منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر (عليه السلام) / الجزء الثاني

منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر (عليه السلام) / الجزء الثاني

تأليف: آية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني
ناشر: مكتبة آية الله العظمى الصافي الگلپايگاني، وحدة النشر العالمية
الطبعة الأولى 1380 ه.ش – قم

فهرس المطالب

المقدمة..................5
الباب الثالث: فيما يدلّ على ظهور المهدي وأسمائه وأوصافه وخصائصه وشمائله والبشارة به (عليه السلام) وفيه 51 فصلاً..................19
الفصل الأوّل: في ذكر بعض الآيات المبشّرة بظهوره (عليه السلام) أو المؤوّلة ببعض ما هو من علائم ظهوره، وما يقع قبل ذلك وحينه وبعده..................20
الفصل الثاني: فيما يدلّ على البشارة به وظهوره في آخر الزمان وفيه ممّا نذكره في هذا الباب ونشير إلى ما أخرجناه في سائر الأبواب وفيه 1092 حديثاً..................52
الفصل الثالث: فيما يدلّ على أنّه من عترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومن أهل بيته وذرّيّته وفيه 407 أحاديث..................125
الفصل الرابع: في أنّ اسمه اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكنيته كنيته، وأنّه أشبه الناس به شمائل وأقوالا وأفعالا، وأنّه يعمل بسنّته وفيه 54 حديثاً..................131
الفصل الخامس: في شمائله (عليه السلام) وفيه 29 حديثاً..................136
الفصل السادس: في أنّه من ولد أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) وفيه 225 حديثاً..................142
الفصل السابع: في أنّه من ولد سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) وفيه 202 حديثاً..................146
الفصل الثامن: في أنّه من أولاد السبطين الحسن والحسين (عليهما السلام) وفيه 125 حديثاً..................153
الفصل التاسع: في أنّه من ولد الحسين (عليه السلام) وفيه 208 أحاديث..................158
الفصل العاشر: في أنّه من الأئمة التسعة من ولد الحسين (عليهم السلام) وفيه 165 حديثاً..................162
الفصل الحادي عشر: في أنّه التاسع من ولد الحسين (عليه السلام) وفيه 160 حديثاً..................164
الفصل الثاني عشر: فيما يدلّ على أنّه من ولد عليّ بن الحسين زين العابدين (عليهم السلام) وفيه 197 حديثاً..................170
الفصل الثالث عشر: في أنّه السابع من ولد الباقر محمّد بن عليّ (عليهما السلام) وفيه 121 حديثاً..................173
الفصل الرابع عشر: في أنّه من ولد الصادق جعفر بن محمّد (عليهم السلام) وفيه 120 حديثاً..................178
الفصل الخامس عشر: في أنّه السادس من ولد الصادق جعفر بن محمّد (عليهم السلام): وفيه 112 حديثاً..................179
الفصل السادس عشر: في أنّه من صلب الإمام أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليهم السلام) وفيه 121 حديثاً..................181
الفصل السابع عشر: في أنّه الخامس من ولد الإمام السابع موسى بن جعفر (عليه السلام) وفيه 115 حديثاً..................182
الفصل الثامن عشر: في أنّه الرابع من ولد الإمام أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليهم السلام) وفيه 111 حديثاً..................187
الفصل التاسع عشر: في أنّه من ولد الإمام محمّد بن عليّ الرضا (عليهم السلام) وفيه 109 حديثاً..................191
الفصل العشرون: في أنّه من ولد الإمام أبي الحسن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا (عليهم السلام) وفيه 107 حديثاً..................193
الفصل الحادي والعشرون: في أنّه خلف خلف أبي الحسن وابن أبي محمّد الحسن (عليهم السلام) وفيه 107 حديثاً..................195
الفصل الثاني والعشرون: فيما يدلّ على أنّ اسم أبيه الحسن (عليه السلام) وفيه 108 حديثاً..................202
الفصل الثالث والعشرون: في أنّه ابن سيّدة الإماء وخيرتهنّ وفيه 11 حديثاً..................209
الفصل الرابع والعشرون: في أنّه إذا توالت ثلاثة أسماء، محمّد وعليّ والحسن كان الرابع هو القائم وفيه حديثان..................214
الفصل الخامس والعشرون: فيما يدلّ على أنّه الثاني عشر من الأئمّة وخاتمهم (عليهم السلام) وفيه 151 حديثاً..................216
الفصل السادس والعشرون: في أنّه يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وفيه 148 حديثاً..................222
الفصل السابع والعشرون: في أنّ له غيبتين إحداهما أقصر من الاخرى وفيه 10 أحاديث..................236
الفصل الثامن والعشرون: في أنّ له غيبة طويلة الى أن يأذن الله تعالى له بالخروج وفيه 100 حديث..................242
الفصل التاسع والعشرون: في علّة غيبته، وفيه 9 أحاديث..................261
الفصل الثلاثون: في بعض فوائد وجوده وانتفاع الناس منه في غيبته وتصرّفه في الامور وفيه 7 أحاديث..................267
الفصل الحادي والثلاثون: في أنّه (عليه السلام) طويل العمر جدّا وفيه 363 حديثاً..................272
الفصل الثاني والثلاثون: في أنّه شاب المنظر لا يهرم بمرور الأيّام وفيه 10 أحاديث..................285
الفصل الثالث والثلاثون: في أنّه خفيّ الولادة وفيه 13 حديثاً..................289
الفصل الرابع والثلاثون: في أنّه ليس في عنقه بيعة لأحد وفيه 12 حديثاً..................295
الفصل الخامس والثلاثون: في أنّه يقتل أعداء الله، ويطهّر الأرض من الشرك ومن كلّ جور وظلم، ويزيل ملك الجبابرة، ويقاتل على التأويل كما قاتل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على التنزيل وفيه 18 حديثاً..................297
الفصل السادس والثلاثون: في أنّه يعلن أمر الله، ويظهر دين الحقّ، ويميت البدع والباطل، ويؤيّد بنصر الله، وينصر بملائكة الله، ويبسط الإسلام على الأرض، ويصير سلطانا عليها، ويحيي الله به الأرض بعد موتها وفيه 51 حديثاً..................299
الفصل السابع والثلاثون: في أنّه يردّ الناس الى الهدى والقرآن والسنّة وفيه أخبار كثيرة..................306
الفصل الثامن والثلاثون: في أنّه ينتقم من أعداء الله وأعداء رسوله والأئمّة (عليهم السلام) وفيه 13 حديثاً..................308
الفصل التاسع والثلاثون: في أنّ فيه سننا من الأنبياء ومنها الغيبة وفيه 23 حديثاً..................311
الفصل الأربعون: في أنّه يقوم بالسيف وفيه 10 أحاديث..................315
الفصل الحادي والأربعون: فيما يدلّ على تمكين الناس لسلطانه وفيه 3 أحاديث..................319
الفصل الثاني والأربعون: في سيرته (عليه السلام) وفيه 47 حديثاً..................321
الفصل الثالث والأربعون: في زهده (عليه السلام) وفيه 6 أحاديث..................328
الفصل الرابع والأربعون: في كمال عدالته، وبسط العدل والأمنيّة في دولته وفيه 17 حديثاً..................331
الفصل الخامس والأربعون: في علمه (عليه السلام) وفيه 6 أحاديث..................333
الفصل السادس والأربعون: في جوده (عليه السلام)، وأنّه يقسّم المال ولا يعدّه وفيه 29 حديثاً..................336
الفصل السابع والأربعون: في أنّ الله تعالى يظهر على يده معجزات الأنبياء لإتمام الحجّة على الأعداء وأنّ معه مواريث الأنبياء وراية رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وفيه 15 حديثاً..................341
الفصل الثامن والأربعون: في أنّه لا يظهر إلّا بعد امتحان شديد، ووقوع المؤمنين في المضائق الشديدة والبليّات العظيمة وفيه 42 حديثاً..................348
الفصل التاسع والأربعون: في أنّه يؤمّ عيسى بن مريم، ويصلّي عيسى خلفه (عليهما السلام) وفيه 36 حديثاً..................352
الفصل الخمسون: فيما يدلّ على رايته (عليه السلام)، وصاحبها، وما كتب فيها وفيه 9 أحاديث..................361
الفصل الحادي والخمسون: في الرايات السود الثانية التي هي غير الرايات السود الاولى وفيه 5 أحاديث..................364
الباب الرابع: في ولادة المهديّ (عليه السلام)، وكيفيّتها، وتاريخها، وبعض حالات امّه واسمها، ومعجزاته في حياة أبيه، ومن رآه في أيّامه وفيه ثلاثة فصول..................367
الفصل الأوّل في ثبوت ولادته، وكيفيّتها، وتاريخها، وبعض حالات امّه واسمها (عليهما السلام) وفيه 426 حديثاً..................369
الفصل الثاني في معجزاته في حياة أبيه (عليهما السلام) وفيه 10 أحاديث..................417
الفصل الثالث في من رآه في أيّام والده (عليهما السلام) وفيه 20 حديثاً..................431
الباب الخامس: في حالاته ومعجزاته في الغيبة الصغرى بعد وفاة أبيه، وذكر من تشرّف بمقام السفارة في الغيبة الصغرى ومن فاز برؤيته فيها وفيه ثلاثة فصول..................437
الفصل الأوّل: في من فاز برؤيته (عليه السلام) في الغيبة الصغرى وفيه 27 حديثاً..................439
الفصل الثاني في ذكر بعض معجزاته (عليه السلام) في الغيبة الصغرى وفيه 29 حديثاً..................484
الفصل الثالث في حالات سفرائه ونوّابه في الغيبة الصغرى وفيه 27 حديثاً..................506
الباب السادس: في حالاته ومعجزاته في الغيبة الكبرى وذكر بعض من تشرّف بزيارته وفيه فصلان..................523
الفصل الأول: في معجزاته في الغيبة الكبرى وفيه 15 حديثاً..................525
الفصل الثاني: في من رآه في الغيبة الكبرى وفيه 13 حديثاً..................547

[المقدمة]
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لا يخفى على كلّ من له إلمام بالتاريخ والآثار والأحاديث تواتر البشارات المرويّة عن النبيّ وآله صلّى الله عليه وعليهم وعن أصحابه في ظهور المهدي (عليه السلام)(1) في آخر الزمان، وطلوع شمس وجوده لإزالة ظلمة الجهل، ورفع الظلم والجور، ونشر أعلام العدل، وإعلاء كلمة الحقّ، وإظهار الدين كلّه ولو كره المشركون. فهو بإذن الله تعالى يخلّص

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قال في النهاية: المهدي الّذي قد هداه الله الى الحقّ، وقد استعمل في الأسماء حتّى صار كالأسماء الغالبة، وبه سمّي المهديّ الّذي بشّر به رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه يجيء في آخر الزمان. وفي لسان العرب: المهديّ الّذي قد هداه الله إلى الحقّ، وقد استعمل في الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة وبه سمّي المهديّ الّذي بشّر به النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه يجيء في آخر الزمان.
وفي تاج العروس: والمهديّ الّذي قد هداه الله إلى الحقّ، وقد استعمل في الأسماء حتّى صار كالأسماء الغالبة، وبه سمّي المهديّ الّذي بشّر به أنّه يجيء في آخر الزمان.
جعلنا الله من أنصاره.

(٥)

العالم من ذلّ العبوديّة لغير الله، ويلغي العادات والأخلاق الذميمة، ويرفض القوانين الناقصة الّتي أحدثتها أفراد البشر حسب أهوائهم، ويميت جميع ما يورث العداوة والبغضاء ويقطع أواصر التعصّبات، التعصّب القوميّ والعنصري، التعصّب الوطني، وغير ذلك ممّا هو سبب لاختلاف الامّة وافتراق الكلمة، واشتعال نيران الفتن والمنازعات.
وسيحقّق الله بظهوره وعده الّذي وعده في قوله تعالى: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً). وقوله جلّ وعزّ: (ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)، وسيأتي عصر ذهبيّ لا يبقى فيه على الأرض بيت إلّا أدخله الله كلمة الإسلام، ولا تبقى قرية إلّا وينادى فيها بشهادة أن لا إله إلّا الله بكرة وعشيّا.
وهذا أمر ربّما لا يكون من يدّعي اتّفاق المسلمين فيه، وإجماعهم عليه مجازفا، كيف وقد ادّعى المهدويّة غير واحد في الصدر الأوّل وفي الأزمنة الّتي كان الناس فيها قريبي عهد بزمن النّبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والصحابة والتابعين، ولم نعهد أحدا من هؤلاء ردّ دعواهم بإنكار أصل هذه البشائر بل ناقشوهم في الخصوصيّات والصغريات.
وليس في المسائل النقليّة الّتي لا طريق لإثباتها إلّا السمع ما يكون الإيمان به أولى من الإيمان بظهور المهديّ (عليه السلام) لو لم نقل بكونه أولى من بعضها؛ لأنّ البشارات الواردة فيه قد تجاوزت عن مرتبة التواتر، مع أنّ الأحاديث المنقولة في كثير ممّا اعتقده المسلمون وغيرهم لم تبلغ تلك المرتبة، بل ربّما لا توجد لبعض ذلك إلّا رواية واحدة ومع ذلك

(٦)

يعدّ عندهم من الأمور المسلّمة. فاذا كيف يصحّ للمسلم المؤمن بما جاء به الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأخبر به أن يرتاب في ظهوره (عليه السلام) مع هذه الروايات الكثيرة؟!
ولا تخدش هذه الأخبار بضعف السند في بعضها وغرابة المضامين واستبعاد وقوعها في بعض آخر منها، فإنّ ضعف السند في بعضها لا يضرّ بغيره ممّا هو في غاية الصحة والمتانة سندا ومتنا، وإلّا يلزم رفع اليد عن جميع الأحاديث الصحيحة لمكان بعض الأخبار الضعيفة مع أنّ اشتهار مفادها بين كافّة المسلمين، وكون أكثر مخرجيها من أئمّة الإسلام، وأكابر العلماء، وأساتذة فنّ الحديث موجب للقطع بمضمونها، هذا، مضافا إلى أنّ ضعف السند إنّما يكون قادحا إذا لم يكن الخبر متواترا، وأمّا في المتواتر منه فليس ذلك شرطا في اعتباره.
وأمّا استبعاد وقوع ما ذكر فيها من الامور الغريبة فجوابه: أنّه ليس للاستبعاد والاستغراب قيمة في المسائل العلميّة سيّما النقليّة منها، ولو فتح هذا الباب لزم ردّ كثير من العقائد الحقّة الثابتة بأخبار الأنبياء ممّا ليس للعلم به أو بخصوصيّاته طريق إلّا من الشرع، مثل: بعض كيفيّات المعاد والصراط والميزان والجنّة والنار وغيرها، وقد استبعد المشركون بشارات النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بظهور دينه وغلبة كلمته في أوّل البعثة حيث كان الإسلام منحصرا بالنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعليّ وخديجة (عليهما السلام)، بل يعد ذلك عندهم من المحالات العاديّة، ولذا قالوا:
«يا أيّها الّذي نزّل عليه الذكر إنّك لمجنون»؛ لإخباره عن امور كانت عندهم من الممتنعات بحسب العادة والأسباب الظاهرة، ولكن لم تمض إلّا أيّام معدودة حتّى جعل الله كلمته هي العليا، وكلمة الّذين كفروا السفلى،

(٧)

ودانت له العرب، وخضعت للإسلام والمسلمين أعناق جبابرة العرب والعجم، هذا، مع أنّه ليس في موضوع المهدي (عليه السلام) ما هو أغرب وأعجب من المعجزات المنقولة عن الأنبياء وسنن الله تعالى في الامم الماضية كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، ومعجزات إبراهيم وموسى وغيرهما من الأنبياء (عليهم السلام) وغيبتهم عن قومهم.
فإذن لا وجه للاستغراب والاستبعاد في هذه الأحاديث المتواترة الّتي بعض رواتها مكّي، وبعضهم مدني، وبعضهم كوفي، وبعضهم بصري، وبعضهم بغدادي، وبعضهم رازي، وبعضهم قمّي، وبعضهم شيعي، وبعضهم سنّي، وبعضهم أشعري، وبعضهم معتزلي، وبعضهم كان في العصر الأوّل، وبعضهم في غيره من الأعصار؛ لامتناع اجتماع هؤلاء مع بعد مساكنهم ومواطنهم، واختلاف أعصارهم وآرائهم ومذاهبهم في مجلس واحد، واتّفاقهم على نقل هذه الأحاديث كذبا، مع أنّ احتمال الكذب في كثير منها بالخصوص أيضا في غاية الضعف والفساد؛ لكون رواته من المعروفين بالوثاقة، ومن أعاظم العلماء ورجالات الدين والزهد والعبادة، فلو تركنا الأخذ بها لما بقي مجال للاستناد إلى الأخبار المأثورة عن النبيّ وعترته (عليهم السلام) في جميع أبواب الفقه وغيره، ولزم أن نرفع اليد عن التمسّك بالأخبار المعتبرة في امورنا الدنيويّة والدينيّة مع استقرار بناء العقلاء من المسلمين وغيرهم عليه. وهذا الاستبعاد هو عمدة ما اعتمد عليه المخالفون، واعترضوا به على الشيعة من غير التفات الى ما يؤول إليه أمره ممّا لم يلتزم به أحد من المسلمين وغيرهم، وسيجيء زيادة توضيح لذلك إن شاء الله تعالى.
وقد صرّح بتواتر هذه الأخبار واشتهار ظهوره (عليه السلام) بين

(٨)

المسلمين واتّفاق العلماء عليه جماعة من أعلام أهل السنّة(2)، كما قد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(2) قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(ط مصر ج 2 ص 535): قد وقع اتّفاق الفرق من المسلمين أجمعين على أنّ الدنيا والتكليف لا ينقضي إلّا عليه. وقال بعضهم في حاشيته على صحيح الترمذيّ(ص 46 ج 2 ط دهلي سنة 1342): قال الشيخ عبد الحقّ في اللمعات: قد تظاهرت الأحاديث البالغة حدّ التواتر في كون المهديّ من أهل البيت من أولاد فاطمة. وقال الصبّان في إسعاف الراغبين(ب 2 ص 140 ط مصر سنة 1312): وقد تواترت الأخبار عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بخروجه، وأنّه من أهل بيته، وأنّه يملأ الأرض عدلا. وقال الشبلنجي في نور الأبصار(ص 155 ط مصر سنة 1312): تواترت الأخبار عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه من أهل بيته، وأنّه يملأ الأرض عدلا. وقال ابن حجر في الصواعق(ص 99 ط المطبعة الميمنية بمصر): قال أبو الحسين الأبري: قد تواترت الأخبار، واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) بخروجه، وأنّه من أهل بيته، وأنّه يملك سبع سنين، وأنّه يملأ الأرض عدلا، وأنّه يخرج مع عيسى فيساعده على قتل الدجّال بباب لدّ بأرض فلسطين، وأنّه يؤمّ هذه الأمّة ويصلّي عيسى خلفه. وقال السيّد أحمد بن السيّد زيني دحلان مفتي الشافعية في الفتوحات الإسلامية(ج 2 ص 211 ط مصر سنة 1323): والأحاديث الّتي جاء فيها ذكر ظهور المهديّ كثيرة متواترة فيها ما هو الصحيح، وفيها ما هو حسن، وفيها ما هو ضعيف وهو الأكثر، لكنّها لكثرتها وكثرة مخرجيها يقوّي بعضها بعضا حتّى صارت تفيد القطع، لكنّ المقطوع به أنّه لا بدّ من ظهوره، وأنّه من ولد فاطمة، وأنّه يملأ الأرض عدلا، نبّه على ذلك العلامة السيّد محمّد بن رسول البرزنجي في آخر الإشاعة، وأمّا تحديد ظهوره بسنة معينة فلا يصح؛ لأن ذلك غيب لا يعلمه إلّا الله ولم يرد نصّ من الشارع بالتحديد. وقال السويدي في سبائك الذهب(ص 78): الذي اتفق عليه العلماء ان المهدي هو القائم في آخر الوقت، وأنّه يملأ الأرض عدلا، والأحاديث فيه وفي ظهوره كثيرة ليس هذا الموضع محلّ ذكرها؛ لأنّ هذا الكتاب لا يتّسع لنقل مثل هذا. وقال ابن خلدون في المقدّمة(ص 367): اعلم أنّ المشهور بين الكافّة من أهل الإسلام على ممرّ الأعصار أنّه لا بدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيّد الدين، ويظهر العدل، ويتّبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلاميّة، ويسمّى بالمهدي. وقال الشيخ منصور علي ناصف في غاية المأمول(ج 5 ص 362، الباب السابع: في الخليفة المهدي رضي الله عنه): اشتهر بين العلماء سلفا وخلفا أنّه في آخر الزمان لا بدّ من ظهور رجل من- أهل البيت يسمّى المهديّ يستولي على الممالك الإسلاميّة، ويتّبعه المسلمون، ويعدل بينهم، ويؤيّد الدين، وبعده يظهر الدجّال، وينزل عيسى (عليه السلام) فيقتله أو يتعاون عيسى مع المهديّ على قتله، وقد روى أحاديث المهديّ جماعة من خيار الصحابة، وخرّجها أكابر المحدّثين كأبي داود، والترمذي وابن ماجة، والطبراني، وأبي يعلى، والبزّار، والإمام أحمد، والحاكم رضي الله عنهم أجمعين، ولقد أخطأ من ضعّف أحاديث المهديّ كلّها كابن خلدون وغيره، وقال في(ج 5 ص 381): فائدة: اتّضح ممّا سبق أنّ المهديّ المنتظر من هذه الأمّة، وأنّ الدجّال سيظهر في آخر الزمان، وأنّ عيسى (عليه السلام) سينزل ويقتله، وعلى هذا أهل السنّة سلفا وخلفا، وقال في(ج 5 ص 382): قال الحافظ في فتح الباري: تواترت الأخبار بأنّ المهديّ من هذه الأمّة وأنّ عيسى (عليه السلام) سينزل ويصلّي خلفه، وقال الحافظ أيضا: الصحيح أنّ عيسى رفع الى السماء وهو حيّ، وقال الشوكاني في رسالته المسمّاة بالتوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجّال والمسيح: وقد ورد في نزول عيسى تسعة وعشرون حديثا، ثمّ سردها وقال بعد ذلك: وجميع ما سقناه بالغ حدّ التواتر كما لا يخفى على من له فضل اطّلاع، فتقرّر بجميع ما سقناه أنّ الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة، والأحاديث الواردة في الدجّال متواترة، والأحاديث الواردة في نزول عيسى (عليه السلام) متواترة، وهذا يكفي لمن كان عنده ذرّة من إيمان، وقليل من إنصاف، والله أعلى وأعلم،(انتهى كلام غاية المأمول).
وقال الكنجيّ الشافعي في البيان(ب 11): تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أمر المهدي (عليه السلام). وقال أحمد أمين في المهديّ والمهدويّة(ص 106): وقد قرأت رسالة للاستاذ أحمد بن محمّد الصدّيق في الردّ على ابن خلدون سمّاها «إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون»، وقد فنّد كلام ابن خلدون في طعنه على الأحاديث الواردة في المهديّ، وأثبت صحّة الأحاديث، وقال: إنّها بلغت حدّ التواتر، ونقل أحاديث أخرى لم يذكرها ابن خلدون، وكان من ردّه عليه: أنّ ابن خلدون قال: إنّه لم يخلص من هذه الأحاديث الّتي وردت في المهديّ إلّا القليل أو الأقلّ منه، فسأله في صراحة، وما ذا تصنع بذلك القليل، هل لا يؤمن بالقليل إلّا إذا اشتهر أو تواتر؟! كلا لا يمكن ذلك؛ لأنّه لا يرى هذا الرأي، ولا رآه أحد قبله ولا بعده، ثمّ نقده أيضا في أنّه احتجّ في مواضع أخرى من تاريخه بأحاديث افراد ليس لها إلّا مخرج واحد، وفي ذلك المخرج مقال، أ تراه إذا- وافق الحديث هواه قبله، ولو كان صحيحا؟؟(إلى أن قال): ثمّ قال: إنّه يؤمن بأحاديث المهديّ لما ورد فيه من الأحاديث الصحيحة والحسنة، وإنّ ابن خلدون مبتدع، والمبتدعة أقسام: منهم من كفر ببدعته كالمجسّم ومنكر علم الله في الجزئيات، ومنهم من لا يكفر ببدعته وهو من ابتدع شيئا دون ذلك، وربّما عدّ ابن خلدون من هذا القبيل، وقد أطال في ذلك، وخالف ابن خلدون في دعواه الكذب أو الضعف في كلّ من روى عنه ابن خلدون، وروى عن جماعة من أهل العلم قالوا شعرا في المهدي يثبتون وجوده مثل:

وخبر المهديّ أيضا وردا * * * ذا كثرة في نقله فاعتضدا

ومثل قول السيوطيّ:

وما رواه عدد جمّ يجب * * * إحالة اجتماعهم على الكذب

وقد ردّ على ابن خلدون أيضا كما ذكره في المهديّ والمهدويّة(ص 110) أبو الطيّب بن أحمد بن أبي الحسن الحسينيّ في رسالته الّتي سمّاها «الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة» وعدّ أقواله زلّة له، واستخلص أخيرا أنّ المهديّ يظهر في آخر الزمان، وأنّ إنكار ذلك جرأة عظيمة وزلّة كبيرة.
ونقل القول بتواتر هذه الأحاديث في «كفاية الموحّدين» عن الشافعي، وذكر في كتاب «البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان»(ب 13) فتاوى أربعة من علماء المذاهب الأربعة، وهم: الشيخ ابن حجر الشافعي مؤلّف القول المختصر، وأبو السرور أحمد بن ضياء الحنفي، ومحمّد بن محمّد المالكي، ويحيى بن محمّد الحنبلي في المهدي (عليه السلام)، وقد تضمّنت فتاواهم صحّة القول بظهور المهديّ، وأنّه قد وردت الأحاديث الصحيحة فيه وفي صفته وصفة خروجه، وما يظهر من الفتن قبل ذلك كخروج السفياني والخسف وغيرها. وصرّح ابن حجر بتواترها، وأنّه من أهل البيت، ويملك الأرض شرقها وغربها، ويملأها عدلا، وأنّ عيسى يصلّي خلفه، وأنّه يذبح السفياني، ويخسف بجيشه الّذي يرسل به إلى المهديّ بالبيداء بين مكّة والمدينة.

(٩)

أخرج هذه الأحاديث جماعة من أكابر أئمّتهم في الحديث: كأحمد،

(١٠)

وأبي داود، وابن ماجة، والترمذي، والبخاري، ومسلم، والنسائي، والبيهقي، والماوردي، والطبراني، والسمعاني، والروياني، والعبدري، والحافظ عبد العزيز العكبري في تفسيره، وابن قتيبة في غريب الحديث، وابن السري، وابن عساكر، والدارقطني في مسند سيّدة نساء العالمين

(١١)

فاطمة الزهراء، والكسائي في المبتدأ، والبغوي، وابن الأثير، وابن الديبع الشيباني، والحاكم في المستدرك، وابن عبد البرّ في الاستيعاب، والحافظ ابن مطيق، والفرعاني، والنميري، والمناوي، وابن شيرويه الديلمي، وسبط ابن الجوزي، والشارح المعتزلي، وابن الصبّاغ المالكي، والحموي، وابن المغازلي الشافعي، وموفّق بن أحمد الخوارزمي، ومحبّ الدين الطبري، والشبلنجي، والصبان، والشيخ منصور علي ناصف، وغيرهم.
ولا يذهب عليك أنّ ظهور المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان موضوع كثر في شأنه تصنيف الكتب، وتحرير الرسائل والمقالات الجامعة من عصر الإمام أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السلام) إلى العصر الحاضر فقلّما يوجد من علماء الإماميّة من لم يكن له كتاب خاصّ أو مقالة وكلمة خاصّة في هذا الموضوع، وفي مراجعة بعضها غنى وكفاية لطلاب الحقيقة، هذا مضافا إلى ما صنّفه في ذلك بعض العلماء من أهل السنّة، كالحافظ أبي نعيم الأصبهاني صاحب كتاب «صفة المهديّ» و«مناقب المهديّ»، والكنجي الشافعي صاحب «البيان في أخبار صاحب الزمان»، وملا عليّ المتّقي صاحب «البرهان في علامات مهدي آخر الزمان»، وعبّاد بن يعقوب الرواجني صاحب كتاب «أخبار المهدي»، والسيوطي صاحب «العرف الوردي في أخبار المهديّ»، وابن حجر صاحب «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر»، والشيخ جمال الدين يوسف بن يحيى الدمشقي صاحب «عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر»، وغيرهم، وأفرد في ترجمته أيضا على ما في السيرة الحلبيّة بعضهم كتابا حافلا سمّاه: «الفواصم عن الفتن القواصم».

(١٢)

وإنّما الباعث لتقديم هذا الكتاب إلى القرّاء الكرام إيضاح بطلان دعوى من ادّعى المهدويّة والإمامة في عصر الغيبة، وخصوصا الأزمنة الأخيرة، وهذه فائدة يكون المسلمون في حاجة عظيمة إليها في عصرنا، فإنّ أعداءنا لا يزالون يتمسّكون بأيّة وسيلة حصلت لهم في تشتيت كلمة المسلمين، وايقاد نار الاختلاف والخصومات بينهم حتّى يسهل عليهم طريق الاستعمار والاستعباد، والتغلّب على البلاد والعباد، ولعمر الحقّ لم يذلّ المسلمين إلّا اختلافهم وتخاصمهم، ولم يغلب أصحاب الباطل والكفر على أنصار الحقّ والإسلام إلّا لما وقع بينهم من المنازعات والمنابذات.
وممّا تعتبره تلك الأيدي الأثيمة، والأهواء الفاسدة سببا لتشتّت كلمة المسلمين، واشتغالهم بالمجادلات الداخليّة عوضا عن المدافعات الخارجيّة هو مسألة المهديّ أرواحنا فداه(3)، فقد بعث لهذه الأغراض في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3) نشر الدكتور أحمد أمين المصري رسالة أسماها «المهديّ والمهدوية»، وردّ بزعمه أحاديث المهديّ، واعتمد في ردّه على وجوه سقيمة، أحدها: ضعف الأحاديث الواردة فيه، وقد قرأت الجواب عنه، وثانيها: مخالفة متونها لحكم العقل، وجوابه:
أنّا لا نرى في ظهور مصلح في آخر الزمان من أهل البيت من ولد فاطمة صاحب الصفات والعلامات المذكورة في هذا الكتاب لتأييد الدين، وتكميل النفوس، وتطهير الأرض من الشرك والظلم وتخليصها من أيدي الجبابرة والظلمة مخالفة لحكم العقل، ولو وجد في بعض أحاديثه ما يستبعد عادة وقوعه فليس مضرّا بغيره من الأخبار الكثيرة مع أنّ الاستبعاد لا يوجب رفع اليد عن هذا البعض أيضا كما أوضحناه في المتن، وثالثها: وهو عمدة ما يدور كلامه حوله في رسالته أنّ لفكرة المهديّ والمهدويّة في الإسلام تاريخا طويلا محزنا؛ لكثرة الثورات والحركات باسم المهديّ، وما نال البلاد الإسلاميّة من الضعف الّذي سبّبته هذه الثورات، وذكر تأييدا لنظريته بعض الحوادث المتّصلة بزعمه بفكرة المهدويّة تنبئ عن عدم اطّلاعه وتدرّبه في هذا الفن، وعدم بصيرته بمعرفة الفرق، ومبادئها وإحصائيّاتها إن لم نقل بأنّه ما كتب هذه الرسالة لاستنتاج نتيجة تاريخية بل كتبها إمّا لتفريق كلمة المسلمين ومنعهم عن الاعتصام بالوحدة الإسلاميّة وحبل الله المتين، وإمّا تأييدا لبعض الفرق الضالّة والآراء الخبيثة الّتي أوجدتها أيدي الاستعمار الجانية في البلاد الإسلاميّة؛ لأنّه ذكر فيها امورا لا تخفى بطلانها على من يقرأ الصحف والمجلات وتواريخ الفرق السياسيّة، ولا يكفي في دفع ذلك اعتذاره بقلّة المصادر فإنّه لم يكلّف بتحرير مثل هذه الرسالة حتى يعتذر عمّا وقع فيها من الخلط والاشتباه ومتابعة هواه، بل كان الواجب عليه ترك ذلك، وأن يدعه لأهله(إذا لم تستطع شيئا فدعه)، لكنّ أحمد أمين لم يلتفت إلى ذلك، كما أنّه لا يهمّه تشويه منظرة الدين وإيقاع الأمّة الإسلاميّة في الشبه والشكوك ولعلّه ومن يحذو حذوه يرى من الثقافة إنكار الحقائق وردّ الأحاديث أو عطفها على ما يهوى.
ومهما كان الأمر فالجواب عمّا أسّس عليه نظريته: أنّه إذا كان ما ذكر هو الميزان لتميّز الحقّ والباطل فيلزم عليه إنكار جميع الحقائق الثابتة المسلّمة الّتي لا سبيل له الى إنكارها، أ فيرى أحمد أمين إنكار النبوّات لما وقع من الثورات باسم الأنبياء أضعاف ما وقع باسم المهديّ؟ أو ينكر(العياذ بالله) وجود الإله تبارك وتعالى لأنّ كثيرا من الناس اتّخذوا من دونه أندادا واستعبدوا عباد الله؟ أو ينكر حقيقة العدل وحسن الإصلاح لأنّ أكثر الناهضين بالثورات والدعايات إنّما شرعوا دعواهم باسم العدل والإصلاح، مع أنّهم لم يقوموا إلّا لإثارة الشرّ وإلقاء الفساد ولم تبعثهم إلى ذلك إلّا المطامع والأهواء؟
و واقع الأمر أنّ سبب نجاح أرباب هذه الثورات في الجملة عدم اهتداء الناس- كأحمد أمين- إلى معنى المهديّ، وجهلهم بما ذكر له في الأحاديث من الآيات والعلامات، هذا، وقد جاء بعضهم بوجه أوهن من بيت العنكبوت لردّ هذه الأحاديث، وهو أنّ فكرة المهدويّة تورث القنوط والقعود عن العمل، وتمنع عن السير نحو التقدّم والترقّي! وليت شعري ما يدعو هؤلاء إلى التعصّب والعدول عن الواقع حتّى حاولوا ردّ قول نبيّهم، وتخطئة أئمّتهم في الحديث وفي التاريخ وفي سائر العلوم الإسلامية بهذه الوجوه الضعيفة، بل الاعتقاد بظهور المهديّ كما سيأتي إن شاء الله تفصيله يقوّي النشاط، ويوجب صفاء القلوب، ويؤيّد رغبة الناس إلى تهذيب الأخلاق وكسب الفضائل والعلوم والكمالات، وتزكية النفوس من الرذائل والصفات الذميمة، ويلهب شعور الأمّة نحو المسئولية الحقيقيّة.

(١٣)

بعض الأقطار- كإيران والهند وإفريقية- لا دعاء المهدويّة بعض من

(١٤)

السفلة، وطالبي الرئاسة، والمعروفين بسوء الأخلاق ونقصان المشاعر والمدارك ودناءة المرتبة، وغفلوا أو تغافلوا عمّا في هذه الأخبار من الصفات والسمات والعلامات والآثار والآيات والنسب الشريف والحسب الرفيع ممّا لم يمكن تحقّقه عادة إلّا في شخص واحد، وهو الإمام الثاني عشر أبو القاسم الحجّة ابن الإمام أبي محمّد الحسن العسكري بن أبي الحسن عليّ الهادي بن أبي جعفر محمّد الجواد بن أبي الحسن علي الرضا بن أبي الحسن موسى الكاظم بن أبي عبد الله جعفر الصادق بن أبي جعفر محمّد الباقر بن أبي الحسن عليّ زين العابدين بن أبي عبد الله الحسين سيّد الشهداء بن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، وهو الّذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، ويفتح مشارق الأرض ومغاربها، ويجعل الإسلام دينا عالميّا حتّى لا يبقى في الأرض أحد يعبد غير الله، ولا تبقى قرية إلّا نودي فيها شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله، وهو الّذي ينادي جبرئيل عند ظهوره باسمه واسم أبيه من السماء فيسمع من في المشرق والمغرب، وهو صاحب الصفات والعلامات الّتي سنذكر إن شاء الله نبذة منها، ولا تنطبق على غيره كائنا من كان فضلا عن المسكين الّذي اخذ وسجن وبقي في السجن حتّى صلب، ولم يتم له أمر، ولم يملك أمر نفسه فضلا عن أمر غيره، ولكن مع وضوح ذلك ربّما يتوهّم بعض الغافلين مبنى لتلك الدعاوي الباطلة؛ لعدم عثوره على ما ورد في المهدي (عليه السلام) من الآيات والأحاديث، وفي أنّه هو الشخص الخاصّ المعيّن الّذي لا يشتبه على أحد بنسبه وحسبه وصفاته، فجمعنا طائفة من هذه الأخبار واستخرجناها من الكتب المعتبرة عند الخاصّة والعامّة بحيث لا يبقى مجال

(١٥)

للشبهات، وهذه فائدة جليلة عظيمة.
وهنا فوائد اخرى لجمع هذه الأخبار على هذا الترتيب والتفصيل لا بأس بالتنبيه على بعضها:
منها: أنّ اعتقاد الشيعي في عصر الغيبة بوجود المهديّ (عليه السلام)، وظهوره في آخر الزمان ليس مانعا من اجتماع كلمة المسلمين، ورفض الاختلافات المضرّة بمجدهم وشوكتهم، فإنّ هذه عقيدة محضة خالصة نشأت عن هذه البشائر، وليست مخالفة لما بني (عليه السلام) أو دلّ عليه صريح أو ظاهر من الكتاب أو السنّة القطعيّة، بل عقيدة انبعثت عن الاعتقاد بصدق النبيّ الكريم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صاحب هذه البشائر، فيجب أن يعامل السنّي في هذه المسألة معاملته مع غيرها من المسائل الّتي اختلفت فيها أنظار علمائهم، ويتحرّى الحقيقة فيها كما يتحرّى في غيرها.
ومنها: ترك التكرار، فإنّي بعد ما تصفّحت ما وقع بيدي من الكتب المصنّفة في هذا الموضوع قديما وحديثا لم أجده خاليا عن التكرار؛ لأنّ كثيرا من الأحاديث لم يتكفّل بيان مطلب خاصّ حتّى يستغنى بنقله في باب عن ذكره في سائر الأبواب بل اشتمل على جهات وفوائد توجب ذكره في عدّة من الأبواب، وهذا هو السبب لوقوع التكرار في كتب حديث الفريقين تارة، وتقطيع الأخبار تارة اخرى، فاحترزت عنها بالإشارة إلى الأحاديث المذكورة في سائر الأبواب مع ذكر مواضعها وعددها في خاتمة كلّ باب.
ومنها: معرفة تواتر عناوين كثير من الأبواب.
هذا، وقد ذكرنا في الجزء الأوّل بعض الأخبار الواردة في الأئمّة

(١٦)

الاثني عشر (عليهم السلام)؛ لكمال دخلها فيما نحن بصدده، والآن نشرع فيما ورد في المهدي (عليه السلام) وفي صفاته وحالاته من طرق الفريقين إن شاء الله تعالى، ولمّا كان استقصاء الأخبار المأثورة في ذلك فوق حدّ الوسع والمجال، ولا يحصل إلّا لأوحديّ من جهابذة فنّ الحديث وأكابر العلماء اقتصرنا بنقل ما يوضّح الحقّ في ذلك الباب، ويحصل به الغرض الّذي لأجله دوّن هذا الكتاب، وعلى من يطلب المزيد الرجوع إلى تصنيفات الأصحاب.
كانت هذه المقدّمة للكتاب في طبعته الأولى قبل أكثر من أربعين سنة، وقد توفّقنا- والحمد للّه- في هذه الطبعة الجديدة إلى تأليف مجلّد كامل في أحاديث الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام)، وجعلناه المجلّد الأوّل، وقمنا بتنقيح الكتاب القديم حتّى جاء كأنّه كتاب جديد وجعلناه المجلّدين الثاني والثالث ورتّبنا المجلدات الثلاث على أحد عشر بابا وأربعة وتسعين فصلا، كما توفّقنا لإضافة بحوث روائيّة حول موضوعات ترتبط بالإمام المهدي (عليه السلام)، وجعلناها آخر المجلّد الثالث.
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لما يوجب رضوانه، ويعيذنا عن التعصّب والاعتساف، ويهدينا إلى سبيل الحقّ والإنصاف، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وذخيرة ليوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم.

«المؤلّف»

(١٧)

الفصل الأوّل: في ذكر بعض الآيات المبشّرة بظهوره (عليه السلام) أو المؤوّلة ببعض ما هو من علائم ظهوره، وما يقع قبل ذلك وحينه وبعده

وهذا إمّا بحسب الروايات المأثورة في التفسير، أو أقوال المفسّرين جريا وتطبيقا عليه، فلا ينافي تطبيقها على غيره من الموارد.
نعم بعض هذه الآيات بحسب ظاهرها أو ما ورد في تفسيرها مختصّة به، كما سيظهر لك فيما نذكر منها، وعدد ما نذكر في هذا الباب من الآيات، أو نشير إليه ممّا ذكر تفسيره في سائر الأبواب 28 آية، ومن الروايات الواردة في تفسيرها كذلك 82 حديثا.
ولا يخفى عليك أنّ الآيات المؤوّلة بظهوره (عليه السلام) كثيرة جدّا تتجاوز على ما أحصاه بعضهم عن المائة والثلاثين، وألّف بعضهم في ذلك كتابا مفردا، ونحن ذاكرون- إن شاء الله تعالى- نموذجا لا استقصاء، فنقول:
منها: قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ ومِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)(4).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(4) البقرة: 3.

(٢٠)

310-(5)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى المتوكّل- رضي الله عنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(5) كمال الدين: ج 2 ص 340 ب 33 ح 19.
قال في التبيان: ويدخل فيه(في الغيب) ما رواه أصحابنا من زمان الغيبة ووقت خروج المهديّ (عليه السلام)، ومثله قال الطبرسي في مجمع البيان. بحار الأنوار: ج 51 ص 52 ب 5 ح 28، المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة: ص 16، نور الثقلين: ج 1 ص 26، البرهان في تفسير القرآن: ج 1 ص 53.
قال النيشابوري في غرائب القرآن، في تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ):
و قال بعض الشيعة: المراد بالغيب المهديّ المنتظر الذي وعد الله به في القرآن وورد في الخبر (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ)، «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج رجل من أمّتي يواطئ اسمه اسمي وكنيته كنيتي، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما».
وذكر الفخر الرازي في التفسير أيضا: أنّ بعض الشيعة قال: المراد بالغيب المهديّ المنتظر الّذي وعد الله تعالى به في القرآن والخبر، ثمّ ذكر الآية والخبر، ثمّ قال: واعلم أنّ تخصيص المطلق من غير دليل باطل.
أقول: يظهر من كلامهما موافقتهما مع الشيعة في شمول إطلاق الغيب للمهديّ المنتظر (عليه السلام)؛ لعدم مجال المناقشة في مثل ذلك بين أهل العلم، ويظهر من عدم إنكارهما على الشيعة في أنّ الله وعد بالمهدي المنتظر في القرآن أيضا موافقتهما مع الشيعة، وما جاء من طرقهم في تفسير الآية.
ولمّا انجرّ الكلام إلى ذلك لا بأس بإسراده في معنى الغيب، وأنّ الآية هل فسّرت بالمهدي (عليه السلام) من باب الجري والتطبيق أو الاختصاص وبيان تمام المراد، فنقول:
(بحث تفسيري) كلّ ما غاب عن الشخص ولا يدرك بواحدة من حواسّه الظاهرة فهو غيب عنه، وما غاب كذلك عن الجميع فهو غيب بالنسبة إلى الجميع، سواء كان ذلك الغيب ممّا تهتدي إليه العقول ويدرك بالدّلائل والآثار والآيات- كوجود الله تعالى شأنه، وصفاته العليا، وأسمائه الكبرى- أو كان الاهتداء إليه بإخبار الأنبياء والأولياء الذين كان إخبارهم عن هذه الامور من خوارق العادات- كأشراط الساعة، وعذاب القبر، والصراط، والميزان، والجنّة، والنار، والإنباء بأفعال الناس في الخلوات وأقوالهم- أم لا يهتدى إليه مطلقا لا بالعقول ولا بغيرها- كحقيقة ذات الله المقدّسة- وسواء كان عدم إدراك ذلك الغيب بالحواس لأنّه لم يكن من المبصرات والمسموعات وغيرها من المحسوسات، أو- كان من ذلك ولكن كان الاطّلاع عليه لم يحصل عادة إلّا للأوحديّ من الناس على سبيل خرق العادات- كإنباء الناس بما يأكلون ويدّخرون في بيوتهم- وسواء كان هذا الغيب موجودا في حال الإيمان به، أو وجد في الماضي وطرأ عليه الانصرام والانعدام، أو كان ممّا يوجد في المستقبل.
فكلّ ذلك من الغيب إذا كان ممّا يمتنع إدراكه، أو لا يدرك إلّا بالعقول والأفهام، أو لا يدرك بالحواس في بعض الأحوال للجميع أو للبعض إلّا بالإعجاز وخرق العادات، فالله تعالى الأزلي الأبدي السرمدي غيب؛ لأنّه لا يهتدى إليه إلّا بالعقول والدلائل العقليّة ويمتنع إدراكه بالحواس، وغيب؛ لامتناع معرفة كنهه وحقيقته بالعقول والأفهام، وأشراط الساعة، ونزول عيسى وظهور المهديّ (عليهما السلام)، وسؤال منكر ونكير، وعذاب القبر، والصراط والميزان، والجنّة والنار، وكيفيّة بدء الخلق، وخلق آدم والمسيح، وكيفيّة الجزاء والعقاب، والملائكة وأصنافها، والوحي النازل على الأنبياء، وأحوال الأنبياء والامم الماضية، والحوادث الآتية، وكذا معجزات الأنبياء المنصرمة:
كقلب العصا بالثعبان، وناقة صالح، وفلق البحر، وإبراء الأكمه والأبرص، ممّا جاء في القرآن والأحاديث المعتبرة، وغير ذلك ممّا لا طريق لمعرفته عادة إلّا بإخبار النبيّ أو الوليّ كلّها غيب؛ لأنّه لا طريق من العقول إليها، وليس لمعرفتها طريق إلّا إخبار من يخبر عن الغيب بالعناية الربانيّة.
هذا، وربّما يقال بظهور «الغيب» في غير الامور المعلومة بالدلائل العقليّة والآثار والآيات الظاهرة كوجود الله تعالى وصفاته وأسمائه، وغير ما هو المعلوم على الجميع وما ثبت وجوده بالتواتر مثل: البلاد النائية، ووجود الشخصيّات المشهورة في التاريخ، ووجود الأجداد والجدّات، وبناة الأبنية، وما على الأرض من آثار الأقدمين. ولذلك فسّر بعضهم «الغيب» في هذه الآية بكلّ ما لا تهتدي إليه العقول من: أشراط الساعة، وعذاب القبر، والحشر والنشر، والصراط، والميزان، والجنّة، والنار. قال الراغب في المفردات: الغيب مصدر غابت الشمس وغيرها إذا استترت عن العين، يقال: غاب عنّي كذا، قال تعالى: (أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ)، واستعمل في كلّ غائب عن الحاسّة، وعمّا يغيب عن علم الإنسان بمعنى الغائب، قال: (وما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ والْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)، ويقال للشيء: غيب وغائب باعتباره بالناس لا بالله تعالى، فإنّه لا يغيب عنه شيء كما لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السماوات والأرض، وقوله: (عالِمُ الْغَيْبِ والشَّهادَةِ) أي ما يغيب عنكم وما تشهدونه، والغيب في قوله: (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ما لا يقع تحت الحواس ولا تقتضيه بداية العقول وإنّما يعلم بخبر الأنبياء (عليهم السلام)، وبدفعه يقع على الإنسان اسم الإلحاد، ومن قال: الغيب هو القرآن، ومن قال: هو القدر، فإشارة منهم إلى بعض ما يقتضيه لفظه، وقال بعضهم: معناه يؤمنون إذا غابوا عنكم، وليسوا كالمنافقين الذين قيل فيهم: (وإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ).
وقال شيخنا الطوسي(تفسير التبيان: سورة البقرة، ضمن قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ...): وقال جماعة من الصحابة- كابن مسعود وغيره-: إنّ الغيب ما غاب عن العباد علمه من أمر الجنّة والنار والأرزاق والأعمال وغير ذلك، وهو الأولى؛ لأنّه عامّ، ويدخل فيه ما رواه أصحابنا من زمان الغيبة ووقت خروج المهدي (عليه السلام).
ويمكن أن يوجّه ذلك التفسير بأنّ معنى «الغيب» وإن كان عامّا يشمل الامور المعلومة التي لا تدرك إلّا بالعقول إلّا أنّ من الممكن أن يكون الألف واللام هنا للعهد وأريد به ما روي عن ابن مسعود وغيره لا الجنس، إلّا أنّه يمكن أن يستظهر من طائفة من الأحاديث التي أخرجها المفسّرون في تفسير الآية كون معناه عامّا يشمل ما غاب عن العباد رؤيته وإن لم يغب عنهم علمه(راجع الدرّ المنثور: ج 1 ص 26 و27)، والله أعلم.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ بعضهم (انظر مجمع البيان: ج 1 ص 38 من سورة البقرة آية 3، وتفسير الكشّاف: ج 1 ص 38 منشورات دار الكتاب العربي بيروت) فسّر الغيب وقال:
يجوز أن يكون «بالغيب» في موضع الحال ولا يكون صلة ليؤمنون، أي يؤمنون غائبين عن مرأى الناس. وهذا التفسير مضافا إلى أنّه هنا خلاف الظاهر تردّه الروايات المعتبرة وأقوال الصحابة.
نعم لعلّه هو الظاهر من مثل قوله تعالى: (وخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ)(يس: 11)، وقوله تعالى: (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ)(الأنبياء: 49).
ولا يخفى عليك أنّ لهم في تفسير الآية والفرق بين الغيب والغائب كلمات وأقوالا غير ما أشرنا إليه، من أرادها فليرجع إلى التفاسير الكبيرة.
ثمّ إنّه لا ريب- على جميع التفاسير المؤيّدة بالأحاديث وأقوال الصحابة ومشاهير المفسّرين- أنّ المراد بالغيب ليس كلّ ما غاب عن الحواسّ؛ لأنّه لا ريب في عدم وجوب الإيمان بكلّ ما كان كذلك، وليس في الإيمان به ومعرفته غرض ومصلحة ترجع إلى كمال الإنسان وأهداف النبوّات، فلا يجب الإيمان بالكائنات الغائبة عن الحاسّة، أو-- الوقائع الماضية والآتية التي لا شأن لمعرفتها في الدين، فالغيب كلّ ما كان كذلك ممّا يجب الاعتقاد به شرعا أو عقلا، أو لا يجوز إنكاره والشكّ فيه بعد إخبار النبي والوليّ عنه، ويجب التصديق به وإن لم يكن ممّا وجب الاعتقاد به، والفرق يظهر بالتأمّل(راجع في ذلك كتابنا «مع الخطيب»، فصل: غلط الخطيب).
كما لا ريب في أنّ الإيمان بعالم الغيب وعالم الباطن وغير المحسوس في مقابل عالم الشهادة والظاهر والمحسوس واجب، سواء كان الغيب في هذه الآية يشمله أو لا يشمله، فالاعتقاد بأن دار التحقّق والوجود لا يقصر على عالم الشهادة والمحسوس هو أصل دعوة الأنبياء، ودعوتهم أقيمت على الدعوة بالغيب المسيطر على هذا العالم، والإيمان بجنوده الغيبيّة كجنوده المشهودة المحسوسة، وعلى أنّ هذا العالم آية عالم الغيب، وأنّ عالم الشهادة متأخّرة عن عالم الغيب كتأخّر الأثر عن المؤثّر، والمصنوع عن الصانع، والمكتوب عن الكاتب، والكلام عن المتكلّم، بل الحقّ الثابت والذي لا ينفد ولا ينقضي ولا يفنى ولا يبيد هو عالم الغيب، وعالم الشهادة بالنسبة إليه كالظلّ، وهو بجميع مظاهره جلوات عالم الغيب وآياته.
اللهمّ ارزقنا الإيمان بك وبكلّ ما غاب عنّا من قدرتك وجلالك، وأذقنا حلاوة الإيمان حتّى لا نحبّ تأخير ما قدّمت، ولا تعجيل ما أخّرت.
هذا وقد ظهر لك ممّا تلونا عليك في هذا البحث الطويل- الذي كان للبحث عنه مجال غير هذا الكتاب- أنّ الإيمان بالمهدي- الذي بشّر به الرسل وبشّر به خاتمهم وسيّدهم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وثبت ذلك عند الفريقين بالتواتر القطعيّ واتّفق المسلمون عليه- داخل في الغيب الذي وصف الله بالإيمان به المتّقين، والروايات الواردة في ذلك عن أهل البيت (عليهم السلام) فسّرت الآية به على سبيل الجري والتطبيق لأجل التنبيه على دخول ذلك فيه، ولو لم ترد تلك الروايات أيضا في تفسير الآية لكنّا نقول بدخوله ودخول غيره في الغيب ممّا ثبت من الشرع وجاء في القرآن المجيد أو أخبر به النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، كنزول المسيح، ودابّة الأرض، وانشقاق السماء، وانفطار الأرض، وغير ذلك؛ كخلافة الأئمّة الاثني عشر، وظهور الإسلام على جميع الأديان.
والشاهد على أنّ ذلك من باب التطبيق وذكر أفراد المعنى الكلّي ما رواه علي بن إبراهيم بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال: يصدّقون بالبعث والنشور والوعد والوعيد. فمن العجب أنّ الآلوسي أخذ على الشيعة ويقول- في تفسيره: «واختلف الناس في المراد به هنا على أقوال شتّى، حتّى زعمت الشيعة أنّه القائم، وقعدوا عن إقامة الحجّة على ذلك» فكأنّه لم يفهم مراد الشيعة، أو حرّف كلامهم ويرى أنّ الشيعة تقول: إنّ المراد بالغيب هو القائم (عليه السلام) دون سائر ما أخبر به النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الغيوب، ثمّ يقول: وقعدوا عن إقامة الحجّة على ذلك حتّى يوقع قارئه في الخلط والاشتباه، وهذا دأب أمثاله لمّا يرون صحّة مختار الشيعة ينقلونه على غير وجهه. وهنا أيضا لمّا يرى أنّ دخول زمان الغيبة وظهور المهدي (عليه السلام) الذي ثبت بالأخبار المتواترة في الغيب لا محل لإنكاره، حمل كلام الشيعة على أنّهم يفسّرون الإيمان بالغيب بخصوص الإيمان بالقائم (عليه السلام). سلّمنا ذلك، ونحمل الروايات الواردة عن العترة الطاهرة في حصر المراد بالغيب هنا بالمهدي (عليه السلام)(كما هو ظاهر خبر يحيى بن أبي القاسم عن الصادق (عليه السلام) وإن كان في منع ظهوره أيضا مجال) على التعظيم لأمره، لأنّ به يختم الدين ويظهر الإسلام على الدين كلّه ويملأ الأرض قسطا وعدلا ويفتح حصون الضلالة، فأيّة حجّة أقوى من تفسير أهل البيت أحد الثقلين اللّذين جعل التمسّك بهما أمانا من الضلالة. والعجب ممّن يأخذ دينه عن النواصب وأعداء أهل البيت والجبابرة والمعروفين بالفسق والكذب وأنواع الجنايات والخيانات ويحتجّ بأقوالهم، ثمّ يقول في شأن من يأخذ بأقوال أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، والمتمسّكين بأهل البيت الذين عندهم علم الكتاب: إنّهم قعدوا عن إقامة الحجّة. فإنّا للّه وإنّا إليه راجعون.(راجع في ذلك كتابنا «أمان الامّة من الضلال والاختلاف»)،

(٢١)

- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا أحمد

(٢٢)

 بن محمّد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن غير واحد من

(٢٣)

أصحابنا، عن داود بن كثير الرقّي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول

(٢٤)

الله (عزّ وجلّ): (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) يعني من [آمن] أقرّ بقيام القائم أنّه الحق.
ومنها: قوله تعالى: (ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)(6).
311-(7)- نهج البلاغة: قال (عليه السلام): لتعطفنّ الدنيا علينا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(6) القصص: 5.

(7) نهج البلاغة: ج 3 ص 199 و200 ك 209، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
ج 19 ص 29 ك 205.
قال الشيخ محمّد عبده في شرحه(ج 3 ص 200): الشماس- بالكسر- امتناع ظهر الفرس من الركوب، والضروس- بفتح فضمّ- الناقة السيئة الخلق تعضّ حالبها. أي إنّ- الدنيا ستنقاد لنا بعد جموحها، وتلين بعد خشونتها، كما تعطف الناقة على ولدها وإن أبت على الحالب.
شواهد التنزيل: ج 1 ص 431 ح 590 وص 432 ح 595، قال: وله طرق عن شريك... الخ.
وقال في مجمع البيان(ج 7 ص 239): صحّت الرواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لتعطفنّ الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، وتلا عقيب ذلك قوله تعالى: (ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ...) الآية.
تفسير نور الثقلين: ج 4 ص 109 ح 10، تأويل الآيات الظاهرة: نحوه ص 406- 407 ح 1 و2، البحار: ج 51 ص 64 ب 5 ح 66.
أقول: ويؤيّد هذا الحديث ما رواه في شواهد التنزيل: ج 1 ص 430 ح 589 بسنده عن المفضّل بن عمر، عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) أنّه قال: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نظر إلى علي والحسن والحسين (عليهم السلام) فبكى وقال:
أنتم المستضعفون بعدي. قال المفضّل: فقلت له: ما معنى ذلك يا ابن رسول الله؟ قال:
معناه: أنّكم الأئمّة بعدي، إنّ الله تعالى يقول: (ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)، فهذه الآية فينا جارية إلى يوم القيامة.
ورواه في معاني الأخبار: ص 79، ونور الثقلين: ج 4 ص 110 ح 14، وبمعناه ما أخرجه في الكافي: ج 1 كتاب الحجّة ص 306 ب 128 ح 1، مجمع البيان: ج 7 ص 239 عن العيّاشي بالإسناد عن أبي الصباح الكنانيّ عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام).

(٢٥)

بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، وتلا عقيب ذلك قوله تعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ). قال ابن أبي الحديد في شرحه: إنّ أصحابنا يقولون: إنّه وعد بإمام يملك الأرض ويستولي على الممالك.
وفي شواهد التنزيل: أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن، أخبرنا محمّد بن إبراهيم بن سلمة، أخبرنا محمّد بن عبد الله بن سليمان، أخبرنا يحيى بن عبد الحميد الحمّاني، أخبرنا شريك، عن عثمان، عن

(٢٦)

أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، قال: قال عليّ (عليه السلام): لتعطفنّ علينا الدنيا عطف الضروس على ولدها. ثمّ قرأ (ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ...) الآية. وروى نحوه أيضا بسنده عن ربيعة.
312-(8)- تفسير فرات: قال: حدّثنا الحسين بن سعيد معنعنا، عن علي (عليه السلام) قال: من أراد أن يسأل عن أمرنا وأمر القوم فإنّا وأشياعنا يوم خلق الله السماوات والأرض على سنّة موسى وأشياعه، وإنّ عدوّنا وأشياعه يوم خلق السماوات والأرض على سنّة فرعون وأشياعه، فليقرأ هؤلاء الآيات من أوّل السورة (يعني القصص) إلى قوله: يَحْذَرُونَ، وإنّي اقسم بالله الذي فلق الحبّة وبرأ النسمة الذي أنزل الكتاب على محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صدقا وعدلا ليعطفنّ عليكم هؤلاء عطف الضروس على ولدها.
313-(9)- شواهد التنزيل: أخبرني أبو بكر المعمري، أخبرنا أبو جعفر القمّي، أخبرنا محمد بن عمر الحافظ ببغداد، أخبرنا محمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن عثم بن حكيم، أخبرنا شريح بن مسلمة، عن إبراهيم بن يوسف، عن عبد الجبّار، عن الأعمش الثقفي، عن أبي صادق، قال: قال علي (عليه السلام): هي لنا، أو فينا هذه الآية:
(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(8) تفسير فرات ص 116، شواهد التنزيل: ج 1 ص 431 ح 591 بإسناده عن حنش عن علي (عليه السلام)، البحار: ج 24 ص 171 ب 49 ح 9.
(9) شواهد التنزيل: ج 1 ص 432 ح 593، نور الثقلين: ج 4 ص 111 ح 15، أمالي الصدوق: المجلس 72 ص 387 ح 26، إثبات الهداة: ج 1 ص 532 ح 309 ف 8 ب 9.

(٢٧)

314-(10)- تفسير فرات: قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم الكوفي معنعنا، عن أبي المغيرة، قال: قال عليّ (عليه السلام): فينا نزلت هذه الآية: (ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ).
315-(11)- تفسير فرات: قال: حدّثني علي بن محمّد بن علي الزهري معنعنا، عن ثوير بن أبي فاختة، قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): تقرأ القرآن؟ قال: قلت: نعم، قال: فاقرأ طسم سورة موسى وفرعون، قال: فقرأت أربع آيات من أوّلها إلى قوله:
(وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ...) الآية، قال لي: مكانك حسبك، والّذي بعث محمّدا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالحقّ بشيرا ونذيرا، إنّ الأبرار منّا أهل البيت وشيعتهم بمنزلة موسى وشيعته.
316-(12)- تفسير فرات الكوفي: قال: حدّثني عليّ بن محمّد بن عمر الزهري معنعنا، عن زيد بن سلام الجعفي قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقلت: أصلحك الله، إنّ خيثمة الجعفي حدّثني عنك أنّه سألك عن قوله: (ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)، وأنّك حدّثته:
أنّكم الأئمّة وأنّكم الوارثين، قال: صدق والله خيثمة، لهكذا حدّثته.
317-(13)- غيبة الشيخ: عنه (محمّد بن علي)، عن الحسين بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(10) تفسير فرات: ص 116، نور الثقلين: ج 4 ص 109 ح 9، البحار: ج 24، ص 167 و168 شواهد التنزيل: ج 1 ص 432، ح 594.
(11) تفسير فرات: ص 116، مجمع البيان: ج 7 ص 239 وزاد: وإنّ عدوّنا وأشياعهم بمنزلة فرعون وأشياعه، البحار: ج 24 ص 171 ب 49 ح 8.
(12) تفسير فرات: ص 117.
(13) غيبة الشيخ: ص 184 ح 143، نور الثقلين: ج 4 ص 110 ح 11، البحار: ج 51 ص 54 ب 5 ح 35، إثبات الهداة: ج 7 ص 10 ب 32 ف 12 ح 299.

(٢٨)

محمّد القطعي، عن علي بن حاتم، عن محمّد بن مروان، عن عبيد بن يحيى الثوري، عن محمّد بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن علي (عليه السلام) في قوله تعالى: (ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)، قال: هم آل محمّد، يبعث الله مهديّهم بعد جهدهم ليعزّهم ويذلّ عدوّهم.
318-(14)- الأنوار المضيئة: بإسناده عن محمّد بن أحمد الأيادي، يرفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب الّذين يجعلهم الله أئمّة نحن أهل البيت، يبعث الله مهديّهم فيعزّهم ويذلّ عدوّهم.
319-(15)- الأنوار المضيئة: روي أنّه تلي بحضرته (يعني: أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام)): (ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ...) فهملت عيناه، وقال: نحن والله المستضعفون.
منها: قوله تعالى: (ولَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ)(16).
320-(17)- ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام): حدّثنا أحمد بن محمّد، عن [ابن- خ] أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حسين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(14) بحار الأنوار: ج 51 ص 63 ب 5 ح 65، منتخب الأنوار المضيئة: ص 17.
(15) بحار الأنوار: ج 51 ص 64 ب 5 ح 65.
(16) الأنبياء: 105.
(17) تأويل الآيات الظاهرة: في تفسير الآية 105 من سورة الأنبياء، ص 326 و327، البرهان: ج 3 ص 75 ح 5، البحار: ج 24 ص 358 ب 67 ح 78، المحجّة: ص 141 في تفسير الآية، إلزام الناصب: ج 1 ص 75 الآية: 56، إثبات الهداة: ج 7 ص 50 ب 32 ف 21 ح 419.

(٢٩)

بن محمّد بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قوله (عزّ وجلّ): (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) هم أصحاب المهديّ (عليه السلام) في آخر الزمان.
321-(18)- التبيان: عن أبي جعفر (عليه السلام): إنّ ذلك وعد للمؤمنين أنّهم يرثون جميع الأرض.
وفي مجمع البيان: قال أبو جعفر (عليه السلام): هم أصحاب المهديّ (عليه السلام) في آخر الزمان. ويدلّ على ذلك ما رواه الخاصّ والعامّ عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث رجلا صالحا من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا. [قال]: وقد أورد الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب «البعث والنشور» أخبارا كثيرة في هذا المعنى حدّثنا بجميعها عنه حافده أبو الحسن عبيد الله بن محمّد بن أحمد في شهور سنة ثماني عشرة وخمسمائة... إلى أن قال: ومن جملتها ما حدّثنا أبو الحسن حافده عنه قال: أخبرنا أبو عليّ الرودباري، قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة، قال: حدّثنا أبو داود السجستاني في كتاب «السنن» عن طرق كثيرة ذكرها، ثمّ قال: كلّهم عن عاصم المقري، عن زيد، عن عبد الله، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلا منّي أو من أهل بيتي، وفي بعضها: يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(18) التبيان: ج 7 ص 284، مجمع البيان: ج 7 ص 66 و67، جوامع الجامع: ص 296، نور الثقلين: ج 3 ص 464، إلزام الناصب: ص 75 و76 الآية 56، الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة: في تأويل الآية 105 من سورة الأنبياء، إثبات الهداة:
ج 3 ص 563 ب 32 ف 9 ح 639.

(٣٠)

وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
322-(19)- تفسير القمّي: قوله: (ولَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(19) تفسير القمّي: ج 2 ص 77 تفسير الآية، المحجّة: ص 141 الآية: 51، إلزام الناصب:
ج 1 ص 75 الآية: 56 عن الصادق (عليه السلام) وظاهر تفسير القمّي بقرينة روايته السابقة على هذه الرواية أنّ المرويّ عنه هو الباقر (عليه السلام)، ينابيع المودّة: ص 425 ب 71، البحار: ج 51 ص 47 ب 5 ح 6.
أقول: لا يخفى عليك أنّه وإن اختلفوا في تفسير الأرض في هذه الآية- ففسّرها بعضهم بالأرض التي تجتمع إليها أرواح المؤمنين، وبعضهم بأرض الشام- ولكن لا يعتمد على تفسير المفسّرين إذا اختلفوا في تفسير أيّة آية من الآيات إلّا إذا كان معتمدا على دليل عقليّ يقينيّ يكون كالقرينة لإرادة واحد من المعاني، أو على آية أخرى ظاهرة في تفسيرها، أو على سنّة صحيحة. فترجيح احتمال أو قول على احتمال آخر والقول به إذا لم يكن معتمدا على أحد هذه الشواهد غاية ما يتحصّل منه الظنّ المنهيّ عن اتّباعه، فلا يؤخذ التّفسير وسائر العلوم الشرعية، ولا يحتجّ بقول أحد من الأمّة إلّا من كان قوله حجّة ومصونا عن الخطأ بنصّ الشارع، وليس في الأمّة من يكون له هذا الشأن إلّا الأئمّة من أهل البيت وعترة النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، الّذين ثبت بالأحاديث المتواترة وجوب التمسّك بهم والرجوع إليهم، ونصّ على عصمتهم بالنصّ على أنّ التمسّك بهم أمان من الضلال، وأنّهم والكتاب لن يتفرّقا ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، وأنّهم سفينة النجاة، وهذا أمر يؤيّده العقل؛ لأنّه حاكم بأنّه يجب أن يكون في الامّة من يكون قوله حجّة ليكون مرجعهم فيما اختلفوا فيه من المسائل الشرعيّة، وكان الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين (عليهما السلام) إذا تلا قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة: 119) يقول في دعاء طويل يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين والدرجات العليّة، وعلى وصف المحن وما انتحلته المبتدعة المفارقون لأئمّة الدين والشجرة النبويّة ثمّ يقول: وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا، واحتجّوا بمتشابه القرآن فتأوّلوا بآرائهم واتّهموا مأثور الخبر... إلى أن قال: فإلى من يفزع خلف هذه الأمّة وقد درست أعلام هذه الملّة، ودانت الامّة بالفرقة والاختلاف، يكفر بعضهم بعضا والله تعالى يقول: (ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا واخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ)(آل عمران: 105)، فمن الموثوق به على إبلاغ الحجّة وتأويل الحكم إلّا أهل الكتاب، وإنّنا أئمّة الهدى ومصابيح الدجى الّذين احتجّ الله بهم على عباده - ولم يدع الخلق سدى من غير حجّة؟ هل تعرفونهم أو تجدونهم إلّا من فروع الشجرة المباركة، وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا، وبرّأهم من الآفات، وافترض مودّتهم في الكتاب؟(جواهر العقدين: القسم الثاني، الذكر الرابع، الصواعق المحرقة: ص 150 في الباب الحادي عشر الفصل الأوّل في الآيات الواردة فيهم في تفسير الآية الخامسة).
وعلى هذا فلا يجوز الاعتماد والاحتجاج فيما وقعت الامّة فيه من الاختلاف في تفسير الكتاب أو سائر ما يؤخذ من الدين إذا لم يكن هناك قاطع البرهان أو نصّ واضح من الكتاب أو السنّة، إلّا على ما خرج من هذا البيت الشريف النبوي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وصدر من العترة الطاهرة (عليهم السلام) لا يجوز العدول عنهم إلى غيرهم كائنا من كان. إذن فالمتّبع في تفسير الآية هي الروايات الصادرة عنهم (عليهم السلام).
هذا مضافا إلى أنّ تفسير الأرض بأرض الشام خلاف سياق الآية وظاهرها، فإنّ المناسبة تقتضي أن يكون الصالحون وارثين للأرض في كلّ البقاع والبلاد، ولا وجه للاختصاص كما أنّ كون المراد منها الأرض التي تجتمع فيها الأرواح أيضا لا يناسب سياق الآية وظاهرها، بل الظاهر أنّ ذلك إخبار وبشارة بأمر سيقع في المستقبل وفي آخر الزمان، وينتهي إليه مسير هذا العالم وهذه الكرة التي ملكها الفجّار والكفّار والجبابرة الظّلمة والطواغيت في أكثر الأحيان وأغلب الأزمان، فبشّر الله تعالى عباده الصالحين بدورة صالحة لهذه الأرض يرثها عباده الصالحون.
قال الآلوسي(تفسير روح المعاني: في تفسير الآية 105 من سورة الأنبياء): إنّ المراد بها أرض الدنيا يرثها المؤمنون ويستولون عليها، وقال: وإن قلنا بأنّ جميع ذلك يكون في حوزة المؤمنين أيّام المهدي- رضي الله تعالى عنه- ونزول عيسى عليه فلا حاجة إلى ما ذكر. فكأنّه ارتضى أنّ المراد بالآية الوعد بحصول جميع الأرض في حوزة الإسلام والمؤمنين أيّام المهدي (عليه السلام) ودولته العالميّة.
وفي روح البيان في تفسير الآية 105 من سورة الأنبياء): (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) أي عامّة المؤمنين بعد إجلاء الكفّار، كما قال: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وهذا وعد بإظهار الدين واعزاز أهله، انتهى.
فلا ريب أنّ الآية بشارة لما سيحقّق لهذه الامّة من النصر والاستيلاء على الأرض كلّها.-- ويؤيّد ذلك التفسير البشارات الكثيرة الموجودة في العهد العتيق والجديد بالأئمّة الاثني عشر من ولد إسماعيل، وبالإمام الذي يستولي على الأرض، وبالصالحين الذين يرثونها، تجد ذلك في التوراة، وكتاب مزامير، وكتاب اشعياء، وكتاب دانيال، وكتاب هوشع، وكتاب يوئيل، وكتاب عاموس، وكتاب عوبديا، وكتاب ميخا، وكتاب ناحوم، وكتاب حيقوق، وكتاب صفنيا، وكتاب حجي، وكتاب زكريا، وكتاب ملافي، وإنجيل لوقا، وإنجيل متّى، ومكاشفات يوحنّا، وغيرها، بألفاظها السريانيّة، وفي تراجمها بالعربيّة والفارسيّة فراجعها، وراجع كتاب «من ذا؟»، ومؤلّفات فخر الإسلام سيّما كتابه القيّم «أنيس الأعلام»، وكتابنا «أصالت مهدويت» بالفارسيّة، وغيرها من الكتب المؤلّفة حول ذلك لا يسعنا المجال لإحصائها.

(٣١)

الذِّكْرِ) قال: الكتب كلّها ذكر و(أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) قال

(٣٢)

- يعني الباقر (عليه السلام)-: القائم (عليه السلام) وأصحابه، قال: و«الزّبور» فيه ملاحم وتحميد وتمجيد ودعاء.
ومنها: قوله تعالى: (وإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ)(20).
323-(21)- قال ابن حجر في الصواعق في الفصل الّذي عقده في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(20) الزخرف: 61.
(21) الصواعق المحرقة: ص 162، إسعاف الراغبين: ص 141 ب 2، نور الأبصار:
ص 143 ب 2، ينابيع المودّة: ص 301، البيان: ص 109 ب 25.
أقول: لا ريب في أنّ ظهور المهدي (عليه السلام) ونزول عيسى (عليه السلام)، بل وبعثة رسول الله النبيّ الخاتم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ونزول القرآن عليه من علامات الساعة، كما روي عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: بعثت أنا والساعة كهاتين(انظر سنن ابن ماجة: ج 2 كتاب الفتن ب 25 ح 4040 ص 1341). ولذا قال بعضهم:
إنّ الضمير في «إنّه» يعود إلى القرآن، كما قال بعضهم: إنّه يعود إلى عيسى (عليه السلام).(انظر: تفسير ابن كثير: ج 4 ص 132 منشورات دار إحياء التراث- بيروت، وتفسير الآلوسي: ج 25 ص 96، وتفسير التبيان: ج 9 ص 212 منشورات دار إحياء التراث- بيروت).
وفي تأويل الآيات الظاهرة: وجاء في تفسير أهل البيت (عليهم السلام): أنّ الضمير في «إنّه» يعود إلى عليّ (عليه السلام)، ثمّ ذكر حديثا في ذلك، وتعقّبه بذكر وجه التوفيق بين التفاسير وعدم التنافي بينها.
وقال في آخر كلامه: وإذا كان القائم (عليه السلام) علما للساعة وهو ابن أمير المؤمنين- فصحّ أن يكون أبوه علما للساعة، وهو المطلوب، انتهى كلامه.
وعلى كلّ، إنّي لم أجد فيما تصفّحت فيه من كتب أحاديث أصحابنا الإماميّة في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) ما يدلّ بالخصوص على هذا التفسير، ولعلّه كان ولم يصل إلينا، أو لم أعثر عليه، والله أعلم.

(٣٣)

الآيات الواردة فيهم (يعني: في أهل البيت (عليهم السلام)): الآية الثانية عشرة: قوله تعالى: (وإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسّرين: إنّ هذه الآية نزلت في المهديّ، وستأتي الأحاديث المصرّحة بأنّه من أهل البيت النبويّ، وحينئذ ففي الآية دلالة على البركة في نسل فاطمة وعلي رضي الله عنهما، وأنّ الله ليخرج منهما كثيرا طيّبا، وأن يجعل نسلهما مفاتيح الحكمة ومعادن الرحمة... إلى آخره.
وفي إسعاف الراغبين: قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسّرين في قوله تعالى: (وإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ)(22): إنّها نزلت في المهديّ. وفي نور الأبصار: عن مقاتل ومن تبعه من المفسّرين في تفسير الآية المذكورة: هو المهديّ يكون في آخر الزمان، وبعد خروجه تكون أمارات الساعة وقيامها.
ومنها: قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى ودِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(23).
324-(24)- التبيان: قال أبو جعفر (عليه السلام): إنّ ذلك يكون عند

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(22) الزخرف: 61.
(23) التوبة: 33، الصف: 9.
(24) التبيان: ج 5 ص 244، مجمع البيان: ج 5 ص 25، وقال: وهو قول السدّي، وقال الكلبي: لا يبقى دين إلّا ظهر (عليه السلام)، وسيكون ذلك، ولم يكن بعد، ولا تقوم الساعة حتّى يكون ذلك. قال المقداد بن الأسود: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلّا أدخله الله كلمة الإسلام إمّا بعزّ عزيز وإمّا بذل ذليل، إمّا يعزّهم فيجعلهم الله من أهله فيعزّوا به وإمّا يذلّهم فيدينون له. مسند أحمد: ج 6 ص 4، الجامع لأحكام القرآن: ج 12 ص 300، جوامع الجامع: ص 318، المستدرك للحاكم: ك الفتن والملاحم ج 4 ص 430.

(٣٤)

خروج القائم. وفي مجمع البيان: قال أبو جعفر (عليه السلام): إنّ ذلك يكون عند خروج المهديّ من آل محمّد، لا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
325-(25)- البيان: قال سعيد بن جبير في تفسير قوله (عزّ وجلّ): (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) قال: هو المهديّ من عترة فاطمة (عليها السلام).
326-(26)- الكافي: عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) (في حديث قال:) قلت: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)، قال: يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم، قال: يقول الله: (والله مُتِمُّ نُورِهِ) ولاية القائم... الحديث.
327-(27)- كتاب فضل بن شاذان: حدّثنا صفوان بن يحيى- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن حمران، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام): إنّ القائم منّا منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تطوى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(25) البيان: ص 109 ب 35، نور الأبصار: ص 153 ب 2.
أقول: الظاهر أنّ التفسير عن سعيد بن جبير، ولكن عند المحدّثين حكم مثله ممّا لا يعلم من قبل الرأي حكم الحديث المرفوع.
(26) الكافي: كتاب الحجّة، باب فيه نتف ونكت من التنزيل في الولاية ج 1 ص 432 ح 91.
(27) كفاية المهتدي(الأربعين): ذيل الحديث 39، إثبات الهداة: ج 7 ص 140 ب 32 ف 44 ح 686، كشف الحقّ(الأربعين): ح 30، ويأتي نحوه في الفصل السادس والثلاثين تحت الرقم 669 عن محمد بن مسلم عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر (عليه السلام)، وفيه: «اسمه محمّد بن الحسن النفس الزكيّة».

(٣٥)

له الأرض، وتظهر له الكنوز كلّها، ويظهر الله تعالى به دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، فلا يبقى في الأرض خراب إلّا عمّر، وينزل روح الله عيسى بن مريم (عليهما السلام) فيصلّي خلفه.
قال ابن حمران: قيل له: يا ابن رسول الله، متى يخرج قائمكم؟
قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وركب ذات الفروج السروج، وقبلت شهادة الزور، وردّت شهادة العدول، واستخفّ الناس بالدماء، وارتكاب الزنا، وأكل الربا والرشا، واستيلاء الأشرار على الأبرار، وخروج السفياني من الشام، واليماني من اليمن، والخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بين الركن والمقام اسمه محمّد بن محمّد، ولقبه النفس الزكيّة، وجاءت صيحة من السماء بأنّ الفائزين عليّ وشيعته، فعند ذلك خروج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع عنده ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، وأوّل ما ينطق به هذه الآية:
(بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(28)، ثمّ يقول: أنا بقيّة الله وحجّته وخليفته عليكم، فلا يسلّم عليه مسلم إلّا قال: السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه، فإذا اجتمع العقد وهو عشرة آلاف خرج من مكّة، فلا يبقى في الأرض معبود دون الله (عزّ وجلّ) من صنم ووثن وغيره إلّا وقعت فيه نار فاحترق، وذلك بعد غيبة طويلة.
328-(29)- تفسير فرات الكوفي: قال: حدّثنا جعفر بن أحمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(28) هود: 86.
(29) تفسير فرات الكوفي: ص 184، كمال الدين: ج 2 ص 670 ب 58 ح 16، بسنده عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله (عزّ وجلّ): (هُوَ الَّذِي...) (ولَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) فقال: والله ما نزل تأويلها بعد ولا ينزل تأويلها حتّى يخرج القائم، فإذا خرج القائم (عليه السلام)، لم يبق كافر بالله العظيم ولا مشرك بالإمام إلّا كره خروجه، حتّى أن لو كان كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله.
ينابيع المودّة: ص 423 ب 71 نحوه عن أبي بصير وسماعة، وأخرجه محمّد بن العبّاس في كتابه ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام) على ما في الآيات الباهرة: ص 663 تفسير الآية في سورة الصفّ، المحجّة: ص 85 الآية 22، تفسير العيّاشي: ج 2 ص 87 ح 52، البحار: ج 51 ص 60 ب 5 ح 58.

(٣٦)

معنعنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام): (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى ودِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) قال: إذا خرج القائم لم يبق مشرك بالله العظيم ولا كافر إلّا كره خروجه، حتّى لو كان في بطن صخرة لقالت الصخرة: يا مؤمن فيّ مشرك فاكسرني واقتله.
329-(30)- مشارق أنوار اليقين: وعن الصادق (عليه السلام) (في حديث قال:) إنّ هذا الأمر يصير إلى من تلوى إليه أعنّة الخيل من الآفاق، وهو المظهر على الدين كلّه، وهو المهديّ.
330-(31)- مجمع البيان: روى العيّاشي بالإسناد عن عمران بن ميثم، عن عباية: أنّه سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى ودِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) أظهر بعد ذلك؟
قالوا: نعم، قال: كلّا، فو الذي نفسي بيده حتّى لا تبقى قرية إلّا وينادى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(30) مشارق أنوار اليقين: ص 172، إثبات الهداة: ج 7 ص 61 ف 25 ب 32 ح 453.
(31) مجمع البيان: ج 9 ص 280 سورة الصف، ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام) على ما أخرجه عنه في الآيات الباهرة: ص 263، وفيه: «وأن محمّدا رسول الله بكرة وعشيّا»، جوامع الجامع: ص 492 مختصرا.

(٣٧)

فيها بشهادة أن لا إله إلّا الله بكرة وعشيّا.
331-(32)- تفسير العيّاشي: عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ *... ولَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)، قال: إذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبق مشرك بالله العظيم ولا كافر إلّا كره خروجه.
332-(33)- مفاتيح الغيب (التفسير الكبير): قال في تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ...) الآية، قال السدّي: ذلك عند خروج المهديّ.
وقال في السراج المنير في تفسير الآية أيضا: قال السدّي: ذلك عند خروج المهديّ. وفي تفسير أبي الفتوح (34) أيضا عن السدّي: إنّ ذلك عند خروج المهديّ (عليه السلام).
ومنها: قوله تعالى: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ومَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(35).
333-(36)- شواهد التنزيل: فرات بن إبراهيم، قال: حدّثني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(32) تفسير العيّاشي: ج 2 ص 87 ح 52، المحجّة: ص 85 الآية: 22.
(33) مفاتيح الغيب: ج 16 ص 40 في تفسير الآية 33 من سورة التوبة، السراج المنير: ج 1 ص 606 في تفسير الآية 33 من سورة التوبة، روض الجنان وروح الجنان: ج 10 ص 233.
(34) تفسير أبو الفتوح الرازي: ج 6 ص 16 في تفسير الآية 33 من سورة التوبة.
(35) النور: 55.
(36) شواهد التنزيل: ج 1 ص 413 ح 572.
و لا يخفى عليك أن مثل هذا الحديث وإن لم يكن فيه التصريح بالمهدي (عليه السلام) إلّا أنّ المراد منه: أنّ الآية وعد لآل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالاستخلاف في الأرض الذي يتحقّق بدولة المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان، بقرينة سائر الروايات المصرّحة بذلك، ويأتي لذلك مزيد توضيح إن شاء الله تعالى، فالحديث معدود في الأحاديث المبشّرة بظهوره (عليه السلام).

(٣٨)

جعفر بن محمد بن شيرويه القطان، قال حدّثنا حريث بن محمد، حدّثنا إبراهيم بن حكم بن أبان، عن أبيه، عن السدّي، عن ابن عباس في قوله: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا...) إلى آخر الآية، قال: نزلت في آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
334-(37)- شواهد التنزيل: فرات، عن أحمد بن موسى، عن مخوّل، عن عبد الرحمن، عن القاسم بن عوف، قال: سمعت عبد الله بن محمّد يقول: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ...) الآية، قال: هي لنا أهل البيت.
335-(38)- الدرّ المنثور: أخرج أحمد وابن مردويه (واللفظ له)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(37) شواهد التنزيل: ج 1 ص 413 ح 572.
(38) الدرّ المنثور: ج 5 ص 55.
وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن(ج 12 ص 298): وقال قوم: هذا وعد لجميع الأمّة في ملك الأرض كلّها تحت كلمة الإسلام كما قال عليه الصلاة والسلام زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمّتي ما زوي لي منها.
واختار هذا القول ابن عطيّة في تفسيره حيث قال: والصحيح في الآية أنّها في استخلاف الجمهور، واستخلافهم هو أن يملّكهم البلاد ويجعلهم أهلها كالذي جرى في الشام والعراق وخراسان والمغرب.
(بحث تفسيري) لا يخفى أنّ ظاهر الآية يقتضي كون مخاطبها جميع الأمّة كما يقتضي اختصاص وعد الله بما ذكر في الآية بالذين آمنوا وعملوا الصالحات، سواء في ذلك الموجودون في حال الخطاب وغيرهم؛ لأنّ الخطاب يشمل الطائفتين كما برهن عليه في اصول الفقه.
والظاهر أنّ المراد بالأرض جميعها، لا أرض مكّة والمدينة وما ملكه المسلمون في عصر النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أو في عصر الصحابة، وعلى هذا يكون المستفاد من الآية أنّ المؤمنين والامّة المؤمنة وعدوا بذلك طائفتهم وجماعتهم، ففي أيّ زمان تحقّق الوعد بالنسبة إلى هذه الامّة عامّة تحقّق وعد الله تعالى.
ولا يجوز أن يكون المراد استخلاف كلّ الامّة في الأرض من الموجودين في حال الخطاب ومن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة؛ لعدم إمكان ذلك؛ لأنّ ذلك لم يتحقّق حتّى بالنسبة إلى الموجودين في حال الخطاب، وبالنسبة إلى عصر النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعصر الصحابة حين استولى الإسلام على أرض المملكة العربيّة؛ لأنّ بعضهم مات أو استشهد قبل ذلك، وليس معنى ذلك أنّ ظاهر الآية عامّ والمراد منه خاصّ، بل معنى ذلك أنّ المنساق والمتبادر من هذا السياق ذلك، ولما ذكر لا يجوز حمل الآية على ما تحقّق للمسلمين من الفتوح في عصر الصحابة؛ لعدم استخلافهم في جميع الأرض، ولعدم حصول التمكين المطلق للدين.
وسياق الآية آب من أن يكون الموعود بما وعد بها أفرادا محصورين في المؤمنين الّذين بقوا إلى عصر الصحابة دون كلّ الموجودين في زمان نزولها وبعده.
أمّا وعد الأمّة المؤمنة بذلك وتحقّقه في عصر المهدي (عليه السلام) الّذي يستولي على الدنيا كلّها ويملأ الأرض قسطا وعدلا وأمنا فهو الوجه الذي تنطبق عليه الآية دون غيره كما فسّرت به في الروايات، ولو كان الخطاب متوجّها إلى أهل البيت والأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام)، وقلنا بأنّ كلمة «من» للبيان لا للتبعيض- كما في بعض التفاسير- يوجّه ذلك أيضا بأنّ الخطاب يكون متوجّها إلى جماعتهم، وتحقّق ذلك على يد أحدهم تحقّق للجميع.
فقد ظهر لك بما تلوناه عليك عدم صحّة تفسير الآية بما حصل للمسلمين في عصر الصحابة؛ لاقتضاء ذلك صرف عموم الآية إلى الخصوص، وإرادة الخاصّ من لفظ «الأرض» الظاهر في العامّ، ولعدم الوجه في إرادة خصوص الخاصّ بعد صحّة المعنى العامّ، والاخبار عنه في طائفة من الآيات، وفي الأخبار الكثيرة المتواترة بل أخبار الأنبياء السالفة.
وأمّا بعض الأحاديث المرويّة في شأن نزولها فهو مضافا إلى ما في سندها من الضعف لا يصلح لأن يكون سببا لتخصيص عموم الآية، سيّما مع اقتضاء واقع الأمر عمومها.
والعجب مع ذلك ممّن تمسّك لصحّة تولّي الثلاثة أمر المسلمين بهذه الآية ولم يلتفت إلى أنّ ذلك يحتاج إلى إثبات مقدّمات دون إثبات واحد منها خرط القتاد، منها:
اختصاص وعد الله تعالى بالمؤمنين الموجودين في زمان نزول الآية الذين بقوا أحياء إلى عصر الصحابة دون غيرهم من المؤمنين الّذين ماتوا قبل ذلك وجاءوا بعد ذلك وسيجيء الله بهم في المستقبل.
ومنها: أنّ المراد من الأرض هي الأرض الّتي استولى المسلمون عليها في عصر الصحابة دون ما استولى عليها النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ودون جميعها الّتي يستولي عليها المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان.
ومنها: أنّه من التمسّك بالعامّ في الشبهات المصداقيّة، فلا يجوز التمسّك بالآية في إثبات كون شخص من الذين عملوا الصالحات إذا شكّ فيه، فالله وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فمن تحقّق أنّه من الذين آمنوا وعملوا الصالحات يشمله الوعد، ومن لم يتحقّق ذلك له يكون شمول الوعد له فرع إثبات ذلك له.
ومنها: إثبات أمر التمكين المطلق للدين وتبديل خوفهم بالأمن كذلك، فإنّ ذلك لم يحصل في عهدهم للمؤمنين بقول مطلق.
ومنها: إثبات أنّ ما مكّن لهم من التمكين تمكين للدين، فإنّه إذا كان أمر الحكومة خارجا عمّا قرّره الدين أو كان مشكوكا فيه لا يتمّ القول بتمكين الدين وإن كان سائر الامور بظاهرها موافقة للدين، ولا يجوز التمسّك بالآية لإثبات أنّ ذلك التمكين كان من التمكين للدين، فإنّه أيضا من التمسّك بعموم العامّ في الشبهات المصداقيّة.
ومنها غير ذلك.

(٣٩)

والبيهقيّ في الدلائل، عن أبيّ بن كعب، قال: لمّا نزلت على النبيّ (صلّى

(٤٠)

الله عليه [وآله] وسلّم) (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ...) الآية، قال: بشّر هذه الامّة بالسناء والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب.
336-(39)- تفسير القمّي: قال: قوله: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) نزلت في القائم من آل محمّد عليه وعلى آبائه السلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(39) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 14، نور الثقلين: ج 3 ص 619 ح 22 نقلا عنه، تفسير الصافي: ج 2 ص 178، المحجّة: ص 148.

(٤١)

337-(40)- الاحتجاج: في حديث طويل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول فيه بعد ذكره معايب بعض أعداء أهل البيت، والمتغلّبين على الحكم، وإمهال الله إيّاهم: كلّ ذلك لتتمّ النظرة التي أوحاها الله تبارك وتعالى لعدوه إبليس، إلى أن يبلغ الكتاب أجله، ويحقّ القول على الكافرين، ويقترب الوعد الحقّ الذي بيّنه الله في كتابه بقوله:
(وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)، وذلك إذا لم يبق من الإسلام إلّا اسمه، ومن القرآن إلّا رسمه، وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك؛ لاشتمال الفتنة على القلوب حتّى يكون أقرب الناس إليه أشدّ عداوة له، وعند ذلك يؤيّده الله بجنود لم تروها، ويظهر دين نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على يديه على الدين كلّه ولو كره المشركون.
338-(41)- مصباح الشيخ: في زيارة الحسين (عليه السلام)، رواها عن أبي عبد الله (عليه السلام): اللهمّ وضاعف صلواتك ورحمتك وبركاتك على عترة نبيّك، العترة الضائعة الخائفة المستذلّة، بقيّة الشجرة الطيّبة الزاكية المباركة، وأعل اللهمّ كلمتهم، وأفلج حجّتهم، واكشف البلاء واللأواء وحنادس الأباطيل (42) والغمّ عنهم، وثبّت قلوب شيعتهم وحزبك على طاعتهم وولايتهم ونصرتهم وموالاتهم، وأعنهم وامنحهم الصبر على الأذى فيك، واجعل لهم أيّاما مشهودة وأوقاتا محمودة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(40) الاحتجاج: ج 1 ص 382، نور الثقلين: ج 3 ص 619 ح 231.
(41) مصباح الشيخ: ص 727 في زيارة ثانية في يوم عاشوراء، نور الثقلين: ج 3 ص 619 ح 223.
(42) اللأواء: الشدّة وضيق المعيشة والمشقّة، وقيل: القحط. والحنادس: الظلمة أو الشديد الظلام (لسان العرب: مادّة «لوى» و«حندس»).

(٤٢)

مسعودة توشك فيها فرجهم، وتوجب فيها تمكينهم ونصرتهم كما ضمنت لأوليائك في كتابك المنزل، فإنّك قلت وقولك الحقّ: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَ هُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً).
339-(43)- مجمع البيان: وقال: والمرويّ عن أهل البيت (عليهم السلام) أنّها في المهديّ من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وروى العيّاشي بإسناده عن عليّ بن الحسين (عليهما السلام) أنّه قرأ الآية وقال: هم والله شيعتنا أهل البيت، يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منّا وهو مهديّ هذه الامّة، وهو الذي قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، (قال:) وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، (ثمّ قال:) فعلى هذا يكون المراد ب 339-(44)- مجمع البيان: وقال: والمرويّ عن أهل البيت (عليهم السلام) أنّها في المهديّ من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وروى العيّاشي بإسناده عن عليّ بن الحسين (عليهما السلام) أنّه قرأ الآية وقال: هم والله شيعتنا أهل البيت، يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منّا وهو مهديّ هذه الامّة، وهو الذي قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، (قال:) وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، (ثمّ قال:) فعلى هذا يكون المراد بـ (الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) النبيّ وأهل بيته صلوات الرحمن عليهم، وتضمّنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف والتمكن في البلاد وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهديّ (عليه السلام) منهم.
340-(45)- مجازات الآثار النبويّة: عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال لفاطمة (عليها السلام) وقد رأت قميصه مخروقا، وبطنه خميصا(46)، فبكت عند ذلك، فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أ ما يرضيك يا فاطمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(43) مجمع البيان: ج 7 ص 152، تفسير العيّاشي: في تفسير سورة النور، الآية 55.
(44) مجمع البيان: ج 7 ص 152، تفسير العيّاشي: في تفسير سورة النور، الآية 55.
(45) المجازات النبويّة: ص 420 ضمن ح 337.
(46) الخميص: الضامر البطن(مجمع البحرين: مادّة «خمص»).

(٤٣)

ألّا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلّا دخله عزّ أو ذلّ بأبيك؟
341-(47)- مجازات الآثار النبويّة: عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ليدخلنّ هذا الدين على ما دخل عليه الليل.
أقول: ليس في مثل هذا الحديث والذي قبله تصريح بالمهديّ (عليه السلام)، وأنّه هو الّذي يقع ذلك على يده، إلّا أنّ الأخبار كما تفسّر القرآن يفسّر بعضها بعضا، فمن تأمّل فيما ذكرناه من الآيات والأحاديث- وفي مثل هذه الأحاديث- يعرف أنّ مرمى الجميع واحد، وهو البشارة بظهور دين الإسلام على جميع الأديان، واستخلاف المؤمنين في الأرض في خلافة خليفة الله المهديّ (عليه السلام)، الذي يفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها.
342-(48)- ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام): حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الحسن بن الحسين، عن سفيان بن إبراهيم، عن عمرو بن هاشم، عن إسحاق بن عبد الله، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) في قول الله (عزّ وجلّ): (فَوَ رَبِّ السَّماءِ والْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ، قال: قوله: إِنَّهُ لَحَقٌّ: هو قيام القائم، وفيه نزلت: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(47) المجازات النبويّة: ص 419 ح 337.
(48) تأويل الآيات الظاهرة: ص 596 تفسير سورة الذاريات، غيبة الشيخ. ص 176 و177 ح 33 وفيه: «بسنده عن إسحاق بن عبد الله بن علي بن الحسين» بدل «إسحاق بن عبد الله عن علي بن الحسين (عليهما السلام)»، البحار: ج 51 ص 53 و54 ب 5 ح 34، المحجّة: ص 149 الآية 57 ح 3، إثبات الهداة: ج 3 ص 501 و502 ب 32 ح 289، البرهان: ج 4 ص 232، ينابيع المودّة: ص 426 و429 ب 71، إلزام الناصب: ج 1 ص 94 و95 الآية 101.

(٤٤)

لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً).
343-(49)- غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي أبو الحسن من كتابه، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، ووهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في معنى قوله (عزّ وجلّ): (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)، قال: نزلت في القائم وأصحابه.
منها: قوله تعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وآتَوُا الزَّكاةَ وأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ ونَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ولِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ)(50).
344-(51)- شواهد التنزيل: فرات، قال: حدّثني أحمد بن القاسم بن عبيد، [حدّثنا] جعفر بن محمّد الجمّال، [حدّثنا] يحيى بن هاشم، [حدّثنا] أبو منصور، عن أبي خليفة، قال: دخلت أنا وأبو عبيدة الحذّاء على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: يا جارية هلمّي بمرفقة، قلت: بل نجلس، قال: يا أبا خليفة لا تردّ الكرامة، إنّ الكرامة لا يردّها إلّا حمار، فقلت له: كيف لنا بصاحب هذا الأمر حتى نعرفه؟ فقال: قول الله تعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وآتَوُا الزَّكاةَ وأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ ونَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) إذا رأيت هذا الرجل منّا فاتّبعه فإنّه هو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(49) غيبة النعماني: ص 240 ب 13 ح 35، ينابيع المودّة: ص 426 ب 71.
(50) الحج: 43.
(51) شواهد التنزيل: ج 1 ص 400 و401 ح 555، تفسير فرات الكوفي: ص 99 إلّا أنّ فيه: «حتّى يعرف»، و«قال: إذا رأيت هذا في رجل منّا فاتّبعه فإنّه صاحبه».

(٤٥)

صاحبه.
345-(52)- شواهد التنزيل: فرات، قال: حدّثني الحسين بن عليّ ابن زريع، وإسماعيل بن أبان، عن فضيل بن الزبير، عن زيد بن عليّ، قال: إذا قام القائم من آل محمّد يقول: يا أيّها الناس نحن الذين وعدكم الله في كتابه: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ...) الآية.
346-(53)- كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام):
حدّثنا محمد بن الحسين بن حميد، عن جعفر بن عبد الله، عن كثير بن عيّاش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله (عزّ وجلّ):
(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وآتَوُا الزَّكاةَ وأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ ونَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ولِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) قال: هذه لآل محمد، والمهديّ وأصحابه يملّكهم الله تعالى مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الدين، ويميت الله (عزّ وجلّ) به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهة الحقّ حتّى لا يرى أثر من الظلم، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وللّه عاقبة الأمور.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(52) شواهد التنزيل: ج 1 ص 401 ح 556، تفسير فرات الكوفي: ص 100 إلّا أنّ فيه:
قال الحسين بن علي بن بزيع.
أقول: النسخة المطبوعة التي بأيدينا أصلها النسخة التي عمد ناسخها بإسقاط أسانيدها رعاية للاختصار، فتراه يقول في هذا الحديث: حدّثني الحسين بن علي بن بزيع معنعنا عن زيد بن علي (عليه السلام)، ويظهر من شواهد التنزيل أنّ النسخة الكاملة كانت موجودة عند الحاكم فروى ما روى عن تفسير فرات بإسناده.

(53) تأويل الآيات الظاهرة: ص 339، القمّي في تفسيره: ج 2 ص 87 عن أبي الجارود، البحار: ج 51 ص 47 و48 ب 5 ح 9، المحجّة: ص 143، الآية 53، نور الثقلين: ج 3 ص 506 ح 1611، مجمع البيان: ج 7 ص 88 عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «نحن هم والله»، إلزام الناصب: ص 76 الآية 58، البرهان: ج 3 ص 95.

(٤٦)

منها: قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وإِنَّ الله عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).(54)
347-(55)- غيبة النعمانيّ: أخبرنا عليّ بن الحسين المسعودي، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار القمّي، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ الكوفي، قال: حدّثنا عبد الرحمن ابن أبي نجران، عن القاسم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله (عزّ وجلّ): (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وإِنَّ الله عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) هي في القائم (عليه السلام) وأصحابه.
348-(56)- ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام): حدّثنا الحسين بن أحمد المالكيّ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن المثنّى الحنّاط، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله (عزّ وجلّ): (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وإِنَّ الله عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)، قال: هي في القائم (عليه السلام) وأصحابه.
ومنها: قوله تعالى: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً)(57).
349-(58)- مجمع البيان: روي في أخبار أهل البيت (عليهم السلام)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(54) الحج: 39.
(55) غيبة النعماني: ص 241، ب 13، ح 38، والظاهر وقوع التصحيف في اسم الراوي عن أبي بصير وهو عاصم بن حميد دون القاسم وهو الذي يروي عنه عبد الرحمن بن أبي نجران، وأمّا أبو بصير فيجوز أن يكون ليث بن البختري أو يحيى بن القاسم، فإنّ عاصم بن حميد يروي عن كليهما، والله أعلم، المحجّة: ص 142 نحوه.
(56) تأويل الآيات الظاهرة: ص 334، المحجّة: ص 142 الآية 52.
(57) البقرة: 142.
(58) مجمع البيان: ج 1 ص 231، تفسير العيّاشي: ج 1 ص 66 ح 117.
أقول: الظاهر كون رقم الحديث: 118؛ لأنّ رقم الحديث السابق عليه: 117.
البحار: ج 52 ص 291 ب 26 ح 37.

(٤٧)

أنّ المراد به أصحاب المهديّ في آخر الزمان، قال الرضا (عليه السلام):
وذلك والله أن لو قام قائمنا يجمع الله إليه شيعتنا من جميع البلدان.
وفي تفسير العيّاشي: عن أبي سمينة، عن مولى لأبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله تعالى: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً)، قال: وذلك والله أن لو قد قام قائمنا يجمع الله شيعتنا من جميع البلدان.
350-(59)- تفسير العياشي (في حديث طويل عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)... ساق الكلام إلى أن قال): فيقوم القائم بين الركن والمقام، فيصلّي، وينصرف ومعه وزيره، فيقول: يا أيّها الناس إنّا نستنصر الله على من ظلمنا وسلب حقّنا، من يحاجّنا في الله فأنا أولى بالله، ومن يحاجّنا في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن يحاجّنا في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجّنا في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجّنا بمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأنا أولى الناس بمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ومن حاجّنا في النبيّين فنحن أولى النّاس بالنبيّين، ومن حاجّنا في كتاب الله فنحن أولى الناس بكتاب الله، إنّا نشهد وكلّ مسلم اليوم انّا قد ظلمنا وطردنا وبغي علينا وأخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهالينا وقهرنا، ألا إنّا نستنصر الله اليوم وكلّ مسلم، ويجيء والله ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيهم خمسون امرأة، يجتمعون بمكّة على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف (60)، يتبع بعضهم بعضا، وهي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(59) تفسير العيّاشي: ج 1 ص 64 ح 117.
(60) قال في النهاية: ومنه حديث علي (عليه السلام): «فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف» أي قطع السحاب المتفرّقة، وإنّما خصّ الخريف لأنّه أوّل الشتاء، والسحاب يكون فيه متفرّقا غير متراكم ولا مطبق، ثمّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك، ج 4 باب القاف مع الزاي ص 59، مادّة «قزع».

(٤٨)

الآية التي قال الله: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً إِنَّ الله عَلى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ).
351-(61)- غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه ووهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً)، قال: نزلت في القائم وأصحابه يجتمعون على غير ميعاد.
ومنها: قوله تعالى: (وفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وما تُوعَدُونَ * فَوَ رَبِّ السَّماءِ والْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)(62).
352-(63)- غيبة الشيخ: أخبرنا الشريف أبو محمّد المحمّدي رحمه الله، عن محمّد بن عليّ بن تمّام، عن الحسين بن محمّد القطعي، عن علي بن أحمد بن حاتم البزّاز، عن محمّد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن عبد الله بن العبّاس في قول الله تعالى: (وفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وما تُوعَدُونَ* فَوَ رَبِّ السَّماءِ والْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) قال: قيام القائم، ومثله: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً) قال: أصحاب القائم يجمعهم الله في يوم واحد.
أقول: في الباب روايات كثيرة في تفسير هذه الآية، أخرج أربعة عشر منها في تفسير البرهان عن الكتب المعتبرة المعتمدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(61) غيبة النعماني: ص 241 ب 13 ح 37، البحار: ج 51 ص 58 ب 5 ح 52.
(62) الذاريات: 22- 23.
(63) غيبة الشيخ: ص 175 و176 ح 132، البحار: ج 51 ص 53 ب 5 ح 33 وص 63 ح 65، البرهان: ج 4 ص 232، إثبات الهداة: ج 3 ص 501 ب 32 ف 12 ح 286، المحجّة: ص 210 و211، الآية: 91.

(٤٩)

ويدلّ عليه تفسيرا للآيات الكريمة الأحاديث 905- 904- 903- 696- 695- 692- 596- 574- 994- 993- 992- 991- 962- 936- 907- 906- 1126- 1125- 1124- 1123- 1122- 1121- 1040- 1014- 1004- 1156- 1152- 1151- 1149- 1148- 1147- 1146- 1144- 1143- 1142- 1141- 1158- 1157- 1175، وإليك الآيات:
قوله تعالى: (وأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وباطِنَةً) ح 574.
وقوله تعالى: (والنَّهارِ إِذا جَلَّاها) ح 596.
وقوله عزّ من قائل: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ويَكْشِفُ السُّوءَ) الأحاديث 903 إلى 907.
وقوله سبحانه وتعالى: (ولَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) الأحاديث 903، 1142، 1147، 1149.
وقوله تعالى: (ولَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ...) الأحاديث 903، 1175.
وقوله تعالى: (بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) الأحاديث 936، 1105.
وقوله تعالى: (وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ...) ح 962.
وقوله تعالى: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) الأحاديث 991، 992، 993، 1004، 1014 و1040.
وقوله سبحانه: (واسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِ) ح 994.

(٥٠)

وقوله تعالى شأنه: (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ ولا هُمْ يُنْظَرُونَ) ح 1122.
وقوله تعالى: (ولَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً) الأحاديث 1123، 1124.
وقوله تعالى: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) ح 1125.
وقوله تعالى: (وقُلْ جاءَ الْحَقُّ وزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) ح 1126.
وقوله تعالى: (فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) ح 1146.
وقوله تعالى: (فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) ح 1146.
وقوله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) الأحاديث 1156، 1157، 1158.
وقوله تعالى: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) ح 692.
وقوله تعالى: (ولَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) ح 695.
هذه 28 آية من الآيات الكريمة المفسّرة به (عليه السلام)، ومن يطلب سائر الآيات فعليه بالكتب المفردة المؤلّفة في هذا الموضوع، مثل كتاب «المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة» (عليه السلام).

(٥١)

الفصل الثاني: فيما يدلّ على البشارة به وظهوره في آخر الزمان وفيه ممّا نذكره في هذا الباب ونشير إلى ما أخرجناه في سائر الأبواب 1092 حديثا

353-(64)- مسند أحمد: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(64) المسند: ط المطبعة الميمنيّة سنة(1313 ه) ج 1 ص 99، وط دار المعارف بمصر ج 2 ص 117 و118 ح 773. قال أحمد محمد شاكر: إسناداه صحيحان.
سنن أبي داود: ط مصر المطبعة التازيّة ج 2 ص 207، في كتاب «المهدي»: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا الفضل بن دكين، حدّثنا فطر، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطفيل، عن علي رضي الله تعالى عنه إلّا أنّه قال: لو لم يبق من الدهر، وقال:
من أهل بيتي، وط دار إحياء السنّة النبويّة: ج 4 ص 107 ح 4283.
المصنّف: ج 5 ص 198 كتاب الفتن ح 19494 مثل ما في أبي داود، جامع الاصول:
طبع سنة(1370 ه) ج 11 الكتاب 9 ب 1 ف 1 ح 7811، مطالب السئول: ط مكتبة دار الكتب التجاريّة ب 12 ج 2، تذكرة الخواص: ط النجف ص 364، مختصر سنن أبي داود: ط دار المعرفة ج 6 ص 159 ح 4114، النهاية أو الفتن والملاحم: ط سنة(1388 ه) بالقاهرة ج 1 فصل في ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان ص 25، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 125، الصواعق المحرقة: ط دار الطباعة المحمّدية بالقاهرة ص 161، كنز العمّال: ج 14 ص 267 ح 38675، مرقاة المفاتيح:
ج 5 ص 179، الإشاعة: ص 113 الطبعة الاولى، البيان: ب 1 ص 93 ط سنة(1399 ه)، عقد الدرر: ط 1399 ب 1 ص 18، نور الأبصار: ص 154 المطبعة الميمنيّة، إبراز الوهم المكنون: ط دمشق(1347 ه)، قال: وأمّا حديث علي بن أبي طالب فورد عنه من طرق كثيرة تزيد على العشرين، فأخرجه أحمد وأبو داود من رواية فطر بن خليفة عن القاسم بن أبي بزّة عن أبي الطفيل عنه، وأخرجه أحمد وابن ماجة من رواية ياسين عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة عن أبيه عنه، وأخرجه أبو داود من رواية شعيب بن أبي خالد عن أبي إسحاق السبيعي عنه، وأخرجه الطبراني في الأوسط من رواية عبد الله بن لهيعة عن عمر بن جابر الحضرمي عن عمر عن أبيه، وأخرجه الحاكم في المستدرك من رواية الحارث بن يزيد عن عبد الله بن زرير الغافقيّ عنه، وأخرجه الحاكم أيضا من رواية عمّار بن معاوية الدهني عن أبي الطفيل عن محمّد بن الحنفيّة عنه موقوفا عليه، وأخرجه نعيم بن حمّاد أحد شيوخ البخاري في كتاب «الفتن» له، وكذا ابن المنادي في «الملاحم» وأبو نعيم في «أخبار المهدي»، وأبو غنم الكوفي في كتاب «الفتن»، وابن أبي شيبة، وغيرهم من طرق متعدّدة وألفاظ مختلفة موقوفة عليه.
نهاية البداية والنهاية: ط الأولى ج 1 ص 37، الجامع الصغير: حرف اللام ج 2 ص 131 ط القاهرة سنة(1373 ه)، العمدة: في فصل ذكر ما جاء في المهدي (عليه السلام) ص 225، جواهر العقدين(مخطوط): القسم الثاني الذكر الثامن، ينابيع المودّة: ص 432، الدرّ المنثور: ج 6 ص 58 في تفسير قوله تعالى: «جاء أشراطها»، علامات القيامة الكبرى: ص 74، سنن الداني: ج 5 ب ما جاء في المهدي ح 15، بين يدي الساعة: ص 111، عون المعبود شرح سنن أبي داود: ج 11 ص 373، وقال:
الحديث سنده حسن قويّ، ثمّ ردّ قول من ضعّف فطر بن خليفة وقال: فقد وثّقه أحمد ويحيى.

(٥٢)

حجّاج وأبو نعيم، قالا: حدّثنا فطر، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطفيل، قال حجّاج: سمعت عليّا رضي الله عنه يقول: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم بعث الله (عزّ وجلّ) رجلا يملأها عدلا كما ملئت جورا.
قال أبو نعيم: رجلا منّا، قال: وسمعت مرّة يذكره عن حبيب، عن أبي الطفيل، عن علي رضي الله عنه، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).

(٥٣)

354-(65)- سنن الترمذي (باب ما جاء في المهدي): حدّثنا عبيد بن أسباط بن محمّد القرشي، قال: حدّثني أبي، حدّثنا سفيان الثوري، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ، عن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عليّ وأبي سعيد وأمّ سلمة وأبي هريرة، وهذا حديث حسن صحيح.
355-(66)- سنن الترمذي (باب ما جاء في المهدي): حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(65) سنن الترمذي: ج 4 كتاب الفتن ب 52 ح 2230، المسند: ج 1 ص 376 وج 5 من دار المعارف ص 99 ح 3572 إلّا أنّه قال: لا تنقضي الأيّام ولا يذهب الدهر حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي اسمه يواطئ اسمي، وقال أحمد محمّد شاكر: إسناده صحيح. وأيضا ج 1 ص 377.
عقد الدرر: ص 29 ب 2، السنن الواردة في الفتن: ج 5 باب ما جاء في المهدي ح 22، سنن أبي داود: ج 4 ص 107 ح 4282 إلّا أنّه قال: أو لا تنقضي.
المعجم الكبير: ط مطبعة الوطن العربي ج 10 ح 10233/ 10218 وفيه: لا تنقضي الدنيا، مصابيح السنّة، ط محمد علي صبيح بمصر: ج 1 باب أشراط الساعة ص 193، جامع الاصول: الطبعة الثانية ج 11 ك 9 ب 1 ص 48 ح 7810، فرائد السمطين: ج 2 ب 6 ح 577، مشكاة المصابيح: ج 2 ب أشراط الساعة ف 2 ح 5452/ 16، النهاية أو الفتن والملاحم: ج 1 ص 26، الفصول المهمّة: ف 12 ص 293 عن مسند أبي داود، العرف الوردي: ص 125، الصواعق المحرقة: ص 161، مرقاة المفاتيح: ص 179 ح 5، لوائح الأنوار البهيّة: ج 2 في شرح هذا البيت:

منها الامام الخاتم الفصيح * * * محمّد المهديّ والمسيح

الملاحم والفتن: ص 162 ب 17 من الأبواب التي أخرجها من كتاب الفتن لأبي يحيى زكريا بن يحيى، القناعة فيما يحسن الإحاطة به من أشراط الساعة: ص 57، صحيح الجامع: 7152، نهاية البداية والنهاية: ج 1 ص 39، بين يدي الساعة: ص 111.
(66) سنن الترمذي: ج 4 كتاب الفتن ب 52 ح 2231 ص 505، كنز العمال: ج 14 ص 264 ح 38662، نهاية البداية والنهاية: ج 1 ص 39، العرف الوردي(الحاوي- للفتاوي): ص 126، الإذاعة: ص 115، جامع الاصول: ج 11 ك 9 ب 1 ح 7810 ص 49، منتخب كنز العمّال المطبوع بهامش أحمد: ص 3 ج 6، مهدي آل الرسول:
ص 19، ذكر أخبار اصفهان: ج 1 ص 329 قال: يلي أمر هذه الأمّة في آخر زمانها رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، بين يدي الساعة: ص 111.

(٥٤)

عبد الجبّار ابن العلاء بن عبد الجبّار العطّار، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد الله، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يلي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي.
356-(67)- سنن الترمذي (باب ما جاء في المهدي): بالإسناد المذكور قال: قال عاصم، وأنا أبو صالح، عن أبي هريرة، قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(67) سنن الترمذي: ج 4 ص 505 كتاب الفتن ب 52 ح 2231، تحفة الأحوذي: ج 5 ص 179، العرف الوردي: ص 126، الإذاعة: ص 115، جامع الاصول: ج 11 ك 9 ب 1 ح 7810 ص 49، عقد الدرر: ص 2، 28، مهديّ آل الرسول: ص 19، قال أحمد بن محمّد الصدّيق في كتابه «إبراز الوهم المكنون»: وأمّا حديث أبي هريرة فورد عنه من طرق كثيرة مرفوعا وموقوفا، أخرج المرفوع منها: أحمد، وابن ابي شيبة، وابن ماجة، والطبراني، والبزّار، وأبو يعلى، والحاكم، وأبو نعيم في «الحلية»، والدارقطني في «الإفراد»، والديلمي في «مسند الفردوس»، وعبد الجبّار الخولاني في «تاريخ داريا»، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»، والبيهقي في «شعب الإيمان»، والخطيب في «المتّفق والمفترق»، وغيرهم، وهو عند الخولاني وابن عساكر موقوف أيضا، بين يدي الساعة: ص 114.
أقول: الظاهر أنّ للحديث بقيّة، ولعلّها كانت نحو قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
 «رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» أو مثله، وإنّما لم يذكرها لأنّه ذكر الحديث بعد حديث عاصم عن زرّ، عن عبد الله، فكأنّه ظنّهما حديثا واحدا، وأنّ قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي» كان في صدر الحديث الأوّل أو ذيله. ولا يخفى ما فيه؛ لتعدّدهما، فأحدهما ينتهي سنده إلى ابن مسعود، والآخر إلى أبي هريرة.

(٥٥)

357-(68)- مسند أحمد: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا سفيان بن عيينة، حدّثنا عاصم، عن زرّ، عن عبد الله، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى يلي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي.
قال أبي: حدّثنا به في بيته في غرفته، أراه سأله بعض ولد جعفر ابن يحيى أو يحيى بن خالد بن يحيى.
358-(69)- سنن الترمذيّ: حدّثنا محمّد بن بشّار، حدّثنا محمّد ابن جعفر، حدّثنا شعبة، قال: سمعت زيدا العمي قال: سمعت أبا الصدّيق الناجي، يحدّث عن أبي سعيد الخدري، قال: خشينا أن يكون بعد نبيّنا حدث، فسألنا نبيّ الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، قال:
فقال: «إنّ في أمّتي المهديّ يخرج يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا(70)- زيد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(68) المسند: ج 1 ص 376، ومن طبع دار المعارف ج 5 ص 196 و197 ح 3571، قال أحمد محمّد شاكر: إسناده صحيح، عقد الدرر: ب 2 ص 29.
(69) سنن الترمذي: ج 4 ص 506 كتاب الفتن 34 ب 53 ح 2232، التاج الجامع للاصول:
ط مصر 1354، ج 5 ص 364، مسند أحمد: ج 3 ص 21 و22 بإسناده عن أبي سعيد مع اختلاف يسير قال فيه: فسألنا رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) فقال: يخرج المهديّ في أمّتي خمسا أو سبعا أو تسعا- زيد الشاكّ- قلت: أيّ شيء هو؟ قال:
سنين، ثمّ قال: يرسل السماء عليهم مدرارا، ولا تدخر الأرض من نباتها شيئا، ويكون المال كدوسا، قال: يجيء الرجل إليه فيقول: يا مهدي أعطني أعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.
التذكرة: ص 616، مشكاة المصابيح: ج 3 باب أشراط الساعة ف 2 ص 19 ح 5455، العرف الوردي(الحاوي للفتاوى): ج 2 ص 126، الصواعق المحرقة: ص 163، كنز العمّال: ج 14 ص 273 ح 38701، مرقاة المفاتيح: ج 5 ص 180، نهاية البداية والنهاية: ج 1 ص 43، عقد الدرر: ص 237 ب 11.
(70) عقدنا في الباب العاشر فصلا في تعيين مدّة ملكه، وبقاء الامور بيده، فراجع ج 3.

(٥٦)

الشاكّ- قال: قلنا وما ذاك؟ قال: سنين، قال: فيجيء إليه رجل فيقول:
يا مهديّ أعطني أعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله».
قال: هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم). وأبو الصدّيق الناجي اسمه بكر بن عمرو، ويقال: بكر بن قيس، وأخرجه أحمد.
359-(71)- سنن أبي داود وابن ماجة: حدّثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(71) سنن أبي داود: ج 4 كتاب المهدي ح 4284 ص 107، سنن ابن ماجة: ج 2 ب 34 كتاب الفتن ح 4086، معالم السنن: ص 344، مصابيح السنّة: ج 1 ب أشراط الساعة ص 193، جامع الاصول: ج 11 ص 49 ح 7812، مطالب السئول: ج 2 ب 12 ص 127، مختصر سنن أبي داود: ج 6 ص 159 ح 4115، مشكاة المصابيح: ج 3 باب أشراط الساعة ف 2 ح 5453/ 17، المنار المنيف: ص 146 ف 50 ح 334، السنن الواردة في الفتن: ب ما جاء في المهدي ح 29 و34 وح 19 إلّا أنّ فيه: «المهدي من ولد فاطمة»، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 124، الصواعق المحرقة: ص 161 قال: ومن ذلك ما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي وآخرون:
«المهدي من عترتي من ولد فاطمة»، فردوس الأخبار: ج 4 ح 4943 بلفظ: «المهدي من ولد فاطمة».
قال محقّق كتاب الفردوس: قد صحّح العلماء أحاديث المهديّ وأفردوها بالتأليف، بل إنّ كثيرا من العلماء اعتبرها من قبيل المتواتر المعنويّ.
كنز العمّال: ج 14 ص 264 ح 38662، مرقاة المفاتيح: ج 5 ص 179 و180، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار: ب 2 ص 145، نور الأبصار: ص 186، الإذاعة: ص 117، نهاية البداية والنهاية: ج 1 ص 40، الجامع الصغير: ج 2 ص 187 ح 9241، كنوز الحقائق: ج 2 ص 128، تذكرة الحفّاظ: ج 2 ط 8/ 474/ 56/ 8 ص 463 و464، التاج الجامع للاصول: ج 5 ص 364 وج 2 ص 187؛ ينابيع المودّة: ص 430 و432، البيان: ب 2، ص 89، ط مؤسسة الهادي، منتخب كنز العمال: ج 6 ص 30، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 89 ح 2، عقد الدرر: ص 15 ب 1 وفيه: أنّه أخرجه أبو داود والنسائي والبيهقي وأبو عمرو الداني وابن ماجة وأبو عمرو المقرئ في سننه وابن المنادي في كتاب «الملاحم». غيبة الشيخ الطوسي: ص 114 بسندين عن أمّ سلمة، مجمع البيان: ج 7 ص 67 في تفسير قوله تعالى: (ولَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ...) الآية، عن أبي الحسن عبيد الله بن محمّد بن أحمد عن الإمام أبي بكر أحمد البيهقي عن أبي علي الرودباري عن أبي بكر بن داسّة عن أبي داود بإسناده عن سعيد عن أمّ سلمة، مهدي آل الرسول: ص 4، تذكرة الحفّاظ: ج 2 ط 8 ص 464، قال في إبراز الوهم المكنون: وأمّا حديث أمّ سلمة: فاخرجه ابو داود من رواية صالح أبي الخليل... الخ، الفصول المهمّة: ص 294 ف 12، كشف الغمّة: ج 2 ص 438.

(٥٧)

عبد الله بن جعفر الرقّي، ثنا أبو المليح الحسن بن عمر، عن زياد بن بيان، عن عليّ بن نفيل، عن سعيد بن المسيّب، عن أمّ سلمة، قالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول: المهديّ من عترتي من ولد فاطمة.
قال عبد الله بن جعفر: وسمعت أبا المليح يثني على علي بن نفيل، ويذكر منه صدقا.
وأخرجه ابن ماجة بسنده عن أبي المليح، عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيّب قال: كنّا عند أمّ سلمة فتذاكرنا المهديّ فقالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول:
المهديّ من ولد فاطمة.
أقول: هذا حديث صحيح، صرّح بصحّته السيوطي والحاكم.
360-(72)- سنن أبي داود: حدّثنا سهل بن تمام بن بزيع، حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(72) سنن أبي داود: ج 4 ص 101 كتاب المهدي ح 4285، المستدرك: ط حيدرآباد الدكن سنة(1334 ه) ج 4 ص 557، التاج: ج 5 ص 364 عن أبي داود والترمذي، نور الأبصار: ب 2 ص 154 عن الترمذي الى قوله: «وظلما» قال: وقال الترمذي:
حديث ثابت صحيح، جامع الاصول: ج 11 ك 9 ب 1 ص 49 ح 7813، مختصر سنن أبي داود: ج 6 ص 160 ح 4116، مختصر تذكرة القرطبي، ص 615، مشكاة المصابيح: ج 3 ك 27 ب 2 ف 2 ح 5454، وقال الألباني محقّق الكتاب: «وإسناده حسن»، المنار المنيف: ف 50 ص 144، ح 330 قال: رواه أبو داود بإسناد جيّد، النهاية- أو الفتن والملاحم: ج 1 ص 298 و299، شرح المقاصد: ص 307، الفصول المهمّة: ف 12 ص 293، كنز العمّال: ج 14 ص 264 ح 38665، مرقاة المفاتيح: ج 5 ص 180 قال: «أجلى الجبهة، قال شارح: أي واسعها. وفي النهاية: خفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين والذي انحسر الشعر عن جبهته، كذا ذكره الطيّبي- رحمه الله- مختصرا. وفي النهاية: النزعتان من جانبي الرأس ممّا لا شعر عليه، والجلا- مقصورا-: انحسار مقدّم الرأس من الشعر أو نصف الرأس أو هو دون الصلع، والنعت أجلى وجلواء، وجبهة جلواء واسعة. فهذا يؤيّد قول الشارح السابق، وهو الموافق للمقام والمطابق. «أقنى الأنف» أي مرتفعه، كذا قال شارح. وفي النهاية: القنا في الأنف: طوله ودقّة أرنبته مع حدب في وسطه، يقال: رجل أقنى ومرأة قنواء، انتهى. ففي الكلام تجريد، والأرنبة: طرف الأنف على ما في القاموس، والحدب: الارتفاع، وهو ضدّ الانخفاض، والمراد: أنّه لم يكن أفطس فإنّه مكروه الهيئة... الخ» انتهى ما في المرقاة.
معالم السنن: ص 344 وقال: «قال الشيخ: الجلا هو انحسار الشعر عن مقدّم الرأس، ويقال: رجل أجلى، وهو أبلغ في النعت من الأملح. قال العجّاج: مع الجلا ولائح القتير».
منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 30، عقد الدرر: ب 3 ح 1 ص 33، كشف الغمّة: ج 2 ص 437، الجامع الصغير: ح 9244، الطرائف عن الجمع بين الصحاح الستة: ص 177 ح 278، نهاية البداية والنهاية: ص 39، لوائح الأنوار الإلهيّة: ج 2 في حليته وسيرته، مطالب السئول: ج 2 ب 12 ص 127، الإذاعة: ص 120، عون المعبود: ح 4265، إبراز الوهم المكنون: ص 506، البيان: ص 117 ب 8 ح 1، علامات القيامة الكبرى: ص 74، بين يدي الساعة: ص 111 و112، أشراط الساعة: ص 254، مهدي آل الرسول: ص 9، الدرّ المنثور: ج 6 ص 57.

(٥٨)

عمران القطّان، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال:
قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): المهديّ منّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يملك سبع سنين.
وروى الحاكم بإسناده نحوه مع اختلاف، وقال: هذا حديث

(٥٩)

صحيح على شرط مسلم، ولم يخرّجاه.
361-(73)- صحيح البخاري: حدّثنا ابن بكير، حدّثنا الليث، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(73) صحيح البخاري: ج 2 كتاب بدء الخلق ب نزول عيسى بن مريم (عليهما السلام)، صحيح مسلم: ق 1 ج 1 ب نزول عيسى، السنن الواردة في الفتن: ج 6 ب ما جاء في نزول عيسى ح 2، فردوس الأخبار: ج 3 ح 4916، نور الأبصار: ب 2 ص 154، البيان: ص 112 ب 7 ط منشورات مؤسّسة الهادي- سوريا بسنده عن نافع وقال: «هذا حديث صحيح متّفق على صحّته من حديث محمّد بن شهاب الزهري»، ينابيع المودّة:
ص 432، كشف الغمّة: ج 2 ص 438، مطالب السئول: ج 2 ب 12 عن كتاب «شرح السنّة» للبغوي، شرح المقاصد: ج 1 ص 308، الفصول المهمّة: ف 12 ص 294، البرهان: ص 158 ب 9 ح 4، العمدة: ف ما جاء في المهدي (عليه السلام) من متون الصحاح الستّة عن الجمع بين الصحيحين والجمع بين الصحاح الستّة، جامع الاصول: ج 11 ك 9 ب 1 ح 7808.
أقول: لا ريب أنّ الإمام المذكور في هذا الحديث هو المهدي خليفة الله (عليه السلام)، ولذا ذكره في «جامع الاصول» في باب المسيح والمهدي (عليهما السلام)، وابن طلحة الشافعي في «مطالب السئول»، وابن الصبّاغ المالكي في «الفصول المهمّة» في أخبار المهدي (عليه السلام)، وذكره المتّقي في الباب التاسع في اجتماع المهدي مع عيسى (عليهما السلام) في كتاب «البرهان»، والمقدّسي الشافعي في «عقد الدرر» في الباب العاشر في أنّ عيسى بن مريم يصلّي خلفه ويبايعه وينزل في نصرته. وفي «غاية المأمول شرح التاج الجامع للاصول»: سبق أنّه الخليفة الذي ينزل عيسى (عليه السلام) في زمنه وهو المهدي رضي الله عنه.
هذا، والأخبار يفسّر بعضها بعضا، فلا اعتناء بقول بعض أهل الأهواء الذي يرى من الثقافة ردّ أحاديث المهدي والدجّال وحياة عيسى ونزوله في آخر الزمان، وإنكار المعجزات حتّى ما ورد منها في القرآن بتأويلات سخيفة باطلة، فقال: إنّ أحاديث المهدي لم ترد في الصحيحين، فيوهم من لا خبرة له في الحديث أنّ الأحاديث الواردة في المهدي والشخص الذي يقوم في آخر الزمان ويملك الأرض ويصلي عيسى خلفه و... و...، هي ما ذكر فيها هذا اللقب ليس إلّا، فكأنّه زعم أنّ العقيدة بالمهدويّة التي اتّفقت الامّة عليها ترجع إلى التسمية، أو تلقيب هذا الشخص الموعود بالمهدي، فقال: إنّه لم ترد في الصحيحين ولم يفهم أنّ هذا الشخص الموعود، القائم في آخر الزمان لإحياء الدين، وإماتة الباطل، وإقامة العدل، وإزالة الجور، متّفق عليه.- وأمّا ألقابه وصفاته وأعماله الإصلاحيّة وغيرها وإن كانت لا مصدر لها إلّا الأحاديث إلّا أنّه لا يجب أن يكون كلّ حديث متضمّنا لكلّ ذلك، كما هو الشأن في سائر ما بيّنه الشرع من المعارف الإلهيّة والاعتقاديّة والأحكام الفرعيّة، ويوهم أيضا أنّ ما لم يرو في الصحيحين لا يعتمد عليه، وهذا أيضا جرأة كبيرة اخرى قد اتّفق المحدّثون على خلافه، فباب الاجتهاد مفتوح واسع لم ترد آيه ولا رواية على عدم صحّة ما لم يرد فيهما، كما لم ترد آية ولا رواية على صحّة كلّ ما ورد فيهما.
وسيأتي في ذلك في ردّ مثل هذا الطاعن كلام من مؤلّف «إبراز الوهم المكنون» في ذيل حديث: «يكون في آخر الزمان خليفة يقسّم المال ولا يعدّه» تحت الرقم 383.

(٦٠)

يونس، عن ابن شهاب، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري: أنّ أبا هريرة قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟
وأخرجه مسلم قال: حدّثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني نافع مولى أبي قتادة الأنصاري: أنّ أبا هريرة قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟
362-(74)- مسند أحمد: حدّثنا فضل بن دكين، حدّثنا ياسين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(74) مسند أحمد: ج 2 ص 58 ح 645 ط دار المعارف بمصر وإسناده صحيح كما صرّح به أحمد محمّد شاكر في «شرح المسند»: ج 3 ص 58 ح 654، سنن ابن ماجة: ج 2 ص 23 ب 34 خروج المهدي كتاب الفتن ح 4085، السنن الواردة في الفتن: ج 5 ب ما جاء في المهدي ح 32، فردوس الأخبار: ج 4 ح 6942، كنز العمّال: ج 14 ص 264 ح 38664، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 124، المقاصد: ص 435، النهاية لابن كثير: ج 1 ص 52، فيض القدير: ج 6 ص 278، التيسير: ج 2 ص 258، جمع الفوائد: ج 2 ص 734، الفتح الرباني: 24/ 51 رقم 146، الفتن والملاحم لابن كثير: ج 1 ص 25 ف في ذكر المهدي، الإذاعة: ص 117 وقال: وفي رواية: «يصلح الله به في ليلة»، منتخب كنز العمّال بهامش المسند: ج 6 ص 30 مثل الكنز، الجامع الصغير: ج 2 ص 187 ح 9243، ينابيع المودّة: ص 432 و488، الصواعق المحرقة:
في الآية الثانية عشرة ص 163، البيان: ص 100 ب 2 وقال: أخرجه أبو نعيم في- «مناقب المهدي»، وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»، وقال: انضمام هذه الأسانيد بعضها إلى بعض، وإيداع الحافظ(الحفّاظ- خ) ذلك في كتبهم يوجب القطع بصحّته.
البرهان: ص 89 ب 2 ح 1 عن احمد وابن أبي شيبة وابن ماجة ونعيم بن حمّاد في الفتن، التذكرة: ص 240 قال: وفي رواية للحافظ أبي القاسم أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: «المهدي منّا أهل البيت يصلحه الله عزّ وجل في ليلة، أو قال: في يومين»، عقد الدرر: ب 6 ص 135 وب 7 ص 158 إلّا أنّه قال: «في ليلة واحدة» وقال: أخرجه جماعة من الحفّاظ في كتبهم، ذكر منهم: أحمد، وابن ماجة، والبيهقي، والداني، ونعيم بن حمّاد، وأبا نعيم الأصبهاني، والطبراني، ذكر أخبار أصبهان: ج 1 ص 170 قال: «المهدي منّا يصلحه الله في ليلة»، الدرّ المنثور: ج 6 ص 58، تهذيب التهذيب: ج 11 ص 172 و173 ق 294، الفتن: ج 5 ب 11 ص 201 بسنده عن علي (عليه السلام) إلّا أنّ فيه: «المهدي منّا أهل البيت».
أقول: لعلّ المراد من قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يصلحه الله في ليلة» ما يظهر من غيره من الأحاديث من عدم العلم بوقت ظهوره، وإنّما يهيّئ الله سبحانه أسباب دولته وملكه في ليلة فيخرج.

(٦١)

العجلي، عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): المهدي منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة.
و أخرجه ابن ماجة في سننه قال: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا أبو داود الخضري، حدّثنا ياسين، عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة، عن أبيه، عن عليّ قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): المهدي منّا أهل البيت... الحديث.
363-(75)- سنن ابن ماجة: حدّثنا هديّة بن عبد الوهّاب، حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(75) سنن ابن ماجة: ج 2 ص 24 ك 36، الفتن: ب 34 خروج المهدي ح 4087، ذخائر العقبى: ص 15 إلّا أنّه قال: «بنو عبد المطلب» وقال: «جعفر بن أبي طالب» قال:
أخرجه ابن السري. الفصول المهمّة: ص 294 ف 12، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ص 124 إلّا أنّه قال: «نحن سبعة من...» وأخرجه عن الحاكم وابن ماجة وأبي نعيم، عقد الدرر: ص 144 ب 7 إلّا أنّه قال: «نحن سبعة بنو عبد المطّلب سادات أهل الجنّة: أنا، وأخي عليّ، وعمّي حمزة، وجعفر، والحسن، والحسين، والمهديّ» وقال: أخرجه جماعة من أئمّة الحديث في كتبهم، الصواعق: ص 158 في الآية العاشرة عن الديلمي وغيره، مثل عقد الدرر إلّا أنّه قال: «أنا، وحمزة، وعلي»، ينابيع المودّة: ص 309 و435، البيان: ص 101 ب 3، مقتل الحسين (عليه السلام)، ج 1 ص 108 ف 6، غيبة الشيخ: ص 113، العمدة: ج 1 ف 9 بسنده عن الثعلبي وفي جزئه الثاني أيضا، هامش الجامع الصغير: ج 2 ص 129 ح 5، تهذيب التهذيب: ج 7 ص 321 ترجمة 543، لسان الميزان: ج 3 ص 271، ذكر أخبار أصبهان: ج 2 ص 130 مثل ما في عقد الدرر، تاريخ بغداد: ج 9 ص 434 و550، كشف الغمّة: ج 2 ص 438 وج 1 ص 52 قال: ورأيت في رواية اخرى: «إنّا بنو عبد المطّلب سادات الناس».

(٦٢)

سعد بن عبد الحميد بن جعفر، عن علي بن زياد اليمامي، عن عكرمة بن عمّار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال:
سمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول: نحن ولد عبد المطّلب سادة أهل الجنّة: أنا، وحمزة، وعليّ، وجعفر، والحسن، والحسين، والمهديّ.
364-(76)- المعجم الكبير: حدّثنا يحيى بن عبد الباقي، حدّثنا يوسف بن عبد الرحمن المروزي، حدّثنا أبو تقي عبد الحميد بن إبراهيم الحمصي، حدّثنا معدان بن سليم الحضرمي، عن عبد الرحمن ابن نجيح، عن أبي الزاهريّة، عن جبير بن نفير، عن عوف بن مالك، قال:
قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): كيف أنت يا عوف إذا افترقت هذه الامّة على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنّة وسائرهنّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(76) المعجم الكبير: ج 18 ص 51 ح 91، كنز العمّال: ج 11 ص 183 و184 ح 31144 وفيه: «وقعدت الجملاء»، مجمع الزوائد: ج 7 ص 323 و324، منتخب كنز العمّال: ج 5 ص 404، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): من قوله: «تجيء الفتنة...» ص 137 و138.

(٦٣)

في النار؟ قلت: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال: إذا كثرت الشرط، وملكت الإماء، وقعدت الحملان على المنابر، [واتّخذ القرآن مزامير، وزخرفت المساجد، ورفعت المنابر](77) واتّخذ الفيء دولا، والزكاة مغرما، والأمانة مغنما، وتفقّه في الدين لغير الله، وأطاع الرجل امرأته، وعقّ امّه، وأقصى أباه، ولعن آخر هذه الامّة أوّلها، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل اتّقاء شرّه، فيومئذ يكون ذلك، ويفزع الناس يومئذ الى الشام يعصمهم من عدوّهم، قلت:
وهل يفتح الشام؟ قال: نعم وشيكا، ثمّ تقع الفتن بعد فتحها، ثمّ تجيء فتنة غبراء مظلمة، ثمّ تتبع الفتن بعضها بعضا حتّى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له: المهديّ، فإن أدركته فاتّبعه وكن من المهتدين.
365-(78)- مسند أحمد: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الصمد، حدّثنا حمّاد بن سلمة، أنبأنا مطرف المعلّى، عن أبي الصدّيق، عن أبي سعيد: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: تملأ الأرض ظلما وجورا، ثمّ يخرج رجل من عترتي يملك سبعا أو تسعا، فيملأ الأرض قسطا وعدلا.
وأخرجه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلّم ولم يخرّجاه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(77) ما بين المعقوفتين في مجمع الزوائد وكنز العمّال.
(78) المسند: ج 3 ص 328، المستدرك: ج 4 ص 558 ك الفتن، عقد الدرر: ص 16 ب 1 قال: «فيقوم رجل من عترتي فيملأها قسطا وعدلا، يملك سبعا أو تسعا». وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي هكذا، وأخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي وقال: «رجل من عترتي يملك تسعا أو سبعا، فيملأها قسطا وعدلا».

(٦٤)

366-(79)- ذكر أخبار أصفهان: حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا أحمد بن الحسين الأنصاري، حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحسين بن حفص، حدّثنا جدّي الحسين، حدّثنا عكرمة بن إبراهيم، عن مطر الورّاق، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى يستخلف رجل من أهل بيتي، أجنأ، أقنى، يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبل ذلك ظلما، يكون سبع سنين.
367-(80)- المستدرك على الصحيحين: أخبرني الحسين بن علي بن محمّد بن يحيى التميمي، أنبأ أبو محمّد الحسن بن إبراهيم بن حيدر الحميري بالكوفة، حدّثنا القاسم بن خليفة، حدّثنا أبو يحيى عبد الحميد ابن عبد الرحمن الحمّاني، حدّثنا عمرو بن عبيد الله العدوي، عن معاوية بن قرّة، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قال نبيّ الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): ينزل بامّتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم، لم يسمع بلاء أشدّ منه، حتّى تضيق عنهم الأرض الرحبة، وحتّى يملأ الأرض جورا وظلما، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله (عزّ وجلّ) رجلا من عترتي، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدّخر الأرض من بذرها شيئا إلّا أخرجته، ولا السماء من قطرها شيئا إلّا صبّه الله عليهم مدرارا، يعيش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(79) ذكر أخبار أصفهان: ج 1 ص 84، فرائد السمطين: ج 2 ص 324 ح 574 نحوه.
(80) المستدرك: ج 4 ص 465، عقد الدرر: ب 4 ف 1 ص 43 وب 7 ص 141، الصواعق المحرقة: ص 161 في الآية الثانية عشرة، إسعاف الراغبين: ص 134، البيان: ص 108 ب 6، ينابيع المودّة: ص 341.

(٦٥)

فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع، يتمنّى الأحياء الأموات ممّا صنع الله (عزّ وجلّ) بأهل الأرض من خيره.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه.
368-(81)- مسند أحمد: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرزاق، حدّثنا جعفر، عن المعلّى بن زياد، حدّثنا العلاء بن بشير، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): أبشّركم بالمهديّ، يبعث في أمّتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسّم المال صحاحا، فقال له رجل: ما صحاحا؟ قال: بالسويّة بين الناس، قال: ويملأ الله قلوب أمّة محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) غنى، ويسعهم عدله، حتّى يأمر مناديا فينادي فيقول: من له في مال حاجة؟ فما يقول من الناس إلّا رجل، فيقول: ائت السدّان- يعني الخازن- فقل له: إنّ المهديّ يأمرك أن تعطيني مالا، فيقول له: احث، حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول: كنت أجشع أمّة محمّد نفسا، أو عجز عنّي ما وسعهم، قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(81) المسند: ج 3 ص 37 ونحوه ص 52، كنز العمّال: ج 14 ص 261 و262 ح 38653 نحوه، وقال في أوّله: «ابشروا بالمهدي، رجل من قريش من عترتي»، منتخب كنز العمّال بهامش المسند: ج 6 ص 29 عن احمد والبارودي، إسعاف الراغبين: ب 2 ص 137 نحوه، نور الأبصار: ب 2 ص 155، الصواعق المحرقة: ص 164، ينابيع المودّة: ص 469، الإعلام بحكم عيسى (عليه السلام): ص 162(8)، عقد الدرر: ب 4 و7 و8 و11 ص 62 و156 و164 و166 و237، البرهان: ص 79 و80 ب 1 ح 21، الدرّ المنثور: ج 6 ص 57، فرائد السمطين: ج 2 ص 310 ب 61 ح 561، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 124، إبراز الوهم المكنون: ص 562 ح 31، كشف الغمّة في معرفة الأئمّة: ج 2 ص 471 فيما روي في أمر المهدي.

(٦٦)

فيردّه فلا يقبل منه، فيقال له: إنّا لا نأخذ شيئا أعطيناه، فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان أو تسع سنين، ثمّ لا خير في العيش بعده.
أقول: روي نحوه بطريق آخر أيضا.
369-(82)- فردوس الأخبار: عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما- عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: المهديّ طاوس أهل الجنّة.
370-(83)- مسند أحمد: حدّثنا عبد الله، حدّثنا أبي، حدّثنا أبو النضر، حدّثنا أبو معاوية شيبان، عن مطر بن طهمان، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي، أجلى، أقنى، يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما، يكون سبع سنين.
371-(84)- المستدرك: حدّثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، وعلي بن حمشاذ العدل، وأبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، [قالوا:] ثنا بشر بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(82) فردوس الأخبار: ج 4 ح 6941، عقد الدرر: ص 148 ب 7 عن الديلمي، كنوز الحقائق، في فصل الميم المحلّى بال، دلائل الإمامة: ص 258، ينابيع المودّة: ب 94 ص 488، وعنه البيان: في ب الألف واللام بإسناده عن ابن عبّاس، نور الأبصار:
ص 154 ب 2، كشف الغمّة: ج 2 ص 481.
(83) المسند: ج 3 ص 17، عقد الدرر: ص 35 ب 3، قال: أخرجه الإمام احمد في مسنده، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن».
أقول: لم أجده في الفتن، نعم رواه مفرّقا في أبواب: سيرة المهدي، وصفته، ونسبه، وقدر ما يملك.
كنز العمّال: ج 14 ص 270 ح 38690 وقال: «يملك الأرض»، وقال: «ملئت ظلما»، الدرّ المنثور: ج 6 ص 57.
(84) المستدرك: ج 4 كتاب الفتن والملاحم ص 557، المسند: ج 3 ص 36، عقد الدرر: ص 36 و37 ب 3.

(٦٧)

موسى الأسدي، ثنا هوذة بن خليفة، ثنا عوف بن أبي جميلة، [وحدّثني] الحسين بن علي الدارمي، ثنا محمد بن إسحاق الإمام، ثنا محمد بن بشّار، ثنا ابن عديّ، عن عوف، ثنا أبو الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى تملأ الأرض ظلما وجورا وعدوانا، ثمّ يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا.
قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه، والحديث المفسّر بذلك الطريق، وطرق حديث عاصم عن زرّ عن عبد الله كلّها صحيحة على ما أصّلته في هذا الكتاب، انتهى.
وفي المسند: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا محمد بن جعفر، حدّثنا عوف، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال:
قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا، قال: ثمّ يخرج رجل من عترتي، أو من أهل بيتي، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا.
372-(85)- شرح الأخبار: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) يقول: إنّ الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء. [وهذا حديث معروف يروى عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رواه كثير من الخاصّ والعامّ، وإنّما حكاه جعفر بن محمّد الصادق عنه صلوات الله عليه وتركت إسناده إليه](86)، قال أبو بصير: فقلت له: اشرح لي هذا جعلت فداك يا ابن رسول الله،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(85) شرح الأخبار: ج 15 ص 372 ح 1241.
(86) ما بين المعقوفتين كلام مؤلّف «شرح الأخبار».

(٦٨)

قال (عليه السلام): يستأنف الداعي منّا دعاء جديدا كما دعا رسول الله [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)] [وكذلك المهديّ استأنف دعاء جديدا الى الله لمّا غيّرت السنن، وكثرت البدع، وتغلّب أئمّة الضلال، واندرس ذكر أئمّة الهدى الذين افترض الله طاعتهم على العباد، وأقامهم للدعاء إليه، والدلالة بآياته عليه، ونسي ذكرهم، وانقطع خبرهم لغلبة أئمّة الجور عليهم، فلمّا أنجز الله بالدعاء للأئمّة ما وعدهم به من ظهور مهديّهم احتاج أن يدعوهم دعاء جديدا كما ابتدأهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالدعاء أوّلا](87).
373-(88)- صفة المهدي: عن حذيفة- رضي الله عنه- قال:
سمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول: ويح هذه الامّة من ملوك جبابرة، كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلّا من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التقيّ يصانعهم بلسانه ويفرّ منهم بقلبه، فإذا أراد الله (عزّ وجلّ) أن يعيد الإسلام عزيزا قصم كلّ جبّار، وهو القادر على ما يشاء أن يصلح أمّة بعد فسادها. فقال عليه الصلاة والسلام: يا حذيفة! لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يملك رجل من أهل بيتي، تجري الملاحم على يديه، ويظهر الإسلام، لا يخلف وعده وهو سريع الحساب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(87) من المحتمل كون ما بين المعقوفتين أيضا من كلام مؤلّف «شرح الأخبار».
(88) عقد الدرر: ص 62 و63 ب 4، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 92 ب 2 ح 12، بحار الأنوار: ج 51 ص 74 ب 1 ما ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالقائم ح 23، ينابيع المودّة: ص 448، العرف الورديّ(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 133.

(٦٩)

374-(89)- صفة المهدي وكتاب العوالي: بسنده عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): ليبعثنّ الله من عترتي رجلا، أفرق الثنايا، أجلى الجبهة، يملأ الأرض عدلا، ويفيض المال فيضا.
375-(90)- سنن ابن ماجة: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا معاوية بن هشام، حدّثنا علي بن صالح، عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: بينا نحن عند رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) إذا أقبل فتية من بني هاشم، فلمّا رآهم النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) اغرورقت عيناه وتغيّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه، فقال: إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا، حتّى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يعطونه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(89) عقد الدرر: ب 1 ص 16 قال: «أخرجه الحافظ أبو نعيم في عواليه وفي صفة المهدي»، وب 3 ص 34، وب 8 ص 170، البيان في أخبار صاحب الزمان (عليه السلام): ب 19 ح 1 ص 139 إلّا أنّه قال: «يملأ الأرض قسطا وعدلا» وقال: أخرجه أبو نعيم الحافظ في عواليه، تفرّد به طالوت بن عبّاد وهو معروف عندنا بروايته. ينابيع المودّة: ص 423 عن جواهر العقدين، إسعاف الراغبين: ص 135 ب 2.
(90) سنن ابن ماجة: ج 2 ك 36 ص 22 ب 34 ح 4082، السنن الواردة في الفتن: ج 5 ب ما جاء في المهدي ح 1 و2، الفتن: ج 4 ص 166 ب 13، البيان: ص 106 ب 5، المستدرك: ج 4 ص 464 نحوه، تلخيص المستدرك: ج 4 ص 464، الصواعق المحرقة: ص 162 الآية الثانية عشرة نحوه، وقال في آخره: «فليأتهم ولو حبوا على الثلج، فإنّ فيها خليفة الله المهدي»، عقد الدرر: ص 124 ب 5 نحوه، المنار المنيف: ص 149 ف 50 ح 341، النهاية أو الفتن والملاحم: ج 1 ص 28، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 127.

(٧٠)

فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا، فلا يقبلونه حتّى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا كما ملئوها جورا، فمن أدرك ذلك الزمان فليأتهم ولو حبوا على الثلج.
376-(91)- الفتن: حدّثنا الوليد، عن علي بن حوشب، سمع مكحولا يحدّث، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قلت لرسول الله: المهديّ منّا أئمّة الهدى أم من غيرنا؟ قال: بل منّا، بنا يختم الدين كما بنا فتح، وبنا يستنقذون من ضلالة الفتنة كما استنقذوا من ضلالة الشرك، وبنا يؤلّف الله بين قلوبهم في الدين بعد عداوة الفتنة كما ألّف الله بين قلوبهم ودينهم بعد عداوة الشرك.
377-(92)- سنن ابن ماجة: حدّثنا محمّد بن يحيى، حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(91) الفتن: ج 5 ص 198، البيان: ص 125 ب 11 إلّا أنّه قال: «قلت: يا رسول الله، أمنّا آل محمّد المهدي أم من غيرنا؟ فقال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا بل منّا، بنا يختم الله الدين كما فتح الله بنا، وبنا ينقذون من الفتنة» وقال: «كما ألّف بنا» ولم يذكر: «في دينهم» وقال: قلت: هذا حديث حسن عال رواه الحفّاظ في كتبهم، فأمّا الطبراني فقد ذكره في المعجم الأوسط، وأمّا أبو نعيم فرواه في حلية الأولياء، وأمّا عبد الرحمن بن أبي حاتم فقد ساقه في عواليه كما أخرجناه سواء.
مجمع الزوائد: ج 7 ص 316 نحوه، الصواعق المحرقة: ص 161 في الآية الثانية عشرة قال: «المهدي منّا، يختم الدين بنا كما فتح بنا»، عقد الدرر: ص 24 ب 1 وص 142 ب 7، المعجم الصغير: ج 1 ص 137، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 129، كنز العمّال: ج 14 ص 598 ح 39682(نعيم بن حمّاد، طس، وأبو نعيم في كتاب «المهدي»، خط في التلخيص)، عبقات الأنوار: ج 2 ص 68 ح 12 عن نعيم في «الفتن» والطبراني في «الأوسط» وأبي نعيم في كتاب «المهدي» والخطيب في «التلخيص»، ينابيع المودّة: ص 491، نور الأبصار: ص 155 ب 2، البرهان: ص 91 ح 7 نحوه.
(92) سنن ابن ماجة: ج 2 ك الجهاد ص 928 و929 ب 11 ح 2779، البيان: ص 92 ب 1 إلّا أنّه قال: «لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي...»، لوامع العقول: ج 4 ص 3 عن أحمد، شرح سنن الترمذي لابن العربي: ج 9 ص 74، التذكرة: ص 619 وقال:
إسناده صحيح، كنز العمّال: ج 14 ص 266 ح 3874، وأخرج في فرائد السمطين: ج 2 ص 318 بسنده عن أبي هريرة: «لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من بيتي، يفتح القسطنطينيّة وجبل الديلم، ولو لم يبق إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يفتحها»، المنار المنيف: ص 147 ف 50 ح 336 مثل ما في فرائد السمطين، كشف الغمّة: ج 2 ص 474، عن الأربعين حديثا للحافظ أبي نعيم: ح 36.

(٧١)

أبو داود، ح وحدّثنا محمّد بن عبد الملك الواسطي، حدّثنا يزيد بن هارون، ح وحدّثنا عليّ بن المنذر، حدّثنا إسحاق بن منصور، كلّهم عن قيس، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطوّله الله (عزّ وجلّ) حتّى يملك رجل من أهل بيتي، يملك جبل الديلم والقسطنطينيّة.
أقول: في حاشية السنديّ: قوله: «حتّى يملك رجل...» حمل على المهديّ الموعود به.
378-(93)- عقد الدرر: عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) أنّه قال: المهديّ منّا أهل البيت،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(93) عقد الدرر: ص 33 ب 3، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 124. ينابيع المودّة: ص 448، فرائد السمطين: ج 2 ص 330 منشورات مؤسسة المحمودي للنشر- بيروت، كشف الغمّة: ج 2 ص 469 و470 قال في النهاية: ج 2 ص 502 في صفته (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): «يحسبه من لم يتأمّله أشمّ»، والشمم: ارتفاع قصبة الأنف واستواء أعلاها، وإشراف الأرنبة قليلا، ومنه قصيدة كعب:

شمّ العرانين أبطال لبوسهم * * * ...

شمّ: جمع أشمّ، والعرانين: الانوف، وهو كناية عن الرفعة والعلوّ وشرف الأنفس، ومنه قولهم للمتكبّر المتعالي: «شمخ بأنفه»، وعلى هذا كما يمكن أن يكون قوله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): «أشمّ الأنف» صفة خلقه- بفتح الخاء-، يمكن أن يكون كناية عن صفة خلقه بضمّ الخاء.

(٧٢)

رجل من أمّتي، أشمّ الأنف، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ».
379-(94)- مسند أحمد: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الصمد، حدّثنا أبان، حدّثنا سعيد بن زيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يكون بعدي خليفة يحثي المال حثيا، ولا يعدّه عدّا.
380-(95)- البيان: أبو طاهر إسماعيل بن ظفر بن أحمد النابلسي، عن أبي المكارم أحمد بن محمّد بن عبد الله المعدل، عن أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحدّاد، عن الحافظ أبي نعيم أحمد ابن عبد الله، عن سعد بن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن يوسف التركي، عن كثير بن يحيى، عن أبي عوانة، عن الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم):
يكون عند انقطاع من الزمان، وظهور من الفتن رجل يقال له: المهديّ، عطاؤه هنيئا.
[قال:] هذا حديث أخرجه أبو نعيم الحافظ كما سقناه.
381-(96)- مودّة القربى: عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): إنّ الله فتح هذا الدين بعليّ، وإذا قتل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(94) المسند: ج 3 ص 49 ونحوه في ص 60، كنز العمّال: ج 14 ص 263 ح 38659 قال: «ولا يعدّه عددا»، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 131.
(95) البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 124 ب 10، عقد الدرر: ص 62 ب 4 وص 167 ب 8 إلّا أنّه قال: «عطاؤه هنيّا»، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 133، البرهان: ص 84 ب 1 ح 33 إلّا أنّه قال: «يكون عطاؤه حثيا»، وص 83 ح 28.
(96) ينابيع المودّة: ص 445 و259، إلّا أنّه قال: «وإذا مات علي».

(٧٣)

فسد الدين، ولا يصلحه إلّا المهديّ.
382-(97)- مودّة القربى: عليّ- كرّم الله وجهه- قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تذهب الدنيا حتّى يقوم بامّتي رجل من ولد الحسين، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما.
وفي لفظ آخر: حتّى يقوم على أمّتي.
383-(98)- صحيح مسلم: حدّثني زهير بن حرب، حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدّثنا أبي، حدثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد وجابر بن عبد الله، قالا: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يكون في آخر الزمان خليفة يقسّم المال ولا يعدّه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(97) ينابيع المودّة: ص 258 و445.
(98) صحيح مسلم: ج 8 ص 185، تاريخ ابن عساكر: ج 1 ص 186 إلّا أنّه قال: «يحثي المال حثيا، ولا يعدّه عدّا»، السنن الواردة في الفتن: ج 5 ب ما جاء في المهدي ح 23 بسنده المتّصل الى جابر ولفظه: «يكون في آخر أمّتي خليفة، يحثي المال حثيا، ولا يعدّه عدّا»، كنز العمّال: ج 14 ص 264 ح 38660، مصابيح السنّة: ج 2 ص 192 ب أشراط الساعة، البيان: ص 122 و123، ب 10 ح 3، ينابيع المودّة: ص 182 و230 عن جابر، عقد الدرر: ص 161 ب 8، إسعاف الراغبين: ص 135 ب 2، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 131، مشكاة المصابيح: ج 3 ك 27 ح 5441(5).
قال في إبراز الوهم المكنون(ص 513 و514) في جواب من طعن في هذه الأحاديث بأنّه لم يقع فيها ذكر المهدي (عليه السلام)، ولا دليل على أنّه المراد منها: أقول: هذا من مبهم المتون، وطريق معرفته معلومة مقرّرة... إلى آخره.
وأقول أنا: لا ريب أنّ الأخبار يفسّر بعضها بعضا، ولا ريب أنّ الرجل المبشّر به في الروايات الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا، ويحثي المال حثيا، وله سمات وعلامات وأوصاف وألقاب تعرف من روايات واردة في الأبواب المتفرّقة، واحد غير متعدّد، ولذا لم يحتمل أحد أنّه غير المهدي، وأنّ الذي يصلّي عيسى خلفه غيره، فكلّ هذه العبارات إلى ذلك الجمال تشير.

(٧٤)

وحدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)... مثله.
384-(99)- الفتن: حدّثنا أبو معاوية، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد- رضي الله عنه- عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي المال بغير عدد.
385-(100)- العرف الورديّ: أخرج ابن أبي شيبة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان، وظهور من الفتن، يكون عطاؤه حثيا.
386-(101)- المسند: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: ليبعثنّ الله (عزّ وجلّ) في هذه الامّة خليفة، يحثي المال حثيا، ولا يعدّه عدّا.
387-(102)- المسند: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا خلف بن الوليد، حدّثنا عبّاد بن عبّاد، حدّثنا مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري، قال: قلت: والله ما يأتي علينا أمير إلّا وهو شرّ من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(99) الفتن: ج 5 ب 8 سيرة المهدي وعدله وخصب زمانه ص 194، صحيح مسلم: ج 8 ص 158 نحوه، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 134، مثله، إلّا أنّه قال:
 «يعطي الحقّ»، إبراز الوهم المكنون: ص 581 ح 98 نحو العرف الورديّ.
(100) العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 134، إبراز الوهم المكنون: ص 581 ح 99.
(101) المسند: ج 3 ص 96، عقد الدرر: ص 168 ب 8 عن المسند وسنن الداني.
(102) المسند: ج 3 ص 98، البرهان: ص 81 ب 1 ح 24، العرف الوردي: ص 128 نحوه، النهاية أو الفتن والملاحم: ج 1 ص 31.

(٧٥)

الماضي ولا عام إلّا وهو شرّ من الماضي، قال: لو لا شيء سمعته من رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) لقلت مثل ما يقول، ولكن سمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول: إنّ من امرائكم أميرا يحثي المال حثيا ولا يعدّه عدّا، يأتيه الرجل فيسأله فيقول: خذ، فيبسط الرجل ثوبه فيحثي فيه، وبسط رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) ملحفة غليظة كانت عليه يحكي صنيع الرجل ثمّ جمع إليه أكنافها، قال: فيأخذ ثمّ ينطلق.
388-(103)- المسند: [في حديث أخرجه عن أبي نضرة عن جابر] قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يكون في آخر أمّتي خليفة، يحثو المال حثوا، لا يعدّه عدّا.
389-(104)- صحيح مسلم: حدّثنا نصر بن علي الجهضمي، حدّثنا بشر (يعني: ابن المفضّل) ح وحدّثنا علي بن حجر السعدي، حدّثنا إسماعيل (يعني: ابن عليّة)، كلاهما عن سعيد بن يزيد، عن أبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(103) المسند: ج 3 ص 317، السنن الواردة في الفتن: ج 5 ب ما جاء في المهدي ح 23 إلّا أنّه قال: «يحثي المال حثيا»، العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 128 أخرج نحوه عن البزّار عن جابر، كنز العمّال: ج 14 ص 26 ح 38659، صحيح مسلم: ج 8 ص 185 إلّا أنّه قال: «يحثي»، وقال: «عددا»، مصابيح السنّة: ج 2 ص 192 ب أشراط الساعة، التاج الجامع للاصول: ص 342 ج 5 إلّا أنّهما قالا: «يحثي»، منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 31، ينابيع المودّة: ص 230، مشكاة المصابيح: ج 3 ك 27 ح 5441(5).
(104) صحيح مسلم: ج 8 ص 185، كنز العمّال: ج 14 ص 266 ح 38672 إلّا أنّه قال: «يحثي»، وقال: «عدّا»، عقد الدرر: ص 161 ب 8، التاج الجامع للاصول: ج 5 ص 341(الباب السابع في الخليفة المهدي رضي الله عنه).
وقال في غاية المأمول شرح التاج: هذا هو المهدي رضي الله عنه بدليل الحديث الآتي، وذلك لكثرة الغنائم والفتوحات مع سخاء نفسه، وبذله الخير لكلّ الناس.

(٧٦)

نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا، لا يعدّه عددا.
وفي رواية ابن حجر: يحثي المال.
390-(105)- صفة المهديّ: عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لتملأنّ الأرض عدوانا، ثمّ ليخرجنّ رجل من أهل بيتي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا [جورا وظلما- خ].
391-(106)- مسند أبي يعلى: حدّثنا سليمان بن عبد الجبّار أبو أيّوب، حدّثنا سهل بن عامر، حدّثنا فضيل بن مرزوق، عن عطيّة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يكون في آخر الزمان على تظاهر العمر وانقطاع من الزمان إمام يكون أعطى الناس، يجيئه الرجل فيحثو له في حجره، يهمّه من يقبل عنه صدقة ذلك المال ما بينه وبين أهله، لما يصيب الناس من الخير.
392-(107)- تاريخ ابن عساكر: أخرج بسنده عن ابن عبّاس أنّه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(105) عقد الدرر: ص 19 ب 1 عن أبي نعيم في «صفة المهدي»، الجامع الصغير: حرف اللام ج 2 ص 123، كشف الغمّة: ج 2 ص 471 عن أربعين الحافظ أبي نعيم ح 22 إلّا أنّه قال: «ظلما وعدوانا»، وقال: «حتّى يملأها»، وقال: «كما ملئت جورا وعدوانا»، ينابيع المودّة: ص 186.
(106) مسند أبي يعلى: ج 2 ص 356- 357 ح 131(1105).
(107) تاريخ ابن عساكر: ط سنة(1329 ه) ج 2 ص 62، كنز العمّال: ج 14 ص 269 ح 38682، إلّا أنّه قال: «أنا في أوّلها»، وقال: «وعيسى بن مريم»، وقال: «والمهدي من أهل بيتي»، وص 266 ح 38671 إلّا أنّه قال: «والمهدي في أوسطها»، منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 30 و31، السيرة الحلبيّة: ط مصر مطبعة مصطفى محمد ج 1 ص 227 وقال: «والمهدي من أهل بيتي»، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 134، التصريح بما تواتر في نزول المسيح: ص 181 ح 27 قال: رواه النسائي، وأبو نعيم في أخبار المهدي، والحاكم وابن عساكر في تاريخهما، ولفظهما: «كيف تهلك أمّة أنا في أوّلها...» كما في كنز العمّال، وهو حديث حسن كما في السراج المنير للعزيزي.
وقال في ذيله: المراد بالوسط ما قبل الآخر؛ لأنّ نزول عيسى (عليه السلام) لقتل الدجّال يكون في زمن المهدي، ويصلّي سيّدنا عيسى خلفه كما جاءت به الأخبار.
التيسير بشرح الجامع الصغير: ج 2 ص 302، فيض القدير: ج 5 ص 301، السراج المنير: ج 3 ص 196، العرائس(قصص الأنبياء): ص 227 مطبعة عاطف وولده بسنده عن ابن عبّاس، وقال: «والمهدي من أهل بيتي في وسطها»، الجامع الصغير:
ج 2 حرف اللام ص 128، عقد الدرر: ص 146 ب 7 قال: أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في «مسنده»، ورواه الحافظ أبو نعيم في «عواليه».
أقول: لم أجده في النسخة المطبوعة من المسند، إلّا أنّ الظاهر أنّ الحديث كان ثابتا في النسخة التي كانت عنده، والاعتبار والاعتماد على النسخة التي كان الحديث ثابتا فيها كما لا يخفى.
تفسير روح الجنان: ج 3 ص 158 أخرجه عن المنصور عن آبائه عن ابن عبّاس وقال: «المهدي من أهل بيتي في وسطها»، واستدلّ أبو الفتوح- مؤلّف روح الجنان- بالحديث على وجود المهدي (عليه السلام)؛ لأنّه لا يستقيم معناه إن قيل بأنّ المهدي (عليه السلام) سيوجد في آخر الزمان قبيل نزول عيسى؛ لأنّه يلزم منه خلوّ هذا الزمان الطويل بين الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ونزول عيسى من وجود المهدي الذي بشّر بأنّه في وسطها.
أقول: نعم، اتّفقت الأمّة على أنّ عيسى ينزل في عصر قيام المهدي (عليه السلام) ودولته العالميّة، فيصلّي عيسى خلفه، ويعينه لتحقّق أهدافه الإصلاحيّة، وبسط العدل، وإزالة الجور كما هو المصرّح به في الأخبار المتواترة، وعلى هذا فالقول بوجود المهدي (عليه السلام) في وسطها لا يستقيم إلّا على معتقد الإماميّة، وهو: أنّ المهدي (عليه السلام) ولد سنة خمس وخمسين ومائتين، وبقي حيّا يرزق الى أن يظهر بأمر الله تعالى لإعلان كلمته.
وأمّا الوسطيّة التي توهّمها بعض شرّاح الحديث؛ وهي: أنّ خروج المهدي يكون قبل نزول عيسى، فلا يفسّر بها الحديث قطعا، وليس مفهومها ومفهوم الآخريّة إلّا سواء.
وأمّا زعم بعض المرتزقة من عبدة الحكّام المستكبرين والطواغيت أنّ المراد به: المهديّ:- العبّاسي، فلا يحتاج بطلانه الى البيان، وإبداء هذه المزاعم من إساءة الأدب الى مقام النبوّة الخاتميّة المحمّديّة، والشخصيّة المعظمة العيسويّة، والخلافة الإلهيّة المهدويّة، وهذه الأخبار المتواترة الواردة في تعريف المهدي (عليه السلام) وأوصافه وعلاماته تكذيب صريح لمثل هذه المزاعم.
هذا ولا دلالة للحديث- أيضا- على أنّ عيسى يبقى بعد المهديّ؛ لأنّ ذلك مضافا إلى أنّه لا يستفاد من ظاهر نفس الحديث ينافي طائفة من الروايات الواردة في المهدي (عليه السلام)، وروايات اخرى مثل أحاديث الأمان وغيرها.
هذا ويمكن أن يقال في تفسير الحديث: أنّ المراد من قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أنا أوّلها» أنا مؤسّسها ورأسها ومنشأها، فلا تهلك هذه الامّة؛ لأنّ مؤسّسها والداعي إليها رحمة للعالمين، فلا تهلك أمّة من كان رأسها هذه صفته وغاية إرساله، وكيف تهلك أمّة يكون المهدي في وسطها؟ فما دام هو موجودا حيّا لا تهلك هذه الامّة، فمن أعظم فوائد وجوده في غيبته بقاء الامّة ببقائه، وكيف تهلك أمّة يكون في آخرها المسيح الذي ينزل في آخر الزمان؟ يعني هذا الدين يبقى ويمتدّ الى نزول عيسى من السماء، وهو في آخر الامّة ينزل ويصدّق هذا الدين في هذه الدنيا.
فالمراد بهذا الحديث: البشارة بامتداد هذا الدين، واستمرار بقاء الامّة ببركة رسالة رحمة للعالمين ووجود المهدي (عليه السلام)، وأنّ الامّة لا تهلك وتبقى إلى آخر الدهر؛ لأنّ نزول عيسى (عليه السلام)- الذي هو من أشراط الساعة- يقع في آخر هذه الامّة، فهي باقية أبد الدهر وما يعيش الإنسان فوق كرتنا الأرضيّة، والله ورسوله واولو العلم الراسخون فيه من أهل بيته أعلم بمعاني الكتاب والسنّة.

(٧٧)

قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): كيف تهلك أمّة أنا

(٧٨)

أوّلها، وعيسى في آخرها، والمهديّ في وسطها.
393-(108)- عقد الدرر: عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال:
سمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول: لن تهلك أمّة أنا أوّلها، ومهديّها وسطها، والمسيح بن مريم آخرها.
394-(109)- عقد الدرر: عن أبي جعفر محمّد بن عليّ، عن أبيه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(108) عقد الدرر: ص 148 ب 7 قال: أخرجه الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في سننه.
أقول: لم أجده في المجتبى من سنن النسائي، إلّا أنّ ذلك لا ينفي وجوده في سننه، بل لا ريب في ذلك.
(109) عقد الدرر: ص 146 ب 7 قال: أخرجه الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في سننه، بهجة النظر: ف 6 أخرجه عن النسائي في سننه في باب جامع ما جاء في العرب والعجم وهو آخر باب منه، التصريح بما تواتر في نزول المسيح: ص 247- 250 ح 66 مع اختلاف يسير في اللفظ، إلّا أنّه قال: «ولكن بين ذلك فيج أعوج، ليسوا منّي ولا أنا منهم»، وقال في شرحه: الفيج- بالياء-: بمعنى الفوج- بالواو- وهو الجماعة، وإنّما وصفهم النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) بالفوج ثمّ تبرّأ منهم لانحرافهم عن الجادّة والسبيل التي جاء بها عليه الصلاة والسلام. وقال ابن الأثير: الفوج: الجماعة من الناس، والفيج مثله، وهو مخفّف من الفيّج، وأصله الواو، يقال: فاج يفوج فهو فيّج.
أقول: قال ابن الأثير في النهاية مادّة(ثبج): «فيه: خيار أمّتي أوّلها وآخرها، وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منه»، الثبج: الوسط وما بين الكاهل الى الظهر.
وقال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص 115 بعد ذكر هذا الحديث: والثبج: الوسط،[وقد جاءت في هذا آثار، منها: أنّه ذكر آخر الزمان فقال: «المتمسّك منهم يومئذ بدينه كالقابض على الجمر»، «إنّ الشهيد منهم يومئذ كشهيد بدر»، وفي حديث آخر أنه سئل عن الغرباء فقال: «الذين يحيون ما أمات الناس من سنّتي»]، وفي لسان العرب مادّة(ثبج): «ثبج كلّ شي ء: معظمه ووسطه وأعلاه، والجمع أثباج وثبوج، ثمّ ذكر الحديث كما في النهاية.
وعلى كلتا النسختين(ثبج وفيج) الحديث يدلّ على مدح الامّة في أوّلها وفي آخرها، وهو عصر ظهور الدولة العالميّة المهدويّة التي ينزل فيها عيسى ويعيش بينهم ويصلّي بإمامهم المهدي (عليه السلام)، كما يدلّ على ذمّ ما بين ذلك واعوجاج الجماعة والأكثريّة؛ وذلك لغلبة الملوك أو المتسمّين أنفسهم بالخلفاء، واستيلائهم على الحكومة والنظام من غير أن يأذن الله لهم ويرضى، وغير الجماعة والأكثريّة هم الذين ينتظرون ظهور أمر الله، وإقامة دولة الحقّ بظهور خليفة الله المهدي (عليه السلام)، فلا يصوّبون ما يصدر من الحكّام جورا وعدوانا على الناس، ولا يعينونهم على المظالم والمآثم، ولا يتقرّبون إليهم بما يغضب الله تعالى ويرضيهم، وليس هم إلّا أتباع أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، الذين عملت سياسات هؤلاء الحكّام لإخفاء أمرهم وفضائلهم وما اختصّهم الله به، ولإبادة هداهم وهدى شيعتهم، فالثبج الأعوج، والفيج الأعوج الأكثرية التي تركت منهاج أهل البيت والتمسّك بهم، وخالفت أحاديث الثقلين المتواترة، وأحاديث السفينة، وأحاديث الأمان وغيرها. قال علي القاري في المرقاة: ج 5 ص 658: ويسمّى مثل هذا السند سلسلة الذهب.
المشكاة: ج 3 ص 293، ينابيع المودّة: ص 489، العمدة: ج 2 ص 224 ف ما جاء في المهدي (عليه السلام) من متون الصحاح الستّة عن الجمع بين الصحاح الستّة لرزين العبدري.

(٧٩)

عن جدّه: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: أبشروا

(٨٠)

أبشروا، إنّما أمّتي كالغيث، لا يدرى آخره خير أم أوّله، أو كحديقة اطعم منها فوج عاما، لعلّ آخرها فوجا يكون أعرضها عرضا وأعمقها عمقا وأحسنها حسنا، كيف تهلك أمّة أنا أوّلها والمهديّ أوسطها والمسيح آخرها؟ ولكن بين ذلك ثبج أعوج، ليس منّي ولا أنا منهم.
395-(110)- فضائل الصحابة للسمعاني: عن أبي سعيد الخدري قال: دخلت فاطمة على أبيها (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في مرضه وبكت وقالت: يا أبي! أخشى الضيعة من بعدك، فقال: يا فاطمة! إنّ الله اطّلع الى الأرض اطّلاعة فاختار منهم أباك فبعثه رسولا، ثمّ اطّلع ثانية فاختار منهم بعلك، فأمرني أن ازوّجك منه فزوّجتك منه، وهو أعظم المسلمين حلما، وأكثرهم علما، وأقدمهم إسلاما، إنّا أهل بيت أعطانا الله سبع خصال لم يعطها من الأوّلين، ولم يدركها أحد من الآخرين: نبيّنا خير الأنبياء وهو أبوك، ووصيّنا خير الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك حمزة، ومنّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو جعفر، ومنّا سبطا هذه الامّة وهما ابناك، ومنّا مهديّ هذه الامّة.
قال أبو هارون العبدي: لقيت وهب بن منبّه أيّام الموسم فعرضت عليه هذا الحديث، فقال: إنّ موسى لمّا فتن قومه واتّخذوا العجل إلها فكبر على موسى، قال الله: يا موسى، من كان قبلك من الأنبياء افتتن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(110) ينابيع المودّة: ص 490.

(٨١)

قومه، وإنّ أمّة أحمد أيضا ستصيبهم فتنة عظيمة من بعده حتّى يلعن بعضهم بعضا، ثمّ يصلح الله أمرهم برجل من ذرّيّة أحمد وهو المهدي.
396-(111)- الاستيعاب: روى [جابر الصدفي] عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) أنّه قال: يكون بعدي خلفاء، وبعد الخلفاء امراء، وبعد الامراء ملوك، وبعد الملوك جبابرة، وبعد الجبابرة يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا.
رواه ابن لهيعة، عن ابن ابنه عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي، عن أبيه، عن جدّه، عن النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).
397-(112)- البيان في أخبار صاحب الزمان: الحافظ أبو الحسن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(111) الاستيعاب: ج 1 ص 223، الإصابة: ج 1 ص 216 ح 1037 مختصرا، اسد الغابة:
ج 1 ص 260 ومتنه هكذا: «سيكون بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء امراء، ومن بعد الامراء ملوك جبابرة، ثمّ يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، ويؤمر بعده القحطاني، فو الذي نفسي بيده ما هو دونه»، عقد الدرر: ص 19 ب 1 مثل اسد الغابة إلّا أنّه قال: «ثمّ يخرج المهدي من أهل بيتي»، وقال: «ثمّ يؤمر»، قال: رواه الحافظ أبو نعيم في فوائده، وأخرجه الطبراني في معجمه.
أقول: لا يخفى عليك غرابة صدر حديث الاستيعاب واسد الغابة، وقريب منه في الغرابة ذيل حديث اسد الغابة بل وشذوذهما، فلا يعتمد عليهما، والاعتماد على قوله: «يخرج المهدي من أهل بيتي، أو رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا» الذي له شواهد كثيرة متواترة.
كنز العمّال: ج 14 ص 265 ح 38667.
(112) البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 129 ب 13 قال: هذا حديث حسن رزقناه عاليا بحمد الله، فمعنى قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «خلقه خلقي» من أحسن الكنايات عن انتقام المهدي (عليه السلام) من الكفّار لدين الله كما كان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وقد قال الله تعالى لنبيّه: (وإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
وقال الأربلي في كشف الغمّة ج 2 ص 486: العجب من قوله: «من أحسن الكنايات... إلى آخر كلامه»، ومن أين يحجر على الخلق فجعله مقصورا على الانتقام فقط، وهو عامّ في جميع أخلاق النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من كرمه وشرفه وعلمه وحلمه وشجاعته وغير ذلك من أخلاقه التي عدّدتها صدر هذا الكتاب، وأعجب من قوله ذكره الآية دليلا على ما قرّره.
فرائد السمطين: ج 2 ص 325 و326، عقد الدرر: ص 31 و32 ب 2 عن أبي الحسن الربعي المالكي إلّا أنّه قال: «فتوح»، وقال: «على وجه الأرض»، الغدير: ج 7 ص 126 نقله عن ذخائر العقبى: ص 126 ولفظه: «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث رجلا من ولدي اسمه كاسمي، فقال سلمان: من أيّ ولدك يا رسول الله؟ قال: من ولدي هذا وضرب بيده على الحسين (عليه السلام)».

(٨٢)

محمّد بن أبي جعفر القرطبي وغيره بدمشق، والمفتي صقر بن يحيى بن صقر الشافعي وغيره بحلب، قالوا جميعا: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي، وأخبرنا أبو عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن، أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله، عن محمّد بن زكريّا الغلّابي، حدّثنا العبّاس بن بكّار، حدّثنا عبد الله، عن الأعمش، عن زرّ بن حبيش، عن حذيفة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي، وخلقه خلقي، يكنّى أبا عبد الله، يبايع له الناس بين الركن والمقام، يردّ الله به الدين ويفتح له فتوحا، فلا يبقى على ظهر الأرض إلّا من يقول: لا إله إلّا الله، فقام سلمان فقال: يا رسول الله، من أيّ ولدك؟ قال: هو من ولد ابني هذا، وضرب بيده على الحسين.
398-(113)- السنن الواردة في الفتن: حدّثنا حمزة بن عليّ، حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(113) السنن الواردة في الفتن: ج 5 ب ما جاء في المهدي ح 26، عقد الدرر: ص 18 ب 1 قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في(صفة المهدي) وفي ص 20 وقال: أخرجه الإمام أبو عمرو المقري في سننه، موارد الظمآن: ص 463 ب ما جاء في المهدي ح 1876، كنز العمّال: ج 14 ص 269 ح 38684 إلّا أنّه قال: «لطوّل الله تعالى تلك الليلة حتّى يلي رجل من أهل بيتي»، منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 31، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 123 أخرجه عن الحسن بن سفيان وأبي نعيم.
وأمّا الحسن بن سفيان فهو الحسن بن سفيان بن عامر النسوي، صاحب «المسند الكبير» و«الأربعين»، والمتوفّى سنة(303 ه) كما في تذكرة الحفّاظ، أو الفسوي والمتوفّى سنة(353 ه) كما في اللسان. والظاهر أنّه النسوي، وأنّ الفسوي من غلظ النسّاخ.
البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 92 ب 2 ح 13 عن الحسن بن سفيان وأبي نعيم.

(٨٣)

عبد الله بن محمّد، حدّثنا أبو خليفة، حدّثنا مسدّد، حدّثنا ابن شهاب، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لو لم يبق من الدنيا إلّا ليلة يملك فيها رجل من أهل بيتي.
399-(114)- فردوس الأخبار: عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): الجنّة تشتاق إلى أربعة من أهلي، قد أحبّهم الله وأمرني بحبّهم: عليّ بن أبي طالب، والحسن، والحسين، والمهديّ صلّى الله عليهم الذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم.
400-(115)- المعجم الكبير: حدّثنا الحسن بن عليّ المعمري، حدّثنا عبد الغفّار بن عبد الله الموصلي، حدّثنا عليّ بن مسهر، عن أبي إسحاق الشيباني، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تذهب الليالي والأيّام حتّى يملك رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(114) كشف اليقين: ص 117، كشف الغمّة: ج 1 ص 2 عن كتاب الآل لابن خالويه، إثبات الهداة: ج 7 ص 182 ب 32 ف 2 ح 7.
(115) المعجم الكبير: ج 10 ح 10215 وح 10219، السنن الواردة في الفتن: ج 5 ص 96 ب ما جاء في المهدي ح 16 إلّا أنّه قال: «لا تذهب»، تذكرة الحفّاظ: ج 2 ط 8 ع 502 8/ 84 ص 487، إلّا أنّه قال: «لا تذهب الأيّام والليالي حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي».

(٨٤)

وفي حديث آخر زاد: يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما.
401-(116)- المعجم الكبير: حدّثنا معاذ بن المثنّى، حدّثنا مسدّد، حدّثنا أبو شهاب محمّد بن إبراهيم الكناني، حدّثنا عاصم بن بهدلة، عن زرّ، عن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لو لم يبق من الدنيا إلّا ليلة لملك فيها رجل من أهل بيت النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).
402-(117)- المعجم الكبير: حدّثنا أحمد بن محمّد الجمّال الاصفهاني، حدّثنا إبراهيم بن عامر بن إبراهيم، حدّثنا أبي، عن يعقوب القمّي، عن سعد بن الحسين، عن أبي بكر بن عيّاش، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يلي أمر هذه الامّة في آخر زمانها رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي.
403-(118)- العرف الوردي: قال: أخرج أبو نعيم والحاكم، عن أبي سعيد: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يخرج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(116) المعجم الكبير: ج 10 ح 10216، موارد الظمآن الى زوائد ابن حبّان: ب ما جاء في المهدي ص 464 ح 1877 إلّا أنّه قال: «لملك فيها رجل من أهل بيتي»، العرف الوردي ضمن مجموعة الحاوي للفتاوي: ج 2 ص 125، كنز العمّال: ج 14 ص 269 ح 38683 إلّا أنّه قال: «رجل من أهل بيتي».
(117) المعجم الكبير: ج 10 ح 10227.
أقول: أخرج الطبراني بإسناده روايات كثيرة عن ابن مسعود عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وإليك رقم كلّ واحد من هذه الأحاديث: ح 10213 الى 10230.
ذكر أخبار أصفهان: ج 1 ص 329.
(118) العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 132، فرائد السمطين: ج 2 ص 317 ب 61 إلّا أنّه قال: «يبعثه الله عيانا تنعم به الامّة».

(٨٥)

المهديّ في أمّتي، يبعثه الله غياثا للناس، تنعم الامّة، وتعيش الماشية، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحا.
404-(119)- الفتن: قال الوليد، عن أبي رافع اسماعيل بن رافع، عمّن حدّثه، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: تأوي إليه (يعني إلى المهديّ) امّته كما تأوي النحلة إلى يعسوبها، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، حتّى يكون الناس على مثل أمرهم الأوّل، لا يوقظ نائما، ولا يهريق دما.
405-(120)- كنز العمّال: يخرج في آخر أمّتي المهديّ، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحا، وتكثر الماشية، وتعظم الامّة، يعيش سبعا أو ثمانيا [ك- عن ابن مسعود].
406-(121)- ذكر أخبار أصبهان: حدّثنا محمّد بن الفضل بن قديد، حدّثنا الحسن بن يوسف بن سعيد المصري، حدّثنا محمّد بن يحيى بن مطر المخرمي، حدّثنا داود بن المحبّر، حدّثنا أبي المحبّر بن قحذم، عن أبيه قحذم بن سليمان، عن معاوية بن قرّة، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لتملأنّ الأرض جورا وظلما، فاذا ملئت جورا وظلما بعث الله رجلا منّي، اسمه اسمي، فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(119) الفتن: ص 192 و193، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 153 عن نعيم إلّا أنّه قال: «النحل الى يعسوبها»، وأخرجه في البرهان: ص 78 ب 1 ح 19 ولفظه:
 «يأوي المهدي إلى أمّتي كما تأوي النحل الى بيوتها، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، حتى لا يكون الناس على مثل أمرهم الأوّل، لا يوقظ نائما، ولا يهريق دما».
(120) كنز العمّال: ج 14 ص 273 ح 38700.
(121) ذكر أخبار أصبهان: ج 2 ص 165.

(٨٦)

407-(122)- الروضة من الكافي: الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد، عن الوشاء، عن أبي بصير، عن أحمد بن عمر قال:
قال أبو جعفر (عليه السلام) وأتاه رجل فقال له: إنّكم أهل بيت رحمة، اختصّكم الله تبارك وتعالى بها، فقال له: كذلك نحن والحمد للّه لا ندخل أحدا في ضلالة ولا نخرجه من هدى، إن الدنيا لا تذهب حتّى يبعث الله عز وجل رجلا منّا أهل البيت يعمل بكتاب الله، لا يرى فيكم منكرا إلّا أنكره.
408-(123)- المعجم الأوسط: عن طلحة بن عبد الله، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: وستكون فتنة لا يسكن منها جانب إلّا تشاجر جانب حتّى ينادي مناد من السماء: إنّ أميركم فلان.
أقول: إبهامه لعدم تصريحه بالمهدي (عليه السلام) غير مضرّ بالمقصود؛ لأنّ ما مضى وما يأتي من الأخبار الكثيرة يفسّره ويرفع إبهامه.
وقال في إبراز الوهم المكنون: وقد وجدت لحديثه- يعني حديث طلحة- شاهدا.
قال ابن أبي شيبة: حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن أبي محمّد، عن عاصم بن عمرو البجلي: أنّ أبا امامة قال: لينادينّ باسم رجل من السماء لا ينكره الدليل، ولا يمنع منه الذليل، (ثمّ ذكر شاهدا آخر عن علي (عليه السلام)، سنذكره إن شاء الله تعالى).
409-(124)- الفتن لنعيم بن حمّاد: حدّثنا عبد الله بن مروان، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(122) الروضة من الكافي: ص 396 ح 597، الوافي: ج 2 ص 459 ب 52 ح 977- 9 الوقائع التي تكون عند ظهور الإمام (عليه السلام).
(123) إبراز الوهم المكنون: ص 561.
(124) الفتن: ج 4 ص 167 ب 13. أقول: هذه الراية التي يبعث الله بها ليست من رايات بني العبّاس، صرّح به نعيم في عنوان الباب، فقال: الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس وغيره.

(٨٧)

العلاء بن عتبة، عن الحسن: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) ذكر بلاء يلقاه أهل بيته حتّى يبعث الله راية من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتّى يأتوا رجلا اسمه كاسمي فيولّيه أمرهم، فيؤيّده الله وينصره.
410-(125)- الفتن: حدّثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): إنّه سيخرج الكنوز، ويقسّم المال، ويلقي الإسلام بجرانه.
411-(126)- كنز العمال: عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: خطب عليّ بن أبي طالب، فحمد الله وأثنى عليه (ثمّ ذكر خطبة طويلة فيها:) ألا وإني وأبرار عترتي وأهل بيتي أعلم الناس صغارا، وأحلم الناس كبارا، معنا راية الحقّ، من تقدّمها مرق، ومن تخلّف عنها محق، ومن لزمها لحق، إنّا أهل الرحمة، وبنا فتحت أبواب الحكمة، وبحكم الله حكمنا، وبعلم الله علمنا، ومن صادق سمعنا، فإن تتّبعونا تنجوا، وإن تتولّوا يعذّبكم الله بأيدينا، بنا فكّ الله ربق الذلّ من أعناقكم، وبنا يختم لا بكم، وبنا يلحق التالي، وإلينا يفيء الغالي، (وفيها:) وبالله لقد علمت تأويل الرسالات، وإنجاز العدات، وتمام الكلمات، وليكوننّ من يخلفني في أهل بيتي رجل يأمر بالله، قويّ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(125) الفتن: ج 5 ص 195.
(126) كنز العمّال: ج 14 ص 592- 595 ح 39679.
وقال ابن الأثير في النهاية: في حديث عليّ: «إنّ من ورائكم فتنا وبلاء مكلحا مبلحا» أي يكلح الناس لشدّته، والكلوح: العبوس.
منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 34.

(٨٨)

يحكم بحكم الله، وذلك بعد زمان مكلح مفضح، يشتدّ فيه البلاء وينقطع فيه الرجاء، (وفيها بعد ذكر طائفة من الملاحم:) ألا إنّ منّا قائما، عفيفة أحسابه، سادة أصحابه، ينادى عند اصطلام أعداء الله باسمه واسم أبيه في شهر رمضان ثلاثا، بعد هرج وقتال، وضنك وخبال، وقيام من البلاء على [ساق]، وإنّي لأعلم إلى من تخرج الأرض ودائعها، وتسلّم إليه خزائنها، ولو شئت أن أضرب برجلي فأقول: أخرجي من هنا بيضا ودروعا، (وفيها:) ليستخلفنّ الله خليفة يثبت على الهدى، ولا يأخذ على حكمه الرشى، إذا دعا دعوات بعيدات المدى، دامغات للمنافقين، فارجات عن المؤمنين، ألا إنّ ذلك كائن على رغم الراغمين، والحمد للّه ربّ العالمين، وصلاته على سيدنا محمد خاتم النبيين.
412-(127)- البيان والتبيين: عن أبي عبيدة معمر بن المثنّى، عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام): ألا إنّ أبرار عترتي، وأطائب أرومتي أحلم الناس صغارا، وأعلم الناس كبارا، ألا وإنّا أهل بيت من علم الله علمنا، وبحكم الله حكمنا، ومن قول صادق سمعنا، وإن تتّبعونا تهتدوا ببصائرنا، وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا، ومعنا راية الحقّ، من تبعها لحق، ومن تأخّر عنها غرق، ألا وإنّ بنا تردّ دبرة كلّ مؤمن، وبنا تخلع ربقة الذلّ من أعناقكم، وبنا غنم، وبنا فتح الله لا بكم، وبنا يختم لا بكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(127) البيان والتبيين: ج 2 ص 58، شرح نهج البلاغة: ج 1 ص 276 و281 خ 16، المسترشد: ص 160 نحوه.

(٨٩)

وقال ابن أبي الحديد: قال شيخنا أبو عثمان (يعني: الجاحظ) رحمه الله تعالى: وقال أبو عبيدة: وزاد فيها- يعني في الخطبة التي قال في أوّلها: ذمّتي بما أقول رهينة- في رواية جعفر بن محمّد (عليهما السلام) عن آبائه (عليهم السلام): «ألا إنّ أبرار عترتي»، ثمّ ذكر ما نقلناه عن «البيان والتبيين» إلّا أنّه قال: «فإن تتّبعوا آثارنا»، وقال: «ألا وبنا يدرك ترة كلّ مؤمن»، وقال: «عن أعناقكم»، ولم يذكر: «وبنا غنم»، وقال: «وبنا فتح لا بكم ومنّا يختم لا بكم».
وقال في شرحه: وقوله في آخرها: «وبنا يختم لا بكم» إشارة الى المهديّ الذي يظهر في آخر الزمان، وأكثر المحدّثين على أنّه من ولد فاطمة (عليها السلام)، وأصحابنا المعتزلة لا ينكرونه، وقد صرّحوا بذكره في كتبهم، واعترف به شيوخهم.
413-(128)- إيضاح الإشكال: عن أبي الزعراء قال: كان عليّ بن أبي طالب يقول: إني وأطائب ارومتي، وأبرار عترتي أحلم الناس صغارا، وأعلم الناس كبارا، بنا ينفي الله الكذب، وبنا يعقر الله أنياب الذئب الكلب، وبنا يفكّ الله عنوتكم، وينزع ربق أعناقكم، وبنا يفتح الله ويختم.
414-(129)- شرح نهج البلاغة- الحديدي-: روى قاضي القضاة- رحمه الله تعالى- عن كافي الكفاة أبي القاسم إسماعيل بن عبّاد- رحمه الله- بإسناد متّصل بعليّ (عليه السلام) أنّه ذكر المهديّ وقال: إنّه من ولد الحسين (عليه السلام)، وذكر حليته فقال: رجل أجلى الجبين، أقنى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(128) كنز العمّال: ج 13 ص 130 ح 36413، عبقات الأنوار: ج 2 ر 2 ص 68 ح 12 قال: أخرجه الحافظ عبد الغني بن سعيد في «إيضاح الإشكال».
(129) شرح نهج البلاغة: ج 1 ص 281 و282، ينابيع المودّة: ص 497 و498.

(٩٠)

الأنف، ضخم البطن، أذيل الفخذين، أبلج الثنايا، بفخذه اليمنى شامة.
وقال ابن أبي الحديد: وذكر هذا الحديث بعينه عبد الله بن قتيبة في غريب الحديث.
415-(130)- الفتن: حدّثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن إسرائيل بن عبّاد، عن ميمون القدّاح، عن أبي الطفيل- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم). وقال أحدهما: عن عليّ رضي الله عنه، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم). وابن لهيعة، عن أبي زرعة، عن عمر بن عليّ، عن عليّ، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: بنا يختم الدين كما بنا فتح، وبنا يستنقذون من الشرك.
وقال أحدهما: من الضلالة، وبنا يؤلّف الله بين قلوبهم بعد عداوة الشرك.
وقال أحدهما: الضلالة والفتنة.
416-(131)- الفتن: حدّثنا الوليد، عن ابن لهيعة، وأخبرني عيّاش بن عبّاس، عن ابن زرير، عن عليّ رضي الله عنه، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: هو رجل من أهل بيتي.
وأخرج بطريق آخر قال: حدّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد، عن ابن زرير الغافقي، سمع عليّا رضي الله عنه يقول:
هو من عترة النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(130) الفتن لنعيم: ج 5 ب 11 ص 198 و199.
(131) الفتن لنعيم: ج 5 ب 11، ب نسبة المهدي [(عليه السلام)] ص 199 و200.

(٩١)

417-(132)- الفتن: حدّثنا أبو هارون، عن عمرو بن قيس الملائي، عن المنهال بن عمرو، عن زرّ بن حبيش، سمع عليّا رضي الله عنه يقول: المهديّ رجل منّا، من ولد فاطمة رضي الله عنها.
418-(133)- الفتن: حدّثنا غير واحد، عن ابن عيّاش، قال: حدّثني سالم، قال: كتب نجدة الى ابن عبّاس يسأله عن المهديّ، قال: إنّ الله تعالى هدى هذه الامّة بأوّل هذا البيت، ويستنقذها بآخرهم، لا ينتطح فيه عنزان جمّاء(134) وذات قرن.
419-(135)- صحيح ابن حبّان: عن أمّ سلمة قالت: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في المهديّ: إنّه يقسّم بين المسلمين فيئهم، ويعمل فيهم بسنّة نبيّهم (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، ويلقي الإسلام بجرانه الى الأرض، يمكث سبع سنين.
420-(136)- كنز العمّال: (في حديث عن عليّ (عليه السلام) طويل عن رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)): يا عليّ بنا فتح الله، وبنا يختمه، بنا أهلك الأوثان ومن يعبدها، وبنا يقصم كلّ جبّار وكلّ منافق،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(132) الفتن لنعيم: ج 5 ب 11 ص 201، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 155.
(133) الفتن: ج 5 ب 11 ص 201.
(134) قال ابن الأثير في النهاية: «الجمّاء: التي لا قرن لها».
(135) «الإعلام بحكم عيسى (عليه السلام)» للسيوطي المطبوعة في ضمن المجموعة المسمّاة بالحاوي للفتاوي: ج 2 ص 289.
قال في معالم السنن ج 4 ص 344: قال الشيخ: الجران مقدم العنق، وأصله في البعير إذا مدّ عنقه على وجه الأرض، فيقال: ألقى البعير جرانه، وإنّما يفعل ذلك إذا طال مقامه في مناخه، فضرب الجران مثلا للإسلام إذا استقرّ قراره فلم يكن فتنة ولا هيج، وجرت أحكامه على العدل والاستقامة.
(136) كنز العمّال: ج 16 ص 196 ذيل ح 44216.

(٩٢)

حتّى إنّا لنقتل في الحقّ مثل من قتل في الباطل، يا عليّ، إنّما مثل هذه الامّة مثل حديقة اطعم منها فوجا عاما ثمّ فوجا عاما، فلعلّ آخرها فوجا أن يكون أثبتها أصلا، وأحسنها فرعا، وأحلاها جنى، وأكثرها خيرا، وأوسعها عدلا، وأطولها ملكا، يا عليّ، كيف يهلك الله أمّة أنا أوّلها، ومهديّنا أوسطها، والمسيح بن مريم آخرها... الحديث.
421-(137)- مروج الذهب: وروي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال: إنّ الله حين شاء تقدير الخليقة، وذرء البريّة، وإبداع المبدعات، نصب الخلق في صور كالهباء قبل دحو الأرض ورفع السماء، وهو في انفراد ملكوته وتوحّد جبروته، فأتاح نورا من نوره فلمع، ونزع قبسا من ضيائه فسطع، ثمّ اجتمع النور في وسط تلك الصور الخفيّة، فوافق ذلك صورة نبيّنا محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، فقال الله عزّ من قائل: أنت المختار المنتخب، وعندك مستودع نوري، وكنوز هدايتي، من أجلك أسطح البطحاء، وأمرج الماء، وأرفع السماء، وأجعل الثواب والعقاب والجنّة والنار، وأنصب أهل بيتك للهداية، واوتيهم من مكنون علمي ما لا يشكل عليهم دقيق، ولا يعييهم خفيّ، وأجعلهم حجّتي على بريّتي، والمنبّهين على قدرتي ووحدانيّتي، ثمّ أخذ الله الشهادة عليهم بالربوبيّة والإخلاص بالوحدانيّة، فبعد أخذ ما أخذ شاب ببصائر الخلق انتخاب محمّد وآله، وأراهم أنّ الهداية معه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(137) مروج الذهب: ج 1 ص 42 و44، وراجع تذكرة الخواص: ص 128- 130 الباب السادس في المختار من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإنّه أخرج مثله مع اختلافات يسيرة في اللفظ والمعنى بسنده عن أحمد بن عبد الله الهاشمي عن الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) والد المهدي المنتظر عن الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين (عليهم السلام).

(٩٣)

والنور له، والإمامة في آله؛ تقديما لسنّة العدل، وليكون الإعذار متقدّما، ثمّ أخفى الله الخليقة في غيبه، وغيّبها في مكنون علمه، ثمّ نصب العوامل، وبسط الزمان، ومرج الماء، وأثار الزبد، وأهاج الدخان، فطفا عرشه على الماء، فسطح الأرض على ظهر الماء، وأخرج من الماء دخانا فجعله السماء، ثمّ استجلبهما إلى الطاعة فأذعنتا بالاستجابة، ثمّ أنشأ الله الملائكة من أنوار أبدعها، وأرواح اخترعها، وقرن بتوحيده نبوّة محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، فشهرت في السماء قبل بعثته في الأرض، فلمّا خلق الله آدم أبان فضله للملائكة، وأراهم ما خصّه به من سابق العلم، من حيث عرّفه عند استنبائه إيّاه أسماء الأشياء، فجعل الله آدم محرابا وكعبة وبابا وقبلة، أسجد إليها الأبرار والروحانيّين الأنوار، ثمّ نبّه آدم على مستودعه، وكشف له عن خطر ما ائتمنه عليه، بعد ما سمّاه إماما عند الملائكة، فكان حظّ آدم من الخير ما أراه من مستودع نورنا، ولم يزل الله تعالى يخبّئ النور تحت الزمان إلى أن فضّل محمّدا (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في ظاهر الفترات، فدعا الناس ظاهرا وباطنا، وندبهم سرّا وإعلانا، واستدعى (عليه السلام) التنبيه على العهد الذي قدّمه إلى الذرّ قبل النسل، فمن وافقه واقتبس من مصباح النور المقدّم اهتدى إلى سرّه، واستبان واضح أمره، ومن أبلسته الغفلة استحقّ السخط، ثمّ انتقل النور الى غرائزنا، ولمع في أئمّتنا، فنحن أنوار السماء وأنوار الأرض، فبنا النجاة، ومنّا مكنون العلم، وإلينا مصير الامور، وبمهديّنا تنقطع الحجج، خاتمة الأئمّة، ومنقذ الامّة، وغاية النور، ومصدر الامور، فنحن أفضل المخلوقين، وأشرف الموحّدين، وحجج ربّ العالمين، فليهنأ بالنعمة من تمسّك

(٩٤)

بولايتنا، وقبض على عروتنا.
فهذا ما روي عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [(عليهم السلام)] كرّم الله وجهه.
422-(138)- نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخطبة التي رواها الشريف الرضي- رضوان الله تعالى عليه- عن نوف البكالي، قال: خطبنا بهذه الخطبة بالكوفة أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو قائم على حجارة نصبها له جعدة بن هبيرة المخزومي، وعليه مدرعة من صوف، وحمائل سيفه ليف، وفي رجليه نعلان من ليف، وكأنّ جبينه ثفنة بعير، فقال (عليه السلام) (والخطبة طويلة، لا تجد مثلها إلّا في كلامه أو كلام ابن عمّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ذكرها بطولها الرضيّ في نهج البلاغة... ويسوق الكلام الى قوله (عليه السلام)): قد لبس للحكمة جنّتها، وأخذها بجميع أدبها، من الإقبال عليها، والمعرفة بها، والتفرّغ لها، فهي عند نفسه ضالّته التي يطلبها، وحاجته التي يسأل عنها، فهو مغترب إذا اغترب الإسلام وضرب بعسيب ذنبه، وألصق الأرض بجرانه، بقيّة من بقايا حجّته، خليفة من خلائف أنبيائه.
قال ابن أبي الحديد في شرحه: هذا الكلام فسّره كلّ طائفة على حسب اعتقادها، فالشيعة الإماميّة تزعم أنّ المراد به المهديّ المنتظر عندهم... (الى أن قال): وليس ببعيد عندي أن يريد به القائم من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في آخر الوقت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(138) نهج البلاغة: ج 2 ص 129 خ 177، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 10 ص 96 خ 183.

(٩٥)

423-(139)- ينابيع المودّة: عن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) في منظومته من غير ديوانه (ثمّ ذكر المنظومة) وفيها في شأن المهديّ (عليه السلام):

فلله درّه من إمام سميدع * * * يذلّ جيوش المشركين بصارم
ويظهر هذا الدين في كلّ بقعة * * * ويرغم أنف المشركين الغواشم
ينقّي بساط الأرض من كلّ آفة * * * ويرغم فيها كلّ أنف غاشم
وينشر بسط العدل شرقا ومغربا * * * وينصر دين الله راسي الدعائم

(إلى أن قال:)

وما قلت هذا القول فخرا وإنّما * * * قد أخبرني المختار من آل هاشم

424-(140)- الديوان:

حسين إذا كنت في بلدة * * * غريبا فعاشر بآدابها
كأني بنفسي وأعقابها * * * وبالكربلاء ومحرابها
فتخضب منا اللحى بالدماء * * * خضاب العروس بأثوابها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(139) ينابيع المودّة: ص 438 و439 ب 74.
(140) ينابيع المودّة: ص 438 ب 74، شرح الديوان: حرف الباء: ص 166.
أقول: الديوان، يقال على مجموعة فيها من الأشعار المنسوبة الى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، طبعت عدّة مرّات، من شروحها: شرح الحسين بن معين الدين الميبدي الحكيم الصوفي(ت 870 ه) من أهل السنّة، قال في شرحه: وقائمنا: أي القائم بأمر الدين منّا وهو المهدي الموعود، وقد مرّ ذكره في الفاتحة السابعة.
وقال بالفارسية ما ترجمته: إطلاق صاحب القيامة على المهدي يكون باعتبار قيام الساعة بعد انقضاء خلافته، ثمّ ذكر وجها آخر لكون المراد من القيامة يوم قيامه وظهوره، وهو أنّ وقت ظهوره يبرز البواطن وتظهر الحقائق، فيكون (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ).
أقول: الأظهر أنّ المراد من القيامة يوم قيامه؛ لإعلاء كلمة الإسلام، وإظهار الحقّ، وإملاء الأرض بالعدل والقسط.

(٩٦)

أراها ولم يك رأي العيان * * * واوتيت مفتاح أبوابها
مصائب تأباك من أن تردّ * * * فأعدد لها قبل منتابها
سقى الله قائمنا صاحب * * * القيامة والناس في دابها
هو المدرك الثأر لي يا حسين * * * بل لك فاصبر لأتعابها

425-(141)- الديوان:

بني إذا جاشت الترك * * * فانتظر ولاية مهديّ يقوم فيعدل
وذلّ ملوك الأرض من آل هاشم * * * وبويع فيهم من يلذّ ويهزل
صبيّ من الصّبيان لا رأي عنده * * * ولا عنده جدّ ولا هو يعقل
فثمّ يقوم القائم الحقّ منكم * * * وبالحق يأتيكم وبالحق يعمل
سميّ نبي الله روحي فداؤه * * * فلا تخذلوه يا بنيّ وعجّلوا

426-(142)- الدرّ المنظّم: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): يظهر صاحب الراية المحمّديّة، والدولة الأحمديّة، القائم بالسيف والحان (كذا)، الصادق في المقال، يمهّد الأرض، ويحيي السنّة والفرض.
427-(143)- المصنّف: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(141) الديوان: حرف اللام ص 371.
(142) ينابيع المودّة: ص 406 ب 68.
(143) المصنّف لابن أبي شيبة: ج 15 ص 23 ك الفتن ح 19000.
الفتن: ج 5 ص 210 لفظه: حدثنا أبو معاوية وأبو اسامة ويحيى بن اليمان، عن الأعمش، عن إبراهيم التّيمي، عن أبيه، عن عليّ [(عليه السلام)]- رضي الله عنه- قال: «ينقص الدين حتّى لا يقول أحد لا إله إلّا الله، وقال بعضهم: حتّى لا يقال:
الله الله، ثمّ يضرب يعسوب الدين بذنبه، ثمّ يبعث الله قوما قزعا كقزع الخريف، إنّي لأعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم»، كنز العمّال: ج 14 ص 557 ح 39591 مثل ما في المصنّف إلّا أنّه قال: «ينتقص»، منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 19 و20، راجع الملاحم والفتن: ص 176 ب 37 ف 3 وص 80 ب 181 ف 1، نهج البلاغة: خ 258 وقال ابن أبي الحديد في شرحه: هذا الخبر من أخبار الملاحم التي كان يخبر بها (عليه السلام)، وهو يذكر فيها المهدي.

وقال الشريف الرضي- قدّس سرّه-: يعسوب الدين: السيّد العظيم، المالك لامور الناس يومئذ. والقزع: قطع الغيم التي لا ماء فيها. وقال ابن أبي الحديد: لا يشترط فيها أن تكون خالية من الماء، بل القزع: قطع من السحاب رقيقة، سواء كان فيها ماء أو لم يكن... الخ. وقال ابن الأثير في النهاية: ومنه حديث علي [(عليه السلام)]: «فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف» أي قطع السحاب المتفرّقة، وإنّما خصّ الخريف لأنّه أوّل الشتاء، والسحاب يكون فيه متفرّقا غير متراكم ولا مطبق، ثمّ يجتمع بعضه الى بعض بعد ذلك.

(٩٧)

إبراهيم التّيمي، عن الحارث بن سويد، عن عليّ [(عليه السلام)] قال:
ينقص الإسلام حتّى لا يقال: الله الله، فإذا فعل ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فإذا فعل ذلك بعث قوم يجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف، والله إنّي لأعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم.
428-(144)- عقد الدرر: عن أبي وائل، قال: نظر عليّ إلى الحسين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(144) عقد الدرر: ب 3 ص 38، وب 1 ص 23 و24 مختصرا.
أقول: في النسخة المطبوعة من عقد الدرر: ص 23 ذكر «نظر عليّ الى الحسن»، وقال محقّق الكتاب: في الأصل «س»: «الحسين» خطأ. ولا يخفى عليك أنّ كلام المحقّق خطأ، وكان عليه أن يثبت ما في الأصل، فإن المذكور في أقدم ما بأيدينا ورأينا من النسخ- وهي النسخة الموجودة في المكتبة الرضويّة(كتابخانه آستان قدس برقم 1752) وعليها كتابة تملّك تاريخها سنة(942 ه)، وهي غير نسخة(ق) التي اعتمد المحقّق عليها، وهي أيضا موجودة في المكتبة الرضوية برقم 1751 وتاريخ كتابتها سنة(953 ه)- «الحسين» في حديث أبي وائل، وفي حديث أبي إسحاق الذي أخرجه بعد هذا الحديث ص 39، وعلى ذلك أقدم النسخ من هذا الكتاب نسختان:
إحداهما: نسخة تاريخ كتابتها سنة عشر وتسعمائة(910 ه) وهي نسخة مكتبة برلين برقم 2723، وهي النسخة التي جعلها المحقّق الأصل، ومع ذلك يعدل عنها الى النسخة الاخرى إذا لم توافق رأيه، والثانية: نسخة المكتبة الرضوية برقم 185/ 1752 المحتمل كونها أقدم من نسخة برلين، والثابت فيها: «الحسين». ويظهر من كتاب «المهدي»: أنّ الثابت في النسخة الموجودة عند سيّدنا الصدر- قدّس سرّه- كان أيضا: «الحسين». ويؤيّد صحّة ما فيه «الحسين» من النسخ الأحاديث الكثيرة المتواترة التي أخرجناها في هذا الكتاب وغيرها ممّا رويت طائفة منها عن طريق العامّة، منها: حديث تسليم الحسني الأمر الى المهديّ، يقول له: «يا بن عمّ هي لك»، وفي هذا الحديث إنّه من ولد فاطمة ومن ولد الحسين، ألا فمن تولّى غيره لعنه الله. راجع عقد الدرر: ب 4 ف 2 ص 90 و99 و137 و138، والبرهان: ص 76 و77 ب 1 ح 15.

(٩٨)

(عليهما السلام) فقال: إنّ ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، سيخرج من صلبه رجل باسم نبيّكم، يخرج على حين غفلة من الناس، وإماتة الحقّ، وإظهار الجور، ويفرح بخروجه أهل السماء وسكّانها، وهو رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، أذيل الفخذين، بفخذه الأيمن شامة، أفلج الثنايا، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا.
429-(145)- الملاحم والفتن: أخرج حديثا طويلا في حوار ابن عبّاس ومعاوية، وفيه ممّا ردّ ابن عبّاس على معاوية:
وأمّا قولك: إنّ الخلافة والنبوّة لم يجتمعا لأحد، فأين قول الله (عزّ وجلّ): (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)(146)، فالكتاب: النبوّة، والحكمة: السنّة، والملك: الخلافة، نحن آل إبراهيم أمر الله فيهم وفينا واحد، والسنّة فينا وفيهم جارية.
وأمّا قولك: إنّ حجّتنا مشبّهة، فهي والله أضوأ من الشمس، وأنور من القمر، وإنّك لتعلم ذلك، ولكن ثنى عطفك وصعر خدّك، قتلنا أخاك وجدّك وعمّك وخالك، فلا تبك على عظام حائلة، وأرواح زائلة في الهاوية، ولا تغضبنّ لدماء أحلّها الشرك، ووضعها الإسلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(145) الملاحم والفتن: في الباب السابع والعشرين ص 116 و117، وأخرجه عن كتاب «عيون أخبار بني هاشم» لابن جرير الطبري صاحب التاريخ.
(146) النساء: 54.

(٩٩)

وأمّا قولك: إنّا زعمنا أن لنا ملكا مهديّا، فالزعم في كتاب الله شكّ، قال الله سبحانه وتعالى: (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى ورَبِّي لَتُبْعَثُنَ)(147) فكلّ يشهد أنّ لنا ملكا لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ملّكه الله فيه، وإنّ لنا مهديّا لو لم يبق إلّا يوم واحد لبعثه لأمره، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما... الحديث. وفيه التصريح على نزول عيسى، وصلاته خلفه.
430-(148)- الملاحم والفتن: في الباب الثامن والعشرين، فيما ذكره أيضا من كتاب محمّد بن جرير الطبري الذي سمّاه «عيون أخبار بني هاشم» في مناظرة ابن عبّاس لمعاوية في إثبات أمر المهديّ، فقال ابن عبّاس لمعاوية ما هذا لفظه:
أقول: إنّه ليس حيّ من قريش يفخرون بأمر إلّا وإلى جانبهم من يشركهم فيه، إلّا بني هاشم فإنّهم يفخرون بالنبوّة التي لا يشاركون فيها، ولا يساوون بها، ولا يدافعون عنها، وأشهد أنّ الله تبارك وتعالى لم يجعل من قريش محمّدا إلّا وقريش خير البريّة، ولم يجعله من بني هاشم إلّا وهاشم خير من (149) قريش، ولم يجعله من بني عبد المطّلب إلّا وهم خير بني هاشم، ولسنا نفخر عليكم إلّا بما تفخرون به على العرب، وهذه أمّة مرحومة، فمنها نبيّها ومهديّها، ومهديّ آخرها، لأنّ بنا فتح الأمر وبنا يختم، ولكن [لكم- ظ] ملك معجّل ولنا ملك مؤجّل، فإن يكن ملككم قبل ملكنا فليس بعد ملكنا ملك، لأنّا أهل العاقبة، والعاقبة للمتّقين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(147) التغابن: 7.
(148) الملاحم والفتن: ص 117 و118 ف 2.
(149) كذا، والظاهر زيادة «من».

(١٠٠)

431-(150)- السنن الواردة في الفتن: حدّثنا عبد الرحمن بن عثمان، حدّثنا قاسم، حدّثنا ابن أبي خيثمة، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدّثنا القاسم بن الفضل، حدّثني ابن عمير المهجري، عن أبي الصدّيق قال: قال أبو سعيد الخدري وهو قاعد في أصل منبر النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) وله حنين، قلت: ما يبكيك؟ قال: تذكّرت النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) ومقعده على هذا المنبر، قال: إنّ من أهل بيتي الأقنى الأجلى يأتي الأرض وقد ملئت ظلما وجورا فيملأها قسطا وعدلا، يعيش هكذا، وأومأ بيده سبعا أو تسعا.
432-(151)- الاحتجاج: في حديث طويل رواه بإسناده عن سيف ابن عميرة، وصالح بن عقبة جميعا، عن قيس بن سمعان، عن علقمة ابن محمّد الحضرمي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ (عليهما السلام)، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في خطبته الطويلة في غدير خمّ:
معاشر الناس، النور من الله (عزّ وجلّ) فيّ مسلوك، ثمّ في عليّ، ثمّ في النسل منه إلى القائم المهديّ الّذي يأخذ بحقّ الله وبكلّ حقّ هو لنا...
إلى أن قال بعد التنصيصات الكثيرة على ولاية عليّ والأئمّة من ولده (عليهم السلام): معاشر الناس، إنّي نبيّ، وعليّ وصيّ، ألا إنّ خاتم الأئمّة منّا القائم المهديّ، ألا إنّه الظاهر على الدين، ألا إنّه المنتقم من الظالمين، ألا إنّه فاتح الحصون وهادمها، ألا إنّه قاتل كلّ قبيلة من أهل الشرك، ألا إنّه مدرك بكلّ ثأر لأولياء الله، ألا إنّه الناصر لدين الله، ألا إنّه الغرّاف في بحر عميق، ألا إنّه يسم كلّ ذي فضل بفضله وكلّ ذي جهل بجهله،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(150) السنن الواردة في الفتن: ج 5 باب ما جاء في المهدي ح 4.
(151) الاحتجاج: ص 66- 84 «احتجاج النبيّ يوم الغدير».

(١٠١)

ألا إنّه خيرة الله ومختاره، ألا إنّه وارث كلّ علم والمحيط به، ألا إنّه المخبر عن ربّه (عزّ وجلّ) والمنبّه بأمر إيمانه، ألا إنّه الرشيد السديد، ألا إنّه المفوّض إليه، ألا إنّه قد بشّر به من سلف بين يديه، ألا إنّه الباقي حجّة ولا حجّة بعده ولا حقّ إلّا معه ولا نور إلّا عنده، ألا انّه لا غالب له ولا منصور عليه.
433-(152)- البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: عن محمّد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(152) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 144 ب 6 ح 8 من النسخة المطبوعة عن نسخة الحرم المكّي التي فرغ كاتبها أحمد بن الحسن الرشيدي سنة(1272 ه)، وعن النسخة المخطوطة التي استنسخها الشريف السيّد محمّد باقر السبزواري من النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة الحرم الشريف النبوي، وفي مكتبة الجامع(مسجد أعظم) الذي بناه وشيّده سيّدنا الاستاذ آية الله البروجردي- جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء- نسخة مخطوطة ثالثة.
وأخرجه في كشف الأستار: ف 2 ص 164، وقال: أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم في مستدركه، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرّجاه، إلّا أنّه قال: «إذا قال الرجل: الله، قتل، فيجمع الله تعالى قزعا كقزع السحاب، يؤلّف الله بين قلوبهم، لا يستوفون إلى أحد، ولا يعرفون بأحد، على عدّة أصحاب بدر».
ثمّ قال مؤلّف كشف الأستار: ولا يخفى أنّ قوله: «ذلك يخرج في آخر الزمان» يدلّ على أنّه (عليه السلام) عقد بيده تسعا عدد الأسماء التسعة من ولد الحسين (عليه السلام)، فلمّا بلغ الى الحجّة بن الحسن (عليهما السلام) قال: ذلك يخرج في آخر الزمان وهو نصّ منه على أنّ المهدي (عليه السلام) التاسع من ولد الحسين (عليه السلام)، فليتذكّر.
أقول: هذا تفسير مقبول لا بأس به، والثابت في النسخة المطبوعة من المستدرك وتلخيصه: ج 4 ص 554، وكذا في عقد الدرر: ص 59 ب 4 ف 1 وص 131 ب 5: «سبعا» بدل «تسعا» إلّا أنّك لا تجد محملا مقبولا له، فيجب ردّ علمه الى أهله، وعلى تلك النسخ يشكل فهم معنى الحديث، ويمكن حمله على بيان سني ملكه وسلطانه، إلّا أنّ المترجّح- بالنظر- صحّة النسخ المخطوطة الثلاث الموجودة من البرهان، والنسخة المخطوطة من المستدرك التي أخرج الحديث عنها مصنّف «كشف الأستار»، والله أعلم. وممّا يؤيّد ذلك ما ذكره بعض علماء أهل السنّة، وهو محمّد بن پاينده الساوي في رسالته التي النسخة المخطوطة منها تاريخ كتابتها(979 ه) وهي ملحقة بكتاب البرهان، قال محمّد بن پاينده: رأيت في كتب التواريخ: أنّ يوما جاء محمّد بن الحنفيّة عند علي (عليه السلام) سأل عنه: متى ظهور المهدي؟ فقال: هيهات، ثمّ عقد بيده تسعا وقال: في آخر الزمان.

(١٠٢)

الحنفيّة- رضي الله عنه- قال: كنّا عند عليّ (عليه السلام) فسأله رجل عن المهديّ، فقال: هيهات هيهات، ثمّ عقد بيده تسعا، فقال: ذلك يخرج في آخر الزمان، إذا قيل للرجل: الله الله، قيل [قتل- ظ]، فيجمع الله له قوما قزعا كقزع السحاب، يؤلّف بين قلوبهم، لا يستوحشون على أحد، ولا يفرحون بأحد دخل فيهم، على عدّة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأوّلون، ولا يدركهم الآخرون، وعلى عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا النهر معه.
434-(153)- عقد الدرر: عن سالم الأشلّ قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليهما السلام) يقول: نظر موسى (عليه السلام) في السفر [الأوّل- خ] إلى ما يعطى قائم آل محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، فقال موسى: ربّ اجعلني قائم آل محمّد، فقيل له: إنّ ذلك من ذرّيّة أحمد، فنظر في السفر الثاني فوجد فيه مثل ذلك، فقال مثل ذلك، فقيل له مثل ذلك، ثمّ نظر في السفر الثالث فرأى مثله، فقال مثله، فقيل له مثله.
435-(154)- مسند أبي يعلى: حدّثنا أبو بكر بن أبي النصر، حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(153) عقد الدرر: ص 26 ب 1.
(154) مسند أبي يعلى: ج 12 ص 19 ح 825(6665)، مجمع الزوائد: ج 7 ص 315 ب ما جاء في المهدي (عليه السلام)، المطالب العالية: ج 4 ص 343 ق 4554، المقدّمة لابن خلدون: ص 379، إبراز الوهم المكنون: ص 557، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 131 الى قوله «خمسا واثنين».
أقول: الظاهر أنّ قوله: «وما خمس واثنين» سؤال راوي الحديث عن أبي هريرة أو غيره ممّن روى الحديث في الطبقات المتتالية، بل لا يبعد كون قوله: «إلى الحقّ» تمام الحديث، وكان السؤالان من بعض الرواة عن البعض، والله أعلم.

(١٠٣)

أبو النضر قال: حدّثني المرجّى بن رجاء اليشكري، حدّثنا عيسى بن هلال، عن بشير بن نهيك، قال: سمعت أبا هريرة يقول: حدّثني خليلي أبو القاسم (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: لا تقوم الساعة حتّى يخرج عليهم رجل من أهل بيتي فيضربهم حتّى يرجعوا إلى الحقّ، قال: قلت:
وكم يكون؟ قال: خمس واثنين، قال: قلت: وما خمس واثنين؟ قال: لا أدري.
436-(155)- كنز العمّال: عن عديّ بن حاتم، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): إنّه لا تقوم الساعة حتّى يفتح القصر الأبيض الّذي في المدائن، ولا تقوم الساعة حتّى تسير الظعينة من الحجاز إلى العراق آمنة لا تخاف شيئا- فقد رأيتهما جميعا- ولا تقوم الساعة حتّى يكون على الناس إمام يحثي المال حثيا (ابن النجّار).
437-(156)- مسند أبي يعلى: حدّثنا سليمان بن عبد الجبّار أبو أيّوب، حدّثنا سهل بن عامر، حدّثنا فضيل بن مرزوق، عن عطيّة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يكون في آخر الزمان على تظاهر العمر، وانقطاع من الزمان، إمام يكون أعطى الناس، يجيئه الرجل فيحثو له في حجره، يهمّه من يقبل عنه صدقة ذلك المال ما بينه وبين أهله، لما يصيب الناس من الخير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(155) كنز العمّال: ج 14 ص 572 ح 39635.
(156) مسند أبي يعلى: ج 2 ص 356 و357 ح 131(1105)، ونحوه في كنز العمّال:
ج 14 ح 38703 عن أبي يعلى وابن عساكر.

(١٠٤)

438-(157)- الفتن: حدّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد، قال: سمعت عبد الله بن زرير الغافقي يقول: سمعت عليّا- رضي الله عنه- يقول: الفتن أربع: فتنة السرّاء، وفتنة الضرّاء، وفتنة كذا، فذكر معدن الذهب، ثمّ يخرج رجل من عترة النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يصلح الله على يديه أمرهم.
439-(158)- السنن الواردة في الفتن: حدّثنا عبد الرحمن بن عثمان، حدّثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، عن عمّار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد قال: خرجنا حجّاجا فجئت إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: من [أين] أنتم يا رجل؟ قال: قلت: من أهل العراق، قال: فكن إذا من أهل الكوفة، قال: فقلت: أنا منهم، قال: فإنّهم أسعد الناس بالمهديّ.
440-(159)- السنن الواردة في الفتن: حدّثنا عبد الله بن فضيل، حدّثنا عباب بن هارون، قال: حدّثنا الفضل بن عبيد الله، قال: حدّثنا يحيى بن زكريّا بن يحيويه النيسابوري، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى، عن محمّد بن سلمة، عن أبي الواصل بن عبيد، قال: قال جابر بن عبد الله: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تزال طائفة من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(157) الفتن: ج 1 ص 19 و20 ب تسمية الفتن التي هي كائنة، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 138، وقال: أخرج نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» بسند صحيح على شرط مسلم.
(158) السنن الواردة في الفتن: ج 5 ص 99 ب ما جاء في المهدي ح 3، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 138 عن ابن سعيد وابن أبي شيبة.
(159) السنن الواردة في الفتن: ج 6 ص 142 ب ما جاء في نزول عيسى ح 5، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 162، التصريح بما تواتر في نزول المسيح: ص 274 ح 5، ونحوه ح 4 وح 6 عن جابر.

(١٠٥)

أمّتي تقاتل عن الحقّ حتّى ينزل عيسى بن مريم عند طلوع الفجر ببيت المقدس، ينزل على المهديّ، فيقال له: تقدّم يا نبيّ الله فصلّ بنا، فيقول إنّ هذه الامّة أمين بعضهم على بعض لكرامتهم على الله (عزّ وجلّ).
441-(160)- الفتن: حدّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عتبة، عن الحسن: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) ذكر بلاء يلقاه أهل بيته حتّى يبعث الله راية من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتّى يأتوا رجلا اسمه كاسمي، فيولّيه أمرهم فيؤيّده الله بنصره.
442-(161)- الفتن: حدّثنا سعيد أبو عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان الكوفة، فإذا ظهر المهديّ بمكّة بعث إليه بالبيعة.
443-(162)- الفتن: حدّثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن عليّ- رضي الله عنه- قال: يلتقي السفياني والرايات السود فيهم شابّ من بني هاشم في كفّه اليسرى خال، وعلى مقدّمته رجل من بني تميم يقال له: شعيب بن صالح بباب اصطخر، فتكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود ويهرب خيل السفياني، فعند ذلك يتمنّى الناس المهديّ ويطلبونه.
444- (163)- الفتن: حدّثنا محمّد بن عبد الله أبو عبد الله التيهرتي،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(160) الفتن: ج 4 ص 167 وقد مرّ ذكره تحت الرقم 409.
(161) الفتن: ج 4 ص 168 ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.
(162) الفتن: ج 5 ص 172 ب أوّل انتقاض أمر السفياني، ونحوه ح 1 ص 168.

(163) الفتن: ج 4 ص 168، الملاحم والفتن: ص 55 ب 102 وجاء فيه: «التاهرتي» بدل «البهترتي».

(١٠٦)

عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن مسلم بن يسار، عن سعيد بن المسيّب، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): تخرج من المشرق رايات سود لبني العبّاس، ثمّ يمكثون ما شاء الله، ثمّ تخرج رايات سود صغار تقاتل رجلا من ولد أبي سفيان وأصحابه من قبل المشرق، يؤدّون الطاعة إلى المهديّ.
445-(164)- نهج البلاغة: حتى يطلع الله لكم من يجمعكم ويضمّ نشركم، فلا تطمعوا في غير مقبل، ولا تيأسوا من مدبر، فإنّ المدبر عسى أن تزلّ به إحدى قائمتيه، وتثبت الاخرى فترجعا حتّى تثبتا جميعا، ألا إنّ مثل آل محمّد صلّى الله عليهم كمثل نجوم السماء، إذا خوى نجم طلع نجم، فكأنّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع، وأراكم ما كنتم تأملون.
446-(165)- شرح نهج البلاغة (لابن ميثم): يا قوم اعلموا علما يقينا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(164) نهج البلاغة: خ 100.
قال ابن أبي الحديد في شرح هذه الخطبة(ج 7 ص 93): واعلم أنّ هذه الخطبة خطب بها أمير المؤمنين (عليه السلام) في الجمعة الثالثة من خلافته.
وقال في شرح قوله (عليه السلام):... يطلع الله لهم من يجمعهم ويضمّهم»: يعني من أهل البيت (عليهم السلام)، وهذا إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الوقت...
الخ(ج 7 ص 94).
وقال في شرح قوله: «فكأنّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع»: ثمّ وعدهم بقرب الفرج فقال: إنّ تكامل صنائع الله عندكم، ورؤية ما تأملونه أمر قد قرب وقته، وكأنّكم به وقد حضر وكان، وهذا على نمط المواعيد الإلهيّة بقيام الساعة، فإنّ الكتب المنزلة كلّها صرّحت بقربها وإن كانت بعيدة عندنا، لأنّ البعيد في معلوم الله قريب، وقد قال سبحانه: (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً ونَراهُ قَرِيباً).
(165) شرح نهج البلاغة لابن ميثم: ج 3 ص 9.
جاء بهذا الخبر في ضمن شرحه لقوله (عليه السلام): «فكأنّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع»، فقال: وقوله: «فكأنّكم... إلى آخره» إشارة الى منّة الله عليهم بظهور الإمام المنتظر، وإصلاح أحوالهم بوجوده.
ثمّ قال: ووجدت له (عليه السلام) في أثناء بعض خطبه في اقتصاص ما يكون بعده فصلا يجري مجرى الشرح لهذا الوعد، وهو أن قال: يا قوم اعلموا... الى آخر ما ذكرناه في المتن.

(١٠٧)

أنّ الّذي يستقبل قائمنا من أمر جاهليّتكم ليس بدون ما استقبل الرسول من أمر جاهليّتكم، وذلك أنّ الامّة كلّها يومئذ جاهليّة إلّا من رحم الله، فلا تعجلوا فيعجل الخرق بكم، واعلموا أنّ الرفق يمن، وفي الأناة بقاء وراحة، والإمام أعلم بما ينكر، ولعمري لينزعنّ عنكم قضاة السوء، وليقبضنّ عنكم المراضين، وليعزلنّ عنكم امراء الجور، وليطهّرنّ الأرض من كلّ غاشّ، وليعملنّ فيكم بالعدل، وليقومنّ فيكم بالقسطاس المستقيم، وليتمنّينّ أحياؤكم لأمواتكم الكرّة عمّا قليل، فيعيشوا إذا، فإنّ ذلك كائن، للّه أنتم بأحلامكم، كفّوا ألسنتكم، وكونوا من وراء معايشكم، فإنّ الحرمان سيصل إليكم وإن صبرتم واحتسبتم وائتلفتم، إنّه طالب وتركم، ومدرك لثأركم، وآخذ بحقّكم، واقسم بالله قسما حقّا (إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا والَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).
447-(166)- الدرّ المنثور: أخرج ابن مردويه عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): أصحاب الكهف أعوان المهدي.
وفي تفسير الثعلبي في قصّة أصحاب الكهف كما نقل عنه في «عقد الدرر» و«البرهان» و«العمدة» و«الطرائف» قال: وأخذوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(166) الدرّ المنثور: ج 4 ص 215، عقد الدرر: ص 141 و142 ب 7، العمدة: ص 223 و224، البرهان: ص 87 ب 1 ح 44، الطرائف: ص 84، البحار: ج 51 ص 105 ب 1 ح 40، وج 39 ص 150 ب 17 ح 14.

(١٠٨)

مضاجعهم، فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهديّ (عليه السلام)، فقال: إنّ المهديّ يسلّم عليهم فيحييهم الله (عزّ وجلّ) له، ثمّ يرجعون إلى رقدتهم فلا يقومون إلى يوم القيامة.
448-(167)- عقد الدرر: عن سيف بن عمير، قال: كنت عند أبي جعفر المنصور فقال لي ابتداء: يا سيف بن عمير لا بدّ من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب، فقلت: جعلت فداك يا أمير المؤمنين تروي هذا؟ قال: إي والذي نفسي بيده لسماع اذناي له، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّ هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا، فقال: يا سيف، إنّه الحقّ، وإذا كان (كذلك) فنحن أولى من يجيبه، أما إنّ النداء إلى رجل من بني عمّنا، فقلت: رجل من ولد فاطمة (عليها السلام)؟، قال: نعم يا سيف، لو لا أنّي سمعته من أبي جعفر محمّد بن عليّ وحدّثني به أهل الأرض كلّهم ما قبلته، ولكنّه محمّد بن عليّ (عليهما السلام).
449-(168)- الأمالي: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الحسين [الحسن] الكناني، عن جدّه، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: إنّ الله (عزّ وجلّ) أنزل على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كتابا قبل أن يأتيه الموت، فقال: يا محمّد، هذا الكتاب وصيّتك إلى النجيب من أهلك، فقال: ومن النجيب من أهلي يا جبرئيل؟ فقال:
عليّ بن أبي طالب، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب فدفعه النبيّ الى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(167) عقد الدرر: ص 110 و111 ب 4 ف 3، الإرشاد: ص 358 في ذكر علامات ظهوره بسنده عن سيف بن عميرة نحوه، غيبة الشيخ: ص 265 و266، روضة الكافي:
ص 178 ح 255 عن سيف نحوه.
(168) الأمالي للصدوق: المجلس 63 ص 328 ح 2.

(١٠٩)

عليّ (عليه السلام) وأمره أن يفكّ خاتما منها ويعمل بما فيه، ففكّ (عليه السلام) خاتما وعمل بما فيه، ثمّ دفعه إلى ابنه الحسن (عليه السلام) ففكّ خاتما وعمل بما فيه، ثمّ دفعه إلى الحسين (عليه السلام) ففكّ خاتما فوجد فيه: أن اخرج بقوم إلى الشهادة فلا شهادة لهم إلّا معك، واشتر نفسك للّه (عزّ وجلّ)، ففعل، ثمّ دفعه إلى عليّ بن الحسين ففكّ خاتما فوجد فيه:
اصمت والزم منزلك واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين، ففعل، ثمّ دفعه إلى محمّد بن عليّ (عليهما السلام) ففكّ خاتما فوجد فيه: حدّث الناس وأفتهم، ولا تخافنّ إلّا الله فإنّه لا سبيل لأحد عليك، ثمّ دفعه إليّ ففككت خاتما فوجدت فيه: حدّث الناس وأفتهم، وانشر علوم أهل بيتك وصدّق آباءك من الصالحين، ولا تخافنّ أحدا إلّا الله، وأنت في حرز وأمان، ففعلت، ثمّ أدفعه إلى موسى بن جعفر، ثمّ يدفعه موسى إلى الذي من بعد، ثمّ كذلك أبدا إلى قيام المهديّ (عليه السلام).
450-(169)- الأمالي: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن عليّ بن سالم، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن سعد الخفّاف، عن الأصبغ بن نباتة، عن عبد الله بن عبّاس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لمّا عرج بي إلى السماء السابعة ومنها إلى سدرة المنتهى، ومن السدرة إلى حجب النور ناداني ربّي جلّ جلاله: يا محمّد، أنت عبدي وأنا ربّك، فلي فاخضع، وإيّاي فاعبد، وعليّ فتوكّل، وبي فثق، فإنّي قد رضيت بك عبدا وحبيبا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(169) الأمالي للصدوق: المجلس 92 ص 504 ح 4، النوادر للفيض: كتاب النبوّة والإمامة ص 70 ب 41، البحار: ج 51 ص 65 و66 ب 1 ح 3.

(١١٠)

ورسولا ونبيّا، وبأخيك عليّ خليفة وبابا، فهو حجّتي على عبادي، وإمام لخلقي، به يعرف أوليائي من أعدائي، وبه يميّز حزب الشيطان من حزبي، وبه يقام ديني وتحفظ حدودي وتنفذ أحكامي، وبك وبه وبالأئمّة من ولده أرحم عبادي وإمائي، وبالقائم منكم أعمّر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه اطهّر الأرض من أعدائي واورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا، وبه احيي عبادي [وبه اخبر عبادي بعلمي واحيي بلادي- خ] وبلادي بعلمي، وله اظهر الكنوز والذخائر بمشيّتي، وإيّاه اظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي، وامدّه بملائكتي لتؤيّده على إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذلك وليّي حقّا، ومهديّ عبادي صدقا.
451-(170)- الأمالي للشيخ: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يسار بن أبي العجوز السمسار، قال: حدّثنا مجاهد بن موسى الختلي، قال: حدّثنا عبّاد بن عبّاد، عن مجالد ابن سعيد، عن جبر [جبير- خ] بن نوف أبي الودّاك، قال: قلت لأبي سعيد الخدري: والله ما يأتي علينا عام إلّا وهو شرّ من الماضي، ولا أمير إلّا وهو شرّ ممّن كان قبله، فقال أبو سعيد: سمعته من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول ما تقول، ولكن سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: لا يزال بكم الأمر حتّى يولد في الفتنة والجور من لا يعرف عندها [غيرها- خ]، حتّى تملأ الأرض جورا فلا يقدر أحد يقول: الله، ثمّ يبعث الله (عزّ وجلّ) رجلا منّي ومن عترتي، فيملأ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(170) الأمالي للشيخ: ج 2 ص 126، البحار: ج 51 ص 68 ب 1 ح 9، النوادر: ك الفتن ب 46 إلّا أنّه قال: «من لا يعرف غيرها»، وقال: «حين يضرب الإسلام بجرانه».

(١١١)

الأرض عدلا كما ملأها من كان قبله جورا، ويخرج له أفلاذ كبدها(171)، ويحثو المال حثوا ولا يعدّه عدّا، وذلك حتّى يضرب الإسلام بجرانه.
452-(172)- غيبة الشيخ: وأخبرني جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلّعكبريّ، عن أبي عليّ الرازي، عن ابن أبي دارم، عن عليّ بن العبّاس السندي المقانعي، عن محمّد بن هاشم القيسي، عن سهل بن تمام البصري، عن عمران القطّان، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): المهديّ يخرج في آخر الزمان.
453-(173)- غيبة الشيخ: عنه (يعني: محمّد بن إسحاق) عن المقانعي، عن بكّار بن أحمد، عن الحسن بن الحسين، عن تليد، عن أبي الجحّاف، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أبشروا بالمهديّ- قال [قالها- خ] ثلاثا- يخرج على حين اختلاف من الناس وزلزال شديد، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، يملأ قلوب عباده عبادة، ويسعهم عدله.
454-(174)- غيبة الشيخ: بالإسناد المذكور عن الحسن بن الحسين،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(171) تشبيه الكنوز التي استودعتها بطون الأرض في هذا الحديث وغيره بأفلاذ الكبد وهي شعبها وقطعها من الاستعارات العجيبة؛ لأنّ شعب الكبد من شرائف الأعضاء الرئيسة، فكذلك الكنوز من جواهر الأرض النفيسة. هكذا أفاد السيّد الرضي- قدّس سرّه- في مجازات الآثار النبويّة ح 231.
(172) غيبة الشيخ: ص 178 ح 135، البحار: ج 51 ص 72 و74 ح 22 ب 1، إثبات الهداة: ج 3 ص 502 ب 32 ح 291.
(173) غيبة الشيخ: ص 179 ح 137، البحار: ج 51 ص 74 ب 1 ح 24، إثبات الهداة: ج 3 ص 502 ب 32 ح 293.
(174) غيبة الشيخ: ص 180 ح 138، البحار: ج 51 ص 74 ب 1 ح 25، إثبات الهداة: ج 3 ص 502 ب 32 ح 294.

(١١٢)

عن سفيان الجريري، عن عبد المؤمن، عن الحارث بن حصيرة، عن عمارة بن جوين العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول على المنبر: إنّ المهديّ من عترتي من أهل بيتي، يخرج في آخر الزمان، ينزل له السماء قطرها، وتخرج له الأرض بذرها، فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملأها القوم ظلما وجورا.
455-(175)- غيبة الشيخ: محمّد بن إسحاق، عن المقانعي، عن جعفر بن محمّد الزهري، عن إسحاق بن منصور، عن قيس بن الربيع وغيره، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لا تذهب الدنيا حتّى يلي أمّتي رجل من أهل بيتي يقال له: المهديّ.
456-(176)- غيبة الشيخ: أخبرني جماعة، عن أبي جعفر محمّد ابن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن عليّ بن محمّد بن قتيبة النيشابوري، عن الفضل بن شاذان، عن نصر بن مزاحم، عن أبي لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حديث طويل: فعند ذلك خروج المهديّ، وهو رجل من ولد هذا، وأشار بيده إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، به يمحق الله الكذب، ويذهب الزمان الكلب،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(175) غيبة الشيخ: ص 182 ح 141، البحار: ج 51 ص 75 ب 1 ح 28، إثبات الهداة: ج 3 ص 503 ب 32 ح 297.
(176) غيبة الشيخ: ص 185 ح 144، البحار: ج 51 ص 75 ب 1 ح 29 إلّا أنّه قال: «وبين ذلك تيح أعوج»، إثبات الهداة: ج 3 ص 503 ب 32 ح 300 إلّا أنّه قال: «وبين ذلك شحّ أعوج».

(١١٣)

وبه يخرج ذلّ الرقّ من أعناقكم، ثمّ قال: أنا أوّل هذه الامّة، والمهديّ أوسطها، وعيسى آخرها، وبين ذلك شيخ أعوج.
457-(177)- الأمالي للصدوق: ابن المتوكّل، عن عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:

لكلّ اناس دولة يرقبونها * * * ودولتنا في آخر الدهر تظهر

458-(178)- دلائل الإمامة: حدّثني أبو المفضّل محمّد بن عبد الله، قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سمرة بن حجر، عن حمزة النصيبي، عن زيد بن رفيع، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنت عند النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذ مرّ فتية من بني هاشم كأنّ وجوههم المصابيح، فبكى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: إنّا أهل بيت قد اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وسيصيب أهل بيتي قتل وتطريد وتشريد في البلاد، حتّى يتيح الله لنا راية تجيء من المشرق يهزّها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(177) أمالي الصدوق: ص 396 المجلس 74، البحار: ج 51 ص 143 ب 6 ح 3.
وفي أمالي الطوسي ج 1 ص 182 الجزء السابع ح 1: «بسنده عن الحسن بن محبوب، عن أبان، عن اسماعيل الجعفي، قال: دخل رجل على أبي جعفر محمّد بن علي (عليه السلام) ومعه صحيفة مسائل شبه الخصومة، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): هذه صحيفة تخاصم على الدين الذي يقبل الله فيه العمل، فقال: رحمك الله هذا الذي اريد، فقال أبو جعفر (عليه السلام): اشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّدا عبده ورسوله، وتقرّ بما جاء من عند الله، والولاية لنا أهل البيت، والبراءة من عدوّنا، والتسليم لنا والتواضع والطمأنينة، وانتظار أمرنا، فإنّ لنا دولة إن شاء الله تعالى جاء بها».
(178) دلائل الإمامة: ص 235 ف معرفة وجوب القائم ح 6، وروى روايات اخرى بهذا المضمون، انظر: ص 223 و224 و226.

(١١٤)

هزّ، ومن يشاقّها يشاقّ، ثمّ يخرج عليهم رجل من أهل بيتي اسمه كاسمي وخلقه كخلقي، تؤوب إليه أمّتي كما تؤوب الطير إلى أوكارها، فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
وروي أيضا عن ابن مسعود نحو من هذا الحديث بطرق مختلفة.
459-(179)- دلائل الإمامة: أخبرني أبو طاهر عبد الله بن أحمد الخازن، حدّثنا أبو بكر محمّد بن عمر بن محمّد بن مسلم بن البراء الجعابي، قال: حدّثنا أبو الحسن عبد الله بن محمّد بن العبّاس الرازي القمي، عن أبيه، قال: حدّثني عليّ بن موسى الرضا (عليهما السلام)، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي الحسين، عن أخيه الحسن، قال: حدّثني أبي عليّ بن أبي طالب قال: قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى يقوم قائم الحقّ، وذلك حتّى يأذن الله (عزّ وجلّ) له، من تبعه نجا، ومن تخلّف عنه هلك، الله الله عباد الله فأتوه ولو حبوا على الثلج، فإنّه خليفة الله وخليفتي.
460-(180)- دلائل الإمامة: وبإسناده (يعني: أبا الحسين محمّد بن هارون بن موسى، عن أبيه)، عن أبي عليّ النهاوندي، قال: حدّثنا إسحاق، عن يحيى بن سليم، عن هشام بن حسّان، عن المعلّى بن أبي المعلّى، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أبشروا بالمهديّ، فإنّه يأتي في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(179) دلائل الإمامة: ص 239 و240 ف معرفة وجوب القائم ح 15، عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 2 ص 60 ح 230.
(180) دلائل الإمامة: ص 249 و250 ف معرفة وجوب القائم ح 41.

(١١٥)

آخر الزمان على شدّة وزلازل، يسع الله له الأرض عدلا وقسطا.
461-(181)- دلائل الإمامة: وعنه (يعني: محمّد بن هارون بن موسى)، عن أبيه أبي محمّد هارون بن موسى، قال: حدّثني أبو علي الحسن بن محمّد النهاونديّ، قال: حدّثني أحمد بن زهير، قال: حدّثنا عبد الله بن داهر الرازي، قال: حدّثنا عبد الله بن عبد القدّوس، عن الأعمش، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من ولدي يوافق اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
462-(182)- دلائل الإمامة: وأخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون قال: حدّثنا أبي هارون ابن موسى، قال: حدّثنا محمّد بن جرير الطبري، قال: حدّثنا عيسى بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا الحسن بن الحسين العرني، قال: حدّثنا يحيى ابن يعلى الأسلمي، وعليّ بن القاسم الكندي، ويحيى بن المساور، عن عليّ بن المساور، عن عليّ بن الحزوّر، عن الأصبغ بن نباتة (في حديث عن علي (عليه السلام) قال في آخره:) والمهديّ منّا في آخر الزمان، لم يكن في أمّة من الامم مهديّ ينتظر غيره.
463-(183)- غيبة الشيخ: أحمد بن إدريس، عن عليّ بن الفضل، عن أحمد بن عثمان، عن أحمد بن رزّاق، عن يحيى بن العلاء الرازي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ينتج الله تعالى في هذه الامّة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(181) دلائل الإمامة: ص 255 ف معرفة وجوب القائم (عليه السلام) ح 54.
(182) دلائل الإمامة: ص 256 و257 ف معرفة وجوب القائم (عليه السلام) ح 57.
(183) غيبة الشيخ: ص 188 ح 149، البحار: ج 51 ص 146 ب 6 ح 16، إثبات الهداة:ج 3 ص 504 ب 32 ح 305.

(١١٦)

رجلا منّي وأنا منه، يسوق الله تعالى به بركات السماوات والأرض فتنزل السماء قطرها، وتخرج الأرض بذرها، وتأمن وحوشها وسباعها، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، ويقتل حتّى يقول الجاهل: لو كان هذا من ذريّة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لرحم.
464-(184)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
لا تذهب الدنيا حتّى يخرج رجل منّي، يحكم بحكومة آل داود ولا يسأل بيّنة، يعطي كلّ نفس حقّها.
465-(185)- الإرشاد: أبو القاسم؛ جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه؛ وعليّ بن محمّد القاساني جميعا، عن زكريّا بن يحيى بن النعمان البصري، قال سمعت عليّ بن جعفر بن محمّد يحدّث الحسن بن الحسين بن عليّ بن الحسين، فقال في حديثه: لقد نصر الله أبا الحسن الرضا (عليه السلام) لمّا بغى عليه إخوته وعمومته (وذكر حديثا طويلا حتّى انتهى إلى قوله:) فقمت وقبضت على يد أبي جعفر محمّد بن عليّ الرضا، وقلت له: أشهد أنّك إمامي عند الله (عزّ وجلّ)، فبكى الرضا (عليه السلام) ثمّ قال: يا عمّ، أ لم تسمع أبي وهو يقول: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): بأبي ابن خيرة الإماء النوبيّة الطيّبة(186)، يكون من ولده الطريد الشريد الموتور

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(184) الكافي: ج 1 ص 397 و398 ب أنّ الأئمّة إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود ح 2، البحار: ج 52 ص 230 ب 27 ح 22.
(185) الإرشاد للمفيد: ص 340 في النصّ على إمامة الإمام الجواد (عليه السلام) ح 1، إعلام الورى: ص 330 ب 8 ف 2، البحار: ج 50 ص 21 ب 2 ح 7.
(186) المراد بها أمّ الإمام محمّد بن عليّ الرضا (عليهما السلام) كانت نوبيّة يقال لها سبيكة، وليس المراد بابن خيرة الإماء النوبيّة مولانا المهدي (عليه السلام) كما قاله صاحب الوافي، فقال: «يعني به المهدي صاحب الزمان صلوات الله عليه، كأنّه انتسبه الى جدّته أم أبي جعفر الثاني (عليه السلام)... الخ» وإنّما ذهب إلى ذلك اعتمادا على نسخة الكافي، والظاهر أنّه سقط عنها قوله: «يكون من ولده الطريد الشريد»، والاعتماد على نسخة الإرشاد التي يستقيم بها فهم المراد من دون حاجة الى التأويل.

(١١٧)

بأبيه وجدّه صاحب الغيبة فيقال: مات أو هلك، أو أيّ واد سلك، فقلت: صدقت جعلت فداك.
466-(187)- نفس المهموم: عن الكامل البهائي، عن الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) في خطبته المعروفة التي خطبها بدمشق: إنّ الله تعالى أعطانا الحلم، والعلم، والشجاعة، والسخاوة، والمحبّة في قلوب المؤمنين، ومنّا: رسول الله، ووصيّه، وسيّد الشهداء، وجعفر الطيّار في الجنّة، وسبطا هذه الامّة، والمهديّ الذي يقتل الدجّال.
467-(188)- مقاتل الطالبيين: (في ذكر مقتل زيد بن عليّ والسبب فيه) قال: أخبرنا عليّ بن الحسين، قال: فحدّثني الحسن بن عليّ الآدمي، قال: حدّثنا أبو بكر الجبلي، قال: حدّثنا عبد الله بن عبد الرحمن العنبري، قال: حدّثنا موسى بن محمّد، قال: حدّثنا الوليد بن محمّد الموقري، قال: كنت مع الزهري بالرصافة فسمع أصوات لعّابين، فقال لي: يا وليد، انظر ما هذا؟ فأشرفت من كوّة في بيته،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(187) نفس المهموم: ص 242 و243.
ولا يخفى عليك أنّ الكامل مؤلّف بالفارسيّة، وفيه ترجمة خطبة الإمام (عليه السلام)، وإليك لفظه: «پس به آخر گفت: حقتعالى حلم، وعلم، وشجاعت، وسخاوت بما داد، ومحبّت بر دل مؤمنان نهاد، رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ووصيّ او وسيّد الشهداء وجعفر طيار در بهشت ودو سبط اين امّت ومهدي كه دجّال را بكشد از ما است». الكامل: ج 2 ص 299- 302.
(188) مقاتل الطالبيين: ص 143، دلائل الإمامة: ص 234 ف معرفة وجوب القائم وأنّه لا بدّ أن يكون ح 5.

(١١٨)

فقلت: هذا رأس زيد بن عليّ، فاستوى جالسا ثمّ قال: أهلك أهل هذا البيت العجلة، فقلت له: أو يملكون؟ قال: حدّثني عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن فاطمة: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لها: المهديّ من ولدك.
468-(189)- الأمالي (الشهيرة بالأمالي الخميسيّة): في حديث أخرجه بسنده عن عليّ (عليه السلام): والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم يطوّل الله ذلك اليوم حتّى يملك الأرض رجل منّي، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، فإذا كان ذلك لم تظنّوا فيه برمح، ولم تضربوا فيه بسيف، ولم ترموا فيه بحجر، فاحمدوا الله، فإذا كان كذلك ورأيتم الرجل من بني اميّة غرق في البحر فطؤوه على رأسه، فو الّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو لم يبق منهم إلّا رجل واحد لبغى لدين الله (عزّ وجلّ) شرّا.
469-(190)- قرب الإسناد: محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر، عن أبيه، قال: قال عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): منّا سبعة، خلقهم الله (عزّ وجلّ) لم يخلق في الأرض مثلهم:
منّا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سيّد الأوّلين والآخرين وخاتم النبيّين، ووصيّه خير الوصيّين، وسبطاه خير الأسباط: حسنا وحسينا، وسيّد الشهداء حمزة عمّه، ومن قد طاف [من طار- خ] مع الملائكة جعفر، والقائم.
470-(191)- كامل الزيارات: [قال:] وبالأسانيد السابقة عن أبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(189) الأمالي الشهيرة بالأمالي الخميسيّة: ج 2 ص 84.
(190) قرب الإسناد: ص 13 و14.
(191) كامل الزيارات: ص 52 ب 14 ح 10.

(١١٩)

القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: حدّثني جماعة مشايخي منهم: أبي، ومحمّد بن الحسن، وعليّ بن الحسين جميعا، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن أبي عبد الله زكريّا المؤمن، عن ابن مسكان، عن زيد مولى ابن هبيرة، قال:
قال أبو جعفر (عليه السلام): قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
خذوا بحجزة هذا الأنزع، فانّه الصدّيق الأكبر، والهادي لمن اتّبعه، من سبقه مرق عن الدين، ومن خذله محقه الله، ومن اعتصم به اعتصم بحبل الله، ومن أخذ بولايته هداه الله، ومن ترك ولايته أضلّه الله، ومنه سبطا أمّتي الحسن والحسين وهما ابناي، ومن ولد الحسين (عليه السلام) الأئمّة الهداة والقائم المهديّ (عليهم السلام)، فأحبّوهم وتولّوهم، ولا تتّخذوا عدوّهم وليجة من دونهم فيحلّ عليكم غضب من ربّكم، وذلّة في الحياة الدنيا، وقد خاب من افترى.
471-(192)- مختصر بصائر الدرجات: محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ويعقوب بن يزيد، عن أحمد بن الحسين الميثمي، عن محمّد بن الحسين، عن أبان بن عثمان، عن موسى الحنّاط، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أيّام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم (عليه السلام)، ويوم الكرّة، ويوم القيامة(193).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(192) مختصر بصائر الدرجات: ص 18، إيقاظ الهجعة: ص 282 ب 9 ح 100.
(193) يوم الكرّة: يوم الرجعة، وهو اليوم الذي يقول الله تعالى فيه: (ويَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ)، فلا يحشر في هذا اليوم إلّا فوج من المكذّبين وفوج من المؤمنين كما جاء بعض تفاصيله في الروايات المتواترة، وأمّا يوم القيامة فهو الساعة الكبرى ويوم يحشر الناس فيه جميعا لقوله تعالى: (وحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)، ولقوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ)، (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ)، (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وتَضَعُ) (كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وتَرَى النَّاسَ سُكارى وما هُمْ بِسُكارى)، والآيات المحكمات التي جاء فيها وصف يوم القيامة كثيرة جدّا، كما أنّ الآيات المؤوّلة بيوم الكرّة أيضا كثيرة، يميّز بين الطائفتين من تدبّر في اسلوبها وألفاظها، وقد ميّز بينهما في الروايات المأثورة عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام).
وإيّاك أن تستبعد رجعة بعض الأموات الى هذه الدنيا بعد ما وقع مثله في إحياء الموتى بإعجاز الأنبياء، وبعد ما أخبر الله تعالى بمثله في قوله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) (فَأَماتَهُ الله مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ)، وقال: (أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ الله مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ)، وقال في قصّة أيّوب: (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وآتَيْناهُ أَهْلَهُ ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ). وهذا ابن مردويه وغيره من أعلام أهل السنّة رووا عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رجوع أصحاب الكهف الى الدنيا عند قيام المهدي (عليه السلام)، وبعد كلّ ذلك فإنّ الله على كلّ شيء قدير.
ولا ملازمة بين القول بالمهديّة والقول بالرجعة، وليس شأن مسألة الرجعة كشأن العقيدة بالمهديّة التي اتّفقت الامّة عليها، ووردت فيها صحاح الروايات من الفريقين.
وما يهمّنا في هذا الكتاب بيانه وإيضاحه هو مسألة العقيدة بالمهدي المنتظر (عليه السلام)، وأمّا مسألة الرجعة فمضافا الى أنّ شأنها ليس كشأنها ولا دخل لإثبات العقيدة بالرجعة والبحث عنها في العقيدة بالمهدويّة وإثباتها فللكلام فيها وتحقيق ما قيل فيها وتفاصيلها ممّا ثبت بالأخبار الصحيحة وممّا لم يثبت بها- وإن جاءت به الأخبار الضعيفة- مجال آخر، والله وليّ التوفيق.

(١٢٠)

472-(194)- المسترشد: حدّثنا أبو حفص عمر بن علي بن يحيى، قال: حدّثنا قيس بن حفص، قال: حدّثنا يونس، عن عليّ بن حزور، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام) قال: إذا جمع الله الأوّلين والآخرين فخير الناس سبعة كلّهم من ولد عبد المطلب: يدعى نبيّكم خير الأنبياء من ولد عبد المطّلب، ووصي نبيكم سيد الأوصياء من ولد عبد المطلب، والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة من ولد عبد المطّلب، وحمزة سيّد الشهداء من ولد عبد المطّلب، وجعفر ذو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(194) المسترشد: ص 186 و187.

(١٢١)

الجناحين من ولد عبد المطّلب، والمهديّ الذي يخرج في آخر الزمان من ولد عبد المطّلب، نحلة من الله لم يعط الأوّلين والآخرين مثلها.
473-(195)- سنن أبي داود: قال هارون، حدّثنا عمرو بن أبي قيس، عن مطرف بن طريف، عن الحسن، عن هلال بن عمرو، قال:
سمعت عليّا رضي الله عنه يقول: قال النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يخرج رجل من وراء النهر يقال له: الحارث بن حرّاث، على مقدّمته رجل يقال له: منصور، يواطئ- أو يمكّن- لآل محمّد كما مكّنت قريش لرسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، وجب على كلّ مؤمن نصره، أو قال: إجابته.
474-(196)- عيون أخبار الرضا (عليه السلام): قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال: حدّثني الحسين بن أحمد بن الفضل إمام جامع الأهواز، قال: حدّثنا بكر بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم القصري غلام الخليل المحلمي، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى، عن علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر ابن محمّد (عليهم السلام)، قال: لا يكون القائم إلّا إمام بن إمام، ووصيّ ابن وصيّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(195) سنن أبي داود: ج 2 كتاب المهدي ص 208 و209، التاج الجامع للاصول: كتاب الفتن وعلامات الساعة ب 7 في الخليفة المهدي رضي الله عنه ج 5 ص 344.
و قال في غاية المأمول: (لمطبوع في هامش التاج) «ففي آخر الزمان سيخرج رجل صالح من وراء النهر اسمه الحارث، معه جيش عظيم يقوده رجل عظيم اسمه منصور، يهيّئ ذلك الرجل لذرّية محمّد، أي يعدّ الجيش والذخائر والأموال لنصر خليفة يظهر أنّه المهدي كما هيّأ الأصحاب للنبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، ويجب على كلّ مؤمن أن ينصر ذلك الجيش وهذا الخليفة، فإنّهما على الحقّ.
(196) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 2 ص 131 ب 35 ح 13.

(١٢٢)

475-(197)- الخصال: بإسناده عن عليّ (عليه السلام) في حديث سبعين منقبة لعلي (عليه السلام) لم يشركه فيها أحد من أصحاب النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) [قال:] وأمّا الثالثة والخمسون، فإنّ الله لن يذهب بالدنيا حتّى يقوم منّا القائم، يقتل مبغضينا، ولا يقبل الجزية، ويكسر الصليب والأصنام، وتضع الحرب أوزارها، ويدعو إلى أخذ المال فيقتسمه بالسويّة، ويعدل في الرعية.
476-(198)- شرح الأخبار: وعن مجاهد يرفعه (وذكر أخبارا ممّا يكون) أنه قال: ثمّ بعث قائم آل محمّد في عقابه لهم أدقّ في أعين الناس من الكحل، يفتح الله عليه مشارق الأرض ومغاربها، ألا وهم المؤمنون حقّا، ألا وانّه خير الجهاد في آخر الزمان.
477-(199)- شرح الأخبار: من رواية ابن سلام بإسناده عن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) أنّه قال: الفتن ثلاث: فتنة السرّاء، وفتنة الضرّاء، وفتنة يمحّص فيها الناس تمحيص ذهب المعدن، ولا يزالون كذلك حتّى يخرج رجل منّا عترة النبي (صلّى الله عليه وآله) فيصلح الله أمرهم.
478-(200)- شرح الأخبار: روى عبد الله بن جبلة بإسناده عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال: ليخرجنّ الإسلام نادّا من أيدي الناس كأنّه البعير الشارد من الإبل، لا يردّه الله إلّا برجل منّا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(197) الخصال: أبواب السبعين وما فوقه ص 578 و579 ح 1، وتمام الحديث سندا ومتنا ص 572- 581.
(198) شرح الأخبار: ج 14 ص 360 ح 1227.
(199) شرح الأخبار: ج 15 ص 388 ح 1265.
(200) شرح الأخبار: ج 15 ص 390 ح 1267.

(١٢٣)

479-(201)- شرح الأخبار: وفي رواية اخرى عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال: كأنّي أنظر الى دينكم مولّيا يحصحص بذنبه، ليس بأيديكم منه شيء حتّى يردّه الله عليكم برجل منّا.
480-(202)- شرح الأخبار: روي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه ذكر المهديّ فقال: من رآه فليتابعه ولو حبوا على الثلج- النار- فإنّه خليفة الله في أرضه.
ويدلّ عليه بالمطابقة أو الالتزام أو تفسير سائر الروايات: الأحاديث 1 إلى 352، 481 إلى 715، 719 إلى 807، 864 إلى 870، 872، 876، 878، 881 إلى 912، 918، 928، 932، 933، 936، 941، 943، 951، 956 إلى 969، 971 إلى 973، 975 إلى 1029، 1039 إلى 1041، 1043، 1049، 1055، 1059 إلى 1062، 1083، 1086 إلى 1118، 1123 إلى 1169، 1173، 1175 إلى 1177، 1179 إلى 1186، 1195 إلى 1206، 1211 إلى 1223، 1228 إلى 1238، 1240، 1241، 1243، 1244، 1246 إلى 1249، 1251 إلى 1256، 1258 إلى 1261، 1266، 1267، 1270، 1271 إلى 1274، 1276، 1277.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(201) شرح الأخبار: ج 15 ص 393 ح 1270.
(202) شرح الأخبار: ج 14 ص 359 ح 1224.

(١٢٤)

الفصل الثالث: فيما يدلّ على أنّه من عترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومن أهل بيته وذرّيّته وفيه 407 أحاديث

481-(203)- الفتن: حدّثنا الوليد، عن الشيخ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة- رضي الله عنها- عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: هو رجل من عترتي، يقاتل على سنّتي كما قاتلت أنا على الوحي.
482-(204)- الفتن: حدّثنا الوليد، عن ابن لهيعة، وأخبرني عيّاش ابن عبّاس، عن ابن زرير، عن علي رضي الله عنه، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: هو رجل من أهل بيتي.
وحدّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد، عن ابن زرير الغافقي سمع عليّا رضي الله عنه يقول: هو من عترة النبيّ (صلّى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(203) الفتن: ج 5 ص 199، الصواعق المحرقة: في الآية الثانية عشرة ص 162، جواهر العقدين: ق 2 ذ 8، ينابيع المودّة: ص 433 ب 73 إلّا أنّه قال: «المهدي رجل»، الملاحم والفتن: ب 192 ممّا ذكره من كتاب الفتن إلّا أنّه قال: «كما قاتلت أنا على القرآن»، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 95 ب 2 ح 21 إلّا أنّه قال: «المهدي رجل»، عقد الدرر: ص 16 و17 ب 1.
(204) الفتن: ج 5 ص 199 و200، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ب 2 ح 21 ص 5.

(١٢٥)

الله عليه [وآله] وسلّم).
483-(205)- جواهر العقدين: [قال] ولأحمد وابن ماجة وغيرهما عن عليّ رضي الله عنه رفعه: المهديّ منّا، يختم الدين بنا كما فتح بنا.
484-(206)- المعجم الكبير: حدّثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدّثنا واصل بن عبد الأعلى، حدّثنا محمّد بن فضيل، عن عثمان بن عبد الله بن شبرمة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: قال النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يخرج رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، وخلقه خلقي، يملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا.
485-(207)- صفة المهديّ: عن عبد الله بن عمر أنّه قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(205) جواهر العقدين: ق 2 ذ 8، الصواعق المحرقة: ص 161 في الآية الثانية عشرة من الآيات الواردة فيهم عن الطبراني، إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار، ص 134 ب 2، ينابيع المودّة: ص 433 ب 73، عقد الدرر: ص 145 ب 7[قال:] أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي، كشف الخفا ومزيل الالباس: ج 2 ص 288- 289.
(206) المعجم الكبير: ج 10 ح 10229، كنز العمّال: ج 14 ص 273 ح 38702، منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 32 إلّا أنّ فيهما: «فيملؤها»، البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: ص 92 ب 2 ح 11 أخرجه عن الطبراني وأبي نعيم، كشف الغمّة: ج 2 ص 471 ح 23 من أربعين أبي نعيم إلّا أنّه اختصر ذيل الحديث وقال: «يملأها قسطا وعدلا»، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 132، عن الطبراني وأبي نعيم.
(207) عقد الدرر: ص 29 و30 ب 2 قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي هكذا، كشف الغمّة: ج 2 ص 471 ح 9 عن أبي نعيم في الأحاديث الأربعين بإسناده عن ابن عمر.

(١٢٦)

486-(208)- الفتن: حدّثنا الوليد، وقال: [حدّثنا] أبو رافع، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: هو من عترتي.
487-(209)- الفتن: حدّثنا القاسم بن ملك المزني، عن ياسين بن سيّار، قال: سمعت إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة، قال: حدّثني أبي، حدّثني عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): المهديّ منّا أهل البيت.
488-(210)- الفتن (لأبي يحيى زكريّا بن يحيى بن الحارث البزّاز)-:
[قال زكريّا:] وحدّثنا عبد القدّوس العطّار، قال: حدّثنا عمرو بن عاصم، قال: حدّثنا عمران القطّان، قال: حدّثنا قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): المهديّ منّا أهل البيت.
489-(211)- المعجم الأوسط: حدّثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حبّان، قال: حدّثنا محمّد بن سفيان الحضرمي، قال: حدّثنا ابن لهيعة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(208) الفتن: ج 5 في نسبة المهدي ص 199(مخطوط)، الملاحم والفتن: ص 85 ب 194 ممّا ذكره من كتاب الفتن إلّا أنّه قال: «حدّثنا الوليد، حدّثنا أبو رافع، عن أبي سعيد... الخ».
(209) الفتن: ج 5 في نسبة المهدي ص 201(مخطوط)، الملاحم والفتن: ص 86 ب 198 ممّا ذكره من كتاب الفتن.
(210) الملاحم والفتن: ص 163 و164 ف 3 ب 19 ممّا ذكره من كتاب الفتن لأبي يحيى زكريّا بن يحيى بن الحارث البزّاز، تاريخ كتابته يوم الأربعاء سلخ ربيع الأوّل سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة من وقف النظاميّة، عقد الدرر: ص 21 ب 1.
(211) المعجم الأوسط: ج 1 ص 136 ح 757، الفتن: ب نسبة المهدي ص 198، كنز العمّال ج 14 ص 598- 599 ح 39682، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 91 ب 2 ح 7، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 129، عقد الدرر: ص 25 ب 1 ص 142 ب 7 نحوه، مهدي آل الرسول: ص 5.

(١٢٧)

عن أبي زرعة عمرو بن جابر، عن عمر بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] أنّه قال للنبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): أمنّا المهديّ أم من غيرنا يا رسول الله؟ قال: بل منّا، [بنا] يختم الله كما بنا فتح، وبنا يستنقذون من الشرك، وبنا يؤلّف الله بين قلوبهم بعد عداوة بيّنة كما بنا ألّف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك، قال علي [(عليه السلام)]:
أمؤمنون أم كافرون؟ فقال: مفتون وكافر.
490-(212)- المعجم الصغير: حدّثنا أحمد بن محمّد بن العبّاس القنطري، حدّثنا حرب بن الحسن الطحّان، حدّثنا حسين بن الحسن الأشقر، حدّثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عباية- يعني ابن ربعي- عن أبي أيّوب الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) لفاطمة [(عليها السلام)]: نبيّنا خير الأنبياء وهو أبوك، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك حمزة، ومنّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيك جعفر، ومنّا سبطا هذه الامّة الحسن والحسين وهما ابناك، ومنّا المهدي.
أقول: أخرج ابن المغازلي تمام الحديث بسنده الذي ينتهي الى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(212) المعجم الصغير: ج 1 ص 37 ب من اسمه أحمد، جواهر العقدين: ق 2 ذ 8 قال:
أخرجه الطبراني في الأوسط، ينابيع المودّة: ص 434 ب 73 وفيه: «ومنّا المهدي وهو من ولدك»، البيان: 98 ب 2/ 1، ذخائر العقبى: ص 44، عقد الدرر: ص 25 ب 1، مجمع الزوائد: ج 9 ص 166، الصواعق: 163، تفسير الآية الثانية عشرة، مناقب ابن المغازلي: 101- 102 ح 144، ونحوه ينابيع المودّة: ص 436 ب 73 وفيه: «والذي نفسي بيده منّا مهدي هذه الامّة وهو من ولدك»، أمالي الطوسي: ج 1 ص 154 نحو ما في المناقب، البحار: ج 37 ص 41- 42 ب 50/ 16 وص 65- 66 ح 37 وج 51 ص 67 ب 1/ 6، العمدة: 267 ح 423، الطرائف: 134 ح 212، شرح الأخبار: ج 2/ 509- 510 ح 900

(١٢٨)

عباية، عن أبي أيّوب الأنصاري: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) مرض مرضة، فدخلت عليه فاطمة صلّى الله عليها تعوده وهو ناقه من مرضه، فلمّا رأت ما برسول الله من الجهد والضعف خنقتها العبرة حتّى خرجت دمعتها، فقال لها: يا فاطمة، إنّ الله (عزّ وجلّ) اطّلع الى الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبيّا، ثمّ اطّلع إليها ثانية فاختار منها بعلك، فأوحى إليّ فأنكحته واتّخذته وصيّا، أ ما علمت يا فاطمة أنّ لكرامة الله إيّاك زوّجك أعظمهم حلما، وأقدمهم سلما، وأعلمهم علما، فسرّت بذلك فاطمة فاستبشرت، ثمّ قال لها رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يا فاطمة، لعليّ ثمانية أضراس ثواقب: إيمان بالله وبرسوله، وحكمته، وتزويجه فاطمة، وسبطاه الحسن والحسين، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، وقضاؤه بكتاب الله (عزّ وجلّ)، يا فاطمة، إنّا أهل بيت اعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأوّلين ولا الآخرين قبلنا، أو قال: ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا: نبيّنا أفضل الأنبياء وهو أبوك، ووصيّنا خير الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك، ومنّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو جعفر ابن عمّك، ومنّا سبطا هذه الامّة وهما ابناك، ومنّا والذي نفسي بيده مهديّ هذه الامّة.
ويدل عليه بالمطابقة أو الالتزام أو تفسير سائر الروايات الأحاديث:
65، 70، 72، 80، 81، 83، 91، 95، 113، 118، 120، 125، 126، 127، 129، 132، 134، 136، 143، 149، 153، 158، 159، 160، 167، 168، 169، 170، 173، 175، 176، 177، 178، 181، 183، 191، 193، 194، 196، 205 إلى 309،

(١٢٩)

317، 318، 321، 323، 324، 325، 327، 336، 339، 345، 346، 349، 350، 353 إلى 357، 359، 360، 362 إلى 367، 370، 371، 373 إلى 378، 382، 385، 390، 395، 396، 398، 400، 401، 402، 406، 407، 411، 414، 416، 417، 418، 434، 435، 438، 450، 451، 456، 458، 461، 463 إلى 470، 475، 478، إلى 480، 492، 494، 496، إلى 499، 500، 502، إلى 509، 516، إلى 572، 575، 578، 580، 581، 586، 588، 590، 591، 595، 597، 603، 608، 609، 610، 613، 624، 625، 641، 645، 653، 654، 670، 685، 726، 757، 771، 780، 786، 787، 789 إلى 807، 859، 902، 903، 904، 918، 928، 932، 939، 942، 956، 958، 960، 973، 974، 1105، 1113، 1116، 1130، 139، 1140، 1158، 1159، 1160، 1162، 1164، 1165، 1168، 1169، 1175، 1178، 1179، 1180، 1184، 1191، 1198، 1205، 1212، 1216 إلى 1219، 1223، 1230، 1235، 1237، 1240، 1243، 1246، 1251، 1252 إلى 1256، 1260، 1264، 1272، 1274.

(١٣٠)

الفصل الرابع: في أنّ اسمه اسم رسول الله [وكنيته كنيته وأنّه أشبه الناس به ويعمل بسنّته] (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكنيته كنيته، وأنّه أشبه الناس به شمائل وأقوالا وأفعالا، وأنّه يعمل بسنّته وفيه 54 حديثا

491-(213)- الفتن: حدّثنا الوليد، عن أبي رافع، عمّن حدّثه، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: اسم المهديّ اسمي.
492-(214)- عقد الدرر: عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(213) الفتن: ج 5 ص 197 في اسم المهدي.
أقول: وأمّا زيادة «واسم أبيه اسم أبي» على ما أخرجه عن زرّ عن ابن مسعود، وعن ميمون القدّاح عن أبي الطفيل فلا يثبت به صدوره عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأنّ فيه: قال زرّ عن ابن مسعود، أو قال غيره من رجال الحديث عمّن يرويه، وسمعته غير مرّة لا يذكر اسم أبيه، وممّا يدلّ على ضعف هذه الزيادة عدم وجودها في المسند فيما أخرجه عن ابن مسعود، مع أنّ سند بعض رواياته لا يختلف مع سندها في «الفتن» في أحد من رجاله، فراجع المسند: ج 1 ص 376 و377 و430 و448، وسيأتي- إن شاء الله تعالى- مضافا إلى ذلك آيات اخرى لهذه الزيادة.
الملاحم والفتن: في الفصل الأوّل الذي عقده لذكر ما في الفتن لنعيم بن حمّاد ص 74 ب 162، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 101 ب 3 ح 9، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 148.
(214) عقد الدرر: ص 32 ب 2، تذكرة الخواص: ص 377، وزاد في آخره: «فذلك هو المهدي».

(١٣١)

(صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي، وكنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
493-(215)- البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: قال: وأخرج أيضا (يعني: نعيم بن حمّاد) عن عليّ (عليه السلام)، قال: اسم المهديّ محمّد.
494-(216)- سنن الداني: عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يخرج رجل من أهل بيتي، ويعمل بسنّتي، وينزل الله له البركة من السماء، وتخرج له الأرض بركتها، وتملأ به عدلا كما ملئت ظلما وجورا، ويعمل على هذه الامّة سبع سنين، وينزل ببيت المقدس.
495-(217)- العرف الوردي: وأخرج أيضا (يعني: نعيم) عن ابن مسعود، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: اسم المهديّ محمّد.
496-(218)- عقد الدرر: عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى يلي الأرض رجل من أهل بيتي، اسمه كاسمي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(215) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 101 ب 3 ح 8.
(216) سنن الداني: ص 100 و101، عقد الدرر(عن الداني في سننه وأبي نعيم في صفة المهدي): ص 20 ب 1 وص 156 ب 7، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 131 نحوه عن الطبراني في «الأوسط» وأبي نعيم، كشف الغمّة: ج 2 ص 472 ح 25 من أحاديث الأربعين لأبي نعيم.
أقول: لا منافاة بين هذا الخبر وما يدلّ على أنّ مستقرّ حكومته غير بيت المقدس، لعدم صراحة النزول بمكان في اتّخاذه محلا لاقامته.
(217) العرف الوردي: ح 648.
(218) عقد الدرر: ص 30 و31 ب 2.

(١٣٢)

[قال:] أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي.
497-(219)- كمال الدين: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور- رضي الله عنه-، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقا وخلقا، يكون له غيبة وحيرة تضلّ فيها الامم، ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب، يملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.
498-(220)- كمال الدين: حدّثنا أبي، ومحمّد بن الحسن، ومحمّد بن موسى المتوكّل- رضي الله عنهم- قالوا: حدّثنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحميري، ومحمّد بن يحيى العطّار جميعا، قالوا: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم، وأحمد بن أبي عبد الله البرقي، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب جميعا، قالوا:
حدّثنا أبو علي الحسن بن محبوب السرّاد، عن داود بن الحصين، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال:
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقا وخلقا، تكون له غيبة وحيرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(219) كمال الدين: ج 1 ص 286 ب 25 ح 1، إعلام الورى: ص 243 ق 2 من ر 4 ب 2 ف 2، كفاية الأثر: ص 66 و67 ب 7 ح 6، ينابيع المودّة: ب 94 ص 488 و493، كشف الغمّة: ج 2 ص 521، فرائد السمطين: ج 2 ص 334- 335 ح 585، إثبات الهداة:
ج 3 ص 460 ب 32 ح 103، البحار: ج 51 ص 71- 72 ب 1 ح 13.
(220) كمال الدين: ج 1 ص 287 ب 25 ح 4، ينابيع المودّة: ب 94 ص 493، البحار: ج 51 ص 72 ب 1 من أبواب النصوص ح 16.

(١٣٣)

حتّى تضلّ الخلق عن أديانهم، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب، فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
499-(221)- كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطّار- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، عن حمدان بن سليمان، قال: حدّثني أحمد بن عبد الله بن جعفر الهمداني، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السلام)، قال:
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): القائم من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنّته سنّتي، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربّي (عزّ وجلّ)، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومن كذّبه فقد كذّبني، ومن صدّقه فقد صدّقني، إلى الله أشكو المكذّبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلّين لامّتي عن طريقته (وسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
ويدلّ عليه الأحاديث: 245، 255، 265، 272، 279، 288، 289، 321، 339، 354، 355، 357، 397، 400، 402، 406، 409، 428، 441، 461، 484، 485، 506 (وفيه: له اسمان: اسم يخفى واسم يعلن)، 525، 529 (وفيه: يكنّى أبا عبد الله)، 535، 544 (وفيه ما يدلّ على أنّ من كناه كنية مولانا الباقر (عليه السلام))، 546 (وفيه أنه ذو اسمين: خلف ومحمّد)، 562، 563، 564، 569، 597،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(221) كمال الدين: ج 2 ص 411 ب 39 ح 6، البحار: ج 51 ص 73 ب 1 من أبواب النصوص ح 19.

(١٣٤)

653 (وفيه: يحرم عليهم تسميته)، 693، 726، 784، 791، 792، 797، 799، 800 (وفيه: كنّي بجعفر)، 804، 806، 810 (وفيه: ولا يحلّ لأحد تسميته باسمه أو بكنيته).

(١٣٥)

الفصل الخامس: في شمائله (عليه السلام) وفيه 29 حديثا

500-(222)- صفة المهدي: عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: المهدي منا أهل البيت، رجل من أمّتي، أشمّ الأنف، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
501-(223)- المصنّف: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن مطر، عن رجل، عن أبي سعيد الخدري، قال: إنّ المهدي أقنى أجلى.
502-(224)- مسند الروياني، ومعجم الطبراني، ومناقب المهدي:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(222) عقد الدرر: ص 33 ب 3 قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي، كشف الغمّة عن الأحاديث الأربعين: ج 2 ص 469 ح 11، فرائد السمطين: ج 2 ص 330 ب 61 ح 58، ينابيع المودّة: ص 488 ب 94، بشارة الإسلام: ج 2 ب 3 ص 271 عن الحافظ أبي نعيم، البحار: ج 51 ص 80.
(223) المصنّف لعبد الرزّاق: ج 11 باب المهدي ح 20773، الفتن: ج 5 في صفة المهدي ونعته ص 195 عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).
(224) عقد الدرر: ص 34 ب 3 قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في «مناقب المهدي»، وأخرجه الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه، جواهر العقدين: ق 2 ذ 8، الصواعق المحرقة: ص 162 عن الروياني والطبراني وغيرهما، غاية المأمول: ج 5 ص 343 عن الروياني وأبي نعيم والديلمي والطبراني، فردوس الأخبار: ج 4 ص 6940 وفيه: «وجهه كالقمر الدرّي»، البيان: بسنده عن حذيفة ب 17، وقال: «هذا حديث حسن رزقناه عاليا بحمد الله عن جمّ غفير من أصحاب الثقفي وسنده معروف عندنا»، ثمّ ذكر إخراج أبي نعيم والطبراني والدّيلمي له. نور الأبصار: ص 154 ب 2 عن الفردوس، إسعاف الراغبين: ص 135 ب 2، ينابيع المودّة: ص 433 ب 73، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 93 و94 ب 2 ح 16 عن الروياني في مسنده وأبي نعيم، كشف الغمّة: ج 2 ص 469 ح 9 من الأحاديث الأربعين، العرف الوردي: ص 137 ولفظه: «المهدي رجل من ولدي، لونه لون عربي، وجسمه جسم اسرائيلي، على خدّه الأيمن خال كأنّه كوكب درّي(إلى قوله:) والطير في الجوّ»، أخرجه عن مسند الروياني وأبي نعيم: الجامع الصغير: ج 2 ص 187 حرف الميم ح 45، مهدي آل الرسول: ص 4، إبراز الوهم المكنون: ص 572 ح 66، لوائح الأنوار البهيّة في شرح (منها الإمام الخاتم الفصيح- محمّد المهدي والمسيح) عن المنظومة المسمّاة بالدرّة المضيئة، فيض القدير: ج 6 ص 279، مشارق الأنوار: ص 112 ف 2، الإذاعة: ص 188، القطر الشهدي: ص 48، غالية المواعظ: ج 1 ص 77، الصواعق: ص 162 في الآية الثانية عشرة، الفتاوى الحديثيّة: ص 39 وفيه: «على خدّه الأيمن خال كأنّه كوكب درّي»، نور الأبصار: ص 154، كنز العمّال: ج 14 ح 38666، ذخائر العقبى: ص 136، شرح الأخبار: ج 3 ح 1251 ص 378، ومؤلّفات كثيرة اخرى يطول الكلام بذكر أسمائها.
وليعلم أنّ في بعض هذه المصادر اكتفي بذكر صدر الحديث.
أقول: قال بعضهم: «جسم إسرائيلي» أي انّه مثل بني إسرائيل في طول القامة وعظم الجثّة.

(١٣٦)

عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- قال قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدرّي، اللون عربيّ، والجسم إسرائيلي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، يرضى في خلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجوّ، يملك عشرين سنة.
503-(225)- العوالي: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(225) عقد الدرر: ص 34 ب 3 قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في(عواليه)، فرائد السمطين: ج 2 ص 331 ب 61 ح 582 إلّا أنّه قال: «يبعث الله تعالى من عترتي رجلا أفرق الثنايا، أعلى الجبهة... الحديث»، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 132 وفيه: «أعلى الجبهة»، المنار المنيف: ص 187- 188 ح 335 ف 50 وفيه: «من عترتي رجلا» و«يفيض المال في زمنه فيضا»، لوائح الأنوار: ج 2 في شرح قوله: منها الامام الخاتم الفصيح»، إسعاف الراغبين: ص 135، جواهر العقدين: ق 2 ذ 8.

(١٣٧)

أبيه، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): ليبعثنّ الله رجلا من عترتي، أفرق الثنايا، أجلى الجبهة، يملأ الأرض عدلا، ويفيض المال فيضا.
504-(226)- الفتن: حدّثنا الوليد، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي نضرة، أو أبي الصدّيق، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: المهدي أجلى الجبين، أقنى الأنف.
وبسند آخر عن أبي سعيد، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: المهدي أقنى الأنف، أجلى الجبين.
505-(227)- مسند ابي يعلى: حدّثنا قطن بن بشير، حدّثنا عدي بن أبي عمارة، حدّثنا مطر الورّاق، عن أبي الصدّيق، عن أبي سعيد، عن رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: ليقومنّ على أمّتي رجل من أهل بيتي، أقنى، أجلى، يوسع الأرض عدلا كما وسعت ظلما وجورا، يملك سبع سنين.
506-(228)- كمال الدين: حدّثنا علي بن أحمد بن موسى- رضي الله عنه-

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(226) الفتن: ج 5 في صفة المهدي ونعته ص 195 و196، فرائد السمطين: ج 2 ص 330 ب 61 ح 581 إلّا أنّه قال: «المهدي منّا».
(227) مسند أبي يعلى: ج 2 ص 367 ح 154(1128)، دلائل الإمامة: ب معرفة وجوب القائم وأنّه لا بدّ أن يكون ص 251.
(228) كمال الدين: ج 2 ص 653 ب 57، ح 17، البحار: ج 51 ص 35 ب 4 ح 4 عن غيبة الشيخ، ولم أجده فيه.
قال ابن الأثير في النهاية: «س في صفته (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)» «أبيض مشرب حمرة»، الإشراب: خلط لون بلون، كأنّ أحد اللونين سقي اللون الآخر، يقال: بياض مشرب حمرة بالتخفيف، وإذا شدّد كان للتكثير والمبالغة».

(١٣٨)

قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدّثنا إسماعيل بن مالك، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر الباقر، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو على المنبر: يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان، أبيض اللون مشرب بالحمرة، مبدح [مندح- خ] البطن، عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان: شامة على لون جلده، وشامة على شبه شامة النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، له اسمان: اسم يخفى، واسم يعلن، فأمّا الذي يخفى فأحمد، وأما الذي يعلن فمحمّد، إذا هزّ رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، يضع يده على رءوس العباد، فلا يبقى مؤمن إلّا صار قلبه أشدّ من زبر الحديد، وأعطاه الله تعالى قوّة أربعين رجلا، ولا يبقى ميّت [من المؤمنين- خ] إلّا دخلت عليه تلك الفرحة [في قلبه- خ] وهو في قبره وهم يتزاورون في قبورهم، ويتباشرون بقيام القائم صلوات الله عليه.
507-(229)- المستدرك: حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(229) المستدرك: ج 4 ص 557، الإذاعة: ص 138.
أقول: قال ابن قيم الجوزيّة في تهذيبه: الجلى: هو انحسار الشعر عن مقدّم الرأس، ويقال: رجل أجلى، وهو أبلغ في النعت من الأملح. قال العجّاج: مع الجلا ولائح القتير. وفي اللسان: الأجلى: الحسن الوجه الأنزع، قال أبو عبيد: إذا انحسر الشعر عن نصف الرأس ونحوه فهو أجلى، وأنشد: «مع الجلا ولائح القتير»، والقتير الشيب، أو أوّل ما يلوح منه. وقال ابن الأثير في النهاية: «س وفي صفة المهدي: إنّه أجلى الجبهة: الأجلى الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين والّذي انحسر الشعر عن جبهته». وقال السيوطي في الدرّ النثير: قلت: زاد ابن الجوزي الى نصف رأسه.
وفي الفائق: الجلي: ذهاب شعر الرأس الى نصفه، والجلح دونه، والجلى فوقه. وقال في النهاية: «القنى في الأنف طوله، ورقّة أرنبته مع حدب في وسطه».

(١٣٩)

محمّد بن إسحاق الصنعاني، حدّثنا عمرو بن عاصم الكلابي، حدّثنا عمران القطّان، حدّثنا قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): المهدي منّا أهل البيت، أشمّ الأنف، أقنى، أجلى، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يعيش هكذا، وبسط يساره وإصبعين من يمينه- المسبحة والإبهام- وعقد ثلاثة.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرّجاه.
508-(230)- ذكر أخبار أصبهان: حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا أحمد بن الحسين الأنصاري، حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحسين بن حفص، حدّثنا جدّي الحسين، حدّثنا عكرمة بن إبراهيم، عن مطر الورّاق، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى يستخلف رجل من أهل بيتي، أجنأ، أقنى، يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبل ذلك ظلما، يكون سبع سنين.
509-(231)- الفتن: حدّثنا ابن وهب، عن إسحاق بن يحيى، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(230) ذكر أخبار أصبهان: ج 1 ص 84.
(231) الفتن: ج 5 ص 197 ب صفة المهدي، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 147 ولفظه: «المهديّ منّي من قريش...».
ولا يخفى عليك أنّه لا منافاة لمثل هذا الحديث مع الأحاديث الناصّة على طول عمره الشريف، فإنّ المراد من توصيفه بفتى أو شاب أو رجل توصيفه بالفتوّة ورجوليّة رجال القيام والنهضة ونشاط الشباب، هذا مضافا إلى ما ورد فيه بأنّه لا يهرم بمرور الأيّام فيظهر في صورة الرجال الأقوياء.
قال في لسان العرب: والأدمة: السمرة، والآدم من الناس الأسمر، وقال في صفة موسى على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام: إنّه ضرب من الرجال، هو الخفيف اللحم الممشوق المستدقّ. لسان العرب: ج 12 ص 11 مادّة «أدم»، وج 1 ص 549 مادّة «ضرب».

(١٤٠)

طلحة التّيمي، عن طاوس، قال: قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: هو فتى من قريش، آدم، ضرب من الرجال.
ويدلّ عليه الأحاديث: 360، 366، 374، 378، 414، 428، 431، 484، 518، 577، 691، 812، 813، 814، 835، 836، 1198، 1217، 1246.

(١٤١)

الفصل السادس: في أنّه من ولد أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) وفيه 225 حديثا

510-(232)- الفتن: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي قال: هو [يعني: المهدي] رجل منّي.
511-(233)- فرائد السمطين: بإسناده عن ثابت بن دينار، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(232) الفتن: ج 5 ص 198 في نسبة المهدي، الملاحم والفتن: ص 84 ب 189.
(233) فرائد السمطين: ج 2 ص 335 و336 ب 61 ح 589، ينابيع المودّة: ص 424 ب 94 عن المناقب.
وروى في كتاب كشف اليقين: ص 191 و192 عن الحافظ المسمّى بنادرة الفلك محمّد بن أحمد بن علي النطنزي في كتابه، عن أبي الحسن أحمد بن الحسين المقرئ، عن علي بن شجاع بن علي الصيقلي، عن الشريف أبي القاسم علي بن محمّد بن علي بن القاسم بن محمّد بن عبد الله بن العبّاس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن الحسن بن إبراهيم بن محمّد بن هشام، عن محمّد بن جعفر الكوفي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن محمّد بن الفرات، عن ثابت بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس... نحوه.
وروى الصدوق في كمال الدين ج 1 ص 287 ح 7: عن محمّد بن موسى بن المتوكّل عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن عثمان، عن محمّد بن الفرات، عن ثابت بن دينار، عن ابن جبير، عن ابن عبّاس... نحوه.
وقال السيّد ابن طاوس: «من نظر في هذا الحديث المعظّم الّذي هو حجّة على من وصل إليه- ونظر في غيره من الأحاديث الكثيرة المذكورة في كتابنا هذا- عرف أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما ترك لأحد حجّة عليه في علي سلام الله عليه، وفي ولده المهدي- صلوات الله عليه وطول غيبته، وكان ذلك من آيات الله جلّ جلاله، وحجج محمّد رسول الله صلوات الله عليه وآله، أخبر بولادة آباء المهدي صلوات الله عليهم، ثمّ أخبر بطول غيبة المهديّ (عليه السلام) قبل أن يعلم بما انتهت إليه حال المهدي (عليه السلام) في الغيبة إليه، فللّه جلّ جلاله ولمحمّد (صلّى الله عليه وآله) الحجّة البالغة على من ارسل إليه في دار الفناء ويوم الجزاء» انتهى عن كتاب اليقين باختصاص علي بإمرة المؤمنين، البحار: ج 38 ص 126 و127 ب 61 ح 76 عن كشف اليقين عن الحافظ محمّد بن أحمد النطنزي، إثبات الهداة: ج 3 ص 618 ب 32 ح 177.

(١٤٢)

سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): إنّ عليّ بن أبي طالب إمام أمّتي، وخليفتي عليها من بعدي، ومن ولده القائم المنتظر الذي يملأ الله به الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا؛ والذي بعثني بالحقّ بشيرا إنّ الثابتين على القول به في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدك غيبة؟ قال: إي وربي ليمحّص الله به الذين آمنوا ويمحق الكافرين، يا جابر إنّ هذا أمر من أمر الله، وسرّ من سرّ الله، علمه مطويّ عن عباده، فإيّاك والشكّ فيه، فإنّ الشكّ في أمر الله كفر.
512-(234)- دلائل الإمامة: وحدّثني أبو المفضّل محمّد بن عبد الله، قال: حدّثنا محمّد بن همام، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن سفيان بن المهدي، عن أبان، عن أنس بن مالك، قال:
خرج علينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذات يوم فرأى عليا، فوضع يده بين كتفيه، ثمّ قال: يا علي! لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يملك رجل من عترتك يقال له المهدي، يهدي الى الله (عزّ وجلّ)، ويهتدي به العرب كما هديت أنت الكفّار والمشركين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(234) دلائل الإمامة: معرفة وجوب القائم وأنّه لا بدّ أن يكون ص 250 ح 44، إثبات الهداة: ج 3 ص 574 ب 32 ح 716، وفيه صدر الرواية.

(١٤٣)

من الضلالة، ثمّ قال: ومكتوب على راحتيه: بايعوه، فإنّ البيعة للّه (عزّ وجلّ).
513-(235)- غيبة الشيخ: أحمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن مصبح، عن أبي عبد الرحمن، عمّن سمع، عن وهب بن منبّه، يقول عن ابن عباس (في حديث طويل) أنّه قال: يا وهب! ثمّ يخرج المهديّ، قلت: من ولدك؟ قال: لا والله ما هو من ولدي ولكن من ولد عليّ (عليه السلام)، وطوبى لمن أدرك زمانه، وبه يفرّج الله عن الامّة حتّى يملأها قسطا وعدلا... إلى آخر الخبر.
514-(236)- معاني الأخبار: حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني- رحمه الله- قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى العلوي بالبصرة، قال: حدّثني المغيرة بن محمّد، قال: حدّثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ (عليهما السلام) قال: خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه بالكوفة بعد منصرفه من النهروان وبلغه أنّ معاوية يسبّه ويلعنه ويقتل أصحابه، فقام خطيبا (ثمّ ذكر خطبته التي ذكر فيها ما أنعم الله على نبيه وعليه... وساق الكلام إلى أن قال:) ومن ولدي مهدي هذه الامّة.
515-(237)- غيبة الشيخ: أخبرني جماعة، عن أبي جعفر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(235) غيبة الشيخ:، ص 187 ح 146، البحار: ج 51 ص 76 ب 1 من أبواب النصوص ح 31، إثبات الهداة: ج 3 ص 504 ب 32 ح 302.
(236) معاني الأخبار: ص 58- 60 ب 27 ح 9، إثبات الهداة: ج 1 ص 488 ب 9 ح 162.
(237) غيبة الشيخ: ص 185 ح 144، البحار: ج 51 ص 75 ب 1 من أبواب النصوص ح 29، إثبات الهداة: ج 3 ص 503 ب 32 ح 300.
أقول: الظاهر أنّ الصحيح: «ثبج أعوج»، وقد مرّ معناه في ذيل الحديث 394.

(١٤٤)

محمّد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن عليّ بن محمّد بن قتيبة النيشابوري، عن الفضل بن شاذان، عن نصر بن مزاحم، عن أبي لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (في حديث طويل:) فعند ذلك خروج المهديّ، وهو رجل من ولد هذا، وأشار بيده إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، به يمحق الله الكذب ويذهب الزمان الكلب، وبه يخرج ذلّ الرقّ من أعناقكم [ثمّ قال:] أنا أوّل هذه الامّة، والمهديّ أوسطها، وعيسى آخرها، وبين ذلك شيخ أعوج.
ويدل عليه الأحاديث 80، 81، 113، 118، 120، 126، 127، 129، 149، 153، 158، 159، 160، 168، 170، 173، 176، 178، 181، 191، 193، 196، 205 إلى 308، 323، 325، 359، 382، 397، 411، 417، 428، 450، 458، 463، 464، 467، 469، 472، 492، 497 إلى 499، 502، 506، 516 إلى 543، 546 إلى 548، 550 إلى 572، 588، 589، 597، 600، 608، 612، 623 إلى 626، 641، 670، 685، 757، 761، 765، 770، 775، 786 إلى 807، 859، 918، 973، 1104، 1230.

(١٤٥)

الفصل السابع: في أنّه من ولد سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) وفيه 202 حديثا

516-(238)- المستدرك على الصحيحين: في كتاب الفتن والملاحم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(238) المستدرك على الصحيحين: ج 4 ص 557، التلخيص: ج 4 ص 557، سنن أبي داود: ج 4 ص 107 ح 4284 وجاء فيه: «المهديّ من عترتي من ولد فاطمة»، البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 99 وجاء فيه: «من عترتي من ولد فاطمة»، نهاية البداية والنهاية: ج 1 ص 40 وجاء فيه: «من عترتي من ولد فاطمة»، الصواعق المحرقة:
ص 236 ب خصوصياتهم الدالّة على عظيم كراماتهم، أخرجه عن أبي داود والنسائي وابن ماجة وآخرين، وفيه: «من عترتي من ولد فاطمة»، شرح الأخبار: ج 3 ص 395 الجزء الخامس عشر ح 1274 ولفظه: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة ابنتي»، غيبة الشيخ: 185- 186 ح 145 و187- 188 ح 148.
أقول: الحديث مشهور معروف، راجع جوامع الحديث والكتب المؤلّفة في المهدي (عليه السلام) وفي أشراط الساعة، ولذا لم نزد على ما ذكرناه من المصادر.
وأخرج في الفتن ج 5: 197- 198 في نسبة المهدي (عليه السلام) بسنده عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيّب: المهدي حقّ هو؟ قال: هو حقّ، قلت: ممّن هو؟ قال: من قريش، قلت: من أيّ قريش، قال: من بني هاشم، قلت: من أيّ بني هاشم؟ قال: من بني عبد المطّلب، قلت: من أيّ عبد المطلب؟ قال: من ولد فاطمة.
وأخرجه عقد الدرر ص 23 ب 1 وفيه: «من أي ولد عبد المطلب»، وفيه: «قلت: من أيّ ولد فاطمة؟ قال: حسبك الآن» قال: أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي، وأخرج نحوه في ص 22 الى قوله: «من ولد فاطمة» عن المقرئ أو الداني. وفي العرف الوردي: ج 2 ص 48 مختصرا، وفي جواهر العقدين: ق 2 ذ 8. وفي شرح الأخبار: ج 3 ص 394- 395 الجزء الخامس عشر ح 1273.

(١٤٦)

أخبرني أبو النضر الفقيه، حدّثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدّثنا عبد الله بن صالح، أنبأنا أبو المليح الرقّي، حدّثني زياد بن بيان (وذكر من فضله)، قال: سمعت عليّ بن نفيل يقول: سمعت سعيد بن المسيّب يقول: سمعت أمّ سلمة تقول: سمعت النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يذكر المهديّ فقال: نعم هو حقّ، وهو من بني فاطمة.
[وحدّثناه] أبو أحمد بكر بن محمّد الصيرفي بمرو، حدّثنا أبو الأحوص محمّد بن الهيثم القاضي، حدّثنا عمرو بن خالد الحرّاني، حدّثنا أبو المليح، عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن أمّ سلمة- رضي الله عنها- قالت: ذكر رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) المهديّ فقال: هو من ولد فاطمة.
517-(239)- البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: وأخرج أبو نعيم، عن الحسين (عليه السلام) أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قال لفاطمة: يا بنيّة، المهدي من ولدك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(239) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 94 ب 2 ح 17، العرف الوردي «الحاوي للفتاوي»: ج 2 ص 137 ولفظه: «المهدي من ولدك» عن أبي نعيم، عقد الدرر: ص 21- 22 ب 1 وفيه عن علي بن الحسين عن أبيه (عليهما السلام) أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال لفاطمة (عليها السلام): «المهدي من ولدك» أخرجه عن أبي نعيم في صفة المهدي، كشف الغمّة: ج 2 ص 468 ح 4 عن أبي نعيم في الأربعين عن الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه (عليهما السلام) مثل ما في عقد الدرر، دلائل الإمامة: باب معرفة وجوب القائم وأنّه لا بدّ أن يكون ص 234، ذخائر العقبى: في ذكر ما جاء أنّ المهديّ في آخر الزمان منها ص 136.

(١٤٧)

518-(240)- غيبة الشيخ: أحمد بن إدريس، عن عليّ بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: المهديّ رجل من ولد فاطمة، وهو رجل آدم.
519-(241)- الفتن: حدّثنا أبو هارون، عن عمرو بن قيس الملائي، عن المنهال بن عمرو، عن زرّ بن حبيش سمع عليّا [(عليه السلام)] رضي الله عنه يقول: المهديّ رجل منّا، من ولد فاطمة [(عليها السلام)] رضي الله عنها.
520-(242)- الأمالي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا محمّد بن فيروز بن غياث الجلاب بباب الأبواب، قال: حدّثنا محمّد بن الفضل بن المختار الباني ويعرف بفضلان صاحب الجار، قال: حدّثني أبي الفضل بن مختار، عن الحكم بن ظهير الفزاري الكوفي، عن ثابت بن أبي صفيّة أبي حمزة، قال: حدّثني أبو عامر القاسم بن عوف، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن سلمان الفارسيّ رضي الله عنه (في حديث طويل) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(240) غيبة الشيخ: ص 187 ح 147، البحار: ج 51 ص 43 ب 4 ح 32، إثبات الهداة: ج 3 ص 504 ب 32 ح 303.
(241) الفتن: ج 5 في نسبة المهدي ص 201، كنز العمّال: ج 14 ص 591 ح 39675، منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 34، الملاحم والفتن: ص 75 ب 162 عن نعيم.
(242) أمالي الشيخ: ج 2 ص 219 مج 10، البحار ج 22 ص 502- 503 ب 1 ح 48 وج 40 ص 66- 67 ب 91 ح 100 وفيهما: «ومن ذرّيتك المهدي» والظاهر أنّ النسخة التي كانت عند العلامة المجلسي أصح من النسخة المطبوعة الموجودة عندنا، ولذلك أخرجنا الحديث في هذا الباب، وعلى كلتا النسختين يدلّ الحديث على أنّه من ولدها (عليها السلام).

(١٤٨)

لفاطمة: إنّ الله تعالى اختارني من أهل بيتي، واختار عليّا والحسن والحسين واختارك، فأنا سيّد ولد آدم، وعلي سيّد العرب، وأنت سيّدة النساء، والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، ومن ذرّيّتكما المهديّ، يملأ الله (عزّ وجلّ) به الأرض عدلا كما ملئت من قبله جورا.
521-(243)- تفسير فرات الكوفي: عن محمّد بن القاسم بن عبيد معنعنا، عن عبد الله بن عبّاس، عن سلمان الفارسي، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (في حديث طويل ذكر فيه فضائل عليّ (عليه السلام)) أنّه قال لفاطمة (عليها السلام): المهديّ الذي يصلّي عيسى خلفه منك ومنه.
522-(244)- المناقب: قال عبد الملك للزهري: هل علمت من أمر المنادى باسمه (يعني: القائم (عليه السلام)) من السماء شيئا؟ قال الزهري: أخبرني علي بن الحسين أنّ هذا المهدي من ولد فاطمة.
523-(245)- السيرة الحلبيّة: قال: وقد جاء أنّ المهدي من عترة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(243) تفسير فرات الكوفي: في تفسير سورة الواقعة ص 179.
(244) المناقب: ج 1 ص 288.
(245) السيرة الحلبيّة: ج 1 ص 227.
أقول: قد اتّفقت كلمات أكابر الحفّاظ والمحدّثين من العامّة على أنّ المهدي من ولد فاطمة (عليهما السلام)، وقول من قال غير ذلك من بني اميّة وبني العبّاس وأذنابهم مردود إليهم، قد أبطلوه كمال الإبطال، ويدفعه الأخبار المتواترة المخرجة في الصحاح والمسانيد والجوامع الّتي يجب على الامّة اتّباعها والاعتقاد بها.
وفي عقد الدرر: ص 153 و154 ب 7: ذكر الحافظ عبد الرحمن النخعي السهيلي في كتاب «شرح سيرة الرسول (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)» في تفضيل فاطمة (عليها السلام) على نساء العالمين، فذكر قوله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): «إنّما فاطمة بضعة منّي»، وقوله (عليه السلام): «هي خير بناتي» وشبه ذلك، ثمّ ذكر سؤددها وتفضيلها على غيرها، فذكر أسبابا كثيرة منها أنّها قال: ومن سؤددها أنّ المهدي المبشّر به في آخر الزمان من ذرّيّتها، فهي مخصوصة بهذه الفضيلة دون غيرها (عليها السلام).
أقول: في النسخة المخطوطة العتيقة: «الحافظ عبد الرحمن الحنفي»، ولعلّ الصحيح «الخثعمي» كما جاء في مصادر ترجمته، مثل تذكرة الحفّاظ ووفيات الأعيان.

(١٤٩)

النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، من ولد فاطمة.
524-(246)- شرح الأخبار: من رواية مخنف بن عبد الله بإسناده عن رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) أنّه قال: المهدي من نسل فاطمة سيّدة نساء العالمين طالت الأيّام أم قصرت، يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، ويطيب العيش في زمانه، ويصيح صائح بلعنة بني اميّة وشيعتهم، والصلاة على محمّد، والبركة على علي وشيعته، فيومئذ يؤمن الناس كلّهم أجمعون.
525-(247)- بحار الأنوار: ما (أى الأمالي): الحفّار، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(246) شرح الأخبار: ج 3 ص 394 الجزء الخامس عشر ح 1272.
(247) بحار الأنوار: ج 28 ص 45- 46 ب 2 ح 8، ج 51 ص 67 ب 1 من أبواب النصوص ح 7 عن الأمالي.
اعلم أنّه قد اختلف لفظ الحديث حسب النسخ التي راجعنا إليها، فيظهر من البحار أنّ النسخة الموجودة عند العلامة المجلسي من الأمالي كان لفظها: «اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم ابني»، فقد أخرج الحديث في موضعين من البحار عن الأمالي باللفظ المذكور، كما أخرجه بهذا اللفظ المحدّث العاملي في إثبات الهداة: ج 3 ص 518 ف 12 ب 32 ح 379 عن الأمالي أيضا، وأخرجه في البحار: ج 37 ص 191- 193 ب 52 ح 75 عن الطرائف، وليس فيه: «واسم أبيه كاسم...»، وهذا موافق للنسخة المطبوعة من الطرائف: ص 522 ولفظه: «اسمه كاسمي، وهو من ولد ابنتي»، وموافق أيضا لينابيع المودّة للفاضل القندوزي الحنفي: ص 134- 135 ب 145 عن مناقب الخوارزمي، وهنا نسخ من الأمالي ومناقب الخوارزمي وكشف الغمّة والطرائف في طبعته الجديدة فيها: «واسم أبيه اسم أبي»، ولا ريب أنّه لا يثبت بكلّ هذه النسخ واحد من اللفظين وإن كان المظنون بالظنّ القويّ أنّ جملة «واسم أبيه...» إمّا لم تكن في الحديث، أو كانت «واسم أبيه كاسم ابني» فصحّحه بعض النسّاخ على زعمه، حملا لها على حديث زائدة الّذي سيأتي الكلام فيه في الفصل الثاني والعشرون ص 219، مضافا إلى أنّه يردّ كون اللفظ «واسم أبيه كاسم أبي» الأحاديث الكثيرة الدالّة على أنّ اسم أبيه هو «الحسن». وكيف كان فلا اعتماد على هذه الجملة أيّا ما كان لفظها بعد اختلاف النسخ.

(١٥٠)

عثمان بن أحمد، عن أبي قلابة، عن بشر بن عمر، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن إسماعيل بن أبان، عن أبي مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النبيّ (صلّى الله عليه وآله) الراية يوم خيبر الى علي بن أبي طالب (عليه السلام) ففتح الله عليه، ثمّ ذكر نصبه (عليه السلام) يوم الغدير، وبعض ما ذكر فيه من فضائله (عليه السلام)... الى أن قال: ثمّ بكى النبي (صلّى الله عليه وآله)، فقيل: ممّ بكاؤك يا رسول الله؟ قال: أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أنّهم يظلمونه، ويمنعونه حقّه، ويقاتلونه، ويقتلون ولده، ويظلمونهم بعده، وأخبرني جبرئيل (عليه السلام) عن ربّه (عزّ وجلّ) أنّ ذلك يزول إذا قام قائمهم، وعلت كلمتهم، وأجمعت الامّة على محبّتهم، وكان الشانئ لهم قليلا، والكاره لهم ذليلا، وكثر المادح لهم، وذلك حين تغيّر البلاد، وتضعف العباد، والإياس من الفرج، وعند ذلك يظهر القائم فيهم، قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): اسمه كاسمي، واسم أبيه كاسم ابني، وهو من ولد ابنتي، يظهر الله الحقّ بهم، ويخمد الباطل بأسيافهم، ويتّبعهم الناس بين راغب إليهم وخائف لهم، قال: وسكن البكاء عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال: معاشر المؤمنين، أبشروا بالفرج، فإنّ وعد الله لا يخلف، وقضاءه لا يردّ، وهو الحكيم الخبير، فإنّ فتح الله قريب، اللهمّ إنّهم أهلي، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا، اللهمّ اكلأهم، واحفظهم، وارعهم، وكن لهم، وانصرهم، وأعنهم، وأعزّهم، ولا تذلّهم، واخلفني فيهم، إنّك على كلّ شيء قدير.

(١٥١)

ويدلّ عليه الأحاديث: 80، 118، 120، 126، 127، 129، 158، 168، 170، 171، 173، 176، 178، 181، 191، 193، 196، 205 إلى 308، 323، 359، 382، 397، 414، 417، 428، 450، 463، 467، 470، 492، 497 إلى 499، 526 إلى 543، 546 إلى 548، 550 إلى 572، 588، 589، 600، 608، 612، 624، 641، 670، 765، 770، 771، 786 إلى 807، 859، 918، 973، 1104، 1230.

(١٥٢)

الفصل الثامن: في أنّه من أولاد السبطين الحسن والحسين (عليهما السلام) وفيه 125 حديثا

526-(248)- ذخائر العقبى: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يولد منهما- يعني: الحسن والحسين- مهديّ هذه الامّة.
527-(249)- المعجم الكبير: حدّثنا محمّد بن رزيق بن جامع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(248) ذخائر العقبى: في ذكر ما جاء أنّ المهدي في آخر الزمان منهما ص 136.
أقول: لا يخفى عليك أنّ أمّ الإمام أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) هي السيّدة فاطمة بنت السبط الأكبر الإمام المجتبى (عليه السلام)، فمولانا الباقر ومن بعده من الأئمّة الاثني عشر إلى الإمام المهدي (عليهم السلام) من نسل الحسن والحسين (عليهما السلام) كما أخبر به النبي (صلّى الله عليه وآله)، وهذا من إخباره بالغيب، وأحد أعلام نبوّته.
(249) المعجم الكبير: ج 3 ص 57- 58 ح 2675، صفة المهدي للحافظ أبي نعيم أخرجه عنه في عقد الدرر: 151- 153 ب 7 و217- 218 ب 9 ف 3، مجمع الزوائد: ج 9 ص 165- 166، البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 55 ب 1 ح 1، ذخائر العقبى: في ذكر ما جاء أنّ المهدي في آخر الزمان منهما ص 135 و136، وقال: أخرجه الحافظ أبو العلاء الهمداني في أربعين حديثا في المهدي، كشف الغمّة عن الحافظ أبي نعيم في الأحاديث الأربعين: ج 2 ح 5 ص 468، ينابيع المودّة: ص 223- 224 وص 436 ب 73، فرائد السمطين: ج 2 ص 84 ح 403، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 94- 95 ب 2 ح 19، عبقات الأنوار: حديث الطير المجلّد الرابع من المنهج الثاني ص 86 ط الهند، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 137 مختصرا عن الطبراني في الكبير، الإذاعة: ص 136، اسد الغابة: ج 4 ص 42 أخرجه مختصرا عن أبي نعيم وأبي موسى، والإصابة أيضا وأخرج في القول المختصر: ص 27 أنّه (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال لفاطمة[(عليها السلام)]: «والّذي بعثني بالحقّ نبيّا إنّ منهما (يعني: الحسن والحسين) مهدي هذه الامّة».
هذا ولا يخفى أنّ حكم مثل الذهبي في ميزانه على الخبر بالبطلان ليس بعجيب منه وهو الّذي يردّ الأحاديث الصحاح المشهورة في فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ومثالب أعدائهم، وهذا الحديث حيث لا يوافق هواه حكم عليه بالبطلان واتّهم الهيثم به، ولم يأت بأيّ شاهد يثبت على الهيثم هذا الاتّهام، أو يدلّ على بطلان الخبر، غير أنّه لا يتحمّل ما في فضائلهم، ولو كان موافقا لهواه المائل عن أهل البيت (عليهم السلام) إلى أعدائهم مثل معاوية لكان ذلك عنده شاهدا على صحّة المتن والسند، وأنّ راويه من أهل السنّة، فانّا للّه وإنّا إليه راجعون، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم.
أمّا عندنا فالحديث في كمال الاعتبار من حيث المضمون، ولا غرابة فيه أصلا، وله شواهد كثيرة، مثل: حديث عباية عن أبي أيّوب الأنصاري، وحديث أبي سعيد الخدري الّذي أخرجه في ينابيع المودّة: ص 490 عن فضائل الصحابة للسمعاني عن أبي سعيد. ثمّ بعد ذلك كلّه إنّ الّذي يقوى عند النظر هو اتّحاد هذا الهيثم مع الهيثم بن حبيب الصيرفي الكوفي الّذي هو أخو عبد الخالق بن حبيب الّذي قال فيه أحمد: ما أحسن أحاديثه وأشدّ استقامتها، وتأخّر الأوّل عن هذا غير ثابت وإن ادّعاه ابن حجر.
وأظنّ أنّ القوم حيث رأوا أنّه لا يوجّه لهم القول في هذا الحديث بعد ما كان راويه مثل الهيثم الذي أثنى عليه أحمد بمثل ما أثنى لجئوا إلى القول بتعدّدهما.

(١٥٣)

المصري، حدّثنا الهيثم بن حبيب، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن علي بن علي المكّي الهلالي، عن أبيه قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في شكاته التي قبض فيها، فإذا فاطمة [(عليها السلام)] رضي الله عنها عند رأسه قال: فبكت حتّى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) طرفه إليها فقال: حبيبتي فاطمة، ما الّذي يبكيك؟ قالت: أخشى الضيعة من بعدك، فقال: يا حبيبتي، أ ما علمت أنّ الله (عزّ وجلّ) اطّلع الى الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه

(١٥٤)

برسالته، ثمّ اطّلع اطّلاعة فاختار منها بعلك، وأوحى إليّ أن انكحك إيّاه، يا فاطمة، ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم يعط أحد قبلنا، ولا يعطى أحد بعدنا: أنا خاتم النبيّين وأكرم النبيّين على الله وأحبّ المخلوقين إلى الله (عزّ وجلّ) وأنا أبوك، ووصيّي خير الأوصياء وأحبّهم إلى الله وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم الى الله وهو حمزة بن عبد المطّلب وهو عمّ أبيك وعمّ بعلك ومنّا من له جناحان أخضران يطير في الجنّة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيك وأخو بعلك، ومنّا سبطا هذه الامّة وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيّدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما- والذي بعثني بالحقّ- خير منهما، يا فاطمة، والّذي بعثني بالحقّ إنّ منهما مهديّ هذه الامّة، إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا وتظاهرت الفتن، وتقطّعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيرا، ولا صغير يوقّر كبيرا، فيبعث الله (عزّ وجلّ) عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوبا غلفا، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، ويملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا، يا فاطمة، لا تحزني ولا تبكي، فإنّ الله (عزّ وجلّ) أرحم بك وأرأف عليك منّي؛ وذلك لمكانك منّي وموضعك من قلبي، وزوّجك الله زوجك وهو أشرف أهل بيتك حسبا، وأكرمهم منصبا، وأرحمهم بالرعيّة، وأعدلهم بالسويّة، وأبصرهم بالقضيّة، وقد سألت ربّي (عزّ وجلّ) أن تكوني أوّل من يلحقني من أهل بيتي. قال عليّ [(عليه السلام)] رضي الله عنه: فلمّا قبض النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) لم تبق فاطمة [(عليها السلام)] رضي الله عنها بعده إلّا خمسة وسبعين يوما حتّى ألحقها الله تعالى به (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).

(١٥٥)

528-(250)- أمالي الشيخ: في حديث طويل بإسناده عن عليّ بن الحسين (عليهما السلام) جاء فيه تعظيم جابر للحسن والحسين (عليهما السلام)... إلى أن قال: فأنشأ جابر يحدّث، قال: بينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذات يوم في المسجد وقد حفّ من حوله إذ قال لي: يا جابر! ادع لي حسنا وحسينا، وكان (صلّى الله عليه وآله وسلّم) شديد الكلف بهما، فانطلقت فدعوتهما وأقبلت أحمل هذا مرّة وهذا مرّة حتّى جئته بهما، فقال لي- وأنا أعرف السرور في وجهه لما رأى من حنوي عليهما وتكريمي إيّاهما-: أ تحبّهما يا جابر؟ قلت: وما يمنعني من ذلك فداك أبي وامّي وأنا أعرف مكانهما منك، قال: أ فلا اخبرك عن فضلهما؟ قلت: بلى بأبي أنت وامّي، قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
إنّ الله تعالى لمّا أحبّ [أراد- خ] أن يخلقني خلقني نطفة بيضاء طيّبة، فأودعها صلب أبي آدم (عليه السلام)، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر إلى نوح وإبراهيم (عليهما السلام)، ثمّ كذلك الى عبد المطّلب، فلم يصبني من دنس الجاهليّة شيء, ثمّ افترقت تلك النطفة شطرين: إلى عبد الله وأبي طالب، فولدني أبي فختم الله بي النبوّة، وولد عليّ فختمت به الوصيّة، ثمّ اجتمعت النطفتان منّي ومن علي فولدنا الجهر والجهير- الحسنان- فختم بهما أسباط النبوّة، وجعل ذرّيّتي منهما، وأمرني بفتح مدينة- أو قال: مدائن- الكفر ومن ذرّيّة هذا- وأشار إلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(250) أمالي الشيخ: ج 2 الجزء الثامن عشر ص 113- 114 ح 2، بحار الأنوار: ج 37 ص 44- 47، ب 50 ح 22.
أقول: لعلّه كان الأولى ذكر هذا الحديث في الباب الآتي إلّا أنّا أخرجناه هنا بملاحظة نسخة البحار، ولعلّه كان أصحّ والله أعلم. وفيه: «وجعل ذرّيّتي منهما، والّذي يفتح مدينة- أو قال: مدائن- الكفر، ويملأ الأرض...».

(١٥٦)

الحسين (عليه السلام)- رجل يخرج في آخر الزمان، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا، فهما طاهران مطهّران، وهما سيّدا شباب أهل الجنّة، طوبى لمن أحبّهما وأباهما وامّهما، وويل لمن حاربهم وأبغضهم.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 94 إلى 160، 463، 464، 465، 543، 546 إلى 548، 550 إلى 571، 590، 608، 641، 770، 786 إلى 807.

(١٥٧)

الفصل التاسع: في أنّه من ولد الحسين (عليه السلام) وفيه 208 أحاديث

529-(251)- صفة المهدي: عن حذيفة- رضي الله عنه- قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(251) عقد الدرر: ص 24 و25 ب 1 وقال: «أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي»، ذخائر العقبى: ص 136 و137 قال: فيحمل ما ورد مطلقا فيما تقدّم على هذا المقيّد، يعني حمل ما ورد من أنّه من ولد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعترته، ومن ولد فاطمة، ونحو ذلك على هذا المقيّد، وأنّه من ولد الحسين (عليه السلام). ينابيع المودّة: ص 488 و490 ب 94، كشف الغمّة عن أبي نعيم في الأحاديث الأربعين: ج 2 ص 469 ح 6، فرائد السمطين: ج 2 ص 325- 326 ح 575، لسان الميزان: ج 3 ص 238، أخرج عن ابن حبّان عن العبّاس بن بكّار الضبي البصري قال: ومن مصائبه:
حدّثنا عبد الله بن زياد الكلبي، عن الأعمش، عن زرّ، عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا في المهدي... فقال سلمان: يا رسول الله فمن أيّ ولدك؟ قال: من ولدي هذا، وضرب بيده على الحسين [(عليه السلام)]. وحكى عن ابن حبّان ذلك الذهبيّ في ميزانه(4160).
أقول: لا ذنب لمثل العبّاس بن بكار عندهم إلّا أنّه حدّث ببعض أحاديث فضائل أهل البيت (عليهم السلام)، ولم يكتمه طمعا للدنيا وجوائز أهل السلطة والسياسة، ولا خوفا من السجن والسوط والقتل، وقد كان على ذلك- أي كتمان فضائلهم وترك الرواية عنهم- علماء الدولة ومحدّثوها. وأمّا ابن حبّان فهو مطعون عندهم بإنكاره النبوّة بقوله: «النبوّة علم وعمل» فحكموا عليه بالزندقة وهجروه، وكتبوا فيه إلى الخليفة فأمر بقتله، ورجل مثل هذا وبهذه العقيدة لا يقبل منه في مثل هذه الانباءات النبويّة الغيبيّة.

(١٥٨)

خطبنا رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) بما هو كائن، ثمّ قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله (عزّ وجلّ) ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلا من ولدي، اسمه اسمي، فقام سلمان الفارسي- رضي الله عنه- فقال: يا رسول الله من أيّ ولدك؟ قال: هو من ولدي هذا، وضرب بيده على الحسين (عليه السلام).
وبلفظ آخر في عقد الدرر(252) عن حذيفة أيضا قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي، وخلقه خلقي، يكنّى أبا عبد الله.
[قال]: أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ». وروي من حديث أبي الحسن الربعي المالكي أتمّ من هذا، عن حذيفة أيضا، عن رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) أنّه قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي، وخلقه خلقي، يكنّى أبا عبد الله، يبايع له الناس بين الركن والمقام، يردّ الله به الدين، ويفتح له فتوح، فلا يبقى على وجه الأرض إلّا من يقول لا إله إلّا الله، فقام سلمان فقال: يا رسول الله، من أيّ ولدك؟ قال: من ولد ابني هذا، وضرب بيده على الحسين.
530-(253)- البيان في أخبار صاحب الزمان: بإسناده عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(252) عقد الدرر: ص 31 و32 ب 2، البيان: ص 129 ب 13 بسنده عن حذيفة.
(253) البيان في أخبار صاحب الزمان (عليه السلام): ب 9 الّذي عقده في تصريح النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأنّ المهدي (عليه السلام) من ولد الحسين (عليه السلام) ص 121 و122، الفصول المهمّة: ص 195 و196، البحار: ج 38 ص 10 و11 ب 56 ح 17 وج 51 ص 91، كشف الغمّة: ج 2 ص 481- 482، دلائل الإمامة مختصرا: ص 234.

(١٥٩)

الدارقطني، بسنده عن سهل بن سليمان، عن أبي هارون العبدي، قال: أتيت أبا سعيد الخدري فقلت له: هل شهدت بدرا؟ فقال: نعم، فقلت:
ألا تحدّثني بشيء ممّا سمعته من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في عليّ (عليه السلام) وفضله؟ فقال: بلى اخبرك، إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مرض مرضة نقه منها، فدخلت عليه فاطمة (عليها السلام) تعوده وأنا جالس عن يمين رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فلمّا رأت ما برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الضعف خنقتها العبرة حتّى بدت دموعها على خدّها، فقال لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ما يبكيك يا فاطمة؟ أ ما علمت أنّ الله تعالى اطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبيّا، ثمّ اطّلع ثانية فاختار بعلك، فأوحى إليّ فأنكحتك إيّاه واتّخذته وصيّا، أ ما علمت أنّك بكرامة الله تعالى إيّاك زوّجك أعلمهم علما، وأكثرهم حلما، وأقدمهم سلما، فضحكت واستبشرت، فأراد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن يزيدها مزيد الخير كلّه الذي قسّمه الله لمحمّد وآل محمّد (صلّى الله عليه وآله)، فقال لها: يا فاطمة، ولعليّ ثمانية أضراس- يعني مناقب-: إيمان بالله ورسوله، وحكمته، وزوجته، وسبطاه الحسن والحسين، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، يا فاطمة، إنّا أهل بيت أعطينا ستّ خصال لم يعطها أحد من الأوّلين، ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا أهل البيت: نبيّنا خير الأنبياء وهو أبوك، ووصيّنا خير الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمّ أبيك، ومنّا سبطا هذه الامّة وهما ابناك، ومنّا مهديّ هذه الامّة الّذي يصلّي عيسى خلفه، ثمّ ضرب على منكب الحسين فقال: من هذا مهديّ الامّة.

(١٦٠)

قلت: هكذا أخرجه الدارقطني صاحب «الجرح والتعديل».
531-(254)- الفتن: حدّثنا الوليد ورشدين، عن أبي لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو، قال: يخرج رجل من ولد الحسين من قبل المشرق، لو استقبلته الجبال لهدمها واتّخذ فيها طرقا.
ويدلّ عليه بالمطابقة أو الالتزام الأحاديث: 80، 113، 126، 127، 129، 167، 168، 170، 171، 173، 176، 178، 181، 191، 193، 196، 205 إلى 308، 382، 397، 414، 428، 465، 466، 526، 527، 528، 532 إلى 543، 546، 547، 548، 550 إلى 571، 588، 600، 608، 612، 641، 770، 786 إلى 807، 859، 918، 973، 1104، 1116، 1139، 1140، 1159، 1168، 1216، 1230.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(254) الفتن: ج 5 في نسبة المهدي ص 199، البيان: ص 93 ب 16 قال: رواه الطبراني وأبو نعيم عنه، الملاحم والفتن: ص 85 و86 ب 195 عن كتاب الفتن إلّا أنّه ذكر: «عبد الله بن عمر»، وقال: «لهدّها»، عقد الدرر: ص 127 ب 5 عن الطبراني في معجمه وأبي نعيم ونعيم، وأخرجه أيضا في ص 223 ب 9 ف 3 ولفظه في الأخير: «يخرج المهدي من ولد الحسين».

(١٦١)

الفصل العاشر: في أنّه من الأئمة التسعة من ولد الحسين (عليهم السلام) وفيه 165 حديثا

532-(255)- كفاية الأثر: محمّد بن عبد الله بن المطّلب، قال: حدّثني إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن إسحاق الهاشمي، قال: حدّثني أبي، عن عبد الله بن بكير [بكر- خ] العنوي [الغنوي- خ]، عن حكيم بن جبير، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن زيد بن ثابت، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: علي بن أبي طالب قائد البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، ومخذول من خذله، الشاكّ في علي (عليه السلام) هو الشاكّ في الإسلام، وخير من أخلف بعدي، وخير أصحابي علي، لحمه لحمي، ودمه دمي، وأبو سبطيّ، ومن صلب الحسين يخرج الأئمّة التسعة، ومنهم مهديّ هذه الامّة.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 127، 129، 168، 170، 173،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(255) كفاية الأثر في باب ما جاء عن زيد بن ثابت عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في النصوص على الأئمّة الاثني عشر صلوات الله عليهم ص 96 و97 ب 12 ح 2، البحار: ج 36 ص 318 ب 41 ح 168.
أقول: عبد الله بن بكير هو الغنوي الكوفي، في اللسان أنّ ابن حبّان ذكره في الثقات، يروي عن حكيم بن جبير.

(١٦٢)

181، 191، 193، 205 إلى 308، 533 إلى 541، 543، 545، 550، 551، 558، 560 إلى 571، 590، 786 إلى 807، 859، 902، 973.

(١٦٣)

الفصل الحادي عشر: في أنّه التاسع من ولد الحسين (عليه السلام) وفيه 160 حديثا

533-(256)- كفاية الأثر: أبو صالح محمّد بن [فيض بن- خ] فيّاض العجلي الساوي، عن محمّد بن أحمد بن عامر، عن عبد الله [أبيه- خ]، عن ركين، عن القاسم بن حسّان، عن زيد بن ثابت، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: لا يذهب من الدنيا [لا تذهب الدنيا- خ] حتّى يقوم بأمر أمّتي رجل من صلب الحسين (عليه السلام)، يملأها عدلا كما ملئت جورا، قلنا: من هو يا رسول الله؟
قال: هو الإمام التاسع من صلب الحسين (عليه السلام).
534-(257)- كفاية الأثر: محمّد بن وهبان بن محمّد النهباني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(256) كفاية الأثر: ص 97 ب 12 ح 3، البحار: ج 36 ص 318 ب 41 ح 169، الصراط المستقيم: ج 2 ص 115 و116 ب 10 ق 1 ف 3، وقال: وبمعناه حدّث الحسين بن علي الرازي، وفي آخره: «انّه ليخرج من صلب الحسين أئمّة أبرار معصومون، منها مهدي هذه الامّة الّذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه، وهو التاسع من صلب الحسين (عليه السلام)».
(257) كفاية الأثر: ص 106 ب ما جاء عن زيد بن ثابت، البحار: ج 36 ص 322 ب 41 ح 176، الصراط المستقيم: ج 2 ص 116 ب 10 ق 1 ف 3 مختصرا. أقول: في البحار: «ميمون بن أبي نويرة»، وفي بعض النسخ: «مسمرة بن أبي نويرة»، وفي المصدر: «الهنائي»، والصحيح: «النهباني».

(١٦٤)

البصري، عن الحسين بن علي البزوفري، عن علي بن العبّاس، عن عبّاد بن يعقوب، عن مسمر بن نويرة، عن أبي بكر بن عيّاش، عن أبي سليمان الضبّي، عن أبي امامة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى يقوم قائم الحقّ منّا، وذلك حين يأذن الله (عزّ وجلّ)، فمن تبعه نجا، ومن تخلّف عنه هلك، فالله الله عباد الله، ائتوه ولو على الثلج، فإنّه خليفة الله، قلنا: يا رسول الله، متى يقوم قائمكم؟ قال: إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا، وهو التاسع من صلب الحسين (عليه السلام).
535-(258)- كفاية الأثر: محمّد بن عبد الله الشيباني، عن محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي الكوفي، عن عبّاد بن يعقوب، عن علي بن هاشم، عن محمّد بن عبد الله، عن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار، عن أبيه، عن جدّه عمّار، قال: كنت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في بعض غزواته، وقتل علي (عليه السلام) أصحاب الألوية وفرّق جمعهم، وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي، وقتل شيبة بن نافع، أتيت رسول الله فقلت له: يا رسول الله! إنّ عليّا قد جاهد في الله حقّ جهاده، فقال: لأنّه منّي وأنا منه، وارث علمي، وقاضي ديني، ومنجز وعدي، والخليفة بعدي، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي، حربه حربي، وحربي حرب الله، وسلمه سلمي، وسلمي سلم الله، ألا إنّه أبو سبطيّ والأئمّة بعدي، من صلبه يخرج الله تعالى الأئمّة الراشدين، ومنهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(258) كفاية الأثر: ب 17 ما جاء عن عمّار... ص 120 ح 1، البحار: ج 36 ص 326- 328 ب 41 ح 183، الصراط المستقيم: ج 2 ص 118 ب 10 ق 1 ف 3 نحوه مختصرا.

(١٦٥)

مهديّ هذه الامّة، فقلت: بأبي أنت وامّي يا رسول الله، ما هذا المهديّ؟
قال: يا عمّار، اعلم أنّ الله تبارك وتعالى عهد إليّ أنّه يخرج من صلب الحسين أئمّة تسعة، والتاسع من ولده يغيب عنهم، وذلك قول الله (عزّ وجلّ): (قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ)، يكون له غيبة طويلة، يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطا وعدلا، ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وهو سميّي وأشبه الناس بي... الحديث.
536-(259)- مقتضب الأثر: حدّثنا أبو علي أحمد بن زياد الهمداني، قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا عبد السلام بن صالح الهروي، قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح، عن الربيع بن سعد، عن عبد الرحمن بن سليط، قال: قال الحسين بن علي (عليهما السلام): منّا اثنا عشر مهديّا، أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو القائم بالحقّ، يحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به الدين على الدين كلّه ولو كره المشركون، له غيبة يرتدّ فيها قوم، ويثبت على الدين فيها آخرون، فيؤذون ويقال لهم: (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)، أما إنّ الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
537-(260)- كشف الأستار: أخرج أبو محمّد الفضل بن شاذان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(259) مقتضب الأثر: ص 23، كفاية الأثر: ص 231- 232 ب 31 ح 2، كمال الدين: ج 1 ص 317 ب 30 ح 2، البحار: ج 36 ص 385 ب 43 ح 6، وج 51 ص 133 ب 3 ح 4، إثبات الهداة: ج 2 ص 133 ب 9 ح 134.
(260) كشف الأستار: ص 180 طبع. س(1318 ه) وص 221 الطبع الجديد، الأربعين(كفاية المهتدي): ص 31 ذيل ح 1.

(١٦٦)

النيسابوري المتوفّى في حياة أبي محمّد العسكري والد الحجّة (عليه السلام) في كتابه في «الغيبة»: حدّثنا الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، قال: حدّثنا أبو عبد الله (عليه السلام) حديثا طويلا عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنّه قال في آخره: ثمّ يقع التدابر في الاختلاف بين امراء العرب والعجم، فلا يزالون يختلفون الى أن يصير الأمر الى رجل من ولد أبي سفيان... إلى أن قال (عليه السلام): ثمّ يظهر أمير الأمرة، وقاتل الكفرة، السلطان المأمول، الذي تحيّرت في غيبته العقول، وهو التاسع من ولدك يا حسين، يظهر بين الركنين، يظهر على الثقلين، ولا يترك في الأرض الأدنين، طوبى للمؤمنين الّذين أدركوا زمانه، ولحقوا أوانه، وشهدوا أيّامه، ولاقوا أقوامه.
538-(261)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن الإمام علي بن موسى الرضا، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) أنّه قال: التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحقّ، المظهر للدين، والباسط للعدل، قال الحسين: فقلت له:
يا أمير المؤمنين، وإنّ ذلك لكائن؟ فقال (عليه السلام): إي والذي بعث محمّدا بالنبوّة، واصطفاه على جميع البريّة، ولكن بعد غيبة وحيرة فلا يثبت فيها على دينه إلّا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الّذين أخذ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(261) كمال الدين: ج 1 ص 304 ب 26 ج 16، البحار: ج 51 ص 110 ب 2 من أبواب النصوص ح 2، إعلام الورى: ص 400 و401.

(١٦٧)

الله (عزّ وجلّ) ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الإيمان، وأيّدهم بروح منه.
539-(262)- كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه قال: حدّثنا جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، قال: حدّثني الحسن بن محمّد الصيرفي، عن حنّان بن سدير، عن أبيه سدير بن حكيم، عن أبيه، عن أبي سعيد عقيصا قال: لمّا صالح الحسن بن عليّ (عليهما السلام) معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته، فقال (عليه السلام): ويحكم ما تدرون ما علمت [ما عملت- خ] والله الّذي عملت خير لشيعتي ممّا طلعت عليه الشمس أو غربت، أ لا تعلمون أنّني إمامكم، مفترض الطاعة عليكم، وأحد سيّدي شباب أهل الجنّة بنصّ من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عليّ؟
قالوا: بلى، قال: أ ما علمتم أنّ الخضر (عليه السلام) لمّا خرق السفينة وأقام الجدار وقتل الغلام كان ذلك سخطا لموسى بن عمران، إذ خفي [يخفى- خ] عليه وجه الحكمة في ذلك، وكان ذلك عند الله تعالى ذكره حكمة وصوابا، أ ما علمتم أنّه ما منّا أحد إلّا ويقع في عنقه بيعة لطاغية إمام زمانه [لطاغية زمانه- خ] إلّا القائم الّذي يصلّي روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه، فإنّ الله (عزّ وجلّ) يخفي ولادته، ويغيّب شخصه، لئلا يكون في عنقه بيعة إذا خرج، ذلك التاسع من ولد أخي الحسين، ابن سيّدة النساء [سيّدة الإماء- خ]، يطيل الله عمره في غيبته، ثمّ يظهره

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(262) كمال الدين: ج 1 ص 315- 316 ب 29 ح 2، كفاية الأثر: ص 224- 226 ب 30 ح 4 وذكر: «التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيّدة الإماء»، إعلام الورى: ص 401، الاحتجاج: ج 2 ص 288.4

(١٦٨)

بقدرته في صورة شابّ دون أربعين سنة، وذلك ليعلم أنّ الله على كلّ شيء قدير.
540-(263)- كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار، قال: حدّثنا أبو عمرو الكشّي [الليثي- خ]، عن محمّد بن مسعود، قال: حدّثنا علي بن محمّد بن شجاع، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: قال الحسين بن علي (عليهما السلام): في التاسع من ولدي سنّة من يوسف، وسنّة من موسى بن عمران (عليهما السلام)، وهو قائمنا أهل البيت، يصلح الله تبارك وتعالى أمره في ليلة واحدة.
541-(264)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق المعاذي [المعاري- خ]- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني الكوفي، قال: حدّثنا أحمد بن موسى بن الفرات، قال: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن شريك، عن رجل من همدان، قال: سمعت الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) يقول: قائم هذه الامّة هو التاسع من ولدي، وهو صاحب الغيبة، وهو الّذي يقسّم ميراثه وهو حيّ.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 205 إلى 308، 543، 550، 551، 558 إلى 571، 608، 612، 641، 786 إلى 807، 859، 918، 973، 1104، 1230. ص:170

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(263) كمال الدين: ج 1 ص 316- 317 ب 30 ح 1، إعلام الورى: ص 401، البحار: ج 51 ص 132- 133 ب 3 ح 2.
(264) كمال الدين: ج 1 ص 317 ب 30 ح 2، إعلام الورى: ص 401، البحار: ج 51 ص 133 ب 3 من أبواب النصوص ح 3.

(١٦٩)

الفصل الثاني عشر: فيما يدلّ على أنّه من ولد عليّ بن الحسين زين العابدين (عليهم السلام) وفيه 197 حديثا

542-(265)- أمالي الشيخ: أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل قال: حدّثنا أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن الحسن العلوي الحسيني، قال: حدّثنا أبو نصر أحمد بن عبد المنعم بن نصر الصيداوي، قال: حدّثنا حسين بن شدّاد الجعفي، عن أبيه شدّاد بن رشيد، عن عمرو بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(265) أمالي الشيخ: ج 2 ص 249- 251 م 13 ح 16، بشارة المصطفى: ص 66- 67 مثله باختلاف يسير في بعض الألفاظ إلّا أنّ سنده ينتهي إلى أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) وسنده هكذا: «أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمّد بن شهريار الخازن في شوّال سنة اثنتي عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بقراءتي عليه، قال: أخبرنا الشيخ السعيد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي- رحمه الله- ومحمّد بن محمّد بن ميمون المعدّل بواسط، قال: حدّثنا الحسن بن اسماعيل البزّاز وجماعة، قالوا: أخبرنا أبو المفضّل محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب الشيباني... عن عمر بن عبد الله بن الهند الجملي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليهما السلام)...» وفي آخره: «إن منه لمن يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا»، البحار: ج 46 ص 60- 61 ب 5 من أبواب تاريخ الإمام زين العابدين (عليه السلام) ح 18.

(١٧٠)

عبد الله بن هند الجملي، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام): أنّ فاطمة بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) لمّا نظرت الى ما يفعل ابن أخيها عليّ بن الحسين (عليهما السلام) بنفسه من الدأب في العبادة أتت جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري، فقالت له: يا صاحب رسول الله، إنّ لنا عليكم حقوقا، ومن حقّنا عليكم إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكّروه الله، وتدعوه الى البقيا على نفسه، وهذا علي بن الحسين بقيّة أبيه الحسين قد انخرم أنفه، وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه إدآبا منه لنفسه في العبادة، فأتى جابر بن عبد الله باب علي بن الحسين (عليهما السلام)، وبالباب أبو جعفر محمّد بن عليّ (عليهما السلام) في اغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا هناك، فنظر جابر بن عبد الله إليه مقبلا فقال: هذه مشية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسجيّته، فمن أنت يا غلام؟ قال: أنا محمّد بن علي بن الحسين، فبكى جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- ثمّ قال: أنت والله الباقر عن العلم حقّا، ادن منّي بأبي أنت، فدنا منه فحلّ جابر أزراره ثمّ وضع يده على صدره فقبّله وجعل عليه خدّه ووجهه، وقال: اقرئك عن جدّك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) السلام، وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت، وقال (صلّى الله عليه وآله): يوشك أن تعيش وتبقى حتّى تلقى من ولدي من اسمه محمّد، يبقر العلم بقرا، وقال لي: إنّك تبقى حتّى تعمى ثمّ يكشف لك عن بصرك، ثمّ قال له: ائذن لي على أبيك، فدخل أبو جعفر (عليه السلام) على أبيه وأخبره الخبر وقال: إنّ شيخا بالباب وقد فعل بي كيت وكيت، قال: يا بنيّ، ذلك جابر بن عبد الله، ثمّ قال: من بين ولدان أهلك قال لك ما قال، وفعل بك ما فعل؟ قال: نعم، [قال (عليه السلام):- خ] إنّا للّه، إنّه لم يقصدك فيه بسوء، ولقد أشاط بدمك، ثمّ أذن لجابر فدخل

(١٧١)

عليه فوجده في محرابه قد أنضته العبادة، فنهض علي (عليه السلام) وسأله عن حاله سؤالا خفيّا ثمّ أجلسه بجنبه، فأقبل جابر عليه يقول له: يا ابن رسول الله، أ ما علمت أنّ الله تعالى إنّما خلق الجنّة لكم ولمن أحبّكم، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الّذي كلّفته نفسك؟
فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): يا صاحب رسول الله، أ ما علمت أنّ جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ولم يدع الاجتهاد، وقد تعبّد بأبي هو وامّي حتّى انتفخ الساق وورم القدم، فقيل له: أ تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أ فلا أكون عبدا شكورا، فلمّا نظر جابر الى عليّ بن الحسين (عليه السلام) وليس يغني فيه من قول يستميله من الجهد والتعب الى القصد قال له: يا ابن رسول الله، البقيا على نفسك، فإنّك من اسرة بهم يستدفع البلاء وتستكشف اللأواء، وبهم يستمطر السماء، فقال: يا جابر! لا أزال على منهاج أبويّ، مؤتسيا بهما صلوات الله عليهما حتّى ألقاهما، فأقبل جابر على من حضر فقال لهم: والله ما رؤي من أولاد الأنبياء مثل عليّ بن الحسين إلّا يوسف بن يعقوب، والله لذرّية علي بن الحسين (عليهما السلام) أفضل من ذرّيّة يوسف بن يعقوب، إنّ منهم لمن يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
ويدلّ عليه أيضا بالمطابقه أو الالتزام أو تفسير سائر الروايات الأحاديث: 113، 125، 126، 127، 129، 134، 136، 167، 168، 170، 173، 175 إلى 178، 181، 183، 191، 193، 194، 196، 205 إلى 308، 465، 466، 533 إلى 541، 543 إلى 571، 590، 608، 612، 641، 770، 786 إلى 807، 973، 974، 1216، 1230.

(١٧٢)

من؟ قال: ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، قال: أنت إذا الباقر، قال: فانكبّ عليه وقبّل رأسه ويديه، ثمّ قال: يا محمّد، إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقرئك السلام، قال: على رسول الله أفضل السلام وعليك يا جابر بما أبلغت السلام، ثمّ عاد الى مصلّاه، فأقبل يحدّث أبي ويقول: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لي يوما: يا جابر، إذا أدركت ولدي الباقر فاقرأه منّي السلام، فإنّه سميّي وأشبه الناس بي، علمه علمي، وحكمه حكمي، سبعة من ولده امناء معصومون، أئمّة أبرار، والسابع مهديّهم الذي يملأ الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، ثمّ تلا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وإِقامَ الصَّلاةِ وإِيتاءَ الزَّكاةِ وكانُوا لَنا عابِدِينَ).
544-(267)- غيبة النعماني: أخبرنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(267) غيبة النعماني: ص 86- 87 ب 4 ح 17، البحار: ج 24 ص 241- 242 ب 60 ح 3 وج 36 ص 393- 394 ب 45 ح 9 وج 51 ص 139- 140 ب 5 ح 13، تأويل الآيات الظاهرة: سورة التوبة آية 36.
أقول: الظاهر- والله أعلم- أنّ قوله: «وأوضح من هذا...» الى قوله: «المتحرمين به» من كلام النعماني رحمة الله تعالى عليه، كما نرى منه مثل ذلك في موارد اخرى من كتابه، فكلامه تفسير للآية الكريمة. قال العلامة المجلسي- قدّس سرّه-: الظاهر أنّ قوله: «وأوضح... إلى آخره» من كلام النعماني استخرجه من الأخبار، ويحتمل كونه من تتمّة الخبر، انتهى.
أقول: والاحتمال ضعيف، وعليه نقول: إن كان مراده ممّا فسّر به الآية الكريمة إنكار دلالتها على الشهور الهلاليّة المعروفة وقصر دلالتها على الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام)، فالظاهر عدم صحّة ذلك؛ لظهورها فيها، وإن كان مراده بيان تأويل للآية أو معنى آخر لها بحسب اللغة هو أقوم وأوضح من هذا المعنى في حدّ نفسه، وإن كان المتبادر من اللفظ عند غير العارف باللغة هو المعنى الأوّل فهو معنى لا دافع لاحتمال إرادته بعد ما كان اللفظ مشتركا بين المعنيين، والذهاب إليه متعيّن إذا كان مأثورا عمّن قوله حجّة في تفسير الكتاب وبيان معانيه.
وتوضيح ذلك: انّ الشهر والشهور كما يطلقان على الشهر الهلاليّ والشهور القمريّة يطلقان في اللغة على العالم والعلماء، قال في النهاية: وفي شعر أبي طالب:

فانّي والضوابح كلّ يوم * * * وما تتلو السفاسرة الشهور

أي العلماء، واحدهم شهر، كذا قال الهروي، وقال في «سفسر»: السفاسرة أصحاب الأسفار، وهي الكتب.
وعلى هذا يوجّه دلالة الآية على الشهور القمريّة، وعلى الأئمّة العلماء الاثني عشر (عليهم السلام)، فلا يمنع من الجمع بينهما إلّا القول بعدم جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد، وهو إن تمّ إنّما يكون إذا كان المتكلّم به بشرا، وأمّا إذا كان المتكلّم به الله تعالى فيجوز ذلك، فإنّه على كلّ شيء قدير، لا يجوز قياسه تعالى بالبشر الّذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرّا. ولعلّ هذا يكون هو أحد معاني ما قالوا: «إنّ للقرآن ظهرا وبطنا»، و«ظاهره أنيق وباطنه عميق»، فالمتبادر عند العرف العام غير العارف باللغة هو المعنى الأوّل، إلّا أنّه لا يضرّ بدلالتها على المعنى الثاني أيضا، فإذا قلنا: إنّ للقرآن ظاهرا وباطنا فليكن هذا من باطنه إن لم نقل إنّه أيضا من ظاهره؛ لدلالة اللفظ على المعنيين، ولا بدّ من القول بذلك التفسير، والتفسير به متعيّن بعد ما كان مفسّرها به العترة الطاهرة الّذين وجب التمسّك بهم، وثبت بالحديث المتواتر «الثقلين» وغيره أنّهم أعدال القرآن، لن يفترقا عن الآخر، ومعصومون عن الخطأ، ولا يخلو الزمان منهم و... و... هذا وفي متشابه القرآن أيضا كلام نحو كلام النعماني فراجعه إن شئت.

(١٧٤)

محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن إبراهيم بن محمّد بن يوسف، عن محمّد بن عيسى، عن عبد الرزّاق، عن محمّد بن سنان، عن فضيل الرسّان، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند أبي جعفر محمّد بن علي الباقر ذات يوم، فلمّا تفرّق من كان عنده قال لي: يا أبا حمزة، من المحتوم الّذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا، فمن شكّ فيما أقول لقي الله وهو به كافر وله جاحد، ثمّ قال: بأبي وامّي المسمّى باسمي، والمكنّى بكنيتي،

(١٧٥)

السابع من بعدي، بأبي من يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، ثمّ قال: يا أبا حمزة، من أدركه فلم يسلّم له فما سلّم لمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعليّ (عليه السلام)، وقد حرّم الله عليه الجنّة، ومأواه النار، وبئس مثوى الظالمين.
وأوضح من هذا بحمد الله وأنور وأبين وأزهر لمن هداه الله وأحسن إليه قول الله في محكم كتابه: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ الله اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ الله يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)، ومعرفة الشهور- المحرّم وصفر وربيع وما بعده، والحرم منها وهي: رجب وذو القعدة وذو الحجّة والمحرم- لا يكون دينا قيّما؛ لأنّ اليهود والنصارى والمجوس وسائر الملل والناس جميعا من الموافقين والمخالفين يعرفون هذه الشهور، ويعدّونها بأسمائها، وإنّما هم الأئمّة (عليهم السلام)، القوّامون بدين الله والحرم منها: أمير المؤمنين الّذي اشتقّ الله تعالى له اسما من اسمه العليّ، كما اشتقّ لرسول الله اسما من اسمه المحمود، وثلاثة من ولده أسماؤهم علي: عليّ بن الحسين، وعلي بن موسى، وعليّ بن محمّد، فصار لهذا الاسم المشتقّ من اسم الله تعالى حرمة به، وصلوات الله على محمّد وآله المكرّمين المتحرّمين به.
545-(268)- إثبات الوصيّة: الحميري، عن محمّد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن علي بن أبي حمزة، قال: كنت مع أبي بصير ومعنا مولى لأبي جعفر، فحدّثنا أنّه سمع أبا جعفر أنّه قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(268) إثبات الوصيّة: ص 204، غيبة النعماني: ص 96- 97 ب 4، البحار: ج 36 ص 395 ب 45 ح 11.

(١٧٦)

منّا اثنا عشر محدّثا، القائم السابع بعدي، فقام إليه أبو بصير فقال: أشهد لقد سمعت أبا جعفر يذكر هذا منذ أربعين سنة.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث 235، 242 إلى 308، 550، 551، 554 إلى 571، 608، 612، 641، 786 إلى 807، 859، 973، 974، 1216، 1230.

(١٧٧)

الفصل الرابع عشر: في أنّه من ولد الصادق جعفر بن محمّد (عليهم السلام) وفيه 120 حديثا

546-(269)- كشف الغمّة: قال ابن الخشّاب- رحمه الله-:
وحدّثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي، عن أبيه هارون، عن أبيه موسى، قال: قال سيّدي جعفر بن محمّد: الخلف الصالح من ولدي، وهو المهديّ، اسمه محمّد، وكنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يقال لامّه صقيل... (إلى أن قال:) وهو ذو الاسمين: خلف ومحمّد، يظهر في آخر الزمان وعلى رأسه غمامة تظلّه من الشمس، تدور معه حيثما دار، تنادي بصوت فصيح: هذا المهديّ.
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 235، 242 إلى 308، 550، 551، 554 إلى 571، 608، 612، 641، 770، 786 إلى 807، 859، 973، 974، 1216، 1230.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(269) كشف الغمّة: ج 2 ص 475، أخرجه من كتاب التاريخ لابن الخشّاب، والظاهر أنّه هو كتابه في تاريخ مواليد الأئمّة. وقوله: «وهو ذو الاسمين... الخ» يحتمل أن يكون تتمّة هذا الحديث، ويحتمل أن يكون من كلام ابن الخشّاب استخرجه من كتب الحديث، ينابيع المودّة: ص 491 ب 94.

(١٧٨)

الفصل الخامس عشر: في أنّه السادس من ولد الصادق جعفر بن محمّد (عليهم السلام) وفيه 112 حديثا

547-(270)- كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد العطّار النيسابوري- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، عن حمدان بن سليمان، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حيّان السرّاج، قال: سمعت السيّد ابن محمّد الحميري يقول: كنت أقول بالغلوّ، وأعتقد غيبة محمّد بن علي- ابن الحنفيّة- قد ضللت في ذلك زمانا، فمنّ الله عليّ بالصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، وأنقذني به من النار، وهداني الى سواء الصراط، فسألته بعد ما صحّ عندي بالدلائل التي شاهدتها منه أنّه حجّة الله عليّ وعلى جميع أهل زمانه، وأنّه الإمام الذي فرض الله طاعته، وأوجب الاقتداء به، فقلت له: يا بن رسول الله، قد روي لنا أخبار عن آبائك (عليهم السلام) في الغيبة وصحّة كونها، فأخبرني بمن تقع؟ فقال (عليه السلام): إنّ الغيبة ستقع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(270) كمال الدين: ج 1 ص 33 و34 مقدّمة المصنّف، بشارة المصطفى: ص 278 ح 10 وقد وقع فيه سهو واضح، البحار: ج 51 ص 145 ب 6 ح 12.

(١٧٩)

بالسادس من ولدي، وهو الثاني عشر من الأئمّة الهداة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وآخرهم القائم بالحقّ، بقيّة الله في الأرض وصاحب الزمان، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه [في الأرض- خ]، لم يخرج من الدنيا حتّى يظهر، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
قال السيّد: فلمّا سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) تبت إلى الله تعالى ذكره على يديه، وقلت قصيدتي التي أوّلها:

فلمّا رأيت الناس في الدين قد غووا * * * تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا

إلى آخر القصيدة(271).
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 235، 242 إلى 308، 558 إلى 571، 608، 612، 641، 786 إلى 807، 859، 973، 1216، 1230.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(271) راجع تمام القصيدة في كمال الدين، وبشارة المصطفى، والغدير: ج 2 ص 246.

(١٨٠)

الفصل السادس عشر: في أنّه من صلب الإمام أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليهم السلام) وفيه 121 حديثا

548-(272)- غيبة الشيخ: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل: يظهر صاحبنا وهو من صلب هذا، وأومأ بيده إلى موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فيملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما، وتصفو له الدنيا.
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 113، 242 إلى 308، 550 إلى 571، 608، 612، 641، 770، 786 إلى 807، 859، 973، 1216، 1230.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(272) غيبة الشيخ: ص 42 ح 23، البحار: ج 49 ص 26 ب 2 ح 44، إثبات الهداة: ج 3 ص 241 ب 24 ح 53.

(١٨١)

الفصل السابع عشر: في أنّه الخامس من ولد الإمام السابع موسى بن جعفر (عليه السلام) وفيه 115 حديثا

549-(273)- الكافي: علي بن محمّد، عن الحسن بن عيسى بن محمّد بن علي بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لا يزيلنّكم عنها أحد، يا بنيّ، إنّه لا بدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة، حتّى يرجع من هذا الأمر من كان يقول به، إنّما هي محنة من الله (عزّ وجلّ) امتحن بها خلقه، لو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصحّ من هذا لاتّبعوه، قال: قلت: يا سيّدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بنيّ! عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(273) الكافي: ج 1 ص 336 ب 138 ح 2، غيبة النعماني: ص 154 ب 10 ح 11، كمال الدين: ج 2 ص 359- 360 ب 34 ح 1 نحوه، علل الشرائع: ص 166- 167 ح 128، غيبة الشيخ: ص 104، كفاية الأثر: ب 35 ح 1 ص 268- 269، البحار: ج 51 ص 150 ب 7 ح 1، إثبات الهداة: ج 3 ص 476 ب 32 ح 164 وفيه: بدل «يا بنيّ» «يا أخي»، إعلام الورى: القسم الثاني من الركن الرابع ب 2 ف 1، بشارة الإسلام: ص 149- 150 ب 8 ح 1، إثبات الوصيّة: ص 205.

(١٨٢)

حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه.
550-(274)- كمال الدين: حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبي، عن أيّوب بن نوح، عن محمّد بن سنان، عن صفوان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنّه قال: من أقرّ بجميع الأئمّة وجحد المهديّ كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد محمّدا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نبوّته، فقيل له: يا ابن رسول الله، فمن المهديّ من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه، ولا يحلّ لكم تسميته.
ورواه في باب آخر عن الحسين بن أحمد أيضا.
وروى عن عليّ بن أحمد بن محمّد الدقّاق، عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن الصادق (عليه السلام) مثله، إلّا أنّه قال: من أقرّ بجميع الأئمّة من آبائي وولدي وجحد المهدي من ولدي كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد محمّدا (صلّى الله عليه وآله) نبوّته، فقلت: يا سيدي، ومن المهدي؟... الحديث.
ورواه في موضع آخر عن علي بن أحمد بن محمّد بسنده عن ابن أبي يعفور.
551-(275)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني-

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(274) كمال الدين: ج 2: ص 333 ب 33 ح 1 وص 338 ب 33 ح 12 وص 410 و411 ب 39 ح 4 وص 411 ب 39 ح 5، إعلام الورى: القسم الثاني من الركن الرابع ب 2 ف 2، البحار: ج 51 ص 145 ب 6 ح 10، إثبات الهداة: ج 3 ص 469- 470 ب 32 ح 138.
(275) كمال الدين: ج 2 ص 361 ب 34 ح 5، كفاية الأثر: ص 269- 270 ب 35 ح 2، إعلام الورى: القسم الثاني من الركن الرابع ب 2 ف 2، البحار: ج 51 ص 151 ب 7 ح 6 وفيه بدل «بحبلنا»: «بحبنا»، إثبات الهداة: ج 3 ص 477 ب 32 ف 5 ح 168.

(١٨٣)

رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: دخلت على موسى بن جعفر (عليه السلام) فقلت له: يا ابن رسول الله، أنت القائم بالحقّ؟ فقال: أنا القائم بالحقّ، ولكنّ القائم الذي يطهّر الأرض من أعداء الله (عزّ وجلّ) ويملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه، يرتدّ فيها أقوام ويثبت فيها آخرون، ثمّ قال (عليه السلام): طوبى لشيعتنا، المتمسّكين بحبلنا في غيبة قائمنا، الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا، اولئك منّا ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمّة ورضينا بهم شيعة، فطوبى لهم ثمّ طوبى لهم، وهم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة.
552-(276)- مقتضب الأثر: محمّد بن جعفر الآدمي من أصل كتابه، وأثنى ابن غالب الحافظ عليه، قال: حدّثني أحمد بن عبيد بن ناصح، قال: حدّثني الحسين بن علوان الكلبي، عن همّام بن الحرث، عن وهب بن منبّه، قال: إنّ موسى نظر ليلة الخطاب إلى كلّ شجرة في الطور، وكلّ حجر ونبات ينطق بذكر محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) واثني عشر وصيّا له من بعده، فقال موسى: إلهي، لا أرى شيئا خلقته إلّا وهو ناطق بذكر محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأوصيائه الاثني عشر، فما منزلة هؤلاء عندك؟ قال: يا ابن عمران، إنّي خلقتهم قبل خلق الأنوار، وجعلتهم في خزانة قدسي، يرتعون في رياض مشيئتي،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(276) مقتضب الأثر: ص 41 ح 24، البحار: ج 51 ص 149 ب 26 ح 24، إثبات الهداة: ج 1 ص 712 ب 9 ف 18 ح 161.
أقول: لم نذكر هذا الخبر اعتمادا على وهب، بل اعتمادا على ما فيه من إخبار الإمام الصادق (عليه السلام) به.

(١٨٤)

ويتنسّمون روح جبروتي، ويشاهدون أقطار ملكوتي، حتّى إذا شئت مشيّتي أنفذت قضائي وقدري، يا ابن عمران، إنّي سبقت بهم السباق حتّى ازخرف بهم جناني، يا ابن عمران، تمسّك بذكرهم فإنّهم خزنة علمي، وعيبة حكمتي، ومعدن نوري.
قال الحسين بن علوان: فذكرت ذلك لجعفر بن محمّد (عليهما السلام) فقال: حقّ ذلك، هم اثنا عشر من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم): عليّ، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، ومن شاء الله، قلت: جعلت فداك، إنّما أسألك لتفتيني بالحقّ، قال: أنا وابني هذا، وأومأ الى ابنه موسى، والخامس من ولده يغيب شخصه، ولا يحلّ ذكره باسمه.
553-(277)- كمال الدين: حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران- رضي الله عنه-: قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال:
حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ سنن الأنبياء (عليهم السلام) بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منّا أهل البيت، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة، قال أبو بصير: فقلت له: يا ابن رسول الله، ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال: يا أبا بصير، هو الخامس من ولد ابني موسى، ذلك ابن سيّدة الإماء، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون، ثمّ يظهره الله (عزّ وجلّ) فيفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها، وينزل روح الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(277) كمال الدين: ج 2 ص 345- 346 ب 33 ح 31، البحار: ج 51 ص 146 ب 6 ح 14 وفيه: «ما وقع عليهم من الغيبات جارية»، إثبات الهداة: ج 3 ص 473 ب 32 ف 5 ح 152 وفيه: «بما وقع عليهم» وفيه: «جارية في القائم...».

(١٨٥)

عيسى بن مريم (عليه السلام) فيصلّي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربّها، ولا تبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير الله (عزّ وجلّ) إلّا عبد الله فيها، ويكون الدين كلّه للّه ولو كره المشركون.
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 242 إلى 308، 558 إلى 571، 608، 612، 641، 786 إلى 807، 859، 973، 1216، 1230.

(١٨٦)

الفصل الثامن عشر: في أنّه الرابع من ولد الإمام أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليهم السلام) وفيه 111 حديثا

554-(278)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، قال: قال علي بن موسى الرضا (عليهما السلام): لا دين لمن لا ورع له، ولا إيمان لمن لا تقيّة له، إنّ أكرمكم عند الله أعملكم بالتقيّة، فقيل له: يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال: إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا، فقيل له: يا ابن رسول الله، ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال: الرابع من ولدي، ابن سيّدة الإماء، يطهّر الله به الأرض من كلّ جور، ويقدّسها من كلّ ظلم، وهو الذي يشكّ الناس في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(278) كمال الدين: ج 2 ص 371- 372 ب 35 ح 5، كفاية الأثر: ص 274- 275 ب 36 ح 1، فرائد السمطين: ب 61 من السمط الثاني ص 336 و337 ح 590، ينابيع المودّة: ص 448 ب 78 و489 ب 94، البحار: ج 52 ص 322- 325 ب 27 ح 29، إثبات الهداة: ج 3 ص 477- 478 ب 32 ف 5 ح 172، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2.

(١٨٧)

ولادته، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره [بنور ربّها- خ] ووضع ميزان العدل بين الناس، فلا يظلم أحد أحدا، و[هو] الذي تطوى له الأرض، ولا يكون له ظلّ، وهو الذي ينادي مناد من السماء، يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه، يقول:
ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه، فإنّ الحقّ معه وفيه، وهو قول الله (عزّ وجلّ): (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)(279).
555-(280)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريّان بن الصلت، قال: قلت للرضا (عليه السلام): أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: أنا صاحب هذا الأمر، ولكنّي لست بالذي أملأها عدلا كما ملئت جورا، وكيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني، وإنّ القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشبّان، قويّا في بدنه، حتّى لو مدّ يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصا موسى وخاتم سليمان (عليهما السلام)، ذاك الرابع من ولدي، يغيّبه الله في ستره ما شاء، ثمّ يظهره فيملأ [به] الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(279) الشعراء: 4.
(280) كمال الدين: ج 2 ص 376 ب 35 ح 7، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2، كشف الغمّة: ج 2 ص 524 وزاد في آخره: «كأنّي بهم آيس ما كانوا اذ نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب، يكون رحمة للعالمين وعذابا للكافرين» إلّا أنّ الظاهر أنّه من حديث آخر، وهو الحديث الثالث من الباب المذكور من كمال الدين، إثبات الهداة: ج 3 ص 478 ب 32 ح 173.

(١٨٨)

556-(281)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول:
أنشدت مولاي الرضا عليّ بن موسى (عليهما السلام) قصيدتي الّتي أوّلها:

مدارس آيات خلت من تلاوة * * * ومنزل وحي مقفر العرصات

فلمّا انتهيت الى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج * * * يقوم على اسم الله والبركات
يميز فينا كلّ حقّ وباطل * * * ويجزي على النعماء والنقمات

بكى الرضا (عليه السلام) بكاء شديدا، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال لي:
يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام، ومتى يقوم؟ فقلت: لا يا مولاي، إلّا أنّي سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ويملأها عدلا [كما ملئت جورا]، فقال: يا دعبل، الإمام بعدي محمّد ابني، وبعد محمّد ابنه عليّ، وبعد عليّ ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم، المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله عزّ وجل ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، وأمّا «متى» فإخبار عن الوقت، فقد حدّثني، أبي عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قيل له: يا رسول الله، متى يخرج القائم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(281) كمال الدين: ج 2 ص 372 و373 ب 35 ح 6، كفاية الأثر: ص 275- 277 ب 36 ح 2، فرائد السمطين: ج 2 ص 61 من السمط الثاني ص 337 و338 ح 191، الإتحاف بحبّ الأشراف: ص 62 ب 5، ينابيع المودّة: ص 454 ب 80، عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 2 ص 269 و270 ح 35، إعلام الورى: ر 3 ب 7 ف 4، البحار: ج 51 ص 154 ب 8 ح 4.

(١٨٩)

من ذرّيّتك؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): مثله مثل الساعة التي (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ لا يأتيكم إلّا بغتة) (282).
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 242 إلى 308، 558 إلى 571، 608، 641، 786 إلى 807، 859، 973، 1230.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(282) الأعراف: 187.

(١٩٠)

الفصل التاسع عشر: في أنّه من ولد الإمام محمّد بن عليّ الرضا (عليهم السلام) وفيه 109 حديثا

557-(283)- كمال الدين: حدّثنا علي بن أحمد بن موسى الدقّاق- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي، قال: حدّثنا أبو تراب عبد الله بن موسى الروياني، قال: حدّثنا عبد العظيم بن عبد الله ابن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) [الحسني]، قال: دخلت على سيّدي محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وأنا اريد أن أسأله عن القائم، أ هو المهدي أو غيره؟ فابتدأني فقال لي: يا أبا القاسم! إنّ القائم منّا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته، ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي، والّذي بعث محمّدا بالنبوّة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(283) كمال الدين: ج 2 ص 377 ح 1، كفاية الأثر: ص 280- 281 ب 37 ح 1، إعلام الورى: ق 2 ر 4 ب 2 ف 2، إثبات الهداة: ج 3 ص 386 ب 27 ف 2 ح 19، البحار: ج 51 ص 156 ب 9 ح 1.
أقول: «أبو تراب عبد الله بن موسى» في بعض نسخ كمال الدين، وإسناد غير هذا الحديث، وفي التوحيد: ب 8 ح 19 وب 28 ح 7 وفي كفاية الأثر: «عبيد الله بن موسى»، وفي البحار: «الدقّاق عن محمّد بن هارون الروياني عن عبد العظيم»، والظاهر أنّه سقط عنه كلمة «عن» بين «هارون» و«الروياني».

(١٩١)

وخصّنا بالإمامة إنّه لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، وإنّ الله تبارك وتعالى ليصلح أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى إذ ذهب ليقتبس لأهله نارا فرجع وهو رسول نبيّ. ثمّ قال (عليه السلام): أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج.
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 242 إلى 308، 558 إلى 571، 608، 641، 786 إلى 807، 859، 973، 1230.

(١٩٢)

الفصل العشرون: في أنّه من ولد الإمام أبي الحسن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا (عليهم السلام) وفيه 107 حديثا

558-(284)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم، قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد الموصلي، قال: حدّثنا الصقر بن أبي دلف، قال: سمعت علي بن محمّد بن علي الرضا (عليهم السلام) يقول: إنّ الإمام بعدي الحسن ابني، وبعد الحسن ابنه القائم الّذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
559-(285)- كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن العبدوس العطّار- رضي الله عنه-: قال: حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(284) كمال الدين: ج 2 ص 383 ب 37 ح 10، كفاية الأثر: ص 292 ب 38 ح 4، إعلام الورى: ق 2 ر 4 ب 2 ف 2، إثبات الهداة: ج 3 ص 394 ب 30 ف 1 ح 17، البحار: ج 50 ص 239 ف 2 من أبواب تاريخ الإمام أبي محمّد العسكري (عليه السلام) ح 4.
(285) كمال الدين: ج 2 ص 378 ب 36 ح 3، إعلام الورى: ق 2 ر 4 ب 2 ف 2، كفاية الأثر: 283- 284 ب 37 ح 3، البحار: ج 51 ص 30 ب 2 ح 4.

(١٩٠)

النيسابوري، قال: حدّثنا حمدان بن سليمان، قال: حدّثنا الصقر بن أبي دلف، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الرضا (عليهما السلام) يقول: إنّ الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه، ثمّ سكت، فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الإمام بعد الحسن؟
فبكى (عليه السلام) بكاء شديدا ثمّ قال: إنّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحقّ المنتظر، فقلت له: يا ابن رسول الله، لم سمّي القائم؟ قال: لأنّه يقوم بعد موت ذكره، وارتداد أكثر القائلين بإمامته، فقلت له: ولم سمّي المنتظر؟ قال: لأنّ له غيبة يكثر أيّامها، ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزئ بذكره الجاحدون، ويكذب فيها الوقّاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلمون.
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 242 إلى 308، 558 إلى 571، 608، 641، 786 إلى 807، 859، 1230.

(١٩٤)

الفصل الحادي والعشرون: في أنّه خلف خلف أبي الحسن وابن أبي محمّد الحسن (عليهم السلام) وفيه 107 حديثا

560-(286)- الكافي: علي بن محمّد، عمّن ذكره، عن محمّد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(286) الكافي: ج 1 ص 328 ب 133 ح 13، وص 332- 333 ب 136 ح 1، كمال الدين: ج 2 ص 381 ب 37 ح 5 «قال: حدّثنا محمّد بن الحسن- رضي الله عنه- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن أحمد العلوي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن صاحب العسكر (عليه السلام) يقول: الخلف من بعدي ابني الحسن... الحديث»، إلّا أنّه قال: «لأنّكم»، علل الشرائع: ص 245 ب 179 ح 5، غيبة الشيخ: ص 202 ح 169 مثل كمال الدين، كفاية الأثر: ص 288- 289 ب 38 ح 2، الإرشاد: ص 376، إعلام الورى: ق 2 ر 4 ب 2 ف 2، إثبات الهداة: ج 3 ص 393 ب 30 ف 1 ح 15، الصراط المستقيم: ج 2 ص 170 ق 3 ب 10 وص 231 ب 11 ف 3، البحار: ج 50 ص 240 ب 2 ح 5 وج 51 ص 31 ب 3 ح 2 ورمزه(ني) ويظهر من سنده أنّه سهو، وص 158- 159 ب 9 ح 1، إثبات الوصيّة: ص 186، تقريب المعارف: ص 184 و192، مرآة العقول: ج 3 ص 393، روضة الواعظين: ص 262، الوافي: ج 2 ص 403 ب 45 ح 903- 1، مستدرك الوسائل: ج 12 ص 281 ح 5، عيون المعجزات: ص 141، كشف الغمّة: في ذكر الامام الثاني عشر، باب ما جاء من النّص... ص 406، الوسائل(ط آل البيت): ج 16 ص 239 ب 33(21458).

(١٩٥)

أحمد العلوي، عن داود بن القاسم، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟
فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال: إنّكم لا ترون شخصه، ولا يحلّ لكم ذكره باسمه، فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجّة من آل محمّد (عليهم السلام).
561-(287)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار- رضي الله عنه- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، قال: سمعت أبا محمّد الحسن بن علي (عليهما السلام) يقول: كأنّي بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي، أما إنّ المقرّ بالأئمّة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المنكر لولدي كمن أقرّ بجميع أنبياء الله ورسله ثمّ أنكر نبوّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والمنكر لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كمن أنكر جميع أنبياء الله لأنّ طاعة آخرنا كطاعة أوّلنا، والمنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا، أما إنّ لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلّا من عصمه الله (عزّ وجلّ).
562-(288)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق- رضي الله عنه- قال: حدّثني أبو علي بن همّام، قال: سمعت محمّد بن عثمان العمري- قدّس الله روحه- يقول: سمعت أبي يقول: سئل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(287) كمال الدين: ج 2 ص 409 ب 38 ح 8، كفاية الأثر: ص 295- 296 ب 39 ح 5، البحار: ج 51 ص 160 ب 9 ح 6، الصراط المستقيم: ج 2 ص 232 ب 11 ف 2، إثبات الهداة: ج 3 ص 482 ب 32 ح 188.
(288) كمال الدين: ج 2 ص 409 ب 38 ح 9، كفاية الأثر: ص 296 ب 39 ح 6، البحار: ج 51 ص 160 ب 9 ح 7، الصراط المستقيم: ج 2 ص 232 ب 11 ف 2، إثبات الهداة: ج 3 ص 482 ب 32 ح 189.

(١٩٦)

أبو محمّد الحسن بن علي (عليهما السلام) وأنا عنده عن الخبر الّذي روي عن آبائه (عليهم السلام): أنّ الأرض لا تخلو من حجّة للّه على خلقه الى يوم القيامة، وأنّ من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، فقال (عليه السلام): إنّ هذا حقّ كما أنّ النهار حقّ، فقيل له: يا ابن رسول الله، فمن الحجّة والإمام بعدك؟ فقال: ابني محمّد، هو الإمام والحجّة بعدي، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية، أما إنّ له غيبة يحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويكذب فيها الوقّاتون، ثمّ يخرج فكأنّي أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة.
563-(289)- ينابيع المودّة: في المناقب عن واثلة بن الأسقع بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(289) ينابيع المودّة: ص 442 و443 ب 76، و«ابن قرخاب» فيه لعلّه مصحّف «أبو قرصافة» كنية «واثلة». البحار: ج 36 ص 304- 306 ب 41 ح 144، كفاية الأثر: ص 56- 61 ب 7 ح 2.
أقول: وفي النسخة الّتي هي بأيدينا من كفاية الأثر تهافت ما بين بعض ألفاظ الحديث لا يضرّ بالمقصود وقد تفطّن به العلامة المجلسي وحمله على وقوع التصحيف، وكيف كان فما في الينابيع سالم عن هذا التهافت.
تبيين المحجّة الى تعيين الحجّة: ص 261- 264.
وأخرج بعض ذيل الحديث في المحجّة: ص 17، إلّا أنّه رواه عن ابن بابويه، ولم أجده فيما بأيدينا من كتبه، وكأنّه زعم كون كفاية الأثر من الصدوق.
ولا يخفى عليك ما وقع من السهو في الينابيع، فإن الآية (أُولئِكَ حِزْبُ الله أَلا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ) كما هو هكذا في كفاية الأثر الّذي هو من المصادر الأوّليّة من الحديث ممّا بأيدينا وفي البحار وغيرهما، فليصحّح الحديث على هذه المصادر. وأيضا المذكور في كفاية الأثر والبحار وسائر الكتب الّتي راجعناها غير ينابيع المودّة «جندب(جندل- خ) بن جنادة اليهودي من خيبر». كما أنّ في الكفاية وغيره غير الينابيع المنع عن التصريح باسمه، ولفظه: «ثمّ يغيب عنهم إمامهم، قال: يا رسول الله هو الحسن؟
قال: لا، ولكن ابنه الحجّة، قال: يا رسول الله فما اسمه؟ قال: لا يسمّى حتّى يظهره الله... الحديث» وفيه زيادات اخرى.

(١٩٧)

قرخاب، عن جابر بن عبد الله الأنصاري (في حديث ذكر فيه دخول جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإيمانه بالله ورسوله، وما سأل عنه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) واستجوابه له) قال (جندل): إنّي رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران (عليه السلام) فقال: يا جندل، أسلم على يد محمّد خاتم الأنبياء، واستمسك أوصياءه من بعده، فقلت: أسلم، فللّه الحمد أسلمت وهداني بك، ثمّ قال: أخبرني يا رسول الله عن أوصيائك من بعدك لا تمسّك بهم، قال: أوصيائي الاثنا عشر، قال جندل: هكذا وجدناهم في التوراة، وقال: يا رسول الله، سمّهم لي، فقال: أوّلهم سيّد الأوصياء أبو الأئمّة عليّ، ثمّ ابناه الحسن والحسين فاستمسك بهم، ولا يغرّنك جهل الجاهلين، فإذا ولد عليّ بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليك، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه، فقال جندل:
وجدنا في التوراة وفي كتب الأنبياء (عليهم السلام) إيليا وشبّرا وشبيرا، فهذه اسم علي والحسن والحسين، فمن بعد الحسين وما أساميهم؟ قال:
إذا انقضت مدّة الحسين فالإمام ابنه عليّ ويلقّب بزين العابدين، فبعده ابنه محمّد يلقّب بالباقر، فبعده ابنه جعفر يدعى بالصادق، فبعده ابنه موسى يدعى بالكاظم، فبعده ابنه عليّ يدعى بالرضا، فبعده ابنه محمّد يدعى بالتقيّ والزكيّ، فبعده ابنه عليّ يدعى بالنقي والهادي، فبعده ابنه الحسن يدعى بالعسكري، فبعده ابنه محمّد يدعى بالمهدي والقائم والحجّة، فيغيب ثمّ يخرج، فإذا خرج يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبّتهم، اولئك الّذين وصفهم الله في كتابه وقال: (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ

(١٩٨)

الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)، ثمّ قال تعالى: (أُولئِكَ حِزْبُ الله أَلا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، فقال جندل: الحمد للّه الذي وفّقني بمعرفتهم، ثمّ عاش إلى أن كانت ولادة عليّ بن الحسين فخرج الى الطائف ومرض وشرب لبنا، وقال: أخبرني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن، ومات ودفن بالطائف بالموضع المعروف بالكوزارة.

564-(290)- كمال الدين: حدّثنا علي بن عبد الله الورّاق، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ (عليهما السلام) وأنا اريد أن أسأله عن الخلف [من] بعده، فقال لي مبتدئا: يا أحمد بن إسحاق، إنّ الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم (عليه السلام)، ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة الله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزّل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض، قال: فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض (عليه السلام) مسرعا فدخل البيت، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء الثلاث سنين فقال: يا أحمد بن إسحاق، لو لا كرامتك على الله (عزّ وجلّ) وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، إنّه سميّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكنيّه، الّذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يا أحمد بن إسحاق، مثله في هذه الامّة مثل الخضر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(290) كمال الدين: ج 2 ص 384- 385 ب 38 ح 1، كشف الغمّة: ج 2 ص 526 ب 2 ف 3 ح 1، ينابيع المودّة: ص 458 ب 81، البحار: ج 52 ص 23- 24 ب 18 ح 16، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 3، الصراط المستقيم: ج 2 ص 231- 232 ف 3 ب 11، إثبات الهداة: ج 3 ص 479- 480 ب 32 ح 180.

(١٩٩)

(عليه السلام)، ومثله مثل ذي القرنين، والله ليغيبنّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلّا من ثبّته الله عزّ وجل على القول بإمامته، ووفّقه [فيها] للدعاء بتعجيل فرجه، فقال أحمد بن إسحاق: فقلت له: يا مولاي فهل من علامة يطمئنّ إليها قلبي؟ فنطق الغلام (عليه السلام) بلسان عربيّ فصيح فقال: أنا بقيّة الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه، فلا تطلب أثرا بعد عين يا أحمد بن إسحاق، فقال أحمد بن إسحاق: فخرجت مسرورا فرحا، فلمّا كان من الغد عدت إليه فقلت له: يا ابن رسول الله، لقد عظم سروري بما مننت [به] عليّ، فما السنّة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال: طول الغيبة يا أحمد، قلت: يا ابن رسول الله، وإنّ غيبته لتطول؟ قال: إي وربّي، حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به، ولا يبقى إلّا من أخذ الله (عزّ وجلّ) عهده لولايتنا، وكتب في قلبه الإيمان، وأيّده بروح منه، يا أحمد بن إسحاق، هذا أمر من أمر الله، وسرّ من سرّ الله، وغيب من غيب الله، فخذ ما آتيتك واكتمه وكن من الشاكرين تكن معنا غدا في علّيّين.
565-(291)- تاريخ مواليد أهل البيت (لابن الخشّاب): قال:- «ذكر الخلف الصالح (عليه السلام)»: حدّثنا صدقة بن موسى، حدّثنا أبي، عن الرضا (عليه السلام) قال: الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن عليّ، وهو صاحب الزمان، وهو المهديّ.
566-(292)- الكافي: علي بن محمّد، عن محمّد بن علي بن بلال،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(291) كشف الغمّة: ج 2 ص 475، ينابيع المودّة: ص 491 ب 94.
(292) الكافي: ج 1 ص 328 ب 134 ح 1، الوافي: ج 2 ص 391- 392 ب 42 ح 880- 1، مرآة العقول: ج 4 ص 1 ب 134 ح 1، الإرشاد: ص 375، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 3.

(٢٠٠)

قال: خرج إليّ من أبي محمّد (عليه السلام) قبل مضيّه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثمّ خرج إليّ قبل مضيّه بثلاثة أيّام يخبرني بالخلف من بعده.
567-(293)- الخرائج: ومنها ما روي عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عيسى بن مسيح، قال: دخل الحسن العسكري (عليه السلام) علينا الحبس وكنت به عارفا، فقال لي: لك خمس وستّون سنة وشهر ويومان، وكان معي كتاب دعاء عليه تاريخ مولدي، وإني نظرت فيه فكان كما قال. قال: وقال: هل رزقت من ولد؟ قلت: لا، قال: اللهمّ ارزقه ولدا يكون له عضدا، فنعم العضد الولد، ثمّ تمثّل:

من كان ذا عضد يدرك ظلامته * * * إنّ الذليل الّذي ليست له عضد

فقلت: أ لك ولد؟ قال: إي والله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطا وعدلا، فأمّا الآن فلا، ثمّ تمثّل:

لعلّك يوما إن تراني كأنّما * * * بنيّ حواليّ الاسود اللوابد
فإنّ تميما قبل أن يلد الحصى * * * أقام زمانا وهو في الناس واحد

ويدلّ عليه أيضا الروايات: 242 إلى 308، 558، 559، 568 إلى 571، 608، 641، 786 إلى 807، 859، 1230.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(293) الخرائج:، ص 72 ب 13 ح 17، كشف الغمّة: ج 2 ص 503، وفيه وفي البحار: «أ لك ولد؟ قال: إي والله سيكون لي ولد»، البحار: ج 50 ص 275- 276 ب 37 ح 48 وج 51 ص 162 ب 10 ح 15، الوسائل: ج 21 ص 360- 361، ب 3 من أبواب أحكام الأولاد ح 227302)، إثبات الهداة: ج 2 ص 422 ب 31 ح 78. وفي الجميع غير كشف الغمّة: «عيسى بن صبيح» بدل «مسيح»، وفي كشف الغمّة: «عيسى بن شج».

(٢٠١)

الفصل الثاني والعشرون: فيما يدلّ على أنّ اسم أبيه الحسن (عليه السلام) وفيه 108 حديثا

568-(294)- مقتضب الأثر: قال: وممّا حدّثني به هذا الشيخ الثقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(294) مقتضب الأثر: ص 31، البحار: ج 51 ص 110 ح 4.
اعلم أنّه يظهر من هذا الباب وغيره من أبواب الكتاب أنّه لا اعتناء بما ورد في رواية أبي داود عن زائدة عن عاصم عن زرّ عن عبد الله عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث الله رجلا منّي، أو من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا»؛ لدلالة هذه الأخبار الكثيرة المتواترة على أنّ اسم أبيه الحسن.
وذكر الكنجي في «البيان» أنّ الترمذي ذكر الحديث ولم يذكر قوله: «واسم أبيه اسم أبي»، وأنّ الإمام أحمد مع ضبطه واتقانه روى هذا الحديث في مسنده في عدّة مواضع: «واسمه اسمي»، ثمّ قال: وجمع الحافظ أبو نعيم طرق هذا الحديث من الجمّ الغفير في «مناقب المهدي» كلّهم عن عاصم بن أبي النجود عن زرّ عن عبد الله عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فمنهم: سفيان بن عيينة وطرقه عنه بطرق شتّى، ومنهم:
فطر بن خليفة وطرقه عنه بطرق شتّى، ومنهم: الأعمش وطرقه عنه بطرق شتّى، ومنهم أبو إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني وطرقه عنه بطرق شتّى، ومنهم: حفص بن عمر، ومنهم: سفيان الثوري وطرقه بطرق شتّى، ومنهم: شعبة وطرقه بطرق شتّى، ومنهم: واسط بن الحارث، ومنهم: يزيد بن معاوية أبو شيبة له فيه طريقان، ومنهم: سليمان بن قرم وطرقه عنه بطرق شتّى، ومنهم جعفر الأحمر وقيس بن الربيع وسليمان بن قرم وأسباط جمعهم في سند واحد، ومنهم: سلام أبو المنذر، ومنهم: أبو شهاب محمّد بن إبراهيم الكناني وطرقه عنه بطرق شتّى، ومنهم: عمرو بن عبيد التنافسي وطرقه عنه بطرق شتّى، ومنهم: أبو بكر بن عيّاش وطرقه عنه بطرق شتّى، ومنه: أبو الحجّاف داود بن أبي العوف وطرقه عنه بطرق شتّى، ومنهم: عثمان بن شبرمة وطرقه عنه بطرق شتّى، ومنهم: عبد الملك بن أبي عيينة، ومنهم: محمّد بن عيّاش عن عمرو العامري وطرقه بطرق شتّى، وذكر سندا وقال فيه: حدّثنا أبو غسّان، حدّثنا قيس ولم ينسبه. ومنهم: عمرو بن قيس الملائي، ومنهم: عمّار بن زريق، ومنهم: عبد الله بن حكيم بن جبير الأسدي، ومنهم: عمرو بن عبد الله بن بشير، ومنهم: أبو الأحوص، ومنهم سعد بن حسن بن اخت ثعلبة، ومنهم: معاذ بن هشام، قال: حدّثني أبي عن عاصم، ومنهم: يوسف بن يونس، ومنهم غالب بن عثمان، ومنهم: حمزة الزيّات، ومنهم شيبان، ومنهم الحكم بن هشام، ورواه غير عاصم عن زرّ وهو عمرو بن مرّة عن زرّ، كلّ هؤلاء رووا: «اسمه اسمي» إلّا ما كان من عبيد الله بن موسى عن زائدة عن عاصم فإنّه قال فيه: «واسم أبيه اسم أبي»، ولا يرتاب اللبيب أنّ هذه الزيادة لا اعتبار بها مع اجتماع هؤلاء الأئمّة على خلافها، انتهى.
و قال في «كشف الغمّة»: أمّا أصحابنا الشيعة فلا يصحّحون هذا الحديث؛ لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه (عليهما السلام)، وأمّا الجمهور فقد نقلوا أنّ زائدة(راوي الحديث) كان يزيد في الأحاديث، فوجب المصير الى أنّه من زيادته ليكون جمعا بين الأقوال والروايات، انتهى.
هذا مختصر الكلام في سند الحديث، ومعلوم أنّ مع ذلك لا يبقى مجال للاعتماد على نقل زائدة، ويسقط عن الاعتبار بل تطمئنّ النفس بأنّ زائدة أو غيره من رواة الحديث زاد هذه الجملة فيه، ويحتمل قريبا أن تكون تلك الزيادة من صنعة أهل السياسة والرئاسة، فإنّ للأحاديث كانت شأنا عظيما في نجاح السياسات وتأسيس الحكومات في الصدر الأوّل، فكانوا يأمرون بوضع الأحاديث، ويتوسّلون بها الى جلب قلوب العامّة لحفظ حكومتهم، ويشهد لذلك أعمال معاوية وشدّته على من يروي في فضل علي (عليه السلام) حديثا ومنقبة، واعطاؤه الجوائز والصلات على من وضع حديثا في ذمّ عليّ وأهل البيت، أو مدح عثمان وغيره من بني اميّة، فاستأجر أمثال أبي هريرة من أهل الدنيا وعبدة الدنانير والدراهم لجعل الأحاديث، وهكذا اجري الأمر في ابتداء خلافة بني العبّاس، وتأسيس حكومتهم وثورتهم على الأمويين، واستمرّ الأمر، فوضع الوضّاعون بأمرهم أو تقرّبا إليهم أحاديث لتأييد مذاهبهم وآرائهم وسياستهم، وتصحيح أعمالهم الباطلة، وتقوية مواقعهم بين العامّة، وممّا أخذه العبّاسيّون وسيلة لبناء حكومتهم على عقيدة دينيّة هذه البشائر الواردة في المهدي (عليه السلام).
فإذن لا بعد في أن يكون الداعي إلى زيادة هذه الجملة تقوية حكومة محمّد بن عبد الله المنصور العبّاسي الملقّب بالمهدي، أو تأييد دعوة محمّد بن عبد الله بن الحسن الملقّب بالنفس الزكيّة- رضي الله عنهم- وهذا الاحتمال عندي قريب جدا، وقد ذكر بعض المؤرّخين(كصاحب الفخري في الآداب السلطانية والدول الاسلاميّة) أنّ عبد الله المحض أثبت في نفوس طوائف من الناس أنّ ابنه محمّدا هو المهديّ الّذي بشّر به، وأنّه يروي هذه الزيادة: «اسم أبيه اسم أبي»، وأنّ الصادق (عليه السلام) قال لأبيه عبد الله المحض: إنّ ابنه لا ينالها، فكيف كان، لا اعتبار بهذه الزيادة سيّما في قبال الأخبار المتواترة القطعيّة المذكورة في كتب الأصحاب. هذا، وقد ذكروا وجوها للجمع بين هذه الزيادة والأخبار المذكورة.
الأوّل: ما في كتاب «البيان» للكنجي الشافعي وهو احتمال التصحيف، وأنّ الصادر منه (صلّى الله عليه وآله): «واسم أبيه اسم ابني» يعني الحسن (عليه السلام)، فإنّ تعبيره (صلّى الله عليه وآله) عنه بابني وعنه وعن أخيه الحسين بابناي في نهاية الكثرة، فتوهّم فيه الراوي فصحّف ابني بأبي، ويؤيّد هذا الاحتمال الحديث المروي في البحار ج 51 ص 67.
الثاني: ما ذكره كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي، قال في «مطالب السئول في مناقب آل الرسول»: لا بدّ قبل الشروع في تفصيل الجواب من بيان أمرين يبنى عليهما الغرض: الأوّل: إنّه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجدّ الأعلى وقد نطق القرآن بذلك، فقال تعالى: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ)، وقال تعالى حكاية عن يوسف: (واتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وإِسْحاقَ ويَعْقُوبَ)، ونطق بذلك النبي في حديث الإسراء، انه قال: «قلت: من هذا؟ قال: أبوك إبراهيم»، فعلم أنّ لفظة الأب تطلق على الجدّ وإن علا، فهذا أحد الأمرين.
الثاني: إنّ لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة، وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم، ووردت في الأحاديث حتّى ذكرها الإمامان البخاري ومسلم، كلّ منهما يرفعه إلى سهل بن سعد الساعدي أنّه قال: عن علي أنّ رسول الله سمّاه بأبي تراب، ولم يكن له اسم أحبّ إليه منه. فاطلق لفظ الاسم على الكنية، ومثل ذلك قال الشاعر:

اجلّ قدرك ان تسمى مؤنّثة * * * ومن كناك فقد سمّاك للعرب

ويروى «ومن يصفك»، فأطلق التسمية على الكنية أو الصفة، وهذا شائع ذائع في لسان العرب. فإذا وضح ما ذكرناه من الأمرين فاعلم- أيّدك الله بتوفيقه- أنّ النبيّ كان له سبطان: أبو محمّد الحسن، وأبو عبد الله الحسين، ولمّا كان الحجّة الخلف الصالح محمّد من ولد أبي عبد الله الحسين، ولم يكن من ولد أبي محمّد الحسن، وكانت كنية الحسين أبا عبد الله فاطلق النبيّ على الكنية لفظ الاسم لأجل المقابلة بالاسم في حقّ أبيه، وأطلق على الجدّ لفظة الأب، فكأنّه قال: يواطئ اسمه اسمي، فهو محمّد وأنا محمّد، وكنية جدّه اسم أبي، إذ هو أبو عبد الله وأبي عبد الله، لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته، وإعلام أنّه من ولد أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز، وحينئذ تنتظم الصفات، وتوجد بأسرها مجتمعة للحجّة الخلف الصالح محمّد (عليه السلام). فهذا بيان شاف وكاف في إزالة ذلك الإشكال فافهمه، انتهى.
الثالث: ما نقل في البحار عن بعض معاصريه وهو أنّ كنية الحسن العسكري (عليه السلام) أبو محمّد، وعبد الله أبو النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أبو محمّد فتوافق الكنيتان، والكنية داخلة تحت الاسم(وقد مرّ وجهه في الوجه الثاني).
الرابع: ما عن بعض الأفاضل قال: وأحسن الوجوه في جواب الخبر أن يقال: إنّ الخبر هكذا: «اسمه اسمي واسم أبي» لما مرّ في أخبار عديدة في كتاب «الغيبة» من أنّ للمهديّ ثلاثة أسماء، منها: عبد الله وهو اسم أب النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وقد مرّ في بعضها: «اسمه اسم أبي» بهذه العبارة، فعلى هذا الخبر أيضا هكذا ورد: «واسمه اسمي واسم أبي»، وإنّما زاد الراوي قوله: «اسم أبيه» حيث لم يفهم معنى الخبر، ولم يحتمل أن يكون للمهدي- عجّل الله فرجه- اسمان، فأراد تصحيح الخبر من عنده فزاد هذه الجملة، وقد عرفت أنّ الخبر لا غبار عليه؛ لأنّ له (عليه السلام) ثلاثة أسماء، فقد بان عدم منافاة الخبر لأخبارنا بوجه، وهذا أحسن الأجوبة، ولم أر من تعرّض له على وضوحه، انتهى.
الخامس: ما عن الفاضل المذكور أيضا قال: ويحتمل أن يكون الخبر هكذا: «اسمه اسمي واسم ابنه اسم أبي»، لما يظهر من جملة من الأخبار أنّ من أولاده (عليه السلام) عبد الله، ويأتي في الباب الثالث عشر من هذا الكتاب أنّ من كناه (عليه السلام) أبا عبد الله، فبدّل اسم ابنه باسم ابيه، انتهى. وقد ذكرنا الرواية الّتي أشار إليها في(ب 3 تحت الرقم 397).
السادس: ذكر الفاضل المتتبّع المولى محمّد رضا الإمامي في «جنّات الخلود» أنّ للإمام أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السلام) اسمين: أحدهما: الحسن، والثاني: عبد الله، وذكر ذلك أيضا من علمائنا صاحب «كفاية الموحّدين»، ومن العامّة ملك العلماء القاضي شهاب الدين الدولت آبادي صاحب التفسير المسمّى بالبحر الموّاج ومناقب السادات وهداية السعداء كما في النجم الثاقب، والمولى معين الهروي صاحب تفسير «أسرار الفاتحة» نقل ذلك عنه في «العبقري الحسان»، وعلى هذا يندفع الإشكال.

 

(٢٠٢)

أبو الحسين عبد الصمد بن علي، وأخرجه إليّ من أصل كتابه وتاريخه في

(٢٠٣)

سنة خمس وثمانين ومائتين، سماعه من عبيد بن كثير أبي سعد العامري،

(٢٠٤)

قال: حدّثني نوح بن درّاج، عن يحيى، عن الأعمش، عن زيد بن

(٢٠٥)

وهب، عن ابن أبي جحيفة السوائي- من سواءة بن عامر- والحرث بن عبد الله الحارثي الهمداني والحرث بن شرب، كلّ حدّثنا أنّهم كانوا عند علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكان إذا أقبل ابنه الحسن (عليه السلام) يقول: مرحبا يا ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وإذا أقبل الحسين يقول: بأبي أنت وامّي يا أبا ابن خيرة الإماء، فقيل له: يا أمير المؤمنين، ما بالك تقول هذا للحسن وتقول هذا للحسين؟ ومن ابن خيرة الإماء؟
فقال: ذلك الفقيد الطريد الشريد: محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، هذا ووضع يده على رأس الحسين (عليه السلام).
569-(295)- كمال الدين: حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد الدقّاق-

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(295) كمال الدين: ج 2 ص 334 ب 33 ح 4، إعلام الورى: ص 404 وفيه: «والخلف المنتظر م ح م د بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى (عليهم السلام)».
أقول: كأنّ فيه اشارة إلى أنّ «الخلف» من ألقاب المهدي (عليه السلام)، قال ابن الأثير: «الخلف- بالتحريك والسكون- كلّ من يجيء بعد من مضى، إلّا أنّه بالتحريك في الخير، وبالتسكين في الشرّ، يقال: خلف صدق وخلف سوء». ولعلّ اختصاصه (عليه السلام) بهذا اللقب لأنّه خلف جميع الأنبياء والأئمّة (عليهم السلام)، ويجيء بعد الجميع.

(٢٠٦)

رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن المفضّل بن عمر، قال: دخلت على سيّدي جعفر بن محمّد (عليهما السلام) فقلت: يا سيّدي، لو عهدت إلينا في الخلف من بعدك؟ فقال لي:
يا مفضّل، الإمام من بعدي ابني موسى، والخلف المأمول المنتظر «م ح م د» بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى (عليهم السلام).
570-(296)- المناقب: وممّا كتب (عليه السلام) (يعني: أبا محمّد الحسن العسكري (عليه السلام)) إلى أبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمّي: اعتصمت بحبل الله، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد للّه ربّ العالمين، والعاقبة للمتّقين، والجنّة للموحّدين، والنار للملحدين، ولا عدوان إلّا على الظالمين، ولا إله إلّا الله أحسن الخالقين، والصلاة على خير خلقه محمّد وعترته الطاهرين، ومنها: عليك بالصبر وانتظار الفرج، قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج، ولا يزال شيعتنا في حزن حتّى يظهر ولدي الّذي بشّر به النبيّ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، فاصبر يا شيخي يا أبا الحسن علي، وامر جميع شيعتي بالصبر، فإنّ الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتّقين، والسلام عليك وعلى جميع شيعتنا ورحمة الله وبركاته، وصلّى الله على محمّد وآله.
571-(297)- إثبات الوصيّة: أبو الحسن محمّد بن جعفر الأسدي،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(296) المناقب: ج 4 ص 425- 426، مستدرك الوسائل: ج 3 الطبعة الاولى ص 527، رياض العلماء: ج 4 ص 7، روضات الجنّات: ج 3 الطبعة الاولى ص 377، مجالس المؤمنين: المجلس الخامس ص 195، الكنى والألقاب: ص 217.
(297) إثبات الوصيّة: ص 206 الطبعة القديمة، كمال الدين: ج 2 ص 501 ب 45 ح 27 نحوه، وفي نسخة: «خديجة»، وفي بعضها: «حليمة»، وفي بعضها: «حكيمة»، والأصحّ: «خديجة». الغيبة: ص 230 ح 196 بسندين، وفيه: «خديجة» لكن محقّق الطبعة الأخيرة صحّحها على البحار وغيره بزعمه فجعلها «حكيمة» وهو وهم منه، فالاعتماد على نسخ الكتاب، البحار: ج 51 ص 363- 364 ب 16 ح 11، إثبات الهداة: ج 3 ص 506 ب 32 ح 313 عن كتاب الغيبة وفيه أيضا: «خديجة».

(٢٠٧)

قال: حدّثني أحمد بن إبراهيم، قال: دخلت على خديجة بنت محمّد بن علي الرضا (عليهما السلام)، اخت أبي الحسن صاحب العسكر (عليه السلام) في سنة اثنين وستّين ومائتين بالمدينة، فكلّمتها من وراء حجاب، وسألتها عن دينها، فسمّت لي من تأتمّ بهم، ثمّ قالت: والخلف الزكيّ ابن الحسن بن علي أخي، فقلت لها: جعلني الله فداك معاينة أو خبرا؟
فقالت: خبرا عن ابن أخي (أبي محمّد) (عليه السلام) كتب به الى امّه، فقلت لها: فأين الولد؟ فقالت: مستور، قلت: فإلى من تفزع الشيعة؟
قالت: الى الجدّة أمّ أبي محمّد، فقلت لها: اقتداء بمن وصيّته إلى امرأة، فقالت لي: اقتداء بالحسين بن علي (عليه السلام)؛ لأنّه أوصى إلى اخته زينب بنت علي في الظاهر فكان ما يخرج من علي بن الحسين في زمانه من علم ينسب الى زينب بنت علي عمّته سترا على عليّ بن الحسين وتقيّة وإبقاء عليه، ثمّ قالت: إنّكم قوم أصحاب أخبار ورجال وثقات، أ ما رويتم أنّ التاسع من ولد الحسين يقسم ميراثه وهو حيّ باق... الحديث.
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 242 إلى 308، 558 إلى 567، 608، 641، 786 إلى 807، 859، 1166، 1230.

(٢٠٨)

الفصل الثالث والعشرون: في أنّه ابن سيّدة الإماء وخيرتهنّ وفيه 11 حديثا

572-(298)- شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد): قال: ومنها (يعني من خطبته التي ذكر بعضها الرضي قدّس سرّه): فانظروا أهل بيت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(298) شرح نهج البلاغة: ج 2 ص 179 ينابيع المودّة: ص 498 ب 96.
قال ابن أبي الحديد في شرحه: فإن قيل: فمن يكون من بني اميّة في ذلك الوقت موجودا حتّى يقول (عليه السلام) في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم حتّى يودّوا لو أنّ عليّا (عليه السلام) كان المتولّي لأمرهم عوضا عنه؟ قيل: أمّا الإماميّة فيقولون بالرجعة، ويزعمون أنّه سيعاد قوم بأعيانهم من بني اميّة وغيرهم إذا ظهر إمامهم المنتظر، وأنّه يقطع أيدي أقوام وأرجلهم، ويسمل عيون بعضهم، ويصلب قوما آخرين، وينتقم من أعداء آل محمّد (عليه السلام) المتقدّمين والمتأخّرين. ثمّ ردّ ابن أبي الحديد هذا الإشكال على مذهب أصحابه- بعد التصريح بأنّه (عليه السلام) من ولد فاطمة، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، وينتقم من الظالمين، وينكل بهم أشدّ النكال، وأنّه ابن أمّ ولد كما قد ورد في هذا الأثر وغيره، وأنّ اسمه محمّد- بأنّه إنّما يظهر بعد أن يستولي على كثير من الاسلام ملك من أعقاب بني اميّة وهو السفياني الموعود به في الخبر الصحيح من ولد أبي سفيان بن حرب بن اميّة، وأنّ الإمام الفاطمي يقتله ويقتل أشياعه من بني اميّة وغيرهم، وحينئذ ينزل المسيح (عليه السلام) من السماء، وتبدو أشراط الساعة، وتظهر دابّة الأرض... الخ.
غيبة النعماني: ص 229 ب 13 ح 11 نحوه، البحار: ج 51 ص 121 ذيل ح 23.

(٢٠٩)

نبيّكم، فإن لبدوا فالبدوا، وإن استنصروكم فانصروهم، فليفرّجنّ الله الفتنة برجل منّا أهل البيت، بأبي ابن خيرة الإماء، لا يعطيهم إلّا السيف هرجا هرجا، موضوعا على عاتقه ثمانية أشهر حتّى تقول قريش: لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا، يغريه الله ببني اميّة حتّى يجعلهم حطاما ورفاتا (مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وقُتِّلُوا تَقْتِيلًا، سُنَّةَ الله فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلًا).
573-(299)- ينابيع المودّة: روى المدائني في كتاب صفّين، قال:
خطب عليّ (عليه السلام) بعد انقضاء أمر النهروان، فذكر طرفا من الملاحم، وقال: ذلك أمر الله، وهو كائن وقتا مريحا، فيا ابن خيرة الإماء، متى تنتظر؟ أبشر بنصر قريب من ربّ رحيم، فبأبي وامّي من عدّة قليلة، أسماؤهم في الأرض مجهولة، قد دنا حينئذ ظهورهم، يا عجبا كلّ العجب بين جمادى ورجب، من جمع أشتات، وحصد نبات، ومن أصوات بعد أصوات، ثمّ قال: سبق القضاء سبق.
قال رجل من أهل البصرة الى رجل من أهل الكوفة في جنبه: أشهد أنّه كاذب، قال الكوفي: والله ما نزل عليّ من المنبر حتّى فلج الرجل فمات من ليلته.
ولو أردنا استقصاء أخباره عن الغيوب الصادقة التي شاهدوا صدقها عيانا لبلغ كراريس كثيرة، انتهى الشرح.
574-(300)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(299) ينابيع المودّة: ص 512 ب 99.
(300) كمال الدين: ج 2 ص 368 و369 ب 34 ح 6، كفاية الأثر: ص 266 ب ما جاء عن موسى بن جعفر (عليهما السلام) ح 3 عن محمّد بن عبد الله بن حمزة عن عمّه الحسن بن حمزة عن علي بن إبراهيم بن هاشم. البحار: ج 51 ص 150 و151 ح 2 ب 7.

(٢١٠)

أحمد محمّد بن زياد الأزدي، قال: سألت سيّدي موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن قول الله (عزّ وجلّ): «وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة» فقال (عليه السلام): النعمة الظاهرة الإمام الظاهر، والباطنة الإمام الغائب، فقلت له: ويكون في الائمّة من يغيب؟ قال: نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه، ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر منّا، يسهّل الله له كلّ عسير، ويذلّل له كلّ صعب، ويظهر له كنوز الأرض، ويقرّب له كلّ بعيد، ويبير به [يتبر- خ، يفني به من- خ] كلّ جبّار عنيد، ويهلك على يده كلّ شيطان مريد، ذلك ابن سيّدة الإماء الّذي تخفى على الناس ولادته، ولا يحلّ لهم تسميته حتّى يظهره الله (عزّ وجلّ)، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
575-(301)- كمال الدين: حدّثنا علي بن أحمد بن عمران- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ سنن الأنبياء (عليهم السلام) بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منّا أهل البيت حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة(302)، قال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(301) كمال الدين: ج 2 ص 345 و346 ح 31.
(302) أخرج الحاكم في المستدرك في كتاب الإيمان: ج 1 ص 37 بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لتتبعنّ سنن من كان قبلكم باعا فباعا، وذراعا فذراعا، وشبرا فشبرا، حتّى لو دخلوا جحر ضبّ، قال: لدخلتموه معهم، قال: قيل: يا رسول الله، اليهود والنصارى، قال: فمن إذن».
(قال الحاكم:) هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرّجاه بهذا اللفظ، انتهى.
أقول: روي هذا الحديث بألفاظ مختلفة في كتب الفريقين.

(٢١١)

أبو بصير: فقلت يا ابن رسول الله، ومن القائم منكم أهل البيت؟ فقال:
يا أبا بصير، هو الخامس من ولد ابني موسى، ذلك ابن سيّد الإماء، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون، ثمّ يظهره الله (عزّ وجلّ) فيفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها، وينزل روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) فيصلّي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربّها، ولا تبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير الله (عزّ وجلّ) إلّا عبد الله عزّ وجل فيها، ويكون الدين كلّه للّه ولو كره المشركون.
576-(303)- غيبة النعماني: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن رباح الزهري، قال: حدّثنا أحمد بن علي الحميري، قال: حدّثنا الحكم أخو مشمعلّ الأسدي، قال: حدّثني عبد الرحيم القصير، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «بأبي ابن خيرة الإماء» أ هي فاطمة؟ فقال: إنّ فاطمة (عليها السلام) خيرة الحرائر، ذاك المبدح بطنه (304)، المشرب حمرة، رحم الله فلانا.
577-(305)- غيبة الشيخ: سعد بن عبد الله، عن محمّد بن عيسى بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(303) غيبة النعماني: ص 228 و229 ب 13 ح 9.
(304) أي واسعه وعريضه.
(305) غيبة الشيخ: ص 281 فصل في ذكر طرف من صفاته ح 5، البحار ج 51 ص 36 ب 4 ح 6 عن النعماني والشيخ وفيه: «عهد»، كمال الدين: ج 2 ص 468 ب 56 ح 3 أخرج صدره مع بعض الاختلاف في اللفظ، إعلام الورى: ص 434، الخرائج: ج 3 ص 1152 مختصرا، الإرشاد للمفيد: ص 363، كشف الغمّة: ج 2 ص 464 وفيه: «عهد» بدل «شهد»، روضة الواعظين: ج 2 ص 266 وفيه أيضا «عهد»، إثبات الهداة: ج 3 ص 730 ب 34 ف 6 ح 71 وفيه: «عهد». واعلم أنّه لا منافاة بين مثل هذا الحديث والأحاديث الكثيرة الدالّة علي طول عمره (عليه السلام)، فالجمع أنّه كناية عن زهر لونه وحسن منظره وأنّه بحالة الشباب ونشاط الشابّ، وصورته لا يهرم بمرور الأيّام.

(٢١٢)

عبيد، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: سأل عمر بن الخطّاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ فقال: أمّا اسمه فإنّ حبيبي شهد إليّ أن لا احدّث باسمه حتّى يبعثه الله، قال: فأخبرني عن صفته؟ قال: هو شابّ مربوع، حسن الوجه، حسن الشعر، يسيل شعره على منكبيه، ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، بأبي ابن خيرة الإماء.
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 539، 553، 554، 568، 651.

(٢١٣)

الفصل الرابع والعشرون: في أنّه إذا توالت ثلاثة أسماء، محمّد وعليّ والحسن كان الرابع هو القائم وفيه حديثان

578-(306)- دلائل الإمامة: وحدّثنا أبو المفضّل، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الكوفي، عن محمّد بن عبد الله الفارسي، عن يحيى بن ميمون الخراساني، عن عبد الله بن سنان، عن أخيه محمّد بن سنان الزاهري، عن سيّدنا أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه الحسين، عن عمّه الحسن، عن أمير المؤمنين، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: قال لي: يا علي، إذا تمّ من ولدك أحد عشر إماما فالحادي عشر منهم المهدي من أهل بيتي.
وبهذا الإسناد عن رسول الله أنّه قال: إذا توالت أربعة أسماء من الأئمّة من ولدي محمّد وعلي والحسن فرابعها هو القائم المأمول المنتظر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(306) دلائل الإمامة: ص 236 ب معرفة وجوب القائم ح 9، إثبات الهداة: ج 3 ص 103 ح 832 ف 69 ب 9 عن كتاب مناقب فاطمة وولدها (عليهم السلام) بإسناده عن أمير المؤمنين عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

(٢١٤)

579-(307)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبو علي محمّد بن همّام، قال: حدّثنا أحمد بن ما بنداذ، قال: أخبرنا أحمد بن هلال، قال: حدّثني اميّة بن علي القيسي، عن أبي الهيثم التميمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا توالت ثلاثة أسماء: محمّد وعلي والحسن كان رابعهم قائمهم (308).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(307) كمال الدين: ج 2 ص 334 ب 32 ح 3، ونحوه ح 2 ص 333- 334، وأخرجه في مقدّمة كمال الدين عن ابن قبة في أجوبته عن اعتراضات ابن بشّار ولفظه: «إذا توالت ثلاثة أسماء محمّد وعلي والحسن فالرابع القائم» ص 55 ج 1، كفاية الأثر: ص 280 ذيل الحديث الرابع من باب ما جاء عن أبي جعفر محمّد بن علي الرضا (عليهما السلام): بإسناده عن أبي الهيثم التميمي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا توالت ثلاثة أسماء كان رابعهم قائمهم محمّد وعلي والحسن». غيبة النعماني: ص 179 ح 26، إعلام الورى: ص 403 وجاء بدل «توالت»: «اجتمعت».
(308) المراد من الأسماء الشريفة معلوم: محمّد هو الإمام محمّد بن عليّ بن موسى الرضا، وعليّ ابنه الإمام عليّ بن محمّد بن علي بن موسى الرضا، والحسن ابنه الإمام الحسن العسكري صلوات الله عليهم أجمعين.

(٢١٥)

الفصل الخامس والعشرون: فيما يدلّ على أنّه الثاني عشر من الأئمّة وخاتمهم (عليهم السلام) وفيه 151 حديثا

580-(309)- غيبة الفضل بن شاذان: حدّثنا صفوان بن يحيى- رضي الله عنه-، عن إبراهيم بن أبي زياد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على سيّدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فقلت: يا ابن رسول الله، أخبرني بالّذين فرض الله تعالى طاعتهم ومودّتهم، وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(309) كفاية المهتدي(الأربعين): ص 92- 93 ح 20، وفيه بعض الأغلاط الظاهرة، مثل قوله: «والتوكيل بحرم أبيه جهاد منه برتبته»، ومثل: «أفضل من كلّ أهل زمان» صحّحناها على سائر المصادر. كمال الدين: ج 1 ص 319- 320 ب 21 ح 2 بطريقين عن السيّد عبد العظيم الحسنيّ رضي الله عنه عن صفوان بن يحيى، الاحتجاج: ج 2 ص 317- 318 وفيهما: «من أعظم الفرج»، قصص الأنبياء: ص 365- 366 ف 15 إلى قوله: «سرّا وجهرا»، البحار: ج 36 ص 386- 387 ب 44 ح 1 وفيه: «ومن أعظم الفرج»، وج 50 ص 227- 228 ب 6 ح 2، إعلام الورى: ر 4 ق 1 ف 2 ص 234 إلى قوله: «سرا وجهرا»، إثبات الهداة: ج 1 ص 514- 515 ب 9 ح 247 عن الفضل بن شاذان في إثبات الغيبة وعن الصدوق في كمال الدين والطبرسي في الاحتجاج والراوندي في قصص الأنبياء وفيه: «من أعظم»، الإنصاف: ص 55- 57 ح 47 وفيه: «من أفضل العمل».

(٢١٦)

رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال: يا كابلي، إنّ أولي الأمر الّذين جعلهم الله (عزّ وجلّ) أئمّة للناس، وأوجب عليهم طاعتهم: أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن عمّي، ثمّ الحسين أبي، ثمّ انتهى الأمر إلينا وسكت، فقلت له: يا سيّدي، روي لنا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّ الأرض لا تخلو من حجّة للّه (عزّ وجلّ) على عباده، فمن الحجّة والإمام بعدك؟ فقال: ابني محمّد واسمه في الصحف الاولى باقر، يبقر العلم بقرا، هو الحجّة والإمام بعدي، ومن بعد محمّد ابنه جعفر، واسمه عند أهل السماء الصادق، فقلت له: يا سيّدي، فكيف صار اسمه الصادق وكلّكم صادقون؟ فقال: حدّثني أبي عن أبيه (عليهما السلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فسمّوه الصادق، فإنّ الخامس من ولده الّذي اسمه جعفر يدّعي الإمامة اجتراء على الله وكذبا عليه، فهو عند الله جعفر الكذّاب، المفتري على الله والمدّعي ما ليس له بأهل، المخالف لأبيه، والحاسد لأخيه، ذلك الّذي يروم كشف سرّ الله جلّ جلاله عند غيبة وليّ الله، ثمّ بكى علي بن الحسين بكاء شديدا، ثمّ قال: كأنّي بجعفر الكذّاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر وليّ الله، والمغيب في حفظ الله، والموكّل بحرم أبيه، جهلا منه بولادته، وحرصا منه على قتله إن ظفر به، وطمعا في ميراث أخيه حتّى يأخذه بغير حقّ، فقال أبو خالد: فقلت له: يا ابن رسول الله، وإنّ ذلك لكائن؟ فقال: إي وربّي إن ذلك لمكتوب عندنا في الصحيفة التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قال أبو خالد: فقلت: يا ابن رسول الله! ثمّ

(٢١٧)

يكون ما ذا؟ قال: ثمّ تمتدّ الغيبة بوليّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بعده، يا أبا خالد، إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته، والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل كلّ زمان، فإنّ الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالسيف، اولئك المخلصون حقّا، وشيعتنا صدقا، والدعاة الى دين الله (عزّ وجلّ) سرّا وجهرا، وقال: انتظار الفرج من أفضل الفرج.
581-(310)- كفاية الأثر: حدّثنا علي بن الحسين بن محمّد، قال: حدّثنا هارون بن موسى ببغداد في صفر سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، قال: حدّثنا أحمد [محمّد- خ] [بن مخزوم- خ] بن محمّد المقري مولى بني هاشم في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة قال أبو محمّد: وحدّثنا أبو حفص عمر [عمرو- خ] بن الفضل الطبري، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الفرغاني، قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عمرو البلوي. قال أبو محمّد: وحدّثنا عبد الله [عبيد الله] بن الفضل بن هلال الطائي بمصر، قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عمر [عمرو] بن محفوظ البلوي؛ قال: حدّثني إبراهيم بن عبد الله بن العلا، قال: حدّثني محمّد بن بكير، قال: دخلت على زيد بن علي (عليه السلام) وعنده صالح بن بشر، فسلّمت عليه وهو يريد الخروج الى العراق، فقلت له: يا ابن رسول الله! حدّثني بشيء سمعته من أبيك (عليه السلام)، فقال: نعم، حدّثني أبي عن جدّه [أبي عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(310) كفاية الأثر: فيما روي عن [أبي الحسين] زيد بن عليّ بن الحسين (عليهم السلام) في آخر الكتاب ص 298- 301 ب 40 ح 1، إرشاد القلوب: ص 414 مختصرا، البحار: ج 46 ص 201- 203 ب 11 ح 77.

(٢١٨)

أبيه عن جدّه- خ] قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من أنعم الله عليه بنعمة فليحمد الله (عزّ وجلّ)، ومن استبطأ الرزق فليستغفر [الله، ومن حزنه أمر] فليقل: لا حول ولا قوّة إلّا بالله، فقلت: زدني يا ابن رسول الله! قال: نعم، حدّثني أبي عن جدّه [أبي عن أبيه عن جدّه- خ] قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أربعة أنا لهم الشفيع [أنا شفيع لهم- خ] يوم القيامة: المكرم لذرّيّتي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في امورهم عند اضطرارهم إليه، والمحبّ لهم بقلبه ولسانه، قال: فقلت: زدني يا ابن رسول الله من فضل ما أنعم الله عليكم، قال: نعم، حدّثني أبي [عن أبيه] عن جدّه، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من أحبّنا أهل البيت في الله حشر معنا، وأدخلناه معنا الجنّة، يا ابن بكير! من تمسّك بنا فهو معنا في الدرجات العلى، يا ابن بكير! انّ الله تبارك وتعالى اصطفى محمّدا (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، واختارنا له ذرّيّة، فلولانا لم يخلق الله تعالى الدنيا والآخرة، يا ابن بكير! بنا عرف الله، وبنا عبد الله، ونحن السبيل الى الله، ومنّا المصطفى، و[منّا] المرتضى، ومنّا يكون المهدي، قائم هذه الامّة، قلت: يا ابن رسول الله! هل عهد إليكم رسول الله متى يقوم قائمكم؟ قال: يا ابن بكير! إنّك لن تلحقه، وإنّ هذا الأمر تليه ستّة من الأوصياء بعد هذا، ثمّ يجعل [الله] خروج قائمنا فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، فقلت: يا ابن رسول الله! أ لست صاحب هذا الأمر؟ فقال: أنا من العترة، فعدت فعاد إليّ، فقلت: هذا الّذي تقوله عنك أو عن رسول الله؟ فقال: لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير، لا ولكن عهد عهده إلينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ثمّ أنشأ

(٢١٩)

يقول:

نحن سادات قريش * * * وقوام الحقّ فينا
نحن الأنوار الّتي * * * من قبل كون الخلق كنّا
نحن منّا المصطفى المختار * * * والمهديّ منّا
فبنا قد عرف الله * * * وبالحقّ [أ] قمنا
سوف يصلاه سعير [ا] * * * من تولّى اليوم عنّا

قال علي بن الحسين: وحدّثنا محمّد بن الحسين البزوفري بهذا الحديث في مشهد مولانا الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن سلمة بن الخطّاب، عن محمّد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعا، عن علقمة بن محمّد الحضرمي، عن صالح [صلح- خ] قال: كنت عند زيد بن علي (عليه السلام) فدخل عليه [إليه] محمّد بن بكير... وذكر الحديث.
582-(311)- كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي-

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(311) كمال الدين: ج 1 ص 331- 332 ب 32 ح 17، إثبات الهداة: ج 1 ص 516 ب 9 ح 251 وفيه: «عليك سنته والقرآن الحكيم»، البحار: ج 51 ص 137 ب 5 ح 5، وفي النسخة المطبوعة بطبع المكتبة الإسلاميّة ص 448 ج 1 ذكر: «أبو لبيد» بدل «أبو أيّوب»، وذكر «الّذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم (عليه السلام) عند سنة يس والقرآن الحكيم»، وهذا اللفظ موافق لما في الانصاف(ص 9، ب الهمزة، ح 12) إلّا أنّ الظاهر أنّ ذلك لوقوع التّصحيف ووهم النّساخ، فإنّ لفظ الحديث على النّسخة الّتي نقلناه منها وهي النسخة المصحّحة على نسخ مخطوطة «عليك بسنّته والقرآن الحكيم»، لكن ذكر مصحّحها أنّ لفظه في نسخة ثمينة بدون «عليك» فيكون المعنى أنّ عيسى- على نبيّنا وآله و(عليه السلام)- يعمل بشرع الإسلام ويصلّي خلفه بسنّته، أي سنّة النبي (صلّى الله عليه وآله) أو سنة الإمام (عليه السلام) التي هي أيضا ليست غير سنّة النّبي (صلّى الله عليه وآله) وبالقرآن الكريم، وهذه النسخ الّتي فيها «عليك» توافق البحار وإثبات الهداة، إلّا أنّ الأخير ذكر «الحكيم» بدل «الكريم».

(٢٢٠)

 رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدّثنا أبو القاسم، قال: كتبت من كتاب أحمد الدهّان، عن القاسم بن حمزة، عن ابن أبي عمير قال: أخبرني أبو اسماعيل السرّاج، عن خيثمة الجعفي، قال: حدّثني أبو أيّوب المخزومي [أبو لبيد المخزومي- خ] قال: ذكر أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليهما السلام) سير الخلفاء الاثني عشر الراشدين صلوات الله عليهم، فلمّا بلغ آخرهم قال: الثاني عشر الّذي يصلّي عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه، [عليك] بسنّته والقرآن الكريم.
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 81، 113، 118، 153 إلى 165، 181، 196، 205 إلى 309، 553 إلى 541، 543 إلى 545، 547، 549 إلى 556، 574، 668، 1168، 1230.

(٢٢١)

الفصل السادس والعشرون: في أنّه يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وفيه 148 حديثا

583-(312)- الفتن: حدّثنا الوليد، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه-، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يحثي المال حثيا، لا يعدّه عدّا، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما.
584-(313)- الفتن: قال: قال الوليد عن أبي رافع إسماعيل بن رافع، عمّن حدّثه، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي (صلّى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(312) الفتن: ج 5 ص 192 ب سيرة المهدي وعدله وخصب زمانه.
(313) الفتن: ج 5 ص 192 و193 ب سيرة المهدي وعدله وخصب زمانه.

(٢٢٢)

الله عليه [وآله] وسلّم) قال: تأوي إليه امّته كما تأوي النحلة يعسوبها، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، حتّى يكون الناس على مثل أمرهم الأوّل، لا يوقظ نائما، ولا يهريق دما.
585-(314)- الفتن: حدّثنا ابن وهب، عن الحرث، عن منهال بن عمرو بن زياد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، قال: يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما وجورا، يملك سبع سنين.
586-(315)- المسند: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا عوف، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا، ثمّ يخرج رجل من عترتي، أو من أهل بيتي، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا.
587-(316)- كنز العمّال: عن علي قال: تملأ الأرض ظلما وجورا حتّى يدخل كلّ بيت خوف وحزن، يسألون درهمين وجريبين فلا يعطونه، فيكون قتال بقتال، ويسار بيسار، حتّى يحيط الله بهم في مصره، ثمّ تملأ الأرض عدلا وقسطا.
588-(317)- كمال الدين: حدّثنا علي بن محمّد بن الحسن القزويني، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى الأحول، قال: حدّثنا خلّاد المقرئ، عن قيس بن أبي حصين، عن يحيى بن وثّاب، عن عبد الله بن عمر، قال: سمعت الحسين بن علي (عليهما السلام) يقول: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله (عزّ وجلّ) ذلك اليوم حتّى يخرج رجل من ولدي فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، كذلك سمعت رسول الله (صلّى الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(314) الفتن: ج 5 ص 193 ب سيرة المهدي وعدله وخصب زمانه، كشف الغمّة: ج 2 ص 468 مختصرا.
(315) المسند: ج 3 ص 36، كنز العمّال: ج 14 ص 271 ح 38691، عقد الدرر: ص 16 ب 1 وص 36 و37 ب 3، دلائل الإمامة: ب معرفة وجوب القائم ص 249 ح 40، البحار: ج 51 ص 82 ب 1 ح 22 ممّا جمعه الحافظ أبو نعيم.
(316) كنز العمّال: ج 14 ص 586 ح 39659.
(317) كمال الدين: ج 1 ص 317 و318 ب 30 ح 4، البحار: ج 51 ص 133 ب 3 ح 5، إعلام الورى: ص 401 و402 ف 2 ب 1.

(٢٢٣)

عليه وآله وسلّم) يقول.
589-(318)- كمال الدّين: حدّثنا أبي، ومحمّد بن الحسن- رضي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(318) كمال الدين: ج 1 ص 288 و289 ب 26 ح 1.
أقول: ولا يخفى وضوح المراد من قوله (عليه السلام): «الحادي عشر من ولدي»، وأنّ المراد منه الإمام الحادي عشر من ولده (عليه السلام)، وهو المهدي- روحي لمقدمه الفداء- وسنده الأوّل صحيح جدّا.
غيبة النعماني: ص 60 و61 ب 4 ح 4 نحوه، وفيه: «ولكنّ فكري في مولود يكون من ظهري، هو المهديّ الّذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، تكون له حيرة وغيبة يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين، فكم تكون تلك الحيرة والغيبة؟ فقال: سبت من الدهر... الحديث». وليس فيه: «الحادي عشر من ولدي». نعم، نقل عن بعض النسخ: «من ظهر الحادي عشر من ولدي» ولم يعلم أنّه من اختلاف نسخ الكتاب أو اختلاف متون الكتب. وكيف كان، فالنسخة الّتي جعلها الأصل الفاضل الخبير القمّي لطبعته الاولى، وصحّحها وطابقها مع النسخ المتعدّدة، القديمة ليست فيها هذه الزيادة، لا باللفظ الأوّل ولا باللفظ الثاني.
هذا ولا يخفى عليك أنّ ما يستفاد من البحار من موافقة متن «غيبة النعماني» لمتن «الكافي» في الجواب عن سؤال مدّة الحيرة والغيبة لا يوافق النسخ الموجودة عندنا من «غيبة النعماني»؛ لأنّه قال: «فقال: سبت من الدهر»، وما في الكافي غير ذلك، وسيأتي متنه بلفظه. والسبت من الدهر: برهة منه، يجوز أن تكون طويلة أو قصيرة.
وكذا لا يطابق متن «الاختصاص» حسب نسخته المطبوعة من النسخ المخطوطة القديمة لمتن الكافي أيضا، وليس فيه السؤال عن مدّة الحيرة والغيبة.
الاختصاص: ص 209 ف إثبات الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام) نحوه، إلّا أنّه قال: «ولكنّي فكّرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي، هو المهديّ الّذي...». وهذا المتن بظاهره غير مستقيم، فإنّ الإمام الحسن العسكري والد مولانا المهدي (عليهما السلام) هو التاسع من ولد أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولذا قال العلامة المجلسي- قدّس سرّه- في «مرآة العقول»: فالمعنى من ظهر الإمام الحادي عشر و«من ولدي» نعت مولود... الخ.
دلائل الإمامة: ص 289 ف معرفة ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة نحو ما في الاختصاص، إلّا أنّه قال في آخره: «فقلت: يا أمير المؤمنين، فكم تكون تلك الحيرة، وتلك الغيبة؟ قال (عليه السلام): وأنّى بذلك؟ فكيف لك العلم بهذا الأمر يا أصبغ، أولئك خيار هذه الامّة مع أبرار هذه العترة».
كفاية الأثر: ح 2 ب 29 ص 219 و220 نحوه، وفيه: «ولكنّي فكّرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي، هو المهدي، يملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما، ويكون له حيرة وغيبة، يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون... الحديث بتمامه» فلم يذكر تمام الحديث.
الكافي: ج 1 ص 338 ح 7 نحوه، إلّا أنّه قال: «فقلت: يا أمير المؤمنين، وكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال: ستّة أيّام، أو ستّة أشهر، أو ستّ سنين»، وقال في آخره: «فإنّ له بداءات وإرادات وغايات ونهايات». واختلفت النسخ في قوله: «من ظهري الحادي عشر من ولدي»، ففي النسخة المطبوعة الجديدة من «مرآة العقول» ذكره «من ظهري»، ولكن يعلم من شرح العلامة المجلسي- قدّس سرّه- أنّ ما جعله الأصل لشرحه كان: «من ظهر»، ولكن صرّح بأنّ في بعض نسخ الكتاب: «من ظهري»، وفي النسخة المطبوعة الجديدة من الكافي ذكره: «من ظهر»، وفي البحار عن الكافي ذكره: «من ظهري».
غيبة الشيخ: ص 103 و104 نحو الكافي، إثبات الوصيّة أيضا نحو الكافي، وفيه: «من ظهري»، ورواه عن الكافي في إثبات الهداة: ج 6 ص 357 و358 ب النصوص على إمامة صاحب الزمان ح 20 مقطّعا، وفيه: «من ظهري»، وأسقط السؤال والجواب عن مدّة الحيرة والغيبة، كما أسقط ذيل الحديث، ولعلّه صنع هكذا لأنّه لم ير الاعتماد بما أسقط لمخالفته مع سائر متون الحديث وغيره من الأحاديث.
ولا يخفى عليك أنّ ما في الكافي من الجواب عن مدّة الحيرة والغيبة بظاهره لا يستقيم مع ما يدلّ عليه قوله (عليه السلام): «تكون له غيبة وحيرة يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون»، من تعظيم أمر الغيبة، وامتحان الناس بها، واستقرار من يضلّ على الضّلالة ومن يهتدي على الهداية، والغيبة والحيرة في ستّة أيّام لا توجب الحيرة وضلالة الأقوام، وكذا ستّة أشهر وستّ سنين، وترتفع بانقضاء هذه المدّة، دون ما إذا امتدّت مدّتها وطالت، فإنّه يضلّ فيها أقوام ويستمرّ ضلالتهم.
وخلاصة الكلام أنّ متن الحديث في الكافي مضطرب جدّا، ولا حاجة إلى تأويله بالتكلّف بعد ضعف سنده، وبعد ما روي بسند صحيح، وبلفظ مستقيم خال عن الاضطراب، موافق لسائر الروايات، وهو ما أخرجه الصدوق- قدّس سرّه- في كمال الدّين في أحد سنديه لهذا الحديث: عن أبيه ومحمّد بن الحسن- رضي الله عنهما قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله... إلى آخر ما ذكرنا عنه في المتن، وهذا الطريق صحيح، فالاعتماد عليه ولا اعتماد على غيره بعد ما فيه من الاضطراب، واختلاف النسخ، وضعف السند، لعلّه جهالة بعض رجاله.
نعم، يجوز الاعتماد بلفظ مثل غيبة النعماني وكفاية الأثر، لعدم اضطراب متنهما، وجبر ضعف سندهما بموافقة متنهما لسائر الروايات.
إن قلت: إنّ الشيخ روى الحديث في غيبته بسند صحيح، وفيه السؤال عن مدّة الحيرة والغيبة، والجواب عنه كما في الكافي.
قلت: بعد ما أخرج في «الكافي» بسند فيه بعض المجاهيل، وأخرج الشيخ الحديث بلفظ «الكافي» بسندين، أحدهما: سند الكافي الضعيف، والثاني: غيره وهو الصحيح، والظاهر أنّه اختصار سند الصدوق في «كمال الدين»، وهو الّذي اعتمدنا عليه، يعرف الحاذق في الرواية أنّ لفظ الحديث في غيبة الشيخ لفظ سند الكافي، ولو تنزلنا عن ذلك فلا أقل لا يثبت به رواية هذا المتن المضطرب المعلوم إخراجه بالطريق الضعيف من الطريق الصحيح أيضا.
هذا تمام كلامنا في سند الحديث في «الكافي» ومتنه، ويضاف على كلّ ذلك استقامة متن «غيبة النعماني» الّذي كان كاتب شيخنا الكليني- قدّس سرّهما- وإنّما أطنبنا الكلام في الحديث لا لمسيس الحاجة في إثبات أمر الغيبة وما يرتبط إليها به- لغنائنا عنه بفضل الأحاديث الكثيرة المتواترة- بل للإشارة إلى عدم لزوم ارتكاب بعض التكلّفات والتأويلات الّذي لا يقع موقع القبول، وربّما يصير سببا لإثارة بعض الشبهات في بعض النفوس، والله هو الهادي الى الصواب.
ويشبه متن «الكافي» لهذا الحديث متن حديث أخرجه الصدوق في «كمال الدين»: ج 1 ص 323 و324 ح 8 ب 31، بسند فيه أيضا بعض من لم نظفر به في كتب الرجال عن مولانا زين العابدين (عليه السلام)، وهذا المتن أيضا مشتمل على بيان مدّة الغيبة القصرى، فقال: «إنّ للقائم منّا غيبتين، احداهما أطول من الاخرى، أمّا الاولى فستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ستّ سنين، وأمّا الاخرى فيطول أمدها، حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به، فلا يثبت عليه إلّا من قوي يقينه، وصحّت معرفته، ولم يجد في نفسه حرجا ممّا قضينا، وسلّم لنا أهل البيت»، والكلام فيه أيضا يظهر ممّا ذكرنا في حديث الكافي، ونضيف إليه: أنّ الغيبة بالمعنى الّذي يراد منها في مثل هذه المقامات لا يصحّ إطلاقها على ستّة أيّام أو ستّة أشهر، وأنّ هذا الخبر بظاهره معارض لما في الكافي، ولا يصحّ الجمع بينهما بالإطلاق والتقييد، فلا يؤيّد هذا الخبر بحديث الأصبغ كما صنع شيخنا العلامة المجلسي- قدّس سرّه-، كما لا يؤيّد حديث الأصبغ أيضا به، والأولى ردّ علم مثل هذه الأحاديث إلى أهله.
ثمّ لا يخفى عليك أنّه لا يصحّ توجيه ما في هذه الرواية مع سندها الضعيف ومتنها المضطرب من تحديد مدّة الغيبة بستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ستّ سنين، بالقول بالبداء الّذي هو من أهمّ ما ابتنى عليه تحقّق مصالح النبوّات وفوائد بعث الرسل وإنزال الكتب، بل نظام الدين والدنيا والتشريع والتكوين، لأنّا إنّما نقول به في الموارد الّتي ثبت بالعقل والشرع جواز وقوعه فيها، كالآجال والأمراض والأرزاق والمنايا والبلايا بالدعاء والصدقة وصلة الرحم، بل بالعلاج بالأدوية، وكل عمل يؤثّر فعله أو تركه في تقديم الأجل أو تأخيره، وفي دفع البلاء وتغيير النعم وزوالها وزيادتها، كما حقّقناه في محله، قال الله تعالى: (يَمْحُوا الله ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)، وقال: (إِنَّ الله لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)، وقال: (ولَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا واتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ والْأَرْضِ ولكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)، وقال: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ)، وفي الحديث: «سوسوا إيمانكم بالصدقة، وحصّنوا أموالكم بالزكاة، وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء»، وروي: «صلة الرحم تزيد في العمر، وتدفع ميتة السوء، وتنفي الفقر».
وأمّا في غير هذه الموارد ممّا دلّ الدليل العقليّ أو النقليّ على عدم وقوع البداء فيه، كإخبار الأنبياء بنبوّة نبيّنا (صلّى الله عليه وآله)، وإخبار كلّ واحد منهم بنبوّة من يأتي بعده، وإخبار النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بإمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) ومواضعه وما يقع بينه وبين المنافقين والناكثين والقاسطين، وإخباره بإمامة الأئمّة من ولده الى الإمام الثاني عشر (عليهم السلام)، وإخبار كلّ إمام بإمامة من يلي بعده وبصفاتهم وعلائمهم، وإخبار الله تعالى بظهور هذا الدين على الدين كلّه، وخروج دابّة الأرض، وغير ذلك ممّا جاء في الكتاب، أو ثبت الإخبار به بالسنّة من البشارات والإنذارات وما يعدّ من أمارات النبوّة والإمامة، والإخبار بالملاحم والفتن وأحوال البرزخ والقيامة فلا يقع البداء فيها؛ لاستلزامه نقض الغرض الكامن في النبوّات وقاعدة اللطف، وتكذيب الرسل والأولياء، أ لا ترى أنّه لا يصحّ دعوى وقوع البداء بل وإبداء احتمال ذلك في أخبار الأنبياء السالفة وتنصيصاتهم برسالة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وبسماته وصفاته، وأنّ مولده مكّة المكرّمة ومهجره المدينة المنوّرة، فكما لا يقبل من أحد لم يكن مولده مكّة ومهجره مدينة دعوى النبوّة بدعوى وقوع البداء في ذلك، كذلك لا يسمع من أحد إنكار نبوّة من تحقّق له ذلك بوقوع البداء في ذلك أو احتمال وقوعه فيه؛ فالضرورة قاضية على عدم جواز وقوع البداء في هذه الامور، وإلّا لبطلت النصوص، ولم يصحّ الاحتجاج بها بمثل قوله تعالى: (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ)، والدلائل والعلائم المذكورة في الأحاديث لمولانا المهدي- بأبي هو وامّي- التي عرف (عليه السلام) بها حكمها حكم النصوص الّتي تلوناها عليك، ومن ذلك الأخبار بغيبته القصرى والطولى، وأنّ علم مدّتها كعلم الساعة عند الله تعالى، وعلى هذا لا يجوز تصحيح ما جاء في بعض ألفاظ خبر واحد عرفت حاله سندا ومتنا بأنّ مدّة الغيبة والحيرة في رأس ستّ سنين لم تنقض لوقوع البداء في ذلك فامتدّت إلى وقت لا يعلمه إلّا الله تعالى، فلو كان هذا الخبر بهذا اللفظ على ظاهره صحيح السند ومستقيم المتن لكان عدم انقضاء مدّة الغيبة في تلك المدّة أقوى شاهد على عدم اعتباره ووقوع سهو أو اشتباه فيه لعدم جواز وقوع البداء فيه، فضلا عمّا فيه من ضعف السند والمتن، ومخالفته لمتنه المستقيم المروي بالسند الصحيح، وكونه معارضا للأخبار المتواترة.
وقد ظهر لك ممّا تلونا عليك أنّ أوصاف مولانا المهدي- بأبي هو وامّي- وخصائصه وعلائم ظهوره- كامتلاء الأرض جورا وظلما وامتلائها به قسطا وعدلا، وحكومته العالميّة، وفتح مشارق الأرض ومغاربها على يده، وظهور الإسلام به على جميع الأديان، وغير ذلك ممّا هو مصرّح في الكتاب أو السنّة- لا يجوز أن يقع فيها البداء، اللهمّ إلّا ما صرّح في الأحاديث الصحيحة بعدم حتميّتها. نعم يجوز وقوع البداء في وقت ظهوره الّذي لم نعلم وقته المعلوم، ولذا ندعو الله لتعجيل الفرج كما امرنا به، فالله تعالى إن شاء يعجّل ذلك ويهيّئ أسبابه، فإنّه على ما يشاء قدير.
فإن قلت: إذا كان وقته معلوما عند الله تعالى فما فائدة الدعاء لتعجيل فرجه، وكيف يؤثّر الدعاء فيه؟
قلت: هذا الإشكال هو الإشكال على تأثير الدعاء في قضاء الحوائج، وعلى طلب المطالب من الله تعالى، واستجابته للدعاء وكفاية مهمّات عباده، وعلى تأثير الصدقة وصلة الرحم في تأخير الأجل، وتأثير قطع الرحم في تقديمه، وتأثير الأعمال الصالحة والشكر في بقاء النعم وتزييدها من الله تعالى، مع أنّ كلّ ذلك معلوم له تعالى، وهو عالم بجميع الأشياء من الأزل قبل وجودها، لا يتغيّر علمه ولا يزيد في علمه شيء ولا يزاد في علمه، منزّه عن كلّ ما فيه وصمة الجهل والنقص، ومقدّس من أن يظهر له أمر على خلاف ما علم أو بعد خفائه عنه. وقد أجبنا عن هذا الإشكال مفصّلا في رسالتنا في البداء، واجماله: أنّ هذه الشبهة وشبهة المجبّرة ترتضعان من ثدي واحد، وجوابها:
أوّلا: أنّ علمه تعالى قد تعلّق بوقوع الفرج في الوقت المعلوم بتأثير دعاء المؤمنين لتعجيله فيه، فلو كان تعلّقه به موجبا لعدم تأثير الدعاء فيه لزم الخلف، وتخلّف العلم عن المعلوم.
وثانيا: انّ العلم بالشيء لا يكون علّة لوجوب وجوده؛ لأنّ المعلوم مع غضّ النظر عن تعلّق العلم به إن كان وجب وجوده بواسطة وجود علّته، ولذا صار وجوده متعلّقا للعلم، فلا معنى لتأثير العلم في وجوب وجوده، وإن لم يجب وجوده بحيث كان تعلّق العلم به علّة لوجوده أو من أجزاء علّته يلزم الدور المحال؛ لتوقّف العلم به على وجوده في ظرفه، وتوقّف وجوده على وجوبه تحقّق علّته، وتحقق علّته متوقّف على العلم به.
وتمام الكلام يطلب من رسالتنا، ومن كتب الأصحاب في البداء.
إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2، وجاء فيه «يكون عن ظهري الحادي عشر من ولدي».

(٢٢٤)

الله عنهما- قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحميري،

(٢٢٥)

ومحمّد بن يحيى العطّار، وأحمد بن إدريس جميعا، عن محمّد بن

(٢٢٦)

الحسين بن أبي الخطّاب، وأحمد بن محمّد بن عيسى، وأحمد بن

(٢٢٧)

محمّد بن خالد البرقي وإبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن علي بن

(٢٢٨)

فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني؛ وحدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، وسعد بن عبد الله، عن عبد الله بن محمّد الطيالسي، عن منذر بن محمّد بن قابوس، عن النصر بن أبي السري، عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترقّ، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فوجدته متفكّرا ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين، مالي أراك متفكّرا تنكت في الأرض، أرغبت فيها؟ فقال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قط، ولكن فكّرت في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي، هو المهدي، يملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما، تكون له حيرة وغيبة، يضلّ فيها أقوام

(٢٢٩)

ويهتدي فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين، وإنّ هذا لكائن؟ فقال: نعم، كما أنّه مخلوق، وأنّى لك بالعلم بهذا الأمر يا أصبغ، اولئك خيار هذه الامّة مع أبرار هذه العترة، قلت: وما يكون بعد ذلك؟ قال: ثمّ يفعل الله ما يشاء، فإنّ له إرادات وغايات ونهايات.
590-(319)- كفاية الأثر: أخبرنا أبو المفضّل، قال: [حدّثنا] أبو عبد الله جعفر بن محمّد العلوي، قال: حدّثنا علي بن الحسين [الحسن- خ] بن علي بن عمر، عن أبيه علي بن الحسين، قال: كان يقول صلوات الله عليه: ادعوا لي ابني الباقر، وقلت لابني الباقر- يعني محمّدا- فقلت له: يا أبه، ولم [فلم- خ] سمّيته الباقر؟ قال: فتبسّم، وما رأيته تبسّم [يتبسّم- خ] قبل ذلك، ثمّ سجد للّه تعالى طويلا، فسمعته يقول في سجوده: اللهمّ لك الحمد سيّدي على ما أنعمت به علينا أهل البيت، يعيد ذلك مرارا، ثمّ قال: يا بني، إنّ الإمامة في ولده إلى أن يقوم قائمنا (عليه السلام) فيملأها قسطا وعدلا، وإنّه الإمام أبو الأئمّة، معدن الحلم، وموضع العلم، يبقره بقرا، والله لهو أشبه الناس برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قلت [فقلت- خ]: فكم الأئمّة بعده؟ قال: سبعة، ومنهم المهدي الّذي يقوم بالدين في آخر الزمان.
591-(320)- دلائل الإمامة: وباسناده (أي أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى، عن أبيه) عن أبي علي النهاوندي، قال: حدّثنا أبو القاسم بن أبي حيّة، قال: حدّثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(319) كفاية الأثر: 237- 238 ب 32 ح 2، البحار: ج 36 ص 388- 389 ب 44 ح 3 عن الكفاية، وفي سنده: «علي بن الحسين بن علي بن عمر بن الحسين، عن حسين بن زيد، عن عمّه عمر بن عليّ، عن أبيه».
(320) دلائل الإمامة: ص 249 ح 40.

(٢٣٠)

أبو عبيدة الحدّاد، قال: حدّثنا عبد الواحد بن واصل السدوسي، قال: حدّثنا عوف، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى تملأ الأرض ظلما وعدوانا، ثمّ يخرج رجل من عترتي، أو قال: من أهل بيتي، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا.
592-(321)- غيبة الشيخ: وبهذا الإسناد (أي إبراهيم بن سلمة، عن أحمد بن مالك الفزاري، عن حيدر بن محمّد الفزاري، عن عبّاد بن يعقوب، عن نصر بن مزاحم، عن محمّد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح)، عن ابن عبّاس في قوله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) يعني: يصلح الأرض بقائم آل محمّد من بَعْدَ مَوْتِها يعني: من بعد جور أهل مملكتها، (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ * بقائم آل محمّد لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
593-(322)- دلائل الإمامة: أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون، عن أبيه، قال: حدّثنا أبو عليّ الحسن بن محمّد النهاوندي، قال: حدّثنا العبّاس بن مطر الهمداني، قال: حدّثنا إسماعيل بن علي المقري، قال: حدّثنا محمّد بن سليمان، قال: حدّثني أبو جعفر العرجي، عن محمّد بن يزيد، عن سعيد بن عباية، عن سلمان الفارسي، قال: خطبنا أمير المؤمنين بالمدينة، وقد ذكر الفتنة وقربها، ثمّ ذكر قيام القائم من ولده، وأنّه يملأها عدلا كما ملئت جورا... الحديث بطوله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(321) غيبة الشيخ: ص 175 ح 131، البحار: ج 51 ص 53 ب 5 ح 32، إثبات الهداة: ج 3 ص 501 ب 32 ف 12 ح 287 وص 581 ف 59 ح 762، منتخب الأنوار المضيئة: ص 18، المحجّة: ص 221 و222.
(322) دلائل الإمامة: ص 253.

(٢٣١)

594-(323)- الكافي: أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن جعفر بن القاسم، عن محمّد بن الوليد الخزّاز، عن الوليد بن عقبة، عن الحارث بن زياد، عن شعيب، عن أبي حمزة، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: لا، فقلت: فولدك؟ فقال: لا، فقلت: فولد ولدك هو؟ قال: لا، فقلت: فولد ولد ولدك؟ فقال: لا، قلت: من هو؟ قال: الّذي يملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا، على فترة من الأئمّة، كما أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعث على فترة من الرسل.
595-(324)- فرائد السمطين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار النيسابوري، [قال: حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، قال: حدّثنا حمدان بن سليمان النيسابوري]، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر، عن أبيه سيّد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه سيّد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه سيّد الأوصياء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، قال: قال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(323) الكافي: ج 1 ص 340- 341 ب 138 ح 21، غيبة النعماني: 186- 187 ب 10 ح 38، مرآة العقول: ج 4 ص 54 ح 21، قال المجلسي- قدّس سرّه-: «الفترة بين الرسولين هي الزمان الّذي انقطعت فيه الرسالة، واختفى فيه الأوصياء، والمراد بفترة من الأئمّة خفاؤهم وعدم ظهورهم في مدّة طويلة، أو عدم إمام قادر قاهر، فتشمل أزمنة سائر الأئمّة سوى أمير المؤمنين، والأوّل أظهر».
(324) فرائد السمطين: ج 2 ص 335 ح 587، ينابيع المودّة: ص 448 ب 94، كمال الدين: ج 1 ص 287 ب 25 ح 5، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2، البحار: ج 51 ص 72 ب 1 من أبواب النصوص ح 17، غاية المرام: ص 695 ب 141 ح 30 وص 695 ب 142 ح 23، إثبات الهداة: ج 3 ص 461 ب 32 ف 5 ح 105.

(٢٣٢)

رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): المهدي من ولدي، تكون له غيبة وحيرة تضلّ فيها الامم، يأتي بذخيرة الأنبياء (عليهم السلام)، فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.
596-(325)- تفسير فرات الكوفي: قال: حدّثني علي بن محمّد بن عمر الزهري معنعنا، عن أبي جعفر (عليه السلام): قال: قال الحارث الأعور للحسين (عليه السلام): يا ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جعلت فداك، أخبرني عن قول الله في كتابه: (والشَّمْسِ وضُحاها) قال: ويحك يا حارث، ذلك محمّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قلت: جعلت فداك، قوله: (والْقَمَرِ إِذا تَلاها) قال:
ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يتلو محمّدا (صلّى الله عليه وآله) قال: قلت: (والنَّهارِ إِذا جَلَّاها) قال: ذلك القائم من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يملأ الأرض قسطا وعدلا.
597-(326)- النكت الاعتقاديّة: عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله):
لو لم يبق من الدنيا إلّا ساعة واحدة لطوّل الله تلك الساعة حتّى يخرج رجل من ذرّيّتي، اسمه كاسمي، وكنيته ككنيتي، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يجب على كلّ مخلوق متابعته.
598-(327)- المحكم والمتشابه: في قوله تعالى: (الله نُورُ السَّماواتِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(325) تفسير فرات الكوفي: ص 212، راجع في ذلك «تأويل الآيات الظاهرة» تجد فيه أحاديث اخرى، عن الحلبي، وعن الفضل أبي العبّاس، وعن سليمان الديلمي في كلّها تأوّل قوله تعالى: (والنَّهارِ إِذا جَلَّاها) بالقائم (عليه السلام) وقيامه.
(326) النكت الاعتقاديّة: ص 35.
(327) المحكم والمتشابه: ص 27، إثبات الهداة: ج 2 ص 506 ب 9 ف 26 ح 468.
وممّا يناسب ذكره هنا ما في الكنى والألقاب في الجزء الثالث ص 68 و69 في «قفطان» عن أعيان الشيعة: أنّ الشيخ محمّد طه نجف روى عن الشيخ أحمد بن الشيخ حسن بن الشيخ عليّ النجفي الفاضل الأديب الشاعر المتوفّى(1293 ه) أنّه رأى الإمام المنتظر (عليه السلام) فيما يرى النائم وعاتبه، فأجابه بهذين البيتين:

لنا أوبة من بعد غيبتنا العظمى * * * فنملؤها عدلا كما ملئت ظلما
سينجز وعدي قل لمن يكفرون لي * * * لقد كان ذا حقّا على ربّنا حتما

(٢٣٣)

وَالْأَرْضِ...) الآية، عن تفسير النعماني، بسنده عن الصادق (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): فالمشكاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، والمصباح الوصيّ والأوصياء (عليهم السلام)، والزجاجة فاطمة (عليها السلام)، والشجرة المباركة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، والكوكب الدرّي القائم المنتظر الّذي يملأ الأرض عدلا.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث 72، 80، 91، 95، 149، 153، 160، 161، 165، 181، 194، 205، 216، 217، 219، 221، 225، 226، 227 (وفيه: يملأ الله (عزّ وجلّ) به الأرض نورا بعد ظلمتها وعدلا بعد جورها وعلما بعد جهلها)، 235، 241، 246، 247، 249، 253، 254، 257، 259، 263، 272، 275، 280، 281، 291، 295، 321، 339، 346، 353، 360، 365، 366، 367، 370، 371 (وفيه: ظلما وجورا وعدوانا)، 374، 375، 378، 382، 390، 396، 400، 404، 406، 428، 429، 431، 451، 453، 454، 458، 460، 461، 463، 484، 485، 492 (وفيه: يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا)، 494، 497، 498، 500، 502، 505، 507، 508، 511، 513، 524، 527، 528، 532، 535، 541، 543، 544، 547، 548، 551، 555، 556، 557، 563، 564، 567، 570، 581، 612، 653، 670، 701، 726، 748، 764، 775، 791، 796، 806، 807، 810، 828، 859، 910، 950، 983

(٢٣٤)

(وفيه: يملأ الأرض حقا وعدلا)، 1028، 1094، 1095، 1097، 1101، 1113، 1129، 1130، 1136، 1155 إلى 1160، 1195 (وفيه: قسطا وعدلا ونورا وبرهانا)، 1198، 1204.

(٢٣٥)

الفصل السابع والعشرون: في أنّ له غيبتين إحداهما أقصر من الاخرى وفيه 10 أحاديث

599-(328)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة، والاخرى طويلة، الغيبة الاولى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة شيعته، والاخرى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة مواليه.
600-(329)- ينابيع المودّة: عن كتاب المحجّة فيما نزل في القائم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(328) الكافي: ج 1 ص 340 ك الحجّة ب في الغيبة ح 19، مرآة العقول: ج 4 ص 52 ح 19، غيبة النعماني: ص 170 ب 10 فصل ح 2، إلّا أنّه قال: «إلّا خاصّة مواليه في دينه»، وروى هذا الحديث أيضا النعماني: «عن ابن عقدة قال: حدّثنا علي بن الحسن التيملي عن عمر بن عثمان عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن عمّار الصيرفي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: للقائم غيبتان: إحداهما طويلة، والاخرى قصيرة، فالاولى يعلم بمكانه فيها خاصّة من شيعته، والاخرى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة مواليه في دينه» ص 170 ح 1. وما وقع في الحديث الثاني من تقديم الغيبة الطويلة في الذكر على القصيرة الّتي هي الاولى لا يضرّ بالمقصود واستفادة المراد من الحديث.
(329) ينابيع المودّة: ص 427 ب 71، المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة: ص 200 الثامن والعشرون من سورة الزخرف.

(٢٣٦)

الحجّة في قوله تعالى: (وجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، عن ثابت الثمالي، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه علي بن أبي طالب- رضي الله عنهم- قال: فينا نزلت هذه الآية، وجعل الله الإمامة في عقب الحسين إلى يوم القيامة، وإنّ للقائم منّا غيبتين: إحداهما أطول من الاخرى، فلا يثبت على إمامته إلّا من قوي يقينه، وصحّت معرفته.
601-(330)- غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا علي بن الحسن، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، عن علي بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين، وسمعته يقول: لا يقوم القائم ولأحد في عنقه بيعة.
602-(331)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم من كتابه، قال: حدّثنا عبيس بن هشام، عن عبد الله بن جبلة، عن إبراهيم بن المستنير، عن المفضّل بن عمر الجعفي، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين: إحداهما تطول حتّى يقول بعضهم: مات، وبعضهم يقول: قتل، وبعضهم يقول: ذهب، فلا يبقى على أمره من أصحابه إلّا نفر يسير، لا يطّلع على موضعه أحد من وليّ ولا غيره إلّا المولى الّذي يلي أمره.
603-(332)- غيبة النعماني: أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(330) غيبة النعماني: ص 171 ح 3.
(331) غيبة النعماني: ص 171 و172 ح 5.
(332) غيبة النعماني: ص 172 و173 ح 7، دلائل الإمامة في فصل معرفة ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة ص 293 إلى قوله: «قال: نعم».

(٢٣٧)

قال: حدّثنا محمّد بن المفضّل بن إبراهيم بن قيس، وسعدان [سعد- خ] بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسين [الحسن- خ] بن عبد الملك، ومحمّد بن أحمد بن الحسن القطواني، قالوا جميعا: حدّثنا الحسن بن محبوب، عن إبراهيم [بن زياد] الخارقي، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: لقائم آل محمّد غيبتان: إحداهما أطول من الاخرى، فقال: نعم، ولا يكون ذلك حتّى يختلف سيف بني فلان، وتضيق الحلقة، ويظهر السفياني، ويشتدّ البلاء، ويشمل الناس موت وقتل، يلجئون فيه الى حرم الله وحرم رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
604-(333)- غيبة النعماني: عبد الواحد بن عبد الله، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن رباح، قال: حدّثنا أحمد بن علي الحميري، قال: حدّثنا الحسن بن أيّوب عن عبد الكريم بن عمرو، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم الثقفي، عن الباقر أبي جعفر (عليه السلام) أنّه سمعه يقول: إن للقائم غيبتين، يقال له في إحداهما: هلك، ولا يدري في أيّ واد سلك.
605-(334)- الكافي: محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(333) غيبة النعماني: ص 173 ح 8.
(334) الكافي: ج 1 ص 340 ب 138 ح 12، غيبة النعماني: ص 175- 176 ب 10 ح 9 وفيه: «يرجع في إحداهما»، و«فاسألوه عن تلك العظائم الّتي يجيب فيها مثله»، مرآة العقول: ج 4 ص 54 ح 20.
أقول: ولعلّ مراده (عليه السلام) من رجوعه من إحداهما إلى أهله: عدم انقطاع خبر مكانه عن خواصّه، واتّصالهم به- بأبي هو وامّي- بالمكاتبة والتشرّف بزيارته، ووجود الأبواب والوكلاء والسفراء بينه وبين شيعته. قال المجلسي- رحمه الله-: «يرجع منها إلى أهله» أي عيال أبيه (عليه السلام)، أو إلى نوابه وسفرائه، وقال: «يجيب فيها مثله» أي مثل القائم (عليه السلام) عن مسائل لا يعلمها إلّا الإمام؛ كالإخبار بالمغيبات لعامّة الخلق، والسؤال عن غوامض المسائل والعلوم المختصّة بهم (عليهم السلام)، فإن أجاب بالحقّ فيها وموافقا لما وصل إليكم من آبائهم (عليهم السلام) فاعلموا أنّه الإمام، وهذا مختص بالعلماء.

(٢٣٨)

الحسن بن علي الكوفي، عن علي بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن المفضّل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لصاحب هذا الأمر غيبتان: إحداهما يرجع منها إلى أهله، والاخرى يقال: هلك، في أيّ واد سلك؟ قلت: كيف نصنع إذا كان ذلك؟ قال: إذا ادّعاها مدّع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله.
606-(335)- الكافي: الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن يحيى بن المثنّى، عن عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: للقائم غيبتان، يشهد في إحداهما المواسم، يرى الناس ولا يرونه.
607-(336)- عقد الدرر: عن أبي عبد الله الحسين بن علي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(335) الكافي: ج 1 ص 339 ب 138 ح 12، غيبة النعماني: ص 175- 176 ب 10 ح 16 وفيه: «ولا يرونه فيه»، مرآة العقول: ج 4 ص 47 ح 12.
(336) عقد الدرر: ص 134 ب 5، البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: ص 171 و172 ب 12 ح 4 نحوه، بشارة الإسلام: ص 81 ب 4 ح 4.
قال الشيخ الأجلّ الأقدم ابن أبي زينب الكاتب النعماني: «هذه الأحاديث الّتي يذكر فيها أنّ للقائم (عليه السلام) غيبتين أحاديث قد صحّت عندنا بحمد الله، وأوضح الله قول الأئمّة (عليهم السلام) وأظهر برهان صدقهم فيها. فأمّا الغيبة الاولى فهي الغيبة التي كانت السفراء فيها بين الإمام (عليه السلام) وبين الخلق قياما منصوبين ظاهرين موجودي الأشخاص والأعيان، يخرج على أيديهم غوامض العلم [الشفاء من العلم- خ، السهاء العلم- خ] وعويص الحكم، والأجوبة عن كلّ ما كان يسأل عنه من المعضلات والمشكلات، وهي الغيبة القصيرة الّتي انقضت أيّامها وتصرّمت مدّتها، والغيبة الثانية هي الّتي ارتفع فيها أشخاص السفراء والوسائط للأمر الّذي يريده الله تعالى، والتدبير الّذي يمضيه في الخلق، ولوقوع التمحيص والامتحان والبلبلة والغربلة والتصفية على من يدّعي هذا الأمر، كما قال الله (عزّ وجلّ): (ما كانَ الله لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وما كانَ الله لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) وهذا زمان ذلك قد حضر- جعلنا الله فيه من الثابتين على الحقّ، وممّن لا يخرج في غربال الفتنة- فهذا معنى قولنا: «له غيبتان»، ونحن في الأخيرة نسأل الله أن يقرّب فرج أوليائه منها، ويجعلنا في حيّز خيرته، وجملة التابعين لصفوته، ومن خيار من ارتضاه وانتجبه لنصرة وليّه وخليفته، فإنّه وليّ الإحسان، جواد منّان».(غيبة النعماني: ص 173- 174)
وقال في «إعلام الورى» في الفصل الأوّل من الباب الثالث من القسم الثاني من الركن الرابع- بعد ذكر أنّ أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجّة (عليه السلام) بل زمان أبيه وجدّه، وأنّ المحدّثين من الشيعة خلّدوها في اصولهم المؤلّفة في أيّام السيّدين الباقر والصادق (عليهما السلام) وأثروها عن النبيّ والأئمّة (عليهم السلام) واحدا بعد واحد، وأنّ هذا دليل صحّة القول في إمامة صاحب الزمان لوجود هذه الصفة له، والغيبة المذكورة في دلائله وأعلام امامته، وأنّه لا يمكن لأحد دفع ذلك- ما هذا لفظه: «ومن جملة ثقات المحدّثين والمصنّفين من الشيعة: الحسن بن محبوب الزرّاد، وقد صنّف كتاب «المشيخة» الّذي هو في اصول الشيعة أشهر من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة، فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة فوافق الخبر الخبر، وحصل كلّ ما تضمّنه الخبر بلا اختلاف، ومن جملة ذلك ما رواه عن إبراهيم الخارقي عن أبي بصير عن أبي عبد الله(ثمّ ذكر الحديث الخامس من هذا الباب) وقال: فانظر كيف قد حصل الغيبتان لصاحب الأمر (عليه السلام) على حسب ما تضمّنه الأخبار السابقة لوجوده عن آبائه وجدوده، انتهى»(غيبة النعماني: ص 173- 174).
وقال الشيخ المفيد في «الفصول العشرة»: «الأخبار عمّن تقدم من أئمّة آل محمّد (عليهم السلام) متناصرة بأنّه لا بدّ للقائم المنتظر من غيبتين: إحداهما أطول من الاخرى، يعرف خبره الخاصّ في القصرى، ولا يعرف العامّ له مستقرّا في الطولى، إلّا من تولّى خدمته من ثقات أوليائه، ولم ينقطع عنه إلى الاشتغال بغيره، والأخبار بذلك موجودة في مصنّفات الشيعة الإماميّة قبل مولد أبي محمّد وأبيه وجدّه (عليهم السلام)، وظهر حقّها عند مضي الوكلاء والسفراء الّذين سمّيناهم رحمهم الله، وبان صدق رواتها بالغيبة الطولى، وكان ذلك من الآيات الباهرات في صحّة ما ذهبت إليه الإماميّة انتهى». أقول: بل ويدلّ على صحّة هذه الأحاديث نفس تخريجها في الكافي الّذي صنّفه الكليني- قدّس سرّه- في عصر الغيبة الصغرى، وانقضاء عصرها وحصول الغيبة الثانية التامّة بعده، فإنّ عليّ بن محمّد السمري- رضي الله عنه- هو آخر السفراء توفّي في شعبان سنة(329 ه) والكليني توفّي في سنة(328 ه)، وعلى قول توفّي في سنة(329 ه) في السنة الّتي توفي فيها السفير الرابع السمري فإنّه أيضا توفّي في النصف من شعبان من سنة(329 ه)، واحتمل بعضهم على فرض وقوع وفاة الكليني في سنة(329 ه) وقوعها قبل وفاة السمري.
وكيف كان تخريج هذه الأحاديث في الكافي وانقضاء مدّة الغيبة القصرى ووقوع الغيبة الطولى التامّة بعده يؤكّد صحّة هذه الأحاديث، بل بنفسه دليل على صحّتها.
هذا ولا يخفى عليك أنّ قصّة غيبة مولانا المهدي- بأبي هو وامّي- مذكورة في أشعار شعراء الشيعة كالحميري المتوفّى سنة(173 ه)، وهو الّذي يقول في قصيدته الّتي خاطب بها مولانا الصادق (عليه السلام)(انظر الغدير: ج 2 ص 247):

ولكن روينا عن وصيّ محمّد * * * وما كان فيما قال بالمتكذّب
بأنّ وليّ الأمر يفقد لا يرى * * * ستيرا كفعل الخائف المترقّب
فيقسم أموال الفقيد كأنّما * * * تعيّبه بين الصفيح المنصّب
فيمكث حينا ثمّ ينبع نبعة * * * كنبعة جدي من الافق كوكب
وأشهد ربّي أنّ قولك حجّة * * *على الخلق طرّا من مطيع ومذنب
بأنّ وليّ الأمر والقائم الّذي * * * تطلّع نفسي نحوه بتطرّب
له غيبة لا بدّ من أن يغيبها * * * فصلّى عليه الله من متغيّب
فيمكث حينا ثمّ يظهر حينه * * * فيملأ عدلا كلّ شرق ومغرب

(٢٣٩)

(عليهما السلام) أنّه قال: لصاحب هذا الأمر- يعني المهدي (عليه السلام)-

(٢٤٠)

غيبتان: إحداهما تطول حتّى يقول بعضهم: مات، وبعضهم: قتل، وبعضهم: ذهب، ولا يطّلع على موضعه أحد من وليّ ولا غيره إلّا المولى الّذي يلي أمره.
ويدلّ عليه أيضا الحديث: 254.

(٢٤١)

الفصل الثامن والعشرون: في أنّ له غيبة طويلة الى أن يأذن الله تعالى له بالخروج و فيه 100 حديث

608-(337)- كفاية الأثر: أحمد بن إسماعيل، عن محمّد بن همام، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن موسى بن مسلم، عن مسعدة قال: كنت عند الصادق (عليه السلام) إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متّكئا على عصاه، فسلّم فردّ أبو عبد الله الجواب، ثمّ قال: يا ابن رسول الله ناولني يدك أقبّلها، فأعطاه يده فقبّلها ثمّ بكى، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما يبكيك يا شيخ؟ قال: جعلت فداك [يا ابن رسول الله] أقمت على قائمكم منذ مائة سنة، أقول هذا الشهر، وهذه السنة، وقد كبرت سنّي، ورقّ [دقّ- خ] عظمي، واقترب أجلي، ولا أرى ما أحبّ [وأرى فيكم ما لا أحبّ- خ] أراكم مقتّلين [معتلين] مشرّدين، وأرى عدوّكم يطيرون بالأجنحة، فكيف لا أبكي؟ فدمعت عينا أبي عبد الله (عليه السلام) ثمّ قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(337) كفاية الأثر: ص 260- 262 ب 34 ح 3، البحار: ج 36 ص 408- 409 ب 46 ح 17، العوالم: ج 15 ص 280- 281 ب 7 ح 17، إثبات الهداة: ج 1 ص 603 ب 9 ح 586، تبيين المحجّة: ص 336- 337 ح 31، الإنصاف: ص 294- 296 ب الميم 269.

(٢٤٢)

يا شيخ، إن أبقاك الله حتّى ترى قائمنا كنت معنا في السنام الأعلى، وإن حلّت بك المنيّة جئت يوم القيامة مع ثقل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ونحن ثقله، فقال: [فقد قال (عليه السلام)- خ] إنّي مخلّف فيكم الثقلين فتمسّكوا بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فقال الشيخ: لا ابالي بعد ما سمعت هذا الخبر، قال: يا شيخ، انّ قائمنا يخرج من صلب الحسن، والحسن يخرج من صلب عليّ، وعليّ يخرج من صلب محمّد، ومحمّد يخرج من صلب عليّ، وعليّ يخرج من صلب ابني هذا، وأشار إلى موسى (عليه السلام)، وهذا خرج من صلبي، نحن اثنا عشر كلّنا معصومون مطهّرون، فقال الشيخ: يا سيّدي، بعضكم أفضل من بعض؟ قال: لا، نحن في الفضل سواء، ولكن بعضنا أعلم من بعض، ثمّ قال: يا شيخ، والله لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج قائمنا أهل البيت، ألا وإنّ شيعتنا يقعون في فتنة وحيرة في غيبته، هناك يثبت [الله] على هداه المخلصين، اللهم أعنهم على ذلك.
609-(338)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري الكوفي، قال: حدّثني إسحاق بن محمّد الصيرفي، عن أبي هاشم، عن فرات بن أحنف، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(338) كمال الدين: ج 1 ص 302 ب 26 ح 9، غيبة الشيخ: ص 340- 341 ح 290، تقريب المعارف: ص 189، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2، دلائل الإمامة: ب معرفة من شاهد صاحب الزمان (عليه السلام) ح 14، البحار: ج 51 ص 119 ب 2 ح 19 وج 52 ص 101 ب 21 ح 1، إثبات الهداة: ج 3 ص 463 ب 32 ح 110 وص 464 ح 116 وص 510 ح 333.

(٢٤٣)

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه ذكر القائم (عليه السلام) فقال: أما ليغيبنّ حتّى يقول الجاهل: ما للّه في آل محمّد حاجة.
610-(339)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن أحمد الشيباني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفي، قال: حدّثنا سهل بن زياد الآدمي، قال: حدّثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني- رضي الله عنه- عن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: للقائم منّا غيبة أمدها طويل، كأنّي بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، ألا فمن ثبت منهم على دينه، ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه، فهو معي في درجتي يوم القيامة. ثمّ قال (عليه السلام): إنّ القائم منّا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة، فلذلك تخفى ولادته، ويغيب شخصه.
حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفي، عن عبد الله بن موسى الروياني، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن محمّد بن عليّ الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) بهذا الحديث مثله سواء.
611-(340)- كمال الدين: حدّثنا أبي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال، عن عبد الرحمن بن أبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(339) كمال الدين: ج 1 ص 303 ب 26 ح 14، البحار: ج 51 ص 109- 110 ب 2 ح 1، إثبات الهداة: ج 3 ص 464 ب 32 ح 115.
(340) كمال الدين: ج 2 ص 341 ب 33 ح 21، علل الشرائع: ص 244 ب 179 ح 3، دلائل الإمامة: ص 290 ب ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة، الكافي: ج 1 ص 336 ب 138 ح 4 نحوه، مرآة العقول: ج 4 ص 37- 39 ح 4، إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2، البحار: ج 51 ص 142 ب 6 ح 1.

(٢٤٤)

نجران، عن فضالة بن أيّوب، عن سدير في حديث عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: إنّ إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء، تاجروا يوسف وبايعوه، وهم إخوته وهو أخوهم فلم يعرفوه حتّى قال لهم: أنا يوسف، فما تنكر هذه الامّة أن يكون الله (عزّ وجلّ) في وقت من الأوقات يريد أن يستر [يبيّن خ] حجّته؟ لقد كان يوسف (عليه السلام) إليه ملك مصر، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد الله (عزّ وجلّ) أن يعرّفه مكانه لقدر على ذلك، والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة مسيرة تسعة أيّام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الامّة أن يكون الله (عزّ وجلّ) يفعل بحجّته ما فعل بيوسف أن يكون يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتّى يأذن الله عزّ وجل أن يعرّفهم بنفسه كما أذن ليوسف حتّى قال لهم: (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وهذا أَخِي...).
612-(341)- كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، قال: حدّثنا حمدان بن سليمان، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حيّان السرّاج، عن السيّد ابن محمّد الحميري في حديث طويل يقول فيه: قلت للصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام): يا ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قد روي لنا أخبار عن آبائك (عليهم السلام) في الغيبة وصحّة كونها، فأخبرني بمن تقع؟ فقال (عليه السلام): إنّ الغيبة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(341) كمال الدين: ج 2 ص 342 ب 33 ح 23، إثبات الهداة: ج 3 ص 458- 459 ف 5 ح 96.

(٢٤٥)

ستقع بالسادس من ولدي، وهو الثاني عشر من الأئمّة الهداة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم القائم بالحقّ بقيّة الله في الأرض وصاحب الزمان، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه، لم يخرج من الدنيا حتّى يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
613-(342)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبي، عن ابراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير، عن صفوان بن مهران الجمّال، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام): أما والله ليغيبنّ عنكم مهديّكم حتّى يقول الجاهل منكم: ما للّه في آل محمّد حاجة، ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب، فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.
614-(343)- الكافي: علي بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(342) كمال الدين: ج 2 ص 341 و342 ب 33 ح 22، إثبات الهداة: ج 3 ص 472 ب 32 ف 5 ح 149، البحار: ج 51 ص 145 ب 6 ح 11.
(343) الكافي: ج 1 ص 341 ح 22 ب في الغيبة، ونحوه ح 23، غيبة النعماني: ص 150 ب 10 ح 6 بأحد طريقيه و7 مثلهما عن الكليني، ونحوه بطريق آخر: ص 149 ب 10 ح 6 بطريقه الآخر، غيبة الشيخ: ص 159 ح 116 نحوه، ينابيع المودّة: ص 430 نحوه.
وأخرج الصدوق في كمال الدين: ج 1 ص 330 ح 14: «بسنده عن إبراهيم بن عطيّة، عن أمّ هاني الثقفيّة، قالت: غدوت على سيّدي محمّد بن علي الباقر (عليهما السلام)، فقلت له: يا سيّدي، آية في كتاب الله (عزّ وجلّ) عرضت بقلبي فاقلقتني وأسهرت ليلي، قال: فسلي يا أمّ هاني: قالت: قلت: يا سيّدي قول الله (عزّ وجلّ): (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ) قال: نعم المسألة سألتيني يا أمّ هاني، هذا مولود في آخر الزمان، هو المهدي من هذه العترة، تكون له حيرة، وغيبة يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها أقوام، فيا طوبى لك إن أدركتيه، ويا طوبى لمن أدركه».
إثبات الوصيّة: ص 201 «بسنده عن أمّ هاني، قالت: لقيت أبا جعفر (عليه السلام) فسألته عن هذه الآية (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ)، قال: إمام يفقد في سنة ستّين ومائتين، ثمّ يبدو كالشهاب الوقّاد، فإن أدركت زمانه قرّت عيناك».
إثبات الهداة: ج 3 ص 469 ب 32 ف 5 ح 136، البحار: ج 51 ص 51 ب 5 ح 26، تأويل الآيات الظاهرة عن تفسير محمّد بن العبّاس، تفسير نور الثقلين، والبرهان، والمحجّة، والصافي، وغيرها ذيل الآية.

(٢٤٦)

موسى بن جعفر البغدادي، عن وهب بن شاذان، عن الحسن بن أبي الربيع، عن محمّد بن إسحاق، عن أمّ هاني، قالت: سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ (عليهما السلام) عن قول الله تعالى: (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ)، قالت: فقال: إمام يخنس سنة ستّين ومائتين ثمّ يظهر كالشهاب، يتوقّد في الليلة الظلماء، فإن أدركت زمانه قرّت عينك.
615-(344)- كمال الدّين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد، عن صالح بن محمّد، عن هانئ التمّار، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتّق الله عبد وليتمسّك بدينه.
616-(345)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن جعفر بن محمّد، عن إسحاق بن محمّد، عن يحيى بن المثنّى، عن عبد الله بن بكير، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(344) كمال الدين: ج 2 ص 343 ب 33 ح 25.
(345) الكافي: ج 1 ص 337 ب 138 ح 6، غيبة النعماني: ص 175 ح 14 وفيه: «المواسم»، مرآة العقول: ج 4 ص 42 ح 6، كمال الدين: ج 2 ص 346 ب 33 ح 33، دلائل الإمامة: ص 259 ب معرفة وجوب القائم ح 64 وص 290 ب معرفة ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة ح 6، غيبة الشيخ: ص 161 ح 119، البحار: ج 52 ص 151 ب 23 ح 2، حلية الأبرار: ج 2 ص 546 ب 11 وص 606 ب 29، إثبات الهداة: ج 3 ص 485 ب 32 ف 1 ح 205 وص 500 ف 12 ح 279، وفي طريق آخر: أخرج النعماني عن عبيد ولفظه: «يفتقد الناس إماما يشهد المواسم، يراهم ولا يرونه».

(٢٤٧)

عبيد بن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يفقد الناس إمامهم، يشهد الموسم فيراهم ولا يرونه.
617-(346)- الكافي: محمّد بن يحيى، والحسن بن محمّد جميعا، عن جعفر بن محمّد الكوفي، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن صالح بن خالد، عن يمان التمّار، قال: كنّا عند أبي عبد الله (عليه السلام) جلوسا، فقال لنا: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسّك فيها بدينه كالخارط للقتاد- ثمّ قال هكذا بيده- فأيّكم يمسك شوك القتاد بيده؟ ثمّ أطرق مليّا، ثمّ قال: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتّق الله عبد وليتمسّك بدينه.
618-(347)- كمال الدين: حدّثنا أبي، ومحمّد بن الحسن- رضي الله عنهما- قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحميري، وأحمد بن إدريس جميعا، قالوا: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، ومحمّد بن عبد الجبّار، وعبد الله بن عامر بن سعد الأشعري، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن محمّد بن المساور، عن المفضّل بن عمر الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(346) الكافي: ج 1 ص 335- 336 ب 138 ح 1، مرآة العقول: ج 4 ص 33 ح 1، كمال الدين: ج 2 ص 346 ب 33 ح 34، غيبة النعماني: ص 169 ب 10 ح 11، إثبات الوصيّة: ص 226 ط المكتبة المرتضويّة، دلائل الإمامة: ص 290 بسند آخر، اثبات الهداة: ج 6 ص 411 ب 32 ف 5 ح 153 مع اختلاف يسير.
(347) كمال الدين: ج 2 ص 347 ب 33 ح 35، الكافي: ج 1 ص 338 و339 ب في الغيبة ح 11 من قوله (عليه السلام): «أما والله ليغيبنّ» نحوه، غيبة النعماني: ص 151 و152 ب 10 ح 9 نحوه وفيه: «والله ليغيبنّ سبتا من الدهر» بدل «سنينا» أو «شيئا»، وهذا أظهر وأنسب. غيبة الشيخ: ص 204 و205 نحوه، إثبات الوصيّة: ص 200، دلائل الإمامة: ص 292 ب ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة.

(٢٤٨)

قال: سمعته يقول: إيّاكم والتنويه (348)، أما والله ليغيبنّ إمامكم سنينا من دهركم، ولتمحّصنّ، حتّى يقال: مات أو هلك، بأيّ واد سلك؟
ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين، ولتكفأنّ كما تكفأ السفن في أمواج البحر، ولا ينجو إلّا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الإيمان، وأيّده بروح منه، ولترفعنّ اثنتا عشرة راية مشتبهة، لا يدرى أيّ من أيّ، قال: فبكيت، فقال [لي]: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ فقلت: وكيف لا أبكي وأنت تقول: اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدرى أيّ من أيّ، فكيف نصنع؟
قال: فنظر إلى شمس داخلة في الصفّة، فقال: يا أبا عبد الله، ترى هذه الشمس؟ قلت: نعم، قال: والله لأمرنا أبين من هذه الشمس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(348) قال المجلسي في البحار ج 52 ص 282: التنويه: التشهير، أي لا تشهّروا أنفسكم، ولا تدعوا الناس إلى دينكم، أو لا تشهّروا ما نقول لكم من أمر القائم (عليه السلام) وغيره ممّا يلزم إخفاؤه عن المخالفين. «وليمحص» على بناء التفعيل المجهول، من التمحيص، بمعنى الابتلاء والاختبار، ونسبته إليه (عليه السلام) على المجاز، أو على بناء المجرّد المعلوم، من محص الظّبي كمنع إذا عدا، ومحص منّي أي هرب. وفي بعض نسخ الكافي على بناء المجهول المخاطب من التفعيل مؤكّدا بالنون، وهو أظهر. وقد مرّ في النعماني «وليخملنّ»، ولعلّ المراد بأخذ الميثاق قبوله يوم أخذ الله ميثاق نبيّه وأهل بيته مع ميثاق ربوبيّته كما مرّ في الأخبار. «وكتب في قلبه الإيمان» إشارة إلى قوله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِالله والْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ الله ورَسُولَهُ ولَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)، والروح هو روح الإيمان كما مرّ، «مشتبهة» أي على الخلق، أو متشابهة يشبه بعضها بعضا ظاهرا و«لا يدرى» على بناء المجهول، «أي» مرفوع به، أي لا يدرى أيّ منها حقّ متميّزا من أيّ منها هو باطل، فهو تفسير للاشتباه، وقيل: «أيّ» مبتدأ، و«من أيّ» خبره، أي كلّ راية منها لا يعرف كونه من أيّ جهة من جهة الحقّ أو من جهة الباطل، وقيل: لا يدرى أيّ رجل من أي راية لتبدو النظام منهم، والأوّل أظهر، انتهى.
اثبات الهداة: ج 6، ص 411، ب 32، ف 5، ح 154 مختصرا.

(٢٤٩)

619-(349)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني، قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشّاء البغدادي، قال: حدّثنا أحمد بن طاهر [القمّي]، قال: حدّثنا محمّد بن بحر بن سهل الشيباني، قال: أخبرنا عليّ بن الحارث، عن سعيد بن منصور الجواشني، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ البديلي، قال: أخبرنا أبي، عن سدير الصيرفي، قال: دخلت أنا، والمفضّل بن عمر، وأبو بصير، وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبريّ مطوّق بلا جيب، مقصّر الكمّين، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى، ذات الكبد الحريّ، قد نال الحزن من وجنتيه، وشاع التغيير في عارضيه، وأبلى الدموع محجريه، وهو يقول: سيّدي غيبتك نفت رقادي، وضيّقت عليّ مهادي، وابتزّت منّي راحة فؤادي، سيّدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحسّ بدمعة ترقى من عيني، وأنين يفتر من صدري، عن دوارج الرزايا، وسوالف البلايا، إلّا مثّل بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها، وبواقي أشدّها وأنكرها، ونوائب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك.
قال سدير: فاستطارت عقولنا ولها، وتصدّعت قلوبنا جزعا، من ذلك الخطب الهائل، والحادث الغائل، وظننا أنّه سمت لمكروهة قارعة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(349) كمال الدين: ج 2 ص 352- 357 ب 33 ح 50، غيبة الشيخ: ص 167- 173 ح 129 نحوه، البحار: ج 51 ص 219- 223 ب 13 ح 9، ينابيع المودّة: ص 444 مختصرا عن المناقب، إثبات الهداة: ج 3 ص 475 ب 32 ف 5 ح 162 قطعة منه، كما أورده تامّا أو مختصرا، بعضا أو كلا في الصراط المستقيم، ونور الثقلين، وإعلام الورى، والايقاظ من الهجعة، وغاية المرام، وحلية الأبرار، وغيرها.

(٢٥٠)

أو حلّت به من الدهر بائقة، فقلنا: لا أبكى الله يا ابن خير الورى عينيك، من أيّة حادثة تستنزف دمعتك، وتستمطر عبرتك؟ وأيّة حالة حتمت عليك هذا المأتم؟ قال: فزفر الصادق (عليه السلام) زفرة انتفخ منها جوفه، واشتدّ عنها خوفه، وقال: ويلكم، نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، الّذي خصّ الله به محمّدا والأئمّة من بعده (عليهم السلام)، وتأمّلت منه مولد غائبنا وغيبته وإبطائه، وطول عمره، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم التي قال الله تقدّس ذكره: (وكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) - يعني الولاية- فأخذتني الرقّة، واستولت عليّ الأحزان، فقلنا: يا ابن رسول الله، كرّمنا وفضّلنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك، قال: إنّ الله تبارك وتعالى أدار للقائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرّسل (عليهم السلام): قدّر مولده تقدير مولد موسى (عليه السلام)، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى (عليه السلام)، وقدّر إبطاءه تقدير إبطاء نوح (عليه السلام)، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح- أعني الخضر (عليه السلام)- دليلا على عمره، فقلنا له: اكشف لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني، قال (عليه السلام): أمّا مولد موسى (عليه السلام)، فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة فدلّوه على نسبه، وأنّه يكون من بني إسرائيل، ولم يزل يأمر أصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتّى قتل في طلبه نيّفا وعشرين ألف مولود، وتعذّر عليه

(٢٥١)

الوصول الى قتل موسى (عليه السلام) بحفظ الله تبارك وتعالى إيّاه، وكذلك بنو اميّة وبنو العبّاس لمّا وقفوا على أنّ زوال ملكهم وملك الامراء والجبابرة منهم على يد القائم منّا ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول (صلّى الله عليه وآله) [أهل بيت رسول الله- خ]، وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم، ويأبى الله (عزّ وجلّ) أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلّا أن يتمّ نوره ولو كره المشركون.
و أمّا غيبة عيسى (عليه السلام)، فإنّ اليهود والنصارى اتّفقت على أنّه قتل فكذّبهم الله جلّ ذكره بقوله: (وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ ولكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)، كذلك غيبة القائم، فإنّ الامّة ستنكرها لطولها، فمن قائل يهذي بأنّه لم يلد، وقائل يقول: إنّه يتعدّى إلى ثلاثة عشر وصاعدا، وقائل يعصي الله (عزّ وجلّ) بقوله: إنّ روح القائم ينطق في هيكل غيره.
وأمّا إبطاء نوح (عليه السلام)؛ فانّه لمّا استنزلت العقوبة على قومه من السماء بعث الله (عزّ وجلّ) الروح الأمين (عليه السلام) بسبع نويات، فقال:
يا نبيّ الله، إنّ الله تبارك وتعالى يقول لك: إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي، ولست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلّا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجّة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك، فإنّي مثيبك عليه، واغرس هذه النوى، فإنّ لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص، فبشّر بذلك من تبعك من المؤمنين، فلمّا نبتت الأشجار وتأزّرت وتسوّقت وتغصّنت وأثمرت وزها التمر عليها بعد زمان طويل استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد، ويؤكّد الحجّة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به، فارتدّ منهم ثلاثمائة رجل، وقالوا:

(٢٥٢)

لو كان ما يدّعيه نوح حقّا لما وقع في وعد ربّه خلف، ثمّ إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة بأن يغرسها مرّة بعد اخرى إلى أن غرسها سبع مرّات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منه طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيّف وسبعين رجلا، فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك إليه، وقال: يا نوح، الآن أسفر الصبح عن اللّيل لعينك حين صرح الحقّ عن محضه، وصفا [الأمر والإيمان] من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة، فلو أنّي أهلكت الكفّار وأبقيت من قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك لما كنت صدّقت وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك، واعتصموا بحبل نبوّتك بأن أستخلفهم في الأرض، وامكّن لهم دينهم، وابدّل خوفهم بالأمن، لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشكّ من قلوبهم، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالأمن منّي لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا، وخبث طينهم، وسوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق وسنوح الضلالة، فلو أنّهم تسنّموا منّي الملك الّذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لنشقوا روائح صفاته، ولاستحكمت سرائر نفاقهم، [و] تأبّدت حبال ضلالة قلوبهم، ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة، وحاربوهم على طلب الرئاسة، والتفرّد بالأمر والنهي، وكيف يكون التمكين في الدّين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب، كلا (واصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا ووَحْيِنا).
قال الصادق (عليه السلام): وكذلك القائم، فإنّه تمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحقّ عن محضه، ويصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة من الشيعة الّذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسّوا

(٢٥٣)

بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم (عليه السلام)، قال المفضّل: فقلت: يا ابن رسول الله، فإنّ [هذه] النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ (عليه السلام)، فقال: لا يهدي الله قلوب الناصبة، متى كان الدين الّذي ارتضاه الله ورسوله متمكّنا بانتشار الأمن في الامّة، وذهاب الخوف من قلوبها، وارتفاع الشكّ من صدورها في عهد واحد من هؤلاء، وفي عهد عليّ (عليه السلام)، مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي تثور في أيّامهم، والحروب الّتي كانت تنشب بين الكفّار وبينهم؟! ثمّ تلا الصادق (عليه السلام): (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا).
وأمّا العبد الصالح- أعني الخضر (عليه السلام)- فإنّ الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدّرها له، ولا لكتاب ينزله عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له، بلى، إنّ الله تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم (عليه السلام) في أيّام غيبته ما يقدّر، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول، طوّل عمر العبد الصالح في غير سبب يوجب ذلك، إلّا لعلّة الاستدلال به على عمر القائم (عليه السلام)، وليقطع بذلك حجّة المعاندين، لئلا يكون للنّاس على الله حجّة.
620-(350)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(350) كمال الدين: ج 2 ص 361 ب 34 ح 4، إثبات الهداة: ج 3 ص 476- 477 ب 32 ف 5 ح 167.

(٢٥٤)

محمّد بن خالد البرقي، عن علي بن حسّان، عن داود بن كثير الرقّي، قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن صاحب هذا الأمر، قال: هو الطريد، الوحيد، الغريب، الغائب عن أهله، الموتور بأبيه (عليه السلام).
621-(351)- كمال الدين: حدّثنا أبي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، عن علي بن الحسن بن فضّال، عن الريّان بن الصلت، قال: سمعته يقول: سئل أبو الحسن الرضا (عليه السلام) عن القائم (عليه السلام)، فقال: لا يرى جسمه، ولا يسمّى باسمه.
622-(352)- كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي العمري السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه محمّد بن مسعود، عن جعفر بن أحمد، عن الحسن بن علي بن فضّال، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليهم السلام) يقول: إنّ الخضر (عليه السلام) شرب من ماء الحياة، فهو حيّ لا يموت حتّى ينفخ في الصور، وإنّه ليأتينا [ليلقانا- خ] فيسلّم، فنسمع صوته ولا نرى شخصه، وإنّه ليحضر حيث ما ذكر، فمن ذكره منكم فليسلّم عليه، وإنّه ليحضر الموسم كلّ سنة فيقضي جميع المناسك، ويقف بعرفة فيؤمّن على دعاء المؤمنين، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته، ويصل به وحدته.
623-(353)- غيبة النعماني: حدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(351) كمال الدين: ج 2 ص 370 ب 35 ح 2، البحار: ج 51 ص 33 ب 13 ح 12.
(352) كمال الدين: ج 2 ص 390 ب 38 ح 4، إثبات الهداة: ج 3 ص 480 ب 32 ف 5 ح 181 مختصرا.
(353) غيبة النعماني: ص 156 ح 18 ب 10، غيبة الشيخ: ص 425 ح 409، «عن الفضل بن شاذان، عن أحمد بن عيسى العلوي، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): صاحب هذا الأمر من ولدي(الّذي) يقال: مات، قتل، لا بل هلك، لا بل بأيّ واد سلك»، البحار: ج 51 ص 114 ب 2 ح 11، إثبات الهداة: ج 3 ص 533 ب 32 ف 27 ح 468.

(٢٥٥)

محمّد بن يحيى، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، قال: حدّثنا عيسى بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: صاحب هذا الأمر من ولدي، هو الّذي يقال: مات أو هلك، لا بل في أيّ واد سلك؟.
624-(354)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): والّذي بعثني بالحقّ بشيرا ليغيبنّ القائم من ولدي بعهد معهود إليه منّي، حتّى يقول أكثر الناس: ما للّه في آل محمّد حاجة، ويشكّ آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسّك بدينه، ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا بشكّه فيزيله عن ملّتي، ويخرجه من ديني، فقد أخرج أبويكم من الجنّة من قبل، وإنّ الله (عزّ وجلّ) جعل الشياطين أولياء للّذين لا يؤمنون.
625-(355)- علل الشرائع: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(354) كمال الدين: ج 1 ص 51، البحار: ج 51 ص 68 ب 1 ح 10، إثبات الهداة: ج 3 ص 459 ب 32 ف 5 ح 97.
(355) علل الشرائع: ج 1 ص 245 ب 179 ح 7، إثبات الهداة: ج 3 ص 487 ب 32 ف 5 ح 212 عن كمال الدين والعلل، المحجّة: ص 246 مختصرا.

(٢٥٦)

- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن مسعود، وحيدر بن محمّد السمرقندي جميعا، قالا: حدّثنا محمّد بن مسعود، قال: حدّثنا جبرائيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، قال: حدّثني الحسن بن محمّد الصيرفي، عن حنّان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها، فقلت له: ولم ذاك يا ابن رسول الله؟ قال: إنّ الله (عزّ وجلّ) أبى إلّا أن يجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) في غيباتهم، وأنّه لا بدّ له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله (عزّ وجلّ): (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) أي سننا على سنن من كان قبلكم.
626-(356)- غيبة النعماني: حدّثنا محمّد بن همّام، قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدّثنا إسحاق بن سنان، قال: حدّثنا عبيد بن خارجة، عن علي بن عثمان، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: زاد الفرات على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، فركب هو وابناه الحسن والحسين (عليهما السلام) فمرّ بثقيف، فقالوا: قد جاء عليّ يردّ الماء، فقال علي (عليه السلام): أما والله لاقتلنّ أنا وابناي هذان، وليبعثنّ الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، وليغيبنّ عنهم تمييزا لأهل الضلالة، حتى يقول الجاهل: ما للّه في آل محمّد من حاجة.
627-(357)- غيبة الشيخ: روى أبو بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: في القائم شبه من يوسف، قلت: وما هو؟ قال: الحيرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(356) غيبة النعماني: ص 140 ب 10 ح 1، إثبات الهداة: ج 3 ص 532 ب 32 ح 462.
(357) غيبة الشيخ ص 163- 164، ح 125، إثبات الهداة: ج 3 ص 501 ب 32 ف 5 ح 284.

(٢٥٧)

والغيبة.
628-(358)- كتاب تاريخ قم: عن محمّد بن قتيبة الهمداني، والحسن بن علي الكشمارجاني [الكمشارجاني- خ]، عن علي بن النعمان، عن أبي الأكراد علي بن ميمون الصائغ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّ الله احتجّ بالكوفة على سائر البلاد، وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد، واحتجّ ببلدة قم على سائر البلاد، وبأهلها على جميع أهل المشرق والمغرب من الجنّ والإنس، ولم يدع الله قم وأهله مستضعفا بل وفّقهم وأيّدهم، ثمّ قال: إنّ الدين وأهله بقم ذليل، ولو لا ذلك لأسرع الناس إليه فخرب قم وبطل أهله، فلم يكن حجّة على سائر البلاد، وإذا كان كذلك لم تستقرّ السماء والأرض، ولم ينظروا طرفة عين، وانّ البلايا مدفوعة عن قم وأهله، وسيأتي زمان تكون بلدة قم وأهلها حجّة على الخلائق، وذلك في زمان غيبة قائمنا (عليه السلام) إلى ظهوره، ولو لا ذلك لساخت الأرض بأهلها، وانّ الملائكة لتدفع البلايا عن قم وأهله، وما قصده جبّار بسوء إلّا قصمه قاصم الجبّارين، وشغله عنهم بداهية أو مصيبة أو عدوّ، وينسي الجبّارين في دولتهم ذكر قم كما نسوا ذكر الله.
629-(359)- الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(358) البحار: ج 57 ص 212- 213 ب 36 ح 22.
(359) الكافي: ج 1 ص 338 ب 138 ح 10، وفي ص 340 ب 138 ح 15 عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم... مثله. مرآة العقول: ج 4 ص 46 و50 ح 10 و15، إثبات الهداة: ج 3 ص 444 ب 32 ح 22.

(٢٥٨)

أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن بلغكم عن صاحب هذا الأمر غيبة فلا تنكروها.
630-(360)- الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لا بدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة، ولا بدّ له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة، وما بثلاثين من وحشة.
631-(361)- غيبة الشيخ: وأخبرني جماعة عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(360) الكافي: ج 1 ص 340 ب 138 ح 16، مرآة العقول: ج 4 ص 50 ح 16، قال المجلسي- قدّس سرّه-: «في بعض النسخ: ولا له في غيبته أي ليس في غيبته معتزلا عن الخلق، بل هو بينهم ولا يعرفونه، والأوّل أظهر، وموافق لما في سائر الكتب. والطيبة بالكسر: اسم المدينة الطيّبة(إلى أن قال:) وما بثلاثين من وحشة أي هو (عليه السلام) مع ثلاثين من مواليه وخواصّه». البحار: ج 52 ص 157 ب 23 ح 20 وقال العلامة المجلسي- قدس سره- أيضا: الطيبة اسم المدينة «الطيّبة، فيدلّ على كونه (عليه السلام) غالبا فيها وفي حواليها، وعلى أنّ معه ثلاثين من مواليه وخواصّه إن مات أحد قام آخر مقامه.
غيبة النعماني: ص 188 ب 10 ح 41، غيبة الشيخ: ص 162 ح 121 «بإسناده عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير نحوه قال: لا بدّ لصاحب هذا الأمر من عزلة، ولا بدّ في عزلته من قوّة، وما بثلاثين من وحشة، ونعم المنزل طيبة»، إثبات الهداة: ج 3 ص 445 ب 32 ح 27.
(361) غيبة الشيخ: ص 160- 161 ح 118، البحار: ج 51 ص 146 ب 6 ح 15، ومرّ نحوه عن محمّد بن مسلم.

(٢٥٩)

ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 205، 242، 244، 245، 254، 257، 261، 305 إلى 308، 317، 465، 497، 498، 499، 511، 535 إلى 539، 541، 547، 549 إلى 557، 559 إلى 564، 574، 575، 580، 589، 595، 599 إلى 607، 632 إلى 635، 637، 641، 643، 644، 645، 647، 649، 653، 669، 685، 686، 688 إلى 691، 806، 810، 1104، 1105.

(٢٦٠)

الفصل التاسع والعشرون: في علّة غيبته(362)، وفيه 9 أحاديث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(362) اعلم أنّ اختفاء سبب الغيبة عنّا ليس مستلزما لصحّة إنكار وقوعها، أو عدم وجود مصلحة فيها، فإنّ سبيل هذه وسبيل غيرها من الحوادث الجارية بحكمة الله تعالى سواء، فكما أنّه لا سبيل إلى إنكار المصلحة في بعض أفعاله تعالى ممّا لم نعلم وجه حكمته ومصلحته لا طريق أيضا إلى إنكار المصلحة في غيبة وليّه وحجّته، فإنّ مداركنا وعقولنا قاصرة عن إدراك فوائد كثير من الأشياء، وسنن الله تعالى في عالم التكوين والتشريع، بل لم نعط مدارك يدرك بها كثير من المجهولات، فالاعتراف بقصور أفهامنا أولى، ولنعم ما قاله الشاعر:

وانّ قميصا خيط من نسج تسعة * * * وعشرين حرفا عن معاليه قاصر

وقال بعضهم:

العلم للرحمن جلّ جلاله * * * وسواه في جهلاته يتغمغم
ما للتراب وللعلوم وإنّما * * * يسعى ليعلم أنّه لا يعلم

وما أحسن أدب من قال: علم الخلائق في جنب علم الله مثل لا شيء في جنب ما لا نهاية له.
وقال مولانا وسيّدنا أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السلام) فيما روي عنه: «يا ابن آدم، لو أكل قلبك طائر لم يشبعه، وبصرك لو وضع عليه خرق إبرة لغطّاه، تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات والأرض!»، والحاصل أنّه ليس علينا السؤال عن هذه بعد إخبار النبيّ والمعصومين من أهل بيته صلّى الله عليهم أجمعين عن وقوعها، ودلالة الأحاديث القطعيّة عليها، وبعد وقوعها في الامم السالفة، كما ذكره الإمام في رواية سدير الطويلة، قال المفيد- قدّس سرّه-: وثمّ وليّ للّه تعالى يقطع الأرض بعبادة ربّه تعالى، والتفرّد من الظالمين بعمله، ونأى بذلك عن دار المجرمين، وتبعّد بدينه عن محلّ الفاسقين، لا يعرف أحد من الخلق له مكانا، ولا يدّعي إنسان ←

(٢٦١)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ منهم له لقاء ولا معه اجتماعا، وهو الخضر (عليه السلام) موجود قبل زمان موسى الى وقتنا هذا باجماع أهل النقل، واتّفاق أصحاب السير والأخبار، سائحا في الأرض لا يعرف له أحد مستقرّا، ولا يدّعي له اصطحابا إلّا ما جاء في القرآن به من قصّته مع موسى (عليه السلام)، وما يذكره بعض الناس من أنّه يظهر أحيانا ولا يعرف، ويظنّ بعض الناس رآه، أنّه بعض الزهّاد فإذا فارق مكانه توهمه المسمّى بالخضر وإن لم يكن يعرف بعينه في الحال ولا ظنّه، بل اعتقد أنّه بعض أهل الزمان، انتهى كلامه في «الفصول العشرة». ثمّ ذكر غيبة موسى ويوسف ويونس وغيرهم. هذا، وقد صرّح أبو عبد الله (عليه السلام) بأنّ وجه الحكمة في غيبته لا ينكشف إلّا بعد ظهوره، وأنّه من أسرار الله (في حديث عبد الله بن الفضل الهاشمي الحديث الأوّل من هذا الباب)، فعليه يصحّ لنا أن نقول: بأنّ السبب الأصلي في حكمته خفي عنّا، ولا ينكشف تمام الانكشاف إلّا بعد ظهوره.
نعم، لها فوائد ومصالح معلومة غيره، منها: امتحان العباد بغيبته، واختبار مرتبة تسليمهم ومعرفتهم وإيمانهم بما اوحي إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وبشّر به عن الله تعالى، وقد جرت سنّة الله تعالى بامتحان عباده، بل ليس خلق الناس وبعث الرسل، وانزال الكتب إلّا للامتحان، قال الله تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ)، وقال عزّ شأنه: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ والْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)، وقال سبحانه: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ)، ويستفاد من الأخبار الّتي تقف عليها في هذا الكتاب أنّ الامتحان بغيبة المهدي (عليه السلام) من أشدّ الامتحانات، وأنّ المتمسّك فيها بدينه كالخارط للقتاد.
هذا مضافا إلى أنّ في التصديق وعقد القلب والالتزام والإيمان بما أخبر به النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الامور الغيبيّة امتحانا وارتياضا خاصّا، وثمرة لصفاء الباطن وقوّة التديّن بدين الله تعالى، فامتحان الناس بغيبته (عليه السلام) يكون عملا وإيمانا وعلما، أمّا عملا: فلما يحدث في زمان الغيبة من الفتن الشديدة الكثيرة، ووقوع الناس في بليّات عظيمة بحيث يصير أصعب الامور المواظبة على الوظائف الدينيّة. وأمّا علما وإيمانا فلأنّه إيمان بالغيب، فلا يؤمن به إلّا من كمل إيمانه، وقويت معرفته، وخلصت نيته.
والحاصل أنّ الناس ممتحنون في الإيمان بالله، والتسليم والتصديق بما أخبر به النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، إلّا أنّ الامتحان بالإيمان بما كان من الامور الغيبيّة ربّما ←

(٢٦٢)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ يكون أشدّ من غيره، وقد جاء التصريح بوصف هؤلاء المؤمنين في قوله تعالى: (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ...) الآيات، وذلك لأنّ الإيمان بكلّ ما هو غيب عنّا ممّا أخبر به النبيّ (صلّى الله عليه وآله) لا يحصل إلّا لأهل اليقين والمتّقين الّذين نجوا عن ظلمة الوساوس والشبهات الشيطانيّة، وأنار نفوسهم نور المعرفة واليقين والإيمان الكامل بالله ورسله وكتبه.
ومنها: انتظار كمال استعداد الناس لظهوره، فإنّ ظهوره ليس كظهور غيره من الحجج والأنبياء، وليس مبنيّا على الأسباب الظاهريّة والعاديّة، وسيرته أيضا- كما ترى في الأبواب الآتية- مبنيّة على الحقائق، والحكم بالواقعيّات، ورفض التقيّة والتسامح في الامور الدينيّة، فالمهدي (عليه السلام) شديد على العمّال، شديد على أهل المعاصي، وحصول هذه الامور محتاج الى حصول استعداد خاصّ للعالم، ورقاء البشر في ناحية العلوم والمعارف، وفي ناحية الفكر، وفي ناحية الأخلاق، حتّى يستعدّ لقبول تعليماته العالية وبرنامجه الاصلاحي.
ومنها: الخوف عن القتل، يشهد التاريخ أنّ سبب حدوث الغيبة ظاهرا خوفه عن قتله، فإنّ أعداءه- كما ستطّلع عليه في الأبواب الآتية- عزموا على قتله إطفاء لنوره، واهتماما بقطع هذا النسل الطيّب المبارك، ولكن يأبى الله إلّا أن يتمّ نوره.
ومنها: غيرها ممّا ذكر في الكتب المفصّلة.
فإن قلت: أيّ فائدة في وجود الإمام الغائب عن الأبصار، فهل وجوده وعدمه إلّا سواء؟
قلت أوّلا: إنّ فائدة وجود الحجّة ليست منحصرة في التصرف في الامور ظاهرا، بل أعظم فوائد وجوده ما يترتّب عليه من بقاء العالم بإذن الله تعالى وأمره كما ينادي بذلك قوله (صلّى الله عليه وآله): «أهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض»، وقوله: «لا يزال هذا الدين قائما إلى اثني عشر أميرا من قريش، فإذا مضوا ساخت الأرض بأهلها»، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم للّه... الخ» وسيجيء في الباب الآتي بعض الأحاديث في انتفاع الناس منه في غيبته.
وثانيا: إنّ عدم تصرّفه ليس من قبله، والمسئوليّة في عدم تصرّفه متوجّهة إلى رعيّته، وأشار إلى الوجهين المحقّق الطوسي في «التجريد» بقوله: «وجوده لطف، وتصرّفه لطف آخر، وعدمه منّا». وثالثا: نقول: إنّا لا نقطع على أنّه مستتر عن جميع أوليائه- كما في الشافي وتنزيه الأنبياء- فإذا لا مانع عن تصرّفه في بعض الامور المهمّة بواسطة بعض أوليائه وخواصّه وانتفاعهم منه.
ورابعا: ما هو المسلّم والمعلوم استتاره عن الناس، وعدم إمكان الوصول إليه في الغيبة إلّا لبعض الخواصّ- وغيرهم أحيانا لبعض المصالح- ولكن لا يلازم هذا استتار الناس عنه صلوات الله عليه، فإنّه كما يستفاد من الروايات يحضر الموسم أيّام الحجّ، ويحجّ، ويزور جدّه وآباءه المعصومين، ويصاحب الناس، ويحضر المجالس، ويغيث المضطر، ويعود بعض المرضى وغيرهم، وربّما يتكفّل بنفسه الشريفة- جعلني الله فداه- قضاء حاجاتهم. والمراد من عدم إمكان الوصول إليه في زمان الغيبة عدم إمكان معرفته بعينه وشخصه.
وخامسا: لا يجب على الإمام أن يتولّى التصرّف في الامور الظاهريّة بنفسه، بل له تولية غيره بالخصوص كما فعل في زمان غيبته الصغرى، أو على نحو العموم كما فعل في الغيبة الكبرى، فنصب الفقهاء والعلماء العدول العالمين بالأحكام للقضاء، وإجراء السياسات، وإقامة الحدود، وجعلهم حجّة على الناس، فهم يقومون في عصر الغيبة بحفظ الشرع ظاهرا، وبيان الأحكام، ونشر المعارف الإسلاميّة، ودفع الشبهات، وبكلّ ما يتوقّف عليه نظم امور الناس. وتفصيل ذلك يطلب من الكتب الفقهيّة، وإن شئت زيادة التوضيح فيما ذكر فعليك بالرجوع إلى كتب أكابر أصحابنا كالمفيد، والسيّد، والشيخ، والصدوق، والعلامة، وغيرهم جزاهم الله عن الدين أفضل الجزاء.

(٢٦٣)

632-(363)- كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار- رضي الله عنه- قال: حدّثني علي بن محمّد بن قتيبة النيسابور يقال: حدّثنا حمدان بن سليمان النيسابوري، قال: حدّثني أحمد بن عبد الله بن جعفر المدائني، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام) يقول: إنّ لصاحب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(363) كمال الدين: ج 2 ص 481- 482 ب 11 ح 44؛ علل الشرائع: ص 245- 246 ح 8؛ البحار: ج 52 ص 91 ب 20 ح 4؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 488 ب 32 ف 5 ح 217 مختصرا.

(٢٦٤)

هذا الأمر غيبة لا بدّ منها، يرتاب فيها كلّ مبطل، فقلت: ولم جعلت فداك؟ قال: لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم، قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدّمه من حجج الله تعالى ذكره، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلّا بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر (عليه السلام) من خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار لموسى (عليه السلام) إلّا وقت افتراقهما، يا ابن الفضل! إنّ هذا الأمر أمر من [أمر] الله تعالى، وسرّ من سرّ الله، وغيب من غيب الله، ومتى علمنا أنّه (عزّ وجلّ) حكيم صدّقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة، وإن كان وجهها غير منكشف.
633-(364)- كمال الدين: محمّد بن محمّد بن عصام الكليني، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن إسحاق بن يعقوب، عن صاحب الزمان صلوات الله عليه في آخر التوقيع الوارد في جواب كتابه الّذي سأل محمّد بن عثمان العمري أن يوصل إليه عجّل الله فرجه: أمّا علّة ما وقع من الغيبة فإنّ الله (عزّ وجلّ) يقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)، إنّه لم يكن لأحد من آبائي (عليهم السلام) إلّا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإنّي أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي، وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب، وإنّي لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، فأغلقوا باب السؤال عمّا لا يعنيكم، ولا تكلّفوا علم ما قد كفيتم، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(364) كمال الدين: ج 2 ص 483- 485 ح 4؛ غيبة الشيخ: ص 290- 293 ح 247؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 3 ف 3؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 530- 532؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1113- 1117 ح 30؛ الاحتجاج: ج 2 ص 281- 284؛ البحار: ج 53 ص 180- 182 ب 31 ح 10، وج 75 ص 380 ب 30 ح 1 عن الدرّة الباهرة.

(٢٦٥)

فإنّ ذلك فرجكم، والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب، وعلى من اتّبع الهدى.
634-(365)- عيون أخبار الرضا: محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، عن أحمد بن محمّد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه، عن ابي الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، قال: كأنّي بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي كالنعم، يطلبون المرعى فلا يجدونه، قلت: ولم ذلك يا ابن رسول الله؟ قال: لأنّ إمامهم يغيب عنهم، فقلت: ولم؟ قال: لئلا يكون في عنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف.
635-(366)- غيبة الشيخ: الحسين بن عبيد الله، عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان النيسابوري، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال: إنّ للقائم غيبة قبل ظهوره، قلت: [و] لم؟ قال: يخاف القتل.
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 337، 626، 654، 656، 669.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(365) عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 273 ب 28 ح 6؛ كمال الدين: ج 2 ص 480 ب 44 ح 4؛ البحار: ج 51 ص 152 ب 8 ح 1.
أقول: والمراد بالثالث الإمام أبو محمّد الحسن والد الحجّة، وبالإمام الّذي يغيب، ابنه الحجّة (عليهما السلام).
(366) غيبة الشيخ: ص 332 ح 274؛ الكافي: ج 1 ص 338 ب 138 ح 9 نحوه عن ابن بكير عن زرارة؛ غيبة النعماني: ص 176 و177 نحوه بطرق متعدّدة وألفاظ متقاربة ح 19 و20 و21 و22 عن ابن بكير؛ علل الشرائع: ص 246 ح 9؛ كمال الدين: ج 2 ص 481 ب 44 ح 9 وعن ابن بكير وعن خالد بن نجيح الجوّان وابن بكير عن زرارة نحوه ح 7 و8 و10؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 359 ح 23 نحوه مع اختلاف في الرواة واختلاف يسير في المعنى.

(٢٦٦)

الفصل الثلاثون: في بعض فوائد وجوده وانتفاع الناس منه في غيبته وتصرّفه في الامور وفيه 7 أحاديث

636-(367)- نهج البلاغة: اللهمّ بلى، لا تخلو الأرض من قائم للّه بحجّة، إمّا ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيّناته، وكم ذا وأين [اولئك]؟ اولئك والله الأقلّون عددا، والأعظمون عند الله قدرا، يحفظ الله بهم حججه وبيّناته حتّى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالمحلّ الأعلى، اولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة إلى دينه، آه آه شوقا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(367) نهج البلاغة صبحي الصالح: ص 497 قصار الحكم 147؛ تذكرة الحفّاظ: ج 1 ص 11 نحوه، دستور معالم الحكم: ب 4 ص 82- 85 مسندا عن كميل؛ الغارات: ج 1 ص 153؛ تحف العقول: ص 170 من كلامه لكميل بن زياد؛ الخصال: ص 187 ب الثلاثة؛ الأمالي: ص 19- 20 ح 23، البحار: ج 23 ص 44- 46 ح 91 ب 1، الأمالي للمفيد: ص 250 المجلس 29، كمال الدين: ج 1 ص 289 ب 26 ح 2، وانظر البداية والنهاية ج 9 ص 46 وغيره من مصادره الكثيرة.

(٢٦٧)

إلى رؤيتهم.
637-(368)- ينابيع المودّة: عن نهج البلاغة: منّا المهديّ، يسري في الدنيا بسراج منير، ويحذو فيها على مثال الصالحين، ليحلّ ربقا، ويعتق رقّا، ويصدع شعبا، ويشعب صدعا، في سترة عن الناس، لا يبصر القائف أثره ولو تابع نظره.
وفي نهج البلاغة (ج 2 ص 47 خ 146، ط مصر): يا قوم، هذا إبّان ورود كلّ موعد، ودنوّ من طلعة ما لا تعرفون، ألا ومن أدركها منّا يسري فيها بسراج منير، ويحذو فيها على مثال الصالحين، ليحلّ فيها ربقا، ويعتق رقّا، ويصدع شعبا، ويشعب صدعا، في سترة عن الناس، لا يبصر القائف أثره ولو تابع نظره، ثمّ ليشحذنّ فيها قوم شحذ القين النصل، تجلى بالتنزيل أبصارهم، [ويرمى بالتفسير في مسامعهم]، ويغبقون كأس الحكمة بعد الصبوح.
638-(369)- فرائد السمطين: أخبرنا أبو جعفر، ابن بابويه- رحمه الله- قال: أنبأنا محمّد بن أحمد السمناني، قال: أنبأنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان، قال: أنبأنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: أنبأنا فضل بن الصقر العبدي، قال: أنبأنا معاوية، عن سليمان بن مهران الأعمش، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، عن أبيه محمّد بن عليّ (عليهما السلام)، عن أبيه علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: نحن أئمّة المسلمين، وحجج الله على العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغرّ المحجّلين، وموالي المؤمنين، ونحن أمان أهل الأرض، كما أنّ النجوم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(368) ينابيع المودّة: ص 437؛ نهج البلاغة صبحي الصالح: ص 208 خ 150.
(369) فرائد السمطين: ج 1 ص 45 و46 ب 2 ح 11؛ ينابيع المودّة: ص 477.

(٢٦٨)

أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا باذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث، وتنشر الرحمة، وتخرج بركات الأرض، ولو لا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها. ثمّ قال: ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة للّه فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور. ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة للّه فيها، ولو لا ذلك لم يعبد الله.
قال سليمان: فقلت للصادق (عليه السلام): فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب (370).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(370) ذكر العلامة المجلسي- رحمه الله- في وجه تشبيهه بالشمس إذا سترها سحاب وجوها:
الأوّل: أنّ نور الوجود والعلم والهداية يصل الى الخلق بتوسّطه (عليه السلام)، إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنّهم العلل الغائية لإيجاد الخلق، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم، وببركتهم والاستشفاع بهم والتوسّل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق ويكشف البلايا عنهم، فلولاهم لاستحقّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب، كما قال تعالى: (وما كانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وأَنْتَ فِيهِمْ)، ولقد جرّبنا مرارا لا نحصيها أنّ عند انغلاق الامور، وإعضال المسائل، والبعد عن جناب الحقّ تعالى، وانسداد أبواب الفيض لما استشفعنا بهم وتوسّلنا بأنوارهم، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنويّ بهم في ذلك الوقت تنكشف تلك الامور الصعبة، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان. وقد مضى توضيح ذلك في كتاب الإمامة.
الثاني: كما أنّ الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ينتظرون في كلّ آن انكشاف السحاب عنها وظهورها ليكون انتفاعهم بها أكثر، فكذلك في أيّام غيبته (عليه السلام) ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره في كلّ وقت وزمان، ولا ييأسون منه.
الثالث: أنّ منكر وجوده (عليه السلام) مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس إذا غيّبها السحاب عن الأبصار. الرابع: أنّ الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد من ظهورها لهم بغير حجاب، فكذلك غيبته (عليه السلام) أصلح لهم في تلك الأزمان، فلذا غاب عنهم.
الخامس: أن الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب، وربّما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة عن الإحاطة بها، فكذلك شمس ذاته المقدّسة ربّما يكون ظهوره أضرّ لبصائرهم، ويكون سببا لعماهم عن الحقّ، ويحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته كما ينظر الإنسان إلى الشمس من تحت السحاب ولا يتضرّر بذلك.
السادس: أنّ الشمس قد تخرج من السحاب وينظر إليها واحد دون واحد، كذلك يمكن أن يظهر (عليه السلام) في أيّام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
السابع: أنّهم كالشمس في عموم النفع، وإنّما لا ينتفع بهم من كان أعمى كما فسّر به في الأخبار قوله تعالى: (مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وأَضَلُّ سَبِيلًا).
الثامن: أنّ الشمس كما أنّ شعاعها تدخل البيوت بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع عنها، فكذلك الخلق إنّما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون من الموانع عن حواسّهم ومشاعرهم الّتي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانيّة والعلائق الجسمانيّة، وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانيّة، إلى أن ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب. فقد فتحت لك من هذه الجنّة الروحانيّة ثمانية أبواب، ولقد فتح الله علي بفضله ثمانية اخرى تضيق العبارة عن ذكرها، عسى الله أن يفتح علينا وعليك في معرفتهم ألف باب، يفتح من كلّ باب ألف باب، انتهى كلامه قدّس الله سرّه.

(٢٦٩)

639-(371)- كمال الدين: حدّثنا أبي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا هارون بن مسلم، عن سعدان، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) أنّه قال في خطبة له على منبر الكوفة: اللهم لا بدّ لأرضك من حجّة لك على خلقك، يهديهم إلى دينك، ويعلّمهم علمك، لئلا تبطل حجّتك، ولا يضلّ أتباع أوليائك بعد إذ هديتهم به، إمّا ظاهر ليس بالمطاع، أو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(371) كمال الدين: ج 1 ص 302 ب 27 ح 11؛ إثبات الوصيّة ص 251؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 363 ح 112 ب 32 ف 2.

(٢٧٠)

مكتتم مترقّب، إن غاب عن الناس شخصه في حال هدايتهم، فإنّ علمه وآدابه في قلوب المؤمنين مثبتة، فهم بها عاملون.
640-(372)- كتاب فضل بن شاذان: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، قالا: حدّثنا جميل بن درّاج، عن الصادق (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) أنّه قال: الإسلام والسلطان العادل أخوان توأمان، لا يصلح واحد منهما إلّا بصاحبه، الإسلام اسّ، والسلطان العادل حارس، ما لا اسّ له فمنهدم، وما لا حارس له فضائع، فلذلك إذا رحل قائمنا لم يبق أثر من الدنيا.
ويدلّ عليه أيضا الروايتان: 245، 609.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(372) كفاية المهتدي (الأربعين): ص 222- 223 ذيل ح 39؛ كشف الحقّ (الأربعين): ح 35 ص 203 ولفظه: «إذا رحل قائمنا لم يبق أثر من الإسلام، وإذا لم يبق أثر من الإسلام لم يبق أثر من الدنيا».

(٢٧١)

الفصل الحادي والثلاثون: في أنّه (عليه السلام) طويل العمر جدّا وفيه 363 حديثا

641-(373)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي بن بشّار القزويني، قال: حدّثنا أبو الفرج المظفّر بن أحمد، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن صالح البزّاز، قال: سمعت الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) يقول: إنّ ابني هو القائم من بعدي، وهو الّذي تجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) بالتعمير والغيبة، حتّى تقسو القلوب لطول الأمد، فلا يثبت على القول به إلّا من كتب الله (عزّ وجلّ) في قلبه الإيمان، وأيّده بروح منه (374).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(373) كمال الدين: ج 2 ص 524 ب 46 ح 4، البحار: ج 51 ص 224 ب 13 ح 11.
(374) اعلم أنّه استبعد طول عمره بعض من العامّة حتّى عاب الشيعة على قولهم ببقائه (عليه السلام)، وقال بعض منهم: إنّ الوصيّة لأجهل الناس تصرف إلى من ينتظر المهدي (عليه السلام)، وأنت خبير بأن لا قيمة للاستبعاد في الامور العلميّة، والمطالب الاعتقاديّة بعد ما قام عليها البرهان، ودلّت عليها الأدلّة القطعيّة من العقل والنقل، فهذا نوع من سوء الظنّ بقدرة الله تعالى، وليس مبنى له إلّا عدم الأنس، وقضاء العادة في الجملة على خلافه، وإلّا فيتّفق في اليوم والليلة بل في كلّ ساعة وآن ألوف من الحوادث والوقائع العادية في عالم الكون، حتّى في المخلوقات الصغيرة وما لا يرى إلّا ←

(٢٧٢)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ باعانة المكبّرات ممّا أمره أعجب وأعظم من طول عمر إنسان سليم الأعضاء والقوى، العارف بقواعد حفظ الصحّة، العامل بها، بل ليس مسألة طول عمره أغرب من خلقته وتكوينه وانتقاله من عالم الأصلاب الى عالم الأرحام، ومنه إلى عالم الدنيا، وبهذا دفع الله استبعاد المنكرين للمعاد في كتابه الكريم، قال الله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ...) الآية، وقال: (أَ ولَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ...) الى آخر السورة، وقال عزّ من قائل: (وقالُوا أَ إِذا كُنَّا عِظاماً ورُفاتاً...) الى آخر الآيات، هذا مع وقوع طول العمر في بعض الأنبياء كالخضر ونوح وعيسى وغيرهم (عليهم السلام)، وكيف يكون الإيمان بطول عمر المهديّ (عليه السلام) أمارة الجهل مع تصريح القرآن الكريم بإمكان مثله في قوله تعالى: (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، ووقوعه بالنسبة إلى نوح (عليه السلام) في قوله تعالى: (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً)، وبالنسبة إلى المسيح (عليه السلام) في قوله تعالى: (وإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)، وقد أخبر أيضا بحياة إبليس، وأنّه من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ولم ينكر ذلك أحد من المسلمين ولم يستبعده، وروى مسلم في صحيحه في القسم الثاني من الجزء الثاني في باب ذكر ابن صيّاد، والترمذي في سننه في الجزء الثاني، وأبو داود في صحيحه في باب خبر ابن صائد من كتاب الملاحم روايات متعدّدة في ابن صيّاد وابن صائد، وأنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) احتمل أن يكون هو الدجّال الّذي يخرج في آخر الزمان، وروى ابن ماجة في صحيحه في الجزء الثاني في أبواب الفتن في باب فتنة الدجّال وخروج عيسى، وأبو داود في الجزء الثاني من سننه من كتاب الملاحم في باب خبر الجسّاسة، ومسلم في صحيحه في باب خروج الدجّال ومكثه في الأرض حديث تميم الداري، وهو صريح في أنّ الدجّال كان حيّا في عصر النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وأنّه يخرج في آخر الزمان، فإن كان القول بطول عمر شخص من الجهل فلم لم ينسب هؤلاء أحد بالجهل مع إخراجهم هذه الأحاديث في كتبهم وصحاحهم؟ وكيف ينسب بالجهل من يعتقد طول عمر المهدي (عليه السلام) مع تجويز النبيّ (صلّى الله عليه وآله) مثله في عدوّ الله الدجّال؟!
والحاصل: أنّ بعد وقوع طول العمر لا موقع للتعجّب منه، فضلا عن الاستبعاد والقول باستحالته. قال السيّد ابن طاوس- رحمه الله- في الفصل 79 من كشف المحجّة في مناظرته مع بعض العامّة: «لو حضر رجل وقال: أنا أمشي على الماء ببغداد، فإنّه←

(٢٧٣)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ يجتمع لمشاهدته لعلّ من يقدر على ذلك منهم، فإذا مشى على الماء وتعجّب الناس منه فجاء آخر قبل أن يتفرّقوا وقال أيضا: أنا أمشي على الماء، فإنّ التعجّب منه يكون أقلّ من ذلك فمشى على الماء، فإنّ بعض الحاضرين ربّما يتفرّقون ويقلّ تعجّبهم، فإذا جاء ثالث وقال: أنا أيضا أمشي على الماء فربّما لا يقف للنظر إليه إلّا قليل، فإذا مشى على الماء سقط التعجّب من ذلك، فإن جاء رابع وذكر أنّه يمشي أيضا على الماء فربّما لا يبقى أحد ينظر إليه ولا يتعجّب منه، وهذه حالة المهدي (عليه السلام)، لأنّكم رويتم أنّ ادريس حيّ موجود في السماء منذ زمانه إلى الآن، ورويتم أنّ الخضر حيّ موجود مذ زمان موسى (عليه السلام) أو قبله إلى الآن، ورويتم أنّ عيسى حيّ موجود في السماء، وأنّه يرجع إلى الأرض مع المهديّ (عليه السلام)، فهذه ثلاثة نفر من البشر قد طالت أعمارهم، وسقط التعجّب بهم من طول أعمارهم، فهلّا كان لمحمّد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وآله اسوة بواحد منهم أن يكون من عترته آية للّه جلّ جلاله في امّته بطول عمر واحد من ذرّيّته، فقد ذكرتم ورويتم أنّه يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا؟ ولو فكرتم لعرفتم أنّ تصديقكم وشهادتكم أنّه يملأ الأرض بالعدل شرقا وغربا وبعدا وقربا أعجب من طول بقائه، وأقرب إلى أن يكون ملحوظا بكرامات الله جلّ جلاله لأوليائه، وقد شهدتم أيضا له أنّ عيسى بن مريم النبيّ المعظّم (عليهما السلام) يصلّي خلفه، مقتديا به في صلاته، وتبعا له ومنصورا به في حروبه وغزواته، وهذا أيضا أعظم مقاما ممّا استبعدتموه من طول حياته، فوافقوا على ذلك، انتهى».
وقال العلامة سبط ابن الجوزي في «تذكرة الخواص» ص 377: «وعامّة الإماميّة على أنّ الخلف الحجّة موجود، وأنّه حيّ يرزق، ويحتجّون على حياته بأدلّة؛ منها: أنّ جماعة طالت أعمارهم: كالخضر، وإلياس، فإنّه لا يدرى كم لهما من السنين، وأنّهما يجتمعان كلّ سنة فيأخذ هذا من شعر هذا، وفي التوراة: أنّ ذا القرنين عاش ثلاثة آلاف سنة، والمسلمون يقولون: ألفا وخمسمائة، ونقل عن محمّد بن إسحاق أسماء جماعة كثيرة رزقوا طول العمر، وقد أسرد الكلام في جواز بقائه (عليه السلام) مذ غيبته إلى الآن، وأنّه لا امتناع في بقائه، انتهى».
واستدلّ الحافظ الكنجي الشافعي في كتاب «البيان»: ب 25 على ذلك ببقاء عيسى والخضر وإلياس، وبقاء الدجّال وإبليس، وذكر دليلا على بقاء الدجّال ما رواه مسلم في حديث طويل في الجساسة، انتهى. ←

(٢٧٤)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ وقد تضمّنت التوراة من المعمّرين أسماء جماعة كثيرة وذكر أحوالهم، ففي سفر التكوين الإصحاح الخامس الآية 5 على ما في ترجمتها من اللغة العبرانيّة والكلدانيّة واليونانيّة إلى اللغة العربية ط بيروت سنة(1870 م): «فكانت كلّ أيّام آدم الّتي عاشها تسعمائة وثلاثين سنة ومات»، وفي الآية 8 قال: «فكانت كلّ أيّام شيث تسعمائة واثنتي عشرة سنة ومات»، وفي الآية 11: «فكانت كلّ أيّام أنوش تسعمائة وخمس سنين ومات»، وفي الآية 14: «فكانت كلّ أيّام قينان تسعمائة وعشر سنين ومات»، وفي الآية 17: «فكانت كلّ أيّام مهللئيل ثمانمائة وخمسا وتسعين سنة ومات»، وفي الآية 20: «فكانت كلّ أيّام يارد تسعمائة واثنتين وستين سنة ومات»، وفي الآية 23: «فكانت كلّ أيّام أخنوخ ثلاثمائة وخمسا وستين سنة»، وفي الآية 27: «فكانت كلّ أيّام متوشالح تسعمائة وتسعا وستين سنة ومات»، وفي الآية 31: «فكانت كلّ أيّام لامك سبعمائة وسبعا وسبعين سنة ومات»، وفي الإصحاح التاسع في الآية 29: «فكانت كلّ أيّام نوح تسعمائة وخمسين سنة ومات»، وفي الإصحاح الحادي عشر في الآية 10 إلى 17: «10- هذه مواليد سام لما كان سام ابن مائة سنة ولد ارفكشاد بعد الطوفان بسنتين، 11- وعاش سام بعد ما ولد ارفكشاد خمسمائة سنة وولد بنين وبنات، 12- وعاش ارفكشاد خمسا وثلاثين سنة وولد شالح، 13- وعاش ارفكشاد بعد ما ولد شالح اربعمائة وثلاث سنين وولد بنين وبنات، 14- وعاش شالح ثلاثين سنة وولد عابر، 15- وعاش شالح بعد ما ولد عابر أربعمائة وثلاث سنين وولد بنين وبنات، 16- وعاش عابر أربعا وثلاثين سنة وولد فالج، 17- وعاش عابر بعد ما ولد فالج اربعمائة وثلاثين سنة وولد بنين وبنات»، وذكر في هذا الإصحاح جماعة غير هؤلاء من المعمّرين نقتصر بذكر اسمائهم، وهم: فالح، ورعو، وسروج، وناحور، وتارح. وفي الإصحاح الخامس والعشرين في الآية 7 ذكر أنّ إبراهيم عاش مائة وخمسا وسبعين سنة، وفي الآية 17 ذكر أنّ إسماعيل عاش 137 سنة، هذا بعض ما في التوراة من أسماء المعمّرين، وهو حجّة على اليهود والنصارى.
وقال العلامة الكراجكي في «كنز الفوائد» في الكتاب الموسوم بالبرهان على صحّة طول عمر الإمام صاحب الزمان: إنّ أهل الملل كلّهم متّفقون على جواز امتداد الأعمار وطولها، وقال بعد ذكر بعض ما في التوراة: وقد تضمّنت نظيره شريعة الإسلام، ولم نجد أحدا من علماء المسلمين يخالفه أو يعتقد فيه البطلان، بل أجمعوا من جواز طول الأعمار على ما ذكرناه، انتهى. ←

(٢٧٥)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ وقد نقل مثل ذلك عن المجوس والبراهمة والبودائيّة وغيرهم. ومن يريد الاطّلاع على أحوال المعمّرين فليطلبها من «البحار»، وكتاب «المعمّرين» لأبي حاتم السجستاني، وكتاب «كمال الدين»، و«كنز الفوائد» في الرسالة الموسومة بالبرهان على صحّة طول عمر الإمام صاحب الزمان، فقد ذكر في هذه الرسالة جماعة من المعمّرين، وأشبع الكلام في بيان الأدلّة الدالّة على جواز طول الأعمار.
هذا كلّه مع ما ثبت في علم الحياة، وعلم منافع الأعضاء، وعلم الطبّ من إمكان طول عمر الإنسان إذا واظب على رعاية قواعد حفظ الصحّة، وأنّ موت الإنسان ليس سببه أنّه عمّر تسعين أو ثمانين أو غيرهما، بل لعوارض تمنع عن استمرار الحياة، وقد تمكّن بعض العلماء كما ترى فيما نذكره عن «الهلال» من إطالة عمر بعض الحيوانات 900 ضعف عمره الطبيعي، فإذا اعتبرنا ذلك في الإنسان وقدّرنا عمره الطبيعي(80 سنة) يمكن إطالة عمره(72000 سنة). وإليك مقطع من بعض المقالة الّتي نشرتها مجلّة «الهلال» في الجزء الخامس من السنة الثامنة والثلاثين ص 607 مارس 1930: كم يعيش الإنسان؟
من قلم: طبيب إنجليزي يعتقد العامّة وبعض الخاصّة حتّى من الأطبّاء أنّ مدى عمر الإنسان سبعون سنة على المتوسّط كما جاء في التوراة، وقلّ أن يجاوز ذلك، وقد وقف رئيس مدرسة طبّيّة ذات يوم خطيبا في تلاميذه، فقال: إنّ الأدلّة الباثولوجية تدلّ دلالة مقنعة على أنّ أنسجة الجسم تبلى بعد مرور زمان ما، وأنّ هنالك حدّا محدودا لعمر الإنسان. فإذا صحّ قول هذا المدير فإنّ الأسباب الكثيرة الّتي تنشأ منها دورة العمر هي ثابتة غير متغيّرة دون متناول العلم. ولنفرض أنّ منطقة قنال بناما المشهورة بأمراضها الكثيرة قطعت عن سائر العالم. وكنّا نحن فيها نجهل أحوال الحياة والموت في العالم الّذي وراءها، لو حدث ذلك لكنّا نقول: إنّ كثرة الوفيات في هذه المنطقة وقصر العمر امور معيّنة بحكم الطبيعة، وأنّ التحكّم فيها دون متناول العلم. الفرق بين الأمرين هو في الدرجة لا في النوع، فإنّ جهلنا لأسباب بعض الأمراض هو الّذي يحول دون تقليل الوفيات وإطالة الأعمار في العالم، ودورة العمر كما نسمّيها متغيّرة، قابلة لتأثير العلم فيها، والّذي يعارضني في ذلك أسأله: أيّ دورة من أدوار العمر هي الثابتة؟ دورة العمر في الهند أم في نيوزيلند أم في أميركا أم في منطقة القنال؟ وأيّ الحرف الّتي نحترفها نقول عنها: إنّ ←

(٢٧٦)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ دورة العمر فيها ثابتة وطبيعيّة، أحرفة الفلكي الّتي الوفيات فيها 15 إلى 20 في المائة تحت المتوسط، أم المحاماة الّتي الوفيات فيها 5 الى 15 فوق المتوسط، أم تنظيف الشبابيك الّتي الوفيات فيها 40 إلى 60 في المائة فوق المتوسط؟ هذه أمثلة على عظم الفرق في متوسط الوفيات بين بعض الحرف على ما في إحصاءات بعض شركات التأمين.
وهناك أدلّة كثيرة على أنّ أدوار الحياة بين الأحياء- ومنها الإنسان- تغيّرت تغيّرا عظيما بالوسائل الصناعيّة، وأنّ أدوار الحياة في بعض الأحياء تزيد كثيرا عمّا قدّر للإنسان، فلما ذا تعيش السلحفاة 200 سنة، والإنسان 70 سنة؟ ولم تعيش الخلايا الداخلية في بعض الأشجار 400 سنة، وفي الإنسان أقلّ من 100 سنة؟ وقد يقال جوابا عن هذا: إنّ الإنسان يدفع بذلك ثمن عيشته الحضريّة الراقية، وتركيبه الراقي، فالشجرة المشار إليها تمكث في بقعة واحدة فتظهر فيها جميلة، ولكن أ ليس بين الرجال والنساء من لا يصنع أكثر ممّا تصنع الشجرة وينال أجرا على ذلك؟
وتجارب المختبرات البيولوجيّة ذات مغزى كبير، فقد استطاع بعض العلماء استنبات أفخاذ الدعاميص (صغار الضفادع) من أجسادها قبل أوان خروجها بتغيير مقدار الأكسجين في الوسط الموجودة فيه، وهذا بمثابة تغيير جوهري في دورة حياة الدعاميص. وكذلك تمكّن آخرون من إطالة عمر ذبابة الأثمار 900 ضعف عمرها الطبيعي بحمايتها من السمّ والعدوى وتخفيض حرارة الوسط الّذي تعيش فيه. وتمكّن كارل بتجاربه من إبقاء الخلايا في قلب جنين دجاجة حيّا مدّة سبع عشرة سنة بصيانته من بعض العوامل في المحيط الذي وضع فيه.
وإذا نظرنا إلى العوامل المتسلّطة على دور حياة الإنسان وجدنا أنّه إذا أخذنا شيئا من المادّة المعروفة باسم «كراتن» والمستخرجة من غدّة درقيّة عليلة أمكننا إعادتها إلى حالتها الطبيعيّة بحقنها بخلاصة غدّة صحيحة، وكثيرا ما انقذ الشخص المشرف على الموت بحقنه بخلاصة الكبد على أثر اشتداد إصابته بالإينميا الخبيثة، وموته بها لا يختلف في مبدئه عن الموت على أثر الشيخوخة، ويعاد المصاب بالسكّر الى حالته الطبيعيّة بحقنه بخلاصة البنكرياس.
وامتدّت أيدي العلماء إلى أصل الجرثومة وقد كان يظنّ أنّه لا يمكن العبث بها، فتمكّنوا من تغيير جنس الضفادع والطيور من الذكور والإناث، والعكس، ولم يجرّب ذلك بعد في الإنسان، ولكن ما دام هذا المبدأ قد تأيّد في الحيوان فلا يمنع تأييده في الإنسان إلّا ←

(٢٧٧)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ جهلنا لأشياء لا بدّ أن تبدو لنا في المستقبل، انتهى.
وذكر الشيخ طنطاوي جوهري في الجزء 17 من تفسيره الّذي سماه بالجواهر ص 224 في تفسير قوله تعالى: (ومَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) مقالة نشرتها مجلّة «كلّ شي ء»، تحكي عن إمكان إطالة العمر، وتجديد قوى الشيوخ، وأنّ الأستاذ أو الدكتور فورونوف الّذي طار اسمه في كلّ ناحية لا كطبيب بل كمبشّر بإمكان إطالة الأعمار إلى ما فوق المائة، وبإمكان عود الشباب، تجارب ذلك في الحيوانات، قال: قد عملت إلى الآن(600) عملية ناجحة، وأقول الآن عن اقتناع: إنّه لا ينصرم القرن العشرون حتّى يمكن تجديد قوى الشيوخ، وإزالة غبار السنين عن وجوههم كثيرة الغضون والأسارير، وأجسامهم المحدوبة الهزيلة، ويمكن أيضا تأخير الشيخوخة، ومضاعفة العمر الّذي هو الآن 70 سنة على الغالب، وسيبقى الدماغ والقلب صحيحين إلى الآخر، وقد يمكن تغيير الصفات والشخصيّات والعادات بهذه الطريقة، فتقلّ الجرائم، وتخلق العبقريّات، وتفرغ الشخصيّات في قوالب على حسب الطلب.
وذكر أيضا عن المجلّة المذكورة مقالة اخرى ص 226 وهي هذه: «كم يجب أن نعيش؟ وفوائد اخرى» يقول هوفلند أحد العلماء الّذين صرفوا عنايتهم إلى درس الحياة في كتاب وضعه وجعل عنوانه(فنّ إطالة العمر): إنّ المرء يولد مستعدّا للحياة قرنين من حيث تركيب بنيته ونظام قواه قياسا على ما نراه في الحيوانات، أ ليس الإنسان حيوانا مثلها؟ على أنّ هوفلند لم ينفرد في هذا الرأي، فكلّ الّذين يدرسون طبائع المخلوقات يرون رأيه، ويرون طلائع النور من أبحاثهم بإمكان إطالة العمر... الى أن قال: ويدعم هذا الرأي ما نراه من حياة بعض الناس الّذين عاشوا أعمارا طويلة: إنّ هنري جنسكس الانجليزي الّذي ولد في ولاية يورك بانكلترا عاش(169 سنة) ولمّا بلغ سن 112 كان يحارب في معركة فلورفيلد، وجون بافن البولندي عاش(175 سنة)، ورأى بعينه ثلاثة من أولاده يتجاوزون المائة من أعمارهم، ويوحنا سور تنغتون النرويجي الّذي توفّي سنة(1797 م) عاش(160 سنة)، وكان بين أولاده من هو في المائة وخمس سنوات، وطوزمابار عاش(152 سنة)، وكورتوال(144 سنة)، على أنّ أكثر من عاش بين البشر حديثا على ما يعرف هو زنجي بلغ (200 سنة)، والإحصاءات تدلّ على أنّ أعمار الناس أطول في أسوج، والنرويج، وانكلترا، منها في فرنسا، وايطاليا، وكلّ جنوب اوربا، كما أنّ الّذين عاشوا هذه الأعمار الطويلة إنّما عاشوها ببساطة، وكانت حياتهم حياة جدّ وعمل. ←

(٢٧٨)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ لا مشاحة في أنّ العمل والعادات والاعتدال من العوامل الرئيسة لإطالة العمر، فالإفراط في كلّ أمر مع الانحراف عن النظام الطبيعيّ هو سبب تقصير أعمارنا... الخ.
والغرض من ذلك كلّه أنّ مسألة طول العمر ليست من المسائل التي وقعت موقع إنكار العلماء وأرباب المذاهب والأديان، بل قرّره كلّ واحد منهم من طريق فنّه وعلمه، أو من طريق دينه ومذهبه، فكلّما كان الإنسان بقواعد حفظ صحّة البدن أعرف يكون عمره أطول، وكلّما كان أسباب تقصير العمر أكثر يكون نصيبه من حياته أقل وعمره أقصر، قال بعض الأطبّاء: «الموت ينشأ عن المرض لا عن الشيخوخة»، والأمراض تنشأ من أسباب كثيرة، ليس بعضها تحت اختيار الإنسان نفسه كجهل آبائه وامّهاته بقواعد حفظ الصحّة وعدم رعايتهم لها، فإنّ لسلامة مزاج الوالدين دخلا عظيما في اعتدال مزاج طفلهما، وهكذا رعايتهما لآداب النكاح وقواعده، وهكذا حسن تربيتهما له، وكسوء البيئة وفساد المحيط وغيرها، وبعضها تحت اختياره، فهو متمكّن عن إزالته، وذلك مثل الإفراط في الأكل والشرب، وعدم الترتيب والنظم الصحيح في الأفعال وأعمال الغرائز والقوى ممّا يوجب الاختلال في المزاج، ومثل الأخلاق الرذيلة والصفات السيّئة والمعتقدات الباطلة، فإنّها تورث الاضطرابات الروحيّة، والابتلاء بالوساوس الخبيثة الّتي لا تدع نفس الانسان في طمأنينة وسكون، فلو أنّ إنسانا سدّ هذه الأبواب، وتسلّط على جميع ذلك ممّا يدخل النقص في بدنه وعمره، واعتدل في مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه وغيرها، لما كان لعمره وحياته حدّ، ولا يمتنع بحسب القواعد العلميّة بقاؤه أبدا. نعم ثبت بأخبار الأنبياء أن لا بدّ لكلّ نفس أن تذوق الموت، وأنّ كلّ شيء فان، وأينما تكونوا يدرككم الموت، ولكن هذا لا ينفي تعمير الانسان ألوفا من السنين وأزيد.
ونختم الكلام في هذا الموضوع بذكر مقالة نقلت في (المهديّ) وغيره عن مجلّة «المقتطف» في الجزء الثالث من السنة التاسعة والخمسين في ذيل عنوان: (هل يخلد الإنسان في الدنيا؟).
وقالت: ما هي الحياة وما هو الموت، وهل قدّر الموت على كلّ حيّ؟
كلّ حبّة حنطة جسم حيّ، وقد كانت في سنبلة، والسنبلة تنبت من حبّة اخرى، وهذه من سنبلة، وهلمّ جرّا بالتسلسل، ويسهل استقصاء تاريخ ستّة آلاف سنة أو أكثر، فقد وجدت حبوبه بين الآثار المصريّة والآشوريّة القديمة، دلالة على أنّ المصريّين والآشوريّين والأقدمين كانوا يزرعونه، ويستغلّونه، ويصنعون خبزهم من دقيقه، ←

(٢٧٩)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ والقمح الموجود الآن لم يخلق من لا شيء، بل هو متسلسل من ذلك القمح القديم فهو جزء حيّ من جزء حيّ، وهلمّ جزّا إلى ستة آلاف سنة أو سبعة، بل إلى مئات الألوف من السنين وحبوب القمح الّتي نراها ناشفة لا تتحرّك ولا تنمو، هي في الحقيقة حيّة مثل كلّ حيّ، ولا ينقصها لظهور دلائل الحياة إلّا قليل من الماء، فحياة القمح متّصلة منذ ألوف من السنين إلى الآن، وهذا الحكم يطلق على كلّ أنواع النبات ذوات البذور وذوات الأثمار، وما الحيوان بخارج عن هذه القاعدة، فإنّ كلّ واحد من الحشرات والأسماك والطيور والوحوش والدبابات حتّى الإنسان سيّد المخلوقات كان جزءا صغيرا من والديه فنما كما نميا وصار مثلهما، وهما من والديهما وهلمّ جرا، والإنسان الّذي يخلف نسلا يكون نسله جزءا حيّا منه كما أنّ البذرة جزء من الشجرة وهذا الجزء الحيّ تكوّن فيه جراثيم صغيرة جدّا مثل الجراثيم الّتي كوّنت أعضاء والديه، فتكون أعضاؤه بالغذاء الّذي تتناوله وتمثّله فتصير نواة التمر نخلة ذات جذع وسعوف وعروق وثمر، وبذرة الزيتون شجرة ذات ساق وأغصان وورق وثمر، وقس على ذلك سائر أنواع النبات، وكذا بيوض الحشرات والأسماك والطيور والوحوش والدبابات حتّى الإنسان.
وهذا كلّه من الامور المعروفة الّتي لا يختلف فيها اثنان، ولكن الشجرة نفسها قد تعمّر ألف سنة أو ألفي سنة، والإنسان لا يعمّر أكثر من سبعين أو ثمانين سنة، وفي النادر يبلغ مائة سنة، فالجراثيم المعدّة لإخلاف النسل تبقى حيّة وتنمو كما تقدّم، ولكن سائر أجزاء الجسم تموت كأنّ الموت مقدور عليه، وقد مرّت القرون والناس يحاولون التخلّص من الموت أو إطالة الأجل، ولا سيما في هذا العصر، عصر مقاومة الأمراض والآفات بالدواء والوقاية، ولم يثبت على التحقيق أنّ أحدا عاش فيه(120 سنة).
لكنّ العلماء الموثوق بعلمهم يقولون: إنّ كلّ الأنسجة الرئيسيّة من جسم الحيوان «أقول»: الثابت على التحقيق خلاف ذلك، فإنّ في عصرنا عاشوا جماعة أكثر من 120 سنة، وكثيرا ما نقرأ في الصحف والمجلات أنّ فلانا عاش 170 سنة، أو أكثر، أو أقلّ، منهم الشيخ محمّد سمحان على ما هو المذكور في مجلّة فارسيّة(صبا) العدد 29 من السنة الثالثة سنة(1324 ش ه) فقد عاش إلى السنة المذكورة(170 سنة)، ونقل ذلك عن مجلّة الاثنين المطبوعة في القاهرة، ومنهم السيّد ميرزا القاساني ساكن محلّة محتشم على ما في جريدة(برجم إسلام) العدد الثالث من السنة الثانية، فإنّه قد بلغ عمره(154 سنة)، والمعمّرون البالغون في العمر(120 سنة) كثيرون جدّا، قد رأينا بعضهم، ولا حاجة لإثبات ذلك إلى نقل ما في الجرائد والمجلات والإحصائيّات.←

(٢٨٠)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ تقبل البقاء إلى ما لا نهاية له، وأنّه في الإمكان أن يبقى الإنسان حيّا ألوفا من السنين إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته، وقولهم هذا ليس مجرّد ظنّ، بل هو نتيجة عمليّة مؤيّدة بالامتحان.
فقد تمكّن أحد الجرّاحين من قطع جزء من حيوان وإبقائه حيّا أكثر من السنين الّتي يحياها ذلك الحيوان عادة، أي صارت حياة ذلك الجزء مرتبطة بالغذاء الّذي يقدم له بعد السنين التي يحياها، فصار في الإمكان أن يعيش إلى الأبد ما دام الغذاء اللازم موفورا له.
وهذا الجرّاح هو الدكتور ألكسي كارل، من المشتغلين في معهد(ركفلر) بنيويورك، وقد امتحن ذلك في قطعة من جنين الدجاج، فبقيت تلك القطعة حيّة نامية أكثر من ثماني سنوات، وهو وغيره امتحنا قطعا من أعضاء جسم الإنسان من أعضائه وعضلاته وقلبه وجلده وكليتيه، فكانت تبقى حيّة نامية ما دام الغذاء اللازم موفورا لها، حتّى قال الاستاذ ديمند وبرل من أساتذة جامعة جونس هبكنس: إنّ كلّ الأجزاء الخلويّة الرئيسيّة من جسم الإنسان قد ثبت إمّا أنّ خلودها بالقوّة صار أمرا مثبتا بالامتحان، أو مرجّحا ترجيحا تامّا لطول ما عاشته حتّى الآن، وهذا القول غاية في الصراحة والأهميّة على ما فيه من التحرّس العلميّ، والظاهر أنّ أوّل من امتحن ذلك في أجزاء من جسم الحيوان هو الدكتور جاك لوب، وهو من المشتغلين في معهد(ركفلر) أيضا، فإنّه كان يمتحن توليد الضفادع من بيضها إذا كان غير ملقّح، فرأى أنّ بعض البيض يعيش زمانا طويلا وبعضها يموت سريعا، فقاده ذلك إلى امتحان أجزاء من جسم الضفدع، فتمكّن من إبقاء هذه الأجزاء حيّة زمانا طويلا، ثمّ أثبت الدكتور ورن لويس وزوجته أنّه يمكن وضع أجزاء خلوية من جسم جنين الطائر في سائل ملحيّ فتبقى حيّة، وإذا اضيفت إليه قليل من بعض المواد الآلية جعلت تلك الأجزاء تنمو وتتكاثر، وتوالت التجارب فظهر أنّ الأجزاء الخلويّة من أيّ حيوان كان يمكن أن تعيش وتنمو في سائل فيه ما يغذّيها، ولكن لم يثبت ما ينفي موتها إذا شاخت، فقام الدكتور كارل وجرّب التجارب المشار إليها آنفا، فأثبت منها أنّ هذه الأجزاء لا تشيخ الحيوان الّذي اخذت منه، بل تعيش أكثر ممّا يعيش هو عادة، وقد شرع في التجارب المذكورة في شهر يناير سنة 1912، ولقي عقبات كثيرة في سبيله، فتغلّب عليه هو ومساعدوه، وثبت له:
أوّلا: أنّ هذه الأجزاء الخلويّة تبقى حيّة ما لم يعرض لها عارض يميتها، إمّا من قلّة الغذاء، أو من دخول بعض الميكروبات.

- وثانيا: أنّها لا تكتفي بالبقاء حيّة، بل تنمو خلاياها وتتكاثر كما لو كانت باقية في جسم الحيوان.
وثالثا: أنّه يمكن قياس نموها وتكاثرها، ومعرفة ارتباطها بالغذاء الّذي يقدّم لها.
ورابعا: أن لا تأثير للزمن، أي أنّها لا تشيخ وتضعف بمرور الزمن، بل لا يبدو عليها أقلّ أثر للشيخوخة، بل تنمو وتتكاثر هذه السنة كما كانت تنمو وتتكاثر في السنة الماضية وما قبلها من السنين، وتدلّ الظواهر كلّها على أنّها ستبقى حيّة نامية ما دام الباحثون صابرين على مراقبتها وتقديم الغذاء الكافي لها، فشيخوخة الأحياء ليست سببا بل هي نتيجة.
ولكن لما ذا يموت الانسان؟ ولما ذا نرى سنيه محدودة لا تتجاوز المائة إلّا نادرا جدّا، وغايتها العادية سبعون أو ثمانون؟
والجواب: أنّ أعضاء جسم الحيوان كثيرة مختلفة، وهي مرتبطة بعضها ببعض ارتباطا محكما، حتّى إنّ حياة بعضها تتوقّف على حياة البعض الآخر، فإذا ضعف بعضها ومات لسبب من الأسباب مات بموته سائر الأعضاء، ناهيك بفتك الأمراض الميكروبيّة المختلفة، وهذا ممّا يجعل متوسط العمر أقلّ جدّا من السبعين والثمانين، لا سيّما وأنّ كثيرين يموتون أطفالا. وغاية ما ثبت الآن من التجارب المذكورة أنّ الإنسان لا يموت لأنّه عمّر كذا من السنين، سبعين أو ثمانين أو مائة أو أكثر، بل لأنّ العوارض تنتاب بعض أعضائه فتتلفها، ولارتباط أعضائه بعضها ببعض تموت كلّها، فإذا استطاع العلم أن يزيل هذه العوارض، أو يمنع فعلها، لم يبق مانع يمنع استمرار الحياة مئات من السنين، كما يحيى بعض أنواع الأشجار، وقلّما ينتظر أن تبلغ العلوم الطبيّة والوسائل الصحيّة هذه الغاية القصوى، ولكن لا يبعد أن تدانيها فيتضاعف متوسط العمر، أو يزيد ضعفين أو ثلاثة انتهى.
وإن شئت زيادة توضيح على ذلك فراجع كتابنا «الإمامة والمهدويّة».

(٢٨١)

642-(375)- كمال الدين: علي بن أحمد الدقّاق، ومحمّد بن أحمد الشيباني، قالا: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن حمزة بن حمران، عن أبيه حمران بن أعين، عن سعيد بن جبير، قال: سمعت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(375) كمال الدين: ج 1 ص 322 ب 31 ح 5؛ البحار: ج 51 ص 217 ب 13 ح 5؛ الخرائج والجرائح: ج 2 ص 965؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 399 ب 32 ح 25.

(٢٨٢)

سيّد العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: في القائم سنّة من نوح، وهو طول العمر.
643-(376)- غيبة النعماني: عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، عن أحمد بن محمّد بن رباح الزهري، عن أحمد بن علي الحميري، عن الحسن بن أيّوب، عن عبد الكريم بن عمرو، عن محمّد بن الفضيل، عن حمّاد بن عبد الكريم الجلّاب، قال: ذكر القائم عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: أما إنّه لو قد قام لقال الناس أنّى يكون هذا؟ وقد بليت عظامه مذ كذا وكذا.
644-(377)- الخرائج: عن الحسن العسكري (عليه السلام) أنّه قال لأحمد بن إسحاق- وقد أتاه ليسأله عن الخلف بعده، فلمّا رآه قال مبتدئا-: مثله مثل الخضر، ومثله مثل ذي القرنين، إنّ الخضر شرب من ماء الحياة، فهو حيّ لا يموت حتّى ينفخ في الصور، وإنّه ليحضر الموسم في كلّ سنة، ويقف بعرفة فيؤمّن على دعاء المؤمن، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته، ويصل به وحدته، فله البقاء في الدنيا مع الغيبة عن الأبصار.

أقول: شباهته بذي القرنين من جهة بلوغه المشرق والمغرب، ويحتمل أن تكون من جهة اخرى غيرها؛ كالغيبة وطول العمر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(376) غيبة النعماني: ص 155 ب 10 ح 14؛ البحار: ج 51 ص 225 ب 13 ذيل ح 13 مع اختلاف يسير؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 66 و67 ب 32 ف 27 ح 467.
(377) الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1174؛ كمال الدين: ج 2 ص 390 ب 38 ح 4 رواه عن الإمام الرضا (عليه السلام) مع اختلاف في الراوي، وهناك اختلاف يسير في الحديث؛ البحار: ج 52 ص 152 ب 23 ح 3 رواه عن الإمام الرضا (عليه السلام)، وج 13 ص 299 ب 10 ح 17 كذلك رواه عن الإمام الرضا (عليه السلام)؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 40 رواه عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

(٢٨٣)

ويدلّ عليه بالمطابقة أو الالتزام أيضا الروايات: 497، 498، 535 إلى 539، 547، 549، 551 إلى 557، 559، 561، 562، 564، 574، 575، 580، 589، 599، 600، 602 إلى 605، 607 إلى 610، 612، 613، 618، 619، 623 إلى 626، 632، 645 إلى 650، 669، 686، ولو اضيف إلى هذه الأحاديث- بقرينة الروايات الواردة في أنّ الأرض لا تخلو من الحجّة والإمام، والأدلّة العقلية القطعية المذكورة في الكتب الكلاميّة- جميع الروايات المذكورة في البابين الأوّل والثاني، فإنّها دلّت على انحصار الأئمّة والحجج بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الاثني عشر، وأنّ أوّلهم عليّ (عليه السلام) وآخرهم المهدي (عليه السلام) وأنّ تاسعهم قائمهم والتاسع من ولد الحسين وأنّه ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) يصير عدد هذه الطائفة من الأحاديث 363 حديثا لدلالة الجميع على هذا على بقائه وحياته منذ زمان ولادته إلى الآن، والله على ما يشاء قدير وهو الحكيم العليم.

(٢٨٤)

الفصل الثاني والثلاثون: في أنّه شاب المنظر لا يهرم بمرور الأيّام وفيه 10 أحاديث

645-(378)- كمال الدين: محمّد بن محمّد بن عصام، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن القاسم بن العلاء، عن إسماعيل بن علي القزويني، عن علي بن إسماعيل، عن عاصم الحنّاط، عن محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان، قال: دخلت على أبي جعفر محمّد بن علي الباقر (عليه السلام) وأنا اريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلّى الله عليه وعليهم، فقال لي مبتدئا: يا محمّد بن مسلم، إنّ في القائم من آل محمّد سنّة [شبهة، شبها- خ] من خمسة من الرسل: يونس بن متّى، ويوسف بن يعقوب، وموسى، وعيسى، ومحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فأمّا سنّة [شبهه- خ] من يونس بن متّى فرجوعه من غيبته وهو شابّ بعد كبر السنّ، وأمّا سنّة [شبهه- خ] من يوسف بن يعقوب فالغيبة من خاصّته وعامّته، واختفاؤه من إخوته، وإشكال أمره على أبيه يعقوب النبيّ (عليه السلام) مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته، وأمّا سنّة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(378) كمال الدين: ج 1 ص 327 ب 32 ح 7؛ البحار: ج 51 ص 217- 218 ب 13 ح 6.
أقول: لعلّ الوجه في إشكال أمره على أبيه (عليهما السلام) أنّ الله تعالى لم يعلم أباه ببعض شئونه وحالاته، مثل مدّة غيبته، ووقت ظهوره.

(٢٨٥)

[شبهه- خ] من موسى فدوام خوفه، وطول غيبته، وخفاء ولادته، وتعب شيعته من بعده ممّا لقوا من الأذى والهوان إلى أن أذن الله (عزّ وجلّ) في ظهوره ونصره، وأيّده على عدوّه، وأمّا سنّة [شبهه- خ] من عيسى فاختلاف من اختلف فيه حتّى قالت طائفة: ما ولد، وقالت طائفة: مات، وقالت طائفة: قتل وصلب، وأمّا سنّة [شبهه- خ] من جدّه المصطفى محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فتجريده السيف [فخروجه بالسيف- خ] وقتله أعداء الله، وأعداء رسوله، والجبّارين، والطواغيت، وأنّه ينصر بالسيف والرعب، وأنّه لا تردّ له راية، وإنّ من علامات خروجه (عليه السلام) خروج السفياني من الشام، وخروج اليماني [من اليمن] وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومناد ينادي من السماء باسمه واسم أبيه.
646-(379)- كمال الدين: محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن أبي الصلت الهروي، قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما علامات القائم (عليه السلام) منكم إذا خرج؟ قال: علامته أن يكون شيخ السنّ، شابّ المنظر، حتّى إنّ الناظر ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها، وإنّ من علاماته أن لا يهرم بمرور الأيّام والليالي حتى يأتيه أجله.
647-(380)- عقد الدرر: عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) أنّه قال: لو قام المهدي لأنكره الناس؛ لأنّه يرجع إليهم شابّا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(379) كمال الدين: ج 2 ص 652 ب 57 ح 12؛ البحار: ج 52 ص 285 ح 16؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1170 ذيل ح 65؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 4 ف 4؛ إثبات الهداة:
ج 3 ص 733 ب 34 ف 8 ح 91.
(380) عقد الدرر: ص 41- 42 ب 3؛ ينابيع المودّة مختصرا: ص 492.

(٢٨٦)

موفقا، وإنّ من أعظم البليّة أن يخرج إليهم صاحبهم شابّا وهم يحسبونه شيخا كبيرا.
648-(381)- غيبة النعماني: (عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رواية): وإنّ من أعظم البليّة أن يخرج إليهم صاحبهم شابّا وهم يحسبونه شيخا كبيرا.
649-(382)- غيبة النعماني: حدّثنا علي بن الحسين المسعودي، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: لو قد قام القائم لأنكره الناس؛ لأنّه يرجع إليهم شابّا موفقا، لا يثبت عليه إلّا من قد أخذ الله ميثاقه في الذرّ الأوّل.
650-(383)- غيبة الشيخ: روي في خبر آخر أنّ في صاحب الزمان شبها من يونس: رجوعه من غيبته بشرخ الشباب (384).
وبما ذكرناه من الأحاديث وما تقدّم وما يأتي يفصّل ويفسّر بعض الأحاديث مثل حديث:
651-(385)- غيبة الشيخ: سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(381) غيبة النعماني: ص 188 ب 10 ح 43؛ غيبة الشيخ: ص 420 ح 398 نحوه؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 536 ب 32 ح 483؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 583 ب 21 ح 2.
(382) غيبة النعماني: ص 188 ب 10 ح 43؛ غيبة الشيخ: ص 420 ح 398 نحوه؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 536 ب 32 ح 483؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 583 ب 21 ح 2.
(383) غيبة الشيخ: ص 421 ح 399؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 512 ب 32 ح 341.
(384) شرخ الشباب: أوّله.
(385) غيبة الشيخ: ص 470 ح 487؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 4 ف 4؛ الإرشاد: في فصل صفة القائم (عليه السلام) ح 1؛ كشف الغمة: ج 2 ص 464؛ البحار: ج 51 ص 36 ب 3؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 730 ب 34 ف 6 ح 71، عقد الدرر: ص 41 ب 3 نحوه مختصرا.

(٢٨٧)

بن عبيد، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: سأل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ فقال: أمّا اسمه فإنّ حبيبي شهد [عهد] إليّ أن لا احدّث باسمه حتى يبعثه الله، قال: فأخبرني عن صفته؟ قال: هو شابّ مربوع، حسن الوجه، حسن الشعر، يسيل شعره على منكبيه، ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، بأبي ابن خيرة الإماء.
ومثل ما في:
652-(386)- إسعاف الراغبين: قال: وورد أيضا في حليته أنّه شابّ، أكحل العينين، أزجّ (387) الحاجبين، أقنى الأنف، كثّ اللحية، على خدّه الأيمن خال، وعلى يده اليمنى خال.
فالمراد بتوصيفه (عليه السلام) بأنّه شابّ كذا طراوة حداثة السنّ ونضارتها، ونشاط الشبّان، وحسن وجههم وقوتهم فيه، فكأنّه وصف شبابه بكونه مربوعا حسن الوجه... دون حداثة السن.
ويدلّ عليه أيضا الحديثان: 539، 555.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(386) اسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار: ب 2، ص 135.
(387) قال في النهاية: «في صفته (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): أزجّ الحواجب، الزجج-:
تقوّس في الحاجب مع طول طرفه وامتداد»، وقال أيضا: «في صفته (عليه السلام): كثّ اللحية، الكثاثة في اللحية أن تكون غير دقيقة ولا طويلة».

(٢٨٨)

الفصل الثالث والثلاثون: في أنّه خفيّ الولادة وفيه 13 حديثا

653-(388)- كفاية الأثر: أخبرنا أبو عبد الله الخزاعي، قال: أخبرنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: قلت لمحمّد بن علي بن موسى: إنّي لأرجوك أن تكون القائم من أهل بيت محمّد الّذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، فقال (عليه السلام): يا أبا القاسم، ما منّا إلّا قائم بأمر الله، وهاد إلى دين الله، ولكنّ القائم الّذي يطهّر الله (عزّ وجلّ) به الأرض من أهل الكفر والجحود، ويملأها عدلا وقسطا، هو الّذي يخفى على الناس ولادته (389)، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(388) كفاية الأثر: ص 277 ح 2 ب ما جاء عن أبي جعفر محمّد بن علي الرضا (عليهما السلام)؛ كمال الدين: ج 2 ص 377 ب 36 ح 2 مع زيادة في آخره؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2 مع الزيادة المذكورة في آخره؛ الاحتجاج: ج 2 ص 449؛ كفاية المهتدي: ص 100- 101 ح 26 عن كمال الدين.
(389) السرّ في خفاء ولادته هو أنّ بني العبّاس لمّا علموا من الأخبار المرويّة عن النبيّ والأئمّة من أهل البيت (عليهم السلام) أنّ المهديّ (عليه السلام) هو الثاني عشر من الأئمّة، وهو الّذي يملأ الأرض عدلا، ويفتح حصون الضلالة، ويزيل دولة الجبابرة، ويقتل الطواغيت، ويملك الأرض شرقها وغربها، أرادوا إطفاء نوره بقتله، فلذا عيّنوا العيون والجواسيس والقوابل للتفتيش عن بيت والد الحجّة الإمام أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السلام)، ولكن يأبى الله إلّا أن يتمّ نوره، فأخفى (عزّ وجلّ) حمل امّه نرجس عن الناس، حتّى نقلوا أنّ المعتمد بعث القوابل سرّا وأمرهنّ أن يدخلن دور بني هاشم سيما دار العسكري (عليه السلام) بلا استئذان في أيّ وقت كان، لتفتيش أمره واستعلام حاله وخبره، فلم يقفن على شيء، وأبى الله إلّا أن يجري في حجّته سنّة نبيّه موسى، كما أنّ أعداءه ركبوا سنّة فرعون واتّخذوا السياسة الفرعونيّة، حيث علم أن زوال ملكه يكون بيد رجل من بني إسرائيل، فعيّن المفتّشين على الحوامل، وأخذ المواليد تحت المراقبة الشديدة، فإذا كان المولود ذكرا ذبحوه، وإن كان انثى يستحيونها، فقتلوا ألوفا من المواليد في طلب موسى، قال الله (عزّ وجلّ): (يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ ويَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ)، ومع ذلك جعل الله تعالى نبيّه في حفظه، وأخفى عنهم ولادته، قال الله تعالى: (وأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ولا تَخافِي ولا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)، وقد ذكر في الروايات الكثيرة شباهته (عليه السلام) بإبراهيم وموسى (عليهما السلام) أيضا.
ونقل في «إلزام الناصب» عن بعض مؤلّفات العالم الفاضل محمّد يوسف الدهخوارقاني الّذي ألّفه في عصر الشاه عبّاس الثاني أنّه كان (عليه السلام) يوما من الأيّام في حجر والدته في صحن الدار إذا أحسّت نرجس بالقوابل، فاضطربت اضطرابا شديدا ولم تجد فرصة حتّى تخفي ذلك النور، فهتف هاتف بها أن ألقي حجّة الله القهّار في البئر الّتي في صحن الدار، فألقته في البئر، وقد سمعت القوابل صوت الطفل فدخلن الدار بسرعة، فبالغن في التفحّص فلم يجدن منه أثرا، فخرجن والهات حائرات، فلمّا فرغت الدار عن الأغيار أقبلت نرجس إلى البئر لكي تعلم ما جرى على قرّة عينها، فلمّا أشرفت على البئر رأت الماء يفور إلى أن ساوى أرض الدار، وحجّة الله فوق الماء صحيحا سالما كالبدر الطالع، والقماط الّذي عليه لم يبتلّ أبدا، فتناولته وأرضعته وحمدت الله وسجدت له شكرا... الخ.
وممّا ذكرنا ظهر وجه اختصاص الحجّة بستر الولادة دون آبائه الطاهرين، وهو صدور هذه البشائر في شأنه دونهم، وأنّه هو الفاتح للحصون، وهادم أبنية الشرك والنفاق، ووارث الأرض وسلطانها في آخر الزمان، وأنّ أعداء آبائه كانوا يعرفون من رأيهم التقيّة، وتحريم الخروج بالسيف حتّى يسمع النداء من السماء، وتظهر الآيات والعلامات، ويخرج المهديّ الّذي هو آخر الأئمّة وخاتمهم بالسيف، ويرفع التقيّة، ويقتل أعداء الله، ويطهّر الأرض من الشرك ومن الجبابرة وأهل الظلم والإلحاد.

(٢٨٩)

تسميته، وهو سمي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكنيّه، وهو

(٢٩٠)

الّذي تطوى له الأرض، ويذلّ له كلّ صعب، يجتمع إليه من أصحابه عدد أهل بدر، ثلاثمائة وثلاث عشر رجلا من أقاصي الأرض، وذلك قول الله (عزّ وجلّ): (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً إِنَّ الله عَلى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)، فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الاخلاص [الأرض- خ] أظهر أمره، فإذا أكمل له العقد وهي عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله، فلا يزال يقتل أعداء الله حتّى يرضى الله تبارك وتعالى، قال عبد العظيم: قلت له: يا سيّدي، وكيف يعلم أنّ الله قد رضي؟ قال: يلقي في قلبه الرحمة... الحديث بتمامه.
654-(390)- كمال الدين: وهذا الإسناد- يعني حدّثنا علي بن أحمد الدقّاق ومحمّد بن أحمد الشيباني- رضي الله عنهما- قالا: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن حمزة بن حمران، عن أبيه حمران بن أعين، عن سعيد بن جبير- قال: قال عليّ بن الحسين سيّد العابدين (عليهما السلام):
القائم منّا تخفى ولادته على الناس حتّى يقولوا: لم يولد بعد، ليخرج حين يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة.
655-(391)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن هارون الفامي، وعلي بن الحسين بن شاذويه المؤدّب، وجعفر بن محمّد بن مسرور

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(390) كمال الدين: ج 1 ص 322- 323 ب 31 ح 6؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2؛ البحار: ج 51 ص 135 ب 4 ح 3؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 466 ب 32 ح 126.
(391) كمال الدين: ج 1 ص 325 ب 32 ح 2؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 522- 523؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 467 ب 32 ح 129.
أقول: بهذا المعنى وردت روايات أخر، فراجع إن شئت الكافي: ج 1 ص 342 ب 138 ح 26؛ وغيبة النعماني: ص 167 و168 ح 7 و8 و9؛ والبحار: ج 51 ص 128.

(٢٩١)

وجعفر بن الحسين- رضي الله عنهم- قالوا: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أيّوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر القصباني؛ وحدّثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي، قال: حدّثني جدّي الحسن بن علي بن عبد الله، عن العبّاس بن عامر القصباني، عن موسى بن هلال الضبّي، عن عبد الله بن عطاء! قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن شيعتك بالعراق لكثيرون، فو الله ما في أهل بيتك مثلك، فكيف لا تخرج؟ فقال: يا عبد الله بن عطاء، قد أمكنت الحشو من اذنيك، والله ما أنا بصاحبكم، قلت فمن صاحبنا؟
قال: انظروا من تخفى على الناس ولادته فهو صاحبكم.
656-(392)- كمال الدين: عبد الواحد بن محمّد العطّار، عن أبي عمرو الليثي، عن محمّد بن مسعود، عن جبرائيل بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: صاحب هذا الأمر تغيب ولادته عن هذا الخلق، كي لا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، ويصلح الله (عزّ وجلّ) أمره في ليلة [واحدة].
657-(393)- غيبة النعماني: الكليني، عن عدّة من أصحابنا، عن سعد بن عبد الله، عن أيّوب بن نوح، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): إنّا نرجو أن تكون صاحب هذا الأمر، وأن يسوقه الله إليك عفوا بغير سيف، فقد بويع لك، وقد ضربت الدراهم باسمك، فقال: ما منّا أحد اختلفت الكتب إليه، واشير إليه بالأصابع، وسئل عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(392) كمال الدين: ج 2 ص 480 ح 5؛ البحار: ج 52 ص 96 ب 20 ح 15.
(393) غيبة النعماني: ص 168 ب 10 ح 9؛ كمال الدين: ج 2 ص 370 ب 35 ح 1 نحوه.

(٢٩٢)

المسائل، وحملت إليه الأموال إلّا اغتيل أو مات على فراشه، حتّى يبعث الله لهذا الأمر غلاما(394) منّا، خفيّ المولد والمنشأ غير خفيّ في نسبه.
658-(395)- إثبات الوصيّة: عن سعد بن عبد الله بإسناده عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: القائم من تخفى ولادته عن الناس.
659-(396)- غيبة النعماني: حدّثنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، قال: حدّثني محمّد بن أحمد القلانسي بمكّة سنة سبع وستّين ومائتين، قال: حدّثنا علي بن الحسن، عن العبّاس بن عامر، عن موسى بن هلال، عن عبد الله بن عطاء المكّي، قال: خرجت حاجّا من واسط فدخلت على أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام)، فسألني عن الناس والأسعار، فقلت: تركت الناس مادّين أعناقهم إليك، لو خرجت لاتّبعك الخلق، فقال: يا ابن عطاء! قد أخذت تفرش اذنيك للنوكى، لا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(394) قال في لسان العرب: يقال: فلان غلام الناس وإن كان كهلا، كقولك: فلان فتى العسكر وإن كان شيخا، وأنشد:

سيرا ترى منه غلام الناس * * * مقنّعا وما به من بأس

وقال: والعرب يقولون للكهل غلام نجيب، وهو فاش في كلامهم، وقوله أنشده ثعلب:

تنحّ يا عسيف عن مقامها * * * وطرح الدلو إلى غلامها

قال: غلامها: صاحبها.(لسان العرب: ج 12 ص 440).
وفي المصباح المنير: قال الأزهري: وسمعت العرب تقول للمولود حين يولد ذكرا غلاما، وسمعتهم يقولون للكهل غلام، وهو فاش في كلامهم، المصباح المنير: ج 2 ص 619.
(395) إثبات الوصيّة: ص 222- 223.
أقول: المراد بالناس غير الشيعة، فإنّ في الروايات كثيرا، عبّروا عن غير الشيعة بالناس.
(396) غيبة النعماني: ص 168 ب 10 ح 8.
أقول: المراد بالناس كما أشرنا إليه غير الشيعة.

(٢٩٣)

والله ما أنا بصاحبكم، ولا يشار إلى رجل منّا بالأصابع، ويمطّ إليه بالحواجب، إلّا مات قتيلا أو حتف أنفه، قلت: وما حتف أنفه؟ قال: يموت بغيظه على فراشه، حتّى يبعث الله من لا يؤبه لولادته، قلت: ومن لا يؤبه لولادته؟ فقال: انظر من لا يدري الناس أنّه ولد أم لا، فذاك صاحبكم.
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 539، 574، 610، 645، 686، 688.

(٢٩٤)

الفصل الرابع والثلاثون: في أنّه ليس في عنقه بيعة لأحد وفيه 12 حديثا

660-(397)- غيبة النعماني: علي بن الحسين، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن إبراهيم بن هاشم، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: يقوم القائم وليس في عنقه بيعة لأحد.
661-(398)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: يقوم القائم وليس لأحد في عنقه عهد ولا عقد ولا بيعة.
662-(399)- إثبات الوصيّة: الحميري، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن عثمان بن نشيط، عن أمير المؤمنين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(397) غيبة النعماني: ص 191 ب 10 ح 45.
(398) الكافي: ج 1 ص 342 كتاب الحجّة ب في الغيبة ح 27، غيبة النعماني: ص 171 ب 10 ح 4.
(399) إثبات الوصيّة: ص 223.

(٢٩٥)

(عليه السلام) قال: صاحب هذا الأمر ليس لأحد في عنقه عهد ولا عقد ولا ذمّة.
663-(400)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: صاحب هذا الأمر تعمى ولادته على [هذا] الخلق لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج.
664-(401)- كمال الدين: حدّثنا أبي، ومحمّد بن الحسن- رضي الله عنهما- قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن محمّد بن عبيد ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يبعث القائم وليس في عنقه بيعة لأحد.
665-(402)- كمال الدين: حدّثنا أبي- رحمه الله- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، والحسن بن ظريف جميعا، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يقوم القائم (عليه السلام) وليس لأحد في عنقه بيعة.
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 539، 601، 610، 634، 654، 656.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(400) كمال الدين: ج 2 ص 479 ب 44 ح 1.
(401) كمال الدين: ج 2 ص 479 و480 ب 44 ح 2؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 435 ب 32 ح 208.
(402) كمال الدين: ج 2 ص 480 ب 44 ح 3؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 436 ب 32 ح 209.

(٢٩٦)

الفصل الخامس والثلاثون: في أنّه يقتل أعداء الله، ويطهّر الأرض من الشرك [ويقاتل على التأويل] ومن كلّ جور وظلم، ويزيل ملك الجبابرة، ويقاتل على التأويل كما قاتل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على التنزيل وفيه 18 حديثا

666-(403)- كمال الدين: جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد الله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (في حديث) قال: القائم لم يظهر أبدا حتّى يخرج ودائع الله (عزّ وجلّ)، فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله (عزّ وجلّ) فقتلهم.
667-(404)- كمال الدين: المظفّر بن جعفر بن المظفّر- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، عن علي بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم الكرخي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)- أو قال له رجل-:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(403) كمال الدين: ج 2 ص 641.
(404) كمال الدين: ج 2 ص 641 و642؛ نور الثقلين: ج 5 ص 70؛ تفسير القمّي: ج 2 ص 316؛ المحجّة: الآية الثامنة والثلاثون ص 206، علل الشرائع: ج 1 ص 147 ح 3.

(٢٩٧)

أصلحك الله، أ لم يكن عليّ (عليه السلام) قويّا في دين الله (عزّ وجلّ)؟
قال: بلى، قال: فكيف ظهر عليه القوم، وكيف لم يدفعهم، وما يمنعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب الله (عزّ وجلّ) منعته، قال: قلت: وأيّة آية هي؟ قال: قوله (عزّ وجلّ): (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً)، إنّه كان للّه (عزّ وجلّ) ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن عليّ (عليه السلام) ليقتل الآباء حتّى يخرج الودائع، فلمّا خرجت الودائع ظهر على من ظهر فقاتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتّى تظهر ودائع الله (عزّ وجلّ)، فإذا ظهرت ظهر على من يظهر فقتله.
ويدلّ عليه أيضا الروايات: 283، 423، 432، 446، 450، 463، 529، 535، 537، 551، 553، 554، 574، 645، 653، 1195.

(٢٩٨)

الفصل السادس والثلاثون: في أنّه يعلن أمر الله، ويظهر دين الحقّ، ويميت البدع والباطل، ويؤيّد بنصر الله، وينصر بملائكة الله، ويبسط الإسلام على الأرض، ويصير سلطانا عليها، ويحيي الله به الأرض بعد موتها وفيه 51 حديثا

668-(405)- كتاب فضل بن شاذان: حدّثنا فضالة بن أيّوب- رضي الله تعالى عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن سنان، قال: سأل أبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن السلطان العادل، قال: هو من افترض الله طاعته بعد الأنبياء والمرسلين، على الجنّ والإنس أجمعين، وهو سلطان بعد سلطان إلى أن ينتهي إلى السلطان الثاني عشر، فقال رجل من أصحابه: صف لنا من هم يا ابن رسول الله؟ قال: هم الّذين قال الله تعالى فيهم: (أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)، والّذين خاتمهم الّذي ينزل في زمن دولته عيسى (عليه السلام)، ويصلّي خلفه، وهو الّذي يقتل الدجّال، ويفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ويمتدّ سلطانه الى يوم القيامة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(405) كفاية المهتدي(الأربعين): ذيل ح 39، كشف الحقّ(الأربعين): ح 34.

(٢٩٩)

669-(406)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثنا القاسم بن العلاء، قال: حدّثني إسماعيل بن علي القزويني، قال: حدّثني علي بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الحنّاط، عن محمّد بن مسلم الثقفي، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر (عليهما السلام) يقول: القائم منّا، منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تطوى له الأرض، وتظهر له الكنوز، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله (عزّ وجلّ) به دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب إلّا قد عمّر، وينزل روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) فيصلّي خلفه، قال: قلت [فقلت- خ]: يا ابن رسول الله، متى يخرج قائمكم؟ قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وركب ذوات الفروج السروج، وقبلت شهادات الزور، وردّت شهادات العدول، واستخفّ الناس بالدماء وارتكاب الزنا وأكل الربا، واتّقي الأشرار مخافة ألسنتهم، وخروج السفياني من الشام، واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بين الركن والمقام، اسمه محمّد بن الحسن النفس الزكيّة، وجاءت صيحة من السماء بأنّ الحقّ فيه وفي شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، وأوّل ما ينطق به هذه الآية: (بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(406) كمال الدين: ج 1 ص 330- 331 ب 32 ح 16؛ البحار: ج 52 ص 191- 192 ب 25 ح 24.
أقول: تقدّم نحوه في الفصل الأوّل تحت الرقم 327 عن الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، وفيه: «اسمه محمّد بن محمّد، ولقبه النفس الزكيّة».

(٣٠٠)

مُؤْمِنِينَ)، ثمّ يقول: أنا بقيّة الله في أرضه، وخليفته، وحجّته عليكم، فلا يسلّم عليه مسلّم إلّا قال: السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه، فإذا اجتمع إليه [له] العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج، فلا يبقى في الأرض معبود من دون الله (عزّ وجلّ)، من صنم، [ووثن] وغيره، إلّا وقعت فيه نار فاحترق، وذلك بعد غيبة طويلة، ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به.
670-(407)- كمال الدين: حدّثنا أبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدّثني محمّد بن نصير، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى، [عن حمّاد بن عيسى]، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا، جعله الله (عزّ وجلّ) حجّة على عباده، فدعا قومه الى الله، وأمرهم بتقواه فضربوه على قرنه، فغاب عنهم زمانا حتّى قيل: مات أو هلك، بأيّ واد سلك؟ ثمّ ظهر ورجع الى قومه فضربوه على قرنه الآخر، وفيكم من هو على سنّته، وإنّ الله (عزّ وجلّ) مكّن لذي القرنين في الأرض، وجعل له [وآتاه- خ] من كلّ شيء سببا، وبلغ المغرب والمشرق، وإنّ الله تبارك وتعالى سيجري سنّته في القائم من ولدي فيبلغه شرق الأرض وغربها، حتّى لا يبقي منهلا ولا موضعا من سهل ولا جبل وطأه ذو القرنين إلّا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(407) كمال الدين: ج 2 ص 394 ب 38 ح 4؛ البحار: ج 12 ص 194- 195 ب 8 ح 19.
أقول: الظاهر كون محمّد بن نصير الراوي عن محمّد بن عيسى هو محمّد بن نصير الكشي، الثقة، جليل القدر، كثير العلم ولا يشتبه مثله في مثل هذه الأحاديث وروايات الثقات بمحمّد بن نصير النميري.

(٣٠١)

ووطأه، ويظهر الله (عزّ وجلّ) له كنوز الأرض ومعادنها، وينصره بالرعب، فيملأ الأرض به عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.
671-(408)- تفسير العيّاشي: عن رفاعة بن موسى، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (ولَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً) قال: إذا قام القائم (عليه السلام) لا تبقى أرض إلّا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدا رسول الله.
672-(409)- تفسير العيّاشي: عن زرارة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): سئل أبي عن قول الله (قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً)(410)، (حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ)(411)، فقال: إنّه لم يجيء تأويل هذه الآية، ولو قد قام قائمنا بعده سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغنّ دين محمّد (صلّى الله عليه وآله) ما بلغ الليل، حتّى لا يكون شرك [مشرك] على ظهر الأرض كما قال الله.
673-(412)- ينابيع المودّة: وعن زين العابدين، وعن الباقر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(408) تفسير العيّاشي: ج 1 ص 182 ح 81؛ المحجّة: ص 5 الآية 4؛ ينابيع المودّة: ص 421 ب 71 وفيه: «إذا قام القائم المهدي».
(409) تفسير العيّاشي: ج 2 ص 56 ح 48؛ وفي مجمع البيان: ج 4 ص 543 قال: وروى زرارة وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: لم يجئ تأويل هذه الآية، ولو قام قائمنا بعد سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغنّ دين محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما بلغ الليل، حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض كما قال الله تعالى: (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)، البحار: ج 51 ص 55 ب 5 ح 41؛ المحجّة: الآية 21 و25؛ ينابيع المودّة: ص 423 ب 71.
(410) التوبة: 36.
(411) الأنفال: 39.
(412) ينابيع المودّة: ص 423 ب 71 عن المحجّة.

(٣٠٢)

[(عليهما السلام)] رضي الله عنهما قال: إنّ الاسلام قد يظهره الله على جميع الأديان عند قيام القائم (عليه السلام).
674-(413)- ينابيع المودّة: عن أبي بصير، عن جعفر الصادق [(عليه السلام)] رضي الله عنه قال: عند قيام القائم يفرح المؤمنون بنصر الله.
675-(414)- تفسير علي بن إبراهيم: في تفسير قوله تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ويَكْشِفُ السُّوءَ ويَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ): حدّثني أبي، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن صالح بن عقبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نزلت في القائم من آل محمّد (عليهم السلام)، والله هو المضطرّ إذا صلّى في المقام ركعتين دعا إلى الله فأجابه ويكشف السوء، ويجعله خليفة في الأرض.
676-(415)- ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام): بالإسناد (عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن إبراهيم بن عبد الحميد) عن عبد الحميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله (عزّ وجلّ): (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) قال: هذه نزلت في القائم (عليه السلام)، إذا خرج تعمّم وصلّى عند المقام وتضرّع إلى ربّه، فلا تردّ له راية أبدا.
677-(416)- ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام): حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(413) ينابيع المودّة: ص 426 ب 71 عن المحجّة.
(414) تفسير علي بن إبراهيم: ج 2 ص 129؛ المحجّة: الآية 73 ص 165.
(415) تأويل الآيات الظاهرة: ص 399.
(416) تأويل الآيات الظاهرة: ص 663؛ ينابيع المودّة: ص 423 ب 71 مختصرا؛ البحار: ج 51 ص 61 ب 5 ح 59.

(٣٠٣)

يوسف بن يعقوب، عن محمّد بن أبي بكر المقري، عن نعيم بن سليمان، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس في قوله (عزّ وجلّ) (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) قال: لا يكون ذلك حتّى لا يبقى يهودي ولا نصراني ولا صاحب ملّة إلّا الإسلام، حتّى تأمن الشاة والذئب والبقرة والأسد والإنسان والحيّة، وحتّى لا تقرض فأرة جرابا، وحتّى توضع الجزية، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، و[هو] قوله تعالى: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)، وذلك يكون عند قيام القائم (عليه السلام).
678-(417)- كمال الدين: وبهذا الإسناد (يعني علي بن حاتم، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن علي بن سماعة) عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن الحسن بن محبوب، عن مؤمن الطاق، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله (عزّ وجلّ) (اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها)، قال: يحييها الله (عزّ وجلّ) بالقائم (عليه السلام) بعد موتها- يعني بموتها كفر أهلها والكافر ميّت-.
679-(418)- غيبة النعماني: حدّثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدّثنا عبد الله بن حماد الأنصاري، عن علي بن أبي حمزة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا قام القائم صلوات الله عليه نزلت ملائكة بدر، وهم خمسة آلاف، ثلث على خيول شهب، وثلث على خيول بلق، وثلث على خيول حوّ، قلت: وما الحوّ؟ قال: هي الحمر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(417) كمال الدين: ج 2 ص 668 ب 58 ح 13.
(418) غيبة النعماني: ص 244 ب 13 ح 44.

(٣٠٤)

680-(419)- عيون أخبار الرضا (عليه السلام): في حديث أخرجه عن محمّد بن علي ما جيلويه- رضي الله عنه- عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريّان بن شبيب، عن الرضا (عليه السلام) (والحديث طويل قال فيه): يا ابن شبيب! إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فإنّه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا مالهم في الأرض شبيهون، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره فلم يؤذن لهم، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم (عليه السلام) فيكونون من أنصاره، وشعارهم يا لثارات الحسين (عليه السلام).
681-(420)- عيون المعجزات: روي عن عالم أهل البيت صلّى الله عليهم أنّ الله تعالى أهبط الى الحسين أربعة آلاف ملك، هم الّذين هبطوا على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم بدر، وخيّر بين النصر على أعدائه ولقاء جدّه، فاختار لقاه، فأمر الله تعالى الملائكة بالمقام عند قبره، فهم شعث غبر، ينتظرون قيام القائم من ولده صاحب الزمان (عليه السلام).
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 161، 205، 243، 324 إلى 332 و337 إلى 339، 342، 343، 346، 373، 419، 423، 432، 435، 525، 529، 536، 538، 548، 553، 719، 807، 936، 1105، 1138، 1177، 1195، 1199.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(419) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 233- 234 ب 28 ح 58.
(420) عيون المعجزات: ص 70.

(٣٠٥)

الفصل السابع والثلاثون: في أنّه يردّ الناس الى الهدى والقرآن والسنّة وفيه أخبار كثيرة

682-(421)- نهج البلاغة: ومن خطبة له (عليه السلام) في ذكر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(421) نهج البلاغة: ط مصر مطبعة الاستقامة ج 2 خ 134، ينابيع المودّة: ص 437 ب 74 وفيه: «المهدي يعطف...».
وقال الشيخ محمّد عبده مفتي الديار المصريّة سابقا في شرح قوله: «يعطف...»: خبر عن قائم ينادي بالقرآن، ويطالب الناس باتّباعه، وردّ كلّ رأي إليه. وقال في شرح قوله (عليه السلام): «يأخذ الوالي...»: إذا انتهت الحرب حاسب الوالي القائم كلّ عامل من عمّال السوء على مساوئ أعمالهم، وإنّما كان الوالي من غيرها، لأنّه بريء من جرمها. وقال في شرح قوله (عليه السلام): «أفاليذ كبدها»: أفاليذ: جمع أفلاذ، وأفلاذ جمع فلذة، وهي القطعة من الذهب والفضّة، وهذا كناية عمّا يظهر لمن يقوم بالأمر من كنوز الأرض، وقد جاء ذلك في خبر مرفوع في لفظه: «وقاءت له الأرض أفلاذ كبدها»، ومن الناس من يفسّر قوله تعالى: («وأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها») بذلك، قاله ابن أبي الحديد، انتهى.
وأمّا ابن أبي الحديد فقال في شرحه: هذا إشارة إلى إمام يخلقه الله تعالى في آخر الزمان، وهو الموعود به في الأخبار والآثار، ومعنى «يعطف الهوى» يقهره ويثنيه عن جانب الإيثار والإرادة، عاملا عمل الهدى، فيجعل الهدى قاهرا له وظاهرا عليه، وكذلك قوله: «ويعطف الرأي على القرآن» أي يقهر حكم الرأي والقياس والعمل بغلبة الظنّ عاملا على القرآن، وقوله: «إذا عطفوا الهدى» و«اذا عطفوا القرآن» إشارة إلى الفرق المخالفين لهذا الإمام، المشاقّين له، الّذين لا يعملون بالهدى بل بالهوى، ولا يحكمون بالقرآن بل بالرأي...، وقال في قوله: «سيأتي غد بما لا تعرفون»: والمراد تعظيم شأن الغد الموعود بمجيئه، ومثل ذلك في القرآن كثير... إلى أن قال: والأفاليذ جمع أفلاذ، وأفلاذ جمع فلذ، وهي القطعة من الكبد، وهذا كناية عن الكنوز الّتي تظهر للقائم بالأمر، وقد جاء ذكر ذلك في خبر مرفوع في لفظة: «وقاءت له الأرض أفلاذ كبدها»، وقد فسر قوله تعالى: («وأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها») بذلك في بعض التفاسير. شرح ابن أبي الحديد: ج 9 ص 40- 46.

(٣٠٦)

الملاحم: يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى، ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي، (ومنها:) حتّى تقوم الحرب بكم على ساق، باديا نواجذها، مملوءة أخلافها، حلوا رضاعها، علقما عاقبتها، ألا وفي غد، وسيأتي غد بما لا تعرفون، يأخذ الوالي من غيرها عمالها على مساوئ أعمالها، وتخرج له الأرض من أفاليذ كبدها، وتلقي إليه سلما مقاليدها، فيريكم كيف عدل السيرة، ويحيي ميّت الكتاب والسنّة.
ويدل عليه أخبار كثيرة جدّا، وذلك لأنّ ردّ الناس إلى الكتاب والسنّة من أعظم أعمال المهدي (عليه السلام) ومن صفاته البارزة، قلّما يوجد حديث لا يدل عليه بالالتزام أو المطابقة، فلا يكون المهدي، إلّا من يكون كذلك، ولا يقوم إلّا لإقامة الحقّ، ولا يقام الناس بردّ الناس إلى الكتاب والسنّة ولا يملأ الأرض من العدل والقسط إلّا به، ولا يعلن أمر الله ولا يظهر الإسلام على الأديان إلّا بردّ الناس إلى الكتاب والسنة، فكل أعماله الإصلاحية لا تتحقّق إلّا به، فهو لا يظهر ولا يقوم ولا يخرج إلّا لإقامة الشرع والعمل بالكتاب والسنّة.

(٣٠٧)

الفصل الثامن والثلاثون: في أنّه ينتقم من أعداء الله وأعداء رسوله والأئمّة (عليهم السلام) وفيه 13 حديثا

683-(422)- دلائل الإمامة: أخبرني علي بن هبة الله، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى القمّي، قال: حدّثنا علي بن أحمد بن موسى بن محمّد الدقّاق، ومحمّد بن محمّد بن عصام، قالا:
حدّثنا محمّد بن يعقوب، عن القاسم بن العلاء، قال: حدّثنا إسماعيل الفزاري، قال: حدّثني محمّد بن جمهور العمّي، عن ابن أبي نجران، عمّن ذكره، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، قال: سألت أبا جعفر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(422) دلائل الإمامة: ص 239 ف معرفة وجوب القائم وأنّه لا بدّ أن يكون ح 14، علل الشرائع: ص 160 ب 129 ح 1 بسنده عن الثمالي نحوه، وذكر بعد قوله: «أ لستم كلّكم قائمين بالحقّ؟»: «قال: بلى، قلت: فلم سمّي القائم قائما؟ قال: لمّا قتل...
الحديث»، البحار: ج 37 ص 294 ب 54 ح 8.
أقول: أخرج المجلسي- قدّس سرّه- قبل هذا الحديث حديثا آخر نحوه في وجه تسمية أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا اللقب، وذكر وجوها لهذا المعنى، أظهرها الثالث منها، وهو: أن يكون المعنى أنّ أمراء الدنيا إنّما يسمّون بالأمير لكونهم متكفّلين لميرة الخلق، وما يحتاجون إليه في معاشهم بزعمهم، وأمّا أمير المؤمنين (عليه السلام) فإمارته لأمر أعظم من ذلك؛ لأنّه يميرهم ما هو سبب لحياتهم الأبديّة، وقوتهم الروحانيّة وإن شارك سائر الأمراء في الميرة الجسمانيّة، وهذا أظهر الوجوه، انتهى كلامه.

(٣٠٨)

محمّدا الباقر (عليه السلام)، فقلت: يا ابن رسول الله، لم سمّي علي (عليه السلام) أمير المؤمنين، وهو اسم لم يسمّ به أحد قبله، ولا يحلّ لأحد بعده؟ فقال: لأنّه ميرة العلم، يمتار منه، ولا يمتار من أحد سواه، قلت: فلم سمّي سيفه ذا الفقار؟ قال: لأنّه ما ضرب به أحدا من أهل الدنيا إلّا أفقره به أهله وولده، وأفقره في الآخرة الجنّة، فقلت: يا ابن رسول الله، أ لستم كلّكم قائمين بالحقّ؟ قال: لمّا قتل جدّي الحسين (عليه السلام) ضجّت الملائكة بالبكاء والنحيب، وقالوا: إلهنا! أتصفح عمّن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك، فأوحى الله إليهم: قرّوا ملائكتي، فو عزّتي وجلالي لأنتقمنّ منهم ولو بعد حين، ثمّ كشف لهم عن الأئمّة من ولد الحسين، فسرّت الملائكة بذلك، ورأوا أحدهم قائما يصلّي، فقال سبحانه: بهذا القائم أنتقم منهم.
684-(423)- الأمالي: أخبرنا محمّد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن حمران، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لما كان من أمر الحسين بن علي (عليهما السلام) ما كان ضجّت الملائكة الى الله تعالى، وقالت: يا ربّ! يفعل هذا بالحسين صفيّك، وابن نبيّك؟ قال: فأقام الله لهم ظلّ القائم (عليه السلام)، وقال: بهذا أنتقم له من ظالميه.
685-(424)- غيبة النعماني: محمّد بن همّام، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن إسحاق بن سنان، عن عبيد بن خارجة، عن عليّ بن عثمان، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن آبائه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(423) أمالي الشيخ الطوسي: ج 2 ص 33؛ البحار: ج 45 ص 221 ب 41 ح 3.
(424) غيبة النعماني: ص 140- 141 ب 10 ح 1.

(٣٠٩)

(عليهم السلام) قال: زاد الفرات على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، فركب هو وابناه الحسن والحسين (عليهم السلام)، فمرّ بثقيف فقالوا: قد جاء عليّ يردّ الماء، فقال علي (عليه السلام): أما والله لاقتلنّ أنا وابناي هذان، وليبعثنّ الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، وليغيبنّ عنهم تمييزا لأهل الضلالة، حتّى يقول الجاهل ما للّه في آل محمّد من حاجة.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 109، 255، 258، 266، 270 293، 305، 424، 432، 515.

(٣١٠)

الفصل التاسع والثلاثون: في أنّ فيه سننا من الأنبياء ومنها الغيبة وفيه 23 حديثا

686-(425)- كمال الدين: الشريف أبو الحسن علي بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن محمّد بن همام، عن أحمد بن محمّد النوفلي، عن أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسى الكلابي، عن خالد بن نجيح [نجح- خ]، عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، قال: سمعت سيّد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) يقول: في القائم سنن من سبعة أنبياء: سنة من أبينا آدم، وسنّة من نوح، وسنّة من إبراهيم، وسنّة من موسى، وسنّة من عيسى، وسنّة من أيّوب، وسنّة من محمّد صلوات الله عليهم، فأمّا من آدم ونوح فطول العمر، وأمّا من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس، وأمّا من موسى فالخوف والغيبة، وأمّا من عيسى فاختلاف الناس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(425) كمال الدين: ج 1 ص 321 ب 31 ح 3؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 466 ب 32 ف 5 ح 124 مع بعض الاختلاف؛ إعلام الورى: ر 4 ق 2 ب 2 ف 2 وجاء فيه: «سنن من ستّة من الأنبياء» وليس فيه: «من سبعة أنبياء»، كما جاء فيه: «وسنّة من نوح» وليس فيه: «سنّة من أبينا آدم وسنّة من نوح»؛ البحار: ج 51 ص 217 ب 13 ح 4.

(٣١١)

فيه، وأمّا من أيّوب فالفرج بعد البلوى، وأمّا من محمّد فالخروج بالسيف.
687-(426)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن المفضّل، وسعدان بن إسحاق بن سعيد، وأحمد بن الحسين، ومحمّد بن أحمد بن الحسن القطواني جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم الجواليقي، عن يزيد الكناسي، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: إنّ صاحب هذا الأمر فيه شبه من يوسف، ابن أمة سوداء، يصلح الله له أمره في ليلة.
688-(427)- كمال الدين: حدّثنا أبي [ومحمّد بن الحسن]- رضي الله عنه [ما]، قال [قالا]: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا المعلّى بن محمّد البصري، عن محمّد بن جمهور وغيره، عن [محمّد] بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: في القائم سنّة [شبه- خ] من موسى بن عمران (عليه السلام)، فقلت: وما سنّة [شبه] موسى بن عمران؟ فقال: خفاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(426) غيبة النعماني: ص 163 ب 10 ح 3؛ كمال الدين: ج 1 ص 329 ب 32 ح 12؛ البحار: ج 51 ص 218 ب 13 ح 8؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 469 ب 32 ف 5 ح 135 عن كمال الدين، ولفظه هكذا: «صاحب هذا الأمر فيه سنّة من يوسف [ابن أمة- خ] يصلح الله أمره في ليلة واحدة».
قال في البحار: قوله: «ابن أمة سوداء» يخالف كثيرا من الأخبار الّتي وردت في وصف أمّه (عليه السلام) ظاهرا، إلّا أن يحمل على الامّ بالواسطة أو المربّية.
أقول: هذه الجملة غير موجودة في نسخة كمال الدين المترجمة بالفارسية ونسخة طبع النجف سنة 1389 ص 320، راجع: ج 1 ص 445، هذا مضافا إلى أنّ شبهه من يوسف الغيبة والسجن، وعلى هذا لا يبعد احتمال الزيادة في الحديث، والله أعلم.
(427) كمال الدين: ج 2 ص 340 ب 33 ح 18؛ البحار: ج 51 ص 216 ب 13 ح 2؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 471- 472 ب 32 ف 5 ح 147.

(٣١٢)

مولده، وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى بن عمران (عليه السلام) عن قومه وأهله؟ فقال: ثماني وعشرين سنة.
689-(428)- كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه محمّد بن مسعود العيّاشي، قال: حدّثنا علي بن محمّد بن شجاع، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنّ في صاحب هذا الأمر سنن من الأنبياء: سنّة من موسى بن عمران، وسنّة من عيسى، وسنّة من يوسف، وسنّة من محمّد صلوات الله عليهم، فأمّا سنّة من موسى بن عمران فخائف يترقّب، وأمّا سنّة من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى، وأمّا سنّة من يوسف فالستر يجعل الله بينه وبين الخلق حجابا يرونه ولا يعرفونه، وأمّا سنّة من محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيهتدي بهداه، ويسير بسيرته.
690-(429)- الإمامة والتبصرة: عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسى، عن سليمان بن داود، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: في صاحب هذا الأمر أربعة سنن من أربع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(428) كمال الدين: ج 2 ص 350 ب 33 ح 46؛ البحار: ج 51 ص 223- 224 ب 13 ح 10 وفيه: «سننا من الأنبياء»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 474 ب 32 ف 5 ح 159.
(429) الإمامة والتبصرة: ص 93- 94 ح 84؛ غيبة الشيخ: ص 424 ح 408 وفيه: «وأمّا سنّة من يوسف (عليه السلام) فالغيبة»، وفي موضع آخر منه: (ص 60 ح 57) جاء: «فالسجن»، والظاهر أنّ المراد منه الغيبة، إثبات الهداة: ج 3 ص 499 ب 32 ف 12 ح 277، وج 3 ص 460 ب 32 ف 5 ح 101؛ البحار: ج 51 ص 216 و217 ب 13 ح 3؛ كمال الدين: ج 1 ص 152- 153 ب 6 ح 16 وفيه: «والسجن»، وأيضا ج 1 ص 326- 327 ب 32 ح 6 وفيه: «فالحبس».

(٣١٣)

أنبياء: سنّة من موسى، وسنّة من عيسى، وسنّة من يوسف، وسنّة من محمّد (صلّى الله عليه وآله)، فأمّا سنّة من موسى، فخائف يترقّب، وأمّا سنّة من يوسف فالسجن، وأمّا سنّة من عيسى فقيل: إنّه مات ولم يمت، وأمّا سنة من محمّد (صلّى الله عليه وآله) فالسيف.
691-(430)- إثبات الوصيّة: الحميري، عن محمّد بن عيسى، عن سليمان بن داود، عن أبي نصر [أبي بصير- خ] قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء: سنّة من موسى في غيبته، وسنّة من عيسى في خوفه ومراقبة اليهود وقولهم مات ولم يمت وقتل ولم يقتل، وسنّة من يوسف في جماله وسخائه، وسنّة من محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في السيف يظهر به.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 69، 249، 286، 540، 553، 557، 564، 575، 620، 626، 628، 632، 641، 642، 644، 645، 650.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(430) إثبات الوصيّة: ص 202 طبعته الاولى.

(٣١٤)

الفصل الأربعون: في أنّه يقوم بالسيف وفيه 10 أحاديث

692-(431)- كمال الدين: حدّثنا أبي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال في قول الله (عزّ وجلّ): (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ)(432)، فقال (عليه السلام): الآيات هم الأئمّة، والآية المنتظرة القائم (عليه السلام)، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف وإن آمنت بمن تقدّمه من آبائه (عليهم السلام).
693-(433)- غيبة النعماني: علي بن الحسين، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن حسان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(431) كمال الدين: ج 1 ص 8 وج 2 ص 336 ب 33 ح 8؛ البحار: ج 51 ص 51 ب 5 ح 25؛ ينابيع المودّة: ص 422 ب 71.
(432) الأنعام: 158.
(433) غيبة النعماني: ص 231 ب 13 ح 14؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 77 و78 ب 32 ف 27 ح 500؛ البحار: ج 52 ص 353 ب 26 ح 109.

(٣١٥)

أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الله بن بكير، عن أبيه، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: صالح من الصالحين، سمّه لي اريد القائم (عليه السلام)، فقال: اسمه اسمي، قلت: أ يسير بسيرة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟ قال: هيهات هيهات يا زرارة! ما يسير بسيرته، قلت: جعلت فداك لم؟ قال: إنّ رسول الله سار في امته باللين [بالمنّ- خ] كان يتألّف الناس، والقائم يسير بالقتل، بذاك امر في الكتاب الّذي معه أن يسير بالقتل، ولا يستتيب أحدا، ويل لمن ناواه (434).
694-(435)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثنا علي بن الحسن، عن محمّد بن خالد، عن ثعلبة بن ميمون، عن الحسن بن هارون بيّاع الأنماط، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا، فسأله المعلّى بن خنيس: أيسير القائم إذا قام بخلاف سيرة علي (عليه السلام)؟ فقال: نعم، وذاك أنّ عليّا سار بالمنّ والكفّ؛ لأنّه علم أنّ شيعته سيظهر عليهم من بعده، وأنّ القائم اذا قام سار فيهم بالسيف والسبي، وذلك أنّه يعلم أنّ شيعته لم يظهر عليهم من بعده أبدا.
695-(436)- تفسير القرطبي: في قوله تعالى: (ولَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(434) لا منافاة بين هذا الحديث وما يدلّ على أنّه يسير بسيرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فإنّ المراد من أنّه يسير بسيرته شباهته به في قيامه بالسيف، وعدم شباهته في ذلك بمثل عيسى (عليه السلام) من الأنبياء، وشباهته به (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في هدمه آثار الكفر، وإزالة العادات الذميمة، والقواعد والقوانين الباطلة الّتي تظهر في آخر الزمان.
(435) غيبة النعماني: ص 232 ب 13 ح 16؛ البحار: ج 52 ص 353 ب 26 ح 111؛ علل الشرائع: ج 1 ص 210 مع اختلاف في السند، حلية الأبرار: ج 2 ص 628 و629.
(436) تفسير القرطبي(الجامع لأحكام القرآن): ج 14 ص 107، تفسير الآلوسي(روح المعاني): ج 21 ص 121. وفي روح البيان: ج 21 ص 124 عن اللباب، عن تفسير النقّاش، أنّ الأدنى غلاء الأسعار، والأكبر خروج المهديّ بالسيف. ولفظه بالفارسيّة هذا: «در لباب از تفسير نقّاش نقل كرده كه «أدنى» غلاء أسعار است، و«أكبر» خروج مهديّ به شمشير آبدار».
وفي التبيان: ج 8 ص 306 عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنّ العذاب الأدنى هو القحط، والأكبر خروج المهدي بالسيف.
وفي المحجّة ص 173 عن المفضّل بن عمر: «الأدنى» عذاب السفر(القبر)، و«الأكبر» المهديّ بالسيف.
وعن محمّد بن الحسن الشيباني في كشف البيان: «الأدنى» القحط والجدب، و«الأكبر» خروج القائم المهدي (عليه السلام) بالسيف في آخر الزمان.
أقول: يجوز أن يكون تفسير «العذاب الأدنى» بالقحط وغيره ما يقع من ذلك قبل ظهور المهدي- بأبي هو وامّي- وكونه من مصاديقه، فلا ينافي هذا التفسير تفسيره بغير هذا أيضا ممّا جاء في التفاسير، كما يجوز الجمع بين تفسير «الأكبر» بخروجه بالسيف وبغيره أيضا، لكونه من مصاديقه، فلا يعارض تفسير «الأكبر» بعذاب الآخرة تفسيره بخروجه (عليه السلام)، مضافا إلى أنّ ما يحتجّ به عند اختلاف المفسّرين هو ما جاء من طرق أهل البيت (عليهم السلام)، كما بيّنّاه في كتابنا: «أمان الامّة من الضلال والاختلاف».
وجاء في بحار الأنوار: ج 51 ص 59، وتأويل الآيات الظاهرة: ص 437، قال: («الأدنى» غلاء السعر، و«الأكبر» المهدي بالسيف).
وجاء في إلزام الناصب: «الأدنى» عذاب السقر، و«الأكبر» المهدي (عليه السلام) بالسيف في آخر الزمان.

(٣١٦)

الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ)(437) روي عن جعفر بن محمّد [(عليهما السلام)] أنّه (أي العذاب الأكبر) خروج المهديّ بالسيف، والأدنى: غلاء السعر.
وفي تفسير الآلوسي أيضا ما هذا لفظه: وعن جعفر بن محمّد- رضي الله تعالى عنهما- أنّه خروج المهدي بالسيف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(437) السجدة: 21.

(٣١٧)

696-(438)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: وجدنا في كتاب عليّ (عليه السلام) (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ والْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(439) أنا وأهل بيتي الّذين أورثنا الله الأرض، ونحن المتّقون، والأرض كلّها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمّرها، وليؤدّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، وله ما أكل منها، فإن تركها أو أخربها وأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمّرها وأحياها فهو أحقّ بها من الّذي تركها، يؤدّي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، وله ما أكل منها، حتّى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها كما حواها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ومنعها، إلّا ما كان في أيدي شيعتنا، فإنّه يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم.
ويدلّ عليه الأحاديث: 423، 426، 572، 713، 715.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(438) الكافي: ج 1 ص 407 و408 ح 1 ب أنّ الأرض كلّها للإمام (عليه السلام)؛ تفسير نور الثقلين: ج 2 ص 56 ح 222 من تفسير سورة الأعراف؛ تفسير العيّاشي: ج 2 ص 25 ح 66، تفسير الصافي: ج 2 ص 228 من تفسير سورة الأعراف؛ تفسير البرهان: ج 2 ص 28 من تفسير سورة الأعراف؛ البحار: ج 100 ص 58 ب 9 ح 2.
(439) الأعراف: 128.

(٣١٨)

الفصل الحادي والأربعون: فيما يدلّ على تمكين الناس لسلطانه وفيه 3 أحاديث

697-(440)- سنن ابن ماجة: حدّثنا حرملة بن يحيى المصري، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، قالا: حدّثنا أبو صالح عبد الغفّار بن داود الحرّاني، حدّثنا ابن لهيعة، عن أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي، عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يخرج ناس من المشرق فيوطّئون للمهدي، يعني: سلطانه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(440) سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1368 ب خروج المهدي، من كتاب الفتن ب(34) ح 4088.
أقول: قال السندي في حاشيته: قوله: «فيوطّئون للمهدي» أي يمهّدون.
عقد الدرر: ص 125 ب 5 أخرجه عن ابن ماجة في سننه وعن البيهقي، إلّا أنّه قال: «اناس»، وأخرجه في التذكرة: ص 240 عن أبي داود إلّا أنّه قال: «فيوطّئون للمهدي كرسي سلطانه»، فرائد السمطين: ج 2 ص 333 ب 61، معجم الطبراني الأوسط: ج 1 ص 200 ح 287 باختلاف قليل، المنار المنيف: ص 145 ف 50 ح 332، نهاية البداية والنهاية: ج 1 ص 41، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 147 ب 7 ح 2 وفيه: «فيوطّئون للمهدي سلطانه»، مختصر تذكرة القرطبي للشعراني: ص 40، وفيه «اناس» و«فيوطّئون للمهدي كرسي سلطانه»، الإذاعة: ص 124، كنز العمّال: ج 14 ص 263 ح 38657، مجمع الزوائد: ج 7 ص 318، ومصادر كثيرة اخرى.

(٣١٩)

698-(441)- سنن أبي داود: قال هارون: حدّثنا عمرو بن أبي قيس، عن مطرف بن طريف، عن أبي الحسن، عن هلال بن عمرو، قال: سمعت عليّا- رضي الله عنه- يقول: قال النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يخرج رجل من وراء النهر، يقال له: الحارث بن الحراث، على مقدّمته رجل يقال له: منصور، يوطّئ أو يمكّن لآل محمّد كما مكّنت قريش لرسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، وجب على كلّ مؤمن نصره، أو قال: إجابته.
ويدلّ عليه أيضا الحديث: 720.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(441) سنن أبي داود: ج 4 ص 108 و109 كتاب المهدي ح 4290؛ مصابيح السنّة في باب اشتراط الساعة: ج 2 ص 194؛ عقد الدرر: ص 130 ب 5 عن أبي داود وسنن النسائي، وعن البيهقي والمصابيح؛ جمع الجوامع: ج 1 ص 997 عن أبي داود؛ التذكرة: ص 240 إلّا أنّه قال: «يخرج رجل من وزراء المهدي يقال له الحرث بن الحراث»، وقال: «أو قال: إعانته»؛ ينابيع المودّة: ص 430 ب 72؛ التاج الجامع للاصول: ج 5 ص 344 ومصادر كثيرة اخرى.

(٣٢٠)

الفصل الثاني والأربعون: في سيرته (عليه السلام) وفيه 47 حديثا

699-(442)- الفتن: حدّثنا أبو معاوية، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد- رضي الله عنه- عن النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يخرج في آخر الزمان خليفة، يعطي المال بغير عدد.
700-(443)- الفتن: حدّثنا عبد الرزّاق، عن معمر، عن قتادة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): إنّه سيخرج الكنوز، ويقسّم المال، ويلقي الإسلام بجرانه.
701-(444)- الفتن: حدّثنا الوليد، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: يحثي المال حثيا، ولا يعدّه عدّا، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(442) الفتن: ج 5 ص 191.
(443) الفتن: ج 5 ص 192؛ الملاحم والفتن: ص 69 ب 146، وجاء فيه: «معمر بن قتادة» وهو وهم.
(444) الفتن: ج 5 ص 192؛ الملاحم والفتن: ص 69 ب 147؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 713 ب 54 ح 99 وقال: هذا حديث ثابت صحيح؛ أخرجه الحافظ مسلم في صحيحه وقد جاء فيه: «من خلفائكم خليفة» ولم يذكر ذيل الحديث؛ صحيح مسلم: ج 18 كتاب الفتن ص 39 وجاء فيه: «من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا» ولم يذكر ذيل الحديث.

(٣٢١)

702-(445)- غيبة النعماني: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن رباح، قال: حدّثنا أحمد بن عليّ الحميري، قال: حدّثني الحسن بن أيّوب، عن عبد الكريم بن عمرو، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن بن أبان، قال: حدّثنا عبد الله بن عطاء المكي، عن شيخ من الفقهاء، يعني: أبا عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن سيرة المهدي كيف سيرته؟ فقال: يصنع كما صنع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمر الجاهليّة، ويستأنف الإسلام جديدا(446).
703-(447)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا علي بن الحسن، عن أبيه، عن رفاعة بن موسى، عن عبد الله بن عطاء، قال: سألت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) فقلت: إذا قام القائم (عليه السلام) بأيّ سيرة يسير في الناس؟ فقال: يهدم ما قبله كما صنع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويستأنف الإسلام جديدا.
704-(448)- قرب الإسناد: هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر، عن أبيه، أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(445) غيبة النعماني: باب ما روي في صفته وسيرته ص 230 ح 13؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 627 و628 ب 37 في سيرته (عليه السلام).
(446) المراد بهدمه ما قبله في هذه الرواية وغيرها: هدمه ما ظهر في الناس من السنن السيّئة، والعادات الذميمة، والقواعد الباطلة، والقوانين الناقصة الظالمة الّتي تظهر في آخر الزمان. وقوله: «ويستأنف الإسلام جديدا» أي يدعو إلى الإقرار والعمل بما درس من شرائع الإسلام.
(447) غيبة النعماني: باب ما روي في صفته ص 232 ح 17؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 629 ب 37 في سيرته (عليه السلام).
(448) قرب الإسناد: ص 39.

(٣٢٢)

بالنزول على أهل الذمّة ثلاثة أيّام، وقال: إذا قام قائمنا اضمحلّت القطائع فلا قطائع.
705-(449)- الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور، عن فضل الأعور، عن أبي عبيدة الحذّاء في حديث عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السلام)- قال: يا أبا عبيدة، إذا قام قائم آل محمّد (عليهم السلام) حكم بحكم داود وسليمان، لا يسأل بيّنة(450).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(449) الكافي: ج 1 ص 397 باب في الأئمّة (عليهم السلام) أنّهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود ح 1؛ البحار: ج 23 ص 85 و86 ب 4 ح 28 وجاء في آخره: «لا يسأل الناس بيّنة»؛ بصائر الدرجات: ص 259 ب 15 ح 3 وجاء في آخره: «لا يسأل الناس بيّنة»؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 45 ح 404 ب 32؛ الخرائج والجرائح: ج 2 ص 861 ذيل ح 77 وجاء في آخره «لا يسأل الناس بيّنة».
(450) ممّا يناسب المقام دفع شبهة أوردها علينا بعض المخالفين، وهي أنّ الإجماع قائم على أنّه لا نبيّ بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأنتم زعمتم أنّ القائم إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الكتاب، وأنّه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين، ويأمر بهدم المساجد والمشاهد، ويحكم بحكم داود ولا يسأل عن بيّنة، وأشباه ذلك، وهذا يكون نسخا.
وقد ذكر جماعة من العلماء الجواب عن هذه الشبهة في كتبهم، ونحن نقتصر في جوابها بما ذكره الشيخ الجليل الطبرسي في «إعلام الورى» قال: إنّا لا نعرف ما تضمّنه السؤال من أنّه لا يقبل الجزية من أهل الكتاب، وأنّه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين، فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به، وأمّا هدم المساجد والمشاهد فممّا سمعناه، ويجوز أن يختصّ بهدم ما بني [من] ذلك على غير تقوى الله، وعلى خلاف ما أمر الله به، وهذا مشروع قد فعله النبيّ، وأمّا ما روي أنّه يحكم بحكم داود لا يسأل عن بيّنة فهذا أيضا غير مقطوع به، وإن صحّ فتأويله أنّه يحكم بعلمه، وإذا علم الإمام أو الحاكم أمرا من الامور فعليه أن يحكم بعلمه ولا يسأل البيّنة، وليس في هذا نسخ للشريعة، على أنّ هذا الّذي ذكروه من ترك قبول الجزية واستماع البيّنة لو صحّ لم يكن ذلك نسخا للشريعة، لأنّ النسخ هو ما تأخّر دليله عن حكم المنسوخ ولم يكن مصاحبا له، فأمّا إذا اصطحب الدليلان فلا يكون أحدهما ناسخا لصاحبه وإن كان يخالفه في الحكم، ولهذا اتّفقنا على أن الله لو قال: الزموا السبت إلى وقت كذا وكذا ثمّ لا تلتزموه، إنّ ذلك لا يكون نسخا؛ لأنّ الدليل الرافع مصاحب للدليل الموجب، وإذا صحّت هذه الجملة وكان النبيّ قد أعلمنا بأنّ القائم من ولده يجب اتّباعه وموافقته، فنحن إذا صرنا إلى ما يحكم به فينا، وإن خالف بعض الأحكام المتقدّمة غير عاملين بالنسخ؛ لأنّ النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل، وهذا واضح، انتهى.

(٣٢٣)

706-(451)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبان، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا تذهب الدنيا حتّى يخرج رجل منّي، يحكم بحكومة آل داود، ولا يسأل بيّنة، يعطي كلّ نفس حقّها.
707-(452)- الكافي: إسحاق، قال: حدّثني الحسن بن ظريف، قال: اختلج في صدري مسألتان أردت الكتاب فيهما إلى أبي محمّد (عليه السلام)، فكتبت أسأله عن القائم (عليه السلام) بما يقضي، وأين مجلسه الّذي يقضي فيه بين الناس؟ وأردت أن أسأله عن شيء لحمّى الربع، فأغفلت خبر الحمّى، فجاء الجواب: سألت عن القائم، فإذا قام قضى بين الناس بعلمه كقضاء داود (عليه السلام) لا يسأل البيّنة، وكنت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(451) الكافي: ج 1 ص 397 و398 باب في الأئمّة أنّهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود ح 2.
(452) الكافي: ج 1 ص 509 باب مولد أبي محمّد (عليه السلام) ح 13؛ الإرشاد: باب ذكر طرف من أخبار أبي محمّد (عليه السلام) ص 343 وفيه: «قال: حدّثني الحسين بن ظريف»، وليس في متنه قوله: «فإنّه يبرأ... إلى: إن شاء الله»، وفي آخره: «فأفاق وبرئ»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 403 ب 31 ح 15؛ البحار: ج 95 ص 66 و67 ب 55 ح 46 وج 50 ص 264 ب 3 ح 24؛ المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 431 مختصرا؛ الخرائج والجرائح: ج 1 ص 431 و432 ح 10؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 413؛ إعلام الورى: ص 357؛ الدعوات لقطب الدين الراوندي: ص 209 الرقم 567.

(٣٢٤)

أردت أن تسأل لحمّى الربع فأنسيت، فاكتب في ورقة وعلّقه على المحموم، فإنّه يبرأ بإذن الله إن شاء الله (يا نارُ كُونِي بَرْداً وسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ)، فعلّقنا عليه ما ذكر أبو محمّد (عليه السلام) فأفاق.
708-(453)- التهذيب: محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن جعفر بن بشير، ومحمّد بن عبد الله بن هلال، عن العلاء بن رزين القلا، عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن القائم- عجّل الله فرجه- إذا قام بأيّ سيرة يسير في الناس؟ فقال: بسيرة ما سار به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حتّى يظهر الإسلام، قلت: وما كانت سيرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟
قال: أبطل ما كان في الجاهليّة واستقبل الناس بالعدل، وكذلك القائم (عليه السلام) إذا قام يبطل ما كان في الهدنة ممّا كان في أيدي الناس، ويستقبل بهم العدل.
709-(454)- التهذيب: محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حمزة بن زيد، عن عليّ بن سويد، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: إذا قام قائمنا قال: يا معشر الفرسان! سيروا في وسط الطريق، يا معشر الرجال! سيروا على جنبي الطريق، فأيّما فارس أخذ على جنبي الطريق فأصاب رجلا عيب ألزمناه الدية، وأيّما رجل أخذ في وسط الطريق فأصابه عيب فلا دية له.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(453) التهذيب: ج 6 ص 154 باب سيرة الإمام ح 1(270)؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 377 ف 2 ب 32 ح 76.
(454) التهذيب: ج 10 ص 314 ب 28 ح 10(1169)؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 379 ف 2 ب 32 ح 81 مختصرا.

(٣٢٥)

710-(455)- التهذيب: عنه (يعني عن محمّد بن الحسن الصفّار) عن يعقوب، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لن تبقى الأرض إلّا وفيها منّا عالم يعرف الحقّ من الباطل، قال: إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم، فإذا بلغت التقيّة الدم فلا تقيّة، وايم الله لو دعيتم لتنصرونا، لقلتم: لا نفعل، إنّما نتّقي، ولكانت التقيّة أحبّ إليكم من آبائكم وامّهاتكم، ولو قد قام القائم (عليه السلام) ما احتاج إلى مساءلتكم عن ذلك، ولأقام في كثير منكم من أهل النفاق حدّ الله.
711-(456)- التهذيب: عنه (أي: الحسين بن سعيد) عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّ لي أرض خراج وقد ضقت بها، أ فأدعها؟ قال: فسكت عنّي هنيئة، ثمّ قال: إنّ قائمنا لو قد قام كان يصيبك من الأرض أكثر منها، وقال: ولو قد قام قائمنا (عليه السلام) كان للإنسان أفضل من قطائعهم.
712-(457)- الخصال: حدّثنا أبي، ومحمّد بن الحسن، وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار- رضي الله عنهم- قالوا: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن موسى بن سعدان،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(455) التهذيب: ج 6 ص 172 ب 79 ح 13(335).
(456) التهذيب: ج 7 ص 149 باب أحكام الأرضين ح 6(660)؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 378 ب 32 ف 2 ح 78.
(457) الخصال: ج 2 ص 649 ح 43؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 455 ح 261 ب 32 ف 8، وج 7 ص 91 و92 ح 539 مع اختلاف متنا وسندا، وكذلك جاء في غيبة النعماني: ص 314 و315 ح 7.

(٣٢٦)

عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن مالك بن عطيّة، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): سيأتي مسجدكم هذا- يعني مكّة- ثلاثمائة وثلاثة عشر، يعلم أهل مكّة أنّهم لم يلدهم آباؤهم ولا أجدادهم، عليهم السيوف، مكتوب على كلّ سيف كلمة تفتح ألف كلمة، تبعث الريح، فتنادي بكلّ واد: هذا المهديّ يقضي بقضاء آل داود، لا يسأل عليه بيّنة.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 344، 345، 346، 368، 383، 403، 405، 419، 425، 426، 432، 466، 481، 484، 535، 583، 682، 689، 692 إلى 695، 713 إلى 718، 719، 726، 732، 1115، 1199.

(٣٢٧)

الفصل الثالث والأربعون: في زهده (عليه السلام) وفيه 6 أحاديث

713-(458)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه ووهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلّا السيف، ما يأخذ منها إلّا السيف، وما يستعجلون بخروج القائم؟ والله ما لباسه إلّا الغليظ، وما طعامه إلّا الشعير الجشب، وما هو إلّا السيف، والموت تحت ظلّ السيف.
714-(459)- غيبة النعماني: أخبرنا علي بن الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار بقم، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي، قال: حدّثنا محمّد بن علي الكوفي، عن معمّر بن خلاد، قال: ذكر القائم عند

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(458) غيبة النعماني: ص 234 باب 13 ح 21؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 79 ب 32 ف 27 ح 504 مختصرا؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 629 و630 ب 37.
(459) غيبة النعماني: ص 285 ب 15 ح 5، إثبات الهداة: ج 7 ص 85 ب 32 ف 27 ح 527.

(٣٢٨)

أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فقال: أنتم اليوم أرخى بالا منكم يومئذ، قالوا: وكيف؟ قال: لو قد خرج قائمنا (عليه السلام) لم يكن إلّا العلق والعرق والنوم على السروج، وما لباس القائم (عليه السلام) إلّا الغليظ، وما طعامه إلّا الجشب.
715-(460)- غيبة النعماني: أخبرنا علي بن الحسين، بإسناده عن محمّد بن علي الكوفي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: ما تستعجلون بخروج القائم؟ فو الله ما لباسه إلّا الغليظ، ولا طعامه إلّا الجشب، وما هو إلّا السيف، والموت تحت ظلّ السيف.
716-(461)- الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن المعلّى بن خنيس، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) يوما: جعلت فداك، ذكرت آل فلان وما هم فيه من النعيم، فقلت: لو كان هذا إليكم لعشنا معكم، فقال: هيهات يا معلّى! أما والله أن لو كان ذاك ما كان إلّا سياسة الليل، وسياحة النهار، ولبس الخشن، وأكل الجشب، فزوي ذلك عنّا، فهل رأيت ظلامة قطّ صيّرها الله تعالى نعمة إلّا هذه.
717-(462)- غيبة النعماني: حدّثنا عبد الواحد بن عبد الله بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(460) غيبة النعماني: ص 233 ب 13 ح 20؛ غيبة الشيخ: ص 277 بسند آخر وهو: «عنه- يعني الفضل- عن عبد الرحمن [بن] أبي هاشم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)»، ومتنه كما في الغيبة إلّا أنّ فيه زيادة لفظ «الشعير» قبل «الجشب»؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 79 ب 32 ف 27 ح 503؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 629 ب 37.
(461) الكافي: ج 1 باب سيرة الإمام في نفسه... إذا ولي الأمر ص 410 ح 2.
(462) غيبة النعماني: ص 286 و287 ب 1 ح 7؛ البحار: ج 52 ص 359 ب 27 ح 127 مع اختلاف في السند.

(٣٢٩)

يونس، قال: حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدّثنا عبد الله بن حمّاد الأنصاري، عن المفضّل بن عمر، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) بالطواف، فنظر إليّ وقال لي: يا مفضّل مالي أراك مهموما متغيّر اللون؟ قال: فقلت له: جعلت فداك، نظري إلى بني العبّاس وما في أيديهم من هذا الملك والسلطان والجبروت، فلو كان ذلك لكم لكنّا فيه معكم، فقال: يا مفضّل! أما لو كان ذلك لم يكن إلّا سياسة الليل، وسياحة النهار، وأكل الجشب، ولبس الخشن، شبه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وإلّا فالنار، فزوي ذلك عنّا، فصرنا نأكل ونشرب، وهل رأيت ظلامة جعلها الله نعمة مثل هذا؟
718-(463)- غيبة النعماني: أخبرنا أبو سليمان، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا عبد الله بن حمّاد، عن عمرو بن شمر، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) في بيته، والبيت غاصّ بأهله، فأقبل الناس يسألونه، فلا يسأل عن شيء إلّا أجاب فيه، فبكيت من ناحية البيت، فقال: ما يبكيك يا عمرو؟ قلت: جعلت فداك، وكيف لا أبكي؟ وهل في هذه الامّة مثلك، والباب مغلق عليك، والستر مرخى عليك؟ فقال: لا تبك يا عمرو، نأكل أكثر الطيب، ونلبس اللين، ولو كان الّذي تقول لم يكن إلّا أكل الجشب، ولبس الخشن، مثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وإلّا فمعالجة الأغلال في النار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(463) غيبة النعماني: ص 287 و288 ب 15 ح 8؛ البحار: ج 52 ص 360 ب 27 ح 128.

(٣٣٠)

الفصل الرابع والأربعون: في كمال عدالته، وبسط العدل والأمنيّة في دولته وفيه 17 حديثا

719-(464)- الإرشاد: وروى علي بن عقبة، عن أبيه، قال: إذا قام القائم (عليه السلام) حكم بالعدل، وارتفع في أيّامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الأرض بركاتها، وردّ كلّ حقّ إلى أهله، ولم يبق أهل دين حتّى يظهروا الإسلام ويعترفوا بالإيمان، أ ما سمعت الله سبحانه يقول: (ولَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً وإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)(465)، وحكم بين الناس بحكم داود وحكم محمّد (صلّى الله عليه وآله)، فحينئذ تظهر الأرض كنوزها، وتبدي بركاتها، ولا يجد الرجل منكم يومئذ موضعا لصدقته ولا لبرّه، لشمول الغنى جميع المؤمنين، ثمّ قال: إنّ دولتنا آخر الدول، ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلّا ملكوا قبلنا، لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا بمثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله تعالى: (والْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(464) الإرشاد: ص 364 و365؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 465 و466 وفيه: «وروى علي بن عقبة عن أبي عبد الله (عليه السلام)»، إعلام الورى: ص 432، البحار: ج 52، ص 338، ح 83.
(465) آل عمران: 83.

(٣٣١)

720-(466)- المحجّة: قال أبو جعفر (عليه السلام): يقاتلون والله حتّى يوحّد الله ولا يشرك به شيئا، وحتّى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها أحد، ويخرج الله من الأرض بذرها، وينزل من السماء قطرها، ويخرج الناس خراجهم على رقابهم إلى المهدي (عليه السلام)، الحديث.
721-(467)- الفتن: حدّثنا معتمر بن سليمان [معمر بن سليمان]، عن جعفر بن سيّار الشامي، قال: يبلغ من ردّ المهدي (عليه السلام) المظالم حتّى لو كان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتّى يردّه.
ويدلّ عليه الأحاديث: 367، 368، 455، 505، 538، 554، 584، 726، 1204، 1210، 1213، 1214، 1217، 1246، وأحاديث كثيرة اخرى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(466) المحجّة: ص 79- 84 الآية 22؛ ورواه في الينابيع: ص 423 ب 71 عن زرارة عنه (عليه السلام) مع اختلاف لفظي يسير، تفسير العيّاشي: والحديث طويل، فيه بعض كيفيّات خروجه وتفاصيل اخرى راجعه إن شئت ج 2 ص 56- 61.
(467) الفتن ص 191 ح 5؛ الملاحم والفتن ص 68 ب 139 عن نعيم؛ عقد الدرر: ص 36 ب 3 إلّا أنّه قال: «جعفر بن يسار الشامي».

(٣٣٢)

الفصل الخامس والأربعون: في علمه (عليه السلام) وفيه 6 أحاديث

722-(468)- عقد الدرر: عن الحارث بن المغيرة النضري [النصري]، قال: قلت لأبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام): بأيّ شيء يعرف الإمام المهدي؟ قال: بالسكينة والوقار، قلت: وبأيّ شيء قال: بمعرفة الحلال والحرام، وبحاجة الناس إليه ولا يحتاج إلى أحد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(468) عقد الدرر: ص 41 ب 3.
أقول: أبو عبد الله المروي عنه الحديث هو الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السلام)، لا مولانا الإمام أبو عبد الله الحسين السبط سيّد شباب أهل الجنّة (عليه السلام)، وقد وقع السهو والاشتباه في ذلك في عدّة مواضع من كتاب عقد الدرر، ولا أدري أنّ السهو من مؤلفه، أو من كتاب أخرج الحديث منه، أو من النسّاخ.
و الحارث بن المغيرة نصري النسبة، من بني نصر كما حكي في معجم رجال الحديث عن الكشّي، روى عن الإمام أبي جعفر محمّد الباقر، وابنه الإمام جعفر بن محمّد، وابنه الإمام موسى بن جعفر، وزيد الشهيد (عليهم السلام). وفي لسان الميزان ج 2 ص 160: «الحارث بن المغيرة النضري- بالنون-، البصري- بالموحّدة-، روى عن الباقر وأخيه زيد بن علي وجعفر بن محمّد رضي الله عنهم، ذكره الطوسي وابن النجاشي في رجال الشيعة ووثّقاه، وقال علي بن الحكم: كان من أورع الناس، روى عنه: ثعلبة بن ميمون، وهشام بن سالم، وجعفر بن بشير، وآخرون».

(٣٣٣)

723-(469)- كمال الدين: علي بن أحمد بن موسى- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدّثنا إسماعيل بن مالك، عن محمّد بن سنان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إنّ العلم بكتاب الله (عزّ وجلّ) وسنّة نبيّه (صلّى الله عليه وآله) لينبت في قلب مهديّنا كما ينبت الزرع على أحسن نباته، فمن بقي منكم حتّى يراه فليقل حين يراه: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوّة ومعدن العلم وموضع الرسالة.
724-(470)- غيبة النعماني: حدّثنا علي بن أحمد، قال: حدّثني عبيد الله بن موسى العلوي، عن أبي محمّد موسى بن هارون بن عيسى المعبدي، قال: حدّثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، قال: حدّثنا سليمان بن بلال، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، عن أبيه، عن جدّه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: يا أمير المؤمنين، نبّئنا بمهديّكم هذا؟
فقال: إذا درج الدارجون، وقلّ المؤمنون، وذهب المجلبون، فهناك هناك، فقال: يا أمير المؤمنين ممّن الرجل؟ فقال: من بني هاشم، من ذروة طود العرب، وبحر مغيضها إذا وردت، ومخفر أهلها إذا اتيت، ومعدن صفوتها إذا اكتدرت، لا يجبن إذا المنايا هكعت، ولا يخور إذا المنون اكتنعت، ولا ينكل إذا الكماة اصطرعت، مشمّر، مغلولب، ظفر،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(469) كمال الدين: ج 2 ص 653 ب 57 ح 18؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 557 ب 15 وجاء فيه: «حتّى يلقاه» بدل «حتّى يراه»، وص 639 ب 42؛ البحار: ج 52 ص 317 و318 ب 27 ح 16.
(470) غيبة النعماني: ص 212- 214 ب 13 ح 1.

(٣٣٤)

ضرغامة، حصد، مخدش، ذكر، سيف من سيوف الله، رأس، قثم، نشوء رأسه في باذخ السؤدد، وعارز مجده في أكرم المحتد، فلا يصرفنّك عن بيعته صارف عارض، ينوص إلى الفتنة كلّ مناص، إن قال فشرّ قائل، وإن سكت فذو دعائر.
ثمّ رجع إلى صفة المهدي (عليه السلام) فقال: أوسعكم كهفا، وأكثركم علما، وأوصلكم رحما، اللهمّ فاجعل بعثه خروجا من الغمّة، واجمع به شمل الامّة، فإن خار الله لك فاعزم، ولا تنثن عنه إن وفّقت له، ولا تجوزنّ عنه إن هديت إليه، هاه- وأومأ بيده الى صدره- شوقا إلى رؤيته.
725-(471)- سنن الداني: قال ابن شوذب: إنّما سمّي المهدي لأنّه يهدي إلى جبل من جبال الشام، يستخرج منه أسفار التوراة، يحاجّ بها اليهود، فيسلم على يديه جماعة من اليهود.
ويدلّ عليه الحديثان: 726 و1182.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(471) عقد الدرر: ص 40 و41 ب 3، البرهان: ص 157 ب 8 ح 7؛ وفي إسعاف الراغبين ص 139 ب 2: وجاء في روايات:«...، وأنّ المهدي يستخرج تابوت السكينة من غار أنطاكية، وأسفار التوراة من جبل بالشام يحاجّ بها اليهود، فيسلم كثير منهم».
أقول: جاء ترجمة «ابن شوذب»، وهو عبد الله بن شوذب الخراساني في «تهذيب التهذيب»، وإنّما ذكرنا قوله في الأحاديث بناء على أنّهم كانوا لا يقولون في مثل هذه الأمور الّتي لا يعلمها إلّا من اوتي علمها من الله تعالى، إلّا بما وصل إليهم من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ومع ذلك حيث ورد نحو هذا عن كعب الأحبار المعلوم حاله، يحتمل أن يكون هو الأصل فيما قاله ابن شوذب وغيره من غير اعتماد على حديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فلا اعتماد بقوله.

(٣٣٥)

الفصل السادس والأربعون: في جوده (عليه السلام)، وأنّه يقسّم المال ولا يعدّه وفيه 29 حديثا

726-(472)- علل الشرائع: حدّثنا أبي- رحمه الله- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبد الله بن المغيرة، عن سفيان بن عبد المؤمن الأنصاري، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: أقبل رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) وأنا حاضر، فقال: رحمك الله، اقبض هذه الخمسمائة درهم فضعها في موضعها، فإنّها زكاة مالي، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): بل خذها أنت فضعها في جيرانك والأيتام والمساكين، وفي إخوانك من المسلمين، إنّما يكون هذا إذا قام قائمنا، فإنّه يقسّم بالسويّة، ويعدل في خلق الرحمن، البرّ منهم والفاجر، فمن أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله، فإنّما سمّي المهدي لأنّه يهدي إلى أمر خفيّ، يستخرج التوراة وسائر كتب الله من غار بأنطاكية، فيحكم بين أهل التوراة بالتوراة، وبين أهل الإنجيل بالإنجيل، وبين أهل الزبور بالزبور، وبين أهل الفرقان بالفرقان، وتجمع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(472) علل الشرائع: ج 1 ب 129 ص 161 ح 3؛ البحار: ج 51 ص 29 ح 2؛ غيبة النعماني: ص 237 ب 13 ح 26 بسنده عن جابر نحوه؛ البحار: ج 52 ص 350 و351 ب 27 ح 103 مع اختلاف؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 556 ب 14.

(٣٣٦)

إليه أموال الدنيا كلّها، ما في بطن الأرض وظهرها، فيقول للناس، تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام، وسفكتم فيه الدماء، وركبتم فيه محارم الله، فيعطي شيئا لم يعط أحد كان قبله، قال: وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): وهو رجل منّي، اسمه كاسمي، يحفظني الله فيه، ويعمل بسنّتي، يملأ الأرض قسطا وعدلا ونورا بعد ما تمتلئ ظلما وجورا وسوءا.
727-(473)- المصنّف: أخبرنا عبد الرزّاق، عن معمر، عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، قال: يكون على الناس إمام، لا يعدّ لهم الدراهم ولكن يحثو.
728-(474)- صحيح مسلم: حدّثنا زهير بن حرب، وعليّ بن حجر- واللفظ لزهير- قالا: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن الجريري، عن أبي نضرة، قال: كنّا عند جابر بن عبد الله، فقال: يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم، قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذاك. ثمّ قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدي، قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم، ثمّ سكت هنيئة، ثمّ قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يكون في آخر أمّتي خليفة يحثي المال حثيا، لا يعدّه عددا.
قال: قلت لأبي نضرة وأبي العلاء: أ تريان أنّه عمر بن عبد العزيز؟
فقالا: لا.
وحدّثنا ابن المثنّى، حدّثنا عبد الوهاب، حدّثنا سعيد- يعني:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(473) المصنّف: ج 11 ب المهدي ح 20774.
(474) صحيح مسلم: ج 8 ص 185؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 713 ب 54 ح 98 مع اختصار، كشف الغمّة: ج 2 ص 482، وجاء بدل «يجبى»: «يجي ء»، وبدل «مدي»: «مدّ»، البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 121 ب 10.

(٣٣٧)

الجريري- بهذا الإسناد نحوه.
729-(475)- صحيح مسلم: حدّثنا نصر بن علي الجهضمي، حدّثنا بشر- يعني: ابن المفضّل- ح؛ وحدّثنا علي بن حجر السعدي، حدّثنا إسماعيل- يعني ابن علية- كلاهما عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا، لا يعدّه عددا.
وفي رواية ابن حجر: يحثي المال.
730-(476)- صحيح مسلم: حدّثني زهير بن حرب، حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدّثنا أبي، حدّثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد وجابر بن عبد الله، قالا: قال رسول الله (صلّى الله عليه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(475) صحيح مسلم: ج 8 ص 185.
أقول: في حاشية صحيح مسلم (النسخة المطبوعة الّتي أخرجنا الحديث منها) ما لفظه: «وفي الآبي ذكر الترمذي وأبو داود هذا الخليفة، وسمّياه بالمهدي، انتهى». ولا ريب في أنّ هذا الخليفة هو المهدي (عليه السلام)، سيّما بقرينة سائر الروايات الّتي جاء فيها: «في آخر أمّتي»، و«في آخر الزمان» كما لا يخفى على أحد من الحذّاق في علم الحديث أنّ ما جاء في إمام يقوم في آخر الزمان، أو خليفة، أو من يملأ الأرض قسطا وعدلا، أو من يفعل كذا وكذا كلّها يرجع إلى شخص واحد متّصف بجميع هذه الصفات، وهو المهدي (عليه السلام).
قال الشيخ علي ناصف في «غاية المأمول» ج 5 ص 311: هذا هو المهدي- رضي الله عنه- بدليل الحديث الآتي(المذكور فيه المهدي (عليه السلام) تصريحا) وذلك لكثرة الغنائم والفتوحات، مع سخاء نفسه، وبذله الخير لكلّ الناس.
حلية الأبرار: ج 2 ص 713 ب 54 ح 99، كشف الغمّة: ج 2 ص 483؛ البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 122 ب 10، ومصادر اخرى.
(476) صحيح مسلم: ج 8 ص 185، حلية الأبرار: ج 2 ص 713 ب 54 ح 100؛ البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 122 و123؛ مسند أحمد بن حنبل: ج 3 ص 333 وص 38؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 483.

(٣٣٨)

[وآله] وسلّم): يكون في آخر الزمان خليفة يقسّم المال ولا يعدّه.
وحدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النّبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) بمثله.
731-(477)- سنن الترمذي: حدّثنا محمّد بن بشّار، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، قال: سمعت زيدا العمّي قال: سمعت أبا الصدّيق الناجي يحدّث عن أبي سعيد الخدري، قال: خشينا أن يكون بعد نبيّنا حدث، فسألنا نبيّ الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، فقال: إنّ في أمّتي المهديّ، يخرج يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا- زيد الشاكّ- قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: سنين، قال: فيجيء إليه رجل فيقول: يا مهديّ! أعطني أعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم). وأبو الصدّيق الناجي اسمه: بكر بن عمرو، ويقال: بكر بن قيس.
732-(478)- الفتن: حدّثنا فضيل بن عيّاض وابن عيينة جميعا، عن ليث، عن طاوس، قال: علامة المهديّ أن يكون شديدا على العمّال، جوادا بالمال، رحيما بالمساكين.
733-(479)- الفتن: حدّثنا عبد الرزّاق، عن معمر، عن قتادة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(477) سنن الترمذي: ج 4 ص 506؛ كتاب الفتن(34) ب 53 ح 2232؛ مصابيح السنّة: ج 2 ص 194 ب أشراط الساعة؛ كنز العمّال: ج 14 ص 262 ح 38654؛ منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 29، ينابيع المودّة: ص 431 و435؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 478.
(478) الفتن: ج 5 ص 191؛ عقد الدرر: ص 167 ب 8.
(479) الفتن: ج 5 ص 193.

(٣٣٩)

قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): إنّه- يعني: المهديّ (عليه السلام)- سيخرج الكنوز، ويقسّم المال، ويلقي الإسلام بجرانه.
734-(480)- الفتن: حدّثنا ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، قال: قال طاوس: وددت أنّي لا أموت حتّى أدرك زمان المهدي، يزاد المحسن في إحسانه، ويتاب على المسيء.
(وفيه أيضا قال:) حدّثنا حميد الرواسي، عن محمّد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس قال: إذا كان المهديّ زيد المحسن في إحسانه، وتيب على المسيء من إساءته، وهو يبذل المال، ويشدّ على العمّال، ويرحم المساكين.
735-(481)- الفتن: حدّثنا يحيى، عن سيف بن واصل، عن أبي يونس، عن أبي رؤبة، قال: المهديّ كأنّما يلعق المساكين الزبد.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 160، 358، 379، 380، 383 إلى 389، 436، 437، 453، 503، 583، 699، 700، 701.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(480) الفتن: ج 5 ص 193؛ عقد الدرر: ص 143 ب 7.
(481) الفتن: ج 5 ص 191؛ عقد الدرر: ص 227 ب 9 ف 3.

(٣٤٠)

الفصل السابع والأربعون: في أنّ الله تعالى يظهر على يده معجزات الأنبياء لإتمام الحجّة على الأعداء وأنّ معه مواريث الأنبياء وراية رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وفيه 15 حديثا

736-(482)- غيبة النعماني: أخبرنا أبو سليمان أحمد بن هوذة، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدّثنا عبد الله بن حمّاد الأنصاري، قال: حدّثنا أبو الجارود زياد بن المنذر، قال: قال أبو جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام): إذا ظهر القائم (عليه السلام) ظهر براية رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وخاتم سليمان، وحجر موسى وعصاه، ثمّ يأمر مناديه فينادي: ألا لا يحملنّ رجل منكم طعاما ولا شرابا ولا علفا، فيقول أصحابه: إنّه يريد أن يقتلنا ويقتل دوابّنا من الجوع والعطش، فيسير ويسيرون معه، فأوّل منزل ينزله يضرب الحجر فينبع منه طعام وشراب وعلف، فيأكلون ويشربون دوابّهم، حتّى ينزلوا النجف بظهر الكوفة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(482) غيبة النعماني: ص 238 ب 13 ح 28؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 579 ب 19.

(٣٤١)

737-(483)- الأمالي للشيخ المفيد: قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه- رحمه الله- عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان، عن بشير الكناسي، عن أبي خالد الكابلي، قال: قال لي علي بن الحسين (عليهما السلام): يا أبا خالد: لتأتينّ فتن كقطع الليل المظلم، لا ينجو إلّا من أخذ الله ميثاقه، اولئك مصابيح الهدى، وينابيع العلم، ينجّيهم الله من كلّ فتنة مظلمة، كأنّي بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، وإسرافيل أمامه، معه راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد نشرها، لا يهوي بها إلى قوم إلّا أهلكهم الله (عزّ وجلّ).
738-(484)- غيبة فضل بن شاذان: حدّثنا أحمد بن محمّد بن أبي نصر- رضي الله عنه- قال: حدّثنا حمّاد بن عيسى، قال: حدّثنا عبد الله بن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد (عليهما السلام): ما من معجزة من معجزات الأنبياء والأوصياء إلّا يظهر الله تبارك وتعالى مثلها على يد قائمنا، لإتمام الحجّة على الأعداء.
739-(485)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عبد الله بن محمّد، عن منيع بن الحجّاج البصري، عن مجاشع، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(483) الأمالي: ص 45 المجلس السادس ح 5.
(484) كفاية المهتدي(الأربعين): ص 141 ح 37؛ كشف الحقّ(الأربعين): ص 67 ح 13؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 700 ب 33 ف 7 ح 137 عن كتاب الفضل بن شاذان.
(485) الكافي: ج 1 ص 231 باب ما عند الأئمّة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) ح 1؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 439 ب 32 ح 2؛ بصائر الدرجات: الجزء الرابع باب ما عند الأئمّة (عليهم السلام) من سلاح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) و... ص 183 ح 36، البحار: ج 52 ص 27 ص 318 و319 ح 19، كمال الدين: ج 2 ص 674 ب 58 ح 27، حلية الأبرار: ج 2 ص 578 ب 19.

(٣٤٢)

معلّى، عن محمّد بن الفيض، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كانت عصا موسى لآدم (عليه السلام)، فصارت إلى شعيب، ثمّ صارت إلى موسى بن عمران، وإنّها لعندنا، وإنّ عهدي بها آنفا، وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها، وإنّها لتنطق إذا استنطقت، اعدّت لقائمنا (عليه السلام)، يصنع بها ما كان يصنع موسى، وإنّها لتروّع وتلقف ما يأفكون، وتصنع ما تؤمر به، إنّها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون، يفتح لها شعبتان: إحداهما في الأرض، والاخرى في السقف، وبينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها.
740-(486)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي سعيد الخراساني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إنّ القائم إذا قام بمكّة وأراد أن يتوجّه إلى الكوفة نادى مناديه: ألا لا يحمل أحد منكم طعاما ولا شرابا، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلّا انبعث عين منه، فمن كان جائعا شبع، ومن كان ظامئا روي، فهو زادهم حتّى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة.
741-(487)- كمال الدين: وبهذا الإسناد(488)، عن أبان بن تغلب،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(486) الكافي: ج 1 ص 231 باب ما عند الأئمّة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) ح 3؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 579 ب 19؛ كمال الدين: ج 2 ص 670 و671 ب 58 ح 17 مع اختلاف؛ كشف الحقّ: ص 207 ح 37 مختصرا مع اختلاف في السند؛ البحار: ج 52 ص 324 ب 27 ح 37 مع اخلاف يسير في اللفظ والسند؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 351 ب 32 ح 3.
(487) كمال الدين: ج 2 ص 671 و672 ب 58 ح 22؛ البحار: ج 52 ص 325 ب 27 ح 40؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 642 ب 44 مختصرا؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 493 ب 32 ح 244 و245 مختصرا.
(488) أي: «ابن الوليد، عن الصفّار، عن يعقوب، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان».

(٣٤٣)

قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كأنّي أنظر إلى القائم (عليه السلام) على ظهر النجف، فإذا استوى على ظهر النجف ركب فرسا أدهم أبلق، بين عينيه شمراخ، ثمّ ينتفض به فرسه، فلا يبقى أهل بلدة إلّا وهم يظنّون أنّه معهم في بلادهم، فإذا نشر راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله) انحطّ إليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثة عشر ملكا، كلّهم ينتظر القائم (عليه السلام)، وهم الذين كانوا مع نوح (عليه السلام) في السفينة، والّذين كانوا مع إبراهيم الخليل (عليه السلام) حيث ألقي في النار، وكانوا مع عيسى (عليه السلام) حيث رفع، وأربعة آلاف مسوّمين ومردفين وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكا يوم بدر، وأربعة آلاف ملك الّذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، فلم يؤذن لهم فصعدوا في الاستئذان، وهبطوا وقد قتل الحسين (عليه السلام)، فهم شعث غبر، يبكون عند قبر الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة، وما بين قبر الحسين (عليه السلام) إلى السماء مختلف الملائكة.
742-(489)- كمال الدين: وبهذا الإسناد، عن أبان بن تغلب، قال: حدّثني أبو حمزة الثمالي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): كأنّي أنظر الى القائم (عليه السلام) قد ظهر على نجف الكوفة، فإذا ظهر على النجف نشر راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، [و] عمودها من عمد عرش الله تعالى، وسائرها من نصر الله (عزّ وجلّ)، ولا تهوى بها إلى أحد إلّا أهلكه الله تعالى، قال: قلت: أو تكون معه أو يؤتى بها؟ قال: بلى، يؤتى بها، يأتيه بها جبرئيل (عليه السلام).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(489) كمال الدين: ج 2 ص 672 ب 58 ح 23؛ البحار: ج 52 ص 326 ب 27 ح 41؛ النوادر: ص 182 كتاب أنباء القائم (عليه السلام) ب 66؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 493 ب 32 ح 245 مختصرا.

(٣٤٤)

743-(490)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثنا محمّد بن المفضّل بن إبراهيم، وسعدان بن إسحاق بن سعيد، وأحمد بن الحسين بن عبد الملك، ومحمّد بن أحمد بن الحسن القطواني، قالوا جميعا: حدّثنا الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: عصا موسى قضيب آس من غرس الجنّة، أتاه بها جبرائيل (عليه السلام) لما توجّه تلقاء مدين، وهي وتابوت آدم في بحيرة طبريّة، ولن يبليا ولن يتغيّرا حتّى يخرجهما القائم (عليه السلام) إذا قام.
744-(491)- كامل الزيارات: حدّثني الحسين بن محمّد بن عامر، عن أحمد بن إسحاق بن سعد، عن سعدان بن مسلم، عن عمر بن أبان، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كأنّي بالقائم على نجف الكوفة وقد لبس درع رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فينتفض هو بها فتستدير عليه، فيغشاها بحداجة من استبرق، ويركب فرسا أدهم بين عينه شمراخ، فينتفض به انتفاضة لا يبقى أهل بلد إلّا وهم يرون أنّه معهم في بلادهم، فينشر راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، عمودها من عمود العرش، وسائرها من نصر الله، لا يهوي بها إلى شيء أبدا إلّا هتكه الله، فإذا هزّها لم يبق مؤمن إلّا صار قلبه كزبر الحديد، ويعطى المؤمن قوّة أربعين رجلا، ولا يبقى مؤمن إلّا دخلت عليه تلك الفرحة في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(490) غيبة النعماني: ص 238 ب 13 ح 27؛ البحار: ج 52 ص 351 ح 104 ب 27؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 540- 541 ب 32 ف 27 ح 508؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 579- 580 ب 19.
(491) كامل الزيارات: ص 119 و120 ب 41 ح 5؛ البحار: ج 52 ص 328 ح 48 وص 391 ب 27 ح 214 عن الكتاب المذكور نحوه؛ دلائل الإمامة: ص 243 ب معرفة وجوب القائم مع اختلاف في بعض الألفاظ؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 493 ب 32 ح 244 مختصرا؛ العدد القوية: ص 74.

(٣٤٥)

قبره، وذلك حين يتزاورون في قبورهم، ويتباشرون بقيام القائم، فينحطّ عليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكا، قلت: كلّ هؤلاء الملائكة؟ قال: نعم، الّذين كانوا مع نوح في السفينة، والّذين كانوا مع إبراهيم حين القي في النار، والّذين كانوا مع موسى حين فلق البحر لبني إسرائيل، والّذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه، وأربعة آلاف ملك مع النبيّ (صلّى الله عليه وآله) مسوّمين وألف مردفين وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريّين، وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين (عليه السلام) فلم يؤذن لهم في القتال، فهم عند قبره شعث غبر، يبكونه إلى يوم القيامة، ورئيسهم ملك يقال له: منصور، فلا يزوره زائر إلّا استقبلوه، ولا يودّعه مودّع إلّا شيّعوه، ولا يمرض مريض إلّا عادوه، ولا يموت ميّت إلّا صلّوا على جنازته واستغفروا له بعد موته، وكلّ هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم (عليه السلام) إلى وقت خروجه عليه صلوات الله والسلام.
745-(492)- غيبة النعماني: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر القرشي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال: حدّثنا محمّد بن سنان، عن حمّاد بن أبي طلحة، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): يا ثابت! كأني بقائم أهل بيتي قد أشرف على نجفكم هذا- وأومأ بيده إلى ناحية الكوفة- فإذا هو أشرف على نجفكم نشر راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فإذا هو نشرها انحطّت عليه ملائكة بدر، قلت: وما راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟ قال: عمودها من عمد عرش الله ورحمته، وسائرها من نصر الله، لا يهوي بها إلى شيء إلّا أهلكه الله،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(492) غيبة النعماني: ص 308 و309 ب 19 ح 3؛ البحار: ج 52 ص 361 و362 ب 27 ح 130؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 545- 546 ب 32 ح 534.

(٣٤٦)

قلت: فمخبوّة عندكم حتّى يقوم القائم (عليه السلام)، أم يؤتى بها؟ قال: بل يؤتى بها، قلت: من يأتيه بها؟ قال: جبرئيل (عليه السلام).
746-(493)- غيبة النعماني: حدّثنا محمّد بن همّام، قال: حدّثنا أحمد بن مابنداذ، قال: حدّثنا أحمد بن هلال، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي المغراء، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لمّا التقى أمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل البصرة نشر الراية- راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله)- فزلزلت أقدامهم، فما اصفرّت الشمس حتّى قالوا: آمنّا يا ابن أبي طالب، فعند ذلك قال: لا تقتلوا الأسرى، ولا تجهزوا الجرحى، ولا تتبّعوا مولّيا، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ولمّا كان يوم صفّين سألوه نشر الراية فأبى عليهم، فتحمّلوا عليه بالحسن والحسين (عليهما السلام) وعمّار بن ياسر رضي الله عنه فقال للحسن: يا بنيّ، إنّ للقوم مدّة يبلغونها، وإنّ هذه راية لا ينشرها بعدي إلّا القائم صلوات الله عليه.
747-(494)- الفتن: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن قيس، عن عبد الله بن شريك، قال: مع المهديّ راية رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) المغلبة.
أقول: وفي هذا الباب عن كعب الأحبار روايات تركناها استغناء عن مثلها.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 373، 555، 1213.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(493) غيبة النعماني: ص 307 ب 19 ح 1؛ البحار: ج 52 ص 367 ب 27 ح 151؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 544- 545 ب 32 ح 532.
(494) الفتن: ج 5 ص 191.

(٣٤٧)

الفصل الثامن والأربعون: في أنّه لا يظهر إلّا بعد امتحان شديد، ووقوع المؤمنين في المضائق الشديدة والبليّات العظيمة وفيه 42 حديثا

748-(495)- المصنّف: أخبرنا عبد الرزّاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: لتملأن الأرض ظلما وجورا، حتّى لا يقول أحد الله الله، يستعلق به، ثمّ لتملأنّ بعد ذلك قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
749-(496)- غيبة الشيخ: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، قال: حدّثني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(495) المصنّف: ج 11 باب المهدي ح 20776.
(496) غيبة الشيخ: ص 335- 336 ح 281؛ البحار: ج 52 ص 112 ب 21 ح 23 مثله؛ غيبة النعماني: ص 208- 209 ب 12 ح 16 مع اختلاف لفظي، غير أنّه أخرجه عن محمّد بن منصور بن الصيقل عن أبيه (وقال:) دخلت على أبي جعفر الباقر (عليه السلام)... الحديث.
أقول: منصور بن الوليد الصيقل، كوفي يكنّى أبا محمّد، روى عنهما(جامع الرواة).
وفي طبقات رجال الكافي لاستاذنا الأكبر السيّد البروجردي قدّس سرّه أنّه منصور بن عبد الله الصيقل، من الخامسة يروي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وابنه محمّد بن منصور من السادسة.

(٣٤٨)

علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان النيسابوري، عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن منصور، عن أبيه، قال: كنّا عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة نتحدّث، فالتفت إلينا فقال: في أيّ شيء أنتم؟
أيهات أيهات، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تغربلوا، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا [لا والله لا يكون ما تمدّون إليه اعينكم حتّى تتمحّصوا] لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلّا بعد إياس، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى يشقى من شقي، ويسعد من سعد.
750-(497)- دلائل الإمامة: قال أبو علي النهاوندي: حدّثنا القاشاني، قال: حدّثنا محمّد بن سليمان، قال: حدّثنا علي بن سيف، قال: حدّثني أبي، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فشكى إليه طول دولة الجور، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): والله [لا يكون] ما تأملون حتّى يهلك المبطلون، ويضمحلّ الجاهلون، ويأمن المتّقون، وقليل ما يكون، حتى لا يكون لأحدكم موضع قدمه، وحتى تكونوا على الناس أهون من الميت [الميتة] عند صاحبها، فبينا أنتم كذلك إذا جاء نصر الله والفتح، وهو قوله (عزّ وجلّ) في كتابه: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا)(498).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(497) دلائل الإمامة: ص 251- 252 باب معرفة وجوب القائم... ح 49؛ إلزام الناصب: ج 1 ص 68 الآية السادسة والثلاثون من قوله تعالى: («حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا»)، المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة: الآية الحادية والثلاثون ص 107.
(498) يوسف: 110.

(٣٤٩)

751-(499)- نهج البلاغة: ومن خطبة له (عليه السلام): ألا بأبي وامّي هم، من عدّة أسماؤهم في السماء معروفة، وفي الأرض مجهولة، ألا فتوقّعوا ما يكون من إدبار أموركم، وانقطاع وصلكم، واستعمال صغاركم، ذاك حيث تكون ضربة السيف على المؤمن أهون من الدرهم من حلّه، ذاك حيث يكون المعطى أعظم أجرا من المعطي، ذاك حيث تسكرون من غير شراب، بل من النعمة والنعيم، وتحلفون من غير اضطرار، وتكذبون من غير إحراج، ذاك إذا عضّكم البلاء كما يعضّ القتب غارب البعير، ما أطول هذا العناء، وأبعد هذا الرجاء!
752-(500)- غيبة الشيخ: أحمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): أما والله لا يكون الّذي تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا وتمحّصوا، حتّى لا يبقى منكم إلّا الأندر، ثمّ تلا: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا ولَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ ويعلم الصّابرين).
753-(501)- غيبة الشيخ: عن جابر الجعفي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): متى يكون فرجكم؟ فقال: هيهات هيهات! لا يكون فرجنا حتّى تغربلوا، ثمّ تغربلوا، ثمّ تغربلوا- يقولها ثلاثا- حتّى يذهب الله تعالى الكدر ويبقي الصفو.
754-(502)- غيبة الشيخ: وعنه (يعني محمّد بن عبد الله بن جعفر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(499) نهج البلاغة لصبحي الصالح: خ 187 ص 277.
(500) غيبة الشيخ: ص 336- 337 ح 283؛ البحار: ج 52 ص 113 ب 21 ح 24.
(501) غيبة الشيخ: ص 339 ح 287؛ البحار: ج 52 ص 113 ب 21 ح 28.
(502) غيبة الشيخ: ص 340 ح 289؛ البحار: ج 52 ص 101 و102 ب 21 ح 3؛ غيبة النعماني: ص 207 ب 12 ح 13 مع زيادة: «عن الربيع، عن مهزم وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)».

(٣٥٠)

الحميري) عن أبيه، عن أيّوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر، عن الربيع بن محمّد المسلي، قال: قال [لي] أبو عبد الله (عليه السلام): والله لتكسرنّ كسر الزجاج، وإنّ الزجاج يعاد فيعود كما كان، والله لتكسرنّ كسر الفخار، وإنّ الفخار لا يعود كما كان، [والله لتميزنّ]، والله لتمحصنّ، والله لتغربلنّ كما تغربل الزوان (503) من القمح.
755-(504)- الكافي: محمّد بن يحيى، والحسن بن محمّد [الحسن بن علي- خ]، عن جعفر بن محمّد، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن جعفر بن محمّد الصيقل، عن أبيه، عن منصور، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا منصور! إنّ هذا الأمر لا يأتيكم إلّا بعد إياس، ولا والله حتّى تميّزوا ولا والله حتّى تمحّصوا، ولا والله حتّى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 113، 245، 254، 286، 327، 337، 342، 407، 411، 427، 433، 456، 511، 527، 534، 538، 617، 618، 619، 641، 669، 908، 911، 912، 971، 1015، 1017، 1018، 1019، 1022، 1023، 1024، 1130، 1195.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(503) الزوان: ما يخرج من الطعام فيرمى به، وهو الرديء منه (لسان العرب: مادّة: زون).
(504) الكافي: ج 1 ص 370 ب 141 ح 3؛ كمال الدين: ج 2 ص 346 ب 33 ح 32 مع اختلاف يسير في اللفظ عن محمّد بن الفضيل عن أبيه عن منصور وفيه: «حتّى تمحّصوا»، البحار: ج 52 ص 111 ب 21 ح 20.

(٣٥١)

الفصل التاسع والأربعون: في أنّه يؤمّ عيسى بن مريم، ويصلّي عيسى خلفه (عليهما السلام) وفيه 36 حديثا

756-(505)- البيان في أخبار صاحب الزمان: أخبرنا الحافظ يوسف بحلب، أخبرنا القاضي أبو المكارم، أخبرنا [أبو الحسن بن أحمد] أبو علي الحسن بن أحمد، أخبرنا الحافظ [أبو الفرج] أبو نعيم، أخبرنا أبو الفرج الأصبهاني، أخبرنا أحمد بن الحسن بن شعبة، حدّثنا أبي، حدّثنا حصين بن مخارق، عن الخليل بن لطيف، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): منّا الّذي يصلّي عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه.
قلت: أخرجه الحافظ أبو نعيم في كتاب «مناقب المهدي (عليه السلام)»، وكتابه أصل.
757-(506)- غاية المأمول للطبراني: يلتفت المهدي، وقد نزل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(505) البيان: ص 116 ب 7؛ كنز العمّال: ج 14 ب 266 ح 38673 أخرجه عن أبي نعيم في كتاب المهدي عن أبي سعيد؛ منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 30؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 706 ح 73 ب 54؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 158 ب 9 ح 1.
(506) غاية المأمول (شرح التاج الجامع للاصول): ج 5 ص 365؛ إسعاف الراغبين: ص 147 وقال: في صحيح ابن حبّان في «إمامة المهدي» نحوه، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 158 «عن أبي عمرو الداني في سننه عن حذيفة قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يلتفت المهدي...»، الصواعق المحرقة: في الآية الثانية عشرة من الآيات الواردة فيهم(في أهل البيت (عليهم السلام)) ص 164 عن الطبراني وصحيح ابن حبّان؛ ينابيع المودّة: ص 433 و469 ب 73 و85؛ جواهر العقدين: ق 2 ذ 8 عن حذيفة، وقال: أخرجه الطبراني، وفي صحيح ابن حبّان من حديث عقبة بن عامر في إمامة المهدي نحوه؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 160 ب التاسع ح 9 عن أبي عمرو الداني في سننه؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 719 ب 54 ح 121 مختصرا عن معجم الطبراني ومناقب المهدي لأبي نعيم.

(٣٥٢)

عيسى بن مريم (عليه السلام)، كأنّه يقطر من شعره الماء، فيقول له المهدي: تقدّم صلّ بالناس، فيقول: إنّما اقيمت لك الصلاة، فيصلّي خلف رجل من ولدي وهو المهدي رضي الله عنه.
758-(507)- الفتن: عن غير واحد، عن حمّاد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن رجل، عن عبد الله بن عمرو، قال: المهديّ الّذي ينزل عليه عيسى بن مريم، ويصلّي خلفه عيسى (عليهما السلام).
759-(508)- الفتن: حدّثنا أبو اسامة، عن هشام، عن محمّد، قال: المهديّ من هذه الامّة، وهو الّذي يؤمّ عيسى بن مريم (عليهما السلام).
760-(509)- المصنّف لابن أبي شيبة: حدّثنا أبو اسامة، عن هشام، عن ابن سيرين، قال: المهديّ من هذه الامّة، وهو الّذي يؤمّ عيسى بن مريم (عليهما السلام).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(507) الفتن: ج 5 ص 200.
(508) الفتن: ج 5 ص 200 ب نسبة المهدي؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 719 ب 54 ح 123؛ ينابيع المودّة: ص 449 ب 78.
(509) المصنّف لابن أبي شيبة: ج 5 ص 198 كتاب الفتن ح 19495؛ الإعلام بحكم عيسى (عليه السلام)(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 299 وهو آخر ما في الإعلام، العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 135.

(٣٥٣)

761-(510)- الفتن لأبي صالح السليلي: حدّثنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا سفيان بن سعيد الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن خراش، قال: سمعت حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فذكر حديث الفتن بطوله ثمّ قال:- قد أفلحت أمّة أنا أوّلها، وعيسى آخرها، فيصلّي خلف رجل من ولدي... الحديث.
762-(511)- الدرّ المنثور: وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والحاكم وصحّحه، عن عثمان بن أبي العاص: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول... فذكر الحديث إلى أن قال: فينزل عيسى عند صلاة الفجر، فيقول له أمير الناس: تقدّم يا روح الله فصلّ بنا، فيقول: إنّكم معشر هذه الامّة امراء بعضكم على بعض، تقدّم أنت فصلّ بنا، فيتقدّم فيصلّي بهم، فإذا انصرف أخذ عيسى حربته نحو الدجّال، فإذا رآه ذاب كما يذوب الرصاص، فتقع حربته بين ثندوته فيقتله، ثمّ ينهزم أصحابه، فليس شيء يومئذ يجنّ أحدا منهم، حتّى إنّ الحجر يقول: يا مؤمن! هذا كافر فاقتله، والشجر يقول: يا مؤمن! هذا كافر فاقتله.
763-(512)- سنن ابن ماجة: حدّثنا علي بن محمّد، حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(510) الملاحم والفتن: ص 153 ب 83 ممّا أخرجه عن كتاب الفتن لأبي صالح السليلي.
(511) الدرّ المنثور: ج 2 ص 243؛ الإعلام بحكم عيسى (عليه السلام)(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 298؛ مجمع الزوائد: ج 7 ص 342 ب ما جاء في الدجّال نحوه؛ مسند أحمد: ج 4 ص 216 و217 نحوه؛ التصريح بما تواتر في نزول المسيح: ص 162- 164 ح 12 نحوه؛ المستدرك: ج 4 ص 478.
(512) سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1359- 1362 ح 4407، سنن أبي داود: ج 4 ص 117؛ صحيح ابن خزيمة(مخطوط)؛ المستدرك: ج 4 ص 536 وأقرّه الذهبي في تلخيص المستدرك؛ فتح الباري: ج 6 ص 358 و450 وج 13 ص 83 و84 و87 و88 و93؛ تفسير ابن كثير: ج 1 ص 581؛ التصريح بما تواتر في نزول المسيح: ص 142- 156 ح 13؛ عقد الدرر: ص 231 ب 10؛ حلية الأولياء: ج 2 ص 712 ح 94 مختصرا وج 6 ص 108؛ الإعلام بحكم عيسى (عليه السلام)(الحاوي للفتاوي): ج 3 ص 298.
أقول: لا صراحة لهذا الحديث على أنّ عيسى يصلّي خلف المهدي (عليهما السلام)، إلّا أنّه يستظهر منه بقرينة سائر الروايات ذلك، كما يستظهر منه بالقرينة المقاميّة ذلك، فإنّ إعراض عيسى عن الصلاة جماعة وتركه الاقتداء به والصلاة مع المسلمين بعيد جدّا، فكأنّه اختصرت الحكاية واكتفي بوضوح الحال.
البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: ص 160 ب 9 ح 6؛ نور الأبصار: ص 188.

(٣٥٤)

عبد الرحمن المحاربي، عن إسماعيل بن رافع أبي رافع، عن أبي زرعة الشيباني يحيى بن أبي عمرو، عن أبي امامة الباهلي، قال: خطبنا رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، فكان أكثر خطبته حديثا حدّثناه عن الدجّال وحذّرناه... ثمّ ذكر الحديث إلى أن قال: وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدّم يصلّي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريم الصبح، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدّم عيسى يصلّي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثمّ يقول له: تقدّم فصلّ، فإنّها لك اقيمت، فيصلّي بهم إمامهم... الحديث.
764-(513)- عيون المعجزات: عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه أخبر الأئمّة بخروج المهدي خاتم الأئمّة، الّذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، وأنّ عيسى (عليه السلام) ينزل عليه وقت خروجه وظهوره، ويصلّي خلفه، [قال:] وهذا خبر قد اتفقت عليه الشيعة، والعلماء، وغير العلماء، والسنّة، والخاصّ، والعامّ، والشيوخ، والأطفال لشهرة هذا الخبر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(513) عيون المعجزات: ص 141.

(٣٥٥)

765-(514)- عيون المعجزات: عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): والّذي نفسي بيده إنّ مهديّ هذه الإمامة [الامّة- ظ] الّذي يصلّي خلفه عيسى (عليه السلام) منّا؛ ثمّ ضرب بيده على منكب الحسين (عليه السلام) وقال: من هذا، من هذا.
766-(515)- التفضيل: وممّا نقلته الشيعة، وبعض محدّثي العامّة أنّ المهدي صلّى الله عليه إذا ظهر أنزل الله تعالى المسيح (عليه السلام)، فإنّهما يجتمعان، فإذا حضرت صلاة الفرض قال المهديّ للمسيح: تقدّم يا روح الله، يريد تقدّم الإمامة، فيقول المسيح: أنتم أهل البيت لا يتقدّمكم أحد، فيتقدّم المهدي ثمّ يصلّي المسيح خلفه صلّى الله عليهما.
767-(516)- حاشية فتح المبين: وفي رواية ينزل بعد شروع المهدي في الصلاة، فيرجع المهدي القهقرى ليتقدّم عيسى (عليه السلام)، فيضع عيسى (عليه السلام) يده بين كتفيه ويقول له: تقدّم.- وقال قبل نقل هذه الرواية-: ونزوله يكون عند صلاة الفجر.
768-(517)- أنوار التنزيل: في الحديث: ينزل عيسى على ثنيّة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(514) عيون المعجزات: ص 64.
(515) التفضيل: ص 24.
(516) حاشية فتح المبين: ص 76 ط مصر سنة 1307 ه؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 712 ب 54 ح 94 نقلا عن الحافظ أبي عبد الله.
(517) أنوار التنزيل(في تفسير قوله تعالى: وإنّه لعلم للساعة): ج 2 ص 370، السيرة الحلبيّة: ج 1 ص 226 ط مصر مطبعة مصطفى محمّد، روح البيان والكشّاف في تفسير الآية المذكورة، روح المعاني: ج 25 ص 95؛ الإعلام بحكم عيسى (عليه السلام)(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 297- 299.
أقول: جاء في بعض ما روي من طرق العامّة أنّ عيسى على نبيّنا وآله و(عليه السلام) يقتل الدجّال، ودلّت الأحاديث المعتبرة المرويّة من طرق أهل البيت (عليهم السلام) أنّ المهدي (عليه السلام) هو الّذي يقتل الدجّال،(راجع: ج 3 ص ف 7 ب 7) ويمكن الجمع بينهما ببناء «يقتل» في الحديث على المجهول، أو أنّ المراد أنّه يعين المهدي (عليه السلام) على قتله، أو أنّه يباشر قتله بأمر المهدي (عليه السلام).

(٣٥٦)

بالأرض المقدّسة يقال لها: أفيق، وبيده حربة يقتل بها الدجّال، فيأتي بيت المقدس والناس في صلاة الصبح، فيتأخّر الإمام، فيقدّمه عيسى ويصلّي خلفه على شريعة محمّد عليه الصلاة والسلام.
وقال علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي في السيرة الحلبيّة: نزوله يكون عند صلاة الفجر، فيصلّي خلف المهدي بعد أن يقول له المهدي: تقدّم يا روح الله! فيقول: تقدّم فقد اقيمت لك.
وقال نحوه في روح البيان في تفسير قوله تعالى: (وإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ)(518)، وذكر في الكشّاف أيضا نحوه.
وفي تفسير روح المعاني: المشهور نزوله بدمشق والناس في صلاة الصبح، فيتأخّر الإمام وهو المهدي، فيقدّمه عيسى (عليه السلام) ويصلّي خلفه، ويقول: إنّما اقيمت لك.
وقال السيوطي في الإعلام بحكم عيسى (عليه السلام) ردّا على من أنكر صلاة عيسى خلف المهدي (عليه السلام)، وقال في توجيه ذلك: «إنّ النبيّ أجلّ مقاما من أن يصلّي خلف غير نبيّ»: وهذا من أعجب العجب، فإنّ صلاة عيسى خلف المهدي ثابتة في عدّة أحاديث صحيحة، بإخبار الرسول (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، وهو الصادق المصدّق الّذي لا يخلف خبره... ثمّ ذكر طائفة من هذه الأحاديث وساق الكلام إلى أن قال: ولست أعجب من إنكار من لا يعرف، إنّما أعجب من إقدامه على تسطير ذلك في ورق يخلد بعده!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(518) الزخرف: 61.

(٣٥٧)

769-(519)- تفسير القمّي: حدّثني أبي، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن أبي حمزة، عن شهر بن حوشب، قال: قال لي الحجّاج بأنّ آية في كتاب الله قد أعيتني، فقلت: أيّها الأمير، أيّة آية هي؟ فقال: قوله: (وإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)، والله إنّي لآمر باليهودي والنصراني فيضرب عنقه، ثمّ أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد، فقلت: أصلح الله الأمير ليس على ما تأوّلت، قال: وكيف هو؟ قلت: إنّ عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا، فلا يبقى أهل ملّة يهودي ولا نصراني إلّا آمن به قبل موته، ويصلّي خلف المهدي، قال: ويحك أنّي لك هذا، ومن أين جئت به؟
فقلت: حدّثني به محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فقال: جئت بها والله من عين صافية.
770-(520)- عيون أخبار الرضا (عليه السلام): حدّثنا تميم بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(519) تفسير القمّي: ج 1 ص 158 ضمن سورة النساء آية: 159؛ الأربعين للمجلسي: ص 411 ح 28 نحوه عن عليّ بن الحسين (عليهما السلام)؛ مجمع البيان: ج 2 ص 137، وقال في تفسير الآية: «اختلف فيه على أقوال: أحدها: أنّ كلا الضميرين يعودان إلى المسيح، أي ليس يبقى أحد من أهل الكتاب- من اليهود والنصارى- إلّا ويؤمننّ بالمسيح قبل موت المسيح إذا أنزله الله إلى الأرض وقت خروج المهدي في آخر الزمان لقتل الدجّال، فتصير الملل كلّها ملّة واحدة، وهي ملّة الإسلام الحنيفيّة دين إبراهيم؛ عن ابن عبّاس، وأبي مالك، والحسن، وقتادة، وابن زيد، وذلك حين لا ينفعهم الإيمان، واختاره الطبري قال: والآية خاصّة لمن يكون منهم في ذلك الزمان. وذكر علي بن إبراهيم في تفسيره أنّ أباه حدّثه عن سليمان بن داود المنقري... ثمّ ذكر الحديث». تفسير الصافي: ج 1 ص 411... مثله؛ تفسير نور الثقلين: ج 1 ص 473؛ تفسير البرهان: ج 1 ص 426؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 619 ب 34؛ المحجّة: ص 62.
(520) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 2 ص 200 و201 و202 ب 46 ح 1.
أقول: قد جاء في هذا الحديث الشريف ذكر الرجعة، وقد دلّت عليها الأحاديث الصحيحة والمتواترة معنى وإجمالا من طرق أهل البيت (عليهم السلام)، بل دلّ عليه الكتاب المجيد؛ مثل قوله تعالى: (ويَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ)، فإنّه لا ريب في أنّ هذا اليوم ليس يوم القيامة الكبرى، لأنّه يحشر فيه جميع الأمم كما قال تعالى: (وحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)، وقد أفرد في إثباتها جمع من قدماء الأصحاب، وعلى هذا يجب الاعتقاد بها على سبيل الإجمال دون التفاصيل الّتي جاءت في أخبار الآحاد، إلّا ما ثبت بالأخبار المتواترة أو المحفوفة بالقرائن الّتي يحصل القطع واليقين بها.
ومراده (عليه السلام) بنطق القرآن بالرجعة في الأمم السالفة آيات ناطقة بها، مثل قوله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ الله مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ)، وقوله تعالى: (أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ الله مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ)، وقوله تعالى لعيسى (عليه السلام): (وإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي)، وقوله (عزّ وجلّ) في قصّة المختارين من قوم موسى لميقات ربّه: (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، وقوله عزّ من قائل في استجابته لأيّوب: (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وآتَيْناهُ أَهْلَهُ ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) هذا، وتمام الكلام في الرجعة، وما قيل فيها، وما تأوّل بها ما ورد في وقوعها في آخر الزمان، وما اجيب عنه، وغير ذلك ممّا يتعلّق بها يطلب من الكتب المفردة فيها، وغيرها من الكتب المفصّلة والموسوعات كالبحار: ج 53 ص 39- 144 باب(29) الرجعة، والأربعين للمجلسي: ص 400- 448 ح 28.

(٣٥٨)

عبد الله بن تميم القرشي- رضي الله عنه- قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا أحمد بن علي الأنصاري، عن الحسن بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة، فسأله بعضهم فقال له: يا ابن رسول الله! بأيّ شيء تصحّ الإمامة لمدّعيها؟ قال: بالنصّ والدليل... وساق الحديث الشريف إلى أن قال: فمن ادّعى للأنبياء وادّعى للأئمّة ربوبيّة أو نبوّة، أو لغير الأئمّة إمامة فنحن منه برآء في الدنيا والآخرة، فقال المأمون: يا أبا الحسن، فما تقول في الرجعة؟ فقال الرضا (عليه السلام):

(٣٥٩)

إنّها لحقّ، قد كانت في الامم السالفة، ونطق به القرآن، وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يكون في هذه الامّة كلّ ما كان في الامم السالفة، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة، قال (عليه السلام): إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم (عليه السلام) فصلّى خلفه.
771-(521)- البرهان في تفسير القرآن: عن ابن بابويه بإسناده، عن معمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث طويل عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: ومن ذرّيّتي المهدي، إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته، وقدّمه وصلّى خلفه.
ولا يخفى عليك انّ الأخبار بهذا المضمون لا تنحصر فيه ولكننا اكتفينا به لئلّا يطول الباب.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 118، 153، 219، 284، 327، 361، 399، 429، 530، 539، 553، 582، 668، 669، 910، 1066، 1071، 1081، 1083، 1105.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(521) البرهان في تفسير القرآن: ج 1 ص 89 ح 14.

(٣٦٠)

الفصل الخمسون: فيما يدلّ على رايته (عليه السلام)، وصاحبها، وما كتب فيها وفيه 9 أحاديث

772-(522)- الفتن: حدّثنا رشدين، عن ابن لهيعة، قال: أخبرني أبو زرعة، عن ابن زرير، عن عمّار بن ياسر، قال: المهدي على لوائه شعيب بن صالح.
وفيه أيضا: حدّثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة الكوفي، قال: حدّثني أبو زرعة، عن ابن زرير، عن عمّار بن ياسر، قال: إذا بلغ السفياني الكوفة وقتل أعوان آل محمّد خرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح.
773-(523)- الفتن: حدّثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن كعب بن علقمة، عن سفيان الكلبي، قال: يخرج على لواء المهدي غلام حديث السنّ، خفيف اللحية أصفر (ولم يذكر الوليد: أصفر) لو قاتل الجبال لهزّها وقال الوليد: لهدّها- حتّى ينزل إيليا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(522) الفتن: ج 4 ص 166 و168؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 151 ب 7 ح 19 وص 152 ح 23 ب 7، وزاد في آخره: «فيهزم أصحابه»؛ الملاحم والفتن: ب 96 ص 53 وب 103 ص 55.
(523) الفتن: ج 4 ص 167 ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس، وج 5 ص 196 في ب صفة المهدي ونعته، الملاحم والفتن: ب 98 ص 53 و54؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 151 و152 ب 7 ح 21.

(٣٦١)

774-(524)- الفتن: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن نوف البكالي، قال: في راية المهدي مكتوب:
البيعة للّه.
775-(525)- البرهان: أخرج الطبراني في الأوسط، عن ابن عمر أنّ النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) أخذ بيد علي [(عليه السلام)] فقال: سيخرج من صلب هذا فتى يملأ الأرض قسطا وعدلا، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي، فإنّه يقبل من قبل المشرق، وهو صاحب راية المهدي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(524) الفتن: ج 5 ص 191، ينابيع المودّة: ص 435؛ الملاحم والفتن: ب 141 ف 1 ص 68.
(525) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 150 و151 ب 7 ح 16؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي) ج 2: ص 130 عن الطبراني في الأوسط؛ مجمع الزوائد: ج 7 ص 318 مع زيادة في أوّله.
ولا يخفى عليك أنّ المراد من قوله (صلّى الله عليه وآله): «فتى» ليس أنّه في سنّ الفتيان، وذلك بدلالة روايات اخرى متواترة، بل المراد إمّا أنّه فتى المنظر، كما ورد في بعض الروايات أنّه شاب المنظر، لا يهرم بمرور الأيّام، وأنّه إذا خرج يخرج في منظر الشبّان وهم يظنّون أنّه كهل وفي منظر الكهول، أو أنّه إشارة إلى فتوّته وكرمه وسخائه، وربّما يفسر «الفتية» في قوله تعالى: (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ)، و(إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ) على ذلك.
قال في لسان العرب: «قال القتيبي: ليس الفتى بمعنى الشاب والحدث، إنّما هو بمعنى الكامل الجزل من الرجال، يدلّ على ذلك قول الشاعر:

إنّ الفتى حمّال كلّ ملمّة * * * ليس الفتى بمنعم الشبّان

قال ابن هرمة:

قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه * * * خلق وجيب قميصه مرقوع

وقال الأسود بن يعفر: (ثمّ ذكر أشعاره... إلى أن قال: (ودَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ) جائز أن يكونا حدثين أو شيخين؛ لأنّهم كانوا يسمّون المملوك فتى.
الجوهري: الفتى: السخيّ الكريم، يقال: هو فتى بين الفتوّة»(لسان العرب: ج 15 ص 146 مادّة: فتا).

(٣٦٢)

776-(526)- كمال الدين: روي انه يكون في راية المهدي (عليه السلام): الرفعة للّه (عزّ وجلّ).
777-(527)- بحار الأنوار: عن السيّد علي بن عبد الحميد بإسناده إلى كتاب الفضل بن شاذان، قال: روي أنّه يكون في راية المهدي (عليه السلام): اسمعوا وأطيعوا.
778-(528)- العرف الوردي: أخرج أيضا (يعني نعيما) عن ابن سيرين، قال: على راية المهدي مكتوب: البيعة للّه.
779-(529)- الفتن: حدّثنا رشدين، عن ابن لهيعة، قال: أخبرني عبد الرحمن بن سالم، عن أبيه، عن أبي رومان وأبي ثابت، عن علي- رضي الله عنه-: قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يخرج رجل من أهل بيتي في تسع رايات، يعني بمكّة.
780-(530)- الفتن: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن قيس، عن عبد الله بن شريك، قال: مع المهدي راية رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) المغلبة، ليتني كنت أدركته وأنا أجدع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(526) كمال الدين: ج 2 ص 654 ب 57 ذيل ح 22؛ البحار: ج 52 ص 324 ب 27 ح 35.
(527) بحار الأنوار: ج 52 ص 305 ب 26 ح 77.
(528) العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 150؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 152 ب 7 ح 25؛ كمال الدين: ج 2 ص 654 ح 22.
أقول: لا منافاة بين الأحاديث من جهة عدم اتّفاقها على ما كتب في رايته؛ لتعدّدها كما في الرواية الثامنة من هذا الباب.
(529) الفتن: ج 4 ص 166 ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.
(530) الفتن: ج 5 ص 191 ب سيرة المهدي وعدله وخصب زمانه؛ البرهان: ص 152 ب 7 ح 24 إلّا أنّه قال: «المخملة» وفي العرف الوردي (الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 150 «المعلمة».

(٣٦٣)

الفصل الحادي والخمسون: في الرايات السود الثانية التي هي غير الرايات السود الاولى وفيه 5 أحاديث

781-(531)- الفتن: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن أحمد بن ربذة، أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، أخبرنا أبو زيد عبد الرحمن بن حاتم المرادي بمصر سنة ثمانين ومائتين، حدّثنا نعيم بن حمّاد، عن الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن عليّ- رضي الله عنه- قال: يلتقي السفياني والرايات السود، فيهم شابّ من بني هاشم، في كفّه اليسرى خال، وعلى مقدّمته رجل من بني تميم يقال له: شعيب بن صالح بباب اصطخر، فيكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود ويهرب خيل السفياني، فعند ذلك يتمنّى الناس المهدي ويطلبونه.
782-(532)- الفتن: حدّثنا سعيد أبو عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: تنزل الرايات السود الّتي تقبل من خراسان الكوفة، فإذا ظهر المهدي بمكة بعث بالبيعة إلى المهدي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(531) الفتن: ج 5 ص 172؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 151 ح 20 ب 7 مختصرا.
(532) الفتن: ج 5 ص 173؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 150 ب 7 ح 12؛ البحار: ج 52 ص 217 ح 77.

(٣٦٥)

783-(533)- الفتن: حدّثنا الوليد بن مسلم، عن أبي عبد الله، عن عبد الكريم (أي اميّة)، عن محمّد بن الحنفية، قال: تخرج راية سوداء لبني العبّاس، ثمّ تخرج من خراسان اخرى سوداء، قلانستهم سود، وثيابهم بيض، على مقدّمتهم رجل يقال له: شعيب بن صالح، أو صالح بن شعيب من تميم، يهزمون أصحاب السفياني حتّى ينزل بيت المقدس، يوطئ للمهدي سلطانه، ويمدّ إليه ثلاثمائة من الشام، يكون بين خروجه وبين أن يسلّم الأمر للمهديّ اثنان وسبعون شهرا.
784-(534)- الفتن: حدّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عتبة، عن الحسن: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) ذكر بلاء يلقاه أهل بيته حتّى يبعث الله راية من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتّى يأتوا رجلا اسمه كاسمي فيولّيه أمرهم، فيؤيّده الله وينصره.
785-(535)- الفتن: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن عبد الله التيهرتي، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن مسلم بن يسار، عن سعيد بن المسيّب، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): تخرج من المشرق رايات سود لبني العبّاس، ثمّ يمكثون ما شاء الله، ثم تخرج رايات سود صغار تقاتل رجلا من ولد أبي سفيان وأصحابه من قبل المشرق، يؤدّون الطاعة إلى المهدي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(533) الفتن: ج 5 ص 165 ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.
(534) الفتن: ج 5 ص 167 ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.
(535) الفتن: ج 5 ص 168 ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.

(٣٦٥)

الفصل الأوّل: في ثبوت ولادته، وكيفيّتها، وتاريخها، وبعض حالات امّه واسمها (عليهما السلام) وفيه 426 حديثا

786-(536)- كتاب فضل بن شاذان: حدّثنا محمّد بن علي بن حمزة بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(536) كفاية المهتدي(الأربعين): ص 116 ح 30؛ كشف الحقّ(الأربعين): ص 24 ح 2 وفيه: «صقيل» بدل «صيقل»، وفيه: «حمزة بن الحسن» بدل «حمزة بن الحسين»، وفي كتب الرجال أيضا «الحسن»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 570 ب 32 ح 683.
أقول: قال المحدّث النوري- رحمه الله- في «النجم الثاقب» بالفارسيّة ما هذه ترجمته: «ومن هذا الخبر يظهر وجه الاختلاف في اسم امّه المعظّمة، وأنّها تسمّى بكلّ واحد من هذه الأسماء الخمسة، انتهى».
والفضل بن شاذان توفّي بعد ولادة المهديّ (عليه السلام) وقبل وفاة والده أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السلام)(بين سنة 255 ه إلى 260 ه)، وقال النجاشي: «كان ثقة، أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلّمين، وله جلالة في هذه الطائفة، وهو في قدره أشهر من أن نصفه».
وذكر الكشي أنّه صنّف مائة وثمانين كتابا، وذكر أسماء ما وقع إليه من كتبه، ممّا يدلّ على تبحّره في العلوم الإسلاميّة وما اختلف فيه أهل المذاهب، سيّما علوم العقائد والتوحيد والإمامة والفرائض وغيرها. وعدّه الشيخ في رجاله تارة في أصحاب الهادي، واخرى في أصحاب العسكري (عليهما السلام)، وقال: الفضل بن شاذان النيشابوري فقيه، متكلّم، جليل القدر، له كتب ومصنّفات منها... الخ، ومن كتبه: كتاب الملاحم، وكتاب القائم (عليه السلام)، وكتاب الإمامة.
وأمّا محمّد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العبّاس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال النجاشي: أبو عبد الله، ثقة، عين في الحديث، صحيح الاعتقاد، ←

(٣٦٩)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ له رواية عن أبي الحسن وأبي محمّد (عليهما السلام)، وأيضا له مكاتبة، وفي داره حصلت أمّ صاحب الأمر (عليه السلام) بعد وفاة الحسن (عليه السلام).
ثمّ اعلم أنّ الأشهر، بل المشهور أنّ ولادته (عليه السلام) اتّفقت كما في هذا الحديث الشريف الصحيح في ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة(869 م).
قال المفيد في الإرشاد: «كان الإمام بعد أبي محمّد (عليه السلام) ابنه المسمّى باسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، المكنّى بكنيته، ولم يخلف أبوه ولدا ظاهرا ولا باطنا غيره، وخلفه غائبا مستترا على ما قدّمنا ذكره، وكان مولده (عليه السلام) ليلة النصف من شعبان سنة(255 ه)، وامّه أمّ ولد يقال لها: نرجس، وكان سنّه عند وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة كما آتاها يحيى صبيّا، وجعله إماما في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسى بن مريم في المهد نبيّا، وقد سبق النصّ عليه في ملّة الإسلام من نبيّ الهدى (عليه السلام)، ثمّ من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ونصّ عليه الأئمّة واحدا بعد واحد إلى أبيه الحسن (عليه السلام)، ونصّ أبوه عليه عند ثقاته وخاصّة شيعته، وكان الخبر بغيبته ثابتا قبل وجوده، وبدولته مستفيضا قبل غيبته، وهو صاحب السيف من أئمّة الهدى (عليه السلام)، والقائم بالحقّ المنتظر لدولة الإيمان، وله قبل قيامه غيبتان، إحداهما أطول من الاخرى كما جاءت بذلك الأخبار، فأمّا القصرى منهما فمنذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته، وعدم السفراء بالوفاة، وأمّا الطولى فهي بعد الاولى، وفي آخرها يقوم بالسيف... الخ».
وقال الكليني في الكافي: «ولد (عليه السلام) للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين»، وروي ذلك عن الكراجكي في كنز الفوائد، والشهيد في «الدروس»، وقال الشيخ في «مصباح المتهجّد»: «في هذه الليلة ولد الخلف [الحجّة- خ] صاحب الأمر (عليه السلام)، ويستحبّ أن يدعى فيها بهذا الدعاء، ثمّ ذكر دعاء:
اللهم بحقّ ليلتنا هذه ومولودها... إلى آخره»، وقال الشيخ البهائي في توضيح المقاصد: «فيه- يعني في اليوم الخامس عشر- ولد الإمام أبو القاسم محمّد المهدي صاحب الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، وذلك بسرّمن رأى سنة(255 ه)»، وقال الطبرسي في إعلام الورى: «ولد (عليه السلام) بسرّمن رأى ليلة النصف من شعبان سنة(255 ه)»، وعيّن الشيخ في المصباحين، والسيّد في الإقبال وسائر مؤلّفي كتب الدعوات على ما في البحار، والمفيد في مسارّ الشيعة، ←

(٣٧٠)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ ولادته (عليه السلام) في النصف من شعبان.
وصرّح بذلك جماعة من أعلام العامّة، قال ابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمة: «ولد أبو القاسم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بسرّمن رأى، ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة... إلى أن قال: وأما امّه فام ولد يقال لها: نرجس خير أمة، وقيل: اسمها غير ذلك»، وقال ابن خلكان في وفيات الاعيان: «كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ولمّا توفّي أبوه- وقد سبق ذكره- كان عمره خمس سنين، واسم امّه خمط، وقيل: نرجس»، وفي روضة الصفا نقل عن ترجمة المستقصى بالفارسيّة ما هذا حاصله: «كانت ولادة الإمام المهدي المسمّى باسم الرسول، والمكنّى بكنيته بسرّمن رأى، في ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان عمره وقت وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله الحكمة كما آتاها يحيى صبيّا، وجعله في الطفوليّة إماما كما جعل عيسى نبيّا»، وصرّح به أيضا السيّد محمّد خواجه پارسا صاحب «روضة الأحباب» وغيرهم.
ولا بأس بذكر تصريحات جماعة من أعيان العامّة بولادته (عليه السلام)، والتعرّض لذكر أساميهم، وقد وافقنا كثير منهم في حياته الآن، وبقائه (عليه السلام) إلى أن يأذن الله تعالى له في الظهور:
1- الشيخ ابن حجر الهيثمي المكّي الشافعي المتوفّى سنة(974 ه)، قال في الصواعق بعد ذكر بعض حالات الإمام أبي محمد (عليه السلام): «ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمّد الحجّة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن اتاه الله فيها الحكمة».
2- صاحب «روضة الأحباب» وهو كتاب فارسيّ للسيّد جمال الدين عطاء الله بن السيّد غياث الدين فضل الله بن السيّد عبد الرحمن المحدّث المعروف، وعن القاضي حسين الدياربكري أنّه عدّه في أوّل كتابه تاريخ الخميس من الكتب المعتمدة، وصنّفه كما في كشف الظنون بالتماس الوزير مير علي شير بعد الاستشارة مع استاذه وابن عمّه السيد أصيل الدين عبد الله، وهو على ثلاثة مقاصد، وتوفّي كما في هذا الكتاب سنة 1000(ألف)، قال في «روضة الأحباب» على ما حكى عنه في «كشف الأستار»، و«النجم الثاقب» بالفارسيّة: «كلام در بيان امام دوازدهم محمّد بن الحسن (عليهما السلام) تولّد همايون آن در درج ولايت وجوهر معدن هدايت بقول اكثر أهل ←

(٣٧١)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ روايت در منتصف شعبان سنه دويست وپنجاه وپنج در سامره اتفاق افتاد(إلى أن قال:) ومادر آن عالى گهر أمّ ولد بود، مسمّاة بصيقل يا سوسن، وقيل: نرجس، وقيل: حكيمة، وآن امام ذوي العزّ والاحترام در كنيت ونام با حضرت خير الأنام موافقت دارد، ومهدى منتظر والخلف الصالح وصاحب الزمان در ألقاب او منتظم است، ودر وقت فوت پدر بزرگوار خود بروايت كه بصحّت أقرب است پنج سأله بود، وبقول ثاني دو سأله، وحضرت واهب العطايا آن شكوفه گلزار را مانند يحيى بن زكريا سلام الله عليهما در حال طفوليت حكمت كرامت فرمود، ودر وقت صبا بمرتبه بلند امامت رسانيده(وساق الكلام إلى أن قال:) راقم حروف گويد كه چون سخن بدينجا رسيد، جواد خوشخرام خامه طى بساط انبساط واجب ديد، رجاء واثق ووثوق صادق كه ليالى مهاجرت محبان خاندان مصطفوى، وأيام مصابرت مخلصان دودمان مرتضوى بنهايت رسيده، وآفتاب طلعت با بهجت صاحب الزمان على أسرع الحال از مطلع نصرت واقبال طلوع نمايد، تا رايت هدايت اينان مظهر انوار فضل واحسان از مشرق مراد برآمده، غمام حجاب از چهره عالمتاب بگشايد، به يمن اهتمام آن سرور عاليمقام اركان مبانى ملّت بيضا مانند ايوان سپهر خضرا سمت ارتفاع واستحكام گيرد، وبحسن اجتهاد آن سيّد ذوى الاحترام قواعد بنيان ظلام نشان در بسيط غبرا صفت انخفاض وانعدام پذيرد، واهل اسلام در ظلال اعلام ظفر اعلامش از تاب آفتاب حوادث امان، وخوارج شقاوت فرجام از اصابت حسام خون آشامش، جزاى اعمال خويش يافته به قعر جهنم شتابند، وللّه درّ من قال أبيات:

بيا اى امام هدايت شعار * * * كه بگذشت از حدّ غم انتظار
ز روى همايون برافكن نقاب * * * عيان ساز رخسار چون آفتاب
برون آى از منزل اختفا * * * نمايان كن آثار مهر ووفا»

3- علي بن محمّد بن أحمد بن عبد الله المالكي المكّي، الّذي يعرف بابن الصبّاغ، المتولّد سنة(734 ه) والمتوفّى سنة(855 ه) على ما نقل عن كتاب الضوء اللامع لشمس الدين محمّد بن عبد الرحمن المصري، تلميذ ابن حجر، فإنّه صرّح في كتابه ←

(٣٧٢)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ «الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة» بولادته (عليه السلام) وتاريخها، وأنّ امّه نرجس خير أمة كما ذكرنا لفظه، وصرّح أيضا بنسبه، وذكر أسماء آبائه، وجملة من حالاتهم وكلماتهم ومعجزاتهم، وصرّح بأنّه الإمام الثاني عشر، وذكر جملة من الأحاديث الواردة في حقّه (عليه السلام).
4- الشيخ شمس الدين أبو المظفّر يوسف بن قز أوغلي بن عبد الله، سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج، ابن الجوزي، المتوفّى سنة(654 ه) صاحب التاريخ الكبير الّذي قال ابن خلّكان على ما حكي عنه: «رأيته بخطّه في أربعين مجلدا، سمّاه مرآة الزمان»، وصاحب كتاب تذكرة الخواصّ قال في كتابه تذكرة الخواص: «فصل: هو محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن عليّ الرضا بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وكنيته: أبو عبد الله، وأبو القاسم، وهو الخلف، الحجّة، صاحب الزمان، القائم، والمنتظر، والتالي، وآخر الأئمّة، أنبأنا عبد العزيز بن محمود بن البزّاز عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي، وكنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، فذلك هو المهدي. وهذا حديث مشهور، وقد أخرج أبو داود والزهري عن عليّ بمعناه، وفيه: لو لم يبق من الدهر إلّا يوم واحد لبعث الله من أهل بيتي من يملأ الأرض عدلا، وذكره في روايات كثيرة، ويقال له: ذو الاسمين: محمّد وأبو القاسم، قالوا: امّه أمّ ولد يقال لها:
صقيل. وقال السدي: يجتمع المهدي وعيسى بن مريم، فيجيء وقت الصلاة فيقول المهدي لعيسى: تقدّم، فيقول عيسى: أنت أولى بالصلاة، فيصلّي عيسى وراءه مأموما... إلى آخر كلامه».
5- نور الدين عبد الرحمن بن أحمد بن قوام الدين الدشتي، الجامي، الحنفي، الشاعر، العارف، صاحب شرح الكافية، فقد جعل في كتابه «شواهد النبوّة» على ما حكى عنه في كشف الأستار الحجّة بن الحسن الإمام الثاني عشر، وذكر غرائب حالات ولادته، وبعض معاجزه، وأنّه الّذي يملأ الأرض عدلا وقسطا، ثمّ روى خبر حكيمة في الولادة، وخبر غيرها في أنّه (عليه السلام) لمّا ولد جثا على ركبتيه، ورفع سبابته إلى السماء، وعطس فقال: الحمد للّه ربّ العالمين، وخبر من دخل على أبي محمّد (عليه السلام) وسأله عن الخلف والإمام بعده، فدخل الدار ثمّ خرج وقد حمل طفلا كأنّه البدر في ليلة تمامه في سنّ ثلاث سنين، قال: يا فلان! لو لا كرامتك على الله لما أريتك هذا الولد، اسمه اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله ←

(٣٧٣)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ وسلّم)، وكنيته كنيته، هو الّذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، وخبر من دخل على أبي محمّد (عليه السلام) وعلى طرف البيت ستر مسبل على بيت فسأله من صاحب هذا الأمر بعد هذا؟ فقال: ارفع الستر، وخبر من بعثه المعتضد...
الخ.
6- الشيخ الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي، المتوفّى سنة(658 ه)، صاحب كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان، وكتاب كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال في الباب الثامن من الابواب التي ألحقها بأبواب الفضائل من كتاب كفاية الطالب بعد ذكر الأئمّة من ولد أمير المؤمنين (عليه السلام): «وخلّف- يعني عليّا الهادي (عليه السلام)- من الولد أبا محمّد الحسن ابنه، مولده بالمدينة في شهر ربيع الآخر من سنة اثنين وثلاثين ومائتين، وقبض يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأوّل سنة ستين ومأتين، وله يومئذ ثمان وعشرون سنة، ودفن في داره بسرّمن رأى في البيت الّذي دفن فيه أبوه، وخلّف ابنه وهو الإمام المنتظر صلوات الله عليه، ونختم الكتاب بذكره مفردا».
وقال في كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان: الباب الخامس والعشرون: في الدلالة على جواز بقاء المهدي (عليه السلام) مذ غيبته إلى الآن، ولا امتناع في بقائه، بدليل بقاء عيسى وإلياس والخضر من أولياء الله تعالى، وبقاء الدجّال وإبليس الملعونين أعداء الله تعالى... إلى آخر كلامه الطويل الذّيل، في هذا الباب.
7- أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى البيهقي الخسروجردي النيسابوري، الفقيه الشافعي، المتوفّى سنة(458 ه) قال في وفيات الأعيان: «الحافظ الكبير المشهور، واحد زمانه، وفرد أقرانه في الفنون، من كبار أصحاب الحاكم... إلى أن قال: وكان قانعا من الدنيا بالقليل». وقال إمام الحرمين في حقّه: «ما من شافعي المذهب إلّا وللشافعي عليه منّة، إلّا أحمد البيهقي، فإنّ له على الشافعي منّة، انتهى».
قال البيهقي في كتابه «شعب الإيمان»، المعدود من مؤلّفاته في كلام ابن خلّكان على ما حكي عنه في «كشف الأستار»: «اختلف الناس في أمر المهديّ، فتوقّف جماعة وأحالوا العلم إلى عالمه، واعتقدوا أنّه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يخلقه الله متى شاء، يبعثه نصرة لدينه، وطائفة يقولون: إنّ المهديّ الموعود ولد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو الإمام الملقب بالحجّة القائم المنتظر محمّد بن الحسن العسكري، وأنّه دخل السرداب ←

(٣٧٤)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ بسرّ من رأى، وهو حي مختف عن أعين الناس، منتظر خروجه، وسيظهر ويملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، ولا امتناع في طول عمره وامتداد أيّامه كعيسى بن مريم والخضر (عليهما السلام)، وهؤلاء الشيعة، خصوصا الإماميّة، ووافقهم عليه جماعة من أهل الكشف، انتهى».
ومراده من جماعة من أهل الكشف كما صرّح به بعض الأعلام غير الشيخ محيي الدين والشعراني والشيخ حسن العراقي ممّن يأتي ذكرهم ان شاء الله تعالى، لتقدّمه عليهم بسنين كثيرة، فإنّ البيهقي توفّي سنة(458 ه)، والشيخ محي الدين توفّي سنة(638 ه)، كما صرّح به العراقي في أوائل الفصل الأوّل من اليواقيت على ما حكي عنه، وهكذا الشعراني كان بعد عصر البيهقي، فإنّه فرغ من تصنيف اليواقيت سنة(955 ه)، والعراقي والخوّاص كانا معاصرين للشعراني.
وكيف كان، فيظهر من كلام البيهقي الميل إلى هذا القول، بل اختياره، وإلّا لأنكره.

8- الشيخ كمال الدين أبو سالم محمّد بن طلحة الشافعي القرشي النصيبي، المتولّد سنة(582 ه)، صاحب كتاب العقد الفريد، قال في طبقات الشافعيّة على ما حكي عنها: «تفقّه وبرع في المذهب، وسمع الحديث بنيسابور من المؤيّد الطوسي وزينب الشعريّة، وحدّث بحلب ودمشق، وروى عنه الحافظ الدمياطي ومجد الدين بن العديم، وكان من صدور الناس، ولي الوزارة بدمشق يومين وتركها وخرج عمّا يملك من ملبوس ومملوك وغيره تزهّدا، وتوفّي ابن طلحة في سابع رجب سنة(652 ه).
قال ابن طلحة في كتاب «الدرّ المنظّم» على ما نقل عنه في ينابيع المودّة ص 410: «وإنّ للّه تبارك وتعالى خليفة، يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملأها قسطا وعدلا... إلى أن قال: وهذا الإمام المهدي القائم بأمر الله يرفع المذاهب، فلا يبقى إلّا الدين الخالص... الخ».
وقال في «مطالب السئول في مناقب آل الرسول»، وهو كتاب ذكر فيه أسماء الأئمة الاثني عشر (عليهما السلام) وبعض أحوالهم: «الباب الحادي عشر: في أبي محمّد الحسن بن علي، الخالص مولده سنة إحدى وثلاثين ومائتين للهجرة، وأمّا نسبه أبا وامّا، فأبوه أبو الحسن علي المتوكل بن محمّد القانع بن علي الرضا، وقد تقدّم القول في ذلك، وامّه أمّ ولد يقال لها: سوسن، وأمّا اسمه: الحسن، وكنيته: أبو محمّد، ولقبه: الخالص، وأمّا مناقبه: فاعلم أنّ المنقبة العليا والمزيّة الكبرى الّتي خصّه الله (عزّ وجلّ) بها، وقلّده فريدها، ومنحه تقليدها، وجعلها صفة دائمة لا يبلي الدهر ←

(٣٧٥)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ جديدها، ولا تنسى الألسنة تلاوتها وترديدها، أنّ المهدي محمّدا نسله المخلوق منه، وولده المنتسب إليه، وبضعته المنفصلة عنه، وسيأتي في الباب الّذي يتلو هذا الباب شرح مناقبه، وتفصيل أحواله إن شاء الله.
الباب الثاني عشر: في أبي القاسم محمّد بن الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن محمّد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين الزكيّ بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب، المهدي الحجّة الخلف الصالح المنتظر (عليهم السلام) ورحمة الله وبركاته.

فهذا الخلف الحجّة قد أيّده الله * * * هدانا منهج الحقّ وآتاه سجاياه
وأعلى في ذرى العلياء بالتأييد مرقاه * * * وآتاه حلي فضل عظيم فتحلّاه
وقد قال رسول الله قولا قد رويناه * * * وذو العلم بما قال إذا أدرك معناه
يرى الأخبار في المهدي جاءت بمسمّاه * * * وقد أبداه بالنسبة والوصف وسمّاه
ويكفي قوله مني لإشراق محيّاه * * * ومن بضعته الزهراء مرساه ومسراه
ولن يبلغ ما أوتيه أمثال وأشباه * * * فإن قالوا هو المهديّ ما مانوا بما فاهوا

ثمّ مدحه مدحا بليغا، وذكر تاريخ ولادته ونسبه (عليه السلام) أبا وامّا، وأورد بعض الأخبار الواردة في المهدي (عليه السلام) من طريق أبي داود، والترمذي، والبغوي، ومسلم، والبخاري، والثعلبي، وذكر بعض الشبهات وأجاب عنها».
9- الحافظ أبو محمّد أحمد بن إبراهيم بن هاشم الطوسي البلاذري، من أهل طوس، وفي «كشف الأستار» عن السمعاني: أنّه كان حافظا فهيما عارفا بالحديث... إلى أن قال: كان واحد عصره في الحفظ والوعظ، ومن أحسن الناس عشرة، وأكثرهم فائدة، وكان يكثر المقام بنيسابور، يكون له في كلّ اسبوع مجلسان عند شيخي البلد: أبي الحسين المحمي، وأبي نصر العبدي، وكان أبو علي الحافظ ومشايخنا يحضرون مجالسه، ويفرحون بما يذكره على الملأ من الأسانيد، ولم أرهم غمزوه قط في إسناد أو اسم أو حديث، وكتب بمكّة عن إمام أهل البيت (عليهما السلام) أبي محمّد الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا (عليهم السلام).
وذكر أبو الوليد الفقيه، قال: «كان أبو محمّد البلاذري وسمع كتاب الجهاد من محمّد بن إسحاق، وامّه عليلة بطوس... إلى أن قال: قال الحاكم: استشهد بالطاهران سنة(339 ه)، فقال علامة عصره، الشاه وليّ الله الدهلوي- والد عبد العزيز المعروف بشاه صاحب، صاحب «التحفة الاثنا عشريّة في الردّ على الاماميّة» الذي وصفه ولده بقوله:
خاتم العارفين، وقاصم المخالفين، سيّد المحدّثين، سند المتكلّمين، حجّة الله على ←

(٣٧٦)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ العالمين... الخ- في كتاب النزهة: إنّ الوالد روى في كتاب المسلسلات المشهور بالفضل المبين: قلت: شافهني ابن عقلة باجازة جميع ما يجوز له روايته، ووجدت في مسلسلاته حديثا مسلسلا بانفراد كلّ راو من رواته بصفة عظيمة تفرّد بها، قال- رحمه الله-: أخبرني فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجمي، أنا حافظ عصره جمال الدين الباهلي، أنا مسند وقته محمّد الحجازي الواعظ، أنا صوفي زمانه الشيخ عبد الوهاب الشعراني، أنا مجتهد عصره الجلال السيوطي، أنا حافظ عصره أبو نعيم رضوان العقبي، أنا مقرئ زمانه الشمس محمّد بن الجزري، أنا الإمام جمال الدين محمّد بن محمّد الجمال زاهد عصره، أنا الإمام محمّد بن مسعود محدث بلاد فارس في زمانه، أنا شيخنا إسماعيل بن مظفّر الشيرازي عالم وقته، أنا عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي محدث زمانه، أنا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن شابور القلانسي شيخ عصره، أنا عبد العزيز، ثنا محمّد الآدمي إمام أوانه، أنا سليمان بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان نادرة عصره، ثنا أحمد بن محمد بن هاشم البلاذري حافظ زمانه، ثنا م ح م د بن الحسن بن علي المحجوب إمام عصره، ثنا الحسن بن علي، عن أبيه، عن جدّه علي بن موسى الرضا (عليهم السلام)، ثنا موسى الكاظم، قال: ثنا أبي جعفر الصادق، ثنا أبي محمّد الباقر بن علي، ثنا أبي علي بن الحسين زين العابدين السجّاد، ثنا أبي الحسين سيّد الشهداء، ثنا أبي علي بن أبي طالب (عليهم السلام) سيّد الأولياء، قال: أخبرنا سيّد الأنبياء محمّد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله) قال: أخبرني جبرئيل سيّد الملائكة قال: قال الله تعالى سيّد السادات: إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا، من أقرّ لي بالتوحيد دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي. قال الشمس ابن الجزري: كذا وقع هذا الحديث من المسلسلات السعيدة، والعهدة فيه على البلاذري وقال الشاه ولي الله المذكور أيضا في رسالته: «النوادر من حديث سيّد الأوائل والأواخر» ما لفظه: «حديث م ح م د بن الحسن الّذي يعتقد الشيعة أنّه المهديّ عن آبائه الكرام: وجدت في مسلسلات الشيخ ابن عقلة المكّي، عن الحسن العجمي ح، أخبرنا أبو طاهر أقوى أهل عصره سندا إجازة لجميع ما تصحّ له روايته، قال: أخبرنا فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجمي... إلى آخر ما تقدّم، باختلاف جزئيّ في تقديم بعض الألقاب وتأخيره عن الأسامي، انتهى كلام «كشف الأستار».
وقال في كتاب «البرهان على وجود صاحب الزمان» بعد ذكر ما ذكرنا من «كشف الأستار»: «وفي عجائب الآثار للشيخ عبد الرحمن الجبرتي الحنفي، المطبوع بمصر على هامش كامل ابن الأثير سنة(1301 ه)، في حوادث شهر ذي الحجّة سنة(1215 ه): ←

(٣٧٧)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ «وأمّا من مات في هذه السنّة ممّن له ذكر: مات الإمام الفاضل الصالح العلامة الشيخ عبد العليم بن محمّد بن محمّد بن عثمان المالكي الأزهري الضرير، حضر درس الشيخ علي الصعيدي رواية ودراية، فسمع عليه جملة من الصحيح والموطأ والشمائل والجامع الصغير ومسلسلات ابن عقلة، وروى عن كلّ من: الملوي والجوهري والبليدي... الى أن قال: وكان من البكّائين عند ذكر الله، سريع الدمعة، كثير الخشية، وعن السيوطي في «رسالة التدريب» أنّه قال: وذكر في «شرح النخبة» أنّ المسلسل بالحفّاظ ممّا يفيد العلم القطعيّ، انتهى. فلا وجه لقول ابن الجزري كما تقدّم: «والعهدة فيه على البلاذري»، هذا مع ما سمعت عن السمعاني في حقّ البلاذري، سيّما قوله: ولم أرهم غمزوه قطّ، انتهى ما في كتاب «البرهان».
وذكر أيضا المحدّث النوري هذا الحديث في النجم الثاقب.
10- القاضي فضل بن روزبهان، شارح «الشمائل» للترمذي، وصاحب كتاب «إبطال نهج الباطل في ردّ كتاب كشف الحقّ ونهج الصدق والصواب»، تصنيف آية الله العلامة الحلّي الّذي ردّ عليه نصرة للعلامة- قدّس سرّه- القاضي الشريف الشهيد السعيد نور الله بن شريف المرعشي الحسيني- ألبسه الله من حلل رحمته- في كتابه المعروف ب «إحقاق الحق وإزهاق الباطل»، وردّ على هذا الكتاب «إبطال نهج الباطل» أيضا بعض الأعلام من المعاصرين- جزاه الله عن الحق وأهله- في كتابه «دلائل الصدق».
قال القاضي فضل بن روزبهان في المسألة الخامسة في القسم الثالث في شرح قول العلامة(المطلب الثاني: في زوجته وأولاده... الخ) ما هذا لفظه: «أقول: ما ذكر من فضائل فاطمة- صلوات الله على أبيها وعليها وعلى سائر آل محمّد والسلام- أمر لا ينكر، فإنّ الإنكار على البحر برحمته، وعلى البرّ بسعته، وعلى الشمس بنورها، وعلى الأنوار بظهورها، وعلى السحاب بجوده، وعلى الملك بسجوده، إنكار لا يزيد المنكر إلّا الاستهزاء به، ومن هو قادر على أن ينكر على جماعة هم أهل السداد، وخزّان معدن النبوّة، وحفّاظ آداب الفتوة، صلوات الله وسلامه عليهم، ونعم ما قلت فيهم منظوما:

سلام على المصطفى المجتبى * * * سلام على السيّد المرتضى
سلام على ستّنا فاطمة * * * من اختارها الله خير النساء
سلام من المسك أنفاسه * * * على الحسن الألمعي الرضا
سلام على الأروعي الحسين * * * شهيد برى جسمه كربلا
سلام على سيّد العابدين * * * علي بن الحسين المجتبى ←

(٣٧٨)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ سلام على الباقر المهتدي * * * سلام على الصادق المقتدى
سلام على الكاظم الممتحن * * * رضيّ السجايا إمام التقى
سلام على الثامن المؤتمن * * * علي الرضا سيّد الأصفياء
سلام على المتّقي التقي * * * محمّد الطيّب المرتجى
سلام على الأريحي النقي * * * علي المكرّم هادي الورى
سلام على السيّد العسكريّ * * * إمام يجهّز جيش الصفا
سلام على القائم المنتظر * * * أبي القاسم القرم نور الهدى
سيطلع كالشمس في غاسق * * * ينجّيه من سيفه المنتضى
ترى يملأ الأرض من عدله * * * كما ملئت جور أهل الهوى
سلام عليه وآبائه * * * وأنصاره ما تدوم السماء

11- العالم المشهور أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن محمّد بن الخشّاب، المتوفّى سنة(567 ه)، روى في كتابه تاريخ مواليد الأئمّة ووفياتهم على ما حكى عنه في «كشف الأستار» و«النجم الثاقب» و«أعيان الشيعة»: «بإسناده عن أبي بكر أحمد بن نصر بن عبد الله بن الفتح الدرّاع النهرواني، حدّثنا صدقة بن موسى، حدّثنا أبي، عن الرضا (عليه السلام)، قال: الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن علي، وهو صاحب الزمان، وهو المهديّ.
وحدّثني الجرّاح بن سفيان، قال: حدّثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي، عن أبيه هارون، عن أبيه موسى، قال: قال سيّدي جعفر بن محمّد (عليهما السلام): الخلف الصالح من ولدي، وهو المهديّ، اسمه: م ح م د، وكنيته: أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يقال لامّه صيقل... الخ».
أقول: كتابه مواليد الأئمّة مطبوع موجود.
12- الشيخ محيي الدين أبو عبد الله محمّد بن علي، المعروف بابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي، المتوفى كما في كشف الظنون سنة(638 ه)، المدفون بصالحيّة الشام، وقبره بها معروف مزور، فقد نقل ذلك عنه الشيخ عبد الوهاب الشعراني في المبحث الخامس والستّين من كتاب «اليواقيت والجواهر»(ص 145 ج 2 ط المطبعة الازهرية المصرية سنة 1307 ه)، قال الشعراني: «وعبارة الشيخ محيي الدين في الباب 366 من الفتوحات: واعلموا أنّه لا بدّ من خروج المهدي (عليه السلام)، لكن لا يخرج حتّى تمتلأ الأرض جورا وظلما فيملأها قسطا وعدلا، ولو لم يكن من الدنيا إلّا يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتّى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله صلّى الله عليه ←

(٣٧٩)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ وسلّم، من ولد فاطمة رضي الله عنها، جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده الحسن العسكري ابن الإمام عليّ النقي- بالنون- ابن محمّد التقي- بالتاء- ابن الإمام عليّ الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمّد الباقر ابن الإمام زين العابدين ابن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يواطئ اسمه اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يبايعه المسلمون بين الركن والمقام، يشبه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الخلق- بفتح الخاء- وينزّل عنه في الخلق- بضمّها- اذ لا يكون أحد مثل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أخلاقه. والله تعالى يقول: «وانّك لعلى خلق عظيم»، هو أجلى الجبهة، أقنى الأنف، أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسم المال بالسويّة، ويعدل في الرعيّة، يأتيه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني وبين يديه المال، فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله... الخ» وذكر صفاته، وأوصافه، وأفعاله. ونقل هذه الألفاظ بعينها عن الفتوحات الشيخ الاستاذ محمّد الصبّان في «اسعاف الراغبين»(ب 2 ص 142 ط المطبعة الميمنيّة بمصر سنة 1312 ه).
هذا ولم أجد هذا التصريح فيما رأيت من النسخ كالنسخة المطبوعة بدار الكتب العربيّة بمصر فإنّها تخالف عباراتها مع ما في اليواقيت، وظنّي أنّه قد عملت فيها أيدي الّذين يحرّفون الكلم عن مواضعه، فاسقطت عنها ذكر نسبه الشريف، وكم لهذه التصرّفات والتحريفات من نظير في الكتب المطبوعة بمصر، ولعمر الحقّ إنّها لجناية كبيرة على العلم والدين، وعلى الامّة الإسلاميّة، وعلى روّاد الحقائق، وكأنّهم يرون من الواجبات هذه التصرّفات والتحريفات إذا كان في كتاب منقبة وفضيلة لأهل بيت النبيّ والوصيّ، وما لا يوافق أهواءهم وآراءهم، أعاذنا الله وإيّاهم من التعصّب والعناد.
ومن شعر الشيخ محيي الدين كما في الفتوحات ب 366:

هو السيّد المهديّ من آل أحمد * * * هو الصارم الهنديّ حين يبيد
هو الشمس يجلو كلّ غمّ وظلمة * * * هو الوابل الوسميّ حين يجود

ونقل عنه في «ينابيع المودّة» ص 467 عن كتابه «عنقاء المغرب» في بيان المهدي الموعود ووزرائه أبياتا، أوّلها: وعند فناء خاء الزمان ودالها....
13- الشيخ سعد الدين محمّد بن المؤيّد بن أبي الحسين بن محمّد بن حمويه، المعروف بالشيخ سعد الدين الحموي، وقد صنّف كتابا مفردا في أحوال صاحب الزمان وافق فيه الاماميّة، كما نقل عن عبد الرحمن الجامي في «مرآة الأسرار» عن صاحب المقصد الأقصى ونقل عن صاحب العقائد النسفيّة أنّ سعد الدين هذا صرّح بإمامة المهديّ، وأنّه صاحب الزمان (عليه السلام)، وأنّه آخر الأولياء الاثني عشر، وأنّه ليس أزيد من هؤلاء ←

(٣٨٠)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ الأئمّة، إنّ الله تعالى جعلهم في دين محمّد نوّابه، «والعلماء ورثة الأنبياء» قاله رسول الله في حقّهم، وكذا قوله: «علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل» قاله في حقّهم.
قال في «ينابيع المودّة» ص 474 ما هذا لفظه: «وفي كتاب الشيخ عزيز بن محمّد النفسي رحمه الله: شيخ الشيوخ سعد الدين الحموي- قدّس الله سره- مى فرمايد كه پيش از پيغمبر ما محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) در أديان سابق اسم ولي نبود، واسم نبيّ بود، ومقربان حضرت خداى را كه وارثان صاحب شريعتند جمله را انبيا مى گفتند در هر دينى از يك صاحب شريعت زياده نبود، پس در دين آدم (عليه السلام) چندين پيغمبر بودند كه وارثان او بودند، خلق را بدين او وشريعت او دعوت مى كردند، هم چنين در دين نوح ودر دين ابراهيم ودر دين موسى ودر دين عيسى (عليهم السلام) وچون دين جديد وشريعت جديده بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) پيدا آمد، حقّتعالى دوازده كس از اهل بيت محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) را برگزيد ووارثان او گردانيد، ومقرّب حضرت خود كرد، وبولايت خود مخصوص گردانيد، وايشان را نائبان محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، ووارثان او گردانيد، كه حديث «العلماء ورثة الأنبياء» در حقّ اين دوازده كس فرمود، وحديث «علماء أمّتي كأنبياء بني اسرائيل» در حقّ ايشان فرمود، امّا ولى آخرين كه نايب آخرين است، ولى دوازدهم ونايب دوازدهم مى باشد خاتم اوليا است، ومهدىّ صاحب الزمان نام او است، وشيخ مى فرمايد كه اوليا در عالم بيش از دوازده نيستند، وامّا آن سيصد وپنجاه وشش كس كه از رجال الغيبند ايشان را اولياء نمى گويند، وايشان را ابدال مى گويند».
أقول: يوجد هذا في «الإنسان الكامل»(ط طهران ص 319) للنسفي مع اختلاف يسير.
14- أبو المواهب الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني، المتوفّى سنة(973 ه) كما في موضع من كشف الظنون، وفي موضع آخر سنة(960 ه)، قال في «اليواقيت والجواهر» ص 145 ج 2 ط المطبعة الأزهريّة المصريّة سنة(1307 ه) المبحث الخامس والستّون في بيان أنّ جميع أشراط الساعة الّتي أخبرنا بها الشارع حقّ لا بدّ أن تقع كلّها قبل قيام الساعة، وذلك كخروج المهدي... الى أن قال: وهو من أولاد الإمام حسن العسكري، ومولده (عليه السلام) ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باق الى أن يجتمع بعيسى بن مريم (عليه السلام)، فيكون عمره إلى وقتنا هذا- وهو سنة ثمان وخمسين وتسعمائة- سبعمائة سنة وستّ سنين، هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش المطلّ على بركة الرطلي بمصر المحروسة، عن الإمام ←

(٣٨١)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ المهدي حين اجتمع به، ووافقه على ذلك شيخنا سيدي عليّ الخوّاص رحمهما الله تعالى.
15- الشيخ حسن العراقي المذكور، فإنّه ذكر الحجّة (عليه السلام)، واجتماعه معه على ما ذكره الشعراني في «لواقح الأنوار في طبقات الأخيار» المطبوعة بمصر سنة 1305 ه ج 2 ص 140، وحكي عن هذا الكتاب بعد ذكر سياحة حسن العراقي أنّه قال: وسألت المهدي عن عمره، فقال: يا ولدي عمري الآن(620 سنة)، ولي عنه الآن مائة سنة، قال الشعراني: فقلت ذلك لسيدي علي الخوّاص، فوافقه على عمر المهديّ رضي الله عنهما.
16- الشيخ عليّ الخوّاص المذكور(الخوّاص بتشديد الواو كتمّار ولبّان: صانع الخوص) وقد بالغ الشعراني في مدحه في طبقاته الموسوم ب «لواقح الأنوار»: ج 2 ص 151- 170.
17- حسين بن معين الدين الميبدي، قال في ص 371 شرح الديوان في شرح قوله (عليه السلام):

بنيّ إذا ما جاشت الترك فانتظر * * * ولاية مهديّ يقوم ويعدل
وذلّ ملوك الأرض من آل هاشم * * * وبويع منهم من يلذّ ويهزل
صبيّ من الصبيان لا رأي عنده * * * ولا عنده جدّ ولا هو يعقل
فثمّ يقوم القائم الحقّ منكم * * * وبالحقّ يأتيكم وبالحقّ يعمل
سمّي نبيّ الله نفسي فداؤه * * * فلا تخذلوه يا بني وعجلوا

ما هذا لفظه: «اميد به كرم وهاب نعم آنكه باصره ما از كحل الجواهر خاك آستان آن حضرت روشنى يابد وآفتاب عالمتاب حقيقة جامعه او بر در وبام تشخص ما تابد، وما ذلك على الله بعزيز»، وصرّح في ص 123 بولادته (عليه السلام) وتاريخها.
18- الحافظ محمّد بن محمّد محمود البخاري، المعروف بخواجه پارسا من أعيان علماء الحنفيّة، وأكابر مشايخ النقشبنديّة، توفّي كما في كشف الظنون سنة(822 ه)، قال في فصل الخطاب: «وأبو محمّد الحسن العسكري ولده م ح م د- رضي الله عنهما- معلوم عند خاصّة أصحابه، وثقات أهله، ثمّ ذكر حديث حكيمة، وحكاية المعتضد، وبعض علائم ظهوره(إلى أن قال:) والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى، ومناقب المهدي صاحب الزمان، الغائب عن الأعيان، الموجود في كلّ زمان كثيرة، وقد تظاهرت الأخبار على ظهوره، وإشراق نوره، يجدّد الشريعة المحمّديّة، ويجاهد في الله حقّ جهاده، ويطهّر من الأدناس أقطار البلاد، زمانه زمان المتّقين، وأصحابه خلصوا من ←

(٣٨٢)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ الريب، وسلموا من العيب، وأخذوا بهديه وطريقه، واهتدوا من الحقّ إلى تحقيقه، به ختمت الخلافة والإمامة، وهو الإمام من لدن مات أبوه إلى يوم القيامة، وعيسى (عليه السلام) يصلّي خلفه، ويصدّقه على دعواه، ويدعو إلى ملّته الّتي هو عليها، والنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صاحب الملّة» وحكى ذلك عنه النوري في «كشف الأستار».
ونقل في «ينابيع المودّة» عنه ص 451 أيضا التصريح بولادته، وغيبته، واختفائه.
19- الحافظ أبو الفتح محمّد بن أبي الفوارس، روى في أربعينه الموجود تصوير نسخته الخطّية- الموجودة في مكتبة آستان قدس عندنا- حديث: من أحبّ أن يلقى الله (عزّ وجلّ) وهو مقبل عليه فليتولّ عليّا إلى آخر الاثني عشر. وقال في آخر كلامه- كما في هذا الكتاب: «وإنّما ملت إلى تفضيلهم(يعني: أهل البيت) بعد أن تقدّمت مذاهب فعرفتها، وبان لي الحقيقة فعرفتها، وتبيّنت الطريقة فسلكتها بالشواهد اللائحة، والأخبار الصحيحة الواضحة، ونبّئت بها من الثقات وأهل الورع والديانات، وكذلك أدّيناها حسب ما رويناها».
20- أبو المجد عبد الحقّ الدهلوي البخاري، صاحب التصانيف الكثيرة، حتّى نقل أنّ تصنيفاته بلغت مائة مجلّد، توفّي سنة(1052 ه)، قال في رسالته في المناقب وأحوال الأئمة (عليهم السلام) كما في «كشف الأستار»: «وأبو محمّد الحسن العسكري ولده م ح م د- رضي الله عنهما- معلوم عند خواصّ أصحابه وثقاته»، ثمّ نقل قصّة الولادة بالفارسيّة.
21- الشيخ أحمد الجامي النامقي، قال كما في «ينابيع المودّة» ص 472، وفي مجالس المؤمنين في المجلس السادس:

من ز مهر حيدرم هر لحظه اندر دل صفا است * * * از پى حيدر حسن ما را امام ورهنما است
همچو كلب افتاده ام بر آستان بو الحسن * * * خاك نعلين حسين بر هر دو چشمم توتيا است
عابدين تاج سر وباقر دو چشم روشنم * * * دين جعفر بر حق است ومذهب موسى روا است
اى موالى وصف سلطان خراسان را شنو * * * ذره اى از خاك قبرش دردمندان را دواست
پيشواى مؤمنان است اى مسلمانان تقى * * * گر نقى را دوست دارى بر همه ملت روا است ←

(٣٨٣)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ عسكرى نور دو چشم آدم است وعالم است * * * همچو يك مهدى سپهسالار در عالم كجا است
شاعران از بهر سيم وزر سخنها گفته اند * * * احمد جامى غلام خاص شاه اوليا است

22- الشيخ فريد الدين محمّد العطّار النيسابوري، المقتول كما في مجالس المؤمنين سنة(627 ه) أو(589 ه)، قال في كتاب «مظهر الصفات» كما نقل عنه في «ينابيع المودّة» ص 473:

مصطفى ختم رسل شد در جهان * * * مرتضى ختم ولايت در عيان
جمله فرزندان حيدر اوليا * * * جمله يك نورند حق كرد اين ندا

وبعد ذكر أسماء الأئمّة (عليهم السلام) قال:

صد هزاران اوليا روى زمين * * * از خدا خواهند مهدى را يقين
يا الهى مهديم از غيب آر * * * تا جهان عدل گردد آشكار
مهدى هادى است تاج اتقيا * * * بهترين خلق برج اوليا
اى تو ختم اولياى اين زمان * * * واز همه معنى نهانى جان جان
اى تو هم پيدا وپنهان آمده * * * بنده عطارت ثنا خوان آمده

23- جلال الدين محمّد العارف البلخي الرومي، المعروف بالمولوي، المتوفّى سنة(672 ه)، قال في ديوانه الكبير الّذي جمع على ترتيب حروف الهجاء كما في «ينابيع المودّة» ص 473:

اى سرور مردان على مستان سلامت مى كنند * * * واى صفدر مردان على مردان سلامت مى كنند

... الى أن قال:

با قاتل كفار گو با دين وبا ديندار گو * * * با حيدر كرار گو مستان سلامت مى كنند
با درج دو گوهر بگو با برج دو اختر بگو * * * با شبّر وشبير بگو مستان سلامت مى كنند
با زين دين عابد بگو با نور دين باقر بگو * * * با جعفر صادق بگو مستان سلامت مى كنند
با موسى كاظم بگو با طوسى عالم بگو * * * با تقى قائم بگو مستان سلامت مى كنند ←

(٣٨٤)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ با مير دين هادى بگو با عسكرى مهدى بگو * * * با آن ولى مهدى بگو مستان سلامت مى كنند

24- الشيخ العارف بأسرار الحروف صلاح الدين الصفدي، المتوفّى سنة(764 ه)، قال في شرح الدائرة كما في «ينابيع المودّة»: «إنّ المهدي الموعود هو الإمام الثاني عشر من الأئمّة، أوّلهم سيّدنا علي، وآخرهم المهدي رضي الله عنهم».
25- المولوي علي أكبر بن أسد الله المؤودي، من متأخّري علماء الهند، في كتاب المكاشفات الذّي جعله كالحواشي على نفحات الانس للمولى عبد الرحمن الجامي، فإنّه كما في كشف الأستار ص 80 وحكي عن استقصاء الأفحام أيضا ص 98 صرّح في المبحث الخامس والأربعين بإمامة الحجّة بن الحسن العسكري وآبائه وعصمتهم إلى أمير المؤمنين علي، وأنّه كان قطبا بعد أبيه الحسن العسكري (عليهما السلام)، كما كان قطبا بعد أبيه إلى الإمام علي بن أبي طالب، وكونه غائبا عن العوام والخواصّ لا عن أعين أخصّ الخواص، وصرّح بعصمة الأئمّة الاثني عشر.
26- الشيخ عبد الرحمن صاحب كتاب «مرآة الأسرار» أحد مشايخ الصوفيّة، وهو الّذي ينقل عنه الشاه ولي الله الهندي الدهلوي، والد الشاه عبد العزيز صاحب «التحفة الاثنا عشريّة»، قال في كتاب «مرآة الأسرار» على ما حكي عنه في النجم الثاقب وكشف الأستار ما هذا لفظه: «ذكر آن آفتاب دين ودولت آن هادى جميع ملّت، ودولت آن قائم مقام پاك أحمدى، امام بر حق، ابو القاسم محمّد بن الحسن المهدى رضي الله عنه، وى امام دوازدهم است، از ائمّه اهل بيت، مادرش أمّ ولد بود، نرجس نام داشت، ولادتش شب جمعه پانزدهم شعبان سنه خمس وخمسين ومأتين... تا اينكه گويد: وامام دوازدهم در كنيه ونام حضرت رسالت پناهى موافقت دارد، والقاب شريفش: مهدى، وحجّت، وقائم، ومنتظر، وصاحب الزمان، وخاتم اثنى عشر، وصاحب الزمان (عليه السلام)، در وقت وفات پدر خود امام حسن عسكري (عليه السلام) پنج سأله بود، كه بر مسند امامت نشست چنانچه حقّتعالى حضرت يحيى بن زكريا (عليهما السلام) را در حال طفوليت حكمت كرامت فرمود، وعيسى بن مريم را وقت صبا به مرتبه بلند رسانيد، وهمچنين او را در صغر سن امام گردانيد، وخوارق عادات او نه چندان است كه در اين مختصر گنجايش دارد(ثمّ نقل كلام الشيخ محيي الدين المتقدّم ذكره وقال:) وحضرت مولانا عبد الرحمن جامى مردي صوفى كارها ديده، وشافعى مذهب بوده، تمام احوالات وحقيقت متولّد شدن ومخفى گشتن امام محمّد بن حسن عسكرى (عليهما السلام) مفصّل در كتاب ←

(٣٨٥)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ «شواهد النبوّة»، تصنيف خود بوجه احسن از ائمه اهل بيت عترت وطهارت، وارباب سيرت روايت كرده است، وصاحب كتاب «مقصد أقصى» مى نويسد، كه حضرت شيخ سعد الدين حموى خليفة حضرت نجم الدين در حقّ امام مهدى يك كتاب تصنيف كرده است، وديگر چيزها بسيار همراه او نموده است، كه ديگر هيچ آفريده اى را آن اقوال وتصرّفات ممكن نيست، چون او ظاهر شود ولايت مطلقه آشكارا گردد، واختلاف مذاهب وظلم وبدخوئى برخيزد، چنانكه أوصاف حميده در احاديث نبوى وارد شده است، كه مهدى در آخر زمان آشكارا گردد، وتمام ربع مسكون را از جور وظلم پاك سازد، ويك مذهب پديد آيد مجملا هرگاه دجال بدكردار پيدا شده بود وزنده ومخفي هست، وحضرت عيسى (عليه السلام) كه بوجود آمده بود ومخفى از خلق است، پس اگر فرزند رسول خدا (صلّى الله عليه وآله) امام محمّد مهدى بن حسن عسكري (عليهما السلام) از نظر عوام پوشيده شد، وبوقت خود مثل عيسى (عليه السلام) ودجال موافق تقدير الهى آشكار گردد، جاي تعجّب نيست از اقوال چندين بزرگان، واز فرموده أئمّه أهل بيت رسول خدا (صلّى الله عليه وآله) انكارنمودن از راه تعصّب چندان ضرور نيست».
27- بعض مشايخ الشعراني، قال في «ينابيع المودّة» ص 470: «إنّ الشيخ عبد الوهاب الشعراني- قدّس سرّه- قال في كتابه «الأنوار القدسيّة»: إنّ بعض مشايخنا قال: نحن بايعنا المهدي (عليه السلام) بدمشق الشام، وكنّا عنده سبعة أيّام، وقال لي الشيخ عبد اللطيف الحلبي سنة ألف ومائتين وثلاث وسبعين: إنّ أبي الشيخ إبراهيم- رحمه الله- قال: سمعت بعض مشايخي من مشايخ مصر، يقول: بايعنا الإمام المهدي، انتهى».
28- ملك العلماء القاضي شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي، صاحب التفسير المسمّى ب «البحر الموّاج»- بالفارسيّة- و«مناقب السادات»- بالفارسيّة- المتوفّى سنة(849 ه)، وصاحب كتاب «المناقب الموسوم بهداية السعداء»، وقد صرّح فيه على ما حكي عنه في النجم الثاقب وكشف الأستار بإمامة الأئمّة الاثني عشر وأساميهم، ونقل حديث اللوح، وقال في حقّ الحجّة بن الحسن (عليه السلام): «هو غائب، وله عمر طويل كما عمّر بين المؤمنين: عيسى، وإلياس، والخضر، وفي الكافرين: الدجّال، والسامري».
أقول: راجع الهداية الجولة الثانية من الهداية الثالثة عشرة.
29- الشيخ سليمان بن شيخ إبراهيم، المعروف بخواجه كلان، الحسيني، البلخي، ←

(٣٨٦)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ القندوزي، المتوفّى سنة(1294 ه) صاحب «ينابيع المودّة»، فإنّه ذكر في هذا الكتاب في عدّة مواضع حالاته، ومعجزاته، وتاريخ ولادته، ونسبه، وبعض الأخبار الواردة في شأنه، وقال في ص 452 بعد ذكر أقوال بعضهم في تاريخ ولادته: «فالخبر المعلوم المحقّق عند الثقات أنّ ولادة القائم (عليه السلام) كانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، في بلدة سامراء، عند القران الأصغر الّذي كان في القوس، وهو رابع القران الأكبر الذي كان في القوس، وكان الطالع الدرجة الخامسة والعشرين من السرطان زايجته المباركة في افق سامراء هذه... الخ».
30- الشيخ عامر بن عامر البصري، صاحب القصيدة التائيّة المسمّاة بذات الأنوار، وهي في المعارف والحكم والأسرار والآداب مشتملة على اثني عشر نورا، فقال: «النور التاسع: في معرفة صاحب الوقت ذاته، ووقت ظهوره (كما في كشف الأستار):

إمام الهدى حتّى متى أنت غائب * * * فمنّ علينا يا أبانا بأوبة
تراءت لنا رايات جيشك قادما * * * ففاحت لنا منها روائح مسكة
وبشرت الدنيا بذلك فاغتدت * * * مباسمها مفترة عن مسرّة
مللنا وطال الانتظار فجد لنا * * * بربّك يا قطب الوجود بلقية

إلى أن قال:

فعجّل لنا حتّى نراك فلذّة * * * المحبّ لقا محبوبه بعد غيبة

31- القاضي جواد الساباطي، الّذي كان نصرانيّا فأسلم، وصنّف كتاب «البراهين الساباطيّة في الردّ على النصارى»، وذكر في هذا الكتاب على ما حكى عنه في النجم الثاقب وكشف الأستار بعد ذكر اختلاف المسلمين في المهديّ: «أنّ قول الإماميّة أقرب، لمطابقته مع النصّ».
32- الشيخ أبو المعالي صدر الدين القونوي، صاحب «تفسير الفاتحة»، و«مفتاح الغيب»، وغيرهما، له كما في «كشف الأستار» أبيات أوّلها: «يقوم بأمر الله في الأرض ظاهرا...»، وقال(كما في هذا الكتاب) لتلاميذه في وصاياه: «إنّ الكتب الّتي كانت لي من كتب الطبّ، وكتب الحكماء، وكتب الفلاسفة، بيعوها وتصدّقوا بثمنها للفقراء، وأمّا كتب التفاسير والأحاديث والتصوّف فاحفظوها في دار الكتب، واقرءوا كلمة التوحيد: لا إله إلّا الله سبعين ألف مرّة ليلة الاولى بحضور القلب، وبلّغوا منّي سلاما إلى المهدي (عليه السلام)».
33- الفاضل البارع عبد الله بن محمّد المطيري شهرة المدني حالا، صرّح به في كتابه «الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبيّ وعترته الطاهرة»، فعدّ هنا الأئمّة واحدا بعد ←

(٣٨٧)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ واحد(على ما حكى عنه في كشف الأستار) إلى أن قال: «الحادي عشر ابنه الحسن العسكري- رضي الله عنه- الثاني عشر ابنه محمّد القائم المهدي- رضي الله عنه- وقد سبق النصّ عليه في ملّة الإسلام من النبي محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، وكذا من جدّه علي رضوان الله عليه ومن بقيّة آبائه أهل الشرف والمراتب، وهو صاحب السيف القائم المنتظر، كما ورد ذلك في صحيح الخبر، وله قبل قيامه غيبتان... إلى آخر ما قال.
قال في «كشف الأستار»: والنسخة الّتي عثرت عليها عتيقة، وكانت لمؤلّفها، وبخطّه على ظهرها: كتاب الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبيّ وعترته الطاهرة، تأليف الفقير إلى الله عبد الله محمّد المطيري شهرة المدني حالا، الشافعي مذهبا، الأشعري اعتقادا، والنقشبندي طريقة، نفعنا الله من بركاتهم، آمين.
34- شيخ الإسلام أبو المعالي محمّد سراج الدين الرفاعي، ثمّ المخزومي الشريف الكبير، ذكر في كتابه صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطميّة الأخيار في ترجمة أبي الحسن الهادي (عليه السلام)(على ما في كشف الأستار): «وأمّا الإمام علي الهادي بن الإمام محمّد الجواد (عليهما السلام)، ولقبه: النقي، والعالم، والفقيه، والأمير، والدليل، والعسكري، والنجيب، ولد في المدينة سنة(212 ه) من الهجرة، وتوفّي شهيدا بالسمّ في خلافة المعتزّ العبّاسي يوم الاثنين لثلاث ليال خلون من رجب سنة(254 ه) وكان له خمسة أولاد: الإمام الحسن العسكري، والحسين، ومحمّد، وجعفر، وعائشة: فأمّا الحسن العسكريّ فأعقب صاحب السرداب الحجّة المنتظر، ولي الله الإمام المهدي (عليه السلام)».
35- مير خواند، المؤرّخ الشهير محمّد بن خاوندشاه بن محمود، المتوفّى- كما في كشف الظنون- سنة 903، ذكر في تاريخ روضة الصفا في المجلد الثالث: ولادته، وبعض أحواله، ومعجزاته.
36- نصر بن علي الجهضمي النصري، أحد أعلام أهل السنّة وثقاتهم، فإنّه صرّح كما في النجم الثاقب بولادته، واسم امّه، وأسماء بوّابه، وهذا النصر هو الّذي ذكره الشهيد الأول كما في هذا الكتاب أنّه روى في محضر المتوكّل أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) أخذ بيد الحسنين (عليهما السلام)، وقال: «من أحبّني وأحبّ هذين وأحبّ امّهما كان معي في درجتي يوم القيامة» فأمر المتوكّل بضرب ألف سوط عليه، فقال أبو جعفر بن عبد الواحد: إنّه من أهل السنّة، فعفا عنه.
37- شيخ الإسلام المحدّث الكبير إبراهيم بن محمّد بن المؤيّد الجويني الخراساني، المتوفّى ←

(٣٨٨)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ سنة(730 ه)، في كتابه فرائد السمطين- المطبوع في مجلّدين كبيرين- صرّح في هذا الكتاب في عدّة مواضع بولادته، وأخرج الأخبار المبشّرة به وبالأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام).
38- القاضي المحقّق بهلول بهجت أفندي، مؤلّف كتاب «المحاكمة في تاريخ آل محمّد»، بالتركيّة المترجم بالفارسيّة، قد طبعت ترجمته مرارا لكثرة طالبيه، وهو كتاب جيّد حسن نافع، باحث عن المواقع المهمّة في التاريخ، وكاشف عن كثير من الحجب الّتي جعلتها أيدي المتعصّبين وراء الحوادث التاريخيّة وغيرها، وصرّح فيه بإمامة الأئمّة الاثني عشر، وذكر بعض فضائلهم وأحوالهم، وذكر ولادة الإمام الثاني عشر، وأنّه ولد في الخامس عشر من شعبان سنة(255 ه)، وأنّ اسم امّه نرجس، وأنّ له غيبتين:
الاولى الصغرى، والثانية الكبرى، وصرّح ببقائه (عليه السلام)، وأنّه يظهر حين يأذن الله تعالى له بالظهور، ويملأ الأرض قسطا وعدلا، وقال: «إنّ ظهوره أمر اتّفق عليه المسلمون، فلا حاجة الى ذكر الدلائل»، ثمّ ذكر بعض كلمات الأعاظم في حقّه، وبعض صفاته وعلاماته.
39- الشيخ شمس الدين محمّد بن يوسف الزرندي، قال(كما في إلزام الناصب) في كتاب «معراج الوصول الى معرفة فضيلة آل الرسول»: «الإمام الثاني عشر صاحب الكرامات المشتهرة، الّذي عظم قدره بالعلم واتّباع الحقّ والأثر، القائم بالحقّ، والداعي الى منهج الحقّ، الإمام أبو القاسم محمّد بن الحسن»، ثمّ ذكر تاريخ مولده.
40- شمس الدين التبريزي، شيخ المولوي، جلال الدين الرومي، نسب إليه ذلك في «ينابيع المودّة» على ما في «كشف الأستار».
41- المؤرّخ الشهير ابن خلّكان في «وفيات الأعيان»، وقد مرّ كلامه في ولادته وتاريخها.
42- المؤرّخ ابن الأزرق في «تاريخ ميافارقين»، على ما حكى عنه ابن خلّكان في وفيات الأعيان.
43- المولى علي القارئ، فإنّه ذكر في كتاب «المرقاة في شرح المشكاة»(على ما حكي عنه في إلزام الناصب وكشف الأستار) أسماء الأئمّة الاثني عشر، وأشار إلى مناقبهم وكراماتهم.
44- القطب المدار الّذي كتب عبد الرحمن الصوفي «مرآة الأسرار» لأجله، كما في «كشف الأستار».
45- المؤرّخ ابن الوردي، قال في «نور الأبصار» في الباب الثاني ص 153: «وفي ←

(٣٨٩)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ تاريخ ابن الوردي: ولد محمّد بن الحسن الخالص سنة خمس وخمسين ومائتين».
46- السيّد مؤمن بن حسن الشبلنجي، صاحب كتاب «نور الأبصار»، قال في هذا الكتاب في الباب الثاني ص 152: «فصل في ذكر مناقب محمّد بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمّد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، امّه أمّ ولد، يقال لها: نرجس، وقيل: صقيل، وقيل: سوسن، وكنيته: أبو القاسم، ولقّبه الإماميّة: بالحجّة، والمهديّ، والقائم، والمنتظر، وصاحب الزمان، وأشهرها المهديّ».
47- الشيخ النسّابة أبو الفوز محمّد أمين البغدادي السويدي، صاحب كتاب «سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب»، فانه ذكر أسماء الأئمّة الاثني عشر، وبعض فضائلهم ومناقبهم، وذكر الإمام الحسن العسكري في ص 77 ب 6، وقال في ص 78 في خطّ الحسن العسكري: «محمّد المهدي، وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، وكان مربوع القامة، حسن الوجه والشعر، أقنى الأنف، صبيح الجبهة».
48- شيخ الإسلام، إبراهيم بن سعد الدين، كما حكي عنه.
49- صدر الأئمّة ضياء الدين موفّق بن أحمد الخطيب المالكي، ثمّ الخوارزمي، أخطب خطباء خوارزم، فإنّه كما حكى عنه في «كشف الأستار» ذكر في مناقبه من الأحاديث ما هو صريح في الدلالة على هذا القول.
50- المولى حسين بن علي الكاشفي، صاحب «جواهر التفسير»، المتوفّى سنة(906 ه) كما في «كشف الظنون»، ذكر في «كشف الأستار» أنّ بعض البارعين نسب هذا القول إليه، ونقل في كشف الأستار عنه كلمات ظاهرة في الميل إليه.
51- السيّد علي بن شهاب الهمداني، صرّح بذلك في المودّة العاشرة من كتابه «المودّة في القربى».
52- الشيخ محمّد الصبّان المصري، المتوفّى سنة(1206 ه) كما يظهر من بعض كلماته في إسعاف الراغبين.
53- الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بنور الله الخليفة العبّاسي، قال في «كشف الأستار» و«إلزام الناصب»: أمر بعمارة السرداب الشريف، وجعل على الصفة الّتي فيه شباكا من خشب ساج، منقوش عليه: «بسم الله الرحمن الرحيم، قل لا أسألكم عليه أجرا إلّا المودّة في القربى، ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا، إن الله غفور شكور، هذا ما أمر بعمله سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام أبو العبّاس ←

(٣٩٠)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ أحمد الناصر لدين الله، أمير المؤمنين، وخليفة ربّ العالمين، الّذي طبق البلاد إحسانه، وعمّ البلاد رأفته وفضله، قرّب الله أوامره الشريفة باستمرار النجح واليسر، وناطها بالتأييد والنصر، وجعل لأيّامه المخلّدة حدّا لا يكبو جواده، ولآرائه الممجّدة سعدا لا يخبو زناده، في عزّ تخضع له الأقدار فيطيعه عواصيها، وملك تخشع له الملوك فيملكه نواصيها، بتولّي المملوك معد بن الحسين بن معد الموسوي الّذي يرجو الحياة في أيّامه المخلّدة، ويتمنّى إنفاق عمره في الدعاء لدولته المؤيّدة، واستجاب الله أدعيته، وبلغه في أيّامه الشريفة امنيته [ذلك في ربيع الثاني] من سنة ستّ وستمائة الهلاليّة، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلّى الله على سيّدنا خاتم النبيين، وعلى آله الطاهرين وعترته وسلّم تسليما». ونقش أيضا في الخشب الساج داخل الصفة في دائر الحائط:
«بسم الله الرحمن الرحيم، محمّد رسول الله، أمير المؤمنين علي ولي الله، فاطمة، الحسن بن علي، الحسين بن علي، علي بن الحسين، محمّد بن علي، جعفر بن محمّد، موسى بن جعفر، علي بن موسى، محمّد بن علي، علي بن محمّد، الحسن بن علي، القائم بالحقّ (عليهم السلام)، هذا عمل علي بن محمّد وليّ آل محمّد رحمه الله». ولو لا اعتقاد الناصر بانتساب السرداب إلى المهدي بكونه محلّ ولادته أو موضع غيبته أو مقام بروز كرامته،(لا أنّه مكان إقامته في طول غيبته كما نسبه بعض من لا خبرة له إلى الإماميّة وليس في كتبهم قديما وحديثا أثر منه أصلا) لما أمر بعمارته وتزيينه، ولو كانت كلمات علماء عصره متّفقة على نفيه وعدم ولادته لكان إقدامه عليه بحسب العادة صعبا أو ممتنعا، فلا محالة فيهم من وافقه في معتقده الموافق لمعتقد جملة ممّن سبقت إليهم الإشارة، وهو المطلوب. وإنّما أدخلنا الناصر في سلك هؤلاء، لامتيازه عن أقرانه بالفضل والعلم، وعداده من المحدّثين، فقد روى عنه ابن سكينة وابن الأخضر وابن النجّار وابن الدامغاني، انتهى ما في كشف الأستار.
أقول: هذه العبارات موجودة باقية في السرداب الشريف قد رأيناها وقرأناها غير مرّة وراجع دليل سامراء، ليونس الشيخ إبراهيم السامرائي في سرداب الغيبة: ص 33- 36 تجد ذلك كلّه فيه. ويظهر من «نسمة السحر بذكر من تشيّع وشعر» ج 1 ص 253 أنّ الناصر يرى نفسه نائبا عن المهدي (عليه السلام)، وحكي عن الذهبي أيضا.
54- صاحب كتاب «شذرات الذهب»، أبو الفلاح عبد الحيّ بن العماد الحنبلي، المتوفّى سنة(1089 ه)، صرّح بولادته في الجزء الثاني من هذا الكتاب ص 141 وص 150.
55- الشيخ عبد الرحمن محمّد بن علي بن أحمد البسطامي، قال في كتاب درة المعارف كما في ينابيع المودّة ص 401: «والمهدي أكثر الناس علما وحلما، وعلى خدّه الأيمن ←

(٣٩١)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ خال، وهو من ولد الحسين»، وله أشعار في شأن المهدي كما في «ينابيع المودّة»:

ويظهر ميم المجد من آل أحمد * * * ويظهر عدل الله في الناس أوّلا
كما قد روينا عن عليّ الرضا * * * وفي كنز علم الحرف أضحى محصّلا

وقال أيضا:

ويخرج حرف الميم من بعد شينه * * * بمكّة نحو البيت بالنصر قد علا
فهذا هو المهدي بالحقّ ظاهر * * * سيأتي من الرحمن للحقّ مرسلا
ويملأ كلّ الأرض بالعدل رحمة * * * ويمحو ظلام الشرك والجور أوّلا
ولايته بالأمر من عند ربّه * * * خليفة خير الرسل من عالم العلا

56- الشيخ عبد الكريم اليماني، قال في «ينابيع المودّة» ص 466: «قال الشيخ الجليل عبد الكريم اليماني، قدّس الله سرّه، ووهب لنا فيوضه وعلومه:

وفي يمن أمن يكون لأهلها * * * الى أن ترى نور الهداية مقبلا
بميم مجيد من سلالة حيدر * * * ومن آل بيت طاهرين بمن علا
يلقّب بالمهديّ بالحقّ ظاهر * * * بسنّة خير الخلق يحكم أوّلا

57- السيّد النسيمي، ذكره في «كشف الأستار» عن ينابيع المودّة.
58- عماد الدين الحنفي، ذكر في «كشف الأستار» أنّه نسب إليه هذا القول بعض البارعين.
59- الفاضل البارع عبد الله بن محمّد المطيري شهرة المدني حالّا في كتابه الموسوم ب «الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم»، صدّر كتابه هذا بذكر تمام رسالة «إحياء الميت بفضائل أهل البيت (عليهم السلام)» للامام جلال الدين السيوطي، وهي تشتمل على ستين حديثا فتمّمها وأنهاها إلى مائة وواحد وخمسين وروى في الحديث الاخير «أنّ من ذرّية الحسين بن علي المهدي المبعوث في آخر الزمان»... إلى أن قال: فالإمام الأوّل علي بن أبي طالب (عليه السلام)... وساق أسامي الأئمّة ثمّ قال: الحادي عشر ابنه الحسن العسكري، الثاني عشر ابنه محمّد القائم المهدي، وقد سبق النصّ عليه في ملّة الإسلام من النبيّ محمّد (صلّى الله عليه وآله)، وكذا من جدّه علي بن أبي طالب(رضوان الله عليه)، ومن بقيّة آبائه أهل الشرف والمراتب، وهو صاحب السيف القائم المنتظر».
60- الفاضل رشيد الدين الدهلوي الهندي، فقد ذكر- كما في كتاب الإمام الثاني عشر- في كتابه «إيضاح لطافة المقال» كلام خواجه پارسا في فصل الخطاب مرتضيا له.
61- الشاه وليّ الله الدهلوي، والد صاحب «التحفة في كتاب النزهة»، وغيره ممّن- روى الحديث المسلسل الّذي مرّ ذكره في «البلاذري».
62- الشيخ أحمد الفاروقي النقشبندي، المعروف بالمجدّد في الألف الثاني، كما نقل في «العبقري الحسان» عن كتابه «المكاتيب» ج 3 المكتوب 123.
63- أبو الوليد؛ محمّد بن شحنة الحنفي، قال في تاريخه المسمّى بروضة المناظر في أخبار الأوائل والأواخر- المطبوع بهامش مروج الذهب في المطبعة الأزهريّة المصريّة سنة 1303 ه ج 1 ص 294-: «وولد لهذا الحسن(يعني: الحسن العسكري (عليه السلام)) ولده المنتظر، ثاني عشرهم، ويقال له: المهدي، والقائم، والحجّة محمّد، ولد في سنة خمس وخمسين ومائتين».
64- الشيخ خالد النقشبندي، المتوفّى سنة 1242 ه، مؤلّف «فرائد الفوائد»، و«رسالة الرابطة»، وصاحب ديوان مطبوع باسلامبول، في قصيدته الّتي مدح بها الإمام الثامن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، ذكر فيها الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام)... إلى أن قال:

ديگر به نيكى تقى وپاكى نقى * * * آنگه به عسكرى كه همه جسم، جوهر است
ديگر به عدل پادشهى كز عدالتش * * * با برّه شير شرزه بس به ز مادر است

65- سيّد باقر بن سيّد عثمان بخاري، مؤلّف «جواهر الأولياء» المطبوع(1396 ه)، في ص 31 و32 و307 و378 و471 و541 و544 و556.
66- جمال الدين خواجه أحمد حقّاني، راجع جواهر الأولياء: ص 478.
67- سيّد وداية بن سيد عثمان بخاري، نقل عنه في جواهر الأولياء: ص 544 مناجاة بالفارسيّة، تتضمّن أسماء الأئمّة الاثنى عشر إلى مولانا المهدي (عليهم السلام).
68- الشيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشبراوي الشافعي، شيخ الجامع الأزهر، صرّح في كتابه «الاتحاف بحبّ الأشراف» بإمامة الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام)، وولادة مولانا المهدي الإمام الثاني عشر (عليه السلام)، وذكر قسما من فضائلهم ومقاماتهم.

 

(٣٩٢)

الحسين بن عبيد الله بن العبّاس بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، قال: سمعت أبا محمّد (عليه السلام) يقول: قد ولد ولي الله، وحجّته على عباده، وخليفتي من بعدي، مختونا ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين عند طلوع الفجر، وكان أوّل من غسله رضوان خازن

(٣٩٣)

الجنّة مع جمع من الملائكة المقرّبين بماء الكوثر والسلسبيل، ثمّ غسلته عمّتي حكيمة بنت محمّد بن علي الرضا (عليهما السلام)، فسئل محمّد بن عليّ بن حمزة- رضي الله عنه- عن امّه (عليه السلام)، قال: امّه مليكة الّتي يقال لها بعض الأيّام: سوسن، وفي بعضها: ريحانة، وكان صيقل ونرجس أيضا من أسمائها.
787-(537)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن رزق الله، قال: حدّثني موسى بن محمّد بن القاسم ابن حمزة بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدّثتني حكيمة بنت محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قالت: بعث إليّ أبو محمّد الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقال: يا عمّة، اجعلي إفطارك [هذه] الليلة عندنا، فإنّها ليلة النصف من شعبان، فإنّ الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة، وهو حجّته في أرضه، قالت: فقلت له: ومن أمّه؟ قال لي: نرجس، قلت له:
جعلني الله فداك، ما بها أثر، فقال: هو ما أقول لك، قالت: فجئت، فلمّا سلّمت وجلست جاءت تنزع خفّي وقالت لي: يا سيّدتي [وسيّدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(537) كمال الدين: ج 2 ص 424 ب 42 ح 1؛ غيبة الشيخ: ص 234- 237 ح 204 بسنده عن أبي عبد الله المطهّري عن حكيمة نحوه، وفيه: «بعث إليّ أبو محمّد (عليه السلام) سنة خمس وخمسين ومائتين في النصف من شعبان... الحديث»، وفيه حديث آخر ح 205 بمثل حديثه الأوّل مع زيادة، وحديث آخر ح 206 و207 ص 237- 240 يؤيّد بعضها بعضا؛ ينابيع المودّة»: ص 449- 451 ب 79 ح 1 روى الحديث بطرق كثيرة، إثبات الوصيّة: ص 218- 220 مثله في المعنى؛ إعلام الورى: ر 4 ب 1 ف 2 البحار: ج 51 ب 1 ح 3.

(٣٩٤)

أهلي] كيف أمسيت؟ فقلت: بل أنت سيّدتي وسيّدة أهلي، قالت: فأنكرت قولي، وقالت: ما هذا يا عمّة؟! قالت: فقلت لها: يا بنيّة! إنّ الله تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيّدا في الدنيا والآخرة، قالت: فخجلت واستحيت، فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت، فلمّا أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث، ثمّ جلست معقّبة، ثمّ اضطجعت، ثمّ انتبهت فزعة وهي راقدة، ثمّ قامت فصلّت ونامت.
قالت حكيمة: وخرجت أتفقّد الفجر، فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرحان وهي نائمة، فدخلني الشكوك، فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام) من المجلس، فقال: لا تعجلي يا عمّة! فهاك الأمر قد قرب، قالت: فجلست وقرأت الم السجدة، ويس، فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة، فوثبت إليها، فقلت: اسم الله عليك، ثمّ قلت لها: أ تحسّين شيئا؟ قالت: نعم يا عمّة، فقلت لها: اجمعي نفسك، واجمعي قلبك، فهو ما قلت لك، قالت: فأخذتني فترة وأخذتها فترة، فانتبهت بحسّ سيّدي، فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به (عليه السلام) ساجدا يتلقّى الأرض بمساجده، فضممته إليّ فإذا أنا به نظيف متنظّف، فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام): هلمّي إليّ ابني يا عمّة! فجئت به إليه، فوضع يديه تحت أليتيه وظهره، ووضع قدميه على صدره، ثمّ أدلى لسانه في فيه، وأمرّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله، ثمّ قال: تكلّم يا بنيّ، فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثمّ صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمّة (عليهم السلام)، إلى أن وقف على أبيه ثمّ أحجم، ثمّ قال أبو محمّد (عليه السلام): يا عمّة! اذهبي به إلى امّه ليسلّم عليها وائتيني به،

(٣٩٥)

فذهبت به فسلّم عليها ورددته فوضعته في المجلس، ثمّ قال: يا عمّة! إذا كان يوم السابع فأتينا؛ قالت حكيمة: فلمّا أصبحت جئت لأسلّم على أبي محمّد (عليه السلام)، وكشفت الستر لأتفقّد سيّدي (عليه السلام) فلم أره، فقلت: جعلت فداك، ما فعل سيّدي؟ فقال: يا عمّة! استودعناه الّذي استودعته أمّ موسى (عليه السلام)، قالت حكيمة: فلمّا كان في اليوم السابع جئت فسلّمت وجلست، فقال: هلمّي إليّ ابني، فجئت بسيّدي (عليه السلام) وهو في الخرقة، ففعل به كفعلته الاولى، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنّه يغذّيه لبنا أو عسلا، ثمّ قال: تكلّم يا بنيّ، فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله، وثنّى بالصلاة على محمّد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمّة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، حتّى وقف على أبيه (عليه السلام)، ثمّ تلا هذه الآية: بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، ونُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ونُرِيَ فِرْعَوْنَ وهامانَ وجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)(538).
قال موسى: فسألت عقبة الخادم عن هذه، فقالت: صدقت حكيمة.
788-(539)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه، وأحمد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(538) القصص: 5.
(539) كمال الدين: ج 2 ص 430 ب 42 ح 5؛ غيبة الشيخ: ص 147؛ إثبات الوصيّة: ص 221 في ولادته: «عن عدّة، عن محمّد بن يحيى، عن الحسين بن علي النيسابوري، عن إبراهيم بن محمّد، عن أحمد بن محمد السيّاري... نحوه»، وذكر بعد قوله (عليه السلام) «وصلّى الله على محمّد وآله»: «عبد داخر للّه، غير مستنكف ولا مستكبر»، الخرائج والجرائح: ج 1 ص 457 ح 2، إثبات الهداة: ج 3 ص 668 ب 33 ح 34 و35؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 498 و499 في معجزات صاحب الزمان؛ البحار: ج 51 ص 4 ب 1 ح 1؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 544 ب 10؛ الوسائل: ج 8 ص 461 ب 59 ح 1 وفيه القسم الأخير من الحديث؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 160 مختصرا؛ إعلام الورى: الركن الرابع ب 1 ف 2.

(٣٩٦)

محمّد بن يحيى العطّار- رضي الله عنهما- قالا: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا الحسين بن علي النيسابوري، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، عن السيّاري، قال: حدّثني نسيم ومارية، قالتا: إنّه لمّا سقط صاحب الزمان (عليه السلام) من بطن امّه جاثيا على ركبتيه، رافعا سبّابتيه إلى السماء، ثمّ عطس فقال: الحمد للّه ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله، زعمت الظّلمة أنّ حجّة الله داحضة، لو اذن لنا في الكلام لزال الشك.
789-(540)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه، ومحمّد بن موسى بن المتوكّل؛ وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار- رضي الله عنهم- قالوا: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثني إسحاق بن رياح البصري، عن أبي جعفر العمري، قال: لمّا ولد السيّد (عليه السلام) قال أبو محمّد (عليه السلام): ابعثوا إلى أبي عمرو، فبعث إليه، فصار إليه، فقال له: اشتر عشرة آلاف رطل خبز، وعشرة آلاف رطل لحم، وفرّقه- أحسبه قال: على بني هاشم- وعقّ عنه بكذا وكذا شاة.
790-(541)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثنا علي بن محمّد، قال: ولد الصاحب (عليه السلام) للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين.
791-(542)- غيبة فضل بن شاذان: حدّثنا أحمد بن إسحاق بن عبد الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(540) كمال الدين: ج 2 ص 430 و431 ب 42 ح 6؛ البحار: ج 51 ص 5 ب 1 ح 9؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 483 ب 32 ف 5 ح 195.
(541) كمال الدين: ج 2 ص 430 ح 4؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 430 ب 32 ف 5 ح 194.
(542) كفاية المهتدي(الأربعين): ص 111 ح 29؛ كفاية الأثر: ص 290 و291 ب 39 ح 4؛ كمال الدين: ج 2 ص 408 و409 ب 38 ح 7 قال: «حدّثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود العيّاشي، عن أبيه، عن أحمد بن علي بن كلثوم، عن علي بن أحمد الرازي، عن أحمد بن إسحاق بن سعد، قال: سمعت أبا محمّد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) يقول: الحمد للّه...» وفيه: «الخلف من بعدي».

(٣٩٧)

الأشعري قال: سمعت أبا محمّد، ابن علي العسكري (عليه السلام) يقول: الحمد للّه الّذي لم يخرجني من الدنيا حتّى أراني الخلف بعدي، أشبه الناس برسول الله خلقا وخلقا، يحفظه الله تبارك وتعالى في غيبته، ثمّ يظهره فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
792-(543)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثني علّان الرازي، قال: أخبرني بعض أصحابنا أنّه لمّا حملت جارية أبي محمّد (عليه السلام) قال: ستحملين ذكرا، واسمه محمّد، وهو القائم من بعدي.
793-(544)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا الحسن بن علي بن زكريّا بمدينة السلام، قال: حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن خليلان، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن غياث بن أسيد، قال: شهدت محمّد بن عثمان العمري- قدّس الله روحه- يقول: لمّا ولد الخلف المهدي (عليه السلام) سطع نور من فوق رأسه إلى أعنان السماء، ثمّ سقط لوجهه ساجدا لربّه تعالى ذكره، ثمّ رفع رأسه وهو يقول: شهد الله أنّه لا إله إلّا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط، لا إله إلّا هو العزيز الحكيم، إنّ الدين عند الله الإسلام. قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(543) كمال الدين: ج 2 ص 408 ب 38 ح 4؛ كفاية الأثر: ص 489 و490 ب 39 ح 2؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 481 ب 32 ف 5 ح 185؛ البحار: ج 51 ص 161 ب 9 ح 13.
(544) كمال الدين: ج 2 ص 433 ب 42 ح 13؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 669 ب 33 ح 37.

(٣٩٨)

وكان مولده يوم الجمعة.
794-(545)- كمال الدين: حدّثنا علي بن عبد الله الورّاق، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثني موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، أنّه خرج من أبي محمّد (عليه السلام) توقيع: زعموا أنّهم يريدون قتلي ليقطعوا هذا النسل، وقد كذّب الله (عزّ وجلّ) قولهم والحمد للّه.
795-(546)- تاريخ الأئمة: ومن الدلائل ما جاء عن الحسن بن علي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(545) كمال الدين: ج 2 ص 407 ب 38 ح 3؛ البحار: ج 51 ص 160 و161 ب 9 من أبواب النصوص ح 8؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 481 ح 184 ب 32.
(546) تاريخ الأئمّة: ص 14 ب «ولد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام)».
أقول: كتاب تأريخ الأئمّة، أو تأريخ آل الرسول، أو تواريخ الأئمّة أو المواليد، كتاب موجز مختصر في تأريخ مواليد الرسول وفاطمة الزهراء والأئمّة الاثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين؛ لابن أبي الثلج البغدادي المتوفّى سنة(325 ه)، وهو أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن إسماعيل، المعروف بابن أبي الثلج. قال ابن النديم في «الفهرست»: خاصّيّ عامّيّ، والتشيع أغلب عليه، وله رواية كثيرة من روايات العامّة وتصنيفات في هذا المعنى، وكان ديّنا فاضلا ورعا، انتهى. وتوجد ترجمته في غيره من كتب التراجم.
وأمّا كتابه هذا فقد ظنّ أنّه من نصر بن علي الجهضمي؛ لأنّ ابن أبي الثلج روى في أوّله مواليد النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسيّدة النساء والأئمّة إلى الرضا- (عليهم السلام)- بسنده عن نصر عن الرضا (عليه السلام)، فظنّ أنّ جميع الكتاب مروي عن النصر، ويظهر عدم صحّة هذا الظنّ بالمراجعة الى الكتاب نفسه. هذا مضافا إلى أنّ نصر بن علي مات في أيّام المستعين، سنة خمسين أو إحدى وخمسين بعد المائتين، ولو كان للنصر أيضا كتاب في مواليدهم (عليهم السلام) إلى مولانا المهدي صلوات الله عليه- كما صرّح به السيّد بن طاوس في مهج الدعوات: ص 276، وأخرج منه هذا الحديث، فقال: ذكر نصر بن عليّ الجهضمي، وهو من ثقات رجال المخالفين... في كتاب «مواليد الأئمّة» فقال: ومن الدلائل ما جاء عن الحسن بن علي العسكري عند ولادة محمّد بن الحسن:
زعمت الظلمة... فساق الحديث إلى قوله: «وسمّاه المؤمّل- فلا محيص إلّا من القول بأنّ وفاته وقعت بعد ولادة الإمام (عليه السلام) سنة 255 ه، وأنّ ما حكي عنه أنّ المستعين بعث إليه ليولّيه القضاء فقال لأمير البصرة: أرجع فأستخير الله تعالى، فرجع إلى بيته فصلّى ركعتين ثمّ قال: اللهمّ إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك، فنام فنبّهوه فإذا هو ميّت، غير صحيح وأنّ مستقضيه غير المستعين، ولعلّه كان المهتدي أو المعتمد. ومن المحتمل أن يكون الكتاب من النصر إلى تاريخ ميلاد مولانا الرضا (عليه السلام) ووفاته، وأنّ أحمد بن محمّد الفاريابي الراوي عن نصر- والّذي يروي عنه ابن أبي الثلج بواسطة عتبة بن سعد بن كنانة- اتمّه إلى مولانا القائم- بأبي هو وامّي-.
وعلى جميع الاحتمالات، نسبة الكتاب إلى ابن أبي الثلج لم تقع في غير محلّه؛ لأنّه إمّا رواه عن الفاريابي وهو روى جزءا منه عن النصر وأتمّه بنفسه، وإمّا دوّن ما رواه عن النصر والفاريابي وجمع ما بينهما في هذا الكتاب.
وكيف كان فالمسمّى باسم مواليد الأئمّة أو تأريخ الأئمّة أو.. هو هذا الكتاب الّذي رواه عن ابن أبي الثلج أبو المفضّل الشيباني وغيره، فنسبة الكتاب إليه في محلّه، كما أنّ الاعتماد عليه والحكم باعتباره باعتبار كون راويه شخصا مثل ابن أبي الثلج أيضا في محلّه، والله أعلم.
غيبة الشيخ: ص 223 ح 686 وص 231 ح 197؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 430 ب 31 ف 10 ح 116.

(٣٩٩)

العسكري (عليهما السلام) عند ولادة (م ح م د) بن الحسن (عليه السلام) في كلام كثير: زعمت الظّلمة أنّهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل، كيف رأوا قدرة القادر، وسمّاه المؤمّل.
796-(547)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد العلوي، عن أبي غانم الخادم، قال: ولد لأبي محمّد (عليه السلام) ولد فسمّاه محمّدا، فعرضه على أصحابه يوم الثالث، وقال: هذا صاحبكم من بعدي، وخليفتي عليكم، وهو القائم الّذي تمتدّ إليه الأعناق بالانتظار، فإذا امتلأت الأرض جورا وظلما خرج فملأها قسطا وعدلا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(547) كمال الدين: ج 2 ص 431 ب 42 ح 8؛ ينابيع المودّة: ص 460 ب 82؛ غيبة الشيخ: ص 100؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 483- 484 ب 32 ف 5 ح 196.

(٤٠٠)

797-(548)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثني أبو علي الخيزراني، عن جارية له كان أهداها لأبي محمّد (عليه السلام)، فلمّا أغار جعفر الكذّاب على الدار جاءته فارّة من جعفر فتزوّج بها، قال أبو علي: فحدّثتني أنّها حضرت ولادة السيّد (عليه السلام)، وأنّ اسم أمّ السيّد: صقيل، وأنّ أبا محمّد (عليه السلام) حدّثها بما يجري على عياله، فسألته أن يدعو الله (عزّ وجلّ) لها أن يجعل منيّتها قبله، فماتت في حياة أبي محمّد (عليه السلام)، وعلى قبرها لوح مكتوب عليه: هذا قبر أمّ محمّد.
قال أبو علي: وسمعت هذه الجارية تذكر أنّه لمّا ولد السيّد (عليه السلام) رأت له نورا ساطعا قد ظهر منه وبلغ افق السماء، ورأيت طيورا بيضاء تهبط من السماء وتمسح أجنحتها على رأسه ووجهه وسائر جسده، ثمّ تطير، فأخبرنا أبا محمّد (عليه السلام) بذلك، فضحك ثمّ قال: تلك ملائكة نزلت للتبرّك بهذا المولود، وهي أنصاره إذا خرج.
798-(549)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الكرخي، قال: حدّثنا عبد الله بن العبّاس العلوي، قال: حدّثنا أبو الفضل الحسن بن الحسين العلوي، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن علي (عليهما السلام) بسرّ من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(548) كمال الدين: ج 2 ص 431 ح 7 ب 42؛ البحار: ج 51 ص 5 ب 1 ح 10؛ تبصرة الولي: ص 45- 46 ح 12.
أقول: كون موتها (عليها السلام) قبل وفاة الإمام أبي محمّد (عليه السلام)- كما في هذا الخبر- مخالف لغيره من الأخبار، مثل الخبر 804 وسيأتي تمام الكلام هناك.
(549) كمال الدين: ج 2 ص 434 ب 43 ح 1؛ غيبة الشيخ: ص 229- 230 ح 195؛ البحار: ج 51 ص 17 ب 1 ح 24؛ إثبات الهداة: ص 506 ب 32 ح 312.

(٤٠١)

رأى، فهنأته بولادة ابنه القائم (عليه السلام).
799-(550)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل- رضي الله عنه- قال: حدّثني عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدّثني محمّد بن إبراهيم الكوفي أنّ أبا محمّد (عليه السلام) بعث إلى بعض من سمّاه لي بشاة مذبوحة، وقال: هذه من عقيقة ابني محمّد [عليه الصلاة والسلام].
800-(551)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا الحسين بن علي النيسابوري، قال: حدّثنا الحسن بن المنذر، عن حمزة بن أبي الفتح، قال: جاءني يوما فقال لي: البشارة، ولد البارحة مولود لأبي محمّد (عليه السلام) وأمر بكتمانه، وأمر أن يعقّ عنه ثلاثمائة شاة، قلت: وما اسمه؟ قال: يسمّى بمحمّد، وكنّي بجعفر.
801-(552)- كمال الدين: حدّثنا أبو العباس أحمد بن الحسين بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(550) كمال الدين: ج 2 ص 432 ب 42 ح 10؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 484 ب 32 ف 5 ح 198؛ البحار: ج 51 ص 15 ب 5 ح 17.
(551) كمال الدين: ج 2 ص 106 ب 45 ح 11 ط الاسلامية، وج 2 ص 432 ب 42 ح 11، ط مكتبة الصدوق، إلّا أنّه سقط منه قوله: «وأمر أن يعقّ عنه ثلاثمائة شاة».
أقول: لعلّ المراد من قوله: «وكنّي بجعفر» في هذا الحديث، وفي الحديث الخامس من الباب الثلاثين من كمال الدين ج 1 ص 318 «المكنّى بعمّه» هو عمّه وعمّ آبائه إلى الإمامين السيّدين الحسن والحسين (عليهم السلام) جعفر الطيّار الشهيد؛ إحياء لاسمه، وتقديرا لجلالة مقامه، دون عمّه الأدنى جعفر بن عليّ بن محمّد، وفي خبر عقيد الخادم المروي أيضا في كمال الدين ج 2 ص 474 ب 43 ح 25: «ويكنّى أبو القاسم، ويقال: أبو جعفر».
البحار: ج 51 ص 15 ب 5 ح 18؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 484 ب 32 ح 199 وليس فيهما «وأمر أن...».
(552) كمال الدين: ج 2 ص 433 و434 ب 42 ح 16؛ البحار: ج 51 ص 16 ب 5 ح 21؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 484 ب 32 ف 5 ح 202.

(٤٠٢)

عبد الله بن مهران الآبي الأزدي العروضي بمرو، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن بن إسحاق القمّي، قال: لمّا ولد الخلف الصالح (عليه السلام) ورد عن مولانا أبي محمّد الحسن بن علي (عليهما السلام) إلى جدّي أحمد بن إسحاق كتاب، فإذا فيه مكتوب بخطّ يده (عليه السلام) الّذي كان ترد به التوقيعات عليه، وفيه: ولد لنا مولود، فليكن عندك مستورا، وعن جميع الناس مكتوما، فإنّا لم نظهر عليه إلّا الأقرب لقرابته، والولي لولايته، أحببنا إعلامك ليسرّك الله به مثل ما سرّنا به، والسلام.
802-(553)- كمال الدين: حدّثنا أبو طالب المظفّر بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(553) كمال الدين: ج 2 ص 441 ب 43 ح 11 ط مكتبة الصدوق، وج 2 ص 114 و115 ب 47 ح 12 ط الإسلامية. ولا يخفى عليك أنّ اختلاف رقم الأبواب والأحاديث في النسختين لا واقع له، غير أنّ في نسخة مطبوعة جعل المحقّق بابين بابا واحدا، وجعل أو زعم حديثين حديثا واحدا وفي نسخة اخرى انتهى اجتهاد المحقّق إلى عكس ذلك، وبالإشارة إلى النسختين يرفع الاشتباه.
وأمّا «نسيم» فالمصرّح به في هذا الخبر وما روي أيضا في كمال الدين في ج 2 ص 430 ب 42 ح 5(ط مكتبة الصدوق)، وج 2 ص 104 ب 45 ح 5(ط الإسلاميّة) أنّها امرأة، والمصرّح به في رواية الشيخ في غيبته(ص 139 فصل ولادته (عليه السلام)): عن محمّد بن يعقوب رفعه عن نسيم الخادم خادم أبي محمّد (عليه السلام) أنّه كان رجلا. والأرجح عندي أنّها كانت امرأة؛ لأنّها ومارية- امرأة اخرى- روتاكما في الرواية الاخرى الّتي أشرنا إليها بأنّه (عليه السلام) لمّا سقط من بطن امّه جاثيا على ركبتيه... الخ، وهذا ما لا يشهد به إلّا النساء، ولا يرد ذلك أنّه ليس في الرواية شهودهما عند ولادته، فلعلّهما شهدتا بما كان معلوما عندهما بشهادة النساء، فإنّ ذلك خلاف ظاهر الحديث، فتأمّل فيه.
وفيما رواه الشيخ في الغيبة قال بدل «بعد مولده بليلة»: «بعد مولده بعشر ليال».
الخرائج: ج 2 ص 692 فصل اعلام الامام المهدي «عن إبراهيم الكرخي قال: حدّثنا نسيم خادم أبي محمّد»، وفيه: «وقد دخلت عليه بعد عشرة أيّام من مولده». إثبات الوصيّة: ص 198 عن علّان قال: حدّثني نسيم خادم أبي محمّد (عليه السلام)، وفيه: «بعد مولده بليلة».
أقول: لا يوجب مثل هذه الاختلافات في الروايات ضعف أصل ما يدلّ عليه واتّفق جميع الرواة والمآخذ عليه، فإنّ أمثال هذا الاختلاف- سيّما بعد ما نعلم من أنّهم ربّما يروون الأحاديث بالمضمون- يقع فيها، والفطن بالحديث يعرف موارد ذلك، ويأخذ بالقدر المشترك والمتيقن الّذي اتّفقت عليه ألفاظ الحديث، أو ما كان رواته أحفظ أو أضبط، أو كان أرجح بحسب المرجّحات العقلائيّة المذكورة في كتب الدراية، ولا يردّ الحديث بمجرّد هذه الاختلافات الفرعيّة.
البحار: ج 52 ص 30 ب 18 ح 24؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 500؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 160؛ الوسائل: ج 8 ص 461 ح 1 ب 59؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 544 ب 10.

(٤٠٣)

جعفر بن المظفّر بن جعفر بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، قال: حدّثنا أبو النضر محمّد بن مسعود، قال: حدّثنا آدم بن محمّد البلخي، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن [الحسين- خ] الدقّاق، قال: حدّثني إبراهيم بن محمّد العلوي، قال: حدّثتني نسيم خادمة أبي محمّد (عليه السلام)، قالت: دخلت على صاحب هذا الأمر (عليه السلام) بعد مولده بليلة فعطست عنده، قال لي: يرحمك الله، قالت نسيم: ففرحت [بذلك]، فقال لي (عليه السلام): أ لا أبشّرك في العطاس؟ قلت: بلى، قال: هو أمان من الموت ثلاثة أيّام.
803-(554)- كمال الدين: قال: وبهذا الإسناد (يعني الإسناد المذكور في الحديث الثامن من بابنا هذا) عن محمّد بن عثمان العمري- قدّس الله روحه- أنّه قال: ولد السيّد (عليه السلام) مختونا، وسمعت حكيمة تقول: لم ير بامّه دم في نفاسها، وهكذا سبيل امّهات الأئمّة (عليهم السلام).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(554) كمال الدين: ج 2 ص 433 ب 42 ح 14؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 484 ب 32 ح 201؛ البحار: ج 51 ص 16 ب 1 ح 20.

(٤٠٤)

804-(555)- غيبة الشيخ: أحمد بن علي الرازي، عن محمد بن علي، عن عبد الله بن محمّد بن خاقان الدهقان، عن أبي سليمان داود بن غسّان البحراني، قال: قرأت على أبي سهل إسماعيل بن علي النوبختي مولد محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين: ولد (عليه السلام) بسامراء سنة ستّ وخمسين ومائتين، امّه: صقيل، ويكنّى: أبا القاسم، بهذه الكنية أوصى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ إنّه قال: اسمه كاسمي، وكنيته كنيتي، لقبه المهدي، وهو الحجّة، وهو المنتظر، وهو صاحب الزمان.
قال إسماعيل بن علي: دخلت على أبي محمّد الحسن بن علي (عليه السلام) في المرضة الّتي مات فيها، وأنا عنده إذ قال لخادمه عقيد- وكان الخادم أسود نوبيّا، قد خدم من قبله عليّ بن محمّد، وهو ربّى الحسن (عليه السلام)- فقال: يا عقيد، اغل لي ماء بمصطكي، فأغلى له، ثمّ جاءت به صقيل الجارية أمّ الخلف (عليه السلام)، فلمّا صار القدح في يديه وهمّ بشربه فجعلت يده ترتعد حتّى ضرب القدح ثنايا الحسن، فتركه من يده وقال لعقيد: ادخل البيت، فإنّك ترى صبيّا ساجدا فأتني به، قال أبو سهل: قال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(555) غيبة الشيخ: ص 271- 273 ح 237 فصل أخبار بعض من رآه.
أقول: هذا الخبر يدلّ على أنّ أبا سهل النوبختي كان يرى أنّ ولادته (عليه السلام) وقعت في سنة ستّ وخمسين ومائتين، ومثله خبر أبي هارون(كمال الدين: ج 2 ص 432 ب 42 ح 9).
البحار: ج 52 ص 16 و17 ب 18 ح 14، تبصرة الولي: ص 164، 166 ح 69؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 415 ب 31 ح 55 مختصرا وفي ص 509 ح 325 ب 32 أخرج صدره وذيله.

(٤٠٥)

عقيد: فدخلت أتحرّى، فإذا أنا بصبيّ ساجد، رافع سبّابته نحو السماء، فسلّمت عليه فأوجز في صلاته، فقلت: إنّ سيّدي يأمرك بالخروج إليه، إذ جاءت امّه صقيل (556) فأخذت بيده وأخرجته إلى أبيه الحسن (عليه السلام)، قال أبو سهل: فلمّا مثل الصبيّ بين يديه سلّم وإذا هو درّيّ اللون، وفي شعر رأسه قطط، مفلّج الأسنان، فلما رآه الحسن (عليه السلام) بكى، وقال: يا سيّد أهل بيته، اسقني الماء فإنّي ذاهب إلى ربّي، وأخذ الصبي القدح المغلي بالمصطكي بيده، ثمّ حرّك شفتيه ثمّ سقاه، فلمّا شربه قال: هيّئوني للصلاة، فطرح في حجره منديل، فوضّأه الصبيّ واحدة واحدة، ومسح على رأسه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(556) اعلم أنّه اختلفت الروايات في نهاية حال أمّ الإمام (عليه السلام)، ففي بعضها أنّها حصلت بعد وفاة الإمام أبي محمّد العسكري (عليه السلام) في دار محمّد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العبّاس بن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)(وصفوه بأنّه ثقة عين في الحديث، صحيح الاعتقاد، له كتاب)، وفي بعضها أنّها طلبت من الإمام أبي محمّد (عليه السلام) أن يدعو لها بالموت قبل وفاته (عليه السلام) فاستجيب دعاؤه، وفي بعضها أنّها كانت حاضرة عند وفاة الإمام (عليه السلام)(وهو هذا الخبر)، وفي بعضها أنّها هاجرت إلى مكّة المكرّمة في حياة الإمام (عليه السلام) مع ابنه الحجّة (عليهما السلام)، بأمر الإمام أبي محمّد (عليه السلام). وكما ترى أكثر هذه الروايات قد دلّ على حياتها بعد الإمام (عليه السلام)، والظاهر الأرجح حياتها بعد وفاة الإمام أبي محمّد (عليه السلام)، والشاهد على ذلك وقوع قبرها خلف قبر الإمام أبي محمّد (عليه السلام).
وعلى كلّ حال لا يضرّ مثل هذه الاختلافات ما نحن بصدده، فإنّ اعتمادنا في هذا الكتاب على ما تواترت به الأحاديث أو استفاضت به في الأقلّ دون أخبار الآحاد، فالأخبار يؤيّد بعضها بعضا فيما اتّفقت عليه. ولا يخفى عليك أنّ مثل هذه الاختلافات الفرعيّة قد وقعت في تواريخ السائرين من الأئمّة والأنبياء ورجالات التاريخ، وكيفيّات وقوع الحوادث المهمّة المقطوع بأصلها عند الكلّ دون أن يصير ذلك سببا للشكّ في أصل وجود الأشخاص، وأحوالهم المعلومة، والحوادث التاريخيّة المشهورة. هذا مضافا إلى أنّ الظروف والأحوال الّتي كان عصر الإمام أبي محمّد (عليه السلام) إلى بعد وفاته محفوفا بها ربّما تقتضي خفاء مثل هذه الامور الجزئيّة.

(٤٠٦)

وقدميه، فقال له أبو محمّد (عليه السلام): أبشر يا بنيّ، فأنت صاحب الزمان، وأنت المهدي، وأنت حجّة الله على أرضه، وأنت ولدي ووصيّي وأنا ولدتك، وأنت محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولدك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأنت خاتم الأئمّة الطاهرين، وبشّر بك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وسمّاك وكنّاك بذلك، عهد إليّ أبي عن آبائك الطاهرين، صلّى الله على أهل البيت ربّنا، إنّه حميد مجيد، ومات الحسن بن علي من وقته صلوات الله عليهم أجمعين.
805-(557)- إثبات الوصيّة: الحميري، عن أحمد بن إسحاق، قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(557) إثبات الوصيّة: ص 194- 195؛ عيون المعجزات: ص 138 نحوه عن أحمد بن مصقلة، وليس فيه خروج الصاحب (عليه السلام) مع أمّ الإمام أبي محمّد (عليه السلام) إلى مكّة، فلفظه هكذا: «ثمّ سلّم الاسم الأعظم والمواريث والسلاح إلى القائم الصاحب (عليه السلام)، وخرجت أمّ أبي محمّد إلى مكّة».
أقول: من المحتمل كون أحمد بن مصقلة المذكور في عيون المعجزات أحمد بن عبد الله بن عيسى بن مصقلة بن سعد الأشعري القمّي، منسوبا إلى جدّه الأعلى، كما اتّفق ذلك في أسناد كثير من الروايات، وعليه يكون هو من أبناء عمومة أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري أبي علي القمّي، الّذي روى عن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن، وكان خاصّة أبي محمّد (عليهم السلام)، ورأى صاحب الزمان (عليه السلام).
وأمّا أحمد بن عبد الله، فقال النجاشي: «ثقة، له نسخة عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)»، وعلى هذا كان معاصرا لابن عمّه أحمد بن إسحاق، وأدرك الإمام أبا محمّد (عليه السلام)، وكان حيّا إلى بعد سنة ستّين ومائتين.
وأمّا احتمال اتّحاد أحمد بن عبد الله وأحمد بن إسحاق فلا شاهد له غير انتهاء نسبهما إلى سعد، وغير اتّحاد اسم جدّ أحمد بن إسحاق مع اسم والد أحمد بن عبد الله، واحتمال سقوط «إسحاق» عن نسبة أحمد بن عبد الله وعيسى بن مصقلة عن نسبة أحمد بن إسحاق، فكان النسبة هكذا: «أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن عيسى بن مصقلة بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري»، ولعلّك تجد لهذا الاحتمال- مع بعده في نفسه بعض الشواهد عند ما راجعت تراجم سائر رجال هذا البيت، كما أنّه يحتمل أن يكون أحمد بن إسحاق ابن أخ أحمد بن عبد الله.
هذا كلّه، ولكنّ الأقرب إلى الاعتبار تعدّدهما. نعم احتمال كون أحمد بن مصقلة هو أحمد بن عبد الله بن عيسى بن مصقلة قويّ جدّا.
إثبات الهداة: ج 3 ص 579 ب 32 ف 56 ح 750 مختصرا عن المسعودي.

(٤٠٧)

دخلت على أبي محمّد (عليه السلام)، فقال لي: يا أحمد! ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشكّ والارتياب؟ قلت: يا سيّدي! لمّا ورد الكتاب بخبر سيّدنا ومولده لم يبق منّا رجل ولا امرأة ولا غلام بلغ الفهم وإلّا قال بالحقّ، فقال: أ ما علمتم أنّ الأرض لا تخلو من حجّة الله؟ ثمّ أمر أبو محمّد بالحجّ والدته في سنة تسع وخمسين ومائتين، وعرّفها ما يناله في سنة الستين، وأحضر الصاحب (عليه السلام) فأوصى إليه، وسلّم الاسم الأعظم والمواريث والسلاح إليه، وخرجت أمّ أبي محمّد مع الصاحب (عليهم السلام) جميعا إلى مكّة، وكان أحمد بن محمّد بن مطهّر أبو علي المتولّي لما يحتاج إليه الوكيل، فلمّا بلغوا بعض المنازل من طريق مكّة تلقّى الأعراب القوافل فأخبروهم بشدّة الخوف وقلّة الماء، فرجع أكثر الناس إلّا من كان في الناحية فإنّهم نفذوا وسلموا.
806-(558)- غيبة فضل بن شاذان: حدّثنا محمّد بن عبد الجبّار، قال:
قلت لسيّدي الحسن بن علي (عليه السلام): يا ابن رسول الله! جعلني الله فداك، احبّ أن أعلم من الإمام وحجّة الله على عباده من بعدك؟ فقال (عليه السلام): إنّ الإمام وحجّة الله من بعدي ابني، سميّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكنيّه، الّذي هو خاتم حجج الله، وآخر خلفائه، فقلت: ممّن يتولّد يا ابن رسول الله؟ قال: من ابنة ابن قيصر ملك الروم؛ ألا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(558) كفاية المهتدي(الأربعين): ص 104 ح 28؛ الأربعين الموسوم بكشف الحقّ: ص 8 ح 1 وص 136 و137 ح 22؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 569 ب 32 ف 44 ح 680.

(٤٠٨)

إنّه سيولد فيغيب عن الناس غيبة طويلة، ثمّ يظهر ويقتل الدجّال، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، فلا يحلّ لأحد أن يسمّيه أو يكنّيه قبل خروجه صلوات الله عليه (559).
807-(560)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي بن حاتم النوفلي، قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: حدّثنا أحمد بن طاهر القمّي، قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن بحر الشيباني، قال: وردت كربلاء سنة ستّ وثمانين ومائتين، قال: وزرت قبر غريب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثم انكفأت الى مدينة السلام متوجّها إلى مقابر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(559) قال الشيخ المفيد- رضوان الله عليه- في الفصول العشرة في الغيبة ص 9: «والخبر بصحة ولد الحسن قد ثبت بأوكد ما يثبت به أنساب الجمهور من الناس، إذ كان النسب يثبت بقول القابلة، ومثلها من النساء اللاتي جرت عادتهنّ بحضور ولادة النساء وتولّي معونتهن عليه، وباعتراف صاحب الفراش وحده بذلك دون من سواه، وبشهادة رجلين من المسلمين على إقرار الأب بنسب الابن منه. وقد ثبتت أخبار عن جماعة من أهل الديانة، والفضل، والورع، والزهد، والعبادة، والفقه، عن الحسن بن علي أنّه اعترف بولادة المهدي (عليه السلام)، وآذنهم بوجوده، ونصّ لهم على إمامته من بعده، وبمشاهدة بعضهم له طفلا، وبعضهم له يافعا وشابّا كاملا، وإخراجهم إلى شيعته بعد أبيه الأوامر والنواهي والأجوبة عن المسائل، وتسليمهم له حقوق الأئمّة من أصحابه. وقد ذكرت أسماء جماعة ممّن وصفت حالهم من ثقات الحسن بن علي (عليهما السلام)، وخاصّته المعروفين بخدمته والتحقيق به، وأثبتّ ما رووه عنه في وجود ولده، ومشاهدتهم من بعده، وسماعهم النصّ بالإمامة عليه، وذلك موجود في مواضع من كتبي، وخاصّة في كتابي المعروف أحدهما بالإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، والثاني الإيضاح في الإمامة والغيبة، ووجود ذلك فيما ذكرت يغني تكلّف إثباته في هذا الكتاب».
(560) كمال الدين: ج 2 ص 417- 423 ب 41 ح 1؛ غيبة الشيخ: ص 208- 214 ح 178 نحوه؛ البحار عن غيبة الشيخ: ج 51 ص 6- 10 ح 12 ب 1؛ وعن كمال الدين: ح 13 ص 10- 11؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 363- 365 ب 29 ف 2 ح 17، وفي ص 408- 409 ب 31 ف 1 ح 37 مختصرا.

(٤٠٩)

قريش، في وقت قد تضرّمت الهواجر، وتوقّدت السمائم، فلمّا وصلت منها إلى مشهد الكاظم (عليه السلام) واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة، المحفوفة بحدائق الغفران، أكببت عليها بعبرات متقاطرة، وزفرات متتابعة، وقد حجب الدمع طرفي عن النظر، فلمّا رقأت العبرة، وانقطع النحيب فتحت بصري فإذا أنا بشيخ قد انحنى صلبه، وتقوّس منكباه، وثفنت جبهته وراحتاه، وهو يقول لآخر معه عند القبر: يا ابن أخي! لقد نال عمّك شرفا بما حمّله السيّدان من غوامض الغيوب، وشرائف العلوم الّتي لم يحمل مثلها إلّا سلمان، وقد أشرف عمّك على استكمال المدّة وانقضاء العمر، وليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضي إليه بسرّه، قلت: يا نفس! لا يزال العناء والمشقّة ينالان منك باتعابي الخفّ والحافر في طلب العلم، وقد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدلّ على علم جسيم وأثر عظيم، فقلت: أيّها الشيخ! ومن السيّدان؟ قال: النجمان المغيّبان في الثرى بسرّمن رأى، فقلت: إنّي اقسم بالموالاة، وشرف محلّ هذين السيّدين من الإمامة والوراثة إنّي خاطب علمهما، وطالب آثارهما، وباذل من نفسي الأيمان المؤكّدة على حفظ أسرارهما، قال: إن كنت صادقا فيما تقول فأحضر ما صحبك من الآثار عن نقلة أخبارهم، فلمّا فتّش الكتب وتصفّح الروايات منها قال: صدقت، أنا بشر بن سليمان النخّاس، من ولد أبي أيّوب الأنصاري، أحد موالي أبي الحسن وأبي محمّد (عليهما السلام)، وجارهما بسرّمن رأى، قلت: فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما، قال: كان مولانا أبو الحسن علي بن محمّد العسكري (عليهما السلام) فقّهني في أمر الرقيق، فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلّا بإذنه، فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتّى كملت معرفتي فيه، فأحسنت الفرق [فيما] بين الحلال

(٤١٠)

والحرام. فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسرّمن رأى وقد مضى هويّ من الليل إذ قرع الباب قارع، فعدوت مسرعا فاذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمّد (عليهما السلام) يدعوني إليه، فلبست ثيابي ودخلت عليه فرأيته يحدّث ابنه أبا محمّد واخته حكيمة من وراء الستر، فلمّا جلست قال: يا بشر! إنّك من ولد الأنصار، وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإنّي مزكّيك ومشرّفك بفضيلة تسبق بها شأو الشيعة في الموالاة بها، بسرّ أطلعك عليه، وأنفذك في ابتياع أمة، فكتب كتابا ملصقا بخطّ روميّ ولغة روميّة، وطبع عليه بخاتمه، وأخرج شستقة صفراء فيها مائتان وعشرون دينارا، فقال: خذها وتوجّه بها إلى بغداد، واحضر معبر الفرات ضحوة كذا، فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا، وبرزن الجواري منها، فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قوّاد بني العبّاس وشراذم من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمّى عمر بن يزيد النخّاس عامّة نهارك، إلى أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا، لابسة حريرتين صفيقتين، تمتنع من السفور، ولمس المعترض، والانقياد لمن يحاول لمسها ويشغل نظره بتأمّل مكاشفها من وراء الستر الرقيق، فيضربها النخّاس فتصرخ صرخة روميّة، فاعلم أنّها تقول: واهتك ستراه! فيقول بعض المبتاعين: عليّ بثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة، فتقول بالعربيّة: لو برزت في زيّ سليمان وعلى مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبة، فأشفق على مالك، فيقول النخّاس: فما الحيلة ولا بدّ من بيعك، فتقول الجارية: وما العجلة ولا بدّ من اختيار مبتاع يسكن قلبي [إليه و] إلى أمانته وديانته، فعند ذلك قم الى عمر بن يزيد النخّاس وقل له: إنّ معي كتابا ملصقا لبعض الاشراف كتبه بلغة روميّة وخطّ روميّ،

(٤١١)

ووصف فيه كرمه ووفاه ونبله وسخاءه، فناولها لتتأمّل منه أخلاق صاحبه، فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك.
قال بشر بن سليمان النخّاس: فامتثلت جميع ما حدّه لي مولاي أبو الحسن (عليه السلام) في أمر الجارية، فلمّا نظرت في الكتاب بكت بكاء شديدا، وقالت لعمر بن يزيد النخّاس: بعني من صاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرّجة المغلّظة أنّه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها، فما زلت اشاحّه في ثمنها حتّى استقرّ الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي (عليه السلام) من الدنانير في الشستقة الصفراء، فاستوفاه منّي وتسلّمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة، وانصرفت بها إلى حجرتي الّتي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتّى أخرجت كتاب مولاها (عليه السلام) من جيبها وهي تلثمه وتضعه على خدّها، وتطبقه على جفنها، وتمسحه على بدنها، فقلت تعجّبا منها: أ تلثمين كتابا ولا تعرفين صاحبه؟ قالت: أيّها العاجز الضعيف المعرفة بمحلّ أولاد الأنبياء، أعرني سمعك، وفرّغ لي قلبك، أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وامّي من ولد الحواريّين، تنسب إلى وصيّ المسيح شمعون، انبئك العجب العجيب، إنّ جدّي قيصر أراد أن يزوّجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريّين ومن القسّيسين والرهبان ثلاثمائة رجل، ومن ذوي الأخطار سبعمائة رجل، وجمع من امراء الأجناد وقوّاد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز من بهو ملكه عرشا مسوغا [مصوغا- ظ] من أصناف الجواهر إلى صحن القصر فرفعه فوق أربعين مرقاة، فلمّا صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان وقامت الأساقفة عكفا ونشرت أسفار الإنجيل تسافلت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض،

(٤١٢)

وتقوّضت الأعمدة فانهارت الى القرار، وخرّ الصاعد من العرش مغشيّا عليه، فتغيّرت ألوان الاساقفة، وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم لجدّي: أيّها الملك، اعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالّة على زوال هذا الدين المسيحيّ والمذهب الملكاني، فتطيّر جدّي من ذلك تطيّرا شديدا، وقال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان، وأحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جدّه لازوّج منه هذه الصبيّة فيدفع نحوسه عنكم بسعوده، فلمّا فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الأوّل، وتفرّق الناس، وقام جدّي قيصر مغتمّا ودخل قصره وأرخيت الستور، فاريت في تلك الليلة كأنّ المسيح والشمعون وعدّة من الحواريّين قد اجتمعوا في قصر جدّي، ونصبوا فيه منبرا يباري السماء علوّا وارتفاعا في الموضع الّذي كان جدّي نصب فيه عرشه، فدخل عليهم محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مع فتية وعدّة من بنيه، فيقوم إليه المسيح فيعتنقه، فيقول: يا روح الله! إنّي جئتك خاطبا من وصيّك شمعون فتاته مليكة لا بني هذا، وأومأ بيده إلى أبي محمّد صاحب هذا الكتاب، فنظر المسيح إلى شمعون فقال له: قد أتاك الشرف فصل رحمك برحم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قال: قد فعلت، فصعد ذلك المنبر وخطب محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وزوّجني وشهد المسيح (عليه السلام) وشهد بنو محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والحواريّون، فلمّا استيقظت من نومي أشفقت أن أقصّ هذه الرؤيا على أبي وجدّي مخافة القتل، فكنت أسرّها في نفسي ولا ابديها لهم، وضرب صدري بمحبّة أبي محمّد حتّى امتنعت من الطعام والشراب، وضعفت نفسي، ودقّ شخصي، ومرضت مرضا شديدا، فما بقي من مدائن الروم طبيب إلّا أحضره جدّي وسأله عن دوائي، فلمّا برّح به اليأس قال: يا قرّة

(٤١٣)

عيني! فهل تخطر ببالك شهوة فازوّدكها في هذه الدنيا؟ فقلت: يا جدّي! أرى أبواب الفرج عليّ مغلقة، فلو كشفت العذاب عمّن في سجنك من اسارى المسلمين، وفككت عنهم الأغلال، وتصدّقت عليهم ومننتهم بالخلاص لرجوت أن يهب المسيح وامّه لي عافية وشفاء، فلمّا فعل ذلك جدّي تجلّدت في إظهار الصحّة في بدني، وتناولت يسيرا من الطعام، فسرّ بذلك جدّي، وأقبل على إكرام الاسارى وإعزازهم، فرأيت أيضا بعد أربع ليال كأنّ سيّدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف وصيفة من وصائف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيّدة النساء أمّ زوجك أبي محمّد (عليه السلام)، فأتعلّق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمّد من زيارتي، فقالت لي سيّدة النساء (عليها السلام): إنّ ابني أبا محمّد لا يزورك وأنت مشركة بالله وعلى مذهب النصارى، وهذه اختي مريم تبرأ إلى الله تعالى من دينك، فإن ملت إلى رضا الله (عزّ وجلّ) ورضا المسيح ومريم عنك وزيارة أبي محمّد إيّاك فتقولي: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ- أبي- محمّدا رسول الله، فلمّا تكلّمت بهذه الكلمة ضمّتني سيّدة النساء إلى صدرها، فطيّبت لي نفسي، وقالت: الآن توقّعي زيارة أبي محمّد إيّاك فإنّي منفذه إليك، فانتبهت وأنا أقول: وا شوقاه إلى لقاء أبي محمّد! فلمّا كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمّد (عليه السلام) في منامي فرأيته كأنّي أقول له: جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبّك! قال: ما كان تأخيري عنك إلّا لشركك، وإذ قد أسلمت فإنّي زائرك في كلّ ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان، فما قطع عنّي زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.
قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الأسر؟ فقالت: أخبرني أبو محمّد ليلة من الليالي أن جدّك سيسرب جيوشا إلى قتال المسلمين يوم كذا،

(٤١٤)

ثمّ يتبعهم، فعليك باللحاق بهم متنكّرة في زيّ الخدم مع عدّة من الوصائف من طريق كذا، ففعلت فوقعت علينا طلائع المسلمين حتّى كان من أمري ما رأيت وما شاهدت، وما شعر أحد [بي] بأنّي ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك، وذلك باطلاعي إيّاك عليه، ولقد سألني الشيخ الّذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته، وقلت: نرجس، فقال: اسم الجواري.
فقلت: العجب! إنّك روميّة ولسانك عربيّ؟ قالت: بلغ من ولوع جدّي وحمله إيّاي على تعلّم الآداب أن أوعز إلى امرأة ترجمان له في الاختلاف إليّ، فكانت تقصدني صباحا ومساء، وتفيدني العربيّة حتّى استمرّ عليها لساني واستقام.
قال بشر: فلمّا انكفأت بها إلى سرّ من رأى دخلت على مولانا أبي الحسن العسكري (عليه السلام)، فقال لها: كيف أراك الله عزّ الإسلام وذلّ النصرانيّة، وشرف أهل بيت محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟ قالت: كيف أصف لك يا ابن رسول الله ما أنت أعلم به منّي؟ قال: فإنّي اريد أن اكرمك، فأيّما أحبّ إليك عشرة آلاف درهم، أم بشرى لك فيها شرف الأبد؟ قالت: بل البشرى، قال (عليه السلام): فأبشري بولد يملك الدنيا شرقا وغربا، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، قالت: ممّن؟
قال (عليه السلام): ممّن خطبك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) له من ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا بالروميّة؟ قالت: من المسيح ووصيّه، قال: فممّن زوّجك المسيح ووصيّه؟ قالت: من ابنك أبي محمّد، قال: فهل تعرفينه؟ قالت: وهل خلوت ليلة من زيارته إيّاي منذ الليلة الّتي أسلمت فيها على يد سيّدة النساء امّه؟
فقال أبو الحسن (عليه السلام): يا كافور! ادع لي اختي حكيمة، فلمّا

(٤١٥)

دخلت عليه قال (عليه السلام) لها: ها هي، فاعتنقتها طويلا، وسرّت بها كثيرا، فقال لها مولانا: يا بنت رسول الله! أخرجيها إلى منزلك، وعلّميها الفرائض والسنن، فإنّها زوجة أبي محمّد وأمّ القائم (عليهما السلام).
ويدلّ عليه بالمطابقة أو الالتزام، وبتفسير سائر الروايات الأحاديث 1 إلى 309، 543، 544، 545، 547، 549 إلى 558، 560 إلى 571، 574، 575، 580، 581، 589، 590، 608، 612، 614، 808 إلى 862، 864، 866 إلى 870، 873، 878، 881 إلى 899.
مضافا إلى أنّ مقتضى الأحاديث المتواترة القطعيّة الدالّة على انحصار الخلفاء في ساداتنا الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام)، والأحاديث الصحيحة الواردة في أنّ الأرض لا تخلو من حجّة، مع اليقين بوفاة الإمام الحسن العسكري والد الحجّة (عليهما السلام) هو القطع واليقين بولادة مولانا صاحب الزمان (عليه السلام).

(٤١٦)

الفصل الثاني: في معجزاته في حياة أبيه (عليهما السلام) وفيه 10 أحاديث

808-(561)- غيبة الشيخ: جعفر بن محمّد بن مالك، قال: حدّثني محمّد بن جعفر بن عبد الله، عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري، قال: وجّه قوم من المفوّضة والمقصّرة كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمّد (عليه السلام)، قال كامل: فقلت في نفسي: أسأله لا يدخل الجنّة إلّا من عرف معرفتي وقال بمقالتي، قال: فلمّا دخلت على سيّدي أبي محمّد نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه، فقلت في نفسي: وليّ الله وحجّته يلبس الناعم من الثياب، ويأمرنا نحن بمواساة الإخوان، وينهانا عن لبس مثله، فقال متبسّما: يا كامل! وحسر عن ذراعيه فإذا مسح أسود خشن على جلده،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(561) غيبة الشيخ: ص 246- 248 ح 216؛ دلائل الإمامة: ص 273 و274 بسنده عن أبي نعيم؛ الخرائج: ج 1 ص 458- 459 ح 4؛ إثبات الوصيّة: ص 222 ط منشورات الرضي عن جعفر بن محمّد بن مالك؛ البحار: ج 25 ص 336- 337 فصل في بيان التفويض ومعانيه ح 16 وج 52 ص 50- 51 ب 18 ح 35؛ وصدره في ج 50 ص 253 ب 3 ح 7 وج 67 ص 117 ب 51 ح 5 ج 76 ص 302 ب 109 ح 12؛ تبصرة الولي: ص 59- 61 ح 26؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 499؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 415 ب 31 ح 54 وص 508 ب 32 ح 320 وص 683 ب 33 ح 91؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82 «عن كامل بن إبراهيم المدني قال: دخلت على أبي محمّد الحسن وعلى باب البيت ستر، فجاءت الريح فكشفت طرف الستر، فإذا غلام كأنّه القمر، فقال أبو محمّد: يا كامل، قد أنبأك بحاجتك هذا الحجّة من بعدي».

(٤١٧)

فقال: هذا للّه وهذا لكم، فسلّمت وجلست إلى باب عليه ستر مرخى، فجاءت الريح فكشف طرفه فإذا أنا بفتى كأنّه فلقة قمر، من أبناء أربع سنين أو مثلها، فقال لي: يا كامل بن إبراهيم! فاقشعررت من ذلك، وألهمت أن قلت: لبّيك يا سيّدي، فقال: جئت إلى وليّ الله وحجّته وبابه تسأله هل يدخل الجنّة إلّا من عرف معرفتك، وقال بمقالتك؟ فقلت: إي والله، قال: إذن والله يقلّ داخلها، والله انّه ليدخلها قوم يقال لهم الحقّيّة، قلت: يا سيّدي ومن هم؟ قال: قوم من حبّهم لعليّ يحلفون بحقّه ولا يدرون ما حقّه وفضله، ثمّ سكت صلوات الله عليه عنّي ساعة، ثمّ قال: وجئت تسأله عن مقالة المفوّضة، كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيّة الله، فإذا شاء شئنا، والله يقول: (وما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ الله)، ثمّ رجع الستر إلى حالته فلم أستطع كشفه، فنظر إليّ أبو محمّد (عليه السلام) متبسّما، فقال: يا كامل! ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك الحجّة من بعدي، فقمت وخرجت ولم أعاينه بعد ذلك.
قال أبو نعيم: فلقيت كاملا فسألته عن هذا الحديث، فحدّثني به.
قال الشيخ: وروى هذا الخبر أحمد بن علي الرازي، عن محمّد بن علي، عن علي بن عبد الله بن عائذ الرازي، عن الحسن بن وجناء النصيبي، قال: سمعت أبا نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري... وذكر مثله.
809-(562)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي بن محمّد بن حاتم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(562) كمال الدين: ج 2 ص 454- 465 ب 23 ح 21؛ دلائل الإمامة: ص 274- 281 ب معرفة من شاهده في حياة أبيه ح 2 «عن أبي القاسم عبد الباقي بن يزداد بن عبد الله البزّاز، عن أبي محمّد عبد الله بن محمّد الثعالبي قراءة في يوم الجمعة مستهلّ رجب سنة سبعين وثلاثمائة، عن أبي علي أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمّي(إلى قوله:) وجعلنا نختلف إلى مولانا أيّاما فلا نرى الغلام (عليه السلام)».
الخرائج: ج 1 ص 481- 484 ح 22 مختصرا؛ تبصرة الولي: ص 93- 108 ح 48؛ الاحتجاج: ج 2 ص 461- 467؛ البحار: ج 52 ص 78- 89 ب 19 ح 1؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 557- 568 المنهج 13 ب 15 ح 3، إثبات الهداة: ج 1 ص 380 ب 7 ح 106 وج 7 ص 347 ح 121 و122 ب 33 مختصرا؛ إلزام الناصب: ج 1 ص 342- 351؛ مكيال المكارم: ج 1 ص 16- 24 ب 2 ح 14.
اعلم أنّه قد أورد بعض المعاصرين على هذا الخبر بضعف السند تارة، وبضعف المتن اخرى، بل حكم عليه بالوضع! وإذ قد أشبعنا الكلام في ردّه وبيان ما هو الحقّ والتحقيق في هذا الحديث وأمثاله في رسالة مفردة مسمّاة ب «النقود اللطيفة» تركنا الكلام فيه هنا حذرا من الإطالة، وستأتي الرسالة في المجلد الثالث من كتابنا هذا ان شاء الله.
منتخب الأنوار المضيئة: ص 145- 175؛ تأويل الآيات الظاهرة: ص 292- 294 الآية الاولى من سورة مريم مختصرا؛ ينابيع المودّة: ص 459 ب 81؛ الثاقب في المناقب: ص 585- 589 ب 15 ف 2 ح 534/ 1.

(٤١٨)

النوفلي المعروف بالكرماني، قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشّاء البغدادي، قال: حدّثنا أحمد بن طاهر القمّي، قال: حدّثنا محمّد بن بحر بن سهل الشيباني، قال: حدّثنا أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله القمّي، قال: كنت امرأ لهجا بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ودقائقها، كلفا باستظهار ما يصحّ لي من حقائقها، مغرما بحفظ مشتبهها ومستغلقها، شحيحا على ما أظفر به من معضلاتها ومشكلاتها، متعصّبا لمذهب الإماميّة، راغبا عن الأمن والسلامة في انتظار التنازع والتخاصم والتعدّي إلى التباغض والتشاتم، معيبا للفرق ذوي الخلاف، كاشفا عن مثالب أئمّتهم، هتّاكا لحجب قادتهم، إلى أن بليت بأشدّ النواصب منازعة، وأطولهم مخاصمة، وأكثرهم جدلا، وأشنعهم سؤالا، وأثبتهم على الباطل قدما، فقال ذات يوم- وأنا اناظره-: تبّا لك ولأصحابك يا سعد! إنّكم معاشر الرافضة تقصدون على المهاجرين والأنصار بالطعن عليهما، وتجحدون من رسول الله ولايتهما وإمامتهما، هذا الصدّيق الّذي فاق جميع

(٤١٩)

الصحابة بشرف سابقته، أ ما علمتم أنّ رسول الله ما أخرجه مع نفسه إلى الغار إلّا علما منه أنّ الخلافة له من بعده، وأنّه هو المقلّد لأمر التأويل، والملقى إليه أزمّة الامّة، وعليه المعوّل في شعب الصدع، ولمّ الشعث، وسدّ الخلل، وإقامة الحدود، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك، وكما أشفق على نبوّته أشفق على خلافته، إذ ليس من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشرّ مساعدة إلى مكان يستخفي فيه، ولمّا رأينا النبيّ متوجّها إلى الانجحار، ولم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد استبان لنا قصد رسول الله بأبي بكر للغار للعلّة الّتي شرحناها، وإنّما أبات عليّا على فراشه لمّا لم يكن يكترث به، ولم يحفل به لاستثقاله، ولعلمه بأنّه إن قتل لم يتعذّر عليه نصب غيره مكانه للخطوب الّتي كان يصلح لها.
قال سعد: فأوردت عليه أجوبة شتّى، فما زال يعقّب كلّ واحد منها بالنقض والردّ عليّ، ثمّ قال: يا سعد! ودونكها اخرى بمثلها تخطم انوف الروافض، أ لستم تزعمون أنّ الصدّيق المبرّأ من دنس الشكوك والفاروق المحامي عن بيضة الإسلام كانا يسرّان النفاق، واستدللتم بليلة العقبة، أخبرني عن الصدّيق والفاروق أسلما طوعا أو كرها؟ قال سعد: فاحتلت لدفع هذه المسألة عنّي؛ خوفا من الإلزام، وحذرا من أنّي إن أقررت له بطوعهما للإسلام احتجّ بأنّ بدء النفاق ونشأه في القلب لا يكون إلّا عند هبوب روائح القهر والغلبة، وإظهار البأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد إليه قلبه نحو قول الله تعالى (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِالله وَحْدَهُ وكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا)، وإن قلت: أسلما كرها كان يقصدني بالطعن إذ لم تكن ثمّة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس.

(٤٢٠)

قال سعد: فصدرت عنه مزورّا، قد انتفخت أحشائي من الغضب، وتقطّع كبدي من الكرب، وكنت قد اتّخذت طومارا(563)، وأثبتّ فيه نيّفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا على أن أسأل عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمّد (عليه السلام)، فارتحلت خلفه وقد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسرّمن رأى فلحقته في بعض المنازل، فلمّا تصافحنا قال: بخير لحاقك بي، قلت: الشوق ثمّ العادة في الأسئلة، قال: قد تكافينا على هذه الخطّة الواحدة، فقد برّح بي القرم إلى لقاء مولانا أبي محمّد (عليه السلام) وأنا اريد أن أسأله عن معاضل في التأويل، ومشاكل في التنزيل، فدونكها الصحبة المباركة فإنّها تقف بك على ضفّة بحر لا تنقضي عجائبه، ولا تفنى غرائبه، وهو إمامنا.
فوردنا سرّ من رأى، فانتهينا منها إلى باب سيّدنا، فاستأذنّا فخرج علينا الإذن بالدخول عليه، وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطّاه بكساء طبري فيه مائة وستّون صرّة من الدنانير والدراهم، على كلّ صرّة منها ختم صاحبها، قال سعد: فما شبّهت وجه مولانا أبي محمّد (عليه السلام) حين غشينا نور وجهه إلّا ببدر قد استوفى من لياليه أربعا بعد عشر، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر، على رأسه فرق بين وفرتين كأنّه ألف بين واوين، وبين يدي مولانا رمّانة ذهبيّة تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركّبة عليها، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة، وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئا قبض الغلام على أصابعه، فكان مولانا يدحرج الرمّانة بين يديه ويشغله بردّها كيلا يصدّه عن كتابة ما أراد، فسلّمنا عليه فألطف في الجواب وأومأ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(563) الطومار: الصحيفة.

(٤٢١)

إلينا بالجلوس، فلمّا فرغ من كتبة البياض الّذي كان بيده أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طيّ كسائه فوضعه بين يديه، فنظر الهادي (عليه السلام) إلى الغلام وقال له: يا بنيّ! فضّ الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك، فقال: يا مولاي! أ يجوز أن أمدّ يدا طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة، قد شيب أحلّها بأحرمها؟ فقال مولاي: يا ابن إسحاق! استخرج ما في الجراب ليميّز ما بين الحلال والحرام منها، فأوّل صرّة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام: هذه لفلان بن فلان، من محلة كذا بقمّ، يشتمل على اثنين وستّين دينارا فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها وكانت إرثا له عن أبيه خمسة وأربعون دينارا، ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا، وفيها من اجرة الحوانيت ثلاثة دنانير، فقال مولانا: صدقت يا بنيّ! دلّ الرجل على الحرام منها. فقال (عليه السلام): فتّش عن دينار رازي السكّة، تاريخه سنة كذا، قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه، وقراضة آمليّة وزنها ربع دينار، والعلّة في تحريمها أنّ صاحب هذه الصرّة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منّا وربع منّ فأتت على ذلك مدّة وفي انتهائها قيّض لذلك الغزل سارق، فأخبر به الحائك صاحبه فكذّبه واستردّ منه بدل ذلك منّا ونصف منّ غزلا أدقّ ممّا كان دفعه إليه واتّخذ من ذلك ثوبا، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه، فلمّا فتح رأس الصرّة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما قال، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة.
ثمّ أخرج صرّة اخرى، فقال الغلام: هذه لفلان بن فلان، من محلّة كذا بقم، تشتمل على خمسين دينارا لا يحلّ لنا لمسها، قال: وكيف ذاك؟
قال: لأنّها من ثمن حنطة حاف صاحبها على أكّاره في المقاسمة، وذلك أنّه

(٤٢٢)

قبض حصّته منها بكيل واف وكان [كال] ما خصّ الأكّار بكيل بخس، فقال مولانا: صدقت يا بنيّ! ثمّ قال: يا أحمد بن إسحاق، احملها بأجمعها لتردّها أو توصي بردّها على أربابها، فلا حاجة لنا في شيء منها، وائتنا بثوب العجوز، قال أحمد: وكان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته.
فلمّا انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إليّ مولانا أبو محمّد (عليه السلام) فقال: ما جاء بك يا سعد؟ فقلت: شوّقني أحمد بن إسحاق على لقاء مولانا، قال: والمسائل الّتي أردت أن تسأله عنها؟ قلت: على حالها يا مولاي! قال: فسل قرّة عيني- وأومأ إلى الغلام- فقال لي الغلام: سل عمّا بدا لك منها، فقلت له: مولانا وابن مولانا إنّا روينا عنكم أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين (عليه السلام) حتّى أرسل يوم الجمل إلى عائشة: إنّك قد أرهجت على الإسلام وأهله بفتنتك، وأوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك، فإن كففت عنّي غربك وإلّا طلّقتك، ونساء رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد كان طلاقهنّ وفاته. قال: ما الطلاق؟ قلت: تخلية السبيل، قال: فإذا كان طلاقهنّ وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد خلّيت لهنّ السبيل فلم لا يحلّ لهنّ الأزواج؟ قلت: لأنّ الله تبارك وتعالى حرّم الأزواج عليهنّ، قال: كيف وقد خلّى الموت سبيلهنّ؟ قلت: فأخبرني يا ابن مولاي عن معنى الطلاق الّذي فوّض رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حكمه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: إنّ الله تقدّس اسمه عظّم شأن نساء النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فخصّهنّ بشرف الامّهات، فقال رسول الله: يا أبا الحسن! إنّ هذا الشرف باق لهنّ ما دمن للّه على الطاعة، فأيّتهنّ عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج، وأسقطها من شرف أمومة المؤمنين.

(٤٢٣)

قلت: فأخبرني عن الفاحشة المبيّنة الّتي إذا أتت المرأة بها في عدّتها حلّ للزوج أن يخرجها من بيته؟ قال: الفاحشة المبيّنة هي السحق دون الزنا، فإنّ المرأة إذا زنت واقيم عليها الحدّ ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوّج بها لأجل الحدّ، وإذا سحقت وجب عليها الرجم والرّجم خزي ومن قد أمر الله برجمه فقد أخزاه، ومن أخزاه فقد أبعده، ومن أبعده فليس لأحد أن يقربه.
قلت: فأخبرني يا ابن رسول الله عن أمر الله لنبيه موسى (عليه السلام) (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) فإنّ فقهاء الفريقين يزعمون أنّها كانت من إهاب الميتة، فقال (عليه السلام): من قال ذلك فقد افترى على موسى واستجهله في نبوّته؛ لأنّه ما خلا الأمر فيها من خطيئتين: إمّا أن تكون صلاة موسى فيهما جائزة أو غير جائزة، فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة، وإن كانت مقدّسة مطهّرة فليس بأقدس وأطهر من الصلاة، وإن كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب على موسى أنّه لم يعرف الحلال من الحرام، وما علم ما تجوز فيه الصلاة وما لم تجز، وهذا كفر.
قلت: فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما، قال: إنّ موسى ناجى ربّه بالواد المقدّس فقال: يا ربّ إنّي قد أخلصت لك المحبّة منّي، وغسلت قلبي عمّن سواك- وكان شديد الحبّ لأهله- فقال الله تعالى: (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) أي انزع حبّ أهلك من قلبك إن كانت محبّتك لي خالصة، وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولا.
قلت: فأخبرني يا ابن رسول الله عن تأويل «كهيعص»، قال: هذه الحروف من أنباء الغيب، أطلع الله عليها عبده زكريّا، ثمّ قصّها على محمّد

(٤٢٤)

(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وذلك أنّ زكريّا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل فعلّمه إيّاها، فكان زكريّا إذا ذكر محمّدا وعليّا وفاطمة والحسن [والحسين] سري عنه همّه، وانجلى كربه، وإذا ذكر الحسين خنقته العبرة، ووقعت عليه البهرة، فقال ذات يوم: يا إلهي! ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسلّيت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تعالى عن قصّته، وقال: «كهيعص» «فالكاف» اسم كربلاء، و«الهاء» هلاك العترة، و«الياء» يزيد، وهو ظالم الحسين (عليه السلام)، و«العين» عطشه، و«الصاد» صبره، فلمّا سمع ذلك زكريّا لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام، ومنع فيها النّاس من الدخول عليه، وأقبل على البكاء والنحيب، وكانت ندبته: إلهي أتفجّع خير خلقك بولده؟ إلهي أ تنزل بلوى هذه الرزيّة بفنائه؟ إلهي أتلبس عليّا وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ إلهي أ تحلّ كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟! ثمّ كان يقول: اللهمّ ارزقني ولدا تقرّ به عيني على الكبر، واجعله وارثا وصيّا، واجعل محلّه منّي محلّ الحسين، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه، ثمّ فجّعني به كما تفجّع محمّدا حبيبك بولده؛ فرزقه الله يحيى وفجّعه به. وكان حمل يحيى ستّة أشهر، وحمل الحسين (عليه السلام) كذلك، وله قصّة طويلة.
قلت: فأخبرني يا مولاي عن العلّة الّتي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم، قال: مصلح أو مفسد؟ قلت: مصلح، قال: فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت: بلى، قال: فهي العلّة، وأوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك، أخبرني عن الرسل الّذين اصطفاهم الله تعالى وأنزل عليهم الكتاب وأيّدهم بالوحي والعصمة، إذ هم أعلام الامم وأهدى إلى الاختيار منهم؛ مثل

(٤٢٥)

موسى وعيسى (عليهما السلام)، هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا همّا بالاختيار أن يقع خيرتهما على المنافق وهما يظنّان أنّه مؤمن؟ قلت:
لا، فقال: هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربّه سبعين رجلا ممّن لا يشكّ في إيمانهم وإخلاصهم، فوقعت خيرته على المنافقين، قال الله تعالى: (واخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا- إلى قوله- لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى الله جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) فلمّا وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوّة واقعا على الأفسد دون الأصلح وهو يظنّ أنّه الأصلح دون الأفسد، علمنا أن لا اختيار إلّا لمن يعلم ما تخفي الصدور، وما تكنّ الضمائر وتتصرّف عليه السرائر، وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لمّا أرادوا أهل الصلاح.
ثمّ قال مولانا: يا سعد! وحين ادّعى خصمك أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لما أخرج مع نفسه مختار هذه الامّة إلى الغار إلّا علما منه أنّ الخلافة له من بعده، وأنّه هو المقلّد امور التأويل، والملقى إليه أزمّة الامّة، وعليه المعوّل في لمّ الشعث، وسدّ الخلل، وإقامة الحدود، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر، فكما أشفق على نبوّته أشفق على خلافته، إذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشرّ مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه، وإنّما أبات عليّا على فراشه لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به لاستثقاله إيّاه، وعلمه أنّه إن قتل لم يتعذّر عليه نصب غيره مكانه للخطوب الّتي كان يصلح لها! فهلا نقضت عليه دعواه بقولك: أ ليس قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «الخلافة بعدي ثلاثون سنة»، فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الّذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم،

(٤٢٦)

فكان لا يجد بدّا من قوله لك: بلى، قلت: فكيف تقول حينئذ؟ أ ليس كما علم رسول الله أنّ الخلافة من بعده لأبي بكر علم أنّها من بعد أبي بكر لعمر، ومن بعد عمر لعثمان، ومن بعد عثمان لعليّ؟ فكان أيضا لا يجد بدّا من قوله لك: نعم، ثمّ كنت تقول له: فكان الواجب على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يخرجهم جميعا [على الترتيب] إلى الغار، ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر، ولا يستخفّ بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إيّاهم وتخصيصه أبا بكر وإخراجه مع نفسه دونهم.
ولمّا قال: أخبرني عن الصدّيق والفاروق أسلما طوعا أو كرها؟ لم لم تقل له: بل أسلما طمعا، وذلك بأنّهما كانا يجالسان اليهود ويستخبرانهم عمّا كانوا يجدون في التوراة وفي سائر الكتب المتقدّمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصّة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومن عواقب أمره، فكانت اليهود تذكر أنّ محمّدا يسلّط على العرب كما كان بخت نصّر سلّط على بني إسرائيل، ولا بدّ له من الظفر بالعرب كما ظفر بخت نصّر ببني إسرائيل غير أنّه كاذب في دعواه أنّه نبيّ، فأتيا محمّدا فساعداه على شهادة أن لا إله إلّا الله وبايعاه طمعا في أن ينال كلّ واحد منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت اموره واستتبّت أحواله، فلمّا أيسا من ذلك تلثّما وصعدا العقبة مع عدّة من أمثالهما من المنافقين على أن يقتلوه، فدفع الله تعالى كيدهم وردّهم بغيظهم لم ينالوا خيرا، كما أتى طلحة والزبير عليّا (عليه السلام) فبايعاه وطمع كلّ واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد، فلمّا أيسا نكثا بيعته وخرجا عليه فصرع الله كلّ واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين.
قال سعد: ثمّ قام مولانا الحسن بن عليّ الهادي (عليه السلام) للصلاة مع

(٤٢٧)

الغلام، فانصرفت عنهما وطلبت أثر أحمد بن إسحاق، فاستقبلني باكيا، فقلت: ما أبطأك وأبكاك؟ قال: قد فقدت الثوب الّذي سألني مولاي إحضاره، قلت: لا عليك فأخبره، فدخل عليه مسرعا وانصرف من عنده متبسّما وهو يصلّي على محمّد وآل محمّد، فقلت: ما الخبر؟ قال: وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا يصلّي عليه.
قال سعد: فحمدنا الله تعالى على ذلك، وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أيّاما، فلا نرى الغلام بين يديه، فلمّا كان يوم الوداع دخلت أنا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا، وانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما وقال: يا ابن رسول الله! قد دنت الرحلة، واشتدّت المحنة، فنحن نسأل الله تعالى أن يصلّي على المصطفى جدّك وعلى المرتضى أبيك وعلى سيّدة النساء امّك وعلى سيّدي شباب أهل الجنّة عمّك وأبيك وعلى الأئمّة الطاهرين من بعدهما آبائك، وأن يصلّي عليك وعلى ولدك، ونرغب إلى الله أن يعلي كعبك، ويكبت عدوّك، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك. قال: فلمّا قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتّى استهلّت دموعه، وتقاطرت عبراته، ثمّ قال: يا ابن إسحاق! لا تكلّف في دعائك شططا، فإنّك ملاق الله تعالى في صدرك هذا، فخرّ أحمد مغشيّا عليه، فلمّا أفاق قال: سألتك بالله وبحرمة جدّك إلّا شرّفتني بخرقة أجعلها كفنا، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما، فقال: خذها ولا تنفق على نفسك غيرها، فإنّك لن تعدم ما سألت، وإنّ الله تبارك وتعالى لن يضيع أجر من أحسن عملا.
قال سعد: فلمّا انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ حمّ أحمد بن إسحاق، وثارت به علّة صعبة أيس من

(٤٢٨)

حياته فيها، فلمّا وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطنا بها، ثمّ قال: تفرّقوا عنّي هذه الليلة واتركوني وحدي، فانصرفنا عنه ورجع كلّ واحد منّا إلى مرقده.
قال سعد: فلمّا حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا أنا بكافور الخادم، خادم مولانا أبي محمّد (عليه السلام) وهو يقول: أحسن الله بالخير عزاكم، وجبر بالمحبوب رزيّتكم، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه، فقوموا لدفنه فإنّه من أكرمكم محلا عند سيّدكم، ثمّ غاب عن أعيننا، فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتّى قضينا حقّه، وفرغنا من أمره، رحمه الله.
810-(564)- غيبة الفضل بن شاذان: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن فارس النيسابوري، قال: لمّا همّ الوالي عمرو بن عوف بقتلي وهو رجل شديد النصب، وكان مولعا بقتل الشيعة، فاخبرت بذلك، وغلب عليّ خوف عظيم، فودّعت أهلي وأحبّائي وتوجّهت إلى دار أبي محمّد (عليه السلام) لاودّعه وكنت أردت الهرب، فلمّا دخلت عليه رأيت غلاما جالسا في جنبه وكان وجهه مضيئا كالقمر ليلة البدر، فتحيّرت من نوره وضيائه، وكاد أن ينسيني ما كنت فيه من الخوف والهرب، فقال: يا إبراهيم! لا تهرب فإنّ الله تبارك وتعالى سيكفيك شرّه، فازداد بحيرتي، فقلت لأبي محمّد (عليه السلام): يا سيّدي! جعلني الله فداك، من هو فقد أخبرني عمّا كان في ضميري؟ فقال: هو ابني وخليفتي من بعدي، وهو الّذي يغيب غيبة طويلة، ويظهر بعد امتلاء الأرض جورا وظلما فيملأها عدلا وقسطا، فسألته عن اسمه، قال: هو سميّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكنيّه، ولا يحلّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(564) كفاية المهتدي (الأربعين): ذيل ح 32 ص 122؛ كشف الحقّ(الأربعين): ص 32 ح 7.

(٤٢٩)

لأحد أن يسمّيه باسمه أو يكنّيه بكنيته إلى أن يظهر الله دولته وسلطنته، فاكتم يا إبراهيم ما رأيت وسمعت منّا اليوم إلّا عن أهله، فصلّيت عليهما وآبائهما وخرجت مستظهرا بفضل الله تعالى، واثقا بما سمعته من الصاحب (عليه السلام)، فبشّرني عمّي علي بن فارس بأنّ المعتمد قد أرسل أبا أحمد أخاه وأمره بقتل عمرو بن عوف، فأخذه أبو أحمد في ذلك اليوم وقطّعه عضوا عضوا، والحمد للّه ربّ العالمين.
ويدلّ عليه أيضا من الأحاديث: 787، 788، 793، 797، 802، 804، 814.

(٤٣٠)

الفصل الثالث: في من رآه في أيّام والده (عليهما السلام) وفيه 20 حديثا

811-(565)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، حدّثني جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، قال: حدّثني معاوية بن حكيم، ومحمّد بن أيّوب بن نوح، ومحمّد بن عثمان العمري- رضي الله عنه- قالوا: عرض علينا أبو محمّد الحسن بن علي (عليهما السلام) ونحن في منزله وكنّا أربعين رجلا، فقال: هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما إنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا، قالوا: فخرجنا من عنده، فما مضت إلّا أيّام قلائل حتّى مضى أبو محمّد (عليه السلام).
812-(566)- غيبة الشيخ: قال (يعني هبة الله بن محمّد الّذي روى عنه أحمد بن علي بن نوح أبي العبّاس السيرافي): وقال جعفر بن محمّد بن مالك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(565) كمال الدين: ج 2 ص 435 ب 43 ح 2؛ ينابيع المودّة: ص 460 ب 82 إلى قوله: «فخرجنا»؛ البحار: ج 52 ص 25 و26 ب 18 ح 19 وفيه: «عرض علينا أبو محمّد الحسن بن علي (عليهما السلام) ابنه»؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 2 ف 3؛ تبصرة الولي: ص 48- 49 ح 16.
(566) غيبة الشيخ: السفراء الممدوحون ص 357 ح 319؛ البحار: ج 51 ص 346- 347 ب 16 ح 1؛ تبصرة الولي: ص 183- 185 ح 76؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 415- 416 ب 31 ح 56 صدره، وذيله في ص 511 ب 32 ح 337.

(٤٣١)

الفزاري البزّاز، عن جماعة من الشيعة، منهم: علي بن بلال، وأحمد بن هلال، ومحمّد بن معاوية بن حكيم، والحسن بن أيّوب بن نوح (في خبر طويل مشهور) قالوا جميعا: اجتمعنا إلى أبي محمّد الحسن بن علي (عليهما السلام) نسأله عن الحجّة من بعده، وفي مجلسه (عليه السلام) أربعون رجلا، فقام إليه عثمان بن سعيد بن عمرو العمري، فقال له: يا ابن رسول الله! اريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به منّي، فقال له: اجلس يا عثمان! فقام مغضبا ليخرج فقال: لا يخرجنّ أحد، فلم يخرج منّا أحد، إلى أن كان بعد ساعة، فصاح (عليه السلام) بعثمان، فقام على قدميه، فقال: اخبركم بما جئتم؟ قالوا: نعم يا ابن رسول الله! قال: جئتم تسألوني عن الحجّة بعدي، قالوا: نعم، فإذا غلام كأنّه قطع قمر، أشبه الناس بأبي محمّد (عليه السلام)، فقال: هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم؛ ألا وإنّكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتّى يتمّ له عمر، فاقبلوا من عثمان ما يقوله، وانتهوا إلى أمره، واقبلوا قوله فهو خليفة إمامكم والأمر إليه... والحديث طويل.
813-(567)- كمال الدين: حدّثنا علي بن الحسن بن الفرج المؤذّن- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الكرخي، قال: سمعت أبا هارون- رجلا من أصحابنا- يقول: رأيت صاحب الزمان ووجهه يضيء كأنّه القمر ليلة البدر... الحديث.
814-(568)- كمال الدين: حدّثنا أبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفّر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(567) كمال الدين: ج 2 ص 434 ب 44 ح 1؛ البحار: ج 52 ص 25 ب 18 ح 18؛ اعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 1 ف 3.
(568) كمال الدين: ج 2 ص 436 و437 ب 44 ح 5؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82 عن يعقوب نحوه؛ البحار: ج 52 ص 25 ب 18 ح 17؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 2 ف 2.

(٤٣١)

العلوي السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه محمّد بن مسعود العيّاشي، قال: حدّثنا آدم بن محمّد البلخي، قال: حدّثني علي بن الحسن [الحسين] بن هارون الدقّاق، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن عبد الله بن القاسم بن إبراهيم بن الأشتر، قال: حدّثنا يعقوب بن منقوش [منفوس]، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن علي (عليهما السلام) وهو جالس على دكّان في الدار، وعن يمينه بيت وعليه ستر مسبل، فقلت له: يا سيّدي! من صاحب هذا الأمر؟ فقال: ارفع الستر، فرفعته فخرج إلينا غلام خماسي، له عشر أو ثمان أو نحو ذلك، واضح الجبين، أبيض الوجه، درّيّ المقلتين، شثن الكفّين، معطوف الركبتين، في خدّه الأيمن خال، وفي رأسه ذؤابة، فجلس على فخذ أبي محمّد (عليه السلام)، ثمّ قال لي: هذا هو صاحبكم، ثمّ وثب فقال له: يا بنيّ! ادخل إلى الوقت المعلوم، فدخل البيت وأنا أنظر إليه، ثمّ قال لي: يا يعقوب! انظر إلى من في البيت، فدخلت فما رأيت أحدا.
815-(569)- الكافي: علي بن محمّد، عن جعفر بن محمّد الكوفي، عن جعفر بن محمّد المكفوف، عن عمرو الأهوازي، قال: أراني أبو محمّد (عليه السلام) ابنه، وقال: هذا صاحبكم من بعدي.
816-(570)- الكافي: علي بن محمّد، عن الحسين ومحمد ابني علي بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(569) الكافي: ج 1 ص 328 ب الإشارة والنصّ إلى صاحب الدار (عليه السلام) ح 3، وج 1 ص 332 ب في تسمية من رآه (عليه السلام) ح 12؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 2 ف 3؛ الإرشاد: ص 349؛ غيبة الشيخ: ص 234 ح 203؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82؛ البحار: ج 52 ص 60 ب 18 ح 48؛ تبصرة الولي: ص 50- 51 ح 19 وص 275 ح 111.
(570) الكافي: ج 1 ص 329 ح 6 باب الإشارة والنصّ إلى صاحب الدار (عليه السلام)، ومختصرا ص 332 ح 14 باب في تسمية من رآه (عليه السلام)، وأطول من ذلك في باب مولد الصاحب (عليه السلام) ص 514- 515 ح 2؛ كمال الدين: ج 2 ص 435- 436 ب 44 ح 4؛ غيبة الشيخ: ص 233- 234 ح 202؛ ينابيع المودّة: مختصرا ص 461 ب 82؛ تبصرة الولي: ص 51- 52 ح 20 وص 276- 277 ح 115؛ البحار: ج 52 ص 26- 27 ب 18 ح 21؛ تقريب المعارف: ص 184- 185.

(٤٣٣)

إبراهيم، عن محمّد بن علي بن عبد الرحمن العبدي- من عبد قيس-، عن ضوء بن علي العجلي، عن رجل من أهل فارس سمّاه، قال: أتيت سامراء ولزمت باب أبي محمّد (عليه السلام)، فدعاني فدخلت عليه وسلّمت، فقال: ما الّذي أقدمك؟ قال: قلت: رغبة في خدمتك، قال: فقال لي: فالزم الباب، قال: فكنت في الدار مع الخدم، ثمّ صرت أشتري لهم الحوائج من السوق، وكنت أدخل عليهم من غير إذن إذا كان في الدار رجال، قال: فدخلت عليه يوما وهو في دار الرجال فسمعت حركة في البيت، فناداني: مكانك لا تبرح، فلم أجسر أن أدخل ولا أخرج، فخرجت عليّ جارية معها شيء مغطّى، ثمّ ناداني: ادخل، فدخلت، ونادى الجارية فرجعت إليه، فقال لها: اكشفي عمّا معك، فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه، وكشف عن بطنه فإذا شعر نابت من لبّته إلى سرّته أخضر ليس بأسود، فقال: هذا صاحبكم، ثمّ أمرها فحملته، فما رأيته بعد ذلك حتّى مضى أبو محمّد (عليه السلام).
817-(571)- الكافي: علي بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(571) الكافي: ب في تسمية من رآه (عليه السلام) ج 1 ص 330 ح 2، الإرشاد: ب ذكر من رأى الإمام ص 350 إلّا أنّه قال: «رأيت ابن الحسن بن علي بن محمد (عليهم السلام) بين المسجدين وهو غلام»؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82؛ غيبة الشيخ: ص 268 ح 230؛ البحار: ج 52 ص 13 ب 18 ح 8؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 449؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 1 ف 2؛ تبصرة الولي: ص 55 ح 22؛ الصراط المستقيم: ج 2 ص 240 ب 11 ف 4.
أقول: لعلّ المراد بالمسجدين في الحديث مسجدا مكّة المكرمة والمدينة المنورة.

(٤٣٤)

موسى بن جعفر، وكان أسنّ شيخ من ولد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالعراق، فقال: رأيته بين المسجدين وهو غلام (عليه السلام).
818-(572)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن الحسين بن رزق الله أبو عبد الله، قال: حدّثني موسى بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر، قال: حدّثتني حكيمة ابنة محمّد بن علي- وهي عمّة أبيه- أنّها رأته ليلة مولده وبعد ذلك.
819-(573)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن الحسن بن علي النيسابوري، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر، عن أبي نصر ظريف الخادم أنّه رآه (عليه السلام).
820-(574)- الكافي: علي بن محمّد عن فتح مولى الرازي [الزراري] قال: سمعت أبا علي بن مطهّر يذكر أنّه قد رآه، ووصف له قدّه.
ويدلّ عليه الأحاديث 786، 787، 788، 796، 797، 802، 804، 808، 809، 810.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(572) الكافي: ب تسمية من رآه (عليه السلام) ج 1 ص 330 و331 ح 3، وقوله: «عمّة أبيه» يعني عمّة الإمام أبي محمّد والد الحجّة (عليه السلام)، الإرشاد: ب ذكر من رأى الإمام ص 376 إلّا أنّه قال:«... وهي عمّة الحسن، أنّها رأت القائم...»، وفيه: «الحسن بن رزق الله».
(573) الكافي: ب في تسمية من رآه (عليه السلام) ج 1 ص 332 ح 13؛ الإرشاد: ب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر (عليه السلام) ص 351؛ البحار: ج 52 ص 60 و61 ب 18 ح 49؛ الصراط المستقيم: ج 2 ص 241 ب 11 ف 4.
(574) الكافي: ب في تسمية من رآه (عليه السلام) ج 1 ص 331 ح 5؛ الإرشاد: ب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر ص 350؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82، ولفظه: «عن أبي علي بن مطهّر قال: رأيت ولد أبي محمّد وله قدر جليل»؛ تبصرة الولي فيمن رأي القائم المهدي (عليه السلام): ص 55 ح 23 وص 273 ح 103؛ البحار: ج 52 ص 14 ب 18 ح 11؛ غيبة الشيخ: ص 269 ح 233؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 450؛ الصراط المستقيم: ج 2 ص 240 ب 11 ف 4.

(٤٣٥)

الفصل الأوّل: في من فاز برؤيته (عليه السلام) في الغيبة الصغرى (575) وفيه 27 حديثا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(575) اعلم أنّه قد دلّت الروايات الكثيرة- كما قرأت بعضها في الفصل السابع والعشرين من ب 3- على أن له غيبتين؛ إحداهما أطول من الاخرى، وامتدّت الغيبة الصغرى إلى سنة 329 ه، سنة موت أبي الحسن علي بن محمّد السمري الّذي ختم به النيابة الخاصّة، وانقطعت بموته السفارة، فكانت مدّتها 74 سنة، على أن يكون أوّلها سنة ولادة الحجّة (عليه السلام)، و69 سنة على أن يكون أوّلها سنة وفاة أبيه سنة ستين ومائتين، وفي هذه المدّة كان السفراء- رضوان الله عليهم- هم الوسائط بينه وبين شيعته، ويصل إليه وكلاؤه وبعض الخواصّ من الشيعة، ويصدر منه التوقيعات إلى بعض الخواصّ، ويجيء من ناحيته المقدّسة بتوسّط السفراء أجوبة المسائل والأحكام الشرعيّة وغيرها، والخواصّ من الشيعة يعرفون خطّه الشريف.
و يمكن أن يكون السرّ في وقوع الغيبة الصغرى عدم انس الشيعة بالغيبة التامّة، فوقعت الغيبة الصغرى قبل الغيبة الكبرى لئلا يستوحشوا منها إذا وقعت، بل الناظر في التواريخ يرى أنّهم (عليهم السلام) كانوا يعوّدون الشيعة باختفاء الإمام عن نظر الرعيّة في الجملة من زمان الإمام أبي الحسن علي بن محمّد الهادي (عليهما السلام). ذكر ذلك المسعودي- المؤرّخ الكبير- في إثبات الوصيّة، قال: «وروي أنّ أبا الحسن صاحب العسكر احتجب عن كثير من الشيعة إلّا عن عدد يسير من خواصّه، فلمّا افضي الأمر إلى أبي محمّد كان يكلّم شيعته الخواصّ وغيرهم من وراء الستر إلّا في الأوقات الّتي يركب فيها إلى دار السلطان، وإنّ ذلك إنّما كان منه ومن أبيه قبله مقدّمة لغيبة صاحب الزمان، لتألف الشيعة ذلك ولا تنكر الغيبة، وتجري العادة بالاحتجاب والاستتار، انتهى».
وبعد انقضاء الغيبة القصرى وقعت الغيبة الطولى، فلا ظهور إلى أن يأذن الله تعالى، ←

(٤٣٨)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

→ ولا يتّفق درك خدمته إلّا لأوحدي من الناس، وانسدّت فيها باب السفارة والنيابة الخاصّة، وفوّض الأمر إلى الفقهاء العالمين بالأحكام، وحملة الآثار والأخبار وعلوم الأئمّة الطاهرين، فقد روى الصدوق في «كمال الدين» عن محمّد بن محمّد بن عصام عن محمّد بن يعقوب عن إسحاق بن يعقوب، قال: سألت محمّد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل شكلت عليّ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان (عليه السلام): «أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبّتك... إلى أن قال بعد ذكر أجوبة مسائله: وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله عليهم». ورواه الشيخ في كتاب «الغيبة» عن جماعة عن جعفر بن محمّد بن قولويه وأبي غالب الزراري وغيرهما كلّهم عن محمّد بن يعقوب، ورواه في الاحتجاج عن محمّد بن يعقوب عن إسحاق، وقال أبو عبد الله (عليه السلام) في الحديث المشهور الّذي رواه الكليني بسنده عن عمر بن حنظلة، والشيخ أيضا بإسناده عنه (كما في الوسائل: ج 18 كتاب القضاء ب 11 من أبواب صفات القاضي ح 1): «من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما، فإنّي قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ، والرادّ علينا كالراد على الله، وهو على حدّ الشرك بالله».
وروى في الاحتجاج عن الإمام أبي محمّد العسكري في حديث عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «فأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه»، وروى أيضا في الاحتجاج بسنده عن الإمام أبي محمّد الحسن عن أبيه علي بن محمّد الهادي (عليهم السلام) قال: «لو لا من يبقى بعد غيبة قائمكم (عليه السلام) من العلماء الداعين إليه، والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته وفخاخ النواصب لما بقي أحد إلّا ارتدّ عن دين الله، ولكنّهم الّذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها، اولئك هم الأفضلون عند الله (عزّ وجلّ)» وروى الشهيد الثاني في «منية المريد» عن الإمام الهادي (عليه السلام) نحوه، وتدلّ على ذلك غير هذه الأحاديث روايات اخرى ذكرها الأصحاب- رضوان الله عليهم- في كتبهم.
تنبيه فيه تأكيد: اعلم أنّه- كما أشرنا إليه- قد انقضى بانقضاء عصر الغيبة القصرى الصغرى ووقوع الغيبة التامّة الطولى الكبرى عصر السفارة والوكالة، فليس لأحد بعد ذلك أن يدّعي السفارة والبابيّة والنيابة والوكالة الخاصّة والوساطة بين الإمام والسائرين إلى أن يظهر الله أمر وليّه وحجّته (عليه السلام)، فمن ادّعى ما يفيد بعض هذه المعاني يكذّب ويردّ عليه، وهذا من ضروريات المذهب، واتّفق عليه الأكابر والأعلام خلفا عن سلف، وعليه إجماع الطائفة. ويدلّ عليه الأخبار الناصّة على غيبته الطولى وابتلاء الناس فيها بالتمحيص والابتلاء والامتحان الشديد، ويكفيك في ذلك ما قاله الشيخ الأجلّ الأقدم أبو القاسم جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسى بن قولويه، المتوفّى سنة(368 أو 369 ه)، مؤلّف كتاب «كامل الزيارات» رضوان الله تعالى عليه، قال: «عندنا أنّ كلّ من ادّعى الأمر بعد السمري- رحمه الله- فهو كافر منمس ضالّ مضلّ».

(٤٣٩)

821-(576)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: سألت محمّد بن عثمان العمري- رضي الله عنه- فقلت له: أ رأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال: نعم، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: اللهمّ أنجز لي ما وعدتني.
822-(577)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: سمعت محمّد بن عثمان العمري- رضي الله عنه- يقول: رأيته صلوات الله عليه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(576) كمال الدين: ج 2 ص 440 ب 43 ذكر من شاهد القائم (عليه السلام) ورآه وكلّمه ح 9؛ غيبة الشيخ: ص 251 ح 222؛ البحار: ج 51 ص 351 وج 52 ص 30 ب 18 ح 23؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 452 ب 32 ح 69؛ تبصرة الولي: ص 71 ح 37؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 607.
(577) كمال الدين: ج 2 ص 440 ب 43 ذكر من شاهد القائم (عليه السلام) ورآه وكلّمه ح 10؛ غيبة الشيخ: ص 251 ح 222 ولفظه: «اللهمّ انتقم لي من أعدائك»؛ ينابيع المودّة: ص 463 ب 83؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 453 ب 32 ح 70؛ تبصرة الولي: ص 71 ح 38؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 607.

(٤٤١)

متعلّقا بأستار الكعبة في المستجار، وهو يقول: اللهمّ انتقم لي من أعدائي.
823-(578)- الكافي: أخرج عن علي بن محمّد، وعن غير واحد من أصحابنا القمّيّين، عن محمّد بن محمّد العامري، عن أبي سعيد غانم الهندي حديثا طويلا، ذكر فيه أبو سعيد كيفيّة إسلامه، وفي آخره ذكر فوزه بلقاء الإمام (عليه السلام)، وما رأى منه (عليه السلام) من المعجزات، وأنّه أعطاه صرّة لنفقته. والحديث كما قلنا طويل، فمن شاء فليقرأها في الكافي أو في كمال الدين.
824-(579)- كمال الدين: وبهذا الإسناد، عن إبراهيم بن محمّد العلوي، قال: حدّثني طريف أبو نصر، قال: دخلت على صاحب الزمان (عليه السلام)، فقال: عليّ بالصندل الأحمر، فأتيته به، ثمّ قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(578) الكافي: ج 1 ب مولد الصاحب (عليه السلام) ص 515- 517 ح 3؛ كمال الدين: رواه من طرق ثلاثة ب 43 ذكر من شاهد القائم ورآه وكلّمه ص 437- 440 ح 6؛ ينابيع المودّة: ص 463 ب 83.
(579) كمال الدين: ج 2 ص 43 ذكر من شاهد القائم ورآه وكلّمه ص 441 ح 12، ومراده من الإسناد ما ذكره للحديث الحادي عشر من هذا الباب هكذا: «حدّثنا أبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفّر بن جعفر بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، قال: حدّثنا أبو النضر محمّد بن مسعود، قال: حدّثنا آدم بن محمّد البلخي، قال: حدّثنا علي بن الحسن [الحسين] الدقّاق، قال: حدّثني إبراهيم بن محمّد العلوي».
غيبة الشيخ: ص 246 ح 215 وفيه: «عن ظريف»؛ الخرائج: ب العلامات الدالّة على صاحب الزمان (عليه السلام)؛ اثبات الوصيّة ص 221- 222؛ ينابيع المودّة: ص 463 ب 83 نحوه؛ البحار: ج 52 ص 30 ب 18 ح 25؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 499؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 508 ب 32 ح 319 مختصرا؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 544- 545؛ تبصرة الولي: ص 72 ح 39.

(٤٤٢)

أتعرفني؟ قلت: نعم، فقال: من أنا؟ فقلت: أنت سيّدي وابن سيّدي، فقال: ليس عن هذا سألتك، قال طريف: فقلت: جعلني الله فداك، فبيّن لي، قال: أنا خاتم الأوصياء، وبي يدفع الله (عزّ وجلّ) البلاء عن أهلي وشيعتي.
825-(580)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: قلت لمحمّد بن عثمان العمري- رضي الله عنه-: إنّي أسألك سؤال إبراهيم ربّه- جلّ جلاله- حين قال له: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَولَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى ولكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)، فأخبرني عن صاحب هذا الأمر، هل رأيته؟
قال: نعم، وله رقبة مثل ذي، وأشار بيده إلى عنقه.
826-(581)- كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي العمري- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدّثنا جعفر بن معروف، عن أبي عبد الله البلخي، عن محمّد بن صالح بن علي بن محمّد بن قنبر الكبير، مولى الرضا (عليه السلام)، قال: خرج صاحب الزمان على جعفر الكذّاب من موضع لم يعلم به عند ما نازع في الميراث بعد مضيّ أبي محمّد (عليه السلام)، فقال له: يا جعفر! مالك تعرض في حقوقي؟ فتحيّر جعفر وبهت، ثمّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(580) كمال الدين: ج 2 ص 435 ب 43 ح 3، ورواه باختلاف وزيادة في آخره تدلّ على عدم جواز التسمية في الجملة «عن أبيه ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما، عن عبد الله بن جعفر الحميري»: ج 2 ص 441 و442 ب 43 ح 14؛ البحار: ج 52 ص 26 ب 18 ح 20؛ تبصرة الولي: ص 49- 50 ح 17؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 581 ب 20.
(581) كمال الدين: ج 2 ص 442 ب 43 ح 15؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82 نحوه؛ البحار: ج 52 ص 42 ب 18 ح 31؛ إحقاق الحقّ: ج 19 ص 642.

(٤٤٣)

غاب عنه، فطلبه جعفر بعد ذلك في الناس فلم يره، فلمّا ماتت الجدّة أمّ الحسن أمرت أن تدفن في الدار، فنازعهم وقال: هي داري لا تدفن فيها، فخرج (عليه السلام) فقال: يا جعفر، أ دارك هي؟ ثمّ غاب عنه فلم يره بعد ذلك.
827-(582)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن أحمد الكوفي، المعروف بأبي القاسم الخديجي، قال: حدّثنا سليمان بن إبراهيم الرقي، قال: حدّثنا أبو محمّد الحسن بن وجناء النصيبي، قال: كنت ساجدا تحت الميزاب في رابع أربع وخمسين حجّة بعد العتمة، وأنا أتضرّع في الدعاء إذ حرّكني محرّك، فقال: قم يا حسن بن وجناء! قال: فقمت فإذا جارية صفراء نحيفة البدن، أقول: إنّها من أبناء أربعين فما فوقها، فمشت بين يديّ وأنا لا أسألها عن شيء حتّى أتت بي إلى دار خديجة (عليها السلام)، وفيها بيت بابه في وسط الحائط، وله درج ساج يرتقى، فصعدت الجارية، وجاءني النداء: اصعد يا حسن! فصعدت فوقفت بالباب، فقال لي صاحب الزمان (عليه السلام): يا حسن! أتراك خفيت عليّ، والله ما من وقت في حجّك إلّا وأنا معك فيه، ثمّ جعل يعدّ عليّ أوقاتي، فوقعت [مغشيّا] على وجهي، فحسست بيد قد وقعت عليّ فقمت، فقال لي: يا حسن! الزم دار جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، ولا يهمنّك طعامك ولا شرابك ولا ما يستر عورتك، ثمّ دفع إليّ دفترا فيه دعاء الفرج وصلاة عليه، فقال: بهذا فادع، وهكذا صلّ عليّ، ولا تعطه إلّا محقّي أوليائي،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(582) كمال الدين: ج 2 ص 443- 444 ب 43 ح 17؛ ينابيع المودّة: ص 464 ب 83 نحوه؛ البحار: ج 52 ص 31- 32 ب 18 ح 27؛ تبصرة الولي: ص 76- 78 ح 44؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 671 ب 33 ح 38.

(٤٤٤)

فإنّ الله جلّ جلاله موفّقك، فقلت: يا مولاي! لا أراك بعدها؟ فقال: يا حسن إذا شاء الله، قال: فانصرفت من حجّتي ولزمت دار جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، فأنا أخرج منها فلا أعود إليها إلّا لثلاث خصال: لتجديد وضوء أو لنوم أو لوقت الإفطار، وأدخل بيتي وقت الإفطار فاصيب رباعيّا مملوءا ماء ورغيفا على رأسه وعليه ما تشتهي نفسي بالنهار، فآكل ذلك فهو كفاية لي، وكسوة الشتاء في وقت الشتاء، وكسوة الصيف في وقت الصيف، وإنّي لادخل الماء بالنهار فأرشّ البيت وأدع الكوز فارغا، فاوتى بالطعام [وأواني الطعام- خ] ولا حاجة لي إليه فأصّدّق به ليلا كيلا يعلم بي من معي.
828-(583)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبو القاسم علي بن أحمد الخديجي الكوفي، قال: حدّثنا الأزدي، قال: بينما أنا في الطواف قد طفت ستّا وأنا اريد أن أطوف السابع فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة، وشابّ حسن الوجه طيّب الرائحة هيوب مع هيبته متقرّب إلى الناس يتكلّم، فلم أر أحسن من كلامه، ولا أعذب من نطقه وحسن جلوسه، فذهبت اكلّمه فزبرني الناس، فسألت بعضهم من هذا؟ فقالوا: هذا ابن رسول الله، يظهر في كلّ سنة يوما لخواصّه يحدّثهم، فقلت: يا سيّدي!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(583) كمال الدين: ج 2 ص 444 و445 ب 43 ح 18؛ غيبة الشيخ: ص 253- 254 ح 223 بسنده عن الأودي؛ ينابيع المودّة: ص 464 ب 83 نحوه؛ البحار: ج 52 ص 1 و2 ب 18 ح 1؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 3 ف 2؛ تبصرة الولي: ص 78- 79 ح 45؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 670- 671 ب 33 ح 39؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 573؛ الثاقب: ص 613- 614 ح 559/ 7؛ الخرائج: ص 784- 785 ب 15.
أقول: الأزدي أو الأودي هو أحمد بن الحسين(أو الحسن) بن عبد الملك الأودي أو الأزدي، كوفي، ثقة، مرجوع إليه. راجع جامع الرواة وغيره.

(٤٤٥)

مسترشدا أتيتك فأرشدني هداك الله، فناولني (عليه السلام) حصاة فحوّلت وجهي، فقال لي بعض جلسائه: ما الّذي دفع إليك؟ فقلت: حصاة، وكشفت عنها فإذا أنا بسبيكة ذهب، فذهبت فإذا أنا به (عليه السلام) قد لحقني، فقال لي: ثبتت عليك الحجّة، وظهر لك الحقّ، وذهب عنك العمى، أتعرفني؟ فقلت: لا، فقال (عليه السلام): أنا المهدي، [و] أنا قائم الزمان، أنا الّذي أملأها عدلا كما ملئت جورا، إنّ الأرض لا تخلو من حجّة، ولا يبقى الناس في فترة، وهذا أمانة لا تحدّث بها إلّا إخوانك من أهل الحقّ.
829-(584)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدّثنا أبو القاسم جعفر بن أحمد العلوي الرقي العريضي، قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(584) كمال الدين: ج 2 ص 470- 473 ب 43 ح 24، وحكي عن بعض النسخ المصحّحة بدل «أبو القاسم جعفر بن أحمد العلوي»: «أبو القاسم جعفر بن محمّد العلوي»؛ غيبة الشيخ: أخرج بطريقين نحوه؛ أحدهما: «عن أحمد بن علي الرازي، عن علي بن عائذ الرازي، عن الحسن بن وجناء النصيبي، عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري»، وثانيهما قال: «وأخبرنا جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلّعكبريّ، عن أبي علي محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن محمّد بن جعفر بن عبد الله، عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري- وساق الحديث بطوله»: ص 259- 263 ح 227؛ دلائل الإمامة: «أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون، عن أبيه، قال: حدّثنا أبو علي محمّد بن همام، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري الكوفي، قال حدّثنا محمّد بن جعفر بن عبد الله، قال: حدّثني إبراهيم بن محمّد بن أحمد الأنصاري، قال: كنت حاضرا عند المستجار... الحديث»: ص 298- 300 ب معرفة من شاهد صاحب الزمان (عليه السلام) ح 3؛ ينابيع المودّة: ص 465 و466 ب 83؛ تبصرة الوليّ: ص 115- 122 ح 50؛ البحار: ج 52 ص 6- 9 ب 18 ح 5 وج 61 ص 187- 190 ب 35 ح 2، وج 62 ص 157، وج 83 ص 27- 28؛ مستدرك الوسائل: ج 5 ص 70- 72 ح 5382/ 3 و5383/ 4؛ فلاح السائل: 179- 182؛ نزهة الناظر: ص 147- 151 ب لمع من كلام الإمام الحجّة بن الحسن بن علي (عليهم السلام).

(٤٤٦)

حدّثنا أبو الحسن علي بن أحمد العقيقي، قال: حدّثني أبو نعيم الأنصاري الزيدي، قال: كنت بمكّة عند المستجار وجماعة من المقصّرة وفيهم: المحمودي، وعلان الكليني، وأبو الهيثم الديناري، وأبو جعفر الأحول الهمداني، وكانوا زهاء ثلاثين رجلا، ولم يكن منهم مخلص علمته غير محمّد بن القاسم العلوي العقيقي، فبينا نحن كذلك في اليوم السادس من ذي الحجّة سنة ثلاث وتسعين ومائتين من الهجرة إذ خرج علينا شابّ من الطواف عليه إزاران محرم [بهما]، وفي يده نعلان، فلمّا رأيناه قمنا جميعا هيبة له، فلم يبق منّا أحد إلّا قام وسلّم عليه، ثمّ قعد والتفت يمينا وشمالا، ثمّ قال: أ تدرون ما كان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول في دعاء الإلحاح؟ قلنا: وما كان يقول؟ قال: كان يقول: اللهم إنّي أسألك باسمك الّذي به تقوم السماء، وبه تقوم الأرض، وبه تفرّق بين الحقّ والباطل، وبه تجمع بين المتفرّق، وبه تفرّق بين المجتمع، وبه أحصيت عدد الرمال وزنة الجبال وكيل البحار، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا؛ ثمّ نهض فدخل الطواف، فقمنا لقيامه حين انصرف، وانسينا أن نقول له: من هو؟

فلمّا كان من الغد في ذلك الوقت خرج علينا من الطواف، فقمنا كقيامنا الأوّل بالأمس، ثمّ جلس في مجلسه متوسّطا، ثمّ نظر يمينا وشمالا، قال: أ تدرون ما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول بعد صلاة الفريضة؟ قلنا: وما كان يقول؟ قال: كان يقول: اللهمّ إليك رفعت الأصوات، [ودعيت الدعوات]، ولك عنت الوجوه، ولك خضعت الرقاب، وإليك التحاكم في الأعمال، يا خير مسئول وخير من أعطى، يا صادق، يا بارئ، يا من لا يخلف الميعاد، يا من أمر بالدّعاء وتكفّل

(٤٤٧)

بالاجابة، يا من قال: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، يا من قال: (وإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ولْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، يا من قال: (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، ثمّ نظر يمينا وشمالا بعد هذا الدعاء فقال: أ تدرون ما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في سجدة الشكر؟ قلنا: وما كان يقول؟
قال: كان يقول: يا من لا يزيده إلحاح الملحّين إلّا جودا وكرما، يا من له خزائن السماوات والأرض، يا من له خزائن ما دقّ وجلّ، لا تمنعك إساءتي من إحسانك إليّ، إنّي أسألك أن تفعل بي ما أنت أهله، وأنت أهل الجود والكرم والعفو، يا ربّاه! يا الله! افعل بي ما أنت أهله، فأنت قادر على العقوبة وقد استحققتها، لا حجّة لي ولا عذر لي عندك، أبوء إليك بذنوبي كلّها، وأعترف بها كي تعفو عنّي وأنت أعلم بها منّي، بؤت إليك بكلّ ذنب أذنبته، وبكلّ خطيئة أخطأتها، وبكلّ سيّئة عملتها، يا ربّ اغفر لي وارحم، وتجاوز عمّا تعلم، إنّك أنت الأعزّ الأكرم.
وقام فدخل الطواف، فقمنا لقيامه، وعاد من غد في ذلك الوقت، فقمنا لاستقباله كفعلنا فيما مضى، فجلس متوسّطا ونظر يمينا وشمالا، فقال: كان علي بن الحسين سيّد العابدين (عليه السلام) يقول في سجوده في هذا الموضع- وأشار بيده إلى الحجر نحو الميزاب-: عبيدك بفنائك، مسكينك ببابك، أسألك ما لا يقدر عليه سواك، ثمّ نظر يمينا وشمالا ونظر إلى محمّد بن القاسم العلوي، فقال: يا محمّد بن القاسم! أنت على خير إن شاء الله، وقام فدخل الطواف، فما بقي أحد منّا إلّا وقد تعلّم ما ذكر من الدعاء، و[ا]نسينا أن نتذاكر أمره إلّا في آخر يوم، فقال

(٤٤٨)

لنا المحموديّ: يا قوم أ تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا والله صاحب الزمان (عليه السلام)، فقلنا: وكيف ذاك يا أبا علي؟ فذكر أنّه مكث يدعو ربّه (عزّ وجلّ) ويسأله أن يريه صاحب الأمر سبع سنين، قال: فبينا أنا يوما في عشيّة عرفة فإذا بهذا الرجل بعينه فدعا بدعاء وعيته، فسألته ممّن هو؟
فقال: من الناس، فقلت: من أيّ الناس، من عربها أو مواليها؟ فقال: من عربها، فقلت: من أيّ عربها؟ فقال: من أشرفها وأشمخها، فقلت: ومن هم؟ فقال: بنو هاشم، فقلت: من أيّ بني هاشم؟ فقال: من أعلاها ذروة وأسناها رفعة، فقلت: وممّن هم؟ فقال: ممّن فلق الهام، وأطعم الطعام، وصلّى بالليل والناس نيام، فقلت: إنّه علويّ، فأحببته على العلويّة، ثمّ افتقدته من بين يديّ، فلم أدر كيف مضى في السماء أم في الأرض، فسألت القوم الّذين كانوا حوله، أتعرفون هذا العلويّ؟
فقالوا: نعم، يحجّ معنا كلّ سنة ماشيا، فقلت: سبحان الله! والله ما أرى به أثر مشي، ثمّ انصرفت إلى المزدلفة كئيبا حزينا على فراقه، وبتّ في ليلتي تلك فإذا أنا برسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقال: يا محمّد، رأيت طلبتك؟ فقلت: ومن ذاك يا سيّدي؟ فقال: الّذي رأيته في عشيّتك فهو صاحب زمانكم. فلمّا سمعنا ذلك منه عاتبناه على ألّا يكون أعلمنا ذلك، فذكر أنّه كان ناسيا أمره إلى وقت ما حدّثنا.
وحدّثنا بهذا الحديث عمّار بن الحسين بن إسحاق الأسروشني- رضي الله عنه- بجبل بوتك من أرض فرغانة، قال: حدّثني أبو العبّاس أحمد بن الخضر، قال: حدّثني أبو الحسين محمّد بن عبد الله الإسكافي، قال: حدّثني سليم، عن أبي نعيم الأنصاري، قال: كنت بالمستجار بمكّة أنا وجماعة من المقصّرة، فيهم: المحمودي، وعلّان الكليني... وذكر الحديث مثله سواء.

(٤٤٩)

وحدّثنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي بن محمّد بن حاتم، قال: حدّثنا أبو الحسين عبيد الله بن محمّد بن جعفر القصباني البغدادي، قال: حدّثني أبو محمّد علي بن محمّد بن أحمد بن الحسين الماذرائي، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي المنقذي الحسني بمكّة، قال: كنت جالسا بالمستجار وجماعة من المقصّرة وفيهم: المحمودي، وأبو الهيثم الديناري، وأبو جعفر الأحول، وعلان الكليني، والحسن بن وجناء، وكانوا زهاء ثلاثين رجلا... وذكر الحديث مثله سواء.
830-(585)- كمال الدين: وحدّث أبو الأديان، قال: كنت أخدم الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وأحمل كتبه إلى الأمصار، فدخلت عليه في علّته الّتي توفّي فيها صلوات الله عليه فكتب معي كتبا، وقال: امض بها إلى المدائن، فإنّك ستغيب خمسة عشر يوما وتدخل إلى سرّ من رأى يوم الخامس عشر، وتسمع الواعية في داري، وتجدني على المغتسل. قال أبو الأديان: فقلت: يا سيّدي! فإذا كان ذلك فمن؟ قال: من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي، فقلت: زدني، فقال: من يصلّي عليّ فهو القائم بعدي، فقلت: زدني، فقال: من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي، ثمّ منعتني هيبته أن أسأله عمّا في الهميان.
وخرجت بالكتب إلى المدائن، وأخذت جواباتها ودخلت سرّ من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(585) كمال الدين: ج 2 ص 43 من شاهد القائم (عليه السلام) ص 475 و476؛ البحار: ج 50 ص 332- 333 ب 5 ح 4، وج 52 ص 67- 68 ب 18 ح 53؛ تبصرة الولي: ص 127- 130 ح 41؛ ينابيع المودّة: ص 461 ب 82 عن أبي الأديان نحوه؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 547- 549؛ الثاقب في المناقب: ص 607- 608 ح 554/ 2؛ الخرائج: ب العلامات الدالّة على صاحب الزمان (عليه السلام).

(٤٥٠)

رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي (عليه السلام)، فإذا أنا بالواعية في داره، وإذا به على المغتسل، وإذا أنا بجعفر بن عليّ أخيه بباب الدار والشيعة من حوله يعزّونه ويهنّونه، فقلت في نفسي: إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة، لأنّي كنت أعرفه يشرب النبيذ ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور، فتقدّمت فعزّيت وهنّيت، فلم يسألني عن شيء, ثمّ خرج عقيد، فقال: يا سيّدي! قد كفّن أخوك فقم وصلّ عليه، فدخل جعفر بن عليّ والشيعة من حوله يقدمهم السمّان والحسن بن عليّ قتيل المعتصم المعروف بسلمة، فلمّا صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن عليّ صلوات الله عليه على نعشه مكفّنا، فتقدّم جعفر بن عليّ ليصلّي على أخيه، فلمّا همّ بالتكبير خرج صبيّ بوجهه سمرة، بشعرة قطط، بأسنانه تفليج، فجبذ برداء جعفر بن عليّ، وقال: تأخّر يا عمّ! فأنا أحقّ بالصلاة على أبي، فتأخّر جعفر، وقد اربدّ وجهه واصفرّ، فتقدّم الصبيّ وصلّى عليه، ودفن إلى جانب قبر أبيه (عليهما السلام)، ثمّ قال: يا بصريّ! هات جوابات الكتب الّتي معك، فدفعتها إليه، فقلت في نفسي: هذه بيّنتان، بقي الهميان، ثمّ خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر، فقال له حاجز الوشّاء: يا سيّدي! من الصبيّ لنقيم الحجّة عليه؟ فقال: والله ما رأيته قط ولا أعرفه فنحن جلوس إذ قدم نفر من قمّ فسألوا عن الحسن بن علي (عليهما السلام)، فعرفوا موته فقالوا: فمن [نعزّي]؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي، فسلّموا عليه وعزّوه وهنّوه، وقالوا: إنّ معنا كتبا ومالا، فتقول ممّن الكتب؟ وكم المال؟ فقام ينفض أثوابه ويقول: تريدون منّا أن نعلم الغيب؟ قال: فخرج الخادم فقال: معكم كتب فلان وفلان [وفلان] وهميان فيه ألف دينار وعشرة دنانير منها مطليّة، فدفعوا إليه الكتب والمال، وقالوا: الّذي وجّه بك لأخذ ذلك هو الإمام، فدخل جعفر بن

(٤٥١)

علي على المعتمد وكشف له ذلك، فوجّه المعتمد بخدمه فقبضوا على صقيل الجارية، فطالبوها بالصبيّ، فأنكرته وادّعت حبلا بها لتغطّي حال الصبيّ، فسلّمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي، وبغتهم موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان فجأة، وخروج صاحب الزنج بالبصرة، فشغلوا بذلك عن الجارية، فخرجت عن أيديهم، والحمد للّه ربّ العالمين.
831-(586)- الكافي: عليّ، عن أبي علي أحمد بن إبراهيم بن إدريس، عن أبيه أنّه قال: رأيته (عليه السلام) بعد مضيّ أبي محمّد حين أيفع، وقبّلت يديه ورأسه.
832-(587)- كمال الدين: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن الحسين بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(586) الكافي: ج 1 كتاب الحجّة ب في تسمية من رآه (عليه السلام) ص 331 ح 8؛ غيبة الشيخ: فصل الأخبار المتضمّنة لمن رآه (عليه السلام) ص 268 ح 232 بإسناده عن إبراهيم بن إدريس؛ البحار: ج 52 ص 14 ب 18 ح 10؛ الإرشاد: ب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر (عليه السلام)؛ تبصرة الولي: ص 61 و274 ح 18 و107؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 450؛ ينابيع المودّة: «عن كتاب الغيبة عن إبراهيم بن إدريس قال: رأيت المهدي بعد أن مضى أبو محمّد غلاما حين أيفع، وقبّلت يده ورأسه الشريف» ص 461 ب 82.
قال ابن الأثير في النهاية: «خرج عبد المطّلب ومعه رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) وقد أيفع أو كرب، أيفع الغلام فهو يافع إذا شارف الاحتلام ولمّا يحتلم».
(587) كمال الدين: ج 2 ص 476- 479 ب 43 من شاهد القائم ورآه وكلّمه ح 26؛ الخرائج بسنده عن الموصلي: ج 3 ص 1104 ب العلامات السارّة الدالّة على صاحب الزمان حجّة الرحمن (عليه السلام) ح 24 نحوه؛ تبصرة الوليّ: ص 130- 136 ح 55؛ ينابيع المودّة مختصرا: ص 462 ب 82؛ البحار: ج 52 ص 47- 50 ب 18 ح 34، وفي ج 73 ص 63- 64 ب 108 ح 4 قطعة منه؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 301 ب 33 ح 43؛ الخرائج: ب العلامات الدالّة على صاحب الزمان (عليه السلام)؛ الثاقب: ص 608- 611 ح 555/ 3.

(٤٥٢)

عبد الله بن محمّد بن مهران الآبي العروضي- رضي الله عنه- بمرو، قال: حدّثنا [أبو] الحسين [بن] زيد بن عبد الله البغدادي، قال: حدّثنا أبو الحسن علي بن سنان الموصلي، قال: حدّثني أبي، قال: لمّا قبض سيّدنا أبو محمّد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليهما وفد من قمّ والجبال وفود بالأموال الّتي كانت تحمل على الرسم والعادة ولم يكن عندهم خبر وفاة الحسن (عليه السلام)، فلمّا أن وصلوا إلى سرّ من رأى سألوا عن سيّدنا الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقيل لهم: إنّه قد فقد، فقالوا: ومن وارثه؟ قالوا: أخوه جعفر بن علي، فسألوا عنه، فقيل لهم: إنّه قد خرج متنزّها، وركب زورقا في دجلة يشرب ومعه المغنّون، قال: فتشاور القوم، فقالوا: هذه ليست من صفة الإمام، وقال بعضهم لبعض: امضوا بنا حتّى نردّ هذه الأموال على أصحابها، فقال أبو العبّاس محمّد بن جعفر الحميري القمّي: قفوا بنا حتّى ينصرف هذا الرجل ونختبر أمره بالصحّة.
قال: فلمّا انصرف دخلوا عليه فسلّموا عليه، وقالوا: يا سيّدنا! نحن من أهل قمّ ومعنا جماعة من الشيعة وغيرها، وكنّا نحمل إلى سيّدنا أبي محمّد الحسن بن عليّ الأموال، فقال: وأين هي؟ قالوا: معنا، قال: احملوها إليّ، قالوا: لا، إنّ لهذه الأموال خبرا طريفا، فقال: وما هو؟ قالوا: إنّ هذه الأموال تجمع ويكون فيها من عامّة الشيعة الدينار والديناران، ثمّ يجعلونها في كيس ويختمون عليه، وكنّا إذا وردنا بالمال على سيّدنا أبي محمّد (عليه السلام) يقول: جملة المال كذا وكذا دينارا، من عند فلان كذا، ومن عند فلان كذا، حتّى يأتي على أسماء النّاس كلّهم، ويقول ما على الخواتيم من نقش، فقال جعفر: كذبتم،

(٤٥٣)

تقولون على أخي ما لا يفعله، هذا علم الغيب ولا يعلمه إلّا الله، قال: فلمّا سمع القوم كلام جعفر جعل بعضهم ينظر إلى بعض، فقال لهم: احملوا هذا المال إليّ، قالوا: إنّا قوم مستأجرون، وكلاء لأرباب المال، ولا نسلّم المال إلّا بالعلامات الّتي كنّا نعرفها من سيّدنا الحسن بن عليّ (عليهما السلام)، فإن كنت الإمام فبرهن لنا وإلّا رددناها إلى أصحابها، يرون فيها رأيهم.
قال: فدخل جعفر على الخليفة- وكان بسرّمن رأى- فاستعدى عليهم، فلمّا احضروا، قال الخليفة: احملوا هذا المال إلى جعفر، قالوا: أصلح الله أمير المؤمنين، إنّا قوم مستأجرون، وكلاء لأرباب هذه الأموال، وهي وداعة لجماعة، وأمرونا بأن لا نسلّمها إلّا بعلامة ودلالة، وقد جرت بهذه العادة مع أبي محمّد الحسن بن عليّ (عليهما السلام)، فقال الخليفة: فما كانت العلامة الّتي كانت مع أبي محمّد؟ قال القوم: كان يصف لنا الدنانير، وأصحابها، والأموال، وكم هي، فإذا فعل ذلك سلّمناها إليه، وقد وفدنا إليه مرارا فكانت هذه علامتنا معه ودلالتنا، وقد مات، فإن يكن هذا الرجل صاحب هذا الأمر فليقم لنا ما كان يقيمه لنا أخوه، وإلّا رددناها إلى أصحابها، فقال جعفر: يا أمير المؤمنين! إنّ هؤلاء قوم كذّابون، يكذبون على أخي، وهذا علم الغيب، فقال الخليفة: القوم رسل، وما على الرسول إلّا البلاغ المبين، قال: فبهت جعفر ولم يرد جوابا، فقال القوم: يتطوّل أمير المؤمنين بإخراج أمره إلى من يبدرقنا حتّى نخرج من هذه البلدة، قال: فأمر لهم بنقيب فأخرجهم منها، فلمّا أن خرجوا من البلد خرج إليهم غلام أحسن الناس وجها، كأنّه خادم، فنادى يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان أجيبوا مولاكم،

(٤٥٣)

قال: فقالوا: أنت مولانا؟ قال: معاذ الله: أنا عبد مولاكم فسيروا إليه، قالوا: فسرنا [إليه] معه حتّى دخلنا دار مولانا الحسن بن علي (عليهما السلام)، فإذا ولده القائم سيّدنا (عليه السلام) قاعد على سرير كأنّه فلقة قمر، عليه ثياب خضر، فسلّمنا عليه، فردّ علينا السلام، ثمّ قال: جملة المال كذا وكذا دينارا، حمل فلان كذا، [وحمل] فلان كذا، ولم يزل يصف حتّى وصف الجميع، ثمّ وصف ثيابنا ورحالنا، وما كان معنا من الدوابّ، فخررنا سجّدا للّه (عزّ وجلّ) شكرا لما عرّفنا، وقبّلنا الأرض بين يديه، وسألناه عمّا أردنا فأجاب، فحملنا إليه الأموال، وأمرنا القائم (عليه السلام) أن لا نحمل إلى سرّ من رأى بعدها شيئا من المال، فإنّه ينصب لنا ببغداد رجلا يحمل إليه الأموال، ويخرج من عنده التوقيعات، قالوا: فانصرفنا من عنده ودفع إلى أبي العبّاس محمّد بن جعفر القمّي الحميري شيئا من الحنوط والكفن، فقال له: أعظم الله أجرك في نفسك، قال: فما بلغ أبو العبّاس عقبة همدان حتّى توفّي رحمه الله.
وكان بعد ذلك نحمل الأموال إلى بغداد، إلى النوّاب المنصوبين بها، ويخرج من عندهم التوقيعات.
833-(588)- غيبة الشيخ: وحدّث عن رشيق صاحب المادراي،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(588) غيبة الشيخ: ص 248- 250 ح 218 في فصل ولادة صاحب الزمان (عليه السلام)؛ الخرائج: ج 1 ص 460 ب 13 ح 5؛ ينابيع المودّة: ص 458 ب 81(في خوارق المهديّ وكراماته الّتي ظهرت للناس) نحوه؛ فرج المهموم: ص 248؛ تبصرة الوليّ: ص 56- 58 ح 25؛ البحار: ج 52 ص 51- 52 ب 18 ملحق ح 36؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 683 684 ب 33 ح 92.
قوله: «اكبسوا الدار» أي ادخلوها بالاقتحام وبغير إذن وفجأة، وقوله: «نفي من جدّي» أي منفيّ من جدّه، يريد به العبّاس بن عبد المطّلب، أي لست من بني العبّاس لو لم أضرب أعناقكم إن بلغني عنكم هذا الخبر، وفي البحار: «انا لغيّ من جدّي» أي لزنية منفيّ عن جدّي، والرشيق مولى المعتضد؛ فراجع الكامل: ج 7 ص 365.
ثمّ اعلم أنّ من مخاريق بعض العامّة وافتراءاتهم نسبتهم إلى الشيعة اعتقاد أنّ القائم (عليه السلام) غاب في السرداب، وأنّه بعد غيبته باق فيه، ولم يخرج منه إلى الآن، ولم يره أحد، وأنّه يخرج منه والشيعة ينتظرون خروجه منه، حتّى قال ابن حجر في الصواعق: «ولقد أحسن القائل: ما آن للسرداب أن يلد الّذي... الخ».
أقول: قال الله تعالى: (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ الله وأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ) أيها العلماء، أيّها القرّاء، يا أهل الإنصاف، هذه كتب علماء الإماميّة من عصر الغيبة، بل قبلها إلى زماننا بين أظهركم وأيديكم، فانظروا فيها حتّى تقفوا على شدّة التعصّب والعناد، وانظروا فيها حتّى تعرفوا قيمة هذه الافتراءات، وانظروا فيها حتّى تعلموا أنّه ليس لهذا البهتان أثر في كتاب واحد من أصاغر علماء الشيعة فضلا عن أكابرهم وأعيانهم؛ كالكليني، والصدوق، والنعماني، والمفيد، والشيخ، والسيّدين المرتضى والرضي، والعلامة، وغيرهم، انظروا فيها حتّى تقفوا على ما هو السبب الوحيد لافتراق كلمة هذه الامّة، والمانع الفذّ من تقريبهم وتوحيد كلمتهم، ولعمر الحقّ إنّ لمثل هذا البهتان تقشعرّ الجلود، وتندهش العقول، رجال يعدّون أنفسهم من العلماء ومن أهل التثبّت والتحقيق ومن المسلمين ثمّ يأتون بأكذوبة وبهتان على طائفة عظيمة من المسلمين، فيهم في كلّ عصر وجيل ألوف من العلماء، والحكماء، والادباء، والشعراء، والمتكلّمين، وأهل التصنيف والتأليف، وأكابر كلّ فنّ من فنون العلم، ويكتبونها في كتبهم الّتي يقرأها المسلمون وأهل العلم والاطلاع جيلا بعد جيل، فيعرفون منها ميزان علمهم، ومبلغ همهم، نعوذ بالله ممّا تزلّ به الأقلام والألباب.
نعم لو جعلنا كتب الإماميّة- قديما وحديثا- تجاه نظرنا لوجدناها مشحونة بروايات وأحاديث وحكايات كلّها يكذّب هذه المخاريق والمجعولات، وقد ذكرنا طائفة كثيرة من هذه الروايات في هذا الكتاب، قال المحدّث النوري- رحمه الله- في طي كلماته في «كشف الأستار»: «نحن كلّما راجعنا، وتفحّصنا، لم نجد لما ذكروه أثرا، بل ليس فيها ذكر للسرداب أصلا سوى قضيّة المعتضد الّتي نقلها نور الدين عبد الرحمن الجامي في «شواهد النبوة»، وهي موجودة في كتبهم بأسانيدهم، ولكنّهم ساقوا المتن هكذا عن رشيق صاحب المادراي(ثمّ ذكر ما نقلناه في المتن عن غيبة الشيخ عن رشيق، وقال:) وليس فيه ذكر للسرداب أصلا، إلّا أنّ القطب الراوندي ذكر في الخرائج هذا الخبر، ثمّ قال في موضع آخر على ما نقله عنه بعض أصحابنا،(وإن لم نجده أيضا فيما عندي من نسخه): «ثمّ بعثوا عسكرا أكثر، فلمّا دخلوا الدار سمعوا من السرداب قراءة القرآن، فاجتمعوا على بابه وحفظوه حتّى لا يصعد ولا يخرج وأميرهم قائم حتّى يصل العسكر كلّهم، فخرج من السكّة الّتي على باب السرداب ومرّ عليهم، فلمّا غاب قال الأمير: انزلوا عليه، فقالوا: أ ليس هو قد مرّ عليك؟
فقال: ما رأيت، قال: ولم تركتموه؟ قالوا: إنّا حسبنا أنّك تراه» والظاهر أنّ هذا الخبر هو الوجه في تسمية السرداب بسرداب الغيبة في لسان بعض العلماء في خصوص كتب المزار» انتهى ما في «كشف الأستار»، وليس فيما نقل عن الخرائج(وإن لم أجده أيضا في النسخة الموجودة منه عندي) دلالة أو إشارة إلى ما نسب إلى الشيعة، بل دليل على فساد هذه النسبة، لتضمّنه خروجه من السرداب.
هذا مع أنّ هذه القصّة إنّما وقعت بعد وقوع الغيبة بسنوات، فإنّ غيبته (عليه السلام) وقعت في سنة(260 ه)، والمعتضد ملك الخلافة في رجب سنة(279 ه)، وإن شئت مزيد توضيح لذلك فعليك بكتاب «كشف الأستار» فإنّه قد أدّى حقّ المقام؛ وأمّا ما يشاهد من السنّة الجارية بين الشيعة، وهي زيارة مولانا المهدي (عليه السلام) في هذا الموضع الشريف فليس لاعتقاد أنّه غاب في السرداب ويجب أن ينتظر خروجه منه، بل لأنّ الموضع المعروف بالسرداب وحرم العسكريّين (عليهما السلام) محلّ دورهم وبيوتهم الشريفة التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، ومحلّ ولادة القائم (عليه السلام)، ومحلّ بروز بعض معجزاته وخوارق عاداته، وليس لها خصوصيّة إلّا ما ذكر، ولكن هذه الخصوصيّة تدعو شيعته ومحبيه إلى زيارته فيها، والاشتغال فيها بتلاوة القرآن والدعاء لفرجه، وتعجيل ظهوره، والصلوات عليه وعلى أبيه وجدّه وامّه (عليهم السلام)، وللشيعة في غير هذا الموضع مقامات اخرى يزورونه (عليه السلام) فيها، لما ثبت عندهم من مقامه (عليه السلام) فيها في وقت من الأوقات.

(٤٥٥)

قال: بعث إلينا المعتضد ونحن ثلاثة نفر، فأمرنا أن يركب كلّ واحد منّا

(٤٥٦)

فرسا ونجنب آخر ونخرج مخفّين، لا يكون معنا قليل ولا كثير إلّا على السرج مصلّى، وقال [لنا]: الحقوا بسامرة، ووصف لنا محلّة ودارا، وقال: إذا أتيتموها تجدون على الباب خادما أسود، فاكبسوا الدار ومن رأيتم فيها فأتوني برأسه، فوافينا سامرة فوجدنا الأمر كما وصفه، وفي الدهليز خادم أسود وفي يده تكّة ينسجها، فسألناه عن الدار ومن فيها،

(٤٥٧)

فقال: صاحبها، فو الله ما التفت إلينا، وقلّ اكتراثه بنا، فكبسنا الدار كما أمرنا فوجدنا دارا سريّة، ومقابل الدار ستر ما نظرت قط إلى أنبل منه، كأنّ الأيدي رفعت عنه في ذلك الوقت، ولم يكن في الدار أحد، فرفعنا الستر فإذا بيت كبير كأنّ بحرا فيه ماء، وفي أقصى البيت حصير قد علمنا أنّه على الماء، وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلّي، فلم يلتفت إلينا ولا إلى شيء من أسبابنا، فسبق أحمد بن عبد الله ليتخطّى البيت فغرق في الماء، وما زال يضطرب حتّى مددت يدي إليه فخلّصته وأخرجته وغشي عليه وبقي ساعة، وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك الفعل فناله مثل ذلك، وبقيت مبهوتا فقلت لصاحب البيت: المعذرة إلى الله وإليك، فو الله ما علمت كيف الخبر ولا إلى من أجيء وأنا تائب إلى الله، فما التفت إلى شيء ممّا قلنا، وما انفتل عمّا كان فيه، فهالنا ذلك وانصرفنا عنه، وقد كان المعتضد ينتظرنا وقد تقدّم إلى الحجّاب إذا وافيناه أن ندخل عليه في أيّ وقت كان، فوافيناه في بعض الليل فادخلنا عليه، فسألنا عن الخبر فحكينا له ما رأينا، فقال: ويحكم، لقيكم أحد قبلي وجرى منكم إلى أحد سبب أو قول؟ قلنا: لا، فقال: أنا نفي من جدّي، وحلف بأشدّ أيمان له إنّه رجل إن بلغه هذا الخبر ليضربنّ أعناقنا، فما جسرنا أن نحدّث به إلّا بعد موته.
834-(589)- الكافي: علي بن محمّد، عن محمّد بن علي بن إبراهيم، عن أبي عبد الله بن صالح انّه رآه عند الحجر الأسود والناس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(589) الكافي: ج 1 ص 331 كتاب الحجّة ب في تسمية من رآه (عليه السلام) ح 7؛ الإرشاد: ب ذكر من رأى الإمام (عليه السلام) ص 377؛ ينابيع المودّة: ص 463؛ تبصرة الوليّ: ص 61 ح 27 عن محمّد بن يعقوب بسنده عن أبي عبد الله بن صالح؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 450.

(٤٥٨)

يتجاذبون عليه وهو يقول: ما بهذا امروا.
835-(590)- غيبة الشيخ: وأخبرنا جماعة عن التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي، عن علي بن الحسين، عن رجل- ذكر أنه من أهل قزوين لم يذكر اسمه- عن حبيب بن محمد بن يونس بن شاذان الصنعاني، قال: دخلت الى علي بن ابراهيم بن مهزيار الأهوازي، فسألته عن آل أبي محمّد (عليه السلام)، فقال: يا أخي! لقد سألت عن أمر عظيم، حججت عشرين حجّة، كلا أطلب به عيان الإمام فلم أجد الى ذلك سبيلا، فبينا أنا ليلة نائم في مرقدي إذ رأيت قائلا يقول: يا علي بن ابراهيم! قد أذن الله لي في الحجّ، فلم أعقل ليلتي حتى أصبحت، فأنا مفكّر في أمري أرقب الموسم ليلي ونهاري، فلمّا كان وقت الموسم أصلحت أمري، وخرجت متوجها نحو المدينة، فما زلت كذلك حتى دخلت يثرب، فسألت عن آل أبي محمد (عليه السلام) فلم أجد له أثرا ولا سمعت له خبرا، فأقمت متفكّرا في أمري حتى خرجت من المدينة اريد مكة، فدخلت الجحفة وأقمت بها يوما، وخرجت منها متوجها نحو الغدير وهو على أربعة أميال من الجحفة، فلمّا أن دخلت المسجد صلّيت وعفّرت واجتهدت في الدعاء وابتهلت الى الله لهم، وخرجت أريد عسفان، فما زلت كذلك حتى دخلت مكّة فأقمت بها أيّاما أطوف البيت واعتكفت، فبينا أنا ليلة في الطواف إذا أنا بفتى حسن الوجه، طيّب الرائحة، يتبختر في مشيته، طائف حول البيت، فحسّ قلبي به فقمت نحوه فحككته، فقال لي: من أين الرجل؟ فقلت: من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(590) غيبة الشيخ: ص 263- 267 ح 228 باب من رآه (عليه السلام)؛ دلائل الامامة: ص 269 و297 باب معرفة من شاهد صاحب الزمان (عليه السلام) في حال الغيبة وعرفه من أصحابنا ح 2 نحوه؛ البحار: ج 52، 9- 12 ب 18 ح 6؛ تبصرة الوليّ: ص 143- 147 ح 60 وص 156- 161 ح 65.

(٤٥٩)

أهل العراق؟ [فقال لي: من أي العراق؟] قلت: من الأهواز، فقال لي: تعرف بها الخصيب؟ فقلت: رحمه الله، دعي فأجاب، فقال: رحمه الله، فما كان أطول ليلته وأكثر تبتّله وأغزر دمعته! أ فتعرف علي بن مهزيار؟ فقلت: أنا علي بن إبراهيم، فقال: حيّاك الله أبا الحسن! ما فعلت بالعلامة التي بينك وبين أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام)؟
فقلت: معي، قال: أخرجها، فأدخلت يدي في جيبي فاستخرجتها، فلما أن رآها لم يتمالك أن تغرغرت عيناه بالدموع، وبكى منتحبا حتى بلّ أطماره، ثم قال: اذن لك الآن يا ابن مهزيار! صر الى رحلك، وكن على أهبة(591) من أمرك، حتى إذا لبس الليل جلبابه، وغمر الناس ظلامه، سر الى شعب بني عامر فإنّك ستلقاني هناك، فسرت الى منزلي، فلما أن أحسست بالوقت أصلحت رحلي وقدمت راحلتي وعكمته شديدا، وحملت وصرت في متنه وأقبلت مجدّا في السير، حتى وردت الشعب فإذا أنا بالفتى قائم ينادي: يا أبا الحسن! إليّ، فما زلت نحوه، فلما قربت بدأني بالسلام وقال لي: سر بنا يا أخ! فما زال يحدّثني واحدّثه حتى تخرقنا(592) جبال عرفات، وسرنا الى جبال منى، وانفجر الفجر الأول ونحن قد توسطنا جبال الطائف، فلمّا أن كان هناك أمرني بالنزول، وقال لي: انزل فصلّ صلاة الليل فصلّيت، وأمرني بالوتر فأوترت، وكانت فائدة منه، ثم أمرني بالسجود والتعقيب، ثم فرغ من صلاته وركب، وأمرني بالركوب، وسار وسرت معه حتّى علا ذروة الطائف، فقال: هل ترى شيئا؟ قلت: نعم، أرى كثيب رمل عليه بيت شعر، يتوقّد البيت نورا، فلمّا أن رأيته طابت نفسي فقال لي: هناك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(591) الأهبة- بضم الهمزة وبسكون الهاء-: العدّة.
(592) أي قطعناها ومررنا فيها عرضا على غير طريق.

(٤٦٠)

الأمل والرجاء، ثم قال: سر بنا يا أخ! فسار وسرت بمسيره الى أن انحدر من الذروة وسار في أسفله، فقال: انزل، فهاهنا يذلّ كل صعب، ويخضع كل جبّار، ثم قال: خلّ عن زمام الناقة، قلت: فعلى من أخلفها؟ فقال: حرم القائم (عليه السلام) لا يدخله إلّا مؤمن ولا يخرج منه إلّا مؤمن، فخلّيت من زمام راحلتي، وسار وسرت معه الى أن دنا من باب الخباء فسبقني بالدخول، وأمرني أن أقف حتى يخرج إليّ، ثم قال لي: ادخل هناك السلامة، فدخلت فإذا أنا به جالس قد اتّشح ببردة واتّزر باخرى، وقد كسر بردته على عاتقه، وهو كاقحوانة(593) ارجوان قد تكاثف عليها الندى، وأصابها ألم الهوى، وإذا هو كغصن بان أو قضيب ريحان، سمح سخيّ، تقيّ نقيّ، ليس بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللازق، بل مربوع القامة، مدوّر الهامة، صلت الجبين، أزجّ الحاجبين، أقنى الأنف، سهل الخدّين، على خدّه الأيمن خال كأنّه فتات مسك على رضراضة عنبر، فلمّا أن رأيته بدرته بالسلام، فردّ عليّ أحسن ما سلّمت عليه، وشافهني وسألني عن أهل العراق، فقلت: سيدي قد ألبسوا جلباب الذلة، وهم بين القوم أذلّاء، فقال لي: يا ابن المازيار لتملكونهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(593) قال في البحار: «بيان: قال الفيروزآبادي: الاقحوان- بالضم- البابونج، والأرجوان- بالضمّ- الأحمر، ولعلّ المعنى: أنّ في اللطافة كان مثل الأقحوان، وفي اللون كالارجوان، فإن الاقحوان أبيض، ولا يبعد أن يكون في الأصل «كاقحوانة وارجوان» و«عليهما» و«أصابهما»، أو يكون «الارجوان» بدل «الاقحوان» فجمعهما النساخ، واصابة الندى تشبيه لما أصابه (عليه السلام) من العرق، وإصابة ألم الهواء لانكسار لون الحمرة وعدم اشتدادها، أو لبيان كون البياض أو الحمرة مخلوطة بالسمرة، فراعى في بيان سمرته (عليه السلام) غاية الأدب، وقال الجزري: في صفة النبي (صلّى الله عليه وآله) كان صلت الجبين، أي واسعه، وقيل: الصلت: الأملس، وقيل: البارز. وقال: في صفته (صلّى الله عليه وآله) أزج الحواجب، الزجج: تقويس في الحاجب مع طول في طرفه وامتداده. وقال الفيروزآبادي: رجل سهل الوجه، قليل لحمه».

(٤٦١)

كما ملكوكم وهم يومئذ أذلاء، فقلت: سيدي لقد بعد الوطن وطال المطلب، فقال: يا ابن المازيار أبي أبو محمد عهد إليّ أن لا اجاور قوما غضب الله عليهم ولعنهم ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم عذاب أليم، وأمرني أن لا أسكن من الجبال إلّا وعرها، ومن البلاد إلّا عفرها، والله مولاكم أظهر التقية فوكّلها بي، فأنا في التقية الى يوم يؤذن لي فأخرج، فقلت: يا سيدي متى يكون هذا الأمر؟ فقال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة، واجتمع الشمس والقمر، واستدار بهما الكواكب والنجوم، فقلت: متى يا ابن رسول الله؟ فقال لي: في سنة كذا وكذا تخرج دابة الأرض من بين الصفا والمروة، ومعه عصا موسى وخاتم سليمان، يسوق الناس الى المحشر.
قال: فأقمت عنده أيّاما، وأذن لي بالخروج بعد أن استقصيت لنفسي وخرجت نحو منزلي، والله لقد سرت من مكّة الى الكوفة ومعي غلام يخدمني، فلم أر إلّا خيرا، وصلى الله على محمد وآله وسلّم تسليما.
836-(594)- كمال الدين: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكل- رضي الله عنه- قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، قال: قدمت مدينة الرسول (صلّى الله عليه وآله)، فبحثت عن أخبار آل أبي محمّد الحسن بن علي الأخير (عليهما السلام) فلم أقع على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(594) كمال الدين: ج 2 ص 445- 452 ب 43 ح 19.
أقول: الظاهر أنّ ما أخرجه في ينابيع المودة ص 466 ب 83، عن كتاب الغيبة عن إبراهيم بن مهزيار هو مختصر هذا الحديث.
البحار: ج 52 ص 32- 37 ب 18 ح 28؛ تبصرة الوليّ: ص 80- 90 ح 46؛ الخرائج: ب العلامات الدالة على صاحب الزمان (عليه السلام) ج 3 ص 1099- 1101.

(٤٦٢)

شيء منها، فرحلت منها الى مكة مستبحثا عن ذلك، فبينما أنا في الطواف إذا تراءى لي فتى أسمر اللون، رائع الحسن، جميل المخيلة، يطيل التوسم فيّ، فعدت إليه مؤمّلا منه عرفان ما قصدت له، فلمّا قربت منه سلّمت، فأحسن الإجابة، ثم قال: من أيّ البلاد أنت؟ قلت: رجل من أهل العراق، قال: من أيّ العراق؟ قلت: من الأهواز، فقال: مرحبا بلقائك، هل تعرف بها جعفر بن حمدان الحصيني، قلت: دعي فأجاب، قال: رحمة الله عليه ما كان أطول ليله وأجزل نيله! فهل تعرف إبراهيم بن مهزيار، قلت: أنا إبراهيم بن مهزيار، فعانقني مليّا ثم قال: مرحبا بك يا أبا إسحاق، ما فعلت بالعلامة التي وشّجت بينك وبين أبي محمد (عليه السلام)؟ فقلت: لعلك تريد الخاتم الذي آثرني الله به من الطيّب أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام)؟ فقال: ما أردت سواه، فأخرجته إليه، فلمّا نظر إليه استعبر وقبّله، ثم قرأ كتابته فكانت «يا الله يا محمد يا علي»، ثم قال: بأبي يدا [كذا] طالما جلت فيها، وتراخى بنا فنون الأحاديث... الى أن قال لي: يا أبا اسحاق! أخبرني عن عظيم ما توخّيت بعد الحجّ؟ قلت: وأبيك ما توخّيت إلّا ما سأستعلمك مكنونه، قال: سل عمّا شئت فإني شارح لك إن شاء الله؟ قلت: هل تعرف من أخبار آل أبي محمد الحسن (عليهما السلام) شيئا؟ قال لي: وايم الله إنّي لأعرف الضوء بجبين محمد وموسى ابني الحسن بن علي (عليهم السلام)، ثم إنّي لرسولهما إليك قاصدا لإنبائك أمرهما، فإن أحببت لقاءهما والاكتحال بالتبرّك بهما فارتحل معي الى الطائف وليكن ذلك في خفية من رجالك واكتتام.
قال إبراهيم: فشخصت معه إلى الطائف أتخلّل رملة فرملة حتى

(٤٦٣)

أخذ في بعض مخارج الفلاة، فبدت لنا خيمة شعر قد أشرفت على أكمة رمل، تتلألأ تلك البقاع منها تلألؤا، فبدرني إلى الإذن، ودخل مسلّما عليهما وأعلمهما بمكاني، فخرج علي أحدهما وهو الأكبر سنّا «م ح م د» بن الحسن (عليهما السلام)، وهو غلام أمرد ناصع اللون، واضح الجبين، أبلج الحاجب، مسنون الخدّين، أقنى الأنف، أشمّ، أروع كأنّه غصن بان، وكأنّ صفحة غرّته كوكب درّيّ، بخدّه الأيمن خال كأنه فتات مسك على بياض الفضّة، وإذا برأسه وفرة سحماء سبطة تطالع شحمة اذنه، له سمت ما رأت العيون أقصد منه ولا أعرف حسنا وسكينة وحياء، فلمّا مثل لي أسرعت الى تلقّيه، فأكببت عليه ألثم كلّ جارحة منه، فقال لي: مرحبا بك يا أبا إسحاق! لقد كانت الأيام تعدني وشك لقائك، والمعاتب بيني وبينك على تشاحط الدار وتراخي المزار، تتخيّل لي صورتك حتى كأنّا لم نخل طرفة عين من طيب المحادثة، وخيال المشاهدة، وأنا أحمد الله ربّي ولي الحمد على ما قيّض من التلاقي ورفّه من كربة التنازع، والاستشراف عن أحوالها متقدّمها ومتأخّرها، فقلت: بأبي أنت وامّي، ما زلت أفحص عن أمرك بلدا فبلدا منذ استأثر الله بسيدي أبي محمد (عليه السلام)، فاستغلق عليّ ذلك حتى منّ الله عليّ بمن أرشدني إليك ودلّني عليك، والشكر للّه على ما أوزعني فيك من كريم اليد والطول؛ ثم نسب نفسه وأخاه موسى واعتزل بي ناحية، ثم قال: إن أبي (عليه السلام) عهد إلي أن لا أوطن من الأرض إلّا أخفاها وأقصاها إسرارا لأمري، وتحصينا لمحلّي لمكايد أهل الضلال، والمردة من أحداث الامم الضوالّ، فنبذني الى عالية الرمال، وجبت صرائم الأرض، ينظرني الغاية التي عندها يحلّ الأمر، وينجلي الهلع، وكان (عليه السلام)

(٤٦٤)

أنبط لي من خزائن الحكم، وكوامن العلوم ما إن أشعت إليك منه جزءا أغناك عن الجملة.
[واعلم] يا أبا إسحاق أنّه قال (عليه السلام): يا بنيّ! إنّ الله جلّ ثناؤه لم يكن ليخلي أطباق أرضه وأهل الجدّ في طاعته وعبادته بلا حجّة يستعلي بها، وإمام يؤتمّ به، ويقتدى بسبيل سنّته ومنهاج قصده، وأرجو يا بنيّ أن تكون أحد من أعدّه الله لنشر الحقّ، ووطء الباطل، وإعلاء الدين، وإطفاء الضلال، فعليك يا بنيّ بلزوم خوافي الأرض، وتتبّع أقاصيها، فإنّ لكل وليّ لأولياء الله (عزّ وجلّ) عدوّا مقارعا، وضدّا منازعا، افتراضا لمجاهدة أهل النفاق، وخلاعة اولي الالحاد والعناد، فلا يوحشنّك ذلك.
واعلم أنّ قلوب أهل الطاعة والإخلاص نزّع إليك مثل الطير إلى أو كارها، وهم معشر يطلعون بمخائل الذلة والاستكانة، وهم عند الله بررة أعزاء، يبرزون بأنفس مختلّة محتاجة، وهم أهل القناعة والاعتصام، استنبطوا الدين فوازروه على مجاهدة الاضداد، خصّهم الله باحتمال الضيم في الدنيا ليشملهم باتساع العزّ في دار القرار، وجبلهم على خلائق الصبر لتكون لهم العاقبة الحسنى، وكرامة حسن العقبى، فاقتبس يا بنيّ نور الصبر على موارد امورك تفز بدرك الصنع في مصادرها، واستشعر العزّ فيما ينوبك تحظ بما تحمد غبّه إن شاء الله، وكأنك يا بنيّ بتأييد نصر الله [و] قد آن، وتيسير الفلج وعلوّ الكعب [و] قد حان، وكأنّك بالرايات الصفر والأعلام البيض تخفق على أثناء أعطافك ما بين الحطيم وزمزم، وكأنك بترادف البيعة وتصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدرّ في مثاني العقود، وتصافق الأكفّ على جنبات

(٤٦٥)

الحجر الأسود، تلوذ بفنائك من ملأ براهم الله من طهارة الولادة ونفاسة التربة، مقدّسة قلوبهم من دنس النفاق، مهذّبة أفئدتهم من رجس الشقاق، لينة عرائكهم للدين، خشنة ضرائبهم عن العدوان، واضحة بالقبول أوجههم، نضرة بالفضل عيدانهم، يدينون بدين الحقّ وأهله، فإذا اشتدّت اركانهم، وتقوّمت أعمادهم فدّت بمكانفتهم طبقات الامم الى إمام، إذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة تشعّبت أفنان غصونها على حافّات بحيرة الطبريّة، فعندها يتلألأ صبح الحقّ، وينجلي ظلام الباطل، ويقصم الله بك الطغيان، ويعيد معالم الإيمان، يظهر بك استقامة الآفاق، وسلام الرفاق، يودّ الطفل في المهد لو استطاع إليك نهوضا ونواشط الوحش لو تجد نحوك مجازا، تهتزّ بك أطراف الدنيا بهجة، وتنشر عليك أغصان العزّ نضرة، وتستقرّ بواني الحقّ في قرارها، وتؤوب شوارد الدين إلى أوكارها، تتهاطل عليك سحائب الظفر، فتخنق كلّ عدوّ وتنصر كلّ وليّ، فلا يبقى على وجه الأرض جبّار قاسط، ولا جاحد غامط، ولا شانئ مبغض، ولا معاند كاشح، ومن يتوكّل على الله فهو حسبه، إنّ الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا.
ثم قال: يا أبا اسحاق! ليكن مجلسي هذا عندك مكتوما إلّا عن أهل التصديق، والاخوّة الصادقة في الدين، إذا بدت لك أمارات الظهور والتمكن فلا تبطئ بإخوانك عنّا، وباهر [بأهل] المسارعة الى منار اليقين وضياء مصابيح الدين تلق رشدا إن شاء الله.
قال إبراهيم بن مهزيار: فمكثت عنده حينا أقتبس ما أؤدّي إليهم من موضحات الأعلام، ونيّرات الأحكام، واروّي نبات الصدور من نضارة ما ادّخره الله في طبائعه من لطائف الحكم، وطرائف فواضل

(٤٦٦)

القسم، حتى خفت إضاعة مخلّفي بالأهواز لتراخي اللقاء عنهم فاستأذنته بالقفول، وأعلمته عظيم ما أصدر به عنه من التوحّش لفرقته، والتجرع للظعن عن محالّه، فأذن وأردفني من صالح دعائه ما يكون ذخرا عند الله ولعقبي وقرابتي إن شاء الله، فلمّا أزف ارتحالي، وتهيأ اعتزام نفسي، غدوت عليه مودّعا ومجدّدا للعهد، وعرضت عليه مالا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم، وسألته أن يتفضل بالأمر بقبوله منّي، فابتسم وقال: يا أبا اسحاق! استعن به على منصرفك، فإنّ الشقّة قذفة، وفلوات الأرض أمامك جمّة، ولا تحزن لأعراضنا عنه، فإنّا قد أحدثنا لك شكره ونشره، وربضناه عندنا بالتذكرة وقبول المنّة، فبارك الله فيما خوّلك، وأدام لك ما نوّلك وكتب لك أحسن ثواب المحسنين، وأكرم آثار الطائعين، فإنّ الفضل له ومنه، وأسأل الله أن يردّك إلى أصحابك بأوفر الحظّ من سلامة الأوبة وأكناف الغبطة بلين المنصرف، ولا أوعث الله لك سبيلا، ولا حيّر لك دليلا، وأستودعه نفسك وديعة لا تضيع ولا تزول بمنّه ولطفه إن شاء الله.
يا أبا اسحاق! قنعنا بعوائد احسانه وفوائد امتنانه، وصان أنفسنا عن معاونة الأولياء لنا عن الاخلاص في النية، وإمحاض النصيحة، والمحافظة على ما هو أنقى وأتقى وأرفع ذكرا.
قال: فاقفلت عنه حامدا للّه (عزّ وجلّ) على ما هداني وأرشدني، عالما بأنّ الله لم يكن ليعطّل أرضه، ولا يخلّيها من حجّة واضحة، وإمام قائم، وألقيت هذا الخبر المأثور والنسب المشهور توخّيا للزيادة في بصائر أهل اليقين، وتعريفا لهم ما منّ الله (عزّ وجلّ) به من إنشاء الذريّة الطيبة والتربة الزكية، وقصدت أداء الأمانة والتسليم لما استبان، ليضاعف الله

(٤٦٧)

عزّ وجلّ الملة الهادية، والطريقة المستقيمة المرضية قوة عزم، وتأييد نيّة، وشدّة أزر، واعتقاد عصمة والله يهدي من يشاء.
837-(595)- كمال الدين: حدثنا أبو الحسن علي بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: وجدت في كتاب أبي- رضي الله عنه- قال: حدثنا محمّد بن أحمد الطوال، عن أبيه، عن الحسن بن علي الطبري، عن أبى جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن إبراهيم بن مهزيار، قال: سمعت أبي يقول: سمعت جدّي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(595) كمال الدين: ج 2 ص 465- 470 ب 43 ح 23.
أقول: لا يخفى عليك أنّ احتمال اتحاد هذه الأحاديث الثلاثة الأخيرة وحديث دلائل الإمامة الذي أشرنا إليه قويّ جدا، واختلاف ألفاظها واشتمال بعضها على ما ليس في البعض الآخر وعلى ما ليس معروفا بين الشيعة، وكون الراوي في الحديث(15) الذي أخرجناه عن الغيبة وفي هذا الحديث(17) علي بن إبراهيم بن مهزيار، وفي الحديث(16) الذي أخرجناه عن كمال الدين بسنده الصحيح عن إبراهيم بن مهزيار، لا يوجب ضعف أصل الحديث ودلالته على تشرّف ابراهيم بن مهزيار، أو علي بن ابراهيم بن مهزيار وإن لم يكن مذكورا في كتب الرجال، فإن مثل هذا يقع عند نقل الأحاديث بالمضمون ووقوع الاشتباه في نقل الأعلام والأسماء، لانس الذهن ببعض الأسماء، ولغير ذلك، وقد أشبعنا الكلام في ذلك في رسالة مفردة أسميناها بالنقود اللطيفة وستأتي في المجلّد الثالث إن شاء الله تعالى.
هذا مضافا إلى أنّ وجود بعض العلل إنّما يضرّ بالاعتماد على الحديث إذا كان الاعتماد عليه بالخصوص واحتجاجا بأخبار الآحاد، وأمّا إذا كان اخراجه لاثبات التواتر المعنوي بل والإجمالي فلا يضرّ وجود بعض العلل التي تسقط الحديث عن الاعتماد عليه بالخصوص فيه، سيّما إذا كان من قبيل غرابة بعض المضامين والتفرّد، والإنصاف أن دعوى حصول الاطمئنان بصحة مضمون الأحاديث المذكورة بالإجمال مقبولة جدا، خصوصا مع اعتماد مثل الصدوق والشيخ- رضوان الله تعالى عليهما- عليها، واحتجاجها بها.
البحار: ج 52 ص 42- 46 ب 18 ح 32؛ تبصرة الوليّ: ص 109- 115 ح 49.

(٤٦٨)

علي بن ابراهيم بن مهزيار يقول: كنت نائما في مرقدي إذ رأيت في ما يرى النائم قائلا يقول لي: حجّ فإنّك تلقى صاحب زمانك، قال علي بن ابراهيم: فانتبهت وأنا فرح مسرور، فما زلت في الصلاة حتى انفجر عمود الصبح، وفرغت من صلاتي وخرجت أسأل عن الحاجّ، فوجدت فرقة تريد الخروج، فبادرت مع أول من خرج، فما زلت كذلك حتى خرجوا وخرجت بخروجهم اريد الكوفة، فلمّا وافيتها نزلت عن راحلتي وسلّمت متاعي الى ثقات إخواني، وخرجت أسأل عن آل أبي محمد (عليه السلام)، فما زلت كذلك فلم أجد أثرا، ولا سمعت خبرا، وخرجت في أول من خرج اريد المدينة، فلمّا دخلتها لم أتمالك أن نزلت عن راحلتي وسلّمت رحلي الى ثقات إخواني، وخرجت أسأل عن الخبر وأقفو الأثر، فلا خبرا سمعت، ولا أثرا وجدت، فلم أزل كذلك الى أن نفر الناس الى مكّة، وخرجت مع من خرج، حتى وافيت مكّة، ونزلت فاستوثقت من رحلي وخرجت أسأل عن آل أبي محمد (عليه السلام)، فلم أسمع خبرا، ولا وجدت أثرا، فما زلت بين الإياس والرجاء متفكرا في أمري وعائبا على نفسي وقد جنّ الليل، فقلت: أرقب إلى أن يخلو لي وجه الكعبة لأطوف بها وأسأل الله (عزّ وجلّ) أن يعرفني أملي فيها، فبينما أنا كذلك وقد خلا لي وجه الكعبة إذ قمت الى الطواف، فإذا أنا بفتى مليح الوجه، طيّب الرائحة، متّزر ببردة، متّشح باخرى، وقد عطف بردائه على عاتقه، فرعته، فالتفت إليّ فقال: ممن الرجل؟ فقلت: من الأهواز، فقال: أ تعرف بها ابن الخصيب؟ فقلت: رحمه الله، دعي فأجاب، فقال: رحمه الله، لقد كان بالنهار صائما، وبالليل قائما، وللقرآن تاليا، ولنا مواليا، فقال: أ تعرف بها علي بن ابراهيم بن مهزيار؟

(٤٦٩)

فقلت: أنا علي، فقال: أهلا وسهلا بك يا أبا الحسن! أ تعرف الصريحين؟ قلت: نعم، قال: ومن هما؟ قلت: محمد وموسى، ثم قال: ما فعلت العلامة التي بينك وبين أبي محمد (عليه السلام)، فقلت: معي، فقال: أخرجها إليّ، فأخرجتها إليه خاتما حسنا على فصّه «محمد وعلي»، فلما رأى ذلك بكى [مليّا ورنّ شجيّا، فأقبل يبكي بكاء] طويلا، وهو يقول: رحمك الله يا أبا محمد! فلقد كنت إماما عادلا، ابن أئمة وأبا إمام، أسكنك الله الفردوس الأعلى مع آبائك (عليهم السلام)، ثم قال: يا أبا الحسن! صر الى رحلك، وكن على اهبة من كفايتك، حتى إذا ذهب الثلث من الليل وبقي الثلثان فالحق بنا، فإنّك ترى مناك [إن شاء الله].
قال ابن مهزيار: فصرت الى رحلي اطيل التفكر حتى إذا هجم الوقت، فقمت الى رحلي وأصلحته، وقدّمت راحلتي وحملتها وصرت في متنها حتى لحقت الشعب، فإذا أنا بالفتى هناك يقول: أهلا وسهلا بك يا أبا الحسن! طوبى لك، فقد اذن لك، فسار وسرت بسيره حتى جاز بي عرفات ومنى، وصرت في أسفل ذروة جبل الطائف، فقال لي: يا أبا الحسن! انزل وخذ في اهبة الصلاة، فنزل ونزلت حتى فرغ وفرغت، ثم قال لي: خذ في صلاة الفجر وأوجز، فأوجزت فيها وسلّم وعفّر وجهه في التراب، ثم ركب وأمرني بالركوب فركبت، ثم سار وسرت بسيره حتى علا الذروة، فقال: المح، هل ترى شيئا؟ فلمحت فرأيت بقعة نزهة كثيرة العشب والكلاء، فقلت: يا سيدي أرى بقعة نزهة كثيرة العشب والكلأ، فقال لي: هل ترى في أعلاها شيئا؟ فلمحت فإذا أنا بكثيب من رمل فوقه بيت من شعر يتوقّد نورا، فقال لي: هل رأيت

(٤٧٠)

شيئا؟ فقلت: أرى كذا وكذا، فقال لي: يا ابن مهزيار! طب نفسا، وقرّ عينا، فإنّ هناك أمل كلّ مؤمّل، ثم قال لي: انطلق بنا، فسار وسرت حتى صار في أسفل الذروة، ثم قال: انزل، فهاهنا يذلّ لك كل صعب، فنزل ونزلت حتى قال لي: يا ابن مهزيار، خلّ عن زمام الراحلة، فقلت: على من أخلّفها وليس هاهنا أحد؟ فقال: إنّ هذا حرم لا يدخله إلّا وليّ، ولا يخرج منه إلّا وليّ، فخليّت عن الراحلة، فسار وسرت، فلمّا دنا من الخباء سبقني وقال لي: قف هناك إلى أن يؤذن لك، فما كان إلّا هنيئة فخرج إليّ وهو يقول: طوبى لك قد اعطيت سؤلك، قال: فدخلت عليه صلوات الله عليه وهو جالس على نمط عليه نطع أديم أحمر، متّكئ على مسورة أديم، فسلّمت عليه وردّ عليّ السلام، ولمحته فرأيت وجهه مثل فلقة قمر، لا بالخرق ولا بالبزق، ولا بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللاصق، ممدود القامة، صلت الجبين، أزجّ الحاجبين، أدعج العينين، أقنى الأنف، سهل الخدّين، على خدّه الأيمن خال فلمّا أن بصرت به حار عقلي في نعته وصفته، فقال لي: يا ابن مهزيار! كيف خلّفت إخوانك في العراق؟ قلت: في ضنك عيش وهناة، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان، فقال: قاتلهم الله أنّى يؤفكون، كأنّي بالقوم قد قتلوا في ديارهم، وأخذهم أمر ربّهم ليلا ونهارا، فقلت: متى يكون ذلك يا ابن رسول الله؟ قال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة بأقوام لا خلاق لهم والله ورسوله منهم براء، وظهرت الحمرة في السماء ثلاثا، فيها أعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نورا، ويخرج السروسي من إرمنيّة وأذربيجان يريد وراء الريّ الجبل الأسود المتلاحم بالجبل الأحمر، لزيق جبل طالقان، فيكون بينه وبين المروزيّ وقعة

(٤٧١)

صيلمانيّة، يشيب فيها الصغير، ويهرم منها الكبير، ويظهر القتل بينهما، فعندها توقّعوا خروجه إلى الزوراء، فلا يلبث بها حتّى يوافي باهات، ثمّ يوافي واسط العراق، فيقيم بها سنة أو دونها، ثم يخرج الى كوفان فيكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة الى الغريّ وقعة شديدة تذهل منها العقول، فعندها يكون بوار الفئتين، وعلى الله حصاد الباقين، ثمّ تلا قوله تعالى: بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)، فقلت: سيدي يا ابن رسول الله! ما الأمر؟ قال: نحن أمر الله وجنوده، قلت: سيدي يا ابن رسول الله! حان الوقت؟ قال: واقتربت الساعة وانشقّ القمر.
838-(596)- غيبة الشيخ: أخبرني أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، عن أبي الحسن محمد بن عليّ الشجاعي الكاتب، عن أبي عبد الله محمد بن ابراهيم النعماني، عن يوسف بن أحمد [محمد خ ل] الجعفري، قال: حججت سنة ستّ وثلاثمائة، وجاورت بمكة تلك السنة وما بعدها الى سنة تسع وثلاثمائة، ثم خرجت عنها منصرفا الى الشام، فبينا أنا في بعض الطريق وقد فاتتني صلاة الفجر، فنزلت من المحمل وتهيّأت للصلاة، فرأيت أربعة نفر في المحمل، فوقفت أعجب منهم، فقال أحدهم: ممّ تعجب؟ تركت صلاتك، وخالفت مذهبك؛ فقلت للذي يخاطبني: وما علمك بمذهبي؟ فقال: تحبّ أن ترى صاحب زمانك؟ فقلت: نعم، فأومأ إلى أحد الأربعة، فقلت له: إنّ له دلائل وعلامات، فقال: أيّما أحبّ إليك، أن ترى الجمل وما عليه صاعدا الى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(596) غيبة الشيخ: ص 257- 258 ح 225 فصل من رآه (عليه السلام) وهو لا يعرفه أو عرفه بعدها؛ الخرائج: ج 1 ص 466- 467 ب 13 ح 13 نحوه؛ البحار: ج 52 ص 5 ب 18 ح 3؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 684 ب 33 ح 93؛ الثاقب: ص 614- 615 ح 562.

(٤٧٢)

السماء، أو ترى المحمل صاعدا الى السماء؟ فقلت: أيهما كان فهي دلالة، فرأيت الجمل وما عليه يرتفع الى السماء، وكان الرجل أومأ إلى رجل به سمرة، وكان لونه الذهب، بين عينيه سجّادة.
839-(597)- غيبة الشيخ: أحمد بن علي الرازي، عن أبي ذر أحمد بن أبي سورة وهو محمّد بن الحسن بن عبد الله التميمي، وكان زيديا قال: سمعت هذه الحكاية عن جماعة يروونها عن أبي- رحمه الله- أنّه خرج إلى الحير، قال: فلما صرت إلى الحير إذا شابّ حسن الوجه يصلّي، ثم إنّه ودّع وودّعت وخرجنا فجئنا الى المشرعة، فقال لي: يا باسورة! أين تريد؟ فقلت: الكوفة، فقال لي: مع من؟ قلت: مع الناس، قال لي: لا تريد نحن جميعا نمضي، قلت: ومن معنا؟ فقال: ليس نريد معنا أحدا، قال: فمشينا ليلتنا، فإذا نحن على مقابر مسجد السهلة، فقال لي: هو ذا منزلك، فإن شئت فامض، ثم قال لي: تمرّ إلى ابن الزراري عليّ بن يحيى فتقول له: يعطيك المال الذي عنده، فقلت له: لا يدفعه إليّ، فقال لي: قل له: بعلامة أنّه كذا وكذا دينارا، وكذا وكذا درهما، وهو في موضع كذا وكذا، وعليه كذا وكذا مغطّى، فقلت له: ومن أنت؟ قال: أنا محمد بن الحسن، قلت: فإن لم يقبل منّي وطولبت بالدلالة؟ فقال: أنا وراك، قال: فجئت الى ابن الزراري فقلت له، فدفعني، فقلت له: قد قال لي: أنا وراك، فقال: ليس بعد هذا شيء، وقال: لم يعلم بهذا إلّا الله تعالى ودفع إليّ المال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(597) غيبة الشيخ: ص 269- 270 ح 234 فصل من رآه (عليه السلام)؛ البحار: ج 52 ص 14 ب 18 ح 12؛ تبصرة الولي: ص 161- 162 ح 66؛ اثبات الهداة: ج 3 ص 684- 685 ب 33 ح 94.

(٤٧٣)

840-(598)- الهداية: قال: وعنه (يعني الحسين بن حمدان)، عن أبي محمّد عيسى بن مهدي الجوهري، قال: خرجت في سنة ثمان وستين ومائتين الى الحجّ، وكان قصدي المدينة حيث صحّ عندنا أنّ صاحب الزمان قد ظهر، فاعتللت وقد خرجنا من فيد(599) وقد تعلّقت نفسي بشهوة السمك [والتمر]، فلمّا وردت المدينة ولقيت بها إخواننا، بشّروني بظهوره (عليه السلام) بصاديا، فصرت الى صاديا، فلمّا أشرفت على الوادي رأيت عنيزات عجافا، فدخلت القصر فوقفت أرتقب الأمر، إلى أن صلّيت العشاءين وأنا أدعو وأتضرّع وأسأل، فإذا أنا ببدر الخادم يصيح بي: يا عيسى بن مهدي الجوهري ادخل، فكبّرت وهلّلت، وأكثرت من حمد الله (عزّ وجلّ) والثناء عليه، فلمّا صرت في صحن القصر رأيت مائدة منصوبة، فمرّ بي الخادم إليها فأجلسني عليها، وقال لي: أمرك مولاك أن تأكل ما اشتهيت في علّتك وأنت خارج من فيد، فقلت في نفسي: حسبي هذا برهانا، فكيف آكل ولم أر سيدي ومولاي؟
فصاح بي: يا عيسى كل من طعامك فإنّك تراني، فجلست على المائدة فنظرت فإذا عليها سمك حارّ يفور وتمر إلى جانبه أشبه التمور بتمورنا، وبجانب التمر لبن، فقلت في نفسي: أنا عليل وسمك وتمر ولبن، فصاح بي: يا عيسى! أ تشكّ في أمرنا؟ أ فأنت أعلم بما ينفعك وما يضرّك؟
فبكيت واستغفرت الله وأكلت من الجميع، وكلّما رفعت يدي منه لم يتبيّن موضعها فيه، فوجدته أطيب ما ذقته في الدنيا، فأكلت منه كثيرا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(598) الهداية «مخطوط»: باب الإمام الثاني عشر صلوات الله عليه وعلى آبائه، البحار: ج 52 ص 68- 70 ب 18 ح 54، عن بعض تأليفات أصحابنا عن الحسين بن حمدان عن أبي محمد عيسى بن مهدي الجوهري، تبصرة الولي: 195- 198 ح 83.
(599) فيد: قلعة قرب مكة.

(٤٧٤)

حتّى استحييت، فصاح بي: لا تستحي يا عيسى! فإنّه من طعام الجنّة لم تصنعه يد مخلوق، فأكلت، فرأيت نفسي لا تنتهي عنه من أكله، فقلت: يا مولاي حسبي، فصاح بي: أقبل إليّ، فقلت في نفسي: آتي مولاي ولم أغسل يدي، فصاح بي: يا عيسى، وهل لما أكلت غمرة؟ فشممت يدي فإذا هي أعطر من المسك والكافور، فدنوت منه (عليه السلام) فبدا لي نور غشي بصري، ورهبت حتى ظننت أن عقلي قد اختلط، فقال لي: يا عيسى! ما كان لك أن تراني لو لا المكذّبون القائلون أين هو؟ ومتى كان؟ وأين ولد؟ ومن رآه؟ وما الذي خرج إليكم منه؟ وبأيّ شيء نبأكم؟
وأيّ معجز أتاكم؟ أما والله لقد دفعوا أمير المؤمنين مع ما رووه وقدّموا عليه، وكادوه وقتلوه، وكذلك فعلوا بآبائي (عليهم السلام) ولم يصدّقوهم، ونسبوهم الى السحرة والكهنة وخدمة الجنّ إلى ما تبين...
الى أن قال: يا عيسى فخبّر أولياءنا ما رأيت، وإيّاك أن تخبر عدوّنا فتسلبه (فتسليه خ) فقلت: يا مولاي ادع لي بالثبات، فقال لي: ولو لم يثبّتك الله ما رأيتني، فامض بحاجتك راشدا، فخرجت وأنا أكثر حمدا للّه وشكرا.
841-(600)- الكافي: علي بن محمّد، عن محمّد بن شاذان بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(600) الكافي: ج 1 ص 331 ب 135 ح 6؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 1 ف 3، في ذكر من رآه «بسنده عن خادمة لإبراهيم بن عبدة وكانت من الصالحات قالت: كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا فجاء صاحب الأمر (عليه السلام) حتى وقف معه... الخ» الوافي: ج 1 ص 172 س 17 ب تسمية من رآه؛ البحار: ج 52 ص 13 و14 ب 18 ح 9؛ الإرشاد: ص 350 ب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر (عليه السلام)؛ غيبة الشيخ: ص 268 ح 231 ب من رآه (عليه السلام) وفيه: «إبراهيم بن عبدة»؛ تبصرة الولي: ص 55- 56 ح 24 وص 274 ح 105؛ كشف الغمة: ج 2 ص 450.
أقول: لم أجد ترجمة لهذه الخادمة الصالحة في ما كان عندي من كتب الرجال مع أنّها وقعت في إسناد الكليني قدس سرّه، وأما ابراهيم بن عبدة فقد روى الكشّي في رجاله توقيعات في حقّه، وفي تنقيح المقال: إنّه فوق مرتبة العدالة والثقة.

(٤٧٥)

نعيم، عن خادم لإبراهيم بن عبدة [عبيدة خ ل] النيسابوري أنّها قالت: كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا فجاء (عليه السلام) حتّى وقف على إبراهيم وقبض على كتاب مناسكه وحدّثه بأشياء.
842-(601)- مهج الدعوات: وجدت في مجلّد عتيق من كتب بعض أصحابنا، وتاريخ كتابته شوّال سنة ستّ وتسعين وثلاثمائة ما هذا لفظه: دعاء علّمه سيّدنا المؤمّل صلوات الله عليه رجلا من شيعته وأهله في المنام، وكان مظلوما ففرّج الله عنه، وقتل عدوّه: حدثني أبو علي أحمد بن محمّد بن الحسين بن اسحاق بن جعفر بن محمّد العلوي العريضي بحرّان قال: حدثني محمّد بن علي العلوي الحسيني، وكان يسكن بمصر، قال: دهمني أمر عظيم، وهمّ شديد من قبل صاحب مصر فخشيته على نفسي، وكان قد سعى بي الى أحمد بن طولون، فخرجت من مصر حاجّا، وصرت من الحجاز الى العراق فقصدت مشهد مولاي أبي عبد الله الحسين بن علي صلوات الله عليهما عائذا به، ولائذا بقبره، ومستجيرا به من سطوة من كنت أخافه، فأقمت بالحائر خمسة عشر يوما أدعو وأتضرّع ليلي ونهاري، فتراءى لي قيّم الزمان، ووليّ الرحمن وأنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(601) مهج الدعوات: ص 278- 279.
أقول: روى في مهج الدعوات أيضا(ص 280)، في شرح هذا الدعاء عن أبي الحسن علي بن حمّاد المصري، عن الحسين بن محمد العلوي، عن محمد بن علي العلوي الحسيني المصري... نحوه. والدعاء طويل من اراده فليطلبه من كتاب مهج الدعوات وغيره من كتب الأدعية.
البحار: ج 51 ص 307 و308 ح 23 ب 15؛ وج 92 ص 266- 279 ب 107 ح 34؛ تبصرة الولي: ص 210 ب 233 ح 90 و91.

(٤٧٦)

بين النائم واليقظان، فقال لي: يقول لك الحسين (عليه السلام) يا بنيّ! خفت فلانا؟ فقلت: نعم، أراد هلاكي، فلجأت الى سيدي (عليه السلام)، وأشكو إليه عظيم ما أراد بي، فقال: هلّا دعوت الله ربّك (عزّ وجلّ) وربّ آبائك بالأدعية التي دعا بها ما سلف من الأنبياء (عليهم السلام)؟ فقد كانوا في شدّة فكشف الله عنهم ذلك، قلت: وما ذا دعوه؟ فقال: إذا كان ليلة الجمعة فاغتسل، وصلّ صلاة الليل، فإذا سجدت سجدة الشكر دعوت بهذا الدعاء وأنت بارك على ركبتيك، فذكر لي دعاء، قال: ورأيته في مثل ذلك الوقت يأتيني وأنا بين النائم واليقظان قال: وكان يأتيني خمس ليال متواليات يكرّر عليّ هذا القول والدعاء حتّى حفظته، وانقطع عنّي مجيئه ليلة الجمعة، فاغتسلت، وغيّرت ثيابي وتطيّبت، وصلّيت صلاة الليل، وسجدت سجدة الشكر، وجثوت على ركبتي ودعوت الله جلّ وتعالى بهذا الدعاء، فأتاني (عليه السلام) ليلة السبت فقال لي: قد اجيبت دعوتك يا محمّد، وقتل عدوّك عند فراغك من الدعاء عند من وشي بك إليه، قال: فلما أصبحت ودّعت سيدي وخرجت متوجّها الى مصر، فلمّا بلغت الاردن وأنا متوجه الى مصر رأيت رجلا من جيراني بمصر وكان مؤمنا، فحدّثني أن خصمك قبض عليه أحمد بن طولون فأمر به فأصبح مذبوحا من قفاه، قال: وذلك في ليلة الجمعة، وأمر به فطرح في النيل، وكان ذلك فيما أخبرني جماعة من أهلنا، وإخواننا الشيعة أنّ ذلك كان فيما بلغهم عند فراغي من الدعاء كما أخبرني مولاي صلوات الله عليه.
843-(602)- كمال الدين: حدّثنا محمد بن محمد الخزاعي- رضي الله عنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(602) كمال الدين: ج 2 ص 442- 443 ب 43 ح 16؛ البحار: ج 52 ص 30- 31 ب 18 ح 26؛ تبصرة الولي: ص 74- 76 ح 43 وص 269- 271 ح 99.

(٤٧٧)

- قال: حدّثنا أبو علي الأسدي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي أنه ذكر عدد من انتهى إليه ممن وقف على معجزات صاحب الزمان (عليه السلام)، ورآه من الوكلاء ببغداد: العمري (1)، وابنه (2)، وحاجز (3)، والبلالي (4)، والعطّار (5). ومن الكوفة: العاصمي (6). ومن أهل الأهواز: محمد بن ابراهيم بن مهزيار (7). ومن أهل قم: أحمد بن اسحاق (8). ومن أهل همدان: محمد بن صالح (9).
ومن أهل الري: البسّامي (10)، والأسدي (11)- يعني نفسه-. ومن أهل آذربيجان: القاسم بن العلاء (12). ومن أهل نيسابور: محمد بن شاذان (13).
ومن غير الوكلاء من أهل بغداد: أبو القاسم بن أبي حليس (14)، وأبو عبد الله الكندي (15)، وأبو عبد الله الجنيدي (16)، وهارون القزّاز (17) والنيلي (18)، وأبو القاسم بن دبيس (19)، وأبو عبد الله بن فرّوخ (20)، ومسرور الطبّاخ مولى أبي الحسن (عليه السلام) (21)، وأحمد (22) ومحمد (23) ابنا الحسن، واسحاق الكاتب (24) من بني نيبخت، وصاحب النواء (25)، وصاحب الصرّة المختومة (26).
ومن همدان: محمد بن كشمرد (27)، وجعفر بن حمدان (28)، ومحمد بن هارون بن عمران (29). ومن الدينور: حسن بن هارون (30)، وأحمد بن اخيّة (31)، وأبو الحسن (32). ومن أصفهان: ابن باذشالة (33).
ومن الصيمرة: زيدان (34). ومن قم: الحسن بن النضر (35)، ومحمد بن محمد (36)، وعلي بن محمد بن اسحاق (37)، وأبوه (38)، والحسن بن يعقوب (39). ومن أهل الري: القاسم بن موسى (40)، وابنه (41)، وابو محمد بن هارون (42)، وصاحب الحصاة (43)، وعلي بن محمد (44)،

(٤٧٨)

ومحمد بن محمد الكليني (45)، وأبو جعفر الرفاء (46). ومن قزوين: مرداس (47)، وعلي بن أحمد (48)، ومن فاقتر رجلان (49 و50). ومن شهرزور: ابن الخال (51). ومن فارس: المحروج (52). ومن مرو:
صاحب الألف دينار (53)، وصاحب المال (54)، والرقعة البيضاء (55)، وأبو ثابت (56)، ومن نيسابور: محمد بن شعيب بن صالح (57). ومن اليمن: الفضل بن يزيد (58)، والحسن ابنه (59)، والجعفري (60)، وابن الأعجمي (61)، والشمشاطي (62). ومن مصر: صاحب المولودين (63)، وصاحب المال بمكة (64)، وأبو رجاء (65). ومن نصيبين: أبو محمد بن الوجناء (66). ومن الأهواز: الحصيني (67).
أقول: ذكر المحدّث النوري- رحمه الله- في ابتداء الباب السابع من النجم الثاقب- بعد ذكر ترجمة هذا الخبر بالفارسية- أسماء جماعة اخرى ممن اطّلع على معجزات صاحب الأمر (عليه السلام) وتشرّف بحضوره وفاز برؤيته لا بأس بذكرها، وعلى من يريد الاطلاع على أحوالهم وتفاصيل أخبارهم الرجوع الى تصنيفات أصحابنا في الغيبة وكتب الرجال، وإليك أسماؤهم كما في الكتاب المذكور: الشيخ أبو القاسم حسين بن روح (68)، أبو الحسن علي بن محمد السمري (69)، حكيمة بنت الإمام محمد التقي (عليه السلام) (70)، نسيم خادم أبي محمد (عليه السلام) (71)، أبو نصر الطريف الخادم (72)، كامل بن ابراهيم المدني (73)، البدر الخادم (74)، العجوز المربية لأحمد بن بلال بن داود الكاتب (75)، مارية الخادمة (76)، جارية أبي علي الخيزراني (77)، أبو غانم الخادم (78)، وجماعة من الاصحاب (79) أبو هارون (80) معاوية بن

(٤٧٩)

حكيم (81) محمد بن أيوب بن نوح (82) عمر الأهوازي (83)، رجل من أهل فارس (84)، محمد بن اسماعيل بن موسى بن جعفر (عليهما السلام) (85) أبو علي بن المطهر (86)، إبراهيم بن عبدة النيسابوري (87)، خادمته (88)، رشيق (89) مصاحباه (90- 91)، أبو عبد الله بن الصالح، أبو علي احمد بن ابراهيم بن إدريس (92) جعفر بن علي الهادي (عليه السلام) (93)، رجل من الجلاوزة (94)، أبو الحسين محمد بن محمد بن خلف (95)، يعقوب بن منفوس (96)، أبو سعيد الغانم الهندي (97)، محمد بن شاذان الكابلي (98)، عبد الله السوري (99) الحاج الهمداني (100) سعد بن عبد الله القمّي الأشعري (101) ابراهيم بن محمد بن فارس النيسابوري (102)، علي بن ابراهيم بن مهزيار (103) أبو نعيم الأنصاري الزيدي (104) أبو علي محمد بن أحمد المحمودي (105) علان الكليني (107) أبو الهيثم الأنباري [الديناري- خ] (108) سليمان بن أبي نعيم وأبو جعفر الأحول الهمداني (109 الى 139) محمد بن أبي القاسم العلوي العقيقي مع جماعة زهاء ثلاثين رجلا (140) جد أبي الحسن بن وجناء (141) أبو الأديان (142) أبو الحسين محمد بن جعفر الحميري وجماعة من أهل قم (143)، إبراهيم بن محمد بن أحمد الأنصاري (144)، محمد بن عبد الله القمي (145)، يوسف بن أحمد الجعفري (146)، أحمد بن عبد الله الهاشمي العباسي (147 الى 186) ابراهيم بن محمد التبريزي مع تسعة وثلاثين نفر (187)، الحسن بن عبد الله التميمي الزيدي (188)، الزهري (189)، أبو سهل اسماعيل بن علي النوبختي (190)، العقيد النوبي الخادم (191)، مربّية الإمام أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) (192)، يعقوب بن يوسف الضراب الغساني أو الأصفهاني

(٤٨٠)

الراوي للصلوات الكبيرة (193) العجوز الخادمة للإمام العسكري (عليه السلام) التي كان منزلها في مكة المكرمة (194)، محمد بن عبد الله الحميد (195)، عبد أحمد بن الحسن المادراني (196)، أبو الحسن العمري (197)، عبد الله السفياني (198)، أبو الحسن الحسني (199)، محمد بن عباس القصري (200)، أبو الحسن علي بن الحسن اليماني (201)، رجلان من أهل مصر (202) العابد المتهجّد الأهوازي (203)، أمّ كلثوم بنت أبي جعفر محمد بن عثمان العمري (204)، الرسول القمّي (205)، سنان الموصلي (206) أحمد بن حسن بن أحمد الكاتب (207)، حسين بن علي بن محمد المعروف بابن البغدادي (208)، محمد بن الحسن الصيرفي (209)، البزاز القمّي (210)، جعفر بن أحمد (211) الحسن بن وطاة الصيدلاني وكيل الوقف في الواسط (212)، أحمد بن أبي روح (213)، أبو الحسن خضر بن محمد (214)، أبو جعفر محمد بن أحمد (215)، المرأة الدينورية (216)، الحسن بن الحسين الأسباب آبادي (217)، رجل من أهل استرآباد (218)، محمد بن الحصين الكاتب المروي (219 و220)، رجلان من أهل مدائن (221)، علي بن حسين بن موسى بن بابويه القمّي والد الصدوق (222)، أبو محمد الدعلجي (223)، أبو غالب أحمد بن محمد بن سليمان الزراري (224)، حسين بن حمدان ناصر الدولة (225)، أحمد أبي سورة (226)، محمد بن الحسن بن عبيد الله التميمي (227)، أبو طاهر علي بن يحيى الزراري [الرازي- خ] (228)، أحمد بن إبراهيم بن مخلّد (229)، محمد بن علي الأسود الداودي (230)، العفيف (231)، أبو محمد الثمالي (232)، محمد بن أحمد (233)، رجل وصل إليه التوقيع في عكبرا (234)، عليان (235)، الحسن بن جعفر القزويني (236)، الرجل

(٤٨١)

الفاينمي (237)، أبو القاسم الجليسي (238)، نصر بن صباح (239)، أحمد بن محمد السراج الدينوري (240)، أبو العباس (241)، محمد بن أحمد بن جعفر القطّان الوكيل (242)، حسين بن محمد الأشعري (243) محمد بن جعفر الوكيل (244) رجل من أهل آبة (245)، أبو طالب خادم رجل من أهل مصر (246)، مرداس بن علي (247)، رجل من أهل ربض حميد (248)، أبو الحسن بن كثير النوبختي (249)، محمد بن علي الشلمغاني (250)، مصاحب أبي غالب الزراري (251)، ابن الرئيس (252)، هارون بن موسى بن الفرات (253)، محمد بن يزداد (254)، أبو علي النيلي (255)، جعفر بن عمرو (256)، إبراهيم بن محمد بن الفرج الرخجي (257)، أبو محمد السروي (258)، جارية موسى بن عيسى الهاشمي (259)، صاحبة الحقّة (260)، أبو الحسن أحمد بن محمد بن جابر البلاذري صاحب تاريخ الأشراف (261)، أبو الطيّب أحمد بن محمد بن بطّة (262)، أحمد بن الحسن بن أبي صالح الخجندي (263)، ابن اخت أبي بكر العطّار الصوفي (264)، الى (302)، محمد بن عثمان العمري كما في تاريخ قم، عن محمد بن علي ماجيلويه بسند صحيح عنه قال: عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) في يوم من الأيام ابنه م ح م د المهدي (عليه السلام) ونحن في منزله وكنّا أربعين رجلا... الحديث.
ونقل بعض المعاصرين عن كتاب بغية الطالب أسماء جماعة ممن رآه ووقف على معجزاته في الغيبة الصغرى، وذكر بعض أحوالهم، وبعض هؤلاء من المذكورين في النجم الثاقب، وبعضهم من غيرهم.
وذكر في تذكرة الطالب فيمن رأي الإمام الغائب أيضا أسماء ثلاثمائة منهم.

(٤٨٢)

وأفرد السيد هاشم البحراني أيضا كتابا في ذلك سمّاه تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي، وذكر فيه جماعة كثيرة ممن فاز برؤيته في حياة أبيه (عليهما السلام) وفي الغيبة الصغرى.
ويدلّ عليه من هذا الباب، ح 859 (ومن المحتمل وقوعه في الغيبة الكبرى فراجع) والأحاديث 862، 864، 867.

(٤٨٣)

الفصل الثاني: في ذكر بعض معجزاته (عليه السلام) في الغيبة الصغرى وفيه 29 حديثا

844-(603)- الكافي: علي بن محمد، عن محمد بن علي بن شاذان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(603) الكافي: ج 1 ص 523 و524 ب مولد الصاحب (عليه السلام) ح 23؛ كمال الدين: ج 2 ص 485 و486 ب 45 ح 5 بسنده عن محمد بن شاذان بن نعيم النيسابوري؛ الارشاد: ص 383 ب دلائل صاحب الزمان (عليه السلام)(ص 353 و354 ب في معجزاته وكراماته ط مؤسسة الأعلمي- بيروت)؛ كشف الغمة: ح 2 ص 456 ب دلائل صاحب الزمان (عليه السلام)؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 3 ف 2؛ دلائل الامامة: ص 286 ب شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان (عليه السلام) في مدة مقامه بسرّ من رأى بالدلائل... كلهم باسنادهم عن محمد بن شاذان؛ البحار: ج 51 ص 295 ب 15 ح 8 وص 325 ح 44.
أقول: محمد بن شاذان المذكور في كمال الدين والارشاد وكشف الغمة والدلائل إمّا هو محمد بن علي بن شاذان المذكور في سند الكافي، أو محمد بن أحمد بن شاذان المذكور ترجمته في كتب الرجال كما ذكره بعض مصنفي المعاجم، وعليه يكون هو غير محمد بن علي بن شاذان، مع أن الظاهر ان الحكاية واحدة. وعلى كلا الاحتمالين لا يرد بذلك ضعف في السند، فإنّه يظهر للمراجع الى كتب الحديث والرجال جلالة قدره، وهو مذكور في عداد الوكلاء في الحديث السادس عشر من باب من شاهد القائم (عليه السلام) من كمال الدين، فلا اعتناء بقول بعض المعاصرين من الأجلة بأنه مجهول الحال.
وأما محمد بن علي بن شاذان على القول بكونه غير محمد بن شاذان فيكفي في صحة الاحتجاج بروايته رواية على بن محمد عنه الذي هو من شيوخ الكليني- قدس سرّه- وأكثر الرواية عنه في الكافي. لا يقال: إنّ هذا لا يمنع من مجهولية حاله، فإنّه يقال: إنّ اعتماد شيخ أكثر الكليني الرواية عنه عليه واعتماد الكليني على روايته وتخريجه في كتابه للاحتجاج به يكفي في معرفته بالوثاقة، ولو تنزلنا عن ذلك يكفي في الاعتماد على خصوص هذه الرواية حصول الاطمئنان بصدورها كسائر الاخبار التي يحصل الاطمئنان بصدورها ببعض القرائن.
ومما ينبغي إيراده هنا أنا نحتمل قويّا كون علي بن محمد المذكور في روايات الباب في الكافي والارشاد وكمال الدين هو علي بن محمد بن ابراهيم بن أبان الرازي، المعروف بعلان الذي هو من شيوخ الكليني، فإنّه كان له كتاب موسوم بأخبار القائم (عليه السلام)، وهو من أعلام القرن الثالث، والظاهر أنّه أدرك العصرين عصر الإمام أبي محمد (عليه السلام)، وعصر إمامة ولده المهدي (عليه السلام) في غيبته القصرى.
إثبات الهداة: ج 3 ص 663- 664، ب 33 ح 22، الثاقب في المناقب: ص 604 ح 552/ 16، عن محمد بن شاذان بن نعيم النيسابوري.

(٤٨٤)

النيسابوريّ، قال: اجتمع عندي خمسمائة درهم تنقص عشرين درهما، فأنفت أن أبعث بخمسمائة تنقص عشرين درهما، فوزنت من عندي عشرين درهما وبعثتها الى الاسدي ولم أكتب مالي فيها، فورد: وصلت خمسمائة درهم لك منها عشرون درهما.
845-(604)- الكافي: علي بن محمّد، قال: أوصل رجل من أهل السواد مالا فردّ عليه، وقيل له: أخرج حقّ ولد عمّك منه وهو أربعمائة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(604) الكافي: ج 1 ص 519 ب مولد الصاحب (عليه السلام) ح 8؛ الارشاد: ص 378 ب ذكر طرف من دلائل صاحب الزمان (عليه السلام) وبيّناته وآياته ح 3 مثله إلّا أنّه قال: «قد حبسها عنهم»(ص 352 ط مؤسسة الأعلمي- بيروت)، دلائل الإمامة: ص 286- 287 ب معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان (عليه السلام) ح 6 نحوه «عن أبي المفضّل، قال: أخبرني محمد بن يعقوب، قال: حدثني اسحاق بن يعقوب، قال: سمعت الشيخ العمري محمد بن عثمان يقول: صحبت رجلا من أهل السواد... الخ، وأخرجه عن علي بن محمد».
البحار: ج 51 ص 326 ب 15 ح 45؛ اثبات الهداة: ج 3 ص 659 ب 33 ح 7؛ الثاقب في المناقب: ص 597 ح 540/ 4 عن اسحاق بن يعقوب عن الشيخ العمري؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 3 ف 2 عن علي بن محمد.

(٤٨٥)

درهم، وكان الرجل في يده ضيعة لولد عمّه، فيها شركة قد حبسها عليهم، فنظر فإذا الّذي لولد عمّه من ذلك المال أربعمائة درهم، فأخرجها وأنفذ الباقي فقبل.
846-(605)- كمال الدين: حدثني أبي- رضي الله عنه-، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن محمّد الرازي، قال: حدثني جماعة من أصحابنا أنّه بعث الى أبي عبد الله بن الجنيد وهو بواسط غلاما وأمر ببيعه، فباعه وقبض ثمنه، فلمّا عيّر الدنانير نقصت من التعيير ثمانية عشر قيراطا وحبّة، فوزن من عنده ثمانية عشر قيراطا وحبّة وأنفذها، فردّ عليه دينارا وزنه ثمانية عشر قيراطا وحبّة.
847-(606)- كمال الدين: حدثنا محمّد بن الحسن- رضي الله عنه- عن سعد بن عبد الله، عن علي بن محمّد الرازي المعروف بعلّان الكليني، قال: حدثني محمّد بن جبرئيل الأهوازي، عن إبراهيم ومحمد ابني الفرج، عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار أنّه ورد العراق شاكّا مرتادا، فخرج إليه: قل للمهزياري قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بناحيتكم، فقل لهم: أ ما سمعتم الله (عزّ وجلّ) يقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) هل أمر إلّا بما هو كائن الى يوم القيامة، أو لم تروا أنّ الله (عزّ وجلّ) جعل لكم معاقل تأوون إليها،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(605) كمال الدين: ج 2 ص 486 ب 45 ح 7؛ البحار: ج 51 ص 326 ب 15 ح 46؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 673 ب 33 ح 45؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 3 ف 2؛ الثاقب: ص 597، إلّا أنّ فيه سقطا.
(606) كمال الدين: ج 2 ص 486 و487 ب 45 ح 8؛ البحار: ج 51 ص 326 ب 15 ح 47 ذكر فقط ذيل الحديث؛ دلائل الامامة: ص 287 ب معرفة شيوخ الطائفة ح 7 بسنده عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار نحوه الى قوله: «بضعة عشر دينارا».

(٤٨٦)

وأعلاما تهتدون بها من لدن آدم (عليه السلام) الى أن ظهر الماضي [أبو محمد] صلوات الله عليه، كلّما غاب علم بدا علم، وإذا أفل نجم طلع نجم، فلما قبضه الله إليه ظننتم أنّ الله (عزّ وجلّ) قد قطع السبب بينه وبين خلقه، كلّا ما كان ذلك ولا يكون حتى تقوم الساعة ويظهر أمر الله (عزّ وجلّ) وهم كارهون، يا محمد بن ابراهيم! لا يدخلك الشكّ فيما قدمت له، فإنّ الله (عزّ وجلّ) لا يخلي الأرض من حجّة أ ليس قال لك أبوك قبل وفاته: أحضر الساعة من يعيّر هذه الدنانير التي عندي، فلما ابطئ ذلك عليه وخاف الشيخ على نفسه الوحا قال لك: عيّرها على نفسك وأخرج إليك كيسا كبيرا وعندك بالحضرة ثلاثة أكياس وصرّة فيها دنانير مختلفة النقد فعيّرتها، وختم الشيخ بخاتمه وقال لك: اختم مع خاتمي، فإن أعش فأنا أحقّ بها، وإن أمت فاتّق الله في نفسك أولا ثمّ فيّ، فخلّصني وكن عند ظنّي بك، أخرج رحمك الله الدنانير التي استفضلتها من بين النقدين من حسابنا وهي بضعة عشر دينارا واستردّ من قبلك، فإنّ الزّمان أصعب ممّا كان، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
قال محمّد بن إبراهيم: وقدمت العسكر زائرا فقصدت الناحية، فلقيتني امرأة وقالت: أنت محمّد بن ابراهيم؟ فقلت: نعم، فقالت لي:
انصرف فإنّك لا تصل في هذا الوقت، وارجع الليلة فإنّ الباب مفتوح لك، فادخل الدار واقصد البيت الّذي فيه السراج، ففعلت وقصدت الباب فإذا هو مفتوح، فدخلت الدار وقصدت البيت الّذي وصفته، فبينا أنا بين القبرين أنتحب وأبكي إذ سمعت صوتا وهو يقول: يا محمّد! اتّق الله وتب من كلّ ما أنت عليه فقد قلّدت أمرا عظيما.
848-(607)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(607) كمال الدين: ج 2 ص 488 ب 45 ح 9؛ البحار: ج 51 ص 326- 327 ب 15 ح 48 وذكر: «أنّه بعث من المال بمائتي دينار الى الحجاز»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 673 ب 33 ح 46.

(٤٨٧)

الوليد- رضي الله عنه-، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن محمد الرازي، عن نصر بن الصباح البلخي، قال: كان بمرو كاتب كان للخوزستاني- سمّاه لي نصر- واجتمع عنده ألف دينار للناحية فاستشارني، فقلت: ابعث بها إلى الحاجزي، فقال: هو في عنقك إن سألني الله (عزّ وجلّ) عنه يوم القيامة، فقلت: نعم، قال نصر: ففارقته على ذلك، ثم انصرفت إليه بعد سنتين فلقيته فسألته عن المال، فذكر أنّه بعث من المال بمائتي دينار إلى الحاجزي فورد عليه وصولها والدعاء له، وكتب إليه: كان المال ألف دينار فبعثت بمائتي دينار، فإن أحببت أن تعامل أحدا فعامل الأسدي بالري. قال نصر: وورد عليّ نعي حاجز فجزعت (608) من ذلك جزعا شديدا واغتممت له، فقلت له: ولم تغتمّ وتجزع وقد منّ الله عليك بدلالتين: قد أخبرك بمبلغ المال، وقد نعى إليك حاجزا مبتدئا.
849-(609)- كمال الدين: حدثنا أبو جعفر محمّد بن علي الأسود- رضي الله عنه- قال: سألني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه- رضي الله عنه- بعد موت محمّد بن عثمان العمري- رضي الله عنه- أن أسأل أبا القاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(608) الظاهر أنّ في الحديث سقطا فراجع الخرائج: ج 2 ص 696 ح 10.
(609) كمال الدين: ج 2 ص 502 و503 ب 45 ح 31؛ غيبة الشيخ: ص 320 ح 266؛ رجال النجاشي: ص 184 و185؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1124 ح 42؛ البحار:
ج 51 ص 335- 336 ب 15 ح 61؛ فرج المهموم: ص 258 وص 130؛ ينابيع المودة: ص 460 ب 81؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 678 ب 33 ح 76 و77؛ الثاقب في المناقب: ص 614 ح 560/ 8.

(٤٨٨)

(عليه السلام) أن يدعو الله (عزّ وجلّ) أن يرزقه ولدا ذكرا، قال: فسألته، فأنهى ذلك، ثمّ أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيّام أنّه قد دعا لعلي بن الحسين، وأنّه سيولد له ولد مبارك ينفع [الله] به وبعده أولاده.
قال أبو جعفر محمّد بن علي الأسود- رضي الله عنه-: وسألته في أمر نفسي أن يدعو الله لي أن يرزقني ولدا ذكرا فلم يجبني إليه، وقال: ليس إلى هذا سبيل، قال: فولد لعلي بن الحسين- رضي الله عنه- محمد بن علي وبعده أولاده ولم يولد لي شيء.
قال مصنّف هذا الكتاب [الصدوق]- رضي الله عنه-: كان أبو جعفر محمد بن علي الأسود- رضي الله عنه- كثيرا ما يقول لي- إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي الله عنه- وأرغب في كتب العلم وحفظه-: ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم وأنت ولدت بدعاء الإمام (عليه السلام).
850-(610)- كمال الدين: حدثنا أحمد بن هارون القاضي- رضي الله عنه- قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن إسحاق بن حامد الكاتب، قال: كان بقم رجل بزّاز مؤمن وله شريك مرجئي، فوقع بينهما ثوب نفيس، فقال المؤمن: يصلح هذا الثوب لمولاي، فقال له شريكه: لست أعرف مولاك، ولكن افعل بالثوب ما تحبّ، فلمّا وصل الثوب إليه شقّه (عليه السلام) بنصفين طولا، فأخذ نصفه وردّ النصف الآخر، وقال: لا حاجة لنا في مال المرجئي.
851-(611)- دلائل الإمامة: حدثني أبو المفضّل محمّد بن عبد الله،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(610) كمال الدين: ج 2 ص 510 ب 45 ح 40؛ البحار: ج 51 ص 340 ب 15 ح 66؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 680 ب 33 ح 83؛ الثاقب: ص 600 ح 547/ 11.
(611) دلائل الإمامة: باب معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان (عليه السلام)، ص 282- 285، ح 1؛ فرج المهموم: ص 239- 244 بإسناده إلى محمّد بن جرير، البحار: ج 51 ص 300- 303 ب 15 ح 19.

(٤٨٩)

قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمّد المقري، قال: حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن شابور، قال: حدّثني الحسن بن محمّد بن حيوان السرّاج القاسم، قال: حدّثني أحمد الدينوري السرّاج المكنّى بأبي العبّاس الملقّب باستاره، قال: انصرفت من أردبيل إلى الدينور أريد الحجّ، وذلك بعد مضيّ أبي محمّد الحسن بن علي بسنة أو سنتين وكان الناس في حيرة، فاستبشروا- أهل الدينور- بموافاتي، واجتمع الشيعة عندي، فقالوا: قد اجتمع عندنا ستّة عشر ألف دينار من مال الموالي، ويحتاج أن تحملها معك وتسلّمها بحيث يجب تسليمها، قال: فقلت: يا قوم! هذه حيرة ولا نعرف الباب في هذا الوقت، قال: فقالوا: إنّما اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك وكرمك، فاحمله على ألّا تخرجه من يدك إلّا بحجّة، قال: فحمل إليّ ذلك المال في صرر باسم رجل [رجل]، فحملت ذلك المال وخرجت، فلمّا وافيت قرميسين وكان أحمد بن الحسن مقيما بها فصرت إليه مسلّما، فلمّا لقيني استبشر بي، ثمّ أعطاني ألف دينار في كيس وتخوت ثياب من ألوان معتمة لم أعرف ما فيها، ثمّ قال لي [يا] أحمد: احمل هذا معك ولا تخرجه عن يدك إلّا بحجّة، قال: فقبضت منه المال والتخوت بما فيها من الثياب، فلمّا وردت بغداد لم يكن لي همّة غير البحث عمّن اشير إليه بالبابيّة، فقيل لي: إنّ هاهنا رجلا يعرف بالباقطاني يدّعي بالبابيّة، وآخر يعرف بإسحاق الأحمر يدعي بالبابيّة، وآخر يعرف بأبي جعفر العمري يدّعي بالبابيّة، قال: فبدأت بالباقطاني، فصرت إليه فوجدته شيخا بهيّا، له مروّة

(٤٩٠)

ظاهرة، وفرش [فرس] عربي، وغلمان كثير، ويجتمع عنده الناس يتناظرون، قال: فدخلت إليه وسلّمت عليه، فرحّب وقرّب وبرّ وسرّ، قال: فأطلت القعود إلى أن خرج أكثر الناس، قال: فسألني عن حاجتي، فعرّفته أنّي رجل من أهل الدينور ومعي شيء من المال أحتاج أن اسلّمه، قال لي: احمله، قال: فقلت: اريد حجّة، قال: تعود إليّ في غد، قال: فعدت إليه من الغد فلم يأت بحجّة، وعدت إليه في اليوم الثالث فلم يأت بحجّة، قال: فصرت الى إسحاق الأحمر فوجدته شابّا نظيفا، منزله أكبر من منزل الباقطاني، وفرشه [فرسه] ولباسه ومروّته أسرى، وغلمانه أكثر من غلمانه، ويجتمع عنده من الناس أكثر مما يجتمعون عند الباقطاني، قال: فدخلت وسلّمت، فرحّب وقرّب، قال: فصبرت إلى أن خفّ الناس، فسألني عن حاجتي، فقلت له كما قلت للباقطاني، وعدت إليه ثلاثة أيّام فلم يأت بحجّة، قال: فصرت إلى أبي جعفر العمري، فوجدته شيخا متواضعا، عليه مبطنة بيضاء، قاعد على لبد في بيت صغير، ليس له غلمان ولا له من المروة والفرش [الفرس] ما وجدته لغيره، قال: فسلّمت، فردّ جوابي وأدناني وبسط منّي، ثم سألني عن حالي، فعرّفته أنّي وافيت من الجبل وحمّلت مالا، فقال: إن أحببت أن تصل هذا الشيء إلى حيث [يجب أن يصل إليه] يجب أن تخرج الى سرّ من رأى وتسأل دار ابن الرضا، وعن فلان بن فلان الوكيل- وكانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها- فإنّك تجد هناك ما تريد، قال: فخرجت من عنده ومضيت نحو سرّ من رأى، وصرت إلى دار ابن الرضا وسألت عن الوكيل، فذكر البوّاب أنّه مشتغل في الدار، وأنّه يخرج آنفا، فقعدت على الباب أنتظر خروجه، فخرج

(٤٩١)

بعد ساعة فقمت وسلّمت عليه، وأخذ بيدي الى بيت كان له، وسألني عن حالي وعمّا وردت له، فعرّفته أنّي حملت شيئا من المال من ناحية الجبل، وأحتاج أن اسلّمه بحجّة، قال: فقال: نعم، ثمّ قدّم إليّ طعاما، وقال لي: تغدّ بهذا واسترح، فإنّك تعب وأن بيننا وبين صلاة الاولى ساعة، فإنّي أحمل إليك ما تريد، قال: فأكلت ونمت، فلمّا كان وقت الصلاة نهضت وصليت، وذهبت إلى المشرعة فاغتسلت وانصرفت، ومكثت الى أن مضى من الليل ربعه، فجاءني ومعه درج فيه: بسم الله الرحمن الرحيم وافى أحمد بن محمّد الدينوري وحمل ستّة عشر ألف دينار، وفي كذا وكذا صرّة، فيها صرّة فلان بن فلان كذا وكذا دينارا، وصرّة فلان بن فلان كذا وكذا دينارا إلى أن عدّ الصرار كلّها، وصرّة فلان بن فلان الذرّاع ستّة عشرة دينارا، قال: فوسوس لي الشيطان أن سيّدي أعلم بهذا منّي؟ فما زلت أقرأ ذكر صرّة صرّة وذكر صاحبها حتّى أتيت عليها عند آخرها، ثمّ ذكر قد حمل من قرميسين من عند أحمد بن الحسن البادراني أخي الصرّاف كيسا فيه ألف دينار وكذا وكذا تختا ثيابا، منها ثوب فلاني، وثوب لونه كذا، حتّى نسب الثياب الى آخرها بأنسابها وألوانها، قال: فحمدت الله وشكرته على ما منّ الله به عليّ من إزالة الشكّ عن قلبي، وأمر بتسليم جميع ما حملته إلى حيث ما يأمرك أبو جعفر العمري، قال: فانصرفت إلى بغداد وصرت إلى أبي جعفر العمري، قال: وكان خروجي وانصرافي في ثلاثة أيّام، قال: فلمّا بصر بي أبو جعفر العمري قال لي: لم لم تخرج؟ فقلت: يا سيّدي! من سرّ من رأى انصرفت، قال: فأنا أحدّث أبا جعفر بهذا إذ وردت رقعة على أبي جعفر العمري من مولانا (عليه السلام)، ومعها درج مثل الدرج

(٤٩٢)

الذي كان معي، فيه ذكر المال والثياب، وأمر أن يسلّم جميع ذلك الى أبي جعفر محمّد بن أحمد بن جعفر القطّان القمّي، فلبس أبو جعفر العمري ثيابه، وقال لي: احمل ما معك إلى منزل محمّد بن أحمد بن جعفر القطّان القمّي، قال: فحملت المال والثياب إلى منزل محمّد بن أحمد بن جعفر القطّان وسلّمتها وخرجت الى الحجّ، فلمّا انصرفت إلى الدينور اجتمع عندي الناس، فأخرجت الدرج الذي أخرجه وكيل مولانا إليّ وقرأته على القوم، فلمّا سمع ذكر الصرّة باسم الذرّاع [صاحبها] سقط مغشيّا عليه، فما زلنا نعلّله حتّى أفاق، فسجد شكرا للّه (عزّ وجلّ)، وقال: الحمد للّه الذي منّ علينا بالهداية، الآن علمت أنّ الأرض لا تخلو من حجّة، هذه الصرّة دفعها والله إليّ هذا الذرّاع ولم يقف على ذلك إلّا الله (عزّ وجلّ)، قال: فخرجت ولقيت بعد ذلك بدهر أبا الحسن البادراني وعرّفته الخبر وقرأت عليه الدرج، قال: يا سبحان الله! ما شككت في شيء فلا تشكنّ في أنّ الله (عزّ وجلّ) لا يخلي أرضه من حجّة، اعلم لمّا غزا ارتكوكين يزيد بن عبد الله بسهرورد وظفر ببلاده واحتوى على خزانته صار إليّ رجل، وذكر أنّ يزيد بن عبد الله جعل الفرس الفلاني والسيف الفلاني في باب مولانا (عليه السلام)، قال: فجعلت أنقل خزائن يزيد بن عبد الله إلى ارتكوكين أوّلا فأوّلا، وكنت أدافع [ب] الفرس والسيف إلى أن لم يبق شيء غيرهما، وكنت أرجو أن أخلّص ذلك لمولانا، فلما اشتد مطالبة ارتكوكين إيّاي ولم يمكنني مدافعته جعلت في السيف والفرس في نفسي ألف دينار ووزنتها ودفعتها إلى الخازن، وقلت: ادفع هذه الدنانير في أوثق مكان، ولا تخرجنّ إليّ في حال من الأحوال ولو اشتدّت الحاجة إليها، وسلّمت الفرس

(٤٩٣)

والنصل، قال: فأنا قاعد في مجلسي بالريّ ابرم الامور واوفي القصص وآمر وأنهى إذ دخل أبو الحسن الأسدي، وكان يتعاهدني الوقت بعد الوقت، وكنت أقضي حوائجه، فلمّا طال جلوسه وعليّ بؤس كثير قلت له: ما حاجتك؟ قال: أحتاج منك إلى خلوة، فأمرت الخازن أن يهيّء لنا مكانا من الخزانة، فدخلنا الخزانة، فأخرج إليّ رقعة صغيرة من مولانا، فيها: يا أحمد بن الحسن! الألف دينار التي لنا عندك ثمن النصل والفرس سلّمها الى أبي الحسن الأسدي، قال: فخررت للّه (عزّ وجلّ) ساجدا شاكرا لما منّ به علىّ وعرفت أنّه خليفة الله حقّا، فإنّه لم يقف على هذا أحد غيري، فأضفت إلى ذلك المال ثلاثة آلاف دينار سرورا بما منّ الله عليّ بهذا الأمر.
852-(612)- دلائل الإمامة: أخبرني أبو المفضّل محمّد بن عبد الله، قال: أخبرني محمّد بن يعقوب، قال: قال القاسم بن العلاء: كتبت الى صاحب الزمان ثلاثة كتب في حوائج لي، وأعلمته أنني رجل قد كبر سنّي، وأنّه لا ولد لي، فأجابني عن الحوائج ولم يجبني عن الولد بشيء, فكتبت إليه في الرابعة كتابا وسألته أن يدعو الله لي أن يرزقني ولدا، فأجابني وكتب بحوائجي، وكتب: اللهم ارزقه ولدا ذكرا تقرّبه عينه، واجعل هذا الحمل الذي له وارثا، فورد الكتاب وأنا لا أعلم أنّ لي حملا، فدخلت إلى جاريتي فسألتها عن ذلك فأخبرتني أنّ علّتها قد ارتفعت فولدت غلاما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(612) دلائل الإمامة: ص 286 ب معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان (عليه السلام) ح 4؛ فرج المهموم: ص 244 عن الحميري والطبري؛ البحار: ج 51 ص 303 و304 ب 15 ذيل ح 19؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 701 ب 33 ح 141.

(٤٩٤)

853-(613)- دلائل الإمامة: حدثني علي بن محمّد، قال: حدّثني نصر بن الصباح، قال: أنفذ رجل من أهل بلخ خمسة دنانير إلى الصاحب وكتب معها غيّر فيها [رقعة] اسمه، فأوصلها إلى الصاحب، فخرج الوصول باسمه ونسبه والدعاء له.
854-(614)- دلائل الإمامة: وقال: حدّثني أبو جعفر، قال: ولد لي مولود فكتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع، فورد: لا، فمات المولود يوم السابع، ثمّ كتبت أخبره بموته، فورد: سيخلف الله عليك غيره وغيره فسمّه أحمد، وبعد أحمد جعفرا، فجاء كما قال.
855-(615)- الكافي: علي بن محمّد، عن أبي عقيل عيسى بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(613) دلائل الإمامة: ص 287 ب معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان (عليه السلام) ح 8؛ البحار: ج 51 ص 327 ب 15 ح 49؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 673 ب 33 ح 47 وفيهما: «وكتب رقعة غيّر فيها».
(614) دلائل الإمامة: ص 288 ب معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان (عليه السلام) ح 10؛ فرج المهموم: ص 244 عن الطبري والحميري وفيه: «فسمّ أحمد»؛ البحار: ج 51 ص 308 ب 15 ح 24 وفيه: «فسمّ الأوّل أحمد»؛ الإرشاد:
ص 355 ب ذكر طرف من دلائل صاحب الزمان (عليه السلام)؛ غيبة الشيخ: ص 283 ح 242 وفيه: «وتسمّيه أحمد»؛ الكافي: ص 522 ح 17 وفيه: «تسمّيه»؛ كشف الغمة: ج 2 ص 455 وفيه: «فسمّ الأوّل»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 662 ب 33 ح 16.
(615) الكافي: ج 1 ص 524 ب 125 ح 27؛ مرآة العقول: ج 6 ص 199 ب مولد الصاحب ح 27 وقال: «في سنة ثمانين» أي من عمرك أو أراد الثمانين بعد المائتين من الهجرة؛ غيبة الشيخ: ص 283- 284 ح 243 نحوه بسنده عن أبي عقيل؛ البحار: ج 51 ص 306 ب 15 ح 20؛ كشف الغمة: ج 2 ص 456؛ تقريب المعارف: ص 196؛ الثاقب: ص 590 ح 535/ 1؛ وفي دلائل الإمامة: ص 285 و286(ب معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان (عليه السلام)) روى مثل هذه المعجزة عنه (عليه السلام) في علي بن محمد السمري وروى ما في الدلائل في فرج المهموم: ص 244 عن الطبري صاحب الدلائل والحميري. أقول: ومن المحتمل وقوع الوهم في استنساخ الدلائل، ويقرّب ذلك وقوع وفاة علي بن محمّد السمري- رضي الله عنه- في سنة 328 ه أو 329 ه، اللهمّ إلّا أن يكون المراد من «ثمانين» ثمانين من عمره.
كمال الدين: ج 2 ص 501 ب 45 ح 26؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 664 ب 33 ح 26 إعلام الورى: ص 421 ف 2؛ الخرائج والجرائح: ج 1 ص 463 و464 ح 8.

(٤٩٥)

نصر، قال: كتب علي بن زياد الصيمري يسأل كفنا، فكتب إليه: إنّك تحتاج إليه في سنة ثمانين، فمات في سنة ثمانين وبعث إليه بالكفن قبل موته بأيّام.
856-(616)- الكافي: القاسم بن العلاء، قال: ولد لي عدّة بنين، فكنت أكتب وأسأل الدعاء، فلا يكتب إليّ لهم بشيء, فماتوا كلّهم، فلمّا ولد لي الحسن ابني كتبت أسأل الدعاء، فأجبت: يبقى والحمد للّه.
857-(617)- الخرائج: ومنها (أي من معجزات الإمام صاحب الزمان (عليه السلام)): أنّ أبا محمّد الدعلجي كان له ولدان، وكان من خيار أصحابنا، وكان قد سمع الاحاديث، وكان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة، وهو أبو الحسن، وكان يغسل الأموات، وولد آخر يسلك مسالك الأحداث في فعل الحرام، وكان قد دفع إلى أبي محمّد حجّة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(616) الكافي: ج 1 ص 519 ب 125 ح 9؛ البحار: ج 51 ص 309 ب 15 ح 27؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 659 ب 33 ح 8؛ إعلام الورى: ص 418 و419 ف 2.
(617) الخرائج: ج 1 ص 480 ب في معجزات الإمام صاحب الزمان، ح 21 ط مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام)؛ البحار: ج 52 ص 59 ب 18 ح 42؛ فرج المهموم:
ص 256، وفي آخره: «فذهبت بها» وقال: «الدعلجي منسوب الى موضع خلف باب الكوفة ببغداد يقال لأهله الدعالجة، وكان فقيها عارفا، ذكره النجاشي في كتابه بما ذكرناه» قال: «وعليه تعلّمت المواريث، وله كتاب الحجّ»، وعلى هذا فالأقرب بالظنّ أنّ هذه المعجزة إنّما وقعت في الغيبة الكبرى، فإنّ النجاشي توفي سنة 450 ه، وولد سنة 372 ه.
إثبات الهداة: ج 3 ص 695 ب 33 ح 120؛ وسائل الشيعة: ج 8 ص 147 ب 24 ح 2؛ مستدرك الوسائل: ج 8 ص 70- 71 ح 4.

(٤٩٦)

يحجّ بها عن صاحب الزمان (عليه السلام)، وكان ذلك عادة الشيعة وقتئذ فدفع شيئا منها إلى ولده المذكور بالفساد شيئا وخرج إلى الحجّ.
فلمّا عاد حكى أنّه كان واقفا بالموقف، فرأى الى جانبه شابّا حسن الوجه، أسمر اللون، بذؤابتين، مقبلا على شأنه في الابتهال والدعاء والتضرّع وحسن العمل، فلمّا قرب نفر الناس التفت إليّ وقال: يا شيخ! أ ما تستحي؟! فقلت: من أيّ شيء يا سيّدي؟ قال: تدفع إليك حجّة عمّن تعلم فتدفع منها الى فاسق يشرب الخمر، يوشك أن تذهب عينيك [عينك- ظ] وأومأ الى عيني، وأنا من ذلك اليوم على وجل ومخافة، وسمع أبو عبد الله محمّد بن محمّد النعمان ذلك، قال: فما مضى عليه أربعون يوما بعد مورده حتى خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت.
858-(618)- كمال الدين: حدثنا أبي- رضي الله عنه- عن سعد بن عبد الله، عن علان الكليني، عن الأعلم المصري، عن أبي رجاء المصري، قال: خرجت في الطلب بعد مضي أبي محمّد (عليه السلام) بسنتين لم أقف فيهما على شيء, فلمّا كان في الثالثة كنت بالمدينة في طلب ولد لأبي محمّد (عليه السلام) بصرياء، وقد سألني أبو غانم أن أتعشّى عنده، وأنا قاعد مفكر في نفسي وأقول: لو كان شيء لظهر بعد ثلاث سنين، فإذا هاتف أسمع صوته ولا أرى شخصه وهو يقول: يا نصر بن عبد ربّه! قل لأهل مصر: آمنتم برسول الله (صلّى الله عليه وآله) حيث رأيتموه؟ قال نصر: ولم أكن أعرف اسم أبي، وذلك أنّي ولدت بالمدائن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(618) كمال الدين: ج 2 ص 491 و492 ب 45 ح 15؛ الخرائج والجرائح: ج 2 ص 698 و699 ف اعلام الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) ح 1 ط مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام) باختلاف؛ البحار: ج 51 ص 295 ب 15 ح 10؛ فرج المهموم: فصل دلائل المهدي (عليه السلام) ص 239؛ اثبات الهداة: ج 3 ص 696 باختلاف في ألفاظه.

(٤٩٧)

فحملني النوفلي وقد مات أبي، فنشأت بها، فلمّا سمعت الصوت قمت مبادرا ولم أنصرف إلى أبي غانم، وأخذت طريق مصر.
قال: وكتب رجلان من أهل مصر في ولدين لهما، فورد: أمّا أنت يا فلان فآجرك الله، ودعا للآخر، فمات ابن المعزّى.
859-(619)- الغيبة: (للشريف الفقيه المحدّث الزاهد الحسن بن حمزة رضي الله عنه، المتوفى سنة 358 ه): حدثنا رجل صالح من أصحابنا، قال: خرجت سنة من السنين حاجّا الى بيت الله الحرام، وكانت سنة شديدة الحرّ، كثيرة السموم، فانقطعت عن القافلة وضللت الطريق، فغلب عليّ العطش، حتى سقطت وأشرفت على الموت، فسمعت صهيلا، ففتحت عيني فإذا بشابّ حسن الوجه، حسن الرائحة، راكب على دابّة شهباء، فسقاني ماء أبرد من الثلج، وأحلى من العسل، ونجّاني من الهلاك، فقلت: يا سيّدي من أنت؟ قال: أنا حجّة الله على عباده، وبقيّة الله في أرضه، أنا الذي أملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، أنا ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (عليهم السلام)، ثم قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(619) الاربعين الموسوم بكفاية المهتدي: ص 140 ح 36، الاربعين للخاتون آبادي: ص 49 ح 12.
أقول: وإن كان من المحتمل وقوع هذه المعجزة في الغيبة الكبرى إلّا أنه لما كان احتمال وقوعها في الغيبة الصغرى أقرب الى النظر ذكرناه هنا، والله أعلم.
ثمّ اعلم أنّ أساتذة فن الرجال قد نعتوا هذا الشريف بالفقه والزهد والورع وغيرها، قال الشيخ: «كان فاضلا أديبا، عارفا، فقيها، زاهدا، ورعا، كثير المحاسن، له كتب وتصانيف كثيرة...» وقال النجاشي: «كان من أجلاء هذه الطائفة»، وفي تنقيح المقال: «هو من السادة الأطياب، وشيخ من أعاظم مشايخ الأصحاب، ذكره علماء الرجال، ونعتوه بكل جميل، وعظّموه غاية التعظيم».

(٤٩٨)

اخفض عينيك، فخفضتهما، ثمّ قال: افتحهما، ففتحتهما فرأيت نفسي في قدّام القافلة، ثمّ غاب من نظري صلوات الله عليه.
860-(620)- الدلائل: (للشيخ أبي العبّاس عبد الله بن جعفر الحميري، من أعلام القرن الثالث): قال: وكتب رجل من ربض حميد يسأل الدعاء في حمل له، فورد عليه الدعاء في الحمل قبل الاربعة أشهر، وأنّها ستلد ابنا، فكان الأمر كما قال صلوات الله عليه.
861-(621)- فرج المهموم: ومن الكتاب المذكور (الظاهر أنّه هو الدلائل للحميري) ما رويناه عن الشيخ المفيد، ونقلناه عن نسخة عتيقة جدّا من اصول أصحابنا، قد كتبت في زمان الوكلاء، فقال فيها ما هذا لفظه: قال الصفواني- رحمه الله-: رأيت القاسم بن العلاء وقد عمّر مائة سنة وسبع عشرة، منها ثمانون سنة صحيح العينين، فيها لقي مولانا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(620) فرج المهموم: ص 247 قال: «فصل: وممّا رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي العبّاس عبد الله بن جعفر الحميري في ج 2 من كتاب الدلائل قال:...»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 675 ب 33 ح 558؛ البحار: ج 51 ص 332 ب 15 عجز ح 56 وفيه: «فورد الدعاء في الحمل» و«ستلد انثى» وليس فيه: «عليه».
(621) فرج المهموم: ص 248- 253 وحيث إنّ النسخة مغلوطة صححناها من البحار. غيبة الشيخ: ص 310- 315 ح 263، وفيه: «عبد الله بن عبيد الله»، والظاهر أنّه وهم من النسّاخ، والصحيح: عتبة بن عبيد الله، وهو ابن موسى بن عبد الله الهمداني، تولّى مقام القضاء في مراغة، ثم في آذربايجان وهمدان وبغداد، توفي سنة 351 ه، عاش ستّا وثمانين سنة. راجع سير أعلام النبلاء: ج 16 ص 47 وتاريخ بغداد: ج 12، ص 320.
الثاقب في المناقب: ص 590 ح 536/ 2 وفيه: «أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي»؛ البحار: ج 51 ص 313- 316 ب 15 ح 37 وفيه أيضا: «عتبة بن عبيد الله»، إثبات الهداة: ج 3 ص 690- 692 ب 33 ح 106؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 130- 134؛ الخرائج والجرائح: ج 1 ص 467- 470 ح 14 وفيه أيضا: «أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي».

(٤٩٩)

أبا الحسن ومولانا أبا محمد العسكري (عليهما السلام)، وحجب بعد الثمانين وردّت عيناه قبل موته بسبعة أيام، وذلك أنّي كنت مقيما عنده بمدينة اران من أرض آذربايجان، وكان لا تنقطع عنه توقيعات مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه على يد أبي جعفر محمد بن عثمان العمري، وبعده على يد أبي القاسم بن روح- قدّس الله ارواحهما- فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين، فقلق- رحمه الله- لذلك، فبينا نحن عنده إذ دخل البوّاب مستبشرا، وقال: فيج العراق قد ورد ولا يسمّى بغيره، فاستبشر القاسم وحوّل وجهه الى القبلة فسجد، ودخل رجل قصير بالصرر [أثر] الفيوج عليه وعليه جبّة مصريّة، وفي رجليه نعل آمليّ، وعلى كتفه مخلاة، فقام إليه وعانقه، ووضع المخلاة من عنقه، ودعا بطست من ماء فغسل وجهه، وأجلسه الى جانبه، فأكلنا وغسلنا أيدينا، فقام الرجل وأخرج كتابا أفضل من نصف الدرج، فناوله القاسم فقبّله ودفعه الى كاتب له يقال له: عبد الله بن أبي سلمة، فأخذه وفضّه وقرأه وبكى حتّى أحسّ القاسم ببكائه، فقال القاسم له: يا عبد الله خيرا، قال: ما يكره فلا، قال: فما هو؟ قال: ينعى الشيخ [إلى] نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما، وأنّه يمرض في اليوم السابع من ورود هذا الكتاب، وأنّ الله يردّ عليه بعد ذلك عينيه وقد حمل إليه سبعة أثواب، فقال القاسم: في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك، فضحك- رحمه الله- وقال: ما أؤمّل بعد هذا العمر؟ ثمّ قام الرجل الوارد فأخرج من مخلاته ثلاثة ازر [وحبرة] يمانيّة حمراء وعمامة وثوبين ومنديلا فأخذها الشيخ، وكان عنده قميص خلعه عليه مولانا أبو الحسن ابن الرضا (عليه السلام)، وكان له صديق يقال له:

(٥٠٠)

عبد الرحمن بن محمّد السري، وكان شديد النصب، وكان بينه وبين القاسم- نضر الله وجهه- مودّة في امور الدنيا شديدة، وكان يوادّه، وكان عبد الرحمن وافى الى اران للاصلاح بين أبي جعفر ابن حمدون الهمداني وبين حيّان العين فربّما حضر عنده، فقال لشيخين كانا مقيمين عنده- احدهما يقال له: أبو حامد عمران بن المفلس والآخر يقال له: أبو علي محمد-: اريد أن أقرأ هذا الكتاب لعبد الرحمن، فإنّي احبّ هدايته، وأرجو أن يهديه الله (عزّ وجلّ) بقراءة هذا الكتاب، فقال: لا إله الّا الله، هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة فكيف عبد الرحمن؟ فقال: إنّي أعلم أني مفش سرّا لا يكون لي إعلانه، ولكن لمحبتي عبد الرحمن أشتهي أن يهديه الله لهذا الأمر، فأقرأه له، فلمّا مرّ ذلك اليوم، وكان الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة أربع وثلاثمائة دخل عبد الرحمن وسلّم عليه، فقال له: اقرأ هذا الكتاب وانظر لنفسك، فقرأه، فلمّا بلغ الى موضع النعي به رمى الكتاب من يده، وقال للقاسم: يا أبا محمد! اتّق الله، فإنّك رجل فاضل في دينك، متمكّن من عقلك، إن الله يقول: (وما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ)، ويقول: (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً)، فضحك القاسم وقال: أتمّ الآية: (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) ومولاي هذا المرتضى من رسول، قد علمت أنّك تقول هذا، ولكن أرّخ هذا اليوم، فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرخ في الكتاب فاعلم أنّي لست على شيء, وإن أنا متّ فانظر لنفسك، فأرّخ عبد الرحمن اليوم وافترقوا، فلمّا كان اليوم السابع من ورود الكتاب حمّ القاسم واشتدّت به العلّة، واستند في فراشه الى الحائط، وكان ابنه الحسن بن القاسم مدمنا

(٥٠١)

على شرب الخمر، وكان متزوّجا الى أبي عبد الله ابن حمدون الهمداني، وكان ابن حمدون الهمداني جالسا في ناحية من الدار ورداؤه على وجهه، وأبو حامد في ناحية، وأبو علي بن محمد وجماعة من أهل البلد يبكون إذ اتكأ القاسم على يديه الى خلف، وجعل يقول: يا محمد يا علي يا حسن يا حسين... إلى آخر الائمّة، يا موالي كونوا شفعائي إلى الله (عزّ وجلّ)، ثمّ قالها ثانية، ثم قالها ثالثة، فلمّا وصل إلى يا موسى! يا علي! تفرقعت أجفان عينيه كما تفرقع الصبيان شقائق النعمان، وانفتحت حدقتاه، وجعل يمسح بكمّه عينيه، وخرج من عينيه شيء يشبه ماء اللحم، ثمّ مدّ طرفه الى ابنه فقال: يا حسن إليّ، يا أبا حامد إليّ، يا أبا عليّ إليّ، فاجتمعوا حوله ونظروا الى حدقتيه صحيحين، فقال أبو حامد: تراني؟ فجعل يده على كلّ واحد منّا، وشاع في الناس هذا، فأتاه الناس ينظرون إليه، وركب إليه القاضي وهو عينية(622) بن عبيد الله أبو ثابت المسعودي قاضي القضاة ببغداد، فدخل عليه وقال: يا أبا محمد! ما هذا الذي بيدي؟ وأراه خاتما فصّه فيروزج وقرّبه منه، فقال: خاتم فصّه فيروزج، عليه ثلاثة أسطر، فتناوله القاسم فلم يمكنه قراءته، وخرج الناس متعجبين يتحدثون بخبره، فالتفت القاسم إلى ابنه الحسن، فقال: يا بني! إنّ الله عزّ اسمه جعل منزلتك منزلتي، ومرتبتك مرتبتي، فاقبلها بشكر، فقال الحسن: قد قبلتها، قال القاسم: على ما ذا؟ قال: على ما تأمرني به، قال: أن تنزع عمّا أنت عليه من شرب الخمر، فقال: يا أبه! وحقّ من أنت في ذكره لأنزعنّ عن شرب الخمر، ومع الخمر أشياء لا تعرفها، فرفع القاسم يده الى السماء، وقال: اللهمّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(622) الظاهر أن الصحيح كما ذكرناه: «عتبة بن عبيد الله أبو السائب المسعودي».

(٥٠٢)

ألهم الحسن طاعتك، وجنّبه معصيتك، ثلاث مرّات، ثم دعا بدرج وكتب وصيّته- رحمه الله- بيده، وكانت الضياع التي بيده لمولانا (عليه السلام) وقفها له أبوه، فكان فيما أوصى الحسن أن قال له: إنّك إن أهّلت الأمر- يعني الوكالة لمولانا (عليه السلام)- تكون مؤونتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجند وسائرها ملك لمولاي، وإن لم تؤهّل فاطلب خيرك من حيث يبعث الله لك، فقبل الحسن وصيّته على ذلك، فلمّا كان يوم الأربعين وقد طلع الفجر مات القاسم، فوافاه عبد الرحمن بن محمد يعدو في الأسواق حافيا حاسرا وهو يصيح: وا سيّداه! فاستعظم الناس منه ذلك، وجعلوا يقولون له: ما الذي تفعل بنفسك؟ فقال: اسكتوا، فإنّي رأيت ما لم تروا، وشيّعه ورجع عمّا كان عليه، ووقف أكثر ضياعه، فتجرّد أبو علي بن محمد وغسّل القاسم، وأبو حامد يصبّ عليه الماء، ولفّ في ثمانية أثواب، على بدنه قميص مولانا، وما يليه السبعة أثواب التي جاءت من العراق، فلمّا كان بعد مدّة يسيرة ورد كتاب تعزية على الحسن من مولانا صلوات الله عليه، ودعا له في آخره: ألهمه الله طاعته وجنّبه معصيته، وهو الدعاء الذي كان دعا به أبوه، وكان في آخره: قد جعلنا أباك لك إماما، وفعاله مثلا.
وروينا هذا الحديث الذي ذكرناه أيضا عن أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه.
862-(623)- الخرائج والجرائح: قال: ومنها ما روي عن أبي الحسن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(623) الخرائج والجرائح: ج 1 ص 472- 475 ح 17؛ فرج المهموم: ص 253 و254؛ البحار: ج 52 ص 56 و57 ب 18 ح 40؛ اثبات الهداة: ج 3 ص 694 ب 33 ف 3 ح 118 مختصرا؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 500 و501 في معجزات صاحب الزمان (عليه السلام).

(٥٠٣)

المسترقّ الضرير: كنت يوما في مجلس الحسن بن عبد الله بن حمدان ناصر الدولة، فتذاكرنا أمر الناحية، قال: كنت أزري عليها، الى أن حضرت مجلس عمّي الحسين يوما، فأخذت أتكلّم في ذلك، فقال: يا بنيّ! قد كنت أقول بمقالتك هذه الى أن ندبت لولاية قم حين استصعبت على السلطان، وكان كلّ من ورد إليها من جهة السلطان يحاربه أهلها، فسلّم إليّ جيشا وخرجت نحوها، فلمّا بلغت الى ناحية طرز خرجت الى الصيد، ففاتتني طريدة فاتّبعتها، وأوغلت في أثرها، حتى بلغت الى نهر، فسرت فيه، وكلّما أسير يتّسع النهر، فبينما أنا كذلك إذ طلع عليّ فارس تحته شهباء، وهو معمّم بعمامة خزّ خضراء، لا أرى منه إلّا عينيه، وفي رجليه خفّان أحمران، فقال لي: يا حسين! فلا هو أمّرني ولا كنّاني، فقلت: ما ذا تريد؟ قال: لم تزري على الناحية؟
ولم تمنع أصحابي خمس مالك؟ وكنت الرجل الوقور الذي لا يخاف شيئا فارعدت وتهيّبته، وقلت له: أفعل يا سيّدي ما تأمر به، فقال: إذا مضيت الى الموضع الذي أنت متوجّه إليه، فدخلته عفوا وكسبت ما كسبته، تحمل خمسه الى مستحقّه، فقلت: السمع والطاعة، فقال: امض راشدا، ولوى عنان دابّته وانصرف، فلم أدر أي طريق سلك، وطلبته يمينا وشمالا فخفي عليّ أمره، وازددت رعبا وانكفأت راجعا الى عسكري وتناسيت الحديث، فلما بلغت قم وعندي أنّي أريد محاربة القوم، خرج إليّ أهلها وقالوا: كنّا نحارب من يجيئنا بخلافهم لنا، فأمّا إذا وافيت أنت فلا خلاف بيننا وبينك، ادخل البلدة فدبّرها كما ترى، فأقمت فيها زمانا، وكسبت أموالا زائدة على ما كنت أقدّر، ثمّ وشى القوّاد بي الى السلطان، وحسدت على طول مقامي، وكثرة ما اكتسبت،

(٥٠٤)

فعزلت ورجعت الى بغداد، فابتدأت بدار السلطان وسلّمت عليه، وأتيت الى منزلي، وجاءني فيمن جاءني محمد بن عثمان العمري، فتخطّى الناس حتّى اتّكأ على تكأتي، فاغتظت من ذلك، ولم يزل قاعدا ما يبرح، والناس داخلون وخارجون وأنا أزداد غيظا، فلمّا انصرم [الناس وخلا] المجلس، دنا إليّ وقال: بيني وبينك سرّ فاسمعه، فقلت: قل، فقال: صاحب الشهباء والنهر يقول: قد وفينا بما وعدنا، فذكرت الحديث وارتعت من ذلك وقلت: السمع والطاعة، فقمت فأخذت بيده ففتحت الخزائن، فلم يزل يخمّسها الى أن خمّس شيئا كنت قد نسيته ممّا كنت قد جمعته، وانصرف، ولم أشكّ بعد ذلك وتحققت الأمر.
فأنا منذ سمعت هذا من عمّي أبي عبد الله زال ما كان اعترضني من شك.
ويدل عليه من هذا الباب الأحاديث 823، 827، 828، 830، 832، 833، 838، 839، 840، 868.

(٥٠٥)

الفصل الثالث: في حالات سفرائه ونوّابه في الغيبة الصغرى وفيه 27 حديثا (624)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(624) اعلم ان وكلاءه ونوّابه (عليه السلام) في زمان الغيبة الصغرى كما يظهر من مراجعة الكتب المعتبرة كانوا عدّة من الثقات الممدوحين بالوثاقة والأمانة والصداقة، وكان يخرج من عندهم توقيعاته وأوامره ونواهيه (عليه السلام)، ويظهر منهم الكرامات والإخبار عن المغيبات من جهته، واقتصر على ذكر اسماء الاربعة المعروفين منهم الذين أجمع الشيعة على أمانتهم وعدالتهم، ورفعة مقامهم، وعلوّ درجتهم، فنقول:
الأول: الشيخ أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري- رضي الله تعالى عنه- وقد نصبه أبو الحسن علي بن محمد العسكري، وأبو محمد الحسن بن علي (عليهم السلام)، وكان أسديّا، ويقال له: العسكري، والسمّان؛ لأنّه كان يتّجر في السمن تغطية على الأمر، وقد ورد النصّ عليه من الإمامين المذكورين، ومن مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه. وقد ذكره الشيخ في رجاله تارة في ذكر اصحاب الهادي (عليه السلام)، فقال: «عثمان بن سعيد العمري، يكنّى أبا عمرو السمّان، ويقال له: الزيّات، خدمه وله إحدى عشرة سنة، وله إليه عهد معروف»، وتارة في اصحاب أبي محمد الحسن (عليه السلام)، فقال: «جليل القدر، ثقة، وكيله (عليه السلام)»، وقال أيضا في رجاله: «محمد بن عثمان بن سعيد العمري، يكنّى أبا جعفر، وأبوه يكنّى أبا عمرو، جميعا وكيلان من جهة صاحب الزمان (عليه السلام)، ولهما منزلة جليلة عند الطائفة، انتهى»، ولقد أجاد المولى الوحيد حيث قال كما في تنقيح المقال: «هو أجلّ وأشهر من أن يذكر».
الثاني: أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري رضوان الله تعالى عليه، فإنّه لمّا مضى أبوه أبو عمرو قام مقامه بنصّ أبي محمد (عليه السلام) عليه، ونص أبيه عثمان عليه بأمر القائم (عليه السلام)، وقد نقل الشيخ في غيبته عن أبي العبّاس عن هبة الله بن محمد عن شيوخه إجماع الشيعة على عدالته ووثاقته وأمانته، لما ورد عليه من النصّ عليه بالعدالة والأمر بالرجوع إليه في حياة الحسن (عليه السلام)، وبعد موته في حياة أبيه، قال: «وقد نقلت عنه دلائل كثيرة، ومعجزات الإمام ظهرت على يده... الخ».
قال في تنقيح المقال: «جلالة شأن الرجل وعلوّ قدره ومنزلته في الإماميّة أشهر من أن يحتاج إلى بيان... الخ»، وكانت له كتب مصنّفة مما سمعها من أبي محمد الحسن، ومن الصاحب (عليهما السلام)، ومن أبيه عثمان بن سعيد عن أبي محمد وعن أبي الحسن الهادي (عليهما السلام)، قال الشيخ في كتاب الغيبة: «قال أبو نصر هبة الله: وجدت بخطّ أبي غالب الزراري- رحمه الله وغفر له- أن أبا جعفر محمد بن عثمان العمري- رحمة الله عليه- مات في آخر جمادى الاولى سنة خمس وثلاثمائة، وذكر أبو نصر هبة الله بن محمد بن أحمد أنّ أبا جعفر العمري مات في سنة أربع وثلاثمائة، وأنّه كان يتولّى هذا الأمر نحوا من خمسين سنة، يحمل الناس إليه أموالهم، ويخرج إليهم التوقيعات بالخطّ الذي كان يخرج في حياة الحسن (عليه السلام) إليهم بالمهمّات في أمر الدين والدنيا، وفيما يسألونه من المسائل بالاجوبة العجيبة، رضي الله عنه وأرضاه».
الثالث من السفراء: الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي- رحمة الله عليه- المتولّي لمقام النيابة الخاصّة بعد محمد بن عثمان- رحمهما الله- والقائم مقامه بنصّ منه بأمر الإمام (عليه السلام)، وهو من أعقل الناس عند الموافق والمخالف، وكان له مكانة عظيمة عند العامّة أيضا، وقد كان لمحمّد بن عثمان نحوا من عشرة أنفس، وأبو القاسم بن روح فيهم، وكانوا كلّهم أخصّ به من الشيخ أبي القاسم، وبلغ جعفر بن أحمد بن متيل منه من الخصوصية به، وكثرة كينونته في منزله بمرتبة كان أصحابنا لا يشكّون إن كانت حادثة لم تكن الوصيّة إلّا إليه، ولكن لمّا وقع الاختيار بأمر الإمام على أبي القاسم لم ينكروا وسلّموا، ولم يزل جعفر بن أحمد بن متيل في جملة أبي القاسم وبين يديه كتصرّفه بين يدي أبي جعفر العمري إلى أن مات، وتوفّي الشيخ أبو القاسم- رضي الله عنه- في شعبان سنة ست وعشرين وثلاثمائة، فكانت مدّة سفارته إحدى أو اثنتان وعشرون سنة.
الرابع من الوكلاء في عصر الغيبة الصغرى: الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري- رحمة الله عليه- القائم مقام الشيخ أبي القاسم بنصّ منه، وهو آخر الوكلاء، وبموته وقعت الغيبة التامّة، وصار الأمر إلى الفقهاء وحملة الأحاديث وعلوم أهل البيت (عليهم السلام)، فيجب على العوام الرجوع إليهم، ودلّت على ذلك روايات كثيرة قد مرّ بعضها، ومات أبو الحسن علي بن محمّد السمري في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.

(٥٠٦)

863-(625)- غيبة الشيخ: أخبرني جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسى، عن أبي علي محمّد بن همام الإسكافي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق بن سعد القمّي، [قال:] دخلت على أبي الحسن علي بن محمد صلوات الله عليه في يوم من الأيّام، فقلت: يا سيدي أنا أغيب وأشهد، ولا يتهيّأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كلّ وقت فقول من نقبل، وأمر من نمتثل؟
فقال لي صلوات الله عليه: هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّاه إليكم فعني يؤديه، فلمّا مضى أبو الحسن (عليه السلام) وصلت إلى أبي محمّد ابنه الحسن العسكري (عليه السلام) ذات يوم، فقلت له (عليه السلام) مثل قولي لأبيه، فقال لي: هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ثقة الماضي، وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّى إليكم فعنّي يؤدّيه.
قال أبو محمّد هارون: قال أبو علي: قال أبو العبّاس الحميري: فكنّا كثيرا ما نتذاكر هذا القول، ونتواصف جلالة محلّ أبي عمرو.
864-(626)- غيبة الشيخ: وأخبرنا جماعة، عن أبي محمّد هارون، عن محمد بن همّام، عن عبد الله بن جعفر، قال: حججنا في بعض السنين بعد مضيّ أبي محمّد (عليه السلام)، فدخلت على أحمد بن إسحاق بمدينة السلام فرأيت أبا عمرو عنده، فقلت: إنّ هذا الشيخ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(625) غيبة الشيخ: ص 354- 355 ح 315 فصل طرف من أخبار السفراء؛ البحار: ج 51 ص 344- 345 ب 16.
(626) غيبة الشيخ: الفصل المذكور ص 355 ح 316؛ البحار: ج 51 ص 345 ب 16.

(٥٠٨)

- وأشرت الى أحمد بن إسحاق- وهو عندنا الثقة المرضي، حدّثنا فيك بكيت وكيت، واقتصصت عليه ما تقدّم- يعني: ما ذكرناه عنه من فضل أبي عمرو ومحلّه- وقلت: أنت الآن ممّن لا يشكّ في قوله وصدقه، فأسألك بحقّ الله، وبحقّ الإمامين اللذين وثّقاك، هل رأيت ابن أبي محمّد الذي هو صاحب الزمان؟ فبكى، ثم قال: على أن لا تخبر بذلك أحدا وأنا حيّ، قلت: نعم، قال: قد رأيته (عليه السلام) وعنقه هكذا- يريد أنّها أغلظ الرقاب حسنا وتماما- قلت: فالاسم؟ قال: نهيتم عن هذا.
865-(627)- غيبة الشيخ: وروى أحمد بن علي بن نوح أبو العبّاس السيرافي، قال: أخبرنا أبو نصر عبد الله بن محمّد بن أحمد المعروف بابن برنيّة الكاتب، قال: حدثني بعض الشرّاف من الشيعة الإماميّة أصحاب الحديث، قال: حدّثني أبو محمّد العبّاس بن أحمد الصائغ، قال: حدّثني الحسين بن أحمد الخصيبي، قال: حدّثني محمّد بن إسماعيل، وعلي بن عبد الله الحسنيّان، قالا: دخلنا على أبي محمّد الحسن (عليه السلام) بسرّمن رأى وبين يديه جماعة من أوليائه وشيعته، حتّى دخل عليه بدر خادمه، فقال: يا مولاي بالباب قوم شعث غبر، فقال لهم: هؤلاء نفر من شيعتنا باليمن (في حديث طويل يسوقانه إلى أن ينتهي إلى أن قال الحسن (عليه السلام) لبدر:) فامض فأتنا بعثمان بن سعيد العمري، فما لبثنا إلّا يسيرا حتّى دخل عثمان، فقال له سيّدنا أبو محمّد (عليه السلام): امض يا عثمان! فإنّك الوكيل والثقة المأمون على مال الله، واقبض من هؤلاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(627) غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء ص 355- 356 ح 317؛ البحار: ج 51 ص 345 ب 16.

(٥٠٩)

النفر اليمنيين ما حملوه من المال... ثم ساق الحديث الى أن قالا: ثم قلنا بأجمعنا: يا سيّدنا! والله إنّ عثمان لمن خيار شيعتك، ولقد زدتنا علما بموضعه من خدمتك، وأنّه وكيلك وثقتك على مال الله تعالى، قال: نعم، واشهدوا عليّ أنّ عثمان بن سعيد العمري وكيلي، وأنّ ابنه محمدا وكيل ابني مهديّكم.
866-(628)- غيبة الشيخ: عنه (أي: أحمد بن علي بن نوح)، عن أبي نصر هبة الله بن أحمد الكاتب، ابن بنت أبي جعفر العمري- قدّس الله روحه وأرضاه- عن شيوخه أنّه لمّا مات الحسن بن على (عليهما السلام) حضر غسله عثمان بن سعيد- رضي الله عنه وأرضاه- وتولّى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه وتقبيره، مأمورا بذلك للظاهر من الحال التي لا يمكن جحدها ولا دفعها إلّا بدفع حقائق الأشياء في ظواهرها، وكانت توقيعات صاحب الأمر (عليه السلام) تخرج على يدي عثمان بن سعيد،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(628) غيبة الشيخ: ف طرف من أخبار السفراء ص 356- 357 ح 318، وقال الشيخ في ص 320: «وقال أبو نصر هبة الله بن محمد: وقبر عثمان بالجانب الغربي من مدينة السلام، في شارع الميدان، في أوّل الموضع المعروف بدرب جبلة في مسجد الدرب، يمنة الداخل إليه، والقبر في نفس قبلة المسجد، رحمه الله. قال محمد بن الحسن مصنّف هذا الكتاب: رأيت قبره في الموضع الذي ذكره، وكان بني في وجهه حائط، وبه محراب المسجد، والى جنبه باب يدخل الى موضع القبر، في بيت ضيّق مظلم، فكنّا ندخل إليه ونزوره مشاهرة، وكذلك من وقت دخولي الى بغداد وهي سنة ثمان وأربعمائة إلى سنة نيف وثلاثين وأربعمائة ثمّ نقض ذلك الحائط الرئيس أبو منصور محمد بن الفرج، وأبرز القبر الى برّا، وعمل عليه صندوقا، وهو تحت سقف يدخل إليه من أراده ويزوره، ويتبرّك جيران المحلّة بزيارته، ويقولون: هو رجل صالح، وربّما قالوا: هو ابن داية الحسين (عليه السلام)، ولا يعرفون حقيقة الحال فيه، وهو إلى يومنا هذا- وذلك سنة سبع وأربعين وأربعمائة- على ما هو عليه»، البحار: ج 51 ص 346 ب 16.

(٥١٠)

وابنه أبي جعفر محمد بن عثمان الى شيعته وخواصّ أبيه أبي محمد (عليه السلام)، بالأمر والنهي، والاجوبة عمّا يسأل الشيعة عنه إذا احتاجت الى السؤال فيه، بالخطّ الذي كان يخرج في حياة الحسن (عليه السلام)، فلم تزل الشيعة مقيمة على عدالتهما الى أن توفي عثمان بن سعيد- رحمه الله ورضي عنه- وغسّله ابنه أبو جعفر، وتولّى القيام به، وحصل الأمر كلّه مردودا إليه، والشيعة مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته، لما تقدّم له من النصّ عليه بالأمانة والعدالة، والأمر بالرجوع إليه في حياة الحسن (عليه السلام)، وبعد موته في حياة أبيه عثمان- رحمة الله عليه-.
867-(629)- الكافي: محمّد بن عبد الله ومحمّد بن يحيى جميعا، عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو- رحمه الله- عند أحمد بن إسحاق، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف، فقلت له: يا أبا عمرو! إنّي اريد أن أسألك عن شيء, وما أنا بشاكّ فيما اريد أن أسألك عنه، فإنّ اعتقادي وديني أنّ الأرض لا تخلو من حجّة إلّا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوما، فإذا كان ذلك رفعت الحجّة، واغلق باب التوبة، فلم يك ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، فأولئك أشرار من خلق الله (عزّ وجلّ)، وهم الذين تقوم عليهم القيامة، ولكنّي أحببت أن أزداد يقينا، وإنّ إبراهيم (عليه السلام) سأل ربّه (عزّ وجلّ) أن يريه كيف يحيي الموتى، قال: أ ولم تؤمن، قال: بلى، ولكن ليطمئنّ قلبي، وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(629) الكافي: ص 329 و330 ب تسمية من رآه (عليه السلام)؛ غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء ص 359- 361 ح 322، وفي فصل ولادة صاحب الأمر (عليه السلام) ص 243- 244 ح 209؛ البحار: ج 51 ص 347- 348 ب 16.

(٥١١)

وقلت: من اعامل أو عمّن آخذ، وقول من أقبل؟ فقال له: العمري ثقتي، فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي، وما قال لك فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنّه الثقة المأمون. وأخبرني أبو علي أنّه سأل أبا محمّد (عليه السلام) عن مثل ذلك، فقال له: العمري وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما، فإنّهما الثقتان المأمونان. فهذا قول إمامين قد مضيا فيك، قال: فخرّ أبو عمرو ساجدا وبكى، ثمّ قال: سل حاجتك، فقلت له: أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمّد (عليه السلام)؟ فقال: إي والله، ورقبته مثل ذا- وأومأ بيده-، فقلت له: فبقيت واحدة، فقال لي: هات، قلت: فالاسم، قال: محرّم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندى، فليس لي أن أحلّل ولا احرّم، ولكن عنه (عليه السلام)، فإنّ الأمر عند السلطان أنّ أبا محمّد مضى ولم يخلف ولدا، وقسّم ميراثه وأخذه من لا حقّ له فيه، وهو ذا عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرّف إليهم أو ينيلهم شيئا، وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتّقوا الله وأمسكوا عن ذلك.
قال الكليني- رحمه الله-: وحدّثني شيخ من أصحابنا- ذهب عنّي اسمه- أنّ أبا عمرو سئل عند أحمد بن إسحاق عن مثل هذا فأجاب بمثل هذا.
868-(630)- كمال الدين: قال عبد الله بن جعفر الحميري: وخرج التوقيع إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري في التعزية بأبيه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(630) كمال الدين: ج 2 ص 510 ب 45 ح 41؛ غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء بسنده عن عبد الله بن جعفر ص 361 ح 323؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1112 ح 28، البحار: ج 51 ص 348 و349 ب 16؛ الاحتجاج: ج 2 ص 300- 301.

(٥١٢)

رضي الله تعالى عنهما، وفي فصل من الكتاب: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، تسليما لأمره، ورضاء بقضائه، عاش أبوك سعيدا ومات حميدا، فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه (عليهم السلام)، فلم يزل مجتهدا في أمرهم، ساعيا فيما يقرّبه الى الله (عزّ وجلّ) وإليهم، نضر الله وجهه، وأقاله عثرته.
وفي فصل آخر: أجزل الله لك الثواب، وأحسن لك العزاء، رزئت ورزئنا، وأوحشك فراقه وأوحشنا، فسرّه الله في منقلبه، وكان من كمال سعادته أن رزقه الله (عزّ وجلّ) ولدا مثلك يخلفه من بعده، ويقوم مقامه بأمره، ويترحّم عليه، وأقول: الحمد للّه، فإنّ الأنفس طيّبة بمكانك، وما جعله الله (عزّ وجلّ) فيك وعندك، أعانك الله وقوّاك وعضدك ووفّقك، وكان الله لك وليّا وحافظا وراعيا وكافيا ومعينا.
869-(631)- غيبة الشيخ: وأخبرني جماعة، عن هارون بن موسى، عن محمد بن همّام، [قال:] قال لي عبد الله بن جعفر الحميري: لمّا مضى أبو عمرو- رضي الله تعالى عنه- أتتنا الكتب بالخطّ الذي كنّا نكاتب به بإقامة أبي جعفر- رضي الله عنه- مقامه.
870-(632)- غيبة الشيخ: (وبهذا الاسناد) عن محمد بن همّام، قال: حدّثني محمّد بن حمويه بن عبد العزيز الرازي في سنة ثمانين ومائتين، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي أنّه خرج إليه بعد وفاة أبي عمرو: والابن- وقاه الله- لم يزل ثقتنا في حياة الأب- رضي الله عنه وأرضاه ونضر وجهه- يجري عندنا مجراه، ويسدّ مسدّه، وعن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(631) غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء ص 362 ح 324؛ البحار: ج 51 ص 349 ب 16 ح 2.
(632) غيبة الشيخ: الفصل المذكور ص 362 ح 325؛ البحار: ج 51 ص 349 ب 16 ح 2.

(٥١٣)

أمرنا يأمر الابن، وبه يعمل، تولاه الله فانته الى قوله، وعرّف معاملتنا ذلك.
871-(633)- كمال الدين: وحدّثنا أبو جعفر محمد بن على الاسود- رضي الله عنه- أنّ أبا جعفر العمري- قدّس سرّه- حفر لنفسه قبرا وسوّاه بالساج، فسألته عن ذلك، فقال: للناس أسباب، ثمّ سألته بعد ذلك، فقال: قد امرت أن أجمع أمري، فمات بعد ذلك بشهرين- رضي الله عنه-.
872-(634)- كمال الدين: وأخبرنا محمد بن علي بن متيل، قال: قال عمّي جعفر بن محمد بن متيل: دعاني أبو جعفر محمد بن عثمان السمّان، المعروف بالعمري- رضي الله عنه- فأخرج إليّ ثويبات معلمة وصرّة فيها دراهم، فقال لي: يحتاج أن تصير [تسير- ظ] بنفسك الى واسط في هذا الوقت، وتدفع ما دفعت إليك الى أوّل رجل يلقاك عند صعودك من المركب الى الشطّ بواسط، قال: فتداخلني من ذلك غمّ شديد، وقلت: مثلي يرسل في هذا الأمر ويحمل هذا الشيء الوتح (635)، قال: فخرجت الى واسط، وصعدت من المركب، فأوّل رجل يلقاني سألته عن الحسن بن محمد بن قطاة الصيدلاني، وكيل الوقف بواسط،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(633) كمال الدين: ج 2 ص 502 ب 45 ح 29؛ غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء ص 365- 366 ح 333 عن ابن بابويه عن جماعة؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1120 ح 36؛ البحار: ج 51 ص 351- 352 ب 16 ضمن الحديث الرابع؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 677 ب 33 ح 74؛ اعلام الورى: ص 422.
(634) كمال الدين: ج 2 ص 504 ب 45 ح 35؛ الخرائج والجرائح: باب العلامات السارّة... ص 1119 ح 35،؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 314 و315 ب 33 ح 79؛ البحار: ج 51 ص 336- 337 ب 15 ح 63.
(635) الوتح: القليل من كلّ شيء. لسان العرب: ج 2 ص 628 مادّة «وتح».

(٥١٤)

فقال: أنا هو، من أنت؟ فقلت: أنا جعفر بن محمّد بن متّيل، قال: فعرفني باسمي وسلّم عليّ وسلّمت عليه، وتعانقنا، فقلت له: أبو جعفر العمري يقرأ عليك السلام ودفع إليّ هذه الثويبات وهذه الصرّة لاسلّمها إليك، فقال: الحمد للّه، فإنّ محمّد بن عبد الله الحائري [العامري- خ] قد مات وخرجت لإصلاح كفنه، فحلّ الثياب وإذا فيها ما يحتاج إليه من حبر وثياب وكافور في الصرّة، وكري الحمّالين والحفّار، قال: فشيّعنا جنازته وانصرفت.
873-(636)- غيبة الشيخ: أخبرني الحسين بن إبراهيم، عن ابن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمّد، قال: حدّثني خالى أبو إبراهيم جعفر بن أحمد النوبختي، قال: قال لي أبي أحمد بن إبراهيم، وعمّي أبو جعفر عبد الله بن إبراهيم، وجماعة من أهلنا- يعني: بني نوبخت-: إنّ أبا جعفر العمري لمّا اشتدّت حاله اجتمع جماعة من وجوه الشيعة، منهم: أبو علي بن همّام، وأبو عبد الله بن محمد الكاتب، وأبو عبد الله الباقطاني، وأبو سهل إسماعيل بن علي النوبختي، وأبو عبد الله بن الوجناء، وغيرهم من الوجوه والأكابر، فدخلوا على أبي جعفر- رضي الله عنه- فقالوا له: إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي، القائم مقامي، والسفير بينكم وبين صاحب الأمر (عليه السلام)، والوكيل، والثّقة الأمين، فارجعوا إليه في اموركم، وعوّلوا عليه في مهمّاتكم، فبذلك امرت، وقد بلّغت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(636) غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء ص 371- 372 ح 342؛ البحار: ج 51 ص 355 ب 16 ح 6.

(٥١٥)

874-(637)- غيبة الشيخ: وسأله (أي الحسين بن روح) بعض المتكلّمين، وهو المعروف بترك الهروي، فقال له: كم بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟ فقال: أربع، قال: فأيّتهنّ أفضل؟ فقال: فاطمة (عليها السلام)، فقال: ولم صارت أفضل وكانت أصغرهنّ سنّا، وأقلّهنّ صحبة لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟ قال: لخصلتين خصّها الله بهما تطوّلا عليها، وتشريفا وإكراما لها: إحداهما أنّها ورثت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولم يرث غيرها من ولده، والاخرى أنّ الله تعالى أبقى نسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) منها ولم يبقه من غيرها، ولم يخصّصها بذلك إلّا لفضل إخلاص عرفه من نيّتها، قال الهروي: فما رأيت أحدا تكلّم وأجاب في هذا الباب بأحسن ولا أوجز من جوابه.
875-(638)- غيبة الشيخ: وأخبرني جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، قال: حدثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاجّ وهي سنة تناثر الكواكب، أنّ والدي- رضي الله عنه- كتب الى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح- رضي الله عنه- يستأذن في الخروج الى الحجّ، فخرج فى الجواب: لا تخرج في هذه السنة، فأعاد فقال: هو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(637) غيبة الشيخ: فصل طرف من أخبار السفراء ص 388 ح 353؛ البحار: ج 43 ص 37 ب 2 ذيل ح 40 وفيه: «بزل الهروي»، المناقب: ج 3 ص 323 و324 ب مناقب فاطمة الزهراء (عليها السلام) وفيه أيضا: «بزل الهروي» ويحتمل وقوع التصحيف وأنّ الأصل كان «بديل بن أحمد الهروي» لكنّه على ما ذكره الفيروزآبادي محدّث والله أعلم.
(638) غيبة الشيخ: ص 322 ح 270؛ البحار: ج 51 ص 293 ب 15 ح 1؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 692 ب 33 ح 110.

(٥١٦)

نذر واجب، أ فيجوز لي القعود عنه؟ فخرج الجواب: إن كان لا بدّ فكن في القافلة الأخيرة، فكان في القافلة الأخيرة، فسلم بنفسه وقتل من تقدّمه في القوافل الأخر.
876-(639)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني- رضي الله عنه- قال: كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح- قدّس الله روحه- مع جماعة فيهم علي بن عيسى القصري، فقام إليه رجل، فقال له: إنّي اريد أن أسألك عن شيء, فقال له: سل عمّا بدا لك، فقال الرجل: أخبرني عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أ هو وليّ الله؟ قال: نعم، قال: أخبرني عن قاتله أ هو عدوّ الله؟ قال: نعم، قال الرجل: فهل يجوز أن يسلّط الله (عزّ وجلّ) عدوّه على وليّه؟ فقال له أبو القاسم الحسين بن روح- قدس الله روحه-: افهم عنّي ما أقول لك، اعلم أنّ الله (عزّ وجلّ) لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان، ولا يشافههم بالكلام، ولكنّه جلّ جلاله يبعث إليهم رسلا من أجناسهم وأصنافهم بشرا مثلهم، ولو بعث إليهم رسلا من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم، فلمّا جاءوهم وكانوا من جنسهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق قالوا لهم: أنتم بشر مثلنا، ولا نقبل منكم حتّى تأتوننا بشيء نعجز أن نأتي بمثله، فنعلم أنّكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه، فجعل الله (عزّ وجلّ) لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها، فمنهم من جاء بالطوفان بعد الإنذار والإعذار، فغرق جميع من طغى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(639) كمال الدين: ج 2 ص 507- 509 ب 45 ح 37؛ غيبة الشيخ: ص 321- 322 ح 269 وص 324- 326 ح 273 فصل طرف من أخبار السفراء ح 33؛ البحار: ج 44 ص 273 و274 ب 33 ح 1؛ علل الشرائع: ج 1 ص 241- 243 ب 177 ح 1؛ الاحتجاج: ج 2 ص 285- 288 وص 471- 473 طبع بيروت.

(٥١٧)

وتمرّد، ومنهم من القي في النار فكانت بردا وسلاما، ومنهم من أخرج من الحجر الصلد ناقة وأجرى من ضرعها لبنا، ومنهم من فلق له البحر، وفجّر له من الحجر العيون، وجعل له العصا اليابسة ثعبانا تلقف ما يأفكون، ومنهم من أبرأ الاكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله، وأنبأهم بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم، ومنهم من انشقّ له القمر، وكلّمته البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك، فلمّا أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق عن أمرهم وعن أن يأتوا بمثله كان من تقدير الله (عزّ وجلّ) ولطفه بعباده وحكمته أن جعل أنبياءه (عليهم السلام) مع هذه القدرة والمعجزات في حالة غالبين وفي أخرى مغلوبين، وفي حال قاهرين وفي اخرى مقهورين، ولو جعلهم الله (عزّ وجلّ) في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين ولم يبتلهم ولم يمتحنهم لاتّخذهم الناس آلهة من دون الله (عزّ وجلّ)، ولما عرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار، ولكنّه (عزّ وجلّ) جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم، ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين، وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبّرين، وليعلم العباد أنّ لهم (عليهم السلام) إلها هو خالقهم ومدبّرهم فيعبدوه، ويطيعوا رسله، وتكون حجّة الله ثابتة على من تجاوز الحدّ فيهم وادّعى لهم الربوبيّة، أو عاند أو خالف وعصى وجحد بما أتت به الرسل والأنبياء (عليهم السلام)، (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ويَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ).
قال محمّد بن إبراهيم بن اسحاق- رضي الله عنه- فعدت إلى الشيخ أبي القاسم بن روح- قدّس الله روحه- من الغد وأنا أقول في نفسي: أ تراه ذكر ما ذكر لنا يوم أمس من عند نفسه، فابتدأني فقال لي: يا محمّد بن

(٥١٨)

إبراهيم! لأن أخرّ من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحبّ إليّ من أن أقول في دين الله (عزّ وجلّ) برأيي أو من عند نفسي، بل ذلك عن الأصل، ومسموع عن الحجّة صلوات الله عليه وسلامه.
877-(640)- غيبة الشيخ: وأخبرني جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن بابويه القمّي، قال: حدّثني جماعة من أهل قم، منهم: علي بن بابويه، قال: حدّثني جماعة من أهل قم منهم: عمران الصفّار، وقريبه علوية الصفّار، والحسين بن أحمد بن عليّ بن أحمد بن إدريس- رحمهم الله- قالوا: حضرنا بغداد في السنة التي توفي فيها أبي علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، وكان أبو الحسن علي بن محمّد السمري- قدّس سرّه- يسألنا كلّ قريب عن خبر على بن الحسين- رحمه الله- فنقول: قد ورد الكتاب باستقلاله، حتّى كان اليوم الذي قبض فيه فسألنا عنه فذكرنا له مثل ذلك، فقال: آجركم الله في عليّ بن الحسين، فقد قبض في هذه الساعة. قالوا: فأثبتنا تأريخ الساعة واليوم والشهر، فلمّا كان بعد سبعة عشر يوما أو ثمانية عشر يوما ورد الخبر أنّه قبض في تلك الساعة التي ذكرها الشيخ أبو الحسن- قدّس سرّه-.
878-(641)- كمال الدين: حدّثنا أبو محمّد؛ الحسن بن أحمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(640) غيبة الشيخ: ص 395- 396 ح 366، وفي بعض النسخ: «قرينه»؛ كمال الدين: ج 2 ص 503 ب 45 ح 32؛ رجال النجاشي: ص 262 برقم 684؛ فرج المهموم: ص 130؛ إعلام الورى: ص 422- 423 ب 3 ف 2؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 693 ف 12 ب 33 ح 113 وفيه: «هرثمة بن العلوية»؛ البحار: ج 51 ص 361 ب 16 ح 8؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1128 ح 45 مختصرا.
(641) كمال الدين: ج 2 ص 516 ب 45 ح 44؛ غيبة الشيخ: ص 395 ح 365؛ إعلام الورى: الركن الرابع ق 2 ب 3 ف 2 وفيه: «وسيأتي شيعتي»؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1128 ح 6 ط مؤسّسة الإمام المهديّ (عليه السلام)؛ البحار: ج 51 ص 360 و361 ب 16 ح 7؛ جنّة المأوى المطبوع مع المجلّد 53 من البحار: ص 318.
أقول: في بعض نسخ كمال الدين وسائر الكتب: «فقد وقعت الغيبة التامّة»، وفي اصل النسخة المطبوعة من غيبة الشيخ: «وسيأتي لشيعتي»، وفي الخرائج وجنّة المأوى: «وسيأتي من شيعتي»، وفي بعض الكتب: «وسيأتي في شيعتي»، هذا وربّما يقال بأنّ هذا التوقيع بظاهره ينافي الحكايات الكثيرة المتواترة القطعيّة التي لا يمكن احصاؤها لكثرتها، وتدلّ على وقوع المشاهدة، وتشرّف البعض بدرك فيض زيارته ومحضره، وينافي أيضا ما اتّفق الكلّ عليه ظاهرا حتى الصدوق ناقل هذا التوقيع من مشاهدة جماعة كثيرة إيّاه، وقد ذكروا لرفع التنافي أو الجواب عن هذا الخبر وجوها، ذكر الستة منها في جنّة المأوى، منها: ما عن المجلسي في البحار وغيره، وهو أنّ سياق الخبر يشهد بأنّ المراد من ادّعاء المشاهدة ادّعاؤها مع النيابة والسفارة، وايصال الأخبار من جانبه الى الشيعة على مثال السفراء في الغيبة الصغرى، وهذا الوجه قريب جدا، ومنها: أنّه خبر واحد مرسل ضعيف، لم يعمل به ناقله وهو الصدوق في الكتاب المذكور، وأعرض الاصحاب عنه، فلا يعارض تلك الوقائع والقصص التي يحصل القطع عن مجموعها، بل من بعضها المتضمّن لكرامات ومفاخر لا يمكن صدورها من غيره (عليه السلام).
إثبات الهداة: ج 3 ص 693 ف 3 ب 33 ح 112 مختصرا؛ الاحتجاج: ج 2 ص 478 طبع بيروت.

(٥١٩)

المكتّب، قال: كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري- قدّس الله روحه- فحضرته قبل وفاته بأيّام، فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمد السمري! أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام، فاجمع أمرك، ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة الثانية [التامّة- خ]، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله (عزّ وجلّ)، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جورا، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.

(٥٢٠)

قال: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيّك من بعدك؟
فقال: للّه أمر هو بالغه، ومضى- رضي الله عنه فهذا آخر كلام سمع منه.
879-(642)- غيبة الشيخ: وأخبرني محمّد بن محمّد بن النعمان والحسين بن عبيد الله، عن أبي عبد الله، أحمد بن محمّد الصفواني، قال: أوصى الشيخ أبو القاسم- رضي الله عنه- الى أبي الحسن، علي بن محمد السمري- رضي الله عنه- فقام بما كان الى أبي القاسم، فلمّا حضرته الوفاة حضرت الشيعة عنده، وسألته عن الموكّل بعده، ولمن يقوم مقامه، فلم يظهر شيئا من ذلك، وذكر أنّه لم يؤمر بأن يوصي إلى أحد بعده في هذا الشأن.
880-(643)- رجال الكشي: جعفر بن معروف الكشّي، قال: كتب أبو عبد الله البلخي إليّ، يذكر عن الحسين بن روح القمّي أنّ أحمد بن إسحاق كتب إليه يستأذنه في الحجّ، فأذن له وبعث إليه بثوب، فقال أحمد بن إسحاق: نعى إليّ نفسي، فانصرف من الحج فمات بحلوان.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث 789، 793، 811، 812، 821، 822، 825، 849، 861.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(642) غيبة الشيخ: ص 394 ح 363؛ البحار: ج 51 ص 360 ب 16؛ إعلام الورى: ص 417 ب 3 ف 1.
(643) رجال الكشي: ص 557 رقم 1052 طبع جامعة مشهد، إثبات الهداة: ج 7 ص 363 ف 12 ب 33 ح 148؛ معجم رجال الحديث: ج 2 ص 49 برقم 433؛ البحار: ج 51 ص 306 ب 15 ح 21.

(٥٢١)

الفصل الأول: في معجزاته في الغيبة الكبرى وفيه 15 حديثا

881- 882-(644)- كشف الغمة: أنا أذكر من ذلك قصّتين قرب عهدهما من زماني، وحدّثني بهما جماعة من ثقات إخواني.
كان في البلاد الحليّة شخص يقال له إسماعيل بن الحسن الهرقلي، من قرية يقال لها: هرقل، مات في زماني وما رأيته، حكى لي ولده شمس الدين، قال: حكى لي والدي أنّه خرج فيه- وهو شابّ- على فخذه الأيسر توثة مقدار قبضة الإنسان وكانت في كلّ ربيع تشقّق ويخرج منها دم وقيح، ويقطعه ألمها عن كثير من أشغاله، وكان مقيما بهرقل فحضر الحلّة يوما ودخل الى مجلس السعيد رضى الدين على بن طاوس- رحمه الله- وشكا إليه ما يجده منها، وقال: اريد أن أداويها، فأحضر له أطبّاء الحلّة وأراهم الموضع، فقالوا: هذه التوثة فوق العرق الأكحل، وعلاجها خطر، ومتى قطعت خيف أن ينقطع العرق فيموت،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(644) كشف الغمة: ج 2 ص 493- 497؛ البحار: ج 52 ص 61- 66 ب 18 ح 51؛ الأنوار النعمانية: ج 2 ص 44- 46.

(٥٢٥)

فقال له السعيد رضي الدين- قدس روحه-: أنا متوجّه الى بغداد، وربّما كان أطباؤها أعرف وأحذق من هؤلاء فاصحبني، فأصعد معه وأحضر الأطباء، فقالوا كما قال اولئك، فضاق صدره، فقال له السعيد: إنّ الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب، وعليك الاجتهاد في الاحتراس، ولا تغرّر بنفسك فالله تعالى قد نهى عن ذلك ورسوله، فقال له والدي: إذا كان الأمر على ذلك وقد وصلت الى بغداد فأتوجّه الى زيارة المشهد الشريف بسرّمن رأى على مشرّفه السلام، ثم أنحدر إلى أهلي، فحسّن له ذلك، فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين وتوجّه، قال: فلمّا دخلت المشهد وزرت الأئمة (عليهم السلام)، نزلت السرداب واستغثت بالله تعالى وبالإمام (عليه السلام)، وقضيت بعض الليل في السرداب، وبتّ في المشهد إلى الخميس، ثمّ مضيت إلى دجلة واغتسلت ولبست ثوبا نظيفا، وملأت إبريقا كان معي، وصعدت أريد المشهد، فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور، وكان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم فحسبتهم منهم، فالتقينا فرأيت شابّين أحدهما عبد مخطوط، وكلّ واحد منهم متقلّد بسيف، وشيخا منقّبا بيده رمح، والآخر متقلّد بسيف، وعليه فرجيّة ملوّنة فوق السيف وهو متحنّك بعذبته، فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق ووضع كعب الرمح في الأرض، ووقف الشابّان عن يسار الطريق، وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي، ثمّ سلّموا عليه، فردّ (عليهم السلام)، فقال له صاحب الفرجيّة: أنت غدا تروح الى أهلك؟ فقال: نعم، فقال له: تقدّم حتّى أبصر ما يوجعك؟ قال: فكرهت ملامستهم، وقلت في نفسي: أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة وأنا قد خرجت من

(٥٢٦)

الماء وقميصي مبلول، ثمّ إنّي بعد ذلك تقدّمت إليه فلزمني بيده ومدّني إليه، وجعل يلمس جانبي من كتفي الى أن أصابت يده التوثة فعصرها بيده، فأوجعني، ثمّ استوى في سرجه كما كان، فقال لي الشيخ: أفلحت يا إسماعيل فعجبت من معرفته باسمي، فقلت: أفلحنا وأفلحتم إن شاء الله، قال: فقال لي الشيخ: هذا هو الإمام، قال: فتقدّمت إليه فاحتضنته وقبّلت فخذه.
ثمّ إنّه ساق وأنا أمشي معه محتضنه، فقال: ارجع، فقلت: لا أفارقك أبدا، فقال: المصلحة رجوعك، فأعدت عليه مثل القول الأوّل، فقال الشيخ: يا إسماعيل! ما تستحيي؟ يقول لك الإمام مرّتين ارجع وتخالفه؟ فجبهني بهذا القول، فوقفت، فتقدّم خطوات والتفت إليّ، وقال: إذا وصلت بغداد فلا بدّ أن يطلبك أبو جعفر- يعني الخليفة المستنصر- رحمه الله- فإذا حضرت عنده وأعطاك شيئا فلا تأخذه، وقل لولدنا الرضي ليكتب لك إلى علي بن عوض، فإنّني أوصيه يعطيك الذي تريد، ثم سار وأصحابه معه، فلم أزل قائما أبصرهم إلى أن غابوا عنّي، وحصل عندي أسف لمفارقته، فقعدت إلى الأرض ساعة ثمّ مشيت إلى المشهد، فاجتمع القوّام حولي وقالوا: نرى وجهك متغيّرا أوجعك شي ء؟ قلت: لا، قالوا: أخاصمك أحد؟ قلت: لا، ليس عندي ممّا تقولون خبر، لكن أسألكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم؟
فقالوا: هم من الشرفاء أرباب الغنم، فقلت: لا، بل هو الإمام (عليه السلام)، فقالوا: الإمام هو الشيخ أو صاحب الفرجية؟ فقلت: هو صاحب الفرجيّة، فقالوا: أريته المرض الذي فيك؟ فقلت: هو قبضه بيده وأوجعني، ثمّ كشفت رجلي فلم أر لذلك المرض أثرا، فتداخلني الشكّ

(٥٢٧)

من الدهش، فأخرجت رجلي الاخرى فلم أر شيئا، فانطبق الناس عليّ ومزّقوا قميصي، فأدخلني القوّام خزانة ومنعوا الناس عنّي، وكان ناظر بين النهرين بالمشهد، فسمع الضجّة وسأل عن الخبر فعرّفوه، فجاء الى الخزانة وسألني عن اسمي، وسألني منذ كم خرجت من بغداد، فعرّفته أنّي خرجت في أوّل الاسبوع، فمشى عنّي وبتّ في المشهد وصلّيت الصبح وخرجت وخرج الناس معي إلى أن بعدت عن المشهد، ورجعوا عنّي، ووصلت إلى أوانا فبتّ بها، وبكرت منها أريد بغداد فرأيت الناس مزدحمين على القنطرة العتيقة، يسألون من ورد عليهم من اسمه ونسبه وأين كان، فسألوني عن اسمي ومن أين جئت، فعرّفتهم فاجتمعوا عليّ ومزّقوا ثيابي ولم يبق لي في روحي حكم، وكان ناظر بين النهرين كتب الى بغداد وعرّفهم الحال، ثمّ حملوني إلى بغداد، وازدحم الناس عليّ وكادوا يقتلونني من كثرة الزحام، وكان الوزير القمّي- رحمه الله تعالى- قد طلب السعيد رضي الدين رحمه الله، وتقدّم أن يعرّفه صحّة هذا الخبر.
قال: فخرج رضي الدين ومعه جماعة فوافينا باب النوبي، فردّ أصحابه الناس عنّي، فلمّا رآني قال: أ عنك يقولون؟ قلت: نعم، فنزل عن دابّته وكشف عن فخذي فلم ير شيئا، فغشي عليه ساعة وأخذ بيدي وأدخلني على الوزير وهو يبكي، ويقول: يا مولانا! هذا أخي، وأقرب الناس إلى قلبي، فسألني الوزير عن القصّة، فحكيت له، فأحضر الأطبّاء الذين أشرفوا عليها وأمرهم بمداواتها، فقالوا: ما دواءها إلّا القطع بالحديد، ومتى قطعها مات، فقال لهم الوزير: فبتقدير أن تقطع ولا يموت في كم تبرأ؟ فقالوا: في شهرين، وتبقى في مكانها حفيرة

(٥٢٨)

بيضاء لا ينبت فيها شعر، فسألهم الوزير: متى رأيتموه؟ قالوا: منذ عشرة أيّام، فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الألم وهي مثل اختها ليس فيها أثر أصلا، فصاح أحد الحكماء: هذا عمل المسيح، فقال الوزير: حيث لم يكن عملكم فنحن نعرف من عملها.
ثم إنّه احضر عند الخليفة المستنصر- رحمه الله تعالى- فسأله عن القصّة فعرّفه بها كما جرى، فتقدّم له بألف دينار، فلمّا حضرت قال: خذ هذه فأنفقها، فقال: ما أجسر آخذ منه حبّة واحدة، فقال الخليفة: ممّن تخاف؟ فقال: من الذي فعل معي هذا، قال: لا تأخذ من أبي جعفر شيئا، فبكى الخليفة وتكدّر وخرج من عنده ولم يأخذ شيئا.
قال أفقر عباد الله تعالى إلى رحمته علي بن عيسى- عفا الله عنه-:
كنت في بعض الأيّام أحكي هذه القصّة لجماعة عندي، وكان هذا شمس الدين محمّد ولده عندي، وأنا لا أعرفه، فلمّا انقضت الحكاية قال: أنا ولده لصلبه، فعجبت من هذا الاتّفاق، وقلت: هل رأيت فخذه وهي مريضة؟ فقال: لا لأنّي أصبوا عن ذلك، ولكنّي رأيتها بعد ما صلحت ولا أثر فيها، وقد نبت في موضعها شعر، وسألت السيّد صفي الدين محمّد بن محمّد بن بشر العلوي الموسوي، ونجم الدين حيدر بن الأيسر- رحمهما الله تعالى- وكانا من أعيان الناس وسراتهم وذوي الهيئات منهم، وكانا صديقين لي وعزيزين عندي، فأخبراني بصحّة هذه القصّة، وأنّهما رأياها في حال مرضها وحال صحّتها. وحكى لي ولده هذا أنّه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه (عليه السلام)، حتّى إنّه جاء الى بغداد وأقام بها في فصل الشتاء، وكان كلّ أيّامه يزور سامراء ويعود الى بغداد فزارها في تلك السنة أربعين مرّة طمعا أن يعود له الوقت الذي

(٥٢٩)

مضى أو يقضي له الحظّ بما قضى، ومن الذي أعطاه دهره الرضا، أو ساعده بمطالبه صرف القضاء، فمات- رحمه الله- بحسرته، وانتقل الى الآخرة بغصّته، والله يتولاه وإيّانا برحمته بمنّه وكرامته.
وحكى لي السيّد باقي بن عطوة العلوي الحسيني أن أباه عطوة كان به أدرة، وكان زيدي المذهب، وكان ينكر على بنيه الميل إلى مذهب الإماميّة، ويقول: لا اصدّقكم ولا أقول بمذهبكم حتى يجيء صاحبكم- يعني المهدي- فيبرئني من هذا المرض، وتكرّر هذا القول منه، فبينا نحن مجتمعون عند وقت عشاء الآخرة إذا أبونا يصيح ويستغيث بنا؛ فأتيناه سراعا، فقال: الحقوا صاحبكم، فالساعة خرج من عندي، فخرجنا فلم نر أحدا، فعدنا إليه وسألناه، فقال: إنّه دخل إليّ شخص، وقال: يا عطوة! فقلت: من أنت؟ فقال: أنا صاحب بنيك، قد جئت لابرئك ممّا بك، ثمّ مدّ يده فعصر قروتي ومشى، ومددت يدي فلم أر لها أثرا، قال لي ولده: وبقي مثل الغزال ليس به قلبة، واشتهرت هذه القصّة، وسألت عنها غير ابنه فأخبر عنها فأقرّ بها.
والأخبار عنه (عليه السلام) في هذا الباب كثيرة، وأنّه رآه جماعة قد انقطعوا في طرق الحجاز وغيرها فخلّصهم، وأوصلهم الى حيث أرادوا، ولو لا التطويل لذكرت منها جملة، ولكن هذا القدر الذي قرب عهده من زماني كاف.
883-(645)- جنّة المأوى: الحكاية الثانية والثلاثون: في شهر جمادى الاولى من سنة ألف ومائتين وتسعة وتسعين، ورد الكاظمين (عليهما السلام) رجل اسمه آقا محمّد مهدي، وكان من قاطني بندر ملومين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(645) جنّة المأوى المطبوع مع المجلّد 53 من البحار: ص 265- 269.

(٥٣٠)

من بنادر ماجين وممالك برمه، وهو الآن في تصرّف الإنجريز، ومن بلدة كلكتة قاعدة سلطنة ممالك الهند، إليه مسافة ستّة أيّام من البحر مع المراكب الدخانيّة، وكان أبوه من أهل شيراز ولكنّه ولد وتعيّش في البندر المذكور، وابتلي قبل التاريخ المذكور بثلاث سنين بمرض شديد، فلمّا عوفي منه بقي أصمّ أخرس، فتوسّل لشفاء مرضه بزيارة أئمّة العراق (عليهم السلام)، وكان له أقارب في بلدة الكاظمين (عليهما السلام) من التجّار المعروفين، فنزل عليهم وبقي عندهم عشرين يوما، فصادف وقت حركة مركب الدخان إلى سرّ من رأى لطغيان الماء، فأتوا به إلى المركب وسلّموه الى راكبيه، وهم من أهل بغداد وكربلاء، وسألوهم المراقبة في حاله والنظر في حوائجه، لعدم قدرته على إبرازها، وكتبوا الى بعض المجاورين من أهل سامراء للتوجّه في اموره.
فلمّا ورد تلك الأرض المشرّفة والناحية المقدّسة، أتى إلى السرداب المنوّر بعد الظهر من يوم الجمعة العاشر من جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وكان فيه جماعة من الثقات والمقدّسين، إلى أن أتى إلى الصفّة المباركة فبكى وتضرّع فيها زمانا طويلا، وكان يكتب قبيله حاله على الجدار، ويسأل من الناظرين الدعاء والشفاعة، فما تمّ بكاؤه وتضرّعه إلّا وقد فتح الله تعالى لسانه، وخرج بإعجاز الحجّة (عليه السلام) من ذلك المقام المنيف مع لسان ذلق، وكلام فصيح، وأحضر في يوم السبت في محفل تدريس سيّد الفقهاء وشيخ العلماء رئيس الشيعة، وتاج الشريعة، المنتهية إليه رئاسة الإماميّة، سيّدنا الأفخم واستاذنا الأعظم الحاجّ الآميرزا محمّد حسن الشيرازي متّع الله المسلمين بطول بقائه، وقرأ عنده متبرّكا السورة المباركة الفاتحة بنحو أذعن الحاضرون بصحّته وحسن قراءته،

(٥٣١)

وصار يوما مشهودا ومقاما محمودا.
وفي ليلة الأحد والاثنين اجتمع العلماء والفضلاء في الصحن الشريف فرحين مسرورين، وأضاءوا فضاءه من المصابيح والقناديل، ونظموا القصّة ونشروها في البلاد، وكان معه في المركب مادح أهل البيت (عليهم السلام) الفاضل اللبيب الحاجّ ملّا عباس الصفّار الزنوزي البغدادي، فقال وهو من قصيدة طويلة، ورآه مريضا وصحيحا:

وفي عامها جئت والزائرين * * * الى بلدة سرّ من قد رآها
رأيت من الصين فيها فتى * * * وكان سميّ إمام هداها
يشير إذا ما أراد الكلام * * * وللنفس منه...(646) براها
وقد قيّد السقم منه الكلام * * * وأطلق من مقلتيه دماها
فوافا إلى باب سرداب من * * * به الناس طرّا ينال مناها
يروم بغير لسان يزور * * * وللنفس منه دهت بعناها
وقد صار يكتب فوق الجدار * * * ما فيه للروح منه شفاها
أروم الزيارة بعد الدعاء * * * ممّن رأى أسطري وتلاها
لعلّ لساني يعود الفصيح * * * وعليّ أزور وأدعو الإلها
إذا هو في رجل مقبل * * * تراه ورى البعض من أتقياها
تأبط خير كتاب له * * * وقد جاء من حيث غاب ابن طه
فأومى إليه ادع ما قد كتب * * * وجاء فلمّا تلاه دعاها
وأوصى به سيّدا جالسا * * * أن ادعوا له بالشفاء شفاها
فقام وأدخله غيبة الإ * * * مام المغيّب من أوصياها
وجاء إلى حفرة الصفّة * * * التي هي للعين نور ضياها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(646) كذا في المصدر.

(٥٣٢)

وأسرج آخر فيها السراج * * * وأدناه من فمه ليراها
هناك دعا الله مستغفرا * * * وعيناه مشغولة ببكاها
ومذ عاد منها يريد الصلاة * * * قد عاود النفس منه شفاها
وقد أطلق الله منه اللسان * * * وتلك الصلاة أتمّ أداها

ولمّا بلغ الخبر إلى خرّيت صناعة الشعر، السيّد المؤيد، الأديب اللبيب، فخر الطالبيّين، وناموس العلويّين، السيد حيدر بن السيّد سليمان الحلّي- أيّده الله تعالى- بعث الى سرّ من رأى كتابا صورته:
بسم الله الرحمن الرحيم، لمّا هبّت من الناحية المقدّسة نسمات كرم الإمامة فنشرت نفحات عبير هاتيك الكرامة، فأطلقت لسان زائرها من اعتقاله عند ما قام عندها في تضرّعه وابتهاله، أحببت أن أنتظم في سلك من خدم تلك الحضرة، في نظم قصيدة تتضمّن بيان هذا المعجز العظيم ونشره، وأن أهنّئ علامة الزمن وغرّة وجهه الحسن، فرع الأراكة المحمّديّة، ومنار الملّة الأحمديّة، علم الشريعة، وإمام الشيعة، لأجمع بين العبادتين في خدمة هاتين الحضرتين، فنظمت هذه القصيدة الغرّاء، وأهديتها إلى دار إقامته وهي سامرّاء، راجيا أن تقع موقع القبول، فقلت ومن الله بلوغ المأمول:

كذا يظهر المعجز الباهر * * * ويشهده البرّ والفاجر
وتروى الكرامة مأثورة * * * يبلّغها الغائب الحاضر
يقرّ لقوم بها ناظر * * * ويقذي لقوم بها ناظر
فقلب لها ترحا واقع * * * وقلب بها فرحا طائر
أجل طرف فكرك يا مستدلّ * * * وأنجد بطرفك يا غائر
تصفّح مآثر آل الرسول * * * وحسبك ما نشر الناشر

(٥٣٣)

ودونكه نبأ صادقا * * * لقلب العدوّ هو الباقر
فمن صاحب الأمر أمس استبان * * * لنا معجز أمره باهر
بموضع غيبته مذ ألمّ * * * أخو علّة داؤها ظاهر
رمى فمه باعتقال اللسان * * * رام هو الزمن الغادر
فأقبل ملتمسا للشفاء * * * لدى من هو الغائب الحاضر
ولقّنه القول مستأجر * * * عن القصد فى أمره جائر
فبيناه في تعب ناصب * * * ومن ضجر فكره حائر
إذ انحلّ من ذلك الاعتقال * * * وبارحه ذلك الضائر
فراح لمولاه في الحامدين * * * وهو لآلائه ذاكر
لعمري لقد مسحت داءه * * * يد كلّ خلق لها شاكر
يد لم تزل رحمة للعباد * * * لذلك أنشأها الفاطر
تحدّر وإن كرهت أنفس * * * يضيق شجى صدرها الواغر
وقل إنّ قائم آل النبيّ * * * له النهي وهو هو الآمر
أيمنع زائره الاعتقال * * * ممّا به ينطق الزائر
ويدعوه صدقا إلى حلّه * * * ويقضي على أنّه القادر
ويكبو مرجّيه دون الغياث * * * وهو يقال به العاثر
فحاشاه بل هو نعم المغيث * * * إذا نضنض الحارث الفاغر
فهذي الكرامة لا ما غدا * * * يلفّقه الفاسق الفاجر
أدم ذكرها يا لسان الزمان * * * وفي نشرها فمك العاطر
وهنّ بها سرّ من را ومن * * * به ربعها آهل عامر
هو السيد الحسن المجتبى * * * خضمّ الندى غيثه الهامر
وقل يا تقدّست من بقعة * * * بها يهب الزلّة الغافر

(٥٣٤)

كلا اسميك في الناس باد له * * * بأوجههم أثر ظاهر
فأنت لبعضهم سرّ من * * * رأى وهو نعت لهم ظاهر
فأنت لبعضهم ساء من * * * رأى وبه يوصف الخاسر
لقد أطلق الحسن المكرمات * * * محيّاك فهو بهيّ سافر
فأنت حديقة زهو به * * * وأخلافه روضك الناضر
عليم تربّى بحجر الهدى * * * ونسج التقى برده الطاهر

... إلى أن قال- سلّمه الله تعالى-:

كذا فلتكن عترة المرسلين * * * وإلّا فما الفخر يا فاخر

884-(647)- تنبيه الخواطر (المعروف بمجموعة ورّام): حدثني السيّد الأجلّ الشريف أبو الحسن علي بن إبراهيم العريضي العلوي الحسيني، قال: حدّثني علي بن نما، قال: حدّثني أبو محمّد الحسن بن علي بن حمزة الأقساني في دار الشريف علي بن جعفر بن علي المدائني العلوي، قال:
كان بالكوفة شيخ قصّار، وكان موسوما بالزهد، منخرطا في سلك السياحة، متبتّلا للعبادة، مقتفيا للآثار الصالحة، فاتّفق يوما أنّني كنت بمجلس والدي وكان هذا الشيخ يحدّثه وهو مقبل عليه، قال: كنت ذات ليلة بمسجد جعفي، وهو مسجد قديم، وقد انتصف الليل وأنا بمفردي فيه للخلوة والعبادة، فإذا أقبل عليّ ثلاثة أشخاص فدخلوا المسجد، فلمّا توسّطوا صرحته جلس أحدهم ثمّ مسح الأرض بيده يمنة ويسرة، فحصحص الماء ونبع، فأسبغ الوضوء منه ثم أشار إلى الشخصين الآخرين بإسباغ الوضوء فتوضّئا، ثمّ تقدّم فصلّى بهما إماما، فصلّيت معهم مؤتمّا به، فلمّا سلّم وقضى صلاته بهرني حاله، واستعظمت فعله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(647) تنبيه الخواطر: ج 2 ص 303- 305؛ البحار: ج 52 ص 55 و56 ب 18 ح 39؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 365 ف 15 ب 364 ح 151.

(٥٣٥)

من إنباع الماء، فسألت الشخص الذي كان منهما إلى يميني عن الرجل، فقلت له: من هذا؟ فقال لي: هذا صاحب الأمر ولد الحسن (عليه السلام)، فدنوت منه وقبّلت يديه، وقلت له: يا ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)! ما تقول في الشريف عمر بن حمزة، هل هو على الحقّ؟
فقال: لا، وربّما اهتدى، إلّا أنّه ما يموت حتّى يراني، فاستطرفنا هذا الحديث، فمضت برهة طويلة فتوفّي الشريف عمر ولم يشع أنّه لقيه، فلمّا اجتمعت بالشيخ الزاهد ابن نادية أذكرته بالحكاية التي كان ذكرها، وقلت له مثل الرادّ عليه: أ ليس كنت ذكرت أنّ هذا الشريف عمر لا يموت حتى يرى صاحب الأمر الذي أشرت إليه، فقال لي: ومن أين لك أنّه لم يره؟ ثمّ إنّني اجتمعت فيما بعد بالشريف أبى المناقب ولد الشريف عمر بن حمزة وتفاوضنا أحاديث والده، فقال: إنّا كنّا ذات ليلة في آخر الليل عند والدي وهو في مرضه الذي مات فيه، وقد سقطت قوّته وخفت صوته والأبواب مغلقة علينا إذ دخل علينا شخص هبناه واستطرفنا دخوله وذهلنا عن سؤاله، فجلس الى جنب والدي وجعل يحدّثه مليّا ووالدي يبكي، ثمّ نهض، فلمّا غاب عن أعيننا تحامل والدي وقال: أجلسوني، فأجلسناه وفتح عينيه وقال: أين الشخص الذي كان عندي؟ فقلنا: خرج من حيث أتى، فقال: اطلبوه، فذهبنا في أثره فوجدنا الأبواب مغلقة ولم نجد له أثرا، فعدنا إليه فأخبرناه بحاله وأنّا لم نجده، ثمّ إنّا سألناه عنه، فقال: هذا صاحب الأمر، ثمّ عاد إلى ثقله في المرض واغمي عليه، تمّ الحديث.
885-(648)- السلطان المفرج عن أهل الإيمان: ومن ذلك بتاريخ صفر لسنة سبعمائة وتسع وخمسين حكى لى المولى الأجلّ الأمجد،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(648) البحار: ج 52 ص 73 ب 18 ضمن ح 55 عن الكتاب المذكور.

(٥٣٦)

العالم الفاضل، القدوة الكامل، المحقّق المدقّق، مجمع الفضائل، ومرجع الأفاضل، افتخار العلماء في العالمين، كمال الملّة والدين، عبد الرحمن بن العمّاني، وكتب بخطّه الكريم، عندي ما صورته:
قال العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى عبد الرحمن بن ابراهيم القبائقي: إنّي كنت أسمع في الحلة السيفيّة- حماها الله تعالى- أنّ المولى الكبير المعظّم جمال الدين ابن الشيخ الأجلّ الأوحد الفقيه القارئ نجم الدين جعفر بن الزهدري كان به فالج، فعالجته جدّته لأبيه بعد موت أبيه بكلّ علاج للفالج، فلم يبرأ، فأشار عليها بعض الأطبّاء ببغداد فأحضرتهم فعالجوه زمانا طويلا فلم يبرأ، وقيل لها: ألّا تبيّتينه تحت القبّة الشريفة بالحلّة المعروفة بمقام صاحب الزمان (عليه السلام)، لعلّ الله تعالى يعافيه ويبرئه، ففعلت وبيّتته تحتها، وإنّ صاحب الزمان (عليه السلام) أقامه وأزال عنه الفالج.
ثمّ بعد ذلك حصل بيني وبينه صحبة حتّى كنّا لم نكد نفترق، وكان له دار المعشرة، يجتمع فيها وجوه أهل الحلّة وشبابهم وأولاد الأماثل منهم، فاستحكيته عن هذه الحكاية، فقال لي: إنّي كنت مفلوجا وعجز الأطبّاء عنّي، وحكى لي ما كنت أسمعه مستفاضا في الحلّة من قضيّته، وأنّ الحجّة صاحب الزمان (عليه السلام) قال لي وقد أباتتني جدّتي تحت القبّة: قم، فقلت: يا سيّدي لا أقدر على القيام منذ سنتي، فقال: قم بإذن الله تعالى، وأعانني على القيام، فقمت وزال عنّي الفالج، وانطبق عليّ الناس حتّى كادوا يقتلونني، وأخذوا ما كان علي من الثياب تقطيعا وتنتيفا يتبرّكون فيها، وكساني الناس من ثيابهم، ورحت إلى البيت،

(٥٣٧)

وليس بي أثر الفالج، وبعثت الى الناس ثيابهم، وكنت أسمعه يحكي ذلك للناس ولمن يستحكيه مرارا حتّى مات رحمه الله.
886-(649)- السلطان المفرّج عن أهل الإيمان: ومن ذلك ما أخبرني من أثق به، وهو خبر مشهور عند أكثر أهل المشهد الشريف الغروي- سلّم الله تعالى على مشرّفه- ما صورته: إنّ الدار التي هي الآن- سنة سبعمائة وتسع وثمانين- أنا ساكنها كانت لرجل من أهل الخير والصلاح يدعى حسين المدلّل، وبه يعرف ساباط المدلّل ملاصقة جدران الحضرة الشريفة، وهو مشهور بالمشهد الشريف الغروي (عليه السلام)، وكان الرجل له عيال وأطفال، فأصابه فالج فمكث مدّة لا يقدر على القيام وإنّما يرفعه عياله عند حاجته وضروراته، ومكث على ذلك مدّة مديدة، فدخل على عياله وأهله بذلك شدّة شديدة، واحتاجوا الى الناس واشتدّ عليهم الناس، فلما كان سنة عشرين وسبعمائة هجريّة في ليلة من لياليها بعد ربع الليل أنبه عياله فانتبهوا في الدار، فإذا الدار والسطح قد امتلأ نورا يأخذ بالأبصار، فقالوا: ما الخبر؟ فقال: إنّ الإمام (عليه السلام) جاءني وقال لي: قم يا حسين! فقلت: يا سيّدي، أتراني أقدر على القيام؟ فأخذ بيدي وأقامني فذهب ما بي، وها أنا صحيح على أتمّ ما ينبغي، وقال لي: هذا الساباط دربي الى زيارة جدّي (عليه السلام) فأغلقه في كلّ ليلة، فقلت: سمعا وطاعة للّه ولك يا مولاي، فقام الرجل وخرج الى الحضرة الشريفة الغرويّة، وزار الإمام (عليه السلام)، وحمد الله تعالى على ما حصل له من الإنعام، وصار هذا الساباط المذكور إلى الآن ينذر له عند الضرورات،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(649) البحار: ج 52 ص 73 و74 ب 18 ضمن ح 55 عن الكتاب المذكور.

(٥٣٨)

 فلا يكاد يخيب ناذره من المراد ببركات الإمام القائم (عليه السلام).
887-(650)- قبس المصباح: أخبرنا الشيخ الصدوق، أبو الحسن أحمد بن علي بن أحمد النجاشي الصيرفي، المعروف بابن الكوفي ببغداد في آخر شهر ربيع الأوّل سنة اثنين وأربعين وأربعمائة، وكان شيخا بهيّا ثقة، صدوق اللسان عند الموافق والمخالف، رضي الله عنه وأرضاه، قال: أخبرني الحسن بن محمد بن جعفر التميمي قراءة عليه، قال: حكى لي أبو الوفاء الشيرازي وكان صديقا، أنّه قبض عليّ أبو على إلياس صاحب كرمان فقيّدني، وكان الموكلون بي يقولون: إنّه قد همّ فيك بمكروه، فقلقت من ذلك وجعلت أناجي الله تعالى بالنبي والائمة (عليهم السلام)، ولمّا كانت ليلة الجمعة فرغت من صلواتي ونمت، فرأيت النبي (صلّى الله عليه وآله) في نومي وهو يقول: لا تتوسّل بي ولا بابنتي ولا ابني لشيء من أغراض الدنيا إلّا لما تبتغيه من طاعة الله تعالى ورضوانه، فأمّا أبو الحسن أخي فإنّه ينتقم لك ممّن ظلمك، قال: فقلت: يا رسول الله! كيف ينتقم ممّن ظلمني وقد لبّب في حبل فلم ينتقم، وغصب على حقّه فلم يتكلّم؟
قال: فنظر إليّ (عليه السلام) كالمتعجّب وقال: ذلك عهد عهدته إليه، وأمر أمرته به، فلمّا يجز له إلّا القيام به، وقد أدّى الحقّ فيه، إلّا أنّ الويل لمن تعرّض لوليّ الله، وأمّا عليّ بن الحسين فللنجاة من السلاطين ونفث الشياطين، وأمّا محمد بن علي وجعفر بن محمّد (عليهما السلام) فللآخرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(650) الكلم الطيّب: ص 63- 66 عن قبس المصباح للشيخ الصهرشتي.
أقول: ذكر السيّد الأجلّ السيّد علي خان- قدّس سرّه- فى الكلم الطيّب عن الصهرشتي دعاء للتوسّل بالنبي والائمة (عليهم السلام)، وبعده دعاء أيضا للتوسّل بهم (عليهم السلام).

(٥٣٩)

وما تبتغيه من طاعة الله (عزّ وجلّ)، وأمّا موسى بن جعفر (عليهما السلام) فالتمس به العافية من الله (عزّ وجلّ)، وأمّا عليّ بن موسى (عليهما السلام) فاطلب به السلام في البراري والبحار، وأمّا محمّد بن علي فاستنزل به الرزق من الله تعالى، وأمّا علي بن محمّد (عليهما السلام) فللنوافل وبرّ الإخوان وما تبتغيه من طاعة الله تعالى، وأمّا الحسن بن علي (عليهما السلام) فللآخرة، وأما صاحب الزمان فإذا بلغ منك السيف، ووضع يده على حلقه، فاستعن به فإنّه يعينك، فناديت في نومي:
يا صاحب الزمان أدركني فقد بلغ مجهودي، قال أبو الوفاء: انتبهت من نومي والموكلون يأخذون قيودي.
888-(651)- كشف الأستار:... قد ظهر في هذه الأيّام كرامة باهرة من المهدي (عليه السلام) في متعلقات أجزاء الدولة العلية العثمانية المقيمين في المشهد الشريف الغروي، وصارت في الظهور والشيوع كالشمس فى رابعة النهار، ونحن نتبرّك بذكرها بالسند الصحيح العالي: حدّث جناب الفاضل الرشيد السيّد محمّد سعيد أفندي الخطيب فيما كتبه بخطّه:
كرامة لآل الرسول عليه وعليهم الصلاة والسلام ينبغي بيانها لإخواننا أهل الإسلام، وهي: أنّ امرأة اسمها ملكة بنت عبد الرحمن، زوجة ملّا أمين المعاون لنا في المكتب الحميدي الكائن في النجف الأشرف، ففي الليلة الثانية من شهر ربيع الأوّل من هذه السنة- أي سنة 1317 ه ليلة الثلاثاء، صار معها صداع شديد، فلمّا أصبح الصباح فقدت ضياء عينيها، فلم تر شيئا قط، فأخبروني بذلك، فقلت لزوجها المذكور:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(651) كشف الأستار: ص 206- 206.

(٥٤٠)

اذهب بها ليلا الى روضة حضرة المرتضى- عليه من الله تعالى الرضا- لتستشفع به وتجعله واسطة بينها وبين الله، لعلّ الله سبحانه وتعالى أن يشفيها، فلم تذهب في تلك الليلة- يعني ليلة الأربعاء- لانزعاجها ممّا هي فيه، فنامت بعض تلك الليلة فرأت في منامها أنّ زوجها المذكور وامرأة اسمها زينب كأنهما مضيا معها لزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فكأنّهم رأوا في طريقهم مسجدا عظيما مشحونا من الجماعة، فدخلوا فيه لينظروه، فسمعت المصابة رجلا يقول من بين الجماعة: لا تخافي أيّتها المرأة التي فقدت عينيها، إن شاء الله تشفيان، فقالت: من أنت بارك الله فيك؟ فأجابها: أنا المهديّ؛ فاستيقظت فرحانة، فلمّا صار الصباح- يعني يوم الأربعاء- ذهبت ومعها نساء كثيرات الى مقام سيّدنا المهدي خارج البلد، فدخلت وحدها وأخذت بالبكاء والعويل والتضرّع، فغشي عليها من ذلك، فرأت في غشيتها رجلين جليلين، الأكبر منهما متقدّم والآخر شابّ خلفه، فخاطبها الأكبر بأن لا تخافي، فقالت له: من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، وهذا الذي خلفي ولدي المهدي- رضي الله تعالى عنهما- ثمّ أمر الأكبر- المشار إليه- امرأة هناك وقال: قومي يا خديجة وامسحي على عيني هذه المسكينة، فجاءت ومسحت عليهما فانتبهت وأنا أرى وأنظر أحسن من الأوّل، والنساء يهلهلن فوق رأسي، فجاءت النساء بها بالصلوات والفرح، وذهبن بها الى زيارة حضرة المرتضى- كرّم الله تعالى وجهه- وعيناها الآن للّه الحمد أحسن من الأوّل.
وما ذكرناه لمن أشرنا إليهما قليل، إذ يقع أكبر منه لخدّامهما من الصالحين بإذن المولى الجليل، فكيف بأعيان آل سيد المرسلين- عليه

(٥٤١)

وعليهم الصلاة والسلام الى يوم الدين- اماتنا الله على حبّهم، آمين آمين.
هذا ما اطّلع عليه الحقير الخطيب والمدرّس في النجف الأشرف السيّد محمّد سعيد، انتهى.
889-(652)- إثبات الهداة: ومنها: إنّا كنّا جالسين في بلادنا في قرية مشغرا في يوم عيد ونحن جماعة من طلبة العلم والصلحاء، فقلت لهم: ليت شعرى في العيد المقبل من يكون من هؤلاء الجماعة حيّا، ومن يكون قد مات؟ فقال لي رجل كان اسمه الشيخ محمّد وكان شريكنا في الدرس: أنا أعلم أنّي أكون في عيد آخر حيّا، وفي عيد آخر وعيد آخر الى ستّ وعشرين سنة، وظهر منه أنّه جازم بذلك من غير مزاح، فقلت له: أنت تعلم الغيب؟ فقال: لا، ولكنّي رأيت المهدي (عليه السلام) في النوم وأنا مريض شديد المرض، فقلت له: أنا مريض، وأخاف أن أموت وليس لى عمل صالح ألقى الله به، فقال: لا تخف، فإنّ الله يشفيك من هذا المرض ولا تموت فيه، بل تعيش ستّا وعشرين سنة، ثمّ ناولني كأسا كان في يده فشربت منه وزال عنّي المرض وحصل لي الشفاء، وجلست وأنا أعلم أنّ هذا ليس من الشيطان، فلمّا سمعت كلام الرجل كتبت التاريخ وكان سنة (1049 ه)، ومضت لذلك مدّة طويلة وانتقلت الى المشهد المقدّس سنة (1072 ه)، فلمّا كانت السنة الأخيرة وقع في قلبي أنّ المدة انقضت، فرجعت الى ذلك التاريخ وسنته فرأيت قد مضى منه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(652) إثبات الهداة: ج 3 ص 712 ب 33 ح 170؛ البحار: ج 53 ص 273- 274؛ جنّة المأوى: الحكاية 37.

(٥٤٢)

ستّ وعشرون سنة، فقلت: ينبغى أن يكون الرجل مات، فما مضت إلّا مدّة نحو شهر أو شهرين حتّى جاءتني كتابة من أخي وكان في البلاد يخبرني أنّ الرجل المذكور مات.
890-(653)- الإمامة والمهدويّة- حكاية شفاء الصالحة زوجة العالم الجليل الفاضل الشيخ محمّد المتّقي الهمداني، وهو من فضلاء الحوزة العلميّة بقم، معروف بطهارة النفس والتقوى، أعرفه منذ سنين بالدين والأخلاق الحميدة، وهذه عين ترجمة ما كتبه شرحا لهذه الواقعة:
رأيت من المناسب أن أذكر توسّلي بالإمام بقيّة الله في الأرضين الحجّة بن الحسن العسكري وتوجهه (عليه السلام) إليّ، لكون موضوع هذا الكتاب هو في إثبات وجود حضرته من طريق المعجزات وخرق العادات:
يوم الاثنين في الثامن عشر من شهر صفر من سنة ألف وثلاثمائة وسبعة وتسعين عرض لنا أمر مهم أقلقنا ومئات أشخاص آخرين، وذلك لأنّ زوجة هذا العبد- محمّد متّقي همداني- وعلى أثر الهم والغمّ والبكاء والعويل- ولمدّة سنتين- بسبب موت اثنين من أولادها في عنفوان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(653) الإمامة والمهدوية (امامت ومهدويت) لمؤلّف هذا الكتاب: ج 2 ص 171- 174.
أقول: قد ذكر في البحار حكايات كثيرة جدّا في ذلك، والمحدّث الجليل الشيخ الحرّ في إثبات الهداة: ج 7، وهكذا ذكر المحدّث النورى في دار السلام وجنّة المأوى والنجم الثاقب، والفاضل الميثمي العراقي في دار السلام، وغيرهم من المحدّثين والعلماء معجزات كثيرة تتجاوز عن حدّ التواتر قطعا، وأسناد كثير منها في غاية الصحّة والمتانة، رواها الزهّاد والاتقياء من العلماء، هذا مع ما نرى في كلّ يوم وليلة من بركات وجوده وثمرات التوسّل والاستشفاع به ممّا جرّبناه مرارا، جعلنا الله تعالى من أنصاره وشيعته، والمجاهدين بين يديه، بحقّ محمد وآله الطاهرين، صلوات الله عليهم أجمعين.

(٥٤٣)

شبابهما وفي لحظة واحدة في جبال شميران، في هذا اليوم اصيبت بنوبة ناقصة، ومع كلّ ما بذله الأطبّاء في علاجها إلّا أنّه لم ينفع معها شيء, وبقيت على هذا الحال إلى ليلة الجمعة في الثاني والعشرين من صفر، يعني بعد أربعة أيّام من وقوع حادثة النوبة وذلك عند الساعة الحادية عشر تقريبا، وقد ذهبت الى غرفتي للاستراحة، وبعد تلاوة بعض الآيات من كلام الله وقراءة دعاء وجيز من أدعية ليالى الجمعة، وبعدها ابتهلت الى الباري تعالى في أن يأذن لسيّدي ومولاي صاحب الزمان الحجّة بن الحسن صلوات الله عليه وعلى آبائه المعصومين ليجيء لإغاثتنا، وكان سبب توسّلي بهذا المولى العظيم وأنّي لم أطلب حاجتي من الباري تبارك وتعالى مباشرة، هو أنّني قبل شهر تقريبا من يوم الحادثة كانت ابنتي الصغيرة فاطمة قد طلبت منّي أن أسرد لها قصص وحكايات الأشخاص الذين صاروا موردا لألطاف حضرة بقيّة الله- روحي وأرواح العالمين له الفداء- ومشمولين لحنان وإحسان هذا المولى، وكنت قد لبّيت طلبها وقرأت لها كتاب «النجم الثاقب» للحاج النوري، ولذا خطر في ذهني أنّه: لم لا أكون كبقية المئات من هؤلاء الأفراد، وأتوسّل بالحجّة المنتظر الإمام الثاني عشر من الائمة المعصومين عليهم سلام الله الملك الأكبر؟
ولذا- وكما ذكرت قبل قليل- وفي حدود الساعة الحادية عشرة من الليل توسّلت بهذا المولى العظيم، وبقلب ملأه الحزن، وعين تفيض بالدمع، فأخذني النوم، وعند الساعة الرابعة بعد منتصف الليل وعلى المعتاد استيقظت وفجأة أحسست بصوت وهمهمة تصلني من الغرفة السفلى الّتي كانت مريضتنا راقدة فيها، ثمّ ازداد هذا الصوت والهمهمة، ثمّ سكت كلّ شيء وهدأ، وفي الساعة الخامسة والنصف- التي كانت تلك الأيّام وقت أذان الصبح- نزلت الى الأسفل لأتوضّأ وفجأة رأيت ابنتي

(٥٤٤)

الكبيرة- والتي تكون عادة وفي مثل هذا الوقت نائمة- مستيقظة وفي نشاط وسرور كبير، فما أن رأتني حتّى قالت: أبة... البشارة... البشارة...! قلت: ما الخبر؟ وظننت أنّ أخي أو اختي قد جاء أحدهما من همدان، قالت: بشارة، لقد عوفيت والدتي، قلت: من شفاها؟ قالت: إنّ والدتي في الساعة الرابعة بعد منتصف اللّيل أيقظتنا بصوت عال وفزع واضطراب، ولما كانت ابنتها وأخوها الحاجّ مهدى وابن اختها المهندس غفّاري اللذان قد أقبلا أخيرا من طهران لأخذ المريضة إلى طهران للمعالجة وقد كانوا في الغرفة لمراقبة المريضة، وإذا بهم فجأة سمعوا صياح ونداء المريضة وهي تقول: انهضوا وشيّعوا المولى... انهضوا وشيّعوا المولى...، وكانت ترى إن انتظرت إلى أن يستيقظوا من نومهم كان الإمام قد ذهب، ولأجل هذا قد طفرت من مقامها مع أنّها كانت غير قادرة على الحركة منذ أربعة أيّام وشايعت الإمام إلى باب الدار، وكانت ابنتها التي كانت تمرّض والدتها قد استيقظت على أثر صياح امّها «شيّعوا المولى» وذهبت وراء والدتها الى باب الدار لتراها أين تذهب، وأمّا المريضة فإنّها التفتت الى نفسها لكنّها لم تكن مصدّقة أنّها قد جاءت الى هذا المكان بنفسها، فسألت من ابنتها زهراء: يا زهراء! هل أرى حلما أم أنا في يقظة؟ أجابت ابنتها: أمّاه لقد شفيت... أين هو المولى الذي كنت تقولين: «شيّعوا المولى»، فإنّنا لم نشاهد أحدا؟ فقالت الامّ: لقد كان سيّدا عظيما في زيّ أهل العلم وجليل القدر، ولم يكن شابا ولا شيخا كبيرا، جاء ووقف عند رأسي، وقال: انهضي فقد شفاك الله، قلت: لا أستطيع النهوض، فقال بلحن أشدّ: انهضي فقد شفيت، فنهضت لمهابة هذا العظيم، فقال: لقد شفيت فلا تتناولي الدواء بعد ولا تبكي، ولأنّه أراد الخروج من الغرفة فإنّني أيقظتكم كيما تشيّعونه،

(٥٤٥)

ولكنّي رأيتكم قد أبطأتم فقمت من مكاني لاشيّع المولى بنفسي، وبحمد الله تعالى وبعد هذه العناية التي شملتها فقد تحسّنت حالتها فورا، وعينها اليمنى التي كانت لا تبصر بها الأشياء بوضوح على أثر السكتة قد تحسّنت بعد تلك الأيّام الأربعة التي لم يكن لها فيها رغبة إلى الطعام، وفي تلك اللحظة قالت: إنّي جائعة، آتوني بطعام، فأعطيناها قدحا من حليب كان فى الدار، فتناولته بكل شهيّة، وعاد لون وجهها الى طبيعته، وعلى أثر قول الإمام لها: لا تبكي، ارتفع غمّها وحزنها من قلبها، علما بأنّها كانت مبتلاة بمرض الرماتزم قبل خمس سنوات وقد شفيت بلطفه (عليه السلام)، مع أنّ الأطبّاء عجزوا عن معالجتها.
ومن تمام القول أن نذكر أنّه في الأيّام الموسومة بالأيّام الفاطمية كنّا عقدنا مجلسا لأجل شكر هذه النعمة العظمى، ثمّ إنّي قد شرحت قضية شفائها لجناب السيّد الطبيب دانشور، والذي كان من الأطباء المعالجين لهذه السيّدة، فقال الطبيب: إنّ هذا المرض الذي رأيته كان سكتة لا يمكن علاجها بالطرق العادية، اللهمّ إلّا عن طريق الخوارق والمعاجز، والحمد للّه رب العالمين، وصلّى الله على محمد وآله المعصومين، لا سيّما إمام العصر، وناموس الدهر، قطب دائرة الإمكان، إمام ومولى الإنس والجان، مالك الأرض والزمان، ومن بيده رقاب العالمين، الحجّة بن الحسن العسكري صلوات الله عليه وعلى آبائه المعصومين الى قيام يوم الدين.
ويدل عليه من هذا الباب الأحاديث 892، 895، 897، 898، 899.

(٥٤٦)

الفصل الثاني: في من رآه في الغيبة الكبرى وفيه 13 حديثا

891-(654)- الأنوار النعمانية: قال (بعد ذكر ورع المقدّس الأردبيلي- قدّس سرّه- وعلوّ رتبته في الزهد والتقوى وبعض كراماته):
حدّثني أوثق مشايخي علما وعملا: أنّ لهذا الرجل- وهو المولى الأردبيلي- تلميذا من أهل تفريش، اسمه مير علّام [فيض الله- خ]، وقد كان بمكان من الفضل والورع، قال ذلك التلميذ: إنّه قد كانت له حجرة في المدرسة المحيطة بالقبّة الشريفة، فاتفق أنّي فرغت من مطالعتي وقد مضى جانب كثير من الليل، فخرجت من الحجرة أنظر في حوش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(654) الأنوار النعمانية: ج 2 ص 303؛ البحار: ج 52 ص 174- 175 ب 24.
أقول: المير فيض الله هو السيّد الماجد أمير فيض الله بن عبد القاهر الحسيني التفرشي، قال في أمل الآمل: «كان فاضلا محدّثا جليلا، له كتب، منها: شرح المختلف، وكتاب في الاصول، أخبرنا بهما خال والدي الشيخ علي بن محمود العاملي عنه، وكان قد قرأ عليه في النجف وأجازه، وكان يصف فضله وعلمه وصلاحه وعبادته، وقد ذكره السيّد المصطفى التفرشي في رجاله فقال عند ذكره: سيّدنا الطاهر، كثير العلم، عظيم الحلم، متكلّم، فقيه، ثقة، عين، كان مولده في تفرش، وتحصيله في مشهد الرضا، واليوم من سكان قبّة جدّه بالمشهد المقدّس الغروي- على مشرّفه السلام- حسن الخلق، سهل الخليقة، ليّن العريكة، كلّ صفات الصلحاء والعلماء والأتقياء مجتمعة فيه، له كتب منها: حاشية على المختلف، وشرح الاثني عشرية، وروى عن محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني العاملي» انتهى ما في أمل الآمل. وذكر في الروضات أنّه كان من خواصّ تلامذة المقدس الأردبيلي، والمطّلعين على أسارير أمره.

(٥٤٧)

الحضرة، وكانت الليلة شديدة الظلام، فرأيت رجلا مقبلا على الحضرة الشريفة، فقلت: لعل هذا سارق، جاء ليسرق شيئا من القناديل، فنزلت وأتيت إلى قربه فرأيته وهو لا يراني، فمضى إلى الباب ووقف، فرأيت القفل قد سقط وفتح له الباب الثاني، والثالث على هذا الحال، فأشرف على القبر فسلّم، وأتى من جانب القبر ردّ السلام، فعرفت صوته، فإذا هو يتكلم مع الإمام (عليه السلام) في مسألة علمية، ثمّ خرج من البلد متوجّها الى مسجد الكوفة، فخرجت خلفه وهو لا يراني، فلمّا وصل الى محراب المسجد سمعته يتكلّم مع رجل آخر بتلك المسألة، فرجع ورجعت خلفه، فلمّا بلغ الى باب البلد أضاء الصبح، فأعلنت نفسي له، وقلت له: يا مولانا كنت معك من الأول إلى الآخر، فأعلمني من كان الرجل الأوّل الذي كلّمته في القبّة، ومن الرجل الآخر الذي كلّمك في مسجد الكوفة؟ فأخذ عليّ المواثيق أنّي لا اخبر أحدا بسرّه حتّى يموت، فقال لي: يا ولدي! إنّ بعض المسائل تشتبه عليّ، فربما خرجت في بعض الليل إلى قبر مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) وكلّمته فى المسألة وسمعت الجواب، وفي هذه الليلة أحالني على مولانا صاحب الزمان، وقال لي: إنّ ولدنا المهدي هذه الليلة في مسجد الكوفة فامض إليه وسله عن هذه المسألة، وكان ذلك الرجل هو المهدي (عليه السلام).
892-(655)- بحار الأنوار: ومنها: ما أخبرني به جماعة من أهل الغري- على مشرّفه السلام- أنّ رجلا من أهل قاشان أتى إلى الغري متوجّها الى بيت الله الحرام، فاعتلّ علة شديدة حتّى يبست رجلاه، ولم يقدر على المشي، فخلّفه رفقاؤه وتركوه عند رجل من الصلحاء كان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(655) البحار: ج 52 ص 176- 177 ب 24؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 708- 709 ب 33 ح 163.

(٥٤٨)

يسكن في بعض حجرات المدرسة المحيطة بالروضة المقدّسة وذهبوا الى الحجّ، فكان هذا الرجل يغلق عليه الباب كلّ يوم ويذهب الى الصحاري للتنزّه ولطلب الدراري التي تؤخذ منها، فقال له في بعض الأيّام: إنّي قد ضاق صدري واستوحشت من هذا المكان، فاذهب بي اليوم واطرحني في مكان واذهب حيث شئت، قال: فأجابني الى ذلك، وحملني وذهب بي إلى مقام القائم صلوات الله عليه خارج النجف، فأجلسني هناك وغسل قميصه في الحوض وطرحه على شجرة كانت هناك وذهب الى الصحراء، وبقيت وحدي مغموما افكّر فيما يؤول إليه أمري، فإذا بشاب صبيح الوجه، أسمر اللّون، دخل الصحن وسلّم عليّ وذهب الى بيت المقام، وصلّى عند المحراب ركعات بخضوع وخشوع لم أر مثله قط، فلمّا فرغ من الصلاة خرج وأتاني وسألني عن حالي، فقلت له: ابتليت ببليّة ضقت بها، لا يشفيني الله فأسلم منها ولا يذهب بي فأستريح، فقال:
لا تحزن سيعطيك الله كليهما، وذهب، فلمّا خرج رأيت القميص وقع على الأرض، فقمت وأخذت القميص وغسلتها وطرحتها على الشجرة، فتفكّرت في أمري، وقلت: أنا كنت لا أقدر على القيام والحركة، فكيف صرت هكذا؟ فنظرت الى نفسي فلم أجد شيئا ممّا كان بي، فعلمت أنّه كان القائم صلوات الله عليه، فخرجت فنظرت في الصحراء فلم أر أحدا، فندمت ندامة شديدة، فلمّا أتاني صاحب الحجرة سألني عن حالي وتحيّر في أمري، فأخبرته بما جرى، فتحسّر على ما فات منه ومنّي، ومشيت معه الى الحجرة.
قالوا: فكان هكذا سليما حتى أتى الحاجّ ورفقاؤه، فلمّا رآهم وكان معهم قليلا مرض ومات ودفن في الصحن، فظهر صحّة ما أخبره

(٥٤٩)

(عليه السلام) من وقوع الأمرين معا.
893-(656)- جنّة المأوى: الحكاية التاسعة ما حدّثني به العالم العامل، والعارف الكامل، غوّاص غمرات الخوف والرجاء، وسيّاح فيافي الزهد والتقى، صاحبنا المفيد، وصديقنا السديد، الآغا علي رضا ابن العالم الجليل الحاجّ المولى محمّد النائيني- رحمهما الله تعالى- عن العالم البدل الورع التقيّ صاحب الكرامات، والمقامات العاليات، المولى زين العابدين ابن العالم الجليل المولى محمّد السلماسي- رحمه الله- تلميذ آية الله السيّد السند، والعالم المسدّد، فخر الشيعة، وزينة الشريعة، العلامة الطباطبائي السيّد محمّد مهدي المدعوّ ببحر العلوم- أعلى الله درجته- وكان المولى المزبور من خاصّته في السرّ والعلانية.
قال: كنت حاضرا في مجلس السيّد في المشهد الغرويّ إذ دخل عليه لزيارته المحقّق القمّي صاحب «القوانين» في السنة التي رجع من العجم الى العراق زائرا لقبور الأئمّة (عليهم السلام)، وحاجّا لبيت الله الحرام، فتفرّق من كان في المجلس وحضر للاستفادة منه، وكانوا أزيد من مائة، وبقي ثلاثة من أصحابه أرباب الورع والسداد البالغين إلى رتبة الاجتهاد، فتوجّه المحقّق الأيّد إلى جناب السيّد وقال: إنّكم فزتم وحزتم مرتبة الولادة الروحانيّة والجسمانيّة، وقرب المكان الظاهري والباطني، فتصدّقوا علينا بذكر مائدة من موائد تلك الخوان، وثمرة من الثمار التي جنيتم من هذه الجنان، كي تنشرح به الصدور، وتطمئنّ به القلوب، فأجاب السيّد من غير تأمّل، وقال: إنّى كنت في الليلة الماضية قبل ليلتين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(656) جنّة المأوى(المطبوع مع البحار): ج 53 ص 234- 236.

(٥٥٠)

أو أقل- والترديد من الراوي- في المسجد الأعظم بالكوفة، لأداء نافلة الليل، عازما على الرجوع إلى النجف في أوّل الصبح، لئلا يتعطّل أمر البحث والمذاكرة- وهكذا كان دأبه في سنين عديدة- فلمّا خرجت من المسجد القي في روعي الشوق إلى مسجد السهلة، فصرفت خيالي عنه، خوفا من عدم الوصول الى البلد قبل الصبح فيفوت البحث في اليوم، ولكن كان الشوق يزيد في كلّ آن، ويميل القلب إلى ذلك المكان، فبينا أقدّم رجلا وأؤخرّ اخرى، إذا بريح فيها غبار كثير، فهاجت بي وأمالتني عن الطريق، فكأنّها التوفيق الذي هو خير رفيق، إلى أن ألقتني إلى باب المسجد، فدخلت فإذا به خاليا عن العبّاد والزوّار، إلّا شخصا جليلا مشغولا بالمناجاة مع الجبّار، بكلمات ترقّ القلوب القاسية، وتسحّ الدموع من العيون الجامدة، فطار بالي، وتغيّر حالي، ورجفت ركبتي، وهملت دمعتي من استماع تلك الكلمات التي لم تسمعها اذني، ولم ترها عيني، ممّا وصلت إليه من الأدعية المأثورة، وعرفت أنّ الناجي ينشئها في الحال، لا أنّه ينشد ما أودعه في البال، فوقفت في مكاني مستمعا متلذّذا الى أن فرغ من مناجاته، فالتفت إليّ وصاح بلسان العجم: «مهدي بيا» أي: هلمّ يا مهديّ! فتقدّمت إليه بخطوات فوقفت، فأمرني بالتقدّم، فمشيت قليلا ثمّ وقفت، فأمرني بالتقدّم، وقال: إنّ الأدب في الامتثال، فتقدّمت إليه بحيث تصل يدي إليه، ويده الشريفة إليّ، وتكلّم بكلمة.
قال المولى السلماسي- رحمه الله-: ولمّا بلغ كلام السيّد السند إلى هنا أضرب عنه صفحا، وطوى عنه كشحا، وشرح في الجواب عمّا سأله المحقّق المذكور قبل ذلك، عن سرّ قلّة تصانيفه، مع طول باعه في العلوم،

(٥٥١)

فذكر له وجوها، فعاد المحقّق القمّي فسأل عن هذا الكلام الخفيّ، فأشار بيده شبه المنكر بأنّ هذا سرّ لا يذكر.
894-(657)- جنّة المأوى: الحكاية الحادية عشرة: وبهذا السند عن المولى المذكور قال: صلّينا مع جنابه في داخل حرم العسكريين (عليهما السلام)، فلمّا أراد النهوض من التشهد إلى الركعة الثالثة، عرضته حالة فوقف هنيئة ثمّ قام، ولما فرغنا تعجّبنا كلّنا، ولم نفهم ما كان وجهه، ولم يجترئ أحد منّا على السؤال عنه إلى أن أتينا المنزل، وأحضرت المائدة، فأشار إليّ بعض السادة من أصحابنا أن أسأل منه، فقلت: لا، وأنت أقرب منّا، فالتفت- رحمه الله- إليّ وقال: فيم تقاولون؟ قلت- وكنت أجسر الناس عليه-: إنّهم يريدون الكشف عمّا عرض لكم في حال الصلاة، فقال: إنّ الحجّة عجّل الله تعالى فرجه، دخل الروضة للسلام على أبيه (عليه السلام) فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الأنور الى أن خرج منها.
895-(658)- الخرائج والجرائح: ومنها: ما روي عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: لمّا وصلت بغداد سنة تسع [سبع- خ] وثلاثين [وثلاثمائة] أردت الحجّ، وهي السنة التي ردّ القرامطة فيها الحجر إلى مكانه من البيت، كان أكبر همّي الظفر بمن ينصب الحجر،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(657) جنّة المأوى(المطبوع مع البحار): ج 53 ص 237.
(658) الخرائج والجرائح: ج 1 ص 475- 478 ح 18 في معجزات صاحب الزمان (عليه السلام)؛ البحار: ج 52 ص 58- 59 ب 18 ح 41؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 694- 695 ب 33 ح 119؛ فرج المهموم: ص 254 و255 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ وفيه: «الدمع» بدل «الزمع» وفيه أيضا: «فلمّا كانت سنة سبع وستين»؛ كشف الغمة: ج 2 ص 502 في معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) وفيه: «فلمّا كانت سنة سبع وستين...».

(٥٥٢)

لأنّه يمضي في أثناء الكتب قصّة أخذه، وأنّه ينصبه في مكانه الحجّة في الزمان، كما في زمان الحجّاج وضعه زين العابدين (عليه السلام) في مكانه فاستقرّ، فاعتللت علّة صعبة خفت منها على نفسي، ولم يتهيأ لي ما قصدت له، فاستنبت المعروف بابن هشام، وأعطيته رقعة مختومة، أسأل فيها عن مدّة عمري، وهل تكون المنيّة في هذه العلّة أم لا؟ وقلت:
همّي إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه وأخذ جوابه، وإنّي أندبك لهذا، قال: فقال المعروف بابن هشام: لمّا حصلت بمكّة وعزم على إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكّنت معها من الكون بحيث أرى واضع الحجر في مكانه، وأقمت معي منهم من يمنع عنّي ازدحام الناس، فكلّما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم، فأقبل غلام أسمر اللّون، حسن الوجه، فتناوله ووضعه في مكانه فاستقام، كأنّه لم يزل عنه، وعلت لذلك الأصوات، وانصرف خارجا من الباب، فنهضت من مكاني أتبعه وأدفع الناس عنّي يمينا وشمالا، حتى ظنّ بي الاختلاط في العقل والناس يفرجون لي، وعيني لا تفارقه، حتى انقطع عن الناس، فكنت أسرع السير خلفه، وهو يمشي على تؤدة ولا أدركه، فلمّا حصل بحيث لا أحد يراه غيري، وقف والتفت إليّ فقال: هات ما معك، فناولته الرقعة، فقال من غير أن ينظر فيها: قل له: لا خوف عليك في هذه العلّة، ويكون ما لا بدّ منه بعد ثلاثين سنة، قال: فوقع عليّ الزمع حتّى لم أطق حراكا، وتركني وانصرف.
قال أبو القاسم: فأعلمني بهذه الجملة، فلمّا كانت سنة تسع وستّين اعتلّ أبو القاسم، فأخذ ينظر في أمره، وتحصيل جهازه إلى قبره، وكتب وصيّته، واستعمل الجدّ في ذلك، فقيل له: ما هذا الخوف ونرجو أن

(٥٥٣)

يتفضّل الله تعالى بالسلامة؟! فما عليك مخافة، فقال: هذه السنة التي خوّفت فيها، فمات في علّته.
896-(659)- مهج الدعوات: [قال:] وكنت أنا بسرّمن رأى فسمعت سحرا دعاءه (عليه السلام)، فحفظت منه (عليه السلام) من الدعاء لمن ذكره من الأحياء والأموات: وأبقهم- أو قال: وأحيهم- في عزّنا ملكنا وسلطاننا ودولتنا. وكان ذلك في ليلة الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وستمائة.
897-(660)- دار السلام (المشتمل على ذكر من فاز بسلام الإمام (عليه السلام)): أخرج في الحكاية التاسعة عشرة ما ترجمته بالعربية: نقل الفاضل المعاصر ميرزا محمّد التنكابني في «قصص العلماء» عن الفاضل اللاهيجي المولى صفر علي، عن السيّد السند صاحب «المفاتيح» السيّد محمّد ابن صاحب «الرياض»، نقلا عن خطّ آية الله العلامة في حاشية بعض كتبه أنّه خرج ذات ليلة لزيارة قبر مولانا أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وهو على حمار له وبيده سوط يسوق به دابّته، فعرض له في أثناء الطريق رجل في زيّ الأعراب، فتصاحبا وهو يمشي بين يديه فافتتح باب المكالمة والمساءلة، فعلم العلّامة من كلامه أنّه عالم خبير، قليل المثل والنظير، فاختبره بالمسائل المشكلة فرآه حلال المشكلات والمعضلات، ومفتاح المغلقات، فسأله عن المسائل التي استصعب عليه علمها فكشف الحجاب عن وجه جميعها، إلى أن انتهى الكلام إلى مسألة أفتى فيها بخلاف ما عليه العلّامة فأنكره عليه قائلا: إنّ هذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(659) مهج الدعوات: ص 296.
(660) دار السلام: الحكاية 15؛ قصص العلماء للتنكابني: ص 359.

(٥٥٤)

الفتوى خلاف الأصل والقاعدة، ولا بدّ لنا في خلافهما من دليل وارد عليهما، فقال العربي: الدليل عليه حديث ذكره الشيخ الطوسي في تهذيبه، فقال العلّامة: إنّي لم أعهد بهذا الحديث في التهذيب، ولم يذكره الشيخ وغيره، فقال: ارجع إلى نسخة التهذيب التي عندك الآن وعدّ منها أوراقا كذا وسطورا كذا تجده، فلمّا سمع منه العلامة ذلك، ورأى أنّ هذا إخبار عن المغيبات تحيّر في أمره تحيّرا شديدا، واندهش من معرفته، وقال في نفسه: لعلّ هذا الرجل الذي يمشي بين يديّ منذ كذا وأنا في ركوبي هو الذي بوجوده تدور رحى الموجودات، فبينما هو كذلك إذ وقع السوط من يده من شدّة التفكير والتحيّر، وفي حال سقط من يده السوط صار في مقام الاستفهام والاستخبار، فاستخبر منه أنّ في زمان الغيبة الكبرى هل يمكن التشرّف بلقاء سيّدنا ومولانا صاحب الزمان (عليه السلام)؟ فهوى الرجل وأخذ السوط من الأرض ووضعه في كفّ العلامة، وقال: لم لا يمكن وكفّه في كفّك، فطرح العلامة نفسه على قدميه واغمي عليه، فلمّا أفاق لم يجد أحدا، فاهتمّ بذلك وتكدّر، ورجع إلى أهله وتصفّح عن نسخة تهذيبه، فوجد الحديث كما أخبره الإمام (عليه السلام) في حاشية تلك النسخة، فكتب بخطّه الشريف في ذلك الموضع: هذا الحديث أخبرني به سيّدي ومولاي في ورق كذا وسطر كذا.
ونقل الفاضل التنكابني عن المولى صفر علي عن السيّد المذكور- رحمه الله- أنّه قد رأى تلك النسخة بخط العلامة في حاشيته.
898-(661)- دلائل الإمامة: حدّثني أبو الحسين محمد بن هارون بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(661) دلائل الإمامة: ص 304- 306 ب معرفة من شاهد صاحب الزمان (عليه السلام) في حال الغيبة وعرفة من أصحابنا ح 5؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 702 ب 33 ح 145؛ البحار: ج 51 ص 304- 306 ب 15 عجز الحديث 19 وليس فيه: «يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها» بعد قوله: «يا كريم الصفح» وفيه: «ثمّ قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة»، وفيه: «وسألت أبا جعفر القيّم»، وفيه: «إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان فلم يذكره»، وفيه: «ذؤابة ورداء» و«يا منتهى غاية رغبتاه» و«اكفياني فإنكما كافياي» بعد قوله: «يا محمّد يا علي، يا علي يا محمّد» و«خرجت إلى أبي جعفر» و«فتأسّفت على ما فاتني».
فرج المهموم: 245- 247 ولم يذكر مثل البحار: «يا مبتدئا...» بعد قوله: «يا كريم الصفح»، وذكر: «يا غاية كلّ شكوى»، وذكر: «يا ربّاه عشر مرّات، يا منتهى غاية رغبتاه عشر مرّات»، ولم يذكر: «يا سيّداه يا مولاه يا غايتاه»، وذكر: «اكفياني فإنكما كافياي»، وقال: «وتضع خدّك الأيسر وتقول: أدركني يا صاحب الزمان».
أقول: أبو منصور بن الصالحان كان من وزراء آل بويه، يوجد بعض ترجمته في الكامل: ج 9، واستوزره شرف الدولة في سنة 374 ه، وأقرّه على وزارته بهاء الدولة في سنة 379 ه، وقبض عليه في سنة 380 ه، ثمّ استوزره وأبا نصر بن سابور سنة 382 ه، واستعفى في سنة 383 ه. وعلى هذا لا ريب في وقوع هذه القصّة في الغيبة الكبرى، ويؤيد ذلك أنّ هارون بن موسى التلعكبري يكون في الطبقات من الطبقة العاشرة، فابنه محمد بن هارون يكون من الطبقة الحادية عشرة، ومن معاصري المفيد- عليه الرحمة- المتوفى سنة 413 ه.

(٥٥٥)

موسى التلعكبري، قال: حدّثني أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب، قال: تقلّدت عملا من أبي منصور بن الصالحان، وجرى بيني وبينه ما أوجب استتاري، فطلبني وأخافني، فمكثت مستترا خائفا، ثمّ قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة واعتمدت على المبيت هناك للدعاء والمسألة، وكانت ليلة ريح ومطر، فسألت ابن جعفر القيّم أن يغلق الأبواب، وأن يجتهد في خلوة الموضع لأخلو بما اريده من الدعاء والمسألة، وآمن من دخول إنسان ممّا لم آمنه وخفت من لقائي له، ففعل وقفل الأبواب وانتصف الليل، وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع، ومكثت أدعو

(٥٥٦)

وأزور واصلّي، فبينما أنا كذلك إذ سمعت وطأة عند مولانا موسى (عليه السلام)، وإذا رجل يزور، فسلّم على آدم واولي العزم، ثمّ الأئمّة واحدا واحدا إلى أن انتهى الى صاحب الزمان، فعجبت من ذلك، وقلت: لعلّه نسي أو لم يعرف أو هذا مذهب لهذا الرجل، فلمّا فرغ من زيارته صلّى ركعتين، وأقبل الى مولانا أبي جعفر فزار مثل تلك الزيارة وذلك السلام وصلّى ركعتين، وأنا خائف منه إذ لم أعرفه، ورأيته شابّا تامّا من الرجال، عليه ثياب بيض وعمامة محنّك بها ذؤابة رديّ على كتفه مسبل، فقال لي: يا أبا الحسين بن أبي البغل! أين أنت عن دعاء الفرج؟ فقلت: وما هو يا سيّدي؟ فقال: تصلّي ركعتين وتقول: «يا من أظهر الجميل وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتك الستر، يا عظيم المنّ، يا كريم الصفح، يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا منتهى كلّ نجوى، ويا غاية كلّ شكوى، يا عون كلّ مستعين، يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها، يا ربّاه- عشر مرّات، يا سيّداه- عشر مرّات، يا مولاه- عشر مرّات- يا غايتاه- عشر مرّات-، يا منتهى رغبتاه- عشر مرّات- أسألك بحقّ هذه الأسماء، وبحقّ محمّد وآله الطاهرين إلّا ما كشفت كربي، ونفّست همّي، وفرّجت غمّي، وأصلحت حالي»، وتدعو بعد ذلك بما شئت وتسأل حاجتك، ثم تضع خدّك الأيمن على الأرض وتقول مائة مرّة في سجودك: يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، اكفياني وانصراني فإنكما ناصراي، ولتضع خدّك الأيسر على الأرض وتقول مائة مرّة: أدركني، وتكرّرها كثيرا وتقول: الغوث الغوث حتّى ينقطع نفسك، وترفع رأسك، فإنّ الله بكرمه يقضي حاجتك إن شاء الله تعالى، فلما اشتغلت

(٥٥٧)

بالصلاة والدعاء خرج، فلمّا فرغت خرجت لابن جعفر لأسأله عن الرجل وكيف قد دخل، فرأيت الأبواب على حالها مغلقة مقفلة، فعجبت من ذلك، وقلت: لعلّه باب هنا ولم أعلم، فأنبهت ابن جعفر فخرج إلي من بيت الزيت، فسألته عن الرجل ودخوله، فقال: الأبواب مقفلة كما ترى ما فتحتها، فحدّثته بالحديث، فقال: هذا مولانا صاحب الزمان وقد شاهدته مرارا في مثل هذه الليلة عند خلوها من الناس، فتأسفت على ما فاتني منه، وخرجت عند قرب الفجر وقصدت الكرخ الى الموضع الذي كنت مستترا فيه، فما أضحى النهار إلّا وأصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي ويسألون عني أصدقائي، ومعهم أمان من الوزير ورقعة بخطّه فيها كلّ جميل، فحضرت مع ثقة من أصدقائى عنده، فقام والتزمني وعاملني بما لم أعهده منه، وقال: انتهت بك الحال الى أن تشكوني إلى صاحب الزمان، فقلت: قد كان منّي دعاء ومسألة، فقال: ويحك، رأيت البارحة مولاي صاحب الزمان في النوم- يعني ليلة الجمعة- وهو يأمرني بكلّ جميل، ويجفو عليّ في ذلك جفوة خفتها، فقلت: لا إله إلّا الله، أشهد أنهم الحقّ، ومنتهى الصدق، رأيت البارحة مولانا في اليقظة، وقال لي: كذا وكذا، وشرحت ما رأيته في المشهد، فعجب من ذلك، وجرت منه امور عظام حسان في هذا المعنى، وبلغت منه غاية ما لم أظنّه ببركة مولانا صاحب الزمان.
899-(662)- الإمامة والمهدويّة: بسم الله الرحمن الرحيم، إنّ سماحة الشيخ محمد الكوفي كان معروفا بالزهد والتقوى والصلاح عند

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(662) امامت ومهدويّت(الإمامة والمهدويّة): ج 2 ص 168- 171. الراوي لهذه الحكاية هو العالم الجليل الصالح الورع الحجّة السيّد آغا امام السدهي- رحمة الله عليه- كتب الحكاية إجابة لطلبي منه، وهو موجود عندي بخطه الشريف بالفارسية.

(٥٥٨)

خواصّ علماء وفضلاء النجف الأشرف، وكان مداوما على الذهاب في ليالي وأيّام الجمع الى النجف الأشرف، وكنت قد سمعت من بعض العلماء تشرّفه بلقاء مولانا وسيّدنا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه، وفي أحد أيّام الجمع، وفي مدرسة الصدر في النجف الأشرف، وفي حجرة أحد الأصدقاء الأفاضل تشرّفت بخدمته والحضور عنده، فاستدعيته لأن يسرد لي قصّة تشرّفه بلقاء الإمام عجل الله فرجه لأسمعها من لسانه، وأنا بدوري أذكر الآن ما يحضرني ممّا قاله لي، قال: ذهبت مع والدي الى مكة المكرّمة، ولم يكن في حوزتنا غير ناقة واحدة فقط، وكان والدي راكبا عليها وأنا أمشي على قدميّ، وكنت مواظبا على خدمته، وعند عودتنا وصلنا الى السماوة، فاكترينا بغلا من رجل سنّي كان في جملة أفراد يمتهنون نقل الجنائز بين السماوة والنجف، لأنّ الجمل كان يبطئ في السير، وكثيرا ما كان يبرك ولا يتحرك، وبعد مشقة نقيمه، فركب والدي على البغل وأنا ركبت الجمل، وتحرّكنا من السماوة، وفي أثناء الطريق كان الجمل يتأخر كثيرا في السير لأن الطريق كان مليئا بالأوحال والمستنقعات في أغلب مناطقه، وكنت قد ابتليت بسوء خلق هذا الرجل السنّيّ المكاري، وبقي الحال هكذا حتّى وصلنا الى بقعة كثيرة الوحل، فبرك الجمل وامتنع عن النهوض، وكلّما حاولنا حراكه لم يفد معه شيئا، ولأجل محاولاتنا العديدة غير المجدية في إنهاضه تلطّخت ثيابنا بالوحل، فعندها اضطرّ المكاري للتوقّف كيما نغسل ثيابنا بالماء الموجود في المنطقة، أمّا أنا فقد ابتعدت عنهم قليلا لأخلع ثيابي وأغسلها، وكنت قلقا للغاية، وفي حيرة شديدة من أنّه الى ما سيؤول أمرنا وتنتهي عاقبتنا إليه، ثمّ إنّ هذا الوادي كان محفوفا بالمخاطر بسبب قطّاع الطريق، فاضطررت إلى التوسّل بولي

(٥٥٩)

العصر أرواحنا فداه ولكن لا من شيء، فالصحراء خالية وعلى مدّ البصر، وفجأة وعلى حين غرّة رأيت إلى قربي شابّا فيه شبه من السيد مهدي بن السيّد حسين الكربلائي [ولا أستحضر بالي أنّه قال: كانا شخصين أم فقط هذا الشخص، وأيضا لا أتخطّر أنّه من الذي بدأ بالسلام منهما على الآخر](663)، فقلت: شي اسمك (أي: ما أسمك)؟
قال: سيّد مهدي، قلت: ابن السيّد حسين؟ قال: لا، ابن السيّد حسن، قلت: من أين أقبلت؟ قال: من الخضير [وكان في هذه الصحراء مقام معروف بمقام الخضر (عليه السلام)، لذا تصوّرت أنّه يعني جاء من ذلك المقام] ثمّ قال لي: لما ذا توقّفت في هذا المكان؟ فذكرت له تفاصيل القضيّة من بروك الجمل، وشكوت إليه سوء حالي، فتوجّه إلى صوب الجمل، فما أن وضع يده على رأس الجمل إلّا ونهض على رجليه، ورأيته (عليه السلام) يكلّم الجمل ويشير له بسبّابته يمينا ويسارا، ويرشده الى الطريق، وبعد ذلك أقبل إليّ وقال: هل عندك حاجة اخرى؟ قلت: عندي حوائج، ولكنّي لا أستطيع في وضعي هذا واضطرابي وشدّة قلقي من ذكرها، فعيّن لي موضعا آتيك فيه وأنا حاضر البال فأسألك عنها، فقال: مسجد السهلة، وفجأة غاب عن ناظري، فجئت الى قرب والدي، فقلت له: من أيّ جهة ذهب هذا الشخص الذي تكلّم معي؟
(كنت اريد أن أعرف أنّه هل رآه (عليه السلام) أم لا؟) قال: لم يجيء أحد إلى هنا، ولم أنظر وعلى مدّ بصري في هذه البادية أحدا، قلت: اركبوا لنذهب، قال: ما ذا تفعل مع الجمل؟ قلت: اترك أمره لي، فركبوا وأنا أيضا ركبت الجمل، فنهض وجعل يسير بسرعة وتقدّم عليهم مسافة، فناداني المكاري: إنّا لا نستطيع أن نلحق بك مع هذه السرعة، والمقصود

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(663) ما بين المعقوفتين من كلام الراوي للقصّة عن الشيخ محمّد الكوفي.

(٥٦٠)

صار الأمر على العكس، فقال المكاري متعجّبا: ما ذا حصل؟ فالجمل نفس ذلك الجمل، والطريق نفس الطريق؟! قلت: هناك سرّ في الأمر، وعلى حين غرّة ظهر نهر كبير على رأس الطريق، وبقيت متحيّرا مرّة ثانية أنّه ما ذا نفعل مع هذا الماء؟ وبينا أنا في حيرتي هذه وإذا بالجمل يتقدّم الى داخل الماء، وصار يسير يمينا تارة ويسارا اخرى، فلمّا وصل والدي والرجل المكاري الى النهر فنادياني: إلى أين تذهب؟ ستغرق، فإنّه لا يمكن عبور هذا النهر، ولما شاهدوني أسير بالجمل مسرعا ولا يصيبني مكروه فتجرّءا على العبور، فقلت لهما: تعالا يمنة ويسرة في نفس الطريق الذي يسير فيه الجمل، فعبرا كذلك ووصلنا بأجمعنا سالمين، فعندها ذكرت تلك الحركات التي أشار بها الإمام (عليه السلام) بسبّابته الشريفة يمينا وشمالا، وأنّها كانت إشارة الى هذا الماء.
وعلى كلّ حال، فأخذنا نسير حتّى وصلنا ليلا إلى عدّة من البدو الرحّالة فنزلنا عندهم، فكانوا بأجمعهم يسألونا متعجّبين: من أين أقبلتم؟ قلنا: من السماوة، فقالوا: لقد انكسر الجسر وليس من طريق آخر إلّا العبور لهذا النهر بواسطة الطرادة، وكان أكثرهم حيرة الرجل المكاري، فقال: أخبرني أيّ سرّ كان في هذا الأمر؟ فقلت له: لمّا برك الجمل في ذلك المكان توسّلت بإمام الشيعة الثاني عشر، فحضر (عليه السلام) عندي وحلّ هذه المشاكل [ولا أتخطّر أنّه قال: فاستبصر هو مع تلك الجماعة أم لا](664)، ثم أقبلنا على حالنا إلى عدّة فراسخ من النجف الأشرف، وعندها برك الجمل مرّة اخرى، فطأطأت برأسي الى قرب اذنه، فقلت له: أنت مأمور بإيصالنا الى الكوفة، فما أن أتممت كلامي حتّى قام من مكانه وأكمل الطريق، وعند باب بيتنا في الكوفة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(664) ما بين المعقوفتين من كلام الراوي للقصّة من الشيخ محمّد الكوفي.

(٥٦١)

لوى ركبتيه وبرك على الأرض، وأنا لم أبعه ولم أذبحه حتى مات، وكان في النهار يذهب إلى أطراف الكوفة للرعي وعند المساء يرجع إلى البيت فينام.
بعد ذلك قلت له: هل تشرّفت برؤية ذلك المولى العظيم في مسجد السهلة؟ فقال: بلى، ولكنّي غير مجاز في ذكر تفاصيل الكلام.
«الأقلّ آقا امام سدهي»
ويدلّ عليه من هذا الباب الأحاديث 881، 882، 884، 886.
واعلم أن ما ذكرناه في هذا الفصل ليس إلّا قليلا من الحكايات والآثار المذكورة في الكتب المعتبرة، والاكتفاء به لعدم اتّساع هذا الكتاب لأزيد منه، مضافا إلى أنّ هذه الآثار والحكايات بلغت من الكثرة حدّا يمتنع إحصاؤها، وقد ملأ العلماء كتبهم عنها، فراجع «البحار»، و«النجم الثاقب»، و«جنّة المأوى» و«دار السلام» المشتمل على ذكر من فاز بسلام الإمام، و«العبقريّ الحسان»، وغيرها، حتّى تعرف مبلغا من كثرتها، ومن تصفّح الكتب المدوّنة فيها هذه الحكايات التي لا ريب في صحة كثير منها- لقوّة اسنادها، وكون ناقليها من الخواصّ والرجال المعروفين بالصداقة والأمانة والعلم والتقوى- يحصل له العلم القطعي الضروري بوجوده (عليه السلام)، ونسأل الله أن يوفّقنا لإفراد كتاب كبير في ذلك، إنّه خير موفّق ومعين.

(٥٦٢)