يقال له المستورد بن غيلان: يا رسول الله! مَن إمام الناس يومئذٍ؟ قال: المهدي من ولدي ابن أربعين سنة، كأن وجهه كوكب دريّ في خدّه الأيمن خال أسود...»(53).
11 - عن الهيثم بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «المهدي مولده بالمدينة، من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) واسمه اسم النبي (صلى الله عليه وآله) ومهاجره بيت المقدس، كثّ اللحية أكحل العينين، برّاق الثنايا، في وجهه خال، أقنى أجلى، في كتفه علامة النبي (صلى الله عليه وآله)، رايته من مرط مخملة سوداء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(52) سنن أبي داود: 4/108 ح 4290 مع اختلاف وجامع الأُصول: 5/343 ومختصر أبي داود: 6/162 ح 4121 وعقد الدرر: 45 باب 1 وفتن ابن كثير: 1 / 38 ومقدمة ابن خلدون: 391 فصل 53 وعرف السيوطي الحاوي: 2/214 والدر المنثور: 6/39 ذيل الآية 18 وجمع الجوامع: 2/35 وكنز العمال: 13/647، ح 37636 ومرقاة المفاتيح: 9/363 ح 5462 وينابيع المودّة: 432 باب 72 والتاج الجامع للأُصول: 5/343 ح 10.
(53) البيان: 137 - 138 باب 18 عن المعجم الكبير ومناقب المهدي لأبي نعيم.

(٣٣)

مربعة فيها جمم لم تنتشر منذ توفي النبي (صلى الله عليه وآله) ولا تنشر حتى يخرج المهدي (عليه السلام)، يمدّه الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفهم وأدبارهم»(54).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(54)البيان: 140 عن المعجم للطبراني ومناقب المهدي لأبي نعيم.

(٣٤)

الأمر الرابع: مقام الإمام المهدي (عليه السلام) عند الله تعالى

بعد أن عرفنا اسم الإمام المهدي وصفاته، نتحدث في هذه الفقرة عن القيمة الإلهية التي يكتسبها الإمام المهدي (عليه السلام)، والموقع الإلهي الذي ينطلق منه لأداء مهمّته، وكونه الخليفة الحق الموعود، الذي تجب طاعته بأمر منه سبحانه، ضمن عدّة روايات.
1 - عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة، أنا، وحمزة، وعلي، وجعفر، والحسن، والحسين، والمهدي»(55).
2 - عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله): «المهدي طاووس أهل الجنة»(56).
3 - عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: «يكون في هذه الأُمّة خليفة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(55) سنن ابن ماجة: 2/1368 باب 34 ح 4087 ومستدرك الحاكم: 3/211 وتاريخ بغداد: 9/434 ح 5050 ومطالب السؤول: 2/81 باب 12 والبيان: 101 باب 3 وذخائر العقبى: 15 و89، والرياض النضرة: 3/4 و182 فصل 8 وعقد الدرر: 194، باب 7 وفرائد السمطين: 2/32، باب 7 ح 370 ومقدمة ابن خلدون: 398 باب 53 والفصول المهمة: 284 ط دار الأضواء فصل 12 وجمع الجوامع: 1/851 وصواعق ابن حجر: 160 باب 11 فصل 1 وفي ص 187 باب 11 فصل 2، ح 19 وبرهان المتقي: 89 باب 2 ح 3 وإسعاف الراغبين: 124 وعرف السيوطي، الحاوي: 2/214.
(56) الفردوس: 4/222 ح 6668 والبيان: 118 باب 8 وعقد الدرر: 199 باب 7 والفصول المهمة: 284 فصل 12 وبرهان المتقي: 171 باب 12، ح 2 وكنوز الدقائق: 152 ونور الأبصار: 187 وينابيع المودّة: 181 باب 56.

(٣٥)

لا يَفْضُلُ عليه أبو بكر ولا عمر»(57).
4 - عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يخرج المهدي على رأسه غَمامَةٌ، فيها مناد ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه»(58).
5 - عن عبد الله بن عمرو عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «يخرج المهدي وعلى رأسه ملكٌ ينادي: إنّ هذا المهدي فاتبعوه»(59).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(57) ابن أبي شيبة: 15/198 ح 19496 والكامل، ابن عدي: 6/2433 وعقد الدرر: 199 باب 7 وبرهان المتقي: 172، باب 12 ح 6.
(58) البيان: 132 باب 15 وعقد الدرر: 183 باب 6 وفرائد السمطين: 2/316 باب 61 ح 566 - 569 والفصول المهمة: 298 فصل 12 وعرف السيوطي، الحاوي: 2/217 وتاريخ الخميس: 2/288 ونور الأبصار: 188 - 189.
(59) تخليص المتشابه: 1/417 والبيان: 133 باب 16 وفرائد السمطين: 2/316 باب 61 ح 569 وعرف السيوطي، الحاوي: 2/217، والقول المختصر: 39 باب 1 ح 24 وبرهان المتقي: 72 باب 1 ح 2 وينابيع المودّة: 447 باب 78.

(٣٦)

الأمر الخامس: المهدي (عليه السلام) خليفة الله وخاتم الأئمة

إذا كان الإمام المهدي الموعود هو محمد بن الحسن العسكري (عليه السلام)، ومقامه عند الله هو الخليفة الحق الذي تجب طاعته.
عندئذ نتساءل: هل هناك إمام يأتي بعده، أم هو آخر الخلفاء من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) وخاتمهم، طبقاً لما تعتقده الشيعة الإمامية وتنتظره؟
الروايات الآتية الواردة في كتب أهل السنّة، تتحدث عن كون المهدي الموعود هو خاتم الأئمّة والخلفاء (عليهم السلام).
1 - عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلّهم ابن خليفة، ثم لا تصير إلى واحدة منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونهم قتلاً لم يقتله قوم، - ثم ذكر شيئاً لا أحفظه - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي»(60).
2 - عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قلت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله): المهدي منا أئمّة الهدى أم من غيرنا؟ قال: «بل منّا، بنا يختم الدين، كما بنا فَتَح، وبنا يُستنقذون من ضلالة الفتنة، كما استُنقِذوا من ضلالة الشرك، وبنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(60) البيان: 104، باب 3 وسنن ابن ماجة: 2/1367 ح 4084 والمستدرك: 4/463 وتخليص المستدرك: 4/463 و464 ومسند أحمد بن حنبل: 5/277 (مع اختلاف يسير).

(٣٧)

يؤلّف الله بين قلوبهم في الدين بعد عداوة الفتنة، كما أ لّف الله بين قلوبهم ودينه بعد عداوة الشرك»(61).
3 - وقال ابن حجر الهيثمي - المتوفّى سنة 974 هـ -: «قال أبو الحسين الآبري: قد تواترت الأخبار، واستفاضت بكثرة رواتها، عن المصطفى (صلى الله عليه وآله) بخروجه - أي المهديّ - وأنّه من أهل بيته، وأنّه يملأ الأرض عدلاً، وأنّه يخرج مع عيسى على نبيّنا وعليه أفضل الصلاة والسلام، فيساعده على قتل الدجّال بباب لد بأرض فلسطين، وأنّه يؤمّ هذه الأُمّة، ويصلّي عيسى خلفه»(62).
4 - وقال الشيخ الصبّان - المتوفى سنة 1206 هـ: «وقد تواترت الأخبار عن النبي (صلى الله عليه وآله)بخروجه - أي المهديّ - وأنّه من أهل بيته، وأنّه يملأ الأرض عدلاً، وأنّه يساعد عيسى على قتل الدجّال بباب لد بأرض فلسطين، وأنّه يؤمّ هذه الأُمّة، ويصلّي عيسى خلفه»(63).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(61)المعجم الأوسط: 1/136 ح 157 والبيان: 125 باب 11 وعقد الدرر: 192 باب 7 ومجمع الزوائد: 7/316 - 317 ومقدمة ابن خلدون: 396 و397 باب 53 والفصول المهمّة: 288 مع اختلاف يسير فصل 12 وعرف السيوطي، الحاوي: 2/217 وجمع الجوامع: 2/67 وصواعق ابن حجر: 163، باب 11 فصل 1، كنز العمال: 14/598 ح 39682 وبرهان المتقي: 91 باب 2 ح 7 و8 وفرائد فوائد الفكر: 3، باب 1 ونور الأبصار: 188.
(62) الصواعق المحرقة، ابن حجر: 165 طبع مصر.
(63) إسعاف الراغبين، الصبّان: 140.

(٣٨)

5 - حديث أبي سعيد: «تملأ الأرض جوراً وظلماً، فيخرج رجل من عترتي...»(64).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(64) مستدرك الحاكم: 4/558.

(٣٩)

الأمر السادس: المهدي (عليه السلام) يؤمّ النبي عيسى (عليه السلام)

إذا كانت الأدلة النقلية في كتب الصحاح وغيرها، تؤكّد حقيقة الإمام المهدي بشخصه واسمه ونسبه وصفاته الأُخرى.
فهل زوّد الإنسان المسلم في عصر الظهور بشهادات أُخرى ترسّخ الإيمان به، والطاعة لشخص الإمام بعينه، وتمنعه من الانجراف وراء الأدعياء وتيّارات الانحراف؟
إنّ الروايات الآتية تؤكّد هذه الحقيقة التاريخية وهي أن النبي عيسى (عليه السلام) سوف ينزل من السماء، ويأتمّ بالإمام المهدي بن الحسن العسكري (عليه السلام):
1 - ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف، عن ابن سيرين قال: «المهدي من هذه الأُمّة، وهو الذي يؤمّ عيسى بن مريم»(65).
2 - ما أخرجه أبو نعيم، عن عبد الله بن عمرو قال: «المهديّ ينزل عليه عيسى بن مريم، ويصلّي خلفه عيسى»(66).
3 - ما قاله المناوي في شرح حديث: «منّا الذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه» قال: (منّا) أهل البيت (الذي) أي: الرجل الذي (يصلّي عيسى بن مريم) روح الله عند نزوله من السماء في آخر الزمان،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(65) المصنف / ابن أبي شيبة: 15/198 / 19495.
(66) الحاوي للفتاوى، السيوطي: 2/78.

(٤٠)

عند ظهور الدجّال (خلفه) فإنّه ينزل عند صلاة الصبح على المنارة البيضاء شرقي دمشق، فيجد الإمام المهديّ يريد الصلاة، فيحسّ به فيتأخّر ليتقدّم، فيُقدّمه عيسى (عليه السلام) ويصلّي خلفه، فأعظم به فضلاً وشرفاً لهذه الأُمّة»(67).
4 - ما قاله ابن برهان الشافعي في نزول عيسى (عليه السلام): «ونزوله يكون عند صلاة الفجر، فيصلّي خلف المهديّ بعد أن يقول له المهديّ: تقدّم يا روح الله فيقول: تقدّم أُقيمت لك - إلى أن قال - وورد: أنّ المهديّ يخرج مع عيسى فيساعد على قتل الدجّال، وقد جاء أنّ المهديّ من عترة النبيّ (صلى الله عليه وآله) من ولد فاطمة»(68).
5 - ما جاء في فتح الباري: «وقال أبو الحسن الخسعي الآبدي(69) في مناقب الشافعي: تواترت الأخبار، بأنّ المهديّ من هذه الأُمّة، وأنّ عيسى يصلّي خلفه، ذكر ذلك ردّاً للحديث الذي أخرجه ابن ماجة، عن أنس، وفيه: ولا مهديّ إلاّ عيسى» ثمّ ردّ قول الطيبي بأنّ المعنى: يؤمّكم عيسى حال كونه في دينكم بقوله: «ويعكّر عليه قوله في حديث آخر عند مسلم: فيقال له: صلِّ لنا، فيقول: لا، إنّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(67) فيض القدير، المناوي: 6/17.
(68) السيرة الحلبية، ابن برهان الشافعي: 1/226 - 227.
(69)كذا، والصحيح الآبري، وقد كنّاه بعضهم بأبي الحسين والصحيح: الحسن، مات سنة 363 هـ كما في تراجمه.

(٤١)

بعضهم على بعض أُمراء تكرمة لهذه الأُمّة».
ثمّ نقل عن ابن الجوزي قوله: «لو تقدّم عيسى (عليه السلام) إماماً لوقع في النفس إشكال، ولقيل: أتراه تقدّم نائباً، أو مبتدئاً شرعاً؟ فصلّى مأموماً لئلاّ يتدنّس بغبار الشبهة، وجه قوله (صلى الله عليه وآله): «لا نبي بعدي».
ثمّ قال: «وفي صلاة عيسى (عليه السلام) خلف رجل من هذه الأُمّة، مع كونه في آخر الزمان، وقرب قيام الساعة، دلالة للصحيح من الأقوال: «إنّ الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجّة» والله أعلم(70).
6 - ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن سيرين: «المهدي من هذه الأُمّة وهو الذي يؤّم عيسى ابن مريم»(71).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(70) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني: 6/383 - 385.
(71)المصنَّف، ابن أبي شيبة: 15 / 198، 19495.

(٤٢)

الأمر السابع: راية المهدي (عليه السلام)

ومن العلامات التي زوّد بها الإنسان المسلم في عصر الظهور لكي يتوقّى بواسطتها الدخول في خطوط الانحراف، وصف راية الإمام المهدي وشعاره المرتقب، حيث تشكّل رايته (عليه السلام)، علامة يهتدي بها المنتظرون لظهوره (عليه السلام)، لنلاحظ الروايتين التاليتين:
1 - عن عبد الله بن شريك، قال: «مع المهدي راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) المغلَّبة، ليتني أدركته وأنا أصدعُ»(72).
2 - عن أبي إسحاق عن نوف البكائي: «في راية المهدي مكتوب البيعة لله»(73).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(72) ابن حماد: 249، ح972 والقول المختصر: 100 باب 3 ح 35 وبرهان المتقي: 152 باب 7 ح 24.
(73) ابن حماد: 249، ح 973 وعقد الدرر: 274 باب 9 والقول المختصر: 101 باب 3 ح 36 وبرهان المتقي: 152 باب 7 ح 25 وفرائد فوائد الفكر: 8 باب 4 وينابيع المودّة: 435 باب 73.

(٤٣)

الأمر الثامن: عطاء الإمام المهدي (عليه السلام)

ممّا لا شك فيه، أنّ العدالة بكل صورها ستتحقق بقيادة المهدي (عليه السلام)، وتدرّ السماء والأرض خيراتها وتصبح دولته - الدولة النموذجية الإلهية الموعودة - التي يُسعد فيها الإنسان، إذ لا ظلم ولا حيف ولا فقر ولا فساد.
إنّ النصوص التالية تشير إلى هذه الحقائق:
1 - عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: «تنعم أُمّتي في زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط، تُرسل السماء عليهم مدراراً، ولا تدع الأرض شيئاً من النبات إلاّ أخرجته، والمال كَدُوس، يقوم الرجل فيقول: يا مهدي أَعطني فيقول خُذ»(74).
2 - عن أبي سعيد الخدري(رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): « يكون في أُمّتي المهدي إن قصر فسبع وإلاّ فتسع، فتنعم فيه أُمّتي نعمة لم يتنعّموا بمثلها قط، فتؤتي الأرض أُكلها، ولا تدّخر عنهم شيئاً، والمال يومئذ كدَوس فيقوم الرجل فيقول: يا مهدي، أعطني، فيقول: خُذ»(75).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(74) ابن حماد: 253، ح 992 والبيان: 145 باب 23 وعقد الدرر: 225 باب 8 والفصول المهمة: 288 و289 فصل 12 ونور الأبصار: 189 باب 2.
(75)سنن ابن ماجة: 2/1366 - 1367 ح 4083 ومستدرك الحاكم: 4/558 وبرهان المتقي: 81 باب 1 ح 25 و82 باب 1 ح 26.

(٤٤)

3 - عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «إنّ في اُ مّتي المهدي، يخرج يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً - زيد الشاك(76) قال قلنا: وما ذاك؟ قال: سنين، قال فيجيء إليه رجلٌ فيقول: يا مهدي، أعطني أعطني، قال: فيحثي له ثوبه ما استطاع أن يحمله»(77).
4 - عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يكون في آخر الزمان خليفة يحثي المال حثياً لا يَعُدُّه عدّاً»(78).
5 - وأخرج مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال، ولا يعدّه»(79).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(76) زيد الشاكّ: بمعنى أضاف هذا الشاكّ في عدد السنين.
(77) سنن الترمذي: 4/439 باب 53 ح 2232 والبيان: 107 باب 6 والعلل المتناهية: 2/858 ح 1440 ومشكاة المصابيح: 3/24 فصل 2 ح 5455 ومقدمة ابن خلدون: 393 فصل 53 وعرف السيوطي، الحاوي: 2/215 وصواعق ابن حجر: 164 باب 11 فصل 1 وكنز العمال: 14/262 ح 38654 ومرقاة المفاتيح: 9 / 352 ومشارق الأنوار: 114 فصل 2 وتحفة الأحوذي: 6/404 ح 2333 والتاج الجامع للاُصول: 5/342 - 343.
(78) مصابيح السنّة: 3/488 ح 4199. وأيضا حديث آخر مهم في مصنّف عبد الرزاق: 11/371 ح 20770 باب المهدي، أخرجه صاحب دفاع عن الكافي: 1/266.
(79) صحيح مسلم بشرح النووي: 18/39.

(٤٥)

الأمر التاسع: معجزات الإمام المهدي (عليه السلام)

إذا كان المهدي الموعود هو أحد الأئمّة المعصومين، حسب عقيدة الشيعة الإمامية؛ فلابدّ لهذا الإمام (عليه السلام) من مواهب إلهية، كعلمه الواسع وقدرته على فعل المعجزة التي يخرجها للناس كي تتأكد إمامته وخلافته لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، كما كانت تصدر من آبائه ممارسات إلهية غيبية، فآباؤه الأحد عشر من المعصومين كانت لهم معجزات وكرامات تؤكّد منزلتهم الإلهية.
والنصوص التالية تشير إلى هذه الحقيقة:
1 - عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «يومى المهدي للطير فيسقط على يديه، ويغرس قضيباً في بضعة من الأرض فيخضرّ ويورق»(80).
2 - وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «تختلف ثلاث رايات، راية بالمغرب وراية بالجزيرة وراية بالشام، تدوم الفتنة بينهم سنة - ثم ذكر خروج السفياني وما يفعله من الظلم والجور، ثم ذكر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(80) برهان المتقي: 76 باب 1 ح 14.

(٤٦)

خروج المهدي، ومبايعة الناس له بين الركن والمقام - قال: يسير بالجيوش حتى يسير بوادي القرى في هدوء ورفق، ويلحقه هناك ابن عمّه الحسني في اثني عشر ألف فارس، فيقول له: يا بن عمّ! أنا أحقّ بهذا الجيش منك، أنا ابن الحسن وأنا المهدي فيقول له المهدي: بل أنا المهدي، فيقول له الحسني: هل لك من آية فأُبايعك؟ فيومئ المهدي إلى الطير فيسقط على يديه ويغرس قضيباً في بضعة من الأرض، فيخضرّ ويورق، فيقول له الحسني: يا بن عمّي هي لك»(81).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(81) البرهان المتقي: 76، باب 1 ح 15.

(٤٧)

الخلاصة:
تبيّن من خلال البحث أن الإيمان بحتمية ظهور المصلح العالمي في آخر الزمان ليس مختصّاً بالأديان السماوية، بل شمل حتى المدارس الفكرية والفلسفية غير الدينية.
ومع اعتراف الديانات السماوية بظهور هذا المصلح أضافت الدراسات العلمية للبشارات الواردة في كتب العهدين على وجه الخصوص، بأنّ هذا المصلح هو المهدي (عليه السلام).
والعلماء من مختلف المذاهب الإسلامية قد سجّلوا اعترافاتهم بولادة الإمام المهدي (عليه السلام) ابتداءً من سنة (260 هـ) وحتى الوقت الحاضر.
وعليه فإنّ النظر إلى مجموع أحاديث المهدي (عليه السلام) الواردة في كتب المسلمين تكفي للجزم بتواترها عن النبي (صلى الله عليه وآله) من دون أدنى تردّد.
فقد ثبت تواترها إجمالاً في كتب أهل السنّة(82)التي أخرجها العلماء والمحدّثون في كتبهم الكثيرة(83).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(82)راجع ابراز الوهم المكنون: 437.
(83)أوصلها الأُستاذ محمد علي دخيل في كتابه الإمام المهدي: 259 - 365 إلى ثلاثين كتاباً من كتب أهل السنّة.

(٤٨)

وقد صرّح الأعلام منهم كالترمذي المتوفى سنة(297 هـ)(84) والحافظ أبي جعفر العقيلي المتوفى سنة(322 هـ)(85) والحاكم النيسابوري المتوفى سنة (405 هـ)(86) والإمام البيهقي المتوفى سنة (458 هـ)(87) والإمام البغوي المتوفى سنة (510 هـ)(88) وابن الأثير المتوفى سنة (606 هـ)(89) والقرطبي المالكي المتوفى سنة (671 هـ)(90) وابن تيمية المتوفى سنة (728 هـ)(91). والحافظ الذهبي المتوفى سنة (748 هـ)(92) والكنجي الشافعي المتوفى سنة (658 هـ)(93) والحافظ ابن القيّم المتوفى سنة (751 هـ)(94)وغيرهم بصحة أحاديث المهدي حسبما تذكره مؤلّفاتهم.
كما صرّح القسم الآخر من علماء أهل السنّة بتواتر أحاديث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(84) سنن الترمذي: 4/505، 2230 و2231، 4/506، 2233.
(85) الضعفاء الكبير، العقيلي: 3/253، 1257.
(86) مستدرك الحاكم: 4/429 و465 و553 و558.
(87) الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد البيهقي: 127.
(88) مصابيح السنّة: 492 - 493 / 4210 - 4213 و4215.
(89) النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير: 5/254.
(90) التذكرة، القرطبي: 704 باب ما جاء في المهدي.
(91) منهاج السنّة، ابن تيمية: 4/211.
(92) تلخيص المستدرك، الذهبي: 4/553 و558.
(93) البيان في أخبار صاحب الزمان: 500.
(94) المنار المنيف، ابن القيّم: 130 - 135 / 326 و327 و39 و331.

(٤٩)

المهدي، ونقتصر على ذكر بعضهم كالبربهاري المتوفى سنة (329 هـ)(95) ومحمد بن الحسن الآبري الشافعي المتوفى سنة (363 هـ) نقل عنه هذا القرطبي المالكي(96)، والقرطبي المالكي المتوفى سنة (671 هـ)(97) والحافظ المتقن جمال الدين المزني المتوفى سنة (742 هـ)(98) وابن القيّم المتوفى سنة (751 هـ)(99) وابن حجر العسقلاني المتوفى سنة (852 هـ)(100) وغيرهم.
وبالإضافة إلى الأخبار المؤيّدة لتواتر حديثه كالتي تصف شخصه وشمائله وأفعاله، والأخبار التي تتحدث عن اسمه ونسبه واسم أُمّه واسم أبيه.
ونقيّد المطلق من الأخبار التي تحدّد شخصه كالتي تتحدّث عن كون المهدي من أولاد عبد المطلب، وكونه من ولد أبي طالب، ومن أهل البيت (عليهم السلام)، ومن ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن ولد فاطمة، ومن ولد الحسين، ومن ولد الصادق، ومن ولد الرضا (عليهم السلام).
وكونه خليفة الله وخاتم الأئمّة وأنّه يؤمّ النبي عيسى (عليه السلام)، كل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(95) الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر: 28.
(96) التذكرة: 1 / 7، والمزني في تهذيب الكمال: 25/146 / 5181.
(97) التذكرة: 1/701.
(98) تهذيب الكمال: 25/146، 5181.
(99) المنار المنيف: 135.
(100) تهذيب التهذيب: 9/125، 201.

(٥٠)

هذه النصوص التي تحدّد وتعيّن الإمام المهدي الموعود، الذي بشّر بظهوره خاتم المرسلين محمد (صلى الله عليه وآله) في آخر الزمان، تفيد بأنّه هو محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا.
وهكذا يتّضح بجلاء أن المهدي الموعود قد ولد في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري وهو حيّ يرزق.
وأما الاعتناء بتفاصيل خصائصه الجسمية والنفسية والسلوكية، إلاّ شاهد صدق على مدى اهتمام الشريعة بتعيين شخص القائد العالمي الموعود (الإمام المهدي (عليه السلام))، ومصداقه الحقيقي، لئلاّ يلتبس بغيره، ولئلاّ يستغلّ هذا الموضوع من قبل المستغلّين، وهي فضلاً عن ذلك تزيد الباحث اطمئناناً ويقيناً بقضية الإمام المهدي (عليه السلام) العالمية بخصائصها الإسلامية.

(٥١)