الإمام المهدي عليه السلام وبشائر الأمل

الإمام المهدي عليه السلام وبشائر الأمل

تأليف: الشيخ حسن موسى الصفار

الناشر: دار المحجة البيضاء

لبنان - بيروت -  ط1 / 1423هـ

المحتويات

مقدمة الناشر
الإمام المهدي بين العقل والنقل
نوعان من المعتقدات
الظواهر الإعجازية
برداً وسلاماً على إبراهيم
ولد من دون أب
الإسراء والمعراج
الإمام المهدي عليه السلام
لا للتهريج والتشنج
بشائر الأمل
إحياء قضية المهدي عليه السلام
عولمة الظلم
انبعاث الإسلام
التوجه لأهل البيت عليهم السلام
عولمة الجور وانتظار العدل
الجوع والفقر
مأساة الشعب الأفغاني
في انتظار العدل
معطيات الإيمان بالمهدي عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الناشر

المجتمع في كل مرحلة من مسيرته يحتاج إلى ثقافة واعية هادية، تبصره بواقعه، وتفتح أمامه آفاق الطموح والتطوير، وتعينه على مواجهة التحديات والصعاب.
ولكي تؤدي الثقافة دورا في بناء المجتمع، وتفعيل طاقاته، وشحذ هممه نحو التقدم، لا بد وأن تتمتع بالمواصفات التالية:
أن تكون أصيلة نابعة من قيم المجتمع الدينية الصحيحة.
وأن تكون معاصرة تواكب تغييرات الحياة، وتطورات الفكر.
وأن تنبثق عنها برامج عملية تستوعب حاجات المجتمع ومتطلباته.
وأن تمتلك لغة التخاطب مع الناس في شرائحهم ومستوياتهم المختلفة واهتماماتهم المتعددة، دون الإغراق في التنظير التجريدي والمصطلحات التخصصية المتداول في الخطاب النخبوي، لأن التخاطب مع الجمهور يحتاج إلى أكبر قدر من الوضوح، ومعالجة قضايا الواقع المعاش.
من هذا المنطلق وعلى هذا الصعيد يمارس سماحة الشيخ حسن الصفار حفظه الله عطاءه الثقافي الواعي عبر الكتابة والخطابة والحضور الاجتماعي الكثف.
هذه السلسلة من الكتيبات هي تحرير لبعض المحاضرات التي ألقاها في مناسبات مختلفة، قام القسم الثقافي في مكتب سماحته بكتابتها وإعدادها للنشر، آملين أن تسهم في نشر الوعي، وتدوير الأفكار البناءة، والتنوير الثقافي للمجتمع.
راجين لسماحته من الباري عز وجل مزيد العطاء إنه ولي التوفيق.
الإمام المهدي بين العقل والنقل:
الإسلام دين العقل، وعقائده قائمة على النظر والتفكير، وهو يرفض الأساطير والخرافات، وينهى الإنسان عن الأخذ بشيء قبل التأكد منه ولا تقف (ما ليس لك به علم) أو أن يقلد الآخرين ويتبعهم في آرائهم وأفكارهم دون حجة وبرهان.
ومن هنا قال أكثر علماء الإسلام بوجوب الاجتهاد والنظر في أمور المعتقدات، ولا يصح فيها التقليد والاتباع، وإنما يصح التقليد في المسائل الفقهية الفرعية، لمن لم يبلغ درجة الاجتهاد والاستنباط، أما العقائد فلا تقليد فيها.
وآيات القرآن الكريم تؤكد على مرجعية العقل للإنسان، ففي عشرات الآيات ورد قوله تعالى: (أفلا تعقلون) و(لعلكم تعقلون) و(لقوم يعقلون) وتبلغ الآيات التي وردت فيها مشتقات هذا اللفظ حوالي خمسون آية.
أما الآيات التي تتحدث عن التفكر وتأمر به، وتحث عليه، فهي حوالي ثمانية عشر آية، كقوله تعالى: (لعلكم تتفكرون)، (أفلا تعقلون)، (لقوم يتفكرون).
إضافة إلى ما ورد في الآيات الكريمة حول التفقه والنظر والعلم، وغير ذلك، مما يظهر بجلاء ووضوح مرجعية العقل ومحوريته في الإسلام، ولذا فلا مجال في المعتقدات الإسلامية للخرافات والأساطير، ولا يتبنى المسلم أي قضية فكرية إلا بعد التعقّل والبرهنة والاستدلال.
نوعان من المعتقدات:
الأول: معتقدات يعتمد فيها على العقل بشكل مباشر، ولا شأن للنقل في تحصيل الإيمان بها، كأصول العقيدة، مثل الإيمان بوجود اللَّه تعالى، وبالنبوة، حيث تقود الإنسان إلى ذلك فطرته النقية، وعقله السليم، وليس النصوص والأحاديث والآيات.
الثاني: معتقدات يعتمد فيها على النقل ولكن ضمن مرجعية العقل، وذلك على أساس الضوابط التالية:
أن تكون الجهة التي صدر عنها النقل مورد اعتماد العقل واطمئنانه، وهي الجهة المعصومة، التي لا يشك العقل في صدقها ونزاهتها، كالقرآن الكريم والنبي المرسل، والإمام المعصوم.
أن يثبت النقل عن تلك الجهة بطريق عقلائي شرعي، وأن تكون الدلالة فيه على المراد صحيحة ظاهرة عند العقلاء.
أن لا تكون مخالفة للأحكام العقلية القطعية، كاجتماع النقيضين، وارتفاعهما، ووجود المعلول بلا علة، وانقسام الثلاثة إلى عددين صحيحين، وقبح الظلم وحسن العدل.
وعلى ضوء ما سبق فإننا كمسلمين نؤمن ببعض المعتقدات التي وردت من مصدر شرعي معتمد، وبسند صحيح ثابت، مادامت لا تخالف الضرورات العقلية، والإيمان بها ضمن هذه الضوابط ليس خارج دائرة العقل، بل في ظل مرجعيته وهديه.
الظواهر الإعجازية:
نعم هناك بعض القضايا الواردة دينياً، قد يبدو لأول وهلة، أن الإيمان بها يخالف العقل، وأنها من سنخ الخرافات والأساطير، وذلك لأنها غير مألوفة الحدوث والحصول، وتعتبر خارقة للمعادلات والقوانين العادية المعروفة.
إلا أننا يجب أن ندقّق ونفّرق بين ما يكون مخالفاً للعادة والمألوف، وما يناقض العقل ويصادمه.
إن كثيراً من التطورات العلمية والتكنولوجية المعاصرة، لو حُدِّث بها إنسان القرن الماضي أو ما سبقه من قرون، لرفض التصديق بها، أو احتمال وجودها، إذا كان ينظر إليها من خلال ما اعتاده وألفه، أما إذا قدِّر له أن ينظر إليها من خلال الإمكان العقلي والمنطقي، فسوف لن يجد مانعاً من التصديق بها.
والتطور العلمي في حياة الإنسان المعاصر، يساعدنا كثيراً، في فهم العديد من الظواهر الخارقة، التي يحدثنا الدين عنها، ونذكر منها بعض النماذج، والتي يؤمن بها المسلمون لثبوتها دينياً، في الوقت الذي لا تصادم حكم العقل.
برداً وسلاماً على إبراهيم:
انتقال الحرارة من الجسم الأكثر حرارة، إلى الجسم الأقل حرارة، حتى يتساويان، قانون طبيعي معروف، لذا فإن أي جسم يلقى في النار يحترق بلهيبها، لكن نبي اللَّه إبراهيم الخليل عليه السلام وجسمه كسائر أجسام البشر، ألقاه قومه في تلك النار المضطرمة التي أوقدوها لإحراقه، فلم يصب بأي أذى، وخرج منها مبتسماً يقول تعالى: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ)(1).
إن المسلم يؤمن بذلك دون أي شك وتردد مادامت القصة مذكورة في القرآن، وليس مقاومة الاحتراق أمراً ممتنعاً ومستحيلاً من الناحية العقلية، ونحن نرى الآن كيف تطورت وسائل تمنع الأجسام ضمن شروط معينة من الاحتراق.
ولد من دون أب:
القانون الطبيعي المألوف، أن إنجاب الإنسان يتم عبر تلاقي الذكر والأنثى معاً وليس مألوفاً أن يحصل التوالد عبر أحدهما فقط، لكن القرآن الكريم يخبرنا عن ولادة نبي اللَّه عيسى بن مريم من دون أب، ولقد استغربت حتى أمه مريم حينما بشرتها الملائكة بذلك، فهي ما مسّها رجل ولم تتزوج فكيف يمكن أن تلد؟
يقول تعالى: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ)(2).
وما دام القرآن قد أخبر بهذا فنحن نؤمن به وهو أمر غير طبيعي عادة، وغير مألوف، ولكنه غير مستحيل عقلاً، وما تجارب الاستنساخ التي حصلت في هذه السنوات الأخيرة إلاّ تأكيداً لهذه الإمكانية.
الإسراء والمعراج:
ويعتقد المسلمون بالإسراء والمعراج، حيث أسرى اللَّه بنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم من مكة المكرمة، إلى المسجد الأقصى في فلسطين، ثم عرج به إلى السماوات العلا، في رحلة إعجازية في عمق الفضاء والزمن، وعاد إلى فراشه في نفس الليلة قبيل طلوع الفجر.
إن حصول ذلك وخاصة في ذلك العصر، أمر مستنكر، يوجب الرفض والتكذيب، لكن الخبر الصادق الذي جاء به القرآن يفرض علينا القبول والتصديق، يقول تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)(3).
صحيح أنه أمر غريب ومخالف للعادة والمألوف، لكن العقل لا يحكم باستحالته وامتناعه، وتطور وسائل المواصلات الجوية، وارتياد الإنسان للفضاء، وغزوه للكواكب الأخرى، جعل الصورة أوضح أمام إنسان اليوم.
الإمام المهدي عليه السلام:
وضمن هذا السياق يأتي الاعتقاد بالإمام المهدي المنتظر عليه السلام حيث ثبت ذلك بالنقل الذي يقره العقل، إذ أن الأحاديث الواردة عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. والواردة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام فاقت حدّ التواتر.
قال الشيخ ابن تيمية: (إن الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم)(4).
وتحت عنوان: (خروج المهدي حقيقة عند العلماء) ذكر المحدث السلفي المعاصر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني أسماء ستة عشر عالماً من كبار أئمة الحديث قد صححوا أحاديث خروج المهدي(5).
ونشرت مجلة البحوث الإسلامية الصادرة عن رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء - الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بحثاً للشيخ يوسف البرقاوي تحت عنوان (عقيدة الأمة في المهدي المنتظر) جاء فيه:
(إن موضوع المهدي من علامات الساعة الكبرى وأشراطها العظمى التي أخبر عنها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، فأشراط الساعة الكبرى من الأمور الغيبية التي كلف اللَّه عباده بالتصديق بها، والإيمان بمدلولها، وعقيدتنا تملي علينا وجوب الإيمان بذلك).
ونقل عن السفاريني الحنبلي قوله:
(من أشراط الساعة التي وردت فيها الأخبار وتواترت في مضمونها الآثار من العلامات العظمى وهي أولها أن يظهر الإمام المهدي المقتدى بأقواله وأفعاله الخاتم للأئمة فلا إمام بعده، كما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الخاتم للنبوة والرسالة فلا نبي ولا رسول بعده)(6).
وقد جمع الشيخ لطف اللَّه الصافي في كتابه (منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر) الأحاديث الواردة حول الإمام المهدي من كتب الفريقين السنة والشيعة فبلغت (6277) حديثاً(7).
فخروج المهدي المنتظر آخر الزمان مسألة ثابتة عند المسلمين على اختلاف مذاهبهم إلا من شذ منهم، لورود خبرها من جهة يؤمن العقل بصدقها، ولأنها جاءت بطرق صحيحة مقبولة شرعاً وعقلاً.
كما يتفق علماء المسلمين على أن المهدي من عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومن ولد فاطمة الزهراء عليها السلام لكن هناك اختلافاً في تفاصيل هذه العقيدة، كسائر العقائد الإسلامية التي تتعدد المدارس والمذاهب الكلامية في بعض جوانبها وتفاصيلها كالتوحيد والنبوة والمعاد. ويأخذ كل فريق بما يصح ويثبت لديه.
ويعتقد الشيعة الإمامية أن الإمام المهدي الذي بشّر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بخروجه، قد ولد في الخامس عشر من شهر شعبان سنة 255هـ، وأبوه الإمام الحسن العسكري، من نسل الإمام الحسين بن علي وفاطمة، وأنه لا زال ينتظر أمر الله تعالى لممارسة دوره العالمي، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
لأن النص قد ثبت لديهم من جهة معصومة بذلك، فه ملزمون بقبوله والإيمان به، هناك أحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتحدث فيها عن اثني عشر إماماً وأميراً أو خليفة لهذا الدين، ولهذه الأمة، وقد ورد ذلك في صحيح البخاري، وأخرجه الترمذي وأحمد ابن حنبل وأبو داود وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت رقم (1075)(8).
ولا ينطبق هذا العدد إلا على الأئمة الاثني عشر من أهل البيت عليهم السلام.
تبقى مسألة إمكانية العيش والحياة طوال هذه الفترة وكيف يمكن تعقلها؟
فإن العقل لا يرى استحالة ذلك، بل إن العلم جاد في البحث والسعي، لكي يستطيع الإنسان تجاوز أعراض الشيخوخة والهرم، وليتمتع بعمر أطول في هذه الحياة.
وإذا ما ثبت النص الشرعي على وجود الإمام المهدي، فإننا نقبله كظاهرة إعجازية، كما نقبل عدم احتراق نبي الله إبراهيم في النار، وولاة عيسى بن مريم من دون أب، والإسراء والمعراج وأشباه ذلك، فكل هذه القضايا ليست ممتنعة عقلاً، وإنما هي خارقة للعادة ومخالفة للمألوف فقط.
إن القرآن الكريم يحدثنا عن حياة نبي الله نوح عليه السلام عمراً طويلاً، حيث استغرقت فترة نبوته إلى وقت الطوفان 950 سنة يقول تعالى: (ولقد أرسلناك نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون)(9)، هذا عداً سنوات حياته قبل النبوة وبعد الطوفان.
وسواء كان ذلك خاصاً بالنبي نوح أو أن أعمار البشر في ذلك الوقت كانت على هذا المستوى، فهو يدل على إمكانية الحياة لفترة تتجاوز المتعارف والمألوف.
لا للتهريج والتشنج:
عاشت أمتنا الإسلامية عصوراً من التخلف، سادت فيها حالة التعصب المذهبي، والنزاعات بين الطوائف والفرق، ولم تحصد الأمة من كل ذلك إلا التمزق والضياع، والانشغال عن بناء قوتها، ومواجهة التحديات الخارجية، ومؤكد أن أعداء الإسلام يشمتون باحتراب المسلمين، ويصبون الزيت فوق نار الفرقة والنزاع.
ويفترض الآن أن يتجاوز المسلمون تلك الحالة المزرية، مع تطور مستوى الوعي، وتوفر وسائل التواصل والانفتاح، وإذا كانت كل فرقة ترى أن الحق والصواب معها، فإنها تتحمل مسؤولية معتقداتها وآرائها أمام الله تعالى، وليكن البحث عن الحقيقة هدفاً للجميع، وذلك عبر الدراسة الموضوعية لموارد الخلاف، والحوار البناء بعيداً عن التهريج والتشنج، إن القرآن الكريم ينهى المسلمين أن يتجادلوا مع اليهود والنصارى بأسلوب غير مؤدب، ويقول: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)(10)، فهل يرضى القرآن بما يمارسه بعض المسلمين تجاه بعضهم من تهريج وشتم واستهزاء، كما يظهر أحياناً على بعض مواقع ساحات النقاش في الإنترنت، أو برامج القنوات الفضائية؟ وهل يدل هذا الأسلوب إلا على سوء الخلق، أو ضعف الحجة أو خدمة مصالح الأعداء؟.
بشائر الأمل:
قضية الإمام المهدي وخروجه في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، هي من الحقائق الجامعة، التي يتفق عليها المسلمون بمختلف مذاهبهم، والتي تشير إلى وحدة الأصول والمنابع المعتمدة لدى المسلمين، مع تعدد مدارسهم وتوجهاتهم.
فلا يكاد يخلو مصدر من كتب الحديث والسنة النبوية الشريفة مع ذكر موضوع المهدي، ولا تجد مذهباً من المذاهب الإسلامية إلا وتناول أحد من علمائه وباحثيه هذه المسألة بالإثبات والتأييد.
وإذا كان هناك من ينكر هذه الحقيقة أو يتنكر لها، فمرد ذلك إلى أسباب أخرى، كما يقول الشيخ عبد المحسن العباد المدرس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة: (إن بعض الكتاب في هذا العصر أقدم على الطعن في الأحاديث الواردة في الإمام المهدي بغير علم بل بجهل، أو بالتقليد لأحد لم يكن من أهل العناية بالحديث)(11).
ويشير المحدث الألباني إلى سبب آخر هو: (أن عقيدة المهدي قد استغلت عبر التاريخ الإسلامي استغلالاً سيئاً، فادعاها كثير من المغرضين، أو المهبولين، وجرت من جراء ذلك فتن مظلمة، كان من آخرها فتنة (جهيمان) السعودي في الحرم المكي، فرأوا أن قطع دابر هذه الفتن، إنما يكون بإنكار هذه العقيدة الصحيحة! وما مثل هؤلاء المنكرين جميعاً عندي إلا كما لو أنكر رجل ألوهية الله عز وجل بدعوى أنه ادعاها بعض الفراعنة!)(12).
وفي حديث لمفتي المملكة الراحل الشيخ عبد العزيز بن باز حول المهدي المنتظر جاء ما يلي: فأمر المهدي أمر معلوم والأحاديث فيه مستفيضة بل متواترة متعاضدة، وقد حكى غير واحد من أهل العلم: تواترها وهي متواترة تواتراً معنوياً لكثرة طرقها، واختلاف مخارجها وصحابتها ورواتها وألفاظها، فهي بحق تدل على أن هذا الشخص الموعود به أمره ثابت، وخروجه حق.. وهذا الإمام من رحمة الله عز وجل بالأمة في آخر الزمان، يخرج فيقيم العدل والحق، ويمنع الظلم والجور، وينشر الله به لواء الخير على الأمة عدلاً وهدايةً وتوفيقاً وإرشاداً للناس.. والحق أن جمهور أهل العلم بل هو الاتفاق على ثبوت أمر المهدي، وإنه حق، إنه سيخرج في آخر الزمان، أما من شذ عن أهل العلم في هذا الباب، فلا يلتفت إلى كلامه في ذلك.. والواجب تلقي ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم بالقبول والإيمان به والتسليم، فمتى صح الخبر عن رسول الله فلا يجوز لأحد أن يعارضه برأيه واجتهاده، بل يجب التسليم كما قال الله عز وجل: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً). وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر عن الدجال وعن المهدي وعن عيسى المسيح بن مريم ووجب تلقي ما قاله بالقبول والإيمان بذلك، والحذر من تحكيم الرأي والتقليد الأعمى الذي يضر صاحبه ولا ينفعه لا في الدنيا ولا في الآخرة(13).
إحياء قضية المهدي عليه السلام:
موضوع خروج الإمام المهدي المنتظر له موقعيته الهامة في النصوص الدينية فقد روى أحاديثه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من ستة وعشرين صحابياً، وخرج تلك الأحاديث جماعة كثيرون من الأئمة في الصحاح والسنن والمعاجم والمسانيد وغيرها يزيدون على ثمانية وثلاثين عالماً ومحدثاً، كما أفرد عدد من العلماء ينوفون على العشرة كتباً ومصنفات خاصة حول الموضوع، وهذا كله ضمن مذاهب أهل السنة والجماعة، حسبما ذكره الشيخ عبد المحسن العباد في بحثه في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وفي إطار مذهب الشيعة هناك أضعاف مضاعفة من الجهود التي تصب في هذا الاتجاه.
وذلك يدل على أهمية القضية في الفكر الإسلامي، فلا بد وأن تطرح في أوساط الأمة بمستوى يتناسب مع أهميتها الدينية، لتكون حاضرة في أذهان الجيل المسلم المعاصر، وغير محصورة في نطاق أهل العلم والحديث، أو مصبوغة بصبغة مذهب معين فقط.
فمن الملاحظ أن أتباع أهل البيت عليهم السلام يتميزون بإحياء هذه القضية والاحتفاء بها على المستوى الشعبي، بينما هي شبه مغيبة في أوساط بقية جماهير الأمة، حتى كاد بعضهم أن يتصورها قضية خاصة بمذهب الشيعة، في حال أنها محل إجماع ووفاق بين جميع المذاهب الإسلامية.
وليس مطلوباً أن يتوافق أسلوب الإحياء والاهتمام بهذه القضية بين المذاهب، فلكل طريقته التي يراها مناسبة لمرئياته الشرعية وظروفه الاجتماعية، لكن المطلوب هو حضور هذه القضية وطرحها علمياً وفكرياً وإعلامياً في أوساط جماهير الأمة بمختلف مذاهبها.
ولأنها قضية متفق عليها في أصلها فإن انتشارها يؤكد حالة التوافق والاشتراك، بغض النظر عن اختلاف التفاصيل والجزئيات، كالاختلاف في أنه من نسل الحسن عليه السلام كما يقول بعض علماء السنة؟ أو من نسل الحسين عليه السلام كما يجمع علماء الشيعة وبعض أهل السنة؟ وكذلك الاختلاف في اسم أبيه هل هو الحسن أو عبد اللَّه؟ والاختلاف في ولادته هل ولد أم يولد في آخر الزمان؟
إن الاختلاف حول بعض التفاصيل موجود بين علماء المسلمين في أغلب القضايا الدينية، بدءاً من صفات الخالق جلا وعلا إلى أحكام الصلاة والوضوء، ولا يضر ذلك مع الاتفاق على أصل الموضوع، وعسى أن تتوفر الأجواء المناسبة لحوارات علمية موضوعية معمقة بين علماء الأمة حول، موارد الاختلاف في الفكر والفقه الإسلامي.
وهناك داع مهم لإحياء قضية الإمام المهدي في أوساط الأمة، وخاصة في هذا العصر، لما توفره هذه القضية من زخم روحي، في نفوس المسلمين، حيث تلهمهم الأمل وتشيع في قلوبهم الثقة بالنصر، وتحفزهم للتطلع لاستعادة مجد الإسلام، وقيام حضارته العالمية، حيث تؤكد الأحاديث المتواترة ذلك، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلماً وجوراً وعدواناً، ثم يخرج رجل من عترتي، أو من أهل بيتي يملؤها قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وعدواناً) أخرجه أحمد (3/36) وابن حبان (1880) والحاكم (4/557)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/101) وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين). ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وأشار إلى تصحيحه أبو نعيم(14).
عولمة الظلم:
كما أخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وهو الصادق الأمين، فقد امتلأت الدنيا بالفعل ظلماً وجوراً وعدواناً، حيث لم يعد الظلم مجرد ممارسة هنا وهناك، بل أصبح نظاماً عالمياً يلف الكرة الأرضية كلها ببشرها وكائناتها وبيئتها الطبيعية، وصار الجور مقنناً من خلال مجلس الأمن الدولي، وحق (الفيتو) الذي تمارسه الدول الكبرى وخاصة أميركا، فبدلاً من أن يرعى المجلس أمن الشعوب والأمم، صار يحمي سياسات الظلم والعدوان، وأبرز مثل صارخ الموقف العالمي من جرائم الصهاينة في فلسطين المحتلة، وحيث تستمر قوافل الشهداء وضحايا الإرهاب الإسرائيلي كل يوم نساءً وشباباً وأطفالاً، وعلى مرأى من العالم ومسمع، يذبح الطفل في حجر أبيه، وتلاحق الطائرات العسكرية سيارة مدنية في زقاق سكني لتقصفها بصاروخ، تتطاير على أثره أشلاء الضحايا مع قطع حديد السيارة في الجو..
وهناك معاناة الشعب العراقي ومآسيه في ظل الحكم الصدّامي والحصار الدولي، وحيث يموت الأطفال، ويعاني المرضى، ويجوّع ويسحق شعب بكامله، تحت أنظار العالم..
وحالات المجاعة وخاصة في أفريقيا، وانحدار المستوى المعيشي في روسيا، وتلوث البيئة بشكل يهدد سلامة الحياة ومستقبل البشرية..
كل ذلك يحصل الآن، وتملأ وسائل الإعلام به الدنيا عن طريق النقل الحي والبث المباشر.
انبعاث الإسلام:
خروج المهدي ووفقاً للنصوص الواردة يعني قيام الحضارة الإسلامية العالمية، حيث يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، حسبما جاء عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، ويقول الإمام محمد الباقر عليه السلام -كما روي عنه-: (القائم منا منصور بالرعب، مؤيد بالنصر، تطوى له الأرض، وتظهر له الكنوز، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر اللَّه عز وجل به دينه على الدين كله ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب إلاّ وعُمِّر، وينزل روح اللَّه عيسى بن مريم فيصلي خلفه)(15).
لكن ذلك لا يحصل فجأة، ولا تبدأ خطواته على يد المهدي، بل وكما يظهر من النصوص، وتوحي به طبيعة التحولات، أن إنبعاثاً يحصل في الأمة باتجاه الإسلام، وتهيئاً على مستوى الإنسانية لقبوله، كخلاص وإنقاذ من الأزمات المتفاقمة.
ونحن نرى الآن بشائر الأمل في الجيل المسلم المعاصر، فإلى وقت قريب كانت قطاعات كبيرة من أبناء الأمة تعيش حالة من الانبهار بالتوجهات الماركسية الاشتراكية، أو الرأسمالية الغربية، وتأسست في بلاد المسلمين أنظمة تتبنى هذه التوجهات، وقامت أحزاب ترفع هذه الشعارات، وبحمد اللَّه فقد تجاوزت جماهير الأمة تلك الحالة الانهزامية، وتهاوت ماركسية الشرق، وانكشف الوجه القبيح لرأسمالية الغرب، وعادت للأمة ثقتها بذاتها ونفسها، ونرى الجيل المسلم المعاصر الآن وهو يتطلع لحضارة الإسلام، وينادي بتطبيق شريعته، ولولا الحواجز والموانع التي تواجه شعوب الأمة من قبل بعض الأنظمة، لقطعت الأمة شوطاً أكبر باتجاه دينها واستقلالها وعزتها.
هذه الصحوة الإسلامية المتنامية، والتوجه الديني لدى أبناء الأمة، هو من بشائر الأمل وإرهاصات خروج الإمام المهدي، والذي سيتوج هذه المسيرة بالنجاح والنصر الحاسم إنشاء اللَّه.
التوجه لأهل البيت عليهم السلام:
الإمام المهدي من عترة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته، كما تنص الأحاديث، ومن ذرية فاطمة الزهراء عليها السلام. وأهل البيت عليهم السلام ومع تأكيد الأحاديث النبوية الشريفة الواردة عند جميع المسلمين على فضلهم ومكانتهم القيادية، ولزوم محبتهم ومودتهم والتمسك بهم، ومع تكرار وصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بهم كما أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن أرقم أنه قال: قام رسول اللَّه يوماً فينا خطيباً، بماء يدعى خُمّاً بين مكة والمدينة، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ووعظ وذكّر، ثم قال: (أمّا بعد، ألا أيها الناس! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب. وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب اللَّه فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب اللَّه. واستمسكوا به) فحث على كتاب اللَّه ورغب فيه، ثم قال: (وأهل بيتي. أذكركم اللَّه في أهل بيتي. أذكركم اللَّه في أهل بيتي. أذكركم اللَّه في أهل بيتي)(16).
مع كل هذه الوصايا والتأكيدات إلا أنه حصل تجاهل لأهل البيت في غالب عهود التاريخ الإسلامي، لأغراض سياسية من قبل بعض الحكومات من الأمويين والعباسيين، وبقيت آثار تلك الفترات في حياة المسلمين حيث تحولت إلى صراعات مذهبية، وأصبح أهل البيت وكأنهم زعماء طائفة معينة أو أئمة مذهب خاص.
وحصل عند بعض المنتسبين إلى مذهب أهل البيت حالات من الغلو، كان أئمة أهل البيت يحذرون منها ويحاربونها، فقد ورد عن الإمام علي عليه السلام قوله: (هلك فيّ رجلان محب غال ومبغض قال)(17)، وجاء عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: (احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدونهم فإن الغلاة شر خلق اللَّه، يصغّرون عظمة اللَّه ويدّعون الربوبية لعباد اللَّه)(18) هذا الغلو وما نتج عنه من ممارسات خاطئة سبب رد فعل عند بعض المسلمين تجاه خط أهل البيت عليهم السلام.
لكننا نلحظ الآن إقبالاً وتوجهاً نحو أهل البيت عليهم السلام، هو من بشائر الامل وتمهيدات خروج المهدي. على ضوء العودة للنصوص الشرعية التي حفظها علماء السلف في المصادر المعتمدة، ولتقدم مستوى الوعي عند أبناء الأمة، بحيث يتجاوز الواعون منهم آثار الخلافات المذهبية، والحساسيات الطائفية، وينفتحون على حقائق دينهم من الكتاب والسنة، وساعد على ذلك ما حققه بعض أتباع أهل البيت من إنجازات رائعة لمصلحة الإسلام والمسلمين، وما قدموه من صور مشرقة في الدفاع عن الدين والأمة، وطرح للأفكار البنّاءة والآراء الناضجة.
وأساساً فإن كل مسلم ينطوي قلبه على محبة أهل البيت عليهم السلام، ولا يوجد مسلم يخلو قلبه من حبهم، لكن المقصود هو تفعيل ذلك الحب، وتحويله إلى منهج في التلقي والاتباع.
إن الحديث عن أهل البيت يجتذب قلب كل مسلم، لذلك يذكر الدكتور محمد عبده يماني في مقدمة الطبعة الثانية لكتابه (علّموا أولادكم محبة آل بيت النبي): أنه نفذت الطبعة الأولى من الكتاب قبل أن يمضي على صدورها شهر واحد، بفضل من اللَّه وتوفيقه، واشتدّ الطلب على الكتاب(19).
وتحاول بعض الصحف والمجلات هذه الأيام إثارة شيء من الحساسيات الطائفية، عبر الحديث عن اعتناق بعض الأشخاص لمذهب أهل البيت عليهم السلام، لكننا نرفض هذه الإثارات، فالإسلام بيت واحد للمسلمين جميعاً، والمذاهب إنما هي غرف في ذلك البيت الواحد، وانتقال الإنسان من غرفة إلى أخرى لبعض الترجيحات لا يخرجه من نطاق البيت. فالجميع مسلمون والحمد للَّه، وأن ينتقل مسلم من مذهب إلى آخر فذلك راجع إلى قناعته واختياره، وشعوره بالمسؤولية أمام اللَّه تعالى، ولا يصح أبداً أن يكون ذلك سبباً للإثارة والتحريض والتهريج.
وكل المسلمين يتطلعون إلى تحقق ما أنبأ به رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم من خروج المهدي المنتظر عجل اللَّه فرجه من عترته وذريته وأهل بيته.
عولمة الجور وانتظار العدل:
لم يخل زمن من أزمنة التاريخ البشري من وجود الظلم والجور، فدائماً كان هناك من تسوّل له نفسه، وتُغريه قوته بالاعتداء على الآخرين، لكن الجور والظلم في هذه العصور المتأخرة أصبح أشد بشاعة وأوسع نطاقاً.
فقد تمركزت القوة والقدرة عالمياً، وتطورت وسائل الفتك والدمار، وسيطرت النزعات المادية والمصلحية على النفوس، وتعززت التوجهات العدوانية في أحيانٍ كثيرة بمباركة مؤسسات ذات صبغة شرعية دولية، حيث تهيمن الدول الكبرى على قرارات مجلس الأمن الدولي، وتتمتع فيه بحق النقض (الفيتو)، كما تمارس نفوذها الطاغي في الأمم المتحدة، والمؤسسات التابعة لها.
إن الظلم والجور لم يعد الآن كما في السابق يجري ضمن دائرة محدودة، من شخص تجاه شخص، أو من قبيلة أو مجموعة تجاه أخرى، ولا من دولة تشن عدوانها على دولة ثانية، بل اصبح الظلم يأخذ شكل تحالف دولي، تشارك فيه دول الشرق والغرب، والشمال والجنوب، والدول الكبرى والصغيرة، والمتقدمة والنامية، ضمن إرادة قوة واحدة، تريد السيطرة على العالم، والهيمنة على الشعوب والمجتمعات.
لقد انتهى مع نهاية الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفيتي، ومنظومة المعسكر الشرقي، عصر تعدد القوى والأقطاب، وأصبحت أمريكا وحدها زعيمة العالم، ترفض أي تحدٍ لهيمنتها، وتجيّش العالم كله، وتحشد قواها لمواجهة من تراه خصماً لسياساتها، متمرداً على إرادتها.
ولأننا نعيش عصر العولمة، وتشابك المصالح وتداخلها، فقد أصبحت كل ميادين الحياة ساحة مفتوحة لقوى الظلم والجور، ولم يعد العدوان محصوراً في الجانب العسكري واستخدام القوة. بل اتسع نطاقه ليشمل كل الجوانب، من ضغوط سياسية، وتعبئة إعلامية، وتحريض ثقافي، وحصار اقتصادي، وتضييق أمني..
الجوع والفقر:
هذه الثروات الضخمة الموجودة في العالم،وحركة الإنتاج والتصنيع الهائلة، وهذا التقدم العلمي والتكنلوجي الكبير، إنما يتنعم بخيراتها جزء صغير من البشرية، أما الأكثرية الساحقة فإنهم يعانون الفقر والجوع والأمراض والتخلف.
وذلك مظهر صارخ من مظاهر الجور والظلم في التاريخ المعاصر، إن أغنى ثلاثة أشخاص في العالم، يتجاوز مجموع ثروتهم مجمل الناتج الإجمالي لمجموعة الدول الأقل فقراً، والتي تضم حوالي 600 مليون شخص.
وبينما يقدر حجم التداولات في أسواق العملات والبورصات العالمية يومياً حوالي 1.5 تريليون دولار، فإن البنك الدولي أصدر تقريره السنوي عن (مؤشرات التنمية 2001) راسماً صورة كئيبة عن الفقر والجهل والمرض في الأكثرية الغالبة من أبناء البشر، تتضح بعض معالمها في الإحصاءات والأرقام التالية:
من بين سكان العالم البالغ عددهم ستة بلايين نسمة يعيش 1.2 بليون إنسان على أقل من دولار واحد يومياً.
توفي نحو 10 ملايين طفل تحت سن الخامسة في عام 1999م غالبيتهم بسبب أمراض يمكن الوقاية منها.
لا ينتظم زهاء 113 مليون طفل في المدارس.
يتوفى سنوياً نحو نصف مليون إمرأة أثناء الحمل والولادة، نتيجة لمضاعفات يمكن علاجها بسهولة أو الوقاية منها(20).
وبين فترة وأخرى تحدث مجاعات رهيبة في مناطق من العالم، ويتفرج العالم على ضحايا الجوع والمرض، وهم يلفظون أنفاسهم، شاهدين على واقع الظلم والجور العالمي.
فقبل سنة تقريباً تناقلت وكالات الأنباء أخبار المجاعة في القرن الأفريقي، والتي هددت حياة عشرين مليون شخص، قضى كثير منهم بسبب الجوع والعطش والحر والمرض.
كتب مراسل صحفي زار إحدى تلك المناطق: (عشرات المدافن تحفر يومياً لضحايا القحط والمجاعة والأمراض في منطقة أوغادين.. غالبية الأطفال يموتون من سوء التغذية والأمراض، والذين ما زالوا على قيد الحياة يفترشون الأرض في أكواخهم، يتألمون من شدة المرض والجوع والقيظ. والذي يستطيع الكلام منهم يردد كلمة (جاشو) باللغة الصومالية، وتعني (أنا جائع).
وحينما يلمح السكان زائراً يرحبون به بلهفة لاعتقادهم بأنه ربما يحمل إليهم الأمل في إنقاذهم، يأخذونه إلى خيامهم الممزقة، حيث يتمدد ضحايا الجوع أطفالا وعجزة متهالكين لا يستطيعون الحراك.
أما المساعدات التي تصل عبر بعض الهيئات الخيرية للإغاثة فهي لا تكاد تكفي لأكثر من 10% من حاجة اولئك الجياع)(21).
مأساة الشعب الأفغاني:
بعد أن رزح الشعب الأفغاني فترة تحت وطأة الاحتلال السوفييتي، وقدم تضحيات كبيرة للخلاص منه، أصبح بعد نيل حريته واستقلاله نهباً للمطامع والمؤامرات، وآلت به الأمور حالياً ليكون فريسة لعدوان بشع تقوم به أمريكا بتأييد ومشاركة من أغلب الدول.
إننا لا ندافع عن حكومة طالبان، فهي بسياساتها الخاطئة، وتوجهاتها الموغلة في التخلف والانغلاق، لم تبق مجالاً لكي يتعاطف معها أي مسلم واع.
كما أننا ندين الهجمات الانتحارية على نيويورك وواشنطن لاستهدافها الأبرياء والمدنيين.
لكن ما تقوم به أمريكا وحلفاؤها في افغانستان، هو ظلم وجور فظيع، يحصل على مرأى ومسمع من العالم، على شعب مستضعف فقير، بحجة مكافحة الإرهاب.
فخلال عشرين يوماً من القصف العنيف على أفغانستان يقدر المراقبون أن نصيب كل يوم كان 300 قنبلة..
وقد بدأت أمريكا تستخدم القنابل الانشطارية التي تحوي متفجرات مضادة للأفراد وتخترق التصفيحات.
وقبل أيام أصابت القنابل الأمريكية حافلة تقل عدداً من المتوجهين إلى الصلاة في مدينة قندهار مما أدى إلى مقتل العشرات منهم. كما أصاب القصف إحدى المستشفيات ليقتل جميع المرضى والمشرفين على علاجهم، وأصاب مستودعات ومخازن أغذية وأدوية للصليب الأحمر.
إن من يعيش داخل أفغانستان يعيش الرعب والخوف، ويتعرض لخطر الموت، ومن يهرب منها يصبح لاجئاً يعاني الفقر والجوع، ويتوقع مسؤولون في إحدى مؤسسات الإغاثة وفاة 100 ألف أفغاني من اللاجئين في الأشهر المقبلة!!
في انتظار العدل:
توقعت نصوص دينية كثيرة هذه الحالات من انتشار الظلم والجور، وتحوّله إلى ظاهرة عالمية، لكن هذه النصوص لا تذكر ذلك في سياق تكريس حالة الإحباط واليأس، بل إنها تؤكد على التطلع للخلاص والإنقاذ، وتحيي في النفوس روح الأمل والثقة بالمستقبل الأفضل.
إنها تبشّر بحركة عالمية واسعة، تقاوم الظلم والجور، وتؤسس لحضارة إنسانية قائمة على العدل والقسط.
وذلك على يد إمام مصلح منقذ من عترة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الإمام المهدي عليه السلام.
وخروج الإمام المهدي لمقاومة الجور وتحقيق العدل في العالم، قضية تناولتها نصوص واحاديث كثيرة في مختلف المصادر الإسلامية، وهي موضع اتفاق بين السنة والشيعة، والخلاف إنما هو في بعض تفاصيلها.
ومن المصادر الحديثية التي اهتمت بموضوع الإمام المهدي عليه السلام (سنن أبى داود) حيث أفرد له فصلاً بعنوان (كتاب المهدي) ذكر فيه أحد عشر حديثاً، بدأها بثلاثة أحاديث، عن عدد الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنهم اثنا عشر خليفة، كحديث عامر عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة) قال فكبّر الناس وضجوا، ثم قال كلمة خفيفة، قلت لأبي: يا أبت ما قال؟ قال: كلهم من قريش(22).
ثم يورد حديث أبي الطفيل عن علي رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم،بعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً)(23).
وحديث سعيد بن المسيِّب، عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (المهدي من عترتي من ولد فاطمة)(24).
ولعلنا نستوحي من الأحاديث التي بدأ بها أبو داود كتاب المهدي، والتي تتحدث عن الخلفاء الاثني عشر، أن الإمام المهدي هو امتداد لتلك السلسلة وتمامها وختامها.
وسنن أبى داود من مصادر الحديث المعتمدة عند أهل السنة، وهو ثالث الكتب الستة المشهورة، بعد صحيحي البخاري ومسلم.
وأبو داود هو سليمان بن الأشعث السجستاني (202 – 275هـ)
معطيات الإيمان بالمهدي عليه السلام:
حينما نجد عدداً كبيراً من النصوص الدينية، الواردة بأسانيد وطرق مختلفة، والمذكورة في المصادر والمراجع الحديثية المعتمدة، وهي تؤكد موضوع خروج الإمام المهدي ليملأ الدنيا عدلاً بعد ما ملئت جورا، وحينما نرى اهتمام علماء الأمة من مختلف الطوائف والمذاهب بإثبات هذه القضية، والدفاع عنها، والردّ على المشككين فيها، فذلك يعني اهمية القضية وموقعيتها في الفكر الإسلامي.
هذه النصوص إضافة إلى ما تستهدفه من تبيين حقيقة ثابتة، فإنها تريد تفعيل معطيات الإيمان بهذه الحقيقة في حياة الإنسان المسلم، وواقع الأمة الإسلامية.
فما هي معطيات الإيمان بخروج الإمام المهدي وحركته الإصلاحية العالمية؟
أولاً: إحياء روح الأمل في نفس الإنسان المسلم والامة المسلمة، فمهما تعاظمت الخطوب، واشتدت الكروب، لا يصح أبدا الاستسلام لليأس، ولا الخضوع للإحباط. إن فقدان الأمل يعني الاعتراف بالهزيمة والعجز، وبالتالي توقف السعي والحركة لبلوغ الهدف.
والهزيمة النفسية أخطر من الهزيمة المادية، حيث لا تقوم بعدها للمهزوم قائمة، بينما قد يستجمع المغلوب قوته من جديد، ويتلافى نقاط ضعفه، ويحقق الانتصار والتقدم.
إن الإيمان بخروج المهدي يعني الثقة بمستقبل الإسلام والأمة، وأن النكسات والأزمات هي حالات مؤقتة محدودة، مما يعطي الساحة الإسلامية زخماً معنوياً مستمراً، يمكنها من تجديد ذاتها، واستعادة نشاطها، والتغلب على أزماتها.
ثانياً: التطلع للعدل: بأن لا ينساق الإنسان مع تيار الظلم والجور، وإن كان ملأ الدنيا كلها، بل يبقى رافضاً له، متطلعاً إلى زواله ونهايته.
وذلك يستلزم وعي الإنسان المؤمن ـ بالإمام المهدي ـ لما يجري في العالم من اوضاع واحداث، قارئاً لها برؤية صحيحة، لئلا تلتبس عليه التوجهات والمواقف، ولا ينخدع بزيف الباطل وإغراءاته.
فلا يسمح لنفسه بأن يكون جزءاً من واقع الجور، ولا أن يمارس شيئاً من الظلم، في مختلف مستوياته. وكيف يقارب الجور وهو يتحفز نفسياً وذهنياً لمقاومته؟ وكيف يخالف العدل وهو يتطلع لخروج الإمام الذي يحققه؟
إن الإيمان بالمهدي كحاسم لمعركة العدل ضد الجور، يعني أن يتهيأ الإنسان، ويضع نفسه ضمن معسكر العدل، فيتحلى بالعدالة والإنصاف في تعامله مع الآخرين، حسب موقعه كفرد، أو كرَبّ أُسرة، أو صاحب منصب، أو مدير مؤسسة... أما إذا كان يمارس الظلم والاعتداء على حقوق الآخرين، وهو يدعي التطلع والانتظار لخروج إمام العدل، فهو تناقض وخداع!!
ثالثاً: الرؤية العالمية: إننا نعيش عصر العولمة بما تعنيه من سقوط الحواجز والحدود أمام حركة المعلومات والأشخاص والسلع، والعالم الآن ساحة مفتوحة على بعضها، وقرية صغيرة متداخلة الأحياء.
وعلينا كمسلمين أن ننطلق في حركتنا من رؤية عالمية، فنفكر في واقع البشرية جمعاء، ونبادر إلى وضع الحلول والمعالجات لمشاكل الإنسانية، ونجتهد ونسعى للتخاطب مع الإنسان على مستوى العالم وديننا (الإسلام) رسالة إنسانية عالمية، يقول تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ)(25) وفي آية أخرى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)(26).
وتكررت في القرآن الكريم عشرات الآيات تخاطب الناس بشكل عام: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) أو (يَا بَنِي آدَم).
لكن واقع الخطاب والتحرك الإسلامي لا يرقى إلى هذا المستوى من الرؤية العالمية، فلا يزال التفكير والاهتمام في حدود الدوائر الضيقة التي ننتمي اليها إجتماعياً او مناطقياً أو مذهبياً، بينما نجد الآخرين يتحركون على مستوى العالم، ويصوغون خطابهم لاستقطاب الإنسان من أي أمة كان، وينشئون المؤسسات التي تهتم بمشاكل البشر عامة، كمنظمة العفو الدولية، واطباء بلا حدود، ومكافحة التمييز، ومقاومة الأمراض الفتاكة كالإيدز، وحماية البيئة، وأخيرا مناهضة العولمة. إن الإيمان بالإمام المهدي يعني التطلع لإنقاذ العالم كله، والتفكير في مستقبل البشرية جمعاء، فهو يخرج لا لإصلاح العالم الإسلامي فقط، أو لقيادة الطائفة الشيعية فحسب، بل ليملأ الأرض عدلا، بكل من على ظهرها من البشر، بعدما ملئت جورا.
وعلى الواعين والمتصدين للقضايا الدينية أن يتجاوزوا حالات الانغلاق والانكفاء المذهبي أو الطائفي أو الديني، وأن يرتقوا إلى مستوى الرؤية الإسلامية العالمية، فيكون خطابهم إنسانياً بمضمونه الديني، ويضعون البرامج والخطط على مستوى العالم، وليس على مقاسات قراهم وعشائرهم، ويفكرون في التحديات الكبرى التي تواجه الإنسانية في هذا العصر، لا أن ينشغلوا بالجدالات الكلامية والنظرية الموروثة من العصور السابقة.
رابعاً: التوجه لأهل البيت عليهم السلام: هل هي مصادفة أن تكون بداية الإسلام على يد الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وانبعاث الإسلام عالمياً آخر الزمان على يد رجل من عترته وذريته؟
وهل الصلاة على آل محمد في التشهّد للصلاة أمر اعتباطي؟ حيث اتفق المسلمون على ذلك، إما كسّنة كما هو رأي الحنفية والمالكية أو كواجب كما هو رأي الشيعة والحنابلة الذين يوجبون الصلاة على النبي وآل النبي في التشهد للصلاة.
قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: (ويتشهد بالتشهد الأول، ويصلي على النبي فيقول: اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.. وهي واجبة في صحيح المذهب)(27).
ثم إن النصوص الواردة في فضل أهل البيت من آيات القرآن كقوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)(28). وآية المباهلة: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ)(29) وغيرها، وكذلك الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في التذكير بحق أهل البيت ومقامهم، كالحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن أرقم أنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوماً فينا خطيباً، بماء يدعى خُمًّا بين مكة والمدينة،فحمد الله واثنى عليه، ووعظ وذكّر، ثم قال: (أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وانا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به) فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: (وأهل بيتي. اذكركم الله في اهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي)(30).
هل هذه النصوص عادية في مستوى سائر النصوص التي تتحدث عن فضل بقية الصحابة والمسلمين؟
أم أن في هذه الأمور وأمثالها دلالة وإشارة على موقعية متميزة لأهل البيت عليهم السلام؟
لاشك أن ذلك هو ما يتبادر إلى الذهن السليم، وما تؤكده أي دراسة موضوعية لمكانة أهل البيت وسيرتهم الطبية.
وقضية خروج الإمام المهدي من أهل البيت عليهم السلام ينبغي أن تكون دافعاً عند من يؤمن بها، للاقتراب الأكثر من أهل البيت عليهم السلام، والتمسك بولائهم، ولأخذ أمور الدين والشرع منهم.
اللهم ثبتنا على محبة وولاية محمد وآله الأطهار، وعلى محبة أصحاب محمد الأخيار، ووفقنا للالتزام بدينك. والحمد لله رب العالمين.


 

 

 

 

 

 

 

الهوامش:

ــــــــــــــــــــــ

(1) سورة الأنبياء الآية 68-70.
(2) سورة آل عمران الآية 47.
(3) سورة الاسراء الآية1.
(4) ابن تيمية الحراني: شيخ الإسلام أحمد، منهاج السنة ج4 ص211 الطبعة الأولى، المطبعة الكبرى الأميرية - مصر 1322هـ.
(5) الألباني: محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة ج4 ص38 حديث رقم1529 الطبعة الأولى: الدار السلفية- الكويت، المكتبة الإسلامية - الأردن 1983م.
(6) البرقاوي: يوسف بن عبد الرحمن، عقيدة الامة في المهدي المنتظر، مجلة البحوث الإسلامية عدد49 ص304-305.
(7) الصافي: لطف اللَّه، منتخب الاثر، الطبعة الثانية 1385هـ مركز الكتاب، طهران – ايران.
(8) الألباني: محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة ج3 ص63، الطبعة الثانية 1987م مكتبة المعارف - الرياض.
(9) سورة العنكبوت: الآية14.
(10) سورة العنكبوت: الآية46.
(11) العباد: الشيخ عبد المحسن، عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ص127 العدد الثالث، السنة الأولى 1388هـ.
(12) الألباني: محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج4 ص43.
(13) مجلة الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة ص161 - 164، العدد الثالث - السنة الأولى ذو القعدة 1388هـ.
(14) الألباني: محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة ج4 ص39.
(15) الصافي: لطف اللَّه، منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر ص292.
(16) القشيري النيسابوري: مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم - حديث رقم 2408 كتاب فضائل الصحابة.
(17) الموسوي: الشريف الرضي، نهج البلاغة - قصار الحكم 117.
(18) المجلسي: محمد باقر، بحار الأنوار ج25 ص265.
(19) يماني: محمد عبده، علّموا أولادكم محبة آل بيت النبي ص9 الطبعة الثانية 1992م دار القبلة، جدة.
(20) الحياة / جريدة يومية/ لندن 30 نيسان 2001 م.
(21) الحياة / جريدة يومية/ لندن 27 نيسان 2000م.
(22) السجستاني: سليمان بن الاشعث/سنن ابي داود- حديث رقم 4281.
(23) المصدر السابق – حديث رقم 4283.
(24) المصدر السابق – حديث رقم 4284.
(25) سورة سبأ آية 28.
(26) سورة الانبياء آية 107.
(27) ابن قدامة الحنبلي: عبد الله بن احمد/المغني ج2 ص228.
(28) سورة الأحزاب آية 33.
(29) سورة آل عمران آية 61.
(30) القشيري: مسلم بن الحجاج/صحيح مسلم – حديث رقم2408 فضائل الصحابة.