الإمام المهدي (عليه السلام)

الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه)

تأليف: آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي (قده)
الناشر: دار الأنصار

الأولى: 1426هـ - 2005م

الفهرس

المقدمة..................5
الفصل الأول: ولادة الإمام الحجة وفضله..................8
ولادة الإمام (عليه السلام) واسمه المبارك..................8
سيولد الليلة المولود الكريم..................24
النور الساطع..................30
تكلم يا بني..................37
من فلسفة الإرهاصات..................37
الإماء..................38
هل تحرم تسميته (عليه السلام)..................40
من شمائله (عليه السلام)..................41
فضل الإمام المهدي (عليه السلام)..................44
الفصل الثاني: الظهور المقدس..................50

حركة الأفلاك..................50
من خصائصه (عليه السلام)..................52
وحتى الحيوانات..................54
إحياء بعض الموتى..................55
الأرض وكنوزها..................56
القوة الجسمية..................56
لا تقية ولا خوف..................60
يملك الشرق والغرب..................61
قضاؤه (عليه السلام)..................62
من أخبار ظهوره (عليه السلام)..................63
من بركات الظهور..................66
الفصل الثالث: روايات الظهور المقدس..................69

كثرة الروايات فيه (عليه السلام)..................69
النص الوارد عن الله (عزَّ وجلَّ)..................69
النص الوارد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)..................71
النص الوارد عن أمير المؤمنين (عليه السلام)..................73
النص الوارد عن فاطمة الزهراء (عليها السلام)..................75
النص الوارد عن الإمام الحسن (عليه السلام)..................77
النص الوارد عن الإمام الحسين (عليه السلام)..................78
النص الوارد عن الإمام زين العابدين (عليه السلام)..................79
النص الوارد عن الإمام الباقر (عليه السلام)..................80
النص الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام)..................82
النص الوارد عن الإمام الكاظم (عليه السلام)..................84
النص الوارد عن الإمام الرضا (عليه السلام)..................85
النص الوارد عن الإمام الجواد (عليه السلام)..................88
النص الوارد عن الإمام الهادي (عليه السلام)..................90
النص الوارد عن الإمام العسكري (عليه السلام)..................90
روايات عن طريق أهل السنة..................92
مما كتب في الإمام المهدي (عليه السلام)..................99
 

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
الإمام المهدي (عليه السلام) نور له حقيقته الكونية، والمقام التكويني العظيم، فبيمنه ترزق المخلوقات بأسرها(1)، هذا بالإضافة إلى مقامه التشريعي وانه حجة الله على الأرض، فكما أن للشمس مكانتها الكونية، ولذا إذا لم تكن لساخت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) اشارة إلى الحديث الشريف: (وبيمنه رزق الورى).

(٥)

الأرض، كذلك الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام).. ولولاه لساخت الشمس أيضاً، حيث ورد أن بوجوده (عليه السلام) ثبتت الأرض والسماء، مع أن الشمس مادية فحسب والإمام المهدي (عليه السلام) مادي معنوي معاً، فوجوده (عليه السلام) في غيبته لطف لا يستغنى عنه.
والبشرية تنتظر ظهوره لكي يملأ الأرض قسطاً وعدلا بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، ولابد من يوم يظهر.. وحينئذ تتبدل الأرض غير الأرض، فلا هي كالأرض الحالية ولا هي كالجنة، وحيث إنا لا نعرف عادة إلا ما رأينا أمثاله، لا نعرف كيفية الكون عند ظهوره او خصوصياتها... وربما لا نستوعب ذلك، مثله مثل عدم معرفتنا بتفاصيل الجنة، كما قالوا (عليه السلام): (فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر).(2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(2) الأمالي للشيخ الصدوق: ص213 المجلس 38 ح1، روضة الواعظين: ص315.

(٦)

وهذا موجز حول الإمام (عليه السلام) كتبته ليكون خدمة في سبيله، وهو الرابع عشر من سلسلة أحوال المعصومين (عليه السلام) وهي مع ما كتبته حول المبدء والمعاد ستة عشر كتاباً، نسأل الله سبحانه القبول وهو المستعان.

محمد الشيرازي
قم المقدسة 1418 هـ ق

(٧)

الفصل الأول: ولادة الإمام الحجة وفضله

بسم الله الرحمن الرحيم

ولادة الإمام (عليه السلام) واسمه المبارك
كانت ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) في سامراء، اليوم الخامس عشر من شهر شعبان سنة 255هـ.(3)
واسمه الشريف وكنيته المباركة نفس اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3) كمال الدين: ص430 باب ما روى في ميلاد القائم صاحب الزمان (عليه السلام) الحديث4. الارشاد: ج2 ص339 باب ذكر الإمام القائم (عليه السلام) بعد أبي محمد وتاريخ مولده. أعلام الورى: ص418 الفصل الثاني في ذكر مولده واسم أبيه (عليه السلام). غيبة الطوسي: ص234، منتخب الأنوار المضيئة: ص50 الفصل الخامس.

(٨)

وكنيته كما ورد في الحديث(4)
وقالوا: لا يجوز ذكر اسمه في زمن الغيبة، لكن هذا الكلام غير متيقن، فان الظروف السياسية في زمن الإمام العسكري (عليه السلام) وما والاه لم تسمح بذكر اسمه الشريف، باعتبار أن العباسيين ومن أشبههم كانوا يسعون بإخماد ذكره (عليه السلام) وقتله، بزعمهم انهم يتمكنون من اطفاء نور الله، قال تعالى: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون).(5)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(4) ورد ذلك في عشرات الأحاديث وربما مئاتها، راجع: كمال الدين ص286 و287 باب ما أخبر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) من وقوع الغيبة بالقائم (عليه السلام)، وكمال الدين: ص411 باب فيمن أنكر القائم، الفصول المختارة: ص297، المناقب: ج2 ص227. كشف الغمة: ج2 ص521، دعائم الإسلام: ج2 ص188. أعلام الورى: ص424 و425. غيبة الطوسي: ص271. العدد القوية: ص70 نبذة من أحوال الإمام الحجة (عليه السلام). كفاية الأثر: (عليه السلام) ص66، منتخب الأنوار المضيئة: ص27.
(5) سورة التوبة: 32.

(٩)

وقال (عزَّ وجلَّ): (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره ولو كره الكافرون).(6)
وإلا فالظاهر أن ذكر اسمه المبارك في هذا الزمان جائز، وان كان تمام الحكمة في التحريم في ذلك الزمان أيضاً غير بين لنا، لأن الكفار والمنافقين والظالمين ما كانوا يتمكنون منه بتقدير الله تعالى، ولعلهم كانوا يقتلون الذين كانوا يسمون به من الناس، أو انه (عزَّ وجلَّ) أراد حفظه (عليه السلام) مع ملاحظات قانون الأسباب والمسببات الكونية أو لغير ذلك.(7)
وألقابه (عليه السلام) كثيرة منها: الصاحب، والحجة، والمنتظر، والخاتم، والمهدي،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(6) سورة الصف: 8.
(7) سيأتي البحث عن ذلك أيضاً تحت عنوان (هل تحرم تسميته (عليه السلام)) ص 32 من هذا الكتاب، فراجع.

(١٠)

وهذا الأخير هو ما اشتهر الإمام به.(8)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(8) انظر دلائل الامامة: ص271، ومن ألقابه أيضاً: الخلف، الناطق، الثائر، المأمول، الوتر، المعتصم، المنتقم، الكرار، صاحب الرجعة البيضاء والدولة الزهراء، القابض، الباسط، الوارث، سدرة المنتهى، الغاية القصوى، غاية الطالبين، فرج المؤمنين، كاشف الغطاء، و...

(١١)

قصة الولادة المباركة(9)
قال بشر: أتاني كافور الخادم فقال: (مولانا ابو الحسن علي بن محمد العسكري يدعوك إليه).
ـ أقول: وإنما سُمي الإمام (عليه السلام) بالعسكري لأن الخليفة الظالم سجن الإمام (عليه السلام) في العسكر حتى لايتمكن من الخروج عليه ـ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(9) انظر كمال الدين: ص417 باب ما ورد في نرجس (عليها السلام)، وروضة الواعظين: ص252 مجلس في ذكر ما ورد في نرجس. دلائل الامامة: ص262 خبر أم القائم (عليه السلام)، غيبة الطوسي: ص208 منتحب الأنوار المضيئة: ص53.

(١٢)

(فأتيته فلما جلست بين يديه قال لي: يا بشر انك من ولد الأنصار، وهذه الموالاة لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، وأنتم ثقاتنا أهل البيت، واني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة، بسرّ اطلعك عليه، وانفذك في ابتياع أمة، فكتب كتاباً لطيفاً بخط رومي ولغة رومية وطبع عليه خاتمه واخرج شُقَيقة) ـ تصغير شقة وهي جنس من الثياب ـ (صفراء فيها مائتان وعشرون ديناراً فقال: خذها وتوجه بها إلى بغداد واحضر معبر الفرات ضحوة يوم كذا، فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وترى الجواري فيها ستجد طوائف المتابعين من وكلاء قواد بني العباس وشرذمة من فتيان العرب فإذا رأيت ذلك فاشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النخاس) ـ والنخاس عبارة عن الذي كان يبيع العبيد والاماء ـ (عامة نهارك إلى أن تبرز للمبتاعين جارية، صفتها كذا وكذا لابسة حريرين صفيقين) ـ الصفيق من الثوب: ما كثف نسجه ـ

(١٣)

(تمتنع من العرض ولمس المعترض والانقياد لمن حاول لمسها وتسمع صرخة رومية من وراء ستر رقيق فاعلم أنها تقول: واهتك ستراه.
فيقول بعض المبتاعين: علي ثلاثمائة دينار.. فقد زادني العفاف فيها رغبة.
فتقول له بالعربية: لو برزت في زي سليمان بن داود وعلى شبه ملكه، ما بدت لي فيك رغبة فاشفق على مالك.
فيقول النخاس: فما الحيلة ولابد بيعك.
فتقول الجارية: وما العجلة ولابد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه والى وفائه وأمانته.
فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخاس وقل له: إن معك كتابا ملصقاً لبعض الأشراف، كتبه بلغة رومية وخط رومي وصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاءه، فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه، فان مالت إليه ورضيته فانا وكيله في ابتياعها منك.

(١٤)

قال بشر بن سليمان: فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن (عليه السلام) في أمر الجارية.
فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديداً وقالت لعمر بن يزيد: بعني من صاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرّجة والمغلظة ـ أي اليمين المؤكدة ـ انه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها.
فما زلت اشاحه في ثمنها حتى استقر الأمر فيه على مقدار ما كان اصحبنيه مولاي (عليه السلام) من الدنانير، فاستوفاه وتسلمت الجارية ضاحكة مستبشرة وانصرفت بها إلى الحجيرة التي كنت آوي إليها ببغداد.
فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولانا (عليه السلام) من جيبها وهي تلثمه وتطبقه على جفنها وتضعه على خدها وتمسحه على بدنها.
فقلت متعجباً منها: تلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه؟

(١٥)

فقالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء (عليه السلام) أعرني سمعك وفرغ لي قلبك، انا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأمي من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون، انبئك بالعجب.
إن جدي قيصر اراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل، ومن ذوي الأخطار منهم سبعمائة رجل، وجمع من أمراء الأجناد وقواد العسكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز من بهي ملكه عرشاً مصنوعا من أصناف الجوهر ورفعه فوق أربعين مرقاة، فلما صعد ابن أخيه واحدقت الصلب وقامت الأساقفة عكفاً ونشرت أسفار الانجيل، تسافلت الصلب من الأعلى فلصقت بالأرض وتقوضت أعمدة العرش فانهارت إلى القرار، وخر الصاعد من العرش مغشياً عليه، فتغيرت ألوان

(١٦)

الأساقفة وارتعدت فرائصهم.
فقال كبيرهم لجدي: أيها الملك اعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة على زوال دولة هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني.
فتطير جدي من ذلك تطيراً شديداً وقال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان واحضروا أخا هذا المدبر العاثر ـ والمراد بالعاثر الكذاب وفي بعض النسخ العاهر ـ المنكوس جدّه لأزوجه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده.
فلما فعلوا ذلك حدث على الثاني مثل ما حدث على الأول، وتفرق الناس وقام جدي قيصر مغتماً فدخل منزل النساء وأرخيت الستور، واُريت في تلك الليلة كان المسيح (عليه السلام) وشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي ونصبوا فيه منبراً من نور يباري السماء علواً وارتفاعاً في الموضع الذي كان نصب جدي فيه عرشه، ودخل عليهم

(١٧)

محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وختنه ووصيه (عليه السلام) وعدة من أبنائه عليهم السلام.
فتقدم المسيح (عليه السلام) إليه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فاعتنقه، فيقول له محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم): يا روح الله اني جئتك خاطباً من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا، وأومأ بيده إلى ابي محمد (عليه السلام) ابن صاحب هذا الكتاب.
فنظر المسيح إلى شمعون وقال له: قد أتاك الشرف فصل رحمك رحم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم).
قال: قد فعلت.
فصعد ذلك المنبر فخطب محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وزوجني من ابنه، وشهد المسيح (عليه السلام) وشهد أبناء محمد والحواريون.
فلما استيقظت أشفقت من أن أقص هذه الرؤيا على ابي وجدي مخافة القتل، فكنت أسرها ولا أبديها لهم، وضرب صدري بمحبة أبي محمد (عليه السلام) حتى امتنعت من الطعام والشراب، فضعفت نفسي ودق شخصي ومرضت مرضاً

(١٨)

شديداً، فما بقي في مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي، فلما برح به اليأس قال: يا قرة عيني وهل يخطر ببالك شهوة فازودكها في هذه الدنيا.
فقلت: يا جدي أرى أبواب الفرج علي مغلقة، فلو كشفت العذاب عمن في سجنك من اسارى المسلمين، وفككت عنهم الأغلال وتصدقت عليهم ومنّيتهم الخلاص، رجوت أن يهب لي المسيح وأمه عافية.
فلما فعل ذلك تجلدت في اظهار الصحة في بدني قليلاً وتناولت يسيراً من الطعام، فسر بذلك واقبل على اكرام الاسارى واعزازهم، فأريت بعد أربع عشرة ليلة كان سيدة نساء العالمين فاطمة (عليها السلام) قد زارتني ومعها مريم ابنة عمران وألف من وصائف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيدة نساء العالمين أم زوجك أبي محمد (عليه السلام)، فاتعلق بها وابكي وأشكو إليها امتناع ابي محمد (عليه السلام) من زيارتي.

(١٩)

فقالت سيدة النساء (عليها السلام): إن ابني ابا محمد لا يزورك وأنت مشركة بالله على مذهب النصارى، وهذه أختي مريم بنت عمران، تبرأ إلى الله تعالى من دينك، فان ملت إلى رضى الله ورضى المسيح (عليه السلام) ومريم (عليها السلام) وزيارة ابي محمد اياك فقولي: اشهد أن لا اله إلا الله وان ابي محمداً رسول الله.
فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني إلى صدرها سيدة نساء العالمين (عليها السلام) وطيبت نفسي وقالت: الآن توقعي زيارة ابي محمد فإني منفذته إليك.
فانتبهت وأنا انول وأتوقع لقاء أبي محمد (عليه السلام).
فلما كان في الليلة القابلة رأيت أبا محمد (عليه السلام) وكأني أقول له: جفوتني يا حبيببي بعدان أتلفت نفسي معالجة حبك.
فقال (عليه السلام): ما كان تأخري عنك إلا لشركك، فقد اسلمت وأنا زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله تعالى شملنا في

(٢٠)

العيان، فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.
قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الاسارى.
فقالت: أخبرني ابو محمد (عليه السلام) ليلة من الليالي أن جدك سيسيّر جيشا إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا، ثم يتبعهم، فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق كذا، ففعلت ذلك فوقعت علينا طلائع المسلمين حتى كان من أمري ما رأيت وشاهدت، وما شعر بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية أحد سواك، وذلك باطلاعي إياك عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت: (نرجس)، فقال: اسم الجواري.
قلت: العجب انك رومية ولسانك عربي.
قالت: نعم، من ولوع جدي وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز إليّ امرأة ترجمانة لي في الاختلاف إلي

(٢١)

وكانت تقصدني صباحاً ومساءاً وتفيدني العربية حتى استمر لساني عليها واستقام.
قال بشر: فلما انكفأت بها إلى سر من رأى دَخَلَت على مولاي أبي الحسن (عليه السلام) فقال: كيف أراكِ الله عز الإسلام وذل النصرانية وشرف محمد وأهل بيته (عليهم السلام)؟
قالت: كيف اصف لك يا بن رسول الله ما أنت أعلم به مني.
قال: فاني أحببت أن أكرمك، فما أحب إليك: عشرة آلاف دينار، ام بشرى لك بشرف الأبد.
قالت: بشرى بولد لي.
قال لها: ابشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
قالت: ممن؟
قال: ممن خطبك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) له ليلة كذا في شهر

(٢٢)

كذا من سنة كذا بالرومية.
قالت: من المسيح ووصيه؟
قال لها: ممن زوجك المسيح (عليه السلام) ووصيه؟
قالت: من ابنك أبي محمد (عليه السلام).
فقال: هل تعرفينه؟
قالت: وهل خلت ليلة لم يرني فيها منذ الليلة التي أسلمت على يد سيدة النساء (صلوات الله عليها).
قال: فقال مولانا: يا كافور ادع أختي حكيمة، فلما دخلت قال لها: ها هي، فاعتنقتها طويلا وسرت بها كثيراً، فقال لها أبو الحسن (عليه السلام): يا بنت رسول الله خذيها إلى منزلك وعلميها الفرائض والسنن، فانها زوجة أبي محمد وأم القائم (عليه السلام).(10)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(10) غيبة الطوسي: ص208 - 215.

(٢٣)

سيولد الليلة المولود الكريم (11)
عن حكيمة (عليها السلام) انها قالت: كانت لي جارية يقال لها: نرجس، فزارني ابن أخي الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) واقبل يحدق النظر إليها، فقلت له: يا سيدي لعلك هويتها فأرسلها إليك؟
فقال: لا يا عمة، ولكني أتعجب منها.
فقلت: وما أعجبك منها؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(11) انظر كمال الدين: ص426 - 428 باب ما ورد في ميلاد القائم (عليه السلام)... ح2، وروضة الواعظين: ص258.

(٢٤)

فقال (عليه السلام): سيخرج منها ولد كريم على الله (عزَّ وجلَّ)، الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.
فقلت: فارسلها إليك يا سيدي؟
فقال: استأذني في ذلك أبي.
قالت: فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن الهادي (عليه السلام) فسلّمت وجلست، فبدأني وقال (عليه السلام): يا حكيمة، ابعثي نرجس إلى ابني أبي محمد.
قالت: فقلت يا سيدي على هذا قصدتك على أن استأذنك في ذلك.
فقال لي: يا مباركة إن الله تبارك وتعالى أحب أن يشركك في الاجر ويجعل لك في الخير نصيباً.
قالت حكيمة: فلم البث أن رجعت إلى منزلي وزينتها ووهبتها لأبي محمد (عليه السلام) وجمعت بينه وبينها في منزلي، فأقام

(٢٥)

عندي أياماً ثم مضى إلى والده (عليه السلام)، ووجّهت بها معه.
قالت حكيمة: فمضى أبو الحسن (عليه السلام) وجلس أبو محمد (عليه السلام) مكان والده وكنت أزوره كما كنت ازور والده، فجاءتني نرجس يوماً تخلع خفي فقالت: يا مولاتي ناوليني خفك.
فقلت: بل أنت سيدتي ومولاتي، والله لا ادفع إليك خفي لتخلعيه ولا لتخدميني، بل أنا أخدمك على بصري.
فسمع أبو محمد (عليه السلام) ذلك فقال: جزاك الله يا عمة خيراً، فجلست عنده إلى وقت غروب الشمس فصحت بالجارية وقلت: ناوليني ثيابي لأنصرف.
فقال (عليه السلام): لا يا عمتاه، بيتي الليلة عندنا فانه سيولد الليلة المولود الكريم على الله (عزَّ وجلَّ)، الذي يحيي الله (عزَّ وجلَّ) به الأرض بعد موتها.
فقلت: ممن يا سيدي ولست أرى بنرجس شيئاً من أثر الحبل.

(٢٦)

فقال: من نرجس لا من غيرها.
قالت: فوثبت إليها فقلبتها ظهراً لبطن، فلم ار بها أثر حبل، فعدت إليه (عليه السلام) فأخبرته بما فعلت.
فتبسم (عليه السلام) ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل، لأن مثلها مثل أم موسى (عليه السلام) لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لأن فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى (عليه السلام)، وهذا نظير موسى (عليه السلام).
وفي رواية أخرى: انه (عليه السلام) قال: انا معاشر الأوصياء لسنا نحمل في البطون، وانما نحمل في الجنوب، ولا نخرج من الأرحام وانما نخرج من الفخذ الأيمن من أمهاتنا، لأننا نور الله الذي لا تناله الدانسات.
قالت حكيمة: فذهبت إلى نرجس وأخبرتها بما قال.
فقالت: لم أر شيئاً ولا أثراً.
فبقيت الليل هناك وافطرت عندهم ونمت قرب نرجس، وكنت أفحصها كل ساعة وهي نائمة، فازدادت حيرتي، واكثرت في هذه الليلة من القيام والصلاة، فلما كنت في الوتر من صلاة الليل قامت نرجس فتوضأت وصلّت صلاة الليل، ونظرت فإذا الفجر الأول قد طلع، فتداخل قلبي الشك.

(٢٧)

فصاح بي أبو محمد (عليه السلام) فقال: لا تعجلي يا عمة فان الأمر قد قرب.
فرأيت اضطراباً في نرجس فضممتها إلى صدري وسميت عليها، فصاح أبو محمد (عليه السلام) وقال: اقرئي عليها: (إنا أنزلناه في ليلة القدر)(12) فأقبلت أقرأ عليها وقلت لها: ما حالك؟
قالت: ظهر بي الأمر الذي اخبرك به مولاي.
فاقبلت اقرأ عليها كما امرني، فأجاب الجنين من بطنها يقرأ كما أقرأ، وسلم علي.
قالت حكيمة: ففزعت لما سمعت.
فصاح بي أبو محمد (عليه السلام): لا تعجبي من أمر الله (عزَّ وجلَّ)، ان الله تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغاراً، ويجعلنا حجة في أرضه كباراً، فلم يستتم الكلام حتى غيبت عني نرجس، فلم ارها كأنه ضرب بيني وبينها حجاب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(12) سورة القدر: 1.

(٢٨)

فعدوت نحو أبي محمد (عليه السلام) وأنا صارخة.
فقال لي: ارجعي يا عمة فانك ستجديها في مكانها.
قالت: فرجعت فلم البث أن كشف الحجاب الذي كان بيني وبينها، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري، وإذا أنا بالصبي (عليه السلام) ساجداً على وجهه، جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبابتيه نحو السماء وهو يقول:
(اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأن جدي محمداً رسول الله، وأن أبي أمير المؤمنين، ثم عدّ إماماً إماماً إلى أن بلغ إلى نفسه، فقال: اللهم انجز لي وعدي، وأتمم لي أمري، وثبت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً).

(٢٩)

النور الساطع
وفي رواية عن أبي علي الخيزراني، عن جارية له عند الإمام الحسن (عليه السلام) انها قالت: لما ولد (السيد) رأيت له نوراً ساطعاً قد ظهر منه وبلغ أفق السماء، ورأيت طيوراً بيضاء تهبط من السماء وتمسح أجنحتها على رأسه ووجهه وسائر جسده ثم تطير، فأخبرنا أبا محمد بذلك، فضحك ثم قال: تلك ملائكة نزلت للتبرك بهذا المولى وهي أنصاره إذا خرج.(13)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(13) راجع كمال الدين: ص431 ب42 ما روى في ميلاد القائم (عليه السلام) ح7.

(٣٠)

وفي حديث آخر(14): ناداني أبو محمد (عليه السلام) وقال: يا عمة هاتي ابني إلي، فكشفت عن سيدي (عليه السلام) فإذا به مختوناً مسروراً طهراً طاهراً وعلى ذراعه الأيمن مكتوب: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً).(15)
فأتيت به نحوه فلما مثلت بين يدي ابيه سلم على أبيه، فتناوله الحسن (عليه السلام) وادخل لسانه في فمه ومسح بيده على ظهره وسمعه ومفاصله، ثم قال له: يا بني انطق بقدرة الله(16)، فاستعاذ ولي الله (عليه السلام) من الشطان الرجيم واستفتح: (بسم الله الرحمن الرحيم: ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(14) راجع غيبة الطوسي: ص239، وبحار الأنوار: ج51 ص26 ب37 ح1.
(15) سورة الإسراء: 81.
(16) انظر بحار الأنوار: ج51 ص18 ب1 ح25.

(٣١)

(ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون)(17) وصلى على رسول الله وعلى أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة (عليهم السلام) واحداً واحداً حتى انتهى إلى ابيه، وكانت هناك طيور ترفرف على رأسه فصاح (عليه السلام) بطير منها فقال له: احمله واحفظه ورده الينا في كل أربعين يوماً.(18)
فتناوله الطائر وطار به في جو السماء واتبعه سائر الطير، فسمعت أبا محمد يقول: أستودعك الذي استودعته أم موسى.(19)
فبكت نرجس فقال لها: اسكتي فان الرضاع محرم عليه إلا من ثديك، وسيعاد إليك كما رد موسى إلى أمه، وذلك قوله (عزَّ وجلَّ): (فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(17) سورة القصص: 5 - 6.
(18) انظر بحار الأنوار: ج53 ص327.
(19) انظر بحار الأنوار: ج51 ص14 ب1 ح14.

(٣٢)

تحزن).(20)
قالت حكيمة: فقلت ما هذا الطائر؟
قال: هذا روح القدس الموكل بالأئمة (عليهم السلام) يوفقهم ويسددهم ويربيهم بالعلم.
قالت حكيمة: فلما أن كان بعد أربعين يوماً ردّ الغلام، ووجّه اليّ ابن أخي (عليه السلام) فدعاني فدخلت عليه، فإذا انا بصبي متحرك يمشي بين يديه فقلت سيدي هذا ابن سنتين!
فابتسم (عليه السلام) ثم قال: إن أولاد الأنبياء والأوصياء إذا كانوا أئمة ينشؤون بخلاف ما ينشأ غيرهم، وإن الصبي منا إذا أتي عليه شهر كان كمن يأتي عليه سنة، وان الصبي منا ليتكلم في بطن أمه ويقرأ القرآن ويعبد ربه (عزَّ وجلَّ)، وعند الرضاع تطيعه الملائكة وتنزل عليه كل صباح ومساء.(21)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(20) سورة القصص: 13.
(21) انظر بحار الأنوار: ج51 ص14 ب1 ح14.

(٣٣)

قالت حكيمة: فلم أزل أرى ذلك الصبي كل أربعين يوماً إلى أن رايته رجلاً قبل مضى أبي محمد (عليه السلام) بأيام قلائل، فلم أعرفه فقلت لأبي محمد (عليه السلام): من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟
فقال: ابن نرجس، وهو خليفتي من بعدي، وعن قليل تفقدوني فاسمعي له وأطيعي.
قالت حكيمة: فمضى أبو محمد (عليه السلام) بأيام قلائل وافترق الناس، وإني والله لأراه صباحاً ومساء وانه لينبئني عما تسألون عنه فأخبركم، و والله اني لأريد أن اسأله عن الشيء فيبدؤني به.(22)
تكلم يا بني
وفي رواية: أنّ حكيمة عليها السلام قالت: فلما كان بعد ثلاث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(22) انظر بحار الأنوار: ج51 ص14 ب1 ح14.

(٣٤)

اشتقت إلى ولي الله (عليه السلام)، فصرت اليهم، فسألت عنه، فأجابني (عليه السلام): انه أخذه من هو أحق به منك، فإذا كان اليوم السابع فاتينا، فذهبت في اليوم السابع اليهم فرأيت مولاي في المهد يزهر منه النور كالقمر ليلة أربعة عشر.
فقال أبو محمد (عليه السلام) هلمي ابني، فجئت بسيدي، فجعل (عليه السلام) لسانه في فمه، ثم قال له تكلم يا بني، فقال (عليه السلام): (اشهد أن لا اله إلا الله) وثنى بالصلاة على محمد وأمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) حتى وقف على أبيه، ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم، ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض...)(23) ثم قال له: اقرأ يا بني مما انزل الله على أنبيائه ورسله، فابتدأ بصحف آدم (عليه السلام) فقرأها بالسريانية، وكتاب ادريس (عليه السلام) وكتاب نوح (عليه السلام) وكتاب هود (عليه السلام) وكتاب صالح (عليه السلام) وصحف إبراهيم (عليه السلام) وتوراة موسى (عليه السلام) وزبور

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(23) سورة القصص: 5.

(٣٥)

داود (عليه السلام) وانجيل عيسى (عليه السلام) وفرقان جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ثم قصّ قصص الأنبياء والمرسلين إلى عهده.(24)
ثم قال (عليه السلام): لما وهب لي ربي مهديّ هذه الأمة أرسل ملكين فحملاه إلى سرادق العرش حتى وقفا به بين يدي الله (عزَّ وجلَّ) فقال له: مرحبا بك عبدي، بك نصرة ديني واظهار امري ومهديّ عبادي، آليت اني بك آخذ وبك اعطي وبك أغفر وبك أعذب، اُردداه ايها الملكان ردّاه ردّاه على ابيه رداً رفيقاً وأبلغاه، فانه في ضماني وكنفي وبعيني إلى أن أحق به الحق وأزهق به الباطل ويكون الدين لي واصباً.(25)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(24) انظر بحار الأنوار: ج51 ص27 ب1 ح37.
(25) انظر بحار الأنوار: ج51 ص27 ب1 ح37، والبحار: ج42 ص166 ب24.

(٣٦)

من فلسفة الارهاصات
ثم لا يخفى أن هذه الأعاجيب في قصة ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) بتلك الخصوصيات بل وأكثر وأكثر ـ كما في بعض التواريخ والروايات ـ فهي كما كانت الكثير من الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) من الأدلة على نبوتهم أو امامتهم، فانه (عليه السلام) يمتاز على غيره منذ الولادة بل قبلها ايضاً. فهو (عليه السلام) خاتم الأوصياء الذي به يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وكل ذلك ليس بعجيب من أمر الله سبحانه وحكمته.
وفي (حق اليقين) أحاديث أخرى أيضاً في باب

(٣٧)

ولادته (عليه السلام)، منها:
رواية محمد بن عثمان العمري انه قال: (لما ولد السيد (عليه السلام)، قال أبو محمد (عليه السلام): ابعثوا إلى أبي عمرو، فبعث إليه، فصار إليه فقال: اشتر عشرة آلاف رطل خبزاً وعشرة آلاف رطل لحماً وفرقّه احسبه، قال: علي بن هاشم وعق عنه بكذا وكذا شاة).(26)
الإماء
وأما كون بعضهم (عليهم السلام) وهو (عليه السلام) أيضاً، من أولاد الإماء فقد قال (عزَّ وجلَّ): (إن أكرمكم عند الله اتقاكم)(27) وقد كان جد نبينا إسماعيل (عليه السلام) ولداً لأمة وهي هاجر(28)، وذلك لأن الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(26) بحار الأنوار: ج51 ص5 ب1 ح9.
(27) سورة الحجرات: 13.
(28) راجع بحار الأنوار: ج12 ص155 ب7 ح8، والبحار: ج12 ص99 ب5 ح6، والبحار: ج12 ص100 ب5 ح7، والبحار: ج12 ص119 ب5 ح58.

(٣٨)

سبحانه يرى عمل الانسان وتقواه ومدى معرفته وإيمانه لا أنه من حرّة أو أمة كما ورد في الحديث: "إن الله لا ينظر إلى صوركم... ولكن ينظر إلى قلوبكم"(29)، والأمة مفضلة إذا كانت فوق الحرّة إيماناً وعملاً صالحاً، كما أن العبد مفضل إذا كان فوق الحرّ عند الله سبحانه، هذا بالاضافة إلى أن الإسلام والأديان السماوية لا تعترف بالطبقيات غير الشرعية، حيث أنه (ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى)(30) وقال (عليه السلام): (الشريف المطيع والوضيع العاصي... انما يتفاضلون بالتقوى... إنّي وجدت، أصل الخلق التراب والأب آدم والأم حواء خلقهم اله واحد وهم عبيده).(31)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(29) بحار الأنوار: ج74 ص90 ب4 ح2.
(30) بحار الأنوار: ج73 ص350 ب67 ح13.
(31) بحار الأنوار: ج10 ص170 ب13 ح2.

(٣٩)

هل تحرم تسميته (عليه السلام)
قد اختلف في حرمة التسمية وذكر اسمه المبارك (عليه السلام) كما أشرنا إليه، والمشهور بينهم في الأزمنة المتأخرة: شرعية ذكر الاسم وجوازه، وانما الحرمة كانت مختصةً في زمن الغيبة الصغرى لأسباب ذكرناها، وكانت التسمية في زمن الشيخ البهائي (قدس سره) مطروحاً للبحث عن حكمها وكتبوا رسائل عدّة حول الجواز والعدم، مثل (شرعية التسمية) للمحقق الداماد، و (تحريم التسمية) للشيخ الماخوري، وقد فصُّل الكلام في ذلك في الكتاب

(٤٠)

(النجم الثاقب).(32)
من شمائله (عليه السلام)
وروي أن الإمام المهدي (عليه السلام) أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(32) قال الامام الشيرازي (مدظله) في موسوعة الفقه ج 93 كتاب المحرمات ص198: (تسمية الامام الغائب عج باسم م ح م د: الظاهر ان تسميته عليه الصلاة و السلام بهذا الاسم ليس بمحرم و ان ذهب الي ذلك بعض الفقهاء لجملة من الروايات، كصحيح ابن رئاب عن الصادق (عليه السلام): (صاحب هذا الامر لايسميه باسمه الا كافر) {وسائل الشيعة 12/ 486 ح4 ب 33} و في صحيحه الآخر زيادة: (لانكم لاترون شخصه ولايحل لكم ذكره باسمه، قلت: كيف نذكره؟ قال: قولوا الحجة من آل محمد) {الوسائل 12/ 486 ح6 ب 33} إلى غيرها من الروايات الناهية، لكن الظاهر من بعض الروايات ان ذلك في مورد التقية. وفي حسن العمري قال: خرج توقيع بخط اعرفه: (من سماني بمجمع من الناس فعليه لعنة الله) {الوسائل 12/ 486 ح13 ب 33} و على أي حال، فالقول بالحرمة مشكل و ان كان الاحتياط في الترك). انتهى.

(٤١)

خلقاً وخُلقاً، وفي كمال الدين: (عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقاً وخلقاً، تكون به غيبة وحيرة تضل فيها الأمم ثم يقبل كالشهاب الثاقب يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً).(33)
كما روي ان شمائله شمائل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) كما في البحار وغيره، فقالوا: إنه (عليه السلام) كان ابيض مشرباً حمرة، اجلي الجبين، أقنى الأنف، غائر العينين، مشرف الحاجبين، له نور ساطع، يغلب سواد لحيته ورأسه، وعلى رأسه فرق بين وفرتين كأنه ألف بين واوين، افلج الثنايا، برأسه جزاز، أي في أخير شعره مثل العُقد، عريض ما بين المنكبين، اسود العينين، ساقه كساق جده أميرالمؤمنين (عليه السلام)، وبطنه كبطنه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(33) كمال الدين: ص286 باب ما أخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) من وقوع الغيبة بالقائم (عليه السلام).

(٤٢)

ليس بالطويل الشامخ، ولابالقصير اللازق، بل مربوع القامة، مدور الهامة، سهل الخدين، على خده الأيمن خال كأنه فتاة مسك، على رضراضة عنبر، له سمت ما رأت العيون أقصد منه.(34)
وفي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (... وجعل من صلب الحسين أئمة يقومون بأمري ويحفظون وصيتي، التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهدي أمتي، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله، يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلة، فيعلن أمر الله ويظهر دين الله جل وعز، ويؤيد بنصر الله وينصر بملائكة الله فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً).(35)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(34) راجع غيبة الطوسي: ص266.
(35) كمال الدين: ص257 باب 24 ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في النص على القائم (عليه السلام) وانه الثاني عشر من الأئمة (عليهم السلام)، ح2.

(٤٣)

فضل الإمام المهدي (عليه السلام)
ثم لا يخفى أن الإمام المهدي (عليه السلام) أفضل من الأئمة قبله إلى الإمام السجاد (عليهم الصلاة والسلام) كما يظهر من الأحاديث، فالأول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وبعده أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة الزهراء (عليها السلام) معاً، وبعدهما الإمام الحسن (عليه السلام) ثم الإمام الحسين (عليه السلام)، وبعد هؤلاء الأطهار الإمام المهدي (عليه السلام)، وبعده الأئمة الطاهرون من السجاد إلى العسكري (عليه السلام).(36)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(36) للتفصيل راجع كتاب (من فقه الزهراء (عليها السلام)) ج1ـ المقدمة، وكتاب (فاطمة (عليها السلام) أفضل اسوة للنساء).

(٤٤)

فله (عليه السلام) شرافة النسب بآبائه الطاهرين..
هذا بالنسبة إلى الأب.
وأما بالنسبة إلى الأم فاُمه تنتهي نسبها إلى شمعون الصفا وصي عيسى (عليه السلام) المنتهي نسبه إلى كثير من الأنبياء والأوصياء ومن جملتهم إبراهيم (عليه السلام)، كما مر سابقاً.
ثم انه (عليه السلام) فُضّل أيضاً حيث رفع إلى السماوات في يوم ولادته.(37)
وفي الحديث كما ورد في البحار: ان الله تعالى فضله بقوله: (مرحباً بك عبدي، بك نصرة ديني واظهار أمري ومهدي عبادي آليت إني بك آخذ وبك أعطي وبك اغفر وبك أعذب)، وقد سبق تفصيله.(38)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(37) راجع كمال الدين ص428 باب ما ورد في ميلاد القائم (عليه السلام).
(38) انظر بحار الأنوار: ج51 ص27 ح37 وج52 ص166 ب24.

(٤٥)

وانه خاتم الأوصياء والحجج(39)، ولا وصي بعده بالمعنى الخاص.
وانه (عليه السلام) ليست في عنقه بيعة لأحد من الجبارين(40) ولم تصل إليه يد ظالم ولا كافر ولا منافق، كما في جملة من آبائه لمصلحة رأها الله تعالى فيهم. ففي الحديث: (لما صالح الحسن بن علي (عليه السلام) معاوية بن ابي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته، فقال (عليه السلام): ويحكم ما تدرون ما عملت، والله الذي عملت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت، الا تعلمون أنني إمامكم مفترض الطاعة عليكم وأحد سيدي شباب أهل الجنة بنص من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(39) راجع كمال الدين: ص441، الصراط المستقيم: ج2 ص210 ب11، مصباح الكفعمي: ص497 زيارة المهدي (عليه السلام)، مصباح المتهجد: ص328، الخرائج: ص458 غيبة الطوسي: 246 و273.
(40) كمال الدين: ص44 و303 وص316.

(٤٦)

رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)... أما علمتم إنه ما منا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم (عليه السلام) الذي يصلي روح الله عيسى بن مريم خلفه، فان الله (عزَّ وجلَّ) يخفي ولادته ويغيب شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، ذلك التاسع من ولد أخي الحسين (عليه السلام) بن سيدة الإماء، يطيل الله عمره ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة ذلك ليعلم أن الله على كل شيء قدير).(41)
وأنه (عليه السلام) يصلي خلفه عيسى بن مريم (عليها السلام) الذي هو روح الله وكلمته(42) قال الصادق (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): (... من ذريتي المهدي،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(41) كمال الدين: ص316 ب29 ما أخبر به الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) من وقوع الغيبة بالقائم (عليه السلام).
(42) راجع كمال الدين: ص77 و250 و280 و284 و330 و331 و345 و527.

(٤٧)

إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته فقدمه وصلى خلفه).(43)
وعن محمد بن الحنفية: (فينا ست خصال لم تكن في أحد ممن كان قبلنا ولا تكون في أحد بعدنا، منا محمد سيد المرسلين وعلى سيد الوصيين... ومهدي هذه الأمة الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم (عليه السلام)).(44)
وفي عيون أخبار الرضا (عليه السلام): (إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم (عليه السلام) فصلى خلفه).(45)
وأنه يسمع نداء من السماء حين ظهوره، كما ورد بذلك روايات كثيرة نشير إلى بعضها:
روى علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: (واستمع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(43) الأمالي للشيخ الصدوق: ص219 المجلس 39 ح4.
(44) الخصال: ص320.
(45) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج2 ص202.

(٤٨)

يوم يناد المناد من مكان قريب)(46) قال: (ينادي المنادي باسم القائم (عليه السلام) واسم أبيه).(47)
وفي رواية أخرى عن الإمام الباقر (عليه السلام) انه قال: (ينادي مناد من السماء باسم القائم (عليه السلام) فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقى راقد إلا استيقظ، ولا قائم إلا قعد، ولا قاعد إلا قام على رجليه، فزعاً من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب، فان الصوت الأول هو صوت جبرئيل الروح الأمين وهو في شهر رمضان شهر الله ليلة الجمعة في الثالث والعشرين منه)، كما في غيبة النعماني(48) ودلّ على ذلك أخبار متعددة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(46) سورة ق: 41.
(47) تفسير القمي: ج2 ص327.
(48) غيبة النعماني: ص253 - 254.

(٤٩)

الفصل الثاني: الظهور المقدس

حركة الأفلاك
ثم إن حركة الأفلاك تبطأ وتقلل سرعتها حين ظهوره (عليه السلام)، ففي رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام): (إذا قام القائم (عليه السلام) سار إلى الكوفة... فيمكث على ذلك سبع سنين مقدار كل سنة عشر سنين من سنيكم هذه، ثم يفعل الله ما يشاء، قال: قلت له: جعلت فداك فكيف تطول السنون؟ قال: يأمر الله تعالى الفلك باللبوث وقلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون، قال: قلت له: انهم يقولون إن الفلك إن تغيّر فسد، قال: ذلك قول الزنادقة، فأما المسلمين

(٥٠)

فلاسبيل لهم إلى ذلك، وقد شق الله تعالى القمر لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) ورد الشمس قبله ليوشع بن نون (عليه السلام) واخبر بطول يوم القيامة وانه (كألف سنة مما تعدون)(49)).(50)
وفي بعض الروايات: أن في زمن العدل يطول سير الفلك، بينما في وقت الظلم يقصر سير الفلك، ولقد ذكرنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(49) سورة الحج: 47.
(50) الارشاد: ج2 ص385. وكشف الغمة: ج2 ص466 باب: ذكر علامات قيام القائم (عليه السلام)، وروضة الواعظين: ص264، وكشف الغمة: ج1 ص424 و526 وج2 ص474 و484 و507 و521 و534، والصراط المستقيم: ج2 ص114 و116 و132و144 و220، والخرائج والجرائح: ص1135 و1137، وتأويل الآيات الظاهرة: ص53، روضة الواعظين: ص272، والاحتجاج: ص289، وارشاد القلوب: ص298، وأعلام الورى ص391 و427 و463، والعمدة: ص430 ح901، وغيبة الطوسي: 191، وغيبة النعماني: 57 و74، وجامع الأخبار: ص8، والفضائل:ص142،وكشف اليقين: 328، وكتاب سليم بن قيس: 152 و154، وكفاية الأثر: 79و98. ومنتخب الأنوار المضيئة: ص22 و88.

(٥١)

هذا الحديث في كتاب الآداب والسنن.(51)
من خصائصه (عليه السلام)
وانه (عليه السلام) يأتي بمصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي دونه بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهو المصحف الذي يشتمل على التفسير والتأويل وما أشبه.
وانه (عليه السلام) تظله غمامة على رأسه الشريف دائماً، وينادي مناد من تلك الغمامة بلسان فصيح بحيث يسمعه الثقلان بان هذا مهدي آل محمد (عليه السلام) يملأ الأرض عدلاً كما ملأت ظلماً وجوراً(52)، وهذا النداء غير الذي ذكرناه سابقاً.
وانه (عليه السلام) يحضر الملائكة والجن والانس في عسكره

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(51) موسوعة الفقه: ج94-97.
(52) بشارة المصطفى: ص184، وتأويل الآيات: ص212.

(٥٢)

لنصرته، كما كان كذلك سليمان النبي (عليه السلام).(53)
وانه (عليه السلام) حين يظهر يكون على هيئة الرجل الذي مضى من عمره ثلاثون أو أربعون سنة، فلا تغيره الأيام(54)..
وعن أبي الصلت الهروي قال: (قلت للرضا (عليه السلام) ما علامات القائم منكم إذا خرج؟ قال: علامته أن يكون شيخ السن، شاب المنظر، حتى أن الناظر إليه ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها، وان من علاماته انه لا يهرم بمرور الأيام والليالي حتى يأتيه أجله) كذا رواه كمال الدين.(55)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(53) راجع منتخب الأنوار المضيئة: ص69، وكمال الدين: ص672 باب في نوادر الكتاب: ح22.
(54) راجع كمال الدين: ص316 ب29، كشف الغمة: ج2 ص521، الصراط المستقيم: ج2 ص128، الاحتجاج: ص289 أعلام الورى: ص427، كفاية الأثر: ص422.
(55) كمال الدين: ص652 باب ما روى في علامات القائم ح12، والخرائج: ص1170.

(٥٣)

وحتى الحيوانات
كما أن الحيوانات ـ في زمانه (عليه السلام) ـ لا يخاف بعضها من بعض، وكما لا تخاف من الإنسان أيضاً، وتكون الألفة بين بعضها البعض، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث: (ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها، ولأخرجت الأرض نباتها، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم، حتى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام لا تضع قدميها إلا على النبات، وعلى رأسها زينتها لا يهيجها سبع ولا تخافه).(56)
أقول: إن الأرض تكون في ذلك الحال كمثل صغير للجنة كما قال سبحانه: (ونزعنا ما في صدورهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(56) الخصال: ص626 علم أمير المؤمنين (عليه السلام) أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ما يصلح للمسلم في دينه ودنياه، وتحف العقول: ص115 آدابه (عليه السلام) لأصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدنيا.

(٥٤)

من غلّ).(57)
إحياء بعض الموتى
كما أن بعض الموتى يحيون ويحضرون في ركابه (عليه السلام).
وقد روي انه (يخرج مع القائم (عليه السلام) من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى (عليه السلام) الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون، وسلمان، وابو دجانة الأنصاري، والمقداد، ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً).(58)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(57) سورة الأعراف: 43، سورة الحجر:47.
(58) الارشاد: ج2 ص386 عن ابي عبد الله (عليه السلام)، والصراط المستقيم: ج2 ص454، وأعلام الورى: ص464.

(٥٥)

الأرض وكنوزها
وتخرج الأرض كنوزها وذخائرها المختبئة فيها، وهي كثيرة جداً.
وتغزو الأمطار وتكثر الثمار وسائر النعم بحيث تختلف حال الأرض حينئذ عما كانت قبله.
وقد روي في بعض الروايات تفسير قوله تعالى: (يوم تبدل الأرض غير الأرض)(59) بذلك.
القوة الجسمية
وانه (عليه السلام) حين يظهر يضع يده على الرؤوس، فيذهب الحقد والحسد من الناس، وتكثر العلوم، حتى أن في بعض الأحاديث أن نسبة العلم الظاهر اليوم حرفان فحسب، والعلم الذي يظهر بعد اليوم في زمانه (عليه السلام) سبع وعشرون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(59) سورة إبراهيم: 48.

(٥٦)

ويضاف إليه الحرفان الظاهران قبل زمانه.
وفي الحديث عن ابي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو على المنبر: (يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان،... إذا هز رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع يده على رؤوس العباد، فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه اشد من زبر الحديد.(60)
وفي حديث آخر عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: (إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت بها أحلامهم).(61)
وتكون القوة الخارقة عن العادة في أبصار وأسماع أصحابه (عليه السلام) بحيث يرون الإمام (عليه السلام) ويسمعون كلامه من مسافة أربعة فراسخ أو أكثر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(60) كمال الدين: ص653 ح17.
(61) كمال الدين: ص675 ح31 باب في نوادر الكتاب.

(٥٧)

كما أن أعمار أصحابه (عليه السلام) تطول، قال (عليه السلام): (ويعمر الرجل في ملكه (عليه السلام) حتى يولد له ألف ذكر لا يولد فيهم انثى)(62)، والظاهر أن المراد أنها ليست من هؤلاء الألف، وإلا فمن الواضح أن ولادة الأنثى مستمرة إلى يوم القيامة.
وفي زمانه (عليه السلام) تذهب البلايا والعاهات، والضعف عن أنصاره وأعوانه. ويعطى كل واحد من أنصاره وأعوانه قوّة أربعين رجلاً.
قال الإمام زين العابدين (عليه السلام): (إذا قام قائمنا أذهب الله عن شيعتنا العاهة وجعل قلوبهم كزبر الحديد وجعل قوة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(62) بحار الأنوار: ج52 ص330 ب 27 ح52، وص 337 ح77. وفيه: عن أبي عبد الله (عليه السلام): (ان قائمنا إذا قام اشرقت الأرض بنور ربها واستغنى العباد من ضوء الشمس، ويعمر الرجل في ملكه حتى يولد له ألف ذكر لا يولد فيهم انثى، ويبنى في ظهر الكوفة مسجدا له ألف باب، ويتصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء وبالحيرة حتى يخرج الرجل يوم الجمعة على بغلة سوفاء يريد الجمعة فلا يدركها).

(٥٨)

الرجل منهم قوة أربعين رجلاً ويكونون حكام الأرض وسنامها).(63)
وعن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: (يكون من شيعتنا في دولة القائم (عليه السلام) سنام الأرض وحكامها، يعطى كل رجل منهم قوة أربعين رجلاً).(64)
ويصطحب (عليه السلام) راية رسول الله وينشرها(65) ويلبس درع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وان الله تعالى يسخر له (عليه السلام) سحاباً فيه الرعد والبرق، فيجلس الإمام عليه، فيذهب الغمام به إلى طرق السماوات السبع والأرضين السبع، وهكذا لأصحابه فان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(63) الخصال: ص541 ابواب الأربعين فما فوقه ح14، وانظر كمال الدين: ص673 ح27، مشكاة الأنوار: ص79، غيبة النعماني: ص310.
(64) الاختصاص: ص8، وانظر أيضاً الخرائج والجرائح: ص839 وأعلام الورى: ص465، ودلائل الامامة: ص243.
(65) كمال الدين: ص672 باب في نوادر الكتاب ح23.

(٥٩)

بعضهم يسير في السحاب.(66)
وهل المراد بالأرضين هنا هذه الطبقة، أو كما فسره الإمام الرضا (عليه السلام)، احتمالان.
لا تقية ولا خوف
وتزول التقية والخوف في زمانه (عليه السلام)، وهو ينظم أمور العباد فلاخوف من سلطان جائر أو عدو منكر ولا تقية، قال سبحانه:
(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً...).(67)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(66) انظر كمال الدين: ص672 باب في نوادر الكتاب ح24.
(67) سورة النور: 55.

(٦٠)

يملك الشرق والغرب
وانه (عليه السلام) يسلط على كل العالم شرقاً وغرباً، براً وبحراً، سهلاً وجبلاً، كما بشر بذلك الإمام الهادي (عليه السلام) السيدة نرجس (عليها السلام) حيث قال لها: فابشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً).(68)
وفي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(... إن الله تبارك وتعالى سيجري سنته في القائم من ولدي، فيبلغه شرق الأرض وغربها حتى لا يبقى منهلاً ولا موضعاً من سهل ولا جبل وطئة ذو القرنين إلا وطئه ويظهر الله له كنوز الأرض ومعادنها، وينصره بالرعب فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً).(69)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(68) كمال الدين: ص423 باب ما روى في نرجس (عليها السلام).
(69) كمال الدين: ص394 ح4، باب ما روي من حديث ذي القرنين.

(٦١)

قضاؤه (عليه السلام)
وأنه (عليه السلام) يقضي بين الناس بعلم الامامة من دون احتياج إلى حضور شاهد أو بينة أو ما أشبه، كما أن داود (عليه السلام) وسليمان (عليه السلام) كانا كذلك، حسبما ورد في روايات متعددة.
وفي كمال الدين عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: ... (هذا المهدي يقضي بقضاء داوود وسليمان (عليه السلام) ولا يريد عليه بينة).(70)
وفي حديث آخر عنه (عليه السلام): (حتى يبعث الله (عزَّ وجلَّ) القائم من أهل البيت (عليهم السلام) فيحكم فيهما بحكم الله (عزَّ وجلَّ) لا يريد على ذلك بينة).(71)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(70) كمال الدين: ص671 باب في نوادر الكتاب ح19.
(71) كمال الدين: ص671 باب في نوادر الكتاب ح21.

(٦٢)

من أخبار ظهوره (عليه السلام)
وتأتي سيوف وأسلحة من السماء لأنصاره (عليه السلام)، والحيوانات تطيع أنصاره وأعوانه، فعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (كأني بأصحاب القائم (عليه السلام) وقد أحاطوا بما بين الخافقين فليس من شيء إلا وهو مطيع لهم حتى سباع الأرض وسباع الطير، يطلب رضاهم في كل شيء حتى تغمر الأرض على الأرض وتقول: مر بي اليوم رجل من أصحاب القائم).(72)
ويخرج نهران من ماء ولبن في ظهر الكوفة مقر خلافته (عليه السلام) من صخرة نبي الله موسى (عليه السلام) كما كان هو كذلك أيام التيه، وقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) انه قال: (إذا قام القائم بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناد: ألا لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً، ويحمل معه حجر موسى بن عمران (عليه السلام) الذي انبجست منه اثنتا عشرة عيناً، فلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(72) كمال الدين: ص673 باب في نوار الكتاب ح26.

(٦٣)

ينزل منزلا إلا نصبه فانبعثت منه العيون، فمن كان جائعاً شبع ومن كان ظمآناً روي، فيكون زادهم حتى ينزلوا النجف من ظاهر الكوفة، فإذا نزلوا ظاهرها انبعثت منه الماء واللبن دائماً، فمن كان جائعاً شبع ومن كان عطشاناً روي).(73)
كما أن نبي الله عيسى بن مريم (عليه السلام) ينزل من السماء لنصرته (عليه السلام) ويحارب في ركبه ويصلي خلفه وأول من يبايعه جبرائيل (عليه السلام)، ففي الحديث في أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (أول من يبايع القائم (عليه السلام) جبرئيل ثم ينادي بالصوت يسمعه الخلائق: أتى أمر الله فلا تستعجلوه).(74)
كما أن في زمانه (عليه السلام) يقتل الدجال(75) الذي هو موجود

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(73) راجع كمال الدين: ص671 باب في نوادر الكتاب ح17.
(74) راجع كمال الدين: ص671 باب نوادر الكتاب ح18.
(75) راجع حول الدجال، كتاب كمال الدين: ص 527 ب47 باب حديث الدال وما يتصل به من أمر القائم.

(٦٤)

ويظهر من الأحاديث انه ليس من الإنسان ولا من الجن ولا من الملك وأنه كان من زمانه (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى ظهوره (عليه السلام).(76) قال الصادق (عليه السلام): (إن الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نوراً قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام، فهي أرواحنا، فقيل له يا بن رسول الله ومن الأربعة عشر، فقال: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبة فيقتل الدجال ويطهر الأرض من كل جور وظلم).(77)
وانه (عليه السلام) إذا مات قتلاً، يصلى على جنازته بسبع تكبيرات وكان ذلك خاصاً بأمير المؤمنين (عليه السلام).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(76) انظر كمال الدين: ص672 باب في نوادر الكتاب ح24.
(77) كمال الدين: ص335 _ 336 ح7 ب33 باب ما روى عن الصادق (عليه السلام) من النص عن القائم (عليه السلام) وذكر غيبته وأنه الثاني عشر من الأئمة.

(٦٥)

وبظهوره (عليه السلام) تنقطع دولة الجبابرة والظالمين، اللهم عجل فرجه وسهّل مخرجه واجعلنا من أنصاره وأعوانه.
من بركات الظهور
وبظهوره (عليه السلام) يعبد الله في الأرض كما أحب، وتملأ الأرض بعونه تعالى عدلاً وقسطاً، ويغلب الدين، كما قال سبحانه (ليظهره على الدين كله)(78)، وفي زيارة الإمام (عليه السلام): (السلام على مهدي الأمم وجامع الكلم.. السلام على المهدي الذي وعد الله به الأمم ان يجمع به الكلم ويلم به الشعث ويملأ به الأرض عدلاً وقسطاً ويمكن له وينجز به وعد المؤمنين).(79)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(78) سورة التوبة: 33، وسورة الفتح: 28، سورة الصف: 9.
(79) بحار الأنوار: ج99 ص101 ب7 ح2.

(٦٦)

أخلاق الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) وسيرته ثم أن الإمام الحجة (عليه السلام) يظهر على أخلاق جده رسول الله وسيرته، أما ما يتصوره البعض من كثرة اراقه الدماء وما أشبه فلا دليل عليه،فعن جابر بن يزيد الجعفي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً، تكون به غيبة وحيرة...) الحديث.(80)
وفي حديث آخر عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (المهدي من ولدي... أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً).(81)
وقال أبو جعفر (عليه السلام): (في صاحب هذا الأمر سنة من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(80) كمال الدين: ص286 ح1 باب ما أخبر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) من وقوع الغيبة بالقائم (عليه السلام).
(81) كمال الدين: ص287 ح4.

(٦٧)

موسى (عليه السلام) وسنة من عيسى (عليه السلام) وسنة من يوسف (عليه السلام) وسنة من محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ... أما من محمد فالقيام بسيرته وتبيين آثاره).(82)
وفي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): (أن في صاحب هذا الأمر سنن من الأنبياء، سنة من موسى بن عمران (عليه السلام)، وسنة من عيسى (عليه السلام)، وسنة من يوسف (عليه السلام) وسنة من محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم)... وأما سنة محمد فيهتدي بهداه ويسير بسيرته).(83)
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إن العلم بكتاب الله (عزَّ وجلَّ) وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) لينبت في قلب مهدينا كما ينبت الزرع على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(82) كمال الدين: ص329ح11 باب ما أخبر به أبو جعفر الباقر (عليه السلام). هذا وفي بعض الروايات أنه (عليه السلام) فيه سنة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهو السيف، فالمراد أن الإمام (عليه السلام) يستخدم السيف كما اسخدمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حيث كانت حروبه دفاعية ولم يقتل في تلك الحروب إلا القليل القليل مما لم يكن له نظير لا قبل الإسلام ولا بعده.
(83) كمال الدين: ص351 ح45 ب33.

(٦٨)

أحسن نباته).(84) إلى غيرها...

الفصل الثالث: روايات الظهور المقدس

كثرة الروايات فيه (عليه السلام)
ثم لا يخفى أن الأحاديث القدسية والروايات الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وعن الأئمة الطاهرين (عليه السلام) في الإمام المهدي (عليه السلام) وأحواله وصفاته وغيبته وظهوره ودولته كثيرة جداً.. نشير إلى بعضها من كتاب (كمال الدين) للشيخ الصدوق (رحمه الله) فحسب:
النص الوارد عن الله (عزَّ وجلَّ)
في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليلة المعراج، قال الله تعالى: (وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهدياً كلهم من ذريتك من البكر البتول، وآخر رجل منهم يصلي خلفه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(84) كمال الدين: ص653 ح18 ب57 باب ما روى في علامات الخروج.

(٦٩)

عيسى ابن مريم، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، أنجي به من الهلكة، وأهدي به من الضلالة، وأبرئ به من العمى، وأشفي به المريض، فقلت: إلهي وسيدي متى يكون ذلك؟ فأوحى الله جل وعز: يكون ذلك إذا رفع العلم، وظهر الجهل، وكثر القرّاء، وقلّ العمل، وكثر القتل، وقلّ الفقهاء الهادون، وكثر فقهاء الضلالة والخونة، وكثر الشعراء، واتخذ أمتك قبورهم مساجد، وحلّيت المصاحف، وزخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد، وظهر المنكر وأمر أمّتك به ونهوا عن المعروف، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وصارت الأمراء كفرة، وأولياؤهم فجرة، وأعوانهم ظلمة، وذوي الرأي منهم فسقة).(85)
وفي حديث آخر عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): قال (عزَّ وجلَّ) ـ ليلة المعراج ـ: (ارفع رأسك فرفعت رأسي وإذا أنا بأنوار علي وفاطمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(85) كمال الدين: ص239 ب23 ح1.

(٧٠)

والحسن والحسين، وعلي بن الحسين ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، و (محمد) بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دري قلت: يا رب ومن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرّم حرامي، وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحة لأوليائي، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما، فلفتنة الناس يومئذ بهما أشد من فتنة العجل والسامري).(86)
النص الوارد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (علي مني وأنا من علي وهو زوج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(86) كمال الدين: ص240 - 241 ب23 ح2.

(٧١)

ابنتي وأبو سبطي الحسن والحسين، ألا وإن الله تبارك وتعالى جعلني وإياهم حججاً على عباده، وجعل من صلب الحسين أئمة يقومون بأمري، ويحفظون وصيتي، التاسع منهم قائم أهل بيتي، ومهدي أمتي، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلّة، فيعلن أمر الله، ويظهر دين الله جل وعز، يؤيد بنصر الله وينصر بملائكة الله، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً).(87)
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي يفتح الله (عزَّ وجلَّ) على يديه مشارق الأرض ومغاربها).(88)
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (المهدي من ولدي، اسمه اسمي،

 

(87) كمال الدين: ص245 ب24 ح2.
(88) كمال الدين: ص267 - 268 ب24 ح35.

(٧٢)

وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً، تكون به غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، ثم يقبل كالشهاب الثاقب يملأها عدلاً وقسطاً وكما ملئت جوراً وظلماً).(89)
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (المهدي من ولدي، تكون له غيبة وحيرة وتضل فيها الأمم، يأتي بذخيرة الأنبياء (عليهم السلام) فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً).(90)
النص الوارد عن أمير المؤمنين (عليه السلام)
في حديث عن الأصبغ بن نباتة قال: (أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فوجدته متفكراً ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين مالي أراك متفكراً تنكت الأرض أرغبت فيها؟ قال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(89) كمال الدين: ص271 ب25 ح1.
(90) كمال الدين: ص272 ب25 ح5.

(٧٣)

قط ولكن فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي، هو المهدي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، تكون له حيرة وغيبة، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون).(91)
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه ذكر القائم (عليه السلام) فقال: (أما ليغيبن حتى يقول الجاهل: ما لله في آل محمد حاجة).(92)
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (للقائم منا غيبة أمدها طويل كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، إلا من ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة، ثم قال (عليه السلام): ان القائم منا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة فلذلك نخفي ولادته ويغيب شخصه).(93)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(91) كمال الدين: ص274 ب26 ح1.
(92) كمال الدين: ص285 ب26 ح9.
(93) كمال الدين: ص286 - 287 ب26 ح14.

(٧٤)

النص الوارد عن فاطمة الزهراء (عليها السلام)
عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: (دخلت على فاطمة (عليها السلام) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها فعددت اثني عشر آخرهم القائم ثلاثة منهم محمد، وأربعة منهم علي صلوات الله عليهم أجمعين).(94)
وعن عبد الله بن عباس قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): أنا سيد النبيين، وعلي ابن أبي طالب سيد الوصيين، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب، وآخرهم القائم (عليه السلام)).(95)
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: (دخلت على مولاتي فاطمة (عليها السلام) لأهنّئها بمولود الحسن (عليه السلام) فإذا هي بصحيفة بيدها من درة بيضاء، فقرأت فإذا فيها: (أبو القاسم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(94) كمال الدين: ص256 ب24 ح13.
(95) كمال الدين: ص266 ب24 ح29.

(٧٥)

محمد بن عبد الله المصطفى، أمه آمنة بنت وهب، أبو الحسن علي بن أبي طالب المرتضى، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، أبو محمد بن علي البَرُّ. أبو عبد الله الحسين بن عليٍّ التقيُّ، أمهما فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم)، أبو محمد علي بن الحسين العدل، أمه شهر بانويه(96) بنت يزدجرد ابن شاهنشاه، أبو جعفر محمد بن علي الباقر، أمه أمُّ عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله بن جعفر محمد الصادق، أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر. أبو إبراهيم موسى بن جعفر الثقة، أمه جارية اسمها حميدة، أبو الحسن علي الرضا، أمه جارية اسمها نجمة، أبو جعفر محمد بن علي الزكي، أمه جارية اسمها خيزران. أبو الحسن علي بن محمد الأمين، أمه جارية اسمها سوسن أبو محمد الحسن بن علي الرفيق، أمه جاريه اسمها سمانة وتكنى بأم الحسن، أبو القاسم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(96) وفي نسخة أخرى: شاه بانويه.

(٧٦)

محمد بن الحسن، هو حجة الله تعالى على خلقه القائم، أمه جارية اسمها نرجس صلوات الله عليهم أجمعين).(97)
وفي حديث آخر عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت على فاطمة وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء، فعددت اثني عشر إسماً آخرهم القائم، ثلاثة منهم محمد، وأربعة منهم علي صلوات الله عليهم أجمعين).(98)
النص الوارد عن الإمام الحسن (عليه السلام)
في حديث: (أما علمتم أنه ما منا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلّي روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه، فإن الله (عزَّ وجلَّ) يخفي ولادته، ويغيب شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، ذلك التاسع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(97) كمال الدين: ص289 ب27 ح1.
(98) كمال الدين: ص294 ب27 ح4.

(٧٧)

من ولد أخي الحسين ابن سيدة الإماء، يطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة، ذلك ليعلم ان الله على كل شيء قدير).(99)
النص الوارد عن الإمام الحسين (عليه السلام)
قال الإمام الحسين (عليه السلام): (في التاسع من ولدي سنة من يوسف، وسنة من موسى بن عمران وهو قائمنا أهل البيت، يصلح الله تبارك وتعالى أمره في ليلة واحد).(100)
وقال الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام): (منا اثنا عشر مهدياً أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحق، يحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به دين الحق على الدين كله ولو كره

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(99) كمال الدين: ص297 ب29 ح2.
(100) كمال الدين: ص297 ب30 ح1.

(٧٨)

المشركون، له غيبة يرتد فيها أقوام ويثبت فيها على الدين آخرون، فيؤذون ويقال لهم: (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) أما ان الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم).(101)
النص الوارد عن الإمام زين العابدين (عليه السلام)
عن سعيد بن جبير قال: سمعت سيد العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: (في القائم سنّة من نوح وهو طول العمر).(102)
وقال علي بن الحسين سيد العابدين (عليه السلام): (القائم منا تخفى ولادته على الناس حتى يقولوا: لم يولد بعد، ليخرج حيت يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة).(103)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(101) كمال الدين: ص298 ب30 ح3.
(102) كمال الدين: ص302 ب31 ح4.
(103) كمال الدين: ص302 ب31 ح6.

(٧٩)

وعن الإمام زين العابدين (عليه السلام): (ان للقائم منا غيبتين إحداهما أطول من الأخرى، أما الأولى فستة أيام، أو ستة أشهر، أو ستة سنين.(104) وأما الأخرى فيطول أمدها حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به فلا يثبت عليه إلا من قوى يقينه وصحت معرفته ولم يجد في نفسه حرجاً مما قضينا، وسلم لنا أهل البيت).(105)
النص الوارد عن الإمام الباقر (عليه السلام)
عن محمد بن مسلم الثقفي قال: سمعت أبا جعفر محمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(104) قال العلامة المجلسي: قوله (عليه السلام): (فستة أيام) لعله أشارة إلى اختلاف أحواله (عليه السلام) في غيبته، فستة أيام لم يطلع على ولادته إلا خاص الخاص من أهاليه (عليه السلام)، ثم بعد ستة أشهر أطلع عليه غيرهم من الخواص، ثم بعد ست سنين عند وفاة والده (عليه السلام) ظهر أمره لكثير من الخلق. أو إشارة إلى أنه بعد إمامته لم يطلع على خبره إلى ستة أيام أحد، ثم بعد ستة أشهر انتشر أمره، وبعد ست سنين ظهر وانتشر أمر السفراء.
(105) كمال الدين: ص303 ب31 ح8.

(٨٠)

بن علي الباقر يقول:
(القائم منا منصور بالرعب، مؤيد بالنصر، تطوي له الأرض وتظهر له الكنوز، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله (عزَّ وجلَّ) به دينه على الدين كله ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب إلا قد عمر، وينزل روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) فيصلي خلفه، قال: قلت: يا ابن رسول الله متى يخرج قائمكم؟ قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وركب ذوات الفروج السروج، وقبلت شهادات الزور، وردت شهادات العدول، واستخف الناس بالدماء وارتكاب الزنا وأكل الربا...الحديث).(106)
وعن أبي أيوب المخزومي قال: ذكر أبو جعفر محمد بن علي الباقر سير الخلفاء الأثنى عشر الراشدين (صلوات الله عليهم) فلما بلغ آخرهم قال: الثاني عشر الذي يصلي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(106) كمال الدين: ص310 ب32 ح16.

(٨١)

عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه (عليك) بسنته والقرآن الكريم.(107)
النص الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام)
الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: (أما والله ليغيبنّ عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم: ما لله في آل محمد حاجة، ثم يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً).(108)
وعن السيد ابن محمد الحميري ـ في حديث طويل ـ يقول فيه: (قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): يا ابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك في الغيبة وصحة كونها فأخبرني بمن تقع؟ فقال (عليه السلام): إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي، وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(107) كمال الدين: ص310 - 311 ب32 ح17.
(108) كمال الدين: ص321 ب33 ح22.

(٨٢)

أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم القائم بالحق، بقية الله في الأرض، وصاحب الزمان والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً).(109)
وعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن سنن الأنبياء بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منا أهل البيت حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة.
قال أبو بصير: فقلت: يا ابن رسول الله ومن القائم منكم أهل البيت؟ فقال: يا أبا بصير هو الخامس من ولد ابني موسى، ذلك ابن سيدة الإماء، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون، ثم يظهره الله (عزَّ وجلَّ) فيفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها، وينزل روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنور ربها، ولا يبقى في الأرض بقعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(109) كمال الدين: ص321 ب33 ح23.

(٨٣)

عبد فيها غير الله (عزَّ وجلَّ) إلا عبد الله فيها، ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون).(110)
النص الوارد عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
عن علي بن جعفر (عليه السلام)، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلنكم أحد عنها، يا بني: انه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هي محنة من الله (عزَّ وجلَّ) امتحن بها خلقه، ولو علم آباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتبعوه. فقلت: يا سيدي وما الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بنيّ عقولكم تضعف عن ذلك وأحلامكم تضيق عن حمله ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه).(111)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(110) كمال الدين: ص324 ب33 ح31.
(111) كمال الدين: ص336 - 337 ب34 ح1.

(٨٤)

وعن يونس بن عبد الرحمن قال: (دخلت على موسى بن جعفر (عليه السلام) فقلت له: يا ابن رسول الله أنت القائم بالحق؟ فقال: انا القائم بالحق ولكن القائم الذي يطهّر الأرض من أعداء الله (عزَّ وجلَّ) ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً هو الخامس من ولدي له غيبة يطول أمدها على نفسه، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون.
ثم قال (عليه السلام): طوبى لشيعتنا، المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا، الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا، أولئك منا ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمة، ورضينا بهم شيعة، فطوبى لهم طوبى لهم، وهم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة).(112)
النص الوارد عن الإمام الرضا (عليه السلام)
عن دعبل بن علي الخزاعي قال: أنشدت مولاي الرضا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(112) كمال الدين: ص338 ب34 ح5.

(٨٥)

علي بن موسى (عليه السلام) قصيدتي التي أولها:

مدارس آيات خلت من تلاوة * * * ومنزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج * * * يقوم على اسم الله والبركات
يميّز فينا كل حق وباطل * * * ويجزي على النعماء والنقمات

بكى الرضا (عليه السلام) بكاء شديداً، ثم رفع رأسه إليّ فقال لي: يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم؟ فقلت: لا يا مولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ويملأها عدلاً (كما ملئت جوراً).فقال (عليه السلام): يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة

(٨٦)

القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله (عزَّ وجلَّ) ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً).(113)
وعن الريان بن الصلت قال: قلت للرضا (عليه السلام): أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: أنا صاحب هذا الأمر ولكني لست بالذي أملأها عدلاً كما ملئت جوراً، وكيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني، وإن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشبان، قوياً في بدنه حتى لو مد يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصا موسى (عليه السلام)، وخاتم سليمان (عليه السلام). ذاك الرابع من ولدي، يغيبه الله في ستره ما شاء، ثم يظهره فيملأ (به) الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً).(114)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(113) كمال الدين: ص347 ب35 ح6.
(114) كمال الدين: ص350 - 351 ب35 ح7.

(٨٧)

النص الوارد عن الإمام الجواد (عليه السلام)
عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: (دخلت على سيدي محمد بن علي وأنا أريد أن أسأله عن القائم منا هو المهدي أو غيره فابتدأني فقال لي: يا أبا القاسم إن القائم منا هو المهدي الذي يجب ان ينتظر في غيبته، ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي، والذي بعث محمداً (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالنبوة وخصنا بالإمامة إنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، وإن الله تبارك وتعالى ليصلح له أمره في ليلة، كما أصلح أمر كليمه موسى (عليه السلام) إذ ذهب ليقتبس لأهله ناراً فرجع وهو رسول نبي، ثم قال (عليه السلام): أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج).(115)
وعن الصقر بن أبي دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(115) كمال الدين: 351 ب36 ح1.

(٨٨)

علي الرضا (عليه السلام) يقول: إن الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه، ثم سكت، فقلت له: يا ابن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن؟ فبكي (عليه السلام) بكاءاً شديداً، ثم قال: إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر. فقلت له: يا ابن رسول الله لم سمي القائم؟ قال: لأنه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته. فقلت له: ولم سمي المنتظر؟ قال: لأن له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ بذكره الجاحدون، ويكذب فيها الوقّاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلمون).(116)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(116) كمال الدين: ص352 - 353 ب36 ح3.

(٨٩)

النص الوارد عن الإمام الهادي (عليه السلام)
عن أبي هاشم داوود بن القاسم الجعفري قال: (سمعت أبا الحسن صاحب العسكر (عليه السلام) يقول: الخلف من بعدي ابني الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال: لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، قلت: فكيف نذكره؟ قال: قولوا: الحجة من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم)).(117)
النص الوارد عن الإمام العسكري (عليه السلام)
عن أحمد بن اسحاق بن سعد الأشعري قال: (دخلت على أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) وأنا أريد ان أسأله عن الخلف (من) بعده، فقال لي مبتدئاً: يا أحمد بن إسحاق إن الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم (عليه السلام)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(117) كمال الدين: ص355 ب37 ح4.

(٩٠)

ولا يخليها إلى ان تقوم الساعة من حجة لله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض.
قال: فقلت له: يا ابن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض (عليه السلام) مسرعاً فدخل البيت، ثم خرج وعلى عاتقه غلام كأن وجهه القمر ليلة البدر من أبناء الثلاث سنين، فقال: يا أحمد بن إسحاق لولا كرامتك على الله (عزَّ وجلَّ) وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، إنه سميّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وكنيه، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) إلى آخر الحديث وسيأتي تفصيله.(118)
إلى غيرها من الروايات الكثيرة الموجودة في كمال الدين، والغيبة، وبحار الأنوار و...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(118) كمال الدين: ص357 ب38 ح1.

(٩١)

روايات عن طريق أهل السنة
وقد روى أهل السنة روايات كثيرة جداً، في الإمام المهدي (عليه السلام) منها:
ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر انه قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه فيقول أميرهم، تعال صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض امراء تكرمة من الله لهذه الأمة).(119) ومثله في مسند أحمد.(120)
ومنها: ما رواه البخاري ومسلم وأحمد في صحاحهم عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(119) صحيح مسلم كتاب الايمان باب نزول عيسى...ح225. وصحيح مسلم كتاب الامارة باب قوله لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ... ح3547.
(120) مسند أحمد، باقي مسند الكثيرين، مسند جابر بن عبد الله ح14193. مسند أحمد.. مسند جابر بن عبد الله ح14595.

(٩٢)

رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وأمامكم منكم).(121)
والمراد بكون الإمام منهم الإمام المهدي (عليه السلام).
وعن عبد الله بن مسعود كما رواه أبو داود عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً مني ـ أو من أهل بيتي ـ، يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً).(122)
وفي رواية أخرى عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (لا تذهب الدنيا حتى يملك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(121) صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، نزول عيسى بن مريم ح3193 حسب ترقيم العالمية، وصحيح مسلم كتاب الإيمان باب نزول عيسى بن مريم حاكماً بشريعة نبينا محمد ح222، وصحيح مسلم كتاب الإيمان باب نزول عيسى... ح224، ومسند أحمد: باقي مسند الكثيرين مسند أبي هريرة ح7355. ومسند أحمد باقي مسند الكثيرين، باقي المسند السابق ح8077.
(122) سنن أبي داود: كتاب المهدي ح3735.

(٩٣)

العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي).(123)
وفي رواية: (لا تنقضي الدنيا...).(124)
وفي رواية أبي هريرة انه (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله (عزَّ وجلَّ) ذلك اليوم حتى يأتي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي).(125)
وفي سنن أبي داود عن علي (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً).(126)
وفي سنن أبي داود أيضاً عن أم سلمة قالت: سمعت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(123) سنن أبي داود: كتاب المهدي ح3735.
(124) سنن أبي داود: كتاب المهدي ح3734.
(125) رواه الترمذي في سننه، كتاب الفتن، باب ما جاء في المهدي ح2157.
(126) سنن أبي داود: كتاب المهدي ح3734.

(٩٤)

رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول: (المهدي من عترتي من ولد فاطمة).(127)
وفي سنن ابن ماجة عن سعيد بن المسيب قال: كنا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي (عليه السلام) فقالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول: (المهدي من ولد فاطمة).(128)
وفي رواية أبي داود أيضاً، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً يملك سبع سنين).(129)
وفي رواية أخرى للترمذي عن أبي سعيد الخدري انه قال: (خشينا أن يكون بعد نبينا حدث، فسألنا نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال: إن في أمتي المهدي).(130)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(127) سنن أبي داود: كتاب المهدي ح3735.
(128) سنن ابن ماجة، كتاب الفتن، باب خروج المهدي ح4076.
(129) سنن أبي داود: كتاب المهدي ح3736.
(130) سنن الترمذي: كتاب الفتن عن رسول الله، باب ما جاء في المهدي ح2158.

(٩٥)

والترمذي في سننه بسنده عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) اغرورقت عيناه وتغير لونه، قال فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه، فقال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخير فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملئوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج).(131)
وفي حديث آخر بسنده عن أبي سعيد الخدري: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: (يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فتسع فتنعم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط تؤتى أكلها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(131) سنن الترمذي: الحديث 4072، حسب ترقيم العالمية.

(٩٦)

ولا تدخر منهم شيئا والمال يومئذ كدوس فيقوم الرجل فيقول يا مهدي أعطني فيقول خذ).(132)
وفي حديث آخر بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(...فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي).(133)
وفي حديث آخر بسنده عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة).(134)
وفي حديث آخر بسنده عن سعيد بن المسيب قال كنا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي، فقالت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول المهدي من ولد فاطمة).(135)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(132) سنن الترمذي: الحديث 4073، حسب ترقيم العالمية.
(133) سنن الترمذي: الحديث 4074، حسب ترقيم العالمية.
(134) سنن الترمذي: الحديث 4075، حسب ترقيم العالمية.
(135) سنن الترمذي: الحديث 4076، حسب ترقيم العالمية.

(٩٧)

وفي حديث آخر بسنده عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول: (نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي).(136)
وفي مستدرك الصحيحين روى بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما وجورا وعدوانا، ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا).(137)
ورواه أبو نعيم أيضاً في حليته باختلاف يسير في اللفظ.(138)
وفي كنز العمال(139): قال عن علي (عليه السلام) انه قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم):

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(136) سنن الترمذي: الحديث 4077، حسب ترقيم العالمية.
(137) مستدرك الصحيحين: ج4 ص557.
(138) حلية الأولياء: ج3 ص101.
(139) كنز العمال: ج14 ص598 ح39682.

(٩٨)

(أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا يا رسول الله؟ قال: بل منا، يختم الله به كما فتح بنا) الحديث.
قال: اخرجه نعيم بن حماد والطبراني وابو نعيم والخطيب، وذكره الهيثمي أيضاً في مجمعه بنحو أبسط فقال: وعن علي بن أبي طالب (عليه السلام) انه قال: (أمنا المهدي أم من غيرنا يا رسول الله؟ قال: بل منا بنا يختم الله كما بنا فتح، وبنا يستنقذون من الشرك، وبنا يؤلف بين قلوبهم) الحديث.(140)
قال: رواه الطبراني في الأوسط.(141)
إلى غيرها وغيرها.
مما كتب في الإمام المهدي (عليه السلام)
وهناك كتب كثيرة الفت في الإمام (عليه السلام) منذ غيبته والى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(140) مجمع الزوائد: ج7 ص316-317.
(141) المعجم الأوسط للطبراني: ج1 ص136 ح157.

(٩٩)

اليوم، وقد كتب أحد العلماء المعاصرين مائة جلد حول الإمام المهدي (عليه السلام) جمع فيها ما ورد من أحاديث السنة والشيعة فيه (عليه السلام) وما أكثرها، نسأل الله سبحانه أن يوفق بعض الأخيار لطبع هذه الموسوعة.
هذا وكتب أحد علماء العامة في زماننا كتاباً زعم انه يرد فيه الإمام المهدي (عليه السلام) تحت عنوان: (لا مهدي ينتظر بعد الرسول سيد البشر). ولكن أحد علماء الحجاز ألف كتاباً في رده.
وقد كتب كثير من علماء السنة كتباً حول الإمام المهدي (عليه السلام) وما ورد فيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، منهم: فقيههم الكنجي الشافعي باسم (البيان في أخبار صاحب الزمان).
بالاضافة إلى ما ورد في مختلف صحاحهم من أبواب خاصة بالإمام المهدي (عليه السلام)(142) وقد ذكرنا بعض رواياتها..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(142) وقد جعل أبو داود في سننه كتابا باسم كتاب المهدي، كما خصص الترمذي في سننه في كتاب الفتن عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بابا اسماه (باب ما جاء في المهدي)، وكذلك ابن ماجة أيضاً في سننه في كتاب الفتن بابا تحت عنوان (باب خروج المهدي).

(١٠٠)

وقد جمع أبو نعيم وهو من المحدثين المشهورين عند السنة اربعين حديثاً من صحاحهم ومسانيدهم تشتمل على صفات الإمام (عليه السلام) وأحواله واسمه وكناه، والتي من تلك الأحاديث ما رواه عن علي بن هلال عن أبيه انه قال:
(دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهو في الحالة التي قبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إليها رأسه وقال: حبيبتي فاطمة ما الذي يبكيك؟
فقالت: أخشى الضيعة من بعدك.
فقال: يا حبيبتي أما علمت أن الله (عزَّ وجلَّ) اطلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته، ثم اطلع اطلاعة فاختار منها بعلك، وأوحى إليّ أن أنكحك اياه، يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا الله (عزَّ وجلَّ) سبع خصال لم يعط أحداً قبلنا ولايعطي أحداً بعدنا:
أنا خاتم النبيين، وأكرم النبيين على الله (عزَّ وجلَّ)،

(١٠١)

وأحب المخلوقين إلى الله (عزَّ وجلَّ)، وانا أبوك، ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله (عزَّ وجلَّ) وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء واحبهم إلى الله (عزَّ وجلَّ) وهو حمزة بن عبد المطلب عم أبيك وعمّ بعلك، ومنا من له جناحان يطير في الجنة مع الملائكة حيث يشاء، وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك، ومنّا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما ـ والذي بعثني بالحق ـ خير منهما، يا فاطمة والذي بعثني بالحق أن منهما مهدي هذه الأمة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً وتظاهرت الفتن وانقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقر كبيراً فيبعث الله عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوباً غلفاً يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يا فاطمة لا تحزني ولا تبكي فان الله (عزَّ وجلَّ) أرحم بك وأرأف عليك مني، وذلك لمكانك مني وموقعك من قلبي،

(١٠٢)

قد زوجك الله من هو أعظمهم حسباً وأكرمهم منصباً وأرحمهم بالرعية وأعدلهم بالسوية وأبصرهم بالقضية، وقد سألت ربي (عزَّ وجلَّ) أن تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي. قال علي (عليه السلام) فلما قبض النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لم تبق فاطمة بعده إلى خمسا‌ وسبعين يوما حتى ألحقها الله به صلى الله عليه وآله وسلّم).(143)
إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(143) كشف الغمة: ج2 ص498 باب ذكر علامات قيام القائم (عليه السلام) ومدة أيام ظهوره وشرح سيرته وطريقته وطرف مما يظهر في دولته. ومنتخب الأنوار المضيئة: ص45 الفصل الرابع في إثبات ذلك من جهة العامة. وكفاية الأثر: ص62 باب ما جاء عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في النصوص على الأئمة الاثني عشر.

(١٠٣)