الإمام المهدي (عليه السلام) والإيمان بالغيب
تأليف: آية الله السيد محمد تقي المدرسي
الفهرست
المقدمة..................3
منهج البحث..................7
لماذا الإيمان بالغيب؟..................15
ولاية الله؛ لا حكم الطغاة..................23
لماذا الانتظار؟..................33
الإمام المهدي (عليه السلام) في الكتاب والسنة..................42
بين يدي النصوص..................54
المصادر..................59
أقوال علماء السنة في المهدي (عليه السلام)..................85
الأئمة اثنى عشر..................106
المصادر..................108
فقه الأحاديث..................132
ملاحقة المرتابين..................150
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيد المرسلين محمد المصطفى وأهل بيته المنتجبين.
الحقائق الكبرى ذات حجج بالغة، وآيات مبصرات بالغة النفاذ. فبمجرد تذكرة العقل بها يستوعبها قلب البشر، ويشهدها وجدانه. ولكن السؤال: كيف - مع ذلك - يرتاب فيها المرتابون، وهي لاريب فيها؛ وكيف يماري فيها المجادلون، وهي بالغة الوضوح؟
الله واسماءه الحسنى، النشور وآياته في النفس والافاق، الرسالة ودلائلها البينات، انها ابرز تلك الحقائق، وهي - في ذات الوقت - محور ريب الكفار، ومدار جدل المرتابين، لماذا؟
السبب؛ إن الشيطان يختلق لمثل هذه الحقائق افكا كبيرا، وجدلا واسعا. ولكي تجري سنة الله في امتحان البشر، فان الله سبحانه
لا يكره قلب البشر على القبول بالحقائق، ويدع الناس في حرية تامة من امرهم، مما يسمح للشيطان بالقاء امانيه، وحبك افكه وتزيين وساوسه، ثم ينفث في روع اولياءه الفكرة الخبيثة التالية:
لو كانت هذه الحقيقة الكبيرة صحيحة اذا كان الناس كلهم يؤمنون بها، وإذ لم يؤمن بها الجميع فان ذلك لدليل على عدم صحتها.
إن ذلك اخطر وساوس الشيطان، وإذا وعينا سنة الله في فتنة الخلق، وانه تعالى لايفرض على البشر الهداية، وانما على الانسان نفسه ان يوفر في ذاته شروطها، ومن شروطها الاستعداد للتسليم للحق انى كان، والشهادة عليه بالوفاء بواجباته، وعدم الارتياب فيه بعد وضوحه لديه.. اقول؛ اذا وعينا هذه السنة الالهية، فان اساس وساوس الشيطان ينهار عليه، ونبقى سالمين من مكره الخبيث.
وحقيقة الامام الغائب لمن تلك الحقائق الكبرى التي بالرغم من توافر الحجة عليها، فان افك الشيطان فيها ايضا افك كبير، وجدله، ووساوسه، ونفثاته، وهمزاته، وبكلمة مكره الثقافي إنما هو بقدر عظمة الحقيقة ومدى اثرها في هداية البشر، وكذلك مدى الخسارة في فقدانها.
بلى.. إن المنظومة الفكرية في عقائد التوحيد إنما تنتظم بالولاية، وهي الحبل المتصل بين سماء القيم وصعيد الواقع، الذي تطبق عليه تلك القيم. فلو انقطع الحبل فان مفردات العقائد تبقى من دون نظام،
وفائدتها تكون محدودة. خصوصا في حقل بناء الامة، وحضارتها الالهية.
وللشيطان في تضليل البشر فتنة كبيرة، حيث انه يفرغ الشرائع من محتواها. ويبتدء مسلسل هذه الفتنة بان البشر لاينبغي ان يسلم لبشر مثله، بل يتصل مباشرة برب العزة. وهكذا كانت هذه الشبهة اخطر عقبة في طريق ايمان الناس بالانبياء (عليهم السلام).
وإذ ختمت الرسالات بالنبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) كانت الفتنة تتلخص في ان الرسالة هل تمتد من بعده في اشخاص أم تتلاشى مع رحيله والتحاقه بالرفيق الأعلى؟
وقال الموالون لأهل بيت الرسالة ان ذات الطاعة التي كانت لله وللرسول تستمر في اوصياء الرسول، واستشهدوا بآيات وأحاديث، وادلة واضحة.
حتى إذا اكتمل الائمة (عليهم السلام) اثنى عشر بدء الشيطان يشكك في غيبة الامام الثاني عشر، والهدف ان يفرغ الرسالة من محتواها. إذ ان التسليم لشخص ليس بالسهل لقلب البشر، المنطوي على كبر ذاتي منذ ان تحمل الامانة، وكان الانسان ظلوما جهولا.
والذين يؤمنون بالامامة ويؤمنون باستمرارها، فانهم ليسوا سواء في مستوى التسليم. فترى البعض ان يقتصر في ايمانه بالامام المنتظر (عليه السلام) بأدنى قدر حتى لايعارض كبر نفسه في التسليم التام له، وهو
بالتالي بشر مثله إلا انه امام مفترض الطاعة.
ومنهم من يجعل إيمانه بالامام منطلقا لسلسلة من الحقائق يؤمن بها. فالعقيدة تدخل ضمن وجدانه الثقافي، وسلوكه الحياتي، ورقابته لنفسه، وموقفه من التحديات.. وهكذا يستفيد عمليا من هذه العقيدة التي تخالط مخه ودمه وكيانه، فيصبح انسانا ربانيا، إذ يتصل وجدانه بالانسان الالهي (الامام المنتظر) سلام الله عليه.
ونحن إذ نقدم لك ايها القارئ الكريم هذه الخلاصة في عقيدة الحجة المنتظر (عليه السلام) نأمل ان نساهم في تطوير صلتك به، وتفاعلك مع العقيدة به، وبالتالي في تعميق ايمانك بالغيب، وارتباطك به ارتباطا وثيقا.
إن هذا الكتاب مجرد إثارة علمية، وتذكرة قلبية في واحدة من ابرز حقائق العقيدة الالهية، وانما نستطيع ان نستفيد منه إذا كنا مستعدين فعلا تغيير واقعنا وجعله اقرب الى الغيب، والايمان به، والتواصل معه.
نسأل الله سبحانه ان يجعلنا واياكم من اولئك الذين يلقون السمع، وهم شهداء، انه نعم المجيب.
14 / محرم الحرام / 1417 هـ
محمد تقي المدرسي
تضطرب النفس البشرية عندما تواجه حالة الشك، وتسعى جاهدة لملأ الفراغ وعلاج التوتر، حتى تبلغ شاطئ الحقيقة وتستريح الى فرات العلم، فتحس ببرد اليقين، وتستقر في ظلال الايمان.
وهكذا يتنازع الشك واليقين افئدتنا، ونعايش دوما الانتقال من حالة التوتر التي يورثها الشك الى حالة الاستقرار التي يبعثها اليقين؛ مما يجعل هذا الانتقال من الحقائق اليومية في حياتنا، مثل التحول في الطبيعة من العطش الى الارتواء او من الحرور الى الظل او من غسق الليل الى ضحى النهار.
كيف تتم هذه النقلة العظيمة، التي تجعل البشر اعلى واقوى من سائر الخليقة؟
ذلك هو السؤال العريض الذي واجه المتفكرين. ولكن لو عدنا الى انفسنا، ودرسنا حالاتنا الذاتية، فان باستطاعتنا ان نلمس من قريب
ابعاد الحقيقة التي تجيب عن هذا السؤال بوضوح، بل لا تدع مجالا لمثل هذا السؤال.
اننا نعلم يقينا بوجود انفسنا، وبتواجد الحقائق من حولنا، وباختلاف الظواهر والحالات علينا. وان هذا اليقين لا نشك فيه لحظة، وحتى لو جاء متخلف وحاول القاء الشك في افئدتنا، فلربما استمعنا الى جداله المزخرف فترة من الوقت ثم ادرنا وجوهنا عنه، وقلنا: نحن على يقين من هذه الحقائق، ولعلك في شك فاذهب وابحث عن اليقين لنفسك.
والسر في ذلك ان الله - عز وجل - اودع في قلوبنا عقلا يكتشف الحقائق ويؤمن بها ويبعث الطمأنينة فينا بصدقها.
وهذا العقل يجعلنا نثق ثقة كافية بأننا فعلا موجودون، وان العالم من حولنا حق لاريب فيه، وان النظام الحاكم في الخليقة ثابت ومستقر، وان علينا ان نتكيف معه.
كما وانه هو الذي يكشف لنا آلاف الحقائق الكبيرة والصغيرة التي نثق بها يقينا ونتعامل معها يوميا، ونشكل منها منظومة علمية متكاملة نفتخر بها نحن البشر، بل ونسخر الطبيعة بفضل تلك العلوم الواسعة.
والنظام الاخلاقي الذي يتلخص في جملة واجبات يعلم كل انسان ضرورة الالتزام بها؛ كالوفاء والاحسان والعدل ورد الامانة، وتجنب العدوان والظلم، وما اليها من الثوابت التي تعتبر قاعدة كل نظام اخلاقي في العالم، وعند جميع البشر انى اختلفت مذاهبهم وطبائعهم. وان هذا
النظام هو اعظم ميزان نعرف به الخير والشر، واهل الخير واهل الشر، والدعوة الحق والدعوة الباطل..
وبهذا الميزان عرفت القلوب صدق دعوة الانبياء - (عليهم السلام) - كما عرفت - ولو بعد حين - الكذب عند ادعياء النبوة او عند اصحاب المذاهب الباطلة.
وتلك هي حجة الله البالغة على خلقه، حيث لا يرتاب احد لو راجع وجدانه، وميزان عقله في صدق رسالة الانبياء الداعية تماما الى تلك الثوابت الاخلاقية التي تشكل قاعدة كل تشريع عادل، وسلوك فاضل.
وجاء النبي محمد - صلى الله عليه وآله - برسالة القرآن التي ختم الله بها الرسل، واكمل دعوات الحق. فكان القرآن والوجدان معا ميزانا عند البشر. أوليس تذكر القرآن بحقائق الوجدان جعلنا على بصيرة وعلى يقين وفي سكينة وطمأنينة؟
وكلما ازداد المسلم وعيا بكتاب الله، ازداد بصيرة في وجدانه. ويستطيع ان يعرف الحق ويهتدي الى سبل السلام.
واذا عرف الحق عرف اهله. واذا عرف اهل الحق عرف الباطل واهله.
ولما اهتدى المؤمنون بحقائق قلوبهم الى نور الوحي عرفوا الرسول الذي انزل اليه، وقال ربنا سبحانه:
(أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنِكِرُونَ) (المؤمنون / 69)
ولما عرفوا الرسول معرفة نابعة من بصيرة ايمانهم وميزان عقولهم، عرفوا اولى الناس به، واقرب الناس الى هديه، واوعى الناس بعلمه، واكثرهم اتباعا له، والذي لم يكن سوى الامام علي بن ابي طالب. وتطابق هدى عقولهم، ووصايا الرسول، فكانوا على يقين بأنه هو الامام الحق، حتى ولو انفصلت عنه السلطة. فالسلطة ليست ميزان حق، لان الله يفتن بها المؤمن والكافر، بل ان سلطة الكافرين في الارض اكثر واطول.. واذا كانت السلطة الظاهرة بعد الرسول ميزانا، فلابد ان تكون ذات السلطة ميزانا لمعرفة الحق ابدا ودائما، فاذا بملوك بني امية وبني العباس كلهم موازين حق!! فاين اذا القرآن، واين الوجدان، واين تلك الثوابت الاخلاقية؟!
وهكذا عرفنا الامام بالدعوة التي حملها، وبالنور الذي اتبعه، وبالصراط القويم الذي امر به. عرفناه بذات الميزان الذي عرفنا به صدق دعوة الرسول - اي تطابق الوحي والعقل -.
وبعد الامام علي - سلام الله عليه - لم نجد تلك الصفات المثلى قد تجمعت في شخص كما تجمعت في السبطين الحسن والحسين - سلام الله عليهما -، وتطابقت كلمة الرسول فيهما وحقائق سلوكهما. فكانت وصية الرسول باتباعهما دليلا على صدق نبوته، أولم يرتحل الرسول عن الدنيا وهما دون العاشرة من عمرهما الشريف، فكيف عرف الرسول انهما امامان قاما او قعدا؟ اوليس بالوحي الذي نزل
عليه، وانبأه بأمر الأئمة من بعده وعموما بأهل بيته، الذي تركهما والقرآن ثقلين ليتمسك بهما من اراد الله، وليكفر بهما من كفر عن بينة وبعد اتمام الحجة عليه من الله؟
ان سيرة اهل البيت - (عليهم السلام) - وهديهم وعلمهم، وتمثلهم لحياة الرسول واتباعهم له اتباع الفصيل لامه، وجهادهم في الله، وتجنبهم لسلطات الجور وقيامهم ضد دعوات الفساد والانحراف.. كل ذلك كان دليلا على ان الرسول لم ينطق فيهم بهواه حاشا لله، انما نطق عنهم بوحي اوحي اليه. ولم يوص بهم إلا ليتم الله حجته على عباده الصالحين، فيعرفوا ائمتهم من آل بيت الرسول معرفة وجدانية بنور ايمانهم، وهدى عقولهم.
وهكذا جاء في الحديث المأثور عن سعد عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن محمد عن حمران عن الفضل بن السكن عن أبي عبد الله الصادق - (عليه السلام) - قال: قال أمير المؤمنين - (عليه السلام) -:
"اعرفوا الله بالله، والرسول بالرسالة، وأولي الأمر بالمعروف والعدل والاحسان"(1).
وهكذا عرف أهل البصائر من المسلمين ائمة الهدى من اهل بيت الرسول، وظهرت كراماتهم وآيات صدقهم، وحقائق علومهم على لسان أعدائهم، فكيف بأتباعهم؟..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الانوار / ج 3 / ص 270 / رواية 7.
وكانت فرق من المسلمين قد التفت حول بعض الناس من آل البيت، الذين لم يكن لهم مستوى من العلم والتقوى بدرجة الأئمة - (عليهم السلام) -. فما لبث الصالحون منهم ان عرفوا الصواب وتركوا الشقاق وانقرضت البقية الباقية منهم او كادوا..
فمثلا الكيسانية الذين اتبعوا محمد بن الحنفية، والفطحية الذين مالوا الى عبد الله الافطح ابن الامام الصادق - (عليه السلام) -، والواقفية الذين خالفوا الامام الرضا - (عليه السلام) -.
وقد انقرض هؤلاء، بينما بقيت فرقة الاسماعلية الذين قالوا بامامة اسماعيل بن الامام الصادق - (عليه السلام) -، وزعموا ان موته الظاهري كان نوعا من التقية، وان الامامة لازالت في أبنائه حتى اليوم. وهذه الفئة بالرغم من وجودها اليوم إلا انها ليست بذات شأن يذكر. كذلك الذين زعموا ان الامامة انتقلت من الامام علي بن الحسين - (عليه السلام) - الى ابنه زيد، والذين هم بدورهم لايملكون حجة قوية تناهض حجة الشيعة الاثني عشرية الذين التفوا حول ائمة الهدى من آل بيت الرسالة.
ولاتزال دعوة الرسول باتباع آل البيت نافذة، كما انه لا تزال دعوة الله باتباع الرسول نافذة، حيث قال الله سبحانه:
(أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ) (النساء / 59)
لماذا، اوليست الطاعة خاصة بالشؤون الحياتية التي تتطور وتتغير،
كالحرب والسلم وادارة الاقتصاد وتولي السلطة، والقضاء في المجتمع؟؟
كلا.. ان جزءا من الطاعة يرتبط بهذه الشؤون المتغيرة، بينما الجزء الأكبر يتصل بفقه الدين ووعي حقائقه، واتباع القدوة في الحياة.
ونحن قد أمرنا باتباع هدى الانبياء الذين سبقوا، وما ذكرت سيرتهم وقصص حياتهم في كتاب الله الخاتم إلا ليتبعوا، وقد قال الله سبحانه بعد ذكر اسماء الرسل:
(اُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) (الانعام / 90)
وكما الانبياء، كذلك نبينا الأكرم - صلى الله عليه وآله - أمرنا باتباعه واخذ ما جاء به من عند الله، فقال سبحانه:
(وَمَآ ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (الحشر / 7)
وكذلك الائمة - (عليهم السلام) - أمرنا باتباع نهجهم بعد حياتهم، كما امرنا بطاعتهم فيها.
وقد جعل الله اتباع ابراهيم - (عليه السلام) - ميزانا للصلة به والولاية باسمه، فقال سبحانه:
(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَالله وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران / 68)
ونحن اذ نتحدث عن قضايا خلافية وقعت في التاريخ البعيد، كالتي حدثت بعد رحلة نبينا - صلى الله عليه وآله - او بعد خلافة الامام علي - (عليه السلام) -، فليس لكي نعمق الشقاق بين ابناء الامة، وانما
لمعرفة الطريق السليم في حياتنا. فان نهج علي - (عليه السلام) - باق في سيرته وفي كلماته، كما ان سلوك معاوية قائم في منهجية حكمه، وطريقة ادارته. فأي النهجين نتبع، واي السبيلين نسلك؟
الحديث عن الأئمة الهداة من اهل بيت الرسول ليس ترفا، كذلك وانما هو نهج حياة..
فاذا قال أحدهم: لماذا اكتملت الحجة بأثني عشر اماما، ولم تستمر الامامة بصورتها الظاهرة الى الأبد؟
قلنا له؛ لماذا اكتملت الرسالة بذلك العدد من الانبياء ولم تستمر بصورتها تلك الى قيام الساعة؟
لقد اقتضت الحكمة الالهية ذلك فيما يتصل بالرسالات ان تختم بالنبي المصطفى محمد - صلى الله عليه وآله - وان تختم الامامة بصورتها الظاهرة بالامام الثاني عشر سمُي رسول الله، ابن الامام الحسن العسكري - سلام الله عليه -، وذلك بعد ان عرفت الامة احكام الدين وتفسير القرآن الكريم، وتنامى الخط الاصيل، وتركزت الحجة على الخلق.. فغاب الامام المنتظر ليكون في غيبته وانتظار الامة له، حكمة بالغة سوف نتحدث عنها لاحقا انشاء الله.
لماذا الايمان بالغيب؟
انتظار الامام الغائب انتظار يوم الدين، والايمان بالوحي النازل من الغيب، واكبر من كل ذلك الايمان بالله سبحانه واسماءه الحسنى، كل ذلك ايمان بحق تشهد عليه آياته.. فبالتسامي من ظاهرة مشهودة كالشمس والقمر واختلاف الليل والنهار، نعرف حقا آخر غاب عن اعيننا، وصدقت به عقولنا، وبصرت به قلوبنا.
وانها لميزة الانسان التي تسمو به بين سائر الاحياء علم بالغيب من خلال علم بالظاهر. فترى اننا نعرف الماضي من خلال الحاضر، ونعرف المستقبل ايضا بعد معرفة الحاضر. الا ترى ان 99 % من العلوم هي معرفة ما وراء الظواهر؟ والفرق بين من يرى نور الكهرباء ومن يعرف حقيقته هو الفرق بين العالم والجاهل، بل بين الانسان وغيره.
إلا ان الايمان بالغيب يختلف عن العلم بالغيب. فعندما يكون العلم الطاقة الكامنة في الاسلاك، او الحديث عن مستقبل مريض ابتلي بعاهة
لا شفاء لها، او عن تطور ظاهرة في الاقتصاد معروفة النتائج علميا.. عند ذلك كلنا نعلم ذلك الغائب الذي تدل عليه شواهده وأدلته. ولكن عندما تكون ذات الظواهر تدلنا على ربنا والملايين من اشباهها، ترى البعض يتوقف، لماذا؟ لان عقبة نفسية تعترض طريقه، واذا اراد الايمان فان عليه ان يتجاوز تلك العقبة بعزيمة ارادته، ثم يصدق بالحق من وراء الظواهر..
كذلك كان الايمان بالغيب ميزة بعض البشر وليس كل الناس، انما المتقون وحدهم يهتدون الى الغيب فيؤمنون به.
قال الله تعالى:
(الم * ذَلِكَ الكِتَابُ لاَرَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلمُتَّقِينَ * الَّذِينَ ُيؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ) (البقرة / 1-3)
وميزان صدق الانسان، وتكامله واثباته لقدرته على تجاوز ذاته، وتحديه للهوى والشهوات ووساوس الشيطان.. ميزان كل ذلك ايمانه بالغيب.
فاذا آمن بالغيب مرة، امن به كل مرة لان قدرته واحدة، هنا وفي كل موقع. فمثله كالذي تعلم لغة وتكلم بها مرة فانه يتحدث بها كل مرة، لانه اكتسب قدرة يستخدمها ابدا. كذلك الذي آمن بالله صادقا من خلال آياته، فانه يؤمن بالرسل وبالكتب وبالقيامة وبالمعاجز و.. و..
ان قدرة الانسان على تجاوز ذاته هي واحدة في كل مكان، ومن هنا فانه يؤمن بكل حق بلا تفريق بين حق وآخر.
قال الله تعالى:
(الَّذِينَ ُيؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمآ اُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمآ اُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالاَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (البقرة / 3-4)
وقال سبحانه:
(ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَآ اُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كَلٌّ ءَامَنَ بِالله وَمَلآَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِن رُسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (البقرة / 285)
اما الذي يدعي الايمان بالحق ثم يكفر ببعض الكفر فانه كاذب في ايمانه، لانه لم يعرف كيف يتجاوز ذاته، ويخالف هواه. انه يتبع هواه في تقييم الحقائق، فما وافقت عليه نفسه آمن به، وما خالفته نفسه كفر، وكان كمن قال ربنا سبحانه عنه:
(أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) (البقرة / 87)
وهكذا يلجأوون الى ميزان العصبية والأهواء في تقييم الحقائق، وبأيها يؤمنون وبأيها يكفرون. فاذا انزل الوحي فيهم وكان الرسول من قومهم آمنوا به، واذا كان من غيرهم كفروا به. هؤلاء هم في الواقع
من اتباع الهوى.
يقول الله سبحانه:
(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَآ اَنْزَلَ الله بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ الله مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ) (البقرة / 90)
واليوم نجد البعض يرتاب في حقائق كان بالامس يؤمن بها ويدافع عنها اشد الدفاع، لماذا؟ لانه تعرض لفتنة، واصبحت هذه الحقيقة تخالف مصالحه واهواءه، وغدا يكفر بالحقيقة التي لايزال يؤمن بها اليوم، وهكذا يكفر ويؤمن حسب رياح الهوى. فهل هذا مؤمن؟ كلا.. لان اساس الايمان هو الاقتدار ضد الهوى، هو التحدي ضد جبت الذات. فاذا انهارت مقاومة الانسان الداخلية، فأية قيمة لايمانه. بل كيف نسمي الايمان بشرط موافقة الهوى - كيف نسميه - ايمانا؟!
مثل هؤلاء الذين يتراجعون اليوم عما امنوا به امس لم يكونوا مؤمنين حقا. بل كانوا يزعمون انهم مؤمنين، او يتظاهرون به، وقد قال الله تعالى عن الفريق الأول:
(قَالَتِ الاَعْرَابُ ءَامَنَّا قُل لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (الحجرات / 14)
ويقول سبحانه عن الفريق الثاني:
(إِذَا جَآءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله وَالله يَعْلَمُ إِنَّكَ
لَرَسُولُهُ وَالله يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ الله إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (المنافقون / 1-2)
ومن هذه الزاوية تجد البعض اذا أوتي شيئا من علم الدين زعم انه ملك ناصية الدين ذاته، يغير فيه ما شاءت اهواءه.
فاذا راجت في الغرب فكرة التساوي بين الجنسين تراه اخذ يأول نصوص الدين فيما يتصل بالتمايز بينهما، حتى ان بعضهم اخذ يحرف كتاب العهدين بحذف ما فيه من كلمات تشير الى الفرق بين الرجل والمرأة، فأخذ يسمى الرب بالعظيم بدل كلمة الأب.
وترى بعضهم اخذوا يحرفون كلمات القرآن المجيد حول المرأة لكي تنسجم مع افكار الغرب حول النساء.
وكان قديما طائفة قد تأثروا بالفلسفة اليونانية القديمة، فأخذوا يفسرون نصوص القرآن والسنة بما ينسجم مع تلك الفلسفة. وكان الميزان عندهم مذهبهم في الفلسفة، لا ايمانهم بالكتاب. فاذا كان الواحد منهم شائيا فسر القرآن حسب نظريات ارسطو، وان كان اشراقياً فسره حسب اراء افلاطون، وهكذا..
وترى البعض اذا صار ثوريا فتش في ايات الذكر عما تدعم نظرياته المتطرفة، واذا انقلب على الثورة واصبح محافظا اكتشف رأسا ان القرآن كله يدل على منهج المحافظين، وهكذا..
ولذلك تجد الفرق الاسلامية التي بلغت حدة التناقض فيها حد القتال،
وجدت جميعا ايات تستدل بها على آرائها الباطلة.
وحتى في افق التشريع تجد البعض يصدر الفتاوي التي توحي بها الظروف، ويستند فيها الى ايات القرآن، وقد تكون تلك الفتاوى متعارضة مع أبسط المبادئ الفقهية..
وكل ذلك منشؤه ان الايمان ليس كافيا لمقاومة هوى الذات او شهوات النفس او ضغط المجتمع..
ومن هنا امرنا الرب بان نسأل اهل الذكر، وهم ليسوا كل اهل العلم (أهل الكتاب) بل الاتقياء منهم فقط، الذين وعت قلوبهم حقائق البينات او بصائر الكتب. فقال سبحانه:
(فَسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُم لاَ تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ) (النحل / 43-44)
وعندما طبقت بصيرة الولاية في بعض البلاد وواجهت مضاعفات عند التطبيق، واصطدم البعض بها، تراه لم ينسب الخطأ الى البشر الذين هم - بالتالي - غير معصومين. ولم يدر ان كل فكرة واجهت مضاعفات عند التطبيق. فالديمقراطية التعددية والديمقراطية الشعبية والملكية الدستورية والملكية المطلقة.. وكل النظم واجهت مشاكل عند التطبيق. والعقلاء لم يحملوا كل المسؤولية على المبدء، بل عرفوا مواقع الضعف في المبدء، وميزوها عن مواقع الضعف في المنفذين لها.
وعند هذا المنعطف انهار وبدأ يرتاب في حقيقة الولاية الالهية، ويدعو
الى العلمانية (وفصل الدين عن السياسة) او الى التطوير في طريقة فهم الدين..
انهم - بكلمة - استوحوا من الظروف المحيطة افكارا واخذوا يحملونها الدين قسرا، ويفسرون ايات الكتاب بارائهم ويحرفون كلماتها باهواءهم. وكانوا اظهر مصداق لقوله سبحانه:
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَآءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلآَّ اُوْلُواْ الأَلْبَابِ) (آل عمران / 7)
وترى بعضهم ابتلي بالشك الجارف فاذا بفيروس الارتياب ينخر في اصول عقائده، فأخذ يشك في الامام المنتظر - (عليه السلام) - زاعما ان الدليل الوحيد الذي دل على ولاية الفقية هو الحديث المسند اليه. فامعانا في فتنة نفسه وخداع ذاته اخذ ينفي وجود الامام الحجة حتى ينهار اساس ولاية الفقيه.. تلك الولاية التي اصطدم بها ونصب نفسه لتسفيهها وضرب قواعدها واسسها.
ان ولاية الفقيه ذات اسس رصينة اعمق واقوى مما ظنه هذا الفرد، حيث ان ادلتها قائمة في كتاب الله وسنة رسوله، كما انها تنسجم مع مجمل القيم الدينية.
ثم انه اخذ يرتاب في سائر اصول المذهب الحق، بل بعض اصول الدين ذاته.
ان المشكلة الاولى عند من يكفر بالحق - لا فرق بين هذا الحق في اي مستوى يكون - انها تتلخص في استرساله مع هواه، وعدم تحديه لوساوس نفسه، فاذا به يتردد في ريبه دون ان يصل الى شاطئ اليقين، فمثله كمثل من قال عنه ربنا سبحانه:
(فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) (التوبة/ 45)
وكلمة اخيرة؛ ان الايمان لايتجزأ، ومن اراد ان يكفر بحق ويؤمن بآخر فانه بمثابة من يكفر بالحق كله.
قال الله تعالى:
(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِك َمِنْكُمْ إِلاَّ خِزيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ) (البقرة / 85)
ولاية الله؛ لا حكم الطغاة
بالايمان يدخل المسلم حصن الولاية الالهية، ليتقي بها شر الهوى، ويواجه عصف الشهوات في نفسه، وليحتمي بها من ارهاب الجبابرة، وليحافظ على استقلاله وحريته من شر الجبت الداخلي والطاغوت الخارجي.
بينما الكافر والمشرك يختطفه الشيطان، ويأسره الهوى، وتضله شهوات نفسه، ثم ترمي به رياح السلطة الى واد سحيق.
قال الله تعالى:
(الله وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ اُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة / 257)
وقال سبحانه:
(حُنَفَآءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِالله فَكَاَنَّمَا خَرَّ
مِنَ السَّمآءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) (الحج / 31)
والعقل يهدينا الى ولاية الله، أوليس هو الذي خلق ورزق وهدانا الى سواء السبيل، ويستجيب دعاءنا ويسمع ندائنا وينصرنا ولا احد يجرنا منه؟
ان التمرد على ولاية الله جعل ابليس رجيما ملعونا، وان العصيان طرد آدم من الجنة وزوجه وكانا فيها راغدين. وان السبيل الوحيد الى الجنة يمر عبر الولاية وبالولاية، والتي تعني التسليم لله سبحانه وتسامى النبي ابراهيم حتى جعله الله للناس اماما.
والانبياء سلموا لله، والمؤمنون يسلمون للانبياء لانهم سلموا لله.. وقال الله سبحانه عنهم:
(وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بإِذْنِ الله وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا الله تَوَّاباً رَحِيماً) (النساء / 64)
وقال تعالى:
(فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء / 65)
وهكذا كانت الطاعة لله وللرسول (في الأمور الحياتية بالذات) كما التسليم للرسول عند القضاء، من آيات قبول ولاية الله.
وقال سبحانه وهو يصف درجة التسليم التي ينبغي ان تتوفر عند المسلم:
(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) (النساء / 66)
وانما اوتي الانبياء حق القضاء بين الناس، ووجب رد الخلافات اليهم، لانهم حملة كتاب الله ويحكمون بما انزل اليهم منه. - وبالتالي - يفصلون بين الناس بما اراهم الله من الحق. اولم يقل ربنا سبحانه لداوود (عليه السلام):
(يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ الله اِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) (ص / 26)
وهكذا لم يأمر القرآن بطاعة الرسل - (عليهم السلام) - إلا بعد الأمر بطاعة الله، او بعد بيان انهم ارسلوا من عند الله، او سلموا لأمر الله.
قال الله تعالى:
(إِنَّآ أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ الله وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَآءَ فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُوا بِايَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً) (المائدة/ 44)
فلأن الانبياء اسلموا لله، فان الله جعلهم يحكمون بالتوراة.
كذلك الولاية للربانيين وكذلك الاحبار، انما هي شعبة من انبياء الله - سلام الله عليهم -، وبالتالي من ولاية رب العالمين، حيث يقول سبحانه في الاية السابقة:
(بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ الله...)
فالولاية التي جعلت للاحبار انما هي بعد توافر اربعة شروط؛ الفقه (حفظ كتاب الله) والتصدي (وكانوا عليه شهداء) وعدم الخوف من احد (فلا تخشوا الناس) وعدم بيع ايات الله لأحد (ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا).
وهكذا منحت لهم صلاحية الحكم بين الناس بالدين شريطة استقلالهم عن اصحاب النفوذ من اولي القوة او الثروة، وشريطة تحليهم بالعلم والتقوى..
وهكذا كانت الولاية لله، وللرسل، ولمن جعلهم الله اولياء. ولا يجوز لاحد ان يتخذ احدا وليا من دون الله. فكما لايجوز ان يعبد احد غير الله، او يتخذ ندا له او ربا او يشرع لنفسه حكما، كذلك لايجوز ان يتخذ من دون الله وليا، ذلك لانه عبد الله. ومعنى العبادة لله، هي بالضبط التسليم لله وحده عقيدة وسلوكا، ايمانا وعملا، في الحاكمية والسيادة، في التشريع والتنفيذ..
قال الله تعالى:
(إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلآَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (يوسف / 40)
وقال سبحانه:
(إِنَّ وَلِيِّيَ الله الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلّى الصَّالِحِينَ) (الاعراف / 196)
(أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَآءَ) (الكهف / 102)
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت / 41)
(قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ) (الانعام / 14)
وتنعكس هذه الولاية في القضاء حيث يقول سبحانه:
(أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَالله هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى الله ذَلِكُمُ الله رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (الشورى / 9-10)
كما وتنعكس في التشريع اذ يقول سبحانه:
(أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ شَرَعُوا لَهُم مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ الله وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (الشورى / 21)
وهكذا كانت الولاية لله، وانما اذن الله ان تكون للرسول وللمؤمنين، فقال سبحانه:
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ الله وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فإِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْغَالِبُونَ) (المائدة / 55-56)
ونهى الله من ولاية الكفار، حيث قال سبحانه:
(يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ الله عَلَيْهِمْ) (الممتحنة / 13)
وهكذا الولاية الإلهية انعكاس فطرة العبودية في قلب البشر وسلوكه، وهي كما تسليم السموات والأرض لربها طوعا تجل لحقيقة العبودية والمخلوقية والحاجة عند الانسان امام رب العظمة..
وقد حمل الله برحمته وحكمته امانة الحرية المحدودة حمّلها الانسان بعد ان اشفق منها السموات والأرض، وابتلاه بها وأمره ان يسجد لربها طوعا لا كرهاً، بمشيئته لا جبرا عليه. وجعل جزاء ذلك في الدنيا تسخير الطبيعة له، وجزاءه في الآخرة جنة عرضها كعرض السموات والأرض.
قال الله سبحانه:
(اِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً *
لِيُعَذِّبَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ الله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ الله غَفُوراً رَحِيماً) (الاحزاب / 72-73)
وقال سبحانه:
(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ) (فصلت / 11)
ولكن التسليم لله ولولايته في السلوك، ولافاق ولايته في التشريع والقضاء، والسيادة - وبالتالي - لحاكميته المطلقة.. ان هذا التسليم الطوعي لهو اصعب شيء، وانما احتمله الانبياء المقربون بعد ان عصمهم الله، والمؤمنون بعد أن هداهم ربهم وأيدهم..
ولقد كان هذا التسليم محور شقاق الامم من رسلهم حتى استهزءوا بكل رسول أتاهم وهموا به ليأخذوه.. واكثروا في المؤمنين بالرسالات قتلا وتشريدا، ولولا ان نصرهم الله لأبادوهم ابادة تامة.
والمنافقون - بدورهم - رفضوا التسليم لولاية الله قلبا بعد ان تظاهروا به رغبة او رهبة، وكان محور الصراع بين خط النفاق والخط الرسالي هو مدى قبول او رفض تلك الولاية ولايزال.
وبعد اكتمال عصر الوحي وإكمال الدين، جعل الولاية في الأئمة الهداة التي نص النبي (صلى الله عليه وآله) عليهم، واكثر من الوصية بهم وبالذات بسيدهم واولهم الامام امير المؤمنين علي بن أبي طالب
(عليه السلام).
واذ قال الله سبحانه:
(وَمَآ ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (الحشر / 7)
وقال سبحانه وتعالى عن النبي - صلى الله عليه وآله -:
(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) (النجم / 1-4)
اقول؛ اذ وصى ربنا عباده باتباع النبي وطاعته، فقد وجب على الامة طاعة ولي الأمر من بعده..
وكانت وصية الكتاب واضحة بتطهير أهل البيت وبالمودة في القربى، وبأولوية اولي الارحام.. كما كانت صفات اولياء الله التي تجلت في أهل بيت الرسول، مثل قوله عن نور الله: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالاَبْصَارُ) (النور / 36-37)
ومن وصية القرآن، ووصية الرسول - صلى الله عليه وآله - وصفات اهل البيت - (عليهم السلام) -، وشهادة المسلمين الصالحين في حقهم لم يبق ريب في ولاية الأئمة الهداة، إلا لمن طغى على أصل ولاية الرب سبحانه.
وليس هناك في حقائق الدين بعد أصل التذكرة بالله حقيقة اجلى من التذكرة بتوحيده ونفي الشركاء عنه وولايته على البشر وولاية من ارسله من عباده. ولكن طغيان الانسان النابع من جهله وظلمه الذاتي يحجبه عن القبول بهذه الحقيقة، فيحاول جاهدا ان يحرف كلماتها ويفتن عنها نفسه، ويصدف عن ادلتها وآياتها، ويجادل في أمرها حتى يتبع هواه ويستمر في استحباب الدنيا، ويلهو ويتمتع حتى يأتيه اجله..
وكان الانسان اكثر جدلا. انه حقا ذلك الخصيم المبين، ولذلك تراه يتشبت بكل ذريته من اجل الفرار عن مسؤولية الولاية، والتهرب عن واجب التسليم لها. بينما الذين اعانهم الله على انفسهم فقبلوا بها يرونها عين اليقين، ولا يجدون في انفسهم منها حرجا، وهم بها فرحون مستبشرون.
واليوم حيث تتكرس اجهزة الاعلام الغربية على نفي ولاية الله على الارض، في التشريع والتنفيذ، وحصر الحاكمية الالهية بالسماء وشؤونها..
اقول؛ تجد اليوم الكثير من ادعياء الدين والعلم منساقين مع تلك الدعايات الشركية المبطنة، ويحاولون رفض الولاية باسم او بآخر. ويحرفون كلم الدين عن مواضعها، فاذا مروا بآية او اثنين عن الشورى جاءتا في سياق مئات آيات قرآنية عن الولاية تشبثوا بهما وتركوها!
ثم تراهم يجادلون بآيات القرآن التي تبين آفاق الحرية في الإسلام
كقوله سبحانه: "لا اكراه في الدين" وقوله سبحانه: "انا هديناه النجدين" دون ان يميزوا بين حقيقة الحرية التكوينية التي وهبها الله للبشر امتحانا له وفتنة، وبين فريضة الولاية التشريعية التي تكاد تكون روح القرآن، وروح السنة، كما انها حقائق التاريخ ووحي العقل.
ان الشبهات تحيط بالحقائق، وان الوساوس تحيط بالبصائر، وان غيوم الباطل تحجب شمس الحق.. وانما الانسان حقا هو الذي يجلي الحقائق بعد ان يزيل عنها الشبهات، ويطهر قلبه وعقله من الوساوس والاهواء..
وفي التاريخ ركام من الافكار السلبية، ولابد من ان يكون لك قرار حازم بأن تعي الحق، وتتحمل مسؤوليته بكل شجاعة، ثم تخوض غمار البحث، فسوف يوفقك الله بفضله ويهديك اليه.
اما اذا فقدت هذه العزيمة، فانك ولا سمح الله تبقى في وحل الشبهات، وربما الى الأبد.
الولاية الالهية التي تتصل بحياتك من تلك الحقائق الكبرى التي لا نحتاج فيها الى ذكاء بقدر ما نحتاج فيها الى قرار، لان مشكلتنا فيها نفسية وليست ابدا ثقافية. فهل انت مستعد لتحمل مسؤوليتك وتقبلها؟ اذن ابحث عنها في القرآن لتجد آياته تكاد تكون جميعا فيها، واذا لم تكن فلا تتعب نفسك بالبحث، بل كن متأكداً سلفا بانك لن تصل اليها ابدا.
لماذا الانتظار؟
ختم الله سبحانه بالقرآن المجيد رسالاته. أليس القرآن ذروة العلم، وسنام الايمان، ومنتهى التطلع؟ فلا يتطور الانسان في حقل إلا ويجد القرآن امامه..
ولكن الرسالة العظيمة التي ختم الله بها كتبه ووحيه كانت من العظمة بدرجة احتاج الناس الى عدة قرون لهضم معانيها ومعرفة ابعادها، وتجربة تطبيقها في ظل ائمة هداة، يفسرون آيات الكتاب ويواجهون عوامل التحريف والتزييف، ويتصدون للدفاع عن قيمه.
فلما تنامى في الأمة خط اصيل من العلماء الربانيين، واولي الفقه والبصيرة، والعلم والذكر.. كانت الحكمة الالهية اقتضت غيبة الامام الثاني عشر.. حيث كان ايمان الناس به وبغيبته وانتظارهم له بذاته ذات فوائد نذكرها تباعا:
اولا: الانتظار نقطة امل تقود الامة الى الامام، ويعطيه زادا نفسيا
عظيما يتجاوز به العقبات التي تزخر بها المسيرة. وهكذا كان النصر النهائي الذي وعد الله عباده الصالحين اعظم طاقة لهم في مواجهة الجبابرة، حيث قال الله سبحانه:
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص / 5)
والاية وردت في قصة بني اسرائيل حين انقذهم الله سبحانه ببركة قيادة نبيه موسى بن عمران - (عليه السلام) - من بلاء فرعون، حيث لم يكن احد يحلم بالنجاة من بطشه وكيده وفتنته.
ان الايمان بالنصر عامل ثبات يساهم في الانتصار بدرجة كبيرة، والله سبحانه وفر لعباده هذا العامل من خلال هذا الانتظار، حيث قال سبحانه:
(يُثَبِّتُ الله الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الأَخِرَةِ وَيُضِلُّ الله الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَآءُ) (ابراهيم / 27)
ثانيا: يختار الناس قياداتهم الاجتماعية والسياسية من بين اقرب الناس الى الامام (الحجة الغائب) علما وتقوى وخلقا.
وكان الامامية الاثنى عشرية اكثر الفرق الاسلامية اهتماما بقياداتهم، وبمستواهم العلمي والديني. وقد دعاهم ذلك الى انشاء معاهد علمية متقدمة، كما وبرزت فيهم كفاءات عالية منذ العصور المتقدمة..
ووجود القيادات الكفوءة في كل مجتمع، والتفاف الناس حولهم، وطاعتهم لهم يمنح هذا المجتمع قوة كبيرة ويطوره تطويرا هائلا..
وهكذا تنامت هذه الطائفة بالرغم من مخالفتهم للانظمة السائدة، وعدم ذوبانهم فيها، تنامت عبرالتاريخ حتى اصبحت ثانية الطوائف الاسلامية، بل الطائفة الأولى اذا قسمنا السنة الى طوائف مختلفة (مذاهب اربعة - ومدارس فلسفية مختلفة).
ثالثا: بالرغم من احترام الشيعة لفقهائهم الكبار، واكرامهم واتباعهم مما يضرب بهم المثل. بالرغم من ذلك تراهم لايقدسونهم تقديسا يتعالون به على النقد، او يتجاوزون مثل الامام الأعلى الذي انتخبوا لأجله، ولا يستبد احدهم بالقيادة دون غيره لانهم جميعا سواسية امام القائد الأعلى الامام الغائب - عجل الله تعالى فرجه -. فما داموا يمثلونه بالنيابة، فلا احد فيهم يستطيع ان يصادر حق غيره من المجتهدين في المرجعية، واصدار الفتوى وقيادة من يثق به ويختاره من ابناء الطائفة ضمن القيم الدينية المعروفة.
وهكذا كانت ميزات القيادة المرجعية الشيعية الثلاث الاتية، كلها من نتائج الايمان بغيب الانتظار:
1 / القيادة الكفوءة العاملة ضمن القيم الدينية المثلى.
2 / اتباع الناس لها.
3 / تعددية القيادة.
وهكذا تضمن النظام المرجعي فوائد النظام الولائي القائم على اساس اتباع من يمثل ولاية ائمة الهدى - وبالتالي - ولاية النبي - صلى الله عليه وآله -. وفوائد النظام الشوروي القائم على اساس اشراك الجماهير في اختيار القائد ضمن القيم التي يؤمنون بها، وفي اطار معرفتهم بشخصه.
ففي النظام الولائي الحزم والتماسك وشرعية الطاعة، - وبالتالي - فيه الكثير من اسباب القوة. اما النظام الشوروي ففيه التعددية، واحترام الرأي الآخر، والمراقبة على تطبيق التعاليم الدينية.. وكل ذلك بفضل الايمان بالانتظار،وتمثل القيادة في الامام الحجة - (عليه السلام) -.
نظام الولاية في عصر الحضور والغيبة:
ونظام الولاية لم يكن خاصا بما بعد الغيبة الكبرى. واساسا لم يكن وليدة ذلك العصر، بل كان سائدا منذ العهود الأولى لولاية النبي وأهل بيته المعصومين - (عليهم السلام) -، حيث كان لكل معصوم بعض الحواريين الذين يحملون علوم ذلك المعصوم، ويؤدون مسؤوليات كبرى في ابلاغ رسالته. فهم حجابه ونوابه وقادة حربه ورسله الى شيعته، وفي اغلب العصور كان عدد هؤلاء واسماءهم وتميزهم عن اقرانهم كان ذلك مخفيا عن عامة الناس، ولكن في ظروف معينة كان الأمر ينكشف للناس.
وهكذا تجد الامام امير المؤمنين - (عليه السلام) - يقول بكل ألم:
"ما ضر اخواننا الذين سفكت دماؤهم بصفين أن لايكونوا اليوم أحياء؟ يسيغون الغصص ويشربون الرَنَق. قد والله لقوا الله فوفّاهم أجورهم وأحلهم دار الأمن بعد خوفهم، أين اخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من اخوانهم الذين تعاقدوا على المنية، وابرد برؤوسهم الى الفجرة " (نهج البلاغة)
ومن بعد طبقة الحواريين وخواص شيعته، كان هناك طبقة ثانية تتمثل في الرواة والفقهاء و.. و..
وفي عصر الامام الحسين - (عليه السلام) - ظهرت للعيان هذه الطبقة المختارة، حيث استقاموا معه حتى الشهادة. وصدرت في حقهم تلك الوثيقة الرائعة، حيث قال سيد الشهداء ابو عبد الله الحسين - (عليه السلام) -:
"اما بعد فاني لا أعلم اصحابا أوفى ولا خيرا من اصحابي، ولا أهل بيت أبر وأوصل من أهل بيتي.."(2).
وفي عهد الامامين الصادقين - (عليهما السلام) - حيث وفر الصراع بين بني امية وبني العباس على السلطة،حرية نسبية لنشر معارف القرآن، تبلورت صيغة الولاية الفقهية في صورة درجات الفقهاء، وارجاع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) موسوعة بحار الانوار / ج 44 / ص 392 / رواية 2.
الأئمة الناس الى بعضهم.
وبالرغم من ان بعض الوكلاء خانوا الولاية عندما فتنوا بالاموال مثل (علي بن ابي حمزة البطائني) الذي توقف على الامام موسى بن جعفر - (عليه السلام) - وادعى انه الامام الغائب، الا ان وحدة الشيعة على عهد الامام الرضا - (عليه السلام) - ومن بعده اعادت مرة اخرى نظام ولاية الفقهاء من بعده.
واستمر الى عصر الغيبة وحتى اليوم. اللهم بفارق ان انتخاب الوكلاء كان يتم عادة في عصر الحضور من قبل الأئمة - (عليهم السلام) -، بينما يتم ذلك اليوم من قبل الناس انفسهم.
والادلة التي اقامها الشيعة على بطلان القيادة السياسية التي لاتمت الى الدين، لا تخص عصرا دون اخر، ولا مصرا دون مصر. فالطاغوت الذي امر الله باجتنابه ونهى عن التحاكم اليه هو الطاغوت سواء تمثل في فرعون او نمرود او حكام الجور في عصر الأئمة المعصومين - (عليهم السلام) - او في عصرنا..
قال الله سبحانه:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ اُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلآءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا سَبِيلاً * اُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ الله وَمَن يَلْعَنِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً) (النساء / 51-52)
وهكذا الادلة القرآنية التي دلت على الالتفاف حول الفقهاء هي الاخرى لا تخص عهد الأئمة.
قال الله سبحانه:
(فَسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُم لاَ تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ) (النحل / 43-44)
وقال تعالى:
(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَآفَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة / 122)
فالرجوع الى العلماء فيما يجهله الناس من احكام الدين واجب، كما هو واجب على الفقهاء ان ينذروا الناس. وهكذا قال ربنا سبحانه:
(لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ اِلإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة / 63)
فالربانيون والاحبار هم تلك الأمة التي تتحمل اكثر من غيرها مسؤولية الدفاع عن قيم الأمة الحق.
وعندما تفاجئ الأمة قضية يجهلون حكمها في الشؤون السياسية، مثل الحرب والسلم.. فان عليهم الرجوع الىالذين يستنبطون حكم الله ورسوله فيه.
قال تعالى:
(وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وإِلَى اُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) (النساء / 83)
وهكذا الرد الى اولي الأمر بهدف استنباط الحكم الشرعي واجب الأمة. ويبدو من الآية ان اتباع اولي الأمر انما هو بهدف استنباط الحكم، وهكذا فان ابرز شرط من شروط اولي الأمر القدرة على الاستنباط. وقال الله تعالى وهو يأمر بطاعة أولي الأمر:
(أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ) (النساء / 59)
ويتساءل البعض: اذا كيف اجتمع طاعة الفقهاء وطاعة الأئمة المعصومين في عصرهم؟
والجواب: ان وجود القيادة المعصومة المنصوص عليها تغني عن قيادة الفقهاء، ولا تلغيها.
فاذا افترضنا عدم قدرة احد بالوصول الى القيادة المعصومة في عصرهم، فان واجبه الرجوع الى الفقهاء. وهكذا امر الأئمة شيعتهم، فقد جاء في حديث:
"منازعة في دين أو ميراث فتحاكما الى السلطان أو الى القضاة أيحل ذلك؟ قال - (عليه السلام) -: من تحاكم اليهم... (الى ان قال) قال: ينظران الى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فليرض به حكما، فاني قد جعلته عليكم
حاكما فاذا حكم بحكم ولم يقبله منه فانما بحكم الله استخف، وعلينا رد، والراد علينا كافر راد على الله وهو على حد من الشرك بالله..."(3).
عن عبد الله بن زرارة قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): "إقرأ مني على والدك السلام وقل له.. الى أن قال: ولو أذن لنا لعلمتم ان الحق في الذي أمرناكم، فردوا إلينا الأمر، وسلّموا لنا واصبروا لأحكامنا وارضوا بها.."(4).
وهكذا جاءت أوامر الأئمة المعصومين - (عليهم السلام) - مطابقة مع نصوص القرآن في الاحتكام الى العلماء من رواة الأحاديث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) موسوعة بحار الأنوار / ج 2 / ص 221 / رواية 1.
(4) موسوعة بحار الأنوار / ج 2 / ص 247.
الامام المهدي (عليه السلام) في الكتاب والسنة
كل حقيقة تتجلى ضمن منظومة من الحقائق التي تهدي اليها وتعرف بها. فالمعرفة شجرة باسقة اصلها ثابت في عمق الايمان بالله خالق السموات والارض، وجاعل السنن الحاكمة على الخليقة، والهادي الى الحق والى صراط مستقيم.
وهذه الشجرة تتعالى فروعها في سماء العلم. كل فرع يهدي الى اصله، وكل اصل يدعو الى فرعه. والذين ينظرون الى ايات الله سبحانه بهذا المنهج الحكيم تتكامل معارفهم، ويتعمق وعيهم بالحقائق.
بينما الذين يضربون الآيات او الأحاديث ببعضها تراهم في شك مريب، لانهم يفسرون كل آية بهواهم، ويقطعون كل حديث عن أصله.
وحسب هذه المنهجية الرشيدة في وعي حقائق الشريعة نستوعب حقيقة ظهور المهدي في آخر الزمان، ونعي بلا تكلف او ارتياب انتظار
الامام الثاني عشر الغائب.
وفيما يلي نستعرض باجمال كيف تتسامى المعارف الالهية وتتسلسل حتى تبلغ بنا سنامها المتمثل في الايمان بالامام المهدي الغائب المنتظر.
الحق ينتصر:
الصراع بين الخير والشر واقع مشهود. ولكن قد يشك البعض في عقبى هذا الصراع، والذي ينتهي الى زهوق الباطل، وزوال دولته، وانتصار الحق.
قال الله تعالى:
(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (الانبياء / 18)
والتاريخ كتاب مرقوم لظواهر هذا الصراع الحاد والجدي، والذي يلف كل انسان. فأبليس اول ملعون رجم حينما تحدى مشيئة الله سبحانه، وانتصر آدم في النهاية - بعد ان غواه ابليس - انتصر على ضعف نفسه وتاب الى ربه. اما قابيل فقد خسر ثم ندم بعد ان قتل اخاه هابيل. ورفع الله نبيه ادريس- (عليه السلام) -، ونصر نوحا واغرق الكافرين واورث المؤمنين الارض من بعدهم، وقيل: بعدا للقوم الظالمين.
وهكذا كانت عاقبة عاد وثمود، واصحاب الأيكة وقوم لوط، حين كذبوا بالحق، فاذهبهم الله وجاء بقوم اخرين، فما بكت عليهم
السماء..
واغرق فرعون وقومه الكافرين بالحق، ونصر النبي موسى، وجعل كلمة المؤمنين بالنبي عيسى فوق الذين كفروا به الى يوم القيامة..
اما رسالة النبي محمد - صلى الله عليه وآله - فقد جعلها مهيمنة على كل الرسالات، حيث قال سبحانه:
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة / 33)
وجملة القول؛ ان الله وعد ان ينصر رسله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد، إذ قال سبحانه:
(إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الاَشْهَادُ) (غافر / 51)
وكل هذه الحقائق التاريخية التي تتوالى حتى اليوم انما هي مظاهر سنة واحدة، هي سنة انتصار الحق على الباطل.
والعاقبة للمتقين:
وكما مضت سنة الله في الأولين فكذلك تمضي سنته في الآخرين، حيث ان عاقبة هذا الصراع سيكون وراثة المؤمنين للأرض. وقد بينت آيات الذكر تلك الحقيقة ببلاغة نافذة، حيث قال سبحانه:
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص / 5)
ان الآيات القرآنية تأتي في سياق حديث خاص، الا انها تبين حقائق عامة ومطلقة. وقد جاءت هذه الآية في سياق الحديث عن بني اسرائيل وحتمية انتصارهم على الكفار من قوم فرعون، إلا انها عامة كسائر آيات الذكر.
وقال ربنا سبحانه عن عيسى بن مريم - سلام الله عليه -:
(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) (الزخرف / 61)
حيث فسرت الآية بظهور النبي عيسى بن مريم وصلاته خلف الامام المهدي - (عليه السلام) -.
وقال سبحانه:
(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الاَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (الانبياء / 105)
وكلما ورث الأرض طائفة من عباد الله الصالحين تحققت هذه السنة بصورة جزئية، الى ان يرث الأرض كلها عباد الله الصالحون فتكون مصداقا لهذه الآية الكريمة.
الاسلام يحكم الأرض:
وتلك الحقائق تهدينا الى سنة انتصار الاسلام، ورسالة القرآن على
الأرض، حيث قال سبحانه:
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة / 33)
وجاءت الاحاديث النبوية الشريفة تبين تفاصيل هذا الأمل المنشود، وهي صادقة لانها هي الأخرى وحي الهي. وقد قال سبحانه عنه:
(وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) (النجم / 3-4)
وفي فصل قادم نتلو عليكم طائفة من احاديث الرسول التي تتطابق وآيات الذكر.
المهدي من اهل البيت:
لان الله اعلم حيث يجعل رسالته، حيث قال سبحانه:
(وَإِذَا جَآءَتْهُمْ ءَايَةٌ قَالُوا لَن نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَآ اُوتِيَ رُسُلُ الله الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ الله وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ) (الانعام / 124)
ولان مثل الذرية الطيبة مثل الشجرة الطيبة، والأرض الطيبة يطيب نباتها ويبارك الله فيها، كذلك اختار الله رسله من بين اطيب السلالات وارفع الانساب وازكاها. فقال سبحانه:
(إِنَّ الله اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحاً وءَالَ إِبْرَاهِيمَ وءَالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (آل عمران / 33 - 34)
وفي اكثر من مناسبة يذكرنا ربنا بقيمة الأصل الطيب والذرية الطيبة، وكيف اورث الله الكتاب من ذرية الانبياء من كان تقيا.
قال عز وجل:
(وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الزخرف / 28)
ومن هذه القيمة، طيب ذرية الرسول - صلى الله عليه وآله -، والتي قال عنهم ربنا سبحانه:
(اِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الاحزاب / 33)
وقال سبحانه:
(قُل لآ أَسْاَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (الشورى / 23)
وجاءت روايات النبي المتواترة لتؤكد مقام أهل بيته، وانهم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك وهوى. او ان مثلهم كمثل النجوم، فهم امان لأهل الأرض كما النجوم امان لأهل السماء. وان الرسول قد خلفهم من بعده ثقلا عظيما بعد الثقل الأعظم - القرآن -، اذ قال - صلى الله عليه وآله - في حجة الوداع:
"اني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما"(5).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) موسوعة بحار الانوار / ج 2 / ص 100.
وجاءت حوادث التاريخ لتشهد على تلك الحقائق، جيلا بعد جيل، من خلال ائمة الهدى - (عليهم السلام) - الذين كانوا المثل الأعلى لكل قيم الوحي والقدوة في كل خير.
فلولم يكن النبي قد اوصى بأهل بيته - (عليهم السلام) - ولم تكن آيات القرآن الكريمة تشير الى فضائلهم في كل مناسبة، وكنا فقط وفقط مع حوادث التاريخ التي اجمعت الرواة عليها ولم يختلف فيها أحد منهم، فهل كنا نجد ذرية أطيب منهم خلقا، واعظم حلما، واغزر علما، واتقى عملا، واصوب مواقفا، واشد يقينا، واسبق جهادا، واشجع دفاعا عن الحق، واخلص عبادة وزهادة؟؟
فهل نجد بين اصحاب النبي كالامام علي، وبين النساء كفاطمة الزهراء، وبين التابعين كالسبطين الحسن والحسين، وبين فقهاء الأمة وائمتها كذرية الحسين عليهم جميعا صلوات الله؟؟
وهكذا كانت الحقيقة التي اشارت اليها الروايات المتواترة من الرسول - صلى الله عليه وآله - ان يكون مهدي هذه الأمة من أهل بيت الرسول - صلى الله عليه وآله -، كانت هذه الحقيقة متطابقة مع سنن الله في خليقته..
فان لم يكن من اهل بيت الرسول، فمن أية ذرية عساه ان يكون؟!
وهكذا لولم تكن الأحاديث التي استفاضت عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته بان الخلفاء من بعد الرسول هم اثنى عشر، وانهم اثنى
عشر اماما، واثنى عشر مهديا. وربما ذكرت اسماءهم بالذات.. اقول لو افترضنا عدم توارد اسماءهم، فان حقائق التاريخ تشهد على ذلك. فاذا كان هذا الأمر من الغيب الذي آمن به المسلمون في عصر النبي وصدقوا به وسلموا له تسليما، فانه بالنسبة الينا من الحقائق المشهودة التي علينا ان نعرفها ونعترف بها.
حقا الفرق كبير بين مسلم آمن بالغيب على عهد النبي، وسلم لامام لم يره ولم يعرفه، وبين من يدعي الاسلام ثم لا يسلم لامام عرفه وسمع انباء حياته المشرقة..
واليوم وبعد زهاء اربعة عشر قرنا، اضحى فضل الأئمة من اهل بيت الرسول من المسلّمات التي لا يرتاب فيها إلا جاهل بالتاريخ او مكابر.
فمن يعدل بعلي بن ابي طالب غيره؟ ومن يساوي بفاطمة غيرها من النساء؟
فهذه كلمات نهج البلاغة تشهد بان كلامه - (عليه السلام) - دون كلام الخالق، وفوق كلام المخلوق. انه بحق انعكاس واضح لخطاب الله على صدر بشر. وكان عمله - (عليه السلام) - انصع واسمى واسبق من كلامه الرائع والمتفوق على سائر كلام البشر علما وهدى وبلاغة..
اما الصديقة الزهراء - (عليها السلام) - فقد كانت صورة انثوية لجلال ابيها وجمال سيرته ونبل خلقه وعظيم علمه وحلمه. وخطبتها الغراء في المسجد النبوي بعد رحيل والدها تعبير صادق عن شخصيتها بما فيها من
شجاعة نادرة في رفض الظلم، وبلاغة نادرة في القاء الحجة، وعلم واسع بحكمة الشريعة، ونفاذ بصيرة في سنن الله، وقراءة شفافة لما تؤول اليها الأحداث وفق تلك السنن..
فأنى بحثت في النساء المؤمنات الفضليات على كثرتهن عبر التاريخ وحتى اليوم فانك لن تجد مثيلتها، بل ولا مثيلة خادمتها فضة، اللهم إلا ابنتها الصديقة الصغرى زينب الكبرى - سلام الله عليها -.
وهكذا كانت فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، كما كان ابوها المصطفى - سلام الله عليه - سيد الانبياء والمرسلين.
اما سبطا هذه الامة وسيدا شباب الجنة الحسن والحسين، فاي فم تراه لا يثني عليهما، ام اي كتاب يخلو عن فضائلهما؟ فهذا بصلحه الذي حفظ بيضة الاسلام، فلم يقدر احد من اعداءه، فكيف بأولياءه إلا الثناء عليه. وهذا بقيامه الالهي الذي قدم نفسه وأهل بيته وافضل اصحابه في سبيل الله.
كانا بحق حافظين لدين جدهما، حتى صدق فيهما قول المصطفى - سلام الله عليه -: "ابناي هذان امامان قاما او قعدا"(6).
وعنه - صلى الله عليه وآله - انه قال للحسن: "اللهم اني احبه فأحب من يحبه"(7).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) موسوعة بحار الانوار / ج 43 / ص 278.
(7) موسوعة بحار الانوار / ج 43 / ص 316.
وقال: "الحسين مني وانا من حسين، احب الله من أحب حسينا"(8).
واما علمهما وحلمهما وجودهما وعبادتهما وزهدهما في حطام الدنيا، فذلك كان المثل الأعلى الذي جعلهما بحق من اعظم ائمة اهل بيت الرسالة.
والامام علي بن الحسين - (عليه السلام) - زين العابدين من الأئمة المعدودين الذين لهجت بالثناء عليه كل الالسنة، حتى تكاد تجمع الأمة بمختلف فئاتها واحزابها على سبقه في اليقين والجهاد والعلم والزهد والهدى..
وبالرغم من بعض الخلاف حول الامامين الباقر والصادق - (عليهما السلام) - من قبل علماء البلاط الاموي ثم العباسي، إلا ان كبار علماء المسلمين اذعنوا لعلمهما وزهدهما وسبقهما في الهدى والجهاد.. حتى ذكر المؤرخون ان عدد من أخذ العلم منهما فاق الاربعة آلاف من كبار علماء المسلمين وفي مختلف الفروع.
والامام موسى بن جعفر - (عليه السلام) - كان مثلا في الجهاد والزهد ورفض سلطة الطاغوت ودوام العبادة.. وهكذا اجتمع حوله العلماء والزهاد والمجاهدون والصالحون، وكان - بالتالي - امامهم في كل خير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(8) موسوعة بحار الانوار / ج 43 / ص 366.
والامام الرضا علي بن موسى - (عليه السلام) - كان في مختلف الصفات المثالية في درجة جعل المسلمين يذعنون له بالتفوق، حتى سمي بالرضا لاجتماع فئات المسلمين على امامته..
وهكذا الامام الجواد محمد بن علي - (عليه السلام) - كان موضع احترام واهتمام المسلمين، وكان حواره مع علماء المسلمين في البلاط العباسي دليلا على علمه الواسع وهو في سن مبكر من عمره الشريف.
والامام الهادي علي بن محمد - (عليه السلام) - كان هو الاخر في القمة علما وزهدا وكرما..
وكذلك الامام العسكري الحسن بن علي - (عليه السلام) -، وابسط دليل على ذلك ضجة الناس في عاصمة الخلافة العباسية عندما شاع نبأ وفاته، حتى كانت حسب المؤرخين كيوم القيامة.
ان حياة ائمة اهل البيت - (عليهم السلام) - وسيرتهم الوضيئة كانت شاهد صدق على امامتهم، ناهيك عن النصوص الشرعية التي تواترت فيهم.
وعندما نقرء معا احاديث النبي في الخلفاء من بعده، ونستمع الى انهم اثنا عشر مهديا، فلا نشك في تطبيقها على اولئك الائمة الهداة.
ولو كان مثل هذا الحديث غير واضح عند بعض الرواة في عصر النبي - صلى الله عليه وآله -، وبالذات عند من لم ينتبه الى سائر احاديث الرسول - صلى الله عليه وآله - او لم تصل اليه، فانه لا ينبغي الشك
اليوم وبعد بروز ائمة الهدى من آل محمد - عليه و(عليهم السلام) - على المسرح التاريخي.
بلى.. يبقى الامام الثاني عشر غير معروف عندهم كاملا لغيبته، فيكون الامام المهدي - (عليه السلام) - مثله مثل سائر الأئمة وذلك في عهد النبي وقبل ولادتهم، حيث كان من الأمور الغيبية، كذلك الامام المهدي أمر غيبي حتى بالنسبة الينا.
ان من خصائص النصوص الدينية احتمال التأويل فيها، اذ انها تعالج - في الأغلب - الحقائق الكبرى، وكثيرة هي الابعاد الغيبية فيها، وهي الى ذلك تصطدم بالاهواء والشهوات، وربما بالتيارات الاجتماعية الحاكمة، وقبل ذلك بوساوس ابليس.
ومن هنا كان التأويل الخاطئ من عادة اصحاب الفتنة والزيغ كما قال سبحانه:
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَآءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ) (آل عمران / 7)
واذا كان التأويل محتملا في نصوص الكتاب العربي المبين، فكيف لايحتمل في نصوص النبي الكريم؟ إلا ان المؤمن الذي يريد الهدى يبلغ بتوفيق الله سبحانه الى شاطئ الحقيقة فيها كما في آيات الكتاب المجيد.
بين يدي النصوص
في البدء نتحدث عن الاحاديث الشريفة حول الامام المهدي ونعقبها بآراء طائفة من علماء السنة فيها.
ثم نتحدث عن ان الأئمة اثنى عشر وان كلهم من قريش، او من أهل بيت الرسول. هذه النصوص التي تناقلها الرواة الى حد الاستفاضة، بل التواتر، ومن طرق شتى.
وفيما يلي نتلو هذه الأحاديث، ثم نعقبها بجملة اسانيد، سواء كانت في كتب السنة او الشيعة.
وبعد بيانها نتحدث عن فقه هذه الاحاديث ورد بعض الشبهات حولها. ثم نتحدث عن ولادة الامام المهدي وجملة حوادث وقعت عندها.
الامام المهدي (عليه السلام) في السنة:
لقد استفاضت الاحاديث النبوية الشريفة في كتب علماء السنة، حتى
بلغت حدا جعل كبار العلماء يرون بان العقيدة بالامام المهدي من صميم الدين الاسلامي.
وفيما يلي نذكر جملة من النصوص، ونثبت في الهامش مصادرها المكثفة ثم نستعرض آراء فقهاء المسلمين السنة ومحدثيهم في تلك الأحاديث.
- ابشركم بالمهدي يبعث في امتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. يرض عنه ساكن السماء وساكن الأرض. يقسم المال صحاحا.
فقال له رجل ما صحاحا؟
قال: بالسوية بين الناس.
قال: ويملاء الله قلوب امة محمد - صلى الله عليه وآله - غنى ويسعهم عدله، حتى يأمر مناديا فينادي فيقول: من له من مال حاجة، فما يقوم من الناس إلا رجل اتت السدان يعني الخازن فقل له ان المهدي يأمرك ان تعطيني مالا. فيقول له احث حتى اذا جعله في حجره وأحرزه ندم، فيقول: كنت اجشع امة محمد نفسا او عجز عني ما وسعهم؟ قال: فيرده فلا يقبل منه. فيقال له إنّا لا نأخذ شيئا اعطيناه. فيكون كذلك سبع سنين او ثمان سنين او تسع سنين ثم لاخير في العيش بعده، او قال ثم لا خير في الحياة بعده. (1)
- وجاء في حديث آخر مأثور عن النبي - صلى الله عليه وآله -:
"يكون في آخر الزمان، على تظاهر العمر وانقطاع من الزمان، امام يكون اعطى الناس يجيئه الرجل فيحثو له في حجره، يهمه من يقبل عنه صدقة ذلك المال ما بينه وبين أهله، لما يصيب الناس من الخير "(2)
- وقال النبي - صلى الله عليه وآله -:
"ان المهدي من عترتي، من أهل بيتي يخرج في آخر الزمان، ينزل الله من السماء قطرها. ويخرج له (من) الأرض بذرها، فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملأها القوم ظلما وجورا". (3)
- وجاء في حديث آخر عنه - صلى الله عليه وآله -:
"لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا". (4)
- وقال النبي - صلى الله عليه وآله -:
"فلو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد
لطول الله ذلك اليوم حتى يأتيهم رجل من أهل بيتي، تكون الملائكة بين يديه ويظهر الاسلام". (5)
- وجاء في حديث مأثور عن النبي - صلى الله عليه وآله -:
" ويح هذه الامة من ملوك جبابرة، كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلا من اظهر طاعتهم. فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه ويفر منهم بقلبه، فاذا اراد الله عز وجل ان يعيد الاسلام عزيزا قصم كل جبار، وهو القادر على ما يشاء ان يصلح امة بعد فسادها".
فقال - (عليه السلام) -: "يا حذيفة لولم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي يجري الملاحم على يديه، ويظهر الاسلام، لا يخلف وعده وهو سريع الحساب". (6)
- وجاء في حديث آخر عنه - صلى الله عليه وآله -:
"سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء امراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من اهل بيتي يملأ الارض عدلا كما ملئت جورا، ثم يؤثر القحطاني، فوالذي بعثني بالحق ماهو دونه". (7)
- وجاء عن رسول الله - صلى الله عليه وآله - أنه قال:
" كيف أنت يا عوف، إذا افترقت هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وسائرهن في النار؟
قلت: ومتى ذلك يا رسول الله؟
قال: "اذا كثرت الشرط، وملكت الاماء، وقعدت الحملان على المنابر، واتخذ القرآن مزامير، وزخرفت المساجد ورفعت المنابر، واتخذ الفيء دولا، والزكاة مغرما، والامانة مغنما، وتفقه في الدين لغير الله، واطاع الرجل امرأته وعق أمه وأقصى أباه، ولعن آخر هذه الأمة أولها، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل اتقاء شره، فيؤمئذ يكون ذلك، ويفزع الناس يومئذ الى الشام يعصمهم من عدوهم".
قلت: وهل يفتح الشام؟
قال: "نعم وشيكا، ثم تقع الفتن بعد فتحها، ثم تجيء فتنة غبراء مظلمة، ثم يتبع الفتن بعضها بعضها، حتى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له المهدي فإن أدركته فاتبعه وكن من المهتدين". (8)
ويبدو ان معنى قعدت الحملان حكم الاطفال. كما جاء في المفردات.
- وجاء في حديث آخر عنه - صلى الله عليه وآله -:
"لا يخرج المهدي حتى يكفر بالله جهرة". (9)
المصادر:
(1) عبد الرزاق / على ما في سند احمد، وابن طاووس.
* احمد / ج 3 ص 37 - حدثنا عبد الله، حدثني ابي، ثنا عبد الرزاق، ثنا جعفر عن المعلى بن زياد، ثنا العلاء بن بشير، عن ابي الصديق الناجي، عن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وفي: ص 52 حدثنا عبد الله، حدثني ابي، ثنا زيد بن الحباب، حدثني حماد بن زيد، ثنا المعلى بن زياد المعولي، عن العلاء بن بشير المزني، عن ابي الصديق الناجي، عن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في روايته الاولى بتفاوت ونقص بعض ألفاظه، وفيه".. فلا يحتاج احد الى احد.. فيقال له احتثي فيحتثي فاذا احرزه قال " وفيها: مثله بسند روايته الثانية، ما عدا جعفر بن سليمان بدل حماد، عن زيد: وقال في العلاء بن بشير المزني ان كان بكاء عند الذكر شجاعا عند اللقاء". وفيه".. فيندم فيأتي به السادن فيقول له لا نقبل شيئا اعطيناه".
* ابو يعلي / على ما في الاذاعة، ومجمع الزوائد، ولم نجده في النسخة الموجودة عندنا في مرويات ابي سعيد الخدري.
* ملاحم ابن المنادي / ص 42 حدثنا جدي رحمه الله قال: نبأ روح بن عبادة، عن المعلي بن زياد ابي الحسن، عن بشر بن العلي، عن ابي الصديق الناجي، عن ابي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه
وآله - انه قال: كما في احمد بتفاوت يسير: صفة المهدي لابي نعيم: على ما في عقد الدرر.
* اربعون أبي نعيم / على ما في كشف الغمة.
* البعث والنشور / على ما في عقد الدرر.
* المعرفة، الباوردي / على ما في عرف السيوطي، واسعاف الراغبين، والصواعق، وكنز العمال.
* بيان الشافعي / ص 505 ب 10 - كما في رواية احمد الاولى بتفاوت يسير، بسنده اليه، وقال: "هذا حديث حسن ثابت، اخرجه شيخ اهل الحديث في مسنده وفي هذا الحديث دلالة على ان المجمل في صحيح مسلم هو المبين في مسند ابن حنبل وفقا بين الروايات".
* عقد الدرر / ص 62 ب 4 ف 1 - اوله الى قوله " ما ملئت جورا وظلما " وقال: "اخرجه الحافظ ابو نعيم الاصبهاني في صفة المهدي، واخرجه الامام احمد بن حنبل في مسنده".
وفي ص 156 ب 7 - اوله الى قوله " وساكن الارض، وقال: "اخرجه الامام احمد بن حنبل في مسنده، ورواه الحافظ ابو نعيم في صفة المهدي".
وفي ص 164 ب 8 - كما في رواية احمد الاولى بتفاوت يسير، وقال: "اخرجه الامام احمد بن حنبل في مسنده والحافظ ابو بكر البيهقي في البعث والنشور، ورواه الحافظ ابو نعيم الاصبهاني في صفة
المهدي، وانتهى حديثه عند قوله: بالسوية بين الناس".
وفي ص 237 ب 11 - مختصرا، وقال: "اخرجه الامام احمد بن حنبل في مسنده".
* فرائد السمطين / ج 2 ص 310 ح 561 - الى " قوله بالسوية بين الناس " بسنده الى احمد.
* مجمع الزوائد / ج 7 ص 313 - كما في رواية احمد الاولى بتفاوت يسير، وقال " قلت: رواه الترمذي وغيره باختصار كثير، رواه احمد باسانيد، وابو يعلي باختصار كثير، ورجالهما ثقات " وفيه " وائتزره ندم".
* ميزان الاعتدال / ج 3 ص 97 - كما في احمد، الى قوله " يقسم المال صحاحا".
* الفصول المهمة / ص 297 ف 12 - عن ابي سعيد وجابر بن عبد الله، شبيها برواية احمد الاولى، وقال: "وهذا حديث حسن ثابت اخرجه شيخ اهل الحديث احمد بن حنبل في مسنده".
* عرف السيوطي الحاوي / ج 2 ص 58 - كما في احمد بتفاوت يسير، وفيه " ابشركم بالمهدي رجل من قريش - من عترتي - "، وقال: "واخرج احمد، والباوردي في المعرفة، وابو نعيم".
* الدر المنثور / ج 6 ص 57 - عن رواية احمد الاولى بتفاوت يسير، وفيه " يبعثه الله.. يقسم الارض صحاحا.. فما يقوم من المسلمين الا
رجل واحد".
* صواعق ابن حجر / ص 166 ب 11 ف 1 - كما في رواية احمد الثانية، وفيه".. ابشروا بالمهدي رجل من قريش من عترتي"، وقال: "واخرج احمد والماوردي".
* القول المختصر / ص 5 ب 1 ح 8 - اوله، مرسلا.
* برهان المتقي / ص 79 ب 1 ح 21 - عن عرف السيوطي.
* كنز العمال / ج 14 ص 261 ح 38653 - عن احمد، والبارودي، عن ابي سعيد:
* الهدية الندية / على ما في العطر الوردي.
* فرائد فوائد الفكر / ص 7 ب 3 - اوله، عن احمد، وابي نعيم.
* اسعاف الراغبين / ص 148 - كما في عرف السيوطي، وقال: "واخرج احمد، والماوردي".
* نور الابصار / ص 188 - عن رواية احمد الاولى، بتفاوت يسير.
* ينابيع المودة / ص 469 ب 85 - عن اسعاف الراغبين.
وفي ص 487 ب 94 - عن غاية المرام، الى قوله " يقسم المال بالسوية بين الناس".
* الاذاعة / ص 119 - وقال " اخرجه احمد في المسند، وابو يعلى، ورجالهما ثقات، وقد اخرجه الترمذي مختصرا " ولعله يقصد، ما رواه الترمذي في سننه ج 4 ص 506 ح 2232.
* العطر الوردي / ص 69 - عن الهدية الندية، وصواعق ابن حجر.
* راموز الاحاديث الاسطنبولي / عن احمد والباوردي.
* المغربي / ص 562 - ح 31 - وقال: "رواه احمد وباوردي".
* عقيدة اهل السنة / ص 9 - بعضه عن مجمع الزوائد.
* دلائل الامامة / ص 249 - وباسناده (ابو الحسين محمد بن هارون بن موسى عن ابيه) عن ابي علي النهاوندي قال: حدثنا اسحاق، عن يحيى بن سليم قال: حدثنا هشام بن حسان عن المعلي بن ابي المعلي، عن ابي الصديق الناجي، عن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: "ابشروا بالمهدي فانه يأتي في آخر الزمان على شدة وزلازل، يسع الله له الارض عدلا وقسطا".
وفي ص 252 - قال ابو علي النهاوندي، حدثنا ابو علي هشام بن علي السيرافي قال: حدثنا عبد الله بن رجا قال: حدثنا همام، عن المعلي بن زياد، قال: حدثني المعلى، عن رجل قال: من مزينة، عن ابي الصديق الناجي، عن ابي سعيد الخدري، ان رسول الله ذكر المهدي فقال: "يخرج عند كثرة اختلاف الناس وزلازل، فيملؤها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، يرضى به ساكن السماء وساكن الارض ويقسم المال قسمة صحاحا، قال: قلت وما صحاحا؟ قال: بالسواء، ويغنم الناس حتى لا يحتاج احد احدا، فينادي مناد من له الي من حاجة؟ فلا يجيبه احد من الناس إلا انسان واحد، فيقول له خذ،
قال فيحثو في ثوبه مالا يستطيع حمله، فيقول احمل علي فيأبى عليه، فيخفف منه حتى يصير بقدر ما يستطيع ان يحمله فيقول: ما كان في الناس اجشع نفسا من هذا، فيرجع الى الخازن فيقول: انه قد بدا لي رده، فيأبى ان يقبله فيقول: انا لا نقبل ممن عطيناه، قال: فيمكث سبع او ثمانا او تسعا يعني سنة، ولا حبوة في العيش بعد هذا، او قال لا خير في الحياة بعدهن".
* مناقب فاطمة وولدها / على ما في اثبات الهداة وقال: انه عن ابي مسلم، ولكن ما في دلائل الامامة عن ابي سعيد:
* فتن زكريا / على ما في ملاحم ابن طاووس.
* غيبة الطوسي / ص 111 - محمد بن اسحاق المقري، عن المقانعي، عن بكار بن احمد: عن الحسن بن الحسين، عن المعلى بن زياد، عن العلاء بن بشير المرادي، عن ابي الصديق الناجي، عن ابي سعيد الخدري: - كما في رواية احمد الاولى بتفاوت يسير، الى قوله " وساكن الارض "، وفيها: بالسند المتقدم الى الحسن بن الحسين، ثم عن بلية، عن ابي الجحاف قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: "ابشروا بالمهدي، قال: ثلاثا، يخرج على حين اختلاف من الناس وزلزال شديد، يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يملأ قلوب عباده عبادة (كذا) ويسعهم عدله".
* ملاحم ابو طاوس / ص 165 ب 23 - كما في رواية احمد
الاولى بتفاوت يسير، عن كتاب الفتن لابن زكريا، بسنده عن عبد الرزاق بإملائه من كتابه.
* كشف الغمة / ج 3 ص 261 - كما في رواية احمد الاولى، عن اربعين ابي نعيم، الى قوله " قال: السوية بين الناس".
وفي ص 273 - عن بيان الشافعي.
* اثبات الهداة / ج 3 ص 502 ب 32 ف 12 ح 292 - عن غيبة الطوسي.
وفي ص 293 - اوله عن ابن الجحاف، عن غيبة الطوسي، وفيه".. عن بيته.. ملية خ ل".
وفي ص 574 ب 32 ف 48 ح 714 - كما في رواية دلائل الامامة الثانية، عن كتاب مناقب فاطمة وولدها.
وفي ص 575 ب 32 ف 48 ح 723 - اوله عن كتاب مناقب فاطمة بإسناده عن ابي مسلم قال: قال رسول الله (ص) وفي: ص 594 ب 32 ف 2 ح 25 - عن كشف الغمة.
وفي ص 600 ب 32 ب 2ح 73 - عن كشف الغمة
* حلية الابرار / ج 2 ص 703 ب 54 ح 53 - عن اربعين ابي نعيم.
وفي ص 713 - ح 101 - مرسلا عن بيان الشافعي ظاهرا.
* غاية المرام / ص 692 ب 141 ح 5 - عن فرائد السمطين.
وفي ص 700 ب 141 ح 98 - عن اربعين ابي نعيم.
وفي ص 703 ب 141 ح 137 - عن بيان الشافعي.
* البحار / ج 51 ص 74 ب 1 ح 23- 24- عن غيبة الطوسي.
وفي ص 81 و92 ب 1 - عن كشف الغمة.
* منتخب الاثر / ص 147 ب 1 ف 2 ح 14 - عن احمد.
وفي ص 169 ف 2 ب 1 ح 80 - عن رواية غيبة الطوسي الثانية.
وفي ص 170 ف 2 ب 1 ح88 - عن رواية دلائل الامامة الثانية.
(2) ابو يعلى / ج 2 ص 356 - 357 ح 1105 - حدثنا سليمان بن عبد الجبار ابو ايوب، حدثنا سهل بن عامر حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن ابي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
* العقيلي / على ما في الاذاعة.
* ابن عساكر / على ما في عرف السيوطي، الحاوي.
* حلية الاولياء / على مافي جمع الجوامع.
* عرف السيوطي، الحاوي / ج 2 ص 63 - وقال: "واخرج ابو يعلى، وابن عساكر، عن ابي سعيد " وفيه".. عند تظاهر من الفتن وانقطاع من الزمن امير، اول ما يكون عطاؤه للناس ان يأتيه الرجل فيحثي.. من صدقة ذلك اليوم لما.. من الفرج".
* جمع الجوامع / ج 1 ص 1012 - عن حلية الاولياء، وابن عساكر، عن ابي سعيد: - كما في الحاوي.
* كنز العمال / ج 14 ص 274 ح 38703 - كما في عرف السيوطي. عن ابي يعلي، وابن عساكر، وفيه".. صدقة ذلك اليوم".
* برهان المتقي / ص 83 ب 1 ح 28 - عن عرف السيوطي، الحاوي فيه".. نهمة من يقبل.. لما يصيب الناس من الفرج " وفي هامشه " النهمة بفتح النون بلوغ الهمة في الشيء والشهوة فيه، والمراد انه يعطيه من الصدقة بقدر ما يرضيه " ولكن الظاهر ان نهمة تصحيف يهمه.
* الاذاعة / ص 134 - كما في عرف السيوطي، وقال " اخرجه العقيلي، وابن عساكر".
* العطر الوردي / ص 70 - كما في عرف السيوطي، الى قوله " في حجره " عن احمد بن حنبل، ولم نجده في احمد، والظاهر انه يقصد الحديث الآتي الذي يشبهه.
* المغربي / ص 568 ح 53 - كما في عرف السيوطي، وقال " رواه ابو يعلى، وابن عساكر".
(3) غيبة الطوسي / ص 111 - (محمد بن اسحاق) المقري، عن علي بن العباس المقانعي، عن علي بن بكار بن احمد، عن الحسن بن الحسين، عن سفيان الجريري، عن عبد المؤمن، عن الحارث بن حصيرة، عن عمارة بن جوين العبدي، عن ابي سعيد الخدري (قال): سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله - يقول على المنبر:
* اثبات الهداة / ج 3 ص 502 ب 32 ف 12 ح 294 - عن غيبة الطوسي بتفاوت يسير، وفي سنده " عمار بن جرير، بدل عمارة بن جوين".
* البحار / ج 51 ص 74 ب 1 ح 25 - عن غيبة الطوسي بتفاوت يسير.
منتخب الاثر / ص 169 ف 2 ب 1 ح 81 - عن غيبة الطوسي.
(4) ابن ابي شيبة / ج 15 ص 198 ح 19292 - الفضل بن دكين، قال: حدثنا فظر، عن القاسم بن ابي بزة، عن ابي الطفيل، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
* احمد / ج 1 ص 99 - حدثنا عبد الله، حدثني ابي، ثنا الحجاج وابو نعيم قالا: ثنا قطر عن القاسم بن ابي بزة، عن ابي الطفيل، قال حجاج: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: كما في ابن ابي شيبة بتفاوت يسير. وفيه " رجلا منا " وفيه " قال ابو نعيم: رجلا منا، قال: سمعته مرة يذكره عن حبيب. عن ابي الطفيل، عن علي رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".
* ابو داود / ج 4 ص 107 ح 4283 - كما في ابن ابي شيبة وبسنده، عن علي رضي الله عنه: -
* البزار / ج 1 ص 104 - على ما في هامش فرائد السمطين ج 2 ص 332 - بسند آخر عن علي: وفيه".. الدنيا " وقال: "ثم قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي بهذا اللفظ باسناد احسن من هذا الاسناد.
* البدء والتاريخ / ج 2 ص 181 - كما في ابن ابي شيبة، مرسلا، وفيه " لو لم يبق من الدنيا الا عصر".
* ملاحم ابن المنادي / ص 41 - كما في ابن ابي شيبة، بسند آخر، عن علي بن ابي طالب: -
* الاعتقاد، البيهقي / ص 173 - كما في ابن ابي شيبة بتفاوت يسير.
* شرح السنة للبغوي / على ما في البحار.
* الجمع بين الصحاح / على ما في العمدة، وحلية الابرار، وغاية المرام.
* العلل المتناهية / ج 2 ص 856 ح 1433 - عن ابي داود، عن علي (عليه السلام):
* جامع الاصول / ج 11 ص 49 ب 1 ح 7811 - عن ابي داود.
* مطالب السؤول / ج 2 ص 80 - عن ابي داود.
* تذكرة الخواص / 364 - كما في ابن ابي شيبة، وقال وقد اخرج ابو داود، والزهري وفيه".. من اهل بيتي من يملأ الارض عدلا".
* مختصر سنن ابي داود / ج 6 ص 159 ح 4114 - من سنن ابي داود.
* بيان الشافعي / ص 482 - ب 1 - عن ابي داود.
* عقد الدرر / ص 18 ب 1 - عن ابي داود.
وفي ص 21 ب 1 - عن البيهقي.
* فتن ابن كثير / ج 1 ص 37 - عن احمد.
* مقدمة ابن خلدون / ص 248 ف 53 - عن ابي داود.
* الفصول المهمة / ص 293 ف 12 - عن بيان الشافعي.
* الجامع الصغير / ج 2 ص 438 ح 7489 - لاحمد، وابي داود.
* عرف السيوطي، الحاوي / ج 2 ص 59 - كما في ابن ابي شيبة، وقال: "واخرج احمد، وابن ابي شيبة، وابو داود، عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".
* الدر المنثور / ج 6 ص 58 - كما في احمد، وقال: "واخرج ابن
ابي شيبة، واحمد، وابو داود".
* جمع الجوامع / ج 1 ص 669 - عن احمد وابن داود، عن علي:
* جواهر العقدين / على ما في ينابيع المودة.
* الائمة الاثنا عشر ابن طولون / ص 121 - كما في ابن ابي شيبة بتفاوت يسير، وقال: "والحديث اخرجه احمد، وابو داود، وكذا ابن ماجه".
* صواعق ابن حجر / ص 163 ب 11 ف 1 - قال: واخرج احمد، وابو داود، والترمذي، وابن ماجة، وفيه".. رجلا من عترتي "، وقال: "وفي رواية رجلا من اهل بيتي " ولكن لم نجده في النسخ التي لدينا من ابن ماجة والترمذي، ولعلهم يقصدون غيره بمعناه، ومثله كثير من المحدثين، خاصة المتسامحين، كما ان نسخ ابن ماجة وغيرها من الصحاح متفاوتة كثيرا نسبيا.
* كنز العمال / ج 14 ص 267 ح 38675 - عن احمد، وابي داود.
* مرقاة المفاتيح / ص 179 - وقال: "ورواه احمد، وابو داود عن علي رضي الله عنه مرفوعا، ورواه ابن ماجه عن ابي هريرة مرفوعا".
* السيرة الحلبية / ج 1 ص 193 - اوله: وقال: "وظهوره يكون بعد ان يكسف القمر في اول ليلة من رمضان وتكسف الشمس في النصف منه، فإن مثل ذلك لم يوجد منذ خلق الله السموات والارض
عمره عشرون سنة وقيل اربعون سنة " وقد ورد ذكر هذه العلامة في احاديث اهل البيت - (عليهم السلام) -.
* ذخائر المواريث / ج 3 ص 18 ح 5356 - اوله، عن ابي داود مرسلا.
* اسعاف الراغبين / ص 145 - كما في صواعق ابن حجر، وقال: "واخرج احمد، وابو داود، والترمذي وابن ماجة".
* نور الابصار / ص 187 - عن ابي داود
* ينابيع المودة / ص 187 ب 56 - عن الجامع الصغير.
وفي ص 432 ب 73 - عن جواهر العقدين.
* مشارق الانوار / ص 112 - وقال: "واخرج احمد، وابو داود، والترمذي، وابن ماجة " وفيه".. من عترتي".
* الاذاعة / ص 130 - 131 - كما في ابن ابي شيبة، وقال: "واخرجه احمد في المسند، وابو داود في السنن".
* عون المعبود / ج 11 ص 372 - 373 ح 4263 - عن ابي داود، وقال " الحديث سكت عنه المنذري، قلت: الحديث سنده حسن قوي، واما فطر بن الخليفة الكوفي فوثقه احمد بن حنبل ويحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين والنسائي والعجلي وابن سعد والساجي، وقال ابو حاتم صالح الحديث، واخرج له البخاري، ويكفي توثيق هؤلاء الائمة لعدالته فلا يلتفت الى قول ابن يونس وابي
بكر بن عياش والجوزجاني في تضعيفه، بل هو قول مردود والله اعلم".
* فيض القدير / ج 5 ص 331 ح 7489 - عن الجامع الصغير.
* المغربي / ص 490 - 495 - عن مقدمة ابن خلدون، وقال: بعد بحث مفصل في تصحيح سنده " الحاصل ليس في الحديث ما ينزل رتبته الى درجة الحسن، فضلا عن ان يحط قدره الى مرتبة الضعيف، بل هو صحيح بلا شك ولا شبهة، والله اعلم".
* مجمع البيان / ج 7 ص 67 - قال: ما رواه الخاص والعام عن النبي - صلى الله عليه وآله -: وفيه".. الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا صالحا من اهل بيتي يملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا".
* العمدة / ص 433 ح 908 - كما في ابن ابي شيبة، عن الجمع بين الصحاح الستة، وفيه".. من الدنيا".
* الطرائف / ص 176 ح 274 - عن ابي داود.
* كشف الغمة / ج 3 ص 227 - عن مطالب السؤول.
وفي ص 266 - عن بيان الشافعي.
* تأويل الايات الطاهرة / ج 1 ص 332 ح 23 - مرسلا عن النبي - صلى الله عليه وآله -، وفيه".. من الدنيا الا يوم واحد.. حتى يبعث رجلا من اهل بيتي".
* تحفة الابرار / على ما في اثبات الهداة.
* اثبات الهداة / ج 3 ص 525 - ب 32 ف 21 ح 420 - عن مجمع البيان.
وفي ص 598 ب 32 ف 2 ح 53 - عن كشف الغمة.
وفي ص 604 ب 32 ف 4 ح 95 - عن الطرائف.
وفي ص 606 ب 32 ف 5 ح 108 - عن العمدة.
وفي ص 608 ب 32 ف 8 ح 123 - عن تحفة الابرار
وفي ص 609 ب 32 ف 10 ح 131 - عن مطالب السؤول.
* حلية الابرار / ج 2 ص 694 ب 54 ح 9 - كما في ابن ابي شيبة، عن الجمع بين الصحاح الستة.
وفي ص 707 ب 141 ح 80 - عن بيان الشافعي.
* غاية المرام / ص 697 ب 141 ح 45 - كما في ابن ابي شيبة، عن الجمع بين الصحاح الستة.
وفي ص 701 ب 141 ح 11 - عن بيان الشافعي.
* البحار / ج 51 ص 102 ب 1 ح 39 - عن كشف الغمة.
وفي ص 104 ب 1 - كما في ابن ابي شيبة بتفاوت يسير، وقال: اقول: وعندي من شرح السنة للحسين بن مسعود البغوي نسخة قديمة انقل عنه ما وجدته فيه من روايات المهدي - (عليه السلام) - بإسناده قال: اخبرنا ابو الفضل زياد بن محمد بن زياد الحنفي اخبرنا الحسين بشر بن محمد المزني، اخبرنا ابو بكر احمد بن محمد بن السري
التميمي الحافظ بالكوفة، اخبرنا الحسين بن علي بن جعفر الصيرفي، حدثنا ابو نعيم الفضل بن دكين، عن القاسم بن ابي بردة، عن ابي الطفيل، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وآله - قال:
* منتخب الاثر / ص 142 ف 2 ح 4 - عن ابي داود.
(5) الترمذي / على مافي تحفة الاشراف، وذخائر المواريث، والبلبيسي، ولم نجده في نسخة الترمذي التي عندنا، ولعله يقصد حديثا آخر بمعناه.
* الديلمي / على ما في كنز العمال.
* تذكرة القرطبي / ص 700 - وقال " وفي حديث حذيفة الطويل مرفوعا".
* تحفة الاشراف / ج 9 ص 428 ح 12810 - اوله، عن الترمذي.
* كنز العمال / ج 14 - ص 269 ح 38684 - عن الديلمي، والذي وجدناه في الفردس ج 3 ص 372 ح 5128 - عن ابي هريرة، يختلف عنه ولكنه بمعناه.
* ذخائر المواريث / ج 4 ص 50 - كما في تذكرة القرطبي، مرسلا عن ابي هريرة، عن الترمذي في الفتن، عن عبد الجبار بن العلاء:
* الاذاعة / ص 125 - عن الديلمي، مرسلا، وفيه".. الا ليلة لطول الله تلك الليلة حتى يلي " وليس فيه " من اهل بيتي".
* العطر الوردي / ص 65 - عن الترمذي، وليس فيه " ويظهر الاسلام".
(6) صفة المهدي، لابي نعيم / على ما في عقد الدرر.
* اربعون ابي نعيم / على مافي كشف الغمة، وغاية المرام، وحلية الابرار.
* عقد الدرر / ص 62 ب 4 ف 1 - عن حذيفة رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: وقال: "اخرجه الحافظ ابو نعيم الاصفهاني في صفة المهدي".
* عرف السيوطي، الحاوي / ج 2 ص 2 - كما في عقد الدرر، عن ابي نعيم، وفيه".. ويقومهم بقلبه.. كل جبار عنيد".
* برهان المتقي / ص 92 ب 2 ح 12 - عن عرف السيوطي، وفيه".. بقلبه وجنانه".
* فرائد فوائد الفكر / ص 15 - ب 5 - كما في عقد الدرر بتفاوت يسير، وقال: "اخرجه الحافظ ابو نعيم الاصفهاني".
* لوائح السفاريني / ج 2 ص 14 آخره، عن ابي نعيم.
ينابيع المودة / ص 448 ب 78 - عن ابي نعيم، كما في عقد الدرر، بتفاوت يسير، وفيه".. ويطردون المسلمين.. جبار عنيد.. واصلح الامة بعد فسادها.. والله لا يخلف وعده وهو على وعده
قدير".
وفي ص 490 ب 94 - عن غاية المرام، كما في عقد الدرر بتفاوت يسير.
* مقصد الراغب / على ما في اثبات الهداة.
* كشف الغمة / ج 3 ص 262 - كما في عقد الدرر، عن الاربعين، وفيه".. جبار عنيد".
* اثبات الهداة / ج 3 ص 595 ب 32 ف 2 ح 35 - بعضه، عن كشف الغمة.
وفي ص 618 ف 20 ح 180 - اخره، عن مقصد الراغب.
* غاية المرام / ص 700 ب 141 ح 99 - عن الاربعين، كما في عقد الدرر، بتفاوت يسير.
* حلية الابرار / ج 2 ص 704 ب 54 ح 64 - عن الاربعين.
* البحار / ج 51 ص 83 ب 1 ح 28 - عن كشف الغمة.
* منتخب الاثر / ص 149 ف 2 ب 1 ح 23 - عن ينابيع المودة.
ملاحظة: "اصل هذا الحديث كما رأيت من رواية الحافظ ابي نعيم الاصفهاني، من علماء القرن الخامس، ولم يذكر سنده احد من الذين نقلوه عنه فيما علمنا، كما لم نحصل على كتبه الثلاثة عن المهدي - (عليه السلام) -: مناقب المهدي، وصفة المهدي، والاربعين حديثا في المهدي، ولكن الذي يسهل الامر ان المصادر نقلت عنها كثيرا، حتى
انه يمكن جمع احاديثها من هذا المعجم، وكذا يمكن الى حد كبير حل مسألة تعدد كتابيه او وحدتهما (الاربعين، وصفة المهدي الذي يسمى ايضا نعت المهدي) وذلك بإحصاء الروايات التي نقلها المحدثون عن كل منهما ومقارنتها، والحديث المذكور قد يكون اطول من الفقرتين المرويتين، كما يحتمل ان يكون في الاصل حديثين، ولكن يضعف هذا الاحتمال ان الجميع نقلوه على انه واحد، ومضافا الى ورود الفاء في قوله، " فقال - عليه الصلاة والسلام - " التي تؤيد استمرار النص.
(7) ابن حماد / ص 28 - حدثنا الوليد، عن ابن لهيعة، عن عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يكون بعد الجبابرة رجل من اهل بيتي يملأ الارض عدلا ثم القحطاني بعده..".
* الطبراني الكبير / ج 22 ص 375 ح 937 - حدثنا ابو عامر النحوي، ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ثنا حسين بن علي الكندي مولى جرير، عن الاوزاعي، عن قيس بن جابر الصدفي، عن ابيه، عن جده ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
* فوائد ابي نعيم / على ما في بيان الشافعي، وعقد الدرر، ونور الابصار، والفصول المهمة، وفرائد فوائد الفكر.
* اربعون ابي نعيم / على مافي كشف الغمة.
* الاستيعاب / ج 1 ص 221 ح 288 - وقال " رواه ابن لهيعة عن ابن ابنه (كذا) عبد الرحمن بن قيس بن جابر (بن عبد الله) الصدفي،. عن (ابيه) عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كما في ابن حماد. وفيه".. وبعد الامراء ملوك، وبعد الملوك جبابرة، وبعد الجبابرة يخرج رجل".
* الفردوس / ج 5 ص 456 ح 8731 - كما في الاستيعاب، عن جابر الصدفي.
* ابن مندة / على ما في عرف السيوطي، الحاوي، واسد الغابة.
* ابو موسى، محمد بن ابي بكر بن ابي عيسى الاصفهاني: على ما في اسد الغابة.
* ابن عساكر / ج 4 ص 351 - كما في الطبراني بتفاوت يسير، وقال: "الحسين بن علي الكندي مولى بن جريح، روى عن الاوزاعي، عن قيس بن جابر الصدفي، عن ابيه، عن جده، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
* اسد الغابة / ج 1 ص 260259 - كما في الطبراني بتفاوت يسير، عن ابن عبد البر، وابن مندة، وابي نعيم.
وفي ج 5 ص 155 - كما في الطبراني بتفاوت يسير، عن ابي نعيم، وابي موسى.
* بيان الشافعي / ص 518 ب 21 - بسنده الى ابي نعيم، ثم
بسنده: اخبرنا شيخ الصنعة وحافظ الشام والعجم ابو القاسم سليمان بن احمد بن ايوب الطبراني، حدثنا ابو عامر محمد بن ابراهيم النحوي، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا حسين بن علي الكندي، عن الاوزاعي، عن قيس بن جابر الصدفي، عن ابيه عن جده: ان رسول الله قال: - كما في الطبراني بتفاوت يسير، وفيه، " ثم يخرج المهدي من اهل بيتي " وقال: "قلت هكذا رواه ابو نعيم في فوائده، والطبراني في معجمه الاكبر، رزقناه عاليا من هذا الوجه ولله الحمد".
* عقد الدرر / ص 19 ب 1 - كما في بيان الشافعي، وقال: "رواه الحافظ ابو نعيم في فوائده، واخرجه الطبراني في معجمه".
* مجمع الزوائد / ج 5 ص 190 - عن الطبراني.
* الاصابة / ج 4 ص 31 ح 184 - عن الطبراني وابي موسى في الكني، بدون آخره حول القحطاني.
* الفصول المهمة / ص 298 ف 12 - كما في بيان الشافعي. الى قوله: "كما ملئت جورا" بدون آخره حول القحطاني، وقال: "هكذا ذكره الحافظ ابو نعيم في فوائده، والطبراني في معجمه الكبير".
* عرف السيوطي الحاوي / ج 2 ص 64 - كما في الطبراني، وقال: "واخرج الطبراني في الكبير، وابن منده، وابو نعيم، وابن عساكر".
* الجامع الصغير / ج 2 ص 61 ح 4768 - عن الطبراني.
* جمع الجوامع / ج 1 ص 1013 - عن ابن حماد.
* صواعق ابن حجر / ص 166 ب 11 ف 1 - عن الطبراني بتفاوت يسير.
* برهان المتقي / ص 165 ب 11 ح 3 - عن عرف السيوطي.
* كنز العمال / ج 14 ص 265 ح 38667 - عن الطبراني.
وفي ص 274 ح 38704 - عن ابن حماد، كما في الطبراني.
* فرائد فوائد الفكر / ص 2 ب 1 - كما في الطبراني بتفاوت يسير، وقال: "رواه ابو نعيم في فوائده، واخرجه الطبراني في معجمه".
* نور الابصار / ص 189 - كما في بيان الشافعي، بتفاوت يسير، بدون آخره حول القحطاني، وقال: "رواه ابو نعيم في فوائده، والطبراني في معجمه.
* فيض القدير / ج 4 ص 127 ح 4768 - عن الجامع الصغير.
* الاذ1عة / ص 130 - عن الطبراني بتفاوت يسير.
* المغربي / ص 563 ح 33 - عن الطبراني.
وفي ص 568 ح 54 - كما في الطبراني، بتفاوت يسير، عن ابن حماد ظاهرا، ولم نجده فيه بهذا اللفظ.
* ملاحم ابن طاووس / ص 26 ب 18 - كما في الطبراني بتفاوت يسير، ونقص بعض الفاظه، عن ابن حماد بسنده المتقدم بتفاوت يسير.
* كشف الغمة / ج 3 ص 264 - كما في الطبراني بتفاوت يسير، عن اربعين ابي نعيم، وليس فيه الزيادة حول القحطاني.
وفي ص 277 - عن بيان الشافعي، بدون الزيادة عن القحطاني ايضا.
* اثبات الهداة / ج 3 ص 596 ب 32 ف 2 ح 44 آخره، عن كشف الغمة.
* غاية المرام / ص 698 ب 141 ح 66 - عن الفردوس ظاهرا.
وفي ص 701 ب 141 ح 108 - كما في كشف الغمة، عن اربعين ابي نعيم.
وفي: ص 704 ب 141 ح 150 - عن كشف الغمة.
* حلية الابرار / ج 2 ص 698 ب 54 ح 29 - عن الفردوس ظاهرا.
وفي ص 706 ح 72 - كما في كشف الغمة، عن اربعين ابي نعيم.
وفي ص 717 ح 114 - عن بيان الشافعي.
* البحار / ج 51 ص 84 وص 96 ب 1 - عن كشف الغمة.
* كشف النوري / ص 158 ف 2 - عن الفردوس.
* وذكر له في ملحقات احقاق الحق / ج 13 ص 16 - المصادر الاخرى التالية:
- مناقب الكاشي / مخطوط ص 299 - عن اربعين الهمداني.
* وذكر له في ملحقات احقاق الحق / ج 13 ص 16 - المصادر الاخرى التالية:
- مناقب الكاشي / مخطوط ص 299 - عن اربعين الهمداني.
- القرب في محبة العرب / ص 134 - عن اسد الغابة.
- الفتح الكبير / ج 2 ص 164 - عن اسد الغابة.
(8) الطبراني / ج 18 ص 51 ح 91 - حدثنا يحيى بن عبد الباقي، ثنا يوسف بن عبد الرحمن المروروذي، ثنا ابو تقي عبد الحميد بن ابراهيم الحمصي، ثنا معدان بن سليم الحضرمي، عن عبد الرحمن بن نجيح، عن ابي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
* مجمع الزوائد / ج 7 ص 323 - كما في كنز العمال، عن الطبراني، وقال: "قلت روى ابن ماجه طرفا من اوله".
* كنز العمال / ج 11 ص 183 ح 31144 - عن الطبراني بتفاوت.
* منتخب كنز العمال / هامش مسند احمد ج 5 ص 404 - عن الطبراني بتفاوت يسير.
* منتخب الاثر / ص 146 ف 2 ب 1 ح 11 - عن منتخب كنز العمال.
ملاحظة: "ستأتي احاديث توضح المقصود بهذا الحديث تحت عنوان: لا تزال طائفة من امتي ظاهرين، وفي احاديث بلاد العرب في عصر ظهور المهدي - (عليه السلام) - كما وردت احاديث عديدة في هذا المعجم وغيره تبين المقصود بالفرقة الناجية".
(9) ابن حماد / ص 91 - حدثنا يحيى بن اليمان، عن المنهال، عن مطر الوراق قال: ولم يسنده الى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
* ملاحم ابن طاووس / ص 78 ب 172 - عن فتن ابن حماد.
اقوال علماء السنة في المهدي (عليه السلام)
كانت العقيدة بظهور المهدي في آخر الزمان من العقائد الشائعة بين المسلمين منذ العصر الأول. وذلك انطلاقا من العقيدة باحاديث الرسول - صلى الله عليه وآله - التي كشفت للامة حجب الغيب. وقد ظهرت حركات مهدوية كثيرة في التاريخ الاسلامي منذ اواخر القرن الأول للهجرة، وحتى هذا القرن..
وكانت اكثر هذه الحركات في البيئة السنية، وقد التفت حولها الجماهير السنية لقناعتها بهذه العقيدة الراسخة عندهم. وآخر هذه الحركات كانت ظاهرة في الحرم المكي في السنة الاربعمأة بعد الألف للهجرة، حيث ادعى القائمون بها ان قائدهم هو المهدي، لان اسمه يواطئ اسم الرسول.
ولم يتشكك في عقيدة المهدي إلا بعض المتأثرين بالثقافة العلمانية كابن خلدون الذي حاول ان يؤسس نظرية نقدية للنصوص الدينية بعيدا
عن الايمان بالغيب، والتسليم لحقائق الوحي. وقد اورد 28 حديثا في عقيدة المهدي وحاول تضعيف اسانيد بعضها، وكان واضحا ان تشكيكه كان قائما على نظريته في الاجتماع من قيام الملك بالعصبية، ومحاولة نسبة هذه العقيدة بتلك العصبية.. ولكن اذا جعلنا معيار تقييم العقائد السياسية والحركات الاجتماعية فلا تسلم حتى العقيدة بأصل الدين من هذا المعيار ذي البعد الواحد.
والواقع ان ابن خلدون الذي ابتلى بهذه الروح المرتابة المشككة، لم يكن شاذا بين كل الناقدين من امثاله المتأثرين بعلم الاجتماع، وهم وافكارهم اول ضحايا هذا المعيار. اذ مادامت الافكار ناشئة ظروف سياسية واجتماعية، فكيف يسلم ابن خلدون واراؤه اوماركس واراؤه او دور كايم واراؤه من التأثر بالواقع الاجتماعي الذي عايشوه؟
مثلا ابن خلدون يؤسس نظرية العصبية التي ثبت في علم الاجتماع مدى ضعفها واحاديتها، ثم يحاول نقد الاحاديث على اساسها فيقول مثلا: فهذه جملة الاحاديث التي خرجها الائمة في شأن المهدي وخروجه في آخر الزمان، وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل والأقل منه(9).
ولم يعرف ابن خلدون ان سلامة سند حديث واحد تكفي لقبول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(9) برنامج الامام المهدي (ع) - الكمبيوتري في فصل (عقيدة السنة في المهدي المنتظر) نقلا عن مقدمة ابن خلدون ص 322.
عقيدة غيبية، ولا يضر ضعف سند غيره، لان مجرد الضعف لا يدل على كذب الحديث بل هو مؤيد. ارأيت لو اخبرك طفل ورجل عادي ورجل عالم واخر زاهد بخبر، فانه يزداد عندك رسوخا، بالرغم من ان خبر الطفل وحده لا يكفي.
ومثل آخر للتشكيك جاء بمناسبة قيام الحرم المكي حيث كان باسم المهدي، فقام البعض بالتشكيك في اصل العقيدة في محاولة لسلب الشرعية من هذه العقيدة، فألف رئيس المحاكم الشرعية في قطر (الشيخ عبد الله) ألف كتاب سماه " لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر".
وهكذا نجد البعض يرد عقيدة المهدي لزعمه انها تشكل خلفية نظرية ولاية الفقيه في السياسة، وربط الدين بالسياسة.
وهكذا نجد ان اكثر التشكيك في امر المهدي جاء بدوافع سياسية، ولم يكن قائما على اسس علمية سليمة.
ولكن هذا التشكيك انى كان دافعه، اثار علماء المسلمين للقيام بالدفاع عن هذه العقيدة الاسلامية، وكان اول من كتب من علماء السنة في هذه العقيدة الحافظ نعيم بن حداد المروزي، حيث عنون كتابه باسم " الفتن والملاحم " وتوجد نسخة من الكتاب في المكتبة البريطانية حيث سجلت فيها بتاريخ 1924 م. كما توجد نسخ منها في مكتبات الهند وسوريا. والمؤلف هو من مشائخ علماء السنة، وقد توفي سنة 227.
وقد بلغت الكتب والرسائل التي ألفها علماء السنة في عقيدة المهدي زهاء خمسين كتابا ودراسة.
وسوف ننقل فيما يلي جملة من كلمات علماء السنة حول هذه العقيدة(10).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(10) ننقلها من ذات المصدر.
المصادر:
ابن القيم الجوزية:
قال في كتابه " المنار المنيف في الصحيح والضعيف " بعد ان ذكر عددا من احاديث المهدي المنتظر: "وهذه الاحاديث اربعة اقسام: صحاح، وحسان، وغرائب، وموضوعة.
وقد اختلف الناس في المهدي على اربعة اقوال:
احدها، انه المسيح بن مريم، وهو المهدي عل الحقيقة، واحتج اصحاب هذا بحديث محمد بن خالد الجندي المتقدم (يقصد حديث لا مهدي الا عيسى) وقد بينا حاله وانه لا يصح، ولو صح لم يكن فيه حجة، لان عيسى اعظم مهدي بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين الساعة.
القول الثاني: انه المهدي الذي ولي من بني العباس، وقد انتهى زمانه. واحتج اصحاب هذا القول بما رواه احمد في مسنده: "اذا رأيتم الرايات السود قد اقبلت من خراسان فأتوها ولو حبوا على الثلج. فان فيها خليفة الله المهدي".
... وفي سنن ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود قال: "بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اذ اقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم - اغرورقت عيناه وتغير لونه، فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه! قال: انا اهل بيت اختار الله لنا الاخرة على الدنيا، وان اهل بيتي سيلقون بلاء.
وتشريدا وتطريدا، حتى يأتي قوم من اهل المشرق ومعهم رايات سود، يسألون الحق فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتى يدفعونها الى رجل من اهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملئت جورا، فمن ادرك ذلك فليأتهم ولو حبوا على الثلج".
.. وهذا والذي قبله لو صح، لم يكن فيه دليل على ان المهدي الذي تولى من بني العباس هو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، بل هو مهدي من جملة المهديين، وعمر بن عبد العزيز كان مهديا، بل هو اولى باسم المهدي منه.
... فالمهدي في جانب الخير والرشد كالدجال في جانب الشر والضلال، وكما ان بين يدي الدجال الاكبر صاحب الخوارق دجالين كذابين، فكذلك بين يدي المهدي الاكبر مهديون راشدون.
القول الثالث: "انه رجل من اهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من ولد الحسن بن علي، يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الارض جورا وظلما فيملؤها قسطا وعدلا، واكثر الاحاديث على هذا تدل.. وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف، وهو ان الحسن - رض الله تعالى عنه - ترك الخلافة لله، فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة بالحق المتضمن للعدل الذي يملأ الارض، وهذه سنة الله في عباده، انه من ترك لاجله شيئا اعطاه الله او اعطى ذريته افضل منه.. " الخ.. (المصدر ج 1 ص 289)
ابن حجر الهيثمي:
قال في كتابه " الصواعق المحرقة ": "الاية الثانية عشرة قوله تعالى: "وانه لعلم للساعة "، قال مقاتل ابن سليمان ومن تبعه من المفسرين ان هذه الاية نزلت في المهدي، وستأتي الاحاديث المصرحة بأنه من اهل البيت النبوي، وحينئذ ففي الاية دلالة على البركة في نسل فاطمة وعلي - رضي الله عنهما -، وان الله ليخرج منهما كثيرا طيبا، وان يجعل نسلهما مفاتيح الحكمة ومعادن الرحمة، وسر ذلك ان النبي - صلى الله عليه وسلم - اعاذها وذريتها من الشيطان الرجيم، ودعا لعلي بمثل ذلك، وشرح ذلك كله يعلم بسياق الاحاديث الدالة عليه " (المصدر ج 1 ص 420)
اقول: ويمكن الجمع بين تفسيره الاية بالمهدي وتفسيرها بعيسى - (عليهما السلام) - بأن عيسى ينزل في زمن المهدي ويعاونه، وتظهر آيات الحق والساعة على يديهما معا.
وقال ابن حجر بعد ان اورد جملة من احاديث المهدي، معلقا على حديث " لا مهدي الا عيسى بن مريم ": "ثم تأويل لا مهدي الا عيسى " انما هو على تقدير ثبوته، والا فقد قال الحاكم: انما اوردته تعجبا لامحتجا به. وقال البيهقي: تفرد به محمد بن خالد، وقال الحاكم انه مجهول، واختلف عنه في اسناده، وصرح النسائي بأنه منكر، وجرم غيره من الحفاظ بأن الاحاديث التي قبله، اي الناصة على ان المهدي من ولد فاطمة، اصح اسنادا (ج 1 ص 433) ثم ذكر جملة اخرى من احاديث المهدي - (عليه السلام) -.
ابو الفداء ابن كثير:
قال في النهاية: "فصل في ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان، وهو احد الخلفاء الراشدين والائمة المهديين.. فقد نطقت به الاحاديث المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانه يكون في آخر الدهر..".
وقال: تعقيبا على حديث " تخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء ": وهذه الرايات ليست هي التي اقبل بها ابو مسلم الخراساني فاستلب بها دولة بني امية في سنة سنتين وثلاثين ومئة، بل رايات سود اخرى تأتي صحبة المهدي، وهو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني - رضي الله عنه - يصلحه الله في ليلة واحدة، اي يتوب عليه، ويوفقه، ويلهمه ويرشده، بعد ان لم يكن كذاك. ويؤيده تاس من اهل المشرق ينصرونه، ويقيمون سلطانه ويشيدون اركانه، وتكون راياتهم سودا ايضا، وهو زي عليه الوقار لان راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت سوداء يقال لها العقاب.
"... والمقصود ان المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون اصل ظهوره وخروجه من ناحية المشرق - ويبايع له عند البيت، كما دل على ذلك بعض الاحاديث.. وقد افردت في ذكر المهدي جزء على حدة ولله الحمد " (المصدر ج 1 ص 296 و301 و302)
جلال الدين السيوطي:
قال في كتابه " الحاوي للفتاوي ": اخرج ابن جرير في تفسيره، عن
السدي في قوله تعالى: "ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها " قال: هم الروم، كانوا ظاهروا بخت نصر في خراب بيت المقدس، وفي قوله تعالى: "اولئك ما كان لهم ان يدخلوها الا خائفين " قال: فليس في الارض رومي يدخله اليوم الا وهو خائف ان تضرب عنقه، او قد اخيف باداء الجزية فهو يؤديها، وفي قوله: "لهم في الدنيا خزي " قال: اما خزيهم في الدنيا فإنه اذا قام المهدي وفتحت القسطنطينية قتلهم، فلذلك الخزي. (المصدر / ج 1 / ص 354)
وقال في التعليق على حديث: "لا مهدي الا عيسى بن مريم " قال: القرطبي في التذكرة اسناده ضعيف، والاحاديث عن النبي - صلى الله عليه وآله - في التنصيص على خروج المهدي من عترته وانه من عترته وانه من ولد فاطمة ثابتة اصح من هذا الحديث، فالحكم بها دونه.
قال ابو الحسن محمد بن الحسين بن ابراهيم بن عاصم السحري: قد تواترت الاخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم - بمجيىء المهدي، وانه من أهل بيته، وانه سيملك سبع سنين وانه يملأ الارض عدلا، وانه يخرج معه عيسى فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين، وانه يوم هذه الامة وعيسى يصلي خلفه، في طول من قصته وامره. (المصدر ج 1 ص 396)
ابن ابي الحديد المعتزلي:
قال في شرح نهج البلاغة في شرح قوله - (عليه السلام) -: "وبنا يختم لا بكم ": اشارة الى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان، واكثر
المحدثين على انه من ولد فاطمة - (عليها السلام) - واصحابنا المعتزلة لا ينكرونه، وقد صرحوا بذكره في كتبهم واعترف به شيوخهم، الا انه عندنا لم يخلق بعد وسيخلق، والى هذا المذهب يذهب اصحاب الحديث ايضا (المصدر ج 1 ص 146)
وقال في شرح قوله - (عليه السلام) -: لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، وتلا عقيب ذلك: "ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين " قال: والامامية تزعم ان ذلك وعد منه بالامام الغائب يملك الارض في آخر الزمان، واصحابنا يقولون انه وعد بامام يملك الارض ويستولي على الممالك، ولا يلزم من ذلك انه لابد ان يكون موجودا.. وتقول الزيدية: انه لابد من ان يملك الارض فاطمي يتلوه جماعة من الفاطميين على مذهب زيد، وان لم يكن احد منهم الان موجودا. (المصدر ج 1 ص 174)
وفي شرح قوله - (عليه السلام) - " بأبي ابن خيرة الامام " قال: اما الامامية فيزعمون انه امامهم الثاني عشر وانه ابن أمة اسمها نرجس، واما اصحابنا فيزعمون انه فاطمي يولد في مستقبل الزمان لام ولد وليس بموجود الان.. وانه يملأ الارض عدلا كما ملئت جورا، وينتقم من الظالمين وينكل بهم اشد النكال (المصدر ج 1 ص 152)، ولكن اذا كان سيولد في عصرنا مثلا فأين الاماء، وكيف يكون ابن أم ولد وابن خيرة الاماء؟
وقال ابن ابي الحديد قوله - (عليه السلام) - " في سترة من الناس " هذا
الكلام يدل على استتار هذا الانسان المشار اليه، وليس ذلك بنافع للامامية في مذهبهم. وان ظنوا انه تصريح بقولهم، وذلك لانه من الجائز ان يكون هذا الامام يخلقه الله تعالى في آخر الزمان، ويكون مستترا مدة وله دعاة يدعون اليه ويقررون امره، ثم يظهر بعد ذلك الاستتار ويملك الممالك ويقهر الدول ويمهد الارض (المصدر ج 1 ص 163)
العلامة المناوي صاحب فيض القدير:
قال في شرح حديث: "المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري "، قال في المطامح: حكي انه يكون في هذه الامة خليفة لا يفضل عليه ابو بكر ا. هـ. واخبار المهدي كثيرة شهيرة افردها غير واحد في التأليف. قال السمهودي: ويتحصل مما ثبت في الاخبار عنه انه من ولد فاطمة، وفي ابي داود انه من ولد الحسن، والسر فيه ترك الحسن للخلافة لله شفقة على الامة، فجعل القائم بالخلافة الحق عند شدة الحاجة وامتلاء الارض ظلما من ولده. وهذه سنة الله في عباده انه يعطي عن ترك شيئا من اجله افضل مما ترك او ذريته.
ثم قال: تنبيه: اخبار المهدي لايعارضها خبر " لا مهدي الا عيسى بن مريم " لان المراد به كما قال القرطبي لا مهدي كاملا معصوما الا عيسى. (الروياني) في مسنده عن حذيفة، قال ابن الحبوزي، قال ابن احمد الرازي: حديث باطل ا. هـ وفيه محمد بن ابراهيم الصوري، قال: "قال في الميزان عن ابن الجلاب، روي عن رواد خبرا باطلا منكرا في ذكر المهدي ثم ساق هذا الخبر وقال، هذا
باطل. (المصدر ج ص 54)
العلامة خير الدين الالوسي:
قال في غالية المواعظ: "فمنها - اي علامات الساعة - خروج المهدي رضي الله تعالى عنه على القول الاصح عند اكثر العلماء، ولا عبرة بمن انكر مجيئه من الفضلاء.. وفي مجىء المهدي احاديث عديدة..".
وقال بعد ان استعرض قسما من احاديثه وهذا الذي ذكرناه في امر المهدي هو الصحيح من اقوال اهل السنة والجماعة " (المصدر ج 2 ص 158 و160)
الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الازهر قال في مقال نشرته مجلة التمدن الاسلامي بعنوان (نظرة في احاديث المهدي): "ويلحق بالاحكام العملية في صحة الاحتجاج بخبر الاحاد اشياء يخبر بها الشارع ليعلمها الناس من غير ان يتوقف صحة ايمانهم على معرفتها. ومن هذا القبيل حديث المهدي.. فاذا ورد حديث صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الى ان يكثر رواة هذا الحديث حتى يبلغ حد التوتر.
ولم يرد في الجامع الصحيح للامام البخاري حديث في شأن المهدي، وانما ورد في صحيح مسلم حديث لم يصرح فيه باسمه، وحمله بعضهم على ان المراد منه المهدي، او المشار فيها الى بعض صفاته. اما بقية كتب الحديث فرواها الامام احمد بن حنبل، وابو داود، والترمذي، وابن ماجة، والطبراني، وابو نعيم، وابن ابي شيبه وابو بعلى، والدار قطني، والبيهقي، ونعيم بن حماد، وغيرهم.. وجمعت هذه الاحاديث
في رسائل مستقلة، مثل " العرف الوردي في حقيقة المهدي "، للملا علي القاري، و" التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح " للشوكاني.
واول من اتجه الى نقد احاديث المهدي فيما عرفنا ابو زيد عبد الرحمن بن خلدون".. ثم اعترف ابن خلدون بان بعض الاحاديث خالص من النقد.. " ونحن نقول متى ثبت حديث واحد من هذه الاحاديث وسلم من النقد كفى في العلم بما تضمنه من ظهور رجل في آخر الزمان يسوس الناس بالشرع ويحكم بالعدل".
"... والصحابة الذين رويت من طرقهم احاديث المهدي نحو (27) صحابيا - رضي الله عنهم - والواقع ان احاديث المهدي بعد تنقيتها من الموضوع والضعيف القريب منه، فان الباقي منها لا يستطيع العالم الباحث على بصيرة ان يصرف نظره عنه...، وقد صرح الشوكاني في رسالته المشار اليها آنفا بان هذه الاحاديث بلغت مبلغ لتواتر، قال المنجبر " والاحاديث التي امكن الوقوف عليها، منها خمسون فيها الصحيح والحسن والضعيف، وهي متواترة بلا شك. بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الاصول".
يقول بعض المنكرين لاحاديث المهدي جملة: ان هذه الاحاديث من وضع الشيعة لا محالة. ويرد بأن هذه الاحاديث مروية بأسانيدها، وقد تقصينا رجال سندها فوجدناهم ممن عرفوا بالعدالة والضبط، ولم يتهمهم احد من رجال التعديل والجرح بتشيع، مع شهرة نقدهم للرجال... " وقد اتخذ مسألة المهدي كثير من القائمين لانشاء دول
وسيلة الى الوصول الى غاياتهم، فادعوا المهدوية ليتهافت الناس على الالتفاف حولهم، فالدولة الفاطمية قامت على هذه الدعوة، اذ زعم مؤسسها عبيد الله انه المهدي، ودولة الموحدين جرت على هذه الدعوة، فان مؤسسها محمد بن تومرت اقام امره على هذه الدعوة.
وظهر في ايام الدولة المرينية بفاس رجل يدى التوزدي واجتمع حوله رؤساء صنهاجه وقتل المصامته.
وقام رجل اسمه العباس سنة 690 هـ في نواحي الريف من المغرب وزعم انه المهدي، واتبعته جماعة، وآل امره الى انه قتل وانقطعت دعوته.
وبعد ثورة عرابي بمصر ظهر رجل في السودان يسمى محمد احمد، ادعى انه المهدي واتبعه قبيلة بقارة من جهينة على انه المهدي سنة 1300 هـ وهو الذي خلفه بعد موته التعايشي احد زعماء البقارة.
.. واذا اساء الناس فهم حديث نبوي، او لم يحسنوا تطبيقه على وجهه الصحيح حتى وقعت جراء ذلك مفاسد، فلا ينبغي ان يكون ذلك داعيا للشك في صحة الحديث او المبادرة الى إنكاره، فان النبوة حقيقة واقعة بلا شبهة، وقد ادعاها اناس كذبا وافتراء وأظلوا بدعواهم كثيرا من الناس، مثل ما يفعله طائفة القاديانية اليوم. والالوهية ثابتة بأوضح من الشمس في كبد السماء، وقد ادعاها قوم لزعمائهم على معنى انه - جل شأنه - يحل فيهم، مثلها يفعل طائفة البهائية في هذا العهد. فليس من الصواب انكار الحق من اجل ما ألصق به من باطل " (المصدر ج 2 ص 210 - 214)
الشيخ ناصر الدين الالباني:
قال في مقال في مجلة (التمدن الاسلامي) من مقالة بعنوان (حول المهدي): "واما مسألة المهدي فليعلم ان في خروجه احاديث كثيرة صحيحة، قسم كبير منها له اسانيد صحيحة، وانا مورد هنا امثلة منها، ثم معقب ذلك بدفع شبهة الذين طعنوا فيها ثم ذكر امثلة منها ومن آراء العلماء بتواترها، ثم قال:
هذا ثم ان السيد رشيد (رضا) او غيره لم يتتبعوا ما ورد في المهدي من الاحاديث حديثا حديثا، ولا توسعوا في طلب ما لكل حديث منها من الاسانيد، ولو فعلوا لوجدوا منها ما تقوم به الحجة، حتى في الامور الغيبية التي يزعم البعض انها لا تثبت الا بحديث متواتر، ومما يدلك على ان السيد رشيد رحمه الله ادعى ان اسانيد لا تخلو عن شيعي، مع ان الامر ليس كذلك على اطلاقه، فالاحاديث الاربعة التي ذكرتها ليس فيها رجل معروف بالتشيع، على انه لو صحت هذه الدعوى لم يقدح ذلك في صحة الاحاديث، لان العبرة في الصحة إنما هو الصدق والضبط، واما الخلاف المذهبي فلا يشترط في ذلك كما هو مقرر في مصطلح علم الحديث، ولهذا روى الشيخان في صحيحيهما لكثير من الشيعة وغيرهم من الفرق المخالفة، واحتجا بأحاديث هذا النوع.
وقد أعلها السيد بعلة اخرى وهي التعارض، وهذه علة مدفوعة لان التعارض شرطه التساوي في قوة الثبوت، وأما نصب التعارض بين قوي وضعيف فمما لا يسوغه عاقل منصف، والتعارض المزعوم من هذا القبيل.
.. وخلاصة القول ان عقيدة خروج المهدي عقيدة ثابتة متواترة عنه - صلى الله عليه وسلم - يجب الايمان بها لانها من امور الغيب، والايمان بها من صفات المتقين كما قال تعالى: "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هد للمتقين الذين يؤمنون بالغيب " وان انكارها لا يصدر الا عن جاهل او مكابر، اسأل الله ان يتوفانا على الايمان بها وبكل ما صح في الكتاب والسنة. (المصدر ج 2 ص 288 - 391)
الكتاني المالكي:
قال في كتابه " نظم المتناثر من الحديث المتواتر " بعد ان عدد عشرين من الصحابة الذين رويت عنهم احاديث المهدي: "وقد نقل غير واحد عن الحافظ السخاوي انها متواترة، والسخاوي ذكر ذلك في " فتح المغيث " ونقله عن ابي الحسين الابري، وقد تقدم نقله في اول هذه الرسالة، وفي تأليف لابي العلاء ادريس الحسيني العراقي في المهدي هذا: ان احاديث متواترة او كادت، قال: وجزم بالاول غير واحد من الحفاظ النقاد ا. هـ.
وفي شرح الرسالة للشيخ جوس ما نصه " ورد خبر المهدي في احاديث السخاوي وانها وصلت الى حد التواتر. ا. هـ. وفي شرح المواهب نقلا عن ابي الحسين الابري في مناقب الشافعي قال: تواترت الاخبار ان المهدي من هذه الامة وان عيسى يصلي خلفه. ذكر ذلك ردا لحديث ابن ماجة " لا مهدي الا عيسى " ا. هـ.
وفي " مغاني الوفا بمعاني الاكتفا: "قال الشيخ ابو الحسين الابري:
قد تواترت الاخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بمجيء المهدي وانه سيملك سبع سنين، وانه يملأ الارض عدلا ا. هـ. وفي شرح عقيدة الشيخ محمد بن احمد السفاريني الحنبلي ما نصه: وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم. ثم ذكر بعض الاحاديث الواردة فيه عن جماعة من الصحابة، وقال بعدها: وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم روايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم مما يفيد مجموعة العلم القطعي. فالايمان بخروج المهدي واجب، كما هو مقرر عند اهل العلم ومدون في عقائد اهل السنة والجماعة ا. هـ. " (المصدر ج 2 ص 194 - 195).
العدوي المصري:
قال في كتاب مشارق الانوار: "وجاء في بعض الروايات انه ينادي عند ظهوره فوق رأسه ملك " هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه " فيقبل عليه الناس ويشربون حبه، وانه يملك الارض شرقها وغربها، وان الذين يبايعونه اولا بين الركن والمقام بعدد اهل بدر ثم تأتيه ابدال الشام ونجباء مصر وعصائب اهل الشرق واشباههم، ويبعث الله جيشا من خراسان برايات سود نصرة له، ثم يتوجه الى الشام، وفي رواية الى الكوفة، والجمع ممكن، وان الله تعالى يؤيده بثلاثة آلاف من الملائكة، وان اهل الكهف من اعوانه، قال الاستاذ السيوطي: وحنيئذ فسر تأخيرهم الى هذه المدة اكرامهم بشرفهم بدخولهم في هذه الامة،
واعانتهم للخليفة الحق، وان على مقدمة جيشه جبريل، وميكائيل على ساقته " (المصدر ج 2 ص 62).
سعد الدين الفتتازاني:
قال في شرح المقاصد: "خاتمة، مما يلحق بباب الامامة خروج المهدي ونزول عيسى - (عليه السلام) - وهما من اشراط الساعة. وقد وردت في هذا الباب اخبار صحاح وان كانت احادا".
... وعنه - رضى الله عنه -: اي ابي سعيد الخدري - قال: "ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلاء يصيب هذه الامة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ اليه من الظلم، فيبعث الله رجلا من عترتي فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا " فذهب العلماء الى انه امام عادل من ولد فاطمة - رضي الله عنها - يخلقه الله حين يشاء ويبعثه لنصرة دينه، وزعمت الشيعة الامامية انه محمد بن الحسن العسكري اختفى عن الناس خوفا من الاعداء ولا استحالة في طول عمره كنوح ولقمان والخضر - (عليهم السلام) -، وانكر ذلك سائر الفرق لانه ادعاء امر يستبعد جدا، اذ لم يعهد في هذه الامة مثل هذه الاعمار من غير دليل ولا امارة.." (المصدر ج 1 ص 214)
القرماني الدمشقي:
قال في كتاب اخبار الدول وآثار الاول: "واتفق العلماء على ان المهدي هو القائم في آخر الوقت، وقد تعاضدت الاخبار على ظهوره،
وتظاهرت الروايات على اشراق نوره، وستسفر ظلمة الليالي والايام بسفوره، وتنجلي برؤيته الظلم، انجلاء الصبح عن ديجوره، ويسير عدله في الافاق فيكون اضوء من البدر المنير في مسيره " (المصدر ج 1 ص 463).
محي الدين بن عربي:
قال في كتابه الفتوحات المكية " إعلم ايدنا الله ان لله خليفة يخرج وقد امتلأت الارض جورا وظلما فيملؤها قسطا وعدلا، ولو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد طول الله ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة من عترة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ولد فاطمة يواطي اسمه اسمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
"... يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا، يبيد الظلم واهله، يقيم الدين فينفخ الروح في الاسلام، يعز الاسلام به بعد ذلة، ويحيا بعد موته، يضع الجزية، ويدعو الى الله بالسيف، فمن ابى قتل، ومن نازعه خذل، يظهر من الدين ما هو عليه في نفسه ما لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحكم به، يرفع المذاهب من الارض فلا يبقى الا الدين الخالص.
اعداؤه مقلدة الفقهاء اهل الاجتهاد، لما يرونه من الحكم بخلاف ما حكمت به ائمتهم، فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته، ورغبة فيما لديه.
يفرح به عامة المسلمين اكثر من خواصهم، ويبايعه العارفون من اهل
الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي، له رجال إلهيون يقيمون دولته وينصرونه، هم الوزراء، يحملون اثقال المملكة، ويعينونه على ما قلده الله"... فشهداؤه خير الشهداء، وامناؤه افضل الامناء، وان الله يستوز له طائفة خبأهم له في مكنون غيبه، اطلعهم كشفا وشهودا على الحقائق، وما هو امر الله عليه في عباده، فبمشاورتهم يفصل ما يفصل، وهم العارفون الذين عرفوا ما ثم.
واما هو نفسه فصاحب سيف حق وسياسة مدنية، يعرف من الله قدر ما تحتاج اليه مرتبته ومنزله، لانه خليفة مسدد، يفهم منطق الحيوان، يسري عدله في الانس والجان، من اسرار علم وزرائه الذين استوزرهم الله له لقوله " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " وهم على اقدام (و) رجال من الصحابة، صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهم من الاعاجم ما فيهم عربي، لكن لا يتكلمون الا بالعربية، لهم حافظ ليس من جنسهم، ما عصى الله قط، هو اخص الوزراء وافضل الامناء. (المصدر ج 1 ص 106 - 107)
الشريف البرزنجي:
قال في كتابه الاشاعة في اشراط الساعة: "واعلم ان الاحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها لاتكاد تنحصر، فقد قال محمد بن الحسن الدستوري في كتابه (مناقب الشافعي): قد تواترت الاخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذكر المهدي وانه من اهل بيته - صلى الله عليه وسلم -. ا هـ.
... جاء عن ابي سيرين ان المهدي خير من ابي بكر وعمر، قيل يا ابا بكر خير من ابي بكر وعمر!؟ قال: قد كان يفضل على بعض الانبياء. وعنه: لا يفضل عليه ابو بكر وعمر. قال السيوطي في " العرف الوردي " هذا إسناد صحيح، وهو اخف من اللفظ الاول. قال: والاوجه عندي تأويل اللفظين على ما دل عليه حديث " بل اجر خمسين منكم " لشدة الفتن في زمان المهدي.
قلت: التحقيق ان جهات التفاضل مختلفة، ولا يجوز لنا التفضيل في فرد من الافراد على الاطلاق الا اذا فضله النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك، فانه قد يوجد في المفضول مزية من جهات اخر ليست في الفاضل، وتقدم من الشيخ في الفتوحات انه معصوم في حكمه مقتف اثر النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخطىء ابدا. ولا شك ان هذا لم يكن في الشيخين، وان الامور التسعة التي مرت لم تجتمع كلها في امام من ائمة الدين قبله، فمن هذه الجهات يجوز تفضيله عليهما، وان كان لهما فضل الصحبة والمشاهدة والوحي والسابقة، وغير ذلك، والله اعلم، قال الشيخ علي القارئ في " المشرب الوردي في مذهب المهدي " ومما يدل على افضليته ان النبي - صلى الله عليه وسلم - سماه " خليفة الله " وابو بكر لا يقال له الا " خليفة رسول الله " (من كتاب عصر الظهور).
الائمة اثنى عشر
وهذه جملة نصوص تناقلتها كتب الحديث مما يجعل بعضها يكمل بعضا، وسوف نذكرها تباعا، ونثبت في الهامش طائفة من مصادرها. وبالرغم من بعض الاختلاف في التعابير بين الرواة، إلا انه اختلاف بسيط نثبته في المصادر وهو اختلاف موجود في كل الأحاديث(11).
قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -:
- " ان الاسلام لايزال عزيزا الى اثنى عشر خليفة "، ثم قال كلمة لم افهمها. فقلت لأبي ما قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ فقال: كلهم من قريش. (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(11) (ننقل فيما يلي النصوص والمصادر من برنامج الامام المهدي الكمبيوتري الذي أنتجته المؤسسة التابعة لمكتبة آية الله العظمى المرحوم السيد الكلبايكاني (قدس سره) وكنت قد خططت لعمل برنامج مشابه قبل ان اعثر على ذلك البرنامج فاكتفيت به شاكرا لله، وهكذا استفدت منه بتغييرات بسيطة وقد اثبتت ارقام الاحاديث او المصادر المذكورة في البرنامج لسهولة المراجعة).
- وفي حديث ابن مسعود انه قال لمن سأله عما اذا اخبرهم النبي - صلى الله عليه وآله - كم يكون من بعده خليفة قال: "نعم كعدة نقباء بني اسرائيل". (2)
- وجاءت رواية عن الامام امير المؤمنين - (عليه السلام) - انه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -:
" الأئمة بعدي اثنا عشر، اولهم انت يا علي وآخرهم القائم الذي يفتح الله عز وجل على يديه مشارق الأرض ومغاربها". (3)
- وفي رواية مأثورة عن الامام الحسن المجتبى - (عليه السلام) - انه قال:
" الأئمة عدد نقباء بني اسرائيل، ومنها مهدي هذه الأمة". (4)
- وقال الامام الحسين - (عليه السلام) -:
" منا اثنا عشر مهديا، اولهم امير المؤمنين علي بن ابي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو القائم بالحق، يحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به دين الحق على الدين كله ولو كره المشركون. له غيبة يرتد فيها اقوام ويثبت فيها على الدين آخرون فيؤذون ويقال لهم: "متى هذا الوعد ان كنتم صادقين". أما ان الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وآله -. (5)
المصادر:
(1) الطيالسي / ص 105 و180 ح 767 و1278 - حدثنا ابو داود قال: حدثنا حماد بن سلمه، عن سماك قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله - يقول:
وفي ص 125 ح 926 - حدثنا ابو داود قال: حدثنا سكين بن عبد العزيز، عن سيار بن سلمة، عن ابي برزة قال: قال النبي - صلى الله عليه وآله - " الائمة من قريش ما عملوا بثلاث".
* ابن ابي شيبة / على ما في مسلم.
* احمد / ج 2 ص 29 - حدثنا عبد الله، حدثني ابي، ثنا معاذ، ثنا عاصم بن محمد، سمعت ابي يقول سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال هذا الامر في قريش ما بقي من الناس اثنان، قال: وحرك اصبعيه يلويهما هكذا".
وفي ص 93 - حدثنا عبد الله، حدثني ابي، ثنا ابو النضر، ثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن ابيه، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كما في روايته الاولى الى قوله: "اثنان".
وفي ج 5 ص 6 و87 و88 - بسند ٍآخر، عن جابر بن سمرة " لا يزال الدين قائما حتى يكون اثنا عشر خليفة من قريش، ثم يخرج كذابون بين يدي الساعة، ثم تخرج عصابة من المسلمين فيستخرجون كنز الابيض كسرى وآل كسرى، وإذا اعطى الله تبارك وتعالى احدكم خيرا فليبدأ بنفسه واهله، وانا فرطكم على الحوض".
* تاريخ البخاري / ج 1 ص 446 ح 1426 - بسند آخر، عن جابر بن سمرة:
وفي ج 8 ص 410 ح 3520 - كما في رواية الطيالسي بتفاوت يسير، بسند آخر عن ابي جحيفة:
* البخاري / ج 9 ص 78 - كما في احمد، الى قوله " اثنان " بسند آخر، عن ابن عمر:
وفي ص 101 - كما في رواية الطيالسي الاولى، بسند آخر، عن جابر بن سمرة:
وفيه".. إثنا عشر اميرا".
* مسلم / ج 3 ص 1452 ب 33 ح 1820 - كما في رواية احمد الثانية، بسند آخر، عن عبد الله:
وفيها ح 1821 - كما في رواية الطيالسي الاولى بتفاوت يسير، بسندين آخرين، عن جابر بن سمرة: وفيه " ان هذا الامر لا ينقضي حتى يمضي فيهم".
وفيها ايضا، كما في الطيالسي بتفاوت يسير، بسند آخر عن جابر:
وفي ص 1453 - كما في رواية الطيالسي الاولى، بخمسة اسانيد عن جابر:
* ابو داود / ج 4 ص 106 ح 4279 - 4281 - كما في رواية احمد الثالثة بتفاوت، وكما في الطيالسي بتفاوت يسير، بثلاثة اسانيد، عن جابر: - وفي الاولى".. كلهم تجتمع عليه الامة " وفي الثالثة"
.. فلما رجع الى منزله اتته قريش فقالوا: ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون الهرج".
* الترمذي / ج 4 ص 501 ب 46 ح 2223 - بسند آخر، عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يكون بعدي اثنا عشر اميرا، قال ثم تكلم بشيء لم افهمه فسألت الذي يليني فقال قال: كلهم من قريش " وقال: "قال ابوعيسى: هذا حديث حسن صحيح".
* الطبراني، المعجم الاوسط / ج 1 ص 474 ح 863 - كما في الطيالسي بتفاوت يسير، وتقديم وتأخير، بسند آخر، عن جابر:
* اخبار اصبهان / ج 2 ص 167 - كما في رواية تاريخ البخاري الثانية، بسند آخر، عن ابي جحيفة:
* دلائل النبوة / ج 6 ص 324 - كما في رواية احمد الاولى، بسند آخر، عن جابر:
وقال: "رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن رافع، عن ابي فديك".
* سنن البيهقي / ج 8 ص 143 - كما في رواية الطيالسي الاولى بتفاوت، بسند آخر عن علي:
وفي ص 143 - 144 - كما في رواية الطيالسي الثانية بتفاوت، بسند آخر، عن انس:
وفي ص 144 - كما في روايته الثانية بتفاوت يسير، بسند آخر عن انس:
* الفردوس / ج 5 ص 229 ح 7705 - كما في رواية احمد الثالثة بتفاوت يسير، مرسلا عن جابر.
وفي ص 238 ح 7740 - كما في رواية الطيالسي الاولى، مرسلا.
* مصابيح البغوي / ج 4 ص 137 ب 1 ح 4680 - كما في رواية الطيالسي الاولى بتفاوت يسير، وكما في رواية مسلم الثالثة وكما في رواية احمد، مرسلا.
* تهذيب ابن عساكر / ج 1 ص 445 - 446 - كما في ص 215 الطبراني بتفاوت يسير بسند آخر، عن جابر:
وفي ج 6 ص 173 - كما في ص 229 الطبراني بتفاوت يسير.
* جامع الاصول / ج 4 ص 439 - 442 ب 1 ف 1 ح 2023 - بتسع روايات، عن البخاري، ومسلم، والترمذي، وابي داود.
* مختصر سنن ابي داود / ج 6 ص 156 - 158 ح 4110 - عن ابي داود.
وفي ص 158 ح 4111 - عن ابي داود.
وفيها ح 4112 - عن ابي داود.
* فتن ابي كثير / ج 1 ص 17 - عن مسلم، والبخاري.
وفيها ايضا، عن ابي داود.
* فرائد السمطين / ج 2 ص 147 - 149 ح 442 - 445 - بسنده عن مسلم.
* ابن خلدون / ص 258 - كما في احمد بتفاوت يسير، مرسلا.
* كشف الاستار / ج 4 ص 115 ح 3329 - كما في رواية ابي
داود الثالثة، بسند آخر، عن جابر بن سمرة.
* مجمع الزوائد / ج 5 ص 190 - وقال: رواه الطبراني في الاوسط والكبير والبزار، ورجال الطبراني رجال الصحيح.
وفي ص 191 - عن الطبراني.
وفي ص 194 - وقال: رواه الطبراني في الاوسط والكبير.
* تيسير الوصول / ج 2 ص 42 ح 5 - كما في رواية الطبراني الكبير الاولى، وقال: اخرجه الخمسة الا النسائي الى قوله من قريش.
* مطالب السئول / ج 1 ص 13 - اوله، كما في رواية الطيالسي الثانية، مرسلا
* عرف السيوطي، الحاوي / ج 2 ص 85 - عن ابي داود.
وفيها ايضا، عن ابي داود.
* تاريخ الخلفاء / ص 9 - كما في سنن البيهقي، وقال: اخرجه احمد، وابو بعلى في مسنديهما، والطبراني.
* الخصائص الكبرى / ج 2 ص 114 - عن مسلم.
* الجامع الصغير / ج 2 ص 756 ح 9969 - عن احمد، ومسلم، والبخاري.
* صواعق ابن حجر / ص 20 ب 1 ف 3 - عن مسلم، وعن احمد، وعن الطبراني.
* برهان المتقي / ص 175 - عن الحاوي.
* كنز العمال / ج 6 ص 49 ح 14794 - عن احمد، ومسلم، والبخاري، عن ابي عمر:
* عون المعبود / ج 11 ص 361 - 362 وح 4359 - 4261 - عن ابي داود.
* مقتضب الاثر / ص 3 - حدثني ابو الحسن علي بن ابراهيم بن حماد الازدي قال: حدثني ابي قال: حدثني ابو الحسن علي بن ابراهيم بن حماد الازدي قال: حدثني ابي قال: حدثني محمد بن مروان قال: حدثني عبد الله بن امية مولى بني مجاشع، عن يزيد الرقاشي، عن انس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: "لن يزال الدين قائما الى اثني عشر خليفة من قريش، فإذا هلكوا ما جت الارض بأهلها".
وفي ص 4 - 5 - اخبرنا ابو العباس احمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا عبد الله بن مستورد قال: حدثنا مخول قال: حدثنا محمد بن بكر، عن زياد بن منذر قال: حدثنا عبد العزيز بن خضير قال: سمعت عبد الله بن اوفى يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: يكون بعدي إثنا عشر خليفة من قريش ثم تكون فتنة داورة. قال قلت: أنت سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وآله -؟ قال: نعم سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وآله - قاله، وان على عبد الله بن ابي اوفى يومئذ برنس خز".
وفي ص 4 - حدثنا محمد بن عمر المفضل بن غالب الحافظ قال: حدثنا محمد بن احمد بن ابن سعد، عن ابن عمر: ابي خيثمة، عن الاسود بن سعيد الهمداني قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: سمعت رسول الله يقول: كما في ابي داود.
وفي ص 5 - حدثنا ابو الحسن بن احمد بن سعيد المالكي الحربي قال: حدثنا احمد بن عبد الجبار الصوفي قال: حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثنا ليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعد بن ابي هلال، عن ربيعة بن سيف قال: كنا عند سيف الاصمعي فقال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله - يقول: كما في تاريخ البخاري.
* غيبة النعماني / ص 102 ب 4 ح 31 - ما رواه محمد بن عثمان بن علان الدهني البغدادي بدمشق قال: حدثنا ابو بكر بن ابي خيثمة قال: حدثنا علي بن الجعد قال: حدثنا زهير بن معاوية، عن زياد بن خيثمة، عن الاسود بن سعيد الهمداني قال: سمعت جابر بن سمرة يقول:
وفي ص 103 ب 4 ح 32 - اخبرنا محمد بن عثمان قال: حدثنا ابن ابي خيثمة قال: حدثني علي بن الجعد قال: حدثنا زهير بن معاوية، عن زياد بن علاقة، وسماك بن حرب، وحصين بن عبد الرحمن كلهم عن جابر بن سمرة: -
ورواه في الصفحات: 103 - 107 و119 و126 ب 6 بسبع روايات تحت ارقام: 33 و34 و36 و38 و6 و7 و8 - باسانيد متعددة عن جابر بن سمرة، وعبد الله بن عمرو، وانس: - كما في الطبراني والطيالسي واحمد، بعضها بتفاوت يسير، وفي الخامسة " لا يزال هذا الامر قائما الى اثني عشر قيما من قريش".
* الخصال / ج 2 ص 469 - 475 - بأربع وعشرين رواية بأسانيد متعددة عن سمرة، وجابر، وابي خالد: ووهب بن منبه: - كما في الروايات المتقدمة، بعضها بتفاوت يسير.
وفي ص 32 - بسنده عن ابي خالد انه حدثه وحلف له عليه / " الا تهلك هذه الامة حتى يكون فيها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق".
* كمال الدين / ج 1 ص 272 - 273 ب 24 - بست روايات، بأسانيد متعددة عن جابر، وقال " وقد اخرجت الطرق في هذا الحديث من طريق عبد الله بن مسعود، ومن طرق جابر بن سمرة في كتاب " النص على الائمة الاثنى عشر (عليهم السلام) بالامامة".
* عيون اخبار الرضا / ج 1 ص 507 ب 6 ح 11 و13 و14 و15 - بأسانيد عن جابر بن سمرة.
* امالي الصدوق / ج 1 ص 255 ب 51 ح 8 و9 - كما في تاريخ البخاري والطبراني الكبير، بتفاوت يسير.
* كفاية الاثر / ص 49 - 51 - باربع روايات، باسانيده عن جابر: شبيها بالروايات المتقدمة.
وفي ص 44 - بسند آخر، عن سلمان قال قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: الائمة بعدي اثنا عشر، ثم قال: كلهم من قريش، ثم يخرج قائمنا فيشفي صدور قوم مؤمنين، الا انهم اعلم منكم فلا تعلموهم، الا انهم عترتي ولحمي ودمي، ما بال اقوام يؤذونني فيهم، لا انالهم الله شفاعتي".
* غيبة الطوسي / ص 88 - بست روايات عن جابر بن سمرة، وعبد الله بن عمرو: - كما في الروايات المتقدمة وبعضها بتفاوت يسير.
* اعلام الورى / ص 362 - 365 - بست روايات، كما في الروايات المتقدمة بعضها بتفاوت يسير، وفي السادسة".. فاذا مضوا ساخت الارض بأهلها".
* مناقب ابن شهر آشوب / ج 1 ص 289 - عن تاريخ الخطيب، بسبع روايات بسنده الى مسلم، وبثلاث اخرى بسنده الى احمد، وبأحد عشر رواية اخرى بأسانيد مختلفة، اكثرها كما في تاريخ البخاري.
* جامع الاخبار / ص 17 - 18 - كما في رواية الطبراني: ص 229 - بسند آخر، عن جابر:
* بشارة المصطفى / ص 192 - كما في الطبراني: ص 229 - مرسلا، عن جابر بن سمرة:
* العمدة / ص 416 ح 856 - عن البخاري.
وفيها ح 860 - 863 وص 418 ح 864 - 866 وص 421 ح 876 - 878 - عن مسلم:
وفي ص 419 ح 871 وص 420 ح 872 و873 - عن الجمع بين الصحيحين.
وفي ص 421 و422 ح 880 و882 - عن الجمع بين الصحاح السنة، وابي داود.
* كشف الغمة / ج 1 ص 56 - بروايتين عن الجمع بين الصحيحين.
وفي ص 57 - بثلاث روايات، عن مسلم.
وفي ج 3 ص 294 - عن اعلام الورى.
* العدد القوية / ج 3 ص 79 - 81 و84 ح 139 و141 - 144 - بأربع روايات مرسلة، تشبه الروايات المتقدمة.
* ارشاد القلوب / ج 2 ص 233 - عن الجمع بين الصحيحين.
* الايقاظ من الهجعة / ص 395 ب 11 - عن الخصال.
* اثبات الهداة / ج 3 ص 708 - وغاية المرام: ص 191 - 194 و201 - بنحو خمسين رواية اكثرها عن المصادر المتقدمة، وفيها عن عبد الله بن ابي أوفى.
* البحار / ج 36 ص 230 و231 و234 - 238 و240 و241 و266 - 269 و303 و371 - بنحو ثلاثين رواية عن مصادرنا الشيعية.
* منتخب الاثر / ص 10 - 13 - و15 - 19 بعشر روايات من مصادر السنة، وسبع من مصادر الشيعة.
(2) مسندة مسدد / على ما في المطالب العالية.
* احمد / ج 1 ص 398 - حدثنا عبد الله، حدثني ابي، ثنا حسن بن موسى، ثنا حماد بن زيد، عن المجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرؤنا القرآن فقال له الرجل: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كم يملك هذه الامة من خليفة؟ فقال عبد الله بن مسعود ما
سألني عنها احد منذ قدمت العراق قبلك، ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:
وفي ص 406 - حدثنا عبد الله، حدثني ابي، ثنا ابو النضر، ثنا ابو عقيل، ثنا مجالد، عن الشعبي عن مسروق قال: كنا مع عبد الله جلوسا في المسجد يقرؤنا، فأتاه رجل فقال: يا ابن مسعود هل حدثكم نبيكم كم يكون من بعده خليفة؟ قال: نعم، كعدة نقباء بني إسرائيل".
* ابو يعلي / ج 8 ص 444 ح 5031 - حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا حماد يعني ابن زيد، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: كما في رواية احمد الاولى، وفيه".. جلوسا بعد المغرب.. قال نعم، فسألت رسول الله.. مثل نقباء".
وفي ج 9 ص 222 ح 5322 - حدثنا ابو خيثمة، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا حماد بن زيد، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: - كما في رواية احمد الاولى بتفاوت يسير.
* الطبراني في الكبير / ج 10 ص 195 ح 10310 - كما في رواية احمد الاولى، بسند آخر، عن مسروق.
* ابن عدي، الكامل / على ما في الجامع الصغير.
* الحاكم / ج 4 ص 501 - كما في رواية احمد الثانية، بسند آخر، عن مسروق:
* الابانة / على ما في مناقب ابن شهر آشوب.
* تهذيب ابن عساكر / ج 5 ص 118 - كما في رواية احمد
الثانية، عن مسروق: "وفيه: قال نعم وما سألني عنها احد قبلك".
* المطالب العالية / ج 2 ص 197 ح 2040 - عن مسند مسدد، عن مسروق: كما في رواية احمد الاولى بتفاوت، وفيه: "قال: نعم، وما سألني عنها احد قبلك وانك لمن احدث القوم سنا، قال يكونون عدة نقباء موسى، اثني عشر نقيبا".
* الصواعق / ص 20 - كما في رواية احمد الاولى، مرسلا، عن عبد الله بن مسعود:
* تطهير الجنان / ص 15 - كما في رواية احمد الاولى، مرسلا، عن النبي - صلى الله عليه وآله -.
* تاريخ الخلفاء / ص 10 - كما في رواية ابي يعلي الاولى، وقال " وعند احمد، والبزار بسند حسن عن ابن مسعود:
* الجامع الصغير / ج 1 ص 350 ح 2297 - عن الكامل، وابن عساكر.
* مجمع الزوائد / ج 5 ص 190 - وقال: "رواه احمد، وابو بعلى، والبزار".
* فيض القدير / ج 2 ص 458 ح 2297 - عن الجامع الصغير.
* عقيدة اهل السنة / ص 22 - عن رواية احمد الاولى.
* النعماني / ص 106 - 107 ب 4 ح 37 - اخبرنا محمد بن عثمان قال: حدثنا له بن جعفر الرقي قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق قال: كما في المطالب العالية.
وفي ص 116 ب 6ح 1 - كما في روايته الاولى، سندا ومتنا.
وفيها ح 2 - ورواه جماعة عن عثمان بن ابي شيبة، وعبد الله بن عمر بن سعيد الاشج وابي كريب، ومحمود بن غيلان، وعلي بن محمد، وابراهيم بن سعيد قالوا جميعا: حدثنا ابو اسامة عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: - كما في روايته الاولى.
وفي ص 117 ح 3 - ابو كريب وابو سعيد (قالا): حدثنا ابو اسامة قال: حدثنا الاشعث، عن عامر، عن عمه، عن مسروق قال: - كما في رواية احمد الاولى بتفاوت يسير.
وفي ص 117 - 118 ب 6 ح 4 - وعن عثمان بن ابي شيبة، وابي احمد، ويوسف بن موسى القطان، وسفيان بن وكيع قالوا: حدثنا جرير، عن الاشعث بن سوار، عن عامر الشعبي، عن عمه قيس بن عبد قال: جاء اعرابي فأتى عبد الله بن مسعود، واصحابه عنده، فقال: فيكم عبد الله بن مسعود؟ فأشاروا اليه، قال له عبد الله: قد وجدته فما حاجتك؟ قال: اني اريد ان اسألك عن شيء ان كنت سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وآله - فنبئنا به، احدثكم نبيكم كم يكون بعده من خليفة؟ قال: وما سألني عن هذا احد منذ قدمت العراق، نعم قال: الخلفاء (بعدي) اثنا عشر خليفة كعدة نقباء بني إسرائيل".
وفي ص 118 ح 5 - وعن مسدد بن مستورد قال: حدثني حماد بن زيد، عن مجالد، عن مسروق (قال): - كما في رواية احمد الاولى بتفاوت يسير.
* عيون اخبار الرضا / ج 1 ص 48 - ب 6 - 9 - كما في رواية احمد الاولى بتفاوت يسير، بسند آخر، عن قيس بن عبد الله:
وفي ص 48 - 49 ح 10 - بسند آخر، عن مسروق: - وفيه".. نعم عهد إلينا نبينا - صلى الله عليه وآله - انه يكون بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء".
وفيها ح 11 - كما في رواية النعماني الخامسة، بسند آخر، عن قيس بن عبد الله:
* امالي الصدوق / ص 254 مجلس 51 ح 4 - كما في رواية الامالي الثانية، سنداتنا وفي ص 254 - 255 - مجلس 51 ح 5 - كما في رواية الامالي الاولى، سندا ومتنا وفيها كما في رواية النعماني الخامسة.
وفي ص 255 مجلس 51 ح 6 و7 - كما في رواية الامالي الاخيرة بتفاوت يسير في سنده.
* كفاية الاثر / ص 23 - كما في رواية الامالي الثانية، عن الصدوق.
وفي ص 25 - كما في رواية الامالي الاولى، عن الصدوق، ظاهرا.
وفي ص 35 - بسند آخر، عن ابي ذر، قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: من احبني واهل بيتي كنا نحن وهو كهاتين - واشار بالسبابة والوسطى ثم قال - (عليه السلام) -: اخي خير الاوصياء وسبطي خير الاسباط، وسوف يخرج الله تبارك وتعالى من صلب الحسين ائمة ابرارا، ومنا مهدي هذه الامة، قلت: يا رسول الله وكم الائمة بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل".
وفي ص 36 - بسند آخر، عن ابي ذر، عن النبي - صلى الله عليه وآله - في حديث طويل، وفيه".. وبعلها سيد الوصيين وابنيها (وابناها) الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة، وانهما امامان ان قاما وان قعدا (او قعدا) وابوهما خير منهما، وسوف يخرج من صلب الحسين تسعة من الائمة معصومون قوامون بالقسط، ومنا مهدي هذه الامة، قال قلت: يا رسول الله فكم الائمة بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل".
وفي ص 47 - بسند آخر، عن سلمان: - وفيه".. وكانوا اثني عشر، ثم وضع يده على (ظهر) الحسين (عليه السلام) وقال: تسعة من صلبه والتاسع مهديهم، يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، فالويل لمبغضيهم".
وفي ص 86 - بسند آخر، عن ابي هريرة، وفيه".. عدد الاسباط".
وفي ص 89 - بسند آخر، عن ابي هريرة وفيه " اهل بيتي عترتي من لحمي ودمي، وهم الائمة بعدي عدد نقباء بني اسرائيل".
وفي ص 109 - 110 - بسند آخر، عن واثلة بن الاسقع، وفيه".. فقيل: يا رسول الله فكم الائمة بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل".
وفي ص 113 - بسند آخر، عن ايوب الانصاري قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: "انا سيد الانبياء (وعلي سيد الاوصياء) وسبطاي خير الاسباط، ومنا الائمة المعصومون من
صلب الحسين - (عليه السلام) -، ومنا مهدي هذه الامة، فقام اليه اعرابي فقال: يا رسول الله كم الائمة بعدك؟ قال: عدد الاسباط وحواري عيسى ونقباء بني إسرائيل".
وفي ص 127 - بسند آخر، عن حذيفة: - كما في روايته الثالثة.
وفي ص 129 - بسند آخر، عن حذيفة بن اسيد: - وفيه " الائمة بعدي عدد نقباء بني اسرائيل تسعة من صلب الحسين، ومنا مهدي هذه الامة، ألا انهم مع الحق والحق معهم فانظروا كيف تخلفوني فيهم".
وفي ص 130 - كما في روايته المتقدمة بتفاوت يسير، بسند آخر، عن حذيفة بن أسيد:
وفي ص 132 - بسند آخر عن عمران بن حصين:- وفيه".. فسأله سلمان عن الائمة فقال: عدد نقباء بني إسرائيل".
وفي ص 136 - بسند آخر عن حذيفة بن اليمان، في حديث طويل وفيه (.. عدد نقباء بني إسٍرائيل، تسعة من صلب الحسين - (عليه السلام) - خزان علم الله ومعادن وحيه".
وفي ص 154 - بسند آخر، عن امير المؤمنين - (عليه السلام) -: - وفيه".. وان الائمة من بعدي كعدد نقباء بني إسرائيل اعطاهم الله علمي وفهمي".
وفي ص 166 - بسند آخر، عن الحسن - (عليه السلام) - عن النبي - صلى الله عليه وآله -: وفيه " الائمة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل وحواري عيسى، من احبهم فهو مؤمن، ومن ابغضهم فهو منافق، وهم حجج الله في خلقه، واعلامه في بريته".
وفي ص 168 - بسند آخر، عن الحسن بن علي- (عليه السلام)-: - وفيه".. الائمة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل، اعطاهم الله علمي وفهمي".
* مقتضب الاثر / ص 3 - بسند آخر، عن مسروق: - كما في رواية ابي بعلى الاولى بتفاوت يسير.
* روضة الواعظين / ج 2 ص 261 - كما في رواية النعماني السادسة، مرسلا، عن مسروق.
* اعلام الورى / ص 363 ف 1 - كما في رواية المطالب العالية بتفاوت، عن المفيد:
وفيها بسندين آخرين، عن مسروق.
وفي ص 364 ف 1 - كما في رواية احمد الاولى بتفاوت يسير، عن المفيد:
* مناقب ابن شهر آشوب / ج 1 ص 290 - عن ابي بعلى بتفاوت يسير، وقال " اخرجه ابن بطة في الابانة، واحمد في مسنده عن ابن مسعود، ورواه عثمان بن ابي شيبة، وابو سعيد الاشج، وابو كريب، ومحمود بن غيلان، وعلي بن محمد، وابراهيم بن سعيد، وعبد الرحمن بن ابي حاتم، كلهم جميعا عن ابي اسامة، عن مجالد، عن الشعبي:
وفي ص 295 - كما في رواية احمد الاولى، بتفاوت، عن انس: - وفيه " الائمة بعدي من عترتي".
وفي ص 300 - وقال " وحديث الاعمش عن الحسين بن علي - (عليهما السلام) - قال: فأخبرني يا رسول الله هل يكون بعدك نبي؟
فقال: لا، انا خاتم النبيين، لكن يكون بعدي ائمة قوامون بالقسط بعدد نقباء بني إسرائيل".
وفيها كما في رواية احمد الاولى، بتفاوت يسير، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق عن ابن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وآله -:
وفيها كما في رواية احمد الثانية، بتفاوت يسير، عن سلمان، وابي ايوب، وابن مسعود، وواثلة، وحذيفة بن اسيد، وابي قتادة، وابي هريرة، وانس:
وفي ص 301 - مرسلا، عن ابي صالح السمان، عن ابي هريرة، قال خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: معاشر الناس من اراد ان يحيى حياتي ويموت ميتتي فليتول علي بن ابي طالب وليقتد بالائمة من بعده فقيل: فكم الائمة بعدك؟ فقال: عدد الاسباط، وانفجرت لموسى اثنتا عشرة عينا".
* جامع الاخبار / ص 17 - كما في رواية احمد الاولى، وفيه".. كلهم امناء واتقياء معصومون".
وفي ص 18 - كما في رواية احمد الاولى بسند آخر، عن ابي الطفيل عامر بن واثله:
* كشف الغمة / ج 3 ص 294 - عن رواية احمد الثانية.
* العدد القوية / ص 80 ح 140 - كما في رواية ابي يعلي الاولى بتفاوت. مرسلا، عن مسروق.
* غاية المرام / ص 30 ب 11 ح 14 - كما في رواية كفاية الاثر
السادسة عشرة، عن ابن بابوية.
وفي ص 56 ب 13 ح 55 - كما في رواية كفاية الاثر الثالثة عشرة، عن ابن بابويه:
وفي ص 193 ب 24 ح 24 - عن رواية اعلام الورى الاولى.
وفيها ح 27 - عن رواية اعلام الورى الثانية.
وفي ص 200 ب 25 ح 1 و2 و3 - عن امالي الصدوق.
وفيها ح 6 - كما في رواية كفاية الاثر الثامنة، عن ابن بابويه في النصوص.
وفي ص 202 ب 25 ح 31 و32 - كما في رواية كفاية الاثر الثانية عشر، والخامسة عن ابن بابويه.
وفي ص 204 ب 25 ح 43 - كما في رواية كفاية الاثر السادسة، عن ابن بابويه.
وفي ص 205 ب 25 ح 49 - كما في رواية كفاية الاثر السابعة، عن ابن بابويه.
وفي ص 217 ب 29 ح 1 - كما في رواية كفاية الاثر العاشرة، عن الصدوق.
وفي ص 218 ب 29 ح 2 - كما في رواية كفاية الاثر الرابعة عشرة، عن الصدوق.
* حلية الابرار / ج 1 ص 570 ب 10 - كما في رواية كفاية الاثر الخامسة عشر. عن ابن بابويه.
* البحار / ج 36 ص 271 ح 9 - عن المناقب.
* منتخب الاثر / ص 30 ف 1 ب 1 ح 41 عن رواية كفاية الاثر الاخيرة.
ملاحظة: "مصادر حديث ان الائمة بعد النبي - صلى الله عليه وآله - اثنا عشر وانهم من قريش او من اهل البيت - (عليهم السلام) - كثيرة وقد افرد لها بعضهم كتيبا خاصا، وقد جمعناها فرأيناها تبلغ مجلدا كاملا، لذلك اخترنا منها هذه النماذج فقط، وقد نوفق لاكمال تحقيقها من مصادر الفريقين ونشرها مستقلة".
(3) كمال الدين / ج 1 ص 282 ب 24 ح 35 - حدثنا احمد بن محمد بن يحيى العطار - رضي الله عنه - قال: حدثنا ابي، عن محمد بن عبد الجبار، عن احمد بن محمد بن زياد الازدي، عن ابان بن عثمان، عن ثابت بن دينار، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن سيد الشهداء الحسين بن علي، عن سيد الاوصياء امير المؤمنين علي بن ابي طالب - (عليهم السلام) - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -:
* امالي الصدوق / ص 97 مجلس 23 ح 9 - كما في كمال الدين بتفاوت يسير في سنده، ففيه".. عن ابي احمد محمد بن زياد الازدي".
وفي ص 502 مجلس 91 ح 10 - حدثنا احمد بن هارون الفامي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر، عن ابيه عن يعقوب بن يزيد الانباري قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن اسماعيل بن الفضل
الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن ابيه محمد بن علي، عن ابيه علي بن الحسين، عن ابيه الحسين بن علي، عن ابيه امير المؤمنين علي بن ابي طالب - (عليهم السلام) - قال: قلت لرسول الله - صلى الله عليه وآله - اخبرني بعدد الائمة بعدك فقال: يا علي هم اثنا عشر اولهم انت وآخرهم القائم".
* عيون اخبار الرضا / ج 1 ص 56 ب 6 ح 34 كما في رواية امالي الصدوق الاولى متنا وسندا.
* روضة الواعظين / ج 1 ص 102 - كمال الدين بتفاوت يسير، مرسلا.
* مناقب ابن شهر آشوب / ج 1 ص 298 - كما في كمال الدين، وقال " وروى جل مشايخنا عن النبي - صلى الله عليه وآله -.
* اعلام الورى / ص 370 ف 2 - كما في كمال الدين بتفاوت يسير، عن ابن بابويه، وفيه " محمد بن زياد الازدي.. على يده".
* كشف الغمة / ج 3 ص 297 - عن اعلام الورى.
* مشارق انوار اليقين / ص 57 - كما في كمال الدين بتفاوت يسير، مرسلا عن ابن عباس، وفيه".. وان الخلفاء.. يفتح الله به".
* اثبات الهداة / ج 1 ص 616 ب 9 ف 35 ح 646 - عن مشارق انوار اليقين، بتفاوت يسير.
وفي ص 639 ب 9 ف 44 ح 755 - عن روضة الواعظين.
* غاية المرام / ص 701 ب 142 ح 18 - عن كمال الدين.
* البحار / ج 36 ص 226 ب 41 ح 1 - عن كمال الدين
والعيون، وامالي الصدوق.
وفي ج 52 ص 378 ب 27 ح 184 - عن كمال الدين، والعيون، وامالي الصدوق.
* العوالم / مجلد 15 ج 3 ص 225 ح 209 - عن كمال الدين، والعيون، والامالي.
* ينابيع المودة / ص 492 - 493 ب 94 - كما في كمال الدين، عن المناقب، وسنده كما في كمال الدين.
* منتخب الاثر / ص 58 ف 1 ب 4 ح 2 - عن كمال الدين والمناقب.
(4) كفاية الاثر / ص 224 - حدثنا الحسين بن علي رحمه الله (قال: حدثنا هارون بن موسى قال: حدثنا محمد بن همام) قال: حدثني جعفر بن (محمد بن) مالك الفزاري قال: دثني الحصين (بن) علي (عن) فرات بن احنف، عن جابر بن يزيد الجعفي عن محمد بن علي الباقر، عن علي بن الحسين زين العابدين قال: قال الحسن بن علي - (عليهما السلام) -:
* إثبات الهداة / ج 1 ص 599 ب 9 ف 27 ح 570 - عن كفاية الاثر وفيه (الائمة بعد رسول الله).
* البحار / ج 36 ص 383 ب 43 ح 2 - عن كفاية الاثر، وفيه
" الائمة (بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله -)".
* العوالم / مجلد 15 ج 3 ص 355 ح 3 - عن كفاية الاثر، وفيه "الائمة (بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله -)".
* منتخب الاثر / ص 53 ف 2 ب 1 ح 21 - عن كفاية الاثر.
(5) كمال الدين / ج 1 ص 317 ب 30 ح 3 - حدثنا احمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن ابيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: اخبرنا وكيع بن الجراح، عن الربيع بن سعد، عن عبد الرحمن بن سليط قال: قال الحسين بن علي بن ابي طالب - (عليهم السلام) -:
* عيون اخبار الرضا / ج 1 ص 68 ب 6 ح 36 - كما في كمال الدين بتفاوت يسير، بسنده.
* كفاية الاثر / ص 231 - كما في كمال الدين بسنده، عن محمد بن علي وفي سنده (زياد بن جعفر، بدل احمد بن زياد بن جعفر.. سابطوفيه (.. قوم.. المجاهدين).
* مقتضب الاثر / ص 23 - كما في كمال الدين بسنده، بتفاوت يسير.
* اعلام الورى / ص 384 ف 2 - كما في كمال الدين، عن ابن بابويه، وفيه (ويظهر به الدين.. ويحق الحق.. قوم ويثبت على الدين فيها).
* الصراط المستقيم / ج 2 ص 111 ب 10 ف 2 - عن العيون مرسلا وفيه (.. قوم.. الصابرين..).
* العدد القوية / ص 71 ح 114 - اوله، مرسلا.
* منتخب الانوار المضيئة / ص 78 ف 6 - كما في كمال الدين، بتفاوت يسير، وفيه (.. أين امامكم الذي تزعمون).
* إثبات الهداة / ج 1 ص 479 ب 9 ف 4 ح 134 - عن العيون.
وفي ص 710 ب 9 ف 18 ح 152 - اوله عن مقتضب الاثر.
* الانصاف / ص 213 ح 209 - عن كمال الدين بتفاوت يسير، وفي سنده (الربيع بن سعيد..) وفيه (قوم) وقال (قلت: وروى هذا الحديث محمد بن علي في كتاب النصوص والخصال) ولم نجده في الخصال.
* البحار / ج 36 ص 385 ب 43 ح 6 - عن العيون، بتفاوت يسير، ومقتضب الاثر، وفي ج 51 ص 133 ب 3 ح 4 - عن كمال الدين.
* العوالم / مجلد 15 ج 3 ص 257 ب 4 ح 3 - عن العيون، واشار الى مثله عن مقتضب الاثر.
* نور الثقلين / ج 2 ص 212 ب 123 - اوله، عن كمال الدين.
وفي ج 5 ص 242 ح 68 - اوله، عن كمال الدين، وفيه (.. الحسن بن علي بن ابي طالب).
* شرح غاية الاحكام / على ما في كشف الاستار.
* كشف الاستار / ص 109 - كما في كمال الدين، اوله، عن شرح غاية الاحكام ظاهرا.
*منتخب الاثر / ص 62 ف 1 ب 4 ح 11 - اوله، عن كشف الاستار.
* وفي ص 205 ف 2 ب 10 ح 4 - عن كفاية الاثر.
فقه الأحاديث
كما هو واضح من مراجعة المصادر، ان هذه النصوص تبلغ حد الاستفاضة وربما التواتر، مما يجعل المسلم على ثقة بها، وبانها صدرت عن النبي - صلى الله عليه وآله -. وهناك اكثر من شاهد على انه عنى بهذا العدد ائمة اهل البيت - (عليهم السلام) -، وهي التالية:
اولا / ليس هناك من ينطبق عليه هذا الوصف، وبهذا العدد المعين سوى ائمة اهل البيت - (عليهم السلام) -. فانهم وحدهم الذين بلغوا الذروة في صفات الانبياء - (عليهم السلام) -، وعددهم ايضا بلغ اثني عشر. ولم يشك احد ممن أوتي حظا من العلم والتقوى في سموهم ورفعة درجاتهم.. فهم الذين تنطبق عليهم تلك الصفات.
ثانيا / ان الاخرين الذين حاول البعض ان يجعلهم في موضع اشارة النبي، فانهم لا من حيث العدد ولا من حيث الصفات كانوا مؤهلين لتطبيق الحديث عليهم. وقد اوفى احد العلماء الكلام في مزاعم هؤلاء فقال:
اعلم ان هذه الاحاديث لا تنطبق الا على مذهب الشيعة الامامية، فان بعضها يدل على ان الاسلام لا ينقرض ولا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة، وبعضها يدل على ان عزة الاسلام انما تكون الى اثنى عشر خليفة، وبعضها يدل على بقاء الدين الى ان تقوم الساعة، وان وجود الائمة مستمر الى آخر الدهر، وبعضها يدل على ان الاثنى عشر كلهم من قريش، وفي بعضها كلهم من بني هاشم. وظاهر جميعها حصر الخلفاء في الاثني عشر وتواليهم، ومعلوم ان تلك الخصوصيات لم توجد الا في الائمة الاثنى عشر المعروفين عند الفريقين، ولا توافق مذهبا من مذاهب فرق المسلمين الا مذهب الامامية، وينبغي ان يعد ذلك من جملة معجزات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - واخباره عن المغيبات. وهذا الوجه احسن ما قيل في هذه الاحاديث، بل لا يحتمل الذهن السليم المستقيم الخالي عن بعض الشوائب والاغراض غيره. ولو اضفنا اليها غيرها من الروايات الكثيرة الواردة في الائمة الاثنى عشر التي ذكرنا طائفة منها في ابواب هذا الفصل يحصل القطع بان المراد منها ليس الا الائمة الاثنى عشر - (عليهم السلام) -، ويؤيدها ايضا حديث الثقلين المشهور المقطوع الصدور، وحديث المروي عن طرق الفريقين " النجوم امان لاهل السماء، واهل بيتي امان لامتي". قال في ذخائر العقبى اخرجه ابو عمر الغفاري " النجوم امان لاهل السماء فاذا ذهب النجوم ذهب السماء، واهل بيتي امان لأهل الارض فاذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الارض " قال في ذخائر العقبى اخرجه احمد في المناقب، وحديث " النجوم امان لاهل الارض من الغرق، واهل بيتي امان لامتي
من الاختلاف " ذكر في الصواعق ان الحاكم صححه على شرط الشيخين، وحديث " مثل اهل بيتي كسفينة نوح " الحديث المروي بطرق كثيرة. وما روى البخاري عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في باب مناقب قريش في كتاب الاحكام قال: لا يزال هذا الامر في قريش ما بقى من الناس اثنان، والحديث الذي احتج به ابو بكر يوم السقيفة على الانصار وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: الائمة من قريش، ويؤيدها ايضا قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية". (عن الحميدي انه اخرجه في الجمع بين الصحيحين). وعن الحاكم انه اخرج عن ابن عمر ان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: "من مات وليس عليه امام فان موته موتة جاهلية". وعن الدر المنثور للسيوطي قال: اخرج ابن مردويه عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في قول الله تعالى: (يوم ندعو كل اناس بامامهم) قال: "يدعى كل قوم بامام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم". وروي عن الثعلبي مسندا عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - مثله. فيستفاد من مجموع هذه الاخبار ان وجود الائمة الاثنى عشر مستمر الى انقضاء الدهر، وكلهم من قريش. ولم يدع احد من طوائف المسلمين امامة هذا العدد من قريش مستمرا الى آخر الدهر غير الشيعة الامامية. قال في ينابيع المودة (ص 446) قال بعض المحققين ان الاحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده - صلى الله عليه وآله وسلم - اثنا عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم
ان مراد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من حديثه هذا الائمة الاثنا عشر من اهل بيته وعترته، اذ لايمكن ان يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من اصحابه لقلتهم عن اثنا عشر، ولا يمكن ان يحمله مع الملوك الاموية لزيادتهم على الاثنى عشر ولظلمهم الفاحش الا عمر بن عبد العزيز ولكونهم غير بني هاشم، لان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: "كلهم من بني هاشم " في رواية عبد الملك عن جابر. واخفاء صوته - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا القول رجح هذه الرواية، لانهم لا يحسنون خلافة بني هاشم، ولا يمكن ان يحمله على الملوك العباسية لزيادتهم على العدد المذكور ولقلة رعايتهم الاية (قل لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى) وحديث الكساء. فلابد من ان يحمل هذا الحديث على الائمة الاثنى عشر من اهل بيته وعترته - صلى الله عليه وآله وسلم -، لانهم كانوا اعلم اهل زمانهم واجلهم واورعهم واتقاهم واعلاهم نسبا وافضلهم حسبا واكرمهم عند الله، وكان علومهم عن آبائهم متصلا بجدهم - صلى الله عليه وآله وسلم - وبالوراثة واللدنية. كذا عرفهم اهل العلم والتحقيق، واهل الكشف والتوفيق. ويؤيد هذا المعنى؛ اي ان مراد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الائمة الاثنا عشر من اهل بيته ويشهده ويرجحه حديث الثقلين والاحاديث المتكثرة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها. واما قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "كلهم يجتمع عليه الامة " في رواية جابر بن سمرة، فمراده - صلى الله عليه وآله وسلم - ان الامة تجتمع على الاقرار بامامة كلهم وقت ظهور قائمهم المهدي - سلام الله عليه -.
انتهى هذا، ولكن التعصب والعناد الجأ اناسا من الذين يعدون انفسهم في زمرة العلماء الى ارتكاب تأويلات باردة، وابداء احتمالات ضعيفة كي يصرفوا هذه الاحاديث عن ظواهرها الواضحة المؤيدة بغيرها من النصوص الكثيرة المتواترة. ولا بأس بذكرها وذكر اجوبتها ايضاحا للمرام.
احدها: ما ذكره بعضهم في بعض حواشيه على صحيح الترمذي، وهو ان قوله: اثنا عشر اشارة الى من بعد الصحابة من خلفاء بني امية وليس على المدح، بل على استقامة السلطنة وهم يزيد بن معاوية، وابنه معاوية، ولا يدخل ابن الزبير لانه من الصحابة، ولا مروان بن الحكم لكونه بويع بعد بيعة ابن الزبير فكان غاصبا، ثم عبد الملك ثم الوليد الى مروان بن محمد.
اقول؛ ليت شعري ما الذي يحمل الانسان على ارتكاب هذه التأويلات الفاسدة في احاديث رسول الله - صلى الله عليه وآله -، اهذا اجر رسالته عنا؟ او لا يكون ذلك استخفافا بكلامه صلوات الله عليه وعلى آله؟ واذا كان هذا مراده فأية فائدة في الاخبار عن ذلك وما حاصله؟ ومن اين علم ان مراده الاخبار بامارة اثنى عشر من بني امية دون معاوية ومروان، ومن اين علم انه اشارة الى بعد الصحابة، فلم لم يقل (يكون بعد الصحابة)، وقال: (يكون بعدي)؟ واذا وصل الامر الى اقتراح مثل هذا الاحتمال لصرف الكلام عن ظاهره حذرا عن اثبات مذهب اهل الحق فلا اختصاص ويكثر الاحتمالات فيحتمل ان يكون اشارة الى من بعد عبد الملك، وكان مراده من بعدي بعد عبد
الملك، ويحتمل ان يكون اشارة الى من بعد هشام، ويحتمل ان يكون ستة منهم من بعد يزيد بن عبد الملك وستة منهم من بني عباس، ويحتمل ان يكون المراد بعد بني امية، ويحتمل ان يكون اشارة الى من بعد السفاح او المنصور او غيرهما من بني عباس أو يكون بعضهم من الامويين الذين ملكوا الاندلس وبعضهم من الفاطميين الذين حكموا بمصر.. اذ لا مرجح للاحتمال الاول على واحد من هذه الاحتمالات. ثم كيف يكون الحديث صادرا على غير سبيل المدح مع ما في بعض طرقه من العبارات الصريحة في المدح، وكيف يصح تنزيل هؤلاء الجبابرة الفجرة منزلة نقباء بني اسرائيل وحواري عيسى في هذه الروايات الكثيرة. هذا مضافا الى دلالة هذه الروايات على انحصار الخلفاء في الاثنى عشر.
ثانيها: ان بعد وفات المهدي - (عليه السلام) - يملك اثنى عشر، ستة منهم من ولد الحسن وخمسة من ولد الحسين، وآخر من غيره. اقول: هذا ايضا مخالف لبعض هذه الاحاديث مثل قوله: بعدي اثنا عشر خليفة، وقوله: لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا، وقوله: لا يزال امر الناس ماضيا مما يدل على اتصال زمانهم بزمان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - واستمرار وجودهم الى آخر الدهر، وانحصار الخلفاء فيهم كما صرح به في رواية ابن مسعود (انه سئل كم يملك هذه الامة من خليفة؟ قال: سألنا عنها الحديث). هذا مضافا الى ان بعد انطباق هذه الاحاديث على الائمة الاثنى عشر المشهورين بين فرق المسلمين وظهور صدق كلام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ما الوجه في حمل تلك
الاخبار على غيرهم وايكال الامر الى المستقبل؟
ان قلت ان تلك الخصوصيات وان لم توجد بعد في غير الائمة الاثنى عشر - (عليهم السلام) - لكن يجوز ان توجد في غيرهم في المستقبل، قلت بعد وجود هذه الخصوصيات فيهم لا يجوز الاعتناء بهذا الاحتمال. الا ترى ان الله تعالى حيث انزل وصف نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - في التوراة والانجيل فلما ظهر انكر اليهود والنصارى نبوته وبخهم في القرآن المجيد، ولم يقبل قولهم بانه سيظهر فيما بعد. واما الاستناد لصحة حمل هذه الاحاديث على هذا القول بخبر يلي الامر بعد المهدي اثنى عشر رجلا ستة من ولد الحسن الحديث، ففيه مضافا الى مخالفتها للاحاديث الكثيرة الواردة عن طرق الفريقين، انه مخالف لخصوص هذه الاحاديث وما فيها من انحصار الخلفاء في الاثنى عشر واستمرار وجودهم واتصال زمانهم بزمان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا مع ما في سنده من الوهن والضعف. فقد صرح في الصواعق بانها واهية جدالا يعول عليها، ونقل ذلك ايضا عن ابن حجر صاحب كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري.
ثالثها: ما حكى عن القاضي عياض وهو ان المراد انهم يكونون في مدة عزة الخلافة وقوة الاسلام واستقامة اموره، وقد وجد هذا فيمن اجتمع عليه الناس الى ان اضطراب امر بني امية وقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد. وقال: ابن حجر في فتح البارى كلام القاضي عياض احسن ما قيل في الحديث، وارجحه لتأييده بقوله: في بعض طرق الحديث الصحيحة (كلهم يجتمع عليه الناس) ثم ذكر اسماء من وقع
الاجتماع على خلافتهم وهم ابو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية ويزيد وعبد الملك واولاده الاربعة الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام وعمر بن عبد العزيز بن سليمان ويزيد. قال: فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك.
اقول هذا الوجه اردء ما قيل في الحديث واهونه، وان قال ابن حجر انه احسن. ونحن نترك الكلام في نسب بني امية وعدم صحة انتسابهم الى قريش مع ان هذه الاحاديث مصرحة بكون الائمة الاثنى عشر من قريش، ولكن نقول: كيف يصح حمل هذه البشائر التي صدرت على سبيل المدح واطلاق الخليفة على معاوية الذي حارب امير المؤمنين - (عليه السلام) - الذي قال فيه سيد النبيين - صلى الله عليه وآله وسلم - " حربك حربي "، واعلن بسبه على المنابر، ودس السم الى الحسن - (عليه السلام) - سيد شباب اهل الجنة. وعلى مثل يزيد بن معاوية قاتل الحسين - (عليه السلام) - والفاسق المعلن بالمنكرات والكفر والمتمثل باشعار ابن الزبعري المعروفة فرحا بحمل رأس ابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - اليه، وهو الذي اباح بأمره مسلم بن عقبة اهل المدينة ثلثا فقتل خلقاً من الصحابة ونهبت بأمره المدينة وافتض في هذه الواقعة الف عذراء حتى قيل ان الرجل من اهل المدينة بعد ذلك اذا زوج ابنته لا يضمن بكارتها، ويقول: لعلها قد افتضت في واقعة الحرة، وقيل تولد من النساء اربعة الاف ولد من تلك الواقعة، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: فيما رواه مسلم " من اخاف اهل المدينة اخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة
والناس اجمعين "، وحكي عن الواقدي ان عبد الله بن حنظلة الغسيل قال: (والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا ان نرمى بالحجارة من السماء. انه رجل ينكح امهات الاولاد والبنات والاخوات ويشرب الخمر ويدع الصلوة)، وهو الذي امر بغزو الكعبة. ذكر السيوطي وغيره ان نوفل بن ابي الفرات قال كنت عند عمر بن عبد العزيز فذكر رجل يزيد فقال: قال امير المؤمنين يزيد بن معاوية، فقال: تقول امير المؤمنين وامر به فضرب عشرين سوطا. وذكر في الصواعق انه قيل لسعد بن حسان ان بني امية يزعمون ان الخلافة فيهم. فقال: كذب بنو الزرقاء، بل هم ملوك من شر الملوك، وكيف يصح حمل هذه الاحاديث واطلاق الخليفة على عبد الملك الغادر الناهي عن الامر بالمعروف. قال السيوطي في تاريخ الخلفاء لو لم يكن من مساوىء عبد الملك الا الحجاج وتوليته اياه على المسلمين وعلى الصحابة رضي الله عنهم يهينهم ويذلهم قتلا وضربا وشتما وحبسا، وقد قتل من الصحابة واكابر التابعين مالا يخفى فضلا عن غيرهم، وختم في عنق انس وغيره من الصحابة ختما يريد بذلك ذلهم.. فلا رحمه الله ولا عفا عنه. ام كيف يطلق الخليفة على الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق الشريب للخمر والمتهتك لحرمات الله تعالى، وهو الذي ارا د الحج ليشرب فوق ظهر الكعبة فمقته الناس لفسقه، وهو الذي فتح المصحف فخرج " فاستفتحوا وخاب كل جبار عنيد " فالقاه ورماه بالسهام وقال:
تهددني بجبار عنيد * * * فها انا ذاك جبار عنيد
اذا ما جئت بك يوم حشر * * * فقل يا رب مزقني الوليد
فما يلبث بعد ذلك الا يسيرا حتى قتل. اهذا معنى عزة الاسلام وخليفة رسول الله - صلى الله عليه وآله -؟!
ونقل انه لما ولى الحج حمل معه كلابا في صناديق، وعمل قبة على قدر الكعبة ليضعها على الكعبة، وحمل معه الخمر واراد ان ينصب القبة على الكعبة ويشرب فيها الخمر فخوفه اصحابه من الناس فلم يقبل. وذكر المسعودي عن المبرد: ان الوليد ألحد في شعر له ذكر فيه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فمنه قوله:
تلعب بالخلافة هاشمي * * * بلا وحي اتاه ولا كتاب
وقل لله يمنعني طعام * * * وقل لله يمنعني شرابي
وحكى عن العقد الفريد قال اسحق بن محمد الازرق: دخلت على منصور بن جهور الازدي بعد قتل الوليد وعنده جاريتان من جواري الوليد الى ان قال: قالت احديهما: كنا اعز جواريه عنده فنكح هذه وجاء المؤذنون يؤذنونه بالصلاة فاخرجها وهي سكرى جنبة متلثمة فصلت بالناس. ونقل السيوطي في تاريخ الخلفاء عن مسند احمد حديث " ليكونن في هذه الامة رجل يقال له الوليد، لهو اشد على هذه الامة من فرعون لقومه". فالصواب تسمية هؤلاء بالفراعنة لا الخلفاء، وتشبيههم بالملاحدة والكفرة لا بحواري عيسى ونقباء بني اسرائيل. وان شئنا لاشبعنا الكلام في مساوىء بني امية، ولكن نقتصر على ذلك مخافة عن الاطالة، ونقول كيف رضى القاضي ان يجعل هؤلاء الجبابرة من
خلفاء رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الذين بشر بهم واخبر بانهم يعملون بالهدى، واذ امضوا ساخت الارض بأهلها، وان هذه
الامة لا تهلك ما لم يمضوا وانهم بمنزلة نقباء بني اسرائيل. واعجب من ذلك اخراجه الحسن - (عليه السلام) - من الحديث مع انه خليفة بنص جده رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وادخاله يزيد ومعاوية وبني العاص الذين لعنهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذه الأحاديث.
واما ما في كلامه من التشبث بقوله: في صحيح ابي داود (كلهم يجتمع عليه الامة) فضعيف لوجوه:
احدهما: ان الظاهر من نسبة فعل الى احد صدوره منه بالاختيار دون الجبر والإكراه فالمراد بقوله: (يجتمع) لو سلمنا صدوره عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - اجتماعهم بالقصد والاختيار. الا ترى انه لا يصح لاحد ان يخبر عن وقوع اجتماع اهل مكة ومدينة عظماء الفقهاء ووجوه المحدثين وبقية الصحابة وكبار التابعين على خلافة يزيد، وانهم اجتمعوا عليه واختاروه للخلافة او اجتماع المسلمين على خلافة الوليد بن يزيد.
ثانيها: انه لو بنينا على ذلك يلزم خروج امير المؤمنين والحسن - (عليهما السلام) - من الخلفاء، لعدم اجتماع اهل الشام عليهما مع قيام الاجماع والاتفاق على خلافتهما.
ثالثها: ان هذه الزيادة غير مذكورة في غير هذا الطريق من طرق الحديث الكثيرة التي بعضها في غاية المتانة والصحة، فيحتمل قويا ان يكون قوله: (كلهم يجتمع عليه الامة) زيادة من الراوي. ولو كان المرجع فيما اذا دار الامر بين الزيادة والنقيصة اصالة عدم الزيادة فليس
المقام منه لكثرة الروايات الخالية عن هذه الزيادة، وتفرد ابي داود في نقلها. والحاصل انه لا يصلح لان نقيد به هذه الاخبار الكثيرة المتواترة المطلقة التي رواها جماعة من الصحابة كعبد الله بن مسعود، وجابر بن سمرة، واكابر التابعين وغيرهم.
رابعها: انه على فرض صدور هذه الجملة يجب تقييدها بغيرها مما ذكر في هذه الاحاديث كقوله كلهم يعمل بالهدى ودين الحق وانهم إذ أمضوا ساخت الارض بأهلها وانهم بمنزلة حواري عيسى ونقباء بني اسرائيل وان الخلفاء منحصرة فيهم.. فيعلم من ذلك كله ان الوجه الصحيح في هذه الزيادة على تقدير صدورها هو كون المراد من اجتماع الامة اجتماعهم بالاقرار بامامة الائمة الاثنى عشر وقت ظهور المهدي - (عليه السلام) -.
ثالثا / من الوجوه التي قيل في الحديث المراد وجود اثنى عشر خليفة في جميع مدة الاسلام الى يوم القيامة كما ذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء نقلا عن ابن حجر في شرح البخاري قال: وقيل ان المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة الاسلام الى يوم القيامة يعملون بالحق وان لم تتوال ايامهم. ويؤيد هذا ما اخرجه مسدد في مسنده الكبير عن ابي الخلد انه قال: لا تهلك هذه الامة حتى يكون اثنى عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق منهم رجلان من اهل بيت محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - الخ. وقال السيوطي في ذيل كلام ابن حجر وعلى هذا فقد وجد من الاثنى عشر الخلفاء الاربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز وهؤلاء ثمانية، ويحتمل ان يضم اليهم المهتدي
من العباسيين لانه فيهم كعمر بن عبد العزيز في بني امية، وكذلك الطاهر لما اوتيه من العدل، وبقي الاثنان المنتظران احدهما المهدي لانه من آل بيت محمد - صل الله عليه وآله وسلم -، انتهى. قلت: هذا القول فاسد ايضا لدلالة كثير من هذه الروايات على انحصار الخلفاء في الاثنى عشر، بل بعضها نص في ذلك لا يقبل التأويل والتوجيه كرواية ابن مسعود، ولدلالتها ايضا على اتصال زمانهم واستمرار وجودهم.
واما الاستشهاد لتأييد هذا القول بما اخرجه مسدد في مسنده عن ابي الخلد فموهون لوقوفه على ابي الخلد فهو اعم من ان يكون صادرا بعنوان الرواية والحديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - او الاخبار عن رأيه واعتقاده واجتهاد نفسه. وعلى فرض عدم وقوفه فلا شك في ان قوله: (منهم رجلان من اهل بيت محمد) كما يشهد به سياق الكلام زيادة واجتهاد من ابي الخلد او غيره ممن روى عنه، وإلا لقال من اهل بيتي بدل من اهل بيت محمد، ويؤيد ذلك كله ما يأتي في هذا الباب (ح 53).
عن الخصال بسنده عن ابي نجران ان ابا الخلد حدثه وحلف له عليه الا تهلك هذه الامة حتى يكون فيها اثنى عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق، ولم يذكر هذه الزيادة. وعلى كل حال لا اعتناء بهذا الخبر مع ما في سنده ومتنه من الضعف ومعارضته بالروايات المعتبرة، ولا يقيد بمثله تلك الاخبار الكثيرة المطلقة الدالة على اتصال زمانهم وانحصارهم في الاثنى عشر المؤيدة بالاخبار المتواترة وان كان ولابد من التقييد فمقتضى الصناعة والجمع بين هذا الخبر وغيره من الروايات حمله عليها
وتقييده بها فانه وان لم نقل بكونه ظاهرا في الولاء واتصال زمانهم فليس ظاهرا في عدمه فيقيد اطلاقه بغيره من الاخبار. وعليه يجب اما طرح ذيله او طرح تمامه صدرا وذيلا، لان الاخذ بتمامه بعد هذا التقييد مستلزم للمفاسد التي ذكرناها جوابا عن ما حكي عن القاضي عياض. هذا ولا يخفى عليك ما وقع فيه السيوطي في المقام من السهو والنسيان، فان على ما ذكره يلزم ان يكون ثلثا منهم من اهل بيت محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - لان عليا والحسن من اهل البيت بصريح آية التطهير ونص النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا مضافا الى ما في كلامه من عد مثل ابن الزبير ومعاوية ممن يعمل بالهدى. ثم اعلم انا اعتمدنا في الجواب عن هذه الوجوه التي قيل في هذه الاحاديث بما يستفاد من خصوص هذه الروايات وما يقتضي ظواهرها الواضحة ولم نعتمد على غيرها كالروايات الكثيرة المعتبرة الدالة على امامة الائمة الاثنى عشر باسمائهم وخصوصياتهم، والا فالجواب اوضح من هذا، وان شئت مزيد توضيح لذلك فعليك بالكتب المصنفة في هذا الباب فان فيها ما يزول به كل شك وارتياب والله الهادي الى الحق والصواب(12).
رابعا / ان سائر احاديث النبي حول اهل بيته، وضرورة مودتهم وحبهم والتمسك بهم، وانهم عدل القرآن وسفينة نوح، وانهم المهديون.. كل تلك الاحاديث التي فاضت بها الكتب، وتواترت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12) هامش كتاب منتخب الأثر في الامام الثاني عشر لمؤلفه آية الله لطف الله الصافي / ص 14 – 23.
بنقلها الاحاديث، بالرغم من مقاومة الطغاة لهم ولشيعتهم ولمن ينقل شيئا من فضائلهم ومناقبهم التي جرت على لسان السنة..
اقول؛ ان سائر الاحاديث لتهدينا الى ان مراد النبي بالأئمة الاثنى عشر هم اولئك الاطهار لا غيرهم. وقد نص بأنهم من قريش، ثم نص في احاديث اخرى بانهم اهل بيته. وقد افرد العلماء مجلدات في رواية هذه الاحاديث وتخريجها ودراستها، وهي على العموم تهدينا الى ان الحقيقة الواحدة التي بينها النبي بكل لسان ممكن هي استمرار خط الرسالة في أهل بيته كما استمرت رسالة الانبياء في اوصياءهم، وبالذات استمرت رسالة الله النازلة على النبي موسى - (عليه السلام) - في النقباء.
خامسا / تدعم هذه الطائفة الكريمة من الاحاديث التي زخرت بها كتب علماء السنة تلك الطائفة العظيمة من احاديث اهل البيت - (عليهم السلام) - في بيان مراد النبي، والتي تبلغ زهاء خمسين حديثا.
ومن اهم السبل لمعرفة مراد كل محدث، ان نبحث عن شواهد في كلامه على مراده وفي سائر احاديثه واقواله على ما خفي منها علينا.
اما الذين يضربون كلمات المحدثين ببعضها ويفتشون عن ثغرة هنا وثغرة هناك، فانهم اما جهلة واما مغرضون.
وكان من دأب المشركين والمنافقين ان يفعلوا مثل ذلك بآيات الله ويتبعوا ما تشابه منها ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، ففضحهم القرآن وبين ان الراسخين في العلم يأخذون بالمحكم ويؤمنون بالمتشابه.
وقال سبحانه منذرا الذين يبعضون الآيات القرآنية:
(كَمَآ أَنزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْءَانَ عِضِينَ * فَوَرَبِّكَ لَنَسْاَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الحجر / 90-93)
سادسا / ان ترسيخ قاعدة الولاية الالهية في الأمة الناشئة، وصيانتها من كيد الجبابرة، ومكر المنافقين كان بحاجة الى تدبير حكيم، يجعل الاجيال الصاعدة على وعي كاف بها دون ان يتعرض لتحريف الطغاة واعوان الظلمة.
ومن المعروف ان النبي - صلى الله عليه وآله - انما بلغ المسلمين ولاية امير المؤمنين بعد حجة الوداع وفي اخر ايام حياته المباركة حينما نزلت عليه اية كريمة تقول له:
(يَآ أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ اُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ وإِن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة / 67)
وهكذا قام في الناس خطيبا على ضفاف غدير خم، وعند مفترق الطرق، وقال صراحة: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله".
فمن اجل ابلاغ المسلمين بولاية الأئمة - (عليهم السلام) -، بحيث تتم الحجة عليهم وتصل الاخبار الى سمع كلهم، كان ينبغي ان يتكلم في كل موقع ببعض الحقيقة، فاذا جمعت الى بعضها افادت الكلمات المراد بأكمل وجه. وفي ذات الوقت ليتجاوز الحديث رقابة الطغاة، الذين منعوا في البدء تداول الحديث، ولكنهم فشلوا فأخذوا يؤلون الاحاديث بالطريقة التي تقتضيه اهواءهم. وقابلية التأويل هذا كانت بمثابة صيانة للحديث عن الحذف من قبل الطغاة، فانهم زعموا انهم بالتأويل يجعلون
الناس في حيرة من امرهم وهكذا كان. ولكن كانت هناك فئات من المجتمع عرفت كيف تتجاوز زبد التأويلات القسرية وتبلغ الى فرات الحقيقة.
وهذا من ديدن البلغاء في كل قضية، لايسكتون عن الحق، ولا يصرحون به إذا كان في التصريح اثارة تمنع التمسك به، ولكنهم يكنون به بحيث يستفيد من يريد الاستفادة، ولا يؤذي من لا يريد ذلك.
ولعل منهج القرآن في المحكم والمتشابه هو القدوة في هذا المنهج. والرسول - صلى الله عليه وآله - اتبع ذات المنهج احيانا لابلاغ المسلمين ان الائمة من بعده هم اثنى عشر وانهم من قريش. وقد صرح لخاصة اصحابه من هم اولئك كما حدثهم باسماءهم - (عليهم السلام).
من هنا فان المنهج السليم في معرفة اقوال الرسول - صلى الله عليه وآله - كما في فقه كلمات اهل بيته - (عليهم السلام) - هو التقاط اشاراته والتنبه الى معاريضه وتوريته وألحانه. وانطلاقا من هذا المنهج نعرف ان الائمة الاثنى عشر الذين عناهم من بعده هم - في الواقع - الائمة من اهل بيته الذين جعلهم عدل كتاب الله، ومثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك.
سابعا / دراسة تاريخ اهل البيت - (عليهم السلام) - مع الحكام وتاريخ شيعتهم ومواليهم وما تعرضوا له من مذابح شنيعة على امتداد قرون متطاولة، وما قام به الحكام من دعاية وتهريج ضدهم وضد قواعدهم الثقافية ومنطلقاتهم الفكرية.. كل ذلك يهدينا الى حقيقة واحدة وهامة؛ ان الاعداء لم يؤلوا جهدا في حذف كل منقبة لهم من
صفحات كتب الحديث، واذا وجدنا اليوم احاديث مثل ما سبقت حول عدد الائمة فانها البقية الباقية التي لم يستطع مشرط الرقابة من حذفها لسبب او لآخر.
ولذلك، فليس من الصحيح ان ننتظر اكثر مما هو موجود في احاديث النبي - صلى الله عليه وآله - حول اهل بيته وضرورة الالتفاف حولهم او عدد أوصياءه منهم.
ملاحقة المرتابين
تلاحقت شبهات المرتابين في اهم بصيرة دينية، هي بصيرة استمرار الصلة بين اهل الأرض وبين الغيب في شخص من البشر، هو من تلك الذرية الطيبة التي اصطفاها الله تعالى على العالمين.
ومثل هذه الشبهات ليست غريبة ابدا على طبيعة البشر التي ترفض الاذعان بصدق تفوق البعض من نوعهم على الآخرين، تفوقا هائلا يجعله يعرف أنباء السماء وحيا.
ان مشكلة الامم مع الانبياء كانت تتمثل في ان الانبياء هم بعض من البشر، ولذلك كانوا دائما يطالبون بنزول الملائكة حتى يكونون وسطاء بينهم وبين ربهم.
وهذه المشكلة لازالت قائمة، لانها كانت نابعة من طبيعتهم وليست من ظروفهم الاجتماعية.. وهكذا ليس من السهل للبشر ان يسلم لواحد منهم.
وفيما يلي نستعرض بعض تلك الشبهات التي يطرحها المرتابون:
1/ قالوا؛ ان عقيدة الامامة والتي تستمر مع العقيدة بالامام المهدي، تخالف نظرية الشورى واشراك الناس في ادارة شؤونهم.
والحقائق التالية اجابة على ذلك:
اولا: من قال ان الشورى، وبهذا المفهوم الفضفاض الذي يجعله اقرب الى الفوضى؛ من قال انه خير للبشرية من النظام الالهي المتمثل في بعث الانبياء وجعلهم خلفاء في الارض؟!
ثانيا: ان الامامة اذا كانت مخالفة للشورى، فهل النبوة ليست مخالفة لها وهي اوسع صلاحيات من الامامة؟ فاذا جعلت الشورى ميزانا للقبول او الرفض، فلابد ان ترفض النبوات - والعياذ بالله - بطريقة اولى.
ثالثا: لقد سبق القول مفصلا في ان الاسلام جمع بين انضباط الانظمة الموجهة وحرية الانظمة الشوروية. وان ولاية الفقيه التي تقوم على اساس عقيدة الامامة، هي نظام حر في اطار القيم الالهية، وهي في بعض الابعاد اوسع حرية من كثير من الانظمة التي تدعي الديمقراطية والحرية.
2/ وزعمت طائفة ان الاعتقاد بالامام المهدي - سلام الله عليه - وانتظار فرجه عقبة في سبيل تصدي الانسان لمشاكل عصره، وشهادته عليه، وقيامه لله، وجهاده في سبيله.
وتلك في الحقيقة من اخطر الشبهات، ومصدرها ان جيل المتخلفين فسروا عقائد الدين بصورة عكسية. ففسروا الاخلاق بالعزلة، والتقية بالسكوت عن الظالمين، وجعلوا حجاب المرأة وسيلة لابعادها عن
الحياة.
وكانت بصيرة الانتظار التي فجرت طاقات الشيعة في عصور النهضة واحدة من البصائر الالهية التي تعرضت للتحريف. وكانت مشكلة المرتابين النظر الى حال الجيل المتخلف، لا الى حقيقة البصيرة نفسها.
وإذا تأملنا في النظرية جيدا، لرأيناها تبعث شلالا من الهمة والعزم في افئدة المجاهدين.
واليوم حيث تتجدد حياة المسلمين بالتفسير الصحيح للدين، عادت هذه البصيرة الى موقعها المتقدم في بعث العزيمة وروح التصدي.
ان هناك اصولا عقائدية تكللت بعقيدة المهدي. فسنة الله في نصرة المستضعفين من ابرز هذه الاصول، والتي نستوحيها من قوله سبحانه:
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الاَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (القصص / 5-6)
وسنة حتمية انتصار الحق على الباطل هي الاخرى من اصول الاعتقاد بالامامة وامامة المهدي - (عليه السلام) - بالذات. وقد ذكرتنا آيات قرآنية مباركات بهذه السنة الالهية، حيث قال سبحانه:
(تِلْكَ الدَّارُ الاَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الاَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص / 83)
(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (الانبياء / 18)
وسنة انتصار الصلاح على الفساد، والمصلحين على المفسدين هذه
ايضا تهدينا الى بصيرة الانتظار، حيث يقول سبحانه عن هذه السنة:
(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الاَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (الانبياء / 105)
وسنة انتصار الله لرسله وللذين اتبعوا نهج الرسل من المؤمنين، حيث قال سبحانه:
(إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الاَشْهَادُ) (غافر / 51)
وقال سبحانه:
(إِن تَنصُرُوا الله يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد / 7)
منظومة متكاملة من السنن الالهية تجعلنا نعتقد بالامامة، وهذه السنن جميعا تبعث فينا العزم والهمة وروح التصدي. فكيف تكون بصيرة الانتظار وسيلة تحذير، وسببا للعزلة والهزيمة؟؟
اننا نعرف جيدا ان شعلة الأمل وقود مسيرة المجاهدين، فكيف يكون انتظار المصلح العالمي سببا للتراجع؟
وان اطول مسيرة جهادية واعظمها كانت مسيرة شيعة اهل البيت، وحتى اليوم العالم يعرف ان هؤلاء هم الذين لا يهابون الموت، وانهم يعلّمون الثائرين فن الشهادة. فكيف يكون الاعتقاد بالانتظار سببا للعزلة والتراجع؟
3/ ويقولون؛ اذا كانت واضحة عند الشيعة امامة الثاني عشر من الائمة، والحادي عشر من ولد فاطمة وعلي - (عليهم السلام) -، فلماذا ترى الكثير منهم يسارعون الى الدعوات المهدوية التي كثرت في عهد
الأئمة، منذ ان قال البعض بان المهدي هو محمد بن الحنفية وهو الامام بعد اخويه السبطين الحسن والحسين - (عليهما السلام) -، والى ان زعمت الناووسية غيبة الامام الصادق وانه هو المهدي، واعتقدت الواقفية غيبة الامام الكاظم - (عليه السلام) -، وحتى اعتقاد البعض بغيبة الامام الحسن العسكري - (عليه السلام) -؟
والواقع ان الدعوات المهدوية لم تكن خاصة بالشيعة، بل كانت تطرح على المسار الاسلامي العام. وكانت تستجاب من قبل عامة الناس اكثر مما تستجاب عند الخاصة من شيعة الامام علي - (عليه السلام) -.
ولذلك فانها كانت تعتمد على الروايات التي اثرت عن النبي - صلى الله عليه وآله -، بان هناك اثني عشر مهديا في هذه الأمة - اي اثنى عشر اماما -.
وكانت ثقافة المعارضة والقيام بالسيف ضد الطغاة قد انتشرت بين المسلمين منذ قيام السبط الشهيد الامام الحسين - (عليه السلام) -، ومنذ قيام الانصار في المدينة، والى ان قام زيد بن علي بن الحسين، واولاد الحسن المجتبى بسلسلة من الثورات المحدودة..
وهذه الثقافة الاصيلة التي استمدت شرعيتها من القرآن المجيد والسنة الطاهرة، واكتسبت شعبية كبيرة بفعل الاعلام الرسالي؛ هذه الثقافة لا ترتبط ببصيرة قيام الامام الحجة - (عليه السلام) - في آخر الزمان، لان قيادات الثورات المتلاحقة لم تنطبق عليهم صفات المهدي المنتظر. فمحمد بن الحنفية لم يكن يكنى بأبي القاسم، ولا كانت شمائلة
بصفات المهدي. وكذلك زيد بن علي، وهكذا ابو العباس السفاح.
بلى.. كان بعضهم مثل محمد بن عبد الله ذي النفس الزكية متشابها من حيث اسمه واسم ابيه مع النبي، ولكنه كان نادرا، ولم يعتمد كليا على نصوص المهدي في حركته.
على ان قائمة اسماء الائمة كانت من اسرار آل محمد التي لم يطلعوا عليها إلا من ملك القدرة على حفظها، والايمان بها غيبا.
اما قصة الاعتقاد بعدم وفاة البعض، بل غيبته واستعداده للنهضة، فان علينا ان ندرسها من وجوه مختلفة:
اولا: ان من طبيعة البشر الاصطدام نفسيا عند مواجهة بناء صاعق. وهكذا زعم بعض الناس ان النبي - صلى الله عليه وآله - لم يمت وانه حي لا يزال. وذات الفكرة راودت طائفة من الشيعة ممن لم يستوعبوا هول الانباء بوفاة الائمة، راودتهم كلما فقدوا اماما او هزموا في معركة. ولكن هذا الأمر الطبيعي الذي يتكرر حتى عند بعض الناس، عند فقد اعزتهم انه لا يرتبط ابدا بعقيدة اسلامية راسخة الجذور، واضحة البراهين، كالاعتقاد بغيبة الامام الثاني عشر، حيث غاب وعمره الشريف خمسة اعوام فقط.
ثانيا: كانت هناك غيبة اخرى عند قادة الثورات العلويين، حيث كانوا يختفون بعض الاشهر او بضعة سنين قبل اعلانهم النهضة، وكانت هذه الغيبة مختلفة تماما عن غيبة الانبياء وغيبة الامام الحجة. فان غيبة المسيح عيسى بن مريم الذي رفعه الله اليه، وسوف يعود قبل الساعة الى الدنيا فيصلي خلف مهدي هذه الامة، لا تشبه غيبة الثوار إلا
من ناحية اللفظ.
وهكذا غيبة الامام الحجة - (عليه السلام) -، حيث انها غيبة ربانية ينتظر الامام عبرها اذن الله له بالخروج.
ثالثا: قيام بعض الأئمة في التاريخ، واحتمال قيام احد الأئمة في عهد من العهود، كقيام الامام الحسين - (عليه السلام) -، واستعداد الامام الكاظم للقيام.. كل ذلك يختلف عن قيام الامام الحجة، حيث ان قيامه - سلام الله عليه - من اشراط الساعة، وانه قيام يؤيده الله بنصره الأكيد، وان عيسى - (عليه السلام) - ينزل من السماء ليصلي خلفه. وهو بالتالي ليس من نمط قيام الأئمة او ابناءهم عبر التاريخ.
ولقد كانت تلك النهضات التاريخية واية نهضة اخرى توطئة وتمهد لتلك النهضة التاريخية. وقد اخذ بعض المرتابين من تشابه الالفاظ مادة لاثارة الشبهة، حيث زعم ان عقيدة قيام الامام الثاني عشر بعد غيبته لم يكن واضحا عند المسلمين الشيعة، ولذلك كانوا ينتظرون قيام الامام الكاظم - (عليه السلام) -.
اقول؛ لو كان كل قيام يعتبر ذلك القيام الموعود، لكان قيام الامام الحسين - (عليه السلام) - اولى بذلك. أوليس هو سبط الرحمة وسفينة النجاة؟
كلا.. ان قيام الائمة حتى ولو كان يتم، فكان مجرد توطئة لقيام الامام المهدي بن الحسن العسكري - (عليهما السلام) -.
4/ ومن شبهات المرتابين التي استفادوا من بعض الروايات المتشابهة قولهم؛ ان قسما من الشيعة كانوا يترددون في الامام بعد الامام، ولو
كانت لديهم قائمة باسماء الائمة حتى الثاني عشر، اذا ما ترددوا، ولما توزعت الشيعة الى فرق مثل الاسماعيلية والفطحية والناووسية والواقفية وغيرهم.
والحقيقة ان هذه الشبهة قد اضلت البعض، وذلك بسبب مبالغتهم في الاعتماد على بعض الكتب التي أرخّت طوائف الشيعة تاريخيا، مثل كتاب النوبختي حول فرق الشيعة.. الا ان هذه الشبهة مردودة:
اولا: بان فرق الشيعة كانت فرق شاذة ونادرة، وقد تجاوزهم الزمن. وانما بالغ فيها البعض لحاجة في نفسه او مرض. وقد كان انقراضها وتلاشيها في غياهب النسيان اوضح دليل على ضعفها، وعدم قدرة ادلتها على الصمود امام أدلة الشيعة الاثنى عشرية.
ثانيا: لولا وجود نص واضح كان الشيعة وكبار حواري الائمة يتداولونها فيما بينهم، لما كان من الممكن ان يجتمع فرق الشيعة - بالتالي - حول اولئك الأئمة الاثنى عشر، بالرغم من معارضة السلطات الجائرة لهم ومحاولتها تمزيق صفوفهم.
ومن المعلوم ان الشيعة كان فيهم كبار علماء الحديث والفقه والتفسير والحكمة.. فكيف اجتمعوا مثلا حول الامام الرضا - (عليه السلام) - بالرغم من فرقة الواقفية، او حول الامام الجواد بالرغم من صغر سنه، وهكذا؟!
ثالثا: ان النصوص التي كانت عند الشيعة كانت من اسرار آل محمد لظروف التقية الضاغطة، ولم يكن من كبار الشيعة العارفين بها يسمحون لانفسهم بالبوح بها إلا لخاصة خواصهم. ولعل بعض
الكلمات التي كانت تصدر من امثال زرارة في التظاهر بعدم معرفتها كانت من هذا النوع.
واخيرا.. ان شبهات المرتابين لا تنتهي، لان القلب الذي فقد اليقين لا يمكنه ان يستقر على شيء، بل تراه لا يجادل في شبهة داحضة حتى تعتريه شبهة جديدة. نسأل الله العلي القدير ان يعصمنا منها ومن امثالها، والحمد لله رب العالمين.