منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر (عليه السلام) - الجزء الثالث

منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر (عليه السلام) / الجزء الثالث

تأليف: آية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني

فهرس المطالب

الباب السابع: في علائم ظهوره وما يكون قبله وفيه أحد عشر فصلا..................7
الفصل الأول: في بعض كيفيات ظهوره (عليه السلام) وفيه 28 حديثا..................7
الفصل الثاني: فيما يكون قبل خروجه من الفتن والبدع والظلم، وكثرة المعاصي وقوّة أهلها، وقلّة اهتمام الناس بطاعة الله، وإفشاء المعصية، والتجاهر بالفسق والفجور وغيرها وفيه 90 حديثا..................16
الفصل الثالث: في بعض علائم ظهوره (عليه السلام) وفيه 30 حديثا..................50
الفصل الرابع: في ما يدل على النداء به من السماء، وأنّ على رأسه ملكا ينادي باسمه واسم أبيه (عليهما السلام) وفيه 52 حديثا..................66
الفصل الخامس: فيما يدلّ على غلاء الأسعار وكثرة الأسقام ووقوع القحط والحروب العظيمة والفتن الكثيرة وذهاب خلق كثير من الناس وفيه 22 حديثا..................81
الفصل السادس: في خروج السفياني، والخسف، وقتل النفس الزكيّة، واليماني والصيحة والنداء وفيه 63 حديثا..................86
الفصل السابع: في خروج الدجّال وفيه 26 حديثا..................103
الفصل الثامن: في عدم جواز التوقيت، وتعيين وقت لظهوره (عليه السلام) وفيه 12 حديثا..................112
الفصل التاسع: في سنة خروجه وشهره ويومه وفيه 10 أحاديث..................115
الفصل العاشر: في ذكر المكان الّذي يخرج منه، وموضع منبره، ومصلّاه (عليه السلام) وفيه 18 حديثا..................120
الفصل الحادي عشر: في كيفيّة البيعة له، ومن يبايعه، ومكان المبايعة وفيه 19 حديثا..................125
الباب الثامن: فيما يكون بعد خروجه وفيه 13 فصلا..................131
الفصل الأوّل: في أنّ الله تعالى يفتح على يديه المدائن والحصون ومشارق الأرض ومغاربها وفيه 22 حديثا..................133
الفصل الثاني: في اجتماع جميع الملل على الإسلام، وأنّ بعد ظهوره لا يعبد غير الله، وأنّه يذهب بدولة الباطل وفيه 22 حديثا..................136
الفصل الثالث: في استخراجه كنوز الأرض ومعادنها وظهورها له وفيه 19 حديثا..................138
الفصل الرابع: في ظهور البركات السماويّة والأرضيّة وغيرها وفيه 14 حديثا..................141
الفصل الخامس: في أنّ الله تعالى يأتي بأصحابه وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر عدّة أهل بدر عنده، وبعض فضائلهم وفيه 28 حديثا..................147
الفصل السادس: في اجتماع أهل الشرق والغرب عنده وفيه حديثان..................154
الفصل السابع: في امتلاء الأرض من العدل به (عليه السلام) الّذي هو من أشهر خصائصه، ومن أعظم أعماله الإصلاحيّة وفيه 154 حديثا..................155
الفصل الثامن: في نزول عيسى بن مريم وصلاته خلف المهدي (عليه السلام) وفيه 39 حديثا..................158
الفصل التاسع: في أنّه (عليه السلام) يقتل الدجّال وفيه 6 أحاديث..................162
الفصل العاشر: في أنّه يقاتل السفياني وفيه 8 أحاديث..................164
الفصل الحادي عشر: في عمران الأرض في دولته (عليه السلام) وفيه في نفس الباب حديثان..................168
الفصل الثاني عشر: في تسهيل الامور، وتكامل العقول، وبثّ العلم في عصره وأنّ الدنيا تكون عنده بمنزلة راحته، والأرض تطوى له وفيه 10 أحاديث..................169
الفصل الثالث عشر: في ظهور الاخوّة الإيمانيّة بظهوره، والتزام الناس بالتعاطف والتراحم والتوادد والتحابب وفيه 3 أحاديث..................173
الباب التاسع: في حالات أصحابه وأنصاره وفيه فصلان..................175
الفصل الأوّل: في فضائلهم وفيه 21 حديثا..................177
الفصل الثاني: في قوّتهم وشدّتهم وغلبتهم على الأعداء وفيه 6 أحاديث..................180
الباب العاشر: في مدّة ملكه بعد ظهوره، وكيفيّة عيشه بين الناس، وما يعمل به ويدعو إليه وفيه ثلاثة فصول..................183
الفصل الأوّل: في مدّة ملكه بعد ظهوره وفيه 29 حديثا..................185
الفصل الثاني: في كيفيّة عيشه ومأكله وملبسه وفيه 7 أحاديث..................190
الفصل الثالث: فيما يدعو إليه ويعمل به وفيه 8 أحاديث..................194
الباب الحادي عشر: وفيه ستّة فصول..................197
الفصل الأوّل: فيمن أنكر القائم (عليه السلام) وكذّب به وفيه 9 أحاديث..................199
الفصل الثاني: في فضل انتظار الفرج بظهوره (عليه السلام) وفيه 25 حديثا..................203
الفصل الثالث: في بعض تكاليف رعيّته وشيعته بالنسبة إليه وفيه 60 حديثا..................218
الفصل الرابع: في فضل من أدركه وأطاعه، ويؤمن به في غيبته، ويأتمّ ويقتدي به، ويثبت على موالاته وفيه 31 حديثا..................236
الفصل الخامس: في كيفيّة التسليم والصلاة عليه وفيه 9 أحاديث..................246
الفصل السادس: في دعائه (عليه السلام)، وبعض الادعية المأثورة عنه نذكر فيه 13 حديثا..................250
رسالة حول اختلاف الأخبار في مدّة دولته وبقائه (عليه السلام) بعد ظهوره..................261
رسالة حول الأخبار المأثورة في الدجّال..................273
رسالة حول حياة المسيح عيسى (عليه السلام) ونزوله من السماء في آخر الزمان..................305
النقود اللطيفة على الكتاب المسمّى بالأخبار الدخيلة..................327
حول حديث سعد بن عبد الله..................331
تحقيق في اعتبار عدالة الراوي في جواز الأخذ بخبره..................343
حول أحاديث ثلاثة..................377
وثلاثة أحاديث أخر..................408
وحديثين آخرين..................412
وحديث آخر..................419
حول خبر الجزيرة الخضراء ومدائن أبناء المهدي (عليه السلام)..................422
تنبيه..................429
فهرس أرقام أحاديث كل من المعصومين (عليهم السلام) في مجلدات الكتاب..................432
باب بعض القابه (عليه السلام) الشريفة..................443
المصادر..................449
استدراك..................475

الباب السابع: في علائم ظهوره وما يكون قبله وفيه أحد عشر فصلا (1)
الفصل الأول: في بعض كيفيات ظهوره (عليه السلام) وفيه 28 حديثا

900-(2)- كنز العمّال: عن علي [عليه السلام] قال: إذا هزمت الرايات السود خيل السفياني التي فيها شعيب بن صالح (3) تمنّى الناس المهدي فيطلبونه، فيخرج من مكّة ومعه راية رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) فيصلّي ركعتين بعد أن ييأس الناس من خروجه لما طال عليهم من البلاء، فإذا فرغ من صلاته انصرف فقال: أيّها الناس! ألحّ البلاء بأمّة محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) وبأهل بيته خاصّة، قهرنا وبغي علينا (نعيم).
901-(4)- سنن الداني: عن حذيفة بن اليمان، عن النبي (صلّى الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أفرد جماعة كتبا في علائم الظهور، أخرجوا فيها الأحاديث الكثيرة المتواترة فيها.
(2) (1)- كنز العمّال: ج 14 ص 590 ح 39673.
(3) كذا في المصدر، وأداة الوصل«التي» متعلقة ب«الرايات السود» أي: إذا هزمت الرايات السود التي فيها شعيب بن صالح خيل السفياني... الخ.

(4) (2)- البرهان في علامات مهدي آخر الزمان (عليه السلام): ص 77 ب 1 ح 16 قال: أخرجه أبو عمرو عثمان بن سعيد المقرئ في سننه.
أقول: وفي النسخة المخطوطة منه- التي كانت عندنا أمانة من مالكها صديقنا العالم الجليل الحاج آقا محمّد المقدّس الأصفهاني، وهى الآن موجودة في مكتبة الجامع الأعظم الذي بناه بقم سيّدنا الأستاذ الزعيم الأكبر السيّد البروجردي قدس سرّه- ذكر: «قصّة المهدي (عليه السلام) ومبايعته» بدل«قضيّة المهدي (عليه السلام) مبايعته».

(٧)

 عليه [وآله] وسلّم) في قضيّة المهدي (عليه السلام) مبايعته بين الركن والمقام، وخروجه متوجّها إلى الشام، قال: وجبرئيل على مقدّمته، وميكائيل على ساقته، يفرح به أهل السماء والأرض، والطير، والوحش، والحيتان في البحر.
902-(5)- كفاية الأثر: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن [أبي عبد الله أحمد بن] محمد بن عبيد الله، قال: حدّثنا أبو طالب عبيد بن أحمد بن يعقوب بن نصر الأنباري، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن مسروق، قال: حدّثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدّثنا محمّد بن زياد الهاشمي، قال: حدّثنا سفيان ب
ن عيينة، [قال: حدّثنا عمران بن داود]، قال: حدّثنا محمّد بن الحنفيّة قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: قال الله تبارك وتعالى: لأعذّبنّ كلّ رعيّة دانت بطاعة إمام ليس منّي وإن كانت الرعيّة في نفسها برّة، ولأرحمنّ كلّ رعيّة دانت بإمام عادل منّي وإن كانت الرعيّة في نفسها غير برّة ولا تقيّة.
ثم قال لي: يا عليّ! أنت الإمام والخليفة من بعدي، حربك حربي وسلمك سلمي، وأنت أبو سبطيّ وزوج ابنتي، من ذرّيتك الأئمّة المطهّرون، فأنا سيّد الأنبياء [وأنت سيّد الأوصياء، وأنا وأنت من شجرة واحدة]، ولولانا لم يخلق الله الجنّة والنار ولا الأنبياء ولا الملائكة. قال: قلت: يا رسول الله! فنحن أفضل من الملائكة؟ فقال: يا عليّ! نحن خير خليقة الله على بسيط الأرض، وخير من الملائكة المقرّبين، وكيف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(5) (3)- كفاية الأثر: ص 156- 159 ب 23 ح 10؛ البحار: ج 36 ص 337- 338 ب 41 ح 200 و51 ص 108- 109 ب 1 ح 42.

(٨)

لا نكون خيرا منهم وقد سبقناهم إلى معرفة الله وتوحيده، فبنا عرفوا الله، وبنا عبدوا الله، وبنا اهتدوا السبيل إلى معرفة الله، يا عليّ، أنت منّي وأنا منك، وأنت أخي ووزيري، فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم، وستكون بعدي فتنة صمّاء صيلم، يسقط فيها كلّ وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من السابع من ولدك، ويحزن لفقده أهل الأرض والسماء، فكم مؤمن ومؤمنة متأسّف متلهّف حيران عند فقده.
ثمّ أطرق مليّا ثمّ رفع رأسه وقال: بأبي وأمّي سميّي وشبيهي، وشبيه موسى بن عمران، عليه جبوب [جيوب] النور- أو قال: جلابيب النور- يتوقّد من شعاع القدس، كأنّي بهم آيس من كانوا، ثمّ نودي بنداء يسمعه من البعد كما يسمعه من القرب، يكون رحمة على المؤمنين، وعذابا على المنافقين. قلت: وما ذلك النداء؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب، أوّلها: «ألا لعنة الله على الظالمين»، الثاني: «أزفت الآزفة»، والثالث: ترون بدريّا [بدنا- خ، بدرا- خ] بارزا مع قرن الشمس، ينادي «الآن الله قد بعث فلان بن فلان- حتّى ينسبه إلى علي- فيه هلاك الظالمين»، فعند ذلك يأتي الفرج، ويشفي الله صدورهم، ويذهب غيظ قلوبهم، قلت: يا رسول الله! فكم يكون بعدي من الأئمة؟ قال: بعد الحسين تسعة، والتاسع قائمهم.
903-(6)- تفسير علي بن إبراهيم: وقال علي بن إبراهيم في قوله:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(6) (4)- تفسير على بن إبراهيم: ج 2 ص 204- 205 تفسير الآية 51 من سورة سبأ، وتفسير نور الثقلين: ج 4 ص 94- 95 ح 4.
أقول: وفي غيبة النعماني: ص 181- 182 ح 30 روى(عن أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدثني محمّد بن علي التيملي، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع. وحدثني غير واحد، عن منصور بن يونس بزرج، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي جعفر محمد بن عليّ (عليهما السلام)) بعض مضامينه مثله، ولاشتمال كلّ منهما على ما ليس في الآخر احتمال كونهما رواية واحدة، روى بعضها البعض، وروى بعضها الآخر غيره؛ لاتفاقهما في بعض المضمون ضعيف جدّا، فهذه تعدّ رواية اخرى غير رواية الكابلي، وسندها أقوى من سند الكابلي.
المحجّة: ص 177 في قوله تعالى: (ولَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) سبأ: 51، وص 18 في تفسير الآية: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً) البقرة:
148؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 104- 105 ب 32 ح 577 مختصرا.

(٩)

(وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) فإنّه حدّثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي خالد الكابلي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): واللّه لكأنّي أنظر إلى القائم (عليه السلام) وقد أسند ظهره إلى الحجر، ثمّ ينشد الله حقّه، ثمّ يقول: يا أيها الناس، من يحاجّني في الله فأنا أولى باللّه، أيّها الناس! من يحاجّني في آدم فأنا أولى بآدم، أيها الناس! من يحاجّني في نوح فأنا أولى بنوح، أيّها الناس! من يحاجّني في إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم، أيها الناس! من يحاجّني في موسى فأنا أولى بموسى، أيّها الناس! من يحاجّني في عيسى فأنا أولى بعيسى، أيّها الناس! من يحاجّني في محمّد فأنا أولى بمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أيّها الناس! من يحاجّني في كتاب الله فأنا أولى بكتاب الله، ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي ركعتين وينشد الله حقّه.
ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): هو واللّه المضطرّ في كتاب الله في قوله: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ويَكْشِفُ السُّوءَ ويَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ)، فيكون أوّل من يبايعه جبرئيل، ثمّ الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلا، فمن كان ابتلي بالمسير وافاه، ومن لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه، وهو قول أمير المؤمنين [عليه السلام: هم المفقودون عن فرشهم،

(١٠)

وذلك قول الله: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً) قال: الخيرات: الولاية.
وقال في موضع آخر: (ولَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) وهم واللّه أصحاب القائم (عليه السلام)، يجتمعون واللّه إليه في ساعة واحدة، فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني، فيأمر الله الأرض فتأخذ أقدامهم، وهو قوله: (ولَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وقالُوا آمَنَّا بِهِ) يعني: بالقائم من آل محمد (عليهم السلام) (وأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ...) إلى قوله: (وحِيلَ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) يعني: أن لا يعذّبوا (كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) يعنى: من كان قبلهم من المكذّبين هلكوا (إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ).
904-(7)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، عن هؤلاء الرجال الأربعة (يعني: محمّد بن المفضّل، وسعدان بن اسحاق بن سعيد، وأحمد بن الحسين بن عبد الملك، ومحمّد بن أحمد بن الحسن) جميعا، عن الحسن بن محبوب. وأخبرنا محمّد بن يعقوب الكليني؛ أبو جعفر، قال: حدّثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، قال: وحدّثنى محمّد بن عمران، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: وحدثني علي بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد جميعا، عن الحسن بن محبوب، [قال:] وحدّثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي، عن أبي علي؛ أحمد بن محمد بن أبي ناشر [أبي ياسر- خ]، عن أحمد بن هلال،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(7) (5)- غيبة النعماني: ص 279- 282 ب 14 ح 67؛ تفسير البرهان: ج 1 ص 277- 278 مختصرا؛ المحجّة: ص 20- 21 مختصرا.

(١١)

عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام): يا جابر! الزم الأرض ولا تحرّك يدا ولا رجلا حتّى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها (ثمّ ذكر علامات كثيرة، والحديث طويل... إلى أن قال:) والقائم يومئذ بمكّة قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيرا به، فينادي: يا أيها الناس إنّا نستنصر الله فمن أجابنا من الناس فإنّا أهل بيت نبيّكم محمّد، ونحن أولى الناس باللّه وبمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فمن حاجّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجّني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجّني في محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأنا أولى الناس بمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ومن حاجّني في النبيّين فأنا أولى الناس بالنبيّين، أ ليس الله يقول في محكم كتابه: (إِنَّ الله اصْطَفى آدَمَ ونُوحاً وآلَ إِبْراهِيمَ وآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ واللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(8)؟ فأنا بقيّة من آدم، وذخيرة من نوح، ومصطفى من إبراهيم، وصفوة من محمّد صلّى الله عليهم أجمعين، ألا فمن حاجّني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألا ومن حاجّني في سنّة رسول الله فأنا أولى الناس بسنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فأنشد الله من سمع كلامي اليوم لمّا [أ] بلغ الشاهد [منكم] الغائب، وأسألكم بحقّ الله، وحقّ رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبحقّي، فإنّ لي عليكم حقّ القربى من رسول الله إلّا [لمّا- خ] أعنتمونا ومنعتمونا ممّن يظلمنا، فقد أخفنا وظلمنا، وطردنا من ديارنا وأبنائنا،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(8) آل عمران: 34.

(١٢)

وبغي علينا، ودفعنا عن حقّنا، وافترى أهل الباطل علينا، فاللّه فينا، لا تخذلونا، وانصرونا ينصركم الله تعالى.
قال: فيجمع الله عليه أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، ويجمعهم الله له على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف، وهي يا جابر الآية التي ذكرها الله في كتابه (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً إِنَّ الله عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(9)، فيبايعونه بين الركن والمقام، ومعه عهد من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قد توارثته الأبناء عن الآباء، والقائم يا جابر! رجل من ولد الحسين، يصلح الله له أمره في ليلة، فما أشكل على الناس من ذلك يا جابر! فلا يشكلنّ عليهم ولادته من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ووراثته العلماء عالما بعد عالم، فإن أشكل هذا كلّه عليهم فإنّ الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذا نودي باسمه واسم أبيه وأمّه.
905-(10)- ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام): حميد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(9) البقرة: 148.
(10) (6)- تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة (عليهم السلام): ج 1 ص 402- 403 تفسير سورة النمل ح 5 عن محمّد بن العبّاس مصنّف كتاب«ما نزل من القرآن في فضائل أهل البيت (عليهم السلام)» من أعلام القرن الثالث والرابع الهجري. قال النجاشي في رجاله ص 379 رقم 1030: «ثقة ثقة من أصحابنا، عين، سديد، كثير الحديث، له كتاب«المقنع في الفقه»، كتاب«الدواجن»، كتاب«ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام)»، وقال جماعة من أصحابنا: إنّه كتاب لم يصنّف في معناه مثله، وقيل: إنّه ألف ورقة»، انتهى. وقد أثنى عليه غيره من أجلاء الطائفة، فراجع كتب التراجم والفهارس.
البحار: ج 51 ص 59 ب 5 ح 56 وفيه: «أحمد» بدل«حميد»، و«الكعبة» بدل«القبلة» عن كنز جامع الفوائد؛ المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة: الآية 62 من سورة النمل مع اختلاف يسير؛ تفسير البرهان: ج 3 ص 208 ح 5 مثل البحار؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 563- 564 ب 32 ح 643 مثل البحار.

(١٣)

زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّ القائم إذا خرج دخل المسجد الحرام فيستقبل القبلة ويجعل ظهره إلى المقام، ثمّ يصلّي ركعتين، ثمّ يقوم فيقول: يا أيها الناس! أنا أولى الناس بآدم، يا أيها الناس! أنا أولى الناس بإبراهيم، يا أيها الناس! أنا أولى الناس بإسماعيل، يا أيها الناس! أنا أولى الناس بمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثمّ يرفع يديه إلى السماء فيدعو ويتضرّع حتّى يقع على وجهه، وهو قوله (عزّ وجلّ): (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ويَكْشِفُ السُّوءَ ويَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ الله قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ)(11).
906-(12)- ما نزل من القرآن فى أهل البيت (عليهم السلام): بالإسناد، عن ابن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله (عزّ وجلّ): (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) قال: هذه نزلت في القائم (عليه السلام)، إذا خرج تعمّم وصلّى عند المقام وتضرّع إلى ربّه، فلا تردّ له راية أبدا.
907-(13)- تفسير علي بن إبراهيم القمّي: في تفسير قوله تعالى:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(11) النمل: 62.
(12) (7)- بحار الانوار: ج 51 ص 59 ب 5 ح 56 عن الكتاب المذكور.
أقول: الظاهر أنّه غير الحديث السابق فعدم ذكر الرقم المستقل له في المطبوعة الجديدة سهو ظاهر.
تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 403 تفسير سورة النمل ح 6؛ تفسير البرهان: ج 3 ص 208 ح 6؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 126 ب 32 ح 644؛ المحجة: ص 164- 165.
(13) (8)- تفسير على بن ابراهيم: ج 2 ص 129 تفسير سورة النمل الآية 62؛ تفسير نور الثقلين: ج 4 ص 94 سورة النمل ح 93؛ البحار: ج 51 ص 48 ب 5 ح 11؛ البرهان في تفسير القرآن: ج 3 ص 208 ح 7؛ تفسير الصافي: ج 2 ص 243 سورة النمل الآية 62.

(١٤)

(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ) حدّثني أبي، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن صالح بن عقبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نزلت في القائم من آل محمّد (عليه السلام)، هو واللّه المضطرّ، إذا صلّى في المقام ركعتين ودعا الله فأجابه ويكشف السوء، ويجعله خليفة في الأرض.
ويدل عليه أيضا الأحاديث 327، 350، 537، 669، 675، 676، 736، 737، 740، 741، 742، 744، 745، 918، 1094، 1095، 1097، 1099، 1101، 1128.

(١٥)

الفصل الثاني: فيما يكون قبل خروجه من الفتن والبدع والظلم، وكثرة المعاصي وقوّة أهلها، وقلّة اهتمام الناس بطاعة الله، وإفشاء المعصية، والتجاهر بالفسق والفجور وغيرها وفيه 90 حديثا

908-(14)- الفتن: حدّثنا ابن اليمان، عن شيخ من بني فزارة، عمّن حدّثه، عن علي [عليه السلام] قال: لا يخرج المهدي حتّى يبصق بعضكم في وجه بعض.
909-(15)- الفتن: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن رجل، عن عمّار بن محمّد، عن عمر بن علي أنّ عليّا [عليه السلام] قال: تكون فتن، ثمّ تكون جماعة على رأس رجل من أهل بيتي ليس له عند الله خلاق فيقتل أو يموت، فيقوم المهدي.
910-(16)- كمال الدين: حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس- رضي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(14) (1)- الفتن: ج 5 ص 179 باب آخر من علامات المهدي في خروجه ح 11؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 139؛ كنز العمال: ج 14 ص 587- 588 ح 39664؛ منتخب كنز العمّال(مسند أحمد): ج 6 ص 33.
(15) (2)- الفتن: ج 5 ص 180 الباب المذكور ح 16.
(16) (3)- كمال الدين: ج 1 ص 250- 253 ب 23 ح 1؛ البحار: ج 51 ص 68- 70 أبواب النصوص ب 1 ح 11 عن كمال الدين، وج 52 ص 276- 278 ب 25(علامات ظهوره...) ح 172 عن كتاب المحتضر؛ الصراط المستقيم: ج 2 ص 121 في فصل ذكر فيه ما ورد من الصحابة إجمالا عن الكيدري في بصائره بعض الحديث مختصرا.

(١٦)

اللّه عنه- قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدميّ الرازي، قال: حدّثنا محمّد بن آدم الشيباني، عن أبيه آدم بن إياس، قال: حدّثنا المبارك بن فضالة، عن وهب بن منبّه رفعه عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لمّا عرج بي إلى ربّي جلّ جلاله أتاني النداء: يا محمّد! قلت: لبّيك ربّ العظمة لبّيك، فأوحى الله تعالى إليّ: يا محمّد! فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قلت: إلهي لا علم لي، فقال: يا محمّد! هلا اتخذت من الآدميّين وزيرا وأخا ووصيّا من بعدك؟
فقلت: إلهي ومن أتّخذ؟ تخيّر لي أنت يا إلهي! فأوحى الله إلي: يا محمّد! قد اخترت لك من الآدميّين علي بن أبي طالب، فقلت: إلهي ابن عمّي؟ فأوحى الله إليّ: يا محمّد! إنّ عليّا وارثك ووارث العلم من بعدك، وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة، وصاحب حوضك، يسقي من ورد عليه من مؤمني أمّتك؛ ثمّ أوحى الله (عزّ وجلّ) إليّ: يا محمّد! إنّي قد أقسمت على نفسي قسما حقّا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذرّيتك الطيّبين الطاهرين، حقّا أقول يا محمّد! لادخلنّ جميع أمّتك الجنّة إلّا من أبى من خلقي، فقلت: إلهى [هل] واحد يأبى من دخول الجنّة؟! فأوحى الله (عزّ وجلّ) إليّ: بلى، فقلت: وكيف يأبى؟ فأوحى الله إليّ: يا محمّد! اخترتك من خلقي، واخترت لك وصيّا من بعدك، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدك، وألقيت محبّته فى قلبك، وجعلته أبا لولدك، فحقّه بعدك على أمّتك كحقّك عليهم في حياتك، فمن جحد حقّه فقد جحد

(١٧)

حقّك، ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يواليك، ومن أبى أن يواليك فقد أبى أن يدخل الجنّة، فخررت للّه (عزّ وجلّ) ساجدا شكرا لما أنعم عليّ، فإذا مناديا ينادي: ارفع يا محمّد رأسك، وسلني أعطك، فقلت: إلهي! اجمع امتي من بعدي على ولاية علي بن أبي طالب ليردوا جميعا عليّ حوضي يوم القيامة فأوحى الله تعالى إليّ: يا محمّد! إنّي قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم، وقضائي ماض فيهم، لأهلك به من أشاء وأهدي به من أشاء. وقد آتيته علمك من بعدك، وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأمّتك، عزيمة منّى [لادخل الجنّة من أحبّه و] لا أدخل الجنّة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته بعدك، فمن أبغضه أبغضك، ومن أبغضك أبغضني، ومن عاداه فقد عاداك، ومن عاداك فقد عاداني، ومن أحبّه فقد أحبّك، ومن أحبّك فقد أحبّني، وقد جعلت له هذه الفضيلة، وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديّا كلّهم من ذريّتك من البكر البتول، وآخر رجل منهم يصلّي خلفه عيسى بن مريم، يملأ الأرض عدلا كما ملئت منهم ظلما وجورا، أنجي به من الهلكة، وأهدي به من الضلالة، وأبرئ به من العمى، وأشفي به المريض، فقلت: إلهي وسيّدي! متى يكون ذلك؟ فأوحى الله جلّ وعزّ: يكون ذلك إذا رفع العلم، وظهر الجهل، وكثر القرّاء، وقلّ العمل، وكثر القتل، وقلّ الفقهاء الهادون، وكثر فقهاء الضلالة والخونة، وكثر الشعراء، واتّخذ امتك قبورهم مساجد، وحلّيت المصاحف، وزخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد، وظهر المنكر وأمر أمتك به ونهوا عن المعروف، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء وصارت الامراء كفرة، وأولياؤهم فجرة، وأعوانهم ظلمة، وذوو الرأي منهم فسقة،

(١٨)

وعند ذلك ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وخراب البصرة على يد رجل من ذرّيتك يتبعه الزنوج، وخروج رجل من ولد الحسين بن علي، وظهور الدجّال، يخرج بالمشرق من سجستان، وظهور السفياني، فقلت: إلهي ومتى يكون بعدي من الفتن؟ فأوحى الله إليّ وأخبرني ببلاء بني أميّة، وفتنة ولد عمّي، وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة، فأوصيت بذلك ابن عمّي حين هبطت إلى الأرض وأدّيت الرسالة، وللّه الحمد على ذلك كما حمده النبيّون، وكما حمده كلّ شيء قبلي وما هو خالقه إلى يوم القيامة.
911-(17)- عقد الدرر: عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام) قال: لا يكون الأمر الّذي ينتظرون [ينتظرونه- خ]- يعني: ظهور المهدي (عليه السلام)- حتّى يتبرّأ بعضكم من بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعن بعضكم بعضا، فقلت: ما في ذلك الزمان من خير، فقال (عليه السلام): الخير كلّه في ذلك الزمان، يخرج المهدي فيرفع ذلك كلّه.
912-(18)- عقد الدرر: عن أبي جعفر محمّد بن علي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(17) (4)- عقد الدرر: ص 63 و64 ب 4 ف 1؛ غيبة النعماني:؛ ص 205- 206 ب 12 ح 9«بسنده عن عميرة بنت نفيل قالت: سمعت الحسين بن على (عليه السلام)، وفي بعض النسخ: الحسن بن علي (عليه السلام) يقول: لا يكون الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجوه بعض، ويشهد... الحديث»، إلّا أنّه قال: «يقوم قائمنا ويدفع ذلك كلّه» غيبة الشيخ: ص 267 بسنده عن عميرة قالت:
سمعت الحسن بن علي (عليه السلام)؛ البحار: ج 52 ص 114- 115 ب 21 ح 33 عن عميرة بنت نفيل قالت: سمعت الحسن بن علي (عليه السلام)، وفيه: «ويتفل بعضكم في وجوه بعض».
(18) (5)- عقد الدرر: ص 64 ب 4؛ بشارة الإسلام: ص 110 ب 6.

(١٩)

عليهما السلام، قال: لا يظهر المهدي إلّا على خوف شديد من الناس، وزلزال، وفتنة، وبلاء يصيب الناس، وطاعون قبل ذلك، وسيف قاطع بين العرب، واختلاف شديد في الناس، وتشتّت في دينهم، وتغيّر في حالهم، حتّى يتمنّى المتمنّي الموت صباحا ومساء من عظم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضا، فخروجه (عليه السلام) إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن نرى [يرى- خ] فرجا، فيا طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره، والويل كلّ الويل لمن خالفه وخالف أمره.
913-(19)- قرب الإسناد: هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر، عن أبيه: أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: كيف بكم إذا فسق [فسد خ] نساؤكم، ونشق شبابكم [فسق شبّانكم خ]، ولم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم، وشرّ من ذلك كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ قيل: يا رسول الله! ويكون ذلك؟ قال: نعم، وشرّ من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا.
914-(20)- من لا يحضره الفقيه: روى الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة- وهو شرّ الأزمنة- نسوة كاشفات عاريات متبرّجات من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(19) (6)- قرب الاسناد: ص 26؛ الكافي: ج 5 ص 59 كتاب الجهاد باب الأمر بالمعروف...
ح 14 عن علي بن ابراهيم عن هارون مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ؛ وسائل الشيعة: كتاب الأمر بالمعروف... ب 1 ح 12؛ تهذيب الأحكام: ج 6 ص 177 ب 80 ح 8/ 359؛ البحار: ج 100 ص 74 ب 1 من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ح 14 وج 52 ص 181 ب 25 ح 2.
(20) (7)- من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 247 ب 11 باب المذموم من أخلاق النساء وصفاتهنّ ح 1174، روضة المتقين: ج 8 ص 107 وفيه: «متبرّجات خارجات من الدين».

(٢٠)

الدين، داخلات فى الفتن، مائلات إلى الشهوات، مسرعات إلى اللّذّات، مستحلّات للمحرّمات، في جهنّم خالدات.
915-(21)- ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: أبي- رحمه الله- قال: حدّثني على بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): سيأتي على أمّتي زمان تخبث فيه سرائرهم، وتحسن فيه علانيتهم، طمعا في الدنيا، لا يريدون به ما عند الله (عزّ وجلّ)، يكون أمرهم رياء لا يخالطه خوف، يعمّهم الله بعقاب، فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجاب لهم.
916-(22)- ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: وبهذا الإسناد (يعني الإسناد المذكور في الحديث السابق) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): سيأتي على أمّتي زمان لا يبقى من القرآن إلّا رسمه، ولا من الإسلام إلّا اسمه، يسمّون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود.
917-(23)- مكارم الأخلاق: في وصيّة النبي (صلّى الله عليه وآله) لابن مسعود: يا ابن مسعود! سيأتي من بعدي أقوام يأكلون طيّبات [طيب- خ، أطيب- خ] الطّعام وألوانها، ويركبون الدّوابّ، ويتزيّنون بزينة المرأة لزوجها، ويتبرّجون تبرّج النساء، وزيّهم مثل زيّ الملوك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(21) (8)- ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ص 301 ب 88 ح 3؛ البحار: ج 52 ص 190 ب 25 ح 20؛ الروضة من الكافى: ص 306- 307 ح 476.
(22) (9)- ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ص 301 ب 88 ح 4، البحار: ج 52 ص 190- 191 ب 25 ح 21.
(23) (10)- مكارم الأخلاق: ص 419 ب 12 ف 4.

(٢١)

الجبابرة، هم منافقوا هذه الأمّة في آخر الزمان، شاربوا القهوات، لاعبون بالكعاب، راكبون الشهوات، تاركون الجماعات، راقدون عن العتمات، مفرّطون في الغدوات، يقول الله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ واتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)(24)، يا ابن مسعود! مثلهم مثل الدفلى، زهرتها حسنة وطعمها مرّ، كلامهم الحكمة وأعمالهم داء لا تقبل الدواء... الحديث.
918-(25)- كمال الدين: حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق- رضى الله عنه- قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة، قال: حدّثنا الحسين بن معاذ، قال: حدّثنا قيس بن حفص، قال: حدّثنا يونس بن أرقم، عن أبي سيّار الشيباني، عن الضحّاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، قال: خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فحمد الله (عزّ وجلّ) وأثنى عليه وصلّى على محمد وآله، ثمّ قال: سلوني أيّها الناس قبل أن تفقدوني، ثلاثا، فقام إليه صعصعة بن صوحان فقال: يا أمير المؤمنين! متى يخرج الدجّال؟ فقال له علي (عليه السلام): اقعد، فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت، والله ما المسئول عنه بأعلم من السائل، ولكن لذلك علامات وهيئات يتبع بعضها بعضا كحذو النّعل بالنّعل،، وإن شئت أنبأتك بها، فقال: نعم يا أمير المؤمنين! فقال (عليه السلام): احفظ، فإنّ علامة ذلك إذا أمات الناس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(24) سورة مريم: 19.
(25) (11)- كمال الدين: ص 525- 528 ب 47 ح 1؛ الخرائج: ج 3 ص 1133- 1134 ح 53 طبع مؤسسة الامام المهدي (عليه السلام)؛ البحار: ج 52 ص 192- 195 ب 25 ح 26 مع اختلاف وزيادات؛ مستدرك الوسائل: ج 12 ص 326- 327 ب 39 ح/ 1 14214؛ مختصر البصائر: ص 30.

(٢٢)

الصلاة، وأضاعوا الأمانة، واستحلّوا الكذب، وأكلوا الربا، وأخذوا الرشا، وشيّدوا البنيان، وباعوا الدين بالدنيا، واستعملوا السفهاء، وشاوروا النساء، وقطعوا الأرحام، واتّبعوا الأهواء، واستخفّوا بالدماء، وكان الحلم ضعفا، والظلم فخرا، وكانت الامراء فجرة، والوزراء ظلمة، والعرفاء خونة، والقرّاء فسقة، وظهرت شهادة الزور، واستعلن الفجور، وقول البهتان والإثم والطغيان، وحلّيت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطوّلت المنارات، واكرمت الأشرار، وازدحمت الصفوف، واختلفت القلوب، ونقضت العهود، واقترب الموعود، وشاركت النساء أزواجهن فى التجارة حرصا على الدنيا، وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، واتّقي الفاجر مخافة شرّه، وصدّق الكاذب، وائتمن الخائن، واتّخذ القيان والمعازف، ولعن آخر هذه الأمّة أوّلها، وركب ذوات الفروج السروج، وتشبّه النساء بالرجال، والرجال بالنساء، وشهد الشاهد من غير أن يستشهد، وشهد الآخر قضاء لذمام بغير حقّ عرفه، وتفقّه لغير الدين، وآثروا عمل الدنيا على عمل الآخرة، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب، وقلوبهم أنتن من الجيف، وأمرّ من الصبر، فعند ذلك الوحا الوحا، ثمّ العجل العجل، خير المساكن يومئذ بيت المقدس، وليأتينّ على الناس زمان يتمنّى أحدهم أنّه من سكّانه.
فقام إليه الأصبغ بن نباتة، فقال: يا أمير المؤمنين، من الدجّال؟
فقال: ألا إنّ الدجّال صائد بنّ الصيد، فالشقيّ من صدّقه، والسعيد من كذّبه، يخرج من بلدة يقال لها: أصفهان، من قرية تعرف باليهوديّة، عينه اليمنى ممسوحة، والعين الاخرى في جبهته تضيء كأنّها كوكب

(٢٣)

الصبح، فيها علقة كأنّها ممزوجة بالدم، بين عينيه مكتوب: كافر، يقرأه كلّ كاتب وأمّي، يخوض البحار، وتسير معه الشمس، بين يديه جبل من دخان، وخلفه جبل أبيض يري الناس أنّه طعام، يخرج حين يخرج في قحط شديد، تحته حمار أقمر، خطوة حماره ميل، تطوى له الأرض منهلا منهلا، لا يمرّ بماء إلّا غار إلى يوم القيامة، ينادي بأعلى صوته، يسمع ما بين الخافقين من الجن والإنس والشياطين، يقول: إليّ أوليائي! أنا الذي خلق فسوّى وقدّر فهدى، أنا ربّكم الأعلى، وكذب عدوّ الله، وإنّه أعور، يطعم الطعام، ويمشي في الأسواق، وإنّ ربّكم (عزّ وجلّ) ليس بأعور، ولا يطعم ولا يمشي ولا يزول، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا. ألا وإنّ أكثر أتباعه يومئذ أولاد الزنا، وأصحاب الطيالسة الخضر، يقتله الله (عزّ وجلّ) بالشام على عقبة تعرف بعقبة «أفيق» لثلاث ساعات مضت من يوم الجمعة على يد من يصلّي المسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام) خلفه، ألا إنّ بعد ذلك الطامّة الكبرى.
قلنا: وما ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: خروج دابّة [من] الأرض من عند الصفا، معها خاتم سليمان بن داود، وعصا موسى (عليهم السلام)، تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن فينطبع فيه: هذا مؤمن حقّا، وتضعه على وجه كلّ كافر فينكتب: هذا كافر حقّا، حتّى إن المؤمن لينادي:
الويل لك يا كافر! وإنّ الكافر ينادي: طوبى لك يا مؤمن! وددت أنّي اليوم كنت مثلك فأفوز فوزا عظيما. ثمّ ترفع الدابّة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله جلّ جلاله، وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها، فعند ذلك ترفع التوبة، فلا توبة تقبل ولا عمل يرفع (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً).

(٢٤)

ثم قال (عليه السلام): لا تسألوني عمّا يكون بعد هذا، فإنّه عهد عهده إليّ حبيبي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن لا اخبر به غير عترتي.
قال النزال بن سبرة: فقلت لصعصعة بن صوحان: يا صعصعة! ما عنى أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا؟ فقال صعصعة: يا ابن سبرة! إنّ الذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم (عليه السلام) هو الثاني عشر من العترة، التاسع من ولد الحسين بن علي (عليه السلام)، وهو الشمس الطالعة من مغربها، يظهر عند الركن والمقام، فيطهّر الأرض، ويضع ميزان العدل، فلا يظلم أحد أحدا. فأخبر أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّ حبيبه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عهد إليه أن لا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الائمة صلوات الله عليهم أجمعين.
ثمّ روى الصدوق بسنده عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)... الحديث، وقال بمثله سواء.
919-(26)- الروضة من الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه؛ وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير جميعا، عن محمّد بن أبي حمزة، عن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال في حديث طويل ذكر تمامه في الروضة مخاطبا فيه بعض مواليه): أ لا تعلم أنّ من انتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف هو غدا في زمرتنا، فإذا رأيت الحقّ قد مات وذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خلق واحدث فيه ما ليس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(26) (12)- الروضة من الكافي: ص 36- 42 ح 7؛ الوسائل: ج 11 كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص 514- 518 ب 41 ح 6؛ البحار: ج 52 ص 254- 260 ب 25 ح 147.

(٢٥)

فيه ووجّه على الأهواء، ورأيت الدين قد انكفى كما ينكفي الماء، ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحقّ، ورأيت الشرّ ظاهرا لا ينهى عنه ويعذر أصحابه، ورأيت الفسق قد ظهر، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله، ورأيت الفاسق يكذب ولا يردّ عليه كذبه وفريته، ورأيت الصغير يستحقر بالكبير، ورأيت الأرحام قد تقطّعت، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يردّ عليه قوله، ورأيت الغلام يعطى ما تعطى المرأة، ورأيت النساء يتزوّجن النساء، ورأيت الثناء قد كثر، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه، ورأيت الناظر يتعوّذ باللّه مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع، ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن، مرحا لما يرى في الأرض من الفساد، ورأيت الخمور تشرب علانية، ويجتمع عليها من لا يخاف الله (عزّ وجلّ)، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلا، ورأيت الفاسق فيما لا يحبّ الله قويّا محمودا، ورأيت أصحاب الآيات يحتقرون ويحتقر من يحبّهم، ورأيت سبيل الخير منقطعا وسبيل الشرّ مسلوكا، ورأيت بيت الله قد عطّل ويؤمر بتركه، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله، ورأيت الرجال يتسمّنون للرجال والنساء للنساء، ورأيت الرجل معيشته من دبره ومعيشة المرأة من فرجها، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتّخذها الرجال، ورأيت التأنيث فى ولد العبّاس قد ظهر، وأظهروا الخضاب وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها، وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم، وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال، وكان صاحب المال أعزّ من المؤمن، وكان الربا ظاهرا لا يعيّر، وكان الزنا تمتدح به النساء، ورأيت المرأة تصانع زوجها

(٢٦)

على نكاح الرجال، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهنّ، ورأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا، ورأيت البدع والزنا قد ظهر، ورأيت الناس يعتدّون بشاهد الزور، ورأيت الحرام يحلّل، ورأيت الحلال يحرّم، ورأيت الدين بالرأي، وعطّل الكتاب وأحكامه، ورأيت اللّيل لا يستخفى به من الجرأة على الله، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلّا بقلبه، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله (عزّ وجلّ)، ورأيت الولاة يقرّبون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد، ورأيت ذوات الأرحام ينكحن ويكتفى بهنّ، ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنّة، ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله، ورأيت الرجل يعيّر على إتيان النساء، ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور، يعلم ذلك ويقيم عليه، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها، ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ويرضى بالدنيّ من الطعام والشراب، ورأيت الأيمان باللّه (عزّ وجلّ) كثيرة على الزور، ورأيت القمار قد ظهر، ورأيت الشراب يباع ظاهرا ليس له مانع، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لأهل الكفر، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمرّ بها لا يمنعها أحد أحدا، ولا يجترئ أحد على منعها، ورأيت الشريف يستذلّه الذي يخاف سلطانه، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبّنا يزوّر ولا تقبل شهادته، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه، ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه، وخفّ على الناس استماع الباطل، ورأيت الجار يكرم الجار خوفا من لسانه، ورأيت الحدود قد عطّلت وعمل فيها بالأهواء، ورأيت المساجد قد

(٢٧)

زخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب، ورأيت الشرّ قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت البغي قد فشا، ورأيت الغيبة تستملح ويبشّر بها الناس بعضهم بعضا، ورأيت طلب الحجّ والجهاد لغير الله، ورأيت السلطان يذلّ للكافر المؤمن، ورأيت الخراب قد أديل من العمران، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان، ورأيت سفك الدماء يستخفّ بها، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا ويشهّر نفسه بخبث اللسان ليتّقى وتسند إليه الأمور، ورأيت الصلاة قد استخفّ بها، ورأيت الرجل عنده المال الكثير ثمّ لم يزكّه منذ ملكه، ورأيت الميّت ينبش من قبره ويؤذى وتباع أكفانه، ورأيت الهرج قد كثر، ورأيت الرجل يمسي نشوان ويصبح سكران لا يهتمّ بما الناس فيه، ورأيت البهائم تنكح، ورأيت البهائم يفرس بعضها بعضا، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلّاه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه، ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذكر عليهم، ورأيت السّحت قد ظهر يتنافس فيه، ورأيت المصلّي إنّما يصلّي ليراه الناس، ورأيت الفقيه يتفقّه لغير الدين، يطلب الدنيا والرئاسة، ورأيت الناس مع من غلب، ورأيت طالب الحلال يذمّ ويعيّر، وطالب الحرام يمدح ويعظّم، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحبّ الله، لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين، ورأيت الرجل يتكلّم بشيء من الحقّ ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه فيقول: هذا عنك موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ويقتدون بأهل الشرور، ورأيت مسلك الخير وطريقه خاليا لا يسلكه أحد، ورأيت الميّت يهزأ به فلا يفزع له أحد، ورأيت كلّ عام يحدث فيه

(٢٨)

من الشرّ والبدعة أكثر ممّا كان، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلّا الأغنياء، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ويرحم لغير وجه الله، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم، لا ينكر أحد منكرا تخوّفا من الناس، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله، ويمنع اليسير في طاعة الله، ورأيت العقوق قد ظهر واستخفّ بالوالدين وكانا من أسوأ الناس حالا عند الولد، ويفرح بأن يفتري عليهما، ورأيت النساء وقد غلبن على الملك، وغلبن على كلّ أمر، لا يؤتى إلّا ما لهنّ فيه هوى، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على والديه ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل إذا مرّ به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر كئيبا حزينا يحسب أنّ ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره، ورأيت السلطان يحتكر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربى تقسّم في الزّور، ويتقامر بها وتشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يتداوى بها، ويوصف للمريض ويستشفى بها، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التديّن به، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق قائمة، ورياح أهل الحقّ لا تحرّك، ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر، ورأيت المساجد محتشية ممن لا يخاف الله، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحقّ ويتواصفون فيها شراب المسكر، ورأيت السكران يصلّي بالناس وهو لا يعقل ولا يشان بالسكر، وإذا سكر أكرم واتّقي وخيف وترك ولا يعاقب ويعذر بسكره، ورأيت من أكل أموال اليتامى يحمد بصلاحه، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطّمع، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل

(٢٩)

الفسوق والجرأة على الله، يأخذون منهم ويخلّونهم وما يشتهون، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر، ورأيت الصلاة قد استخفّ بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله، وتعطى لطلب الناس، ورأيت الناس همّهم بطونهم وفروجهم، لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم، ورأيت أعلام الحقّ قد درست، فكن على حذر، واطلب إلى الله عزّ وجل النجاة، واعلم أنّ الناس في سخط الله (عزّ وجلّ) وإنّما يمهلهم لأمر يراد بهم، فكن مترقّبا، واجتهد ليراك الله (عزّ وجلّ) في خلاف ما هم عليه، فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجّلت إلى رحمة الله، وإن اخّر ابتلوا وكنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرأة على الله (عزّ وجلّ)، واعلم أنّ الله لا يضيع أجر المحسنين، وأنّ رحمة الله قريب من المحسنين.
920-(27)- تفسير القمّي: حدثني أبي، عن سليمان بن مسلم الخشّاب، عن عبد الله بن جريج المكّي، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عبّاس، قال: حججنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حجّة الوداع، فأخذ بحلقة باب الكعبة ثمّ أقبل علينا بوجهه، فقال: أ لا اخبركم بأشراط الساعة؟ وكان أدنى الناس منه يومئذ سلمان رحمة الله عليه، فقال: بلى يا رسول الله! فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إنّ من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(27) (13)- تفسير القمّي(علي بن ابراهيم): تفسير سورة محمد (صلّى الله عليه وآله) ج 2 ص 303- 307؛ تفسير الصافي: ج 5 ص 24- 27 تفسير سورة محمد (صلّى الله عليه وآله) الآية 18؛ تفسير نور الثقلين: ج 5 ص 34- 37 ح 40 تفسير سورة محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ تفسير البرهان: ج 4 ص 183- 184 تفسير سورة محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الآية 18 وفيه«لا تقارب الأسواق»؛ البحار: ج 6 ب اشراط الساعة ح 6 ص 305.

(٣٠)

أشراط القيامة إضاعة الصّلوات، واتّباع الشهوات، والميل إلى الأهواء، وتعظيم أصحاب المال، وبيع الدين بالدنيا، فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح في الماء ممّا يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيّره، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! قال: إى والّذي نفسي بيده يا سلمان! إنّ عندها يليهم امراء جورة، ووزراء فسقة، وعرفاء ظلمة، وامناء خونة، فقال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إي والّذي نفسي بيده يا سلمان! إنّ عندها يكون المنكر معروفا، والمعروف منكرا، ويؤتمن الخائن، ويخوّن الأمين، ويصدّق الكاذب، ويكذّب الصادق، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إي والّذي

(٣١)

نفسي بيده يا سلمان! فعندها تكون إمارة النساء، ومشاورة الإماء، وقعود الصبيان على المنابر، ويكون الكذب طرفا، والزكاة مغرما، والفيء مغنما، ويجفو الرجل والديه، ويبرّ صديقه، ويطلع الكوكب المذنّب، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! قال: إي والّذي نفسي بيده يا سلمان! وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة، ويكون المطر قيظا، ويغيظ الكرام غيظا، ويحتقر الرجل المعسر، فعندها تقارب الأسواق إذ قال هذا: لم أبع شيئا، وقال هذا: لم أربح شيئا، فلا ترى إلّا ذامّا للّه، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! قال: إي والّذي نفسي بيده يا سلمان! فعندها يليهم أقوام إن تكلّموا قتلوهم، وإن سكتوا استباحوا حقّهم، ليستأثرنّ أنفسهم بفيئهم، وليطؤنّ حرمتهم، وليسفكنّ دماءهم، وليملؤنّ قلوبهم دغلا ورعبا، فلا تراهم إلّا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! قال: إي والّذي نفسي بيده يا سلمان! إنّ عندها يؤتى بشيء من المشرق وشيء من المغرب يلون أمّتي، فالويل لضعفاء أمّتي منهم، والويل لهم من الله، لا يرحمون صغيرا، ولا يوقّرون كبيرا، ولا يتجاوزون من مسيء، جثّتهم جثّة الآدميّين، وقلوبهم قلوب الشياطين، قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟! قال: إي والّذي نفسي بيده يا سلمان! وعندها يكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، وتشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، ولتركبنّ ذوات الفروج السروج فعليهنّ من أمّتي لعنة الله، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! فقال: إي والّذي نفسي بيده يا سلمان! إنّ عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنائس، وتحلّى المصاحف، وتطول المنارات، وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة، وألسن مختلفة، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! قال: إي والّذي نفسي بيده، وعندها تحلّى ذكور أمّتي بالذهب، ويلبسون الحرير والديباج، ويتّخذون جلود النمور صفافا، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! قال: إي والّذي نفسي بيده يا سلمان! وعندها يظهر الربا، ويتعاملون بالعينة والرشا، ويوضع الدين، وترفع الدنيا، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! قال: إي والّذي نفسي بيده يا سلمان! وعندها يكثر الطلاق، فلا يقام للّه حدّ ولن يضرّوا الله شيئا، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟! قال: إي والّذي نفسي بيده يا سلمان! وعندها تظهر القينات والمعازف، ويليهم أشرار أمّتي، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها تحجّ أغنياء أمّتي للنزهة،

(٣٢)

وتحجّ أوساطها للتجارة، وتحجّ فقراؤهم للرياء والسمعة، فعندها يكون أقوام يتعلّمون القرآن لغير الله، ويتّخذونه مزامير، ويكون أقوام يتفقّهون لغير الله، وتكثر أولاد الزنا، ويتغنّون بالقرآن، ويتهافتون بالدنيا، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إي والّذي نفسي بيده يا سلمان! ذاك إذا انتهكت المحارم، واكتسبت المآثم، وتسلّط الأشرار على الأخيار، ويفشو الكذب، وتظهر اللجاجة، وتفشو الفاقة، ويتباهون في اللباس، ويمطرون في غير أوان المطر، ويستحسنون الكوبة والمعازف، وينكرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتّى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذلّ من الأمة، ويظهر قرّاؤهم وعبّادهم فيما بينهم التلاوم، فأولئك يدعون في ملكوت السماوات الأرجاس والأنجاس، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! فقال: إي والّذي نفسي بيده يا سلمان! فعندها لا يحضّ الغنيّ على الفقير حتّى إنّ السائل يسأل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في كفّه شيئا، قال سلمان: وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟! قال (صلّى الله عليه وآله): إي والّذي نفسي بيده يا سلمان! عندها يتكلّم الرويبضة، فقال: وما الرويبضة يا رسول الله! فداك أبي وأمّي؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يتكلّم في أمر العامّة من لم يكن يتكلّم، فلم يلبثوا إلّا قليلا حتّى تخور الأرض خورة فلا يظنّ كلّ قوم إلّا أنّها خارت في ناحيتهم، فيمكثون ما شاء الله ثمّ ينكتون في مكثهم فتلقي لهم الأرض أفلاذ كبدها ذهبا وفضّة، ثم أومأ بيده إلى الأساطين فقال: مثل هذا، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضّة، فهذا معنى قوله: (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها).

(٣٣)

921-(28)- الفتن: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن علي بن زيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: صلّى بنا رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) صلاة العصر بنهار، ثمّ خطب إلى أن غابت الشمس، فلم يدع شيئا هو كائن إلى يوم القيامة إلّا حدّثنا به، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه.
922-(29)- الفتن: حدثنا الحكم بن نافع، عن سعيد بن سنان، حدّثنا ابن الزاهريّة، عن كثير بن مرّة أبو شجرة، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): إنّ الله رفع لي الدنيا، فأنا أنظر إليها وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة كما أنظر إلى كفّي هذه،... الحديث.
923-(30)- الفتن: حدّثنا ابراهيم بن محمّد الفزاري، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: هذه فتن قد أظلّت كقطع الليل المظلم كلّما ذهب منها رسل بدا رسل آخر، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع فيها أقوام دينهم بعرض من الدنيا قليل.
924-(31)- الفتن: حدثنا ابن وهب، حدثني حرملة بن عمران، عن سعيد بن سالم، عن أبي سالم الجيشاني قال: سمعت عليا رضي الله عنه [عليه السلام] يقول بالكوفة: ما من ثلاثمائة تخرج إلّا ولو شئت سمّيت سائقها وناعقها إلى يوم القيامة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(28) (14)- الفتن: ج 1 ص 1 ح 1.
(29) (15)- الفتن: ج 1 ص 1 ح 2؛ الملاحم والفتن: ص 20 ب 1.
(30) (16)- الفتن: ج 1 ص 3 ح 14؛ سنن الترمذي: ج 4 ص 488 بسند عن أنس كتاب الفتن ب 30 ح 2197 وغيرهما.
(31) (17)- الفتن: ج 1 ص 5 ح 27.

(٣٤)

925-(32)- الفتن: حدّثنا بقيّة بن الوليد وعبد القدّوس، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن سعد بن أبي وقّاص، قال: تلا رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) هذه الآية: (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ)(33) فقال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): أما إنّها كائنة ولم يأت تأويلها بعد.
926-(34)- الفتن: حدّثنا أبو هارون الكوفي، عن عمرو بن قيس الملائي، عن المنهال بن عمرو، عن زرّبن حبيش سمع عليّا رضي الله عنه [عليه السلام] يقول: سلوني، فو الله لا تسألوني عن فئة خرجت تقاتل مائة أو تهدي مائة إلّا أنبأتكم بسائقها وقائدها وناعقها ما بينكم وبين قيام الساعة.
927-(35)- الفتن: حدّثنا وكيع وأبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة وأبي موسى سمعا رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول: إنّ بين يدي الساعة لأيّاما ينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج، قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: القتل. إلّا أنّ أبا معاوية لم يذكر حذيفة.
928-(36)- الفتن: حدّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث بن يزيد، قال: سمعت عبد الله بن زرير الغافقي يقول: سمعت عليّا رضي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(32) (18)- الفتن: ج 1 ص 8 ح 42، وج 9 ص 336.
(33) الأنعام: 65.
(34) (19)- الفتن: ج 1 ص 9 ح 44؛ الملاحم والفتن: ص 20 ب 2.
(35) (20)- الفتن: ج 1 ص 9 ح 48.
(36) (21)- الفتن: ج 1 ص 18- 19؛ الملاحم والفتن: ص 22 ب 8؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 138 قال: وأخرج نعيم بن حمّاد في كتاب الفتن بسند صحيح على شرط مسلم عن علي [عليه السلام] الحديث؛ البرهان: ص 111 ب 4 ف 2 ح 3.

(٣٥)

اللّه عنه [عليه السلام] يقول: الفتن أربع: فتنة السرّاء، وفتنة الضرّاء، وفتنة كذا، فذكر معدن الذهب، ثمّ يخرج رجل من عترة النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، يصلح الله على يديه أمرهم.
929-(37)- الفتن: حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم، يمسي الرجل فيها مؤمنا ويصبح كافرا، ويصبح مؤمنا ويمسي كافرا، يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل.
930-(38)- الفتن: حدّثنا أبو اسامة، عن الأعمش، قال: حدّثني منذر الثّوري، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه [عليه السلام] قال: في الفتنة الخامسة العمياء الصمّاء المطبقة، يصير الناس فيها كالبهائم.
وأخرجه بسند آخر، قال: حدّثنا أبو ثور، وعبد الرزاق، عن معمر، عن طارق، عن منذر الثوري، عن عاصم بن ضمرة... الحديث.
931-(39)- غيبة الشيخ: عنه (يعني: قرقارة) عن أبي حاتم، عن محمّد بن يزيد الآدمي- بغدادي عابد- قال: حدّثنا يحيى بن سليم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(37) (22)- الفتن: ج 1 ص 3.
(38) (23)- الفتن: ج 1 ص 24؛ الملاحم والفتن: ص 23 ب 12.
(39) (24)- غيبة الشيخ: ص 465 ح 481.
أقول: قرقارة هو يعقوب بن [عمرو] نعيم بن قرقارة الكاتب أبو يوسف، قال في جامع الرواة: «كان جليلا في أصحابنا، ثقة في الحديث، روى عن الرضا (عليه السلام) [صه. د]«مح» انتهى». وسند الشيخ إليه في هذا الحديث هكذا: «أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل الشيباني، عن أبي نعيم نصر بن عصام بن المغيرة العمري، عن أبي يوسف يعقوب بن نعيم بن عمرو قرقارة الكاتب» راجع الغيبة: ص 461؛ الفتن: ج 4 ص 134.

(٣٦)

الطائفي، عن متيل بن عبّاد، قال: سمعت أبا الطفيل يقول: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: أظلّتكم فتنة [مظلمة] عمياء منكشفة، لا ينجو منها إلّا النومة، قيل: يا أبا الحسن! وما النومة؟ قال: الذي لا يعرف الناس ما في نفسه.
وأخرج نعيم في الفتن قال: حدّثنا ابن المبارك، عن أبي بكر بن عيّاش، قال: قيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه [عليه السلام]: ما النومة؟ قال: الرجل يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شيء.
قال ابن المبارك: وأنا عوف عن رجل من أهل الكوفة، أحسبه قال: اسمه سافر، عن علي [عليه السلام]: قال ينجو في ذلك الزمان كلّ مؤمن نومة.
932-(40)- العدد القويّة: عن سلمان الفارسي، قال: أتيت أمير المؤمنين (عليه السلام) خاليا، فقلت: يا أمير المؤمنين! متى القائم من ولدك؟ فتنفّس الصعداء وقال: لا يظهر القائم حتّى يكون أمور الصبيان، وتضييع حقوق الرحمن، ويتغنّى بالقرآن، فإذا قتلت ملوك بني العبّاس أولي العمى والالتباس، أصحاب الرمي عن الأقواس، بوجوه كالتراس، وخرّبت البصرة، هناك يقوم القائم من ولد الحسين.
933-(41)- الملاحم والفتن (عن كتاب الفتن لنعيم): حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(40) (25)- العدد القويّة لدفع المخاوف اليوميّة، تأليف علي بن يوسف أخ العلامة الحلّي: ص 75- 76 ح 126؛ البحار: ج 52 ب علامات ظهوره (عليه السلام) ح 168.
(41) (26)- الملاحم والفتن: ص 77 ب 171.
أقول: لفظ الحديث في ما وجدته من صورة النسخة المخطوطة للكتاب نعيم الموجودة عندي التي تأريخ كتابتها سنة ستّ وسبعمائة، هكذا: «لا يخرج السفياني حتّى ترقى الظلمة»، إلّا أنّ الأنسب بالباب الذي عقده نعيم ما في الملاحم، لأنّه عنون الباب هكذا: «باب آخر من علامات المهدي في خروجه». ثمّ سياق ما أخرج من الأحاديث بعده وقبله أيضا يؤيّد النسخة الّتي أخرج منها الحديث في الملاحم، واللّه أعلم.

(٣٧)

يحيى بن اليمان، عن هارون بن هلال، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
لا يخرج المهدي حتّى يرقى الظلمة.
934-(42)- الفتن: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الفزاري، عن ليث، عن مجاهد، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): إنّ الإسلام بدا غريبا، وسيعود غريبا، فطوبى للغرباء بين يدي الساعة.
935-(43)- الجعفريّات أو الأشعثيّات: أخبرنا عبد الله بن محمّد، قال: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثني موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام) قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(42) (27)- الفتن: ج 3 ص 94؛ المجازات النبويّة الى قوله: «وسيعود غريبا» ص 32- 33 ح 13.
ثم قال الشريف الرضي- قدّس سرّه-: وهذا الكلام من محاسن الاستعارات، وبدائع المجازات؛ لأنّه (عليه السلام) جعل الإسلام غريبا في أوّل أمره تشبيها بالرجل الغريب الذي قلّ أنصاره وبعدت دياره، لأنّ الإسلام كان على هذه الصفة في أوّل ظهوره، ثمّ استقرّت قواعده، واشتدّت معاقده، وكثر أعوانه، وضرب جرانه، وقوله (عليه السلام): «وسيعود غريبا» أي يعود الى مثل الحالة الأولى في قلّة العاملين بشرائعه والقائمين بوظائفه، لا أنّه- والعياذ باللّه- تنمحي سماته وتدرس آياته.
وقال طه محمّد الأستاذ بالأزهر: الحديث أخرجه السيوطي في الفتح الكبير، قال: رواه مسلم عن ابن عمر. وقال صاحب كشف الخفا: إنّه مشهور أو متواتر.
واحتمل السيّد الجليل المعاصر هبة الدين الشهرستاني- رحمه الله- أن يكون المراد أنّ الإسلام ظهر غريبا: أي بصورة مدهشة للعقول من غرابتها،«وسيعود غريبا» أي سيسترجع مجده الاثيل بصورة مدهشة للعقول. وعليه يكون الحديث إشارة الى ما يكون في آخر الزمان عند ظهور المهدي (عليه السلام) من قوة الإسلام، وصيرورته دينا عالميّا بحيث لا يبقى في الأرض أحد يتديّن بدين غيره.
(43) (28)- الجعفريّات أو الأشعثيّات: ص 192.

(٣٨)

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إنّ الإسلام بدا غريبا، وسيعود غريبا كما بدا، فطوبى للغرباء، فقيل: ومن هم يا رسول الله؟
قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس، إنّه لا وحشة ولا غربة على مؤمن، وما من مؤمن يموت في غربة إلّا بكت الملائكة رحمة له حيث قلّت بواكيه، وإلّا فسح له في قبره بنور يتلألأ من حيث دفن إلى مسقط رأسه.
936-(44)- نور الأبصار: عن أبي جعفر رضي الله عنه [عليه السلام] قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، وركبت ذوات الفروج السروج، وأمات الناس الصلوات، واتّبعوا الشهوات، واستخفّوا بالدماء، وتعاملوا بالربا، وتظاهروا بالزنا، وشيّدوا البناء، واستحلّوا الكذب، وأخذوا الرشا، واتّبعوا الهوى، وباعوا الدين بالدنيا، وقطعوا الأرحام، وضنّوا بالطعام، وكان الحلم ضعفا، والظلم فخرا، والامراء فجرة، والوزراء كذبة، والامناء خونة، والأعوان ظلمة، والقرّاء فسقة، وظهر الجور، وكثر الطلاق، وبدا الفجور، وقبلت شهادة الزور وشرب الخمور، وركبت الذكور الذكور، واستغنت النساء بالنساء، واتخذ الفيء مغنما، والصدقة مغرما، واتّقي الأشرار مخافة ألسنتهم، وخرج السفياني من الشام، واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء بين مكّة والمدينة، وقتل غلام من آل محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) بين الركن والمقام، وصاح صائح من السماء بأنّ الحقّ معه ومع أتباعه، قال: فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة واجتمع عليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أتباعه، فأوّل ما ينطق به هذه الآية: (بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(45)، ثمّ يقول: أنا بقيّة الله وخليفته وحجّته عليكم، فلا يسلّم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(44) (29)- نور الأبصار: ص 189 طبع دار الفكر، الطبعة الأخيرة.
(45) هود: 86.

(٣٩)

عليه أحد إلّا قال: السلام عليك يا بقيّة الله في الأرض، فإذا اجتمع عنده العقد عشرة آلاف رجل فلا يبقى يهودي ولا نصرانيّ، ولا أحد ممّن يعبد غير الله تعالى إلّا آمن به وصدّق، وتكون الملّة واحدة، ملّة الإسلام، وكلّ ما كان في الأرض من معبود سوى الله تعالى تنزل عليه نار من السّماء فتحرقه.
937-(46)- نهج البلاغة: فعند ذلك أخذ الباطل مآخذه، وركب الجهل مراكبه، وعظمت الطاغية، وقلّت الداعية، وصال الدهر صيال السبع العقور، وهدر فنيق الباطل بعد كظوم، وتواخى الناس على الفجور، وتهاجروا على الدين، وتحابّوا على الكذب، وتباغضوا على الصدق، فإذا كان ذلك كان الولد غيظا، والمطر قيظا، وتفيض اللئام فيضا، وتغيض الكرام غيضا، وكان أهل ذلك الزمان ذئابا، وسلاطينه سباعا، وأوساطه أكّالا، وفقراؤه أمواتا، وغار الصدق، وفاض الكذب، واستعملت المودّة باللسان، وتشاجر الناس بالقلوب، وصار الفسوق نسبا والعفاف عجبا، ولبس الإسلام لبس الفرو مقلوبا.
938-(47)- نهج البلاغة: وقال (عليه السلام): يأتي على الناس زمان لا يقرّب فيه إلّا الماحل، ولا يظرّف فيه إلّا الفاجر، ولا يضعّف فيه إلّا المنصف، يعدّون الصدقة فيه غرما، وصلة الرحم منّا، والعبادة استطالة على الناس، فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء، وإمارة الصبيان،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(46) (30)- نهج البلاغة: ج 1 خ 104 طبع مطبعة الاستقامة بمصر، وص 157 خ 108 لصبحي الصالح، وج 7 ص 191 خ 107 لابن أبي الحديد طبع دار إحياء التراث العربي بيروت، وص 324 خ 107 فيض الاسلام.
(47) (31)- نهج البلاغة لصبحي الصالح: ص 485، 486 الحكمة 102، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 18 ص 260 ح 98، وباب المختار من حكمه (عليه السلام) الحكمة 98 فيض الاسلام.

(٤٠)

وتدبير الخصيان.
939-(48)- البرهان: أخرج الطبراني عن عوف بن مالك: أنّ النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: تجيء فتنة غبراء مظلمة، تتبع الفتن بعضها بعضا، حتّى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له: المهدي، فإن أدركته فاتّبعه وكن من المهتدين.
940-(49)- سنن الداني: عن الحكم بن عتيبة، قال: قلت لمحمّد بن علي [عليهما السلام]: سمعت أنّه سيخرج منكم رجل يعدل في هذه الامّة، قال: إنا نرجو ما يرجو الناس، وإنّا نرجو لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يكون ما ترجوه هذه الامّة، وقبل ذلك فتن شرّ، يمسي الرجل مؤمنا ويصبح كافرا، ويصبح مؤمنا ويمسي كافرا، فمن أدرك ذلك منكم فليتّق الله، وليكن من أحلاس بيته.
941-(50)- سنن الداني: عن سلمة بن زفر، قال: قيل يوما عند حذيفة: قد خرج المهدي، فقال: لقد أفلحتم إن خرج وأصحاب محمّد بينكم، إنّه لا يخرج حتّى لا يكون غائب أحبّ إلى الناس منه ممّا يلقون من الشرّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(48) (32)- البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 103 ب 4 ف 1 ح 2؛ العرف الوردى(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 137- 138.
(49) (33)- البرهان في علامات مهدى آخر الزمان: ص 104 ب 4 ف 1 ح 7 عن الحكم بن عيينة؛ عقد الدرر: ص 61 ب 4 ف 1 عن الحكم بن عتبة؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 159 عن الداني عن الحكم بن عتيبة نحوه.
أقول: الظاهر أنّ الحكم بن عتيبة هو الصحيح كما ذكره السيوطي لا عيينة ولا عتبة.
فراجع تهذيب التهذيب: ج 2 ص 432 وغيره من كتب الرجال.
(50) (34)- البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 104- 105 ب 4 ف 1 ح 8؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 159؛ عقد الدرر: ص 62 ب 4 ف 1.

(٤١)

942-(51)- الملاحم: بلغني عن ابراهيم بن سليمان بن حيّان بن مسلم بن هلال العبّاس الكوفي، قال: أنبأ علي بن أسباط المصري، قال: نبأ علي بن الحسين العبدي، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: خطب علي بن أبي طالب [عليه السلام]، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: أيها الناس! إنّ قريشا أئمّة العرب، أبرارها لأبرارها وفجّارها لفجارها، ألا ولا بدّ من رحى تطحن على ضلالة وتدور، فإذا قامت على قلبها طحنت بحدتها، ألا إن لطحينها روقا وروقها حدتها وفلّها على الله، ألا وإنّي وأبرار عترتي وأهل بيتي أعلم الناس صغارا وأحلم الناس كبارا، معنا راية الحقّ، من تقدّمها مرق، ومن تخلّف عنها محق، ومن لزمها لحق، إنّا أهل الرحمة، وبنا فتحت أبواب الحكمة، وبحكم الله حكمنا، وبعلم الله علمنا، ومن صادق سمعنا، فإن تتّبعونا تنجوا، وإن تتولّوا يعذّبكم الله بأيدينا، بنا فكّ الله ربق الذلّ من أعناقكم، وبنا يختم لا بكم، وبنا يلحق التالي، وإلينا يفيء الغالي، فلو لا تستعجلوا وتستأخروا القدر لأمر قد سبق في البشر لحدّثتكم بشباب من الموالي، وأبناء العرب، ونبذ من الشيوخ كالملح في الزاد، وأقل الزاد الملح، فينا معتبر، ولشيعتنا منتظر، إنّا وشيعتنا نمضي إلى الله بالبطن والحمى والسيف، إن عدوّنا يهلك بالداء والدبيلة، وبما شاء الله من البلية والنقمة، وايم الله الأعزّ الأكرم، أن لو حدّثتكم بكلّ ما أعلم لقالت طائفة: ما أكذب وأرجم، ولو انتقيت منكم مائة قلوبهم كالذّهب، ثمّ انتخبت من المائة عشرة ثمّ حدّثتهم فينا أهل البيت حديثا ليّنا لا أقول فيه إلّا حقّا ولا أعتمد فيه إلّا صدقا لخرجوا وهم يقولون: علي من أكذب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(51) (35)- الملاحم لابن المنادي: ص 126- 128؛ كنز العمال: ج 14 ص 592- 595 ح 39679.

(٤٢)

الناس، ولو اخترت من غيركم عشرة فحدّثتهم في عدوّنا وأهل البغي علينا أحاديث كثيرة لخرجوا وهم يقولون: علي من أصدق الناس، هلك حاطب الحطب، وحاصر صاحب القصب، وبقيت القلوب منها تقلب، فمنها مشغب، ومنها مجدب، ومنها مخصب، ومنها مسيّب، يا بنيّ! ليبرّ صغاركم كباركم، وليرأف كباركم بصغاركم، ولا تكونوا كالغواة الجفاة الذين لم يتفقّهوا في الدين، ولم يعطوا فى الله محض اليقين، كبيض بيض في أداحيّ، ويح لفراخ فراخ آل محمّد من خليفة جبّار عتريف، مترف مستخفّ بخلفي وخلف الخلف، وباللّه لقد علمت تأويل الرسالات، وإنجاز العدات، وتمام الكلمات وليكوننّ من يخلفني في أهل بيتي رجل يأمر باللّه، قويّ يحكم بحكم الله، وذلك بعد زمان مكلح مفضح، يشتدّ فيه البلاء، وينقطع فيه الرجاء، ويقبل فيه الرشاء، فعند ذلك يبعث الله رجلا من شاطئ دجلة لأمر حزبه، يحمله الحقد على سفك الدماء، قد كان في ستر وغطاء، فيقتل قوما وهو عليهم غضبان، شديد الحقد حرّان، في سنّة بخت نصّر، يسومهم خسفا، ويسقيهم كأسا، مصيره سوط عذاب، وسيف دمار، ثمّ يكون بعده هنات وأمور مشتبهات، إلّا من شطّ الفرات إلى النجفات بابا إلى القطقطانيّات، في آيات وآفات متواليات، يحدثن شكّا بعد يقين، يقوم بعد حين، يبني المدائن، ويفتح الخزائن، ويجمع الامم، ينفذها شخص البصر، وطمح النظر، وعنت الوجوه، وكشفت البال حتّى يرى مقبلا مدبرا فيا لهفي على ما أعلم، رجب شهر ذكر، رمضان تمام السنين، شوّال يشال فيه أمر القوم، ذو القعدة يقتعدون فيه، ذو الحجّة الفتح من أوّل العشر، ألا إنّ العجب كلّ العجب بعد جمادى ورجب، جمع

(٤٣)

أشتات، وبعث أموات، وحديثات هونات هونات، بينهنّ موتات، رافعة ذيلها، داعية عولها، معلنة قولها، بدجلة أو حولها، ألا إنّ منّا قائما عفيفة أحسابه، سادة أصحابه، ينادى عند اصطلام أعداء الله باسمه واسم أبيه في شهر رمضان ثلاثا، بعد هرج وقتال، وضنك وخبال، وقيام من البلاء علا، وإنّي لأعلم إلى من تخرج الأرض ودائعها، وتسلّم إليه خزائنها، ولو شئت أن أضرب برجلي فأقول: أخرجي من هنا بيضا ودروعا، كيف أنتم يا ابن هنات، إذا كانت سيوفكم بأيمانكم مصلتات، ثمّ رملتم رملات، ليلة البيات، ليستخلفنّ الله خليفة يثبت على الهدى، ولا يأخذ على حكمه الرشا، إذا دعا دعوات بعيدات المدى، دامغات للمنافقين، فارجات على المؤمنين، ألا إنّ ذلك كائن على رغم الراغمين، والحمد للّه ربّ العالمين، وصلاته على سيدنا محمّد خاتم النبيين، وآله وأصحابه أجمعين.
943-(52)- كنز العمّال: يأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلّا من فرّ من شاهق إلى شاهق، أو من جحر إلى جحر كالثعلب بأشباله، وذلك في آخر الزمان، إذا لم تنل المعيشة إلّا بمعصية الله، فإذا كان كذلك حلّت العزبة، يكون في ذلك الزمان هلاك الرجل على يدي أبويه إن كان له أبوان، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده، فإن لم تكن له زوجة ولا ولد فعلى يد الأقارب والجيران، يعيّرونه بضيق المعيشة، ويكلّفونه ما لا يطيق، حتّى يورد نفسه الموارد الّتي يهلك فيها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(52) (36)- كنز العمّال: ج 11 ص 154 ح 31008؛ التحصين(المطبوع بهامش مكارم الأخلاق): ص 227 القطب الثاني الفائدة الثالثة؛ منتخب كنز العمّال(مسند أحمد): ج 5 ص 393 عن ابن مسعود نحوه.

(٤٤)

944-(53)- سنن الترمذي: حدّثنا إسماعيل بن موسى الفزاري، ابن بنت السدي الكوفي، حدّثنا عمر بن شاكر، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يأتي على الناس زمان الصّابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر.
945-(54)- سنن أبي داود: حدّثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، حدّثنا بشر بن بكر، حدّثنا ابن جابر، حدّثني أبو عبد السلام، عن ثوبان، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يوشك الامم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنّكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوّكم المهابة منكم، وليقذفنّ الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله! وما الوهن؟ قال: حبّ الدنيا وكراهية الموت.
946-(55)- مسند الطيالسي: حدّثنا هشام، عن قتادة، عن أنس، قال: حديثا سمعته عن رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) لا يحدّثكموه أحد سمعه من رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(53) (37)- سنن الترمذي: ج 4 ص 526 كتاب الفتن ب 73 ح 2260؛ التاج الجامع للاصول: ج 5 ص 338.
(54) (38)- سنن أبي داود: ج 4 ص 111 ح 4297؛ التاج الجامع للاصول: ج 5 ص 327 وقال في شرحه: «وهذا واقع الآن»؛ الملاحم لابن المنادي: ص 69- 70 بمتون مختلفة وأسانيد متعدّدة؛ كنز العمّال: ج 11 ص 132 ح 30916؛ مسند أحمد: ج 5 ص 278.
(55) (39)- مسند أبي داود الطيالسي: ج 8 ص 266 ح 1984؛ سنن الترمذي: ج 4 ص 491 كتاب الفتن ب 34 ح 2205 بسنده عن أنس نحوه وفيه: «ويفشو الزنا»؛ التاج الجامع للأصول: ج 5 ص 335- 336 وفيه أيضا: «ويفشو الزنا».

(٤٥)

بعدي، سمعته يقول: إنّ من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا، ويقلّ الرجال، ويكثر النساء حتى يكون في خمسين امرأة القيّم الواحد.
947-(56)- كنز العمّال: عن علي [عليه السلام]: يأتي على الناس زمان همّتهم بطونهم، وشرفهم متاعهم، وقبلتهم نساؤهم، ودينهم دراهمهم ودنانيرهم، أولئك شرّ الخلق، لا خلاق لهم.
948-(57)- كنز العمال: يأتي على الناس زمان وجوههم وجوه الآدميّين، وقلوبهم قلوب الشياطين، سفّاكين الدماء، لا يرعون عن قبيح، وإن بايعتهم واربوك، وإن ائتمنتهم خانوك، صبيّهم عارم، وشابّهم شاطر، وشيخهم لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر، السنّة فيهم بدعة، والبدعة فيهم سنّة، وذو الأمر منهم غاو، فعند ذلك يسلّط الله عليهم شرارهم، فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم.
949-(58)- تاريخ ابن عساكر: أخرج بسنده عن رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) أنّه قال: لا تقوم الساعة حتّى يجعل كتاب الله عارا، ويكون الإسلام غريبا، وحتّى ينقص العلم، ويهرم الزّمان، وينقص عمر البشر، وتنقص السنون والثمرات، يؤتمن التهماء، ويصدّق الكاذب، ويكذّب الصادق، ويكثر الهرج، قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: القتل القتل، وحتّى تبنى الغرف فتطاول، وحتى تحزن ذوات الأولاد، وتفرح العواقر، ويظهر البغي والحسد والشحّ، ويغيض العلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(56) (40)- كنز العمّال: ج 11 ص 192 ح 31186؛ منتخب كنز العمّال(مسند أحمد): ج 5 ص 407.
(57) (41)- كنز العمّال: ج 11 ص 190- 191 ح 31175.
(58) (42)- تاريخ ابن عساكر: ج 6 ص 169.

(٤٦)

غيضا، ويفيض الجهل فيضا، ويكون الولد غيظا، والشتاء قيظا، وحتّى يجهر بالفحشاء، وتزول الأرض زوالا.
950-(59)- كنز العمّال: عن علي [عليه السلام] قال: تملأ الأرض ظلما وجورا، حتّى يدخل كلّ بيت خوف وحزن، يسألون درهمين وجريبين فلا يعطونه، فيكون قتال بقتال، ويسار بيسار، حتّى يحيط الله بهم في مصره، ثمّ تملأ الأرض عدلا وقسطا (ش).
951-(60)- كنز العمّال: عن علي [عليه السلام] قال: ليأتينّ على الناس زمان يطرى فيه الفاجر، ويقرّب فيه الماحل (61)، ويعجّز فيه المنصف، في ذلك الزمان تكون الأمانة فيه مغنما، والزكاة مغرما، والصلاة تطاولا، والصداقة منّا، وفي ذلك الزمان استشارة الإماء، وسلطان النساء، وإمارة السفهاء.
952-(62)- كنز العمّال: (في وصيّة النبيّ (صلّى الله عليه [وآله]) لابن مسعود): يا ابن مسعود! إنّ للساعة أعلاما، وإنّ للساعة أشراطا، ألا وإنّ من علم الساعة وأشراطها أن يكون الولد غيظا، وأن يكون المطر قيظا، وأن يقبض الأشرار قبضا. يا ابن مسعود! من أعلام الساعة وأشراطها أن يصدّق الكاذب، وأن يكذّب الصادق. يا ابن مسعود! إنّ من أعلام الساعة وأشراطها أن يؤتمن الخائن، وأن يخوّن الأمين، يا ابن مسعود! إنّ من أعلام الساعة وأشراطها أن يواصل الاطباق وأن يقاطع الأرحام. يا ابن مسعود! إن من أعلام الساعة وأشراطها أن يسود كلّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(59) (43)- كنز العمّال: ج 14 ص 586 ب المهديّ (عليه السلام) ح 39659.
(60) (44)- كنز العمّال: ج 14 ص 575- 576 ح 39641.
(61) الماحل: المحال- بالكسر- هو الكيد، وقيل: المكر.(النهاية: مادّة«محل»).
(62) (45)- كنز العمّال: ج 14 ص 224 ح 38495.

(٤٧)

قبيلة منافقوها، وكلّ سوق فجّارها. يا ابن مسعود! إنّ من أعلام الساعة وأشراطها أن يكون المؤمن في القبيلة أذلّ من النقد. يا ابن مسعود! إنّ من أعلام الساعة وأشراطها أن تزخرف المحاريب، وأن تخرّب القلوب.
يا ابن مسعود! إنّ من أعلام الساعة وأشراطها أن يكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء. يا ابن مسعود! إنّ من أعلام الساعة وأشراطها أن تكنف المساجد، وأن تعلو المنابر. يا ابن مسعود! إنّ من أعلام الساعة وأشراطها أن يعمّر خراب الدنيا، ويخرب عمرانها. يا ابن مسعود! إنّ من أعلام الساعة وأشراطها أن تظهر المعازف وشرب الخمور. يا ابن مسعود! إنّ من أعلام الساعة وأشراطها أن تشرب الخمور. يا ابن مسعود! إنّ من أعلام الساعة وأشراطها أن تكثر الشرط والهمّازون والغمّازون واللّمازون. يا ابن مسعود! إنّ من أعلام الساعة وأشراطها أن تكثر أولاد الزنا.
953-(63)- كنز العمّال: عن عليّ [عليه السلام]: سيأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلّا اسمه، ولا يبقى من القرآن إلّا رسمه، مساجدهم يومئذ عامرة وهي خراب من الهدى، علماؤهم شرّ من تحت أديم السماء، من عندهم نجم الفتن وإليهم تعود.
954-(64)- كنز العمّال: عن عليّ [عليه السلام] قال: لا تكونوا عجلا، مذاييع (65) بذرا، فإنّ من ورائكم بلاء مبلحا مكلحا(66)، وامورا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(63) (46)- كنز العمّال: ج 11 ص 280 ح 31522.
(64) (47)- كنز العمّال: ج 11 ص 281 ح 31524.
(65) مذاييع: جمع مذياع، من أذاع الشيء إذا أفشاه، وهو بناء مبالغة(النهاية: مادّة«ذيع»).
(66) مبلحا: معيبا. مكلحا: أي يكلح الناس لشدّته، والكلوح: العبوس. انظر النهاية مادتي: «بلح» و«كلح».

(٤٨)

منها متماحلة ردحا.(67)
955-(68)- الفتن: حدّثنا هاشم، عن عوف، قال: بلغني أنّ عليّا [عليه السلام] رضي الله عنه قال: يأتي على الناس زمان المؤمن فيه أذلّ من الأمة.
ويدل عليه أيضا الأحاديث 321، 327، 337، 339، 353، 360، 364 إلى 367، 370، 371، 375، 378، 382، 390، 391، 396، 400، 404، 406، 407، 428، 429، 431، 433، 453، 456، 457، 463، 479، 484، 485، 527، 537، 558، 586، 591، 603، 669، 1094، 1105، 1187.(69)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(67) الرّدح: الثقيلة العظيمة، واحدها رداح يعني الفتن.(النهاية: مادّة«ردح»).
(68) (48)- الفتن: ج 2 ص 95.
(69) اعلم أنّ ما أخرجناه في هذا الباب وغيره من أبواب هذا الكتاب من أحاديث الفتن ليس إلّا القليل منها، واستقصاؤها صعب جدّا، وقد صنّف المحدّثون المكثرون فيها كتبا مفردة.
ولا يخفى عليك أنّ فى كثير منها- سيّما الطائفة التي لا يرتقي سندها إلى النبي وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين، وسيّما ما رووه في فتنة الدجّال وتفاصيل اخرى- نكارة وغرابة مع ضعف الإسناد وغيرها من العلل، فلا بدّ من عرض ما تفرّدت به هذه الطائفة على غيرها من الأخبار الصحيحة المقبولة المأمونة من العلل، المرويّة عن النبي (صلّى الله عليه وآله) وأئمّة العترة (عليهم السلام)، الذين امرنا بالتمسك بهم والرجوع إليهم في أحاديث الثقلين المتواترة وغيرها، والمراجع في هذه الأحاديث يجد أنّ تمييز الصحيح منها عن السقيم لا يتأتّى إلّا من مهرة هذا الفنّ، وحذّاق علم الحديث، وإنّما تركنا طوائف كثيرة من هذه الأحاديث لأجل ما فيها من الأخبار والآثار التي تشهد متونها بالوضع، أو ابتليت أسنادها بالضعف، ولعدم المجال للتنقيح والتخليص واستخراج ما يعتمد عليه على الأصول المقرّرة في فنّ الحديث، ومع ذلك لا يذهب عليك أنّه لا يجوز إنكار تواتر هذه الأحاديث بالإجمال أو المعنى فيما اتّفقت عليه، فهي متواترة وفوق حدّ التواتر الإجمالي والمعنوي.
هذا وقد تركنا طائفة منها ممّا لا بأس بها أو يعتمد عليها تركا للإطالة، وكفاية ما أخرجناه لما نحن بصدده، وحذرا من ملالة القرّاء الكرام. ومع ذلك كلّه ننبّه القارئ بأنّه لا يجوز ردّ الحديث بمجرّد الاستبعاد والاستغراب، بعد ما جاء في القرآن الكريم في معجزات الأنبياء ونبيّنا (صلّى الله عليه وآله) وعليهم ما هو أغرب في العادة وقوعه، فلا بدّ للتسليم قبال أخبار النبي وخلفائه (عليهم السلام). أ فلا ترى أنّ المنكرين للمعاد لم يعتمدوا في إنكارهم إلّا على الاستبعاد، فقالوا: (أَإِذا كُنَّا عِظاماً ورُفاتاً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) الاسراء: 49 و98. وقالوا: (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وهِيَ رَمِيمٌ) يس: 78. وقد افتتن بعض المتسمّين بالثقافة والتنوّر في هذا العصر، فحاولوا تعليل المعجزات وتفسيرها بالعلل الماديّة كيلا تقع موردا لإنكار المؤمنين بالمادّة، وهذا انصراف عن عالم الغيب وما قام به دعوة الأنبياء، أعاذنا الله منه وجعلنا من المؤمنين بالغيب.
وهنا تنبيه آخر وهو: أنّه وإن كان مورد كثير من أحاديث الفتن أشراط الساعة وما يقع قبل قيام الساعة ومستقبل الزمان ولا تصريح فيها بعلامات ظهور المهدي (عليه السلام)- بأبي هو وأمّي- إلّا أن المتأمل فيها يجد كمال الارتباط بين البابين(باب أشراط الساعة، وباب علامات الظهور)؛ لأنّ الظاهر وقوع هذه الفتن كما جاء في أحاديث المهدي (عليه السلام) قبل ظهوره أو قبيله، فما يقع قبل ظهوره من الفتن يعدّ من أشراط الساعة، كما أنّ ظهوره- مثل بعثة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وانشقاق القمر- من علامات الساعة وأشراطها وقرب قيامها، وهذا جمع عرفيّ بين الأحاديث، مضافا الى وجود الشاهد من نفس الأحاديث له، واللّه الهادي الى الصواب.

(٤٩)

الفصل الثالث: في بعض علائم ظهوره (عليه السلام) وفيه 30 حديثا

956-(70)- الفتن: حدّثنا الوليد بن مسلم، عن إسماعيل بن رافع،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(70) (1)- الفتن: باب تسمية الفتن الّتي هي كائنة وعددها... ص 19؛ عقد الدرر: ب 4 ف 1 ص 49- 50 نحوه، وذكر بدل«صكته»: «وصلته»، وقال: «أخرجه الحافظ أبو محمّد الحسين في كتاب«المصابيح» هكذا، وأخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمّاد في كتاب«الفتن» بمعناه، وله شاهد صحيح في البخاري»؛ بشارة الإسلام: ص 29 ب 1 نحوه؛ البرهان: ص 103 ب 4 ح 3 وذكر بدل«صكّته»: «ملّته»؛ كنز العمّال: ج 14 ص 269 ح 38685 وذكر بدل«صكّته»: «شكته»؛ كشف الأستار: ص 169 ف 2؛ إبراز الوهم المكنون: ص 43.

(٥٠)

عمّن حدّثه، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): ستكون بعدي فتن، منها فتنة الأحلاس، يكون فيها حرب وهرب، ثمّ بعدها فتن أشدّ منها، ثمّ تكون فتنة كلّما قيل انقطعت تمادت، حتّى لا يبقى بيت إلّا دخلته، ولا مسلم إلّا صكّته، حتّى يخرج رجل من عترتي.
957-(71)- الفتن: حدّثنا ابن المبارك، وابن ثور، وعبد الرزاق،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(71) (2)- الفتن: باب آخر من علامات المهدي في خروجه (عليه السلام) ص 179 ح 2؛ عقد الدرر في أخبار المنتظر: ب 4 ص 106 عن عبد الله بن عبّاس، وقال: «أخرجه الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمّاد» إلّا أنّ فيه: «مع الشمس آية»؛ العرف الوردي في أخبار المهدي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 136 عن نعيم بن حمّاد وأبي الحسن الحربي في الأوّل من الحربيّات، عن علي بن عبد الله بن عبّاس وفيه: «مع الشمس آية»؛ البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: ب 4 ف 1 ص 107 ح 13 عن علي بن عبد الله بن عبّاس وفيه: «حتى تظهر مع الشمس آية» وذكر عن بعض النسخ: «حتى تطلع من الشمس آية» وص 108 ح 15 عن عبد الله بن عبّاس«حتّى تطلع الشمس آية» وقال: «أخرجه البيهقي ونعيم»؛ القول المختصر: ب 3 الثانية؛ غيبة الشيخ: ف ذكر طرف من العلامات الكائنة قبل خروجه (عليه السلام) ص 280؛ بحار الأنوار: ج 52 ب 25 ص 217 ح 79؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1154 ح 60 وجاء فيه: «حتى تطلع مع الشمس آية».
اعلم أنّ مثل هذا الخبر يسمّى مقطوعا، وعند البعض يعدّ من الأثر، ولا حجّيّة فيه بنفسه إلّا بدعوى أنّ قائل مثل هذا ممّا لا سبيل إليه إلّا إخبار النبي به، لا يقوله إلّا إذا ثبت عنده رواية ذلك عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وإلّا كانوا يردّونه عليه، ويستنكرون ذلك منه. والآثار والأخبار المقطوعة في المهدي (عليه السلام) في كتب الفريقين كثيرة جدّا لا تستقصى، ولم نكن في هذه المجموعة بصدد الاعتماد عليها أو نقلها، اللهمّ إلّا القليل منها.
وليعلم أنّه يعتمد على هذه الأخبار إذا وجد شاهد عليها من الأحاديث المرفوعة الى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أو إلى عترته وأهل بيته الأئمة الذين هم أعدال القرآن، أو علم بأنّ قائله لا يقول مثله إلّا مخبرا عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أو شهد بعض القرائن في خصوص مورد بذلك.

(٥١)

عن معمر، عن ابن طاوس، عن علي بن عبد الله بن عبّاس، قال: لا يخرج المهدي حتّى تطلع الشمس آية.
958-(72)- عقد الدرر: عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): لا تقوم الساعة حتّى يخرج المهدي من ولدي، ولا يخرج [المهدي- خ] حتّى يخرج ستّون كذّابا، كلّهم يقول: أنا نبيّ.
959-(73)- كمال الدين: حدّثنا أبي- رضى الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن محمّد بن حكيم، عن ميمون البان، عن أبى عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: خمس قبل قيام القائم (عليه السلام): اليماني، والسفياني، والمنادي ينادي من السماء،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(72) (3)- عقد الدرر: ف 1 ب 4 ص 64؛ الإرشاد: ص 358 عن يحيى بن أبي طالب عن علي بن عاصم عن عطاء بن سائب عن أبيه عن عبد الله بن عمر وفيه: «ولا يخرج المهدي»؛ بشارة الإسلام: ب 1 ص 11 و27؛ البحار: ج 52 ب 25 ص 208- 209 ح 46؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1149 ح 57؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 25؛ إعلام الورى: ص 426؛ غيبة الشيخ: ص 434 ح 424؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 725 ح 44.
(73) (4)- كمال الدين: ج 2 ص 649 ب 57 ح 1؛ البحار: ج 52 ص 203 ب 25 ح 29 وص 204 ح 34.

(٥٢)

وخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكيّة.
960-(74)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن العبّاس بن معروف، عن علي بن مهزيار،(75) عن عبد الله بن محمّد الحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن شعيب الحذّاء [الحدّاد]، عن صالح مولى بني العذراء، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: ليس بين قيام قائم آل محمّد وبين قتل النفس الزكيّة إلّا خمسة عشر ليلة.
961-(76)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن الحارث بن المغيرة البصري، عن ميمون البان، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) في فسطاطه، فرفع جانب الفسطاط فقال: إنّ أمرنا قد كان أبين من هذه الشمس، ثمّ قال: ينادي مناد من السماء: فلان بن فلان هو الإمام باسمه، وينادي إبليس- لعنه الله- من الأرض كما نادى برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليلة العقبة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(74) (5)- كمال الدين: ج 2 ب 57 ص 649 ح 2؛ غيبة الشيخ: ص 271؛ البحار: ج 52 ب 25 ص 203 ح 30؛ الإرشاد للشيخ المفيد: ص 360؛ إعلام الورى: ص 427.
(75) رجال النجاشي: ص 253 الرقم 664 عدّ من كتبه«كتاب القائم»، وقال الشيخ في الفهرست ص 231 الرقم 498: «علي بن مهزيار الأهوازي، جليل القدر، واسع الرواية، ثقة، له ثلاثة وثلاثون كتابا، انتهى». وهو الذي كان إذا طلعت الشمس سجد، ولا يرفع رأسه حتّى يدعو لألف من إخوانه بمثل ما دعا لنفسه.
(76) (6)- كمال الدين: ج 2 ب 57 ص 650 ح 4؛ البحار: ج 52 ص 204 ح 31؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1160 ح 62؛ الأنوار المضيئة: ص 34 وسيأتي تحت الرقم 1007.

(٥٣)

962-(77)- غيبة النعماني: حدّثنا محمّد بن همّام قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدّثنا الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنّه قال: إنّ قدّام قيام القائم علامات، بلوى من الله تعالى لعباده المؤمنين، قلت: وما هي؟ قال: ذلك قول الله (عزّ وجلّ): (ولَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْء مِنَ الْخَوْفِ والْجُوعِ ونَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ والْأَنْفُسِ والثَّمَراتِ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)(78)، قال: «لنبلونّكم» يعني: المؤمنين، «بشيء من الخوف» من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم، و«الجوع» بغلاء أسعارهم، «ونقص من الأموال» فساد التجارات، وقلّة الفضل فيها، «والأنفس» قال: موت ذريع، «والثمرات» قلّة ريع ما يزرع، وقلّة بركة الثمار، «وبشّر الصابرين» عند ذلك بخروج القائم (عليه السلام). ثمّ قال لي: يا محمّد! هذا تأويله، إنّ الله (عزّ وجلّ) يقول: (وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)(79).
963-(80)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثني أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(77) (7)- غيبة النعماني: ص 250 ب 14 ح 5؛ كمال الدين: ج 2 ص 649- 650 ب 57 ح 3؛ ينابيع المودّة: ب 71 ص 421 مختصرا وفيه: «موت ذائع»؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1153 ح 60 أخرجه عن الحسين بن علي (عليه السلام)؛ دلائل الإمامة للطبري:
ص 259؛ الإرشاد للمفيد: ص 361 ب علامات قيام القائم (عليه السلام)؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 31 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ؛ الإمامة والتبصرة من الحيرة لابن بابويه: ص 129 ب 25 ح 132.
(78) البقرة: 155.
(79) آل عمران: 7.
(80) (8)- غيبة النعماني: ص 250- 251 ب 14 ح 6؛ وروى نحوه بسنده عن جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) في هذا الباب ص 251 ح 7.

(٥٤)

كتابه، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن على بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا بدّ أن يكون قدّام القائم سنة يجوع فيها الناس، ويصيبهم خوف شديد من القتل، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، فإنّ ذلك فى كتاب الله لبيّن، ثمّ تلا هذه الآية: (ولَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْء مِنَ الْخَوْفِ والْجُوعِ ونَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ والْأَنْفُسِ والثَّمَراتِ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).
964-(81)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن صفوان بن يحيى، عن مندل، عن بكّار بن أبي بكر، عن عبد الله بن عجلان، قال: ذكرنا خروج القائم (عليه السلام) عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت له: كيف لنا أن نعلم ذلك؟ فقال: يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة.
965-(82)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن- رضي الله عنه- قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن الحكم الحنّاط، عن محمّد بن همّام، عن ورد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: اثنان بين يدي هذا الأمر: خسوف القمر لخمس، وكسوف الشمس لخمس عشر، [و] لم يكن ذلك منذ هبط آدم (عليه السلام) إلى الأرض، وعند ذلك يسقط حساب المنجّمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(81) (9)- كمال الدين: ص 654 ب 59 ح 22.
(82) (10)- كمال الدين: ج 2 ص 655 ب 57 ح 25؛ بشارة الإسلام: ص 86 ب 6.

(٥٥)

966-(83)- الروضة من الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون، عن بدر بن الخليل الأزدي، قال: كنت جالسا عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال: آيتان تكونان قبل قيام القائم (عليه السلام) لم تكونا منذ هبط آدم إلى الأرض: تنكسف الشمس في النصف من شهر رمضان، والقمر في آخره، فقال رجل: يا ابن رسول الله! تنكسف الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): إنّي أعلم ما تقول، ولكنّهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم (عليه السلام).
967-(84)- كمال الدين: وبهذا الإسناد (يعني: محمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان) عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن سليمان بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قدّام القائم موتتان: موت أحمر، وموت أبيض، حتّى يذهب من كلّ سبعة خمسة، الموت الأحمر: السيف، والموت الأبيض: الطاعون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(83) (11)- الروضة من الكافي: ص 212 ح 258؛ غيبة الشيخ: ص 444- 445 ح 439 عن الفضل بن شاذان عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن ثعلبة عن بدر بن الخليل؛ الإرشاد: ب ذكر علامات ظهور القائم (عليه السلام) ص 387؛ بشارة الإسلام: ب 6 ص 91.
وقد روى النعماني في غيبته غير ما ذكر من الروايات في الخسوف والكسوف، فراجع باب ما روي في العلامات(ب 14) منه في ص 271 ح 45؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1158 ح 62.
(84) (12)- كمال الدين: ج 2 ص 655 ب 57 ح 27.

(٥٦)

968-(85)- الإرشاد: عن محمّد بن أبي البلاد، عن علي بن محمّد الأزدي، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): بين يدي القائم (عليه السلام) موت أحمر، وموت أبيض، وجراد من حينه، وجراد في غير حينه كألوان الدم، فأما الموت الأحمر فالسيف، وأما الموت الأبيض فالطاعون.
969-(86)- غيبة النعماني: محمّد بن همّام، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، قال: حدّثني علي بن عاصم، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنّه قال: قبل هذا الأمر: السفياني، واليماني، والمرواني، وشعيب بن صالح، وكفّ يقول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(85) (13)- الإرشاد: ص 359؛ غيبة الشيخ: عن الفضل، عن علي بن أسباط، عن محمّد بن أبي البلاد، عن علي بن محمّد الأودي، عن أبيه، عن جدّه ص 438 ح 430؛ غيبة النعماني: ب 14 ص 277- 278 ح 61 قال: «أخبرنا علي بن الحسين، قال: أخبرنا محمّد بن يحيى، عن محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن علي بن محمّد بن الأعلم الأزدي، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)... وذكر الحديث»، إلّا أنّه قال: «وجراد في حينه»، وقال: «وجراد في غير حينه أحمر كالدم»، وقال: «فبالسيف»، وفي بعض نسخه: «فبالطاعون»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 738 ب 34 ف 9 ح 114؛ البحار: ج 52 ص 211 ب 25 ح 59؛ إعلام الورى: ص 427 ب 4 في ذكر علامات قيام القائم؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1152 ح 58؛ الفصول المهمّة: ص 301.
(86) (14)- غيبة النعماني: المطبوعة سنة 1318 ص 134 و135 مكرّرا وفى النسخة المطبوعة الجديدة التي نقلنا سائر ما نقلناه عن النعماني عنها ذكر: «فكيف يقول هذا هذا» ص 253 ب 14 ح 12 وهو موافق مع النسخة التي نقل عنها في البحار: ج 52 ب 25 ص 233 ح 99 وقال: «بيان: أي كيف يقول هذا الذي خرج: إنّي القائم، يعني محمّد بن إبراهيم أو غيره، انتهى». وعلى النسخة المطبوعة القديمة لعلّ المراد من قوله: «يقول» أنّ الكفّ يشير إليه أو الى مكانه، ويجوز أن يكون المراد منه ظاهره وأنّه يقول فيخبر عنه، واللّه أعلم.

(٥٧)

هذا وهذا.
970-(87)- غيبة النعماني: أخبرنا محمّد بن همّام، قال: حدّثني جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، قال: حدّثني موسى بن جعفر بن وهب، قال: حدّثني الحسن بن علي الوشّاء، عن عبّاس بن عبد الله [عبيد- خ]، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: العام الذي فيه الصيحة قبله الآية في رجب، قلت: وما هي؟ قال: وجه يطلع في القمر، ويد بارزة.
971-(88)- غيبة الشيخ: الفضل- يعني كتابه-، عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن محمّد بن بشر، عن محمّد بن الحنفيّة، قال: قلت له: قد طال هذا الأمر حتّى متى؟ قال: فحرّك رأسه ثمّ قال: أنّى يكون ذلك ولم يعضّ الزمان، أنّى يكون ذلك ولم يجف الاخوان، أنّى يكون ذلك ولم يظلم السلطان، أنّى يكون ذلك ولم يقم الزنديق من قزوين فيهتك ستورها، ويكفّر صدورها، ويغيّر سورها، ويذهب بهجتها، من فرّ منه أدركه، ومن حاربه قتله، ومن اعتزله افتقر، ومن تابعه كفر، حتّى يقوم باكيان: باك يبكي على دينه، وباك يبكي على دنياه.
972-(89)- الإرشاد: الحسين بن سعيد، عن منذر الجوزي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: يزجر الناس قبل قيام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(87) (15)- غيبة النعماني: ص 252 ب 14 ح 10.
(88) (16)- غيبة الشيخ: ص 441 ح 433؛ البحار: ج 52 ب 25 ح 61 ص 212، وفيهما «ولم يجفوا».
(89) (17)- الإرشاد: ص 361 طبع بصيرتي؛ البحار: ج 52 ب 25 ح 85 ص 221 وفيه: «الحسين بن زيد».

(٥٨)

القائم (عليه السلام) عن معاصيهم بنار تظهر في السماء، وحمرة تجلّل السماء، وخسف ببغداد، وخسف ببلدة البصرة، ودماء تسفك بها، وخراب دورها، وفناء يقع في أهلها، وشمول أهل العراق خوف لا يكون لهم معه قرار.
973-(90)- غيبة النعماني: وحدّثنا محمّد بن همّام، قال: حدّثنا أحمد بن مابنداذ [مابنداد، مابندار] وعبد الله بن جعفر الحميري، قالا: حدّثنا أحمد بن هلال، قال: حدّثنا الحسن بن محبوب الزرّاد، قال: قال لي الرضا (عليه السلام): إنّه يا حسن! ستكون فتنة صمّاء صيلم، يذهب فيها كلّ وليجة وبطانة- وفي رواية: يسقط فيها كلّ وليجة وبطانة- وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي، يحزن لفقده أهل الأرض والسماء،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(90) (18)- غيبة النعماني: ب 10 ص 180- 181 ح 28؛ كمال الدين: ج 2 ب 35 ص 370- 371 ح 3؛ عيون أخبار الرضا: ج 2 ب 30 ص 6 ح 14 نحوه؛ البحار: ج 51 ب 8 ص 152- 154 ح 2 و3 وقال: «قوله (عليه السلام): «عليه جيوب النور» لعلّ المعنى أنّ جيوب الأشخاص النورانيّة من كمّل المؤمنين والملائكة المقرّبين وأرواح المرسلين تشتعل للحزن على غيبته وحيرة الناس فيه، وإنّما ذلك لنور إيمانهم الساطع من شموس عوالم القدس، ويحتمل أن يكون المراد بجيوب النور الجيوب المنسوبة الى النور والتي يسطع منها أنوار فيضه وفضله تعالى، والحاصل: أنّ عليه- صلوات الله عليه- أثوابا قدسيّة، وخلعا ربّانيّة، تتّقد من جيوبها أنوار فضله وهدايته تعالى، ويؤيّده ما مرّ في رواية محمّد بن الحنفية عن النبي (صلّى الله عليه وآله) «جلابيب النور»، ويحتمل أن يكون«على» تعليليّة، أي ببركة هدايته وفيضه (عليه السلام) يسطع من جيوب القابلين أنوار القدس من العلوم والمعارف الربّانية». هذا ولا يخفى عليك ما وقع فى البحار من ذكر الحديث الثالث من كمال الدين، وهو حديثنا هذا بسند الحديث الثاني منه.
دلائل الإمامة للطبري: ص 245؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1168- 1169 ح 65؛ غيبة الشيخ: ص 439- 440 ح 431 مع اختلاف يسير؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 406- 407 ب 34 ف 6 ح 50؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 36- 37 وجاء فيه: «الرابع من ولدي»؛ إثبات الوصيّة للمسعودي: ص 227 طبع منشورات الرضا.

(٥٩)

كم من مؤمن ومؤمنة متأسّف متلهّف حيران حزين لفقده، ثمّ أطرق، ثمّ رفع رأسه وقال: بأبى وأمّي سميّ جدّي، وشبيهي وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب النور يتوقّد من شعاع ضياء القدس، كأنّي به آيس ما كانوا، قد نودوا نداء يسمعه من بالبعد كما يسمعه من بالقرب، يكون رحمة على المؤمنين، وعذابا على الكافرين، فقلت: بأبي وأمّي أنت، وما ذلك النداء؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب، أوّلها: «ألا لعنة الله على الظّالمين»، والثاني: «أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين»، والثالث: يرون يدا بارزة مع قرن الشمس تنادي: «ألا إنّ الله قد بعث فلانا على هلاك الظالمين»، فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج، ويشفي الله صدورهم، ويذهب غيظ قلوبهم.
974-(91)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار- رضي الله عنه-، قال: حدّثنا أبي، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن مهران، عن خاله أحمد بن زكريّا، قال: قال لي الرضا علي بن موسى (عليهما السلام): أين منزلك ببغداد؟ قلت: الكرخ، قال: أما إنّه أسلم موضع، ولا بدّ من فتنة صمّاء صيلم، تسقط فيها كلّ وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي.
975-(92)- الفتن: حدّثنا الوليد ورشدين، عن أبي لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي- رضي الله عنه- [عليه السلام]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(91) (19)- كمال الدين: ج 2 ب 35 ص 371 ح 4؛ البحار: ج 51 ب 8 ص 155 ح 6 وفيه«حمدان»«بدل»«مهران».
(92) (20)- الفتن: باب آخر من علامات المهدي في خروجه ص 180 الملاحم لابن المنادي:
باب سياق فضله من أخبار المهدي ص 86 وذكر: «على أقوام من الناس»؛ عقد الدرر: ب 4 ف 1 ص 52، وذكر: «ويشربون ذكره» أخرجه عن ابن المنادي ونعيم؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 140؛ القول المختصر: ب 2 العلامة الثامنة.

(٦٠)

قال: إذا نادى مناد من السماء أنّ الحقّ في آل محمّد فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس، ويشربون حبّه، ولا يكون لهم ذكر غيره.
976-(93)- تاريخ قم: وعن محمّد بن قتيبة الهمداني والحسن بن علي الكشمارجاني [الكمشارجاني- خ] عن علي بن النعمان، عن أبي الأكراد علي بن ميمون الصائغ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّ الله احتجّ بالكوفة على سائر البلاد، وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد، واحتجّ ببلدة قم على سائر البلاد، وبأهلها على جميع أهل المشرق والمغرب من الجنّ والإنس، ولم يدع الله قم وأهلها مستضعفين بل وفّقهم وأيّدهم، ثمّ قال: إنّ الدين وأهله بقم ذليل، ولو لا ذلك لأسرع الناس إليه فخرب قم وبطل أهلها فلم يكن حجّة على سائر البلاد، وإذا كان كذلك لم تستقرّ السماء والأرض، ولم ينظروا طرفة عين، وإنّ البلايا مدفوعة عن قم وأهلها، وسيأتي زمان تكون بلدة قم وأهلها حجّة على الخلائق، وذلك في زمان غيبة قائمنا (عليه السلام) إلى ظهوره، ولو لا ذلك لساخت الأرض بأهلها، وإنّ الملائكة لتدفع البلايا عن قم وأهلها، وما قصدها جبّار بسوء إلّا قصمه قاصم الجبّارين، وشغله عنهم بداهية أو مصيبة أو عدوّ، وينسي الله الجبّارين في دولتهم ذكر قم وأهلها كما نسوا ذكر الله.
977-(94)- تاريخ قم: وروي بأسانيد عن الصادق (عليه السلام) أنّه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(93) (21)- البحار: ج 60 ص 212- 213 ب الممدوح من البلدان ب 36؛ تاريخ قم: ص 20.
أقول: وفي رسالة مخطوطة عندي في فضل قم تاريخ كتابتها سنة 1263 ه:
«الحسن بن علي الكمبارجاني».
(94) (22)- البحار: ج 60 ص 213 ب 36 الممدوح من البلدان ح 23؛ سفينة البحار: ج 2 ص 445 مادّة«قمم» نحوه؛ تاريخ قم: ص 44 ح 39.
أقول: وفي الرسالة المخطوطة المشار إليها ذكر: «بعد إنكارهم حجّته».

(٦١)

ذكر الكوفة، وقال: ستخلو الكوفة من المؤمنين، ويأزر عنها العلم كما تأزر الحيّة في جحرها، ثمّ يظهر العلم ببلدة يقال لها: قم، وتصير معدنا للعلم والفضل، حتّى لا يبقى في الأرض مستضعف في الدين حتّى المخدّرات في الحجال، وذلك عند قرب ظهور قائمنا، فيجعل الله قم وأهلها قائمين مقام الحجّة، ولو لا ذلك لساخت الأرض بأهلها ولم يبق في الأرض حجّة، فيفيض العلم منه إلى سائر البلاد في المشرق والمغرب، فيتمّ حجّة الله على الخلق حتّى لا يبقى أحد على الأرض لم يبلغ إليه الدين والعلم، ثمّ يظهر القائم (عليه السلام) ويصير سببا لنقمة الله وسخطه على العباد، لأنّ الله لا ينتقم من العباد إلّا بعد إنكارهم الحجّة.(95)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(95) قال في الإرشاد(باب ذكر علامات قيام القائم (عليه السلام) ومدّة أيّام ظهوره، وشرح سيرته، وطريقة أحكامه، وطرف ممّا يظهر في دولته): «قد جاءت الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدى (عليه السلام)، وحوادث تكون أمام قيامه، وآيات ودلالات، فمنها: خروج السفياني، وقتل الحسني، واختلاف بني العبّاس، وخسف بالبيداء، وخسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وركود الشمس من عند الزوال الى وسط أوقات العصر، وطلوعها من المغرب، وقتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام، وهدم حائط مسجد الكوفة، واقبال رايات سود من قبل خراسان، وخروج اليماني، وظهور المغربي بمصر، وتملكه الشامات، ونزول ترك بالجزيرة، ونزول الروم الرملة، وطلوع نجم بالمشرق، ويضيء كما يضيء القمر ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في آفاقها، ونار تظهر بالمشرق طولا، وتبقى في الجو ثلاثة أيام أو سبعة أيّام، وخلع العرب أعنّتها، وتملّكها في البلاد وخروجها عن سلطان العجم، وقتل أهل مصر أميرهم، وخراب الشام، واختلاف ثلاثة رايات فيه، ودخول رايات قيس والعرب إلى اهل مصر، ورايات كندة إلى خراسان، وورود خيل من قبل المغرب حتّى تربط بفناء الحيرة، وإقبال رايات سود من قبل المشرق نحوها، وبثق في الفرات حتى يدخل الماء أزقّة الكوفة، وخروج ستين كذّابا كلّهم يدّعي النبوّة، وخروج اثني عشر من آل- أبي طالب كلّهم يدّعي الإمامة لنفسه، وإحراق رجل عظيم القدر من شيعة بني العبّاس بين جلولاء وخانقين، وعقد الجسر ممّا يلي الكرخ بمدينة بغداد، وارتفاع ريح سوداء بها في أوّل النهار، وزلزلة حتى ينخسف كثير منها، وخوف يشمل أهل العراق وبغداد، وموت ذريع فيه، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتّى يأتي على الزرع والغلات، وقلّة ريع لما يزرعه الناس، واختلاف صنفين من العجم، وسفك دماء كثيرة فيما بينهم، وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم وقتلهم مواليهم، ومسخ لقوم من أهل البدع حتّى يصيروا قردة وخنازير، وغلبة العبيد على بلاد السادات، ونداء من السماء حتى يسمعه أهل الأرض كلّهم، أهل كلّ لغة بلغتهم، ووجه وصدر يظهران من السماء للناس في عين الشمس، وأموات ينشرون من القبور حتّى يرجعوا الى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون ثمّ يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة تتّصل فتحيى بها الأرض بعد موتها، وتعرف بركاتها، ويزول بعد ذلك كلّ عاهة عن معتقدي الحقّ من شيعة المهدي (عليه السلام)، فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكّة ويتوجّهون نحوه لنصرته كما جاءت بذلك الأخبار، ومن جملة هذه الأحداث محتومة، ومنها مشترطة، انتهى».
وقد صنّف الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه الصدوق مصنّف كمال الدين- رضي الله عنه- في علامات القائم وسيرته، وما يجري في أيّامه كتابا سمّاه«السرّ المكتوم إلى الوقت المعلوم»، وهذه العلامات كما أشار إليها المفيد وغيره بين محتومة ومشترطة، ومعنى كون بعضها علامة أن ظهوره لا يتّفق ما دام لم يتّفق هو، فلا إشكال في وقوعه ووقوع فرجه بعد مضيّ مدّة طويلة عليه، وهذا كبعض أشراط الساعة، ومعنى بعضها ككثرة المعاصي والفساد أنّ ظهوره لا بدّ أن يقع في زمان كذا، لا أن يكون كثرة المعاصي مطلقا علامة لظهوره، اللهم إلّا أن يراد بهذه الامور المرتبة الشديدة منها الّتي لا تتحقّق إلّا قبل قيامه (عليه السلام)، وبعضها ظهر وبعضها يظهر فى المستقبل، وبعضها يكون قبيل قيامه كخروج السفياني، وبعضها يكون مقارنا لظهوره، وبعضها من العلائم المحتومة، كالسفياني، وخسف البيداء، وكف تطلع من السماء، والنداء وقتل النفس الزكيّة، وغيرها.
وقال النعماني في كتابه في الغيبة(ص 282) بعد ذكر روايات كثيرة في علائم الظهور: «هذه العلامات التي ذكرها الائمة (عليهم السلام) مع كثرتها، واتّصال الروايات بها، وتواترها واتّفاقها موجبة أن لا يظهر القائم (عليه السلام) إلّا بعد مجيئها وكونها، إذ كانوا قد أوجبوا(أخبروا) أن لا بدّ منها وهم الصادقون، حتّى إنّه قيل لهم: نرجو أن يكون ما نؤمّل من أمر القائم (عليه السلام)، ولا يكون قبله السفياني، فقالوا: «بلى واللّه إنّه لمن المحتوم الذي لا بدّ منه»، ثمّ حقّقوا كون العلامات الخمس الّتي أعظم الدلائل والبراهين على ظهور الحقّ بعدها(اليماني، والسفياني، والنداء، وخسف البيداء، وقتل النفس الزكية) كما أبطلوا أمر التوقيت وقالوا: «من روى لكم عنّا توقيتا فلا تهابنّ أن تكذّبوه كائنا من كان فإنّا لا نوقّت»، وهذا من أعدل الشواهد على بطلان أمر كلّ من ادّعى أو ادّعي له مرتبة القائم ومنزلته (عليه السلام)، وظهر قبل مجيء هذه العلامات، لا سيّما وأحواله كلّها شاهدة ببطلان دعوى من يدّعى له.
ونسأل الله أن لا يجعلنا ممّن يطلب الدنيا بالزخارف في الدين، والتمويه على ضعفاء المرتدّين، ولا يسلبنا ما منحنا به من نور الهدى وضيائه، وجمال الحقّ وبهائه، بمنّه وطوله، انتهى».

(٦٢)

978-(96)- سنن الدارقطني: حدّثنا أبو سعيد الاصطخري، حدّثنا محمّد بن عبد الله بن نوفل، حدّثنا عبيد بن يعيش، حدّثنا يونس بن بكير، عن عمرو بن شمراخ، عن جابر، عن محمّد بن علي [عليه السلام] قال: إنّ لمهديّنا آيتين لم تكونا منذ خلق السّماوات والأرض: ينكسف القمر لأوّل ليلة من رمضان، وتنكسف الشّمس في النصف منه، ولم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض.
979-(97)- البرهان في علامات مهدى آخر الزمان: عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: إذا رأيتم علامة من السماء، نارا عظيمة من قبل المشرق تطلع ليلا، فعندها فرج الناس وهي قدوم المهدي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(96) (23)- سنن الدارقطني: ج 2 ص 65 ب صلاة الخسوف والكسوف ح 10؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 107 ح 14 ف 1 ب 4؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ص 136.
(97) (24)- البرهان في علامات مهدى آخر الزمان: ص 109 ب 4 ف 2 ح 20 وفي بعض النسخ هكذا: «فعندها فرج آل محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) أو فرج الناس»؛ عقد الدرر: ص 106 ب 4 ف 3.

(٦٤)

980-(98)- الصراط المستقيم: أسند الصادق إلى آبائه (عليهم السلام) أنّ عليّا (عليه السلام) قال: إذا وقعت النار في حجازكم وجرى الماء بنجفكم فتوقّعوا ظهور قائمكم.
981-(99)- الصراط المستقيم: وعن زين العابدين (عليه السلام): إذا ملأ هذا نجفكم السيل والمطر، وظهرت النار فى الحجارة والمدر، وملكت بغداد التّتر فتوقّعوا ظهور القائم المنتظر.
ويدل عليه أيضا الأحاديث 669، 835، 837، 1246.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(98) (25)- الصراط المستقيم: ج 2 ص 258 ف 11؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 578 ح 746 ب 32 ف 55.
(99) (26)- الصراط المستقيم: ج 2 ص 259 ف 11؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 578 ح 747 ب 32 ف 55 وفيه: «إذا علا نجفكم».

(٦٥)

الفصل الرابع: في ما يدل على النداء به من السماء، وأنّ على رأسه ملكا ينادي باسمه واسم أبيه (عليهما السلام) وفيه 52 حديثا

982-(100)- الفتن: حدّثنا الوليد بن مسلم، عن عنبسة القرشي، عن سلمة بن أبي سلمة، عن شهر بن حوشب، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): في محرّم ينادي مناد من السماء: ألا إنّ صفوة الله من خلقه فلانا فاسمعوا له وأطيعوا، في سنة الصوت والمعمعة.
983-(101)- الفتن: حدّثنا رشدين، عن ابن لهيعة، قال: حدّثني أبو زرعة، عن عبد الله بن زرير [زرين- خ]، عن عمّار بن ياسر- رضي الله عنه- قال: إذا قتل النفس الزكيّة، وأخوه يقتل بمكّة ضيعة، نادى مناد من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(100) (1)- الفتن: ص 182 ج 5 ب علامة اخرى عند خروج المهدي (عليه السلام)؛ عقد الدرر: ص 102 ب 4 ف 3.
(101) (2)- الفتن: ب علامة اخرى عند خروج المهدي ص 182 ج 5؛ الملاحم والفتن: ص 61 ب 120؛ البرهان: ص 75 ب 1 ح 10؛ عقد الدرر: ص 66 ب 4 ف 1.
أقول: وفي كتاب الفتن أخبار أخر غير ما ذكرناه من الصحابة والصحابيات والتابعين، وفي بعضها: «يطلع كفّ من السماء وينادى مناد: ألا إنّ أميركم...».

(٦٦)

السماء: إنّ أميركم فلان، وذلك المهديّ الذي يملأ الأرض حقّا وعدلا.
984-(102)- الفتن: حدّثنا الوليد؛ ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي- رضي الله عنه [عليه السلام]- قال: بعد الخسف ينادي مناد من السماء: أنّ الحق في آل محمّد في أوّل النهار، ثم ينادي مناد في آخر النهار: أن الحقّ في ولد عيسى، وذلك نجوة من الشيطان.
985-(103)- تلخيص المتشابه (للخطيب): عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي: هذا المهدي فاتّبعوه.
986-(104)- المعجم الأوسط: عن طلحة بن عبيد الله، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): ستكون فتنة لا يهدأ منها جانب إلّا جاش منها جانب، حتّى ينادي مناد من السماء: أنّ أميركم فلان.
987-(105)- البيان: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله؛ محمّد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(102) (3)- الفتن: ب علامة اخرى عند خروج المهدي، ص 183، ج 5.
(103) (4)- العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 128 و129 عن أبى نعيم والخطيب؛ البرهان: ص 72 ب 1 ح 2؛ ينابيع المودّة: ص 476 ب 88 عن فصل الخطاب عن ابن عمر... نحوه فرائد السمطين: ج 2 ص 316 ب 61 س؛ القول المختصر: ب 1 العلامة الرابعة والعشرون؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 471 ح 17 من أحاديث الأربعين لأبي نعيم.
(104) (5)- البرهان: ص 71 ب 1 ح 1 عن الطبراني في الأوسط؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 128؛ القول المختصر: ب 1 العلامة الثانية والعشرون.
(105) (6)- البيان: ص 132 ب 15 في ذكر الغمامة...؛ العرف الوردى(الحاوى للفتاوي): ج 2 ص 128 نحوه، فرائد السمطين: بسنده عن ابن عمر ج 2 ص 316 ب 61 السمط الثاني وفيه: «يخرج المهدي وعلى رأسه غمامة فيها مناد ينادي: هذا المهدي فاتبعوه»؛ ينابيع المودّة: ص 447 ب قال: «وعلى رأسه ملك ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتّبعوه»؛ القول المختصر: ب 1 العلامة الثالثة والعشرون؛ نور الأبصار: ص 1 عن ابن عمر إلّا أنّه ذكر«وعلى رأسه غمامة فيها ملك ينادي»، وقال: «أخرجه أبو نعيم والطبراني وغيرهما»؛ عقد الدرر: ص 135 ح 1 عن ابن عمرو إلّا أنّ فيه: «عمامة» بدل«غمامة»، والظاهر أنّه سهو بقرينة قوله: «فيها ملك»، قال: «أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في مناقب المهدي»؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 470 ح 16 من أحاديث الأربعين لأبي نعيم بإسناده عن ابن عمر، إسعاف الراغبين: ص 137 قال: «وجاء في روايات أنّه عند ظهوره ينادي فوق رأسه ملك: هذا المهدي خليفة الله فاتّبعوه».

(٦٧)

عبد الواحد بن أحمد المقدّسي بجبل قاسيون، قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي بدمشق؛ والصيدلاني بأصبهان، قالا: أخبرنا أبو علي الحسن، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، أخبرنا أبو أحمد الغطريفي، أخبرنا محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي، حدّثنا عبد الوهّاب بن الضحّاك، حدّثنا إسماعيل بن عيّاش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير، عن كثير بن مرّة، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يخرج المهدي على رأسه غمامة فيها مناد ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتّبعوه.
قلت: هذا حديث حسن، ما رويناه إلّا من هذا الوجه، أخرجه أبو نعيم في مناقب المهدي (عليه السلام)، انتهى.
988-(106)- المصنّف: الحسن بن موسى، قال: حدّثنا حمّاد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(106) (7)- المصنّف: ج 15 ص 245 كتاب الفتن ح 19601؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي):
ج 2 ص 129 عن ابن أبي شيبة وقال: «لا ينكره الدليل ولا يمتنع منه الذليل»؛ البرهان: ص 72 ب 1 ح 3 عن عاصم بن عمرو البجلى... مثل ما في العرف الوردي؛ الدرّ المنثور ج 6 ص 59 مثل العرف الوردي إلّا أنّه قدّم«الذليل» على«الدليل»؛ كنز العمّال(عن ابن أبي شيبة بسنده عن عاصم بن عمرو البجلي أنّ أبا أمامة قال: لينادينّ باسم رجل من السماء لا ينكره الدليل ولا يمنع منه الذليل): ج 14 ص 584 ح 39654.

(٦٨)

سلمة، عن أبي محمّد، عن عاصم بن عمرو البجلي، أنّ أبا امامة قال: لينادينّ باسم رجل من السماء، لا ينكره الدليل، ولا يمتنع [منها] العزيز.
989-(107)- الفتن: حدّثنا سعد أبو عثمان، عن جابر، عن أبى جعفر قال: ينادي مناد من السماء: ألا إنّ الحقّ في آل محمّد، وينادي مناد من الأرض: ألا إنّ الحقّ في آل عيسى (أو قال: العبّاس، أنا أشكّ فيه)، وإنّما الصوت الأسفل من الشيطان ليلبس على الناس (شكّ أبو عبد الله نعيم).
990-(108)- عقد الدرر: وعن سيف بن عمير، قال: كنت عند أبي جعفر المنصور، فقال لي ابتداء: يا سيف بن عمير! لا بدّ من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب، فقلت: جعلت فداك يا أمير المؤمنين! تروي هذا؟ قال: إي والذي نفسي بيده لسماع اذناي له، فقلت: يا أمير المؤمنين! إنّ هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا، فقال: يا سيف! إنّه الحقّ، وإذا كان فنحن أولى من يجيبه، أما إنّ النداء إلى رجل من بني عمّنا، فقلت: رجل من ولد فاطمة؟ قال: نعم يا سيف! لو لا أنّي سمعته من أبي جعفر محمّد بن علي، وحدّثني به أهل الأرض كلّهم ما قبلته، ولكنّه محمّد بن علي (عليه السلام).
991-(109)- ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام): حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(107) (8)- الفتن: ب علامة أخرى عند خروجه ص 181؛ البرهان: ص 74 ح 1.
(108) (9)- عقد الدرر: ص 110- 111 ب 4 ف 3؛ روضة الكافي: ج 8 ص 209- 210 ح 255؛ غيبة الشيخ: ص 433- 434 ح 423 بسنده عن سيف بن عميرة؛ الإرشاد: ص 358؛ البحار: ج 52 ص 288 ب 26 ح 25 وص 300 ح 65؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 404 ب 34 ف 6 ح 43؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1157 ح 62.
(109) (10)- تأويل الآيات الظاهرة: ص 386 سورة الشعراء ح 1؛ البحار: ج 52 ص 284 ب 26 ح 13؛ البرهان في تفسير القرآن: ج 3 ص 180 ح 9؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 126 ح 642 ف 39 ب 32؛ المحجّة: ص 159.
لا يخفى عليك أن الأخبار والآثار في تفسير الآية بالنداء أو الصيحة مستفيضة، فراجع تفاسير العامّة؛ مثل: روح المعاني، والكشّاف، وتفاسير الخاصّة وغيرها مثل: العقد الفريد، والملاحم لابن المنادي، المحجّة: ص 159.

(٦٩)

أحمد بن الحسن بن علي، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنّان بن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله (عزّ وجلّ): (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)(110)، قال: نزلت في قائم آل محمّد صلوات الله عليهم، ينادى باسمه من السماء.
992-(111)- ينابيع المودّة: عن أبي بصير وأبي الورد، عن الباقر رضي الله عنه [عليه السلام]، قال: هذه الآية: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ...) نزلت في القائم، وينادي مناد باسمه واسم أبيه من السماء.
993-(112)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا علي بن الحسن، عن أبيه، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن الحسين بن موسى، عن فضيل بن محمّد مولى محمّد بن راشد البجلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: أما إنّ النداء من السماء باسم القائم كتاب الله لبيّن، فقلت: فأين هو أصلحك الله؟ فقال: في (طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) قوله: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) قال: إذا سمعوا الصوت أصبحوا وكأنّما على رءوسهم الطير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(110) الشعراء: 4.
(111) (11)- ينابيع المودّة: ص 426 ب 71.
(112) (12)- غيبة النعماني: ص 263 ب 14 ح 23؛ المحجّة: ص 156- 157.

(٧٠)

994-(113)- المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة: في تفسير قوله تعالى في سورة «ق»: (واسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ)(114)، عن الصادق (عليه السلام): ينادى المنادي باسم القائم واسم أبيه، قوله: (يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) قال: صيحة القائم من السماء.
995-(115)- كتاب الفضل بن شاذان: عن محمّد بن علي الكوفي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنّ القائم صلوات الله عليه ينادى اسمه ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء، يوم قتل فيه الحسين بن علي (عليه السلام).
996-(116)- كتاب الفضل: عن ابن محبوب، عن أبي ايّوب، عن محمّد بن مسلم، قال: ينادي مناد من السماء باسم القائم، فيسمع ما بين المشرق إلى المغرب، فلا يبقى راقد إلّا قام، ولا قائم إلّا قعد، ولا قاعد إلّا قام على رجليه من ذلك الصوت، وهو صوت جبرئيل؛ الروح الأمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(113) (13)- المحجّة فيما نزل في القائم الحجة: الآية 99؛ إلزام الناصب: ص 94 ح 1؛ ينابيع المودّة: ص 429 ب 71؛ تفسير القمّي: ج 2 ص 327؛ تفسير الصافي: ج 2 ص 603 وزاد فيه: «من مكان قريب بحيث يصل نداؤه الى الكلّ على سواء».
أقول: لا يخفى عليك أنّ ظاهر الآية الكريمة كون الصيحة غير النداء، وهذا هو ظاهر بعض الروايات، وما يقتضيه الجمع بين بعضها مع بعض. كما أنّ المستفاد من الروايات تعدّد النداء، فيجوز أن يكون لكلّ نداء اعلام خاصّ. ويمكن أن يكون المراد من الصيحة النداء أو النداءات المتعدّدة.
(114) سورة ق: 41، 42.
(115) (14)- غيبة الشيخ: ص 452 ح 458؛ البحار: ج 52 ص 290 ب 26 ح 29.
(116) (15)- غيبة الشيخ: ص 454 ح 462؛ البحار: ج 52 ص 26 290 ح 32. لا يخفى عليك أنّا رويناه عن كتاب الفضل بواسطة غيبة الشيخ، فيكون الواسطة عن كتاب الفضل غيبة الشيخ، وهذا من علوّ الإسناد بحسب الوجادة.

(٧١)

997-(117)- كتاب الفضل: عن ابن محبوب، عن علي بن أبى حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خروج القائم من المحتوم، قلت: وكيف يكون النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أوّل النهار: ألا إنّ الحقّ في عليّ وشيعته، ثمّ ينادي إبليس- لعنه الله- في آخر النهار: ألا إنّ الحقّ في عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون.
998-(118)- عقد الدرر: وعن محمّد بن علي (عليهما السلام) قال: الصوت فى شهر رمضان في ليلة جمعة فاسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار صوت الملعون إبليس ينادي: ألا إنّ فلانا قد قتل مظلوما، يشكّك الناس ويفتّنهم، فكم في ذلك اليوم من شاكّ متحيّر، فإذا سمعتم الصوت فى رمضان- يعني الأوّل- فلا تشكّوا أنّه صوت جبريل، وعلامة ذلك أنّه ينادي باسم المهدي واسم أبيه.
999-(119)- عقد الدرر: وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال: إذا نادى مناد من السماء: أنّ الحقّ في آل محمّد، فعند ذلك يظهر المهدي.
1000-(120)- عقد الدرر: وعن أبي جعفر محمّد بن علي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(117) (16)- غيبة الشيخ: ص 454 ح 461؛ البحار: ج 52 ص 290 ب 26 ح 31؛ كمال الدين: ج 2 ص 652 ب 57 ح 14؛ الكافي: ج 8 ص 310 ح 484 بسنده عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام).
(118) (17)- عقد الدرر: ص 105 ب 4 ف 3.
(119) (18)- عقد الدرر: ص 106 ب 4 ف 3؛ منتخب كنز العمّال(بهامش مسند أحمد): ج 6 ص 33؛ كنز العمّال: ج 14 ص 588 ح 39665 مع زيادة: «على أفواه الناس فيشربون حبّه فلا يكون لهم ذكر غيره»؛ البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 133- 134 عن أبي رومان عن علي (عليه السلام).
(120) (19)- عقد الدرر: ص 106- 107 ب 4 ف 3.

(٧٢)

(عليهما السلام) أنّه قال: إذا رأيتم نارا من المشرق ثلاثة أيّام أو سبعة فتوقّعوا فرج آل محمّد إن شاء الله تعالى. ثمّ قال: ينادي مناد من السماء باسم المهدي، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، حتّى لا يبقى راقد إلّا استيقظ، ولا قائم إلّا قعد، ولا قاعد إلّا قام على رجليه فزعا من ذلك، فرحم الله عبدا سمع ذلك الصوت فأجاب، فإنّ الصوت الأوّل هو صوت جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام).
1001-(121)- سنن الداني: في حديث طويل عن حذيفة، ذكر فيها بعض الملاحم، مثل: خروج السفياني، وخسف البيداء، وقتل السفياني، قال: فعند ذلك (يعني عند قتل السفياني ومن شايعه) ينادي مناد من السماء: يا أيّها الناس إنّ الله (عزّ وجلّ) قد قطع عنكم [منكم خ ل] مدّة الجبّارين والمنافقين وأشياعهم، وولّاكم خير أمّة محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، فالحقوا به بمكّة فإنّه المهدي... الحديث بطوله.
1002-(122)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثني أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي من كتابه، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه ووهيب بن حفص عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام) أنّه قال: إذا رأيتم نارا من [قبل] المشرق شبه الهردي العظيم تطلع ثلاثة أيّام أو سبعة، فتوقّعوا فرج آل محمّد (عليهم السلام) إن شاء الله (عزّ وجلّ)، إنّ الله عزيز حكيم.
ثمّ قال: الصيحة لا تكون إلّا في شهر رمضان [لأنّ شهر رمضان]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(121) (20)- سنن الداني: لوحات 104- 106؛ عقد الدرر: ص 81- 84 ب 4 ف 2.
(122) (21)- غيبة النعماني: ص 253- 254 ب 14 ح 13؛ البحار: ج 52 ص 230- 231 ب 25 ح 96؛ إعلام الورى: ص 428 مختصرا.

(٧٣)

شهر الله، [والصيحة فيه] هى صيحة جبرئيل (عليه السلام) إلى هذا الخلق.
ثمّ قال: ينادي مناد من السماء باسم القائم (عليه السلام)، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقى راقد إلّا استيقظ، ولا قائم إلّا قعد، ولا قاعد إلّا قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب، فإنّ الصوت الأوّل هو صوت جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام). ثمّ قال (عليه السلام): يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين، فلا تشكّوا في ذلك واسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار صوت الملعون إبليس ينادي: ألا إنّ فلانا قتل مظلوما، ليشكّك الناس ويفتّنهم، فكم في ذلك اليوم من شاكّ متحيّر قد هوى في النار، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكّوا فيه، إنّه صوت جبرئيل، وعلامة ذلك أنّه ينادي باسم القائم واسم أبيه حتّى تسمعه العذراء فى خدرها فتحرّض أباها على الخروج.
وقال: لا بدّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم (عليه السلام): صوت من السماء وهو صوت جبرئيل [باسم صاحب هذا الأمر واسم أبيه]، والصوت الثاني من الأرض وهو صوت إبليس اللعين ينادي باسم فلان أنّه قتل مظلوما يريد بذلك الفتنة، فاتّبعوا الصوت الأوّل، وإيّاكم والأخير أن تفتنوا به... الحديث.
1003-(123)- غيبة النعماني: أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن شرحبيل، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) وقد سألته عن القائم (عليه السلام)، فقال: إنّه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(123) (22)- غيبة النعماني: ص 257 ب 14 ح 14.

(٧٤)

لا يكون حتّى ينادي مناد من السماء يسمع أهل المشرق والمغرب، حتّى تسمعه الفتاة في خدرها.
1004-(124)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا علي بن الحسن [الحسين- خ] التيملي، قال: حدّثنا عمرو بن عثمان، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسمعت رجلا من همدان يقول له: إنّ هؤلاء العامّة يعيّرونا ويقولون لنا: إنّكم تزعمون أنّ مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر، وكان متّكئا فغضب وجلس ثمّ قال: لا ترووه عنّي، وارووه عن أبي ولا حرج عليكم في ذلك، أشهد أنّي قد سمعت أبي (عليه السلام) يقول: واللّه، إنّ ذلك في كتاب الله (عزّ وجلّ) لبيّن حيث يقول: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) (125)، فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلّا خضع وذلّت رقبته لها، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إنّ الحقّ في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وشيعته، قال: فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتّى يتوارى عن أهل الأرض، ثمّ ينادي: ألا إنّ الحقّ في عثمان بن عفّان وشيعته فإنّه قتل مظلوما فاطلبوا بدمه، قال: فيثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحقّ وهو النداء الأوّل، ويرتاب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(124) (23)- غيبة النعماني: ص 260- 261 ب 14 ح 19 وأخرجه أيضا بسند آخر: «عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) وقد سأله عمارة الهمداني... الحديث» ص 261 ب 14 ح 20؛ المحجّة: ص 215 في قوله تعالى:
(وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ويَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) وص 157 في قوله تعالى: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً).
(125) الشعراء: 4.

(٧٥)

يومئذ الذين في قلوبهم مرض، والمرض واللّه عداوتنا، فعند ذلك يتبرّؤون منّا ويتناولونا فيقولون: إنّ المنادي الأول سحر من سحر أهل [هذا] البيت، ثمّ تلا أبو عبد الله (عليه السلام) قول الله (عزّ وجلّ): (وإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ويَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ).(126)
قال: وحدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن المفضّل بن إبراهيم وسعدان بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسين بن عبد الملك ومحمّد بن أحمد بن الحسن القطوني جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان... مثله سواء بلفظه.
1005-(127)- غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثني أحمد بن يوسف بن يعقوب، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا الحسن بن علي، عن أبيه ووهيب بن حفص، عن ناجية القطّان أنّه سمع أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إنّ المنادي ينادي أنّ المهديّ [من آل محمّد] فلان بن فلان- باسمه واسم أبيه- فينادي الشيطان أنّ فلانا وشيعته على الحقّ، يعني رجلا من بني اميّة.
1006-(128)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا علي بن الحسن، عن العبّاس بن عامر بن رباح الثقفي، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ينادي مناد من السماء أنّ فلانا هو الأمير، وينادي مناد أنّ عليّا وشيعته هم الفائزون، قلت: فمن يقاتل المهدي بعد هذا؟ فقال: إنّ الشيطان ينادي أنّ فلانا وشيعته هم الفائزون (لرجل من بني اميّة)،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(126) القمر: 2.
(127) (24)- غيبة النعماني: ص 264 ب 14 ح 27.
(128) (25)- غيبة النعماني: ص 264 ب 14 ح 28.

(٧٦)

قلت: فمن يعرف الصادق من الكاذب؟ قال: يعرفه الّذين كانوا يروون حديثنا، ويقولون: إنّه يكون، قبل أن يكون، ويعلمون أنّهم هم المحقّون الصادقون.
1007-(129)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن الحارث بن المغيرة البصري، عن ميمون البان، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) في فسطاطه، فرفع جانب الفسطاط فقال: إنّ أمرنا قد كان أبين من هذه الشمس. ثمّ قال: ينادي مناد من السماء: فلان بن فلان هو الإمام باسمه، وينادي إبليس- لعنه الله- من الأرض كما نادى برسول الله (صلّى الله عليه وآله) ليلة العقبة.
1008-(130)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا علي بن الحسن، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: قلت لأبي عبد الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(129) (26)- كمال الدين: ج 2 ص 650 ب 57 ح 4؛ غيبة النعماني: ص 264- 265 ب 14 ح 29 نحوه؛ البحار: ج 52 ص 204 ب 25 ح 31 وقد تقدّم تحت الرقم 961 فراجع.
أقول: نداء الشيطان ليلة العقبة مذكور في كتب السيرة، فراجع سيرة ابن هشام:
ج 2 ص 90، قال كعب بن مالك: فلمّا بايعنا رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) صرخ الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت سمعته قط: يا أهل الجباجب(والجباجب: المنازل) هل لكم في مذمّم والصباة معه قد اجتمعوا على حربكم، قال: فقال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): «هذا أزبّ العقبة، هذا ابن أزيب- قال ابن هشام: ويقال: ابن ازيب- أ تسمع أي عدوّ الله؟ أما واللّه لأفرغنّ لك».
(130) (27)- غيبة النعماني: ص 265 ب 14 ح 30.

(٧٧)

عليه السلام: إنّ الجريري أخا إسحاق يقول لنا: إنّكم تقولون: هما نداءان، فأيّهما الصادق من الكاذب؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): قولوا له: إنّ الذي أخبرنا بذلك- وأنت تنكر أنّ هذا يكون- هو الصادق.
1009-(131)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بهذا الإسناد عن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: هما صيحتان: صيحة في أوّل الليل، وصيحة في آخر الليلة الثانية، قال: فقلت: كيف ذلك؟ قال: فقال: واحدة من السماء، وواحدة من إبليس، فقلت: وكيف تعرف هذه من هذه؟ فقال: يعرفها من كان سمع بها قبل أن تكون.
1010-(132)- غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا علي بن الحسن التيملي، عن أبيه، عن محمّد بن خالد، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الرحمن بن مسلمة الجريري، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّ الناس يوبّخونا ويقولون: من أين يعرف المحقّ من المبطل إذا كانتا؟ فقال: ما تردّون عليهم؟ قلت: فما نردّ عليهم شيئا، قال: فقال: قولوا لهم: يصدّق بها- إذا كانت- من كان مؤمنا يؤمن بها قبل أن تكون، [قال:] إنّ الله (عزّ وجلّ) يقول: (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)(133).
1011-(134)- غيبة النعماني: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا علي بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(131) (28)- غيبة النعماني: ص 265- 266 ب 14 ح 31، و«هذا الاسناد» أي الإسناد المتقدّم في الحديث السابق(27).
(132) (29)- غيبة النعماني: ص 266 ب 14 ح 32.
(133) يونس: 35.
(134) (30)- غيبة النعماني: ص 266 ب 14 ح 33. وروى نحوه بسنده عن عبد الله بن حمّاد الأنصاري في شهر رمضان سنة تسع وعشرين ومائتين عن ابن سنان، وبسنده عن الحسن بن محبوب عن ابن سنان: ص 266- 267 ح 34 و35.

(٧٨)

الحسن التيملي من كتابه في رجب سنة سبع وسبعين ومائتين، قال: حدّثنا محمّد بن عمر بن يزيد بيّاع السابري ومحمّد بن الوليد بن خالد الخزّاز جميعا، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّه ينادي باسم صاحب هذا الأمر مناد من السماء: ألا إنّ الأمر لفلان بن فلان، ففي مَ القتال؟
1012-(135)- غيبة النعماني: حدّثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا عبد الله بن حمّاد الأنصاري، عن أبي بصير، قال: حدّثنا أبو عبد الله (عليه السلام) [وقال]: ينادى باسم القائم: يا فلان بن فلان! قم.
1013-(136)- كمال الدين: حدّثنا أبي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن جعفر بن بشير، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ينادي مناد باسم القائم (عليه السلام)، قلت: خاصّ أو عامّ؟ قال: عامّ، يسمع كلّ قوم بلسانهم، قلت: فمن يخالف القائم (عليه السلام) وقد نودي باسمه؟ قال: لا يدعهم إبليس حتّى ينادي [في آخر اللّيل] ويشكّك الناس.
1014-(137)- غيبة الشيخ: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قتيبة النيشابوري، عن الفضل بن شاذان النيشابوري، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(135) (31)- غيبة النعماني: ص 279 ب 14 ح 64.
أقول: وروى النعماني غير ما أخرجنا عنه في الباب، فراجع إن شئت.
(136) (32)- كمال الدين: ج 2 ص 650- 651 ب 57 ح 8.
(137) (33)- غيبة الشيخ: ص 177 ح 134؛ البحار: ج 52 ص 205 ب 25 ح 35.

(٧٩)

الحسن بن علي بن فضّال، عن المثنّى الحنّاط، عن الحسن بن زياد الصيقل، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: إنّ القائم لا يقوم حتّى ينادي مناد من السماء تسمع الفتاة في خدرها، ويسمع أهل المشرق والمغرب، وفيه نزلت هذه الآية: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ).
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث 254، 408، 411، 450، 546 (وفيه: وعلى رأسه غمامة تظلّه من الشمس، تدور معه حيثما دار، تنادي بصوت فصيح: هذا المهدي)، 554، 645، 902، 904، 942، 961، 973، 1022، 1028، 1044، 1045، 1108، 1113، 1139.

(٨٠)

الفصل الخامس: فيما يدلّ على غلاء الأسعار وكثرة الأسقام ووقوع القحط والحروب العظيمة والفتن الكثيرة وذهاب خلق كثير من الناس وفيه 22 حديثا

1015-(138)- غيبة الشيخ: روى محمّد بن جعفر الأسدي، عن أبي سعيد الآدمي، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم وأبي بصير [قالا:] سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يكون هذا الأمر حتّى يذهب ثلثا الناس، فقلنا: إذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقى؟ فقال: أ ما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي؟

1016-(139)- غيبة الشيخ: الفضل بن شاذان، عن نصر بن مزاحم، عن أبن لهيعة، عن أبى زرعة، عن عبد الله بن زرير، عن عمّار بن ياسر- رضي الله عنه- أنّه قال: دعوة أهل بيت نبيّكم في آخر الزمان،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(138) (1)- غيبة الشيخ: ص 339 ح 286؛ كمال الدين: بسنده عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم ج 2 ص 655- 656 ب 57 ح 29 وفيه: «حتّى يذهب ثلث الناس» والظاهر أنّه وهم من النّساخ؛ البحار: ج 52 ص 207 ب 25 ح 44.
(139) (2)- غيبة الشيخ: ص 441 ح 432؛ البحار: ج 52 ص 212 ب 25 ح 60.

(٨١)

فالزموا الأرض وكفّوا حتّى تروا قادتها، فإذا خالف الترك الروم، وكثرت الحروب في الأرض، ينادي مناد على سور دمشق: ويل لازم من شرّ قد اقترب، ويخرب حائط مسجدها.
1017-(140)- الفتن: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن كيسان الرواشي القصّار- وكان ثقة- قال: حدّثني مولاي، قال: سمعت عليّا- رضي الله عنه- يقول: لا يخرج المهدي حتّى يقتل ثلث، ويموت ثلث، ويبقى ثلث.
1018-(141)- الفتن: حدّثنا ابن اليمان، عن شيخ من بني فزارة، عمّن حدّثه، عن عليّ [عليه السلام] قال: لا يخرج المهدي حتّى يبصق بعضكم في وجه بعض.
1019-(142)- الفتن: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن هارون بن هلال، عن أبي جعفر [عليه السلام] قال: لا يخرج المهدي حتّى ترقى الظّلمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(140) (3)- الفتن: ج 5 ص 179 ب آخر من علامات المهدي في خروجه؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 139؛ عقد الدرر: ص 63 ب 4 ف 1؛ كنز العمّال: ج 14 ص 587 ح 39663؛ منتخب كنز العمّال: ج 6 ص 33؛ بشارة الإسلام: ص 76 ب 2؛ الملاحم والفتن: ص 58 ب 110 وفيه: «عن كيسان الرقاشي القصّار...»؛ البرهان:
ص 111- 112 ب 3 ف 2 ح 4؛ كشف الأستار: ص 134 ف 2؛ السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو الداني: ج 5 ب ما جاء فى المهدي (عليه السلام) ح 6.
(141) (4)- الفتن: ج 5 ص 179 ب آخر من علامات المهدي فى خروجه؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 139؛ كنز العمّال: ج 14 ص 587 ح 39663؛ منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد: ج 6 ص 33.
(142) (5)- الفتن: ج 5 ص 180 ب آخر من علامات المهدي في خروجه؛ العرف الوردى(الحاوى للفتاوي): ج 2 ص 147 إلّا أنّه قال: «حتّى تروا الظلمة» وقد تقدّم تحت الرقم 933.

(٨٢)

1020-(143)- الفتن: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن رجل، عن عمّار بن محمّد، عن عمر بن علي، أن عليا [عليه السلام] قال: تكون فتن، ثم تكون جماعة على رأس رجل من أهل بيتي، ليس له عند الله خلاق، فيقتل أو يموت فيقوم المهدي.
1021-(144)- كنز العمّال: عن عليّ [عليه السلام] قال: ينتقص الإسلام حتّى لا يقال: الله الله، فإذا فعل ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فإذا فعل ذلك بعث قوما يجتمعون كما يجتمع قزع الخريف، واللّه إني لأعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم (ش).
1022-(145)- غيبة النعماني: أخبرنا علي بن الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي، قال: حدّثنا محمّد بن علي الكوفي، قال: حدّثنا عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، متى خروج القائم (عليه السلام)؟ فقال: يا أبا محمّد! إنّا أهل بيت لا نوقّت، وقد قال محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم): كذب الوقّاتون، يا أبا محمّد! إن قدّام هذا الأمر خمس علامات: أولاهنّ النداء في شهر رمضان، وخروج السفياني، وخروج الخراساني، وقتل النفس الزكيّة، وخسف بالبيداء.
ثم قال: يا أبا محمّد! إنّه لا بدّ أن يكون قدّام ذلك الطاعونان: الطاعون الأبيض، والطاعون الأحمر، قلت: جعلت فداك، وأي شيء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(143) (6)- الفتن: ج 5 ص 180 ب آخر من علامات المهدي فى خروجه.
(144) (7)- كنز العمّال: ج 14 ص 557 ح 39591 ونحوه حديث 39592 مع زيادة زيدت عليه والظاهر أنّ لفظ الحديث«قزع» لا«فرع»، قال ابن الاثير في باب«قزع» ج 4 ص 59:
«ومنه حديث علي [عليه السلام]».
(145) (8)- غيبة النعماني: ص 289- 290 ب 16 ح 6.

(٨٣)

هما؟ فقال: [أمّا] الطاعون الأبيض فالموت الجارف، وأمّا الطاعون الأحمر فالسيف، ولا يخرج القائم حتّى ينادى باسمه من جوف السماء في ليلة ثلاث وعشرين [في شهر رمضان] ليلة جمعة، قلت: بم ينادى؟
قال: باسمه واسم أبيه، ألا إنّ فلان بن فلان قائم آل محمّد فاسمعوا له وأطيعوه، فلا يبقى شيء خلق الله فيه الروح إلّا يسمع الصّيحة، فتوقظ النائم ويخرج إلى صحن داره، وتخرج العذراء من خدرها، ويخرج القائم ممّا يسمع، وهي صيحة جبرائيل (عليه السلام).
1023-(146)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثني أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي من كتابه، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا بدّ أن يكون قدّام القائم سنة يجوع فيها الناس، ويصيبهم خوف شديد من القتل، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، فإنّ ذلك فى كتاب الله لبيّن، ثمّ تلا هذه الآية: (ولَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْء مِنَ الْخَوْفِ والْجُوعِ ونَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ والْأَنْفُسِ والثَّمَراتِ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)(147).
1024-(148)- قرب الإسناد: أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام) قال: قدّام هذا الأمر قتل بيوح، قلت: وما البيوح؟ قال: دائم لا يفتر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(146) (9)- غيبة النعماني: ص 250- 251 ب 14 ح 6؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 734 ب 34 ف 9 ح 93؛ المحجّة: ص 47- 48.
(147) البقرة: 155.
(148) (10)- قرب الإسناد: ص 170؛ البحار: ج 52 ص 182 ب 25 ح 6؛ المحجّة: ص 48 في قوله تعالى: (ولَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ والْجُوعِ)... الآية.

(٨٤)

ويدل عليه أيضا الأحاديث 364، 367، 368، 380، 385، 391، 427، 428، 451، 453، 456، 460 وأخبار كثيرة أخرى في هذا الباب وسائر الأبواب.

(٨٥)

الفصل السادس: في خروج السفياني، والخسف، وقتل النفس الزكيّة، واليماني والصيحة والنداء وفيه 63 حديثا

1025-(149)- تاريخ المدينة المنوّرة: حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا عمران القطّان، عن قتادة، عن أبى الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن أمّ سلمة، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يبايع لرجل بين الركن والمقام عدّة أهل بدر، فتأتيه عصائب أهل العراق وأبدال أهل الشام، فيغزوهم جيش من أهل الشام، فإذا كانوا بالبيد خسف بهم، ثمّ يغزوهم رجل من قريش أخواله كلب، فيلتقون فيهزمهم الله، فالخائب من خاب من غنيمة كلب.
1026-(150)- تاريخ المدينة المنوّرة: حدّثنا موسى بن إسماعيل،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(149) (1)- تاريخ المدينة المنوّرة لابن شبّة: ج 1 ص 309؛ المصنّف: ج 15 ص 45- 46 ح 19070 بهذا الإسناد وقال: «يبايع الرجل»؛ تفسير الدرّ المنثور: ج 5 ص 241 مثل المصنّف وفيه: «بالبيداء»؛ وفاء الوفا: ج 4 ص 1158 وفيه: «بالبيداء»؛ البرهان:
ص 117 ف 2 ح 18 نحوه.
(150) (2)- تاريخ المدينة المنوّرة لابن شبّة: ج 1 ص 309- 310 وأخرج بسنده عن عائشة بمثله؛ مسند أحمد: ج 6 ص 316- 317 بطريقين عن أمّ سلمة؛ وفاء الوفا: ج 4 ص 1158.

(٨٦)

قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، قال: أنبأنا علي بن زيد، عن الحسن، عن أمّ سلمة- رضي الله عنها- قالت: بينما النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) مضطجع في بيته إذ احتفز جالسا، فجعل يتوجّع، فقلت: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، مالك تتوجّع؟ قال: جيش من أمّتي يجوز من قبل الشام، يؤمّون البيت لرجل منعه الله منهم، حتّى إذا علوا البيداء من ذي الحليفة خسف بهم ومصادرهم شتّى، قلت: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، كيف يخسف بهم جميعا ومصادرهم شتّى؟ قال: إنّ منهم من جبر (من يكرهه فيجيء مكرها).
1027-(151)- تاريخ المدينة المنوّرة: حدّثنا أحمد بن عيسى، قال: حدّثنا عبد الله بن وهب، قال: حدّثني ابن لهيعة، عن بسر بن لخم المعافري، قال: سمعت أبا فراس يقول: سمعت عبد الله بن عمر يقول: إذا خسف بالجيش بالبيداء فهو علامة خروج المهدي.
1028-(152)- الفتن: حدّثنا رشدين، عن ابن لهيعة، قال: حدّثني أبو زرعة، عن عبد الله بن زرير، عن عمّار بن ياسر- رضي الله عنه- قال: إذا قتل النفس الزكية، وأخوه يقتل بمكّة ضيعة، نادى مناد من السماء:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(151) (3)- تاريخ المدينة المنوّرة: ج 1 ص 310 وأخرج في خسف البيداء بسنده عن أبي هريرة أيضا ج 1 ص 279 و309؛ وفاء الوفاء: ج 4 ص 1158؛ الفتن: أخرجه عن ابن وهب عن ابي لهيعة عن عن فلان المعافري سمع أبا فراس سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: إذا خسف بجيش...، وفي لفظه الآخر: إذا خسف بجيش البيداء...، ص 179 ح 5 ب آخر من علامات المهدي في خروجه ونحوه فى ص 175 و176 ب الخسف بجيش السفياني؛ التذكرة: ص 238 ب ما جاء في الخليفة الكائن في آخر الزمان المسمّى بالمهدي عن ابن عمر نحوه؛ الملاحم والفتن: ص 77 ب 167.
(152) (4)- الفتن: ج 5 ص 183 ب علامة اخرى عند خروج المهدي؛ البرهان: ص 112 ف 2 ح 7؛ الملاحم والفتن: ص 61، ب 120.

(٨٧)

أنّ أميركم فلان، وذلك المهدي الّذي يملأ الأرض حقّا وعدلا.
1029-(153)- الفتن: حدّثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، قال: حدّثني أبو زرعة، عن ابن زرير، عن عمّار بن ياسر، قال: إذا بلغ السفياني الكوفة وقتل أعوان آل محمّد خرج المهدي، على لوائه شعيب بن صالح.
1030-(154)- الفتن: حدّثنا أبو يوسف المقدّسي، عن عبد الملك بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(153) (5)- الفتن: ج 4 ص 168 ب الرايات السود للمهدي؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 141؛ الملاحم والفتن: ص 55 ب 103 رواه عن ابن رزين.
(154) (6)- الفتن: ج 3 ص 117 ب ما يذكر من علامات من السماء.
أقول: اعلم أنّه يمكن أن يكون المراد بالصيحة غير النداء، كما ربّما يكون ذلك ظاهر الآية الكريمة: (واسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ)... (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ...)، ويمكن أن يكون المراد منها ومن الصوت النداءات المتعددة التي جاءت في الأحاديث أو بعض هذه النداءات، ويؤيّد كون الصيحة غير النداء بعض ما ورد فيما يقال عند الصيحة واللّه أعلم.
وأما السفياني فهو رجل من آل أبي سفيان، اسمه عثمان، وأبوه عنبسة يخرج- كما في بعض الروايات- بالشام، ويملك ثمانية أشهر أو أزيد من ذلك، ويقبل- كما في غيبة الشيخ- من بلاد الروم متنصّرا، في عنقه صليب، وقد جاء فيه وما يصدر منه من الأفاعيل السيئة، والأعمال الفظيعة، وسيرته الخبيثة، روايات كثيرة تجاوزت عن حدّ التواتر، ولعلّ ما ذكر منها نعيم بن حمّاد تزيد عن المائة، فراجع في ذلك فتنه، وكتاب الملاحم لابن المنادي، وكتب الفتن من الصحاح والجوامع لأهل السنّة، وما ورد فيه في كتب مشايخ الشيعة ومحدّثيهم، ومن ذلك ما روى الفضل بن شاذان في حديث طويل عن أبي عبد الله (عليه السلام)(ح 28 من الأربعين الموسوم بكشف الحق) فيه صفة السفياني وغيره، وأنّه يظهر الزهد، ويتقشّف، ويتقنع بخبز الشعير والملح الجريش، ويبذل الأموال فيجلب بذلك قلوب الجهّال.
وربما يستغرب ما في طائفة من هذه الأحاديث، بل يوجد فيها بعض ما لا يوافق الأصول الاسلاميّة والمذهبيّة، أو لا يقبله العقل، غير أنّ ذلك لا يضرّ بالتواتر وما اتّفق عليه الأحاديث أو جاء فى الأحاديث الصحاح، فتدبّر ولا تنكر الأمر الثابت الذي أخبر به الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بضعف أسناد بعض الأحاديث أو ضعف متونها، وخذ بما أخذ العلماء في باب حجّية الأحاديث من القواعد العقلائيّة والعرفيّة.
وأمّا اليماني فهو رجل يدعو الى المهدي- بأبي هو وامّي- ويخرج من اليمن.
والمراد من قتل النفس الزكيّة قتل غلام من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)، اسمه محمّد بن الحسن، يقتل بين الركن والمقام.
وأخرج الشيخ في غيبته(ص 464- 465 ح 480): عن سفيان بن ابراهيم الحريري(من أصحاب مولانا الصادق (عليه السلام)) أنّه سمع أباه يقول: النفس الزكيّة غلام من آل محمّد، اسمه محمّد بن الحسن، يقتل بلا جرم ولا ذنب، فإذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر، ولا في الأرض ناصر، فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمّد في عصبة لهم أدقّ في أعين الناس من الكحل إذا خرجوا بكى لهم الناس، لا يرون إلّا أنّهم يختطفون، يفتح الله لهم مشارق الأرض ومغاربها، ألا وهم المؤمنون حقّا، ألا إنّ خير الجهاد في آخر الزمان.
كما ذكره الملاحم والفتن عن شهر بن حوشب(في الباب 67 ص 45) وذكر تتمّة للحديث: «وفي المحرّم ينادي مناد من السماء: ألا إنّ صفوة الله من خلقه... الحديث».

(٨٨)

أبي سليمان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يكون صوت في رمضان، ومعمعة في شوّال، وفي ذي القعدة تحازب القبائل وعامد(155) تنتهب الحاج، ويكون ملحمة عظيمة بمنى، يكثر فيها القتلى، ويسيل فيها الدماء، وهم على عقبة الجمرة.
1031-(156)- الفتن: حدّثنا الوليد، قال: أخبرني شيخ، عن جابر، عن أبي جعفر [عليه السلام] قال: فيبلغ أهل المدينة، فيخرج الجيش إليهم، فيهرب منها من كان من آل محمّد (صلّى الله عليه [وآله]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(155) كذا ويمكن أن يقرأ«عامئذ».
(156) (7)- الفتن: ج 5 ص 175 ب أول انتقاض أمر السفياني وخروج الهاشمي، عقد الدرر:
ص 66 ب 4 ف 1 إلّا أنّه قال: «والكبير والصغير».

(٨٩)

وسلّم) إلى مكّة، يحمل الشديد الضعيف، والكبير الضعيف، فيدركون نفسا من آل محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) فيذبحونه عند أحجار الزيت.
1032-(157)- الفتن: حدّثنا ابن وهب، عن يزيد بن عياض، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن موسى، عن عبد الله بن صفوان، عن حفصة زوج النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) تقول: يأتي جيش من قبل المغرب يريدون هذا البيت، حتّى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم، فيرجع من كان أمامهم لينظر ما فعل القوم فيصيبهم ما أصابهم، ويلحق بهم من خلفهم لينظر ما فعلوه فيصيبهم ما أصابهم، فمن كان منهم مستكرها أصابهم ما أصابهم، ثمّ يبعث الله تعالى كلّ امرئ على نيّته.
1033-(158)- الفتن: حدّثنا رشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(157) (8) الفتن: ج 5 ص 176 ب أول...؛ سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1350- 1351 ب 30«ب جيش البيداء» من كتاب الفتن نحوه.
(158) (9)- الفتن: ج 5 ص 177 ب أول...؛ المسند للحميدي: ج 1 ص 137 ح 286 نحوه؛ صحيح مسلم: في باب الخسف بالجيش الذي يؤمّ البيت من كتاب الفتن وأشراط الساعة ج 8 ص 167 بسنده عن حفصة... نحوه.
وروى نحوه بسنده عن عائشة وأمّ سلمة، وذكر في ذيل حديث أمّ سلمة أنّ أبا جعفر قال: هي بيداء المدينة.
وفي حديث آخر بسند آخر عن عبد العزيز بن رفيع بسنده عن أمّ سلمة، قال: «وفي حديثه: فلقيت أبا جعفر فقلت: إنّما قالت: ببيداء من الأرض، فقال أبو جعفر: كلا واللّه، إنّها لبيداء المدينة».
أقول: قال النووي: «قال العلماء: البيداء كلّ أرض ملساء لا شيء بها، وبيداء المدينة الشرف الذي قدّام ذي الحليفة، أي الى جهة مكّة». وقال ابن الاثير في النهاية، ج 1 ص 171 في مادة(بيد): «البيداء: المفازة التي لا شيء فيها، وقد تكرّر ذكرها في الحديث، وهي هاهنا اسم موضع مخصوص بين مكّة والمدينة، وأكثر ما ترد ويراد بها هذه، ومنه الحديث: إنّ قوما يغزون البيت... الحديث».
عقد الدرر: ص 67- 68، ب 4 ف 2. وليعلم أنّ هذا الفصل، أي الفصل الثاني من الباب الرابع من عقد الدرر، عقد في الخسف بالبيداء وحديث السفياني، قد اخرج فيه من جماعة من أرباب الصحاح والسنن وغيرهم أخبار كثيرة جدّا، من ص 67 الى ص 99.

(٩٠)

زرعة، عن محمّد بن عليّ [عليه السلام] قال: سيكون عائذ بمكّة يبعث إليه سبعون ألفا عليهم رجل من قيس، حتّى إذا بلغوا الثنيّة دخل آخرهم ولم يخرج منها أوّلهم، نادى جبريل: [يا] بيداء يا بيداء يا بيدا! يسمع مشارقها ومغاربها، خذيهم فلا خير فيهم، فلا يظهر على هلاكهم إلّا راعي غنم في الجبل ينظر إليهم حين ساخوا فيخبر بهم، فإذا سمع العائذ بهم خرج.
1034-(159)- الفتن: حدّثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يبعث إلى مكّة جيش من الشام، حتّى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم.
1035-(160)- الفتن: حدّثنا رشدين، عن ابن لهيعة، عن عبد العزيز بن صالح، عن علي بن رباح، عن ابن مسعود، قال: يبعث جيش إلى المدينة فيخسف بهم بين الحمّاوين، ويقتل النفس الزكية.
1036-(161)- الفتن: حدّثنا الوليد، عن شيخ، عن جابر، عن أبي جعفر [عليه السلام] قال: يخسف بهم، فلا ينجو منهم إلّا رجلان من كلب، اسمهما وبر وو بير، تقلّب وجوههما في أقفيتهما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(159) (10)- الفتن: ج 5 ص 177؛ الملاحم والفتن: ص 75 ب 164.
(160) (11)- الفتن: ج 5 ص 177 ب أول...؛ الملاحم والفتن: ص 76 ب 166.
(161) (12)- الفتن: ج 5 ص 177 ب أول...، وأيضا أخرجه في ص 178.

(٩١)

1037-(162)- الفتن: حدّثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي رضي الله عنه [عليه السلام] قال: إذا نزل جيش في طلب الّذين خرجوا إلى مكّة فنزلوا البيداء خسف بهم ويناديهم، وهو قوله (عزّ وجلّ): (ولَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ)(163) من تحت أقدامهم، ويخرج رجل من الجيش في طلب ناقة له، ثمّ يرجع إلى الناس فلا يجد منهم أحدا ولا يحسّ بهم، وهو الّذي يحدّث الناس بخبرهم.
1038-(164)- الفتن: حدّثنا سعيد أبو عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر [عليه السلام] قال: إذا بلغ السفياني قتل النفس الزكيّة، وهو الذي كتب عليه، فهرب عامّة المسلمين من حرم رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) إلى حرم الله تعالى بمكّة، فإذا أبلغه ذلك بعث جندا إلى المدينة عليهم رجل من كلب، حتّى إذا بلغوا البيداء خسف بهم وينفلت أميرهم.
1039-(165)- الفتن: حدّثنا عبد الله بن مروان، عن الهيثم بن عبد الرحمن، قال: حدّثني من سمع عليّا رضي الله عنه [عليه السلام] يقول: إذا بعث السفياني إلى المهدي جيشا فخسف بهم بالبيداء، وبلغ ذلك أهل الشام، قالوا لخليفتهم: قد خرج المهديّ فبايعه وادخل في طاعته وإلّا قتلناك، فيرسل إليه بالبيعة، ويسير المهدي حتّى ينزل بيت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(162) (13)- الفتن: ج 5 ص 177؛ الملاحم والفتن: ص 75 ب 165.
(163) (1) سبأ: 34.
(164) (14)- الفتن: ج 5 ص 178 ب أول....
(165) (15)- الفتن: ج 5 ص 187 ب آخر...؛ كنز العمّال: ج 14 ص 589 ح 39669؛ البرهان: ص 124 ف 2 ح 33.

(٩٢)

المقدس، وتنقل إليه الخزائن، وتدخل العرب والعجم وأهل الحرب والروم وغيرهم في طاعته من غير قتال... الحديث.
1040-(166)- الروضة من الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزّاز، عن عمر بن حنظلة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة، والسفياني، والخسف، وقتل النفس الزكيّة، واليماني، فقلت: جعلت فداك، إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أ نخرج معه؟ قال: لا، فلمّا كان من الغد تلوت هذه الآية: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)(167)، فقلت له: أ هي الصيحة؟ فقال: أما لو كانت، خضعت أعناق أعداء الله (عزّ وجلّ).
1041-(168)- غيبة النعماني: أخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن عبد الله بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد بن خالد، عن الحسن بن المبارك، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(166) (16)- الروضة من الكافي: ج 8 ص 310 ح 483؛ كمال الدين: بسنده عن عمر بن حنظلة ج 2 ص 650 ب 57 ح 7 نحوه وذكر: «قبل قيام القائم خمس علامات محتومات»؛ غيبة الشيخ: ص 436- 437 ح 427 بسنده عن ابن حنظلة؛ ينابيع المودّة: ص 426 ب 71؛ المحجّة: ص 156 الآية 60؛ غيبة النعماني: ص 252 ب 14 ح 9 نحوه؛ البحار: ج 52 ص 204 ب 25 ح 34 وص 209 ح 49؛ البرهان: ص 114 ب 4 ف 2 ح 10؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 397 ب 34 ف 4 ح 24 مع تقديم وتأخير في ألفاظ الحديث.
(167) الشعراء: 4.
(168) (17) غيبة النعماني: ص 304- 305 ب 18 ح 14؛ المحجّة: ص 177 الآية 99؛ ينابيع المودة: ص 427 ب 71 مختصرا.

(٩٣)

الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: المهدي أقبل، جعد، بخدّه خال، يكون مبدؤه من قبل المشرق، وإذا كان ذلك خرج السفياني، فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر، يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلّا طوائف من المقيمين على الحقّ، يعصمهم الله من الخروج معه، ويأتي المدينة بجيش جرّار، حتّى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به، وذلك قول الله (عزّ وجلّ) في كتابه: (ولَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ)(169).
1042-(170)- كمال الدين: وبهذا الإسناد (يعني: محمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان)، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي أيّوب، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الصيحة الّتي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان.
1043-(171)- ينابيع المودّة: لمّا استشار زيد بن عليّ أخاه محمّدا الباقر- رضي الله عنهم- في الخروج نهاه، وقال: أخشى أن تكون المقتول المصلوب بظهر الكوفة، أ ما علمت أنّه لا يخرج أحد من ولد فاطمة قبل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(169) سبأ: 51.
(170) (18)- كمال الدين: ج 2 ص 652 ب 57 ح 16؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 396 ب 34 ف 4 ح 23.
(171) (19)- ينابيع المودّة: ص 440 ب 75؛ نور الأبصار: ص 127 فصل مناقب سيّدنا علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)؛ اسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار: ص 209 وتمام حديث هذه الاستشارة يطلب من الخرائج: ج 3 ص 281 ح 13 في معجزات الإمام الباقر (عليه السلام) ومن كشف الغمّة: ج 2 ص 144؛ إثبات الهداة: ج 5 ص 294- 295 ب 19 ح 43 مختصرا؛ البحار: ج 46 ص 185 ب 11 ح 51؛ الفصول المهمّة: ص 218- 219.

(٩٤)

خروج السفياني إلّا قتل، وبعده يخرج قائمنا المهدي.
ولمّا خرج زيد قتل وصلب بالكوفة كما قال أخوه.
1044-(172)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثني علي بن الحسن، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن غير واحد من أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: قلنا له: السفياني من المحتوم؟ فقال: نعم، وقتل النفس الزكيّة من المحتوم، والقائم من المحتوم، وخسف البيداء من المحتوم، وكفّ تطلع من السماء من المحتوم، والنداء من السماء من المحتوم، فقلت: وأيّ شيء يكون النداء؟ فقال: مناد ينادي باسم القائم واسم أبيه [عليه السلام].
1045-(173)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بإسناده عن هارون بن مسلم، عن أبي خالد القمّاط، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: من المحتوم الّذي لا بدّ أن يكون من قبل قيام القائم: خروج السفياني، وخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكيّة، والمنادي من السماء.
1046-(174)- المستدرك: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يخرج رجل يقال له: السفياني في عمق دمشق، وعامّة من يتبعه من كلب، فيقتل حتّى يبقر بطون النساء، ويقتل الصبيان، فتجمع لهم قيس فيقتلها حتّى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرّة، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جندا من جنده

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(172) (20)- غيبة النعماني: ص 257 ب 14 ح 15.
(173) (21)- غيبة النعماني: ص 264 ب 14 ح 26.
(174) (22)- المستدرك: ج 4 ص 520؛ الدرّ المنثور: ج 5 ص 241؛ البرهان: ص 113- 114 ف 2 ح 9.

(٩٥)

فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتّى إذا صاروا ببيداء من الأرض خسف بهم، ولا ينجو منهم إلّا المخبر عنهم.
1047-(175)- الكشّاف: عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما-: نزلت (يعني هذه الآية: (ولَوْ تَرى...)(176)) في خسف البيداء، وذلك أنّ ثمانين ألفا يغزون الكعبة ليخرّبوها، فإذا دخلوا البيداء خسف بهم.
1048-(177)- الإرشاد: سيف بن عميرة، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خروج الثلاثة: السفياني والخراساني واليماني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، وليس فيها راية أهدى من راية اليماني، لأنّه يدعو إلى الحقّ.
1049-(178)- الإرشاد: ثعلبة بن ميمون، عن شعيب الحدّاد، عن صالح بن ميثم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: ليس بين قيام القائم وقتل النفس الزكيّة أكثر من خمس عشرة ليلة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(175) (23)- الكشّاف: ج 3 ص 592- 593 تفسير الآية 51 من سورة سبأ.
اعلم أنّ الأحاديث والآثار عن الصحابة والصحابيّات والتابعين وتابعي التابعين في خسف البيداء والسفياني كثيرة جدا، تركنا إخراج طائفة كثيرة منها لئلا يطول الكلام، فمن شاء فليراجع تفاسير الفريقين، العامّة والخاصّة، مثل: مجمع البيان، ونور الثقلين، والتبيان، والبرهان، والصافي، وتفسير أبي الفتوح، والدرّ المنثور، والطبري، والقرطبي، وروح المعاني، وروح البيان، وغيرها، وفيها البشارة بظهور المهدي (عليه السلام)، وتفاصيل أمر السفياني والخسف.
(176) سبأ: 51.
(177) (24) الإرشاد: ص 387 ب ذكر علامات قيام القائم (عليه السلام)؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 728 ب 34 ف 6 ح 57 وجاء فيه: «يهدي إلى الحقّ» بدل«يدعو إلى الحقّ».
(178) (25)- الإرشاد: ص 387 ب ذكر علامات قيام القائم؛ كمال الدين: ج 2 ص 649 ب 57 ح 2.

(٩٦)

1050-(179)- الفتن: حدّثنا الوليد، عن ليث بن سعد، عن عبّاس بن عبّاس، عمّن حدّثه، عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه [عليه السلام]- قال: يهرب ناس من المدينة إلى مكّة حين يبلغهم جيش السفياني، منهم ثلاثة نفر من قريش منظور إليهم.
1051-(180)- كمال الدين: بهذا الإسناد (يعني: محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن الحسين بن الحسن بن أبان)، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عيسى بن أعين، عن المعلّى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّ أمر السفياني من الأمر المحتوم، وخروجه في رجب.
1052-(181)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عمّي محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن محمّد بن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال أبي (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، وهو رجل ربعة، وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر جدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان، وأبوه عنبسة، وهو من ولد أبي سفيان، حتّى يأتي أرضا ذات قرار ومعين فيستوي على منبرها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(179) (26)- الفتن: ج 5 ص 173 باب بعثه الجيوش الى المدينة...؛ عقد الدرر: ص 66 ب 14؛ بشارة الإسلام: ص 76 ب 2.
(180) (27)- كمال الدين: ج 2 ص 650 ب 57 ح 5.
(181) (28)- كمال الدين: ج 2 ص 651 ب 57 ح 9؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 721 ب 34 ف 4 ح 26 وجاء فيه: «خشن الوجه» بدل«وحش الوجه».
أقول: قال في معجم البلدان ج 8 ص 490: «اليابس: بلفظ ضدّ الرطب، وادي اليابس نسب الى رجل، قيل: منه يخرج السفياني في آخر الزمان».

(٩٧)

1053-(182)- كمال الدين: حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن- رضي الله عنهما- قالا: حدّثنا محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمّد بن علي الكوفي، قال: حدّثنا الحسين بن سفيان، عن قتيبة بن محمّد، عن عبد الله بن أبي منصور البجلي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اسم السفياني، فقال: وما تصنع باسمه؟ إذا ملك كور الشام الخمس: دمشق، وحمص، وفلسطين، والأردن، وقنّسرين، فتوقّعوا عند ذلك الفرج، قلت: يملك تسعة أشهر؟ قال: لا، ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوما.
1054-(183)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد، قال: قال لي أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): إنّك لو رأيت السفياني لرأيت أخبث الناس، أشقر، أحمر، أزرق، يقول: يا ربّ ثاري ثاري ثمّ النار، وقد بلغ من خبثه أنّه يدفن أمّ ولد له وهي حيّة مخافة أن تدلّ عليه.
1055-(184)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(182) (29)- كمال الدين: ج 2 ص 651- 652 ب 57 ح 11؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 721- 722 ب 34 ح 28.
(183) (30)- كمال الدين: ج 2 ص 651 ب 57 ح 10؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 721 ب 34 ح 27 مختصرا.
(184) (31)- كمال الدين: ج 2 ص 652 ب 57 ح 14؛ غيبة الشيخ: ص 435 ح 425 نحوه وأضاف: «والنداء من المحتوم وطلوع الشمس من المغرب من المحتوم وأشياء كان يقولها من المحتوم»؛ الإرشاد: ص 386 نحوه؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 722 ب 34 ف 4 ح 31.

(٩٨)

أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّ أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: إنّ خروج السفياني من الأمر المحتوم، قال [لي]: نعم، واختلاف ولد العبّاس من المحتوم، وقتل النفس الزكيّة من المحتوم، وخروج القائم (عليه السلام) من المحتوم، فقلت له: كيف يكون [ذلك] النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أوّل النهار: ألا إنّ الحقّ في عليّ وشيعته، ثمّ ينادي إبليس- لعنه الله- في آخر النهار: ألا إنّ الحقّ في السفيانيّ وشيعته، فيرتاب عند ذلك المبطلون.
1056-(185)- الفتن: حدّثنا سعيد بن عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر [عليه السلام] قال: يملك السفياني حمل امرأة.
1057-(186)- الفتن: حدّثنا سعيد بن عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر [عليه السلام] قال: هو أخوص العين.
1058-(187)- الفتن: حدّثنا عبد القدّوس وغيره، عن ابن عيّاش، عمّن حدّثه، عن محمّد بن جعفر، عن عليّ [عليه السلام] قال:
السفياني من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجل ضخم الهامة، بوجهه آثار جدري، بعينه نكتة بياض، يخرج من ناحية مدينة دمشق في واد يقال له: الوادي اليابس، يخرج في سبعة نفر، مع رجل منهم لواء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(185) (32)- الفتن: ج 4 ص 146 ب صفة السفياني واسمه ونسبه.
(186) (33)- الفتن: ج 4 ص 146 ب صفة السفياني واسمه ونسبه.
(187) (34)- الفتن: ج 4 ص 147 ب صفة السفياني واسمه ونسبه؛ عقد الدّرر: ص 72- 73 ب 4 ف 2 عن امير المؤمنين علي (عليه السلام). وروى نحوه أيضا في الفتن ص 149 ب بدو خروج السفياني عن علي (عليه السلام)، إلّا أنّه قال: «من ولد خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان».

(٩٩)

معقود، يعرفون في لوائه، النصر يسير بين يديه على ثلاثين ميلا، لا يرى ذلك العلم أحد يريده إلّا انهزم.
1059-(188)- الروضة من الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمّد بن علي الحلبي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اختلاف بني العبّاس من المحتوم، والنداء من المحتوم، وخروج القائم من المحتوم، قلت: وكيف النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أوّل النهار: ألا إنّ عليا وشيعته هم الفائزون، قال: وينادي مناد [في] آخر النهار: ألا إنّ عثمان وشيعته هم الفائزون.
1060-(189)- إثبات الوصية: عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا يكون ما ترجون حتّى يخطب السفياني على أعوادها، فإذا كان ذلك انحدر عليكم قائم آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من قبل الحجاز.
1061-(190)- غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم قال: حدّثنا عبيس بن هشام، عن عبد الله بن جبلة، عن محمّد بن سليمان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام) أنّه قال: السفياني والقائم في سنة واحدة.
1062-(191)- معاني الأخبار: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رحمه الله- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار وأحمد بن إدريس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(188) (35)- الروضة من الكافي: ج 8 ص 310 ح 484.
(189) (36)- إثبات الوصية: ص 252 ب قيام صاحب الزمان وهو الخلف الزكي.
(190) (37)- غيبة النعماني: ص 267 ب 14 ح 36.
(191) (38)- معاني الأخبار: ص 346؛ البحار: ج 52 ص 190 ب 25 علامات ظهوره... ح 18.

(١٠٠)

جميعا، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن السيّاري، عن الحكم بن سالم، عمّن حدّثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله، قلنا: صدق الله، وقالوا: كذب الله، قاتل أبو سفيان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وقاتل معاوية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي (عليهما السلام)، والسفياني يقاتل القائم (عليه السلام).
1063-(192)- البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: السفياني من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجل ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، بعينه نكتة بياض، يخرج من ناحية مدينة دمشق، وعامّة من يتبعه من كلب، فيقتل حتّى يبقر بطون النساء، ويقتل الصبيان، فيجتمع لهم قيس فيقتلها، حتى لا يمنع ذنب قلعه، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرم، فيبلغ السفياني فيبعث إليه جندا من جنده فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه حتّى إذا جاوز ببيداء من الأرض خسف بهم، فلا ينجو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(192) (39)- البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ب 4 ف 2 ح 15. أخرجنا هذا الحديث من النسخة المخطوطة التي تاريخ كتابتها سنة(979 ه)، وهي محفوظة في دار كتب جامع سيّدنا الاستاذ مولانا البروجردي- تغمده الله برحمته ورضوانه- ولم نخرجه من المطبوعة، لأنّ محقّقها أورد هذا الحديث والحديث الآخر على ما ظهر له من المستدرك وغيره من الكتب، لأنّه يرى بزعمه أنّ بين الحديثين خلطا فاعتمد على اجتهاده، وهذا سبيل لا ينبغي سلوكه في الأحاديث، بل يجب الاعتماد على ما بأيدينا من النسخ في استنساخ الأحاديث، فإن ظهر لنا شيء نذكره في حاشية الكتاب، فلا يجوز إدخاله في المتن وتحريف الأصل. واللّه من وراء القصد؛ كنز العمّال: ج 14 ص 272 ح 38698 نحوه مع اختلاف يسير، وفيه«ذنب تلعة».

(١٠١)

منهم إلّا المخبر عنهم.
أخرجه أبو عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم ولم يخرّجاه.
1064-(193)- الفتن: حدّثنا ابن عمر، عن ابن لهيعة، قال: حدّثني عبد الوهاب بن حسين، عن محمّد بن ثابت البناني، عن أبيه، عن الحارث الهمداني، عن ابن مسعود- رضي الله عنه-، عن النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: إذا كانت صيحة في رمضان، فإنّه تكون معمعة في شوّال، وتمييز القبائل في ذي القعدة، وسفك الدماء في ذي الحجّة، والمحرّم، وما المحرّم؟ يقولها ثلاثا، هيهات هيهات، يقتل الناس فيه هرجا هرجا، قال: قلنا: وما الصّيحة يا رسول الله؟ قال: هدّة في النصف من رمضان، ليلة الجمعة، فتكون هدّة توقظ النائم، وتقعد القائم، وتخرج العواتق من خدورهنّ، في ليلة جمعة، في سنة كثيرة الزلازل، فإذا صلّيتم الفجر من يوم الجمعة فادخلوا بيوتكم، وأغلقوا أبوابكم، وسدّوا كواكم، ودثّروا أنفسكم، وسدّوا آذانكم، فإذا أحسستم بالصيحة فخرّوا للّه سجّدا، وقولوا: سبحان القدّوس، سبحان القدّوس، ربّنا القدّوس، فإنّه من فعل ذلك نجا، ومن لم يفعل ذلك هلك.
ويدلّ عليه أيضا الاحاديث: 327، 603، 645، 900، 903، 910، 936، 959، 960، 969، 970، 983، 1001، 1002، 1004، 1009، 1022، 1104، 1105، 1111، 1116، 1136، 1139

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(193) (40)- الفتن: ج 3 ص 118 ب ما يذكر من علامات من السماء...؛ عقد الدرر: ص 103 ب 4 ف 3؛ كنز العمّال: ج 14 ص 569- 570 ح 39627 نحوه مع زيادة يسيرة..

(١٠٢)

الفصل السابع: في خروج الدجّال (194) وفيه 26 حديثا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(194) قال المدابغي في حاشية الفتح المبين(ص 75): واسمه: صاف، وكنيته: أبو يوسف، وهو يهودي، انتهى. شرح الأعلام لشيخ الإسلام: ويقال له المسيح- بالحاء المهملة- على المعروف، بل الصواب كما في المجموع، لقّب به لأنّه يمسح الأرض كلّها، أي يطأها إلّا مكّة والمدينة، وبالخاء المعجمة لأنّه ممسوخ العين، انتهى. شويري: وسأل الحافظ المقرئ أبو عمرو الداني أبا الحسن القابسي: كيف تقرأ المسيح الدجّال؟ فقال: بفتح الميم وتخفيف السين، أي وبالحاء المهملة، مثل المسيح عيسى بن مريم؛ لأنّ عيسى (عليه السلام) مسح بالبركة، وهذا مسحت عينه، انتهى. تذكرة القرطبي: والدجّال من الدجل، وهو التغطية؛ لأنّه يغطّي الأرض بجموعه، والحقّ بأباطيله، وفتنته أعظم فتن الدنيا، ولهذا استعاذ النبي صلّى الله عليه وسلّم منها، انتهى ما أردنا نقله من كلام المدابغي، وذكر هنا أوصافه وفتنة الناس به، وقال: جاء: من حفظ عشر آيات من سورة الكهف عصم من الدجّال، وفي رواية: من آخر الكهف.
وقال في النهاية: وقد تكرّر ذكر الدجّال في الحديث، وهو الذي يظهر في آخر الزمان، يدّعي الالهيّة، و«فعّال» من أبنية المبالغة، أي يكثر منه الكذب والتلبيس.
وقال في كتاب البرهان على وجود صاحب الزمان: قد اتّفق علماء الإسلام- إلّا من شذّ- على خروج شخص كافر في آخر الزمان، يسمّى الدجّال، وجاءت بذلك الروايات والأخبار الكثيرة، وهو من أشراط الساعة. وقال القاضي عياض فيما حكاه عنه النووي في شرح صحيح مسلم: إنّ ذلك مذهب أهل السنّة، وجميع المحدّثين، والفقهاء والنظّار، ثم حكى القاضي إنكاره عن الخوارج والجهميّة وبعض المعتزلة، وحكى أيضا عن الجبائي من المعتزلة وموافقيه من الجهميّة وغيرهم أنّه صحيح الوجود، ولكن ما يدّعيه مخاريق وخيالات لا حقيقة لها، وروى مسلم في صحيحه أخبارا كثيرة في صفته، وفعله، وكيفيّة خروجه، انتهى كلام صاحب البرهان.

(١٠٣)

1065-(195)- الفتن: قال أيّوب: وحدّثنا حميد بن هلال، عن بعض أشياخهم، عن هشام بن عامر، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول: ما بين خلق آدم (عليه السلام) إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجّال.
1066-(196)- صحيح مسلم: حدّثنا أبو خيثمة زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم، وابن أبي عمر المكّي (واللفظ لزهير)، قال إسحاق: أخبرنا. وقال الآخران: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن فرات القزّاز، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: اطّلع النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) علينا ونحن نتذاكر، فقال: ما تذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعة، قال: إنّها لن تقوم حتّى ترون قبلها عشر آيات، فذكر الدخان، والدجّال، والدّابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(195) (1)- الفتن: ج 7 ص 284 ب ما يقدّم الى الناس في خروج الدجّال؛ صحيح مسلم: ج 8 ص 207؛ مصابيح السنّة: ج 2 ص 195؛ نهاية البداية والنهاية: ج 1 ص 129- 130 ولفظ بعض طرقه: «إلى ان تقوم الساعة فتنة أكبر»؛ مختصر صحيح مسلم: ص 548 ح 2058 وفيه: «خلق أكبر»؛ المسند: ج 4 ص 19 ح 3؛ البيان في أخبار صاحب الزمان: ص 154؛ منتخب كنز العمّال حاشية مسند أحمد: ج 6 ص 43.
(196) (2)- صحيح مسلم: باب في الآيات التي تكون قبل الساعة الحديث الأول، ونحوه الحديث الثاني والثالث والرابع عن أبي سريحة حذيفة ج 8 ص 179- 180؛ المسند: ج 4 ص 6- 7 ح 4 عن سفيان عن فرات، وعن شعبة عن فرات، وأيضا عن سفيان عن فرات مع اختلاف في بعض الألفاظ.

(١٠٤)

1067-(197)- صحيح مسلم: حدّثنا محمّد بن المثنّى ومحمّد بن بشّار، قالا: حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): ما من نبيّ إلّا وقد أنذر امّته الأعور الكذّاب، ألا إنّه أعور، وإنّ ربّكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه ك ف ر.
1068-(198)- كنز العمّال: لا يخرج الدجّال حتّى [لا] يكون شيء أحبّ إلى المؤمن من خروج نفسه.
1069-(199)- مجمع الزوائد: (عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم):) لا يخرج الدجّال حتّى يذهل الناس عن ذكره، وحتّى تترك الأئمّة ذكره على المنابر.
1070-(200)- الفتن: ابن وهب، عن يزيد بن عياض، عن سعيد بن عبيد بن السباق، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يكون قبل خروج المسيح الدجّال سنوات خدعة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(197) (3)- صحيح مسلم: باب ذكر الدجال وصفته وما معه ح 3، ونحوه الحديث الرابع عن أنس ولفظه: «الدجّال مكتوب بين عينيه: ك ف ر، أي كافر»، والحديث الخامس أيضا عن أنس ولفظه: «الدجّال ممسوح العين، مكتوب بين عينيه كافر، ثمّ تهجّاها ك ف ر، يقرأه كل مسلم» ج 8 ص 195؛ كنز العمّال: ج 14 ص 303- 304 ح 38770 وأخرج الحديث الخامس في ص 299 ح 38747؛ الفتن: ب ما يقدّم الى الناس في خروج الدجّال ص 285.
(198) (4)- كنز العمّال: ج 14 ص 323 ح 38816 عن ابن مسعود؛ منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد: ج 6 ص 49.
(199) (5)- مجمع الزوائد: ج 7 ص 335 قال: رواه عبد الله بن أحمد من رواية بقيّة بن صفوان بن عمر وهي صحيحة كما قال ابن معين وبقيّة رجاله ثقات؛ كنز العمّال: ج 14 ص 323 ح 38817.
(200) (6)- الفتن: ج 7 ب العلامات قبل خروج الدجّال ص 287.

(١٠٥)

يكذّب فيها الصادق، ويصدّق فيها الكاذب، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، ويتكلّم الرويبضة الوضيع من الناس.
1071-(201)- الفتن: حدّثنا ضمرة، حدّثنا عبد الله بن شوذب، عن أبي التياح، عن خالد بن سبيع، عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول: يخرج الدجّال ثمّ عيسى بن مريم (عليه السلام).
1072-(202)- الفتن: عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- عن النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يتبع الدجّال من أمّتي سبعون ألفا عليهم التيجان.
1073-(203)- ميزان الاعتدال: أخرج عن زيد بن وهب، عن حذيفة: إن خرج الدجّال تبعه من كان يحبّ عثمان.
1074-(204)- المسند: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال: ذكر الدجّال عند رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) فقال: لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجّال، ولن ينجو أحد ممّا قبلها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(201) (7)- الفتن: ج 7 ب خروج الدجّال وسيرته وما يجري على يديه من الفساد ص 292.
(202) (8)- الفتن: ج 7 ب خروج الدجّال وسيرته ص 303؛ منتخب كنز العمّال في حاشية مسند أحمد: ج 6 ص 40 في حديث طويل.
(203) (9)- ميزان الاعتدال: ج 1 ص 265 حرف الزاي ترجمة زيد بن وهب 2979 وردّ على الفسوي استدلاله على ضعف حديث زيد بروايته هذا الحديث، وقال: «فهذا الذي استنكره الفسوي من حديثه ما سبق إليه، ولو فتحنا هذه الوساوس علينا لرددنا كثيرا من السنن الثابتة بالوهم الفاسد» وقال فيه: «من أجلّة التابعين وثقاتهم، متفق على الاحتجاج به، سيد جليل القدر».
(204) (10)- المسند: ج 5 ص 389؛ مجمع الزوائد: ج 7 ص 335 قال: «رواه أحمد والبزّار ورجاله رجال الصحيح».

(١٠٦)

إلّا نجا منها، وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا، صغيرة ولا كبير[ة]، إلّا لفتنة الدجّال.
1075-(205)- مجمع الزوائد: عن سهل بن حنيف، أنّه كان بين سلمان الفارسي وبين إنسان منازعة، فقال سلمان: اللهمّ إن كان كاذبا فلا تمته حتّى يدركه أحد الثلاثة، فلمّا سكن عنه الغضب قلت: يا أبا عبد الله! ما الّذي دعوت به على هذا؟ قال: اخبرك، فتنة الدجّال، وفتنة أمير كفتنة الدجّال، وشحّ شحيح يلقى على الناس، إذا أصاب الرجل المال لا يبالي ممّا أصابه.
1076-(206)- المسند: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، قال: قرأت على عبد الرحمن، عن مالك، عن أبي الزبير المكّي، عن طاوس اليماني، عن عبد الله بن عبّاس: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) كان يعلّمهم الدعاء كما يعلّمهم السورة من القرآن، يقول: قولوا: اللهم إنّي أعوذ بك من عذاب جهنّم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجّال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(205) (11)- مجمع الزوائد: ج 7 ص 336 قال: «رواه الطبراني، وفيه كثير بن زيد الأسلمي وثّقه ابن معين وجماعة وضعّفه النسائي وجماعة».
(206) (12)- المسند: ج 1 ص 242 وبسند آخر ص 298 قال: «كان يعلّمهم هذا الدعاء» وفي ص 311 وفيه: «وفتنة الممات»؛ صحيح مسلم: ب ما يستعاذ منه في الصلاة ص 94 ك الصلاة: بسنده عن طاوس عن ابن عباس... مثله إلّا أنّه قال: «يعلّمهم هذا الدعاء»، وقال: «اللّهم إنّا نعوذ بك»، وفيه: «قال مسلم بن الحجّاج: بلغني أنّ طاوسا قال لابنه: أدعوت بها في صلاتك؟ فقال: لا، قال: أعد صلاتك؛ لأن طاوسا رواه عن ثلاثة أو أربعة أو كما قال انتهى»، والظاهر من طاوس أنّه كان يرى وجوب الدعاء في الصلاة بهذه الدعوات الأربع، وجزم ابن حزم الظاهري بفرضيّة قراءة هذا التعوّذ بعد الفراغ من التشهّد كما في كتابه المحلّى: ج 3 ص 27.
ونحوه هذه الأحاديث في المسند ومسلم وغيرهما كثيرة جدّا.

(١٠٧)

1077-(207)- المسند: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا يحيى بن إسحاق، أنا ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، أخبرني أبو تميم الجيشاني، قال: أخبرني أبو ذرّ، قال: كنت أمشي مع رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) فقال: لغير الدجّال أخوفني على أمّتي، قالها ثلاثا، قال: قلت: يا رسول الله! ما هذا الذي غير الدجّال أخوفك على امتك؟ قال: ائمّة مضلّين.
1078-(208)- سنن الترمذي: حدّثنا عبد الله بن معاوية الجمحي، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن خالد الحذّاء، عن عبد الله بن شفيق، عن عبد الله بن سراقة، عن أبي عبيدة بن الجرّاح، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول: إنّه لم يكن نبيّ بعد نوح إلّا قد أنذر الدجّال قومه، وإني انذركموه، فوصفه لنا رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) فقال: لعلّه سيدركه بعض من رآني أو سمع كلامي، قالوا: يا رسول الله! فكيف قلوبنا يومئذ؟ قال: مثلها- يعني: اليوم- أو خير.
1079-(209)- سنن الترمذي: حدّثنا عبد بن حميد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: قام رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثمّ ذكر الدجّال فقال: إنّي لأنذركموه، وما من نبيّ إلّا وقد أنذر قومه، ولقد أنذره نوح قومه، ولكنّي سأقول لكم فيه قولا لم يقله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(207) (13)- المسند: ج 5 ص 145، وبسند آخر ذكره بعد هذا الحديث: «قال أبو تميم: سمعت أبا ذر يقول: كنت مخاصر النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يوما الى منزله، فسمعته يقول: غير الدجّال أخوف على أمّتي من الدجّال، فلمّا خشيت أن يدخل قلت:
يا رسول الله! أيّ شيء أخوف على أمّتك من الدجال؟ قال: الأئمّة المضلّين».
(208) (14)- سنن الترمذي: ج 4 ص 507 ب 55 ما جاء في الدجّال ح 2234.
(209) (15)- سنن الترمذي: ج 4 ص 508 ب 56 ما جاء في علامة الدجّال ح 2235.

(١٠٨)

نبيّ لقومه: تعلمون أنّه أعور، وأنّ الله ليس بأعور؟
قال الزهري: وأخبرني عمر بن ثابت الأنصاري أنّه أخبره بعض أصحاب النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، أنّ النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال يومئذ للناس وهو يحذّرهم فتنته: تعلمون أنّه لن يرى أحد منكم ربّه حتّى يموت، وأنّه مكتوب بين عينيه: ك ف ر، يقرأه من كره عمله.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
1080-(210)- المسند: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا أبو الوليد، حدّثنا عبيد الله بن أياد بن لقيط، حدّثنا أياد، عن عبد الرحمن بن نعم أو نعيم الأعرجي- شكّ أبو الوليد- قال: سأل رجل ابن عمر عن المتعة وأنا عنده، متعة النساء، فقال: واللّه ما كنّا على عهد رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) زانين ولا مسافحين، ثمّ قال: واللّه لقد سمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول: ليكوننّ قبل يوم القيامة المسيح الدجّال، وكذّابون ثلاثون أو أكثر.
1081-(211)- تفسير علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: (إِنَّ الله قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) وسيريكم في آخر الزمان آيات، منها: دابّة في الأرض، والدجّال، ونزول عيسى بن مريم (عليه السلام)، وطلوع الشمس من مغربها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(210) (16)- المسند: ج 2 ص 95 وفي ص 104 نحوه، ويظهر منه أنّ ابن عمر كان رادّا على أبيه تحريمه متعة النساء.
(211) (17)- تفسير على بن ابراهيم: ج 1 ص 198؛ تفسير الصافي: ج 2 ص 118 تفسير الآية 37 من سورة الأنعام؛ تفسير نور الثقلين: تفسير سورة الانعام الآية 37 ج 1 ص 714 ح 64؛ البحار: ج 52 ص 181 ب علامات الظهور ب 25 ح 4.

(١٠٩)

1082-(212)- المحاسن: أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمّد بن علي، عن المفضّل بن صالح الأسدي، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهوديا، قيل: يا رسول الله وإن شهد الشهادتين؟ قال: نعم، إنّما احتجب بهاتين الكلمتين عن سفك دمه أو يؤدّي الجزية وهو صاغر، ثمّ قال: من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهوديّا، قيل: وكيف يا رسول الله؟ قال: إن أدرك الدجّال آمن به.
1083-(213)- غيبة الشيخ: قال: (وبهذا الإسناد) عن ابن فضّال، عن حمّاد، عن الحسين بن المختار، عن أبي نصر، عن عامر بن واثلة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): عشر قبل الساعة لا بدّ منها: السفياني، والدجّال، والدخان، والدابّة، وخروج القائم، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر.
1084-(214)- الأمالي الخميسيّة: وبه (يعني: بالإسناد المذكور في أوّل الكتاب) قال: أخبرنا أبو القاسم سعيد بن وهب بن أحمد بن سليمان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(212) (18)- المحاسن: ج 1 ص 90 ب 16 ح 39؛ البحار: ج 52 ص 192 ب 25 علامات ظهوره... ح 25.
(213) (19)- غيبة الشيخ: علامات الظهور ص 436 ح 426؛ البحار: ج 52 ص 209 ب 25 علامات ظهوره... ح 48، والمراد بهذا الاسناد: أحمد بن إدريس عن علي بن محمّد بن قتيبة عن الفضل.
(214) (20)- الأمالي الخميسيّة في ذكر آخر الزمان...: ج 2 ص 260- 261، والخبر موقوف على حذيفة، وحيث لا يقول في مثل هذه الامور- مثل حذيفة- من عند نفسه، فلا بدّ أن تعلّم عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

(١١٠)

الدهقان بقراءتي عليه بالكوفة، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن أبي السرى البكائي، قال: حدّثنا عبد الله بن غنّام، قال: حدّثنا محمّد بن العلاء، قال: حدّثنا معاوية بن شيبان، عن جابر، عن أبي الطفيل، قال: فزع الناس قبل خروج الدجّال فانطلقنا إلى دار حذيفة وهي ممتلئة من الناس، فخرج عليهم حذيفة، فقال: يا أيها الناس! إنّ خروج الدجّال أبين من طلوع الشمس، وغير الدجّال أخوف لي عليكم، إنّ قبل خروج الدجّال فتنا تغربل الناس غربلة الحنطة، فما طار منها هلك، وما سقط منها هلك، وما ثبت منها نجا.
1085-(215)- صحيح مسلم: حدّثنا أبو كريب محمّد بن العلاء (واللفظ له)، حدّثنا ابن فضيل، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، والدجّال، ودابّة الأرض.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث 910، 1162، 1167، 1168، 1169.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(215) (21)- صحيح مسلم: ج 1 ص 138 كتاب الإيمان ب 72 باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان ح 249.

(١١١)

الفصل الثامن: في عدم جواز التوقيت، وتعيين وقت لظهوره (عليه السلام) وفيه 12 حديثا

1086-(216)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن علي بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه مهزم، فقال له: جعلت فداك، أخبرني عن هذا الأمر الذي ننتظر متى هو؟ فقال: يا مهزم! كذب الوقّاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون.
1087-(217)- الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(216) (1)- الكافي: ج 1 ص 368 ك الحجّة ب كراهية التوقيت ح 2؛ الإمامة والتبصرة: ص 95 ب النوادر ح 7«بسنده عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام)... مثله» غير أنّه قال: «كنت عنده» وقال: «ننتظره» وفي آخره قال: «وإليه يصيرون»؛ غيبة الشيخ:
ص 426 ح 413 بإسناده عن الفضل عن عبد الرحمن نحوه وفي آخره: «وإلينا يصيرون»؛ الأربعين الموسوم بكفاية المهتدي: ص 42 ذيل الحديث الثاني؛ غيبة النعماني: ص 294 ب 16 ح 11؛ البحار: ج 52 ص 104 ذيل ح 7 ب 21(باب التمحيص والنهي عن التوقيت).
(217) (2)- الكافي: ج 1 ص 368 ك الحجّة ب كراهية التوقيت ح 3 و4؛ غيبة النعماني: ص 294 ح 12 ب 16 وفى آخره: «قال: ثم قال: أبى الله إلّا أن يخلف وقت الموقّتين».

(١١٢)

بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن القائم (عليه السلام)، فقال: كذب الوقّاتون، إنّا أهل بيت لا نوقّت.
وقال: أحمد بإسناده قال: قال: أبى الله إلّا أن يخالف وقت الموقّتين.
1088-(218)- إثبات الرجعة أو الغيبة: أحمد بن محمّد وعبيس بن هشام، عن كرّام، عن الفضيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) هل لهذا الأمر وقت؟ فقال: كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون.
1089-(219)- إثبات الرجعة أو الغيبة: الحسين بن يزيد الصحّاف، عن منذر الجوّاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كذب الموقّتون، ما وقّتنا فيما مضى، ولا نوقّت فيما يستقبل.
1090-(220)- غيبة النعماني: أخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العبّاسي، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد الله بن بكير، عن محمّد بن مسلم، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا محمّد! من أخبرك عنّا توقيتا فلا تهابنّ أن تكذّبه فإنّا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(218) (3)- الأربعين الموسوم بكفاية المهتدي(مخطوط): ص 42 ذيل الحديث الثاني؛ غيبة الشيخ: ص 425- 426 ح 411 بإسناده عن الفضل بن شاذان عن أحمد بن محمّد وعبيس بن هشام؛ البحار: ج 52 ص 103 ب 21 التمحيص والنهي عن التوقيت ح 5؛ الكافي: ج 1 ص 368 ب كراهية التوقيت، مقطع من الحديث الخامس مع اختلاف في السند وجاء فيه: «لهذا الأمر»؛ غيبة النعماني: ص 294 ح 13 بنفس ما جاء في الكافي.
(219) (4)- غيبة الشيخ: ص 426 ح 412؛ الأربعين الموسوم بكفاية المهتدي في معرفة المهدي (عليه السلام): ذيل الحديث الثاني ص 43 وذكر أنّ ابن شاذان روى هذا الحديث بعدّة أسانيد؛ البحار: ج 52 ص 103 ب 21 ح 6.
(220) (5)- غيبة النعماني: ص 289 ب 16 ح 3؛ البحار: ج 52 ص 104 ب 21 ح 8.

(١١٣)

لا نوقّت لأحد وقتا.
1091-(221)- غيبة النعماني: أخبرنا أبو سليمان أحمد بن هوذة، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاثة وسبعين ومائتين، قال: حدّثنا عبد الله بن حمّاد الأنصاري في شهر رمضان سنة تسع وعشرين ومائتين، قال: حدّثنا عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنّه قال: أبى الله إلّا أن يخلف وقت الموقّتين.
1092-(222)- غيبة النعماني: حدّثنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن محمّد بن أحمد القلانسي، عن محمّد بن علي، عن أبي جميلة، عن أبي بكر الحضرمي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّا لا نوقّت هذا الأمر.
1093-(223)- الهداية: حدّثني محمّد بن إسماعيل، وعلي بن عبد الله الحسنيان، عن أبي شعيب محمّد بن نصير، عن عمر بن الفرات، عن محمّد بن المفضّل، عن المفضّل بن عمر، قال: سألت سيّدي أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السلام): هل للمأمول المنتظر المهدي (عليه السلام) من وقت موقّت يعلمه الناس؟ فقال الصادق (عليه السلام): حاش للّه أن يوقّت له وقتا... إلى أن قال: من وقّت لمهديّنا وقتا فقد شارك الله في علمه... الحديث، وهو طويل.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث 83، 275، 556، 559.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(221) (6)- غيبة النعماني: ص 289 ب 16 ح 4.
(222) (7)- غيبة النعماني: ص 289 ب 16 ح 5.
(223) (8)- الهداية: باب الإمام الثاني عشر؛ النوادر: ص 172- 173 ب التمحيص والنهي عن التوقيت؛ الصراط المستقيم: ج 2 ص 257- 258 ب 11 ف 11؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 156 ب 32 ف 55 ح 740؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 652 ب 47 من حديث طويل.

(١١٤)

الفصل التاسع: في سنة خروجه وشهره ويومه وفيه 10 أحاديث

1094-(224)- إثبات الرجعة: حدّثنا أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: حدّثنا عاصم بن حميد، قال: حدّثنا محمّد بن مسلم، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام): متى يظهر قائمكم؟ قال: إذا كثر الغواية، وقلّ الهداية، وكثر الجور والفساد، وأقلّ الصلاح والسداد، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ومال الفقهاء إلى الدنيا، وأكثر الناس إلى الأشعار والشعراء، ومسخ قوم من أهل البدع حتّى يصيروا قردة وخنازير، وقتل السفياني، ثمّ يخرج الدجّال، وبالغ في الإغواء والإضلال، فعند ذلك ينادى باسم القائم (عليه السلام) في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، ويقوم في يوم عاشوراء، فكأنّي أنظر إليه قائما بين الركن والمقام، وينادي جبرئيل بين يديه: البيعة للّه، فيقبل شيعته إليه من أطراف الأرض، تطوى لهم طيّا حتّى يبايعوا، ثمّ يسير إلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(224) (1)- الأربعين الموسوم بكفاية المهتدي: ص 217 ذيل حديث 39؛ أربعين الخاتون آبادي: ص 169- 170 ح 32 إلّا أنّه قال: «وقلّ الصلاح»، وقال: «فينزل على نجفها»؛ كشف الأستار في خاتمته: ص 222- 223 عن كتاب الغيبة للفضل؛ إثبات الهداة: ص 570 ب 32 ف 44 ح 687 مختصرا.

(١١٥)

الكوفة يتنزّل على نجفها، ثمّ يفرّق الجنود منها إلى الأمصار لدفع عمّال الدجّال، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. قال: فقلت له: يا ابن رسول الله! فداك أبي وامّي، أ يعلم أحد من أهل مكّة من أين يجيء قائمكم إليها؟ قال: لا، ثمّ قال: لا يظهر إلّا بغتة بين الركن والمقام.
1095-(225)- عقد الدرر: عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يظهر المهدي في يوم عاشوراء، وهو اليوم الّذي قتل فيه الحسين بن علي (عليهما السلام)، وكأنّي به يوم السبت العاشر من المحرّم قائم بين الركن والمقام وجبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، وتصير إليه شيعته من أطراف الأرض، تطوى لهم طيّا حتّى يبايعوه، فيملأ بهم الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما.
1096-(226)- كمال الدين: حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يخرج القائم يوم السبت، يوم عاشوراء، اليوم الّذي قتل فيه الحسين (عليه السلام).
1097-(227)- الإرشاد: فضل بن شاذان، عن محمّد بن علي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(225) (2)- عقد الدرر: ص 65 ب 4 ف 1؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 145 ب 6 ح 14.
(226) (3)- كمال الدين: ج 2 ص 653- 654 ب 57 ح 19؛ التهذيب: ج 4 ص 333 ح 1044(112) نحوه مع زيادة في آخره؛ الوافي عن التهذيب: ج 4 ص 463 ح 979(11)؛ البحار: ج 52 ص 285 ب 26 ح 17؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 615 ب 32.
(227) (4)- الإرشاد: ص 389؛ النوادر: ص 181 كتاب أنباء القائم (عليه السلام) ب 66؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 462 و534؛ غيبة الشيخ: ص 274 عن الفصل نحو صدر الحديث، وليس فيه: «يوم السبت»، وذكر ذيله في حديث مستقلّ كما تراه تحت الرقم 8؛ البحار: ج 52 ص 290 ب 26 ح 30 عن غيبة الشيخ.

(١١٦)

الكوفي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ينادى باسم القائم (عليه السلام) في ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم في يوم السبت عاشوراء، وهو اليوم الّذي قتل فيه الحسين بن علي (عليهما السلام)، لكأنّي به في يوم السبت العاشر من المحرّم قائما بين الركن والمقام، جبرئيل (عليه السلام) عن يمينه ينادي: البيعة للّه، فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض، تطوى لهم طيّا حتّى يبايعوه، فيملأ الله به الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما.
1098-(228)- الإرشاد: روى الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يخرج القائم (عليه السلام) إلّا في وتر من السنين، سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع.
1099-(229)- أخبار الدول: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يخرج القائم إلّا في وتر من السنين، سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع، ويقوم في يوم عاشوراء، ويظهر يوم السبت العاشر من المحرّم قائما بين الركن والمقام، وشخص قائم على يده ينادي: البيعة البيعة، فيسير إليه أنصاره من أطراف الأرض يبايعونه، فيملأ الله تعالى به الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما، ثمّ يسير من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(228) (5)- الإرشاد: ص 389؛ النوادر: ص 181 ب 66؛ البحار: ج 52 ص 291 ب 36 ح 36؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 462 و534.
(229) (6) أخبار الدول: ص 643 ف 11 في ذكر الخلف الصالح الإمام أبي القاسم محمّد بن الحسن العسكري رضي الله عنه؛ كشف الأستار: في خاتمته ص 223- 224.

(١١٧)

مكّة حتّى يأتي الكوفة فينزل على نجفها، ثمّ يفرّق الجنود منها إلى جميع الأمصار.
1100-(230)- غيبة النعماني: حدّثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدّثنا عبد الله بن حمّاد الأنصاري، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: يقوم القائم يوم عاشوراء.
1101-(231)- غيبة الشيخ: الفضل، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن سنان، عن حيّ بن مروان، عن علي بن مهزيار، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): كأنّي بالقائم يوم عاشوراء، يوم السبت قائما بين الركن والمقام، بين يديه جبرئيل ينادي: البيعة للّه، فيملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا.
1102-(232)- من لا يحضره الفقيه: وروي أنّه ما طلعت الشمس في يوم أفضل من يوم الجمعة، وكان اليوم الّذي نصب فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) بغدير خمّ يوم الجمعة، وقيام القائم (عليه السلام) يكون في يوم الجمعة، وتقوم القيامة في يوم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(230) (7)- غيبة النعماني: ص 282 ب 14 ح 68؛ البحار: ج 52 ص 297 ب 26 ح 56؛ الملاحم والفتن: ص 194؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 614- 615.
(231) (8)- غيبة الشيخ: ص 453 ح 459؛ البحار: ج 52 ص 290 ب 26 ح 30.
(232) (9)- من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 272 ب 57 ح 1239/ 23؛ الخصال: ج 2 ص 394 ب السبعة ح 104؛ وسائل الشيعة: ج 7 ص 380 كتاب الصلاة باب وجوب تعظيم يوم الجمعة... ح 18.
أقول: وفي جمال الاسبوع ذكر في فصله الثالث ص 37- 38 زيارة لمولانا صاحب الأمر (عليه السلام) فيها: «هذا يوم الجمعة، وهو يومك المتوقّع فيه ظهورك، والفرج فيه للمؤمنين على يدك...».

(١١٨)

الجمعة، يجمع الله فيها الأوّلين والآخرين، قال الله (عزّ وجلّ): (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ)(233).
وفي حديث رواه أيضا الصدوق في الخصال، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ويخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة.
1103-(234)- الفتن: حدّثنا الوليد، عن عنبسة القرشي، عن سلمة بن أبي سلمة، عن شهر بن حوشب، قال: بلغني أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يكون في رمضان صوت، وفي شوّال مهمهة، وفي ذي القعدة تحازب القبائل، وفي ذي الحجّة ينتهب الحاجّ، وفي المحرّم ينادي مناد من السماء: ألا إنّ صفوة الله من خلقه فلان، فاسمعوا له وأطيعوا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(233) هود: 103.
(234) (11)- الفتن: ج 3 ص 117 ب ما يذكر من علامات السماء...؛ الملاحم والفتن: ص 45 ب 67؛ عقد الدرر: ص 156 ب 7 نحوه.

(١١٩)

الفصل العاشر: في ذكر المكان الّذي يخرج منه، وموضع منبره، ومصلّاه (عليه السلام) وفيه 18 حديثا

1104-(235)- الغيبة للفضل: حدّثنا الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، قال: حدّثنا أبو عبد الله (عليه السلام) حديثا طويلا عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنّه قال في آخره: ثمّ يقع التدابر في الاختلاف بين امراء العرب والعجم، فلا يزالون يختلفون إلى أن يصير الأمر إلى رجل من ولد أبي سفيان... إلى أن قال (عليه السلام): ثمّ يظهر أمير الأمرة، وقاتل الكفرة، السلطان المأمول، الّذي تحيّر في غيبته العقول، وهو التاسع من ولدك يا حسين! يظهر بين الركنين، يظهر على الثقلين، ولا يترك في الأرض الأدنين، طوبى للمؤمنين الّذين أدركوا زمانه، ولحقوا أوانه، وشهدوا أيّامه، ولاقوا أقوامه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(235) (1)- كشف الأستار: في خاتمته ص 180 الطبعة الاولى، وص 221- 222 من طبعته الثانية إصدار مكتبة نينوى الحديثة، إلّا أنّه غلط في سند هذا الحديث هكذا: حدّثنا الحسن بن رئاب...؛ غيبة النعماني: في حديث طويل نحوه ص 274- 276 ب 14 ح 55.

(١٢٠)

1105-(236)- الغيبة للفضل بن شاذان: حدّثنا صفوان بن يحيى- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن حمران، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام): إنّ القائم منّا منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تطوى له الأرض، وتظهر له الكنوز كلّها، ويظهر الله تعالى به دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، فلا يبقى في الأرض خراب إلّا عمّر، وينزل روح الله عيسى بن مريم (عليهما السلام) فيصلّي خلفه.
قال ابن حمران: قيل له: يا ابن رسول الله! متى يخرج قائمكم؟
قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وركب ذوات الفروج السروج، وقبلت شهادة الزور، وردّت شهادة العدول، واستخفّ الناس بالدماء، وارتكاب الزنا، وأكل الربا، والرشا، واستيلاء الأشرار على الأبرار، وخروج السفياني من الشام، واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمّد بين الركن والمقام، اسمه محمّد بن محمّد، ولقبه النفس الزكيّة، وجاءت صيحة من السماء بأنّ الحقّ في عليّ وشيعته، فعند ذلك خروج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع عنده ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، أوّل ما ينطق به هذه الآية: (بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، ثمّ يقول: أنا بقيّة الله وحجّته وخليفته عليكم، فلا يسلم عليه مسلّم إلّا قال: السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه، فإذا اجتمع العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج من مكّة، فلا يبقى في الأرض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(236) (2)- الأربعين الموسوم بكفاية المهتدي: ص 212 ذيل ح 39؛ كشف الأستار: ص 180 بالاختصار؛ الأربعين للخاتون آبادي الموسوم بكشف الحقّ: ح 30 ص 164- 165، والآية في هود: 86.

(١٢١)

معبود دون الله (عزّ وجلّ) من صنم ووثن وغيره إلّا وقعت فيه نار فاحترق، وذلك بعد غيبة طويلة.
1106-(237)- التهذيب: وعنه (يعني: عن محمّد بن أحمد بن داود) قال: حدّثنا محمّد بن همّام، عن محمّد بن محمّد بن رباح، قال: حدّثنا عمّي أبو القاسم علي بن محمّد، قال: حدّثني عبيد الله بن أحمد بن خالد التميمي، قال: حدّثني الحسن بن علي الخزّاز، عن خاله يعقوب بن إلياس، عن مبارك الخبّاز، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): أسرجوا البغل والحمار في وقت ما قدم، وهو في الحيرة، قال: فركب وركبت حتّى دخل الجرف، ثمّ نزل فصلّى ركعتين، ثمّ تقدّم قليلا آخر فصلّى ركعتين، ثمّ تقدّم قليلا آخر فصلّى ركعتين، ثمّ ركب ورجع، فقلت له: جعلت فداك، ما الأوّلتين والثانيتين والثالثتين؟ قال: الركعتين الأوّلتين موضع قبر أمير المؤمنين (عليه السلام)، والركعتين الثانيتين موضع رأس الحسين (عليه السلام)، والركعتين الثالثتين موضع منبر القائم (عليه السلام).
1107-(238)- من لا يحضره الفقيه: في حديث رواه عن الأصبغ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(237) (3)- التهذيب: ج 6 ص 34- 35 ب 10 ح 71/ 15؛ فرحة الغري: ص 46- 47، بإسناده عن مبارك الخبّاز، ويروي نحوه في ص 45- 46، بسنده عن أبي الفرج السندي، وبسنده عن أبان بن تغلب ص 46.
والظاهر أنّه ليست واقعة واحدة ورواية واحدة؛ لأنّ الإمام الصادق (عليه السلام) زار قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث كان بالحيرة غير مرّة، جاء ذلك في رواية عبد الله بن سنان في فرحة الغري: ص 51؛ الدلائل البرهانيّة في تصحيح الحضرة الغرويّة: ب 6 عن السندي والمبارك وأبان؛ البحار: ج 100 ص 247 ب 2 ح 35 وجاء فيه: «أسرج البغل» بدل«أسرجوا البغل».
(238) (4)- من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 231 ب فضل المساجد ح 696؛ البحار: ج 100 ص 389- 390 ب 6 ح 14؛ أمالي الصدوق: ص 189 المجلس الأربعون ح 8.

(١٢٢)

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في فضل مسجد الكوفة [قال (عليه السلام):] وليأتينّ عليه زمان يكون مصلّى المهدي من ولدي.
1108-(239)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثني علي بن الحسن التيملي، قال: حدّثنا محمّد وأحمد ابنا الحسن، عن علي بن يعقوب الهاشمي، عن هارون بن مسلم، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: ينادى باسم القائم، فيؤتى وهو خلف المقام، فيقال له: قد نودي باسمك فما تنظر؟ ثمّ يؤخذ بيده فيبايع.
1109-(240)- البيان في أخبار صاحب الزمان (عليه السلام): أخبرنا شيخ الشيوخ عبد الله بن عمر بن حمويه وغيره بدمشق، وأخبرنا الحافظ يوسف بن خليل في آخرين بحلب، قالوا جميعا: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي؛ وقال الحافظ يوسف: أخبرنا القاضي أبو المكارم، قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو محمّد بن حيّان، حدّثنا الحسين بن أحمد المالكي، حدّثنا عبد الوهاب بن الضحّاك، حدّثنا إسماعيل بن عيّاش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير، عن كثير بن مرّة، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يخرج المهدي من قرية يقال لها: كرعة. (قال الكنجي صاحب البيان) قلت: هذا حديث حسن رزقناه عاليا، أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في عواليه كما سقناه، ورواه أبو نعيم في مناقب المهدي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(239) (5)- غيبة النعماني: ص 263 ب 14 ح 25؛ كشف الأستار: في خاتمته ص 182
(240) (6)- البيان: ص 131 ب 14؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 469 ح 7 من الأحاديث الّتي رواها الحافظ أبو نعيم.

(١٢٣)

عليه السلام.
1110-(241)- كامل الزيارات: حدّثني أبي ومحمّد بن الحسن جميعا، عن الحسن بن متّيل، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عقبة، عن الحسن الخزّاز الوشاء، عن أبي الفرج، عن أبان بن تغلب، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) فمرّ بظهر الكوفة فنزل وصلّى ركعتين، ثمّ تقدّم قليلا فصلّى ركعتين، ثمّ سار قليلا فنزل فصلّى ركعتين، ثمّ قال: هذا موضع قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) قلت: جعلت فداك، فما الموضعين اللّذين صلّيت فيهما؟ قال: موضع رأس الحسين (عليه السلام)، وموضع منبر القائم (عليه السلام).
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 254، 283، 900، 936، 1060، 1111، 1112، 1113، 1114، 1116، 1118.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(241) (7)- كامل الزيارات: ص 34 الباب التاسع الدلالة على قبر أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ فرحة الغري: ص 46 وفيه عن الوشاء أبي الفرج؛ البحار: ج 100 ص 241 ب 2 ح 20 وجاء فيه: «بظهر قبر» بدل«بظهر الكوفة».

(١٢٤)

الفصل الحادي عشر: في كيفيّة البيعة له، ومن يبايعه، ومكان المبايعة وفيه 19 حديثا

1111-(242)- المصنّف: حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا عمران القطّان، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن أمّ سلمة قالت: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يبايع الرجل بين الركن والمقام كعدّة أهل بدر، فتأتيه عصائب أهل العراق وأبدال الشام، فيغزوهم جيش من أهل الشام، حتّى إذا كانوا بالبيداء يخسف بهم، ثمّ يغزوهم رجل من قريش أخواله كلب، فيلتقون فيهزمهم الله، فكان يقال: الخائب من خاب [من] غنيمة كلب.
1112-(243)- الفتن: حدّثنا أبو ثور وعبد الرزّاق وابن معاذ عن معمر، عن قتادة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم):

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(242) (1)- المصنّف لابن أبي شيبة: ج 15 كتاب الفتن ص 45- 46 ح 19070؛ تاريخ المدينة المنوّرة: ج 1 ص 309 ب ذكر البيداء بيداء المدينة بعين سند المصنّف وفيه: «يبايع لرجل»؛ المسند: ج 6 ص 316 نحوه مع زيادة في متنه وفيه: «يتابع الرجل»؛ المستدرك: ج 4 ص 431 ك الفتن والملاحم، وكذا التلخيص؛ وفاء الوفا: ج 4 ص 1158؛ عقد الدرر: ص 70 ب 4 ف 2؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 129 عن الطبراني في الأوسط والحاكم؛ الدرّ المنثور: ج 5 ص 241.
(243) (2)- الفتن: ص 183 ب اجتماع الناس بمكّة....

(١٢٥)

يأتيه عصائب العراق وأبدال الشام، فيبايعونه بين الركن والمقام، فيلقي الإسلام بجرانه.
1113-(244)- الاختصاص: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن معقل، قال: حدّثنا محمّد بن عاصم، قال: حدّثني علي بن الحسين، عن محمّد بن مرزوق، عن عامر السرّاج، عن سفيان الثوري، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: سمعت حذيفة يقول: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: إذا كان عند خروج القائم ينادي مناد من السماء: أيّها الناس! قطع عنكم مدّة الجبّارين، وولي الأمر خير أمّة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فالحقوا بمكّة، فيخرج النجباء من مصر، والأبدال من الشام، وعصائب العراق، رهبان بالليل، ليوث بالنهار، كأنّ قلوبهم زبر الحديد، فيبايعونه بين الركن والمقام.
قال عمران بن الحصين: يا رسول الله! صف لنا هذا الرجل، قال: هو رجل من ولد الحسين، كأنّه من رجال شنوءة، عليه عباءتان قطوانيّتان، اسمه اسمي، فعند ذلك تفرخ الطيور في أوكارها، والحيتان في بحارها، وتمدّ الأنهار، وتفيض العيون، وتنبت الأرض ضعف اكلها، ثمّ يسير مقدّمته جبرئيل، وساقيه إسرافيل، فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.
1114-(245)- غيبة الشيخ: عنه (يعني: عن الفضل بن شاذان)، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(244) (3)- الاختصاص: ص 208- 209 ب إثبات إمامة الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام)؛ البحار: ج 52 ص 304 ب 26 ح 73 إلّا أنّ فيه: «من رجال شنسوة»، و«ساقته إسرافيل».
(245) (4)- غيبة الشيخ: ص 476- 477 ح 502؛ البحار: ج 52 ص 334 ب 27 ح 64. أقول: لا يخفى عليك علوّ سند مثل هذا الحديث من حيث الوجادة، فإنّا نرويه من كتاب الفضل بواسطة واحدة وهي كتاب الشيخ، وهو يرويه عن كتاب الفضل بالإسناد وبالوجادة في كتابه.

(١٢٦)

أحمد بن عمر بن مسلم، عن الحسن بن عقبة النهمي، عن أبي إسحاق البنّاء، عن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيّف، عدّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم.
1115-(246)- إثبات الرجعة أو الغيبة: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، قال: حدّثنا جميل بن درّاج، قال: حدّثنا ميسّر بن عبد العزيز النخعي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا أذن الله تعالى للقائم في الخروج صعد المنبر فدعا الناس إلى نفسه، وناشدهم باللّه ودعاهم إلى حقّه، وأن يسير فيهم بسيرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويعمل فيهم بعمله، فيبعث الله (عزّ وجلّ) جبرئيل (عليه السلام) حتّى يأتيه فينزل الحطيم، فيقول له: إلى أيّ شيء تدعو؟ فيخبره القائم (عليه السلام)، فيقول جبرئيل: أنا أوّل من يبايعك، ابسط يدك، فيمسح على يده، وقد وافاه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فيبايعونه، ويقيم بمكّة حتّى يتمّ أصحابه عشرة آلاف نفس، ثمّ يسير بها إلى المدينة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(246) (5)- الأربعين الموسوم بكفاية المهتدي: ص 224 ذيل ح 39؛ الإرشاد: ص 391 في سيرته مثله عن المفضّل بن عمر الجعفي إلّا أنّه قال: «ويسير فيهم بسنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»، وقال في آخره: «ثمّ يسير منها إلى المدينة»؛ الأربعين للخاتون آبادي: ص 189- 190 ح 36 مثله؛ كشف الأستار: في خاتمته ص 181.
وميسّر بن عبد العزيز هو النخعي كما في كشف الأستار المطبوع لأوّل مرّة، والحنفي كما جاء في طبعته الثانية الّتي أصدرتها مكتبة نينوى الحديثة مصحّف.

(١٢٧)

1116-(247)- عقد الدرر: عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) (في حديث طويل ذكر فيه طائفة من الحوادث، منها: السفياني، وخسف جيشه بالبيداء... إلى أن قال:) قال: فيجمع الله تعالى للمهدي أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، يجمعهم الله تعالى على غير ميعاد، وقزع كقزع الخريف، فيبايعونه بين الركن والمقام، قال: والمهدي يا جابر! رجل من ولد الحسين، يصلح الله له أمره في ليلة واحدة.
1117-(248)- عقد الدرر: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل أيضا ساق الكلام فيه... إلى أن قال: فيقول (أي المهدي (عليه السلام)) لهم: إنّي لست قاطعا أمرا حتّى تبايعوني على ثلاثين خصلة تلزمكم، لا تغيّرون منها شيئا، ولكم عليّ ثمان خصال، قالوا: قد فعلنا ذلك فاذكر ما أنت ذاكر يا ابن رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، فيخرجون معه إلى الصفا فيقول: أنا معكم على أن لا تولّوا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا محرما، ولا تأتوا فاحشة، ولا تضربوا أحدا إلّا بحقّه، ولا تكنزوا ذهبا ولا فضّة ولا برّا ولا شعيرا، ولا تأكلوا مال اليتيم، ولا تشهدوا بغير ما تعلمون، ولا تخرّبوا مسجدا، ولا تقبّحوا مسلما، ولا تلعنوا مؤاجرا إلّا بحقّه، ولا تشربوا مسكرا، ولا تلبسوا الذهب ولا الحرير ولا الديباج، ولا تبيعوها ربا، ولا تسفكوا دما حراما، ولا تغدروا بمستأمن، ولا تبقوا على كافر ولا منافق، وتلبسون الخشن من الثياب، وتتوسّدون التراب على الخدود، وتجاهدون في الله حقّ جهاده،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(247) (6)- عقد الدرر: ص 95- 97 ب 4 ف 2.
(248) (7)- عقد الدرر: ص 90- 99 ب 4 ف 2؛ الملاحم والفتن: ص 145- 150 ب 79 ممّا ذكره أبو صالح السليلي في كتابه في الفتن بإسناده عن الأصبغ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) نحو ما في حديث عقد الدرر. والظاهر أنّه غير حديث عقد الدرر، لتضمّن كلّ منهما امورا كثيرة ليست في الآخر؛ كشف الأستار: ص 137- 142 ف 2 نحوه.

(١٢٨)

ولا تشتمون، وتكرهون النجاسة، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، فإذا فعلتم ذلك فعليّ أن لا أتّخذ حاجبا، ولا ألبس إلّا كما تلبسون، ولا أركب إلّا كما تركبون، وأرضى بالقليل، وأملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، وأعبد الله (عزّ وجلّ) حقّ عبادته، وأفي لكم وتفوا لي، قالوا: رضينا واتّبعناك على هذا، فيصافحهم رجلا رجلا... الحديث بطوله.
1118-(249)- غيبة الشيخ: الفضل بن شاذان، عن إسماعيل بن عيّاش، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة بن اليمان، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول- وذكر المهدي-: إنّه يبايع بين الركن والمقام، اسمه: أحمد، وعبد الله، والمهدي، فهذه أسماؤه ثلاثتها.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 95، 397، 529، 904، 1025، 1094، 1097، 1098، 1101، 1120، 1128.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(249) (8)- غيبة الشيخ: ص 454 ح 463؛ البحار: ج 52 ص 290- 291 ب 26 ح 33؛ إثبات الهداة: ص 514 ب 32 ح 356.
أقول: يستفاد من هذا الحديث أنّ له (عليه السلام) اسما أو أسماء غير هذه الثلاثة، فلا تنافي بينه وبين الأحاديث الدالّة على أنّ اسمه اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فكأنّه بقوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «فهذه أسماؤه ثلاثتها» كان ناظرا إلى دفع توهّم التنافي.
وأمّا إسماعيل بن عيّاش، فالظاهر أنّه إسماعيل بن عيّاش بن سلم العنسي، أبو عتبة الحمصي، يوجد ترجمته في تهذيب التهذيب. وروي: أنّ عثمان بن صاحل السهمي قال: كان أهل حمص ينتقصون علي بن أبي طالب [عليه السلام] حتّى نشأ فيهم إسماعيل بن عيّاش فحدّثهم بفضائله فكفّوا وأمّا إسماعيل بن عبّاس كما في بعض النّسخ فهو غلط من النسّاخ ليس في كتب الرجال منه اسم وأثر.

(١٢٩)

الفصل الأوّل: في أنّ الله تعالى يفتح على يديه المدائن والحصون ومشارق الأرض ومغاربها وفيه 23 حديثا

1119-(250)- عقد الدرر: وعن أبي امامة الباهلي- رضي الله عنه- قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في قصّة المهدي (عليه السلام): كأنّه من رجال بني اسرائيل، فيستخرج الكنوز، ويفتح مدائن الشرك.
1120-(251)- عقد الدرر: ومن حديث أبي الحسن الربعي المالكي، عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في قصّة المهدي (عليه السلام): يبايع له الناس بين الركن والمقام، يردّ الله به الدين، ويفتح له فتوح، فلا يبقى على وجه الأرض إلّا من يقول: لا إله إلّا الله.
1121-(252)- تأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العبّاس، قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(250) (1)- عقد الدرر: ص 222 ب 9 ف 3 قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في صفة المهدي.
(251) (2)- عقد الدرر: ص 222 ب 9 ف 3؛ كشف الأستار: ص 125.
(252) (3)- تأويل الآيات الظاهرة: ص 339 سورة الحجّ الآية 41؛ تفسير علي بن إبراهيم: ج 2 ص 87؛ المحجّة: ص 143 الآية 53؛ ينابيع المودّة: ص 425؛ البحار: ج 51 ص 47 ب 5 ح 9؛ تفسير نور الثقلين: ج 2 ص 506 ح 161؛ تفسير الصافي: ج 2 ص 126؛ البرهان: ج 3 ص 96 ح 4.
واعلم أنّ محمّد بن العبّاس الّذي روى عنه مصنّف«تأويل الآيات الظاهرة» هذا الحديث وغيره هو: محمّد بن العبّاس بن علي بن مروان بن الماهيار، من أعلام القرن الثالث والرابع، يكنّى أبا عبد الله، قال النجاشي: ثقة ثقة، وعدّ من كتبه كتاب«ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام)»، قال: وقال جماعة من أصحابنا: إنّه كتاب لم يصنّف في معناه مثله، وقيل: إنّه ألف ورقة ولعلّ مصنّف التأويل روى عن هذا الكتاب بطريق الوجادة.

(١٣٣)

حدّثنا محمّد بن الحسين بن حميد، عن جعفر بن عبد الله، عن كثير بن عيّاش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله (عزّ وجلّ): (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وآتَوُا الزَّكاةَ وأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ ونَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ولِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ)(253) قال: هذه لآل محمّد، [و] المهدي وأصحابه يملّكهم الله تعالى مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الدين، ويميت الله (عزّ وجلّ) به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهة الحقّ، حتّى لا يرى أثر من الظلم، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، وللّه عاقبة الامور.
1122-(254)- تأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العبّاس [محمّد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(253) الحجّ: 41.
(254) (4)- تأويل الآيات الظاهرة: ص 438 سورة السجدة الآية 29؛ المحجّة: ص 174 الآية 67 عن محمّد بن يعقوب قال: حدّثنا الحسين بن عامر... الحديث؛ ينابيع المودّة: ص 426؛ البرهان: ج 3 ص 289؛ إلزام الناصب: ج 1 ص 83 الآية 75.
أقول: من المحتمل أن يقال: إنّه لا ينفع الإيمان في هذا اليوم إن كان الكافر معاندا للحقّ أو مقصّرا في تحصيله، وأمّا إن كان قاصرا- كما ربّما يكون حال كثير من الكافرين- فينفعه إيمانه، فالقاصر إذا ظهر له الأمر وعرف الحقّ فآمن يقبل إيمانه لا محالة، لأنّ عدم قبوله خلاف حكمة الله تعالى وسنّته في هداية عباده، بل بهذه القرينة العقليّة الواضحة يحمل الحديث على المعاندين والمقصّرين. وأمّا رواية الحديث عن الكليني وإن لم نجده في الكافي ولا في الروضة إلّا أنّه يجوز أن يكون مخرّجا في غيره من كتبه ممّا ليس في أيدينا، وإن كان الأرجح في النظر كون راويه هو محمّد بن العبّاس مصنّف كتاب: «ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام)».

(١٣٤)

يعقوب] رحمه الله، حدّثنا الحسين بن عامر، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن سنان، عن ابن درّاج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله (عزّ وجلّ): (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ ولا هُمْ يُنْظَرُونَ) قال: «يوم الفتح» يوم تفتح الدنيا على القائم، لا ينفع أحدا تقرّب بالإيمان ما لم يكن قبل ذلك مؤمنا وبهذا الفتح موقنا، فذلك الّذي ينفعه إيمانه، ويعظم عند الله قدره وشأنه، وتزخرف له يوم البعث جنانه، وتحجب عنه [فيه] نيرانه، وهذا أجر الموالين لأمير المؤمنين ولذرّيّته الطيّبين صلوات الله عليهم أجمعين.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 153، 155، 161، 245، 264، 327، 346، 432، 527، 529، 548، 553، 668 (وفيه: ويمتدّ سلطانه إلى يوم القيامة)، 669، 807، 1105، 1177، 1195، 1242.

(١٣٥)

الفصل الثاني: في اجتماع جميع الملل على الإسلام، وأنّ بعد ظهوره لا يعبد غير الله، وأنّه يذهب بدولة الباطل وفيه 22 حديثا

1123-(255)- تفسير العيّاشي: عن رفاعة بن موسى، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (ولَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً) قال: إذا قام القائم (عليه السلام) لا يبقى أرض إلّا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدا رسول الله.
1124-(256)- تفسير العيّاشي: عن ابن بكير، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله: (ولَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً) قال: انزلت في القائم (عليه السلام) إذا خرج باليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردّة والكفّار في شرق الأرض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(255) (1)- تفسير العيّاشي: ج 1 ص 183 سورة آل عمران الآية 83؛ البحار: ج 52 ص 340 ب 27 ح 89؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 549 ب 32 ح 551؛ البرهان: ج 1 ص 296؛ الصافي: ج 1 ص 276؛ نور الثقلين: ج 1 ص 301 ح 229؛ المحجّة: ص 50 الآية 4.
(256) (2)- تفسير العيّاشي: ج 1 ص 183- 184؛ البرهان: ج 1 ص 296؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 549 ب 32 ح 552؛ نور الثقلين: ج 1 ص 301 ح 230؛ البحار: ج 52 ص 340 ب 27 ح 90؛ المحجّة ص 50 الآية 4.

(١٣٦)

وغربها فعرض (عليهم السلام)، فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويجب للّه عليه، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتّى لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلّا وحّد الله، قلت له: جعلت فداك، إنّ الخلق أكثر من ذلك. فقال: إنّ الله إذا أراد أمرا قلّل الكثير وكثّر القليل.
1125-(257)- تأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العبّاس- رحمه الله- قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن علي، عن أبيه الحسن، عن أبيه علي بن أسباط، قال: روى أصحابنا في قول الله (عزّ وجلّ): (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ)(258) قال: إنّ الملك للرحمن اليوم، وقبل اليوم، وبعد اليوم، ولكن إذا قام القائم (عليه السلام) لم يعبد[وا] إلّا الله (عزّ وجلّ).
1126-(259)- الروضة: علي بن محمّد، عن علي بن العبّاس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله (عزّ وجلّ): (وقُلْ جاءَ الْحَقُّ وزَهَقَ الْباطِلُ)(260) قال: إذا قام القائم (عليه السلام) ذهبت دولة الباطل.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 327، 329، 330، 332، 334 إلى 338، 397، 410، 553، 669، 671، 672، 1138، 1178، 1195، وأحاديث كثيرة اخرى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(257) (3)- تأويل الآيات الظاهرة: ص 369؛ المحجّة: ص 115 الآية 59؛ البرهان: ج 3 ص 162، وفيه: عن أبيه، عن علي بن أسباط.
(258) الفرقان: 26.
(259) (4)- الروضة: ص 287 ح 432؛ المحجّة: ص 130 الآية 4؛ البحار: ج 51 ص 62 ب 5 ح 62؛ نور الثقلين: ج 3 ص 212؛ البرهان: ج 2 ص 441؛ الصافي: ج 1 ص 986.
(260) الإسراء: 81.

(١٣٧)

الفصل الثالث: في استخراجه كنوز الأرض ومعادنها وظهورها له وفيه 19 حديثا

1127-(261)- الفتن: حدّثنا عبد الرزّاق، عن معمر، عن قتادة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): إنّه سيخرج الكنوز، ويقسّم المال، ويلقي الإسلام بجرانه.
1128-(262)- سنن الداني: عن حذيفة- رضي الله عنه- عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في قصّة المهدي (عليه السلام) وظهور أمره، قال: فتخرج الأبدال من الشام وأشباههم، ويخرج إليه النجباء من مصر، وعصائب أهل الشرق وأشباههم حتّى يأتوا مكّة، فيبايع له بين زمزم والمقام، ثمّ يخرج متوجّها إلى الشام، وجبريل على مقدّمته، وميكائيل على ساقته، يفرح به أهل السماء، وأهل الأرض، والطير، والوحوش، والحيتان في البحر، وتزيد المياه في دولته، وتمدّ الأنهار،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(261) (1)- الفتن: ص 192 ب سيرة المهدي...؛ الملاحم والفتن ص 69 ب 146 عن الفتن: إلّا أنّه قال: «يستخرج الكنوز».
(262) (2)- عقد الدرر: ص 149 ب 7 قال: أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في سننه، وأخرجه محقّقه من سنن الداني لوحة 105؛ كشف الأستار: ص 145.

(١٣٨)

وتضعّف الأرض اكلها، وتستخرج الكنوز.
1129-(263)- المستدرك: في حديث عن إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر، عن أبيه، عن مجاهد في حديث عن ابن عبّاس، قال: وأمّا المهدي الّذي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، وتأمن البهائم السباع، وتلقي الأرض أفلاذ كبدها، قال: قلت: وما أفلاذ كبدها؟ قال: أمثال الاسطوانة من الذهب والفضّة.
1130-(264)- المستدرك: أخبرني الحسين بن علي بن محمّد بن يحيى التميمي، أنبأ أبو محمّد الحسن بن إبراهيم بن حيدر الحميري بالكوفة، حدّثنا القاسم بن خليفة، حدّثنا أبو يحيى عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، حدّثنا عمر بن عبيد الله العدوي، عن معاوية بن قرّة، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قال نبيّ الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): ينزل بامّتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم، لم يسمع بلاء أشدّ منه، حتّى تضيق عنهم الأرض الرحبة، وحتّى يملأ الأرض جورا وظلما، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله رجلا من عترتي، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدّخر الأرض من بذرها شيئا إلّا أخرجته، ولا السماء من قطرها إلّا صبّه الله عليهم مدرارا، يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع، تتمنّى الأحياء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(263) (3)- المستدرك على الصحيحين: ج 4 ص 514 كتاب الملاحم والفتن قال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرّجاه؛ عقد الدرر: ص 150 ب 7؛ كشف الأستار: ص 145.
(264) (4)- المستدرك على الصحيحين: ج 4 ص 465 كتاب الفتن، قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه؛ كشف الأستار: ص 127؛ عقد الدرر: ص 43- 44 ب 4 ف 11؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 718 ب 54 ح 120.

(١٣٩)

الأموات ممّا صنع الله (عزّ وجلّ) بأهل الأرض من خير.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 327، 410، 451، 454، 574، 669، 670، 682، 719، 726، 733، 1105، 1119، 1177، 1195.

(١٤٠)

الفصل الرابع: في ظهور البركات السماويّة والأرضيّة وغيرها وفيه 14 حديثا

1131-(265)- الفتن: حدّثنا محمّد بن مروان، عن عمارة، عن أبي حفصة، عن زيد العمّي، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- عن النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): تتنعّم أمّتي في زمن المهدي نعمة لم ينعّموا مثلها قطّ، ترسل السماء عليهم مدرارا، ولا يزرع الأرض شيئا من النبات إلّا أخرجته، والمال كدوس، يقوم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(265) الفتن: ص 193 ب سيرة المهدي...؛ سنن ابن ماجة: ج 2 ص 518 ب خروج المهدي نحوه وفيه: عن عمارة بن أبي حفصة؛ المستدرك على الصحيحين: ج 4 ص 558 بإسناده عن محمّد بن مروان نحوه؛ البيان: ص 145 ب 3 وقال: هذا حديث حسن المتن، رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الأكبر كما أخرجناه حرفا بحرف؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 131- 132 نحوه ولم يذكر المال؛ عقد الدرر: ص 144- 145 ب 7 عن أبي نعيم في صفة المهدي والطبراني في معجمه: ب 8 ص 169 ولم يذكر المال، وفي ص 170 ب 8 نحوه وذكر المال، وفي الجميع قال: «ولا تدع الأرض»؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 473 ح 1 و29 عن الأربعين لأبي نعيم نحوه؛ نور الأبصار: ص 155 نحوه؛ ينابيع المودّة: 434 مع بعض الاختلاف؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 705 ب 54.

(١٤١)

الرجل فيقول: يا مهدي! أعطني، فيقول: خذ.
قال: حدّثنا أبو معاوية، عن موسى، عن زيد، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد، عن النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)... نحوه، إلّا أنّه لم يذكر المال.
1132-(266)- مجمع الزوائد: عن أبي هريرة، عن النّبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يكون في أمّتي المهدي، إن قصر فسبع وإلّا فثمان، وإلّا فتسع، تنعّم أمّتي فيها نعمة لم ينعّموا مثلها، يرسل السماء عليهم مدرارا، ولا تدّخر الأرض شيئا من النبات، والمال كدوس، يقوم الرجل يقول: يا مهدي! أعطني، فيقول: خذ.
1133-(267)- المستدرك: أخبرني أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبي بمرو، حدّثنا سعيد بن مسعود، حدّثنا النضر بن شميل، حدّثنا سليمان بن عبيد، حدّثنا أبو الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يخرج في آخر أمّتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحا، وتكثر الماشية، وتعظم الامّة، يعيش سبعا أو ثمانيا، يعني: حججا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(266) (2)- مجمع الزوائد: ج 7 ص 317 قال: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات؛ ينابيع المودّة: ص 434 وجاء فيه«نعمة لم يسمعوا مثلها»؛ العرف الورديّ(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 131 عن الدارقطني في الإفراد، والطبراني في الأوسط؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 705 ب 54 ح 64.
(267) (3)- المستدرك على الصحيحين: ج 4 ص 557- 558 كتاب الفتن وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه، انتهى. وقال في التلخيص: صحيح؛ عقد الدرر: ص 144 ب 7.

(١٤٢)

1134-(268)- عقد الدرر: عن أبي سعيد الخدري- رضى الله عنه-:
أنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يخرج المهدي في أمّتي، يبعثه الله غياثا للناس، تنعّم به الامّة، وتعيش الماشية، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحا.
1135-(269)- الفتن: قال معمر: وأنبأنا أبو هارون، عن معاوية، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- عن النّبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: يرضى عنه ساكن السماء، وساكن الأرض، لا تدع السماء من قطرها شيئا إلّا صبّته، ولا الأرض من نباتها شيئا إلّا أخرجته، حتّى يتمنّى الأحياء الأموات.
1136-(270)- المصنّف: عبد الله بن نمير، قال: حدّثنا موسى الجهني، قال: حدّثني عمر بن قيس الماصر، قال: حدّثني [مجاهد، قال: حدّثني] فلان رجل من أصحاب النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): أنّ المهديّ لا يخرج حتّى تقتل النفس الزكيّة، فإذا قتلت النفس الزكيّة غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض، فأتى الناس المهدي فزفّوه كما تزفّ العروس إلى زوجها ليلة عرسها، وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء مطرها، وتنعّم أمّتي في ولايته نعمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(268) (4)- عقد الدرر: ص 155 ب 7 وص 167 ب 8 وفيه: «فتنعّم»، قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم في«صفة المهدي»؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 470 عن أربعين الحافظ أبي نعيم ح 15؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 132 عن أبي نعيم والحاكم.
(269) (5)- الفتن: ص 192 ب سيرة المهدي؛ حلية الأبرار ج 2 ص 703 ب 54 ح 50
أقول: قد اخرج نحو هذا عن أبي سعيد بألفاظ مختلفة اكتفينا عنه بما ذكر، فراجع مصابيح السنّة: ج 2 ص 194، والعرف الوردي: ص 135، وعقد الدرر: ص 17 ب 1 عن سنن الداني، والمصنّف: ج 15 ص 195- 196 ح 19484.
(270) (6)- المصنّف: ج 15 ص 199 ح 19499 كتاب الفتن؛ الدرّ المنثور: ج 6 ص 58.

(١٤٣)

لم تنعّمها قطّ.
1137-(271)- الخصال: حدّثنا أبي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثني محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه (عليهم السلام): أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) علّم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه.
(والحديث طويل مشتمل على كثير من الآداب والأخلاق الحسنة، وفوائد عظيمة من أرادها فليطلبها من الخصال.
قال (عليه السلام) فيه: بنا يفتح الله، وبنا يختم الله، وبنا يمحو ما يشاء، وبنا يثبت، وبنا يدفع [يرفع] الله الزمان الكلب، وبنا ينزل الغيث، فلا يغرّنّكم باللّه الغرور، ما أنزلت السماء [من] قطرة من ماء منذ حبسه الله (عزّ وجلّ)، ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها، ولأخرجت الأرض نباتها، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم، حتّى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام لا تضع قدميها إلّا على النبات، وعلى رأسها زينتها لا يهيّجها سبع ولا تخافه، لو تعلمون مالكم في مقامكم بين عدوّكم وصبركم على ما تسمعون من الأذى لقرّت أعينكم... الحديث.
1138-(272)- عقد الدرر: وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(271) (7)- الخصال: ج 2 ص 626؛ تحف العقول: ص 115 مع اختلاف؛ البحار: ج 52 ص 316 ب 27 ح 11، وفيه: «وعلى رأسها زبّيلها».
(272) (8)- عقد الدرر: ص 159 ب 7؛ كشف الأستار: ص 145- 146.
أقول: لا يخفى عليك أنّ ما في هذا الخبر وخبر الخصال من: «اصطلاح السباع والبهائم»، و«لعب الصبيان بالحيّات والعقارب»، و«رعي الشاة والذئب في مكان واحد» يمكن أن يكون كناية عن كمال العدل والأمنيّة في عهده، واشتمال أطراف الأرض وجميع نواحيها بهما، ولا يخاف أحد أحدا من الإنسان والحيوان، كما يمكن أن يكون المراد منه هو ظاهره فله وجه لطيف، واللّه وأولياؤه أعلم بحقائق هذه الامور والإشارات.
ومثل هذا الخبر في أخبار الملاحم ليس بقليل ولا غريب، فمنها ما في الدرّ المنثور: ج 6 ص 56 قال: أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصحّحه، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): والّذي نفسي بيده، لا تقوم الساعة حتّى تكلّم السباع الإنسان، وحتّى تكلّم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهله من بعده.
والّذي يهوّن الخطب أنّ هذه الأخبار بدعوى تواترها، وإن دلّت على وقوع امور وخوارق تخالف الطبيعة إلّا أنّ تفاصيلها لم يثبت تواترها، فلا توجب علما ولا عملا، حتّى ما كان منه مرويّا بسند صحيح، وإن لم يجز ردّه، فلا يجب الالتزام والاعتقاد به؛ لأنّه على فرض كون صدوره مقطوعا به غير قطعيّ الدلالة، مضافا إلى أنّ كون السند بحسب ظاهر الإسناد صحيحا لا يستلزم صحّته الواقعيّة؛ لاحتمال وقوع الاشتباه في مقام نقل الإسناد، مثل احتمال وقوع ذلك في المتن، وحجّية مثل هذا الخبر، وإن ثبتت في الفروع فيجب العمل به إلّا أنّه في غيرها ممّا يكون المطلوب فيه الاعتقاد والإيمان، وهذا أمر لا يثبت بما هو ظنّي الدّلالة أو السند، ولا يجوز التعبّد به في ذلك، لم تثبت، فتدبّر.

(١٤٤)

عليه السلام في قصّة المهدي وفتحه لمدينة القاطع، قال: فيبعث المهدي (عليه السلام) إلى امرائه بسائر الأمصار بالعدل بين الناس، وترعى الشاة والذئب في مكان واحد، وتلعب الصبيان بالحيّات والعقارب لا يضرّهم شيء، ويبقى الخير، ويزرع الانسان مدّا يخرج له سبعمائة مدّ، كما قال الله تعالى: (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ واللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ)(273)، ويذهب الربا والزنا وشرب الخمر والرياء، وتقبل الناس على العبادة والمشروع، والديانة والصلاة في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(273) البقرة: 261.

(١٤٥)

الجماعات، وتطول الأعمار، وتؤدّى الأمانة، وتحمل الأشجار، وتتضاعف البركات، وتهلك الأشرار، ويبقى الأخيار، ولا يبقى من يبغض أهل البيت (عليهم السلام).
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث 367، 403، 405، 456، 719، 720.

(١٤٦)

الفصل الخامس: في أنّ الله تعالى يأتي بأصحابه وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر عدّة أهل بدر عنده، وبعض فضائلهم وفيه 28 حديثا

1139-(274)- عقد الدرر: في حديث طويل عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، ذكر فيه طائفة من الملاحم وخروج السفياني وما يرتكب من المظالم والقبائح... فساق الكلام إلى أن قال: فتضطرب الملائكة في السماء (يعني: من أعمال السفياني الفظيعة)، فيأمر الله (عزّ وجلّ) جبريل (عليه السلام) فيصيح على سور مسجد دمشق: ألا قد جاءكم الغوث يا أمّة محمّد! قد جاءكم الغوث يا أمّة محمّد! قد جاءكم الفرج وهو المهدي (عليه السلام) خارج من مكّة فأجيبوه... إلى أن قال: فيجمع الله (عزّ وجلّ) أصحابه على عدد أهل بدر، وعلى عدد أصحاب طالوت؛ ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، كأنّهم ليوث خرجوا من غابة، قلوبهم مثل زبر الحديد، لو همّوا بإزالة الجبال لأزالوها عن موضعها [مواضعها]، الزيّ واحد، واللباس واحد، كأنّما آباؤهم أب واحد... الحديث بطوله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(274) (1)- عقد الدرر: ص 94- 95 ب 4 ف 2 في الخسف بالبيداء وحديث السفياني.

(١٤٧)

وفيه: أنّه من ولد فاطمة، من ولد الحسين (عليهم السلام).
1140-(275)- عقد الدرر: في حديث طويل عن جابر الجعفي، عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: فيجمع الله تعالى للمهدي أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، يجمعهم الله تعالى على [من] غير ميعاد، وقزع [قزعا] كقزع الخريف، فيبايعونه بين الركن والمقام. قال: والمهدي يا جابر! رجل من ولد الحسين، يصلح الله له أمره في ليلة واحدة.
1141-(276)- الروضة: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله (عزّ وجلّ): (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً)(277) قال: الخيرات: الولاية، وقوله تبارك وتعالى: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً) يعني: أصحاب القائم (عليه السلام) الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا، قال: وهم- واللّه- الامّة المعدودة، قال: يجتمعون- واللّه- في ساعة واحدة، قزع كقزع الخريف.
1142-(278)- غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا حميد بن زياد، قال: حدّثنا علي بن الصباح، قال: حدّثنا أبو علي الحسن بن محمّد الحضرمي، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(275) (2)- عقد الدرر: ص 89 ب 4 ف 2 في الخسف بالبيداء وحديث السفياني؛ البرهان في تفسير القرآن: ج 1 ص 162 ح 4.
(276) (3)- الروضة: ص 313 ح 487؛ المحجّة: ص 19 وص 102- 103؛ ينابيع المودّة: ص 421 ب 71؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 623؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 451 ب 32 ح 62.
(277) البقرة: 148.
(278) (4)- غيبة النعماني: ص 241 ب 13 ح 36؛ المحجّة: ص 102.

(١٤٨)

إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسحاق بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (ولَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ)(279) قال: العذاب: خروج القائم (عليه السلام)، والامّة المعدودة: عدّة أهل بدر وأصحابه.
1143-(280)- غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي، عن أبيه ووهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً)(281) قال: نزلت في القائم وأصحابه يجتمعون على غير ميعاد.
1144-(282)- غيبة النعماني: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر القرشي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن سنان، عن ضريس، عن أبي خالد الكابلي، عن علي بن الحسين- أو عن محمّد بن علي- (عليهما السلام) أنّه قال: الفقداء قوم يفقدون من فرشهم فيصبحون بمكّة، وهو قول الله عزّ وجل: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً) وهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(279) هود: 8.
(280) (5)- غيبة النعماني: ص 241 ب 13 ح 37؛ المحجّة: ص 20؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 622 ب 35؛ البرهان في تفسير القرآن: ج 1 ص 162 ح 3؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 541- 542 ب 32 ح 514.
(281) البقرة: 148.
(282) (6)- غيبة النعماني: ص 313 ب 20 ح 4؛ المحجّة: ص 19- 20؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 621 ب 35؛ البرهان في تفسير القرآن: ج 1 ص 162 ح 1؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 546 ب 32 ح 536؛ البحار: ج 52 ص 368- 369 ب 27 ح 154.

(١٤٩)

أصحاب القائم (عليه السلام).
1145-(283)- غيبة النعماني: حدّثنا علي بن الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى، عن محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): أنّ القائم يهبط من ثنيّة ذي طوى، في عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، حتّى يسند ظهره الى الحجر الأسود ويهزّ الراية الغالبة.
قال عليّ بن أبي حمزة: فذكرت ذلك لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) فقال: كتاب منشور.
1146-(284)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثنا علي بن الحسن بن فضّال، قال: حدّثنا محمّد بن حمزة ومحمّد بن سعيد، قالا: حدّثنا حمّاد بن عثمان، عن سليمان بن هارون العجلي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ صاحب هذا الأمر محفوظة له أصحابه، لو ذهب الناس جميعا أتى الله له بأصحابه، وهم الّذين قال الله (عزّ وجلّ): (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ)(285)، وهم الّذين قال الله فيهم: (فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ)(286).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(283) (7)- غيبة النعماني: ص 315 ب 20 ح 9؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 547 ب 32 ح 541 ولم يذكر عجز الحديث؛ البحار: ج 52 ص 370 ب 27 ح 158.
(284) (8)- غيبة النعماني: ص 316 ب 21 ح 12؛ المحجّة: ص 64؛ ينابيع المودّة: ص 424 ب 71؛ البرهان في تفسير القرآن: ج 1 ص 479 ح 1؛ البحار: ج 52 ص 370 ب 27 ح 160.
(285) الأنعام: 89.
(286) المائدة: ص 54.

(١٥٠)

1147-(287)- تأويل الآيات الظاهرة: عن محمّد بن جمهور، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، قال: روى بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (ولَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ)(288) قال: العذاب: هو القائم (عليه السلام)، هو عذاب على أعدائه، والامّة المعدودة هم الّذين يقومون معه بعدد أهل بدر.
1148-(289)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن سنان، عن أبي خالد القمّاط، عن ضريس، عن أبي خالد الكابلي، عن سيّد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدّة أهل بدر، فيصبحون بمكّة، وهو قول الله عزّ وجل: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً) وهم أصحاب القائم (عليه السلام).
1149-(290)- تفسير العيّاشي: عن عبد الأعلى الحلبي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا، هم واللّه الامّة المعدودة الّتي قال الله تعالى في كتابه: (ولَئِنْ أَخَّرْنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(287) (9)- تأويل الآيات الظاهرة: ص 230؛ المحجّة: ص 105؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 445- 446 ب 32 ح 235.
(288) هود: 8.
(289) (10)- كمال الدين: ج 2 ص 654 ب 57 ح 21؛ المحجّة: ص 21؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 622- 623؛ البحار: ج 52 ص 323- 324 ب 27 ح 34؛ منتخب الأنوار المضيئة:
ص 32؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1156، الآية في البقرة: 148.
(290) (11)- تفسير العيّاشي: ج 2 ص 140- 141 ح 8؛ البرهان: ج 2 ص 209؛ الصافي: ج 1 ص 779؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 100؛ المحجّة: ص 104؛ ينابيع المودّة: ص 424 ب 71؛ البحار: ج 52 ص 342 ب 27 مقطع من الحديث 91.

(١٥١)

عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال: يجمعون له في ساعة واحدة قزعا كقزع الخريف.
1150-(291)- تفسير العيّاشي: عن صالح بن سعد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) قال: قوّة القائم، والركن الشديد: الثلاثمائة وثلاثة عشر أصحابه.
1151-(292)- الغيبة أو إثبات الرجعة: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي نجران- رضي الله عنه-، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المفقودون من فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدّة أهل بدر، فيصبحون بمكّة وهو قول الله (عزّ وجلّ): (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً) وهم أصحاب القائم (عليه السلام).
1152-(293)- غيبة الشيخ: عنه (يعني عن الفضل بن شاذان)، عن محمّد بن علي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) يقول: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: لا يزال الناس ينقصون حتّى لا يقال: الله، فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فيبعث الله قوما من أطرافها يجيئون قزعا كقزع الخريف، واللّه إنّي لأعرفهم وأعرف أسماءهم وقبائلهم، واسم أميرهم، وهم قوم يحملهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(291) (12)- تفسير العيّاشي: ج 2 ص 156- 157 ح 55؛ البرهان: ج 2 ص 230؛ المحجّة: ص 106؛ ينابيع المودّة: ص 424 ب 71 نحوه، والآية في هود: 80.
(292) (13)- الأربعين الموسوم بكفاية المهتدي: ص 215 ذيل ح 39؛ الأربعين للخاتون آبادي: ص 167 ح 31؛ كشف الأستار: ص 180.
(293) (14)- غيبة الشيخ: ص 477- 478 ح 503 فصل في ذكر طرف من صفاته ومنازله وسيرته (عليه السلام)؛ البحار: ج 52 ص 334 ب 27 ح 5؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 177 ب 32 ح 806.
أقول: الأخبار في هذا الباب أكثر من ذلك، فراجع كتب الحديث والتفسير.

(١٥٢)

اللّه كيف شاء من القبيلة الرجل والرجلين حتّى بلغ تسعة، فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدّة أهل بدر، وهو قول الله: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً إِنَّ الله عَلى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)، حتّى إنّ الرّجل ليحتبي فلا يحلّ حبوته حتّى يبلغه الله ذلك.
ويدل عليه أيضا الأحاديث 283، 285، 327، 350 (وفيه: ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيهم خمسون امرأة)، 433، 653، 669، 737، 904، 1114 إلى 1116، 1194، 1213.

(١٥٣)

الفصل السادس: في اجتماع أهل الشرق والغرب عنده وفيه حديثان

1153-(294)- تاريخ ابن عساكر: إذا قام قائم أهل محمّد [صلّى الله عليه وآله وسلّم] جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب، فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف، فأمّا الرفقاء فمن أهل الكوفة، وأمّا الأبدال فمن أهل الشام.
أخرجه عن أبي الطفيل عن عليّ (عليه السلام).
1154-(295)- تفسير العيّاشي: عن أبي سمينة، عن مولى لأبي الحسن، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً)(296) قال: وذلك واللّه أن لو قد قام قائمنا يجمع الله إليه شيعتنا من جميع البلدان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(294) (1)- تاريخ ابن عساكر: ج 1 ص 62؛ الصواعق: في الآية الثانية عشرة من الآيات الواردة فيهم ص 163 عن ابن عساكر وقال: «قائم آل محمّد»؛ جواهر العقدين: القسم الثاني الذكر الثامن عنه؛ ينابيع المودّة: ص 433 ب 73 عن الجواهر.
(295) (2)- تفسير العيّاشي: ج 1 ص 66؛ البحار: ج 52 ص 291 ب 26 ح 37؛ البرهان: ج 1 ص 164 ح 11؛ الصافي: ج 1 ص 150؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 94؛ المحجّة: ص 25؛ مجمع البيان: ج 1 ص 231.
(296) البقرة: 148.

(١٥٤)

الفصل السابع: في امتلاء الأرض من العدل به (عليه السلام) الّذي هو من أشهر خصائصه، ومن أعظم أعماله الإصلاحيّة وفيه 154 حديثا

1155-(297)- الفتن: الوليد، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع، عمّن حدّثه، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: تأوي إليه امّته كما تأوي النحلة يعسوبها، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، حتّى يكون الناس على مثل أمرهم الأوّل، لا يوقظ نائما، ولا يهريق دما.
1156-(298)- تأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العبّاس، عن حميد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(297) (1)- الفتن: ص 193 ب سيرة المهدي وعدله وخصب زمانه؛ الملاحم والفتن: ص 70 ب 148؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ب 1، إلّا أنّ في المطبوعة منه ص 78 ح 19 قال: «يأوي المهدي إلى أمّتي كما تأوي النحل إلى بيوتها»، وقال: «حتّى لا يكون الناس»، وفيه: «ولا يهرق دما»؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 446- 447 ب 32 ح 238.
(298) (2)- تأويل الآيات الظاهرة: ص 638؛ المحجّة: ص 221؛ ينابيع المودّة: ص 429؛ البرهان في تفسير القرآن: ج 4 ص 291 ح 3؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 565 ب 32 ح 656.

(١٥٥)

بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله (عزّ وجلّ): (اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها)(299) يعني بموتها: كفر أهلها، والكافر ميّت، فيحييها الله بالقائم (عليه السلام)، فيعدل فيها فتحيى الأرض، ويحيى أهلها بعد موتهم.
1157-(300)- غيبة النعماني: في حديث رواه بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أ لا تسمع قوله تعالى في الآية التالية لهذه الآية يعني قوله تعالى: (ولا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ...) الآية(301)، (اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(302) أي يحييها الله بعدل القائم (عليه السلام) عند ظهوره بعد موتها بجور أئمّة الضلال.
1158-(303)- غيبة الشيخ: بهذا الإسناد (يعني: إبراهيم بن سلمة، عن أحمد بن مالك الفزاري، عن حيدر بن محمّد الفزاري، عن عبّاد بن يعقوب، عن نصر بن مزاحم، عن محمّد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح)، عن ابن عبّاس في قوله: (اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) يعني: يصلح الأرض بقائم آل محمّد من «بعد موتها» يعني: من بعد جور أهل مملكتها «قد بينا لكم الآيات» بقائم آل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(299) الحديد: 17.
(300) (3)- غيبة النعماني: المقدّمة ص 25؛ تأويل الآيات الظاهرة: ص 638 وجاء فيه: «بجور أئمّة الظلم والضلال».
(301) الحديد: 16.
(302) الحديد: 17.
(303) (4)- غيبة الشيخ: ص 175 ح 131؛ المحجّة: ص 221- 222 وفيه«عن محمّد بن مروان الكلبي»؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 6- 7 ب 32 ف 12 ح 287 وص 162 ب 32 ح 762.

(١٥٦)

محمّد «لعلّكم تعقلون».
1159-(304)- كامل الزيارات: في حديث طويل رواه بسنده عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، ذكر فيه ما قيل للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا اسري به إلى السماء، وما أخبره الله تعالى من اختباره في ثلاث، فقال بعد ذكر ما يصيب الحسين (عليه السلام) من أمّة جدّه من الشهادة، وقتل ولده ومن معه من أهل بيته، وسلب حرمه: ثمّ أخرج من صلبه ذكرا أنتصر له به، وإنّ شبحه عندي تحت العرش، يملأ الأرض بالعدل، ويطبقها بالقسط، يسير معه الرعب، يقتل حتّى يشكّ فيه... الحديث.
1160-(305)- غيبة النعماني: أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثنا محمّد بن المفضّل بن إبراهيم، قال: حدّثني محمّد بن عبد الله بن زرارة، عن محمّد بن مروان، عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ قائمنا إذا قام استقبل من جهل الناس أشدّ ممّا استقبله رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من جهّال الجاهليّة، قلت: وكيف ذاك؟ قال: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإنّ قائمنا إذا قام أتى الناس وكلّهم يتأوّل عليه كتاب الله، يحتجّ عليه به، ثمّ قال: أما واللّه ليدخلنّ عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحرّ والقرّ.
ويدلّ عليه أيضا 148 حديثا من ب 3 ف 26 (ج 2 ص 222).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(304) (5)- كامل الزيارات: ص 333 ب 108.
(305) (6)- غيبة النعماني: ص 296- 297 ب 17 ح 1؛ البحار: ج 52 ص 362 ب 27 ح 131؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 86 ب 32 ح 529.

(١٥٧)

الفصل الثامن: في نزول عيسى بن مريم وصلاته خلف المهدي (عليه السلام) وفيه 39 حديثا

1161-(306)- صحيح مسلم: حدّثنا الوليد بن شجاع وهارون بن عبد الله وحجّاج بن الشاعر، قالوا: حدّثنا حجّاج وهو ابن محمّد، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير: أنّه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت النّبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول: لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحق، ظاهرين الى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم صلّى الله عليه وسلّم فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا، فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض امراء، تكرمة الله هذه الامّة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(306) (1)- صحيح مسلم: كتاب الإيمان ب نزول عيسى ج 1 ص 137 ب 71 ح 247؛ مسند أحمد: ج 3 ص 345 و384؛ سنن الداني بنقل العرف الوردي: ج 2 ص 83 نحوه؛ وأبو يعلى بنقل التصريح ص 474 عن إقامة البرهان: ص 40؛ مشكاة المصابيح: ص 127؛ شرح الترمذي: ج 9 ص 78؛ البيان: ص 113 ب 7؛ عقد الدرر: ص 229 ب 10؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 474 أخرجه من قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «ينزل...» عن أربعين الحافظ أبي نعيم عن جابر ح 39؛ الإعلام بحكم عيسى (عليه السلام)(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 298- 299.

(١٥٨)

1162-(307)- تفسير فرات: حدّثني جعفر بن محمّد الفزاري معنعنا، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث (إلى أن قال:) سيأتي على الناس زمان لا يعرفون الله ما هو التوحيد حتّى يكون خروج الدجّال، وحتّى ينزل عيسى بن مريم من السماء ويقتل الله الدجّال على يده، ويصلّي بهم رجل منّا أهل البيت، أ لا ترى أنّ عيسى يصلّي خلفنا وهو نبيّ، ألا ونحن أفضل منه.
1163-(308)- تفسير القمّي: حدّثني أبي، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن أبي حمزة، عن شهر بن حوشب، قال: قال لي الحجّاج بأنّ آية في كتاب الله قد أعيتني، فقلت: أيّها الأمير! أيّة آية هي؟ فقال: قوله: (وإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)، والله إنّي لآمر باليهودي والنصراني فيضرب عنقه، ثمّ أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد، فقلت: أصلح الله الأمير ليس على ما تأوّلت، قال: كيف هو؟ قلت: إنّ عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدّنيا، فلا يبقى أهل ملّة يهودي ولا نصراني إلّا آمن به قبل موته، ويصلّي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(307) (2)- تفسير فرات: ص 44؛ البحار: ج 14 ص 348- 349 كتاب النبوّة ب 24 ح 10، وفيه: «لا يعرفون الله ما هو والتوحيد».
(308) (3)- تفسير القمّي: ج 1 ص 158؛ البحار: ج 14 ص 349- 350 ب 24 كتاب النبوّة ح 13؛ مجمع البيان: ج 2 ص 137؛ تفسير الصافي: ج 2 ص 411؛ تفسير نور الثقلين: ج 1 ص 473؛ تفسير البرهان: ج 1 ص 426؛ المحجّة: ص 62؛ إلزام الناصب: ج 1 ص 55 الآية 11 عن الباقر (عليه السلام) من قوله: «إنّ عيسى... إلى قوله: ويصلّي خلف المهدي»؛ ينابيع المودّة: مثل ما فيه ص 422 ب 71 إلّا أنّه قال: «عن محمّد بن مسلم عن محمّد الباقر رضي الله عنه»، ولم أجده عن طريق محمّد بن مسلم، لا في المحجّة ولا في غيره؛ الأربعين للمجلسي: ص 411 ح 28 من قوله: «إنّ عيسى... إلى قوله: خلف المهدي (عليه السلام)» إلّا أنّه رواه عن علي بن الحسين (عليهما السلام) والآية في النساء: 159.

(١٥٩)

خلف المهدي، قال: ويحك، أنّى لك هذا، ومن أين جئت به؟ فقلت: حدّثني به محمّد بن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، فقال: جئت بها واللّه من عين صافية.
1164-(309)- الفتن للسليلي: قال: حدّثنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا سفيان بن سعيد الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن ربعيّ بن خراش، قال: سمعت حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)... فذكر حديث الفتن بطوله ثمّ قال: قد أفلحت أمّة أنا أوّلها، وعيسى آخرها، فيصلّي خلف رجل من ولدي، فإذا صلّى الغداة قام عيسى حتّى يجلس في المقام... وذكر متابعته، وأنّ مقامه في الدنيا أربعون سنة.
1165-(310)- الأربعين (للحافظ أبي نعيم): بإسناده عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): منّا الّذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه.
1166-(311)- بهجة النظر في إثبات الوصيّة والإمامة للأئمّة الاثني عشر: روى عمر بن إبراهيم الأوسي في كتابه عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ينزل عيسى بن مريم عند انفجار الصبح ما بين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(309) (4)- الملاحم والفتن: ص 153 ب 83 ممّا أخرجه عن كتاب الفتن تأليف السليلي أبي صالح بن أحمد بن عيسى، تأريخ نسخة الأصل بخطّ المصنّف سنة(307 ه).
(310) (5)- كنز العمّال: ج 14 ص 266 ح 38673؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 64؛ الجامع الصغير: ج 2 ص 158؛ فيض القدير: ج 6 ص 17- 18؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 719 ب 54 عن كتاب الفتن للحافظ ابن حمّاد؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 474 من كتاب الأربعين ح 38؛ عقد الدرر: ص 230 ب 10؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 192 ب 32 ح 45.
(311) (6)- حلية الأبرار: ج 2 ص 620 ب 34 والحديث طويل.

(١٦٠)

مهرودين، وهما ثوبان أصفران من الزعفران، أبيض الجسم، أصهب (312) الرأس، أفرق الشعر، كأنّ رأسه يقطر دهنا، بيده حربة، يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويهلك الدجّال، ويقبض أموال القائم، ويمشي خلفه أهل الكهف، وهو الوزير الأيمن للقائم، وحاجبه، ونائبه، ويبسط في المشرق والمغرب الدين من كرامة الحجّة بن الحسن صلوات الله عليه.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث 118، 153، 219، 284، 327، 361، 399، 429، 440 (إلّا أنّه ليس فيه اقتداء عيسى بن (عليه السلام))، 539، 553، 582، 668، 669، 756 إلى 761، 764، 765، 766، 768 إلى 711، 918، 1066، 1071، 1081، 1083، 1105.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(312) الصهبة- بالضمّ-: الشقرة في شعر الرأس.(مجمع البحرين: مادّة صهب).
أقول: الأحاديث الدالّة على أنّ عيسى بن مريم (عليه السلام) ينزل ويصلّي خلف القائم- عجّل الله فرجه- كما قال العلامة المجلسي، ويجدها الناظر في كتب الحديث كثيرة جدّا، قد أوردتها الخاصّة والعامّة بطرق مختلفة، ورواها من العامّة أرباب الصحاح والسنن والمسانيد: البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجة، وأحمد، وأبو داود، والطيالسي، في روايات متعدّدة، يكفيك في ذلك مراجعة: مسند أحمد، ومفتاح كنوز السنّة، وقد جاء بذلك أيضا الآثار الكثيرة، ولا يشكّ في تواتر الأحاديث ولا الآثار إلّا المشكّك المرتاب.

(١٦١)

الفصل التاسع: في أنّه (عليه السلام) يقتل الدجّال وفيه 6 أحاديث

1167-(313)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة، قال: حدّثنا الحسين بن معاذ، قال: حدّثنا قيس بن حفص، قال: حدّثنا يونس بن أرقم، عن أبي سيّار الشيباني، عن الضحّاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، قال: خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) (في حديث طويل)، فقام إليه صعصعة بن صوحان فقال: يا أمير المؤمنين! متى يخرج الدجّال؟ فقال له علي (عليه السلام): اقعد، فقد سمع الله كلامك... إلى أن قال: يقتله الله (عزّ وجلّ) بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق، لثلاث ساعات مضت من يوم الجمعة، على يد من يصلّي المسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام) خلفه... والحديث طويل.
1168-(314)- كمال الدين: حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(313) (1)- كمال الدين: ج 2 ص 525- 527 ب 47 ح 1؛ البحار: ج 52 ص 194 ب 25 ح 26 من حديث طويل؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 88 من حديث طويل؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1135- 1137 ح 53 من حديث طويل؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 522- 523 ب 32 ح 407.
(314) (2)- كمال الدين: ج 2 ص 335- 336 ب 33 ح 7.

(١٦٢)

- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبي، عن محمّد بن الحسين بن يزيد الزيات عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن ابن سماعة، عن علي بن الحسن بن رباط، عن أبيه، عن المفضّل بن عمر، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام): إنّ الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام، فهي أرواحنا، فقيل له: يا ابن رسول الله! ومن الأربعة عشر؟ فقال: محمّد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، والأئمّة من ولد الحسين، آخرهم القائم الّذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجّال، ويطهّر الأرض من كلّ جور وظلم.
1169-(315)- بحار الأنوار: رأيت في بعض الكتب المعتبرة: روى فضل الله بن علي بن عبيد الله بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن محمد بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن محمّد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن علي بن أبي طالب- تولاه الله في الدارين بالحسنى-، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد بن أحمد بن العبّاس الدوريستي، عن أبي محمّد جعفر بن أحمد بن علي المونسي القمّي، عن علي بن بلال، عن أحمد بن محمّد بن يوسف، عن حبيب الخير، عن محمّد بن الحسين الصائغ، عن أبيه، عن معلّى بن خنيس، قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام) يوم النيروز، فقال (عليه السلام)... في حديث إلى أن قال: وهو اليوم الّذي يظهر فيه قائمنا وولاة الأمر، وهو اليوم الّذي يظفر فيه قائمنا بالدجّال فيصلبه على كناسة الكوفة، وما من يوم نيروز إلّا ونحن نتوقّع فيه الفرج.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث 114، 668، 918.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(315) (3)- بحار الأنوار: ج 59 ص 91- 92 ب 22 يوم النيروز(والحديث طويل)؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 142 ب 32 ف 46 ح 693 عن كتاب المهذّب لأحمد بن فهد.

(١٦٣)

الفصل العاشر: في أنّه يقاتل السفياني وفيه 8 أحاديث

1170-(316)- المستدرك: حدّثنا أبو محمّد أحمد بن عبد الله المزني، حدّثنا زكريا بن يحيى الساجي، حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن أبي سمينة، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق، وعامّة من يتّبعه من كلب، فيقتل حتّى يبقر بطون النساء، ويقتل الصّبيان، فتجمع لهم قيس فيقتلها حتّى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرّة، فيبلغ السفياني فيبعث إليه جندا من جنده فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتى إذا صار ببيداء من الأرض خسف بهم، فلا ينجو إلّا المخبر عنهم.
1171-(317)- الفتن: حدّثنا يحيى بن سعيد العطّار، حدّثنا حجّاج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(316) (1)- المستدرك وتلخيص المستدرك: ج 4 كتاب الفتن والملاحم ص 520؛ الدرّ المنثور: ج 5 ص 241؛ عقد الدرر: ص 73 ب 4 ف 2.
(317) (2)- الفتن: ج 1 ص 17 ب تسمية الفتن؛ المستدرك: بإسناده عن الوليد عن إبراهيم عن علقمة قال: قال:... ج 4 ص 468 وتلخيصه؛ الدرّ المنثور: ج 5 ص 241؛ عقد الدرر: ص 71 ف 2 ب 4.

(١٦٤)

-رجل منّا- عن الوليد بن عيّاش، قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: قال لنا رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): احذّركم سبع فتن تكون بعدي: فتنة تقبل من المدينة، وفتنة بمكّة، وفتنة تقبل من اليمن، وفتنة تقبل من الشام، وفتنة تقبل من المشرق، وفتنة من قبل المغرب، وفتنة من بطن الشام وهي فتنة السفياني.
1172-(318)- تاريخ المدينة المنوّرة: حدّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، قال: أنبأنا عليّ بن زيد، عن الحسن، عن أمّ سلمة- رضي الله عنها-: قالت: بينما النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) مضطجع في بيته إذ احتفز جالسا، فجعل يتوجّع، فقلت: بأبي أنت وامّي يا رسول الله! مالك تتوجّع؟ قال: جيش من أمّتي يجوز من قبل الشام، يؤمّون البيت لرجل منعه الله منهم، حتّى إذا علوا البيداء من ذي الحليفة خسف بهم ومصادرهم شتّى، قلت: بأبي أنت وامّي يا رسول الله! كيف يخسف بهم جميعا ومصادرهم شتّى؟ قال: إنّ منهم من جبر (من يكرهه فيجيء مكرها).
1173-(319)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا علي بن الحسن، عن العبّاس بن عامر، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة بن أعين، عن عبد الملك بن أعين، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فجرى ذكر القائم (عليه السلام)، فقلت له: أرجو أن يكون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(318) (3)- تاريخ المدينة المنوّرة: ج 1 ص 309- 310 ب ذكر البيداء عن أمّ سلمة وبسند آخر عن عائشة؛ المسند: ج 6 ص 316 عن أمّ سلمة بمعناه؛ وفاء الوفا: ج 4 ص 1158.
(319) (4)- غيبة النعماني: ص 301 ب 18 ح 4؛ البحار: ج 52 ص 249 ب 25 ح 132.

(١٦٥)

عاجلا، ولا يكون سفيانيّ، فقال: لا واللّه، إنّه لمن المحتوم الّذي لا بدّ منه.
1174-(320)- غيبة النعماني: حدّثنا محمّد بن همّام، قال: حدّثني جعفر بن محمّد بن مالك، قال: حدّثني عبّاد بن يعقوب، قال: حدّثنا خلاد الصائغ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: السفياني لا بدّ منه، ولا يخرج إلّا في رجب، فقال له رجل: يا أبا عبد الله! إذا خرج فما حالنا؟ قال (عليه السلام): إذا كان ذلك فإلينا.
1175-(321)- تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العبّاس- رحمه الله-: حدّثنا محمّد بن الحسن بن علي الصبّاح المدائني، عن الحسن بن محمّد بن شعيب، عن موسى بن عمر بن زيد، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: يخرج القائم فيسير حتّى يمرّ بمرّ، فيبلغه أنّ عامله قد قتل، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة ولا يزيد على ذلك شيئا، ثمّ ينطلق فيدعو الناس حتّى ينتهي إلى البيداء، فيخرج جيشان للسفياني، فيأمر الله (عزّ وجلّ) الأرض أن تأخذ بأقدامهم، وهو قوله (عزّ وجلّ): (ولَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وقالُوا آمَنَّا بِهِ) يعني بقيام القائم (وقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) يعني بقيام القائم [من] آل محمّد صلّى الله عليهم (ويَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنّهم كانوا في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(320) (5)- غيبة النعماني: ص 302 ب 18 ح 7؛ البحار: ج 52 ص 249 ب 25 ح 135.
(321) (6)- تأويل الآيات الظاهرة: ص 467؛ البرهان: ج 3 ص 355- 356 ح 6 وفيه: «حتّى يمرّ بمو» وجعل«مرّا» نسخة بدل، وفيه أيضا: «فيخرج جيش للسفياني»؛ المحجّة:
ص 180؛ البحار: ج 52 ص 187- 188 ب 25 ح 13.

(١٦٦)

(شَكٍّ مُرِيبٍ)(322).
1176-(323)- تاريخ المدينة المنوّرة: حدّثنا أحمد بن عيسى، قال: حدّثنا عبد الله بن وهب، قال: حدّثني ابن لهيعة، عن بسر بن لخم المعافري، قال: سمعت أبا فراس يقول: سمعت عبد الله بن عمر يقول: إذا خسف بالجيش بالبيداء فهو علامة خروج المهدي. ويدلّ عليه الحديث 903.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(322) سبأ: 51- 54.
(323) (2)- تاريخ المدينة المنوّرة: ج 1 ص 310 ب ذكر البيداء؛ وفاء الوفا: ج 4 ص 1158.
أقول: إنّ الأحاديث في السفياني وخسف جيشه بالبيداء كثيرة جدّا كما أشرنا سابقا منها أحاديث في تفسير قوله تعالى: (ولَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا...) رواها الخاصّ والعامّ عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وعن أمّ سلمة، وعائشة، وحفصة، وابن عباس، وأبي هريرة، وحذيفة، والإمام محمد بن علي الباقر، وابنه الإمام جعفر الصادق (عليهم السلام)، وغيرهم.

(١٦٧)

الفصل الحادي عشر: في عمران الأرض في دولته (عليه السلام) وفيه في نفس الباب حديثان

1177-(324)- إسعاف الراغبين: (من حديث طويل) وأنّه يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، وتظهر له الكنوز، ولا يبقى في الأرض خراب إلّا يعمّره.
1178-(325)- الفصول المهمّة: عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: المهدي منّا منصور بالرعب، مؤيّد بالظفر، تطوى له الأرض، وتظهر له الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب إلّا عمّره، ولا تدع الأرض شيئا من نباتها إلّا أخرجته، ويتنعّم الناس في زمانه نعمة لم يتنعّموا مثلها قطّ... والحديث طويل، أخذنا منه موضع الحاجة.
ويدلّ عليه بالمطابقة والالتزام من سائر الأبواب روايات اخرى كثيرة متواترة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(324) (1)- إسعاف الراغبين(بهامش نور الأبصار): ص 153؛ نور الأبصار: ص 189؛ المجالس السنيّة ج 2 ص 711.
(325) (2)- الفصول المهمّة: ص 302- 303؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 57- 58 ب 32 ح 441.

(١٦٨)

الفصل الثاني عشر: في تسهيل الامور، وتكامل العقول، وبثّ العلم في عصره وأنّ الدنيا تكون عنده بمنزلة راحته، والأرض تطوى له وفيه 10 أحاديث

1179-(326)- الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(326) (1)- الكافي: ج 1 ص 25 كتاب العقل والجهل ح 21؛ الوافي: ج 1 ص 114 ب العقل والجهل ح 25 قال: «وضع الله يده: أنزل رحمته، وأكمل نعمته».
وقال المولى رفيع الدين النائيني: «وضع اليد كناية عن إنزال الرحمة والتقوية بإكمال النعمة؛ وقوله: «فجمع بها عقولهم» يحتمل وجهين؛ أحدهما: أنّه يجعل عقولهم مجتمعين على الإقرار بالحقّ، فلا يقع بينهم اختلاف، ويتّفقون على التصديق، والآخر: أنّه يجمع عقل كلّ واحد منهم، ويكون جمعه باعتبار مطاوعة القوى النفسانية للعقل، فلا يتفرّق لتفرّقها،«وكملت أحلامهم» تأسيس على الأوّل وتأكيد على الثاني».
وقال العلامة المجلسي في مرآة العقول: «الضمير في قوله«يده» إمّا راجع إلى الله أو الى القائم (عليه السلام)، وعلى التقديرين كناية عن الرحمة والشفقة، أو القدرة والاستيلاء، وعلى الأخير يحتمل الحقيقة. قوله (عليه السلام): «فجمع بها عقولهم» يحتمل وجهين، ثمّ ذكر كلام النائيني وقال: والأوّل أظهر، والضمير في«بها» راجع إلى اليد، وفي«به» إلى الوضع أو إلى القائم (عليه السلام). والأحلام: جمع الحلم- بالكسر- وهو العقل».- أقول: وبعد استظهار أنّ المراد من يد الله عنايته ورحمته، كما أنّ في قوله تعالى: (يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) المراد يد قدرته، احتمال أن يكون المراد باليد واسطة جوده وفيضه، فتكون هي: إمّا القائم (عليه السلام)، أو العقل أو ملكا من الملائكة خلاف الظاهر؛ لأنّه يدلّ على كون هذه العناية بغير واسطة أحد. ويؤيّد ما احتمله العلامة المجلسي من رجوع الضمير في«به» إلى القائم (عليه السلام) ما رواه في مختصر بصائر الدرجات: ص 117 بسنده عن المثنّى الحنّاط عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: «إذا قام قائمنا وضع يده على رءوس العباد، فجمع به عقولهم، وأكمل به أحلامهم»، وروى مثله في كمال الدين: ج 2 ص 675 ب 58 ح 30 بسنده عن ابن أبي يعفور عن مولى لبني شيبان إلّا أنّه قال: «فجمع بها»، ورواه في البحار: ج 52 ص 328 ب 27 ح 47، وص 336 ح 71.
إثبات الهداة: ج 6 ص 367 ب 32 ح 48؛ الخرائج والجرائح: ج 2 ص 840 ح 57(إلّا أنّه قال): «وأكمل بها أخلاقهم» بدل«أحلامهم»؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 200 وفيه: «أكمل به أحلامهم»؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 625- 626 ب 36.

(١٦٩)

الوشّاء، عن المثنّى الحنّاط، عن قتيبة الأعشى، عن ابن أبي يعفور، عن مولى لبني شيبان، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا قام قائمنا وضع الله يده على رءوس العباد، فجمع بها عقولهم، وكملت به أحلامهم.
1180-(327)- الروضة: أبو علي الأشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العبّاس بن عامر، عن الربيع بن محمّد المسلي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ قائمنا إذا قام مدّ الله (عزّ وجلّ) لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتّى [لا] يكون بينهم وبين القائم بريد، يكلّمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه.
1181-(328)- كمال الدين: وبهذا الإسناد (أي حدّثنا محمّد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(327) (2)- روضة الكافي: ص 240- 241 ح 329؛ مختصر البصائر: ص 117 وفيه: «حتّى يكون»؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 840- 841 ح 58؛ البحار: ج 52 ص 336 ب 27 ح 72؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 371 ب 32 ح 59؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 200؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 642 ب 44.
(328) (3)- كمال الدين: ج 2 ص 674 ب 58 ح 29؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 199؛ البحار: ج 52 ص 328 ب 27 ح 46؛ إثبات الهداة: ج 6 ص 451 باب 32 ح 252؛ النوادر: ص 183 كتاب أنباء القائم (عليه السلام) ب 66.

(١٧٠)

علي ماجيلويه- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن بشر بن جعفر) عن المفضّل بن عمر، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنّه إذا تناهت الامور إلى صاحب هذا الأمر رفع الله تبارك وتعالى كلّ منخفض من الأرض، وخفض له كلّ مرتفع منها، حتّى تكون الدنيا عنده بمنزلة راحته، فأيّكم لو كانت في راحته شعرة لم يبصرها؟
1182-(329)- مختصر بصائر الدرجات: عن موسى بن عمر بن يزيد الصيقل، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن حمزة، عن أبان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: العلم سبعة وعشرون حرفا، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان، فلم يعرف الناس حتّى اليوم غير حرفين، فإذا قام القائم (عليه السلام) أخرج الخمسة والعشرين حرفا فبثّها في الناس، وضمّ إليها الحرفين حتّى يبثّها سبعة وعشرين حرفا.
1183-(330)- البحار: وبإسناده يرفعه إلى ابن مسكان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ المؤمن في زمان القائم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(329) (4)- مختصر بصائر الدرجات: ص 117؛ منتخب الأنوار المضيئة: ص 201؛ الخرائج والجرائح: ج 2 ص 841 ب 16 ح 59 وجاء بدل«حرفان»: «جزءان»، وبدل«حرفا»: «جزءا»؛ البحار: ج 52 ص 336 ب 27 ح 73.
(330) (5)- البحار: ج 52 ص 391 ب 27 ح 213، والظاهر أنّ مراده من قوله: «بإسناده» إسناد السيد علي بن عبد الحميد في كتابه في الغيبة؛ حقّ اليقين: ج 2 ص 229؛ إثبات الهداة:
ج 3 ص 584 ب 32 ح 789.

(١٧١)

عليه السلام وهو بالمشرق يرى أخاه الّذي في المغرب، وكذا الّذي في المغرب يرى أخاه الّذي بالمشرق.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 554، 574، 653، 669، 1177.

(١٧٢)

الفصل الثالث عشر: في ظهور الاخوّة الإيمانيّة بظهوره، والتزام الناس بالتعاطف والتراحم والتوادد والتحابب وفيه 3 أحاديث

1184-(331)- من لا يحضره الفقيه: روى أبو الحسين محمّد بن جعفر الأسدي- رضي الله عنه- عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الخبر الّذي روي: «أنّ من كان بالرهن أوثق منه بأخيه المؤمن فأنا منه بري ء»، فقال: ذلك إذا ظهر الحقّ وقام قائمنا أهل البيت، قلت: فالخبر الّذي روي: «أنّ ربح المؤمن على المؤمن ربا» ما هو؟ قال: ذاك إذا ظهر الحقّ وقام قائمنا أهل البيت، وأمّا اليوم فلا بأس بأن يبيع من الأخ المؤمن ويربح عليه.
1185-(332)- مصادقة الإخوان: عن إسحاق بن عمّار، قال: كنت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(331) (1)- من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 313 كتاب المعيشة ب الرهن ح 4119؛ التهذيب: ج 7 ص 178 ب الرهون ح 785/ 42؛ الاستبصار: ج 3 ق 1 ص 70 ح 233/ 2 وفيه ذيل الحديث.
(332) (2)- مصادقة الإخوان: باب مواساة الإخوان بعضهم لبعض ب 6/ 3 ص 8.

(١٧٣)

عند أبي عبد الله (عليه السلام) فذكر مواساة الرجل لإخوانه، وما يجب عليه [عليهم]، فدخلني من ذلك أمر عظيم، عرف ذلك في وجهي فقال (عليه السلام): إنّما ذلك إذا قام القائم (عليه السلام) وجب عليهم أن يجهّزوا إخوانهم وأن يقوّ [و]هم.
1186-(333)- الاختصاص: وعنه (الضمير راجع إلى الراوي للحديث السابق) عن ربعي، عن بريد العجلي، قال: قيل لأبي جعفر الباقر (عليه السلام): إنّ أصحابنا بالكوفة جماعة كثيرة، فلو أمرتهم لأطاعوك واتّبعوك، فقال: يجيء أحدهم إلى كيس أخيه فيأخذ منه حاجته؟ فقال: لا، قال: فهم بدمائهم أبخل، ثمّ قال: إنّ الناس في هدنة، تناكحهم، وتوارثهم، وتقيم عليهم الحدود، وتؤدّي أماناتهم، حتّى إذا قام القائم (عليه السلام) جاءت المزايلة، ويأتي الرجل إلى كيس أخيه فيأخذ حاجته لا يمنعه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(333) (3)- الاختصاص: ص 24؛ البحار: ج 52 ص 372 ب 27 ح 164، إلّا أنّ فيه: «نناكحهم» بصيغة المتكلّم وكذا«نوارثهم» و«نقيم» و«نؤدّي»، وفيه: «المزاملة» وادّعى محشّيه تصحيف: «المزايلة».

(١٧٤)

الفصل الأوّل: في فضائلهم وفيه 21 حديثا

1187-(334)- أمالي الطوسي: علي بن أحمد المعروف بابن الحمّامي، عن محمّد بن جعفر القارئ، عن محمّد بن إسماعيل بن يوسف السلمي، عن سعيد بن أبي مريم، عن محمّد بن جعفر بن كثير، عن موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي (عليه السلام) أنّه قال: لتملأنّ الأرض ظلما وجورا حتى لا يقول أحد: «اللّه»، إلّا مستخفيا، ثمّ يأتي الله بقوم صالحين يملئونها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
1188-(335)- كنز العمّال: عن عليّ [عليه السلام] قال: ويحا للطالقان، فإنّ للّه فيها كنوزا ليست من ذهب ولا من فضّة، ولكن بها رجال عرفوا الله حقّ معرفته، وهم أنصار المهدي [عليه السلام] آخر الزمان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(334) (1)- أمالي الطوسي: ج 1 ص 391؛ البحار: ج 51 ص 117 ب 2 ح 17.
(335) (2)- كنز العمّال: ج 14 ص 591 ح 39677 عن أبي غنم الكوفي؛ منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد: ج 6 ص 34؛ البيان: ب 5 ص 106 عن ابن أعثم الكوفي، وقال:
«رجال مؤمنون»؛ عقد الدرر: ص 122 ب 5؛ المجالس السنية: ص 697 عن ابن اعثم؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 709 ب 54 ح 88.

(١٧٧)

1189-(336)- غيبة الشيخ: عنه (يعني: عن الفضل بن شاذان) عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن عمرو بن أبي المقدام، عن عمران بن ظبيان، عن حكيم بن سعد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أصحاب المهدي شباب، لا كهول فيهم إلّا مثل كحل العين والملح في الزاد، وأقلّ الزاد الملح.
1190-(337)- دلائل الإمامة: حدّثني أبو الحسين محمّد بن هارون، قال: حدّثنا أبي هارون بن موسى بن أحمد، قال: حدّثنا أبو علي الحسن بن محمّد النهاوندي، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن إبراهيم بن عبد الله القمّي القطّان المعروف بابن الخزّاز، قال: حدّثنا محمّد بن زياد، عن أبي عبد الله الخراساني، [قال: حدثنا ابو الحسين عبد الله بن الحسن الزهري] قال: حدّثنا أبو حسان سعيد بن جناح، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:... والحديث طويل ذكر فيه عدّة أصحابه (عليه السلام) من البلاد... فساق الحديث إلى أن قال: قال أبو بصير: جعلت فداك، ليس على الأرض يومئذ مؤمن غيرهم؟ قال: بلى، ولكن هذه [العدّة]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(336) (3)- غيبة الشيخ: ص 471 ح 501 ب بعض منازله...؛ الملاحم والفتن: ص 144- 145 ب 77 ممّا أخرجه من كتاب الفتن للسليلي بإسناده عن ابن ظبيان عن الحكيم بن سعيد قال: «سمعت عليّا (عليه السلام) يقول: أصحاب المهدي شباب لا كهل فيهم»؛ غيبة النعماني: ص 315- 316؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 37 ب 32 ح 377؛ البحار: ج 52 ص 333- 334 ب 27 ح 63.
(337) (4)- دلائل الإمامة: ص 307- 310، وروى في حديث بالاسناد المذكور عدتهم واسماءهم واسماء بلادهم، وروى الحديث المذكور بطوله في الملاحم والفتن:
ص 201- 205 عن كتاب يعقوب بن نعيم قرقارة الكاتب لأبي يوسف، عن أحمد بن محمّد الأسدي، عن سعيد بن جناح، عن مسعدة: أنّ أبا بصير قال لجعفر بن محمّد (عليه السلام):... الخ.

(١٧٨)

الّتي يخرج الله فيها القائم [عليه السلام]، هم النجباء، والقضاة والحكّام، والفقهاء في الدين، يمسح الله بطونهم وظهورهم فلا يشتبه عليهم حكم.
1191-(338)- تاريخ قم: بإسناده عن عفّان البصري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: أ تدري لم سمّي قم؟ قلت: الله ورسوله وأنت أعلم، قال: إنّما سمّي قم لأنّ أهله يجتمعون مع قائم آل محمّد صلوات الله عليه، يقومون معه، ويستقيمون عليه وينصرونه.

1192-(339)- الدرّ المنثور: أخرج ابن مردويه، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): أصحاب الكهف أعوان المهدي [عليه السلام].
ويدلّ عليه الأحاديث: 505، 1139 إلى 1152.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(338) (5)- البحار: ج 60 ص 216 ب 36 ح 38.
(339) (6)- الدرّ المنثور: ج 4 ص 315؛ وفي السيرة الحلبيّة ج 1 ص 22: «قد ذكر بعضهم: أنّ أهل الكهف كلّهم أعجام، ولا يتكلّمون إلّا بالعربيّة، وأنّهم يكونون وزراء المهدي [عليه السلام]».

(١٧٩)

الفصل الثاني: في قوّتهم وشدّتهم وغلبتهم على الأعداء وفيه 6 أحاديث

1193-(340)- الفتن: حدّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث ابن يزيد، سمع ابن زرير الغافقي، سمع عليّا [عليه السلام] يقول: يخرج (يعني: المهدي (عليه السلام)) في اثني عشر ألفا إن قلّوا أو خمسة عشر ألفا إن كثروا، فيسير الرعب بين يديه، لا يلقاه عدوّ إلّا هزمهم بإذن الله، شعارهم: أمت أمت، لا يبالون في الله لومة لائم، فيخرج إليهم سبع رايات من الشام فيهزمهم... الحديث.
1194-(341)- دلائل الإمامة: أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(340) (1)- الفتن: ب خروج المهدي [عليه السلام] من مكّة ص 186، وقريب منه حديثه الآخر بعد هذا الحديث عن عليّ (عليه السلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وفيه: «وعند ذلك يخرج رجل من أهل بيتي في ثلاث رايات، المكثر يقول: خمسة عشر ألفا، والمقلّل يقول: اثنا عشر ألفا، أمارتهم: أمت، أمت»؛ الملاحم والفتن: ص 64- 65 ب 130.
أقول: ذكرنا هذا الحديث هنا لأنّ أصحابه هم المعينون والناصرون له في غلبته على أعدائه وهزيمتهم منه، ولعلّ أن يكون ذلك مثل قولهم: بنى الأمير المدينة.
(341) (2)- دلائل الإمامة: ص 330؛ المحجّة: ص 46.

(١٨٠)

عن أبيه، قال: حدّثني محمّد بن همّام، قال: حدّثني أحمد ابن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن يونس بن ظبيان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فذكر أصحاب القائم (عليه السلام) فقال: ثلاثمائة وثلاثة عشر، وكلّ واحد يرى نفسه في ثلاثمائة.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 505، 1139، 1146، 1150.

(١٨١)

الفصل الاوّل: في مدّة ملكه بعد ظهوره وفيه 29 حديثا

1195-(342)- الاحتجاج: عن زيد بن وهب الجهني، عن الإمام الحسن السبط (عليه السلام)... في حديث ذكر فيه (عليه السلام) إخبار أمير المؤمنين (عليه السلام) إيّاه بإمارة معاوية، وأعماله الجائرة، وإماتته للحقّ وسنّة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)... إلى أن قال: يدرس في سلطانه الحقّ، ويظهر الباطل، ويقتل من ناواه على الحقّ، ويدين من والاه على الباطل، فكذلك حتّى يبعث الله رجلا في آخر الزمان، وكلب من الدهر، وجهل من الناس، يؤيّده الله بملائكته، ويعصم أنصاره، وينصره بآياته، ويظهره على أهل الأرض حتّى يدينوا طوعا وكرها، يملأ الأرض قسطا وعدلا ونورا وبرهانا، يدين له عرض البلاد وطولها، لا يبقى كافر إلّا آمن به، ولا طالح إلّا صلح، وتصطلح في ملكه السباع، وتخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء بركتها، وتظهر له الكنوز، يملك ما بين الخافقين أربعين عاما، فطوبى لمن أدرك أيّامه وسمع كلامه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(342) (1)- الاحتجاج: ج 2 ص 290- 291؛ البحار: ج 52 ص 280 ب 26 ح 6؛ منن الرحمن: ج 2 ص 42؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 49 ب 32 ح 414.

(١٨٥)

1196-(343)- الفتن: حدّثنا أبو معاوية، عن موسى الجهني، عن زيد العمّي، عن أبي الصدّيق، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- عن النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال: المهدي يعيش في ذلك (يعني: بعد ما يملك) سبع سنين، أو ثمان، أو تسع.
1197-(344)- الفتن: حدّثنا عبد الله بن مروان، عن الهيثم بن عبد الرحمن، عمّن حدّثه، عن علي [عليه السلام] قال: يلي المهدي أمر الناس ثلاثين أو أربعين سنة.
1198-(345)- جواهر العقدين: عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدرّي، اللون لون عربيّ، والجسم جسم إسرائيلي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، يرضى بخلافته أهل السماء، وأهل الأرض، والطير في الجوّ، يملك عشرين سنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(343) (2)- الفتن: ب قدر ما يملك المهدي ص 201، وروى نعيم في الباب بهذا المضمون روايات اخرى عن أبي سعيد ص 201- 202؛ عقد الدرر: ص 238 ب 11.
(344) (3)- الفتن: ب قدر ما يملك المهدي ص 202؛ الفتاوي الحديثيّة: ص 42 وقال: «ولا ينافيه الخبر السابق أنّه يملك سبع أو تسع سنين؛ لإمكان حمله على أنّ ذلك مدّة تزايد ظهور ملكه وقوّته»؛ البيان: ص 111 ب 6 بسنده عن نعيم... عن عليّ (عليه السلام) قال:
«يلي المهدي (عليه السلام) الناس أربعين سنة» ولم يذكر: «ثلاثين»؛ كنز العمّال: ج 14 ص 591 ح 39776؛ منتخب كنز العمّال: بهامش مسند أحمد: ج 6 ص 34؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ص 163 ب 10 ح 9؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 155؛ عقد الدرر: ص 240 ب 11.
(345) (4)- جواهر العقدين: ق 2 ذ 8 قال: «أخرجه الروياني وكذا الطبراني»؛ عقد الدرر: ص 239 ب 11 مختصرا؛ المجالس السنيّة: ج 2 ص 702؛ الصواعق المحرقة: ص 163 عن الروياني والطبراني وغيرهما؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 481؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 199 ب 32 ح 68.

(١٨٦)

1199-(346)- عقد الدرر: عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قصّة المهدي، قال: ولا يترك بدعة إلّا أزالها، ولا سنّة إلّا أقامها، ويفتح قسطنطينية والصين وجبال الديلم، فيمكث على ذلك سبع سنين، مقدار كلّ سنة عشر سنين من سنيكم هذه، ثمّ يفعل الله تعالى ما يشاء.
1200-(347)- عقد الدرر: عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يلتفت المهدي، وقد نزل عيسى بن مريم... فذكر الحديث، وفي آخره: فيمكث أربعين سنة (يعني: المهدي).
1201-(348)- أعيان الشيعة: كتاب فضل الكوفة لمحمّد بن علي العلوي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يملك المهدي أمر الناس سبعا أو عشرا، أسعد الناس به أهل الكوفة.
1202-(349)- غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة الكوفي، قال: حدّثني علي بن الحسن التيملي، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن أبيه؛ ومحمّد بن علي، عن أبيه، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(346) (5)- عقد الدرر: ص 224 و239 ب 9 و11؛ الإرشاد: ص 365 وفيه: «عن أبي بصير، عن أبي جعفر... والحديث طويل»؛ البحار: ج 52 ص 339 ب 27 ح 84 وفيه: «عن أبي بصير، عن أبي جعفر... والحديث طويل».
(347) (6)- عقد الدرر: ص 240 ب 11 قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في مناقب المهدي، وأبو القاسم الطبراني في معجمه.
(348) (7)- أعيان الشيعة: ج 2 ص 698؛ ينابيع المودّة: ص 492 ب 94؛ غاية المرام: ص 704.
(349) (8)- غيبة النعماني: ص 331- 332 ب 24 ح 1 و2 و4؛ البحار: ج 52 ص 298- 299 ب 26 ح 59 و60 و62؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 640 ب 43 بثلاثة طرق؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 92 ب 32 ح 542.

(١٨٧)

أحمد بن عمر الحلبي، عن حمزة بن حمران، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: [ي] ملك القائم تسع عشرة سنة وأشهرا.
وفي غيبة النعماني أيضا: أخبرنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن حمّاد الأنصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، قال: حدّثني عبد الله بن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ملك القائم منّا تسع عشرة سنة وأشهرا.
وفيه أيضا بسند ثالث عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّ القائم يملك تسع عشرة سنة وأشهرا.
1203-(350)- الإرشاد: روى عبد الكريم الخثعمي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كم يملك القائم (عليه السلام)؟ قال: سبع سنين، تطول له الأيّام، حتّى تكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم، فيكون سنو ملكه سبعين سنة من سنيكم هذه... الحديث.
1204-(351)- الغيبة للفضل: حدّثنا علي بن عبد الله، عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله، عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(350) (9)- الإرشاد: ص 390 ف الأخبار في مدّة ملك القائم (عليه السلام) ح 1؛ غيبة الشيخ: ص 283 عن الفضل عن عبد الله الحضرمي عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي مختصرا؛ البحار: ج 52 ص 291 ب 26 ح 35 عن غيبة الشيخ؛ النوادر: ب 70 ص 190؛ الفصول المهمّة: ص 302؛ اعلام الورى: ص 432؛ كشف الغمّة: ص 463؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 36 ب 32 ح 373.
(351) (10)- الأربعين الموسوم بكفاية المهتدي: ص 230 ذيل ح 40؛ غيبة الشيخ: ص 474 ح 496 عن الفضل...؛ البحار: ج 52 ص 390 ب 27 ح 212؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 516- 517 ب 32 ح 372.

(١٨٨)

عليه السلام: إنّ القائم يملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، ويفتح الله له شرق الأرض وغربها، ويقتل الناس حتّى لا يبقى إلّا دين محمّد (صلّى الله عليه وآله) وسلم، يسير بسيرة سليمان بن داود [على نبيّنا وآله وعليهما السلام].
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 161، 358، 360، 365، 366، 367، 368، 370، 405، 419، 431، 435، 502، 505، 668، 731، 1130، 1132، 1133.

(١٨٩)

الفصل الثاني: في كيفيّة عيشه ومأكله وملبسه وفيه 7 أحاديث

1205-(352)- غيبة النعماني: أخبرنا علي بن الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار بقم، قال: حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي، قال: حدّثنا محمّد بن علي الكوفي، عن معمّر بن خلاد، قال: ذكر القائم عند أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فقال: أنتم اليوم أرخى بالا منكم يومئذ، قالوا: وكيف؟ قال (عليه السلام): لو قد خرج قائمنا (عليه السلام) لم يكن إلّا العلق والعرق، والنوم على السروج، وما لباس القائم (عليه السلام) إلّا الغليظ، وما طعامه إلّا الجشب (353).
1206-(354)- غيبة النعماني: حدّثنا عبد الواحد بن عبد الله ابن يونس، قال: حدّثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(352) (1)- غيبة النعماني: ص 285 ب 15 ح 5؛ البحار: ج 52 ص 358- 359 ب 27 ح 126 وفيه: «والقوم على السروج»؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 543 ب 32 ح 527.
(353) الجشب- بكسر الشين-: الطعام الغليظ الخشن(لسان العرب: مادّة جشب.
(354) (2)- غيبة النعماني: ص 286- 287 ب 15 ح 7؛ البحار: ج 52 ص 359 ب 27 ح 127 وفيه: «سياحة».

(١٩٠)

إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: حدّثنا عبد الله بن حمّاد الأنصاري، عن المفضّل بن عمر، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) بالطواف، فنظر إليّ وقال لي: يا مفضّل! مالي أراك مهموما متغيّر اللون؟ قال: فقلت له: جعلت فداك، نظري إلى بني العبّاس وما في أيديهم من هذا الملك والسلطان والجبروت، فلو كان ذلك لكم لكنّا فيه معكم، فقال: يا مفضّل! أما لو كان ذلك لم يكن إلّا سياسة اللّيل وسباحة [سياحة] النهار، وأكل الجشب، ولبس الخشن، شبه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وإلّا فالنار، فزوي ذلك عنّا، فصرنا نأكل ونشرب، وهل رأيت ظلامة جعلها الله نعمة مثل هذا؟
1207-(355)- غيبة النعماني: أخبرنا أبو سليمان، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا عبد الله بن حمّاد، عن عمرو بن شمر، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) في بيته، والبيت غاصّ بأهله، فأقبل الناس يسألونه، فلا يسأل عن شيء إلّا أجاب فيه، فبكيت من ناحية البيت، فقال: ما يبكيك يا عمرو؟ قلت: جعلت فداك، وكيف لا أبكي، وهل في هذه الامّة مثلك والباب مغلق عليك والستر مرخى عليك؟ فقال: لا تبك يا عمرو! نأكل أكثر الطيب، ونلبس اللين، ولو كان الّذي تقول لم يكن إلّا أكل الجشب ولبس الخشن مثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وإلّا فمعالجة الأغلال في النار.
1208-(356)- الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن المعلّى بن خنيس، قال: قلت لأبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(355) (3)- غيبة النعماني: ص 287- 288 ب 15 ح 8؛ البحار: ج 52 ص 360 ب 27 ح 128.
(356) (4)- الكافي: ج 1 ص 410 ب سيرة الإمام... ح 2؛ الوافي: ج 3 ب 99 ح 1256/ 2؛ مرآة العقول: ج 4 ص 362- 363 ب سيرة الامام... ح 2؛ دعوات الراوندي: ص 296 ح 60 عن المعلّى مختصرا.

(١٩١)

عبد الله (عليه السلام) يوما: جعلت فداك، ذكرت آل فلان وما هم فيه من النعيم، فقلت: لو كان هذا إليكم لعشنا معكم، فقال: هيهات يا معلّى! أما واللّه لو كان ذاك ما كان إلّا سياسة الليل، وسياحة النهار، ولبس الخشن، وأكل الجشب، فزوي ذلك عنّا، فهل رأيت ظلامة قطّ صيّرها الله تعالى نعمة إلّا هذه؟
1209-(357)- غيبة النعماني: أخبرنا علي بن الحسين بإسناده، عن محمّد بن علي الكوفي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: ما تستعجلون بخروج القائم؟ فو الله ما لباسه إلّا الغليظ، ولا طعامه إلّا الجشب، وما هو إلّا السيف والموت تحت ظلّ السيف.
1210-(358)- دعوات الراوندي: وقال (عليه السلام) (يعني: أبا عبد الله (عليه السلام)) للمفضّل بن عمر: لو كان هذا الأمر إلينا ما كان إلّا عيش رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسيرة أمير المؤمنين (عليه السلام).
1211-(359)- عقد الدرر: عن أبي عبد الله الحسين بن علي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(357) (5)- غيبة النعماني: ص 233 ب 13 ح 20، ورواه بسند آخر مع اختلاف يسير في الألفاظ ب 13 ح 21؛ البحار: ج 52 ص 354- 355 ب 27 ح 115 و116؛ النوادر: ص 186 ب سيرته (عليه السلام)؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 33 ب 32 ح 360؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 629 ب 37.
(358) (6)- دعوات الراوندي: ص 296 ح 61؛ البحار: ج 52 ص 340 ب 27 ح 88.
(359) (7)- عقد الدرر: ص 228 ف 3 ب 9؛ كشف الأستار: ص 126 الطبعة الاولى. والظاهر أنّ الخبر مروي عن مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام)، وكان في الأصل أبو عبد الله، فظنّه مؤلّف عقد الدرر أو بعض نسّاخ كتابه أنّه هو مولانا سيّد الشهداء أبو عبد الله الحسين (عليه السلام)، فراجع غيبة النعماني: ص 234 ب 13 ح 21- تجد هذا المتن باختلاف يسير عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) برواية أبي بصير عنه، ولفظه هكذا: «إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلّا السيف، ما يأخذ منها إلّا السيف، وما يستعجلون بخروج القائم، واللّه ما لباسه إلّا الغليظ، وما طعامه إلّا الشعير الجشب... الحديث» ومثله ما في إثبات الهداة: ج 3 ص 540 ب 32 ح 504.

(١٩٢)

عليهما السلام أنّه قال: إذا خرج المهدي (عليه السلام) لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلّا السيف، وما يستعجلون بخروج المهدي، واللّه ما لباسه إلّا الغليظ، ولا طعامه إلّا الشعير، وما هو إلّا السيف والموت تحت ظلّ السيف.

(١٩٣)

الفصل الثالث: فيما يدعو إليه ويعمل به وفيه 8 أحاديث

1212-(360)- روضة الكافي: الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبي بصير، عن أحمد بن عمر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) وأتاه رجل فقال له: إنّكم أهل بيت رحمة، اختصّكم الله تبارك وتعالى بها، فقال له: كذلك نحن والحمد للّه، لا ندخل أحدا في ضلالة، ولا نخرجه من هدى، إنّ الدنيا لا تذهب حتّى يبعث الله (عزّ وجلّ) رجلا منّا أهل البيت، يعمل بكتاب الله، لا يرى فيكم منكرا إلّا أنكره.
1213-(361)- الفتن: حدّثنا سعيد بن عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر [عليه السلام] قال: ثمّ يظهر المهدي [عليه السلام] بمكّة عند العشاء ومعه راية رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، وقميصه، وسيفه، وعلامات، ونور، وبيان، فإذا صلّى العشاء نادى بأعلى صوته،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(360) (1)- روضة الكافي: ص 396 آخر الكتاب ح 597؛ الوافي: ج 2 ص 459 ح 977/ 9.
(361) (2)- الفتن: ص 184 ب اجتماع الناس بمكّة وبيعتهم للمهدي[عليه السلام]...؛ العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 144- 145؛ عقد الدرر: ص 145- 146 ب 7؛ الملاحم والفتن: ص 64 ب 129.

(١٩٤)

يقول: اذكّركم الله أيّها الناس! ومقامكم بين يدي ربّكم، فقد اتّخذ الحجّة، وبعث الأنبياء، وأنزل الكتاب، وأمركم أن لا تشركوا به شيئا، وأن تحافظوا على طاعته وإطاعة رسوله، وأن تحيوا ما أحيى القرآن، وتميتوا ما أمات، وتكونوا أعوانا على الهدى، ووزراء على التقوى، فإنّ الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها، وآذنت بالوداع، فإنّي أدعوكم إلى الله وإلى رسوله، والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سنّته. فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، عدّة أهل بدر على غير ميعاد، قزعا كقزع الخريف، رهبان الليل، اسد بالنهار، فيفتح الله للمهدي [عليه السلام] أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فتبعث بالبيعة إلى المهدي [عليه السلام]، ويبعث المهدي [عليه السلام] جنوده إلى الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينيّة.
1214-(362)- الفتوحات المكيّة: ورد الخبر في صفة المهدي [عليه السلام] أنّه قال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): يقفو أثري لا يخطئ.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 499، 677، 904، 1115، 1217.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(362) (3)- الفتوحات المكيّة: ج 3 ص 332 ب 366 وقال في ص 327 ب 366: «في معرفة منزل وزراء المهدي (عليه السلام) الظاهر في آخر الزمان الّذي بشّر به رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) وهو من أهل البيت... يقفو أثر رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، لا يخطئ، له ملك يسدّده من حيث لا يراه، يحمل الكلّ على الحقّ، ويقوي الضعيف على الحقّ، ويعين على نوائب الحقّ، يفعل ما يقول، ويقول ما يعلم، ويعلم ما يشهد».

(١٩٥)

الفصل الأوّل: فيمن أنكر القائم (عليه السلام) وكذّب به وفيه 9 أحاديث

1215-(363)- فوائد الأخبار المعروف بمعاني الأخبار: حدّثنا محمّد بن الحسن، حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد، حدّثنا إسماعيل ابن أبي اويس [أوكس]، حدّثنا مالك بن أنس، حدّثنا محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(363) (1)- فرائد السمطين: ج 2 ص 334 ح 585؛ التصريح بما تواتر في نزول المسيح: ص 242 ح 60؛ ورواه مختصرا في العرف الوردي(الحاوي للفتاوي): ج 2 ص 161 عن فوائد الأخبار عن جابر بهذا اللفظ: «من كذب بالدجّال فقد كفر، ومن كذّب بالمهدي فقد كفر»؛ ومثله في عقد الدرر: ص 157 ب 7 عن فوائد الأخبار وقال: «رواه أبو القاسم السهيلي- رحمه الله تعالى- في شرح السيرة له»؛ وفي الروض الأنف: ج 2 ص 431 أيضا مثل ما في العرف الوردي وعقد الدرر؛ وفي الإشاعة أيضا ص 112 كلّهم رووه من غير ذكر علّة فيه، فلا اعتبار بما في لسان الميزان من الحكم عليه بالوضع بادّعاء غلبة ظنّه أنّه ما عرف محمّد بن الحسن وشيخه، فهل ترى أنّ ذلك يوجب الحكم الجزمي بالوضع؟! وفي إرشاد المستهدي في نقل بعض الأحاديث والآثار الواردة في شأن المهدي أيضا ذكر ما ذكره البرزنجي المتضمّن لنقل الحديث إرسال المسلّمات، وأرسله أيضا إرسال المسلّمات يحيى بن محمّد الحنبلي في فتواه المشهورة، فقال: «وأمّا من كذّب بالمهدي الموعود به فقد أخبر عليه الصلاة والسلام بكفره» كما في البرهان: ص 182؛ الفتاوي الحديثيّة: ص 37؛ العطر الوردي: ص 144 أخرجه عن فوائد الأخبار لأبي بكر الاسكافي؛ وعن شرح السيرة للسهيلي.

(١٩٩)

عليه [وآله] وسلّم: من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما انزل على محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، ومن أنكر نزول عيسى بن مريم (عليه السلام) فقد كفر، ومن أنكر خروج الدجّال فقد كفر، ومن لم يؤمن بالقدر خيره وشرّه من الله (عزّ وجلّ) فقد كفر، فإنّ جبريل أخبرني بأنّ الله تعالى يقول: من لم يؤمن بالقدر خيره وشرّه من الله فليتّخذ ربّا غيري.
1216-(364)- كمال الدين: حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدّثنا سهل بن زياد الآدمي، قال: حدّثنا الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من أقرّ بالأئمّة من آبائي وولدي وجحد المهدي من ولدي كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد محمّدا (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقلت: يا سيّدي! ومن المهديّ من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع، يغيب عنهم شخصه، ولا يحلّ لهم تسميته.
وروى في كمال الدين بسند آخر(365): حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أبي، عن أيّوب بن نوح، عن محمّد بن سنان، عن صفوان [بن مهران]، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنّه قال: من أقرّ بجميع الأئمّة وجحد المهدي كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد محمّدا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نبوّته، فقيل له: يا بن رسول الله! فمن المهدي من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه، ولا يحلّ لكم تسميته.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(364) (2)- كمال الدين: ج 2 ص 410- 411 ب 39 ح 4؛ البحار: ج 51 ص 145 ب 6 ح 10.
(365) كمال الدين: ج 2 ص 411 ب 39 ح 5؛ البحار: ج 51 ص 143 ب 6 ح 4.

(٢٠٠)

1217-(366)- كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطّار- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، عن حمدان بن سليمان، قال: حدّثني أحمد بن عبد الله بن جعفر الهمداني، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): القائم من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنّته سنّتي، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربّي (عزّ وجلّ)، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومن كذّبه فقد كذّبني، ومن صدّقه فقد صدّقني، إلى الله أشكو المكذّبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلّين لامّتي عن طريقته، «وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون».
1218-(367)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من أنكر القائم من ولدي فقد أنكرني.
1219-(368)- كمال الدين: حدّثنا علي بن عبد الله الورّاق، قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن جعفر الأسدي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(366) (3)- كمال الدين: ج 2 ص 411 ب 39 ح 6؛ البحار: ج 51 ص 73 ب 1 ح 19.
(367) (4)- كمال الدين: ج 2 ص 412 ب 39 ح 8؛ البحار: ج 51 ص 73 ب 1 ح 20.
(368) (5) كمال الدين: ج 2 ص 412- 413 ب 39 ح 12؛ البحار: ج 51 ص 73 ب 1 ح 21.

(٢٠١)

غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من أنكر القائم من ولدي في زمان غيبته [ف] مات [فقد مات] ميتة جاهليّة.
ويدلّ على ذمّ إنكاره والتكذيب به الأخبار العامّة المتواترة، الدالّة على ذمّ من أنكر واحدا من الأئمّة ولم يعرف إمام زمانه.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 499، 544، 550، 561.

(٢٠٢)

الفصل الثاني: في فضل انتظار الفرج بظهوره (عليه السلام) وفيه 28 حديثا

1220-(369)- الصحيفة السجادية: قال مولانا الإمام زين العابدين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(369) (1)- الصحيفة السجادية: من دعائه (عليه السلام) في يوم عرفة.
قال السيّد الأجل السيّد علي خان شارح الصحيفة في شرح هذه الكلمة الشريفة«اللّهمّ وأوزع لوليّك»: «وقال بعضهم: وهو كناية عن المهدي (عليه السلام)».
أقول: ويؤيّد ذلك ما في الدعاء المروي في«مصباح المتهجّد» و«البلد الأمين» و«جنّة الأمان» و«الاختيار» و«فلاح السائل» الّذي سنذكره في الباب الآتي. وقال في المكيال فيما يستفاد من هذا الدعاء: «السابع: أنّ المراد بالوليّ المطلق في ألسنتهم ودعواتهم هو مولانا صاحب الزمان (عليه السلام)، وقد مرّ في الباب الخامس ما يدلّ عليه، ويأتي ما يدلّ عليه أيضا، انتهى».
وقال السيّد الشارح في شرح قوله (عليه السلام): «المنتظرين أيّامهم»: والمراد بأيّامهم: دولتهم، وملكهم، وظهور خلافتهم، وتمكّنهم في الأرض، وعبّر عن ذلك بالأيّام لكونها ظرفا له، كما قال تعالى: (وذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله) أي: وقائعه في الامم الخالية، والإشارة بذلك إلى أيّام صاحب الأمر المهدي المنتظر صلوات الله وسلامه عليه، وإنّما أضافها إلى جميعهم لأنّ دولته دولتهم، وكلمته كلمتهم جميعا، والمنسوب إلى بعضهم منسوب إلى كلّهم كما قال تعالى: (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) قال ابن عباس: الملك في آل ابراهيم ملك يوسف وداود وسليمان (عليهم السلام)، وإنّما نسبه إلى عامّتهم؛ لأنّ تشريف البعض تشريف الكلّ.
وقال: أيضا «في وصفه (عليه السلام) أولياءهم بهذين الوصفين- أعني انتظار أيّامهم ومدّ أعينهم إليهم- دلالة على أنّ ذلك من نعوتهم وفضائلهم الّتي يمدحون بها ويثابون عليها وهو كذلك... الخ».

(٢٠٣)

علي بن الحسين (عليهما السلام) في دعائه في يوم عرفة: ربّ صلّ على أطائب أهل بيته، الّذين اخترتهم لأمرك، وجعلتهم خزنة علمك، وحفظة دينك، وخلفاءك في أرضك، وحججك على عبادك، وطهّرتهم من الرجس والدنس تطهيرا بإرادتك، وجعلتهم الوسيلة إليك، والمسلك إلى جنّتك، ربّ صلّ على محمّد وآله صلاة تجزل لهم بها من نحلك وكرامتك، وتكمل لهم بها الاشياء من عطاياك ونوافلك، وتوفّر عليهم الحظّ من عوائدك وفوائدك، ربّ صلّ عليه وعليهم صلاة لا أمد في أوّلها، ولا غاية لأمدها، ولا نهاية لآخرها، ربّ صلّ عليهم زنة عرشك وما دونه، وملأ سماواتك وما فوقهنّ، وعدد أرضيك وما تحتهنّ وما بينهنّ، صلاة تقرّبهم منك زلفى، وتكون لك ولهم رضى، ومتّصلة بنظائرهنّ أبدا، اللهمّ إنّك أيّدت دينك في كلّ أوان بإمام أقمته علما لعبادك، ومنارا في بلادك، بعد أن وصلت حبله بحبلك، وجعلته الذريعة إلى رضوانك، وافترضت طاعته، وحذّرت معصيته، وأمرت بامتثال أمره، والانتهاء عند نهيه، ألّا يتقدّمه متقدّم، ولا يتأخّر عنه متأخّر، فهو عصمة اللائذين، وكهف المؤمنين، وعروة المتمسّكين، وبهاء العالمين، اللهمّ فأوزع لوليّك شكر ما أنعمت به عليه، وأوزعنا مثله فيه، وآته من لدنك سلطانا نصيرا، وافتح له فتحا يسيرا، وأعنه بركنك الأعزّ، واشدد أزره، وقوّ عضده، وراعه بعينك، واحمه بحفظك، وانصره بملائكتك، وامدده بجندك الأغلب، وأقم به كتابك وحدودك وشرائعك وسنن رسولك، صلواتك اللهم عليه وآله، وأحي به ما أماته

(٢٠٤)

الظالمون من معالم دينك، واجل به صدأ الجور عن طريقتك، وأبن به الضراء من سبيلك، وأزل به الناكبين عن صراطك، وامحق به بغاة قصدك عوجا، وألن جانبه لأوليائك، وابسط يده على أعدائك، وهب لنا رأفته ورحمته وتعطّفه وتحنّنه، واجعلنا له سامعين مطيعين، وفي رضاه ساعين، وإلى نصرته والمدافعة عنه مكنفين، وإليك وإلى رسولك صلواتك اللهم عليه وآله بذلك متقرّبين، اللهم وصلّ على أوليائهم، المعترفين بمقامهم، المتّبعين منهجهم، المقتفين آثارهم، المستمسكين بعروتهم، المتمسّكين بولايتهم، المؤتمّين بإمامتهم، المسلمين لأمرهم، المجتهدين في طاعتهم، المنتظرين أيّامهم، المادّين إليهم أعينهم، الصلوات المباركات الزاكيات الناميات الغاديات الرائحات، وسلّم عليهم وعلى أرواحهم، واجمع على التقوى أمرهم، وأصلح لهم شئونهم، وتب عليهم إنّك أنت التوّاب الرحيم، وخير الغافرين، واجعلنا معهم في دار السلام برحمتك، يا أرحم الراحمين.
1221-(370)- كمال الدين: وبهذا الإسناد (يعني به: أباه ومحمّد ابن الحسن، عن سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان المذكورين في سند الحديث السابق على هذا) قال: قال المفضّل بن عمر: سمعت الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) يقول: من مات منتظرا لهذا الأمر كان كمن كان مع القائم في فسطاطه، لا بل كان كالضارب بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالسيف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(370) (2)- كمال الدين: ج 2 ص 338 ب 33 ح 11؛ البحار: ج 52 ص 146 ب 22 ح 69.

(٢٠٥)

1222-(371)- المحاسن: عنه (يعني: عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي) عن ابن فضّال، عن علي بن عقبة، عن موسى النميري، عن علاء بن سيابة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من مات منكم على هذا الأمر منتظرا له كان كمن كان في فسطاط القائم (عليه السلام).
1223-(372)- المحاسن: عنه بسنده عن عبد الحميد الواسطي (في حديث عن أبي جعفر (عليه السلام)): رحم الله عبدا حبس نفسه علينا، رحم الله عبدا أحيى أمرنا، قال: فقلت: فإن متّ قبل أن ادرك القائم؟
فقال: القائل منكم: إن أدركت القائم من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نصرته، كالمقارع معه بسيفه، والشهيد معه له شهادتان.
1224-(373)- كمال الدين: وبهذا الإسناد (يعني: المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي، عن جعفر بن محمّد بن مسعود) عن محمّد بن مسعود، عن جعفر بن معروف، قال: أخبرني محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن موسى بن بكر الواسطي، عن أبي الحسن، عن آبائه (عليهم السلام): أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج من الله (عزّ وجلّ).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(371) (3)- المحاسن: كتاب الصفوة والنور ص 173 ح 147 ب 38؛ كمال الدين: ج 2 ص 644 ب 55 ح 1؛ البحار: ج 52 ص 125 ب 22 ح 15.
(372) (4)- المحاسن: كتاب الصفوة والنور ص 173 ح 148 ب 38؛ كمال الدين: ج 2 ص 644 ب 55 ح 2 وفيه: «كالمقارع بين يديه بسيفه، لا بل كالشهيد معه»، وليس فيه:
«والشهيد معه له شهادتان»؛ البحار: ج 52 ص 126 ب 22 ح 16.
(373) (5)- كمال الدين: ج 2 ص 644 ب 55 ح 3؛ البحار: ج 52 ص 128 ب 22 ح 21؛ وفي العيون: ج 2 ص 36 ب 31 ح 87 بسنده عنه (عليه السلام): «أفضل أعمال أمّتي انتظار فرج الله».

(٢٠٦)

1225-(374)- كمال الدين: وبهذا الإسناد (يعني: الإسناد المذكور في الخبر الّذي أخرجناه قبل هذا الحديث) عن محمّد بن مسعود، قال: حدّثني أبو صالح خلف بن حمّاد الكشّي، قال: حدّثنا سهل بن زياد، قال: حدّثني محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: قال الرضا (عليه السلام): ما أحسن الصبر وانتظار الفرج! أ ما سمعت قول الله (عزّ وجلّ): (وارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) (375)، (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)(376) فعليكم بالصبر فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس، فقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم.
1226-(377)- كمال الدين: وبهذا الإسناد (أي المظفّر، عن جعفر) عن محمّد بن عبد الحميد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن الفرج، قال: إنّ الله (عزّ وجلّ) يقول: (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).
1227-(378)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(374) (6)- كمال الدين: ج 2 ص 645 ب 55 ح 5؛ تفسير العيّاشي: ج 2 ص 20 ح 52 نحوه مختصرا؛ نور الثقلين: ج 2 ص 393 ح 2؛ تفسير الصافي: ج 2 ص 470 من تفسير الآية 93 من سورة هود مختصرا؛ البحار: ج 52 ص 129 ب 22 ح 23؛ تفسير البرهان: ج 2 ص 232 ح 5 تفسير الآية 85 من سورة هود، وص 23 من تفسير سورة الأعراف الآية 71 ح 1.
(375) هود: 93.
(376) الأعراف: 71؛ يونس: 20.
(377) (7)- كمال الدين: ج 2 ص 645 ب 55 ح 4؛ تفسير البرهان: ج 2 ص 205 ح 1 تفسير الآية 102 وص 181 ح 3 تفسير الآية 20 من سورة يونس؛ البحار: ج 52 ص 128 ب 22 ح 22؛ تفسير العيّاشي: ج 2 ص 138 ح 50؛ تفسير الصافي: ج 2 ص 428 تفسير الآية 102 من سورة يونس.
(378) (8)- كمال الدين: ج 2 ص 465 ب 55 ح 6.

(٢٠٧)

ابن الوليد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله.
1228-(379)- الكافي: الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلّى بن محمّد، عن علي بن مرداس، عن صفوان بن يحيى والحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أيّما أفضل، العبادة في السرّ مع الإمام منكم المستتر في دولة الباطل، أو العبادة في ظهور الحقّ ودولته مع الإمام منكم الظاهر؟ فقال: يا عمّار! الصدقة في السرّ واللّه أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك واللّه عبادتكم في السرّ مع إمامكم المستتر في دولة الباطل، وتخوّفكم من عدوّكم في دولة الباطل وحال الهدنة أفضل ممّن يعبد الله (عزّ وجلّ) ذكره في ظهور الحقّ مع إمام الحقّ الظاهر في دولة الحقّ، وليست العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة والأمن في دولة الحقّ، واعلموا أنّ من صلّى منكم اليوم صلاة فريضة في جماعة مستتر بها من عدوّه في وقتها فأتمّها، كتب الله له خمسين صلاة فريضة في جماعة، ومن صلّى منكم صلاة فريضة وحده مستترا بها من عدوّه في وقتها فأتمّها، كتب الله (عزّ وجلّ) بها له خمسا وعشرين صلاة فريضة وحدانيّة، ومن صلّى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمّها، كتب الله له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة كتب الله (عزّ وجلّ) له بها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(379) (9)- الكافي: ج 1 ص 333- 335 كتاب الحجّة ب نادر في حال الغيبة ح 2؛ كمال الدين:
ج 2 ص 645- 647 ب 55 ح 7؛ البحار: ج 52 ص 127 ب 22 ح 20.

(٢٠٨)

عشرين حسنة، ويضاعف الله (عزّ وجلّ) حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله، ودان بالتقيّة على دينه وإمامه ونفسه، وأمسك من لسانه أضعافا مضاعفة، إنّ الله (عزّ وجلّ) كريم.
قلت: جعلت فداك، قد واللّه رغّبتني في العمل، وحثثتني عليه، ولكن احبّ أن أعلم كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام الظاهر منكم في دولة الحقّ ونحن على دين واحد؟ فقال: إنّكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله (عزّ وجلّ)، وإلى الصلاة والصوم والحجّ، وإلى كلّ خير وفقه، وإلى عبادة الله عزّ ذكره سرّا من عدوّكم مع إمامكم المستتر، مطيعين له، صابرين معه، منتظرين لدولة الحقّ، خائفين على إمامكم وأنفسكم من الملوك الظّلمة، تنظرون إلى حقّ إمامكم وحقوقكم في أيدي الظّلمة، قد منعوكم ذلك، واضطرّوكم إلى حرث الدنيا وطلب المعاش مع الصبر على دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف مع عدوّكم، فبذلك ضاعف الله (عزّ وجلّ) لكم الأعمال، فهنيئا لكم.
قلت: جعلت فداك، فما ترى إذا أن نكون من أصحاب القائم ويظهر الحقّ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالا من أصحاب دولة الحقّ والعدل؟ فقال: سبحان الله! أ ما تحبّون أن يظهر الله تبارك وتعالى الحقّ والعدل في البلاد، ويجمع الله الكلمة، ويؤلّف الله بين قلوب مختلفة، ولا يعصون الله (عزّ وجلّ) في أرضه، وتقام حدوده في خلقه، ويردّ الله الحقّ إلى أهله فيظهر، حتّى لا يستخفى بشيء من الحقّ، مخافة أحد من الخلق؟ أما واللّه يا عمّار! لا يموت منكم ميّت على الحال الّتي أنتم عليها إلّا كان أفضل عند الله من كثير من شهداء بدر واحد، فأبشروا.

(٢٠٩)

1229-(380)- غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي أبو الحسن، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه ووهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال ذات يوم: أ لا اخبركم بما لا يقبل الله (عزّ وجلّ) من العباد عملا إلّا به؟ فقلت: بلى، فقال: شهادة أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدا (صلّى الله عليه وآله) عبده [ورسوله]، والإقرار بما أمر الله، والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا (يعني: الأئمّة خاصّة)، والتسليم لهم، والورع، والاجتهاد، والطمأنينة، والانتظار للقائم (عليه السلام). ثمّ قال: إنّ لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء. ثمّ قال: من سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر، وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدّوا وانتظروا، هنيئا لكم أيّتها العصابة المرحومة.
1230-(381)- الخصال: حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان [قال: حدّثنا بكر بن عبد الله ابن حبيب] قال: حدّثنا تميم بن بهلول، قال: حدّثني عبد الله بن أبي الهذيل: وسألته عن الإمامة فيمن تجب؟ وما علامة من تجب له الإمامة؟
فقال: إنّ الدليل على ذلك، والحجّة على المؤمنين، والقائم بامور

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(380) (10)- غيبة النعماني: ص 200 ب 11 ح 16؛ البحار: ج 52 ص 140 ب 22 ح 50؛ إثبات الهداة: ج 7 ص 73 ب 32 ح 488 وفيه: «عن أبيه ووهب» بدل«ووهيب».
(381) (11)- الخصال: ج 2 ص 478- 479 ح 46؛ البحار: ج 36 ص 396- 397 ب 46 ح 2؛ كمال الدين: ج 2 ص 336- 337 ب 33 ح 9؛ عيون اخبار الرضا (عليه السلام): ص 44- 45 ح 20.

(٢١٠)

المسلمين، والناطق بالقرآن، والعالم بالأحكام، أخو نبيّ الله، وخليفته على امّته، ووصيّه عليهم، ووليّه الّذي كان منه بمنزلة هارون من موسى، المفروض الطاعة بقول الله (عزّ وجلّ): (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(382)، الموصوف بقوله: (إِنَّما وَلِيُّكُمُ الله ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ راكِعُونَ)(383)، المدعوّ إليه بالولاية، المثبت له الإمامة يوم غدير خمّ بقول الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن الله (عزّ وجلّ): أ لست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأعن من أعانه، علي بن أبي طالب (عليه السلام) أمير المؤمنين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين، وأفضل الوصيّين، وخير الخلق أجمعين بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وبعده الحسن بن علي، ثمّ الحسين سبطا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وابنا خير النسوان أجمعين، ثمّ علي بن الحسين، ثمّ محمّد بن علي، ثمّ جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ علي بن موسى، ثمّ محمّد بن علي، ثمّ علي بن محمد، ثمّ الحسن بن علي، ثمّ ابن الحسن (عليهم السلام) إلى يومنا هذا، واحدا بعد واحد، وهم عترة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، المعروفون بالوصيّة والإمامة، ولا تخلو الأرض من حجّة منهم في كلّ عصر وزمان، وفي كلّ وقت وأوان، وهم العروة الوثقى، وأئمّة الهدى، والحجّة على أهل الدنيا، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وكلّ من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(382) النساء: 59.
(383) المائدة: 55.

(٢١١)

خالفهم ضالّ مضلّ، تارك للحقّ والهدى، وهم المعبّرون عن القرآن، والناطقون عن الرسول، ومن مات لا يعرفهم مات ميتة جاهليّة، ودينهم الورع، والعفّة، والصدق، والصلاح، والاجتهاد، وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر، وطول السجود، وقيام الليل، واجتناب المحارم، وانتظار الفرج بالصبر، وحسن الصحبة، وحسن الجوار.
ثمّ قال تميم بن بهلول: حدّثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) في الإمامة مثله سواء.
1231-(384)- الخصال: في حديث الأربعمائة الّذي علّم فيه أمير المؤمنين (عليه السلام) أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): انتظروا الفرج، ولا تيأسوا من روح الله، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله (عزّ وجلّ) انتظار الفرج ما دام عليه العبد المؤمن... إلى أن قال بعد كلام طويل كثير من هذا الحديث الشريف: ذكرنا أهل البيت شفاء من العلل والأسقام ووسواس الريب [ووسواس الصدور]، وجهتنا رضى الربّ (عزّ وجلّ)، والآخذ بأمرنا معنا غدا في حظيرة القدس، والمنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله.
1232-(385)- المحاسن: عنه، عن السندي، عن جدّه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في من مات على هذا الأمر منتظرا له؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(384) (12)- الخصال: ج 2 ص 616 و625 حديث أربعمائة: ص ح 10؛ تحف العقول: ص 106- 125 وصايا أمير المؤمنين(آدابه (عليه السلام) لاصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدنيا)؛ البحار: ج 52 ص 123 ب 22 ح 7 ملخّصا.
(385) (13)- المحاسن: كتاب الصفوة والنور والرحمة ص 173 ب 38 ح 146؛ البحار: ج 52 ص 125 ب 22 ح 14.

(٢١٢)

قال (عليه السلام): هو بمنزلة من كان مع القائم (عليه السلام) في فسطاطه.
ثمّ سكت هنيئة ثمّ قال: هو كمن كان مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
1233-(386)- المحاسن: عنه، عن علي بن النعمان، قال: حدّثني إسحاق بن عمّار وغيره، عن الفيض بن المختار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن هو مع القائم في فسطاطه، [قال:] ثمّ مكث هنيئة، ثمّ قال: لا بل كمن قارع معه بسيفه، ثمّ قال: لا واللّه إلّا كمن استشهد مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
1234-(387)- الكافي: الحسين بن علي العلوي، عن سهل بن جمهور، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن الحسن بن الحسين العرني، عن علي بن هاشم، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما ضرّ من مات منتظرا لأمرنا ألا يموت في وسط فسطاط المهدي وعسكره.
1235-(388)- الكافي: عنه، عن أبي الجارود، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): يا ابن رسول الله! هل تعرف مودّتي لكم، وانقطاعي إليكم، وموالاتي إيّاكم؟ قال: فقال: نعم، قال: فقلت: فإنّي أسألك مسألة تجيبني فيها، فإنّي مكفوف البصر، قليل المشي، ولا أستطيع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(386) (14)- المحاسن: كتاب الصفوة والنور والرحمة ص 174 ب 38 ح 151؛ البحار: ج 52 ص 126 ب 22 ح 18.
(387) (15)- الكافي: ج 1 ص 372 ب أنّه من عرف إمامه... ح 6؛ الوافي: ج 2 ص 436 ب 49 ح 953- 5؛ مرآة العقول: ج 4 ص 190 ح 6 باب من عرف إمامه لم يضرّه تقدّم هذا الأمر أو تأخّر.
(388) (16)- الكافي: ج 2 ص 21- 22 ب 13 ح 10؛ الوافي: ج 4 ص 93- 94 ب 6 ح 1702- 10.

(٢١٣)

زيارتكم كلّ حين، قال: هات حاجتك، قلت: أخبرني بدينك الّذي تدين الله (عزّ وجلّ) به أنت وأهل بيتك لأدين الله (عزّ وجلّ) به، قال: إن كنت أقصرت الخطبة فقد أعظمت المسألة، واللّه لاعطينّك ديني ودين آبائي الّذي ندين الله (عزّ وجلّ) به: شهادة أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والإقرار بما جاء به من عند الله، والولاية لوليّنا، والبراءة من عدوّنا، والتسليم لأمرنا، وانتظار قائمنا، والاجتهاد، والورع.
1236-(389)- فرائد السمطين: وبهذا الإسناد (يعني: الإسناد المتقدّم في الحديث السابق) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) والإكرام قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أفضل العبادة انتظار الفرج.
1237-(390)- مجمع البيان: وعن الحرث بن المغيرة قال: كنّا عند أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: العارف منكم هذا الأمر، المنتظر له، المحتسب فيه الخير، كمن جاهد واللّه مع قائم آل محمّد (عليهم السلام) بسيفه، ثمّ قال: بل واللّه كمن جاهد مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(389) (17)- فرائد السمطين: ج 2 ص 335؛ ينابيع المودّة: ص 494 ب 94 وزاد في آخره: «أي انتظار الفرج بظهور المهدي سلام الله عليه»؛ الجامع الصغير: ج 1 ص 50؛ سنن الترمذي: ج 5 ص 565 ب 116 ح 3571؛ الشهاب وشرحه ترك الإطناب...: ح 835؛ كمال الدين: ج 1 ص 287 ب 25 ح 6 بإسناده عن صالح بن عقبة عن أبيه عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ البحار: ج 52 ص 125 ب 22 ح 11.
(390) (18)- مجمع البيان: ج 9 ص 238 والظاهر أنّه رواه عن العيّاشي؛ تأويل الآيات الظاهرة: ص 640؛ تفسير البرهان: ج 4 ص 292- 293 ح 8 تفسير الآية 19 من سورة الحديد؛ تفسير نور الثقلين: ج 5 ص 244 ح 75 تفسير الآية 19 من سورة الحديد؛ تفسير الصافي: ج 5 ص 136 تفسير الآية 19 من سورة الحديد.

(٢١٤)

وسلّم بسيفه، ثمّ قال الثالثة: بل واللّه كمن استشهد مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في فسطاطه، وفيكم آية من كتاب الله، قلت: وأيّ آية جعلت فداك؟ قال: قول الله (عزّ وجلّ): (والَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ والشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ)(391)، ثمّ قال: صرتم واللّه صادقين شهداء عند ربّكم.
1238-(392)- تأويل الآيات الظاهرة: عن صاحب كتاب «البشارات» مرفوعا إلى الحسين بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، قد كبر سنّي، ودقّ عظمي، واقترب أجلي، وقد خفت أن يدركني قبل هذا الأمر الموت، قال: فقال لي: يا أبا حمزة! أ وما ترى الشهيد إلّا من قتل؟ قلت: نعم جعلت فداك، فقال لي: يا أبا حمزة! من آمن بنا، وصدّق حديثنا، وانتظر [أمر] نا كان كمن قتل تحت راية القائم، بل واللّه تحت راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
1239-(393)- تفسير العيّاشي: عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن شيء في الفرج، فقال:
أوليس تعلم أنّ انتظار الفرج من الفرج؟ إنّ الله يقول: (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(391) الحديد: 19.
(392) (19)- تأويل الآيات الظاهرة: ص 640؛ تفسير البرهان: ج 4 ص 293 ح 9.
(393) (20)- تفسير العيّاشي: ج 2 ص 138 ح 50، ورواه في ص 159 ح 2: قال سألته عن انتظار الفرج... ثمّ قال: إنّ الله تبارك وتعالى يقول: (وارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ)؛ البرهان في تفسير القرآن: ج 2 ص 205 وفي ص 232 قال الله تعالى: (وارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ)؛ الصافي: ج 1 ص 775 و805؛ البحار: ج 52 ص 128 ب 22 ح 22.

(٢١٥)

وفي غيبة الشيخ: عنه (يعني: الفضل) عن ابن أسباط، عن الحسن بن الجهم، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن شيء من الفرج، قال: أ ولست تعلم أنّ انتظار الفرج من الفرج؟ قلت: لا أدري إلّا أن تعلّمني، فقال: نعم، انتظار الفرج من الفرج (394).
1240-(395)- كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(394) غيبة الشيخ: ص 459 ح 471؛ البحار: ج 52 ص 130- 131 ب 22 ح 6.
(395) (21)- كمال الدين: ج 2 ص 357 ب 33 ح 54؛ البحار: ج 52 ص 149- 150 ب 22 ح 76؛ المحجّة: ص 69- 70.
اعلم أنّ الأخبار الواردة في فضيلة الانتظار والترغيب فيه كثيرة متواترة، وهو كيفيّة نفسانيّة ينبعث منها التهيّؤ لما ينتظره المنتظر، أو هو عبارة عن طلب إدراك ما يأتي من الأمر، كأنّه ينظر متى يكون، او ترقّب حصول أمر المنتظر وتحقّقه، وعليه يكون التهيّؤ لما ينتظر من أثره، ويتفاوت مراتبه بتفاوت مراتب محبّة المنتظر لما ينتظره، فكلّما كان الحبّ أشدّ كان التهيّؤ لما ينتظر أكمل، وكلّما قرب زمانه يصير تعلّق قلبه واشتغال خاطره به آكد، فالمنتظر لظهور مولانا المهدي (عليه السلام) يتهيّأ لذلك بالورع، والاجتهاد، وتهذيب الأخلاق، وكسب الفضائل والمعارف والكمالات حتى يفوز بثواب المنتظرين المخلصين، بل يظهر من بعض الأحاديث أنّه لا يعدّ من أصحابه إلّا إذا كان عاملا بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فيجب على المنتظر المؤمن ملازمة الطاعات، والاجتناب عن السيّئات، وهذا من أعظم فوائد الانتظار، وقد ذكروا له فوائد اخرى؛ منها: أنّه يخفّف النوائب على الإنسان؛ لعلمه بأنّها في معرض التدارك، فيقوى بسببه قلبه، ويبعثه إلى الإقدام والحركة نحو الكمال، وأن يكافح النائبات ومتاعب الحياة، وأن ينظر إلى أبناء جنسه ومستقبل أمره بعين الحبّ والرضا، فيقوم بقضاء حوائج الناس، وإصلاح امورهم، ويعين الضعفاء، ويرحم الفقراء، ويعود المرضى ويستريح به من سوء الظنّ بالحياة ومستقبل عمره واليأس من روح الله، وكم فرق بين من يرى العالم يسير إلى نقطة الصلاح والكمال والغلبة على المشاكل، وبين من يراه سائرا نحو الظلم والفساد. ولا يخفى عليك أنّ انتظار المهديّ (عليه السلام) كاشف عن بلوغ الإنسان إلى مرتبة كمال القوّة العاقلة، وعن الأريحيّة وحبّ العدل وإجراء الحدود وجريان الامور على القواعد الصحيحة والموازين الدقيقة، وعن إخلاصه وصدقه في ادّعائه مودّة النبي وأهل بيته (صلّى الله عليه وآله وسلّم). وليعلم أنّ معنى الانتظار كما ظهر ممّا ذكر ليس تخلية سبيل الكفّار والأشرار، وتسليم الامور إليهم، والمداهنة معهم، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإقدامات الاصلاحية، فانه كيف يجوز إيكال الامور إلى الأشرار مع التمكن من دفعهم عن ذلك والمداهنة معهم وترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها من المعاصي الّتي دلّ عليها العقل والنقل وإجماع المسلمين، ولم يقل أحد من العلماء وغيرهم بإسقاط التكاليف قبل ظهوره، ولا يرى منه عين ولا أثر في الأخبار؟
نعم تدلّ الآيات والأحاديث الكثيرة على خلاف ذلك، بل تدلّ على تأكّد الواجبات والتكاليف، والترغيب إلى مزيد الاهتمام في العمل بالوظائف الدينيّة كلّها في عصر الغيبة فهذا توهّم لا يتوهّمه إلّا من لم يكن له البصيرة والعلم بالأحاديث والروايات.

(٢١٦)

السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن جعفر بن مسعود وحيدر بن محمّد بن نعيم السمرقندي جميعا، عن محمّد بن مسعود، قال: حدّثني علي بن محمّد بن شجاع، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) في قول الله (عزّ وجلّ): (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) يعني خروج القائم المنتظر منّا، ثمّ قال (عليه السلام): يا أبا بصير! طوبى لشيعة قائمنا، المنتظرين لظهوره في غيبته، والمطيعين له في ظهوره، اولئك أولياء الله الّذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 113، 557، 570، 610.

(٢١٧)

الفصل الثالث: في بعض تكاليف رعيّته وشيعته بالنسبة إليه وفيه 60 حديثا

1241-(396)- الكافي: علي بن إبراهيم، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن عبد الله بن موسى، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ للغلام غيبة قبل أن يقوم، قال: قلت: ولم؟ قال: يخاف، وأومأ بيده إلى بطنه، ثمّ قال: يا زرارة! وهو المنتظر، وهو الّذي يشكّ في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: إنّه ولد قبل موت أبيه بسنتين، وهو المنتظر، غير أنّ الله (عزّ وجلّ) يحبّ أن يمتحن الشيعة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(396) (1)- الكافي: ج 1 ص 337 ب 138 ح 5، ورواه بسند آخر ومتن أقصر: ج 1 ص 342 ب 138 ح 29؛ كمال الدين: ج 2 ص 342- 343 ب 33 ح 24 بثلاثة أسانيد؛ مرآة العقول: ج 4 ص 39- 41 ح 5، وراجع فيه إن شئت شرح الحديث، ولنا في شرح الدعاء المذكور فيه رسالة طبعت غير مرّة، وحديثه الآخر: ص 59- 60 ح 29 مع شرحه وبيان اشتماله على الإعجاز بوجوه شتّى فراجعه.
الوافي: ج 2 ص 406- 407 ب 46 ح 909- 3 و910- 4 مع شرح للحديث والدعاء؛ غيبة النعماني: ص 166- 167 ب 10 ح 6 بأسانيد ثلاثة، واحد منها عن محمّد بن همّام واثنان منها عن الكليني؛ جمال الاسبوع: ص 520- 521.

(٢١٨)

فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة! [قال: قلت: جعلت فداك، إن أدركت ذلك الزمان أي شيء أعمل؟ قال: يا زرارة] إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء: «اللّهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيّك، اللهم عرّفني رسولك فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك، اللهم عرّفني حجّتك فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني»، ثمّ قال: يا زرارة! لا بدّ من قتل غلام بالمدينة، قلت: جعلت فداك، أ ليس يقتله جيش السفياني؟ قال: لا، ولكن يقتله جيش آل بني فلان يجيء حتّى يدخل المدينة، فيأخذ الغلام فيقتله، فإذا قتله بغيا وعدوانا وظلما لا يمهلون، فعند ذلك توقّع الفرج إن شاء الله (397).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(397) ذكر في كتاب مكيال المكارم في الباب الثامن من تكاليف العباد بالنسبة إليه (عليه السلام) ثمانين أمرا، وأشبع الكلام في كل واحد من هذه الامور بما لا مزيد عليه.
ونحن نشير الى ذكر بعضها بالإيجاز والاختصار، وعلى من يطلب التفصيل الرجوع الى الكتاب المذكور.
فمنها: تحصيل معرفة صفاته وآدابه وخصائص جنابه والمحتومات من علائم ظهوره.
ومنها: رعاية الأدب بالنسبة الى ذكره بأن لا يذكره إلّا بالألقاب الشريفة؛ كالحجّة والقائم والمهدي وصاحب الزمان وصاحب الأمر وغيرها، وترك التصريح باسمه الشريف وهو اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وذكر اختلاف الأصحاب في حكم تسميته، وذكر الأخبار الكثيرة الظاهرة في حرمة التسمية، وبعض الأخبار التي تمسّك بها القائل بالجواز، وليس لنا هنا مجال البحث عن ذلك، ونترك البحث عنه الى الرسالة الّتي أردنا تصنيفها في هذا الموضوع إن شاء الله تعالى، ونقول: ليس بناكب عن الصراط من سلك مسلك الاحتياط، فالأحوط ترك التصريح باسمه الشريف في المجامع والمحافل.
ومنها: محبّته بالخصوص وتحبيبه الى الناس، وانتظار فرجه وظهوره، وإظهار الشوق إلى لقائه، وذكر فضائله ومناقبه، والحزن لفراقه، والحضور والجلوس في المجالس التي تذكر فيها فضائله ومناقبه وما يتعلّق به، وإقامة تلك المجالس، ونشر فضائله وبذل المال في ذلك، لأنّها ترويج لدين الله وتعظيم شعائره، وإنشاء الشعر وإنشاده في مدحه، والبكاء والإبكاء والتباكي على فراقه، والتسليم وترك الاستعجال، والتصدّق عنه بنيابته، وبقصد سلامته، والحجّ بنيابته وبعث النائب ليحجّ عنه، وطواف بيت الله الحرام وبعث النائب ليطوف عنه، وزيارة مشاهد الرسول والأئمّة (عليهم السلام) نيابة عنه وبعث النائب ليزور عنه، والسعي في خدمته، وتجديد البيعة له بعد كلّ فريضة من الفرائض اليوميّة أو في كلّ يوم جمعة، ويستحبّ تجديدها بعد كلّ فريضة، بما روي عن الصادق (عليه السلام) كما عن صلاة البحار عن كتاب الاختيار، ومن الأدعية المأثورة في ذلك ما في كتب الدعوات بأسانيد متّصلة الى مولانا الصادق (عليه السلام) قال: «من دعا بهذا الدعاء أربعين صباحا كان من أنصار القائم (عليه السلام)، وأوّله بسم الله الرحمن الرحيم اللهم ربّ النور العظيم... الخ».
ومنها: صلة الصالحين من شيعته ومواليه بالمال، وإدخال السرور على المؤمنين، فإنّه يوجب سروره.
ومنها: زيارته بالتوجّه إليه، والتسليم عليه، والصلاة عليه، والتوسّل والاستشفاع به الى الله (عزّ وجلّ)، والاستغاثة به، وعرض الحاجة عليه.
ومنها: دعوة الناس إليه ودلالتهم عليه، ومراقبة حقوقه والمواظبة على أدائها، وتهذيب النفس من الصفات الخبيثة، وتحليتها بالأخلاق الحميدة، وتعظيم من يتقرّب به وينتسب إليه بقرابة جسمانية أو روحانية، كالسادات والعلماء والمؤمنين، وتعظيم مواقفه ومشاهده، كمسجد السهلة والمسجد الأعظم بالكوفة وغيرهما.
ومنها: ترك التوقيت، وتكذيب الموقّتين، وتكذيب من ادعى النيابة الخاصّة والوكالة في زمان الغيبة الكبرى، وطلب الفوز بلقائه والدعاء لذلك، والاقتداء به في الأعمال والأخلاق، وزياره قبر سيد الشهداء (عليه السلام)، لأنّها صلة صاحب الزمان، وهكذا زيارة النبي وسائر الأئمّة.
ومنها: أداء حقوق الإخوان. وغير ذلك ممّا هو مذكور في الكتاب المذكور وغيره، وقد أثبت تأكّد رجحان هذه الأعمال بل وجوب بعضها بروايات كثيرة ذكرها في الكتاب المذكور، رحمة الله تعالى على مؤلّفه وعلى جميع علمائنا العاملين.

(٢١٩)

1242-(398)- كمال الدين: حدّثنا أبو محمّد الحسين بن أحمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(398) (2)- كمال الدين: ج 2 ص 512- 515 ب 54 ح 43؛ مصباح المتهجّد: ص 369 قال: أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلّعكبريّ أنّ أبا علي محمّد بن همّام أخبره بهذا الدعاء(الحديث والدعاء)؛ جمال الاسبوع: ص 521- 529، بسنده وقال: «إذا كان لك عذر عن جميع ما ذكرناه من تعقيب العصر يوم الجمعة فإيّاك أن تهمل الدعاء به، فإنّنا عرفنا ذلك من فضل الله جلّ جلاله الّذي خصّنا به، فاعتمد عليه».

(٢٢٠)

 المكتّب، قال: حدّثنا أبو علي بن همّام بهذا الدعاء، وذكر أنّ الشيخ العمري- قدس الله روحه- أملاه عليه، وأمره أن يدعو به، وهو الدعاء في غيبة القائم (عليه السلام): «اللّهمّ عرّفني نفسك فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيّك (399)، اللهمّ عرّفني نبيّك فإنّك إن لم تعرّفني نبيّك لم أعرف حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني، اللهمّ لا تمتني ميتة جاهليّة، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، اللهمّ فكما هديتني بولاية من فرضت طاعته عليّ من ولاة أمرك بعد رسولك صلواتك عليه وآله حتّى واليت ولاة أمرك أمير المؤمنين والحسن والحسين وعليّا ومحمّدا وجعفرا وموسى وعليّا ومحمّدا وعليّا والحسن والحجّة القائم المهدي صلوات الله عليهم أجمعين، اللهم فثبّتني على دينك، واستعملني بطاعتك، وليّن قلبي لوليّ أمرك، وعافني ممّا امتحنت به خلقك، وثبّتني على طاعة وليّ أمرك الّذي سترته عن خلقك، فبإذنك غاب عن بريّتك، وأمرك ينتظر، وأنت العالم غير معلّم بالوقت الّذي فيه صلاح أمر وليّك في الإذن له بإظهار أمره وكشف ستره، فصبّرني على ذلك حتّى لا احبّ تعجيل ما أخّرت ولا تأخير ما عجّلت، ولا أكشف عمّا سترته، ولا أبحث عمّا كتمته، ولا انازعك في تدبيرك، ولا أقول: لم، وكيف، وما بال وليّ الأمر(400) لا يظهر وقد امتلأت الأرض من الجور؟ وافوّض امورى كلّها إليك، اللهم إنّي أسألك أن تريني وليّ أمرك ظاهرا نافذا لأمرك مع علمي بأنّ لك السلطان والقدرة والبرهان والحجّة والمشيئة والإرادة والحول والقوّة، فافعل ذلك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(399) في بعض النسخ: «رسولك»، وكذا ما يأتي.
(400) في بعض النسخ: «ولي أمر الله».

(٢٢١)

بي وبجميع المؤمنين حتّى ننظر إلى وليّك صلواتك عليه وآله ظاهر المقالة، واضح الدلالة، هاديا من الضلالة، شافيا من الجهالة، أبرز يا ربّ مشاهده، وثبّت قواعده، واجعلنا ممّن تقرّ عينه برؤيته، وأقمنا بخدمته، وتوفّنا على ملّته، واحشرنا في زمرته، اللهمّ أعذه من شرّ جميع ما خلقت وبرأت وذرأت وأنشأت وصوّرت، واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته بحفظك الّذي لا يضيع من حفظته به، واحفظ فيه رسولك ووصيّ رسولك، اللهمّ ومدّ في عمره، وزد في أجله، وأعنه على ما أوليته واسترعيته، وزد في كرامتك له، فإنّه الهادي والمهتدي، والقائم المهدي، الطاهر التقيّ النقي، الزكي الرضي المرضي، الصابر المجتهد الشكور، اللهمّ ولا تسلبنا اليقين لطول الأمد في غيبته وانقطاع خبره عنّا، ولا تنسنا ذكره وانتظاره والإيمان وقوّة اليقين في ظهوره والدّعاء له والصلاة عليه، حتّى لا يقنّطنا طول غيبته من ظهوره وقيامه، ويكون يقيننا في ذلك كيقيننا في قيام رسولك صلواتك عليه وآله، وما جاء به من وحيك وتنزيلك، وقوّ قلوبنا على الايمان به، حتّى تسلك بنا على يده منهاج الهدى والحجّة العظمى والطريقة الوسطى، وقوّنا على طاعته وثبّتنا على متابعته (401)، واجعلنا في حزبه وأعوانه وأنصاره، والراضين بفعله (402)، ولا تسلبنا ذلك في حياتنا ولا عند وفاتنا، حتّى تتوفّانا ونحن على ذلك غير شاكّين، ولا ناكثين ولا مرتابين ولا مكذّبين، اللهمّ عجّل فرجه، وأيّده بالنصر، وانصر ناصريه، واخذل خاذليه، ودمّر على من (403) نصب له وكذّب به، وأظهر به الحقّ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(401) في بعض النسخ: «على مطايعته»، وفي بعضها: «على مشايعته».
(402) في بعض النسخ: «راغبين بفعله».
(403) في بعض النسخ: «دمدم على من»، ودمدم عليه: أي أهلكه.

(٢٢٢)

وأمت به الباطل (404)، واستنقذ به عبادك المؤمنين من الذلّ، وانعش به البلاد(405)، واقتل به جبابرة الكفر، واقصم به رءوس الضلالة وذلّل به الجبّارين والكافرين، وأبر(406) به المنافقين والناكثين وجميع المخالفين والملحدين في مشارق الأرض ومغاربها، وبرّها وبحرها، وسهلها وجبلها، حتّى لا تدع منهم ديّارا، ولا تبقي لهم آثارا، وتطهّر منهم بلادك، واشف منهم صدور عبادك، وجدّد به ما امتحى من دينك (407)، وأصلح به ما بدّل من حكمك، وغيّر من سنّتك، حتّى يعود دينك به وعلى يديه غضّا(408) جديدا صحيحا لا عوج فيه ولا بدعة معه، حتّى تطفئ بعدله نيران الكافرين، فإنّه عبدك الّذي استخلصته لنفسك، وارتضيته لنصرة نبيّك، واصطفيته بعلمك، وعصمته من الذنوب وبرّأته من العيوب، وأطلعته على الغيوب، وأنعمت عليه، وطهّرته من الرجس، ونقّيته من الدنس، اللهم فصلّ عليه وعلى آبائه الأئمّة الطاهرين، وعلى شيعتهم المنتجبين، وبلّغهم من آمالهم أفضل ما يأملون، واجعل ذلك منّا خالصا من كلّ شكّ وشبهة ورياء وسمعة، حتّى لا نريد به غيرك، ولا نطلب به إلّا وجهك، اللهم إنّا نشكو إليك فقد نبيّنا، وغيبة وليّنا، وشدّة الزمان علينا، ووقوع الفتن [بنا]، وتظاهر الأعداء [علينا]، وكثرة عدوّنا، وقلّة عددنا، اللهمّ فافرج ذلك بفتح منك تعجّله، ونصر منك تعزّه (409)، وإمام عدل تظهره، إله الحقّ ربّ العالمين، اللهمّ إنّا نسألك أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(404) في بعض النسخ: «به الجور».
(405) نعشه الله: أي رفعه، وانتعش العاثر: نهض من عثرته.
(406) أباره: أي أهلكه، والمبير: المهلك. وفي بعض النسخ: «أفن».
(407) أي: ما زال وذهب منه.
(408) الغضّ: الطريّ.
(409) في بعض النسخ: «وبصبر منك تيسّره».

(٢٢٣)

تأذن لوليّك في إظهار عدلك في عبادك، وقتل أعدائك في بلادك، حتّى لا تدع للجور يا ربّ دعامة إلّا قصمتها، ولا بنية إلّا أفنيتها، ولا قوّة إلّا أوهنتها، ولا ركنا إلّا هددته (410) ولا حدّا إلّا فللته، ولا سلاحا إلّا أكللته (411)، ولا راية إلّا نكّستها، ولا شجاعا إلّا قتلته، ولا جيشا إلّا خذلته، وارمهم يا ربّ بحجرك الدامغ، واضربهم بسيفك القاطع، وببأسك الّذي لا تردّه عن القوم المجرمين، وعذّب أعداءك وأعداء دينك وأعداء رسولك بيد وليّك، وأيدي عبادك المؤمنين، اللهمّ اكف وليّك وحجّتك في أرضك هول عدوّه، وكد من كاده، وامكر من مكر به، واجعل دائرة السوء على من أراد به سوءا، واقطع عنه مادّتهم، وأرعب له قلوبهم، وزلزل له أقدامهم، وخذهم جهرة وبغتة، وشدّد عليهم عقابك، وأخزهم في عبادك، والعنهم في بلادك، وأسكنهم أسفل نارك، وأحط بهم أشدّ عذابك، وأصلهم نارا، واحش قبور موتاهم نارا، وأصلهم حرّ نارك، فإنّهم أضاعوا الصلاة، واتّبعوا الشهوات، وأذلّوا عبادك، اللهمّ وأحي بوليّك القرآن، وأرنا نوره سرمدا لا ظلمة فيه، وأحي به القلوب الميّتة، واشف به الصدور الوغرة(412)، واجمع به الأهواء المختلفة على الحقّ، وأقم به الحدود المعطّلة والأحكام المهملة، حتّى لا يبقى حقّ إلّا ظهر، ولا عدل إلّا زهر، واجعلنا يا ربّ من أعوانه، ومقوّي سلطانه (413)، والمؤتمرين لأمره، والراضين بفعله، والمسلمين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(410) الهدّة: الهدم والكسر.
(411) الحدّ: السيف، والفلّ: الكسر والثلمة وما يقال بالفارسية(كند شدن وكند كردن)، والكلل- بفتح الكاف- بمعناه.
(412) الوغرة- بالتسكين-: شدّة توقّد الحرّ. وفي صدره وغر أي: ضغن، والضغن: الحقد والعداوة.
(413) في بعض النسخ: «وممّن يقوى بسلطانه».

(٢٢٤)

لأحكامه، وممّن لا حاجة له به إلى التقيّة من خلقك، أنت يا ربّ الّذي تكشف السوء، وتجيب المضطرّ إذا دعاك، وتنجي من الكرب العظيم، فاكشف يا ربّ الضرّ عن وليّك، واجعله خليفة في أرضك كما ضمنت له، اللهمّ ولا تجعلني من خصماء آل محمّد، ولا تجعلني من أعداء آل محمّد، ولا تجعلني من أهل الحنق والغيظ على آل محمّد، فإنّي أعوذ بك من ذلك فأعذني، وأستجير بك فأجرني، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، واجعلني بهم فائزا عندك في الدنيا والآخرة، ومن المقرّبين».
1243-(414)- الذريعة: حكى فيه عن مؤجّج الأحزان للمولى عبد الرضا بن محمّد الأوالي أنّه ذكر فيه أنّ دعبل الخزاعي لمّا بلغ قوله في التائية:

الى الحشر حتّى يبعث الله قائما * * * يفرّج عنّا الهمّ والكربات

قال من حضر مجلس الرضا (عليه السلام): لمّا نطق دعبل بهذا البيت تهلّل وجه الرضا (عليه السلام) وطأطأ رأسه إلى الأرض، وبسط كفّيه ورمق بطرفه إلى السماء وقال: اللهمّ عجّل فرجه، وسهّل مخرجه، وانصرنا به، وأهلك عدوّه... إلى قوله: يا دعبل! هو قائمنا، ثم ذكر بقيّة قصيدة دعبل إلى قوله:

خروج إمام لا محالة خارج * * * يقوم على اسم الله والبركات

قال ما لفظه: قال أبو الصلت: فلمّا سمع الإمام ذلك قام قائما على قدميه، وطأطأ رأسه منحنيا به إلى الأرض بعد أن وضع كفّه اليمنى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(414) (3)- الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 23 ص 247 الرقم 8836.
أقول: ذكر شيخنا مؤلّف الذريعة ج 21 ص 54 حديث قيام الرضا (عليه السلام) عند سماع لفظ القائم (عليه السلام) عن مشكاة الأنوار بواسطة الدمعة الساكبة؛ ورواه في تكاليف الأنام في غيبة الإمام (عليه السلام): ص 240 ت 49.

(٢٢٥)

على هامته وقال: اللهمّ عجّل فرجه، وسهّل مخرجه، وانصرنا به نصرا عزيزا.
1244-(415)- إلزام الناصب: (عن تنزيه الخاطر) سئل الصادق (عليه السلام) عن سبب القيام عند ذكر لفظ القائم من ألقاب الحجّة (عليه السلام)، قال: لأنّ له غيبة طولانيّة، ومن شدّة الرأفة إلى أحبّته ينظر إلى كلّ من يذكره بهذا اللقب المشعر بدولته والحسرة بغربته، ومن تعظيمه أن يقوم العبد الخاضع لصاحبه عند نظر المولى الجليل إليه بعينه الشريفة، فليقم وليطلب من الله جلّ ذكره تعجيل فرجه.
1245-(416)- الكلم الطيّب: [قال] هذه استغاثة إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه من حيث تكون، تصلّي ركعتين بالحمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(415) (4)- إلزام الناصب: ج 1 ص 271 ث 2.
أقول: ذكر المحدّث النوري- قدّس سرّه- في كتابه النجم الثاقب ما ترجمته بالعربية:
هذا القيام والتعظيم خصوصا عند ذكر اللقب المخصوص سيرة تمام أبناء الشيعة في كلّ البلاد، من العرب والعجم والترك والهند والديلم وغيرها، وهذا يكشف عن وجود أصل ومأخذ لهذا العمل وإن لم نطّلع عليه بعد، ولكن سمع عن عدّة من العلماء وأهل الاطلاع أنّهم رأوا حديثا في هذا الباب، ثمّ ذكر ما نقل عن العالم المتبحّر السيّد عبد الله سبط المحدّث الجزائري في بعض تصانيفه أنّه رأى هذه الرواية المنسوبة إلى الصادق (عليه السلام)(الرواية الرابعة من هذا الباب)، ثمّ قال: وعند أهل السنّة مرسومة عند ذكر اسم الرسول المبارك (صلّى الله عليه وآله وسلّم). قال السيّد أحمد المفتي الشافعي في سيرته: قد جرت العادة بين الناس أنّهم يقومون عند ذكر وصفه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تعظيما، وهذا أمر مستحسن؛ لأنّ فيه تعظيما للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قد عمل به كثير من علماء الامّة ممّن يلزم الاقتداء بهم، ثمّ روى عن الحلبي أنّه جمع عند السبكي جمع من علماء عصره، فإذا قرأ أحد من الشعراء:

قليل لمدح المصطفى الخطّ بالذهب * * * على ورق من خطّ أحسن من كتب
وأن تنهض الأشراف عند سماعه * * * قياما صفوفا أو جثيا على الركب

فإذا قاموا كلّهم تعظيما، انتهى.
(416) (5)- الكلم الطيّب: ص 85- 89.

(٢٢٦)

وسورة، وقم مستقبل القبلة تحت السماء وقل: سلام الله الكامل التامّ، الشامل العامّ، وصلواته الدائمة، وبركاته القائمة التامّة، على حجّة الله ووليّه في أرضه وبلاده، وخليفته على خلقه وعباده، وسلالة النبوّة، وبقيّة العترة والصفوة، صاحب الزمان، ومظهر الإيمان، وملقّن أحكام القرآن، ومطهّر الأرض، وناشر العدل في الطول والعرض، والحجّة القائم المهدي الإمام المنتظر المرتضى، وابن الأئمّة الطاهرين، الوصيّ ابن الأوصياء المرضيّين، الهادي المعصوم ابن الائمّة الهداة المعصومين، السلام عليك يا معزّ المؤمنين المستضعفين، السلام عليك يا مذلّ الكافرين المتكبّرين الظالمين، السلام عليك يا مولاي يا صاحب الزمان، السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين، السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين، السلام عليك يا ابن الأئمّة الحجج المعصومين، والإمام على الخلق أجمعين، السلام عليك يا مولاي سلام مخلص لك في الولاية، أشهد أنّك الإمام المهدي قولا وفعلا، وأنت الّذي تملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا، فعجّل الله فرجك، وسهّل مخرجك، وقرّب زمانك، وكثّر أنصارك وأعوانك، وأنجز لك ما وعدك، فهو أصدق القائلين: (ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)، يا مولاي يا صاحب الزمان يا ابن رسول الله، حاجتي... كذا وكذا، فاشفع لي في نجاحها، فقد توجّهت إليك بحاجتي لعلمي أنّ لك عند الله شفاعة مقبولة، ومقاما محمودا، فبحقّ من اختصّكم بأمره، وارتضاكم لسرّه، وبالشأن الّذي لكم عند الله بينكم وبينه، سل الله تعالى في نجح طلبتي، وإجابة دعوتي، وكشف كربتي. وادع بما أحببت

(٢٢٧)

فإنّه تقضى إن شاء الله.
أقول: نقل الوالد الماجد العلامة- قدّس الله سرّه- في حاشية «الكلم الطيّب» عن بعض النسخ بعد قوله: «تصلّي ركعتين بالحمد وسورة»: «إنّا فتحنا في الاولى، وإذا جاء نصر الله في الثانية»، وذكر: «بركاته القائمة على حجّة الله»، ولم يذكر: «التامّة»، وذكر: «معلن الإيمان» بدل «مظهر الايمان»، وذكر: «مطهّر الأرض» بدون الواو، و«الحجّة القائم» بدون الواو، وذكر: «والإمام المنتظر» مع الواو، وذكر بدل «المرتضى»: «المرضي»، وبدل «وابن الأئمّة الطاهرين»: «الطاهر ابن الأئمّة الطاهرين»، وذكر: «ابن الهداة المعصومين» بدل «ابن الأئمّة الهداة المعصومين»، وذكر بعده هذه الجملة: «السلام عليك يا إمام المسلمين والمؤمنين، السلام عليك يا وارث علم النبيّين، ومستودع حكمة الوصيّين، السلام عليك يا عصمة الدين [يا ناصر الدين- خ]»، وذكر: «السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين، وابن فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين»، وذكر بدل «يا ابن الأئمّة الحجج المعصومين»: «يا ابن الحجج على الخلق أجمعين»، وبدل «في الولاية»: «في الولاء»، وبدل «وأنت الّذي»: «وأنّك الّذي»، وبدل «فعجّل الله»: «عجّل الله»، وبدل «أنجز لك ما وعدك»: «أنجز لك موعدك»، وفي آخره بعد قوله: «وكشف كربتي» ذكر: «واسجد سجدة الشكر، ويدعو الله طويلا».
1246-(417)- فلاح السائل: قال: ومن المهمّات بعد صلاة العصر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(417) (6)- فلاح السائل: ص 199- 200 في نوافل العصر وأدعيتها؛ مكيال المكارم: ج 2 ص 12- 13 ب 6.
أقول: كتاب مكيال المكارم كتاب كبير حسن نافع، لم أر مثله في موضوعه، أفرده مصنّفه- رحمه الله- لذكر فوائد الدعاء لمولانا القائم (عليه السلام)، وما ورد من الأدعية له ولفرجه، وما يتقرّب به إليه. وقد جمع فيه أدعية كثيرة جليلة من الكتب المعتبرة، وذكر فيه من الآداب والفوائد والجهات الموجبة للدعاء له، والآثار المترتّبة عليه والأوقات والحالات والأماكن الّتي يتأكّد فيها الدعاء له ما لا يتّسعه هذا الكتاب.

(٢٢٨)

الاقتداء بمولانا موسى بن جعفر الكاظم (عليهما السلام) في الدعاء لمولانا المهدي صلوات الله وسلامه وبركاته على محمّد جدّه، وبلغ ذلك إليه كما رواه محمّد بن بشير الأزدي، قال: حدّثنا أحمد بن عمر بن موسى الكاتب، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن جمهور القمّي، عن أبيه محمّد بن جمهور، عن يحيى بن الفضل النوفلي، قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) ببغداد حين فرغ من صلاة العصر، فرفع يديه إلى السماء وسمعته يقول: أنت الله لا إله إلّا أنت الأوّل والآخر والظاهر والباطن، وأنت الله لا إله إلّا أنت إليك زيادة الأشياء ونقصانها، وأنت الله لا إله إلّا أنت خلقت الخلق بغير معونة من غيرك ولا حاجة إليهم، أنت الله لا إله إلّا أنت منك المشيّة وإليك البداء، أنت الله لا إله إلّا أنت قبل القبل وخالق القبل، أنت الله لا إله إلّا أنت بعد البعد وخالق البعد، أنت الله لا إله إلّا أنت تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أمّ الكتاب، أنت الله لا إله إلّا أنت غاية كلّ شيء ووارثه، أنت الله لا إله إلّا أنت لا يعزب عنك الدقيق ولا الجليل، أنت الله لا إله إلّا أنت لا تخفى عليك اللغات، ولا تتشابه عليك الأصوات، كلّ يوم أنت في شأن، لا يشغلك شأن عن شأن، عالم الغيب وأخفى، ديّان الدين، مدبّر الامور، باعث من في القبور، محيي العظام وهي رميم، أسألك باسمك المكنون المخزون الحيّ القيّوم، الّذي لا يخيب من سألك به، أن تصلّي على محمّد وآله، وأن تعجّل فرج المنتقم لك من أعدائك، وأنجز له ما وعدته، يا ذا الجلال والإكرام.

(٢٢٩)

قال: قلت: من المدعوّ له؟ قال: ذلك المهدي من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قال: بأبي المنبدح [المنفدح] البطن، المقرون الحاجبين، أحمش الساقين، بعيد ما بين المنكبين، أسمر اللون، يعتوره مع سمرته صفرة من سهر الليل، بأبي من ليله يرعى النجوم ساجدا وراكعا، بأبي من لا تأخذه في الله لومة لائم، مصباح الدجى، بأبي القائم بأمر الله.
قلت: متى خروجه؟ قال: إذا رأيت العساكر بالأنبار على شاطئ الفرات والصراة ودجلة، وهدم قنطرة الكوفة، وإحراق بعض بيوتات الكوفة، فإذا رأيت ذلك فإنّ الله يفعل ما يشاء، لا غالب لأمر الله، ولا معقّب لحكمه.
1247-(418)- من لا يحضره الفقيه: وقال (يعني: الإمام أبا جعفر محمّد بن علي الرضا (عليهما السلام) على الظاهر من الحديث الّذي أخرجه قبله): إذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقل: رضيت باللّه ربّا، وبالإسلام دينا، وبالقرآن كتابا، وبالكعبة قبلة، وبمحمّد نبيّا، وبعليّ وليّا، والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمّد بن علي وعلي بن محمّد والحسن بن علي والحجّة بن الحسن بن علي أئمّة، اللهمّ وليّك الحجّة فاحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، وامدد له في عمره، واجعله القائم بأمرك، المنتصر لدينك، وأره ما يحبّ وتقرّ به عينه في نفسه وفي ذرّيّته وأهله وماله وفي شيعته وفي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(418) (7)- من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 215 ب التعقيب 46 ح 959؛ روضة المتّقين: ج 2 ص 375- 376 وفيه: «وأرهم منهم ما يحذرون».

(٢٣٠)

عدوّه، وأره منهم، وأره فيهم ما يحبّ وتقرّ به عينه، واشف به صدورنا وصدور قوم مؤمنين.
1248-(419)- مهج الدعوات: قال: ونروى بإسنادنا إلى محمّد بن أحمد بن إبراهيم الجعفي المعروف بالصابوني من جملة حديث بإسناده، ذكر فيه غيبة المهدي صلوات الله عليه. قلت: كيف تصنع شيعتك؟ قال: عليكم بالدعاء وانتظار الفرج فإنّه سيبدو لكم علم، فإذا بدا لكم فاحمدوا الله وتمسّكوا بما بدا لكم، قلت: فما ندعو به؟ قال: تقول: اللهمّ أنت عرّفتني نفسك وعرّفتني رسولك وعرّفتني ملائكتك، وعرّفتني نبيّك، وعرّفتني ولاة أمرك، اللهمّ لا آخذ إلّا ما أعطيت، ولا واقي إلّا ما وقيت، اللهمّ لا تغيّبني عن منازل أوليائك، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، اللهمّ اهدني لولاية من افترضت طاعته.
1249-(420)- مهج الدعوات: حدّثنا محمّد بن علي بن دقّاق القمّي أبو جعفر، قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن علي بن الحسن بن شاذان القمّي، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمّي، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، عن العبّاس بن معروف، عن عبد السلام بن سالم، قال: حدّثنا محمّد بن سنان، عن يونس بن ظبيان، عن جابر بن يزيد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(419) (8)- مهج الدعوات: ص 332.
(420) (9)- مهج الدعوات: ص 334- 336.
أقول: قد ورد من الدعاء في الأحاديث أدعية كثيرة غير ما ذكرناه؛ كالدعاء المروي عن يونس بن عبد الرحمن عن الرضا (عليه السلام)، والدعاء الّذي يستحبّ أن يدعى به في ليلة النصف من شعبان: «اللّهمّ بحقّ ليلتنا هذه ومولودها...»، ودعاء الندبة، ودعاء العهد، والصلوات المرويّة عن مولانا أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السلام)، وغيرها ممّا يطلب من كتب الدعوات؛ كمصباح المتهجّد، ومصباح الكفعمي، وفلاح السائل، وغيرها.

(٢٣١)

الجعفي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام)... الحديث طويل مشتمل على الدعاء الموسوم بدعاء العهد، أوّله: اللهمّ يا إله الآلهة، يا واحد يا أحد... وهو مشتمل على التنصيص على الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام) بأسمائهم، وإخبار الإمام الباقر (عليه السلام) بمن يقوم منهم بعده قبل ولادتهم.
1250-(421)- كمال الدين: وبهذا الإسناد (يعني: المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي، عن جعفر بن محمّد بن مسعود) عن أبيه محمّد بن مسعود، قال: وجدت بخطّ جبرئيل بن أحمد: حدّثني العبيدي محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى، ولا إمام هدى، ولا ينجو منها إلّا من دعا بدعاء الغريق، قلت: كيف دعاء الغريق؟ قال: يقول: يا الله يا رحمان يا رحيم يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك، فقلت: يا الله يا رحمان يا رحيم يا مقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلبي على دينك، قال: إنّ الله (عزّ وجلّ) مقلّب القلوب والأبصار، ولكن قل كما اقول لك: يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك.
1251-(422)- مصباح المتهجّد: الدعاء لصاحب الأمر (عليه السلام) المروي عن الرضا (عليه السلام): روى يونس بن عبد الرحمن، عن الرضا (عليه السلام) أنّه كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر بهذا: اللهمّ ادفع عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(421) (10)- كمال الدين: ج 2 ص 351- 352 ب 33 ح 49؛ مهج الدعوات: ص 332- 333 وقال: «أقول: لعلّ معنى قوله الابصار؛ لأنّ تقلّب القلوب والأبصار يكون يوم القيامة من شدّة أهواله، وفي الغيبة إنّما يخاف من تقلّب القلوب دون الأبصار»؛ البحار: ج 52 ص 148- 149 ب 22 ح 73.
أقول: قوله: «فتبقون...» يعني: في الغيبة.
(422) (11)- مصباح المتهجّد: ص 366، وص 409 طبع مؤسسة فقه الشيعة- بيروت.

(٢٣٢)

وليّك، وخليفتك، وحجّتك على خلقك، ولسانك المعبّر عنك، الناطق بحكمك، وعينك الناظرة بإذنك، وشاهدك على عبادك، الجحجاح (423) المجاهد، العائذ بك، العابد عندك، وأعذه من شرّ جميع ما خلقت وبرأت وأنشأت وصوّرت، واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته بحفظك الّذي لا يضيع من حفظته به، واحفظ فيه رسولك وآباءه أئمّتك، ودعائم دينك، واجعله في وديعتك الّتي لا تضيع، وفي جوارك الذي لا يخفر، وفي منعك وعزّك الّذي لا يقهر، وآمنه بأمانك الوثيق الّذي لا يخذل من آمنته به، واجعله في كنفك الّذي لا يرام من كان فيه، وانصره بنصرك العزيز، وأيّده بجندك الغالب، وقوّه بقوّتك، وأردفه بملائكتك، ووال من والاه، وعاد من عاداه، وألبسه درعك الحصينة، وحفّه بالملائكة حفّا، اللهمّ اشعب به الصدع، وارتق به الفتق، وأمت به الجور وأظهر به العدل، وزيّن بطول بقائه الأرض، وأيّده بالنصر، وانصره بالرعب، وقوّ ناصريه، واخذل خاذليه، ودمدم من نصب له، ودمّر من غشّه، واقتل به جبابرة الكفر وعمده ودعائمه، واقصم به رءوس الضلالة، وشارعة البدع، ومميتة السنّة، ومقوّية الباطل، وذلّل به الجبّارين، وأبر به الكافرين، وجميع الملحدين في مشارق الأرض ومغاربها، وبرّها وبحرها، وسهلها وجبلها، حتّى لا تدع منهم ديّارا، ولا تبقي لهم آثارا، اللهمّ طهّر منهم بلادك، واشف منهم عبادك، وأعزّ به المؤمنين، وأحي به سنن المرسلين، ودارس حكم النبيّين، وجدّد به ما امتحى من دينك، وبدّل من حكمك، حتّى تعيد دينك به وعلى يديه جديدا غضّا محضا صحيحا لا عوج فيه ولا بدعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(423) الجحجاح: السيّد السمح أو الكريم، والجمع: الجحاجح.(لسان العرب: مادّة جحجح).

(٢٣٣)

معه، وحتّى تنير بعدله ظلم الجور، وتطفئ به نيران الكفر، وتوضّح به معاقد الحقّ ومجهول العدل، فإنّه عبدك الّذي استخلصته لنفسك، واصطفيته على غيبك، وعصمته من الذنوب، وبرّأته من العيوب، وطهّرته من الرجس، وسلّمته من الدنس، اللهمّ فإنّا نشهد له يوم القيامة ويوم حلول الطامّة أنّه لم يذنب ذنبا، ولا أتى حوبا، ولم يرتكب معصية، ولم يضيّع لك طاعة، ولم يهتك لك حرمة، ولم يبدّل لك فريضة، ولم يغيّر لك شريعة، وأنّه الهادي المهتدي، الطاهر التقيّ النقيّ، الرضيّ الزكيّ، اللهمّ أعطه في نفسه وأهله وولده وذرّيّته وامّته وجميع رعيّته ما تقرّ به عينه، وتسرّ به نفسه، وتجمع له ملك المملكات كلّها، قريبها وبعيدها، وعزيزها وذليلها، حتّى تجري حكمه على كلّ حكم، وتغلب بحقّه كلّ باطل، اللهمّ اسلك بنا على يديه منهاج الهدى، والمحجّة العظمى، والطريقة الوسطى الّتي يرجع إليها الغالي، ويلحق بها التالي، وقوّنا على طاعته، وثبّتنا على مشايعته، وامنن علينا بمتابعته، واجعلنا في حزبه، القوّامين بأمره، الصابرين معه، الطالبين رضاك بمناصحته، حتّى تحشرنا يوم القيامة في أنصاره وأعوانه ومقوّية سلطانه، اللهمّ واجعل ذلك لنا خالصا من كلّ شكّ وشبهة ورياء وسمعة، حتّى لا نعتمد به غيرك، ولا نطلب به إلّا وجهك، وحتّى تحلّنا محلّه، وتجعلنا في الجنّة معه، وأعذنا من السأمة والكسل والفترة، واجعلنا ممّن تنتصر به لدينك وتعزّ به نصر وليّك، ولا تستبدل بنا غيرنا، فإنّ استبدالك بنا غيرنا عليك يسير، وهو علينا كثير [كبير- خ]، اللهمّ صلّ على ولاة عهده، والائمّة من بعده، وبلّغهم آمالهم، وزد في آجالهم، وأعزّ نصرهم، وتمّم لهم ما أسندت إليهم من أمرك لهم، وثبّت دعائمهم، واجعلنا لهم أعوانا، وعلى دينك أنصارا، فإنّهم معادن كلماتك، وخزّان علمك،

(٢٣٤)

وأركان توحيدك، ودعائم دينك، وولاة أمرك، وخالصتك من عبادك، وصفوتك من خلقك، وأولياؤك، وسلائل أوليائك، وصفوة أولاد نبيّك، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 280، 291 (وفيها المنع عن التسمية)، 550 (وفيه أيضا عدم جواز التسمية)، 551، 552 (وفيه أيضا المنع عن ذكر اسمه)، 557، 560 (وفيه أيضا المنع)، 574 (وفيه أيضا المنع)، 617، 621 (وفيه أيضا النهي)، 624، 653 (وفيه أيضا تحريم التسمية)، 806 (وفيه أيضا المنع عن تسميته وتكنيته)، 810 (وفيه أيضا المنع عن التسمية والتكنية)، 1220 إلى 1240، 1252 إلى 1256، 1258، 1260، 1261، 1264، 1272 إلى 1276.

(٢٣٥)

الفصل الرابع: في فضل من أدركه وأطاعه، ويؤمن به في غيبته، ويأتمّ ويقتدي به، ويثبت على موالاته وفيه 31 حديثا

1252-(424)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن الحسين ابن سعيد، عن محمّد بن جمهور، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية ابن وهب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو يأتمّ به في غيبته قبل قيامه، ويتولّى أولياءه، ويعادي أعداءه، ذلك من رفقائي، وذوي مودّتي، وأكرم أمّتي عليّ يوم القيامة.
1253-(425)- كمال الدين: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد- رضي الله عنه-، قال: حدّثنا أبو عمرو البلخي [اللجّي- خ]، عن محمد بن مسعود، قال: حدّثني خلف بن حماد [خلف بن حماد- خ، خلف بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(424) (1)- كمال الدين: ج 1 ص 286 ب 25 ح 2؛ ينابيع المودّة: ص 493 ب 94 مثله؛ مكيال المكارم: ج 2 ص 221 ح 1395.
(425) (2)- كمال الدين: ج 1 ص 286- 287 ب 25 ح 3؛ ينابيع المودّة: ص 493 ب 94 نحوه.

(٢٣٦)

جابر- خ]، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن محمّد بن أسلم الجبلي، عن الخطّاب بن مصعب، عن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه، يأتمّ به وبأئمّة الهدى من قبله، ويبرأ إلى الله (عزّ وجلّ) من عدوّهم، اولئك رفقائي، وأكرم أمّتي عليّ.
1254-(426)- كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه محمّد بن مسعود العيّاشي، عن جعفر بن أحمد، عن العمركي بن علي البوفكي، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن مروان ابن مسلم، عن أبي بصير، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام): طوبى لمن تمسّك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية، فقلت له: جعلت فداك، وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنّة، أصلها في دار علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وليس من مؤمن إلّا وفي داره غصن من أغصانها، وذلك قول الله (عزّ وجلّ): (طُوبى لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ)(427).
1255-(428)- أمالي الطوسي: وبالإسناد (يعني ابن الشيخ الطوسي، عن والده أبي جعفر محمد بن الحسن) قال: أخبرنا أبو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(426) (3)- كمال الدين: ج 2 ص 358 ب 33 ح 55؛ معاني الأخبار: ص 112 ب 44 ح 1؛ البحار: ج 52 ص 123 ب 22 ح 6.
(427) الرعد: 29.
(428) (4)- أمالي الطوسي: ج 1 ص 236- 237 ح 2؛ البحار: ج 52 ص 122- 123 ب 22 ح 5؛ بشارة المصطفى: ص 113؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 529 ب 32 ح 448 مختصرا.

(٢٣٧)

عبد الله؛ محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: دخلنا على أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام) ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا، فودّعناه وقلنا له: أوصنا يا ابن رسول الله! فقال: ليعن قويّكم ضعيفكم، وليعطف غنيّكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه، واكتموا أسرارنا، ولا تحملوا الناس على أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنّا، فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقا فردّوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فيه فقفوا عنده وردّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، وإذا كنتم كما أوصيناكم لم تعدوا إلى غيره فمات منكم ميّت قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدا، ومن أدرك منكم قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدوّا لنا كان له أجر عشرين شهيدا.
1256-(429)- كمال الدين: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن بسطام بن مرّة، عن عمرو بن ثابت، قال: قال علي بن الحسين سيّد العابدين (عليهما السلام): من ثبت على موالاتنا [ولايتنا- خ] في غيبة قائمنا أعطاه الله (عزّ وجلّ) أجر ألف شهيد من شهداء بدر واحد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(429) (5)- كمال الدين: ج 1 ص 323 ب 31 ح 7؛ البحار: ج 52 ص 125 ب 22 ح 13، وج 82 ص 173 ب 20 النوادر ح 6؛ كشف الغمّة: ج 2 ص 522؛ الوافي: ج 2 ص 442 ب 50؛ دعوات الراوندي: ص 274 ح 787 وفيه: «من مات على...»؛ إلزام الناصب: ج 1 ص 470.

(٢٣٨)

1257-(430)- من لا يحضره الفقيه: في حديث وصايا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا علي! أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان، لم يلحقوا النبيّ، وحجب عنهم الحجّة فآمنوا بسواد على بياض.
1258-(431)- كمال الدين: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن المغيرة، عن المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنّه قال: يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان، إنّ أدنى ما يكون لهم من الثواب أن يناديهم البارئ جلّ جلاله فيقول: عبادي وإمائي، آمنتم بسرّي، وصدّقتم بغيبي، فأبشروا بحسن الثواب منّي، فأنتم عبادي وإمائي حقّا، منكم أتقبّل، وعنكم أعفو، ولكم أغفر، وبكم أسقي عبادي الغيث، وأدفع عنهم البلاء، ولولاكم لأنزلت عليهم عذابي، قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله! فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: حفظ اللسان، ولزوم البيت.
1259-(432)- كمال الدين: حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد الدقّاق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(430) (6)- من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 366 باب النوادر ح 5762؛ كمال الدين: ج 1 ص 288 ب 25 ح 8 مثله إلّا أنّه قال: «يا علي واعلم أنّ»، وقال: «وحجبتهم الحجّة»؛ ينابيع المودّة: ص 494 ب 94؛ البحار: ج 52 ص 125 ب 22 ح 12؛ إلزام الناصب: ج 1 ص 470؛ مكيال المكارم: ج 2 ص 221 ح 1394؛ النوادر: ص 171 ب انتظار الفرج.
(431) (7)- كمال الدين: ج 1 ص 330 ب 32 ح 15؛ البحار: ج 52 ص 145 ب 22 ح 66؛ مكيال المكارم: ج 2 ص 222 ح 1398.
(432) (8)- كمال الدين: ج 2 ص 340- 341 ب 33 ح 20. والظاهر أنّ قوله: «وشاهد ذلك» من كلام الصدوق، وليس من كلام الإمام (عليه السلام)، كما صرّح به العلامة المجلسي في البحار ج 52 ص 124 ب 22، وشاهد هذا الاستظهار عدم ملائمة مضمون الآية لتأويله بالحجّة (عليه السلام)، مضافا إلى أنّ الشاهد يجب أن يكون أظهر من المشهود عليه لا أن يكون مساويا له في الظهور أو أضعف ظهورا منه.
تأويل الآيات الظاهرة: ص 34 إلى قوله: «والغيب: هو الحجّة الغائب»، فترك كلام الصدوق، فكأنّه أيضا لم يره من الحديث، ولذا لم يذكره في سورة يونس الّتي فيها هذه الآية الّتي استشهد بها.
المحجّة: ص 16(الآية الاولى)، ولكنّه ذكر الشاهد كما ذكره في الآية السادسة والعشرين(ص 97)، وهي الآية العشرون من سورة يونس.
البحار: ج 51 ص 52 ب 5 ح 29 وج 52 ص 124 ب 22 ح 10، وزاد عليه في نقله الأخير: «فأخبر (عزّ وجلّ) أنّ الآية هي الغيب، والغيب هو الحجّة، وتصديق ذلك قول الله (عزّ وجلّ): (وجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وأُمَّهُ آيَةً)، يعني: حجّة، انتهى». وكأنّه لهذا الذيل الّذي لم أجده فيما عندي من نسخ«كمال الدين»- والظاهر أنّه كان موجودا في النسخة الّتي نقل عنها مولانا المجلسي- استظهر البعض أنّ هذه الجملة من كلام شيخنا الصدوق، والجملة الّتي استظهرنا أنّها من كلامه، كلام الإمام (عليه السلام). ولكن لا يخفى عليك ضعف هذا الاستظهار:
أوّلا: لأنّ المجلسي ذكره في باب الآيات المؤوّلة خاليا عن هذا الذيل، فمن المحتمل كون هذه الجملة من بعض العلماء الناسخين للبحار، وإلّا فمن المستبعد نقل هذا الحديث تارة من نسخة فيها هذه الجملة، وتارة من نسخة فارغة منها مع عدم الإشارة إلى اختلاف النسختين.
ثانيا: من المحتمل أن تكون الجملة الأخيرة لبعض النسّاخ لكمال الدين، ذكرها توجيها للجملة السابقة عليها لزعمه أنّها من كلام الإمام (عليه السلام).
ثالثا: لو قبلنا أنّ كلام الصدوق الجملة الأخيرة، وأنّ السابقة عليها ليست من كلامه، فلما ذا لا يجوز أن تكون الجملة الاولى بل والثانية من غير الصدوق من رواة الحديث، شرحا للحديث؟ فما نحن بصدده لعدم ملائمة مضمون الآية لتفسير الغيب المذكور في قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) أنّ الجملتين ليستا من كلام الإمام (عليه السلام)، ولا أقل انّه لا يثبت بذلك كونهما من كلامه (عليه السلام)؛ لظهور عدم كونه منه بهذه القرينة، سواء رجّح كونهما من الصدوق أو من غيره، واللّه هو العالم.

(٢٣٩)

- رضي الله عنه- قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن علي بن أبي

(٢٤٠)

حمزة، عن يحيى بن أبي القاسم، قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن قول الله (عزّ وجلّ): (الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ...)(433)، فقال: المتّقون شيعة علي (عليه السلام)، والغيب فهو الحجّة الغائب. وشاهد ذلك قول الله (عزّ وجلّ): (وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)(434).
1260-(435)- كمال الدين: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود وحيدر بن محمّد بن نعيم السمرقندي جميعا، عن محمّد بن مسعود العيّاشي، قال: حدّثني علي بن محمّد بن شجاع، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) في قول الله (عزّ وجلّ): (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً)(436) يعني: خروج القائم المنتظر منّا، ثمّ قال (عليه السلام): يا أبا بصير! طوبى لشيعة قائمنا، المنتظرين لظهوره في غيبته، والمطيعين له في ظهوره، اولئك أولياء الله الّذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
1261-(437)- غيبة النعماني: حدّثنا علي بن أحمد، عن عبيد الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(433) البقرة: 1- 3.
(434) يونس: 20.
(435) (9)- كمال الدين: ج 2 ص 357 ب 33 ح 54 وفيه سهو في السند؛ المحجّة: ص 69- 70 الآية 15؛ البحار: ج 52 ص 149- 150 ب 22 ح 76.
(436) الأنعام: 158.
(437) (10)- غيبة النعماني: ص 199 ب 11 ح 13؛ تأويل الآيات الظاهرة: ص 133 عن غيبة الشيخ المفيد، عن رجاله بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وصابِرُوا ورابِطُوا) قال:
اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا عدوّكم، ورابطوا إمامكم المنتظر.
المحجّة: ص 52 الآية الخامسة؛ ينابيع المودّة: ص 421 ب 71 ووقع فيه السهو من المؤلّف أو الناسخ، فذكر بدل«آل عمران»: «الأنفال»، وقال: «إمامكم المهدي المنتظر».

(٢٤١)

ابن موسى، عن هارون بن مسلم، عن القاسم بن عروة، عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر (عليهما السلام) في قوله (عزّ وجلّ): (اصْبِرُوا وصابِرُوا ورابِطُوا) فقال: اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا عدوّكم، ورابطوا إمامكم [المنتظر].
1262-(438)- نهج البلاغة: الزموا الأرض، واصبروا على البلاء، ولا تحرّكوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله الله لكم، فإنّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حقّ ربّه وحقّ رسوله وأهل بيته مات شهيدا، ووقع أجره على الله، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله، وقامت النيّة مقام إصلاته لسيفه، فإنّ لكلّ شيء مدّة وأجلا.
1263-(439)- كتاب الفضل: عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): سيأتي قوم من بعدكم، الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم، قالوا: يا رسول الله! نحن كنّا معك ببدر واحد وحنين، ونزل فينا القرآن، فقال: إنّكم لو تحملو [ن- خ] لما حملوا لم تصبروا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(438) (11)- نهج البلاغة: صبحي الصالح؛ خ 190 البحار: ج 52 ص 144 ب 22 ح 63.
(439) (12)- غيبة الشيخ: ص 456- 457 ح 467؛ البحار: ج 52 ص 130 ب 22 ح 26؛ الخرائج والجرائح: ج 3 ص 1149 ب العلامات الكائنة قبل خروج المهدي... الخ.

(٢٤٢)

صبرهم.
1264-(440)- غيبة الشيخ: عن الفضل بن شاذان، عن إسماعيل ابن مهران، عن أيمن بن محرز، عن رفاعة بن موسى ومعاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه، يتولّى وليّه، ويتبرّأ من عدوّه، ويتولّى الأئمّة الهادية من قبله، اولئك رفقائي، وذوو ودّي ومودّتي، وأكرم أمّتي عليّ. قال رفاعة: وأكرم خلق الله عليّ.
1265-(441)- المحاسن: عنه (يعني: أحمد بن أبي عبد الله البرقي)، عن أبيه، عن حمزة بن عبد الله، عن حسّان بن درّاج، عن مالك بن أعين، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من مات منكم على أمرنا هذا كان كمن استشهد مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
1266-(442)- المحاسن: عنه، عن أبيه، عن العلاء بن سيابة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من مات منكم على أمرنا هذا فهو بمنزلة من ضرب فسطاطه إلى رواق القائم (عليه السلام)، بل بمنزلة من يضرب معه بسيفه، بل بمنزلة من استشهد معه، بل بمنزلة من استشهد مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
1267-(443)- المحاسن: عنه، عن ابن فضّال، عن علي بن شجرة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(440) (13)- غيبة الشيخ: ص 456 ح 466؛ إثبات الهداة: ج 1 ص 550- 551 ب 9 ح 378؛ البحار: ج 52 ص 129- 130 ب 22 ح 25.
(441) (14)- المحاسن: ج 1 ص 172 كتاب الصفوة والنور ب 38 ح 144.
(442) (15)- المحاسن: ج 1 ص 173 كتاب الصفوة والنور ب 38 ح 145؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 519 ب 32 ح 385.
(443) (16)- المحاسن: ج 1 ص 173 كتاب الصفوة والنور ب 38 ح 149؛ إثبات الهداة: ج 3 ص 519 ب 32 ح 389.

(٢٤٣)

عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: من مات على هذا الأمر كان بمنزلة من حضر مع القائم، وشهد مع القائم (عليه السلام).
1268-(444)- المحاسن: عنه، عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن مالك بن أعين الجهني، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إنّ الميّت منكم على هذا الأمر بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله.
1269-(445)- المحاسن: عنه، عن محمّد بن الحسن بن شمّون البصري، عن عبد الله بن عمرو بن الأشعث، عن عبد الله بن حمّاد الأنصاري، عن الصبّاح بن يحيى المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الحكم بن عيينة، قال: لمّا قتل أمير المؤمنين الخوارج يوم النهروان قام إليه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(444) (17)- المحاسن: ج 1 ص 174 كتاب الصفوة والنور ب 38 ح 150؛ البحار: ج 51 ص 126 ب 22 ح 17.
(445) (18)- المحاسن: ج 1 ص 261- 262 كتاب مصابيح الظلم ب 33 ح 322؛ البحار: ج 52 ص 131 ب 22 ح 32.
ومثل هذا الحديث في أصل المضمون ما في نهج البلاغة(الخطبة 12) من أنّ الله تعالى لمّا أظفر مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) بأصحاب الجمل، قال له بعض أصحابه:
وددت أنّ أخي فلانا كان شاهدنا ليرى ما نصرك الله به على أعدائك، فقال له (عليه السلام): أهوى أخيك معنا؟ فقال: نعم، قال: فقد شهدنا، ولقد شهدنا في عسكرنا هذا أقوام في أصلاب الرجال وأرحام النساء، سيرعف بهم الزمان، ويقوى بهم الإيمان.
أقول: فكما أنّ هؤلاء شهداء مشاهد الأئمّة الماضين إلى مولانا المهدي- بأبي هو وامّي- هم شهداء مشاهد المهدي (عليه السلام) أيضا وإن ماتوا قبل ظهوره، سواء في ذلك من مات في عصر الغيبة أو قبله في أعصار إمامة آبائه الطاهرين، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنّما يجمع الناس الرضا والسخط، فمن رضي أمرا فقد دخل فيه، ومن سخطه فقد خرج منه».(المحاسن: ج 1 ص 262 ب 33 ح 323) وفي نهج البلاغة(خ 201: أيّها الناس إنّما يجمع الناس الرضا والسخط... الخطبة.

(٢٤٤)

رجل، فقال: يا أمير المؤمنين طوبى لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف، وقتلنا معك هؤلاء الخوارج، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لقد شهدنا في هذا الموقف اناس لم يخلق الله آباءهم ولا أجدادهم بعد، فقال الرجل: وكيف شهدنا قوم لم يخلقوا؟! قال: بلى، قوم يكونون في آخر الزمان، يشركوننا فيما نحن فيه وهم يسلّمون لنا، فاولئك شركاؤنا فيما كنّا فيه حقّا حقّا.
1270-(446)- تاريخ قم: وعن علي بن عيسى، عن علي بن محمّد الربيع، عن صفوان بن يحيى بيّاع السابري، قال: كنت يوما عند أبي الحسن (عليه السلام)، فجرى ذكر قم وأهله، وميلهم إلى المهدي (عليه السلام)، فترحّم عليهم وقال: رضي الله عنهم، ثمّ قال: إنّ للجنّة ثمانية أبواب، وواحد منها لأهل قم، وهم خيار شيعتنا من بين سائر البلاد، خمّر الله تعالى ولايتنا في طينتهم.
1271-(447)- غيبة الشيخ: عن الفضل، عن ابن فضّال، عن المثنّى الحنّاط، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من عرف بهذا الأمر ثمّ مات قبل أن يقوم القائم كان له أجر مثل [أجر من قتل معه.
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 113، 499، 511، 513، 536، 538، 551، 563، 580، 1104، 1122.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(446) (19)- بحار الأنوار: ج 60 ص 216 ب 36 الممدوح من البلدان والمذموم منها ح 39.
(447) (20)- غيبة الشيخ: ص 460 ح 474؛ البحار: ج 52 ص 131 ح 31.

(٢٤٥)

الفصل الخامس: في كيفيّة التسليم والصلاة عليه وفيه 9 أحاديث

1272-(448)- كتاب فضل بن شاذان: عن ابن محبوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من أدرك منكم قائمنا فليقل حين يراه: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة، ومعدن العلم، وموضع الرسالة.
وأخرج في كمال الدين بسنده عن محمّد بن سنان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنّ العلم بكتاب الله (عزّ وجلّ) وسنّة نبيّه (صلّى الله عليه وآله) لينبت في قلب مهديّنا كما ينبت الزرع على أحسن نباته، فمن بقي منكم حتّى يراه فليقل حين يراه: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوّة، ومعدن العلم، وموضع الرسالة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(448) (1)- غيبة الشيخ: ص 282 ب 8 ح 8؛ كمال الدين: ج 2 ص 653 ب 57 ح 18؛ بحار الأنوار: ج 52 ص 331 ب 27 ح 55؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 639 في ذكر الحجّة ب 42 في كيفيّة السلام عليه؛ وج 2 ص 557 ب 15 في علمه (عليه السلام)؛ اثبات الهداة: ج 7 ص 34 ب 32 ح 366.

(٢٤٦)

1273-(449)- كمال الدين: وروي أنّ التسليم على القائم (عليه السلام) أن يقال له: السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه.
1274-(450)- مصباح المتهجّد: أخبرنا جماعة من أصحابنا، عن أبي المفضّل الشيباني، قال: حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد العابد بالدالية لفظا، قال: سألت مولاي أبا محمّد الحسن بن علي (عليهما السلام) في منزله بسرّمن رأى سنة خمس وخمسين ومائتين أن يملي عليّ [من] الصّلاة على النبي وأوصيائه عليه وعليهم السلام، وأحضرت معي قرطاسا كبيرا، فأملى عليّ لفظا من غير كتاب [وقال: اكتب] الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله)... ثمّ ذكر الصلاة عليه وعلى الأئمّة (عليهم السلام) واحدا بعد واحد إلى مولانا صاحب الزمان (عليه السلام)، وقال ما هذا لفظه: الصلاة على وليّ الأمر المنتظر صاحب الزمان محمّد بن الحسن بن علي (عليهم السلام). اللهمّ صلّ على وليك وابن أوليائك الّذين فرضت طاعتهم، وأوجبت حقّهم، وأذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم تطهيرا، اللهمّ انصره وانتصر به لدينك، وانصر به أولياءك وأولياءه وشيعته وأنصاره، واجعلنا منهم، اللهمّ أعذه من شرّ كلّ باغ وطاغ، ومن شرّ جميع خلقك، واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، واحرسه وامنعه أن يوصل إليه بسوء، واحفظ فيه رسولك وآل رسولك، وأظهر به العدل، وأيّده بالنصر، وانصر ناصريه، واخذل خاذليه، واقصم به جبابرة الكفرة [الكفر- خ]، واقتل به الكفّار والمنافقين وجميع الملحدين، حيث كانوا، وأين كانوا، من مشارق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(449) (2)- كمال الدين: ج 2 ص 653 ب 57 ذيل ح 18.
(450) (3)- مصباح المتهجّد: ص 357- 362؛ جمال الاسبوع: ص 483- 494 ب 47؛ حلية الأبرار: ج 2 ص 639 ب 42 وص 557 ب 15 في علمه (عليه السلام).

(٢٤٧)

الأرض ومغاربها، وبرّها وبحرها، واملأ به الأرض عدلا، وأظهر به دين نبيّك عليه وآله السلام، واجعلني اللهمّ من أنصاره وأعوانه وأتباعه وشيعته، وأرني في آل محمّد ما يأملون، وفي عدوّهم ما يحذرون، إله الحقّ آمين.
1275-(451)- الاحتجاج: عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنّه قال: خرج التوقيع من الناحية المقدّسة- حرسها الله- بعد المسائل: بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمره تعقلون، حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، إذا أردتم التوجّه بنا إلى الله وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ):
السلام عليك يا داعي الله وربّاني آياته... إلى آخر الزيارة والدعاء الّذي بعده، فراجع الاحتجاج، وكتب الأدعية والزيارات، وزره (عليه السلام) بها، وبغيرها من الزيارات المأثورة وغيرها، ولا تترك التوجّه إليه سيّما في الأماكن والأزمنة الّتي يتأكّد فيها ذلك، ولا تحرمني من صالح دعائك إن شاء الله تعالى.
1276-(452)- الكافي: محمّد بن يحيى، عن جعفر بن محمّد، قال: حدّثني إسحاق بن إبراهيم الدينوري، عن عمر بن زاهر، عن أبي عبد الله (عليه السلام): (في حديث فيه النهي عن التسليم على القائم (عليه السلام) بإمرة المؤمنين لاختصاص لقب أمير المؤمنين بالإمام علي (عليه السلام)، وفيه بعد ذمّ من سمّي به أحد قبله قلت: جعلت فداك،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(451) (4)- الاحتجاج: ج 2 ص 492- 493.
(452) (5)- الكافي: ج 1 ص 411- 412 ب 165 ح 2؛ مرآة العقول: ج 4 ص 369- 370 ب نادر ح 2؛ البحار: ج 52 ص 373 ب 27 ح 165.

(٢٤٨)

كيف يسلّم عليه؟ قال: يقولون: السلام عليك يا بقية الله، ثمّ قرأ: (بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(453).
ويدلّ عليه أيضا الأحاديث: 327، 669، 723، 1105.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(453) هود: 86.

(٢٤٩)

الفصل السادس: في دعائه (عليه السلام)، وبعض الأدعية المأثورة عنه نذكر فيه 13 حديثا

1277-(454)- دلائل الإمامة: وبهذا الإسناد (يعني: عن أبي الحسين محمّد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي علي محمّد بن همّام) عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد الحميري، قال: حدّثني أحمد بن جعفر، قال: حدّثني علي بن محمد، يرفعه إلى أمير المؤمنين في صفة القائم (عليهما السلام): كأنّني به قد عبر وادي السلام إلى مسجد السهلة، على فرس محجّل له شمراخ يزهو، ويدعو ويقول في دعائه: لا إله إلّا الله حقّا حقّا، لا إله إلّا الله إيمانا وصدقا، لا إله إلّا الله تعبّدا ورقّا، اللهمّ معين كلّ مؤمن وحيد، ومذلّ كلّ جبّار عنيد، أنت كهفي حين تعييني المذاهب، وتضيق عليّ الأرض بما رحبت، اللهمّ خلقتني وكنت عن خلقي غنيّا، ولو لا نصرك إيّاي لكنت من المغلوبين، يا مبعثر [منشر] الرحمة من مواضعها، ومخرج البركات من معادنها، ويا من خصّ نفسه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(454) (1)- دلائل الإمامة: ص 243- 244 ب معرفة وجوب القائم (عليه السلام) ح 25؛ البحار: ج 94 ص 365 ب 50 ح 2 مع اختلاف يسير.

(٢٥٠)

بشموخ الرفعة، فأولياؤه بعزّه يتعزّزون، يا من وضعت له الملوك نير المذلّة على أعناقها، فهم من سطوته خائفون، أسألك باسمك الّذي قصر عنه خلقك، فكلّ لك مذعنون، أسألك أن تصلّي على محمّد وعلى آل محمد، وأن تنجز لي أمري، وتعجّل لي الفرج، وتكفيني، وتعافيني، وتقضي حوائجي، الساعة الساعة، الليلة الليلة، إنّك على كلّ شيء قدير.
1278-(455)- كنوز النجاح: قال: دعاء علّمه صاحب الزمان عليه سلام الله الملك المنّان، أبا الحسن محمّد بن أحمد بن أبي الليث- رحمه الله تعالى- في بلدة بغداد في مقابر قريش، وكان أبو الحسن قد هرب إلى مقابر قريش، والتجأ إليه من خوف القتل، فنجا منه ببركة هذا الدعاء.
قال أبو الحسن المذكور: إنّه علّمني أن أقول: اللهمّ عظم البلاء، وبرح الخفاء، وانقطع الرجاء، وانكشف الغطاء، وضاقت الأرض، ومنعت السماء، وإليك يا ربّ المشتكى، وعليك المعوّل في الشدّة والرخاء، اللهمّ فصلّ على محمّد وآل محمّد اولي الأمر الّذين فرضت علينا طاعتهم، فعرّفتنا بذلك منزلتهم، ففرّج عنّا بحقّهم فرجا عاجلا، كلمح البصر أو هو أقرب، يا محمّد يا علي! اكفياني فإنّكما كافياي، وانصراني فإنّكما ناصراي، يا مولاي يا صاحب الزمان! الغوث الغوث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(455) (2)- كنوز النجاح: مخطوط؛ جنّة المأوى الموجود في ضمن البحار: ج 53 ص 275(الحكاية الأربعون)؛ مكيال المكارم: ج 2 ص 103 الرقم 1154.
أقول: ذكر في جمال الاسبوع: ف 29 ص 280- 281 هذا الدعاء مع اختلافات وزيادات تحت هذا العنوان: «صلاة الحجّة القائم (عليه السلام)»، فاطلبه منه أيضا إن شئت.

(٢٥١)

[الغوث]، أدركني أدركني أدركني.
قال الراوي: إنّه (عليه السلام) عند قوله: يا صاحب الزمان، كان يشير إلى صدره الشريف.
1279-(456)- البلد الأمين: عن مولانا المهدي صلّى الله عليه وسلّم: من كتب هذا الدعاء في إناء جديد، بتربة الحسين (عليه السلام)، وغسله وشربه، شفي من علّته: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله دواء، والحمد للّه شفاء، ولا إله إلّا الله كفاء، هو الشافي شفاء، وهو الكافي كفاء، اذهب البأس بربّ الناس شفاء لا يغادره سقم، وصلّى الله على محمّد وآله النجباء.
ورأيت بخطّ السيّد زين الدين علي بن الحسين الحسيني- رحمه الله- أنّ هذا الدعاء تعلّمه رجل كان مجاورا بالحائر على مشرّفه السلام [عن] المهدي سلام الله عليه في منامه وكان به علّة فشكاها إلى القائم عجّل الله فرجه، فأمره بكتابته وغسله وشربه، ففعل ذلك فبرأ في الحال.
1280-(457)- الكلم الطيّب: رأيت بخطّ بعض أصحابنا من السادات الأجلاء الصلحاء الثقات الأثبات ما هذه صورته: سمعت في رجب سنة ثلاث وتسعين وألف الأخ في الله المولى الصدوق العالم العامل، جامع الكمالات الانسية، والصفات القدسيّة، الأمير إسماعيل بن حسين بيك بن علي بن سليمان الجابري الأنصاري- أنار الله برهانه- يقول: سمعت الشيخ الصالح المتّقي الورع الشيخ الحاجّ عليّا المكّي أنّه قال: ابتليت بضيق وشدّة مناقضة خصوم، حتّى خفت على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(456) (3)- جنّة المأوى ضمن بحار الأنوار: ج 53 ص 226- 227(الحكاية السادسة). ولم أعثر عليه في البلد الأمين.
(457) (4)- الكلم الطيّب: ص 9- 13.

(٢٥٢)

نفسي القتل والهلاك، فوجدت الدعاء المسطور بعده في جيبي من غير أن يعطينيه أحد، فتعجّبت من ذلك وكنت متحيّرا، فرأيت في المنام أنّ قائلا في زيّ الصلحاء والزهاد يقول: إنّا أعطيناك الدعاء الفلاني، فادع به تنج من الضيق والشدّة، ولم يتبيّن لي من القائل، فزاد تعجّبي، فرأيت مرّة اخرى الحجّة المنتظر صلوات الله عليه فقال لي: ادع بالدعاء الّذي أعطيتكه، وعلّم من أردت، وقد جرّبته مرارا عديدة فرأيت فرجا قريبا، وبعد هذا ضاع منّي الدعاء برهة من الزمان، وكنت متأسّفا على فواته، مستغفرا من سوء العمل، فجاءني شخص وقال لي: إنّ هذا الدعاء قد سقط منك في المكان الفلاني، وما كان في بالي أنّي رحت إلى ذلك المكان، فأخذت الدعاء وسجدت للّه شكرا، وهو: بسم الله الرحمن الرحيم، ربّ أسألك مددا روحانيا تقوى به قواي الكلّيّة والجزئيّة حتى أقهر بمبادي نفسي كلّ نفس قاهرة، فتنقبض لي إشارة دقائقها انقباضا تسقط به قواها، حتّى لا يبقى في الكون ذو روح إلّا ونار قهري قد أحرقت ظهوره، يا شديد يا شديد، يا ذا البطش الشديد، يا قاهر يا قهّار، أسألك بما أودعته عزرائيل من أسمائك القهريّة فانفعلت له النفوس بالقهر، أن تودعني هذا السرّ في هذه الساعة، حتّى أليّن به كلّ صعب، واذلّل به كلّ منيع، بقوّتك يا ذا القوّة المتين. يقرأ سحرا ثلاثا إن أمكن، وفي الصبح ثلاثا، وفي المساء ثلاثا، فإذا اشتدّ الأمر على من يقرأه يقول بعد قراءته ثلاثين مرّة: يا رحمان يا رحيم، يا أرحم الراحمين، أسألك اللطف بما جرت به المقادير.
1281-(458)- الكلم الطيّب: هذا دعاء عظيم عن صاحب الأمر لمن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(458) (5)- الكلم الطيّب: ص 13- 15.

(٢٥٣)

ضاع له شيء، أو كانت له حاجة. وله قصّة عجيبة قريبة من قصّة الدعاء الّذي قبله، فليكثر الداعي من قراءته عند طلب مهمّاته، وهو: بسم الله الرحمن الرحيم، أنت الله الذي لا إله إلّا أنت مبدئ الخلق ومعيدهم، وأنت الله الذي لا إله إلّا أنت مدبّر الامور وباعث من في القبور، وأنت الله الّذي لا إله إلّا أنت القابض الباسط، وأنت الله الّذي لا إله إلّا أنت وارث الأرض ومن عليها، أسألك باسمك الّذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، وأسألك بحقّ محمّد وأهل بيته، وبحقّهم الّذي أوجبته على نفسك، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تقضي حاجتي الساعة الساعة، يا سيّداه يا مولاه يا غياثاه، أسألك بكلّ اسم سمّيته به نفسك، واستأثرت به في علم الغيب عندك، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تعجّل خلاصنا من هذه الشدّة، يا مقلّب القلوب والأبصار، يا سميع الدعاء، إنّك على كلّ شيء قدير، برحمتك يا أرحم الراحمين.
1282-(459)- الجنّة الواقية: دعاؤه (يعني: صاحب الأمر (عليه السلام)): يا نور النور، يا مدبّر الامور، يا باعث من في القبور، صلّ على محمّد وآل محمّد، واجعل لي ولشيعتي من الضيق فرجا، ومن الهمّ مخرجا، وأوسع لنا المنهج، وأطلق لنا من عندك ما يفرج، وافعل بنا ما أنت أهله يا كريم.
قال: وروي أنّه من اختار هذا الدعاء حشر مع صاحب الأمر (عليه السلام).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(459) (6)- الجنّة الواقية والجنة الباقية(مختصر المصباح): ص 96 ف 26؛ مصباح الكفعمي: ص 305 ف 30 وليس فيه: «قال: وروي أنّه... إلى آخره».

(٢٥٤)

1283-(460)- مهج الدعوات: حرز لمولانا القائم (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم، يا مالك الرقاب، ويا هازم الأحزاب، يا مفتّح الأبواب، يا مسبّب الأسباب، سبّب لنا سببا لا نستطيع له طلبا بحقّ لا إله إلّا الله، محمّد رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله أجمعين.
1284-(461)- مهج الدعوات: في (حديث طويل ذكر فيه قنوتات الأئمّة (عليهم السلام)، قال:) قنوت مولانا الحجّة محمّد بن الحسن (عليهما السلام): اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وأكرم أولياءك بإنجاز وعدك، وبلّغهم درك ما يأملونه من نصرك، واكفف عنهم بأس من نصب الخلاف عليك، وتمرّد بمنعك على ركوب مخالفتك، واستعان برفدك على فلّ حدّك، وقصد لكيدك بأيدك، ووسعته حلما لتأخذه على جهرة، وتستأصله على غرّة، فإنّك اللهمّ قلت وقولك الحقّ: (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وازَّيَّنَتْ وظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً، فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، وقلت: (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ)، وإنّ الغاية عندنا قد تناهت، وإنّا لغضبك غاضبون، وإنّا على نصر الحقّ متعاصبون، وإلى ورود أمرك مشتاقون، ولإنجاز وعدك مرتقبون، ولحلول وعيدك بأعدائك متوقّعون، اللهمّ فأذن بذلك، وافتح طرقاته، وسهّل خروجه، ووطّئ مسالكه، واشرع شرائعه، وأيّد جنوده وأعوانه، وبادر بأسك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(460) (7)- مهج الدعوات: ص 45؛ مصباح الكفعمي: ص 305- 306؛ البحار: ج 94 ص 365 ب 50 ح 1 مثله.
(461) (8)- مهج الدعوات: ص 67- 68 ثمّ ذكر في المهج بعد هذا القنوت دعاء جليلا دعا به في قنوته (عليه السلام) أوّله: «اللّهمّ يا مالك الملك... إلى آخره»؛ مكيال المكارم: ج 2 ص 20- 21.

(٢٥٥)

القوم الظالمين، وابسط سيف نقمتك على أعدائك المعاندين وخذ بالثار إنّك جواد مكّار.
1285-(462)- كنوز النجاح: روى أحمد بن الدربي، عن خزامة، عن أبي عبد الله الحسين بن محمّد البزوفري، قال: خرج عن الناحية المقدّسة: من كانت له إلى الله حاجة فليغتسل ليلة الجمعة بعد نصف الليل، ويأتي مصلّاه ويصلّي ركعتين، يقرأ في الركعة الاولى الحمد، فإذا بلغ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) يكرّرها مائة مرّة، ويتمّ في المائة إلى آخرها، ويقرأ سورة التوحيد مرّة واحدة، ثمّ يركع ويسجد، ويسبّح فيها سبعة سبعة، ويصلّي الركعة الثانية على هيئته، ويدعو بهذا الدعاء، فإنّ الله تعالى يقضي حاجته البتّة، كائنا ما كان، إلّا أن يكون في قطيعة رحم، والدعاء: «اللّهمّ إن أطعتك فالمحمدة لك، وإن عصيتك فالحجّة لك، منك الروح ومنك الفرج، سبحان من أنعم وشكر، سبحان من قدر وغفر، اللهمّ إن كنت قد عصيتك فإنّي قد أطعتك في أحبّ الأشياء إليك وهو الإيمان بك، لم أتّخذ لك ولدا، ولم أدع لك شريكا، منّا منك به عليّ، لا منّا منّي به عليك، وقد عصيتك يا إلهي على غير وجه المكابرة، ولا الخروج عن عبوديّتك، ولا الجحود بربوبيّتك، ولكن أطعت هواي، وأزلّني الشيطان، فلك الحجّة عليّ والبيان، فإن تعذّبني فبذنوبي غير ظالم، وإن تغفر لي وترحمني فإنّك جواد كريم، يا كريم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(462) (9)- كنوز النجاح: مخطوط؛ مكارم الاخلاق: ص 184 ف 4 نوادر من الصلوات؛ مهج الدعوات: ص 294- 295؛ البحار: ج 89 ص 323 ح 30؛ مكيال المكارم: ج 2 ص 409- 410 ب 8 ح 1719 وقال: «قد وقع لي مكرّرا مهمّات، فصلّيت هذه الصلاة بهذه الكيفيّة فكفاها الله تعالى بمنّه وكرمه، وببركة مولانا صلوات الله عليه».
المستدرك: ج 1 ص 420 ح 1 عن كنوز النجاح؛ وج 6 ص 75 طبع مؤسسة آل البيت.

(٢٥٦)

يا كريم... (حتّى ينقطع النفس)، ثمّ يقول: يا آمنا من كلّ شيء، وكلّ شيء منك خائف حذر، أسألك بأمنك من كلّ شيء، وخوف كلّ شيء منك، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تعطيني أمانا لنفسي وأهلي وولدي، وسائر ما أنعمت به عليّ، حتّى لا أخاف أحدا، ولا أحذر من شيء أبدا، إنّك على كلّ شيء قدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل، يا كافي إبراهيم نمرود، ويا كافي موسى فرعون، ويا كافي محمّد (صلّى الله عليه وآله) الأحزاب، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تكفيني شرّ فلان بن فلان». فيستكفي شرّ من يخاف شرّه، فانّه يكفى شرّه إن شاء الله تعالى. ثمّ يسجد ويسأل [اللّه] حاجته، ويتضرّع إلى الله تعالى، فإنّه ما من مؤمن ولا مؤمنة صلّى هذه الصلاة، ودعا بهذا الدعاء خالصا إلّا فتحت له أبواب السماء للإجابة، ويجاب في وقته وليلته كائنا ما كان، وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس.
1286-(463)- مصباح الكفعمي: قال (بعد ذكر بعض ما ذكرناه من الأدعية): اعلم أنّ للمهدي (عليه السلام) دعاءين آخرين، خفيفين على اللسان، ثقيلين في الميزان، يليق وصفهما في هذا المكان، الأوّل: نقلته من كتاب مهج الدعوات، والثاني: من كتاب الأدعية المستجابات، ثمّ ذكر دعاء: يا مالك الرقاب... إلى آخره، وذكر بعده الدعاء الثاني من كتاب الأدعية المستجابات، وهو هذا: إلهي بحقّ من ناجاك، وبحقّ من دعاك في البحر والبرّ، صلّ على محمّد وآله، وتفضّل على فقراء المؤمنين والمؤمنات بالغنى والسعة، وعلى مرضى المؤمنين والمؤمنات بالشفاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(463) (10)- مصباح الكفعمي: ص 305- 306 ف 30؛ مهج الدعوات: ص 368؛ البحار: ج 92 ص 450 ب 130 ح 2.

(٢٥٧)

والصحّة والراحة، وعلى أحياء المؤمنين والمؤمنات باللطف والكرامة، وعلى أموات المؤمنين والمؤمنات بالمغفرة والرحمة، وعلى غرباء المؤمنين والمؤمنات بالردّ إلى أوطانهم سالمين غانمين، بحقّ محمّد وآله أجمعين.
1287-(464)- مصباح الكفعمي: قال في الفصل التاسع والعشرين الّذي عقده لذكر أدعية مأثورة ليس لها أسماء تعرف بها، فمن ذلك دعاء مروي عن المهدي (عليه السلام): اللهمّ ارزقنا توفيق الطاعة، وبعد المعصية، وصدق النيّة، وعرفان الحرمة، وأكرمنا بالهدى والاستقامة، وسدّد ألسنتنا بالصواب والحكمة، واملأ قلوبنا بالعلم والمعرفة، وطهّر بطوننا من الحرام والشبهة، واكفف أيدينا عن الظلم والسرقة، واغضض أبصارنا عن الفجور والخيانة، واسدد أسماعنا عن اللغو والغيبة، وتفضّل على علمائنا بالزهد والنصيحة، وعلى المتعلّمين بالجهد والرغبة، وعلى المستمعين بالاتّباع والموعظة، وعلى مرضى المسلمين بالشفاء والراحة، وعلى موتاهم بالرأفة والرحمة، وعلى مشايخنا بالوقار والسكينة، وعلى الشباب بالإنابة والتوبة، وعلى النساء بالحياء والعفّة، وعلى الأغنياء بالتواضع والسعة، وعلى الفقراء بالصبر والقناعة، وعلى الغزاة بالنصر والغلبة، وعلى الاسراء بالخلاص والراحة، وعلى الامراء بالعدل والشفقة، وعلى الرعيّة بالإنصاف وحسن السيرة، وبارك للحجّاج والزوّار في الزاد والنفقة، واقض ما أوجبت عليهم من الحجّ والعمرة، بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
أقول: المتكفّل لذكر الأدعية المرويّة عنه (عليه السلام) هو كتب الدعوات، فعلى من طلب المزيد الرجوع إليها، وممّا روي عنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(464) (11)- مصباح الكفعمي: ص 280- 281 ف 29 الدعاء الأوّل.

(٢٥٨)

عليه السلام في غيبة الشيخ: ص 273- 280، ومصباح المتهجّد: ص284، ومصباح الكفعمي: ص 306، وجمال الاسبوع: ص 500، وغيرها، الصلوات على النبي والأئمّة (عليهم السلام)، وهي مشهورة مذكورة في كتب الأدعية المتداولة بين أهلها. قال السيّد في جمال الاسبوع: «إذا تركت تعقيب عصر يوم الجمعة لعذر فلا تتركها أبدا لأمر أطلعنا الله جلّ جلاله عليه».
ويدلّ عليه أيضا ح 829، 842.

(٢٥٩)

[في التكاليف العمليّة- مفاد دليل حجّيّة الخبر فيها]

اعلم أنّنا لم نخرج الأخبار المتعارضة في هذا الكتاب إلّا للاستناد بمداليلها الّتي اتّفقت هذه الأخبار عليها، لأنّه ربّما تكون هناك قرائن توجب القطع بصدور بعضها، أو يستكمل بضمّها إلى غيرها التواتر المعنوي أو الإجمالي.
وأمّا في مورد تعارض بعضها مع بعض فلا نحتجّ بواحد من المتعارضين فيما هو المطلوب فيه الاعتقاد به دون العمل، لأنّه لا اعتبار بخبر الواحد فيه؛ لعدم سببيّته لحصول الاعتقاد حتّى وإن لم يكن له معارض من سائر الأخبار، فلا تشمله الأدلّة الّتي اقيمت على حجّيّة الخبر وقول الثقة في الأحكام العمليّة، لأنّ اعتباره في الأحكام معناه وجوب العمل به، والأخذ به في البرامج العمليّة التكليفيّة، وهذا أمر يجوز صدوره من الشارع تأسيسا أو إمضاء، كما قرّر وجوب العمل بالبيّنة في مواردها المعلومة، وأمّا في غير الأحكام ممّا يتطلّب فيه العلم والعقيدة به- حيث إنّ الخبر الواحد لا يوجب الاعتقاد- فلا يصحّ إيجاب الاعتقاد بمضمونه، لأنّه أمر لا يتحصّل إلّا بسببه، وهو في باب الأخبار: الخبر المقطوع صدوره بالتواتر، أو القرائن الموجبة للقطع، والمقطوع دلالته.

(٢٦٣)

ومع ذلك لا حاجة إلى تشريع الشارع اعتباره ووجوب الاعتقاد به؛ لأنّ الاعتقاد به يتحقّق حينئذ بنفسه.
وأمّا إذا لم يكن الخبر كذلك، وكان ظنّي الصدور، أو ظنّيّ الدلالة، فلا يتأتّى منه القطع بمضمونه، ولا يجوز للشارع التكليف بالاعتقاد به، لأنّ معناه: جعل ما هو علّة للظنّ بالذات علّة للقطع، وإيجاب القطع بأمر هو المظنون بالذات، وهو محال، وخارج عن شأن الشارع.
وبالجملة: في التكاليف العمليّة مفاد دليل حجّيّة الخبر فيها إنّما يكون وجوب البناء العملي عليه، والجري على طبقه عملا، وهو أمر ممكن يجوز التعبّد به من الشارع، وأمّا الاعتقاد فلا يجوز فيه ذلك.
ولا فرق في ذلك- كما أشرنا إليه- بين خبر الواحد السالم عن المعارض إذا لم يكن صدوره أو دلالته يقينيّا، وبين الخبر المبتلى بالمعارض، سواء عولج تعارضه مع غيره بوجه من الوجوه من الجمع العرفيّ أو الترجيح ببعض المرجّحات أم لا.
ولا يخفى عليك أنّه لا يضرّ اختلاف الأخبار في تفاصيل أمر من الامور بصحّة أصله الثابت بالأحاديث المتواترة أو الآحاد الصحيحة، حتّى وإن لم يظهر لنا وجه الاختلاف، ولا وجه علاجه.
[وقوع التعارض في الأخبار]
ولا يستلزم التعارض العلم بمخالفة أحد المتعارضين مع الواقع مطلقا، حتّى في غير خصوص المورد الّذي وقع التعارض فيه بينهما حتّى يسقط فيه عن الحجّيّة أيضا، وذلك لأنّ التعارض في الأخبار يمكن وقوعه لأحد امور:
الأوّل: عدم ضبط بعض الرواة، واختلاف حالاتهم عند تحمّل

(٢٦٤)

الحديث، وحالات من يملي الحديث، ممّا- ربّما- يوجب الضعف أو اختلال بعض الشرائط العاديّة العرفيّة لتحمّل الحديث.
الثاني: النقل بالمضمون، حيث إنّه قلّما يخلص عن اجتهاد الناقل، واعتماده على ما فهمه من كلام المنقول منه، من حيث: الإطلاق والتقييد، والعموم والخصوص، والحقيقة والمجاز، وغيرها.
الثالث: كون نقل الحديث في الصدر الأوّل- كثيرا أو غالبا- عن ظهر القلب لا من الكتاب، مضافا إلى منع الفئة الغالبة على الحكم بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن الحديث عنه، فانقطع بذلك عند غير شيعة أهل البيت (عليهم السلام) سلسلة النقل والرواية عنه إلى زمان عمر بن عبد العزيز، بل إلى انقضاء حكومة بني اميّة على اختلاف وقع بين أرباب التواريخ في أوّل زمان رفع المنع الحكومي عن التحدّث بأحاديث النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وأوّل من نهى عن كتابة الحديث هو عمر بن الخطّاب، حيث نهى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن كتابة ما لم يضلّوا بعده فقال ما قال، وكان ابن عبّاس يقول: الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم، وعن أبي بكر أنّه قال:... فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه (465). وكان عمر شديد المنع من رواية الأحاديث.
والمتدبّر يفهم أنّ ذلك لم يكن منهم إلّا لعلّة سياسيّة، وهي المنع عن روايات فضائل أهل البيت، سيّما أمير المؤمنين علي (عليه السلام)،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(465) تذكرة الحفّاظ: ج 1 ص 3.

(٢٦٥)

لأنّها توجب الوهن في حكوماتهم، وتعلن مخالفتهم للنصوص، وتوجب ميل القلوب إلى أهل البيت (عليهم السلام).
الرابع: عدم نقل بعض القرائن الحاليّة والمقاميّة الّتي لها دخل في فهم المخاطب مراد المتكلّم من كلامه، بحيث يكون خلوّ الكلام من هذه القرائن أو عدم التفات بعض الحاضرين بها موجبا لاستظهار معنى آخر من حاق لفظه.
الخامس: تقطيع الحديث، ورواية بعضه الّذي تعلّق بنقله غرض الراوي، من بيان حكم، أو إثبات أمر، أو غير ذلك، سواء وقع التقطيع في ألفاظ الحديث ومتنه أو وقع في نقل مضمونه، ولا ريب أنّ ذلك ربّما يؤثّر في دلالة الكلام على مدلوله الواقعي أو بعض مداليله، فلعلّ التقطيع لا يضرّ باستفادة ما أراد المقطّع من الكلام، ولكن يضرّ باستفادة السائرين أو سائر ما يستفاد من الكلام من امور كان دالّا عليها لو لا التقطيع.
السادس: كلّ ذلك يكون وليس لأحد عمد في إيقاع الاختلاف والاشتباه، وقد يتحقّق بالعمد، وسوء النيّة، والأغراض الفاسدة سيّما السياسيّة منها، وهذا تارة يتحقّق بوضع الحديث رأسا، وتارة بزيادة أمر فيه، أو إسقاط جملة منه، ممّا- ربّما- يعرفه الخبير بالأحاديث والأسناد.
السابع: ممّا يؤثّر في وقوع الاختلاف في الأحاديث جهة الصدور، فإنّ الأصل في المحاورات أن يكون جهة صدور الكلام عن المتكلّم بيان مفاده العرفي والظاهري، وإذا كان جهة صدور الكلام فيه أمرا آخر، مثل: المزاح، أو الحذر من الضرر ووقوع الفتنة، أو التقيّة، فينفي مثلا أمرا أثبته جدّا في كلامه الآخر، ويقول: إذا كان في مقام التقيّة مثلا:

(٢٦٦)

(لا) في مقام (نعم)، فيقع التعارض بين الكلامين، ولا يدري من ليس عارفا بالحال، ولا معرفة له بمقاصد المتكلّم وآرائه الظاهرة أن أيّهما المراد، فيحكم بالتعارض.
ثمّ إنّه بعد ما عرف أنّ الاختلاف إنّما يقع بسبب من الأسباب المذكورة، ففي كلّ مورد تحقّق التعارض بين الخبرين بالتباين لا بدّ من العمل بالقواعد المذكورة في باب التعادل والترجيح، من ملاحظة المرجّحات السنديّة، ثمّ الجهتيّة، ثمّ الدلاليّة، مثلا: يؤخذ برواية كان راويها ضابطا حافظا، أو أضبط وأحفظ دون غيرها، أو رواية لا يمكن حملها على صدورها لغير جهة بيان الواقع دون ما يجوز ذلك فيه، ويمكن حمل صدورها بملاحظة بعض الشواهد والقرائن على التقيّة أو جهة اخرى، أو يؤخذ بالرواية المنقولة بألفاظها، أو ما لم يقع فيه التقطيع على المنقول بالمضمون، أو ما وقع فيه التقطيع، وكذا يؤخذ بما هو موافق لعموم الكتاب أو إطلاقه، دون المخالف لواحد منهما(466).
وإن كان الخبران من جميع ما ذكر في باب المرجّحات، خارجيّة كانت أم داخليّة، متساويين متكافئين، فلا ترجيح لأحدهما على الآخر، فيتساقطان ولا يحتجّ بواحد منهما.
ولا يخفى عليك أنّ ما ذكرناه من إعمال المرجّحات، والأخذ بما فيه جهة من جهات الترجيحات العرفيّة أو الشرعيّة- كما صرّحنا به- لا يجري إلّا في الأخبار المأثورة في فروع الدين، وما يراد منه العمل دون الاعتقاد، وأمّا ما يطلب فيه الاعتقاد فلا يحتجّ فيه بخبر الواحد السليم عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(466) وأمّا الخبر المعارض لواحد منهما إذا لم يكن مبتلى بالمعارض فهو حجّة إذا كان واجدا لشرائطها فيخصّص أو يقيّد به عموم الكتاب أو إطلاقه، دون ما إذا كان تعارضه مع الكتاب بالتباين فإنّه لا يجوز الأخذ والاحتجاج به.

(٢٦٧)

المعارض، فضلا عن غيره، إلّا إذا كان مقطوع الصدور والدلالة، كالخبر المتواتر المقطوع صدوره.
فعلى هذا لا يحتجّ بخبر الواحد المظنون صدوره في تفاصيل علائم المهدي (عليه السلام)، وأوصافه، وخصائصه، وغير ذلك من الامور الّتي المطلوب فيها هو الاعتقاد بها، سواء كان له معارض من سائر الأخبار أم لا.
[ما يقال في الأخبار الواردة في مدّة ملكه ودولته]
إذا عرفت ما تلونا عليك فاعلم: أنّه ربّما يقال في الأخبار الواردة في مدّة ملكه ودولته (عليه السلام): إنّها بما فيها من الاختلاف في تعيين تلك المدّة أكثرها لقلّة ما عيّن فيه من سنيها لا يناسب هذا الظهور المبشّر به على لسان الأنبياء، المفسّر به آيات من القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ...)(467) وقوله تعالى: (ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا...)(468) وقوله تعالى: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ...)(469) ويقع (أي الظهور) بعد وقوع البشريّة طول تاريخ مجتمعها ومدنيّتها تحت سلطان ظلم الظالمين، وأنواع الاضطهاد، وليس هذا إلّا مثل أن يبشّر مسجون حكم عليه بالسجن الدائم، ومات أبوه وأجداده قبله في السجن: إنّك ستخلص من السجن في آخر ساعة أو يوم من حياتك، فمستقبلك يكون بذلك مستقبل خير وأمن وعدل. أ ليس له أن يقول: ما قيمة هذا في جنب هذا السجن الطويل الّذي فقدت فيه أبي وجدّي و...، ورأيت فيه أنواع المحن والفتن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(467) الأنبياء: 105.
(468) القصص: 5.
(469) النور: 55.

(٢٦٨)

اذن فيقال: ما قيمة سبع سنين، أو تسع، أو تسع عشرة وأشهر، أو عشرين، أو ثلاثين، أو أربعين، في حساب مكث البشريّة طوال تاريخها الطويل في الشدائد والمحن والظلم والجور.
والجواب عن ذلك: أنّه قد ظهر لك أنّه لا اعتداد بأخبار الآحاد في مثل هذه الامور الّتي لا يأتي الاعتقاد بها منها، وحيث لم يصل إلينا خبر قطعي من الرسول الصادق المصدّق (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومن أوصيائه وورثة علمه بتعيين مدّة ملكه، فنترك الاحتمالات بحالها، فمنها: أنّها على ما في بعض الأخبار تبلغ ثلاثمائة وتسع سنين، ومنها: امتداد الزمان، فيكون يوم كشهر، وشهر كسنة، ولا بعد، فإنّه كما يوسع المكان والفضاء، قال الله تعالى: (وإِنَّا لَمُوسِعُونَ)(470) يوسع الله تعالى الزمان، قال الشبلنجي: السنة من سنيه مقدار عشر سنين (471).
وقال البكري في الهدية: والّذي يلوح للسرّ الممنوح أنّه يمتدّ الزمان، ويتّسع له الأوان (472). ويؤيّد ما قالاه بعض الأخبار. ومنها: أنّها يمتدّ نظامها بامتداد الرجعة على بعض التفاصيل المذكورة في الأخبار، ومنها غير ذلك.
فإن قلت: قد علم ذلك ممّا ذكرت، ولكن لنا ردّ هذه الأخبار الواردة في مدّة ملكه، سيّما ما حدّدتها بمدّة قصيرة، مثل: الخمس، والسبع، والتسع، ونحو ذلك بالبيان السابق.
قلت: أوّلا: يمكن حمل المدّة المعلومة في هذه الأخبار على الرمز، بشهادة خبر «عقد الدرر»(473) عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وخبر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(470) الذاريات: 47.
(471) نور الأبصار: ص 189.
(472) العطر الوردي: ص 70.
(473) تقدم تحت الرقم 1199.

(٢٦٩)

«الإرشاد»(474) عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وبعد هذا الاحتمال لا يجوز ردّه.
وثانيا: نقول: لم لا يجوز أن تكون مدّة حكمه (عليه السلام) في كمال استيلائه وسلطنته على الشرق والغرب، وامتلاء الأرض بالعدل والقسط، عوضا عن المدّة الّتي تمتلئ الأرض من الظلم والجور، وخفاء الحقّ حتّى لا يقول أحد: الله، إلّا متخفّيا؟
وأمّا الجور الّذي لا يعمّ البسيطة، والباطل الّذي يعرض الحقّ قباله فهو أمر يقتضيه طبع هذا العالم المادي، ولا يزول إلّا في مدّة غلبة حكمه على جميع الأرض.
ولا نقول هذا إلّا على سبيل إبداء الاحتمال، وبيان عدم جواز ردّ هذه الأخبار والحكم عليه بالبطلان كلا أم بعضا. ونسأل الله الهداية والأمن من الزلّة والضلالة.
هذا واعلم أنّ العلامة المجلسي- قدّس سرّه- قال في مقام الجمع بين هذه الأخبار المختلفة في أيّام ملكه (عليه السلام): بعضها محمول على جميع مدّة ملكه، وبعضها على زمان استقرار دولته، وبعضها على حساب ما عندنا من السنين والشهور، وبعضها على سنيه وشهوره الطويلة، واللّه يعلم (475).
وقال الشريف البرزنجي: وردت في مدّة ملك المهدي روايات مختلفة، ففي بعض الروايات: يملك خمسا أو سبعا أو تسعا بالترديد، وفي بعضها: سبعا، وفي بعضها: تسعا، وفي بعضها: إن قلّ فخمسا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(474) تقم تحت الرقم 1203.
(475) بحار الأنوار: ج 52 ص 280.

(٢٧٠)

وإن كثر فتسعا، وفي بعضها: تسع عشرة سنة وأشهرا، وفي بعضها: عشرين، وبعضها: أربعة وعشرين، وبعضها: ثلاثين، وبعضها: أربعين منها تسع سنين يهادن فيها الروم.
قال ابن حجر في «القول المختصر»: ويمكن الجمع على تقدير صحّة الكلّ بأنّ ملكه متفاوت الظهور والقوّة، فيحمل الأكثر على أنّه باعتبار جمع مدّة الملك، والأقلّ على غاية الظّهور والأوسط على الوسط، انتهى.
قلت: ويدلّ على ما قاله وجوه:
الأوّل: أنّه (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) بشّر امّته وخصوصا أهل بيته ببشارات، وأنّ الله يعوّضهم عن الظلم والجور قسطا وعدلا، واللائق بكرم الله أن تكون مدّة العدل قدر ما ينسون فيه الظلم والفتن، والسبع والتسع أقلّ من ذلك.
الثاني: أنّه يفتح الدنيا كلّها كما فتحها ذو القرنين وسليمان، ويدخل جميع الآفاق كما في بعض الروايات، ويبني المساجد في سائر البلدان ويحلّي بيت المقدس، ولا شكّ أنّ مدّة التسع فما دونها لا يمكن أن يساح (476) فيها ربع أو خمس المعمورة سياحة، فضلا عن الجهاد وتجهيز العساكر وترتيب الجيوش وبناء المساجد وغير ذلك.
الثالث: أنّه ورد أنّ الأعمار تطول في زمنه كما مرّ في سيرته، وطولها فيه مستلزم لطوله، وإلّا لا يكون طولها في زمنه، والتسع وما دونه ليست من الطول في شيء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(476) هذا في زمانه وفي زماننا أمكن سياحة جميع المعمورة بمدّة أقلّ من ذلك بكثير، تعدّ بالأيّام والساعات.

(٢٧١)

الرابع: أنّه يهادن الروم تسع سنين. الخ (477) ونحوه قاله السفاريني (478)، والصبّان (479)، وشارح القطر الشهدي (480)، وغيرهم.
أقول: يؤيّد ما قاله البرزنجي من أنّ الأعمار تطول الخبر الّذي رواه المفيد في «الإرشاد»، والشيخ في «الغيبة» عن المفضّل بن عمر وإن كان لا يخلو من الغرابة، ففيه: روى المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنّ قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنورها، واستغنى العباد عن ضوء الشمس، وذهبت الظلمة، ويعمر الرجل في ملكه... الحديث (481).
ولا يخفى عليك أنّا ذكرنا ما ذكرنا عن العلامة المجلسي- قدّس سرّه- والبرزنجي وغيرهما استطرادا، وإلّا فالتحقيق المعتمد عليه في هذا الموضوع ما ذكرناه، واللّه تعالى أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(477) الإشاعة: ص 105 و106.
(478) لوائح الأنوار الإلهيّة: ص 20.
(479) إسعاف الراغبين: ص 140 و141.
(480) العطر الوردي: ص 70.
(481) إرشاد المفيد: ص 363 ف ذكر مدّة ملك القائم؛ غيبة الشيخ: ص 280 ف صفاته ومنازله وسيرته.

(٢٧٢)

[الأخبار من العامّة من حيث المتن على طائفتين:]
اعلم أنّ الأخبار المخرّجة في جوامع حديث العامّة وصحاحهم ومسانيدهم في الدجّال كثيرة جدّا، أخرجوها عن أكثر من أربعين صحابيّا وصحابيّة، مثل: أبي سعيد، وجابر بن عبد الله، وابن عمرو، وأبي بكر، وحذيفة، وابن مسعود، وعبد الله بن مغنم، ومعاذ بن جبل، واسامة، وسمرة بن جندب، وأبي بكرة، وأبي امامة، والنوّاس بن سمعان، وابيّ بن كعب، وأبي عبيدة، وسلمة بن الأكوع، وعمرو بن عوف، وعبد الله بن بشير، وفاطمة بنت قيس، وأبي هريرة، وعبادة بن الصامت، وعمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة، وعائشة، وابن عبّاس، وسعدة، وأبي الدرداء، وأمّ سلمة، وأسماء بنت يزيد، وهشام بن عامر، ومجمع بن جارية، وغيرهم وقد ادّعوا تواترها، وقال بعضهم: إنّ أخباره تحتمل مجلّدا، كما أفردها بالتأليف غير واحد منهم؛ كأبي عمرو الداني.
والظاهر من أرباب الجوامع وأئمّتهم في الحديث الاعتماد على هذه الأخبار، والاحتجاج بها، وشدّة الإنكار على من ينكرها، مع ما في إسناد أكثرها من العلل، والذي ينبغي أن يقال: إنّ هذه الأخبار من حيث المتن على طائفتين:

(٢٧٥)

إحداهما: ما ليس فيه ما يخالف ضرورة العقل والنقل، ويؤيّد بعضه بعضا، فشأن هذه الطائفة وشأن سائر أخبار الملاحم سواء، فإن ثبت الإخبار بها عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يجب قبولها والإيمان بها، كرواية خروج شخص في آخر الزمان لقّب في لسان هذه الأخبار بالدجّال، يدّعي الالوهيّة، ويدعو الناس إلى نفسه، ويصدر منه بعض التمويهات، وتغطية الباطل بالحقّ، يهلك بإضلاله جماعات من الناس، يؤمنون به طمعا أو خوفا، أكثر أتباعه العثمانيّون واليهود والنساء....
وهذه مثل: رواية الفتن والمسند وغيرهما عن هشام بن عامر، وحديث مسلم عن أمّ شريك، وحديث أبي داود عن عمران بن حصين فيمن سمع بالدجّال، وحديث مسلم عن المغيرة: هو أهون على الله من ذلك (يعني: من أن يكون معه جبال من خبز ولحم، ونهر من ماء)، وحديث أنس وأبي هريرة وعائشة وابن عبّاس وسعد وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه وغيره: اللهمّ إنّا نعوذ بك من عذاب جهنّم... ومن فتنة المسيح الدجّال، وحديث أبي داود عن أبي الدرداء: من حفظ عشر آيات...، وحديث مسلم عن نافع بن عيينة: تغزون جزيرة العرب... ثمّ يغزون الدجّال فيفتحه الله تعالى، وحديث أحمد عن معاذ بن جبل:...
عمران بيت المقدس وخراب يثرب والملحمة وفتح القسطنطينيّة وخروج الدجّال في سبعة أشهر، وحديث مسلم عن حذيفة، والفتن عن حذيفة بن اليمان، وحديثه الآخر عن أنس، وحديث ميزان الاعتدال عن زيد بن وهب عن حذيفة، وحديث المسند عن أبي وائل عن حذيفة، وحديث المسند عن أبي ذر، وحديث أبي ظبيان عن عليّ (عليه السلام)، وخبر

(٢٧٦)

أحمد عنه (عليه السلام): غير ذلك أخوف لي عليكم، وخبر أحمد عن جابر الّذي فيه: وأكثر من يخرج إليه من النساء وفيه: ويكون معه سبعون ألفا من اليهود، وخبر أحمد عن هشام بن عامر: أنّ رأس الدجّال من ورائه حبك حبك فمن قال: أنت ربّي افتتن، ومن قال: كذبت ربّي الله عليه توكّلت فلا يضرّ، أو قال: فلا فتنة عليه، وخبره عن ابن عمر فيه:
أكثر من يخرج إليه النساء، وخبره عن عثمان بن أبي العاص فيه: أكثر من معه اليهود والنساء(482)، وفي هذا الخبر إشارة إلى ظهور المهدي (عليه السلام) إذ فيه: فبينما هم كذلك (أي المسلمون في المجاعة الشديدة وغيرها) إذ نادى مناد من السحر: يا أيّها الناس أتاكم الغوث (ثلاثا).
وهناك من الأحاديث أكثر ممّا ذكرناه، فلا نطيل الكلام بنقل أكثر من ذلك.
وهذه الطائفة من حيث المضمون يكون احتمال وقوع مضمونها مقبولا لا يرى في وقوعه مانع من العقل أو الشرع، ولا يجوز ردّ احتمال وقوعه بمجرّد الاستبعاد والاستغراب بعد ما جاء أغرب منه في الملاحم الّتي اخبر عنها في الكتاب والسنّة الصحيحة.
نعم في إسناد كثير منها علل توجب ضعفها وتركها، وعدم الوثوق بصدورها ومن حدّث بها، ومع ذلك لا يكون هذا مجوّزا لحمل هذه الأخبار على خلاف ظاهرها والأخذ بها، بل يعامل معها بقاعدة الإمكان.
لا يقال: ربّما تكون هذه الأخبار العليلة من الكثرة بحيث توجب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(482) قال محقّق (نهاية البداية والنهاية): «أكثر من معه اليهود والنساء» إشارة الى أنّ الدجّال يستعين في بثّ سمومه باليهود أهل الغدر، وبالجنس حبالة الشيطان، واليهود منذ كانوا يتّخذون من الجنس وسيلة للوصول إلى أغراضهم الخبيثة، ومقاصدهم السيّئة.

(٢٧٧)

اليقين بالتواتر الإجمالي أو المعنوي، وبعبارة اخرى: توجب كثرتها اليقين بصدور بعضها ولو واحد منها، أو اليقين بصدور مضمون ما اتّفق عليه الكلّ الّذي نعبّر عنه بالتواتر المعنوي، فإنّه يقال: لا بأس بذلك، إلّا أنّ هذا أيضا لا يوجب حمل ما تواترت عليه الأخبار بالإجمال أو بالمعنى على خلاف الظاهر، وتأويله بمجرّد الاستغراب، ولا حمل سائر ما تضمّنته هذه الأخبار المحقّقة للتواتر على خلاف الظاهر، كما سيأتي بيان ذلك.
[الثانية: الّتي لا يصحّ حملها على ظاهرها عقلا أو شرعا]
وأمّا الطائفة الثانية: وهي الّتي لا يصحّ حملها على ظاهرها عقلا أو شرعا، ويترك ظاهرها مطلقا وإن وجد فيها (ولا يوجد) ما لا بأس بسنده، فهي أيضا من طرق أهل السنّة كثيرة جدّا، فيها من الأعاجيب والأقاصيص امور لا تقبلها النفوس السليمة، والعقول المستقيمة المؤمنة بالدعوة المحمّديّة البيضاء، والرسالة الّتي هي أحكم الرسالات وأتمّها، المنزّهة عن المجون والخرافات.
و هذه مثل: خبر الجساسة والدجّال الّذي رووه عن فاطمة بنت قيس، وما رووه في ابن صيّاد، وخبر مسلم عن جابر الذي فيه: أنّ له حمارا يركبه عرض ما بين اذنيه أربعون ذراعا، وأنّ معه جبالا من خبز، وأنّ معه نهرين، وخبره عن النوّاس بن سمعان، وخبره أيضا عن أبي الودّاك عن أبي سعيد، وخبر أحمد أيضا عن ابي الوداك عنه وخبر احمد عن أسماء بنت يزيد، وخبر ابن ماجة عن أبي امامة، وخبر أحمد عن سفينة، وخبر الطبراني عن مجاهد عن ابن عمرو، وخبر أحمد عن الحسن البصري عن عائشة، ومرسل محسن البصري الّذي رواه الذهبي عنه، وخبر الطبراني عن سلمة بن الأكوع، والخبر الّذي رواه ابن المنادى

(٢٧٨)

عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وخبر حذيفة الّذي فيه: يخرج الدجّال عدوّ الله ومعه جنود من اليهود وأصناف من الناس، ومعه جنّته وناره، ورجال يقتلهم ثمّ يحييهم، ومعه جبل من ثريد، ونهر من ماء...، وفيه: يبعث الله إليه الشياطين من مشارق الأرض ومغاربها، فيقولون له: استعن بنا على ما شئت، فيقول: نعم انطلقوا فأخبروا الناس أنّي ربّهم، وأنّي قد جئتهم بجنّتي وناري، فتنطلق الشياطين فيدخل الرجل أكثر من مائة شيطان، فيتمثّلون له بصورة والده وإخوته ومواليه ورفيقه، فيقولون: يا فلان أ تعرفنا؟ فيقول لهم الرجل: نعم هذا أبي وهذه امّي وهذه اختي وهذا أخي، وفيه: تكذيب الرجل إيّاهم، فيقول الرجل: كذبتم ما أنتم إلّا شياطين وهو الكذّاب...، وخبر نعيم في الفتن عن ابن مسعود الّذي فيه: بين اذني حمار الدجّال أربعون ذراعا، وخطوة حماره مسيرة ثلاثة أيّام، وأنّه يحبس الشمس حتّى يجعل اليوم كالشهر(483)، وخبر أبي هريرة: يخرج الدجّال على حمار أحمر ما بين اذنيه سبعون ذراعا(484)، وغير هذه من الأخبار المعارضة للعقل أو الشرع التي يكذّبها مضمونها، الواردة من طرق أهل السنّة، والمخرّجة من جوامعهم المعتبرة، وأصحّ كتبهم في الحديث.
هذا وقد حكم أخيرا بعدم صحّة هذه الأخبار، وكونها مكذوبة على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، واستنكرها استنكارا شديدا بعد أن كان السلف من عظماء محدّثيهم وغيرهم معتمدين عليها، مصرّين بحفظها، كأنّ الإيمان بمضامينها من أركان الإسلام، جمع من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(483) الفتن لنعيم بن حمّاد: ج 7 ص 299.
(484) المصدر نفسه.

(٢٧٩)

كتّابهم في مصر وغيرها، فخرجوا على أسلافهم، وعلى صحاحهم وجوامعهم، وإليك بعض كلمات كاتب من هؤلاء:
قال في خبر الفتن عن ابن مسعود الّذي فيه امور وقوعها يناقض حكمة الله تعالى وعدله: «كان الرسول (عليه السلام) يتكلّم بكلام لو أراد العادّ أن يعدّه لعدّه، وكان حديثه لباب الحكمة ومصاصها، فأين هنا القصص الخياليّ من ذلك النور المثاليّ؟ وأين التوجيه الرشيد والقول السديد من هذا الخلط المسرف على الحقّ؟ تنزّه الرسول صلوات الله عليه وسلامه عن أن يقول هذا القول أو بعضا منه. هذا من حيث المعنى، وأمّا من حيث المبنى فإنّ هذا الكلام بعيد عن بلاغة النبيّ بعد الظلام عن النور»(485).
وقال في خبر الداري من رؤية الجساسة والدجّال الّذي رواه مسلم: «هذا الحديث عليه طابع الخيال، وسمة الوضع، الأمر الّذي يجعلنا ننفي صدوره عن الرسول عليه [وآله] السلام الّذي لا يقول إلّا الحقّ، ولا ينطق عن الهوى...»(486).
وقال أيضا في هذا الحديث الّذي رواه أحمد وغيره أيضا: «الغرابة بكلّ غيومها تحيط بهذا الحديث الّذي يرفض القلب والعقل معا التصديق بصدوره عن الرسول العظيم (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)»(487).
وقال في خبر أحمد وغيره عن ابن صيّاد: «أين العهد لهذا الدجّال المدّعي للنبوّة والرسالة في مواجهة خاتم الأنبياء والمرسلين عليه وعليهم أزكى صلوات الله، إنّ هذا المقطع من الحديث يقطع لأوّل وهلة بعدم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(485) نهاية البداية والنهاية: ج 1، ص 161.
(486) المصدر نفسه: ج 1، ص 96.
(487) المصدر نفسه: ج 1، ص 101.

(٢٨٠)

صحّته، وكيف يمكن التسليم بصحّة هذه القصّة مع أنّ مضامينها وخطواتها تنفي بنفسها حتّى وقوعها؟»(488).
وقال فيه أيضا: «كيف يشفق الرسول من طفل معجون بالأكاذيب على افتراض أنّه وجد حقيقة؟» وقال: «هل الطفل مكلّف؟ وهل يبلغ اهتمام الرسول بهذا المزعوم أن يقف إليه ويسأله هذا السؤال؟ وهل من المعقول أن ينتظر حتّى يتلقّى جوابه؟ وهل من المقبول أن يسمح له بهذا الجواب الكافر المدّعي للنبوّة والرسالة؟ وهل يبعث الله أطفالا؟ أسئلة نسوقها إلى اولئك الّذين يشلّون عقولهم عن التفكير السديد الرشيد (يعني: نقلة هذه الأخبار من أرباب الصحاح والجوامع إلى التابعين والصحابة)، لينفضوا عنها غبارا يغطّي عنها كثيرا من الحقائق الّتي قد لا تكون من الدقائق. إنّ ابن صيّاد خرافة جازت على بعض العقول، فعاشت قصّتها في بعض الكتب منسوبة إلى الرسول صلوات الله عليه الّذي لا يصدر عنه من القول والفعل إلّا ما هو لباب الحقّ ومصاصه...»(489).
وقال في خبر أحمد عن جابر في قوله: وله حمار...: «هذا الكلام لا يقوله رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، وليس للمسلمين أن يصدّقوا صحّة نسبته إليه...»(490).
وقال مستنكرا على عبد الرحمن المحاربي الّذي قال في خبر ابن ماجة عن أبي امامة: ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدّب حتّى يعلّمه الصبيان في الكتّاب: «كيف يعلّم صبيان المسلمين مثل هذا القول الّذي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(488) نهاية البداية والنهاية: ج 1، ص 103.
(489) المصدر نفسه: ج 1، ص 104.
(490) المصدر نفسه: ص 105.

(٢٨١)

لا يمكن تصديقه، وهو منسوب زورا إلى الرسول (عليه السلام)؟»(491).
هذا ولا يخفى عليك أنّ ما ذكره في ردّ هذه الطائفة من الأخبار، وتخطئة مخرّجيها المعتمدين عليها، والمؤمنين بما فيها، صحيح لا خفاء فيه، لتضمّنها امورا يستحيل وقوع بعضها، أو يكون مخالفا للأغراض المنطقيّة للنبوّات وحكمة الله تعالى في إرسال الرسل وإنزال الكتب وهداية الخلق وامتحانهم، ومنافيا للطفه بعباده، حتّى لا يكون للناس عليه حجّة ويهلك من هلك عن بيّنة ويحيي من حيّ عن بيّنة.
مضافا إلى ذلك يجب ترك هذه الأخبار وإن كانت مخرّجة في أصحّ كتبهم وأشهرها؛ كالبخاري ومسلم والمسند، بضعف إسناد جلّها لو لا الكلّ عندنا، وأمثال هذه الروايات ممّا يردّه العقل في صحاحهم ومسانيدهم وغيرها كثيرة جدّا، ينفى صدورها عن الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الّذي أرسله الله تعالى بالدين الواضح، والطريق اللائح، الدين الحنيف الّذي وصفه الله سبحانه فقال: (فِطْرَتَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها)(492)، وقال: (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى الله عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي)(493).
[تنبيهات]
وينبغي هنا بيان تنبيهات:
[التنبيه الأوّل: هل الدجّال شخص بعينه، يخرج في آخر الزمان]
الأوّل: الظاهر أنّه- كما أشرنا إليه- قد اتّفق كلمات السلف من العامّة إلّا الشاذّ منهم على أنّ الدجّال شخص بعينه، يخرج في آخر الزمان.
قال الكرماني (شارح صحيح البخاري): «هو شخص بعينه، ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى، من إحياء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(491) نهاية البداية والنهاية: ج 1، ص 115.
(492) الروم: 30.
(493) يوسف: 108.

(٢٨٢)

الميّت، واتّباع كنوز الأرض، وإمطار السماء، وإنبات الأرض بأمره، ثمّ يعجزه تعالى بعد ذلك فلا يقدر على شيء منها، وهو يكون مدّعيا للإلهيّة، وهو في نفس دعواه مكذّب بصورة دعواه وحاله، بانتقاصه بالعور وعجزه عن إزالته عن نفسه، وعن إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه.
فإن قلت: إظهار المعجز على يد الكذّاب ليس بممكن.
قلت: إنّه يدّعي الإلهيّة، واستحالته ظاهر، فلا محذور فيه، بخلاف مدّعي النبوّة فإنّها ممكنة، فلو أتى الكاذب فيها بمعجزة لالتبس النبيّ بالمتنبّئ.
فإن قلت: ما فائدة تمكينه من هذه الخوارق؟ قلت: امتحان العباد»(494).
وقال ابن الأثير في النهاية: «قد تكرّر ذكر الدجّال في الحديث، وهو الّذي يظهر في آخر الزمان، يدّعي الالوهيّة، وفعّال من أبنية المبالغة، أي يكثر منه الكذب والتلبيس»(495).
وفي لسان العرب: «والداجل المموّه الكذّاب، وبه سمّي الدجّال، والدجّال: هو المسيح الكذّاب، وإنّما دجله لسحره وكذبه. ابن سيدة: المسيح الدجّال رجل من يهود، يخرج في آخر هذه الامّة، سمّي بذلك لأنّه يدجل الحقّ بالباطل، وقيل: بل لأنّه يغطّي الأرض بكثرة جموعه، وقيل: لأنّه يغطّي على الناس بكفره، وقيل: لأنّه يدّعي الربوبيّة، سمّي بذلك لكذبه، وكلّ هذه المعاني متقارب، قال ابن خالويه: ليس أحد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(494) شرح الكرماني: ج 24 ص 185.
(495) النهاية: ج 2 ص 102 مادّة«دجل».

(٢٨٣)

فسّر الدجّال أحسن من تفسير أبي عمرو، قال: الدجّال المموّه، يقال: دجلت السيف موّهته وطليته بماء الذهب،... إلى أن قال: وقد تكرّر ذكر الدجّال في الحديث، وهو الّذي يظهر في آخر الزمان يدّعي الإلهيّة، وفعّال من أبنية المبالغة، أي يكثر من الكذب والتلبيس. الأزهري: كلّ كذّاب فهو دجّال، وجمعه دجّالون، وقيل: سمّي بذلك لأنّه يستر الحقّ بكذبه»(496).
وقال النووي في شرح مسلم (باب ذكر الدجّال): هذه الأحاديث الّتي ذكرها مسلم وغيره في قصّة الدجّال حجّة لمذهب أهل الحقّ في صحّة وجوده، وأنّه شخص بعينه، ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى، من إحياء الميّت الّذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنّته، وناره، ونهريه واتّباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كلّ ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ثمّ يعجزه الله بعد ذلك، فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ويبطل أمره، ويقتله عيسى بن مريم (عليه السلام)، ويثبّت الله الّذين آمنوا. هذا مذهب أهل السنّة، وجميع المحدّثين والفقهاء والنظّار، خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهميّة وبعض المعتزلة، وخلافا للبخاري المعتزلي وموافقيه من الجهميّة وغيرهم، في أنّه صحيح الوجود، ولكن الّذي يدّعي مخارف وخيالات لا حقائق لها، وزعموا أنّه: لو كان حقّا لم يوثق بمعجزات الأنبياء صلوات الله عليهم، وهذا غلط من جميعهم؛ لأنّه لم يدّع النبوّة، فيكون ما معه كالتصديق له، وإنّما يدّعي الالوهيّة، وهو في نفس دعواه مكذّب لها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(496) لسان العرب: ج 11 ص 236- 237 مادّة«دجل».

(٢٨٤)

بصورة حاله، ووجود دلائل الحدوث فيه، ونقص صورته، وعجزه عن إزالة العور الّذي في عينيه، ومن إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه، ولهذه الدلائل وغيرها لا يغترّ به إلّا رعاع من الناس تقيّة وخوفا من أذاه، أو رغبة في سدّ الزمن؛ لأنّ فتنته عظيمة جدّا، تدهش العقول، وتحيّر الألباب، مع سرعة مروره في الأمر، فلا يمكث بحيث يتأمّل الضعفاء حاله، ودلائل الحدوث فيه والنقص، فيصدّقه من صدّقه في هذه الحالة، ولهذا حذّرت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من فتنته، ونبّهوا على نقصه ودلائل إبطاله، وأمّا أهل التوفيق فلا يغترّون به، ولا يخدعون لما معه، لما ذكرناه من الدلائل المكذّبة له، مع ما سبق لهم من العلم بحاله، ولهذا يقول الّذي يقتله ثمّ يحييه: ما ازددت فيك إلّا بصيرة. قال النووي: هذا آخر كلام القاضي (497).
وقال ابن حجر: وقال الخطابي: فإن قيل: كيف يجوز أن يجري الله الآية على يد الكافر، فإنّ إحياء الموتى آية عظيمة من آيات الأنبياء، فكيف ينالها الدجّال وهو كذّاب مفتر يدّعي الربوبيّة؟!
فالجواب: أنّه على سبيل الفتنة للعباد، إذ كان عندهم ما يدلّ على أنّه مبطل غير محقّ في دعواه، وهو أنّه أعور، مكتوب على جبهته:
كافر، يقرأه كلّ مسلم، فدعواه داحضة مع وسم الكفر، ونقص الذات والقدر، إذ لو كان إلها لأزال ذلك من وجهه، وآيات الأنبياء سالمة من المعارضة فلا يشتبهان.
ثمّ قال ابن حجر بعد كلام الطّبري: وفي الدجّال- مع ذلك- دلالة بيّنة- لمن عقل- على كذبه؛ لأنّه ذو أجزاء مؤلّفة، وتأثير الصنعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(497) صحيح مسلم بشرح النووي: ج 18 ص 58.

(٢٨٥)

فيه ظاهر مع ظهور الآفة به من عور عينيه، فإذا دعا الناس إلى أنّه ربّهم فأسوأ حال من يراه من ذوي العقول أن يعلم أنّه لم يكن ليسوّي خلق غيره ويعدّله ويحسّنه، ولا يدفع النقص عن نفسه، فأقلّ ما يجب أن يقول: يا من يزعم أنّه خالق السماء والأرض! صوّر نفسك وعدّلها، وأزل عنها العاهة، فإن زعمت أنّ الربّ لا يحدث في نفسه شيئا فأزل ما هو مكتوب بين عينيك.
ثمّ قال ابن حجر: وقال القاضي عياض: في هذه الأحاديث حجّة لأهل السنّة في صحّة وجود الدجّال، وأنّه شخص معيّن يبتلي الله به العباد، ويقدره على أشياء؛ كإحياء الميّت الّذي يقتله، وظهور الخصب والأنهار، والجنّة والنار، واتّباع كنوز الأرض له، وأمره السماء فتمطر، والأرض فتنبت، وكلّ ذلك بمشيئة الله تعالى، ثمّ يعجزه الله فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره...(498).
وقال ابن كثير: استدلّ بعضهم على أنّ الخارق قد يكون على يد غير الولي، بل قد يكون على يد الفاجر والكافر أيضا، بما ثبت عن ابن صيّاد أنّه قال: هو الدّخ حين خبأ له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ)، وبما كان يصدر عنه أنّه كان يملأ الطريق اذا غضب حتّى ضربه عبد الله بن عمر، وبما ثبتت به الأحاديث عن الدجّال بما يكون على يديه من الخوارق الكثيرة، من أنّه يأمر السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، وتتّبعه كنوز الأرض مثل اليعاسيب، وأن يقتل ذلك الشابّ ثمّ يحييه، إلى غير ذلك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(498) فتح الباري(شرح صحيح البخاري): ج 16 ص 218- 220(باب لا يدخل الدجال المدينة).

(٢٨٦)

من الامور المهوّلة. وقد قال يونس بن عبد الأعلى الصدفي: قلت للشافعي: كان الليث بن سعد يقول: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء، ويطير في الهواء، فلا تغترّوا به حتّى تعرضوا أمره على الكتاب والسنّة، فقال الشافعي: قصّر الليث رحمه الله، بل إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء، ويطير في الهواء، فلا تغترّوا به حتّى تعرضوا أمره على الكتاب والسنّة(499).
هذه كلمات بعض أكابر محدّثي أهل السنّة، ويظهر منها إجماعهم على خروج الدجّال في آخر الزمان، وفتنة الناس به، وأنّه شخص بعينه، بل يظهر منها اتّفاقهم على وقوع جميع التفاصيل المذكورة في أخبارهم، وقد عرفت ممّا سبق أنّ ما يصحّ دعوى تواتر الأحاديث فيه، هو: خروج شخص ملقّب بالدجّال في آخر الزمان، يكثر منه الكذب والتلبيس، وتغطية الحقّ بالباطل، والإفساد في الأرض.
وأمّا التفاصيل المذكورة في هذه الأحاديث، سيّما الطائفة الثانية منها، فلا تبلغ حدّ التواتر؛ لتفرّد رواتها بها، فحكمها حكم أخبار الآحاد، فإنّها لا توجب علما واعتقادا بمضمونها؛ لكونها غير قطعيّ الصدور والدلالة، ولا عملا؛ لعدم ارتباطها بالفروع والأحكام العمليّة، والنظامات العباديّة والمدنيّة، حتّى تجب العمل بها، والاحتجاج بها في الفقه، وإن لم يحصل العلم بصدورها أو بدلالتها كما هو مبيّن في اصول الفقه، ودعوى القطع بصدور كلّ واحد من هذه الروايات عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ لأنّها مخرّجة في السنن أو الصحيحين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(499) تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ج 1 ص 78 منشورات دار المعرفة- بيروت. وفي هامشه ما لفظه: «هكذا بالأصل، وهو كما ترى لا فرق بين عبارتي الليث والشافعي، فتأمّل».

(٢٨٧)

أو نحو ذلك مجازفة جدّا، لا تصدر إلّا من البسطاء وسواذج الناس الّذين لا تبيّن لهم في الأخبار، ولا تحقيق لهم في مضامينها، ولا معرفة لهم بحالات الصحابة والرواة، وإلّا فكيف يقتنع من كان من أهل التفكير والتعقّل والتحقيق جواز وقوع امور لا يجوّزها العقل، وتنافي ما استقرّت عليه حكمة النبوّات ورسالات السماء، وامتحان الله تعالى لعباده جيلا بعد جيل.
وما تكلّفوا في الجواب عن ذلك- بأنّه إذا كان فيه ما يكذّب دعواه، وأنّه مبطل غير محقّ، وأنّه عاجز لا يقدر على رفع النقص عن نفسه، ومحو كتابة الكفر عن جبهته، فإظهار الخارق على يديه لامتحان العباد جائز لا يخالف حكمة الله تعالى ولطفه- غير سديد؛ لأنّه لا وجه لهذا الامتحان الشديد الّذي لا مثيل له في ما امتحن الله به عباده، وهل هذا إلّا إعانة المضلّ على إضلاله؟
وإن كنت في ريب من ذلك فتدبّر في قوله تعالى: (أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ الله الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي ويُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ الله يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ)(500)، فترى في هذه القصّة أنّ إبراهيم وهو رسول الله لهداية عباده لم يحتجّ على من حاجّه، بأنّك ذو أجزاء وأعضاء، وجسمك يكذّب دعوى ألوهيّتك، وأنّك لم تحي الموتى بإخراجك شخصين من السجن، وأمرك بقتل أحدهما وإطلاق الآخر، بل غيّر احتجاجه فقال: (فَإِنَّ الله...) وهذه سنّة رسالات السماء في هداية الناس، فلمّا رأى إبراهيم أنّ الّذي حاجّه عارضه احتجاجه الأوّل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(500) البقرة: 258.

(٢٨٨)

بشبهة ربّما تقع في نفوس بعض الضعفاء غيّر احتجاجه.
وأين هذا من إعطاء الله مدّعي الالوهيّة- الدجّال- هذه الخوارق العظيمة المدهشة، فهل تجوّز على حكمة الله تعالى إقدار الّذي حاجّ إبراهيم بإحياء الموتى وإتيان الشمس من المغرب، أو تستوحش من ذلك وتقول: لا يمكن ذلك، ولا يجوز في حكمة الله تعالى إقدار المدّعي للالوهيّة على الخارق وإن كان هنا على بطلان دعواه ألف دليل؟
إذن فكيف يجوز صدور مثل ذلك منه تعالى للدجّال حتّى إنّه يحبس الشمس فيجعل اليوم كالشهر؟!
هذا وقد عرفت أنّ الشواهد على عدم صحّة هذه الأخبار ليست منحصرة بعدم جواز إقدار الله تعالى الكافر على الخارق حتّى يفصّل بين مدّعي الالوهيّة والنبوّة.
وأمّا كلام الليث بن سعد والشافعي فليس فيه ما يدلّ على أنّ الله تعالى يظهر الخارق بيد الكاذب والفاجر والكافر، بل يمكن أن يكون مرادهما التأكيد على أنّ المعتبر في معرفة حال كلّ شخص عرض ما هو عليه من الاعتقاد على الكتاب والسنّة، سيّما إذا كان ذا طريقة خاصّة متفرّدا ببعض الأعمال والآراء مثل: الصوفيّة، والمتّسمين بالعرفاء، والفلاسفة، وغيرهم من الذين يسلكون في المعارف الإلهيّة والأخلاق والرياضات والدعاء والأوراد والأذكار مسالك ربّما لا تنطبق على الشرع أو لم تؤخذ من الشرع، ولهم اصطلاحات غير اصطلاحات أهل الشرع المذكورة في الكتاب والسنة، فهم وان بلغوا ما بلغوا اذا لم يتكلّموا بالاصطلاحات الشرعية وتكلّموا بغيرها من الاصطلاحات المختصة يجب ان يعرض ما هم عليه على الكتاب والسنة ولا يجوز تفسير الشرع بهذه

(٢٨٩)

الاصطلاحات كما بنى على ذلك أمره بعض الفلاسفة العرفاء، فلا يقبل من أحد فيما يتعلق بالشرع إلّا ما كان مأخوذا من الشرع ومفهوما منه عند من لا يعرف هذه الاصطلاحات، فاللازم عرض هذه الاصطلاحات على الشرع لا عرض الشرع عليها وتفسيره بها، والحاصل انّه لا يقبل من أحد أمر ولا يؤخذ بأي طريقة ومسلك اعتقادي أو عبادي إلّا إذا كان مستفادا من الشرع ومن الكتاب والسنة وإلّا يجب تركه والاعراض عنه وإن اتى صاحبه بألف خارق فلا يكون ما ينقل من المرتاضين وارباب الرياضات الباطلة من صدور بعض الخوارق عنهم على فرض تسليم صحة نقل ذلك دليلا على صحة مذهبهم أو دعواهم بعد ما كان مذهبهم مخالفا للكتاب والسنّة وكذا غيرهم من العرفاء الصوفية المنتحلين الى الاسلام، واياك أن تغترّ باصطلاحاتهم وبعض حالاتهم الذوقية والشوقية أو بعباداتهم وقيامهم بالليل ومداومتهم بالأذكار وصدور الخارق منهم وعليك بعرض أمرهم وآرائهم على الكتاب والسنّة.
فهؤلاء الذين يدّعون لأنفسهم القطبية والمرشدية والشؤون الّتي يعتقدها أهل السلاسل الكثيرة من الصوفية والعرفاء كل سلسلة لقطبهم ولمرشدهم وان ادّعوا لهم بعض الخوارق يعرض أمرهم على الكتاب والسنّة الثابتة الصحيحة التي دلت على ان هذه السلاسل والمسالك ليست من الاسلام واربابهما ضالون مضلون.
التنبيه الثاني: [إذا لم يكن دافع عقلي أو شرعيّ لا يجوز حمل...]
لا يجوز حمل ألفاظ الحديث على خلاف ما يدلّ عليه ظاهره، وتأويله بمجرّد غرابة مضمونه إذا لم يكن هناك دافع عقلي أو شرعيّ منه.
فإذا كان الخبر متواترا يحصل الاطمئنان والاعتقاد بمضمونه، وفي

(٢٩٠)

أخبار الآحاد إذا لم يكن الخبر في الفروع والأحكام ولم يكن محفوفا بالقرائن الّتي توجب العلم بصدوره لا يحصل الإيمان بمضمونه؛ لأنّ الخبر إذا كان غير قطعي الصدور لا يتأتّى منه الإيمان والاعتقاد، لاحتمال عدم صدوره، أو وقوع اشتباه في نقل متنه.
وأمّا حمله على خلاف ظاهره، فإن كان على سبيل الجزم فهو قول بغير علم، وإن كان على سبيل الاحتمال فلا اعتناء به قبال ظهوره في معناه الّذي لو كان الخبر مقطوع الصدور يوجب الإيمان والاعتقاد به، ولا يترتّب على إبداء هذا الاحتمال فائدة إذا.
فلا فائدة في التكلّف بحمل أخبار الآحاد الدالّة على تفصيلات أمر الدجّال على خلاف ظاهره، بعد العلم بأنّها لا توجب العلم والعقيدة ولا العمل، مثل حمل ما فيه أنّه مكتوب بين عينيه أنّه كافر بأنّ الكتابة هنا ليس على الحقيقة، بل كناية عن الأمارات الدالّة على صاحبها، والقراءة معناها أن تلهم النفس المؤمنة بإشراقها ما يبصرها الحقيقة دون امتراء، حتّى لكأنّ الدجّال صفحة مكتوبة بيّنة الكلمات لا يخفى فهمها على أحد، انتهى (501).
أقول: هذا لعب بالحديث واستخفاف به، وليت شعري من أين وبأيّ قرينة علم أنّ الكتابة هنا ليس على الحقيقة بل هي الكناية عمّا ذكره؟
وما هو الشاهد على ترجيح هذا على ما هو معنى اللفظ بحسب ظاهره العرفي؟ ولم لا يجوز أن يكون ذلك مكتوبا بين عينيه؟
فإن هو زعم أنّ غرابة المعنى قرينة على عدم إرادة المعنى الحقيقيّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(501) نهاية البداية والنهاية: ج 1 ص 91.

(٢٩١)

ففي القرآن والسنّة الثابتة كثيرا ما يوجد أغرب من ذلك، فالأولى بل الواجب ترك التأويل والحمل على خلاف الظاهر بمجرّد الغرابة، فإنّه خلاف التسليم والتصديق بما أخبر عنه الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الامور الغيبيّة، مثل معجزات الأنبياء الّتي يستغربها، بل يحكم بامتناع وقوعها أصحاب المادّة، المؤمنون بالعلل المادّيّة، مثل قلب العصا بالثعبان، وإبراء الأكمه والأبرص، وغيرها من الخوارق الّتي لا يمكن أن يستند وقوعها إلى أي سبب مادّيّ.
إن قلت: ليس مثل هذا الحمل من التأويل بشيء، بل هو استظهار المعنى المجازيّ من اللفظ بقرينة غرابة المعنى الحقيقيّ، ولا ريب أنّ ما ذكرنا أقرب المعاني المجازيّة إليه، فنأخذ بقاعدة: إذا تعذّرت الحقيقة فأقرب المجازات إليها يتعيّن.
قلت: لم تتعذّر الحقيقة هنا حتّى يكون أقرب المجازات هو المراد، ومجرّد غرابة المضمون- سيّما في مثل هذه الأخبار- ليست قرينة على إرادة المعنى المجازي، خصوصا مع عدم غرابتها من حيث النوع، فالآيات القرآنيّة والأحاديث الغريبة في باب الملاحم، وأشراط الساعة، ومشاهد القيامة أكثر من أن تحصى، والقول بجواز تأويلها وحملها على غير معانيها الظاهرة فيها يجعل الدين معرضا للتحريف والتغيير.
والّذي ينبغي أن يعامل مع هذه الأحاديث المتضمّنة لبعض التفاصيل بالنسبة إلى تفصيل لم يبلغ الأحاديث الواردة فيه حدّ التواتر أولا: النظر في سند الحديث، فإن كان فيه علّة توجب سقوطه عن درجة الاعتبار فلا اعتناء به، وإلّا فإن لم يكن محفوفا بما يوجب العلم بصدوره فشأنه شأن سائر أخبار الآحاد، لا يوجب العلم لعدم العلم بصدوره،

(٢٩٢)

ولا يوجب عملا لعدم تضمّنه حكما من الأحكام الشرعيّة حتّى تشمله أدلّة وجوب العمل بالخبر المبيّنة في اصول الفقه، وإن كان هنا قرائن تفيد العلم بصدوره لا يجوز إنكار مدلوله، ويجب قبوله والإيمان والإقرار به.
التنبيه الثالث: [ادّعاء التواتر الإجمالي أو المعنوي واتفاق المحدّثين فى جوامعنا]
اعلم أنّ ما جاء في مؤلّفات أعلام الشيعة وجوامعهم في الحديث من طرقهم عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، ليس فيه ما يخالف ضرورة العقل أو الشرع، وشأنه وشأن أكثر أحاديث العامّة من الطائفة الاولى الّتي أشرنا إليها سواء.
مضافا إلى أنّ أخبارنا في هذا الموضوع قليلة جدّا، لا تبلغ في الكثرة حدّ أخبارهم، وغاية ما يمكن إثباته بالروايات المخرّجة في جوامعنا بادّعاء التواتر الإجمالي أو المعنوي، أو بدعوى اتّفاق المحدّثين وغيرهم من العلماء على خروج الدجّال، وعدم نقل إنكاره من أحد من الشيعة وأئمّتهم (عليهم السلام): أنّ الدجّال شخص يظهر في آخر الزمان قبيل ظهور المهدي (عليه السلام)، يدجل الحقّ بالباطل، يفتتن بكذبه وإغرائه وستره الحقّ جماعة من الناس.
نعم يوجد في كتب الخاصّة أيضا نزر قليل من الأخبار المشابهة أو الموافقة، متنا أو مضمونا، مع الطائفة الثانية من أخبار العامّة، إلّا أنّها- سوى الخبر الّذي رواه الفضل بن شاذان، عن محمّد بن أبي عمير، عن المفضّل، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)- غير مرويّة من طرقنا المنتهية إلى الأئمّة الطاهرين (عليهم السلام)، مخرّجة بأسانيد عامّيّة، وعن المجاهيل والضعفاء، مثل الخبر الّذي أخرجه الصدوق في «كمال الدين»(502) بسنده عن النزال بن سبرة عن أمير المؤمنين (عليه السلام).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(502) كمال الدين: ج 2 ب 47 ص 525 ح 1.

(٢٩٣)

وقد ذكر بعض هذه الأحاديث في مؤلّفات الشيعة احتجاجا على العامّة، كما ترى- أيضا- في كمال الدين، فإنّه احتجّ عليهم بعد ما أخرج عنهم خبر نافع عن ابن عمر عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وأمّا رواية المفضّل، فمع الغضّ عن اختلاف علماء الرجال فيه، وتضعيف بعضهم إيّاه، وأنّ مضمونها موافق لأخبار العامّة، لا يوافق اصول مذهبنا، لا يعتدّ بها، لعدم صحّة الاحتجاج بخبر الواحد في غير فروع الدين والاحكام، فمقتضى عرضها على العقل والشرع، نفيها أو ردّها إلى أهلها.
والحاصل: لعلّك لا تجد في أحاديث الخاصّة المرويّة بطرقهم في الدجّال غير خبر المفضّل المرويّ من طرق الآحاد، ما يردّه ضرورة العقل أو الشرع، وهذه المزيّة لم تتحقّق لهم في هذا إلّا بفضل تمسّكهم بالثقلين؛ الكتاب والعترة، وأخذهم العلم عن أهل البيت (عليهم السلام)، وأمّا غيرهم فمضافا إلى أنّهم خالفوا وصيّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فلم يتمسّكوا بأهل البيت (عليهم السلام)، وتركوا الرجوع إليهم، ورجعوا إلى أمثال: أبي هريرة، والنصّاب، والخوارج، والطواغيت، وكعب الأحبار، أخرجوا في كثير من أبواب العلم، سيّما الإلهيّات والاعتقاديّات، مثل: خبر ابن الصائد، وبنت قيس لكثيرا، فضلّوا وأضلّوا.
وينبغي أن يعدّ هذا من الشواهد على أنّ ما لم يخرج من هذا البيت، وتفرّد بروايته غير أهل البيت لا يجوز الاعتماد عليه، كما قال مولانا الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «شرّقا وغرّبا لن تجدا علما

(٢٩٤)

صحيحا إلّا شيئا يخرج من عندنا أهل البيت»(503)، وهذا الّذي نطق به الإمام هو المستفاد من حديث الثقلين الدالّ على عدم افتراق الكتاب والعترة، وعدم خلوّ الزمان من عالم من أهل البيت (عليهم السلام)، معصوم عن الخطأ.
التنبيه الرابع: [كلمات أصحاب النهضة الحديثة]
لا يخفى عليك أنّ كثيرا من أصحاب النهضة الحديثة الّتي وقع أربابها تحت نفوذ المدنيّة الغربيّة برقائها الماديّ والصناعي، سعوا في تطبيق الدعوة الإسلاميّة المؤسّسة على الإيمان باللّه وتأثير عالم الغيب في عالم الشهادة على المدنيّات الغربيّة الّتي تأسّست على قواعد ماديّة لم يؤمن مؤمنوها بما وراء المحسوسات وما لا يدرك بحواسنا الماديّة، بتأويل الآيات والأحاديث الّتي لا توافق مضامينها الأوضاع الماديّة والظواهر الطبيعيّة، ففسّروها بما لا يقع مورد استنكار الناشئة الجديدة المؤمنين بالعلل والمعلولات الماديّة، الّذين لا يعرفون من عالم الغيب شيئا، وأصمّت المادّة أسماعهم، وأعمت أبصارهم، وقد كان عليهم أن يقتبسوا من كتاب الله تعالى، ويجعلوه أمامهم يهتدوا بهداه، حيث لم يعتن باستبعاد الكفّار واستغرابهم حشر الأجساد، فلم يتنازل عمّا جاء به، بل قرّره وأثبته وحقّقه، فقال عزّ من قائل، حكاية عن استنكارهم واستغرابهم:
(وَقالُوا أَ إِذا كُنَّا عِظاماً ورُفاتاً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً)(504) ثم ردّ عليهم بقوله تعالى: (قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)(505)، وقال تعالى شأنه: (وضَرَبَ لَنا مَثَلًا ونَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وهِيَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(503) بصائر الدرجات: ج 1 ص 10 ح 4، البحار: ج 2 ص 92 ح 20.
(504) الإسراء: 49.
(505) الإسراء: 50.

(٢٩٥)

رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)(506).
فمن لم يؤمن باللّه وقدرته وبملائكته وقضائه وقدره، وأنّه ليس أمر ما في عالم المادّة إلّا وهو واقع تحت سيطرة عالم الغيب، ولا يجري إلّا بقضائه وقدره، يستغرب- لا محالة- الحقائق الغائبة عن حواسّه الماديّة من الوحي، وما أخبر به الأنبياء ممّا لا يدرك بالحواس ومعجزاتهم، فليس عنده تفسير لهذه الامور، بل ربّما يستهزئ بها ويرمي قائلها بالجنون.
أمّا المؤمن باللّه تعالى فيصدّق جميع ذلك ويدين به، ولا يجوز له أن يؤوّل هذه الحقائق الّتي لا طريق إلى معرفتها إلّا إخبار الصادق المصدّق، النبي وأوصيائه (عليهم السلام) حتّى لا يستنكرها ولا يستهزئ بها من لا يؤمن برسالات السماء، فلا يجوز للمؤمن- مثلا- تفسير الوحي بالوحي النفسيّ، أو تأويل المعجزات الماديّة، مثل: قلب العصا بالثعبان، وإبراء الأكمه والأبرص، وتكلّم الصبيّ في المهد وغيرها، وكذلك وجود الملائكة والجنّ، وهذا باب لو قيل بجوازه في النبوّات يجعل جميعها في معرض التأويل والتغيير من كلّ أحد في كلّ أحد في كلّ زمان، فلا يبقى أمر منها بحاله، وليس بين هذه الطريقة وإنكار النبوّات بالصراحة فرق على التحقيق.
فإن قلت: فكيف أنتم تأوّلتم بعض الآيات مثل: (يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)(507)، وقوله تعالى: (وقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ولُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ)(508)، وقوله تعالى:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(506) يس: 78 و79.
(507) الفتح: 10.
(508) المائدة: 64.

(٢٩٦)

(وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)(509) وغيرها ممّا يدلّ على أنّ الله تعالى الأعضاء والجوارح، على أنّ ذلك مثل لقدرة الله تعالى في التصرّف في الكائنات.
قلت: حيث ظاهر هذه الآيات والأحاديث مخالف لضرورة العقل، لاستحالة ذلك على الله تعالى؛ لتنزّهه تعالى عن الجسميّة والتركيب من الأعضاء كاليد والوجه والعين وغيرها، كما برهن عليه في علم الكلام، يكون ذلك قرينة عقليّة على عدم إرادة المعنى الحقيقيّ، وإرادة معناه المجازيّ المتعارف استعمال هذه الألفاظ فيه في كلام العرب، فيراد من: يدي معك، أو أنت يدي أو عيني، المعنى المجازي؛ فهذه الكلمات ظاهرة في المعاني المجازيّة حتّى ولو لم تكن معانيها الحقيقيّة مخالفة لضرورة العقل. وأين هذا من تأويل الآيات والأحاديث لمجرد استغراب مضمونه عن بعض من لا يؤمن بعالم الغيب، أو غرابة مضمونه في الأحاديث؟!
هذا مضافا إلى أنّا نقول: إذا أنتم تأبون عن تأويل مثل «يد الله» و«يداه مبسوطتان»، وتصرّون على حفظ ظاهرهما، وتثبتون أنّ للّه- والعياذ به- اليد والرجل مع مخالفة ذلك لضرورة العقل واستحالته، فكيف تأوّلون الأحاديث على خلاف ما يدلّ عليه ظاهرها لاستغرابكم معناه؟!
هذا ومن جملة ما حملته هذه الفئة الثقافيّة على غير ظاهره ومدلوله اللفظي والعرفي هو وجود الدجّال وخروجه مع اعترافهم بعدم مقبوليّة ردّ كلّ الأحاديث الواردة فيه. فقال محقّق كتاب «نهاية البداية والنهاية»:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(509) الزمر: 67.

(٢٩٧)

ردّ كلّ الأحاديث الواردة في الدجّال أمر غير مقبول؛ لتوافرها وتعدّد طرق روايتها، وإنّما المقبول المعقول ردّ ما جاء في بعضها ممّا لا يلتئم وطبيعة الحياة، ولا يتّفق ومصلحة البشر.
وهذا الكاتب بعد هذا الاعتراف يقول: ثمّ إنّه ليس ما يمنع من أن يفهم الدجّال على أنّه إشارة نبويّة صادقة إلى ما سيكون من ظهور دعاة للشرّ، يكذبون على الله، ويموّهون الحقائق، ويستعينون على تحقيق ما يريدون بما يتوفّر لهم من القوّة ووسائل البطش، ومغريات الحياة الّتي لا يستطيع مقاومتها من حرم الحظّ من قوّة الإيمان وثبات العقيدة فتستهويه بأنوارها لتحرقه بنارها، وما أكثر الفراش بين بني الانسان وليس ما يأخذ بحجز البشر عن النار إلّا ما يستقرّ في قلوبهم من الإيمان القويّ المتين الّذي يشمخ عن مجاري تيّارات الرغبة والرهبة في دنيا الناس(510).
أقول: أي مانع أقوى من ظهور اللفظ في ان الدجّال شخص بعينه، وإلّا فيقال: ليس ما يمنع من أن يفهم عن الصلاة أو الصوم أنّه إشارة إلى رياضات جسميّة تحفظ صحّة البدن، أو أنّ عصا موسى هي الحجّة العقليّة الّتي تعلّمها موسى (عليه السلام) من الله تعالى. والحاصل: أنّه يمنع من هذا العلم ظهور الألفاظ في معانيها الّتي يتبادر منها، ومداليلها العرفيّة واللغويّة.
ثمّ إنّ هذا الكاتب بالغ في تأويلاته حتّى قال في عيسى (عليه السلام): هل بقي عيسى (عليه السلام) حتّى الآن حيّا؟ وسينزل إلى الأرض ليجدّد الدعوة إلى دين الله بنفسه؟ أم إنّ المراد بنزول عيسى هو انتصار دين الحقّ، وانتشاره من جديد على أيد مخلصة تتّجه إلى الله،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(510) نهاية البداية والنهاية: ج 1 ص 148.

(٢٩٨)

وتعمل على تخليص المجتمع الإنساني من الشرور والآثام؟ رأيان، ذهب إلى كلّ منهما فريق من العلماء، وهذا هو ما يقال بالنسبة إلى الدجّال، هل هو شخص من لحم ودم ينشر الفساد ويهدّد العباد، ويملك وسائل الترغيب والترهيب والإفساد دون رادع من دين أو وازع من خلق حتّى يقيّض له عيسى (عليه السلام) فيقتله، أم إنّه رمز لانتشار الشرّ، وشيوع الفتنة وضعف نوازع الفضيلة تهبّ عليه ريح الخير المرموز إليها بعيسى (عليه السلام) فتذهبه وتقضي عليه، وتأخذ بيد الناس إلى محجّة الخير؟(511).
أقول: إنّما لم يذكر أسماء بعض العلماء القائلين ببقاء عيسى (عليه السلام)، وأنّ الدجّال شخص من لحم ودم، لعدم الحاجة إلى ذلك، فقد عرفت اتّفاق جميع المحدّثين من أهل السنّة على هذا القول، ولكن كان عليه أن يذكر أسماء عدّة من الفريق الثاني، ولعلّه طوى الكلام من ذلك لأنّه لم يجد من أكابر علمائهم بل أحدا من السلف إلى القرن الرابع عشر من كان هذا رأيه، ومن هذا القرن أيضا لم يجد من المحدّثين والعلماء والمتمسّكين بالنصوص من كان هذا رأيه، إلّا فئة محدودة متسمّية بالثقافة والتنوّر، من أصحاب مدرسة الشيخ محمّد عبده ورشيد رضا الّذين آية ثقافتهم وتنوّرهم صرف نصوص الكتاب والسنّة ممّا لا يلائم آراء المادّيّين عن ظاهرها، وعدم الالتزام بها، وحملها على الرمز. وأنت ترى أنّه لا فرق بين عملهم الّذي يشبه تأويلات الصوفيّة الباطلة الفاسدة، وردّ أصل الأحاديث.
هذا وقد سبق هذا الكاتب في التوسّع في تأويل بعض الآيات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(511) نهاية البداية والنهاية: ج 1 ص 71.

(٢٩٩)

والأخبار الّتي يستغرب مضمونها من لم يؤمن بعالم الغيب، أو ضعف إيمانه به غيره؛ كمؤلّف تفسير «المنار» والطنطاوي من المؤلّفين المثقّفين، من بعض شيوخ الأزهر وغيرهم. فهذا الشيخ محمّد عبده يقول كما في تفسير «المنار»(512) بعد ما يذكر تأويل نزول عيسى وحكمه في الأرض- خلافا باعترافه للجمهور- بغلبة روحه وسرّ رسالته على الناس، يقول في جواب السؤال عن المسيح الدجّال أيضا، وقتل عيسى المسيح له: إنّ الدجّال رمز للخرافات والدجل والقبائح الّتي تزول بتقرير الشريعة على وجهها، والأخذ بأسرارها وحكمها(513).
هذا وقد سلك هذا المسلك أيضا بالتوسيع بعض الأجلّة من الشيعة، ولعلّه اقتفى أثرهم، قال: وقد أعطينا في التأريخ السابق اطروحتنا لفهم الدجّال؛ إحداهما: تقليديّة تقول: إنّ الدجّال شخص معيّن، طويل العمر، يظهر في آخر الزمان من أجل ضلال الناس وفتنتهم عن دينهم، ويدلّ عليه قليل من الأخبار، والاخرى: إنّ الدجّال عبارة عن مستوى حضاريّ إيديولوجي معيّن معاد للإسلام والإخلاص الإيماني ككلّ. وقد سبق هنا أن ناقشنا الاطروحة الاولى، ورفضناها بالبرهان، ولا بدّ من طرح ما دلّ عليها من قليل الأخبار، ودعمنا الاطروحة الثانية، وهي الّتي ستكون منطلق كلامنا الآن (514).
أقول: قد يظنّ غير الخبير بالأخبار من كلامه أنّ ما دلّ من الأخبار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(512) تفسير المنار: ج 3 ص 317.
(513) وإن شئت مزيدا من الاطّلاع على تأويلات هذه الفئة عن نصوص الكتاب والسنّة بما يوافق آراء الغربيّين الّذين لا يؤمنون بما وراء المادّة والطبيعة، راجع كتاب«موقف العقل والعلم والعالم من ربّ العالمين».
(514) تاريخ ما بعد الظهور: ص 192- 203.

(٣٠٠)

على ما سمّاه بالاطروحة الاولى النزر القليل، وما دلّ على الاطروحة الثانية الأخبار الكثيرة، مع أنّه ليس في الأخبار حتّى خبر واحد يدلّ عليها، وليت شعري بأيّ دليل دعم بزعمه الاطروحة الثانية، ورفض هذه الأخبار الكثيرة الدالّة على أنّ الدجّال شخص بعينه.
نعم لو اريد بالدجّال الشخص الموصوف بتمام الصفات المذكورة في الأخبار فلا يدلّ عليه إلّا القليل من الأخبار، لا نأخذ بظاهرها في هذه الصفات المفصّلة؛ لضعف إسناد أكثرها أوّلا، ولعدم حجّيّة خبر الواحد في غير الفروع ثانيا، ولمخالفة بعضها مع ضرورة العقل أو الشرع ثالثا.

أمّا لو اريد منها شخص بعينه يظهر في آخر الزمان، يضلّ جماعة من الناس، ويغطّي باطله بالحقّ، فدعوى تواتر هذه الأخبار المخرّجة من طرق الفريقين على ذلك بالتواتر الإجماليّ أو المعنويّ في محلّه لا ينكرها البصير بالأحاديث.
هذا مع أنّا لم نقف على إنكار خروج الدجّال من أحد من أصحاب الأئمّة (عليهم السلام)، ورواة أحاديثهم، وسائر أعلام الشيعة، ومع ذلك لما ذا وبأيّ دليل نرفض ما اتّفق عليه ظاهر جميع هذه الروايات، ونسمّي ما اتّفق عليه كلمات الكلّ من علمائنا الأبرار وحفظة الآثار بالاطروحة، كأنّنا واجهنا هذا الموضوع لأوّل مرّة؟!
ثمّ إنّ كاتبنا هذا لم يقتصر على تأويل الدجّال، وفهم مفهومه بما سمّاه بالفهم المتكامل، بل أوّل بفهمه المتكامل غير الدجّال من علائم الظهور، مثل: السفياني، وجاء باصطلاحه باطروحات يجب طرحها بعد عدم مخالفة ظاهر الحديث ومضمونه المتبادر منه العرفيّ مع ضرورة العقل أو الشرع، ولا تقنع النفوس المؤمنة بها، وتجعل سائر ما ورد من

(٣٠١)

الشرع معرض مثل هذه التأويلات لعدم الفرق بين هذا وكثير من غيره، مثل: نزول عيسى (عليه السلام) من السماء، واقتدائه بمولانا المهدي (عليه السلام)، والنداء، والصيحة، وغيرها من الامور الّتي يستغربها البعض، وأخبر عنها الكتاب أو السنّة الصحيحة، مثل: معجزات الأنبياء وغيرها.
وإنّنا قد كرّرنا الإشارة إلى خطر هذا التفكير التأويليّ على الدين والقيم الإسلاميّة؛ حرصا على سدّ باب تأويل النصوص وحمله على الرموز من غير موجب عقليّ ولا شرعيّ، وتأكيدا على التمسّك بها، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه.
التنبيه الخامس: [ما ليس من اصول الدين لا يجب الإيمان به ولا الإقرار به تفصيلا]
لا يخفى عليك أنّه وإن وجب الإيمان بكلّ ما أخبر به النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، إلّا أنّه لا يجب الإيمان به ولا الإقرار به تفصيلا إن لم يكن من اصول الدين، وما يكون الإقرار به من شرائط الإسلام، فلا يجب معرفة كلّ ما في الكتاب والسنّة بالتفصيل، إلّا في الفروع، وما يرتبط بعمل المكلّف وتكاليفه العمليّة، فإنّه يجب على الفقهاء والمجتهدين على تفصيل مذكور في مبحث الاجتهاد والتقليد والاحتياط.
فمن لم يعرف من تفاصيل معجزات الأنبياء شيئا، ولم يعلم معنى دابّة الأرض، وتفاصيل عالم الآخرة والجنّة والنار، أو غزوات النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وما حدث بينه وبين المشركين، ولم يعرف عدد زوجات النبي أو أولاده (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأمثال ذلك ممّا يطول الكلام بذكره، لا يضرّ بإسلامه إذا كان مؤمنا مصدّقا بكلّ ما أخبر عنه النبيّ (صلّى الله عليه وآله).

(٣٠٢)

نعم، إذا كان أمر من هذه الامور الّتي لا تكون لمعرفتها دخل في الإسلام والإيمان من الضروريّات الإسلاميّة، فإنكاره على ما ذكر في الفقه- موضوعا وحكما- موجب للحكم بالكفر ولو ظاهرا. كما أنّ بعد معرفة كلّ واحد من هذه الامور، وأنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخبر عنه، يجب الإيمان به، ولا يجوز إنكاره واحتمال خلافه؛ لأنّه مستلزم لإنكار الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
ومن هذه الامور: خروج الدجّال، والسفيانيّ، فليس الإيمان بذلك شرطا في الإسلام والإيمان، فمن لم يعرف من أمرهما شيئا ولم يقرّبهما، لا يخرج بذلك من الإسلام والإيمان. نعم بعد ما ثبت عنده إخبار النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عنهما لا يجوز له الإنكار، ويخرج به من دائرة الإسلام.
وهل يكون خروج الدجّال من الضروريّات بين المسلمين حتّى يكون إنكاره موجبا للحكم بالارتداد ولو ظاهرا وإن احتمل عدم علم منكره به؟ الظاهر أنّه ليس من الضروريّات، سيّما بعد ما عرفت إنكاره من جماعة من المسلمين.
التنبيه السادس: هل يجب معرفة علائم الظهور الّتي من جملتها خروج الدجّال، ليعلم به عند وقوعه، ويعرف المحقّ من المبطل، ويميز بين الخبيث والطيّب؟ الظاهر هو وجوبها؛ حذرا عن الوقوع في الضلالة، ودفعا للضرر المحتمل، ويمكن أن يقال: إنّ الفائدة من بيان هذه العلامات أن يتعلّمها من يريد الأمان من الضلالة، ولا يكون للناس على الله حجّة، وذلك يقتضي وجوب تعلّم العلامات، وعدم معذوريّة الشخص في الجهل به.

(٣٠٣)

نعم، الظاهر أنّ هذا الوجوب ليس نفسيّا، بل هو وجوب طريقيّ، بمعنى: أنّ المكلّف الجاهل بالعلامات إذا وقع بسبب جهله بها في الضلالة ليس معذورا، وإذا لم يقع فيها لا يكون معاقبا لتركه التعلّم.
هذا ما وفّقني الله تعالى للبحث حول «الدجّال»، وقد تضمّن المباحث الكليّة الّتي يحتاج الباحث إليها في كثير من المباحث، واللّه تعالى هو الموفّق، ومنه نستمدّ ونستعين، وصلواته على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

(٣٠٤)

[رسالة] حول حياة المسيح [ونزوله من السماء في آخر الزمان]
عيسى (عليه السلام) ونزوله من السماء في آخر الزمان

(٣٠٥)

[لا خلاف بين المسلمين في رفع المسيح (عليه السلام) حيّا إلى السماء، وامتداد حياته حتّى الآن]

اعلم انّه لا خلاف يعتدّ به بين المسلمين في رفع المسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام) حيّا إلى السماء، وامتداد حياته حتّى الآن، وإلى نزوله في آخر الزمان.
وقد ادّعى بعضهم صريحا إجماع الامّة على ذلك؛ كابن عطيّة الغرناطي الأندلسي في تفسيره على ما نقل عنه أبو حيّان الأندلسي أيضا في تفسيره «البحر المحيط»، قال ابن عطيّة: وأجمعت الامّة على ما تضمّنه الحديث المتواتر من أنّ عيسى في السماء حيّ، وأنّه ينزل في آخر الزمان... الخ (515). وقال أبو حيّان نفسه في تفسيره الصغير: «النهر المارّ من البحر» المطبوع على حاشية «البحر المحيط»: وأجمعت الامّة على أنّ عيسى (عليه السلام) حيّ في السماء، وسينزل إلى الأرض (516). وقال السفاريني الحنبلي في شرح منظومته المسماة ب «لوامع الأنوار البهيّة»: قد أجمعت الامّة على نزول عيسى بن مريم (عليه السلام)، ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة، وإنّما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة ممّن لا يعتدّ بخلافه. وقال الشريف سيدي محمّد بن جعفر الكتّاني في كتابه: «نظم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(515) تفسير البحر المحيط: ج 2 ص 473 من سورة آل عمران.
(516) المصدر نفسه.

(٣٠٧)

المتناثر من الحديث المتواتر»: وقد ذكروا أنّ نزول سيّدنا عيسى (عليه السلام) ثابت بالكتاب والسنّة والإجماع (517).
ولا ريب أنّ الأصل في هذا الاتّفاق والإجماع، وإرسال جميع أكابر محدّثي أهل السنّة والشيعة ومفسّريهم حياة عيسى (عليه السلام) ونزوله في آخر الزمان إرسال المسلّمات، هو الكتاب والسنّة المتواترة الّتي لا مجال لإنكار تواترها المعنويّ، فصار هذا عقيدة للمسلمين، أخذها الخلف عن السلف من زماننا هذا إلى عصر الرسالة.
[التشكيك من تلامذة مدرسة الشيخ محمّد عبده]
ومع ذلك يرى أنّه قد وقع أخيرا مورد التشكيك من بعض كتّاب العصر الحديث، وتلامذة مدرسة الشيخ محمّد عبده؛ اولئك الّذين لا يؤمنون بالمعجزات الكونيّة، أو يخفون عقيدتهم بها وحاولوا تأويلها بتعليلها واستنادها إلى العلل المادّية، أو حملها على الرمز حذرا من أن تقع مورد استبعاد أفكار من لا يؤمن باللّه وبعالم الغيب، وأن يأخذ هؤلاء المادّيّون، ومن يحذو حذوهم ويميل إلى طريقتهم من الشباب المتأثّرين بكلمات هؤلاء الماديّين على المؤمنين بإيمانهم بامور لا توافق السنن العاديّة الطبيعيّة الّتي يظنّها هؤلاء عللا تامّة للحوادث الطبيعيّة، فأنكر هؤلاء المتّسمون بأهل الثقافة الحديثة الخوارق؛ مثل: رفع عيسى حيّا، وامتداد حياته، وبعض المعجزات العظيمة الهائلة؛ خوفا من ردّها من جانب أصحاب المادّة، أو ميلا إلى آرائهم وأفكارهم الإلحاديّة.
ولا يخفى عليك أنّ ما يؤمن به المؤمن باللّه تعالى من خلقه ما سواه أكبر من جميع هذه الخوارق والمعجزات، إذا فما نستفيد من تأويل المعجزات، وصرف النصوص المتواترة عن مداليلها المعلومة المقبولة لدى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(517) لوامع الأنوار البهيّة: ج 2 ص 94 و95.

(٣٠٨)

المؤمنين باللّه وبقدرته تعالى إلى معان أخر ليقبلها أو لا يستبعدها من لا يؤمن بقدرة الله تعالى وخرق العادات الطبيعيّة؟ ولكنّ الفئة المذكورة يصرّون على ذلك، فجاءوا في التفسير والامور الثابتة بالسنّة بآراء حديثة تنفي أو تضعف الإيمان باستناد المعجزات إلى الله تعالى، وأنّه على كلّ شيء قدير.
أجل قد وقع رفع عيسى (عليه السلام) ونزوله موردا لتشكيك هؤلاء الكتّاب المتنوّرين، وقد سبقهم في إبداء ذلك شيخهم محمّد عبده على ما نقل عنه تلميذه رشيد رضا في كتابه المسمّى ب «تفسير المنار»(518)، ثمّ أخذ ذلك منه غيره من الأزهريّين، كمحمّد فهيم أبو عبية، وغيره، وقد ردّ عليهم جماعة من أكابر علماء أهل السنّة، فأظهروا غيرتهم على الكتاب والسنّة، مثل الاستاذ محمّد علي حسين البكري في رسالة أسماها: «صواعق الملكوت على أباطيل الاستاذ شلتوت»، والشيخ محمّد زاهد الكوثري في رسالة أسماها: «نظرة عابرة»، والصدّيق الغماري في: «عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى (عليه السلام)»، وله أيضا: «إقامة البرهان على نزول عيسى في آخر الزمان»، والكشميري في: «عقيدة الإسلام في حياة عيسى (عليه السلام)»، وغيرهم.
وممّن ردّ على الشيخ شلتوت الشيخ مصطفى صبري شيخ الإسلام للدولة العثمانيّة سابقا في كتابه: «موقف العقل والعلم والعالم من ربّ العالمين وعباده المرسلين»، ولا بأس بنقل كلامه بطوله إيضاحا للموضوع.
قال: وممّا يجدر بالذكر هنا أنّه نشرت مجلّة «الرسالة» في عددها (462) مقالة للشيخ شلتوت، وكيل كلّيّة الشريعة، وعضو هيئة كبار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(518) راجع ج 3 ص 317.

(٣٠٩)

العلماء، يجيب فيها على سؤال ورد إلى مشيخة الأزهر عن مسألة رفع عيسى (عليه السلام) من عبد الكريم خان بالقيادة العامّة الانكليزيّة لجيوش الشرق الأوسط، ولعلّ السائل هندي قاديانيّ المذهب، أراد الحصول على فتوى من الأزهر تؤيّد مذهبه، ولعلّ مشيخة الأزهر ندمت بعض الندامة على ما سبق لها من تنفيذ القرار الصادر عن هيئة كبار العلماء لفصل الطالبين الالبانيّين القاديانيين من الأزهر، إذ حوّلت السؤال إلى الشيخ كاتب المقالة من بين أعضاء الهيئة الّذي ستعرف نزعته القاديانيّة في المسألة المحوّلة إليه (519).
فكان جوابه أنّه (عليه السلام) مات في الأرض ورفعت روحه، ولم يرفع حيّا كما ذهب إليه المفسّرون قبل الشيخ. وإذا لم يصحّ رفعه سقط القول بنزوله في آخر الزمان، كما ورد في الأحاديث الّتي لا يعتمد عليها الشيخ المجيب رغم كثرتها، بحجّة أنّها أخبار آحاد لا تبنى عليها المسائل الاعتقاديّة. فهو كما خطّا المفسّرين في مسألة رفع المسيح، خطّا علماء اصول الدين القائلين بنزوله على أنّه من أشراط الساعة.
والخلاف بين الشيخ شلتوت وبين المفسّرين والمتكلّمين والمحدّثين راجع إلى الخلاف في إنكار المعجزات والاعتراف بها بين المنكرين الّذين منهم الشيخ والمعترفين الّذين منهم أهل التفسير والحديث والكلام، فمن لم يؤمن بالمعجزات فدأبه رفض الأحاديث والآيات الواردة فيها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(519) وكنت قد سمعت عند ما فاوضت هيئة كبار العلماء فيما بينهم للبتّ في أمر الطالبين المذكورين أنّ في الهيئة من يشذّ ويتردّد في الإفتاء بكفر المنكر لكون نبيّنا (صلّى الله عليه وآله) آخر الأنبياء، طعنا منه في حجّيّة الحديث الوارد فيه والإجماع المنعقد عليه، وفي دلالة قوله تعالى: و(ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ ولكِنْ رَسُولَ الله وخاتَمَ النَّبِيِّينَ) عليه القطعيّة... الخ.

(٣١٠)

بالتشكيك في ثبوت الأحاديث مهما كثرت رواتها، والعبث في معنى الآيات، لا لكون الأحاديث غير ثابتة في الحقيقة من طريق نقد الحديث المعروف عند علمائه، أو لكون الآيات غير ظاهرة الدلالة، بل لعقيدة راسخة في قلب الرافض تدفعه إلى إنكار المعجزات وسائر المغيبات أينما ورد ذكرها.
[الجواب منا]
وقد أسلفنا في هذا الباب (الثالث) الكلام عن أصل هذا المرض الّذي يجعل التشكيك في صحّة الأحاديث والعبث في تأويل الآيات سهلا على المنكرين. وعقل الشيخ شلتوت الّذي لا يقبل معجزة الرفع والنزول لعيسى يقبل أنّ المحدّثين كذبوا في سبعين حديثا رووها في نزوله، كما أخطأ المتكلّمون في قبول تلك الأحاديث سندا لعدّة من أشراط الساعة، كما أنّ المفسّرين أخطئوا في فهم معنى الآيتين الدالّتين على الرفع والآيتين الدالّتين على النزول، وإنّما أصاب الشيخ شلتوت في مقابل المخطئين، وصدق في مقابل الكاذبين!
وكنّا كتبنا في صدر هذا الباب شيئا كثيرا يتعلّق بهذه المسألة، وأرجأنا النظر في آيات الرفع والنزول إلى محلّ مناسب، فنقول: ولعدم كون الشيخ في مذهب اليهود والنصارى بشأن سيّدنا المسيح بل في مذهب المادّيّين، لم يعترض على عقيدة المسلمين المأخوذة من قوله تعالى: (وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ ولكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)، وإنّما اعترض على عقيدتهم المستندة إلى قوله تعالى: (بَلْ رَفَعَهُ الله إِلَيْهِ).
وكان هذا الشيخ أنكر من قبل وجود الشيطان كشخص حيّ من شأنه أن يفعل الأفعال المذكورة له في القرآن، ويتّصف بأوصاف متناسبة مع تلك الأفعال، وكان المانع عنده عن وجود الشيطان هو عين المانع عن

(٣١١)

رفع عيسى (عليه السلام) ونزوله، أعني العلم الحديث المادّي الّذي لا يقبل إلّا ما يمكن إثباته بالتجارب الحسّيّة. وهذا المانع عن وقوع معجزات الأنبياء الكونيّة ووجود الشيطان عند المؤمنين بالعلم المادّي أكثر من إيمانهم بكتاب الله وسنّة رسوله، يمنعهم- أيضا- عن القول بنبوّة محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، مستبدلين بها العبقرية. فلا يكون كتابه كتاب الله الّذي لا يجترأ على مسّه بكلّ تأويل، ولا أحاديثه أحاديث رسول الله الّذي لا يجترأ على تكذيبها بكلّ سهولة. فلو لم تكن لإنكار رفع عيسى ونزوله أسباب خفيّة عند الشيخ المنكر، ونظر إلى آيتي الرفع وأحاديث النزول نظر المحايد غير المرتبط بتلك الأسباب الخفيّة، لذهب به نظره إلى التسليم بعقيدة المسلمين في رفع المسيح (عليه السلام) ونزوله في آخر الزمان، ولا رأى مانعا عنهما في آيات التوفّي الّتي تمسّك بها بدلا من الآيات والأحاديث القائمة على الرفع ثمّ النزول.
فكما أنّ قوله تعالى: (بَلْ رَفَعَهُ الله إِلَيْهِ)، وقوله: (ورافِعُكَ إِلَيَ) ظاهران في الرفع الخاصّ الّذي يمتاز به (عليه السلام)، لا رفع الروح العامّ لجميع الأنبياء والسعداء كما ادّعاه الشيخ، فتعقيب قوله تعالى: (وَما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ)، وبقوله: (بَلْ رَفَعَهُ الله إِلَيْهِ) قطعيّ في الرفع الّذي نقول به، لا الرفع الّذي يقول به، إذ لا معنى يليق بالنظم المعجز في القول بأنّهم ما قتلوه بل رفع الله روحه إليه كما فسّر به الشيخ، لعدم معقوليّة التقابل على هذا التفسير بين القتل المنفي والرفع المثبت، بناء على أنّ رفع الروح يمشي مع القتل والصلب، كما يمشي مع عدم القتل والصلب، فلا يكون ما بعد بَلْ ضدّا لما قبله على خلاف ما صرّح به النّحاة من أنّ «بل» بعد النفي أو النهي يجعل ما بعده ضدّا لما

(٣١٢)

قبله. وليس للشيخ المنكر لرفعه حيّا مجال للجواب عن هذا الاعتراض.
أمّا آيات التوفّي الّتي تمسّك بها الشيخ فليس فيها تأييد لمذهبه يعادل في القوّة أو يداني ما في تكميل نفي القتل والصلب بإثبات الرفع من تأييد مذهبنا؛ لأنّ المعنى الأصليّ للتوفّي المفهوم منه مبادرة ليس هو الإماتة كما يظنّ الشيخ، بل معناه أخذ الشيء وقبضه تماما(520)، فهو- أي التوفّي- والاستيفاء في اللغة على معنى واحد، قال في مختار الصحاح:
«واستوفى حقّه وتوفّاه بمعنى»، وإنّما الإماتة الّتي هي أخذ الروح نوع من أنواع التوفّي الّذي يعمّها وغيرها، لكونه بمعنى الأخذ التامّ المطلق. وهذا منشأ غلط الشيخ شلتوت أو مغالطته في تفسير آيات القرآن الّتي يلزم أن يفهم منها رفع عيسى (عليه السلام) حيّا، لأنّه ظنّ أنّ القرآن معترف بموته في الآيات الدالّة على توفّيه، كما ظنّ أنّ التوفّي معناه الإماتة، نظرا إلى أنّ الناس لا يستعملون التوفّي إلّا في هذا المعنى، وغفولا عن معناه الأصليّ العامّ، فكأنّه قال- بناء على ظنه هذا-: لا محلّ لرفعه حيّا بعد إماتته، لكنّه لو راجع كتب اللغة لرأى أنّ الإماتة تكون معنى التوفّي في الدرجة الثانية حتّى ذكر الزمخشري هذا المعنى في «أساس البلاغة» بعد قوله: «ومن المجاز»، والمعنى الأصليّ المتقدّم إلى أذهان العارفين باللغة العربيّة للتوفّي هو كما قلنا: أخذ الشيء تماما، ولا اختصاص له بأخذ الروح.
ولقد فسّر القرآن نفسه معنى التوفّي الّذي يعمّ الإماتة وغيرها، فقال: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) فهذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(520) كما أنّ معنى التوفية جعل الغير آخذا للشيء تماما، قال تعالى: (حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً ووَجَدَ الله عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ)، وقال: (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ).

(٣١٣)

الآية تشتمل على نوعين من أنواع توفّي الأنفس الّذي هو الأخذ الوافي، نوع في حالة الموت، ونوع في حالة النوم، فلو كان ينحصر في الإماتة كان المعنى في الآية: الله يميت الأنفس حين موتها، ويميت الّتي لم تمت في منامها. والأوّل تحصيل للحاصل، والثاني خلاف الواقع، ولزم الأوّل أيضا أن تكون حالة الموت حالة إماتة الروح لا فصلها عن البدن.
ومن هذا يفهم أيضا معنى التوفّي في قوله تعالى: (وهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ)، ومعنى قوله تعالى على هذا التحقيق: (يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ورافِعُكَ إِلَيَّ ومُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) إنّي آخذك من هذا العالم الأرضيّ ورافعك إليّ. وفي قوله: (ومُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بعد قوله: (مُتَوَفِّيكَ) دلالة زائدة على عدم كون معنى توفّيه إماتته؛ لأنّ تطهيره من الّذين كفروا بإماتة عيسى وإبقاء الكافرين لا يكون تطهيرا يشرّفه كما كان في تطهيره منهم برفعه إليه حيّا.
فإذن، كلّ من قوله تعالى: (مُتَوَفِّيكَ ورافِعُكَ إِلَيَّ ومُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بيان لحالة واحدة يفسّر بعضها بعضا، من غير تقدّم أو تأخّر زمانيّ بين هذه الأخبار الثلاثة ل «إنّ» ومن المعلوم عدم دلالة الواو العاطفة على الترتيب، فلو كان المراد من قوله تعالى: (مُتَوَفِّيكَ) مميتك، ومن قوله: رافِعُكَ رافع روحك كما ادّعى الشيخ شلتوت كان القول الثاني مستغنى عنه، لأنّ رفع روح عيسى (عليه السلام) بعد موته إلى ربّه وهو نبيّ جليل من أنبياء الله معلوم لا حاجة إلى ذكره، بل لو حملنا القول الأوّل أعني: (مُتَوَفِّيكَ) على معنى مميتك كان هو أيضا مستغنى عنه، إذ معلوم أنّ كلّ نفس ذائقة الموت، وكلّ نفس فاللّه يميتها، ومن من الناس أو الأنبياء قال الله له: إنّي مميتك؟ فهل لا يفكر فيه الشيخ

(٣١٤)

الّذي يفهم من قوله تعالى: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) أنّه مميته؟ إلّا أن يكون المعنى: أنّ الله مميته لا أعداؤه، فالمراد: نفي كونهم يقتلونه، وفيه: انّ كون الله مميته لا ينافي أن يقتلوه؛ لأنّ الله هو مميت كلّ من جاء أجله حتّى المقتولين، ولذا حمل كثير من المفسّرين قوله: (مُتَوَفِّيكَ) على معنى: أنّ الله مستوفي أجله (عليه السلام)، ومؤخّره إلى أجله المسمّى فلا يظفر اعداؤه بقتله.
وعندي في هذا التفسير أيضا أنّه يرجع إلى حمل «التوفّي» على معنى الاستيفاء كما حملنا نحن لا على معنى الإماتة، لكنّ التوفّي والاستيفاء معناه: استكمال أخذ الشيء، لا استكمال إعطائه، فليس الله تعالى مستوفي أجل عيسى (عليه السلام)، بل المستوفي هو عيسى نفسه، واللّه الموفي، أي معطيه تمام أجله.
فقد التبس التوفّي على أصحاب هذا التفسير- والعجب أنّ فيهم الزمخشري- بالتوفية الّتي تتعدّى إلى مفعولين، وهو خطأ لغويّ ظاهر.
وفيه أيضا تقدير مضاف بين التوفّي وضمير الخطاب، حيث قال الله: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) أي مستوفيك لا مستوفي أجلك، فزيادة «الأجل» تكون زيادة على النصّ، كما أنّ زيادة الروح في آيتي رفع عيسى (عليه السلام) نفسه زيادة على النصّ من جانب الشيخ شلتوت؛ لإرهاق قول الله على خلاف ظاهر المعنى المنصوص.
وهذه الزيادة إن كانت خلاف الظاهر بين الرافع وضمير الخطاب في قوله: (ورافِعُكَ) بأن يكون المعنى: ورافع روحك، فهي في قوله: (بَلْ رَفَعَهُ الله إِلَيْهِ) أشدّ من خلاف الظاهر، أي غير جائز أصلا؛ لكونها مفسدة لما يقتضيه «بل»، من كون ما بعده وهو «رفعه الله

(٣١٥)

إليه» ضدّ ما قبله وهو قوله «ما قتلوه»، بناء على أنّ رفع الروح يلتئم كما قلنا من قبل مع حالة القتل أيضا الّذي اعتني بنفيه، فضلا عن أنّ هذا الرفع- أي رفع الروح- ليس بأمر يستحقّ الذكر في شأنه (عليه السلام).
بل إنّ قوله: (مُتَوَفِّيكَ) أيضا ممّا لا وجه لذكره إذا كان المعنى:
مميتك، ففي أيّ زمان تقع هذه الإماتة؟ فإن وقعت حالا، أي في زمان مكر أعدائه به المذكور قبيل هذه الآية، كان هذا الكلام المتوقّع منه طمأنته (عليه السلام) على حياته أجنبيّا عن الصدد، بل مباينا له؛ لأنّ فيه اعترافا ضمنيّا لنفاذ مكرهم بأن يكونوا قاتليه واللّه قابض روحه، فهل فضيلة الشيخ شلتوت ينكر أنّهم ما قتلوه كما ينكر أنّ الله رفعه إلى السماء حيّا؟
وإن وقعت إماتته في المستقبل البعيد فليس في الآية تصريح به مع أنّ مقام الطمأنة يقتضي هذا التصريح، كما أنّه يقتضي كون الرفع رفعه حيّا، فحيث لا تصريح بكون إماتته في المستقبل البعيد، فقوله: «إنّي متوفّيك» على معنى: إنّي مميتك، أجنبيّ عن المقام، حتّى إنّ توجيه العالم الكبير حمدي الصغير صاحب التفسير الكبير الجديد التركي، بكون ذكر إماتته ردّا على عقيدة النصارى في تأليه المسيح، لا يجدي في دفع هذا الاعتراض؛ لكون ذلك الردّ أيضا أجنبيّا عن المقام الّذي هو مقام الطمأنة والّذي ينافيه كلّ ما ينافيها. فالواجب الّذي لم يحسّ بوجوبه أحد ممّن تكلّم قبلي، واطّلعت عليه في تفسير قوله تعالى: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) إحساسي به، حمل (مُتَوَفِّيكَ) على معنى: آخذك تماما، السالم عن جميع الاعتراضات والتكلّفات.
وقس عليه التوفّي في آية المائدة، وهي قوله تعالى: (وإِذْ قالَ الله يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ الله قالَ

(٣١٦)

سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي ولا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا الله رَبِّي ورَبَّكُمْ وكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ)(521)، ومعنى قوله: «فلمّا توفيتني»: فلمّا أخذتني من بينهم، جعلت صلتي بهم وبعالمهم الأرضيّ منتهية.
فالمراد «توفّيه» أي أخذه بالرفع لا بالإماتة، وقد علمت أنّ التوفّي في اللغة وفي عرف القرآن لا يختصّ بالأخذ من النوع الثاني، أي أخذ الروح.
هذا تفصيل ما ورد في القرآن متعلّقا برفع عيسى (عليه السلام)، وفيه فضلا عن الآيات المذكورة آيتان يفهم منهما نزوله في آخر الزمان، فيكون فيهما- أيضا- دليلان على السابق، كما كانت في أحاديث النزول أدلّة، وليس الأمر كما توهّم الشيخ من أنّ حادثة الرفع لم يقم عليها دليل في القرآن، ولا محلّ لنزوله بعد سقوط رفعه...، ليس الأمر كما توهّم، بل كلّ من آيتي الرفع وقد سبق ذكرهما، وآيتي النزول وهما قوله تعالى في سورة النساء: (وإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)(522)، وقوله في سورة الزخرف: (وإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ)(523) يعضد بعضهما بعضا، ولا يستطيع الشيخ المنكر لنزوله (عليه السلام) في آخر الزمان أن يجد تأويلا لآيتي النزول المذكورتين من دون أن يذهب إلى تكلّفات بعيدة، كما لا يستطيع أن يجد جوابا لما ذكرنا في آيتي الرفع من القرائن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(521) المائدة: 116 و117.
(522) النساء: 159.
(523) الزخرف: 61.

(٣١٧)

الّتي لا تتمشّى مع مذهبه الّذي هو رفع روحه فقط.
فظهر ممّا سبق جميعا أن رفع عيسى (عليه السلام) بالمعنى الّذي يعتقده المسلمون مذكور في القرآن خمس مرّات: صراحة في آيتي الرفع، واقتضاء في آيتي النزول، وتلميحا في آية تطهيره من الّذين كفروا.
ولك أن تضمّ إليها قوله تعالى عنه (عليه السلام): (ومِنَ الْمُقَرَّبِينَ)(524)، ففيه إشارة إلى رفعه إلى محلّ الملائكة المقرّبين، بل في قوله أيضا: (وَجِيهاً فِي الدُّنْيا والْآخِرَةِ)(525) لأنّ الوجيه بمعنى ذي الجاه، ولا أدلّ على كونه ذا جاه في الدنيا من رفعه إلى السماء، وقوله عن أعدائه: (ومَكَرُوا ومَكَرَ الله واللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ)(526)، فيبلغ أدلّة القرآن على ثمانية.
[استخراج الشيخ شلتوت من آية المكر دليلا ضدّ الرفع]
ومن العجائب أنّ فضيلة الشيخ شلتوت عاكس الواقع مرّة اخرى، فحاول أن يستخرج من آية المكر دليلا ضدّ الرفع منكرا لأن يكون في رفعه إلى السماء حيّا مكر من الله بأعدائه الماكرين، وعنده أنّ مكر الله بهم المتغلّب على مكرهم بنبيّه حاصل في إماتته ورفع روحه إليه، لا في رفعه حيّا، فكأنّ الله نفّذ ما أراد أعداؤه أن يفعلوه به، فقتله قبل أن يقتلوه، أو نفّذ قتلهم بإماتته، فكان الله إذا مساعدهم لا ماكرا بهم.
وانظر بعد هذا التوجيه بالنسبة إلى مكره بهم في رفع نبيّه إليه حيّا، وجعل مسعاتهم لقتله في خياب وهباب... هذا مع أنّ تمام مكر الله بهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(524) آل عمران: 45.
(525) آل عمران: 45.
(526) آل عمران: 45.

(٣١٨)

مذكور في قوله: (ولكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)(527) بعد قوله: (وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ)(528) الّذي تغاضى عنه الشيخ بالمرّة.
وقول القرآن عن سيّدنا المسيح: (وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ، بَلْ رَفَعَهُ الله إِلَيْهِ)(529) لو لم يفهم منه رفع المسيح حيّا وإنّما رفع روحه، كما زعمه الشيخ وأصرّ على زعمه، فإذن يمكن أن يقول قائل: إنّ القرآن لا ينفي قتل المسيح وصلبه في صورة قاطعة؛ لأنّ رفع روحه إلى الله لا ينافي كونه مقتولا ومصلوبا بأيدي أعدائه، وإنّما يكون هذا القول بأنّهم ما قتلوه وما صلبوه من قبيل الهزل، كما لو قتل أحد إنسانا ثمّ قال في المحكمة: لم أقتله ولم أقبض روحه وإنّما الله قبض روحه! فلو أنّ الشيخ صاحب هذا التأويل الّذي يأمره به هواه لإنكار معجزة الرفع لم يغب عنه أنّ القرآن كلام الله، لصانه عن أن لا يكون لنفيه القتل والصلب عن المسيح إلّا قيمة هزليّة!!
أمّا الكلام عن المانع الحقيقيّ عند كتّاب العصر الحديث وأتباعهم من علماء الأزهر عن الاعتراف بمعجزات الأنبياء (عليهم السلام) الكونيّة، وغيرها ممّا يخالف سنّة الكون، كرفع عيسى ونزوله، ووجود الشيطان فيضطرّهم بسبب هذه المخالفة إلى تكذيب الأحاديث الواردة بشأنه، وتأويل الآيات، مهما كانوا ظالمين لأئمّة الحديث في التكذيب، ومبتعدين عن منطوق الآيات في التأويل، بل ظالمين أحيانا في تأويل الآيات أيضا كقول الشيخ شلتوت في مسألة وجود الشيطان: إنّ القرآن جار فيه عقيدة العرب الجاهلين، وقول الاستاذ فريد وجدي بك في آيات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(527) النساء: 157.
(528) النساء: 157.
(529) النساء: 158.

(٣١٩)

المعجزات والبعث بعد الموت: إنّها آيات متشابهة غير مفهومة المعاني!
أمّا الكلام على هذا المانع فقد وفّيت حقّه في أوائل هذا الباب، كما لم آل فيما سبقه من الكتاب جهدا لحلّ شبهة العصريّين من الكتّاب والعلماء الّذين لا يؤمنون بالغيب(530).
[رأي الشيخ البلاغي في معنى التوفّي]
وإذ وقفت على ما ذكره هذا الشيخ من أهل السنّة فاسمع إلى ما ذكره معاصره من الشيعة أيضا في ذلك، وهو الشيخ المجاهد المدافع عن حريم الإسلام والتوحيد والقرآن الشيخ البلاغي في مقدّمة تفسيره القيّم «آلاء الرحمن في تفسير القرآن» قال: ومن شواهد ما ذكرناه هو الاضطراب في معنى التوفّي، وما استعمل في لفظه المتكرّر في القرآن الكريم، فاللغويّون جعلوا الإماتة في معنى التوفّي، والكثير من المفسّرين في تفسير قوله تعالى في سورة آل عمران/ 48: (يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ورافِعُكَ إِلَيَ) قالوا: أي مميتك، وقال بعض: مميتك حتف أنفك، وقال بعض: مميتك في وقتك بعد النزول من السماء، وكأنّهم لم ينعموا الالتفات إلى مادّة «التوفّي» واشتقاقه، ومحاورات القرآن الكريم، والقدر الجامع بينها، وإلى استقامة التفسير لهذه الآية الكريمة، واعتقاد المسلمين بأنّ عيسى لم يمت ولم يقتل قبل الرفع إلى السماء كما صرّح به القرآن، وإلى أنّ القرآن يذكر فيما مضى قبل نزوله أنّ المسيح قال للّه: (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي)، ومن كلّ ذلك لم يفطنوا إلى أنّ معنى التوفّي والقدر الجامع المستقيم في محاورة القرآن فيه وفي مشتقّاته، إنّما هو الأخذ والاستيفاء، وهو يتحقّق بالإماتة، وبالنوم، وبالأخذ من الأرض وعالم البشر إلى عالم السماء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(530) موقف العقل والعلم والعالم من ربّ العالمين وعباده المرسلين: ج 4 ص 174- 182.

(٣٢٠)

وأنّ محاورة القرآن الكريم بنفسها كافية في بيان ذلك، كما في قوله تعالى في سورة الزمر/ 43: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ ويُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى). ألا ترى أنّه لا يستقيم الكلام إذا قيل: الله يميت الأنفس حين موتها، وكيف يصحّ أنّ الّتي لم تمت يميتها في منامها؟
وكما في قوله تعالى في سورة الأنعام/ 60: (وهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) فإنّ توفّي الناس بالليل إنّما يكون بأخذهم بالنوم ثمّ يبعثهم الله باليقظة في النهار ليقضوا بذلك آجالهم المسمّاة، ثمّ إلى الله مرجعهم بالموت والمعاد.
وكما في قوله تعالى في سورة النساء/ 19: (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) فإنّه لا يستقيم الكلام إذا قيل: يميتهنّ الموت.
وحاصل الكلام: أنّ معنى التوفّي في موارد استعماله في القرآن وغيره إنّما هو أخذ الشيء وافيا، أي تامّا، كما يقال: درهم واف. وهذا المعنى للتوفّي ذكره اللغويّون في معاجمهم، وقالوا: إنّ «توفّاه» و«استوفاه» بمعنى واحد، وأنشدوا له قول الشاعر:

إنّ بني الأدرد ليسوا الأحد * * * و لا توفّاهم قريش في العدد

أي: لا تتوفّاهم وتأخذهم تماما.
قلت: لكنّ بين الاستيفاء والتوفّي فرقا واضحا من جهة أثر الاشتقاق، فإنّ الاستيفاء استفعال كالاستخراج، يشير إلى طلب الأخذ واستدعائه ومعالجته، والتوفّي يشير إلى القدرة على الأخذ بدون حاجة إلى استدعاء وطلب ومعالجة، ولذا اختصّ القرآن الكريم بلفظ «التوفّي»،

(٣٢١)

وعدل عن «الأخذ»؛ لعدم دلالته على التمام والوفاء، كالتوفّي الدالّ على تمام القدرة على نحو المعنى في (إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ).
ولك العبرة فيما قلناه بقوله تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها)، فإنّك إن جعلت قوله تعالى: (وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ) معطوفا على (الْأَنْفُسَ) لم تقدر أن تقول: إنّ معنى يتوفّى: يميت.
وإن قلت: إنّ التوفّي في المنام إماتة مجازيّة، قلنا: كيف يكون معنى اللفظ الواحد معنيين: معنى حقيقيّا ومعنى مجازيّا، ويتعلّق باعتبار كلّ معنى بمفعول، ويعطف أحد المفعولين على الآخر مع اختلاف المعنى العامل به؟ وهل يكون اللفظ الواحد مرآة لكلّ من المعنيين المستقلّين؟
كلّا، لا يكون.
وإن جعلت قوله تعالى: والَّتِي لَمْ تَمُتْ مفعولا لكلمة «يتوفّى» مقدّرة يدلّ عليها قوله تعالى: (يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ)، قلنا: إنّ دلالة الموجود على المحذوف إنّما هي بمعناه، كما لا يخفى على من له معرفة بمحاورات الكلام في كلّ لغة، فكيف يجعل التوفّي بمعنى الموت دليلا على توفّ محذوف هو بمعنى آخر؟!
إذن، فليس إلّا أنّ «التوفّي» بمعنى واحد وهو الأخذ تماما ووافيا، إمّا من عالم الحياة، وإمّا من عالم اليقظة، وإمّا من عالم الأرض والاختلاط بالبشر إلى العالم السماوي، كتوفّي المسيح وأخذه. ومن الغريب ما قاله بعض من أنّ رفع المسيح إلى السماء غير مشتمل على أخذ الشيء تامّا، انتهى.
وليت شعري ما ذا بقي من المسيح في الأرض؟ وما ذا تعاصى منه

(٣٢٢)

على قدرة الله في أخذه، فلا يكون رفعه مشتملا على أخذ الشيء تامّا؟
هذا ولا يخفى أنّ القرآن ناطق بأنّ المسيح ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم، ورفعه الله إليه، وأنّ عقيدة المسلمين مستمرّة كإجماعهم على أنّه لم يمت، بل رفع إلى السماء إلى أن ينزل في آخر الزمان، فلأجل ذلك التجأ بعض من يفسّر التوفّي بالإماتة إلى أن يفسّر قوله تعالى: (يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) أي مميتك في وقتك بعد النزول من السماء، ولكنّي لا أدري ما ذا يصنع بحكاية القرآن لما سبق على نزوله في قوله في أواخر سورة المائدة/ 116 و117: (وإِذْ قالَ الله يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ الله قالَ سُبْحانَكَ ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ... فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) فهل يسوغ أن تفسّر هذه الآية بالوفاة بعد النزول؟ وهل يصحّ القياس في ذلك على قوله تعالى: (ونُفِخَ فِي الصُّورِ)؟ وهل يخفى أنّ مقتضى كلام المسيح في الآيتين هو أنّه بعد أن توفّاه الله، وانقطعت تبليغاته في دعوة رسالته، وكونه شهيدا على امّته، تمحّص الأمر ورجع إلى أنّ الله هو الرقيب عليهم؟ وأنّ سوق الكلام واتّساقه ليدلّ على اتّصال الحالين، وأنّ الرقيب كيفما فسّرته إنّما يكون رقيبا في وجود تلك الامّة في الدنيا دار التكليف، لا الآخرة الّتي هي دار جزاء وانتقام. ولا تصحّ الطفرة في المقام من أيّام دعوة المسيح لامّته في رسالته، وكونه شهيدا عليهم إلى ما بعد نزوله من السماء في آخر الزمان، حيث يكون وزيرا في الدعوة الإسلاميّة لا صاحب الدعوة.
ومن الواضح أنّ المراد في الآيتين من الناس الّذين جرى الكلام في شأنهم إنّما هم الّذين كانوا أمّة المسيح، وفي عصر رسالته، ونوبة دعوته وتبليغه...، وأمّا صرف وجهة الكلام إلى الناس الّذين هم في أيّام نزوله

(٣٢٣)

من السماء فما هو إلّا مجازفة، فيها ما فيها، وتحريف للكلم.
وأمّا قوله تعالى: (ونُفِخَ فِي الصُّورِ) فلم يكن إخبارا ابتدائيا، يكون وقوع الفعل الماضي باعتبار حال المتكلّم كما في الآيتين، بل جاء في سياق قوله تعالى: (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ) في حوادث زمان البعث والقيامة ومقدّماتها، فهو في سياقه ناظر إلى ذلك الحين، وسياق الكلام يجعله بدلالته في قوّة قوله: «ونفخ- حينئذ- في الصّور» فهو على حقيقة الفعل الماضي، وباعتبار ذلك الحين كما في قوله: (وجِيء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ)(531).
هذا وبعض المفسّرين لقوله تعالى: (يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) قال: أي مميتك حتف أنفك. وأقول: إن أراد الإماتة بعد نزول المسيح من السماء شارك ما سبق من التفسير وورد الاعتراض عليه، وإن أراد إماتته قبل ذلك وقبل نزول القرآن خالف المعروف من عقيدة المسلمين وإجماعهم في أجيالهم، ويرد عليه السؤال أيضا بأنّه من أين جاء بالإماتة حتف أنفه؟ وما ذا يصنع بما جاء في القرآن كثيرا ممّا ينافي اختصاص التوفّي بالموت حتف الأنف؟ بل المراد منه الأخذ بالموت وإن كان بالقتل، كقوله في سورة الحجّ: 5، والمؤمن: 67 في أطوار خلق الإنسان من التراب والنطفة إلى الهرم: (ومِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى ومِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) لتكونوا شيوخا (ومِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ) وفي سورة البقرة: 234 و241 (والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ويَذَرُونَ أَزْواجاً)، ويونس: 104 (ولكِنْ أَعْبُدُ الله الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ)، والنحل: 70 (واللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ومِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(531) الفجر: 23.

(٣٢٤)

والسجدة: 11 (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ)، والأعراف: 37 (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ)، والنساء: 97 (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) والنحل: 32 (تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ)، والأنعام: 61 (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا)، ومحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم): 27 (فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ)، والأنفال: 50 (ولَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ)، والزمر: 43 (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها)، وإنّك لا تكاد تجد في القرآن المجيد لفظ «التوفّي» مستعملا فيما يراد منه الإماتة حتف الأنف.
إذن، فمن أين جيء بذلك في قوله تعالى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ؟ نعم ابتلي لفظ «التوفّي» ومشتقّاته بالأخذ بمعناه يمنة ويسرة، حتّى إنّ العامّة حسبوها مرادفة للموت، حتّى إنّهم يقولون في الّذي مات: توفّى بفتح التاء والواو والفاء بالبناء للفاعل، ويقولون في الميّت: متوفّي بكسر الفاء وصيغة اسم الفاعل، بل يحكى: أنّ أمير المؤمنين عليّا (عليه السلام) كان يمشي خلف جنازة في الكوفة فسمع رجلا يسأل عن الميّت ويقول: من المتوفّي؟- بكسر الفاء-.
[ما نسب إلى ابن عبّاس في معنى التوفي]
وأمّا ما نسب إلى ابن عبّاس من أنّ معنى قوله تعالى: «يا عيسى إنّي متوفّيك»، إنّي مميتك، فما أراه إلّا كما نسب إلى ابن عبّاس في مسائل نافع بن الأزرق، كما ذكر في الفصل الثاني من النوع السادس والثلاثين من اتقان السيوطي من أنّ. نافعا سأله عن قول الله: (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)(532) أي بما يرجع إلى معنى: تبهظهم (533) وتثقل عليهم، كما قال عمرو بن كلثوم في معلّقته:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(532) القصص: 76.
(533) أبهظه الحمل أو الأمر: أثقله وسبّب له مشقّة.

(٣٢٥)

ومتني لدنة سمقت وطالت * * * روادفها تنوء بما ولينا

وكما أنشده اللغويّون:

إلّا عصا أرذن طالت برايتها * * * تنوء ضربتها بالكفّ والعضد

فذكر: أنّ ابن عبّاس قال في الجواب: لتثقل، أو ما سمعت قول الشاعر:

تمشي فتثقلها عجيزتها * * * مشي الضعيف ينوء بالوسق

أي: ينهض بالوسق بتكلّف وجهد، على عكس المعنى المذكور في القرآن.
أفهل ترى ابن عبّاس يفسّر «تنوء» الّتي في الآية بغير معناها، كما ثار من هذا الاستشهاد المنسوب إليه اعتراض النصارى: جاء بلفظة «لتنوء» في غير محلّها؟
وهل ترى ابن عبّاس لا يعرف أنّ معنى «ينوء بالوسق» ليس «يثقل» بل «ينهض به بتكلّف»؟
وهل ترى ابن عبّاس لا يدري ببيت المعلّقة ليستشهد به استشهادا صحيحا مطابقا منتظما؟ كيف وإنّ المعلّقات كانت للشعر في ذلك العصر كبيت القصيد، ولكن «حنّ قدح ليس منها»(534).
وقد خرجنا عمّا نؤثره من الاختصار، ولكنّا ما خرجنا عن المقصود الأصلي من الكلام في تفسير القرآن الكريم، بل سارعنا إلى شيء من الخير، واللّه المسدّد الموفّق (535).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(534) القدح: أحد قداح الميسر، وإذا كان أحد القداح من غير جوهر أخواته ثمّ أجاله المفيض خرج له صوت يخالف أصواتها فيعرف به أنّه ليس من جملة القداح. يضرب- هذا المثل- للرجل يفتخر بقبيلة ليس هو منها، أو يمتدح بما لا يوجد فيه، انظر مجمع الامثال: ج 1 ص 200.
(535) آلاء الرحمن في تفسير القرآن: ص 33- 37.

(٣٢٦)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا أبي القاسم محمّد وآله الطاهرين، سيّما مولانا بقيّة الله في الأرضين.
وبعد، فقد نشر من بعض الأعلام المؤلّفين المعاصرين- أدام الله أيامه، وسدّد خطاه- كتابا سماه «الأخبار الدخيلة»، ذكر فيه الروايات التي فيها- بزعمه- خلل من تحريف أو وضع، وقد ساعدني التوفيق عند ما كنت اجدّد النظر في الأخبار الواردة في مولانا الإمام المهدي أرواح العالمين له الفداء، لمراجعة ما فيه حول بعض هذه الأحاديث الشريفة، فرأيت أنّه قد عدّ من الموضوعات طائفة ممّا رواه شيخنا الصدوق- قدّس سرّه- في كتابه القيّم «كمال الدين»، وشيخنا الطوسي- أعلى الله درجته- في كتابه «الغيبة» وغيرهما، ووجدت أنّه مع إصراره على إثبات وضعها اعتمد على أدلّة ضعيفة وشواهد واهية.
ثمّ رأيت أنّ هذه التشكيكات في الأحاديث ربّما تعدّ عند البعض نوعا من التنوّر والثقافة وتقع في نفوسهم العليلة، فالمتنوّر وصاحب

(٣٢٩)

الثقافة عندهم من كان جريئا على نقد الأحاديث وردّها، أو تأويل الظواهر، حتّى ظواهر الكتاب بما يقبله المتأثّرون بآراء المادّيين وغير المؤمنين بعالم الغيب، وتأثيره في عالم المادة والشهادة.
وهذا الباب، أي باب التشكيك في الأحاديث سندا أو متنا سيّما متونها البعيدة عن الأذهان المتعارفة، باب افتتن به كثير من الشباب، ومن الكتّاب الذين يرون أنّ من الثقافة التشكيك في الأحاديث، أو تأويل الظواهر الدالّة على الخوارق، إلّا أنّه لا ريب أنّ التسرّع في الحكم القطعي بالوضع والجعل على الأحاديث سيّما بشواهد عليلة لا يتوقّع صدوره عن العلماء الحاذقين، والعارفين بموازين الردّ والحكم بالوضع والتحريف والجرح وغيرها، ولو كان أحد مبالغا في ذلك، ويرى أنّه لا بدّ منه، فالاحتياط يقتضي أن يذكره بعنوان الاحتمال.
فلذلك رأيت أنّ الواجب إبداء ما في تشكيكات هذا المؤلّف- دام ظلّه- حول هذه الأحاديث حتّى لا توجب سوء ظنّ بعض المغترّين بالتشكيكات بالمحدّثين الأقدمين، قدّس الله أنفسهم الزكية.
وخلاصة كلامنا معه- دام بقاه-: أنّ هذه الأحاديث التي ذكرت في كتابه لو كان فيها بعض العلل- على اصطلاحات بعض الرجاليّين- فإنّه يجبر بما يجبر مثله أيضا، على ما بنوا عليه من الاعتماد على الأحاديث.
مضافا إلى أنّ كثيرا ممّا ذكره من العلل واضح الفساد، لا يعتني به العارف بأحوال الأحاديث، وما عرض لبعض الروايات بواسطة النقل بالمضمون، أو وقوع الاضطراب في المتن لبعض الجهات، لا يوجب ترك العمل والاعتناء به رأسا، وعدم الاستناد إلى ما يكون فيه مصونا من

(٣٣٠)

الاضطراب، ولو لا ذلك لكان باب التشكيك مفتوحا حتّى لا يبقى معه مجال للاحتجاج على جلّ ما يحتجّ به العقلاء في الامور النقلية التي لا طريق لإثباتها إلّا النقل، ولضاع بذلك أكثر العلوم النقلية الإسلامية وغيرها.
ولا أظنّك أن تتوهّم أنّا ننكر ما هو المسلّم عند الكلّ من وجود الأحاديث الموضوعة والمحرّفة، ونريد الحكم بصحّة جميع ما في الكتب من الأحاديث، بل غرضنا:
أولا: توضيح أنّ هذه الأخبار ليست بهذه المرتبة من الضعف الذي اهتمّ لتبيينه هذا المؤلّف، لو لم نقل بعدم وجود الضعف في بعضها.
وثانيا: أنّ التهجّم على مثل كتاب «كمال الدين» و«غيبة الطوسي» مع أنّ مؤلّفيها من حذّاق فنّ الحديث وأكابر العارفين بالأحاديث وعللها، والإكثار من ذكر العلل في رواياتها، والقول بأنّ هذه الكتب خلط مؤلّفوها الصحيح بالسقيم والغث بالسمين، لا فائدة فيه غير زرع سوء الظنّ في نفوس بعض الجهّال، وذلك ممّا لا ينبغي أن يصدر من مثله- سلّمه الله-. نعم لو كان في بعض الأحاديث ما لا يوافق الاصول الأصلية الاعتقادية، كان التعرّض لعلله وإطالة الكلام فيها والاشتغال بها واجبا.
حديث سعد بن عبد الله
إذا عرفت ذلك، فاعلم أنّ من جملة ما عدّه في الأحاديث الموضوعة في الفصل الأول من الباب الثاني من ذلك الكتاب (الأخبار الدخيلة) ما رواه شيخنا الصدوق- قدّس سرّه- في «كمال الدين» عن

(٣٣١)

محمّد بن علي بن حاتم النوفلي، عن أحمد بن عيسى الوشّاء، عن أحمد بن طاهر القمّي، عن محمّد بن بحر بن سهل الشيباني، عن أحمد بن مسرور، عن سعد ابن عبد الله القمّي قال: كنت امرأ لهجا بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ودقائقها، كلفا باستظهار ما يصحّ لي من حقائقها، مغرما بحفظ مشتبهها ومستغلقها، شحيحا على ما أظفر به من معضلاتها ومشكلاتها، متعصّبا لمذهب الإمامية، راغبا عن الأمن والسلامة في انتظار التنازع والتخاصم، والتعدّي إلى التباغض والتشاتم، معيبا للفرق ذوي الخلاف، كاشفا عن مثالب أئمتهم، هتّاكا لحجب قادتهم، إلى أن بليت بأشدّ النواصب منازعة، وأطولهم مخاصمة، وأكثرهم جدلا، وأشنعهم سؤالا، وأثبتهم على الباطل قدما.
الى آخر ما نقلناه في المجلد الثاني من المنتخب الاثر تحت الرقم 809.
قال صاحب كتاب الأخبار الدخيلة- دام بقاه- تعليقا على هذا الحديث: كما أنّ متنه يشهد بعدم صحّته، كذلك سنده، فإنّ الصدوق إنّما يروي عن سعد بتوسط أبيه أو شيخه ابن الوليد، كما يعلم من مشيخة فقيهه، والخبر تضمن أربع وسائط منكرين، ومن الغريب أنّ صاحب الكتاب المعروف بالدلائل رواه بثلاث وسائط مع أنّه يروي كالشيخ عن الصدوق بواسطة...(536).
[الكلام في سنده ومتنه]
وينبغي الكلام أوّلا في سنده، ثمّ في متنه، فنقول:
أمّا محمّد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني
فهو من مشايخ الصدوق، روى عنه وكنّاه بأبي بكر مترضّيا عليه في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(536) الأخبار الدخيلة: ج 1 ص 104.

(٣٣٢)

الجزء الثاني الباب 43 من «كمال الدين» في ذكر من شاهد القائم (عليه السلام) ورآه وكلّمه الحديث السادس، فهو مرضيّ موثوق به، وفي هذا الجزء الباب 41، الحديث الأول (537).
وأمّا أحمد بن عيسى الوشّاء البغدادي أبو العباس، وشيخه أحمد ابن طاهر القمّي، فأسند إليهما الصدوق أيضا في «كمال الدين» في الجزء الثاني باب 41 باب ما روي في نرجس أمّ القائم (عليهما السلام) واسمها مليكة بنت يشوعا بن قيصر الملك (538)، والظاهر معرفته بحالهما واعتماده عليهما، وذلك لأنّه لم يرو في هذا الباب الذي هو من الأبواب المهمّة من كتابه إلّا حديثا واحدا، وهو ما رواه عن شيخه محمد بن علي بن حاتم النوفلي، عن أبي العباس أحمد بن عيسى الوشّاء البغدادي، عن أحمد ابن طاهر، بل يظهر من ذلك كمال وثاقتهما عنده، واعتماده على صدقهما وأمانتهما، ويظهر ممّا عنون به الباب أيضا اعتماده واستدلاله على ما كان مشهورا في عصره من اسم امّه (عليه السلام) ونسبها بهذا الحديث، فالرجلان كانا معلومي الحال عنده بالصدق والأمانة، وإلّا فلا ينبغي لمثله أن يعتمد على رواية غير موثّقة، لا يعرف رواتها بالوثاقة في مثل هذا الأمر المعتنى به عند الخاصّ والعامّ، فالمظنون بل المقطوع اطمئنانه بصحّة الرواية وصدق رواتها، ولو تنزّلنا عن ذلك فلا محيص عن القول باطمئنانه بصدورها بواسطة بعض القرائن والأمارات المعتبرة التي يجبر بها ضعف الراوي، ويقطع بها بصحّتها، وإلّا فيسأل: ما فائدة عقد باب في كتاب مثل «كمال الدين» للاحتجاج برواية واحدة لا يحتجّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(537) راجع كمال الدين: ج 2 ص 417 و437.
(538) كمال الدين: ج 2 ص 417.

(٣٣٣)

بها ولا يعتمد عليها مؤلّف الكتاب لجهله بأحوال رجالها؟ وما معنى عنوان الباب بمضمونها؟ وكيف يقبل صدور ذلك من الصدوق قدّس سرّه؟ أ لم يصنّف كتابه «كمال الدين» لرفع الحيرة والشبهة والاستدلال على وجود الحجة(539)؟ فهل هذه الرواية إذا كان مؤلّف الكتاب لا يعتمد عليها تزيد الشبهة والحيرة أو ترفعها؟
وهكذا نقول في أحمد بن مسرور، وأنّه من المستبعد أن لا يعرف مثل الصدوق تلامذة مثل سعد بن عبد الله.
لا يقال: لما ذا يستبعد ذلك، والمستبعد أن لا يعرف كلّهم. وبعبارة اخرى: المستبعد أن يجهل الكلّ دون أن لا يعرف الكلّ، فإنّه يجوز أن يعرف الكلّ إذا قلّت تلامذته، كما يجوز أن لا يعرف الجميع إذا كثرت تلامذته.
فإنّه يقال: نعم، يجوز ذلك عقلا كما يجوز عرفا باللحاظ الابتدائي، إلّا أنّ وجه الاستبعاد اهتمامهم بمعرفة الشيوخ وتلامذتهم واستقصاؤهم لذلك، وحضورهم في الحوزات الحديثية التي كان أهلها يعرفون الشيوخ وتلامذتهم، سيّما إذا كانوا من معاصريهم وقريبي العهد بعصرهم، وتركهم حديث من لا معرفة لهم بحاله وتتلمذه عند من يروي عنه، وكانوا مستقصين لهذه الامور بحيث إذا اسند حديث إلى من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(539) قال الصدوق- رحمه الله- في مقدّمة كمال الدين: فبينا هو(أي الشيخ نجم الدين أبو سعيد محمّد بن الحسن) يحدّثني ذات يوم، إذ ذكر لي عن رجل قد لقيه ببخارا من كبار الفلاسفة والمنطقيّين كلاما في القائم (عليه السلام) قد حيّره وشكّكه في أمره، لطول غيبته وانقطاع أخباره، فذكرت له فصولا في إثبات كونه (عليه السلام)، ورويت له أخبارا في غيبته عن النبي والأئمّة سكنت إليها نفسه، وزال بها عن قلبه ما كان دخل عليه من الشكّ والارتياب والشبهة وتلقّى ما سمعه من الآثار الصحيحة بالسمع والطاعة والقبول والتسليم، وسألني أن اصنّف له في هذا المعنى كتابا فأجبته إلى ملتمسه...

(٣٣٤)

لا يعرفونه من تلامذة شيوخهم المعروفين سيّما معاصريهم يتركونه، وهذا مثل من كان بينه وبين رجل صداقة كاملة في مدة طويلة، يعرف عادة أبناءه وأرقابه وأصدقاءه، فيأتيه رجل مجهول الحال لم يره في هذه المدة عند صديقه، ولم يخبره أحد به، يدّعي أنّه ابن صديقه أو تلميذه الملتزم مجلس درسه، وإملائه للحديث، ويخبر عنه بامور لم يسمع به من صديقه، فلا شكّ أنّه لا يقبل ادّعاءه ويتّهمه بالكذب، ولا ينقل ما يخبر عنه سيّما محتجّا به من دون إشارة إلى أنّه في طول معاشرته وحضوره مجالس هذا الصديق لم يطّلع به، ولم يره في مجالسه وإلّا يكون مدلّسا. ومقام مثل الصدوق أرفع وأنبل من أن يعمل هكذا في كتاب كتبه لرفع الحيرة، وإزالة الشبهة، وامتثالا لأمر ولي الله روحي له الفداء(540)، فيزيد بنقله الحيرة ويقوي الشبهة.
وخلاصة الكلام: لنا ادّعاء القطع بأنّ الصدوق- رحمه الله- كان عارفا بحال هؤلاء الرجال وصدقهم، وإن اهمل ذكرهم فيما بأيدينا من كتب الرجال ولم يصل حالهم بالإجمال أو التفصيل إلى مؤلّفي المعاجم والرجال، ولا يصدر من مثله الاعتماد على حديث لم يعرف رجاله بالصدق والأمانة، ولم يطمئن بصدقهم في نقلهم هذا الحديث بالقرائن التي توجب الاطمئنان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(540) قال- رحمه الله- في مقدّمة كمال الدين: فبينا أنا ذات ليلة افكّر فيما خلفت ورائي من أهل وولد وإخوان ونعمة إذ غلبني النوم، فرأيت كأنّي بمكّة أطوف حول بيت الله الحرام... فأرى مولانا القائم صاحب الزمان صلوات الله عليه واقفا بباب الكعبة، فأدنو منه على شغل قلب وتقسّم فكر، فعلم (عليه السلام) ما في نفسي بتفرّسه في وجهي، فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام ثمّ قال لي: لم لا تصنّف كتابا في الغيبة حتّى تكفي ما قد همّك... فلمّا أصبحت ابتدأت في تأليف هذا الكتاب ممتثلا لأمر ولي الله وحجّته....

(٣٣٥)

وأمّا محمد بن بحر الشيباني، وإن رماه الكشّي (في ترجمة زرارة بن أعين) بالغلوّ(541)، إلّا أنّ الظاهر من كلمات الرجاليّين: أنّه غير متّهم بالكذب والخيانة، فيصحّ الاعتماد عليه، غاية الأمر أن لا يعتمد على روايته ما يوافق مذهبه من الغلوّ أو مطلق ما فيه الغلو وإن لم يوافق مذهبه، أو لا يعلم مذهبه فيه، فلا منافاة بينه وبين وثاقته، بل مع وثاقته لا يجوز ردّ روايته بعد القول بصدقه ووثاقته، إلّا أنّه ينظر إلى متن ما رواه فيؤوّل أو يحمل على المحامل الصحيحة إن امكن، وإلّا فيترك فيما ثبت دلالته على ما ثبت بالعقل أو النقل الحجّة كونه غلوّا، هذا. مضافا إلى أنّه قد صدر عن بعضهم كثيرا رمي الرجال بالغلوّ بما ليس منه عند الأكثر، وربّما كان ذلك لانحطاط معرفة الرامي، وعدم بصيرته بامورهم وشئونهم (عليهم السلام) الثابتة بالعقل أو النقل، فإذا كان مراتب الصحابة الأجلاء مثل: سلمان وأبي ذر والمقداد وعمّار ونظائرهم من خواصّ أصحاب الأئمّة (عليهم السلام) في معرفتهم وشهود شئونهم ومراتبهم العلية متفاوتة جدّا، فما ظنّك بغيرهم. وهذا باب الورود فيه صعب مستصعب، لا يصل إلى منتهاه، بل لا يقرب منتهاه إلّا الأوحدي من اصحاب المراتب العالية، والدرجات الرفيعة، فعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): يا علي! ما عرف الله إلّا أنا وأنت، وما عرفني إلّا الله وأنت، وما عرفك إلّا الله وأنا(542).
ومع ذلك نقول: ما للتراب وربّ الأرباب، أشهد أنّ محمدا عبده ورسوله، وأنّ خلفاءه الأئمّة عباده المكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(541) رجال الكشّي: ص 147.
(542) انظر البحار: ج 39 ص 84.

(٣٣٦)

بأمره يعملون، ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرّا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، وأشهد أنّهم المقرّبون المصطفون، المطيعون لأمر الله، القوّامون بأمره، العاملون بإرادته، وخلفاؤه في عباده، من أتاهم نجا ومن تخلّف عنهم هلك، وأنّهم محدّثون مفهمون، لا يدخل الجنّة إلّا من عرفهم بأنّهم هم الولاة على الامور بأمر الله، وخلفاء النبي (صلّى الله عليه وآله)، وعرفوه بمعرفته بالولاية، والتصديق لهم والتسليم لأمرهم، وأنّ من عاداهم وجحدهم فقد عادى الله وجحده، ولا يدخل النار إلّا من أنكرهم وأنكروه، فهم خزّان علم الله، وحفظة سرّ الله، ولولاهم لساخت الأرض بأهلها. هذا وكما تلونا عليك، المحدّثون والعلماء أيضا متفاوتون في مراتب معرفتهم بهم، فبعضهم أقصر من البعض، بل وبعضهم أقصر من البعض في أمر وشأن من شئونهم في حال كونه أكمل وأرفع منه ومن الكثيرين في سائر شئونهم، فمثل الصدوق- رضوان الله تعالى عليه- يرى أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي (صلّى الله عليه وآله)، فربّما كان رجل عند شخص غاليا وهو صحيح المذهب عند غيره، وهذا باب يدخل فيه اجتهاد الرجاليّين وآراؤهم في الغلوّ، بل وغلوّهم في أمر الغلوّ، وشدّة تحفّظهم عن الوقوع فيه، فيتّهم بعضهم على حسب اجتهاده أو رأيه رجلا بالغلوّ في حين أنّه يراه غيره مستقيم المذهب، فالاعتماد على حكم البعض بالغلوّ إنّما يجوز إذا كان ما هو الملاك عنده في الغلو معلوما لنا وملاكا عندنا أيضا، وكان مستنده في إسناد الغلوّ إليه أيضا معتبرا عندنا، فلا اعتماد على الاجتهاد والشهادة الحدسية، وإلّا فلا عبرة برميه به ولا نحكم عليه به فضلا من أن نعدّ ذلك موجبا لعدم الاعتماد على رواياته، سيّما إذا كان الرجل من

(٣٣٧)

المشايخ وتلامذة الشيوخ، موصوفا بالصدق والوثاقة، وكيف يجوز الحكم بكون رجل كمحمد بن بحر، وهو كان من المتكلّمين، عالما بالأخبار، فقيها، مصنّفا نحوا من خمسمائة مصنّف (543)، من الغلاة بمجرّد أنّ معاصره الكشّي وإن بلغ في جلالة القدر ما بلغ، عدّه من الغلاة، من دون أن نعرف رأيه في الغلوّ بالتفصيل، ومستنده في إسناد ذلك إليه، فلعلّ الكشّي كان يرى القول في مسألة بالسلب والإيجاب من الغلوّ وهو لا يرى ذلك وكان هو محقّا، فلا ينبغي الاعتماد على اجتهاد الغير في الحكم بالغلوّ وردّ روايات من رمي به سيّما إذا كان ذلك بالإجمال والإبهام.
ويحتمل أن يكون رمي محمد بن بحر هذا بالغلوّ لتفضيله الأنبياء والأئمّة (عليهم السلام) على الملائكة، أو إخراجه في الأئمّة (عليهم السلام) ما يستغربه من لم يعرفهم حقّ معرفتهم، من جملتها ما روي عن حبيب بن مظاهر، وهذا لفظه: فقد روي لنا عن حبيب بن مظاهر الأسدي- بيض الله وجهه- أنّه قال للحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام): أي شيء كنتم قبل أن يخلق الله عز وجل آدم (عليه السلام)؟ قال: كنّا أشباح نور، ندور حول عرش الرحمن فنعلّم الملائكة التسبيح والتهليل والتحميد. ثمّ قال: ولهذا تأويل دقيق ليس هذا مكان شرحه، وقد بيّناه في غيره (544).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(543) راجع فهرست الشيخ: ص 158 قال: كان متكلّما، عالما بالأخبار فقيها، إلّا أنّه متّهم بالغلو، وله نحو من خمسمائة مصنّف ورسالة.
(544) علل الشرائع: ص 23 ب 18، ما ذكره محمد بن بحر الشيباني المعروف بالدهني- رحمه الله- في كتابه من قول مفضّلي الأنبياء والأئمّة الحجج صلوات الله عليهم أجمعين على الملائكة.

(٣٣٨)

و[الكلام في أنّ الصدوق يروي عن سعد بواسطة أبيه أو شيخه ابن الوليد]
أمّا ما جعله الناقد شاهدا لعدم صحّة سنده من أنّ الصدوق يروي عن سعد بواسطة أبيه أو شيخه ابن الوليد، مع أنّ هذا الخبر قد تضمّن أربع وسائط منكرين (545).
فأقول: أمّا تضمّن الخبر أربع وسائط فليس كذلك، بل هو متضمّن لخمس وسائط، وأمّا كونهم منكرين فقد عرفت ما فيه.
وامّا كون تضمن الخبر أربع أو خمس وسائط شاهدا لعدم صحّة سنده مع أنّ الصدوق قد روى عنه بواسطة واحدة، ففيه: أنّ الاستشهاد بذلك غريب، فإنّه كما يمكن أن يروي عن سعد بواسطة شيخ واحد يمكن أن يروي عنه بواسطة رجال متعدّدين متعاصرين، فكما يجوز أن يروي المعاصر عن المعاصر بغير واسطة يجوز أن يروي عنه بواسطة رجال متعاصرين، وما أظنّ به أبدا أنّه يريد أن يتّهم الصدوق- قدس سره- بجعل السند ووضع الحديث- العياذ باللّه- أو يزيد أن يتّهمه بأنّه لم يفهم ما يلزم من كثرة الوسائط بينه وبين سعد بن عبد الله وقلّتها، وأنّ ذلك قد ينجرّ إلى تعارض إسناد بعض الروايات مع بعض، فروى عن سعد بواسطة خمسة أو أربعة رجال غير متعاصرين مختلفين في الطبقة وهو الذي يروي عنه بواسطة شيخ واحد، أ فترى أنّه لم يدرك ذلك، أو أنّه لم ير في هذا السند وسائر أسناده إلى سعد تعارضا وتهافتا؟ بل هذا يدلّ على أنّه كان عارفا بأحوال هذه الرجال الوسائط في هذا السند بينه وبين سعد بن عبد الله.
ثمّ إنّه قال بعد ذلك: ومن الغريب أنّ صاحب الكتاب المعروف ب «الدلائل» رواه بثلاث وسائط مع أنّه يروي كالشيخ عن الصدوق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(545) الأخبار الدخيلة: ج 1 ص 104.

(٣٣٩)

بواسطة(546)، وفيه: أنّه إذا بنينا على ما اختاره وحقّقه في تعريف مؤلّف الكتاب المعروف ب «دلائل الإمامة»، فلا غرابة، فإنّه يوافق رواية الصدوق بواسطة أبيه أو شيخه ابن الوليد عن سعد، فلا فرق من هذه الجهة بين رواية الشيخ أو مؤلّف «الدلائل» بواسطة عن الصدوق، عن أبيه، عن سعد، أو بواسطة أبي القاسم عبد الباقي بن يزداد بن عبد الله البزاز، عن أبي محمّد عبد الله بن محمد الثعالبي، عن أبي علي أحمد بن محمد بن يحيى العطّار عن سعد(547).
ومع ذلك، المظنون سقط «واو» العطف عن الإسناد المذكور في «كمال الدين»، وكأنّه كان الإسناد هكذا: محمد بن علي بن حاتم النوفلي، عن أحمد بن عيسى الوشّاء، وعن أحمد بن طاهر القمّي، عن محمّد بن بحر بن سهل الشيباني، وعن أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله، أو نحو ذلك. هذا وقد ذكر الناقد كلام المجلسي- قدّس سرّه- في «البحار» وهو قوله: قال النجاشي بعد توثيق سعد: لقي مولانا أبا محمد (عليه السلام)، ورأيت بعض أصحابنا يضعّفون لقاءه، ويقولون: هذه حكاية موضوعة. ثمّ قال المجلسي: الصدوق أعرف بصدق الأخبار والوثوق عليها من ذلك البعض الذي لا يعرف حاله، وردّ الأخبار التي تشهد متونها بصحّتها بمحض الظنّ والوهم مع إدراك سعد زمانه (عليه السلام) وإمكان ملاقاة سعد له (عليه السلام)- إذ كان وفاته بعد وفاته (عليه السلام) بأربعين سنة تقريبا- ليس إلّا للإزراء بالأخيار، وعدم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(546) المصدر نفسه.
(547) قال في البحار بعد نقل الرواية عن كمال الدين: دلائل الأئمّة للطبري عن عبد الباقي ابن يزداد، عن عبد الله بن محمّد الثعالبي، عن أحمد بن محمّد العطّار، عن سعد بن عبد الله... مثله.

(٣٤٠)

الوثوق بالأخبار، والتقصير في معرفة شأن الأئمّة الأطهار، إذ وجدنا الأخبار المشتملة على المعجزات الغريبة إذا وصلت إليهم، فهم: إمّا يقدحون فيها أو في راويها، بل ليس جرم أكثر المقدوحين من أصحاب الرجال إلّا نقل مثل تلك الأخبار.
ثمّ أورد على هذا الكلام بقوله (548): الظاهر أنّ مراد النجاشي ببعض أصحابنا شيخه أحمد بن الحسين الغضائري، وهو من نقّاد الرجال ومحقّقي الآثار، وهو أدقّ نظرا من الصدوق، وكان ذا سعة اطّلاع في الرجال. قال الشيخ في أول فهرسته: إنّ جماعة من شيوخ طائفتنا وإن عملوا فهرست كتب أصحابنا ممّا صنّفوه من التصانيف، ورووه من الاصول، إلّا أنّ أحدا منهم لم يستوف ذلك، ولا ذكر أكثره، بل اقتصروا على فهرست ما رووه وما كانت في خزائنهم، سوى أحمد بن الحسين، فعمل كتابين؛ أحدهما: في المصنّفات، والآخر: في الاصول، واستوفاهما على مبلغ ما وجد وقدر... الى أن قال: وقد اعتمد النجاشي الذي هو أوثق علماء الرجال عندهم عليه، وكان تلميذه يروي عنه مشافهة تارة، وبالأخذ عن كتبه اخرى (549).
أقول: الظاهر أنّ مراد المجلسي أيضا من البعض الذي لا يعرف حاله هو هذا أحمد بن الحسين الغضائري الذي يقول فيه الأردبيلي صاحب «جامع الرواة»: لم أجد في كتب الرجال في شأنه شيئا من جرح ولا تعديل (550)، ولم يصرّح باسمه تأسّيا بالنجاشي، فإنّه أيضا لم يصرّح باسمه لئلا يوجب ذلك تنقيصه، سيّما بعد ما كان الرجل معروفا بحكمه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(548) أي الناقد.
(549) الأخبار الدخيلة: ج 1 ص 96.
(550) جامع الرواة: ج 1 ص 48.

(٣٤١)

على الروايات بالوضع، وعلى الرجال بالغلوّ، والنجاشي وهو الذي يصفه الناقد نفسه بأنّه أوثق علماء الرجال اعتمد على هذا الخبر وقال: لقي مولانا أبا محمّد (عليه السلام)، واستدراكه بعد ذلك بقوله: ورأيت بعض أصحابنا... لعلّه كان لإظهار التعجّب ممّا رأى من هذا البعض.
وأين هذا الذي لا يعرف حاله من الصدوق الذي يصفه النجاشي- الذي هو أوثق علماء الرجال- بأنّه: كان جليلا، حافظا للأحاديث، بصيرا بالرجال، ناقدا للأخبار، لم ير في القميّين مثله في حفظه وكثرة علمه، له نحو من ثلاثمائة مصنّف (551)، ونحوه ما في الفهرست (552) والخلاصة(553). ثمّ كيف يكون هو أدقّ نظرا وأعرف بحال شيوخ الصدوق منه مع تأخّر طبقته عنه؟!
وأمّا ما في «فهرست»(554) الشيخ- رضوان الله عليه- فهو يدلّ بالصراحة على قدحه، وعدم وقوع كتابيه موردا للقبول، فلم ينسخهما احد من أصحابنا، وأنّه اخترم وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنه. وهذا الكلام صريح في أنّ كتبه لم تقع عند الطائفة وشيوخهم موردا للقبول، وأعرضوا عنها، حتّى عدّت من الكتب التي يجب إهلاكها، ولا يجوز نسخها، ولذا عمد بعض ورثته إهلاكها. وعلى كلّ نسأل الله تعالى له المغفرة.
ولا نخفي العجب من الناقد الذي يكتب عن الأحاديث وما فيها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(551) رجال النجاشي: ص 389 رقم 1049.
(552) الفهرست: ص 304.
(553) خلاصة العلامة: ص 147.
(554) الفهرست: ص 24.

(٣٤٢)

بزعمه من التحريف والوضع وغيرهما، وهو بنفسه يحكي عن مثل شيخ الطائفة- رضوان الله تعالى عليه- كلاما، فيأتي بصدده تأييدا لغرضه، ويسقط ذيله الصريح في نقضه وإليك كلام الشيخ في «الفهرست»:...
ولم يتعرّض أحد منهم لاستيفاء جميعه إلّا ما قصده أبو الحسن أحمد بن الحسين بن عبيد الله- رحمه الله- فإنّه عمل كتابين؛ أحدهما: ذكر فيه المصنفات، والآخر: ذكر فيه الاصول، واستوفاهما على مبلغ ما وجده وقدر عليه، غير أنّ هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا واخترم هو- رحمه الله- وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنه (555).
تحقيق في اعتبار عدالة الراوي في جواز الاخذ بخبره
إن قلت: لعلّ الصدوق وغيره من المحدّثين- رضوان الله عليهم- أخذوا بأصالة العدالة في رواياتهم عن المجاهيل وغير الموصوفين بالعدالة والصدق في كتب الرجال، ومع أنّه لا طريق لنا إلى معرفة حالهم وإحراز عدالتهم وصدقهم لعدم ذكر منهم في تلك الكتب، أو عدم ذكر جرح ولا تعديل لهم فيها، فكيف نعتمد على تلك الروايات؟
قلت: إن اريد بالأخذ بأصالة العدالة أنّ الشرط في جواز الاعتماد على الخبر وإن كان عندهم عدالة المخبر وصدقه إلّا أنّهم كانوا يعتمدون في ذلك على البناء على الإيمان وعدالة من لم يثبت فساد عقيدته وصدور الفسق والكذب منه من دون أن يعرفوه بحسن الظاهر، فاستناده إليهم في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(551) رجال النجاشي: ص 389 رقم 1049.
(552) الفهرست: ص 304.
(553) خلاصة العلامة: ص 147.
(554) الفهرست: ص 24.

(555) الفهرست: ص 24.

(٣٤٣)

غاية البعد، بل معلوم العدم، لعدم وجود أصل تعبّدي لهذا الأصل.
أمّا الأصل التعبّدي الشرعي فليس في البين إلّا الاستصحاب وفساد الابتناء عليه أوضح من أن يخفى؛ لعدم حالة العدالة السابقة المتيقّنة لمن لم يثبت فسقه وعدالته حتّى تستصحب تلك الحالة.
وأمّا الأصل التعبّدي العقلائي، أي استقرار بناء العقلاء على قبول كلّ خبر ما لم يثبت جرح مخبره بالكفر وفساد العقيدة أو ارتكاب الكبيرة والفسق، فهذا أيضا محلّ الإنكار، مضافا إلى رجوعه إلى عدم اعتبار شرط العدالة وإلغائه في جواز الأخذ بالخبر.
وإن اريد بأصالة العدالة: الاعتماد على حسن الظاهر على أنّه العدالة، أو على أنّه طريق إليها، بناء على كونها ملكة نفسانية وحالة روحية يشقّ بها على صاحبها ارتكاب المعصية، فإن اتّفق صدورها منه يندم عليها ويتداركها بالتوبة ويلوم نفسه بها، وأنّ عليها يحكم بعدالة من كان له ظاهر حسن لا يتجاهر بما يخالف الشرع ويرتّب عليه آثار العدالة، فإجراء هذا الأصل بالنسبة إلى المجاهيل وغير الموصوفين بحسن الظاهر واضح الفساد.
نعم، يمكن أن يقال: إنّ المحدّثين القدماء، مثل: الصدوق والكليني وغيرهما- رضوان الله تعالى عليهم- لم يأخذوا الأحاديث التي أخرجوها في كتبهم من المناكير وأبناء السبيل والقاعدين على الطرق والشوارع والقصّاص وأمثالهم، فمثل الصدوق عادة يعرف شيوخه بأسمائهم وأنسابهم وحالاتهم من الإيمان والعدالة والفسق، ولا يروي عمّن لا يعرفه بشخصه واسمه ونسبه وصفاته أصلا، ولا يكتفي بتعريفه نفسه، فلا يكتب عنه إلّا بعد معرفته بظاهر حاله وبمذهبه ونحلته، وأنّ له

(٣٤٤)

شأنا في الحديث، وبعد ذلك اعتماده على الشيخ الذي يروي مثل هذا الحديث في محلّه، ولو كانوا من غير الشيعة أو من المقدوحين لصرّح بهم.
احتمال آخر: من المحتمل أن يكون بناء القدماء على الأخذ بأصالة الصدق والعدالة مبنيا على أصالة البراءة، واعتماد العقلاء بخبر الواحد، وبنائهم على العمل به ما لم يصدر منه ما يوجب الفسق. والمراد من الأصل المعوّل عليه هنا: أصل العدم، واستصحاب العدم، فيستصحب عدم صدور الكبيرة منه ويبنى على عدم صدورها منه ما دام لم يحرز ذلك بالوجدان أو التعبّد، ولا بأس بذلك، فلا حاجة إلى إثبات العدالة، سواء كانت عبارة عن الملكة أو حسن الظاهر.
وبعبارة اخرى نقول: لمّا كان اعتبار العدالة وإحرازها في جواز الأخذ بأخبار المخبرين موجبا لتعطيل الامور، وتضييع كثير من المصالح لقلّة من يحرز عدالته، استقرّ بناء العقلاء على العمل بخبر الواحد الذي لم يحرز صدور ما يوجب الفسق منه، وما يوهن الاعتماد عليه، ولم يكن في البين قرينة حالية تدلّ على رفع اليد عن نبئه، وآية النبأ(556) إنّما تدلّ على وجوب التبيّن في خبر الفاسق، أي الذي جاوز الحدّ، وصدرت منه الكبيرة، دون من لم تصدر منه الكبيرة، وأحرز ذلك بالوجدان أو بالأصل، وهذا الاحتمال قويّ جدّا؛ لأنّا نرى: أنّ العقلاء لا يزالون يعملون بخبر غير المتّهم بالكذب والفسق، وإنّما يردّون من الخبر ويضعّفون الإسناد إذا كان المخبر فاسقا، ثبت صدور الفسق منه، أو بعلل اخرى لا ترجع إلى عدم إثبات عدالة الراوي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(556) الحجرات: 6.

(٣٤٥)

إن قلت: فهل يعمل على خبر المجهول؟ وهل يجوز الاعتماد عليه؟
قلت: الجهل بحال الراوي: إمّا يكون مطلقا يشمل الجهل بإيمانه وبعدالته وفسقه، وإمّا يكون مقصورا بفسقه وعدالته مع العلم بإيمانه.
ولا كلام في أنّه لا يجوز العمل على القسم الأول ولا يحتجّ به، وأمّا القسم الثاني فيجوز مع الجهل- أي الشكّ في فسقه وعدالته- البناء على عدم فسقه؛ لعدم ثبوت صدور معصية منه، والأخذ بخبره إذا لم يكن معارضا بما يخرجه عن استقرار سيرة العقلاء على العمل بخبر الواحد، فما يخرج الخبر عن صلاحية الاعتماد عليه هو الجرح، ومع عدمه لا حاجة إلى تعديل رواية.
إن قلت: إذن كيف يصحّ الاعتماد على خبر المخالف أو غير الاثني عشرية من الشيعة مع أنّهم قد جوزوا العمل بأخبار الثقات الممدوحين بالصدق والأمانة كائنا مذهبه ما كان؟
قلت: أمّا رواياتهم المؤيّدة لمذهب أهل الحقّ، المأثورة في اصول الدين، ورواياتهم في فضائل أهل البيت، وما اتّفقت عليه كلمة أصحابهم وشيعتهم، فاعتمادهم عليها: إمّا للاحتجاج عليهم والجدال معهم بالتي هي أحسن، وإمّا لحصول الوثوق بصحّتها؛ لعدم الداعي غالبا لهم في وضع هذه الأخبار، فالاحتجاج بها أحسن، والاعتماد عليها أفحم للخصم.
وأمّا رواياتهم في الفروع والتكاليف العملية فالاعتماد عليها يدور مدار كون الراوي موثّقا في جميع الطبقات، يوجب نقله الاطمئنان بصدوره، ولم يكن معارضا لغيره من الأخبار، ومع التعارض يعمل على طبق قواعد التعادل والترجيح كما بيّن في محلّه في الاصول.

(٣٤٦)

وقد أورد على الحديث ثانيا أيضا بما يرجع إلى سنده، فقال: لو كان الصدوق حكم بصحّته، لم لم يرو في فقيهه ما تضمّنه من الفقه؟
ولم لم يرو في معانيه ما تضمّنه من معاني الحروف؟(557).
والجواب عنه: أنّ عدم روايته في فقيهه لا يدلّ على عدم اعتماده بالحديث، ولا ينافي حكمه بصحّته، فلعلّه ألّف كماله بعد فقيهه، أو ظفر بالحديث بعد تأليفه «للفقيه»، فأدرجه في كماله، مضافا إلى أنّه لم يستقص في «الفقيه» جميع الفروع، كما لم يستقصها في مقنعه وهدايته، وترك فيهما بعض الفروع المشهورة التي لا ينساها المحدّث والفقيه عادة، ولا ريب أنّه لم يلتزم باستقصاء جميع الفروع في كتبه، ولو التزم بذلك أيضا فلا يستبعد عدم وفائه به لبعض الأعذار مثل النسيان، وممّا قلنا يظهر عذره في عدم روايته في معانيه، وليت شعري أيّ دلالة لعدم إخراج رواية أخرجها مثل الصدوق في كتاب مثل «كمال الدين» في كتابه الآخر على ضعف الرواية، وإلّا فيدلّ عدم ذكره كثيرا من الفروع في «المقنع» و«الهداية» على أنّه لم يكن عنده من الفروع غير ما ذكره، وكذا سائر مؤلّفي الموسوعات الفقهية وغيرها.
وقال أيضا: لو كان الخبر صحيحا لم لم يروه الشيخ في غيبته مع وقوفه على «كمال الدين»؟(558).
وهذا أيضا عجيب منه، فإنّه لو كان هذا دليلا على ضعف الخبر يلزم منه تضعيف كلّ ما لم يروه الشيخ في غيبته ممّا أخرجه الصدوق في كماله، وما أخرجه النعماني في غيبته، والفضل بن شاذان، وغيرهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(557) الأخبار الدخيلة: ج 1 ص 98.
(558) المصدر نفسه.

(٣٤٧)

وإذا كان عدم اتّفاق المحدّثين في إخراج الحديث من آيات الضعف فقلّما يوجد حديث كذلك، ويجب الحكم بضعف أكثر الأحاديث بمجرّد ذلك، وهذا شرط لم يشترطه أحد في جواز الأخذ بالحديث وحجّيته، وأظنّ أنّ هذا الناقد أيضا لا يقول به. هذا مضافا إلى أنّ الشيخ- قدس سرّه- لم يلزم على نفسه إخراج الأحاديث، بل كان في مقام الإيجاز والاكتفاء بما يزول به الريب، فلعلّه لم يذكر هذا الحديث لطوله، وأنّ إخراجه يخرجه عمّا هو بصدده من الإيجاز والاختصار.
ومن إيراداته [عدم قول الشيخ في «سعد» إنه عاصر العسكري ع ولم أعلم أنّه روى عنه]
أيضا أنّه قال: ولم قال الشيخ في رجاله في «سعد» بعد عنوانه في أصحاب العسكري (عليه السلام): عاصره ولم أعلم أنّه روى عنه؟(559).
وجوابه أيضا يظهر ممّا ذكرناه، وأنّ هذا يرجع إلى عدم ظفر الشيخ بما رواه الصدوق، ولذا لم يروه في غيبته وقال: لم أعلم أنّه روى عنه.
فالإشكالان يرتضعان من ثدي واحد، والجواب عنهما يرجع إلى أمر واحد، وهو عدم ظفر الشيخ بكتاب «كمال الدين» قبل تأليف رجاله، أو لم يكن عنده حال تأليفه ككتاب غيبته. هذا مضافا إلى أنّه ربّما يقال- كما أفاده سيدنا الاستاذ(560) أعلى الله في الفردوس مقامه-: إنّ الشيخ في تأليف رجاله لم يصل إلى نهاية مراده من استيعاب البحوث وتراجم الرجال، وهذا المعروف عندنا برجاله ليس إلّا ما كتب مقدّمة وتهيئة لما كان بصدده من التأليف.
ومن إيراداته [: لو كان ذلك الخبر صحيحا لعدّ فيهم]
أيضا: عدم عدّ محمد بن أبي عبد الله الكوفي، سعدا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(559) الأخبار الدخيلة: ج 1 ص 98.
(560) هو سيد الطائفة ومجدد المذهب الإمام البروجردي قدّس سرّه.

(٣٤٨)

في عدد من انتهى إليه ممّن وقف على معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من الوكلاء وغيرهم، كما لم يذكر أحمد بن إسحاق فيهم (561). قال: ولو كان ذلك الخبر صحيحا لعدّ فيهم (562).
والجواب: أنّ ما ذكره هو عدد من انتهى إليه لا عدد من انتهى إليه ومن لم ينته، وعدم انتهاء أمر سعد وأحمد إليه وسكوته عنهما لا يدلّ على عدم وقوف سعد وغيره على معجزات مولانا بأبي هو وامّي (عليه السلام)، ولا على ضعف روايته ذلك، وإلّا يلزم ردّ سائر الأحاديث الدالّة على أسماء من وقف على معجزاته أو رآه، وعلى أخبارهم ممّن لم يذكرهم محمد بن أبي عبد الله، ولو بنينا على ذلك لزم أن نردّ كلّ حديث وكلّ كلمة وخطبة مأثورة عن النبي والائمة صلوات الله عليهم بمجرّد عدم نقل من لم يطّلع عليه، أو لم ينقله لعذر آخر في باب عقده لذلك في كتابه، وكأنّه- دام تأييده- غفل عن المثل المشهور: «إثبات الشيء لا ينفي ما عداه» و«عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود» و«عدم الدليل ليس دليلا على العدم» سيّما بعد إثبات غير ذلك الشيء، ووجدانه، وقيام الدليل عليه، فلا معارضة بين الوجود والعدم وبين من يخبر عن أمر ويعلمه وبين الجاهل به، ومجرّد كون سعد من الأجلّة وتأخّر موت محمد بن أبي عبد الله عن موته لا يستلزم انتهاء جميع أحواله إليه.
[الإيراد على الحديث بمضامين متنه]
ثمّ إنّه- حفظه الله- بعد الإيرادات التي تلوناها عليك شرع في الإيراد على الحديث بمضامين متنه ممّا يشهد بزعمه على وضعه. وهو اثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(561) راجع كمال الدين: ج 2 ص 442.
(562) الأخبار الدخيلة: ج 1 ص 98.

(٣٤٩)

عشر إيرادا(563)، ننقلها واحدا بعد واحد مع جوابه وبيان ضعفه بعون الله تعالى.
الأوّل: [لم يقل بتضمّن الحديث تفسير «الفاحشة المبيّنة» في «المطلقة» أحد.]
تضمّن الحديث تفسير «الفاحشة المبيّنة» في «المطلقة» بالسحق، قال: ولم يقل به أحد، وإنّما فسّروها بأذى أهل زوجها أو زناها.
والجواب عن هذا الإيراد يظهر بالنظر إلى تفسير الآية الكريمة، والبحث الفقهي حول حكم خروج المطلّقة من بيتها وإخراجها منه، فنقول: قال الله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وأَحْصُوا الْعِدَّةَ واتَّقُوا الله رَبَّكُمْ، لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ولا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وتِلْكَ حُدُودُ الله ومَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً)(564) والذي يهمّنا هنا في تفسير قوله تعالى: (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ولا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) والكلام فيه يقع في مقامين:
الأوّل: فيما يحتمل أن يكون المراد من الآية بادّعاء ظهورها فيه، وتمام ما يدور الكلام حوله: تعيين ما يكون جملة «الفاحشة المبيّنة» ظاهرة فيه، واستفادة المعنى منها بحسب الاستظهار.
الثاني: بيان أنّ المستثنى منه هل هو حرمة إخراجهنّ من بيوتهنّ أو حرمة خروجهنّ منها؟
فنقول: قال الراغب: يقال: آية مبيّنة اعتبارا بمن بيّنها، وآية مبيّنة وآيات مبيّنات ومبيّنات، وقال: الفحش والفحشاء والفاحشة: ما عظم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(563) راجع الأخبار الدخيلة: ج 1 ص 98- 104.
(564) الطلاق: 1.

(٣٥٠)

قبحها من الأفعال والأقوال، وقال: (إِنَّ الله لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ، ويَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ والْمُنْكَرِ والْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ، إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) كناية عن الزنا، وكذلك قوله: (واللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) انتهى (565).
وعلى هذا فالفاحشة: ما عظم قبحه من المعاصي، لا مطلق المعصية كما فسّرها بعضهم به، فتشمل الزنا والسحق والبذاء، وهو الفحش بما يستعظم قبحه، وعليه يكون مثل البذاء وأذى الأهل والزنا والسحق من أفراد الفاحشة، بل والخروج من البيت، ويكون المستثنى منه حرمة إخراجهنّ.
ويمكن أن تحمل الروايات الدالّة على خصوص بعض هذه الامور لبيان بعض المصاديق والأفراد، لا اختصاص مفهوم الفاحشة مثلا بالزنا أو البذاء على أحمائها، فلا مفهوم لكلّ واحد منها يعارض منطوق غيره، وعلى فرض استفادة المفهوم منه دلالة المنطوق أظهر، خصوصا إذا كان المنطوق موافقا للكتاب والمفهوم مخالفا له على حسب هذا الاستظهار، ويحمل نفي الزنا في رواية سعد على نفي اختصاص الفاحشة به كما صرّح به مثل صاحب الجواهر قدس سرّه (566)، ولكن لا يخلو من ضعف.
وأمّا لو كان الاستثناء من حرمة خروجهنّ يكون المراد من «الفاحشة المبيّنة» نفس الخروج من البيت، ودلالتها على حرمة خروجهنّ آكد، إلّا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(565) المفردات: ص 68 و373.
(566) جواهر الكلام: ج 32 ص 334 كتاب الطلاق.

(٣٥١)

أنّ هذا الاحتمال لو بنينا على الرواية ولم نترك جميعها لضعفها مردود، وكأنّه مخالف لإجماع المفسّرين، أو أقوال من يعتدّ به منهم، ولو كان الاستثناء من حرمة الخروج فالمراد بها نفس الخروج دون سائر المصاديق، فالمعنى: لا يخرجن إلّا تعدّيا وحراما. قال ابن همام: كما يقال: لا تزن إلّا أن تكون فاسقا، ولا تشتم امّك إلّا أن تكون قاطع رحم، ونحو ذلك، وهو بديع وبليغ جدّا(567).
هذا ما يحتمل بالنظر إلى ألفاظ الآية، وقد عرفت أنّ الأشهر بين المفسّرين كون الاستثناء راجعا إلى قوله تعالى: (ولا تُخْرِجُوهُنَ).
وأمّا بحسب الروايات، ففي بعضها: فسّرت «الفاحشة» بأذاها أهل زوجها وسوء خلقها(568)، وفي بعضها: فسّرت بالزنا فتخرج فيقام عليها الحدّ(569)، وفي رواية سعد بن عبد الله فسّرت بالسحق. ومع الغضّ عمّا قيل في هذه الروايات سندا، وعدم ترجيح بعضها على بعض من حيث السند، لا يخفى عليك عدم دلالة غير رواية سعد على حصر المراد من الفاحشة المبيّنة بما فسّرت به، بل يستفاد منها أنّ المذكور فيها: إمّا من مصاديقها الظاهرة كالزنا، أو من أدنى مصاديقها، وعلى هذا لا تعارض بين هذه الروايات ورواية سعد من حيث تفسيرها «الفاحشة المبيّنة» بالسحق.
نعم، حيث دلّت رواية سعد بن عبد الله على نفي كون المراد بها الزنا، يقع التعارض بينها وبين ما دلّ على كون الزنا أحد مصاديقها إن لم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(567) روح المعاني: ج 28 ص 117، روائع البيان: ج 2 ص 601 واللفظ منه نقلا عن روح المعاني.
(568) نور الثقلين: ج 5 ص 350 نقلا عن الكافي.

(٣٥٢)

نحمل رواية سعد على نفي اختصاص الفاحشة بالزنا، وحينئذ يعامل معهما معاملة المتعارضين، ويؤخذ بالمرجّحات الجهتية أولا، أي يلاحظ جهة صدور الروايات، وأنّها إنّما صدرت للتقيّة، أو لأجل بيان حكم الله الواقعي، ومع عدم المرجّح فيهما يؤخذ بالمرجّحات السندية.
وعلى كلّ حال لا يحكم على الحديث بالوضع، كما لا يحكم على المتعارضين في سائر الموارد به.
هذا كلّه بحسب الكتاب والروايات، وأمّا بحسب الأقوال فإليك بعضها:
قال الشيخ في «النهاية»: وإذا طلّق الرجل امرأته طلاقا يملك فيه رجعتها، فلا يجوز أن يخرجها من بيته، ولا لها أن تخرج إلّا أن تأتي بفاحشة مبيّنة، والفاحشة: أن تفعل ما يجب فيه عليها الحدّ، وقد روي: أنّ أدنى ما يجوز له معه إخراجها أن تؤذي أهل الرجل، فإنّها متى فعلت ذلك جاز له إخراجها(570).
وقال: إذا ساحقت المرأة اخرى وقامت عليها البيّنة بذلك، وجب على كلّ واحد منهما الحدّ مائة جلدة إن لم تكونا محصنتين، فإن كانتا محصنتين كان على كلّ واحد منهما الرجم (571).
وقال ابن حمزة في «الوسيلة»: فإن كانت (معها أحماؤها) وأتت بفاحشة مبيّنة وأقلّها أن تؤذي أهل الرجل بلسانها، كان للرجل إخراجها عنه إلى غيره (572).
وقال في السحق: الحدّ فيه مثل الحدّ في الزنا، ويعتبر فيه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(569) نفس المصدر نقلا عن الفقيه.
(570) النهاية: ص 534.
(571) النهاية: ص 706.
(572) الوسيلة (المطبوعة ضمن الجوامع الفقهية): ص 761.

(٣٥٣)

الإحصان وفقده على حدّ اعتبارهما في الزنا(573).
وقال المحقّق في «المختصر النافع»: لا يجوز لمن طلّق رجعيا أن يخرج الزوجة من بيته إلّا أن تأتي بفاحشة، وهو ما يجب به الحدّ، وقيل: أدناه أن تؤذي أهله (574).
وقال في السحق: والحدّ فيه مائة جلدة، حرّة كانت أو أمة، محصنة كانت أو غير محصنة، الفاعلة والمفعولة(575).
وقال العلامة في «التحرير»: ويحرم عليه إخراجها منه إلّا أن تأتي بفاحشة، وهو أن تفعل ما يوجب الحدّ فتخرج لإقامته، وأدنى ما تخرج لأجله أن تؤذي أهله، وقال: حدّ السحق جلد مائة، حرّة كانت أو أمة، مسلمة كانت أو كافرة، محصنة كانت أو غير محصنة، فاعلة كانت أو مفعولة(576).
ومن جميع ما ذكر يظهر لك: أنّ تفسير «الفاحشة المبيّنة» بالزنا، وأذى أهل زوجها ليس مبنيّا على الحصر، بل هو تفسيرها ببعض مصاديقها، فاستشهاده لوضع الحديث بتضمّنه أنّ الفاحشة المبيّنة في المطلّقة السحق ولم يقل به أحد، وقع منه لأجل عدم تدبّره في الآية والروايات إن أراد بذلك نفي القول بكون السحق من مصاديق الفاحشة وبعض أفرادها، ولعلّه ظاهر كلامه، وإن أراد تضمّن الحديث حصر المراد بالفاحشة المبيّنة بالسحق فهو كذلك إن لم نحمله على نفي الاختصاص كما حمله عليه صاحب الجواهر قدس سرّه (577)، ولكن لا يستشهد بمثل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(573) الوسيلة: ص 781.
(574) المختصر النافع: ص 202.
(575) المصدر نفسه: ص 219.
(576) تحرير الأحكام: ج 2 ص 75 و225.
(577) جواهر الكلام: ج 32 ص 334 كتاب الطلاق.

(٣٥٤)

ذلك لوضع الحديث، بل يعامل معه ومع معارضه معاملة المتعارضين.
ثمّ إنّك قد عرفت الاختلاف في حدّ السحق، وأنّ الشيخ فصّل بين المحصنة وغيرها، وقال في المحصنة بالرجم، ويمكن أن يقال: إنّه يستفاد من حديث سعد أنّ المرأة المطلّقة الرجعية ليست بمحصنة، فإذا زنت واقيم عليها الحدّ ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوّج بها لأجل الحدّ وأنّ حدّها في السحق مع كونها غير محصنة- بناء على هذا الاستظهار- الرجم، وهذا وإن لم نعثر عليه في الأقوال إلّا أنّه ليس ببعيد منها، ويؤيّده إطلاق بعض الروايات، ولا يمنع من الأخذ بها عدم القائل بها لو لم يكن غيرها من الروايات أرجح عليها من جهة السند وغيره.
وكيف كان فليس في حديث سعد إلّا دلالته على اختصاص «الفاحشة» بالسحق، ودلالته على كون الحدّ فيه الرجم مطلقا.
والأول يردّ بما اختاره في «الجواهر»(578) من حمله على نفي الاختصاص. ولا يخفى أنّ الحمل عرفي، مبني على حمل الظاهر على الأظهر، لأقوائية ظهور ما دلّ على كون المراد من «الفاحشة» الزنا من ظهور دلالة حديث سعد على الاختصاص بالسحق، مضافا إلى أنّه لو لم نأخذ بهذا الحمل يعامل معهما معاملة المتعارضين كما مرّ، كما يعامل معها ومع ما يعارضها وهو ما يدلّ على أنّ شرط الرجم الإحصان، وأنّ المطلقة الرجعية محصنة أيضا معاملة المتعارضين.
الثاني [اتّفاق الإمامية على أنّ السحق كالزنا في الحدّ أو أدون بإيجابه الجلد فقط]
ممّا جعله شاهدا لوضع الحديث: ما أشار إليه بقوله:
وتضمّن أنّ السحق أفحش من الزنا مع اتّفاق الإمامية على أنّه كالزنا في الحدّ أو أدون بإيجابه الجلد فقط ولو كان من محصنة، وهو الأشهر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(578) جواهر الكلام: ج 32 ص 334 كتاب الطلاق.

(٣٥٥)

أقول: أمّا كونه أفحش من الزنا، فربّما يستفاد من بعض الروايات التي فيها التوعيدات الشديدة على السحق (579)، ومثل قوله (عليه السلام) في بعضها: «وهو الزنا الأكبر»(580)، ومنها رواية سعد هذه.
وأمّا كون حدّها مساويا مع حدّ الزاني أو أدون منه، وأنّه الأشهر، فلا يدلّ ذلك على عدم كونه أفحش، لجواز أن يكون ذلك لبعض الحكم، مثل كون الزنا أكثر وأميل إليه مع منع أشهرية كون حدّ السحق أدون من الزنا بين القدماء، ومثل الاتّفاق الذي نقله عن الإمامية لا منع من مخالفته بعد ما نعلم أنّ القولين اللذين وقع الاتّفاق عليهما مبناهما الروايات والاستظهار منها.
وكيف كان وقوع مثل هذه المخالفات بين الأحاديث لا يقع مستندا لردّها وردّ حجّيتها، بل لا بدّ لنا من علاج المخالفة بالوجوه المقرّرة في الاصول.
الثالث [تضمُّن الحديث لعب الحجّة ع مع أنّ من علائمه عدم لعبه]
من الامور التي زعم أنّها تشهد بوضعه: ما أشار إليه بقوله: وتضمّن لعب الحجّة (عليه السلام) مع أنّ من علائم الإمام (عليه السلام) عدم لعبه، ففي خبر صفوان الجمّال أنّه سأل الصادق (عليه السلام) عن صاحب هذا الأمر، فقال: إنّه لا يلهو ولا يلعب (581).
وأقبل أبو الحسن موسى (عليه السلام) وهو صغير ومعه عناق مكية وهو يقول لها: اسجدي لربّك، فأخذه أبو عبد الله وضمّه إليه وقال: بأبي وامّي من لا يلهو ولا يلعب (582). وفي صحيح معاوية بن وهب أنّه سأل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(579) راجع الوسائل: ج 14 ص 260 كتاب النكاح، باب تحريم السحق.
(580) الوسائل: ج 14 ص 262 نقلا عن الكافي.
(581) الكافي: ج 1 ص 311.
(582) المصدر نفسه.

(٣٥٦)

الصادق (عليه السلام) عن علامة الإمامة، فقال: طهارة الولادة، وحسن المنشأ، ولا يلهو ولا يلعب (583). وفي إثبات المسعودي والكتاب المعروف بدلائل الطبري في خبر مشتمل على خروج جماعة إلى الجواد (عليه السلام) بعد وفاة أبيه لامتحانه، ومنهم علي بن حسّان الواسطي، وأنّه حمل معه من آلات الصبيان أشياء مصاغة من الفضّة بقصد الإهداء والإتحاف إليه (عليه السلام) لطفوليّته، قال: فنظر إليّ مغضبا ثمّ رمى به يمينا وشمالا، فقال: ما لهذا خلقنا الله، فاستقلته واستعفيته فعفا، وقام فدخل، وخرجت ومعي تلك الآلات (584)، والخبر.
أقول: ما ذكره من أنّ الإمام لا يلهو ولا يلعب حقّ لا ريب فيه، ويدلّ عليه من الروايات أزيد ممّا رواه، كما أنّ هذا ثابت بدلالة العقل أيضا، إلّا أنّ اللعب يقال على فعل لم يقصد به فاعله مقصدا صحيحا.
قال الراغب: ولعب فلان: إذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا، وقال: اللهو: ما يشغل الإنسان عمّا يعنيه ويهمّه، يقال: لهوت بكذا، ولهيت عن كذا: اشتغلت عنه بلهو(585). وأمثال هذه الأفعال الصادرة من الأطفال يترتّب عليها منافع مهمّة، مثل: رشد جسمه ونموّه واعتدال أعضائه، حتّى إنّ علماء التربية والرياضة يلزمون على مربّي الأطفال تشجيعهم على هذه الأفعال، ولو لم يكن في طفل رغبة إلى هذه الأفعال الرياضية يستدلّون به على عدم صحّة جسمه، بل وسلامة روحه.
فان قلت: إنّ هذه الأفعال وإن يترتّب عليها بعض المنافع إلّا أنّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(583) الكافي: ج 1 ص 284.
(584) البحار: ج 50 ص 58 نقلا عن دلائل الطبري مع اختلاف يسير، وراجع إثبات الوصيّة: ص 86 وما في المتن موافق له.
(585) المفردات: ص 450 و455.

(٣٥٧)

الطفل مفطور عليها، لا يقصد بها منفعة.
قلت: نعم، ولكنّ الفرق بينها وبين اللعب واللهو الذي ينزّه عنه الإنسان الكامل أوضح من أن يخفى، فالأول قد قصد منه مقصدا صحيحا تكوينا، وبإرادة خالق الإنسان (عزّ وجلّ)، ودليل على كمال خلقته وتمامية فطرته، وعدمه دليل على النقصان. نعم، لا يفهم الطفل غالبا ونوعا ما قصد من رغبته إلى ما نسمّيه مجازا، ومن غير التفات إلى الحكم والغايات التكوينية لهوا ولعبا، أمّا الإمام فيفهم ذلك، شاعر بهذا الغرض الكاشف عن دقائق حكمة الله تعالى وكمال صنعه.
والإشكال والاستبعاد بصدور هذه الأفعال من الإمام الذي أعطاه الله تعالى العلم والحكم صبيّا قريب من قول من قال: (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ ويَمْشِي فِي الْأَسْواقِ)(586) فنفي صدور هذه الأفعال عنهم (عليهم السلام)، لو لم يرجع إلى إثبات نقص فيهم لا يكون كمالا لهم، ويؤول الأمر إلى تنزيههم من الأفعال العادية التي يستحي الإنسان أن يراه الناس فيها، وإلى نفي مثل الشهوة والميل الجنسي عنهم، والحال أن بكلّ ذلك تظهر كمالاتهم الروحية، ومقاماتهم الشامخة العالية، ولو راجعنا تواريخ الأنبياء والأئمّة (عليهم السلام) لوجدنا فيها أزيد من ذلك بكثير، من أظهرها ما وقع بين النبي (صلّى الله عليه وآله) وسبطيه العزيزين عليه حتّى في حال صلاته وفي سائر الأحوال، فهو يلاعبهما وهما يلاعبانه ويقول: نعم المطيّة مطيّتكما، ونعم الراكبان أنتما(587). ويقول في الحسين (عليه السلام): حزقّة حزقّة، ترقّ عين بقّة(588)، ولم يقل أحد: إنّ هذا لعب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(586) الفرقان: 7.
(587) البحار: ج 43 ص 286 نقلا عن المناقب.
(588) نفس المصدر السابق.

(٣٥٨)

لا يجوز للنبي (صلّى الله عليه وآله) ارتكابه، أو لا يجوز لسبطيه (عليهما السلام) الركوب على النبي (صلّى الله عليه وآله) سيّما في حال الصلاة. وهذه سيّدتنا وسيّدة نساء العالمين كانت ترقّص الحسن (عليه السلام) وتقول: أشبه أباك يا حسن...، وقالت للحسين: أنت شبيه بأبي لست شبيها بعلي (589).
فهل تجد من نفسك أن يكون الأنبياء والأوصياء محرومين او ممنوعين من هذه الملاطفات التي تقع بين الآباء والأبناء، ومن أوضح الشواهد على لطافة الروح وحسن الخلق والرحمة الإنسانية مع ما فيها من الحكم والرموز التربوية، فتمنعهم من هذا الشوق النفسي والرغبة؟
فسبحان الذي جعلها من ألذّ لذائذ الحياة، وما يذهب بها متاعبها، وتنسى مشاقّها ومرارتها.
الرابع [تضمُّن منع الحجّة أباه (عليه السلام) عن الكتابة]
ممّا استشهد به من مضامين الحديث لوضعه: ما أشار إليه بقوله: وتضمّن منع الحجّة أباه (عليه السلام) عن الكتابة، ولا يفعل مثل ذلك صبيان العامة إلّا قبل صيرورتهم ذوي تميز، فكيف يفعل ذلك مثله (عليه السلام)؟
وقد ظهر جوابه من مطاوي ما ذكرناه في الجواب عن إيراده الثالث، وركوب مولانا الحسن أو الحسين (عليهما السلام) على ظهر رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقوله (صلّى الله عليه وآله): نعم المطيّة مطيّتكما، ونعم الراكبان أنتما. ولا يطلق على مثل هذه الحركات اللطيفة والملاطفات المحبوبة المنع، ولم يقل أحد: إنّ الإمام في حال كونه رضيعا صبيّا في المهد يجب أن يترك الأعمال التي جرت سنّة الله تعالى عليها في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(589) المصدر نفسه.

(٣٥٩)

الصبيان، أو يجب عليه أن يعامل مع والديه وحاضنته وغيرهم خلاف ما هو المألوف عن الصبيان، بل الأمر على خلاف ذلك، قد جرت سنّة الله فيهم على ذلك لحكم ومصالح لعلّه يكون منها عدم غلوّ الناس فيهم فيتّخذونهم أربابا من دون الله تعالى أو أبناءه.
الخامس [تضمّن إبقاء العسكري رمّانة ذهبية وسط غرائب الفصوص المركّبة عليها للعب ولده]
ممّا استشهد به لوضع الحديث ما أشار إليه بقوله: وتضمّن إبقاء العسكري (عليه السلام) رمّانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركّبة عليها للعب ولده، مع أنّ ذلك عمل مترفي أهل الدنيا، لا مثلهم (عليهم السلام) المعرضين عن الدنيا وزخارفها.
أقول: قال الله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ والطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ)(590)، وقال عزّ اسمه في سليمان: (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وتَماثِيلَ وجِفانٍ كَالْجَوابِ وقُدُورٍ راسِياتٍ)(591)، وإن شئت فراجع سيرة الأنبياء سيّما سيرة سليمان على نبيّنا وآله وعليه السلام، فقد كان له قصور ونساء وإماء كثيرة، حتّى قيل: إنّه كان له ألف امرأة، وكان يجلس على العرش، وروي: أنّه كان يخرج إلى مجلسه فتعكف عليه الطير، ويقوم له الإنس والجنّ حتّى يجلس على سرير(592)، وقد روي فيما توسّع له وتوسّع به ما يستعجب منه (593)، ومع ذلك لم يقل أحد: إنّ كلّ ذلك عمل مترفي أهل الدنيا، وخلاف الإعراض عن الدنيا.
وفي الحديث: «ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال، ولا تحريم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(590) الأعراف: 32.
(591) سبأ: 13.
(592) البحار: ج 14 ص 71.
(593) راجع البحار: ج 14 ص 80.

(٣٦٠)

الحلال، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما عند الله»(594). وقال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) «الزهد كلّه بين كلمتين من القرآن، قال الله سبحانه: (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ ولا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه»(595)، هذا هو الزهد، ولا يلزم معه ترك الانتفاع بما أحلّه الله تعالى والالتذاذ بالملذّات، بل يجمع معه الانتفاع بكلّ ما أنعم الله تعالى به على الإنسان من نعم الدنيا، لأنّ المترفين أخذوا بالنعم حبّا للدنيا الدنيّة فيصعب عليهم تركها، دون هؤلاء. فإنّهم يتركون الدنيا بلا عناء ومشقّة، لا فرق عندهم في مقام الإنفاق بين الرمّانة الذهبية والرمّانة الطبيعية. قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف حجج الله تعالى: استلانوا ما استوعره المترفون(596)، فهم كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون، وأخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبّرون، ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ والمتجر الرابح(597).
إذن فما شأن هذه الرمّانة الذهبية التي لم تكن أصلها من الذهب، بل كانت منقوشة به، وما كان قيمتها، ومن أين علم أنّه أبقاها؟ فلعلّها اهديت إليه في ذلك الحال كما يشعر به قوله: قد كان أهداها بعض رؤساء أهل البصرة. ويظهر من ألفاظه أنّه بالغ في توصيفها، وما كان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(594) سفينة البحار: ج 1 ص 568.
(595) نهج البلاغة صبحي الصالح: ص 553 خطبة 439.
(596) نهج البلاغة صبحي الصالح: ص 497 الحكمة 147.
(597) نفس المصدر ص 383 من كتابه (عليه السلام) إلى محمد بن أبي بكر.

(٣٦١)

إعجابه بها إلّا لأنّه رآها بين يدي مولاه، وأنّها كانت الواسطة لملاطفته (عليه السلام) مع قرّة عينه، ولو وصف غير الرمّانة أيضا ممّا كان في البيت من الأشياء والأثاث كان توصيفه لها مثل ذلك، فعين مثل عينه التي تشرّفت برؤية مولانا العسكري وولده العزيز الذي بشّر به الأنبياء والأئمّة (عليهم السلام)، ووقعت على الجمال الذي ليس فوقه جمال إلّا جمال الله- جلّ جماله- الذي هذا الجمال منه، يرى كل ما يرى متعلّقا بهذا الجمال جميلا، ويصفه بأحسن ما بإمكانه من الألفاظ البليغة، والعبارات اللطيفة.
السادس [تضمّنه إنكار تفسير «خلع النعلين» بمعناه الظاهري]
ممّا تمسّك به لإثبات وضع الحديث: تضمّنه إنكار تفسير «خلع النعلين» في آية: «فاخلع نعليك»(598) بمعناه الظاهري وتأويله بنزع حبّ الأهل من القلب.
قال: وتضمّن الإنكار في تفسير آية (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) بما فيه مع إنّ الصدوق نفسه روى في «العلل» عن ابن الوليد عن الصفّار عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن أبان عن يعقوب بن شعيب عن الصادق (عليه السلام) قال: قال الله تعالى لموسى: (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) لأنّها كانت من جلد حمار ميّت(599)، والخبر صحيح أو كالصحيح، حيث أنّ أبانا من أصحاب الإجماع على فرض صحّة نسخة الكشّي في كونه ناووسيا مع أنّ الراوي للخبر ابن الوليد النقّاد للآثار. وأيضا: قال تعالى ذلك لمّا أراد بعثته، فلا معنى لقوله في الخبر: «استجهله في نبوته» فالأنبياء كانوا لا يعرفون شيئا من الشريعة قبل الوحي إليهم بها، ثمّ من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(598) طه: 12.
(599) علل الشرائع: ج 1 ص 63.

(٣٦٢)

أين أنّ صلاة موسى (عليه السلام) كانت فيها؟ ومن أين اتحاد الشرائع في مثله(600)؟
أقول: نحن نتكلّم أولا في دلالة الآية الكريمة بالنظر إلى ظاهرها، ثمّ ننظر أيّ التفسيرين أقرب إلى الظاهر، فنقول: الظاهر أنّ موسى (عليه السلام) أمر بخلع نعليه احتراما للواد المقدّس كما هو شأن كلّ مكان مقدّس يخلع الناس النعال عند ورودهم فيه، وكما نرى يخلعون نعالهم عند دخولهم المساجد والمشاهد والمقامات الشريفة، وهذا علامة تعظيمهم لهذا المكان، وأمر الله تعالى نبيّه موسى بذلك إيذانا بأنّه دخل الوادي المقدّس، ويظهر منها أنّ موسى كان عالما بأنّ أدب الورود والكون في المكان المقدّس خلع النعلين، وأنّ الأمر لم يكن مولويا بل كان إرشاديا، وإخبارا بأنّه وقع في هذا المكان المقدّس، فيلزم عليه خلع نعليه، وسواء كان مولويا أو إرشاديا، وسواء كان «طوى» اسم هذا الوادي أو كان خبرا ك «إنّ»، وحكاية عن الحالة الحاصلة لموسى، فالمناسب للتعظيم خلع النعلين. هذا ما يستفاد من ظاهر الآية.
وأمّا تفسيرها بحسب الروايات فنقول: إنّ القانون في الروايتين المتعارضتين إذا كانتا متضمّنتين لحكم من الأحكام العملية والفروع الفقهية الجمع العرفي بينهما إن أمكن، وإلّا فالرجوع إلى المرجّحات المذكورة في باب التعادل والترجيح إن كان لإحداهما ترجيح على الاخرى، وإلّا فالحكم هو التخيير كما بيّن في محلّه، إلّا أنّ لازم ذلك ليس الحكم بكذب الرواية التي رجّح غيرها عليها والحكم بوضعها، كما أنّ في صورة التخيير لا يحكم بتساقط أحدهما عن الحجية رأسا، بل يؤخذ بهما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(600) الأخبار الدخيلة: ج 1 ص 99- 100.

(٣٦٣)

في نفي القول الثالث، فكلتاهما حجّة لو لا ابتلاء كلّ واحدة منهما بالاخرى.
وعلى هذا، على فرض ترجيح الخبر الذي فسّر الآية بأنّ الله تعالى إنّما أمر موسى بخلع نعليه لأنّها كانت من جلد حمار ميّت، مثل رواية يعقوب بن شعيب عن الصادق (عليه السلام) المتقدّمة، يجب الأخذ بها بالحكم الظاهري، وهو وجوب تصديق العادل، والبناء العملي على خبره، ولا يستلزم من ذلك سقوط الخبر من الحجّية بالمرّة فيما لا يعارضه خبر آخر، ولا يجوز الحكم بوضعه وكذبه بمجرّد هذا التعارض ورجحان الآخر عليه، فما ذكره الناقد هنا لا يوجب خللا في الحديث، ولا وهنا فيه، فليس هنا إلّا أنّ الشارع تعبّدنا بالأخذ بما فيه المرجّح في مقام العمل، ولا يخفى عليك أنّه ليس مجرّد معارضة خبر آخر أخذنا به على ما تقتضيه القواعد في مورد تعارضهما موجبا لترك الآخر في غير مورده، فلا يترك خبر «كمال الدين» لأنّ بعض مضمونه معارض لمضمون خبر ابن شعيب، وإن كان الأخير صحيح السند والأول ضعيف السند.
وبعد ذلك كلّه ننظر إلى مضمون خبر «كمال الدين» بالقياس إلى خبر ابن شعيب، فنرى أيّهما أوفق بالآية، فنقول: أمّا تفسير الآية بأنّه إنّما أمر الله تعالى نبيّه موسى على نبيّنا وآله وعليه السلام بخلع نعليه لأنّها كانت من جلد حمار ميّت، فهو خلاف الظاهر، فإنّ الظاهر: أنّ خلع النعلين بما أنّها نعلين تعظيم للواد المقدّس، وأنّ الوقوف مع النعلين في هذا الوادي خلاف التعظيم والتكريم، لا لأنّها كانت من جلد حمار ميّت، فيجوز عليه الورود والوقوف مع النعلين لو لم تكن من ميتة، فهذا مخالف لظهور الكتاب، وموجب لاختلال شرائط حجّية الحديث، لأنّ

(٣٦٤)

التعارض إذا وقع بين ظاهر الكتاب وظاهر الخبر لا شكّ في أنّ الكتاب هو الحجّة، فلو لا ابتلاء خبر يعقوب بن شعيب بالمعارض أيضا مثل خبر «كمال الدين» لا يجوز الاستناد به من جهة معارضة ظاهر الكتاب.
لا يقال: إنّ الحديث في مفاده أظهر وأنصّ من دلالة الكتاب على موضوعية خلع النعلين في أداء التعظيم وتحقّق التكريم، فإنّه يقال: مناسبة الحكم والموضوع، واقتضاء شرافة المكان، وعرفية خلع النعلين في مقام التعظيم تؤيّد ظهور الكتاب فيما هو ظاهر فيه عرفا.
ولا يخفى عليك أنّ التعارض هنا ليس من تعارض المقيّد والخاصّ مع المطلق والعام، بل التعارض والتخالف وقع بينهما بالتباين، وعلى هذا يسقط الاستشهاد لوضع حديث سعد بمخالفة مضمونه لحديث يعقوب بن شعيب. هذا بالنظر إلى تفسير الآية برواية يعقوب والاستشكال فيه.
وأمّا بالنظر إلى حديث سعد فالظاهر منه أنّه سأله (عليه السلام) عن تأويل الآية لا عمّا يستفاد منها بحسب ظهورها العرفي الحجّة، فلا منافاة بين الظهور واستفادة الأمر بخلع النعلين، لأنّه لا ينبغي تأدّبا الورود والوقوف في هذا الوادي المقدّس وكلّ مكان ذي شرافة مع النعلين، والتأويل المذكور الذي لا يعلمه إلّا الله والراسخون في العلم.
وعلى هذا لا يرد عليه بأنّ جعل «نعليك» كناية واستعارة عن حبّ الأهل مجاز يحتاج إلى قرينة، ولا قرينة، مع أنّ الأمر بالنزع، لو كان المراد بالنعلين حبّ الأهل كان للدوام، وينافيه تعليله (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)، فإنّ هذا يقال لو قلنا: بأنّ ذلك هو المتبادر إلى الذهن بحسب الظهور العرفي، لا إذا قلنا بحسب التأويل الذي ورد من أهله،

(٣٦٥)

مضافا إلى أنّ باب الاستعارة واسع، والمعيار في استحسانه الذوق السليم، وخفاء القرينة علينا لا يقتضي عدم وجودها بين المتكلّم ومخاطبه، فلعلّه كان حافيا والتعليل يقتضي دوام الأمر، فإنّ التشرّف بالواد المقدّس والتكلّم مع الله تعالى يقتضي نزع حبّ غير الله تعالى من القلب، وأن يكون أبدا ملازما له، مخلصا محبّته للّه.
لا يقال: على هذا يدور الأمر بين رفع اليد عن ظاهر الآية برواية ابن شعيب أو برواية سعد والترجيح بحسب السند مع الاولى، لأنّه يقال: خبر ابن شعيب معارض لظاهر ما يستفاد من الكتاب، وهو أنّ الأمر بخلع النعلين كان للتعظيم كما يدلّ عليه خبر ابن شعيب أيضا، فإنّه قد دلّ على ذلك وإن خصّصه بما إذا كان النعل من جلد حمار ميّت، ومعارضته للكتاب إنّما يكون لأجل دلالة الخبر على اختصاص التعظيم بما إذا كان النعل من جلد حمار ميّت مع أنّ العرف لا يساعد مع اختصاصه بخصوص هذا المورد، ويرى تفسيره بالمورد منافيا للاحترام والتعظيم، فحديث ابن شعيب مردود من جهة دلالته بهذا الاختصاص ونفي البأس عن سائر الموارد، وأمّا كون المراد من «خلع النعلين» خلع محبّة الأهل فهو تفسير لا ينفي رجحان خلع النعلين، وإن كانت الآية ليست بصدد بيان هذا الرجحان، فتأمّل حتّى لا يشتبه عليك الفرق بين التفسيرين بالنسبة إلى ما يستفاد من ظاهر الآية. هذا.
وأمّا قوله: وأيضا قال تعالى ذلك له لمّا أراد بعثته، فلا معنى لقوله في الخبر: استجهله في نبوّته، فالأنبياء كانوا لا يعرفون شيئا من الشريعة قبل الوحي إليهم بها، ثم من أين أنّ صلاة موسى (عليه السلام) كانت فيها؟ ومن أين اتّحاد الشرائع في مثله... الخ.

(٣٦٦)

ففيه: أولا: أنّ كلامه هذا غريب منه، فإنّه مثل الاجتهاد في مقابل النصّ، فإنّ الحديث يدلّ على أنّ الأمر بخلع النعلين لم يكن لبيان حكم شرعي ابتدائي كما استظهرنا ذلك من الآية أيضا، وأنّ موسى كان يصلّي في نعله هذا، وبعد ذلك يتّجه ما أورد في الحديث على التفسير الذي زعمه الفقهاء، وردّ الحديث بإنكار ذلك، والترديد في أنّ صلاة موسى على نبيّنا وآله وعليه السلام كانت فيها، وفي اتّحاد الشرائع في مثله بعد دلالة الحديث عليه، في غير محلّه ومن الهفوات.
السابع [عدم مزاحمة محبّة الخالق محبّة المخلوق]
من الوجوه التي توهّم أنّها تشهد بوضع حديث سعد:
تضمّنه أنّ الله تعالى أوحى إلى موسى أن انزع حبّ أهلك من قلبك إن كان محبّتك لي خالصة، مع أنّ محبّة الخالق على وجه ومحبّة الخلائق على وجه، ولا يزاحم الثاني الأول ولا ينقضه، كيف وقد قال نبينا (صلّى الله عليه وآله) وهو أكمل الرسل وأفضلهم: حبّب إليّ من دنياكم ثلاث:
النساء... الخبر، وقال الصادق (عليه السلام) من الأخلاق (أخلاق- ظ) الأنبياء حبّ النساء، وقال (عليه السلام): ما أظنّ رجلا يزداد في الإيمان (أو في هذا الأمر) خيرا إلّا ازداد حبّا للنساء. وإنّما المذموم حبّ يوجب مخالفة أمره تعالى ونهيه، قال عز وجل: (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وأَبْناؤُكُمْ...) إلى قوله: (أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الله ورَسُولِهِ) الآية، مع أنّ جعل «نعليك» كناية واستعارة عن حبّ الأهل مجاز يحتاج إلى قرينة، ولا قرينة، مع أنّ الأمر بالنزع، لو كان المراد بالنعلين حبّ الأهل كان للدوام، وينافيه تعليله: (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)(601).
أقول: أولا: إنّ توهّم التخالف والتعارض بين مثل حديث سعد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(601) الأخبار الدخيلة: ج 1 ص 100.

(٣٦٧)

الذي يستفاد منه الترغيب إلى الإخلاص في المحبّة وكمال التوحيد فيها وما ذكره من الآيات ناشئ من عدم التأمّل في المراد من الطائفتين من الآيات والأحاديث، فالطائفة الاولى تنظر إلى مقام اندكاك كلّ محبّة ومحبّة كلّ شيء في محبّة الله، فلا محبوب للمحبّ إلّا هو، فكلّ حبّ ومحبّ يفنى عنده، فلا يرى شيئا، ولا يحبّ أحدا سواه، ولا يلتفت إلى رؤيته ما سواه وحبّه ما سواه كما إذا كان الإنسان مشغول القلب بالتفكّر في أمر ينسى ما سواه حتّى نفسه، وحتّى ينسى اشتغاله بالتفكّر فيه، ولمّا كان موسى (عليه السلام) في هذا المشهد العظيم مشتغل القلب بأمر أهله لأنّه جاء ليقتبس نارا، وأمرهم بالمكث لأن يأتيهم منها بقبس، أمره تعالى بأن يفرغ قلبه له ولما يوحى إليه في هذا المشهد المقدّس، فالوصول بهذه المرتبة الرفيعة يناسب ترك الاشتغال بغير الله تعالى والتوجّه إلى غيره وإلى محبّة الأهل والولد، وعلى هذا الشأن وأعلى مرتبته كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في حال نزول الوحي إليه وغيره من الحالات المقتضية لذلك، فالشئون متفاوتة، والمشاهد والمقامات المتعالية القدسية لا تقاس مع غيرها من الشؤون والمقامات التي لا بدّ للنبي والولي التلبّس بها، ولا يجوز في الحكمة ترفّعهما عنها، بل هما مأموران بهما، متقرّبان بهما إلى الله تعالى.
وأمّا المشهد الذي هو مشهد ظهور محبّة الله والانقطاع إليه، ومشهد التشرّف بتكليم الله تعالى يقتضي ترك الاشتغال بغيره، وفناء كلّ حبّ وحبيب فيه، ولذا أسرع موسى بعد ذلك إلى الذهاب إلى فرعون امتثالا لأمره وترك أهله على حالهم، وهذا شأن ترفع فيه النفس الإنسانية إلى أعلى المراتب الروحانية والقدسية الملكوتية.

(٣٦٨)

وأمّا شأنه في حال يوصف بحسبه بحبّ الأهل والمال والولد، ويشتغل بحبّهم وملازماته، فهو أيضا شأن من شئونه، ولكن ليس اشتغاله باللّه كاشتغاله به في الشأن الأول، فاشتغاله به في الأول يتحصّل له بغير واسطة، وفي الثاني شغله به يتحقّق بواسطة غيره، ويجوز في هذا المقام الجمع بين الحبّين.
وبعبارة اخرى نقول: فعليّة اشتغال القلب بمحبّة الله في مشهد من مشاهد القرب ومعراج الانس تنافي اشتغاله الفعلي بمحبّة غير الله والتوجّه به، كما أنّ فعلية اشتغال القلب بحبّ النساء لا تجتمع مع الاشتغال الفعلي التام بحبّ الله تعالى. وإن شئت الشاهد لذلك فعليك بالرجوع إلى الأدعية، ففي ذيل دعاء عرفة المنسوب: «أنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبّائك حتّى لم يحبّوا سواك، ولم يلجئوا إلى غيرك» هذا، ولا يخفى عليك قصور عباراتنا عن بيان حقيقة هذه المنازل والمشاهد، سيّما إذا كان النازل فيها وشاهدها الأنبياء والأولياء.
وثانيا: ما ذكره من أنّ المذموم حبّ يوجب مخالفة أمره تعالى ونهيه صحيح لا ريب فيه، أي لا يترتّب على حبّ غيره إذا لم يؤدّ إلى مخالفة أوامره ونواهيه عقاب وذمّ مولوي، والآية (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ)(602) ناظرة إلى ذمّ هذا الحبّ المؤدّي إلى العصيان والمخالفة، وأمّا غيره فلم يكلّف الله عباده بتركه وإن رغّبهم بالجهاد لترك بعض أنواعه كما رغّبهم إلى بعض أنواعه الاخرى، إلّا أنّه لا ريب في أنّ شغل القلب باللّه تعالى، والانصراف من كلّ شيء إلى الله، والانقطاع به ممدوح شرعا، وكلّما كان ملازمة النفس بذكر الله تعالى ومداومته به

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(602) التوبة: 24.

(٣٦٩)

أقوى وأتمّ كان العبد إلى الله أقرب، ولو كان جائزا في حكمة الله تعالى أن لا ينصرف عبده إلى غيره ممّا يتوقّف به نظام العالم ويدور مداره ابتلاء الخلق، لكان اللازم على العبد أن لا ينصرف منه إلى غيره.
فعلى هذا نقول: إنّ حبّ الأهل والمال والولد ليس مذموما بالإطلاق، إلّا أنّ الاشتغال التامّ باللّه تعالى، وشغل القلب بمحبّته في بعض الأحوال، ومثل المقام الذي تشرّف به موسى على نبيّنا وآله وعليه السلام ممدوح، بل لازم من لوازم العبودية ومعرفة الربوبية، وينبئ عن ذلك كلّه قوله (صلّى الله عليه وآله): «لي مع الله وقت لا يسعه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل»(603)، وقوله في الحديث القدسي: «أنا جليس من ذكرني»(604)، وقوله (صلّى الله عليه وآله): من ذكر الله في السوق مخلصا عند غفلة الناس وشغلهم بما فيه كتب الله له ألف حسنة، ويغفر الله له يوم القيامة مغفرة لم تخطر على قلب بشر»(605).
وثالثا: دعواه- أنّ جعل «نعليك» كناية واستعارة عن حبّ الأهل مجاز يحتاج إلى قرينة، ولا قرينة فيها- أنّ الظاهر أنّ هذه الاستعارة كانت معهودة عند أهل اللسان، بل وغيرهم من سائر الألسنة، ولذلك حكي: أنّ أهل تعبير الرؤيا يعبّرون النعلين بالأهل، وفقدانها بفقدان الأهل (606)، مضافا إلى أنّه يكفي في القرينة كون النعلين من اللباس، وإطلاق اللباس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(603) انظر البحار: ج 18 ص 360.
(604) الوسائل: ج 1 ص 220 نقلا عن الفقيه والتوحيد والعيون، وفي ج 4 ص 1177 نقلا عن الكافي.
(605) الوسائل: ج 4 ص 1190 نقلا عن عدّة الداعي.
(606) راجع تعطير الأنام في تعبير المنام: ج 2 ص 306، وتفسير الأحلام لابن سيرين المطبوع بهامش تعطير الأنام: ج 2 ص 228.

(٣٧٠)

على الزوجة في (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ)(607).
وأوضح من ذلك كلّه: أنّ السؤال في حديث سعد وقع عن تأويل الآية، لاعن تفسيرها، ولذا لا ينافي ذلك التأويل كون المراد بالنعلين غير ما يراد بها في العرف واللغة، كما لا ينافي أيضا لو كان المراد من ظاهر الآية الأمر بنزع النعلين لأنّها كانت من جلد حمار ميّت وإن كان في هذا الاحتمال ما ذكرناه ممّا يردّ كونه المراد، واللّه أعلم.
ورابعا: قد ظهر ممّا ذكرناه أنّه لا يلزم من كون المراد بنزع النعلين نزع حبّ الأهل أن يكون ذلك للدوام، بل يصحّ ذلك ولو كان لعلّة حضوره في مشهد تكليم الربّ معه، والتعليل يؤيّد ما ذكرناه من عدم منافاة بين الأمر بنزع حبّ الأهل في هذا المقام الشريف وبين ما ورد في الترغيب إلى حبّ الأهل. هذا.
ولا يخفى عليك أنّ بعد إمكان الجمع بين رواية سعد وغيره من الروايات لا يجوز القول بمخالفتها مع غيرها، والاستشهاد بها لوضعها، سامحنا الله وإيّاه، ووفّقنا لسلوك الطريقة المستقيمة، وهدانا إلى السليقة السليمة.
الثامن [ما فيه من تفسير «كهيعص»]
من المضامين التي استشهد بها لوضع حديث سعد: ما فيه من تفسير «كهيعص» مع أنّ الأخبار وردت بغير ذلك كلّها دالّة على أنّ «كهيعص» من أسماء الله تعالى.
وفيه: أوّلا: أنّ ذلك على سبيل التأويل، وسائر الأخبار ورد على سبيل التفسير.
وثانيا: لا منافاة بين هذه الأخبار، ولا دلالة لها على حصر المراد بما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(607) البقرة: 187.

(٣٧١)

فيها بعد ما كانت الحروف المقطّعة القرآنية من الرموز، فيجوز أن يكون كلّ حرف منها رمزا للعلوم الكثيرة، ومفتاحا لأبواب من المعارف والامور الغيبية، وهذا نحو قوله (عليه السلام): علّمني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ألف باب من العلم، فانفتح لي من كلّ باب ألف باب (608).
التاسع: تضمّنه [خبر اليهود بظهور محمد ص]
أنّ اليهود كانوا يخبرون بظهور محمد (صلّى الله عليه وآله) يسلّط على العرب كتسلّط بخت نصّر على بني إسرائيل، وأنّه كاذب، مع أنّه خلاف القرآن، فإنّه تضمّن أنّهم يوعدون أعداءهم به (صلّى الله عليه وآله)، وأنّه إذا ظهر ينتقم لهم منهم، قال الله تعالى: (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ)، وورد: أنّ الأنصار بادروا بالإسلام لمّا سمعوا من اليهود فيه، فقالوا: هذا النبي الذي كانت اليهود يخبروننا به.
أقول: هذا أيضا عجيب، فإنّ ما يدلّ عليه حديث سعد: أنّ اليهود كانوا يقولون كذا وكذا عنه (صلّى الله عليه وآله)، وكانوا يكذّبونه، وتكذيبهم إيّاه قد ورد في القرآن المجيد لا مرية فيه، ومن جملة ما يدلّ على إنكارهم وردّهم رسالته هذه الآية: (وكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ...)(609) فأيّ منافاة بين كونهم مخبرين برسالته قبل دعوته وبعثته أو قبل ولادته، وبين إنكارهم حسدا وعنادا للحقّ؟ والأنصار أيضا آمنوا بالحقّ لمّا سمعوا من اليهود قبل ذلك من البشارة بالنبي (صلّى الله عليه وآله) في التوراة مع أنّهم بعد ذلك لم يؤمنوا به وأنكروه، إلّا القليل منهم كعبد الله بن سلام وغيره.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(608) راجع البحار: باب علمه (عليه السلام) وأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) علّمه ألف باب ج 40 ص 127.
(609) البقرة: 89.

(٣٧٢)

إن قلت: إنّ الآية الكريمة إنّما تدلّ على أنّ اليهود كانوا قبل البعثة يستفتحون على الذين كفروا، وكانوا يخبرون عن ظهور النبي (صلّى الله عليه وآله) ويصدّقونه، فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به، والرواية قد دلّت على أنّهم يكذّبونه قبل ذلك.
قلت: ما دلّت عليه الرواية: أنّ المجالسين لهما كانوا يكذّبونه، ولعلّ مجالستهما إيّاهم كانت للاستخبار عن حاله (صلّى الله عليه وآله) ومآل حاله، وكانت بعد البعثة، ولا رادّ لاحتمال أن يكون طائفة من اليهود كانوا يكذّبونه قبل ذلك تعصّبا؛ لعلمهم بأنّه من العرب ومن ولد إسماعيل على نبيّنا وآله وعليه السلام، وبعد جواز الجمع بين ظاهر الآية والرواية بأحد الوجهين المقبولين عند العرف يرفع الإشكال، وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
العاشر: تضمّنه أنّ الرجلين كانا يجالسان اليهود، ويستخبرانهم عن عواقب أمر محمد
صلّى الله عليه وآله مع أنّهما لم يكونا أهل ذلك، لا سيّما الثاني الذي كان جلفا جافا، وحديث إسلامه معروف، وأيّ مانع من أن يكون إسلامهما طوعا ويصيران أخيرا منافقين، فكم من مؤمن صار كافرا فضلا عن أن يصير منافقا، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) أ لم يكن إبليس ملكا(610) مقرّبا ثمّ صار رجيما لعينا؟ فأيّ استبعاد من أن يؤمن الرجلان طوعا ثمّ يكفران حسدا منهما بمقام أمير المؤمنين (عليه السلام)، واستنكافا عن طاعته كما كفر إبليس بسبب آدم (عليه السلام)؟ أ لم يخبر الله تعالى بانتظار وقوع الارتداد من عامّة الامة في قوله (عزّ وجلّ): (وما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(610) وهذا مخالف لقوله تعالى: (كانَ مِنَ الْجِنِ)، فتأمّل.

(٣٧٣)

ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ)؟(611).
أقول: سبحان الله! عجيب عجيب، يا هذا! ما تقول ومع من تتكلّم وعلى من تردّ؟! (ما هكذا تورد يا سعد الإبل) على فرض صحّة سند الحديث، بل وعلى البناء على ضعفه لا يجوز التكلّم فيه وردّه بهذا البيان الخارج عن حدّ الأدب، فإذا يجوز أن يكون إسلامهما طوعا ويصيرا أخيرا من المنافقين لم لا يجوز أن يكون طمعا؟
وأي دلالة في قصّة إبليس على وجوب كون إيمانهما طوعا؟ ومن أين علمت أنّ إبليس الذي ظهر كفره عند أمره بالسجود لآدم لم يكن كافرا منافقا قبل ذلك؟
ومن أين تستدلّ بقوله تعالى: (وما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ) على أنّهما كانا مسلمين مؤمنين ثم ارتدّا بعد ذلك؟ ولم تفرّق بين الارتداد والنفاق، فيجوز أن يكون الشخص منافقا لم يحكم عليه بالكفر والارتداد في الظاهر، فإذا أظهر نفاقه وردّ وصية النبي (صلّى الله عليه وآله) وردّ ولاية ولي الأمر ارتدّ بذلك.
ومن أين قلت: إنّ الآية إخبار بانتظار وقوع الارتداد من الامة؟ ثم كيف تقول بانتظار وقوعه من عامّة الامة ولا تستثني أحدا منهم حتّى الذين لم يرتدّوا وعلم الله تعالى بأنّهم لا يرتدّون؟
كأنّك تتكلّم مع مثلك، أو تريد أن تباحث مع الإمام بقول: لم ولا نسلم، ما هذا أدب التسليم للّه تعالى والنبي ولأوصيائه وخلفائه (عليهم السلام).
الحادي عشر: [تضمّن الحديث عدم نقض سعد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(611) الأخبار الدخيلة: ج 1 ص 101.

(٣٧٤)

دعوى خصمه في قضية «الغار»]
ما أشار إليه بقوله: وتضمّن أنّه لم لم ينقض سعد دعوى خصمه بإخراج النبي أبا بكر معه إلى الغار بأنّه لم لم يخرج باقي الأربعة معه لأنّهم صاروا أيضا خلفاء مثل أبي بكر مع أنّه لا ينقض دعواه، فإنّ للخصم أن يقول: إنّي لم أقل أخرجه للخلافة المجرّدة، بل لأنّه أسّس سلطنة المسلمين، وشكّل دولة لهم، وكم فرق بين الباني لبيت والجائي إلى بيت ممهّد.
أقول: كان لسعد ولغيره ممّن يناظر مع هؤلاء أن يقول: إذا كان السبب لإخراجه معه علمه بأنّه يلي الخلافة من بعده، فهو كان عالما بأنّ باقي الأربعة يلونها واحدا بعد واحد، فيجب عليه إخراج الأربعة معه، وإن كان السبب أنّه يكون كذا وكذا كان لسعد أن يجيبه بأنّه ما كان كذا، وأنّ خلافته كما أخبر عنه عمر كانت فلتة وقى الله الامّة شرّها، وأنّ غيره مثل عمر كان أدهى منه، وما كان ما صدر منه بأقلّ ممّا صدر من أبي بكر على رأي القوم وزعمهم لو لم يكن بأكثر وأعظم، وأمّا ما صدر من علي (عليه السلام) من بيان الشريعة وتفسير القرآن، والمعارف الحقيقية، وما نحتاج إليه في امورنا الدينية والدنيوية والاخروية، وما علّم الامّة من علم تأويل القرآن، والجهاد مع الناكثين والقاسطين والمارقين البغاة، فلا يحصيها أحد إلّا الله تعالى.
وكأنّ الناقد رأى ذلك، أي تأسيس سلطنة المسلمين وتشكيل دولتهم من أعمال أبي بكر، ولذا رأى أنّه لا يمكن لسعد الجواب عنه، ولم يلتفت إلى أنّه لم يكن وحده فيما كانوا بصدده من السلطة على المسلمين والاستيلاء عليهم، بل كانوا حزبا وجماعة يعملون لذلك من عصر النبي (صلّى الله عليه وآله)، ولم يكن مقصدهم تأسيس الحكومة للمسلمين، بل كان مقصدهم الاستيلاء على الامور وعلى السلطان،

(٣٧٥)

ومنع أمير المؤمنين (عليه السلام) عن حقّه.
الثاني عشر: [بقاء أحمد بعد العسكري ع أمر قطعي اتّفاقي]
اشتمال حديث سعد بن عبد الله على موت أحمد بن إسحاق في حياة العسكري (عليه السلام)، وبعثه (عليه السلام) خادمه المسمّى بكافور لتجهيزه، مع أنّ بقاء أحمد بعده (عليه السلام) أمر قطعي اتّفاقي... إلخ.
أقول: هذا أقوى ما تشبّث به لإثبات جعل الحديث، ولا ننكر استصعاب الجواب عنه لو كان أحمد بن إسحاق المذكور في هذا الحديث هو أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري الحي بعد وفاة مولانا أبي محمد (عليه السلام)، أمّا لو احتملنا أنّه غيره يرتفع الإشكال، ولا دليل على كونهما واحدا وإن لم يكن دليل على كونهما متعدّدا لو لم نقل بأنّ نفس هذا الحديث دليل على التعدّد، سيّما بعد ما كان مخرجه الصدوق الذي قد سمعت أنّه كان عارفا بالرجال سيّما مثل أحمد بن إسحاق الأشعري المعاصر لأبيه، ولا ريب أنّه لو لم يكن عارفا بأحوال الرجال كان عارفا بمثله، يعرفه معرفة تامّة، وهو مع ذلك أخرج هذا الحديث محتجّا به في كتاب مثل «كمال الدين».
فلو كان أحمد بن إسحاق المذكور فيه هو هذا الذي توفّي في عصر الغيبة الصغرى دون عصر الإمام العسكري (عليه السلام)، كيف لم يتفطّن به؟ لا يجوز ذلك ولا نقبله، فيدور الأمر بين أن نقول: بعدم تفطّن مثل الصدوق- قدس سرّه- بهذا الأمر القطعي الاتفاقي المشهور والمعروف الذي لا يخفى على مثله، أو أن نقول: بدسّ هذا الحديث في كماله وأنّه لم يخرجه فيه وزاد عليه بعض الوضّاعين كلّه أو ذيله الذي لم يخرجه صاحب «الدلائل»، أو أن نقول: بتعدّد المسمّى بأحمد بن إسحاق.

(٣٧٦)

والمتعيّن الثالث كما لا يخفى، ومجهولية حال المذكور في حديث سعد لا يدلّ على ضعفه، بل يستظهر منه أنّ الصدوق كان يعرفه بأنّه كان خير أهل البلد. والحمد للّه على الهداية.
أحاديث ثلاثة [موضوعة مخرّجة في باب من شاهد القائم ع وفاز برؤيته]
ومن جملة ما ذكره في الأحاديث الموضوعة في الفصل الأول من الباب الثاني من ذلك الكتاب (الأخبار الدخيلة) أحاديث ثلاثة من الأحاديث المخرّجة في باب من شاهد مولانا القائم (عليه السلام) وفاز برؤيته:
أحدها: ما رواه الصدوق في كمال الدين: ص 465- 470 قال:
حدّثنا علي بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: وجدت في كتاب أبي- رضي الله عنه- قال: حدّثنا محمّد بن أحمد الطوال، عن أبيه، عن الحسن بن علي الطبري، عن أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن إبراهيم بن مهزيار، قال: سمعت أبي يقول: سمعت جدّي علي بن إبراهيم بن مهزيار يقول: كنت نائما في مرقدي إذ رأيت في ما يرى النائم قائلا يقول لي: حجّ، فإنّك تلقى صاحب زمانك. قال علي بن إبراهيم: فانتبهت وأنا فرح مسرور، فما زلت في الصلاة حتّى انفجر عمود الصبح، وفرغت من صلاتي وخرجت أسأل عن الحاجّ، فوجدت فرقة تريد الخروج، فبادرت مع أول من خرج، فما زلت كذلك حتّى خرجوا وخرجت بخروجهم اريد

(٣٧٧)

الكوفة، فلمّا وافيتها نزلت عن راحلتي وسلّمت متاعي إلى ثقات إخواني، وخرجت أسأل عن آل أبي محمّد (عليه السلام)، فما زلت كذلك فلم أجد أثرا، ولا سمعت خبرا.
وخرجت في أوّل من خرج اريد المدينة، فلمّا دخلتها لم أتمالك أن نزلت عن راحلتي وسلّمت رحلي إلى ثقات إخواني، وخرجت أسأل عن الخبر وأقفو الأثر، فلا خبرا سمعت، ولا أثرا وجدت، فلم أزل كذلك إلى أن نفر الناس إلى مكة، وخرجت مع من خرج، حتّى وافيت مكة، ونزلت فاستوثقت من رحلي وخرجت أسأل عن آل أبي محمد (عليه السلام)، فلم أسمع خبرا ولا وجدت أثرا، فما زلت بين الإياس والرجاء متفكّرا في أمري، وعائبا على نفسي، وقد جنّ الليل، فقلت: أرغب إلى أن يخلو لي وجه الكعبة لأطوف بها، وأسأل الله (عزّ وجلّ) أن يعرّفني أملي فيها، فبينما أنا كذلك وقد خلالي وجه الكعبة إذ قمت إلى الطواف، فإذا أنا بفتى مليح الوجه، طيّب الرائحة، متّزر ببردة، متّشح باخرى، وقد عطف بردائه على عاتقه فرعته، فالتفت إليّ فقال: ممّن الرجل؟ فقلت: من الأهواز، فقال: أ تعرف بها ابن الخصيب؟ فقلت: رحمه الله دعي فأجاب، فقال: رحمه الله، لقد كان بالنهار صائما وبالليل قائما وللقرآن تاليا ولنا مواليا، فقال: أ تعرف بها علي بن إبراهيم بن مهزيار؟ فقلت: أنا علي، فقال: أهلا وسهلا بك يا أبا الحسن، أ تعرف الصريحين؟ قلت: نعم، قال: ومن هما؟ قلت: محمد وموسى، ثمّ قال: ما فعلت بالعلامة التي بينك وبين أبي محمد (عليه السلام)؟ فقلت: معي، فقال: أخرجها إليّ، فأخرجتها إليه خاتما حسنا، على فصّه محمّد وعلي، فلمّا رأى ذلك بكى [مليا ورنّ شجيّا،

(٣٧٨)

فأقبل يبكي بكاء] طويلا وهو يقول: رحمك الله يا أبا محمّد، فلقد كنت إماما عادلا، ابن أئمّة وأبا إمام، أسكنك الله الفردوس الأعلى مع آبائك (عليهم السلام)، ثمّ قال: يا أبا الحسن، صر إلى رحلك وكن على اهبة من كفايتك، حتّى إذا ذهب الثلث من الليل وبقي الثلثان فالحق بنا، فإنّك ترى مناك [إن شاء الله].
قال ابن مهزيار: فصرت إلى رحلي اطيل التفكّر، حتّى إذا هجم الوقت فقمت إلى رحلي وأصلحته، وقدمت راحلتي وحملتها وصرت في متنها حتّى لحقت الشعب، فإذا أنا بالفتى هناك يقول: أهلا وسهلا بك يا أبا الحسن، طوبى لك فقد اذن لك، فسار، وسرت بسيره حتّى جاز بي عرفات ومنى، وصرت في أسفل ذروة جبل الطائف، فقال لي: يا أبا الحسن، انزل وخذ في اهبة الصلاة، فنزل ونزلت حتّى فرغ وفرغت، ثمّ قال لي: خذ في صلاة الفجر وأوجز، فأوجزت فيها وسلّم وعفّر وجهه في التراب، ثم ركب وأمرني بالركوب فركبت، ثم سار وسرت بسيره حتّى علا الذروة، فقال: المح هل ترى شيئا؟ فلمحت فرأيت بقعة نزهة كثيرة العشب والكلاء، فقلت: يا سيدي أرى بقعة نزهة كثيرة العشب والكلاء، فقال لي: هل ترى في أعلاها شيئا؟ فلمحت فإذا أنا بكثيب من رمل فوق بيت من شعر يتوقّد نورا، فقال لي: هل رأيت شيئا؟ فقلت: أرى كذا وكذا، فقال لي: يا ابن مهزيار، طب نفسا، وقرّ عينا، فإنّ هناك أمل كلّ مؤمّل، ثم قال لي: انطلق بنا، فسار وسرت حتّى صار في أسفل الذروة، ثمّ قال: انزل، فهاهنا يذلّ لك كلّ صعب، فنزل ونزلت حتّى قال لي: يا ابن مهزيار، خلّ عن زمام الراحلة، فقلت: على من اخلفها وليس هاهنا أحد؟ فقال: إن هذا حرم لا يدخله

(٣٧٩)

إلّا وليّ، ولا يخرج منه إلّا وليّ، فخلّيت عن الراحلة، فسار وسرت، فلمّا دنا من الخباء سبقني وقال لي: قف هناك إلى أن يؤذن لك، فما كان إلّا هنيئة فخرج إليّ وهو يقول: طوبى لك، قد اعطيت سؤلك.
فدخلت عليه صلوات الله عليه وهو جالس على نمط عليه نطع أديم أحمر، متّكئ على مورة أديم، فسلّمت عليه وردّ عليّ السلام، ولمحته فرأيت وجهه مثل فلقة قمر، لا بالخرق ولا بالبزق، ولا بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللاصق، ممدود القامة، صلت الجبين، أزجّ الحاجبين، أدعج العينين، أقنى الأنف، سهل الخدّين، على خدّه الأيمن خال، فلمّا أن بصرت به حار عقلي في نعته وصفته، فقال لي: يا ابن مهزيار، كيف خلفت إخوانك في العراق؟ قلت: في ضنك عيش وهناة، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان، فقال: قاتلهم الله أنّى يؤفكون، كأنّي بالقوم قد قتلوا في ديارهم، وأخذهم أمر ربّهم ليلا ونهارا، فقلت: متى يكون ذلك يا ابن رسول الله؟ قال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة بأقوام لا خلاق لهم، واللّه ورسوله منهم براء، وظهرت الحمرة في السماء ثلاثا فيها أعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نورا، ويخرج السروسيّ من إرمنية وأذربيجان يريد وراء الري الجبل الأسود المتلاحم بالجبل الأحمر، لزيق جبل طالقان، فيكون بينه وبين المروزي وقعة صيلمانية، يشيب فيها الصغير، ويهرم منها الكبير، ويظهر القتل بينهما، فعندها توقّعوا خروجه إلى الزوراء، فلا يلبث بها حتّى يوافي باهات، ثم يوافي واسط العراق، فيقيم بها سنة أو دونها، ثم يخرج إلى كوفان فيكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة إلى الغري، وقعة شديدة تذهل منها العقول، فعندها يكون بوار الفئتين، وعلى الله حصاد

(٣٨٠)

الباقين، ثم تلا قوله تعالى: بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) فقلت: سيدي يا ابن رسول الله، ما الأمر؟ قال: نحن أمر الله وجنوده، قلت: سيدي يا ابن رسول الله حان الوقت؟ قال: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانْشَقَّ الْقَمَرُ).
وثانيها ما رواه الصدوق [أيضا في كمال الدين] - رضوان الله تعالى عليه- أيضا في كمال الدين: ص 445- 453 قال:
حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي الله عنه- قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، قال: قدمت مدينة الرسول (صلّى الله عليه وآله) فبحثت عن أخبار آل أبي محمد الحسن بن علي الأخير (عليهما السلام)، فلم أقع على شيء منها، فرحلت منها إلى مكة مستبحثا عن ذلك، فبينما أنا في الطواف إذ تراءى لي فتى أسمر اللون، رائع الحسن، جميل المخيلة، يطيل التوسّم فيّ، فعدت إليه مؤمّلا منه عرفان ما قصدت له، فلمّا قربت منه سلّمت، فأحسن الإجابة، ثمّ قال: من أيّ البلاد أنت؟ قلت: رجل من أهل العراق، قال: من أيّ العراق؟ قلت: من الأهواز، فقال: مرحبا بلقائك، هل تعرف بها جعفر بن حمدان الحصيني، قلت: دعي فأجاب، قال: رحمة الله عليه، ما كان أطول ليله، وأجزل نيله! فهل تعرف إبراهيم بن مهزيار؟ قلت: أنا إبراهيم بن مهزيار، فعانقني مليّا ثمّ قال: مرحبا بك يا أبا إسحاق، ما فعلت بالعلامة التي وشجت بينك وبين أبي محمد (عليه السلام)؟
فقلت: لعلّك تريد الخاتم الذي آثرني الله به من الطيّب أبي محمّد الحسن ابن علي (عليهما السلام)؟ فقال: ما أردت سواه، فأخرجته إليه، فلمّا نظر إليه استعبر وقبّله، ثم قرأ كتابته فكانت «يا الله يا محمّد يا علي» ثمّ قال:

(٣٨١)

بأبي يد طالما جلت فيها، وتراخى بنا فنون الأحاديث... إلى أن قال لي: يا أبا إسحاق، أخبرني عن عظيم ما توخّيت بعد الحجّ؟ قلت: وأبيك ما توخّيت إلّا ما سأستعلمك مكنونه، قال: سل عمّا شئت، فإنّي شارح لك ان شاء الله، قلت: هل تعرف من أخبار آل أبي محمّد الحسن (عليهما السلام) شيئا؟ قال لي: وايم الله، إنّي لأعرف الضوء بجبين محمد وموسى ابني الحسن بن علي (عليهم السلام)، ثم إنّي لرسولهما إليك، قاصدا لإنبائك أمرهما، فإن أحببت لقاءهما والاكتحال بالتبرّك بهما فارتحل معي إلى الطائف، وليكن ذلك في خفية من رجالك واكتتام.
قال إبراهيم: فشخصت معه إلى الطائف أتخلّل رملة فرملة، حتّى أخذ في بعض مخارج الفلاة، فبدت لنا خيمة شعر، قد أشرفت على أكمة رمل تتلألأ تلك البقاع منها تلألؤا، فبدرني إلى الإذن، ودخل مسلّما عليهما وأعلمهما بمكاني، فخرج عليّ أحدهما وهو الأكبر سنّا (م ح م د) ابن الحسن (عليهما السلام)، وهو غلام أمرد، ناصع اللون، واضح الجبين، أبلج الحاجب، مسنون الخدّين، أقنى الأنف، أشمّ، أروع، كأنّه غصن بان، وكأنّ صفحة غرّته كوكب درّي، بخدّه الأيمن خال كأنّه فتاة مسك على بياض الفضة، وإذا برأسه وفرة سحماء سبطة تطالع شحمة اذنه، له سمت ما رأت العيون أقصد منه، ولا أعرف حسنا وسكينة وحياء.
فلما مثّل لي أسرعت إلى تلقّيه، فأكببت عليه ألثم كلّ جارحة منه، فقال لي: مرحبا بك يا أبا إسحاق، لقد كانت الأيّام تعدني وشك لقائك، والمعاتب بيني وبينك على تشاحط الدار، وتراخي المزار، تتخيّل لي صورتك حتّى كأنّا لم نخل طرفة عين من طيب المحادثة، وخيال

(٣٨٢)

المشاهدة، وأنا أحمد الله ربّي ولي الحمد على ما قيّض من التلاقي، ورفّه من كربة التنازع والاستشراف عن أحوالها، متقدّمها ومتأخّرها، فقلت: بأبي أنت وامّي، ما زلت أفحص عن أمرك بلدا فبلدا منذ استأثر الله بسيدي أبي محمد (عليه السلام)، فاستغلق عليّ ذلك حتّى منّ الله عليّ بمن أرشدني إليك ودلّني عليك، والشكر للّه على ما أوزعني فيك من كريم اليد والطول، ثمّ نسب نفسه وأخاه موسى واعتزل بي ناحية، ثمّ قال: إنّ أبي (عليه السلام) عهد إليّ أن لا أوطن من الأرض إلّا أخفاها وأقصاها، إسرارا لأمري، وتحصينا لمحلّي لمكايد أهل الضلال والمردة من أحداث الامم الضوالّ، فنبذني إلى عالية الرمال، وجبت صرائم الأرض ينظرني الغاية التي عندها يحلّ الأمر، وينجلي الهلع. وكان (عليه السلام) أنبط لي من خزائن الحكم، وكوامن العلوم ما إن أشعت إليك منه جزءا أغناك عن الجملة.
[واعلم] يا أبا إسحاق أنّه قال (عليه السلام): يا بني، إنّ الله جلّ ثناؤه لم يكن ليخلي أطباق أرضه وأهل الجدّ في طاعته وعبادته بلا حجّة يستعلي بها، وإمام يؤتمّ به، ويقتدى بسبيل سنّته ومنهاج قصده، وأرجو يا بني أن تكون أحد من أعدّه الله لنشر الحقّ ووطء الباطل، وإعلاء الدين، وإطفاء الضلال، فعليك يا بني بلزوم خوافي الأرض، وتتّبع أقاصيها، فإنّ لكلّ وليّ لأولياء الله (عزّ وجلّ) عدوّا مقارعا، وضدّا منازعا، افتراضا لمجاهدة أهل النفاق، وخلاعة اولي الإلحاد والعناد، فلا يوحشنّك ذلك.
واعلم أنّ قلوب أهل الطاعة والإخلاص نزّع إليك مثل الطير إلى أوكارها، وهم معشر يطلعون بمخائل الذلّة والاستكانة، وهم عند الله

(٣٨٣)

بررة أعزّاء، يبرزون بأنفس مختلّة محتاجة، وهم أهل القناعة والاعتصام، استنبطوا الدين فوازروه على مجاهدة الأضداد، خصّهم الله باحتمال الضيم في الدنيا ليشملهم باتساع العزّ في دار القرار، وجبلهم على خلائق الصبر لتكون لهم العاقبة الحسنى، وكرامة حسن العقبى.
فاقتبس يا بني نور الصبر على موارد امورك تفز بدرك الصنع في مصادرها، واستشعر العزّ فيما ينوبك تحظ بما تحمد غبّه إن شاء الله، وكأنّك يا بني بتأييد نصر الله (و) قد آن، وتيسير الفلج وعلو الكعب (و) قد حان، وكأنّك بالرايات الصفر والأعلام البيض تخفق على أثناء أعطافك ما بين الحطيم وزمزم، وكأنّك بترادف البيعة وتصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدرّ في مثاني العقود، وتصافق الأكفّ على جنبات الحجر الأسود تلوذ بفنائك من ملأ براهم الله من طهارة الولادة، ونفاسة التربة، مقدّسة قلوبهم من دنس النفاق، مهذّبة أفئدتهم من رجس الشقاق، ليّنة عرائكهم للدين، خشنة ضرائبهم عن العدوان، واضحة بالقبول أوجههم، نضرة بالفضل عيدانهم، يدينون بدين الحقّ وأهله، فإذا اشتدّت أركانهم، وتقوّمت أعمادهم، فدّت بمكانفتهم طبقات الامم إلى إمام، إذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة تشعّبت أفنان غصونها على حافّات بحيرة الطبرية، فعندها يتلألأ صبح الحقّ، وينجلي ظلام الباطل، ويقصم الله بك الطغيان، ويعيد معالم الإيمان، يظهر بك استقامة الآفاق، وسلام الرفاق، يودّ الطفل في المهد لو استطاع إليك نهوضا، ونواشط الوحش لو تجد نحوك مجازا، تهتزّ بك أطراف الدنيا بهجة، وتنشر عليك أغصان العزّ نضرة، وتستقرّ بواني الحقّ في قرارها، وتؤوب شوارد الدين إلى أوكارها، تتهاطل عليك سحائب الظفر، فتخنق كلّ

(٣٨٤)

عدوّ، وتنصر كلّ وليّ، فلا يبقى على وجه الأرض جبّار قاسط، ولا جاحد غامط، ولا شانئ مبغض، ولا معاند كاشح، ومن يتوكّل على الله فهو حسبه، إنّ الله بالغ أمره، قد جعل الله لكلّ شيء قدرا.
ثم قال: يا أبا إسحاق ليكن مجلسي هذا عندك مكتوما إلّا عن أهل التصديق، والاخوّة الصادقة في الدين، إذا بدت لك أمارات الظهور والتمكّن فلا تبطئ بإخوانك عنّا، وباهر المسارعة إلى منار اليقين، وضياء مصابيح الدين، تلق رشدا إن شاء الله.
قال إبراهيم بن مهزيار: فمكثت عنده حينا أقتبس ما اؤدّي إليهم من موضحات الأعلام، ونيّرات الأحكام، وأروّي نبات الصدور من نضارة ما ادّخره الله في طبائعه من لطائف الحكم، وطرائف فواضل القسم، حتّى خفت إضاعة مخلّفي بالأهواز لتراخي اللقاء عنهم، فاستأذنته بالقفول، وأعلمته عظيم ما أصدر به عنه من التوحّش لفرقته، والتجرّع للظعن عن محالّه، فأذن وأردفني من صالح دعائه ما يكون ذخرا عند الله ولعقبي وقرابتي إن شاء الله.
فلمّا أزف ارتحالي، وتهيّأ اعتزام نفسي، غدوت عليه مودّعا ومجدّدا للعهد، وعرضت عليه مالا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم، وسألته أن يتفضّل بالأمر بقبوله منّي، فابتسم وقال: يا أبا إسحاق، استعن به على منصرفك، فإنّ الشقّة قذفة، وفلوات الأرض أمامك جمّة، ولا تحزن لإعراضنا عنه، فإنّا قد أحدثنا لك شكره ونشره، وربضناه عندنا بالتذكرة، وقبول المنّة، فبارك الله فيما خوّلك، وأدام لك ما نوّلك، وكتب لك أحسن ثواب المحسنين، وأكرم آثار الطائعين، فإنّ

(٣٨٥)

الفضل له ومنه، وأسأل الله أن يردّك إلى أصحابك بأوفر الحظّ من سلامة الأوبة، وأكناف الغبطة، بلين المنصرف، ولا أوعث الله لك سبيلا، ولا حيّر لك دليلا، وأستودعه نفسك وديعة لا تضيع ولا تزول بمنّه ولطفه إن شاء الله.
يا أبا اسحاق: قنعنا بعوائد إحسانه، وفوائد امتنانه، وصان أنفسنا عن معاونة الأولياء لنا عن الإخلاص في النيّة، وإمحاض النصيحة، والمحافظة على ما هو أنقى وأتقى وأرفع ذكرا.
قال: فأقفلت عنه حامدا للّه (عزّ وجلّ) على ما هداني وأرشدني، عالما بأنّ الله لم يكن ليعطّل أرضه، ولا يخلّيها من حجّة واضحة، وإمام قائم، وألقيت هذا الخبر المأثور والنسب المشهور توخّيا للزيادة في بصائر أهل اليقين، وتعريفا لهم ما منّ الله (عزّ وجلّ) به من إنشاء الذرّية الطيّبة، والتربة الزكية، وقصدت أداء الأمانة، والتسليم لما استبان، ليضاعف الله (عزّ وجلّ) الملّة الهادية، والطريقة المستقيمة المرضية قوّة عزم، وتأييد نيّة وشدّة أزر، واعتقاد عصمة (واللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
ثالثها: ما رواه الشيخ في كتاب الغيبة: ص 263 و267 قال:
وأخبرنا جماعة عن التلّعكبريّ، عن أحمد بن علي الرازي، عن علي بن الحسين، عن رجل- ذكر أنّه من أهل قزوين لم يذكر اسمه- عن حبيب بن محمد بن يوسف بن شاذان الصنعاني، قال: دخلت على علي ابن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي فسألته عن آل أبي محمد (عليه السلام)، فقال: يا أخي، لقد سألت عن أمر عظيم، حججت عشرين حجّة كلا أطلب به عيان الإمام فلم أجد إلى ذلك سبيلا، فبينا أنا ليلة نائم في مرقدي إذ رأيت قائلا يقول: يا علي بن إبراهيم! قد أذن الله لي في

(٣٨٦)

الحجّ، فلم أعقل ليلتي حتّى أصبحت، فأنا مفكّر في أمري، أرقب الموسم ليلي ونهاري، فلمّا كان وقت الموسم أصلحت أمري، وخرجت متوجّها نحو المدينة، فما زلت كذلك حتّى دخلت يثرب فسألت عن آل أبي محمد (عليه السلام)، فلم أجد له أثرا، ولا سمعت له خبرا، فأقمت مفكّرا في أمري حتّى خرجت من المدينة اريد مكة، فدخلت الجحفة وأقمت بها يوما، وخرجت منها متوجّها نحو الغدير وهو على أربعة أميال من الجحفة، فلمّا أن دخلت المسجد صلّيت وعفّرت واجتهدت في الدعاء، وابتهلت إلى الله لهم، وخرجت اريد عسفان، فما زلت كذلك حتّى دخلت مكة فأقمت بها أياما أطوف البيت، واعتكفت، فبينا أنا ليلة في الطواف إذا أنا بفتى حسن الوجه، طيّب الرائحة، يتبختر في مشيته، طائف حول البيت، فحسّ قلبي به، فقمت نحوه فحككته، فقال لي: من أين الرجل؟ فقلت: من أهل العراق، قال: من أيّ العراق؟ قلت: من الأهواز، فقال لي: تعرف بها الخصيب؟ فقلت: رحمه الله، دعي فأجاب، فقال: رحمه الله، فما كان أطول ليله، وأكثر تبتّله، وأغزر دمعته! أ فتعرف علي بن إبراهيم بن المازيار؟ فقلت: أنا علي بن إبراهيم، فقال: حيّاك الله يا أبا الحسن، ما فعلت بالعلامة التي بينك وبين أبي محمّد الحسن بن علي (عليهما السلام)؟ فقلت: معي، قال: أخرجها، فأدخلت يدي في جيبي فاستخرجتها، فلمّا أن رآها لم يتمالك أن تغرغرت عيناه بالدموع، وبكى منتحبا حتّى بلّ أطماره، ثم قال: اذن لك الآن يا ابن مازيار، صر إلى رحلك وكن على أهبة من أمرك، حتّى إذا لبس الليل جلبابه، وغمر الناس ظلامه، سر إلى شعب بني عامر، فإنّك ستلقاني هناك، فسرت إلى منزلي، فلمّا أن أحسست بالوقت

(٣٨٧)

أصلحت رحلي، وقدمت راحلتي وعكمته شديدا، وحملت وصرت في متنه، وأقبلت مجدّا في السير حتّى وردت الشعب، فإذا أنا بالفتى قائم ينادي: يا أبا الحسن إليّ، فما زلت نحوه، فلمّا قربت بدأني بالسلام، وقال لي: سر بنا يا أخ، فما زال يحدّثني واحدّثه حتّى تخرّقنا جبال عرفات، وسرنا إلى جبال منى، وانفجر الفجر الأوّل ونحن قد توسطنا جبال الطائف، فلمّا أن كان هناك أمرني بالنزول وقال لي: انزل فصلّ صلاة الليل، فصلّيت، وأمرني بالوتر فأوترت، وكانت فائدة منه، ثم أمرني بالسجود والتعقيب، ثم فرغ من صلاته وركب، وأمرني بالركوب، وسار وسرت معه حتّى علا ذروة الطائف، فقال: هل ترى شيئا؟ قلت: نعم، أرى كثيب رمل عليه بيت شعر يتوقّد البيت نورا، فلمّا أن رأيته طابت نفسي، فقال لي: هناك الأمل والرجاء، ثم قال: سر بنا يا أخ، فسار وسرت بمسيره إلى أن انحدر من الذروة وسار في أسفله، فقال: انزل فهاهنا يذلّ كلّ صعب، ويخضع كلّ جبّار، ثم قال: خلّ عن زمام الناقة، قلت: فعلى من أخلفها؟ فقال: حرم القائم (عليه السلام) لا يدخله إلّا مؤمن، ولا يخرج منه إلّا مؤمن، فخلّيت من زمام راحلتي، وسار وسرت معه إلى أن دنا من باب الخباء فسبقني بالدخول، وأمرني أن أقف حتّى يخرج إليّ، ثم قال لي: ادخل، هناك السلامة، فدخلت فإذا أنا به جالس قد اتّشح ببردة واتّزر باخرى، وقد كسر بردته على عاتقه، وهو كاقحوانة ارجوان قد تكاثف عليها الندى، وأصابها ألم الهوى، وإذا هو كغصن بان أو قضيب ريحان، سمح سخيّ، تقيّ نقيّ، ليس بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللازق، بل مربوع القامة، مدوّر الهامة، صلت الجبين، أزجّ الحاجبين، أقنى الأنف، سهل الخدّين، على

(٣٨٨)

خدّه الأيمن خال كأنّه فتات مسك على رضراضة عنبر، فلمّا أن رأيته بدرته بالسلام، فردّ عليّ أحسن ما سلّمت عليه، وشافهني وسألني عن أهل العراق، فقلت: سيدي، قد البسوا جلباب الذلّة، وهم بين القوم أذلاء، فقال لي: يا ابن المازيار، لتملكونهم كما ملكوكم وهم يومئذ أذلّاء، فقلت: سيدي، لقد بعد الوطن وطال المطلب، فقال: يا ابن المازيار، أبي أبو محمد عهد إليّ أن لا اجاور قوما غضب الله عليهم ولعنهم ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم عذاب أليم، وأمرني أن لا أسكن من الجبال إلّا وعرها، ومن البلاد إلّا عفرها، واللّه مولاكم أظهر التقيّة فوكلها بي، فأنا في التقيّة إلى يوم يؤذن لي فأخرج، فقلت: يا سيدي، متى يكون هذا الأمر؟ فقال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة، واجتمع الشمس والقمر، واستدار بهما الكواكب والنجوم، فقلت: متى يا ابن رسول الله؟ فقال لي: في سنة كذا وكذا تخرج دابّة الأرض من بين الصفا والمروة، ومعه عصا موسى وخاتم سليمان، يسوق الناس إلى المحشر، قال: فأقمت عنده أياما وأذن لي بالخروج بعد أن استقصيت لنفسي، وخرجت نحو منزلي، واللّه لقد سرت من مكة إلى الكوفة ومعي غلام يخدمني، فلم أر إلّا خيرا، وصلّى الله عليه وآله وسلّم تسليما.
وفي دلائل الإمامة: ص 269: وروى أبو عبد الله محمد بن سهل الجلودي، قال: حدّثني أبو الخير أحمد بن محمد بن جعفر الطائي الكوفي في مسجد أبي إبراهيم موسى بن جعفر، قال: حدّثنا محمد بن الحسن بن يحيى الحارثي، قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي، قال: خرجت في بعض السنين حاجّا، إذ دخلت المدينة

(٣٨٩)

وأقمت بها أياما أسأل وأستبحث عن صاحب الزمان، فما عرفت له خبرا، ولا وقعت لي عليه عين، فاغتممت غمّا شديدا، وخشيت أن يفوتني ما أمّلته من طلب صاحب الزمان، فخرجت حتّى أتيت مكة فقضيت حجّتي، واعتمرت بها اسبوعا، كلّ ذلك أطلب، فبينما أنا افكّر إذ انكشف لي باب الكعبة، فإذا أنا بإنسان كأنّه غصن بان، متّزر ببردة متّشح باخرى، قد كشف عطف بردته على عاتقه، فارتاح قلبي وبادرت لقصده، فأثنى إليّ وقال: من أين الرجل؟ قلت: من العراق، قال: من أيّ العراق؟ قلت: من الأهواز، فقال: أ تعرف الحضيني؟ قلت: نعم، قال: رحمه الله، فما كان أطول ليله، وأكثر نيله، وأغزر دمعته! قال: فابن المهزيار؟ قلت: أنا هو، قال: حيّاك الله بالسلام أبا الحسن، ثم صافحني وعانقني، وقال: يا أبا الحسن، ما فعلت بالعلامة التي بينك وبين الماضي أبي محمد نضر الله وجهه؟ قلت: معي، وأدخلت يدي إلى جيبي وأخرجت خاتما عليه «محمد وعلي» فلمّا قرأه استعبر حتّى بلّ طمره الذي كان على يده، وقال: يرحمك الله أبا محمد، فإنّك زين الامة، شرّفك الله بالإمامة، وتوّجك بتاج العلم والمعرفة، فإنا إليكم صائرون، ثم صافحني وعانقني، ثم قال: ما الذي تريد يا أبا الحسن؟
قلت: الإمام المحجوب عن العالم، قال: ما هو محجوب عنكم، ولكن جنّه سوء أعمالكم، قم سر إلى رحلك وكن على أهبة من لقائه إذا انحطت الجوزاء وأزهرت نجوم السماء، فها أنا لك بين الركن والصفا، فطابت نفسي وتيقّنت أنّ الله فضّلني، فما زلت أرقب الوقت حتّى حان، وخرجت إلى مطيّتي، واستويت على رحلي واستويت على ظهرها، فإذا أنا بصاحبي ينادي: يا أبا الحسن، فخرجت فلحقت به، فحيّاني

(٣٩٠)

بالسلام، وقال: سر بنا يا أخ، فما زال يهبط واديا ويرقى ذروة جبل إلى أن علقنا على الطائف، فقال: يا أبا الحسن، انزل بنا نصلّي باقي صلاة الليل، فنزلت فصلّى بنا الفجر ركعتين، قلت: فالركعتين الاوليين؟ قال: هما من صلاة الليل، وأوتر فيهما والقنوت، وكلّ صلاة جائزة، وقال: سر بنا يا أخ، فلم يزل يهبط واديا ويرقى ذروة جبل حتّى أشرفنا على واد عظيم مثل الكافور، فأمدّ عيني فإذا ببيت من الشعر يتوقّد نورا، قال: هل ترى شيئا؟ قلت: أرى بيتا من الشعر، فقال: الأمل، وانحطّ في الوادي، واتّبعت الأثر، حتّى إذا صرنا بوسط الوادي نزل عن راحلته وخلّاها، ونزلت عن مطيّتي وقال لي: دعها، قلت: فإن تاهت، قال: هذا واد لا يدخله إلّا مؤمن، ولا يخرج منه إلّا مؤمن، ثم سبقني ودخل الخباء، وخرج إليّ مسرعا وقال: أبشر، فقد أذن لك بالدخول، فدخلت فإذا البيت يسطع من جانبه النور، فسلّمت عليه بالإمامة، فقال لي: يا أبا الحسن، قد كنّا نتوقّعك ليلا ونهارا، فما الذي أبطأ بك علينا؟ قلت: يا سيدي، لم أجد من يدلّني إلى الآن، قال لي: أ لم تجد أحدا يدلّك، ثم نكت بإصبعه في الأرض، ثم قال: لا، ولكنّكم كثّرتم الأموال، وتجبرتم على ضعفاء المؤمنين، وقطعتم الرحم الذي بينكم، فأيّ عذر لكم، فقلت: التوبة التوبة، الإقالة الإقالة، ثم قال: يا ابن المهزيار، لو لا استغفار بعضكم لبعض لهلك من عليها إلّا خواصّ الشيعة الذين تشبه أقوالهم أفعالهم، ثم قال: يا ابن المهزيار- ومدّ يده- أ لا انبئك الخبر، إذا قعد الصبي، وتحرّك المغربي، وسار العماني، وبويع السفياني، يؤذن لوليّ الله، فأخرج بين الصفا والمروة في ثلاثمائة وثلاث عشر رجلا، وأجيء إلى الكوفة، وأهدم مسجدها وأبنيه على بنائه الأول، وأهدم

(٣٩١)

ما حوله من بناء الجبابرة، وأحجّ بالناس حجّة الإسلام، وأجيء إلى يثرب فأهدم الحجرة واخرج من بهما- وهما طريّان- فآمر بهما تجاه البقيع، وآمر بخشبتين يصلبان عليهما، فتورق من تحتهما، فيفتتن الناس بهما أشدّ من الفتنة الاولى، فينادي مناد من السماء: يا سماء أبيدي، ويا أرض خذي، فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلّا مؤمن قد أخلص قلبه للإيمان، قلت: يا سيدي، ما يكون بعد ذلك؟ قال: الكرّة الكرّة، الرجعة الرجعة، ثم تلا هذه الآية: (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وبَنِينَ وجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً).
أقول: احتمال رجوع هذه الأحاديث إلى حديث واحد- وإن لم يتّحد أسنادها وألفاظها، واختلفت مضامين بعضها مع بعض، واشتمل بعضها على زيادات ليست في غيره- قويّ جدا، ولا يعتدّ بالقول بتعدّدها لأجل هذه الاختلافات مع ما فيها من الوجوه المشتركة التي يستبعد تعدّد وقوعها، كما أنّ الحكم بالوضع على الجميع لأجل ذلك ولبعض الزعوم، ومخالفة بعض مضامينها مع روايات اخرى، جرأة لا يجتري عليها الحاذق الفطن، وغاية الأمر أنّه إن ثبت اعتبار الجميع سندا ومتنا يؤخذ بما اتّفق عليه الجميع في اصول الدين إن حصل منه القطع، وكذا بما يكون في بعضها دون الآخر إن لم يكن بين مضامينها تعارض وتهافت، وإلّا فيجعل كلّ من المتخالفين في جملة ما يوافقه من الأحاديث، فما وصل من مضمون كلّ واحد منها إلى حدّ التواتر فهو الحجّة، وإن ثبت اعتبار بعضها بحيث كان محفوفا بالقرائن القطعية التي ترفعه إلى مرتبة المتواتر في الحجّية فهو الحجّة، وإن لم يثبت اعتبار كلّها ولا بعضها كذلك، سواء ثبت اعتبارها بالتعبّد الشرعي الذي هو حجّة في

(٣٩٢)

الفروع أو لم يثبت كذلك أيضا، يجعل الحديث في جملة ما يوافقه، فإن وصل مع غيره إلى حدّ التواتر يؤخذ به، ويعتمد عليه في الاصول.
وأمّا الحكم بالوضع فلا يجوز إلّا بالدليل القطعي، وبعد إثبات ذلك يسقط الخبر عن الاعتبار، ولا يعتدّ به أصلا، لا في الفروع ولا في الاصول في حصول التواتر به، والحديث الذي لم يثبت وضعه، وحكم عليه بالضعف أو عدم ارتقائه إلى المحفوف بالقرينة القطعية، إن كان مشتملا على مضامين متعدّدة، بعضها يوافق ما في غيره من الأحاديث، وترتقي هذه الأحاديث معه إلى حدّ التواتر، معتبر في هذا الجزء منه وإن لم نعتبر سائر مضامينها، لعدم حصول التواتر فيه كذلك.
[امور يتوهّم منها وضع هذه الأحاديث]
وإذ قد عرفت ذلك فاعلم أنّ ما يمكن أن يتوهّم منه وضع هذه الأحاديث امور:
أحدها: انتهاء سند بعضها إلى علي بن إبراهيم بن مهزيار، وهو ما روي في «الغيبة»، وفي «دلائل الإمامة»، وأحد خبري «كمال الدين» وهو الحديث الثالث والعشرون من باب من شاهد القائم (عليه السلام) وانتهاء سند بعضها إلى إبراهيم بن مهزيار، وهو خبر «كمال الدين» الآخر أي الحديث التاسع عشر، وبعد ما استظهرنا من أنّ هذه الأحاديث ترجع إلى حديث واحد، لعدم جواز تكرار هذه الحكاية بعينها عادة، فلا يجوز وقوعها لعلي بن إبراهيم تارة ولإبراهيم بن مهزيار تارة اخرى.
ويدفع هذا التوهّم بأنّه من الممكن إسقاط جملة (علي بن) سهوا أو اختصارا، فإنّه قد يطلق على الولد اسم الوالد في المحاورات العرفية، كما أنّه يحتمل قويّا زيادتها اشتباها من بعض النسّاخ، أو اجتهادا وغلطا من بعضهم.

(٣٩٣)

كما وقع الناقد الفاضل في هذا الاشتباه بزعم أنّ إبراهيم بن مهزيار مات في الحيرة، ولم يكن يعرف الإمام الذي يلي أمر الإمامة بعد مولانا أبي محمد (عليه السلام)، وقد استدلّ على أنّ إبراهيم مات في أول الحيرة، وعدم إمهاله الأجل ليحقّق الأمر (يعني يعرف إمام زمانه بعد أبي محمد (عليه السلام)) بحديث رواه الكليني- قدس سرّه- في «الكافي» في باب مولد الصاحب (عليه السلام)، ورواه المفيد في «الإرشاد»، والشيخ في غيبته، والكشيّ في رجاله. ولا دلالة له على أنّه كان في الحيرة أصلا لو لم نقل بدلالته على أنّه كان عارفا بالأمر، إذا فكيف يحكم بأنّه مات في الحيرة مع دلالة هذا الحديث الصحيح على أنّه كان عارفا بالأمر من أول الأمر، إلّا أنّ بحثه عن أخبار آل أبي محمد (عليه السلام) كان للفوز بلقاء الإمام (عليه السلام)، لا لمعرفة القائم بالأمر بعده (عليهما السلام).
ثانيها: ضعف الإسناد المنتهي إلى علي بن إبراهيم بن مهزيار، وإلى إبراهيم بن مهزيار وعدم وجود علي بن إبراهيم بن مهزيار.
والجواب عنه: أنّ ضعف الإسناد لا يدلّ على الوضع، فيبقى الخبر على حاله، ويضمّ إلى سائر أخبار الآحاد من الصحاح وغيرها ممّا فيه بعض العلل، فإن وصل إلى حدّ التواتر فهو، وإلّا لا يحكم عليه إلّا بضعف السند لا بالوضع.
كما لا يجوز الحكم بأنّ علي بن إبراهيم بن مهزيار لا وجود له، وإن اريد به أنّه لا ذكر له في كتب الرجال، فغاية الأمر أنّه مجهول لو لم نقل بدلالة هذه الأحاديث التي رواها مثل الصدوق والشيخ وصاحب «الدلائل» واحتجّوا بها، على أنّهم كانوا عارفين به، معتمدين عليه، هذا.

(٣٩٤)

ولو ضعّفنا هذه الأحاديث بضعف السند وجهالة الراوي، لا يجوز تضعيف السند المنتهي إلى إبراهيم بن مهزيار، فإنّ سنده في غاية المتانة والصحّة، فإنّ الصدوق رواه عن شيخه الذي أكثر الرواية عنه مترضّيا، عن شيخ القمّيين ومؤلّف كتاب «الغيبة والحيرة» عبد الله بن جعفر الحميري الثقة، عن إبراهيم بن مهزيار الثقة، إذا فلا محيص عن الحكم بصحّة سند الحديث، ويقوى به غيره من هذه الأحاديث في الجملة؛ لأنّ الأخبار يقوّي بعضها بعضا.
إن قلت: مع انتهاء سند سائر الأحاديث إلى علي بن إبراهيم بن مهزيار يجوز أن يكون المنتهى إليه هذا السند أيضا علي بن إبراهيم، وهو مجهول. وبعبارة اخرى: الأمر دائر بين الأخذ بأصالة عدم الزيادة، وأصالة عدم السقط والحذف، ولا ريب في تقدّم أصالة عدم الزيادة على أصالة عدم السقط.

قلت: أوّلا: إنّ الأمر ينتهي إلى تعارضهما في المتكافئين من حيث السند، وأمّا إذا كان أحد الطريقين أقوى وأسد، كما إذا كان الراوي للزيادة أو ما فيه النقيصة معلوم الحال معروفا بالضبط والوثوق، والآخر مجهولا، ما هو المعتبر عند العقلاء هو الأول، سواء كانت روايته متضمّنة للزيادة أو النقيصة.
وعلى فرض التكافؤ والقول بتقدّم أصالة عدم الزيادة مطلقا، أو هنا على أصالة عدم النقيصة نقول: على فرض كون صاحب هذه الحكاية والفائز بشرف هذا اللقاء والزيارة هو علي بن إبراهيم بن مهزيار لا إبراهيم، فلا ريب في دلالة الحديث على وجوده لرواية مثل الحميري عنه، كما أنّ روايته عنه مثل هذه الحكاية تدلّ على اعتماده عليه،

(٣٩٥)

والمظنون أنّه أخرجه في كتابه «الغيبة والحيرة» واحتجّ به فيه. والحاصل:
أنّ الحديث على كلا الاحتمالين معتبر جدّا، تطمئن به النفس.
ومع ذلك ضعّف سنده معاصرنا العزيز:
أوّلا: بأنّ ابن المتوكّل مهمل.
وثانيا: بأنّه كم من خبر صحيح السند اصطلاحا لم يعمل به أحد.
وثالثا: إنّا لم نر الصدوق قرأ علينا الإكمال (الكمال) وفيه هذان الخبران، فلعلّ معاندا دسّ الخبرين، ثم استشهد بما روى الكشّي في المغيرة بن سعيد.
أقول: أمّا محمد بن موسى بن المتوكّل فقد حكي عن السيد ابن طاوس في «فلاح السائل»(612)، الاتّفاق على وثاقته، ويكفي في الاعتماد عليه رواية الصدوق عنه مترضّيا في روايات كثيرة(613)، ومثله لا يكون مهملا.
وأمّا قوله: كم من خبر صحيح السند اصطلاحا لم يعمل به أحد، إن أراد به أنّه قد يوجد من الصحيح الاصطلاحي ما لم يعمل به أحد، وأنّ عدم عملهم به مع كونه في مرآهم ومنظرهم يدلّ على إعراضهم عنه وعدم اعتباره، وعدم جواز الاعتماد عليه، فهو كلام صحيح متين، فلا يحتجّ بالحديث المعرض عنه في الفروع، وأمّا في اصول الدين فلا يحتجّ بالمعرض عنه، ولا بما لم يثبت الإعراض عنه، لأنّ كلّها إذا لم يكن محفوفا بالقرينة القطعية، أو لم يكن مكملا لحصول التواتر لا يحتجّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(612) فلاح السائل: ص 158 فصل 19، وانظر معجم رجال الحديث: ج 17 ص 284.
(613) راجع معجم رجال الحديث: ج 17 ص 284 وفيه: أقول: قد أكثر الصدوق الرواية عنه، وذكره في المشيخة في طرقه الى الكتب في(48) موردا... الى أن قال: والظاهر أنّه كان يعتمد عليه.

(٣٩٦)

به في اصول الدين، إلّا إذا كمل به التواتر المفيد للقطع فيحتجّ به وإن أعرض عنه الأصحاب؛ لأنّ إعراضهم أعمّ من عدم الصدور، والتواتر يكون لإثبات الصدور، فقوله: كم من خبر صحيح السند اصطلاحا لم يعمل به أحد، ليس هنا مورده.
وما يقال من أنّ عمل الأصحاب جابر لضعف السند، وإعراضهم وتركهم للحديث وعدم عملهم به يسقطه من الاعتبار والحجّية، مربوط باصول الفقه، وباب حجيّة خبر الواحد الذي لا يفيد القطع ولا يعمل به في اصول الدين، فإنّ الأخبار الضعيفة إذا وصلت بحدّ التواتر المعنوي أو الإجمالي حجّة في الفروع وفي اصول الدين وإن لم يوجد عامل بمضمون كلّ واحد منها، والأخبار الصحيحة أيضا إذا كان فيها ما أعرض عنه الأصحاب لم يحتجّ به في الفقه، إلّا أنّه لا يحصل القطع بذلك بوضعه وعدم صحّة سنده، فلا يستدلّ به على وضع الحديث وردّه وإخراجه عمّا به يتحصّل التواتر الذي هو حجّة في اصول الدين، ولا يسوق الكلام هنا كما يساق هاهنا، فتدبّر.
والحاصل: أنّ الإعراض لا يدلّ على الوضع مطلقا، غير أنّ في الفروع يوجب سقوط الخبر عن الاعتبار والحجّية، وأين هذا من الوضع؟!
إن قلت: إنّ المخالفة لاتّفاق الكل يدلّ على الوضع لا محالة.
قلت: هذا تكرار لما سبق، وقد بان لك جوابه، وأنّ المخالفة لاتّفاق الكلّ لا تلازم الوضع، لإمكان صدور الخبر تقيّة.
ثم لا يخفى عليك الفرق بين مخالفة جميع مضمون الحديث لاتّفاق الكلّ أو بعضه؛ لأنّ في صورة مخالفة جميع مضمونه مع الاتّفاق

(٣٩٧)

تكون المخالفة أمارة على وضع الحديث أو صدوره تقيّة، وفي الصورة الثانية فلا تكون أمارة إلّا على وجود علّة في خصوص هذا البعض من دسّه في الحديث أو صدوره تقيّة، ولا تكون هذه أمارة على وجود العلّة في تمام الحديث، كما أنّك إذا عرفت دسّ حديث موضوع معيّن في كتاب لا تحكم بوضع جميع ما فيه من الأحاديث.
وبعد ذلك كلّه، فليعلم أنّ على فرض لزوم العمل بالحديث أو عدم الإعراض عنه مطلقا، فالعمل بهذه الأحاديث ثابت جدّا؛ لأنّه لا يقصد من إخراج هذه الأحاديث إلّا ما هو مقبول الأصحاب واتّفقوا عليه، وهو تشرّف جماعة بلقاء المهدي (عليه السلام) كما يدلّ عليه ما عنون به هذا الباب، وأمّا الخصوصيّات والتفاصيل فلم تكن مقصودة بالأصالة، ولا يتحصّل لإثباتها فائدة مهمّة اعتقادية.
وأمّا قوله: إنّا لم نر الصدوق... إلخ، ففيه: أنّ عدم قراءة الصدوق علينا كتاب «كمال الدين» لا يدلّ على وضع الخبرين ولا غيرهما، فإنّ الصدوق لم يقرأ علينا سائر كتاب «كمال الدين»، وهل ترضى في نفسك احتمال الوضع في كلّ أحاديثه سيّما ما كان أصحّ سندا منها لاحتمال دسّه في الكتاب؟ والاعتماد على الأحاديث- وإن صحّ بتحمّلها بأحد أنحاء تحمّل الحديث الذي منه الوجادة- ليس مشروطا بخصوص قراءة صاحب الأصل والكتاب على من يتحمّلها، فيصحّ الاقتصار على الوجادة والاعتماد على أصل أو كتاب اعتمد عليه الأصحاب، وأخرجوا عنه الحديث في كتبهم خلفا عن سلف، وسيّما إذا كانت نسخه المخطوطة المعتمدة القديمة المتّفقة كثيرة مشهورة.
وثالثها: اشتمال الحديث في بعض طرقه على تسمية الحجّة

(٣٩٧)

عليه السلام، وقد ورد النهي عنها عن النبي (صلّى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والحجّة (عليهم السلام) ولم ترد التسمية إلّا في بعض أخبار شاذّة، حتّى إنّ الصدوق قال بعد خبر اللوح المشتمل على التسمية: الذي أذهب إليه النهي عن التسمية.
أقول: كلامه هذا كلام الحريص على ردّ الأخبار وجمع الوجوه الضعيفة لذلك، فإنّ تسميته (عليه السلام) قد وردت في أخبار صحيحة، وحرمة التسمية وإن كانت في الجملة ثابتة لا يجوز إنكارها مطلقا، إلّا أنّ شمول عمومها وإطلاقها لجميع الموارد- وإن لم تكن تقيّة في البين، أو لم تكن في مجمع الناس، أو في مورد يلزم التسمية لإيضاح الأمر ورفع الاشتباه، وغير هذه من الخصوصيّات- يقبل البحث والنقاش، ولا يجوز ردّ الأحاديث التي فيها التسمية بها، وقد كان ذلك موردا للبحث والنظر بين علمين معاصرين وهما السيد الداماد وشيخنا البهائي قدّس سرّهما.
إذن فيجب على الباحث في أخبار المسألة النظر إلى وجه الجمع بينها، واستنباط الحكم الشرعي حسب ما تقتضيه القواعد والاصول، لا الحكم بوضع طائفة منها لأنّها معارضة لطائفة اخرى أخذ المشهور بها ترجيحا لها على غيرها.
رابعها: اشتماله على بقاء إبراهيم بن مهزيار إلى أوان خروجه [ع] (عليه السلام)، وأنّه (عليه السلام) أمر بمسارعته مع إخوانه إليه، وهو أمر واضح البطلان.
وفيه: أنّ نظره إلى قوله (عليه السلام): إذا بدت أمارات الظهور والتمكّن فلا تبطئ بإخوانك عنّا وبأهل المسارعة إلى منار اليقين، وضياء

(٣٩٩)

مصباح الدين... إلخ، إلّا أنّ ذلك لا يدلّ على بقاء المخاطب في مثل هذا الحديث الذي له نظائر كثيرة في أخبار الملاحم وأشراط الساعة وعلامات المهدي (عليه السلام)، كقوله: فإن أدركت ذلك الزمان،... ونحو ذلك، بل المراد: الدلالة على بيان وظيفة من أدرك ذلك الزمان وبدت له أمارات الظهور، وكلّ ما قيل أو يقال في غيره ممّا شابهه من الأحاديث يقال فيه، فلا يجوز القول بوضعه لمجرّد ذلك.
خامسها: اشتماله على ذهاب جمع مع رايات صفر وأعلام بيض إليه بين الحطيم وزمزم، وبعث الناس ببيعتهم إليه (عليه السلام)، مع أنّ ظهوره بنحو آخر على ما نطقت به الأخبار المتواترة.
أقول: كان اللازم عليه أن يبيّن أولا ما توافقت عليه الأخبار المتواترة، ثمّ يبيّن ما لا يوافقها ولا يمكن الجمع العرفي بينه وبينها، ولا أظنّ أنّه يقدر أن يأتي بأمر دلّت عليه الأخبار المتواترة لا يمكن الجمع بينها وبين هذا الحديث، هذا مضافا إلى وجود ذلك التهافت على زعمه بين سائر أخبار العلامات بعضها مع بعض، ولا ريب أنّه مع الإمكان يجمع بينها بما يساعده العرف، مضافا إلى أنّه قد ظهر لك أنّه لا يجوز ردّ هذه الأخبار بعضها بالبعض إذا كان بينها تخالف وتهافت؛ لأنّ ذلك لا ينافي ما نحن بصدده من إثبات فوز الفائزين بزيارته ولقائه بالتواتر.
سادسها: [عدم ذكر إبراهيم فيهم مع كونه من الأجلّة]
قال: ومنها: أنّ محمد بن أبي عبد الله الكوفي الذي استقصى من رآه في ذاك العصر المعروف وغير المعروف لم يذكر إبراهيم فيهم مع كونه من الأجلّة، إنّما عدّ ابنه محمدا، وهذا نصّه على ما رواه في «الإكمال»، باب من شاهد القائم (عليه السلام)... ثم ذكر خبر ابن أبي عبد الله الكوفي وقال بعده: فتراه عدّ صاحب الفراء وصاحب الصرّة

(٤٠٠)

المختومة وصاحب الحصاة وصاحب المولودين وصاحب الألف دينار وصاحب المال والرقعة البيضاء وصاحب المال بمكّة ورجلين من قابس مع كونهم مجاهيل، فكيف لا يعدّ مثل إبراهيم من المعاريف لو كان منهم؟
وكيف عدّ نفسه مع الاتّهام ولم يعدّ غيره لو كان منهم مع عدمه؟ وكيف عدّ الابن ولم يعدّ الأب مع كونه أجلّ من الابن بمراتب؟
أقول: أوّلا: إنّ محمد بن أبي عبد الله لم يذكر أنّه استقصى من رآه (عليه السلام) في ذلك العصر (المعروف وغير المعروف) بل ذكر عدد من انتهى إليه ممّن وقف على معجزات صاحب الزمان أو رآه، وبين اللفظين بون بعيد، والثاني يدلّ على جواز كونهم أزيد ممّن ذكرهم بكثير.
وثانيا: إذا كان الاعتبار على هذا الخبر يجب ردّ سائر الروايات المذكور فيها من شاهده (عليه السلام) ممّن لم يذكره ابن أبي عبد الله، وما أظنّه يلتزم بذلك، وما كان محمّد بن أبي عبد الله نفسه لو وقف بعد ما ذكر من العدد على أكثر منه ينفي ذلك، لأنّه ذكر قبل ذلك عدد من انتهى إليه، وقد قالوا قديما: عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود، وعدد من تشرّف بزيارته (عليه السلام) أو وقف على معجزاته في الغيبة الصغرى أكثر من ذلك بكثير وأضعافه.
وثالثا: لم لم يقل في ذلك ما قاله في أصل الخبر: إنّا لم نر الصدوق قرأ علينا الإكمال... الخ؟ فلعلّ معاندا أسقط اسم إبراهيم بن مهزيار وأسماء غيرهم عن خبر محمّد بن أبي عبد الله أو سقط عنه بواسطة اشتباه النسّاخ وغيرهم.
ورابعا: من أين قال: إنّ إبراهيم بن مهزيار مع جلالته مات ولم يحقّق الأمر، ولم يعرف إمام زمانه؟ وما ذكره من الروايات لا يدلّ على

(٤٠١)

أنّه مات غير عارف بإمام زمانه، بل غاية الأمر يدلّ على أنّه كان لا يعرف مكانه ووكلاءه، ولا يدري ما يفعل بالأموال، لأنّ الإمام لم يأمره بشيء.
وخامسا: كيف يكون من لم يعرف إمام زمانه ومات في زمان الحيرة أجلّ ممّن هداه الله تعالى إلى إمام زمانه؟
سابعها [اشتماله على أنّ الحجّة تمنّى لقاء إبراهيم بن مهزيار]: قال: ومنها: اشتماله على أنّ الحجّة تمنّى لقاء إبراهيم بن مهزيار مع أنّه (عليه السلام) يمكنه لقاء من أراده، وإنّما الناس لا يمكنهم لقاؤه (عليه السلام).
أقول: لا أدري ما أقول في جواب هذه الشبهات الضعيفة التي لا ينبغي أن يتوهّمها من له أدنى اشتغال بعلم الحديث فضلا عن مثله، فلا يجب أن يكون حبّ اللقاء وتمنّيه ملازما لإرادة اللقاء، فلعلّ مانعا يعلمه هو (عليه السلام) يمنعه عن هذه الإرادة، وهو العارف بوظيفته وموارد إرادته، والحاصل: أنّ إمكان لقائه من أراده لا يقتضي إمكان لقائه من أحبّ لقائه.
ثامنها: [اشتماله على عبارات تكلّفية، غير شبيهة بعبارات الأئمّة ع]
قال: ومنها: اشتماله على عبارات تكلّفية، غير شبيهة بعبارات الأئمّة (عليهم السلام)، وكيف يتكلّم الحجّة (عليه السلام) الذي كان من إنشائه دعاء الافتتاح الوارد في كل ليلة من شهر الله وهو في أعلى درجات الفصاحة، بمثل هذه العبارات الباردة؟
أقول: إن شئت البرودة في الكلام والتكلّف في المضمون فعليك بمطالعة هذه الشبهات الباردة التي أوردها بزعمه هذا الفاضل على هذا الحديث، نعم قد يكون إنشاء ألفاظ وعبارات على غير القادر بالكلام والجاهل بأساليبه تكلّفا، ويرى هو إنشاءها من غيره العارف بفنون الكلام والبلاغة تكلّفا، والعارف بالأدب والفصاحة والبلاغة ينشئها من

(٤٠٢)

غير تكلّف وفي كمال السهولة، فإيراد خطبة مثل خطب مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) من حيث اللفظ والمعنى يصدر من مثله بدون أدنى تكلّف وفي كمال السهولة والارتجال، ومن غيره يصدر أقلّ منها بدرجات بالتكلّف.
وكيف تكون هذه العبارات غير شبيهة بعبارات الأئمّة (عليهم السلام) يعرفها هو ولا يعرفها مثل الصدوق والشيخ اللذين لا يدانيهما في معرفة كلام الأئمّة (عليهم السلام) أكابر مهرة علم الحديث فضلا عن غيرهم؟! وقياسه بدعاء الافتتاح في غير محلّه، فلكلّ مقام مقال، ولكلّ كلام مجال.
تاسعها: [اشتماله على سؤاله بيثرب عنه ع حتّى يراه عيانا وهو لم يمكن]
قال: ويشهد لوضعه (يعني وضع ما رواه الشيخ في غيبته) أيضا مضافا إلى ما مرّ اشتماله على سؤاله بيثرب عنه (عليه السلام) حتّى يراه عيانا مع أنّ عدم إمكان ذلك كان يعرفه كلّ إمامي، واشتماله على منكرات أخر كتبختر من كان سفيرا عنه (عليه السلام) وغيره.
أقول: أمّا سؤاله عيان الإمام فليس في الخبر أنّه كان بيثرب، وأمّا عدم إمكان ذلك حتّى لبعض الأفراد والخواصّ سيّما في عصر الغيبة الصغرى فكلّ إمامي عارف بهذا الأمر، يعرف إمكانه، وانعقاد باب في كتاب «الغيبة» لمن رآه عيانا أدلّ دليل على ذلك. نعم، عيان الإمام بحيث يعرفه جميع الناس كسائر الأفراد لا يقع في عصر الغيبة، وسؤال السائل لم يكن عن هذا، وهذا ظاهر، ولا أدري كيف خفي مثل ذلك على هذا الفاضل؟!
وأمّا تبختر السفير فهو أعمّ من المشي تكبّرا ومعجبا بالنفس، ومن حسن المشي والجسم، والمراد من قوله: «يتبختر في مشيته» هنا هو المعنى الثاني.

(٤٠٣)

وسبحان الله! لا أدري ما أقول، فإنّي أخاف أن أخرج من حدود الأدب، وإلّا فالتمسّك بما هو أوهن من بيت العنكبوت لتضعيف الخبر خارج عن أسلوب البحث والتحقيق، ولا ينبغي لمثله فتح باب هذه الإيرادات الضعيفة والسخيفة لردّ الأحاديث، وضمّ بعضها إلى بعض وتكثيرها لا يرتقي بها إلى دليل مقبول. غفر الله لنا زلاتنا، وأكرمنا بالاستقامة وحسن السليقة بحقّ محمد وآله الطاهرين (عليهم السلام).
عاشرها: [اشتمال اثنين منها على كون الأخ المسمّى بموسى له ع وهذا خلاف المذهب]
وهو أقوى أدلّته على وضع هذه الأحاديث: اشتمال اثنين منها على أنّ للحجّة (عليه السلام) أخا مسمّى بموسى، وهذا خلاف المذهب، وخلاف إجماع الإمامية.
أقول: قال العلامة المجلسي- قدّس سرّه-: اشتمال هذه الأخبار على أنّ له (عليه السلام) أخا مسمّى بموسى غريب (614). ولا يخفى عليك أنّ استغرابه في محلّه جدّا، إلّا أنّه مجرّد استغراب، وظاهره عدم الحكم بالوضع بل والضعف، لجواز كون الحديث الغريب صحيحا.
وقال الشيخ الأجلّ الأكبر شيخنا المفيد- قدّس سرّه- في «الإرشاد» عند ذكر مولانا القائم بعد أبي محمد (عليه السلام): وكان الإمام بعد أبي محمد (عليه السلام) ابنه المسمّى باسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، المكنّى بكنيته، ولم يخلف أبوه ولدا ظاهرا ولا باطنا غيره، وخلفه غائبا مستترا(615).
وقال ابن شهرآشوب في «المناقب» في باب إمامة مولانا أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام): وولده القائم (عليه السلام)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(614) البحار: ج 52 ص 47 ذيل ح 32.
(615) الإرشاد: ص 346 باب ذكر القائم (عليه السلام).

(٤٠٤)

لا غير(616).
وهذا ظاهر عبارات كثير من أساطين الشيعة، وهو القول المشهور بينهم في ذلك، ولم نعرف في الأحاديث ما يدلّ على وجود ولد لسيدنا أبي محمد (عليه السلام) غير مولانا المهدي (عليه السلام) إلّا هذين الخبرين اللذين أخرجهما في «كمال الدين»، وقد عرفت أنّهما خبر واحد روي بألفاظ مختلفة ومضامين متقاربة.
وروي في «الغيبة» وفي «دلائل الإمامة» وليس فيهما ذكر من ذلك، كما لم نجد أيضا في الأقوال قولا مخالفا لهذا القول إلّا من الحسين بن حمدان، فإنّه قال في كتابه الموسوم «بالهداية» في ترجمة مولانا أبي محمد (عليه السلام): له من الولد: موسى والحسين والخلف (عليهم السلام)، ومن البنات... الخ، وإلّا من ابن أبي الثلج في «تاريخ الأئمة» فإنّه قال: ولد للحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) (م ح م د) (عليه السلام) وموسى وفاطمة وعائشة... إلخ.
ولا ريب أنّ هذا القول شاذّ مخالف لما هو المعروف بين الشيعة، وأرباب كتب السيرة والأنساب والتواريخ، وقد صرّح بما هو المشهور بين الإمامية بعض أكابر العامّة أيضا، كابن حجر في «الصواعق» قال: ولم يخلف (يعني مولانا أبا محمّد (عليه السلام)) غير ولده أبي القاسم محمّد الحجّة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن آتاه الله فيها الحكمة.
وهذا ظاهر كلمات جماعة منهم.
ومع ذلك كلّه لا يمكننا نسبة هذا القول، أي انحصار ولد الإمام أبي محمّد العسكري (عليه السلام) بمولانا المهدي (عليه السلام) إلى مثل الصدوق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(616) مناقب ابن شهرآشوب: ج 4 ص 421 باب إمامة مولانا أبي محمّد (عليه السلام).

(٤٠٥)

الذي أخرج هذين الحديثين في كتابه، ولم يذيّلهما بذيل يعرف منه عقيدته إن كانت مخالفة لما تضمّناه، مع أنّه لو كان هذا هو القول المشهور لعرفه ولعرّفه لأصحابه ولم يروه في كتابه لئلا يقع أحد في الاشتباه في ذلك، كما لا يمكننا نسبته إلى معاصريه وشيوخه وسائر الشيعة في عصر الغيبة الصغرى، ولعلّ هذا لم يكن موردا للاهتمام، لعدم ترتّب فائدة اعتقادية على معرفته والسؤال عنه، أو كان معلوما عندهم وجوده أو عدمه ولكنّهم لأجل ما ذكر من عدم ترتّب فائدة شرعية لمعرفته لم يهتمّوا بنقله وضبطه وإن كان يمكن استظهار عدم معروفية ذلك، أي حصر أولاده (عليه السلام) بمولانا (عليه السلام)- بأبي هو وأمي- بين الشيعة من ترك الصدوق- رحمه الله- ذكر ذلك مع إخراجه الخبرين الدالّين على نفي الحصر وإثبات غيره أيضا. ولعلّ شيخنا المفيد(617)- قدس سرّه- كان أوّل من صرّح بعدم وجود ولد له غيره من الذين وصلت إلينا كلماتهم.
والقول الفصل: أنّه لا يثبت بالثبوت الشرعي التعبّدي بالخبر وإن كان صحيح السند إثبات مثل ذلك؛ لعدم شمول أدلّة حجّية الخبر له؛ لعدم ترتّب فائدة شرعية على إثباته أو نفيه للزوم اللغوية في جعل الحجّية له كما بيّن في محلّه.
وهكذا لا يثبت كذلك بأقوال العلماء والشهرة بينهم وبين الشيعة الإثبات أو النفي في مثل هذه المسألة لو فرضنا تحقّقها، لا لعدم حجّية الشهرة مطلقا، بل لأنّها حجّة إذا كانت كاشفة عن وجود خبر تشمله أدلّة حجّية الخبر، ولو قيل: إنّ الشهرة من الحجج التعبّدية بنفسها كخبر الواحد، فدليل حجّيتها أيضا لا يشمل مثل هذه الشهرة التي لا تعلق لها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(617) الإرشاد: ص 346.

(٤٠٦)

بالتكاليف العملية.
فغاية الأمر في ذلك أنّ الثابت المسلّم، والحقّ المقطوع به عند الإمامية، وجماعة من أكابر علماء العامّة، وأساطين علم الأنساب، والذي لا ريب فيه، ويدلّ عليه الأخبار المتواترة: أنّ الخلف من بعد الإمام أبي محمد (عليه السلام)، وخليفته وخليفة الله والحجّة والإمام بعده على الخلق أجمعين هو ابنه المسمّى باسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، والمكنّى بكنيته، وأمّا وجود غيره من الولد له (عليه السلام) وبقاؤه إلى زماننا فغير مقطوع به، لا يثبت بقول من ذكر، ولا بخبري «كمال الدين» لعدم حجيّتهما أوّلا، ولمعارضتهما مع قول مثل المفيد- أعلى الله مقامه- ثانيا، فيسقط كلا القولين عن صلاحية الاعتماد عليهما، وكذا الخبرين في خصوص ذلك، وهذا لا يدلّ على وضعهما، بل ودسّ خصوص هذا فيهما.
ومن هنا يظهر: أنّ الاستدلال على وضع الخبرين باشتمالهما لخلاف المذهب وخلاف إجماع الإمامية فاسد جدّا؛ لأنّ ما هو من المذهب بل وما هو المذهب أنّ الإمام بعد الإمام الحادي عشر أبي محمد (عليه السلام) هو ابنه المسمّى باسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، والمكنّى بكنيته وهو خليفته والإمام المفترض على الناس طاعته، والذي يملأ الأرض قسطا وعدلا، وأمّا عدم كون ولد له غيره أو وجوده فليس من المذهب بشيء، ولا حرج على من لم يعرف ذلك ولم يسأل عنه.
وأمّا إجماع الإمامية فقد عرفت عدم معلومية تحقّقه لو لم نقل بعدمه، وعلى فرض تحقّقه فالكلام فيه هو الكلام في الشهرة. إذن فالحكم بوضع هذا الحديث لتضمّنه وجود أخ له (عليه السلام) دعوى دون

(٤٠٨)

اثباتها خرط القتاد.
ثم إنّه بعد ذلك كلّه قال: إلى غير ذلك ممّا لو استقصي لطال الكلام.
ولا أدري ما أراد بذلك؟ وكيف لم يأت بأكثر ممّا ذكره إن أمكن له مع حرصه وإصراره على إظهار بيان علل الأحاديث الموضوعة بزعمه؟!
وأعجب منه أنّه استدرك كلامه ورجع وقال: وأيضا: أنّ الكليني والمفيد عقدا في «الكافي» و«الإرشاد» بابا لمن رآه (عليه السلام)، ولم يرويا هذا الخبر ولا الخبر السابق، ولو كانا صحيحين ولم يكونا موضوعين لنقلاهما.
فباللّه أنت ترى أنّه لو كان عنده أكثر ممّا أورده على الحديث كفّ عنه وهو يأتي بعد ما قال بهذا الكلام الفارغ عن الميزان؟ فهل يقول أو قال أحد: إنّ كلّ ما لم يذكره «الكافي» و«الإرشاد» موضوع مجعول غير صحيح؟ وهل يحكم بأنّ كلّ ما ذكراه صحيح ثابت؟ ليت شعري من أين أخذ هذه القواعد المصنوعة؟! وأيّ فائدة على تسويد الأوراق بهذه الإيرادات؟! ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه العلي العظيم.

وثلاثة أحاديث أخر

ومن الأحاديث التي ذكرها في عداد الأحاديث الموضوعة في الفصل الأول من الباب الثاني من كتابه (ص 121) أحاديث محمد بن زيد بن مروان، قال: ومنها أحاديث محمّد بن زيد بن مروان، أحد مشايخ الزيدية على ما نقل الشيخ في غيبته (في باب توقيعاته (عليه السلام)

(٤٠٨)

ص 299 ح 255) عن أبي غالب، عنه وهي ثلاثة:
الأوّل: [عن أبي سورة (أحد مشايخ الزيدية)]
عنه، عن أبي عيسى محمّد بن علي الجعفري، وأبي الحسين محمّد بن رقام، عن أبي سورة (أحد مشايخ الزيدية)، قال:
خرجت إلى قبر أبي عبد الله (عليه السلام)، اريد يوم عرفة، فعرّفت يوم عرفة، فلمّا كان وقت عشاء الآخرة صلّيت وقمت فابتدأت أقرأ من الحمد، وإذا شابّ حسن الوجه عليه جبة سيفي (مسيفي خ ل)، فابتدأ أيضا من الحمد وختم قبلي أو ختمت قبله، فلمّا كان الغداة خرجنا جميعا من باب الحائر، فلمّا صرنا على شاطئ الفرات قال لي الشابّ:
أنت تريد الكوفة فامض، فمضيت طريق الفرات، وأخذ الشابّ طريق البرّ، ثم أسفت على فراقه، فاتّبعته، فقال لي: تعال، فجئنا جميعا إلى حصن المسناة، فنمنا جميعا وانتبهنا فإذا نحن على العوفي على جبل الخندق، فقال لي: أنت مضيّق وعليك عيال، فامض إلى أبي طاهر الزراري فسيخرج إليك من منزله، وفي يده الدم من الأضحية، فقل له:
شابّ من صفته كذا يقول لك: صرّة فيها عشرون دينارا جاءك بها بعض إخوانك فخذها منه، فصرت إلى أبي طاهر كما قال الشابّ ووصفته له، فقال: الحمد للّه، ورأيته فدخل وأخرج إليّ صرّة الدنانير فدفعها إليّ وانصرفت.
الثاني: [قول ابي الحسين محمد بن عبيد الله العلوي]
عنه، قال: حدّث بحديثه المتقدّم أبا الحسين محمد بن عبيد الله العلوي، ونحن نزول بأرض الهرّ، فقال: هذا حقّ، جاءني رجل شابّ فتوسّمت في وجهه سمة، فصرفت الناس كلّهم، وقلت له: من أنت؟ فقال: أنا رسول الخلف إلى بعض إخوانه ببغداد، فقلت له: معك راحلة؟ فقال: نعم، في دار الطلحيين، فقلت له: قم فجئني بها،

(٤٠٩)

ووجّهت معه غلاما، فأحضر راحلته، وأقام عندي يومه ذلك، وأكل من طعامي، وحدّثني بكثير من سرّي وضميري، فقلت له: على أيّ طريق تأخذ؟ قال: أنزل إلى هذه النجفة، ثمّ آتي وادي الرملة، ثم آتي الفسطاط فأركب إلى الخلف إلى المغرب، فلمّا كان من الغد، ركب راحلته وركبت معه حتّى صرنا إلى دار صالح، فعبر الخندق وحده وأنا أراه، حتّى نزل النجف وغاب عن عيني.
الثالث: [قول أبي بكر محمّد بن أبي دارم اليمامي (أحد مشايخ الحشوية)]
عنه، قال: حدّث أبا بكر محمّد بن أبي دارم اليمامي (أحد مشايخ الحشوية) بحديثيه المتقدّمين، فقال: هذا حقّ، جاءني منذ سنيات ابن اخت أبي بكر بن البجالي العطّار- وهو صوفي يصحب الصوفية- فقلت: من أنت؟ وأين كنت؟ فقال: أنا مسافر منذ سبع عشرة سنة، فقلت له: فأيّ شيء أعجب ما رأيت؟ فقال: نزلت بالاسكندرية في خان ينزله الغرباء، وكان في وسط الخان مسجد يصلّي فيه أهل الخان وله امام، وكان شابّ يخرج من بيت له غرفة فيصلّي خلف الإمام ويرجع من وقته إلى بيته، ولا يلبث مع الجماعة فقلت- لمّا طال ذلك عليّ، ورأيت منظره شاب نظيف عليه عباء-: أنا واللّه احبّ خدمتك والتشرّف بين يديك، فقال: شأنك، فلم أزل أخدمه حتّى أنس بي الانس التام، فقلت له ذات يوم: من أنت أعزّك الله؟ قال: أنا صاحب الحقّ، فقلت له: يا سيدي متى تظهر؟ فقال: ليس هذا أوان ظهوري وقد بقي مدّة من الزمان، فلم أزل على خدمته تلك وهو على حالته من صلاة الجماعة وترك الخوض في ما لا يعنيه- إلى أن قال-: أحتاج إلى السفر، فقلت له: أنا معك، ثم قلت له: يا سيدي متى يظهر أمرك؟ قال: علامة ظهور أمري كثرة الهرج والمرج والفتن، وآتي مكّة فأكون في المسجد

(٤١٠)

الحرام، فيقال: انصبوا لنا إماما، ويكثر الكلام حتّى يقوم رجل من الناس فينظر في وجهي، ثم يقول: يا معشر الناس، هذا المهدي انظروا إليه، فيأخذون بيدي، وينصبوني بين الركن والمقام، فيبايع الناس عند إياسهم عنّي.
وسرنا إلى البحر، فعزم على ركوب البحر، فقلت له: يا سيدي أنا أفرق من البحر، قال: ويحك تخاف وأنا معك؟ فقلت: لا ولكن أجبن، فركب البحر وانصرفت عنه.
ثم إنّه استشهد لوضعها مضافا إلى كون رواتها من الحشوية والزيدية أنّه (عليه السلام) لا يحضر عند خواص شيعته معرّفا بنفسه، فكيف يحضر عند مخالفيه مع التعريف؟ وكيف يصلّي خلف أئمّة العامّة من يصلّي خلفه عيسى بن مريم؟... إلخ.
أقول: إنّ الحديث الثالث لاشتماله على أنّه يصلّي خلف غيره ويأتمّ به ساقط عن الاعتبار فلا يحتجّ به، ولا ينبغي نقله إلّا لمقصد إثبات إجماع الكلّ على ظهور المهدي ووجوده (عليه السلام)، وإن كنّا بحمد الله تعالى بفضل سائر الأحاديث وأقوال من يعتدّ بقوله من الامة أغنياء عن مثله.
وأمّا الخبر الأوّل، فليس فيه ما يدلّ صريحا على أنّ الشابّ المذكور فيه هو مولانا المهدي (عليه السلام)، وإنّما يذكر اطّرادا، وأنّ هذا الشابّ لا يكون إلّا المهدي (عليه السلام)، أو من خواصّه وحاشيته الذين يقومون بأوامره وإنفاذ أحكامه، والحكم بوضعه وجعله لا يصدر إلّا ممّن يعلم الغيوب.
وأمّا الثاني، ففيه ما يدلّ على ذلك، وليس فيه أيضا ما يدلّ على وضعه، والاستدلال بما يرويه المخالفون من الزيدية والعامة قويّ جدّا، لم

(٤١١)

أر في العلماء وفي الطائفة من تكلّف إثبات ضعفه، بل بناؤهم على الاستدلال بروايات المخالفين فيما هم مخالفون لنا في الفضائل والمناقب والإمامة، فيستدلّون لإثبات أحاديث الثقلين وأحاديث الولاية وغدير خم والأئمة الاثني عشر (عليه السلام) وغيرها بأحاديثهم، ولم يقل أحد: إنّ أسانيدهم في ذلك ضعيفة ساقطة عن الاعتبار، بل عندهم أنّها في غاية الاعتبار وإن كان الراوي ناصبيا أو خارجيا.
نعم، إذا وجد فيه ما لا يناسب مقام الأئمّة (عليهم السلام) الرفيع، ويخالف المذهب، يردّ ذلك إليهم بردّ تمام الخبر، أو خصوص ما فيه من المخالفة حسب ما تقتضيه المقامات والموارد، ويعتمدون في ذلك كلّه على الاصول العقلائية المقبولة.

وحديثان آخران

[ما رواه «الغيبة» في الأخبار المتضمّنة لمن رآه]
حديث آخر من الأحاديث التي عدّها من الأحاديث الموضوعة، قال: ومنها ما رواه «الغيبة» في أول فصل ما روي من الأخبار المتضمّنة لمن رآه (ص 253 ح 223) عن جماعة، عن التلّعكبريّ، عن أحمد بن علي الرازي، قال: حدّثني شيخ ورد الريّ على أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي، فروى له حديثين في صاحب الزمان (عليه السلام)، وسمعتهما منه كما سمع، وأظنّ ذلك قبل سنة ثلاثمائة أو قريبا منها، قال: حدّثني عليّ بن إبراهيم الفدكي، قال: قال الأودي: بينا أنا في الطواف قد طفت ستة واريد أن أطوف السابعة فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة وشابّ حسن الوجه، طيّب الرائحة، هيوب ومع هيبته متقرّب إلى الناس،

(٤١٢)

فتكلّم فلم أر أحسن من كلامه، ولا أعذب من منطقه في حسن جلوسه، فذهبت اكلّمه فزبرني الناس، فسألت بعضهم من هذا؟ فقال: ابن رسول الله، يظهر للناس في كلّ سنة يوما لخواصّه فيحدّثهم ويحدّثونه، فقلت: مسترشد أتاك فأرشدني هداك الله، قال: فناولني حصاة فحوّلت وجهي، فقال لي بعض جلسائه: ما الذي دفع إليك ابن رسول الله؟
فقلت: حصاة، فكشفت عن يدي فإذا أنا بسبيكة من ذهب، وإذا أنا به قد لحقني، فقال: ثبتت عليك الحجّة، وظهر لك الحق، وذهب العمى، أ تعرفني؟ فقلت: اللهمّ لا، فقال المهدي: أنا قائم الزمان، أنا الذي أملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا، إنّ الأرض لا تخلو من حجّة، ولا يبقى الناس في فترة أكثر من تيه بني إسرائيل، وقد ظهر أيام خروجي، فهذه أمانة في رقبتك، فحدّث بها إخوانك من أهل الحقّ.
[عن محمّد بن أحمد بن خلف]
وبالإسناد، عن أحمد بن علي الرازي، قال: حدّثني محمّد بن علي، عن محمّد بن أحمد بن خلف، قال: نزلنا مسجدا في المنزل المعروف بالعباسية على مرحلتين من فسطاط مصر، وتفرّق غلماني في النزول وبقي معي في المسجد غلام أعجمي، فرأيت في زاويته شيخا كثير التسبيح، فلمّا زالت الشمس ركعت وصلّيت الظهر في أول وقتها، ودعوت بالطعام، وسألت الشيخ أن يأكل معي فأجابني، فلمّا طعمنا سألت عن اسمه واسم أبيه، وعن بلده وحرفته ومقصده، فذكر أنّ اسمه محمد بن عبد الله، وأنّه من أهل قم، وذكر أنّه يسيح منذ ثلاثين سنة في طلب الحقّ، وينتقل في البلدان والسواحل، وأنّه أوطن مكة والمدينة نحو عشرين سنة يبحث عن الأخبار ويتتبّع الآثار، فلمّا كان في سنة ثلاث وتسعين ومائتين طاف بالبيت، ثم صار إلى مقام إبراهيم (عليه السلام)

(٤١٣)

فركع فيه، وغلبته عينه، فأنبهه صوت دعاء لم يجر في سمعه مثله، قال: فتأمّلت الداعي فإذا هو شابّ أسمر لم أر قطّ في حسن صورته، واعتدال قامته، ثم صلّى، فخرج وسعى، فأتبعته، وأوقع الله تعالى في نفسي أنّه صاحب الزمان (عليه السلام)، فلمّا فرغ من سعيه قصد بعض الشعاب، فقصدت أثره، فلمّا قربت منه إذا أنا بأسود مثل الفنيق قد اعترضني، فصاح بي بصوت لم أسمع أهول منه: ما تريد عافاك الله؟
فأرعدت ووقفت، وزال الشخص عن بصري، وبقيت متحيّرا، فلمّا طال بي الوقوف والحيرة انصرفت، ألوم نفسي وأعذلها بانصرافي بزجرة الأسود، فخلوت بربّي (عزّ وجلّ) أدعوه، وأسأله بحقّ رسوله وآله (عليهم السلام) ألّا يخيب سعيي، وأن يظهر لي ما يثبت به قلبي، ويزيد في بصري، فلمّا كان بعد سنين زرت قبر المصطفى (صلّى الله عليه وآله)، فبينا أنا اصلّي في الروضة التي بين القبر والمنبر إذ غلبتني عيني، فإذا محرّك يحرّكني، فاستيقظت فإذا أنا بالأسود، فقال: وما خبرك؟ وكيف كنت؟
فقلت: الحمد للّه وأذمّك، فقال: لا تفعل، فإنّي امرت بما خاطبتك به، وقد أدركت خيرا كثيرا، فطب نفسا وازدد من الشكر للّه (عزّ وجلّ) على ما أدركت وعاينت، ما فعل فلان؟ وسمّى بعض إخواني المستبصرين، فقلت: ببرقة، فقال: صدقت، ففلان؟ وسمّى رفيقا لي مجتهدا في العبادة مستبصرا في الديانة، فقلت: بالاسكندرية، حتّى سمّى لي عدّة من إخواني، ثم ذكر اسما غريبا، فقال: ما فعل نقفور؟ قلت: لا أعرفه، قال: كيف تعرفه وهو رومي فيهديه الله فيخرج ناصرا من قسطنطينية، ثم سألني عن رجل آخر، فقلت: لا أعرفه، فقال: هذا رجل من أهل هيت من أنصار مولاي (عليه السلام)، امض إلى أصحابك فقل لهم:

(٤١٤)

نرجو أن يكون قد أذن الله في الانتصار للمستضعفين وفي الانتقام من الظالمين.
ولقد لقيت جماعة من أصحابي وأدّيت إليهم، وأبلغتهم ما حمّلت وأنا منصرف، واشير عليك أن لا تتلبّس بما يثقل به ظهرك، ويتعب به جسمك، وأن تحبس نفسك على طاعة ربّك، فإنّ الأمر قريب إن شاء الله تعالى.
فأمرت خازني فأحضر لي خمسين دينارا، وسألته قبولها، فقال: يا أخي، قد حرّم الله عليّ أن آخذ منك ما أنا مستغن عنه، كما أحلّ لي أن آخذ منك الشيء إذا احتجت إليه، فقلت له: هل سمع منك هذا الكلام أحد غيري من أصحاب السلطان؟ فقال: نعم، أحمد بن الحسين الهمداني المدفوع عن نعمته بآذربيجان، وقد استأذن للحجّ تأميلا أن يلقى من لقيت، فحجّ أحمد بن الحسين الهمداني- رحمه الله- في تلك السنة فقتله ذكرويه ابن مهرويه، وافترقنا وانصرفت إلى الثغر، ثم حججت فلقيت بالمدينة رجلا اسمه طاهر من ولد الحسين الأصغر، يقال: إنّه يعلم من هذا الأمر شيئا، فثابرت عليه حتّى أنس بي، وسكن إليّ، ووقف على صحّة عقيدتي، فقلت له: يا ابن رسول الله، بحقّ آبائك الطاهرين (عليهم السلام) لمّا جعلتني مثلك في العلم بهذا الأمر، فقد شهد عندي من توثّقه، بقصد القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب إيّاي لمذهبي واعتقادي، وأنّه أغرى بدمي مرارا، فسلّمني الله، فقال: يا أخي، اكتم ما تسمع منّي الخبر في هذه الجبال، وإنّما يرى العجائب الذين يحملون الزاد في الليل، ويقصدون به مواضع يعرفونها، وقد نهينا عن الفحص والتفتيش، فودّعته وانصرفت عنه.

(٤١٥)

ثم قال(618): أقول: ويوضّح جعلهما اشتمالهما على إخباره (عليه السلام) بقرب زمان ظهوره من ألف ومائة سنة تقريبا قبل، وهو أمر واضح البطلان بالعيان، وقد تواتر أنّه قال: كذب الوقّاتون... إلخ.
وفيه: أولا: أنّ الاعتماد في الخبر الأول على ما رواه الصدوق وليس في ذيله ما يدلّ على قرب زمان الظهور، وهذا لفظه بعينه:
ولا يبقى الناس في فترة، وهذه أمانة لا تحدّث بها إلّا إخوانك من أهل الحقّ.
وأمّا الخبر الثاني فليس فيه ما يوهم ذلك إلّا قوله: «نرجو أن يكون قد أذن الله في الانتصار للمستضعفين، وفي الانتقام من الظالمين» وهذه العبارة كما ترى لا تدلّ على قرب زمان الظهور بحيث ينافي تأخّره إلى زماننا هذا وبعده. نعم، كأنّه قد فهم الراوي ذلك منها فقال: ولقد لقيت جماعة... إلخ، إلّا أنّ المعيار على ما يستفاد من لفظ الحديث لا على فهم الراوي.
وثانيا: قرب زمان وقوع كلّ أمر واقترابه يكون بحسبه، فقد قرب زمان وقوع الساعة وحساب الناس، واقترب بالنسبة إلى ما مضى من الدنيا، قال الله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ)(619) وقال سبحانه:
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ)(620) وقال (عزّ وجلّ): (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها)(621) وظهور الإمام الذي أوّلت بعض آيات الساعة به، وعبّر عنه بالساعة أيضا مثل ذلك، يجوز أن يقال فيه مع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(618) أي الناقد.
(619) الأنبياء: 1.
(620) القمر: 1.

(621) محمّد: 18.

(٤١٦)

ما ورد في الأخبار من طول الأمد، وأنّ له غيبتين إحداهما تطول حتّى يقول بعضهم: مات، و...، و...، أنّه قد قرب واقترب.
وثالثا: الظاهر من قوله: «كذب الوقّاتون» تكذيب الذين يوقّتون وقت الظهور، ويعيّنون له وقتا خاصّا، كالشهر الفلاني والسنة الفلانية، أو السنة المعيّنة، أو بين سنوات معيّنة.
قال: ويشهد للوضع، اشتمال الأول على ظهوره بيّنا للناس، ومعرّفا بنفسه لمن لا يعرفه، مع أنّ محمد بن عثمان سفيره الثاني كان يقول: إنّ الحجّة ليحضر الموسم كلّ سنة، يرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه. واشتمال الثاني على أنّه كان عاجزا عن الاختفاء عمّن عرفه وتبعه حتّى زجره الأسود الذي كان معه وصرفه، إلى غير ذلك من المنكرات.
أقول: أوّلا: إنّ الأول لم يشتمل على ظهوره بيّنا للناس، ومعرّفا بنفسه لكلّ من لا يعرفه ممّن حضر الموسم، بل يدلّ على أنّه يظهر في كلّ سنة يوما لخواصّه الذين يعرفونه، ومن أخبر مدّعي وضع هذا الحديث بأن ليس له خواصّ وعمّال يعرفونه ولا يعرفهم الناس، يحضرون الموسم في حلقة عن يمين الكعبة، لا يراهم الناس وإن رآهم بعضهم لا يلتفتون بذلك؟!
وثانيا: اشتمال الثاني على أنّ الأسود قد اعترضه وصاح به بصوت لم يسمع أهول منه، فقال له: ما تريد عافاك الله؟ فأرعد ووقف، يدلّ على خلاف ذلك، فملازمة الأسود وغيره له وصياحه على من يريد متابعته يدلّ على قدرته وسلطانه أم على عجزه عن الاختفاء عمّن عرفه؟
فإذا كان للّه تعالى ملائكة عاملون له موكّلون على الامور، فهل يعدّ

(٤١٧)

ذلك من عجزه، وأنّه لا يقدر أن يفعل الامور بنفسه، أو يدلّ على نفوذ أمره وبسط يده وكمال قدرته؟ فيا أخي! إذا أنت تسير بهذه الصورة والسليقة في نقد الأخبار لا يسلم حديث ولا تاريخ- اللهمّ إلّا القليل منه- عن مثل هذه الإيرادات الواهية، فتعوّذ باللّه من ذلك كما نعوذ به منه، ونعتذر منك إن خرجنا عن مسلك الأدب، فعفوا غفر الله لنا ولك.
ثم قال: وممّا يوضّح وضع أمثالها أن رؤيته (عليه السلام) لم تكن مبتذلة، فمثل عبد الله بن جعفر الحميري في ذاك الجلال يقول لمحمد بن عثمان سفيره الثاني في الغيبة الصغرى: هل رأيت صاحب هذا الأمر؟
قال: نعم، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني... الخبر، فكيف في الغيبة الكبرى وقد كان كتب إلى السمري- آخر سفرائه-: ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامّة، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره، بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جورا، وسيأتي من شيعتي من يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر... الخبر.
أقول: ما نرى في هذه الحكايات ابتذالا لرؤيته (عليه السلام)، وهو (عليه السلام) يعرف من يليق برؤيته (عليه السلام)، لصلاحيّة في نفسه، أو لحكمة ومناسبة تقتضي ذلك، وأولياؤه والخواص من شيعته مخفيّون في عباد الله تعالى، يعرفهم الإمام (عليه السلام). والحكايتان المذكورتان (حكاية الأسدي وحكاية ابن أحمد بن خلف) حكايتان عن الغيبة القصرى المعروفة بالصغرى دون الغيبة الطولى المعروفة بالكبرى، فذكر توقيعه إلى سفيره الأخير هنا خارج عن محلّ البحث.

(٤١٨)

مضافا إلى أنّه لو استظهر من هذا التوقيع حرمان الناس كلّهم عن التشرّف بلقائه، ينافي الحكايات المتواترة التي لا شكّ في صحّتها، سيّما تشرّف عدّة من أكابر العلماء، وهذه قرينة على أنّ المراد من كون من يدّعي المشاهدة كذّابا مفتريا، من يدّعيها كما كان متحقّقا للسفراء في عصر الغيبة الصغرى، فيدّعي بها النيابة والسفارة والوساطة بين الناس وبين الإمام عليه الصلاة والسلام، والحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى.

وحديث آخر [ما نقله النوري في «كشف الأستار»]

وممّا عدّه من الأحاديث الموضوعة ما صرّح به بقوله: ومنها:
ما نقله النوري في كتابه «كشف الأستار» بعد عدّه عدّة من العامة قائلين بالمهدي (عليه السلام) كالخاصّة، فقال: السابع: الشيخ حسن العراقي، قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني في الطبقات الكبرى المسمّاة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار في الجزء الثاني من النسخة المطبوعة بمصر في سنة ألف وثلاثمائة وخمسين: ومنهم الشيخ العارف باللّه سيدي حسن العراقي المدفون بالكوم خارج باب الشعرية بالقرب من بركة الرطلي وجامع البشري.
قال: كان قد عمّر نحو مائة وثلاثين سنة، قال: تردّدت إليه مع سيدي أبي العباس الحريثي، وقال: اريد أن أحكي لك حكايتي من مبتدأ أمري إلى وقتي هذا كأنّك كنت رفيقي من الصغر، فقلت له: نعم، فقال: كنت شابّا من دمشق، وكنت صائغا، وكنّا نجتمع يوما في الجمعة على اللهو واللعب والخمر، فجاء لي التنبيه منه تعالى يوما، فقلت

(٤١٩)

لنفسي: أ لهذا خلقت؟ فتركت ما هم فيه وهربت منهم، فتبعوا ورائي فلم يدركوني، فدخلت جامع بني اميّة فوجدت شخصا يتكلّم على الكرسي في شأن المهدي (عليه السلام)، فاشتقت إلى لقائه، فصرت لا أسجد سجدة إلّا وسألت الله تعالى أن يجمعني عليه، فبينا أنا ليلة بعد صلاة المغرب اصلّي صلاة السنّة إذا بشخص جلس خلفي وحسّ على كتفي، وقال لي: قد استجاب الله دعاءك يا ولدي، مالك؟ أنا المهدي، فقلت:
تذهب معي إلى الدار؟ فقال: نعم، وذهب معي، وقال لي: أخل لي مكانا أنفرد فيه، فأخليت له مكانا، فأقام عندي سبعة أيام بلياليها، ولقّنني الذكر، وقال: اعلّمك وردي تدوم عليه إن شاء الله تعالى: تصوم يوما وتفطر يوما، وتصلّي في كلّ ليلة خمسمائة ركعة، وكنت شابّا أمرد حسن الصورة، فكان يقول: لا تجلس قط إلّا ورائي، فكنت أفعل، وكانت عمامته كعمامة العجم، وعليه جبّة من وبر الجمال، فلمّا انقضت السبعة أيام خرج فودّعته، وقال لي: يا حسن، ما وقع لي قطّ مع أحد ما وقع معك، فدم على وردك حتّى تعجز فإنّك ستعمّر عمرا طويلا، قال: ثمّ طلب الخروج، وقال لي: يا حسن، لا تجتمع بأحد بعدي، ويكفيك ما حصل لك منّي فما ثمّ إلّا دون ما وصل إليك منّي، فلا تتحمّل منّة أحد بلا فائدة، فقلت: سمعا وطاعة... الخ.
ثمّ قال(622): أقول: وآثار الوضع عليه لائحة، فإنّه من أكاذيب الصوفية، وممّا يختلقون لهم ولمشايخهم، والعجب من هذا المحدّث كيف ينقل مثل هذا الحديث، وإنّي لأستحيي من النظر في مثله.
وأنا أقول: هل تعلم أنّ المحدّث النوري كتب «كشف الأستار»

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(622) أي الناقد.

(٤٢٠)

جوابا عن قصيدة وردت من بغداد من قبل أبناء العامّة مطلعها: أيا علماء العصر...، وقد ذكرت فيها الإيرادات والسؤالات حول المهدي (عليه السلام)، إنكارا لوجوده (عليه السلام)، وتسفيها لمن يعتقد به، فقام النوري للدفاع عن الحقّ، والذبّ عن المذهب، وأتى بهذا الجواب الشافي الكافي من كتب العامّة، وكلمات مشايخهم وأكابرهم، وجادلهم بالتي هي أحسن، ثم نقلها إلى النظم الجيد البليغ العلامة الكبير والمصلح الشهير الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، وأجابه أيضا على هذا المنوال نظما الشيخ جعفر النقدي والسيّد محسن الأمين، وشرح الأخير قصيدته بالنثر أسماه «البرهان...» وغيرهم.
ففي هذا المجال ذكر أسماء عدّة من القائلين بوجوده من العامّة، منهم الشيخ حسن العراقي، وهو ليس ملتزما بصحّة ما ينقل منهم، ولا يلزم عليه من الاستدلال بأقوالهم وعباراتهم أن يكون معتقدا بتفاصيل جاءت فيها، وقصّة الشيخ حسن التي وقعت مورد إنكاره مقبولة عند الصوفية العامّة، وليس التصوّف عندهم كما هو عند الشيعة، فإنّه عندنا مذموم لا يجوز الالتزام والتعبّد بتعاليمهم الخاصّة ممّا لم يؤثر من الشرع، ولا يدلّ عليه الكتاب أو السنّة، وأكثرها مختلقات وموضوعات مشتملة على العقائد الباطلة، والأعمال المحرّمة بل والشرك، وأمّا عند العامة- مع تضمّن ما عندهم من التصوّف بهذه المفاسد بالوضوح- ممدوح، وأكثر علمائهم منخرطون في سلسلة من سلاسل التصوّف التي لا حقيقة لها وما أنزل الله بها من سلطان، وشأن مثل محيي الدين والشعراني وأمثالهما أجلّ عند المتصوّفة منهم من الشافعي وأبي حنيفة ومالك وابن حنبل وأصحاب الحديث، ولكن ذلك كلّه لا يمنع من الاستدلال بأقوالهم ردّا

(٤٢١)

عليهم وإفحاما للمنكرين، وبهذا الاعتبار ليس كتاب «كشف الأستار» من كتب الحديث، ولم يذكر مصنّفه مثل هذه الحكاية باعتبار أنّها حديث من الأحاديث، فذكرها في الأحاديث التي تبحث فيها عن سندها واعتبارها في غير محلّه، إلّا أن يراد بذلك تكثير ما أسماه بالأحاديث الموضوعة، وإظهار العجب من المحدّث النوري، والاستحياء من النظر في مثل نقله، مع أنّ الاستحياء من هذا العجب والاستحياء أولى من استحيائه.
وممّا ذكر يظهر الجواب عمّا نقله المحدّث النوري أيضا عن «ينابيع المودّة» من بيعة بعض مشايخ مصر مع الإمام المهدي (عليه السلام).
خبر الجزيرة الخضراء ومدائن أبناء المهدي (عليه السلام)
وممّا عدّه من الأحاديث الموضوعة خبر قصة الجزيرة الخضراء وخبر مدائن أبناء المهدي (عليه السلام)، قال: نقل الأوّل المجلسي- رحمه الله- بدون إسناد متّصل (623)، بل قال: وجدت رسالة مشتهرة بقصة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض ولم يذكر صاحب الرسالة، وقد أقرّ بعدم كونه في كتاب معتبر، فقال: وإنّما أفردت لها بابا لأنّي لم أظفر به في الاصول المعتبرة، وقال: وجدت في خزانة أمير المؤمنين (عليه السلام) بخط الشيخ الفاضل الفضل بن يحيى بن علي الطيبي ما هذا صورته: الحمد للّه ربّ العالمين... وذكر تمام الحكاية إلى قوله: أدام الله إفضاله.
ثم قال: ونقل الثاني النوري في كتابه «جنّة المأوى» في الاستدراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(623) البحار: ج 52 ص 159- 174.

(٤٢٢)

لباب من رأى الحجّة (عليه السلام) من «البحار»(624) في حكايته الثالثة، فقال: وفي آخر كتاب في التعازي عن آل محمّد ووفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) تأليف الشريف الزاهد أبي عبد الله محمّد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسيني رضي الله عنه، عن الأجلّ العالم الحافظ... فذكر تمام سند الحديث ومتنه، ثمّ قال بعده: قال النوري:
وروى هذه الحكاية مختصرا الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي البياضي في الفصل الخامس عشر من الباب الحادي عشر من كتاب «الصراط المستقيم» وهو أحسن كتاب صنّف في الإمامة عن كمال الدين الأنباري... الخ وهو صاحب رسالة «الباب المفتوح إلى ما قيل في النفس والروح» التي نقلها المجلسي بتمامها في «السماء والعالم»(625)، قال: وقال السيد الأجلّ علي بن طاوس... الخ.
وبعد كلام المحدّث النوري قال(626): أقول: وجه وضع الأول بالخصوص اشتماله على أنّ حسّان بن ثابت من القرّاء في موضعين، مع أنّه إنّما كان شاعرا، وإنّما كان أخوه زيد بن ثابت من القرّاء، مع أنّ باقي من عدّه لم يكن جميعهم من القرّاء، وإنّما القارئ منهم ابن مسعود وابيّ، ثم جمع أبي سعيد الخدري مع أبي عبيدة وأضرابه بلا وجه، حيث إنّ أبا سعيد كان إماميا وباقي من ذكر من معاندي أمير المؤمنين (عليه السلام) (627).
أقول: ليس في الحكاية ما يدلّ على أنّ الذين اجتمعوا إليه كانوا من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(624) البحار: ج 53 ص 213- 221.
(625) البحار: ج 61 ص 91- 131.
(626) أي الناقد.
(627) الأخبار الدخيلة: ص 146.

(٤٢٣)

القرّاء، واجتمعوا إليه لأنّهم كانوا كذلك، بل يدلّ على أنّ المجتمعين الذين سمّى بعضهم وترك آخرين كانوا من الصحابة. كما أنّ ذكر أبي عبيدة وأبي سعيد واجتماعهما وجماعات المسلمين لم يكن إلّا لأنّهم كانوا معدودين من المسلمين، وأدركوا عصر الرسالة، وسمعوا القرآن الكريم منه بلا واسطة أحد أو بواسطة غيرهم في هذا العصر، ولا يدلّ على أزيد من ذلك، فما ذكر لا يكون وجها للوضع أصلا.
ولا يخفى أنّ حسّان بن ثابت لم يكن أخا لزيد بن ثابت، وإنّما اشتبه على صاحبنا وهو مؤلّف «قاموس الرجال»، ومورد الطعون على بعض علماء الرجال، وذلك لاشتراك والديهما في الاسم، فزيد هو ابن ثابت بن الضحّاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غتم بن مالك بن النجّار الأنصاري الخزرجي ثمّ النجّاري، وحسّان هو ابن ثابت بن المنذر بن خرام بن عمرو بن زيد بن مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجّار الأنصاري الخزرجي النجّاري.
قال: واشتماله على أنّه لم ير لعلماء الإمامية عندهم ذكرا سوى خمسة: الكليني وابن بابويه والمرتضى والطوسي والمحقّق، فبعد فتح باب العلم بحضور النائب الخاص بأمر صدر عنه (عليه السلام) عندهم، وأنّه يزور قبّته (عليه السلام) في كلّ جمعة، ويجد ورقة مكتوبا فيها جميع ما يحتاج إليه في المحاكمة، وكون أبيه سمع حديثه وجدّه رأى شخصه، أي حاجة كانت لهم إلى هؤلاء الخمسة الذين كان العلم عليهم منسدّا؟
مع أنّ لكلّ منهم فتاوى غير فتاوى الآخرين، مع أنّ لكلّ واحد من الكليني وابن بابويه والمرتضى والطوسي والمحقّق مسلكا، ولكن لم يعدّ فيهم المفيد... إلخ.

(٤٢٤)

أقول: أولا: باب العلم في عصر حضور الإمام وفي عصر النبوة ليس مفتوحا مطلقا، كما أنّ الاجتهاد في استنباط الأحكام أيضا لا يرتفع أيضا مطلقا، بل الاجتهاد أمر وأصل يعمل به في عصر الحضور كالغيبة، وباب العلم بالأحكام أيضا منسدّ في عصر الحضور كعصر الغيبة، غير أنّ دائرة كلّ واحد منها في عصر الحضور أضيق من دائرته في عصر الغيبة، وإلّا حتّى المتشرّفين بمحاضرهم الشريفة لا بدّ لهم في بعض الموارد من العمل ببعض الظنون المعتبرة، سيّما إذا كانوا غائبين عن مجلسه وفي الأماكن البعيدة، فكما أنّ الفصل الزماني بيننا وبين عصر الحضور أوجب توسعة دائرة الاجتهاد وإعمال الاصول العقلائية اللفظية والعقلية، وجواز العمل بالظنون المعتبرة الشرعية، كذا الفصل المكاني أيضا ربّما يوجب ذلك، وكما أنّ شأن اجتهاد مجتهد مثل الشيخ والمحقّق في استنباط الأحكام يظهر في مثل عصورنا هذه، فكذلك يظهر أيضا في عصورهم (عليهم السلام) عند الاحتياج إلى الاجتهاد الذي لا بدّ منه، ولعلّ هذا هو المراد من التفقّه الذي أمرنا به في عصر الحضور أيضا، وقال الصادق (عليه السلام) فيه: ليت السياط على رءوس أصحابي حتّى يتفقّهوا في الحلال والحرام (628)، ولو لم يكن ذلك كلّه فلا ريب أنّه بعضه.
وثانيا: أنّه قال: وأجد هناك ورقة مكتوب فيها ما أحتاج إليه من المحاكمة بين المؤمنين، فمهما تضمّنته الورقة أعمل به. وهذا كلام لا يخلو فهمه لنا من الإشكال، فهل أراد منه أنّه يحكم بما تضمّنته هذه الورقة من غير مطالبة البينة عن المدّعي، أو اليمين عمّا ادّعي عليه فيحكم بحكم داود، أو أنّ الورقة تتضمّن أحكام القضاء ممّا لم يبيّن له من ذي قبل؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(628) راجع البحار: ج 1 ص 213 ح 12.

(٤٢٥)

وكيف كان، فالظاهر منه أنّ الرجوع إلى الورقة مختصّ بالمحاكمة بين المؤمنين.
وثالثا: يمكن أنّه إنّما لم ير لغير هؤلاء الخمسة ذكرا عندهم اتّفاقا وفي مدّة كان هناك، ولا يفهم من ذلك أنّه ليس لغيرهم عندهم ذكر مطلقا.
ورابعا: يمكن أن يكون ذلك لأنّ كلّ واحد من هؤلاء يكون رأسا في طريقته العلمية الخاصّة به، أو لغير ذلك. وعلى كلّ حال، لا يكون مثل ذلك وعدم ذكر مثل المفيد مع جلالة قدره وعظم شأنه أمارة على الوضع والجعل أصلا.
وأمّا ما ذكر من وجه الوضع من عدم سند معتبر لهما، ففيه:
أولا: أنّ ذلك ليس دليلا لذلك، فكيف تحكم يا أيها الشيخ- أدام الله عمرك وبارك فيه- بوضع الحديث لعدم سند معتبر له؟ فهل تجسر على الحكم بالوضع على جميع المرسلات أو المسندات الضعيفة؟!
وثانيا: أنّ عدم اعتبار الأول عند العقلاء، وبناء على طريقتهم واعتباره كذلك يدور مدار كون كاتب الرسالة المشتهرة بقصة الجزيرة الخضراء التي وجدها العلامة المجلسي مجهولا غير معروف، كما يظهر من المجلسي أنّه كان كذلك عنده، أو أنّه معلوم الحال وهو شيخنا الشهيد الأول كما قطع به وصرّح عليه العالم المتتبّع الخبير الشهيد الشريف مؤلّف كتاب «مجالس المؤمنين»(629) في مجلسه الأول وصرّح به غير أيضا، ومع ذلك كيف لنا بالقول بعدم سند معتبر له بعد تصريح هذا الشريف الأجلّ بأنّ الشهيد الأول هو الذي وجد الرسالة في خزانة أمير المؤمنين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(629) مجالس المؤمنين للقاضي الشهيد نور الله التستري: ص 78- 79.

(٤٢٦)

عليه السلام بخطّ العالم العادل والشيخ الفاضل الفضل بن يحيى بن علي الطيبي الكوفي- قدّس الله روحه- وصرّح بأنّه وجدها بخطّه فضلا عن الحكم بجعله ووضعه، وما وجده المجلسي هو من نسخ هذه الرسالة المشتهرة، وحيث لم يطّلع على ناسخها لم يذكر ذلك، وهذا غير مضرّ باعتبارها بعد حكم مثل القاضي الشهيد قطعيا بأنّه هو الشهيد الأول.
هذا، وقد اختصر كلام المجلسي وكلام مستنسخ الرسالة الدالّ على توصيف الفضل بن يحيى بالعلم والعمل صاحب «الأخبار الدخيلة» والعهدة عليه.
وممّا يظهر منه عدم تأمّل هذا المدّعي لوضع خبر علي بن فاضل، وإصراره على إيراد الشبهة، أنّه زعم أنّ المجلسي وجده في خزانة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولذا قال في ابتداء نقله هذا الخبر عن المجلسي: نقل الأول المجلسي- رحمه الله- بدون إسناد متّصل، بل قال: وجدت رسالة... إلى أن قال: وقال (يعني المجلسي): وجدت في خزانة أمير المؤمنين (عليه السلام).
وقال بعد نقل الخبرين بطولهما، وما أورد عليهما: فإن قيل: إنّ الخبر الأول قال المجلسي وجده في خزانة أمير المؤمنين (عليه السلام) بخطّ الفضل بن يحيى الطيبي ناقلا له عن علي بن فاضل المازندراني بشرح مرّ، قلت: من أين أن أحدا من أعداء الإمامية لم يضع القصة وألقاها في الخزانة ناسبا له إلى مسمّى بفضل بن يحيى عن مسمّى بعلي بن فاضل.
أقول: انظر كيف اشتبه عليه الأمر، فالمجلسي لم يجد الرسالة في خزانة أمير المؤمنين، بل وجد الرسالة المشتهرة بقصة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض وأحبّ إيرادها، فذكرها بعينها كما وجدها: بسم الله

(٤٢٧)

الرحمن الرحيم، الحمد للّه الذي هدانا لمعرفته، والشكر له على ما منحنا للاقتداء بسنن سيّد بريّته محمد الذي اصطفاه من بين خليقته، وخصّنا بمحبّة علي والأئمة المعصومين من ذرّيته صلّى الله عليه وعليهم أجمعين الطيّبين الطاهرين وسلّم تسليما كثيرا، وبعد فقد وجدت في خزانة أمير المؤمنين وسيد الوصيّين وحجّة ربّ العالمين وإمام المتّقين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بخطّ الشيخ الفاضل والعالم العامل الفضل بن يحيى بن علي الطيّبي الكوفي- قدّس الله روحه- ما هذا صورته... إلخ.
وأوهن من ذلك كلّه نسبة علي بن فاضل بالهجر والهذيان في حال شدّة المرض.
وخلاصة الكلام: أنّ بعد كون الناسخ وواجد الرسالة في الخزانة هو الشهيد الأوّل الذي كان قريب العهد بالفضل بن يحيى عارفا بخطّه وحاله ووصفه بالفضل والعلم والعمل، وبعد توصيف الفضل بن يحيى الشيخ زين الدين علي بن فاضل بالتقوى والصلاح، وسماعه هذا الخبر بواسطة عالمين فاضلين، القول بجعله رأسا واستناد ذلك إلى الأعداء وإلى الهذيانات الصادرة من المرضى في شدّة المرض، قول بغير علم، وكم فرق بين من يبدي الاحتمالات المانع جوازها عن اعتبار الخبر وتمنع إثباته، وبين من يحكم بجعله ووضعه باحتمالات لا تدلّ على ذلك أصلا، هذا.
وأمّا عدم ورود خبر على أنّ له (عليه السلام) ولدا بالفعل واختلاف الاخبار في حصول الولد له بعد ظهوره لا ينفي ما يدلّ عليه، لأنّ عدم الدليل على نفي الولد، وعدم ورود خبر غير هذا الخبر على أنّ له ولدا، لا ينفي ما يدلّ عليه، مضافا إلى دلالة بعض الأخبار والأدعية عليه.

(٤٢٨)

وأمّا تضمّن خبر علي بن فاضل أنّ عدد امراء عسكره ثلاثمائة ناصر وبقي ثلاثة عشر ناصرا، فلا يثبت به جعل الخبر ولو وجد في بعض الأخبار ما يعارضه، مضافا إلى أنّ إعمال قواعد الترجيح يكون في الأخبار الراجعة إلى الفروع والأحكام، يرجح عقلائيا ما فيه الترجيح، ولا يلزم عليه أن يخرج إذا كان أعوانه بهذه الكثرة؛ لأنّ له مضافا إلى ذلك أو بدون ذلك مقتضيات وشرائط مذكورة في محلّها، وربّما يعلم بعضها بعد الظهور، ولا يعلم بعضها إلّا الله تعالى.
تنبيه
ممّا يجب التنبيه عليه أنّا لسنا في هذا المجال في مقام إثبات اعتبار هذه الأحاديث وإن ظهر ثبوت اعتبار بعضها من مطاوي ما ذكرناه، بل ما كنّا بصدده هو الردّ على الحكم بوضع هذه الأحاديث قطعيا، وبيان أنّ هذه الأحاديث في مضامينها المشتركة بينها وبين غيرها يحتجّ بها ويعتدّ بها، لارتفاع خبر الواحد إلى المتواتر، وفي مضامينها المختصّة بها يجوز نقلها وتطمئنّ النفس بها أقوى ممّا في كتب التاريخ والمراسيل التاريخية.
نعم، لا يترتّب عليها اثر شرعي عملي، لأنّها لا ترتبط بالأحكام العملية.
إن قلت: إذا كانت هذه الأخبار غير معتبرة شرعا لا يجب التعبّد بها، بالبناء على صحّة مضمونها وإن توفّر فيها جميع ما هو معتبر عرفا وشرعا في خبر الواحد الوارد في الفروع، فما فائدة نقلها وحفظها؟
قلت: نعم، معنى عدم اعتباره شرعا أنّه لا يجوز أن يتعبدنا الشارع بالبناء على صدوره عمليا؛ لأنّ مضمونه لا يرتبط بالفروع والأحكام

(٤٢٩)

 العملية، وأمّا في مضامينها التي يجب الاعتقاد بها فعدم اعتبارها إنّما يكون لأجل لزوم اليقين بالمسائل الاعتقادية، واليقين لا يتحصّل بحجّية هذه الأخبار، ولا يجوز أن يتعبّدنا الشارع بالقطع واليقين بها كما لا يجوز التعبّد والإلزام بالعمل بها، وعليه لا يترتّب أثر شرعي عملي عليها، ولا يوجب القطع بمضمونها إن كانت في المسائل الاعتقادية.
ولكن قد ظهر بما ذكر: أنّ الفائدة لا تنحصر في ذلك، بل فائدته المهمّة أنّها توجب ارتقاء الحديث إلى المتواتر المعنوي أو الإجمالي، وأنّ بها يؤيّد بعض الأحاديث كما أنّها أيضا تؤيّد بها فالأخبار يؤيّد بعضها بعضا، وأيضا يؤتى بها في المتابعات والاستشهادات، ففائدة نقل هذه الأحاديث والأخبار مهمّة جدّا، ولذا قد استقرّ بناء العقلاء على نقلها، ومعظم التواريخ والتراجم والسير مبني على هذه الأخبار ونقلها.
وعلى ذلك كلّه إذا حصل من هذه الأخبار بواسطة بعض القرائن والشواهد القطع بمضمونها فهو، وإذا لم يحصل منها القطع لا يجوز ردّها والحكم بكذبها وجعلها بالشبهات والاستدلالات الضعيفة حتّى مثل إرسال الخبر أو مجهولية إسناده، بل بناء العقلاء قد استقرّ على هذه الأخبار ونقلها على الطريقة المألوفة بينهم، فضلا من أن يكون إسنادها موصولة بعضها ببعض وكانت رواتها من المشاهير والثقات مثل الصدوق، فلا يبدون الشكّ في حديث ورد بإسناد معتبر في غزوات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وسائر سيره، مثل أن الراوي أخبر بأنّه غزوة كذا وقعت يوم كذا وفي مكان كذا وخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إليها يوم كذا ورجع عنها يوم كذا وكان عدّة من معه فيها من الأصحاب كذا، فينقلون ذلك بل ويرسلونه إرسال المسلّمات لا يبدون

(٤٣٠)

الشكّ فيه.
فإن قلت: إنّ جواز نقل الخبر في الفروع مسلّم، أمّا في غير الفروع، سواء كان مرسلا أو مسندا أو غير ذلك، فيجب أن يثبت جوازه بالشرع، فما الدليل على جواز نقل الخبر مطلقا؟
قلت: هذا غريب، فإنّ جواز نقله ثابت بالضرورة وبالكتاب والسنّة المتواترة والسيرة القطعية المستمرة إلى زمان الأئمة والنبيّ صلوات الله عليه وعليهم، لم يشكّ فيه أحد إلّا الأول والثاني وأذنابهما لأهداف سياسية وأغراض دنيوية، فمنعا الناس عن نقل الحديث، وشرح ذلك يطلب من محلّه.
لا يخفى أنّ كتابنا هذا (المنتخب الأثر) قد تم تأليفه في سنة 1373 ق وطبع في هذه السنة في مجلّد واحد ثمّ جدّدنا النظر فيه وزدنا عليه بعض الزيادات، فصار في ثلاثة مجلّدات بالصورة الّتي بين يديك، وتمّ في صفر 1414 ه ق.

(٤٣١)

فهرس أرقام الأحاديث

المرويّة عن كلّ من النبي (صلّى الله عليه وآله) والأئمة الاثنا عشر (عليهم السلام) في المنتخب الأثر في مجلّداته

عن النبي (صلّى الله عليه وآله): 1 إلى 48، 50 إلى 60، 62 إلى 75، 77، 84، 85، 93، 98، 99، 115، 116، 118، 123 إلى 139، 141، 144 (عن فاطمة سلام الله عليها) 145، 147، 148، 153، 154، 158، 159، 164، 166 إلى 171، 73 إلى 178، 182، 183، 184 (عن فاطمة سلام الله عليها)، 185، 186، 187، 190، 194، 200، 201، 204 إلى 216، 218، 219، 224 (هذه الرواية عن فاطمة (عليها السلام) وفيها عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 225، 238 إلى 245، 247 إلى 249، 251، 252، 258، 263، 264 (عن فاطمة سلام الله عليها)، 265 إلى 267، 282 (والراوي زيد عن آبائه (عليهم السلام)) 284، 287، 308، 321، 335، 340، 341، 354، 355، 357، 358،

(٤٣٢)

359، 360، 361، 363، 364، 365، 366، 367، 368، 369، 370، 371، 373، 374، 375، 377، 378، 379، 380، 381، 383، 384، 385، 386، 3787، 388، 389، 390، 391، 392، 393، 395 (عن فاطمة (عليها السلام) عن أبيه) 396، 397، 398، 399، 400، 401، 402، 403، 404، 406، 408، 409، 410، 415، 419، 431، 435، 436، 437، 438، 440، 441، 444، 447، 450، 451، 452، 453، 454، 455، 456، 458، 460، 461، 480، 481، 484، 485، 486، 488، 490، 491، 492، 494، 495، 496، 497، 500، 502، 503، 504، 505، 507، 508، 511، 512، 515، 516، 520، 521، 524، 525، 526، 527، 529، 530، 532، 533، 534، 535، 543، 563، 581، 583، 584، 585، 586، 591، 597، 670، 697، 699، 700، 728، 729، 730، 731، 733، 756، 757، 761، 762، 763، 764، 765، 775، 784، 785، 901، 910، 917، 918، 920، 921، 922، 925، 927، 929، 934، 939، 944، 945، 946، 949، 952، 956، 958، 1030، 1034، 1046، 1064، 1065، 1066، 1067، 1069، 1070، 1071، 1072، 1074، 1076، 1077، 1078، 1079، 1080، 1085، 1103، 1109، 1111، 1112، 1118، 1119، 1127، 1128، 1130، 1131، 1132، 1133، 1134، 1135، 1155، 1161، 1164، 1165، 1166، 1170، 1171، 1172، 1192، 1196،

(٤٣٣)

1198، 1200، 1201، 1214، 1215، 1257.
عن الإمام امير المؤمنين (عليه السلام): 79، 80 (عنه (صلّى الله عليه وآله))، 94 (وفيه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 95، 100، 101، 140 (عنه (صلّى الله عليه وآله)) 149 (عنه (صلّى الله عليه وآله))، 150، 152، 160 (عنه (صلّى الله عليه وآله)) 162، 172، 185، 189، 197 (وفيه عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 198 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 202، 227 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 254 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 268 (عنه (صلّى الله عليه وآله)) 272 (وفيه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 295، 311، 312، 313، 314، 317، 318، 330، 337، 3 53 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 362 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 376 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 382، 411، 413، 414، 415 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 416 (عنه (صلّى الله عليه وآله)) 417، 420 (عنه (صلّى الله عليه وآله)) 422، 423، 424، 425، 426، 427، 428، 433، 443، 445، 446، 462، 468، 472، 4 73 (عنه (صلّى الله عليه وآله)) 475، 477، 478، 479، 482 (عنه (صلّى الله عليه وآله))، 483، 487 (عنه (صلّى الله عليه وآله)) 489 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 493، 509، 510، 519، 568، 572، 573، 587، 589، 593، 609، 623، 636، 637، 662، 698 (عن النبي صلى الله

(٤٣٤)

عليه وآله)، 748، 751، 779 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 781، 900، 902 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 908، 909، 914، 918، 924، 926، 928، 930، 931، 932، 937، 938، 942، 947، 951، 953، 954، 955، 968، 975، 1017، 1018، 1020، 1021، 1041، 1050، 1058، 1063، 1083 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 1107، 1117، 1138، 1139، 1153، 1167، 1187، 1188، 1189، 1193، 1197، 1199، 1231، 1236 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 1262، 1269.

عن الإمام الحسن (عليه السلام): 82، 104، 179 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 193، 257 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 259 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 539، 1195 (عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام)).

عن الإمام الحسين (عليه السلام): 121، 146 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 163، 180 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 220 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 256 (عن أبيه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 260 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) وكذا 261 وكذا 262، 273، 517 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 536، 541، 588، 607، 647، 911، 979، 1211 (والمحتمل كون الخمسة الأخيرة عن الصادق (عليه السلام)).

(٤٣٥)

عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام): 88 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 102، 103، 105، 110، 155 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 181 (عن أبيه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 191، 221 (عن أبيه عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 222 (عن عمته زينب عن فاطمة (عليهم السلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 223 (عن أبيه عن فاطمة عن النبي صلى الله عليهم) 223 (عن أبيه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 303، 305، 315، 339، 342، 466، 467 (عن أبيه عن فاطمة عن النبي صلى الله عليهم اجمعين) 522، 528 (وفيه حديث جابر حكاية عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 590، 580، 600 (عن جدّه امير المؤمنين (عليه السلام))، 642، 654، 673، 686، 737، 981، 1144، 1148، 1220، 1256.
عن الإمام الباقر (عليه السلام): 78 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 89 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 90، 91 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 106، 107، 108، 117، 120 (عن جابر عن فاطمة سلام الله عليها)، 143 (عن أبيه عن الحسن بن علي (عليهما السلام)) 151، 188 (عن آبائه عن النبي صلى الله عليهم)، 192، 230 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 235، 236، 270 (عن سالم عن عبد الله عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 274 (وفيه عن آبائه عن النبي صلى الله عليهم)، 275 (وفيه عن النبي صلى الله

(٤٣٦)

عليه وآله)، 276، 289، 307 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 316، 320، 321، 322، 324، 339، 344، 346، 348، 350، 394 (عن آبائه عن النبي صلى الله عليهم اجمعين)، 407، 432 (عنه (صلّى الله عليه وآله))، 434، 442، 448، 470 (عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله))، 506 (عن أبيه عن جدّه عن علي (عليهم السلام))، 514 (عن علي (عليهم السلام)) 518، 542 (وفيه حديث عن أبيه (عليهما السلام))، 544، 545، 576 (وفيه عن علي (عليه السلام)) 595 (عن آبائه عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)) 577 (عن علي (عليه السلام))، 582، 596، (عن الحسين (عليه السلام))، 601، 603، 614، 427، 645، 651 (عن الإمام امير المؤمنين (عليهما السلام))، 655، 658، 659، 669، 673، 676، 678، 683، 687، 690، 691، 693، 696 (عن كتاب على (عليه السلام))، 703، 708، 720، 723، 726 (صدره منه (عليه السلام) وذيله عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله))، 736، 739، 742، 745، 753، 769، 782، 904، 906، 912، 933، 936، 940، 961، 965، 966، 978، 989، 990، 1002، 1003، 1004، 1005، 1007، 1019، 1031، 1033، 1036، 1043، 1049، 1055، 1056، 1057، 1060، 1061، 1081، 1088، 1095، 1096، 1101، 1114، 1116، 1121، 1126، 1140، 1141، 1144، 1145،

(٤٣٧)

1149، 1156، 1162، 1163، 1173، 1175، 1178، 1179، 1186، 1199، 1212، 1213، 1223، 1234، 1235، 1237، 1249، 1252 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 1255، 1258، 1261، 1272.

عن الإمام الصادق (عليه السلام): 81 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 83 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 86، 87 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 97 (عن أبيه (عليهما السلام))، 108، 109، 111، 112، 113، 119، 142 (عن آبائه عن النبي صلى الله عليهم)، 156 (عن آبائه عن النبي صلى الله عليهم) وكذا 157، 165 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 195، 196، 217 (عن أبيه عن جابر عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 231 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 232 (عن سلمان عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 234 (عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)) 237، 246 (عن جابر عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 253، 255 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 277، 278، 279، 285، 286 (عن أبيه عن جابر عن فاطمة عن النبي صلى الله عليهم وآلهم)، 290، 293 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 298، 299، 300، 301، 302، 304، 309، 310، 319، 327، 328، 329، 331، 338، 339، 343، 347، 351، 372، 412 (عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام))، 421 (عن

(٤٣٨)

آبائه عن علي (عليهم السلام)) 449، 457، 463، 464، 469، 471، 498 (عن آبائه عن النبي صلى الله عليهم)، 499 (عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 537 (عن علي (عليه السلام))، 540 (عن آبائه عن الحسين (عليه السلام))، 546، 578 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 579، 594، 598 (عن امير المؤمنين (عليه السلام))، 599، 602، 603، 605، 606، 608، 611، 612، 613، 615، 616، 617، 618، 619، 625، 626 (عن آبائه عن علي (عليهم السلام))، 628، 629، 630، 631، 632، 638 (عن أبيه عن جدّه زين العابدين (عليهم السلام))، 639، 640 (عن آبائه عن علي (عليهم السلام)) 643، 648، 649، 656، 660، 661، 663، 664، 665، 666، 667، 668، 671، 672 (عن أبيه الباقر (عليهما السلام))، 674، 675، 679، 684، 685 (عن آبائه عن علي (عليهم السلام))، 688، 689، 692، 694، 695، 702، 704 (عن أبيه (عليه السلام) أن رسول الله أمر و... قال)، 705، 706، 710، 711، 712، 713، 715، 716، 717، 718، 722، 724 (عن أبيه، عن آبائه عن امير المؤمنين (عليهم السلام)) 738، 740 (عن أبيه الباقر (عليهما السلام))، 741، 743، 744، 746 (وفيه نقل عن جدّه علي (عليهما السلام)) 749، 750 (عن امير المؤمنين (عليه السلام))، 754، 755، 771 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 905، 907، 913 (عن أبيه عن

(٤٣٩)

النبي (صلّى الله عليه وآله))، 915، 916 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 919، 935 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 959، 960، 962، 963، 964، 967، 972، 976، 977، 980 (عن آبائه عن علي (عليهم السلام))، 1004، 1006، 1008، 1009، 1010، 1011، 1012، 1013، 1014، 1015، 1022، 1023، 1040، 1042، 1044، 1045، 1048، 1051، 1052 (عن أبيه عن امير المؤمنين (عليهم السلام)) 1053، 1054، 1055، 1059، 1062، 1082 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 1086، 1087، 1089، 1090، 1091، 1092، 1093، 1097، 1098، 1099، 1100، 1102، 1 104 (عن امير المؤمنين (عليه السلام)) 1105، 1106، 1108، 1115، 1122، 1123، 1137 عن آبائه عن امير المؤمنين (عليهم السلام)) 1142، 1143، 1146، 1147، 1150، 1151، 1152 (عن علي (عليه السلام)) 1157، 1159 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 1160، 1168، 1169، 1174، 1180، 1181، 1182، 1183، 1184، 1185، 1190، 1191، 1194، 1202، 1203، 1206، 1207، 1208، 1209، 1210، 1216، 1217، 1218، 1219 (عن آبائه عن النبي صلى الله عليهم أجمعين) 1221، 1222، 1227 (عن آبائه عن امير المؤمنين (عليهم السلام))، 1228، 1229، 1230، 1232، 1233، 1238، 1240، 1241، 1253 (عن النبي

(٤٤٠)

صلى الله عليه وآله)، 1254، 1259، 1260، 1263 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 1264 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 1265، 1266، 1267، 1268، 1271، 1276.

عن الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام): 250، 292، 326، 549، 551، 574، 620، 709، 1124، 1145، 1224 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 1246.

عن الإمام الرضا (عليه السلام): 161 (عن آبائه عن النبي صلى الله عليهم)، 228 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) وكذا 229، 271 (عن آبائه عن النبي صلى الله عليهم)، 294، 349، 459 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 465 (عنه (صلّى الله عليه وآله))، 474 (عن أبيه (عليهما السلام)) 538 (عن آبائه عن علي (عليهم السلام))، 554، 555، 556، 565، 621، 622، 624 (عن علي عن النبي صلى الله عليهما وآلهما) 634، 646، 657، 680، 714، 752، 770 (عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 969، 973، 974، 1024، 1205، 1225، 1226، 1239، 1270.

عن الإمام الجواد (عليه السلام): 76 (عن امير المؤمنين (عليه السلام))، 283 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 291 (وفيه شهادة خضر بالائمة الاثنى عشر عنه امير المؤمنين والحسين

(٤٤١)

عليهما السلام) 557، 559، 610 (عن آبائه عن امير المؤمنين (عليه السلام))، 653، 1247.

عن الإمام الهادي (عليه السلام): 269 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 280، 558، 560، 807، 863.

عن الإمام العسكري (عليه السلام): 122، 226 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله))، 281، 288 (عن آبائه عن النبي (صلّى الله عليه وآله)) 561، 562، 564، 566، 567، 570، 571، 641، 644، 707، 786، 787، 789، 791، 792، 794، 795، 796، 799، 801، 804، 805، 806، 808، 809، 810، 811، 812، 814، 815، 816، 830، 863، 865، 1274.

عن الإمام حجّة ابن الحسن صلوات الله عليه: 633، 802، 808، 809، 810، 821، 822، 823، 824، 826، 827، 828، 829 (نقل فيه عن امير المؤمنين والإمام زين العابدين والإمام الصادق (عليهم السلام)) 830، 832، 833، 835، 836، 837، 838، 839، 840، 842، 847، 848، 849، 850، 851، 852، 853، 854، 855، 856 إلى 862، 868، 870، 872، 873، 875، 876، 878، 879، 1275، 1277، 1278، 1279، 1280، 1281، 1282، 1283، 1284، 1285، 1286، 1287.

(٤٤٢)

باب بعض ألقابه (عليه السلام) الشريفة

المهدى في 273 حديثا

ب 1 ح 69 (وفيه: منا مهدى هذه الامة له غيبة (هيبة) موسى وبهاء عيسى وحلم (حكم) داود وصبر ايوب)، 72، 80، 81، 95، 125، 127، 129، 132، 134، 136، 143، وب 2 ح 149، 153، 158، 159، 161، 162، 164، 167، 168، 169، 170، 175، 176، 177، 178، 183، 191، 206، 212، 216، 219، 221، 223، 227، 229، 233، 234، 253، 254، 258، 259، 264، 265، 266، 268، 269، 271، 273، 282، 283، 285، 287، 288، 289، 296، 299 (وفيه: خلف الائمة الماضين والامام الزكي الهادي المهدي)، وب 3 ف 1 ح 318، 320، 323، 324، 325، 329، 332، 339، 346، 349، وف 2 ح 358، 359، 360، 362، 363، 364، 368، 369، 372، 378، 380، 381، 392، 393، 394، 395، 399، 403، 404، 405، 414، 417، 418، 419، 420، 421 (والحديث الشريف مشتمل على المطالب العالية الغالية وفيه: فنحن انوار السماء وانوار الارض فبنا النجاة، ومنا مكنون العلم، وإلينا مصير الامور، وبمهديّنا تنقطع الحجج، خاتمة الائمة ومنقذ الامة وغاية النور، ومصدر الامور، فنحن افضل المخلوقين واشرف الموحدين وحجج رب العالمين فليهنأ بالنعمة من تمسك بولايتنا وقبض على عروتنا)، 424، 425، 426، 427، 429، 430، 432.

(٤٤٣)

(وفيه عدة من القابه واوصافه الشريفة)، 433، 434، 439، 440، 442، 443، 444، 446، 447، 449، 450، 452، 453، 454، 455، 456، 459، 460، 462، 466، 467، 469، 470، 472، 480، وف 3 ح 483، 487، 488، 489، 490، وف 4 ح 491، 493، 495، 497، 498، وف 5 ح 500، 501، 502، 504، 507، وف 6 ح 510، 512، 513، 514، 515، وف 7 ح 516، 517، 518، 519، 520، 521، 522، 523، 524، وف 8 ح 526، 527، وف 9 ح 530، وف 10 ح 532، وف 13 ح 543، وف 17 ح 550، وف 19 ح 557، وف 21 ح 563، 565 (وفيه: الخلف الصالح... وهو صاحب الزمان وهو المهدي)، وف 22 ح 577، وف 26 ح 589، 590، وف 32 ح 647، 651، وف 40 ح 695، وف 41 ح 697، وف 42 ح 702، 712، وف 45 ح 722، 723، 724، 725، وف 46 ح 726، 731، 732، 733، 734، 735، وف 47 ح 747، وف 49 ح 757، 758، 759، 760، 764، 765، 766، 767، 768، 769، 770، 771، وف 50 ح 772، 773، 774، 775، 776، 777، 778، 780، وف 51 ح 781، 782، 783، 785، وب 7 ف 1 ح 901، وف 2 ح 908، 909، 911، 912، 933، 939، 941، وف 3 ح 957، 958، 975، 978، وف 4 ح 983، 985، 987، 998، 999، 1000، 1001، 1005، 1006، وف 5 ح 1017، 1018، 1019، 1020، وف 6 ح 1027، 1028، 1029، 1041، 1043، وف 8 ح 1093، وف 10 ح 1107، 1109، وف 11 ح 1116، 1117، 1118، وب 8 ف 1 ح 1119، 1120، 1121، وف 3 ح 1128، وف 4 ح 1131، 1132، 1136، 1138، وف 5 ح 1139، 1140، وف 10 ح 1176، وف 11 ح 1178، وب 9 ف 1 ح 1188، 1189، 1192، وف 2 ح 1193، وب 10 ف 1 ح 1196، 1197، 1198، 1199، 1200، 1201، وف 2 ح 1211، وف 3 ح 1213، 1214، وب 11 ف 1 ح 1215، 1216، وب 12 ح 1234، وف 3 ح 1246.

(٤٤٤)

القائم في 361 حديثا

ب 1 ح 70، 91، 109، وب 2 ح 154، 155، 156، 157، 158، 162، 163، 165، 173، 181، 205، 207، 208، 209، 210، 211، 212، 213، 214، 215، 217، 218، 220، 222، 224، 225، 226، 228، 229، 230، 231، 232، 235، 236، 237، 238 (وفيه: قائمهم امامهم اعلمهم احكمهم افضلهم)، 239، 240، 241، 244، 249، 254، 255، 257، 264، 265، 267 (وفيه: القائم الخلف)، 268، 270، 272، 275، 276، 284، 285، 287، 290، 291، 293، 294، 295، 296، 302، 303 (وفيه: القائم السابق منهم بالخيرات مفترض الطاعة صاحب الزمان)، 305 (وفيه: حجة الله القائم بامر الله المنتقم من اعداء الله)، وفى ب 3 ف 1 ح 310، 322، 324، 326، 327، 328، 331، 336، 342، 343، 345، 347، 348، 350، 351، 352، 411، 424، 425، 432، 434، 446، 450، 459، 470، 471، 474، 475، 476، وف 4 حديث 499، وف 5 ح 506، وف 6 ح 511، وف 7 ح 525، وف 11 ح 534، 536، 538، 539، 540، 541، وف 13 ح 544، 545، وف 15 ح 547، وف 17 ح 551، 553، 554، 556، وف 19 ح 557، وف 20 ح 558، 559، وف 21 ح 563، وف 23 ح 575، وف 24 ح 578، 579، وف 25 ح 581، وف 26 ح 590، 592، 593، 596، 598، وف 27 ح 599، 600، 601، 603، 604، 606، وف 28 ح 608، 609، 610، 612، 619، 621، 622، 624، 625، 627، 628، وف 29 ح 635، وف 30 ح 640، وف 31 ح 641، 642، 643، 644، وف 32 ح 645، 646، 649، 650، وف 33 ح 653، 654، 658، وف 34 ح 660، 661، 664، 665، وف 35 ح 666، 667، وف 36 ح 669، 670، 671، 672، 673، 674، 675، 676، 677، 678، 679، 680، 681، وف 39 ح 686، 688، وف 40 ح 692، 693، 694، 696، وف 42 ح 703، 704، 705، 707، 708، 709، 710، 711، وف 46 ح 726،

(٤٤٥)

وف 47 ح 736، 738، 739، 740، 741، 742، 743، 744، 745، 746، وب 7 ف 1 ح 900، 903، 904، 905، 906، 907، وف 2 ح 932، 933، 936، 939، 941، وف 3 ح 957، 958، 959، 960، 962، 963، 964، 966، 967، 968، 972، 976، 977، 978، 979، 980، 981، وف 4 ح 991، 992، 993، 994، 995، 996، 1002، 1003، 1012، 1013، 1014، وف 5 ح 1022، 1023، وف 6 ح 1040، 1043، 1044، 1045، 1055، 1059، 1060، 1061، 1062، وف 7 ح 1083، وف 8 ح 1087، 1093، وف 9 ح 1094، 1095، 1096، 1097، 1098، 1099، 1100، 1101، 1102، وف 10 ح 1104 (وفيه:
امير الامرة وقاتل الكفرة السلطان المأمول)، 1105، 1106، 1108، 1110، وف 11 ح 1113، 1114، 1115، 1117، وب 8 ف 1 ح 1122، وف 2 ح 1123، 1124، 1125، 1126، وف 3 ح 1129، وف 4 ح 1133، 1134، 1137، 1138، وف 5 ح 1141، 1142، 1143، 1144، 1145، 1146، 1147، 1148، 1149، 1150، 1151، وف 6 ح 1153، 1154، وف 7 ح 1156، 1157، 1158، 1160، وف 8 ح 1166، وف 9 ح 1168، 1169، وف 10 ح 1173، 1175، 1176، وف 12 ح 1179، 1180، 1182، 1183، وف 13 ح 1184، 1185، 1186، وب 9 ف 1 ح 1190، 1191، وف 2 ح 1194، وب 10 ف 1 ح 1202، 1203، 1204، وف 2 ح 1205، 1209، وب 11 ف 1 ح 1217، 1218، 1219، وف 2 ح 1221، 1222، 1223، 1228، 1229، 1232، 1233، 1235، 1237، 1238، 1240، وف 3 ح 1241، 1242، 1243، 1244، 1247، وف 4 ح 1252، 1253، 1254، 1255، 1256، 1260، 1264، 1266، 1267، 1271، وف 5 ح 1272، 1273، 1274، 1276، وف 6 ح 1277.
الحجة، حجة الله وفيه 36 حديثا

ج 1: ح 242، 243، 244، 245، 246، 247، 248، 249 (وفيه: له هيبة موسى

(٤٤٦)

وحكم داود وبهاء عيسى)، 250، 251، 252، 256، 257، 260، 262، 263، 270، 274، 276، 277، 278، 287، 290، 292، 293، 294، 295، 296، 300، 301، 304، 305، 307، 309 ج 2: ح 556، 563.
صاحب الأمر، صاحب الزمان وفيه 24 حديثا

ج 1: ح 271، 303 ج 2: ح 601، 602، 605، 607، 612، 615، 617، 620، 623، 629، 630، 632، 650، 656، 657، 662، 663، 681، 687، 689، 690، 1146.

المنتظر وفيه 8 أحاديث

ج 1: ح 306 ج 2: ح 556، 569، 578، 598، 1093، 1241، 1274.

بقية الله وفيه 8 أحاديث

ج 1: ح 245 ج 2: ح 327، 547، 564، 936، 1105 (ولكن المحتمل جدا كونه وما قبله أى ح 936 واحدا، وان كان الاول مرويّا عن ابى جعفر والثاني عن ابي عبد الله (عليهما السلام)، واللّه سبحانه هو العالم)، 1273، 1276 هذا وليعلم ان ألقابه على ما يستفاد من الاحاديث بل والآيات الكريمة كثيرة جدا لسنا بصدد استقصائها، منها خليفة الله، ويعسوب الدين، والخلف الصالح، وصاحب الغيبة، والمنتقم وغيرها، وكل إلى ذاك الجمال يشير، لا جمال فوق جماله الا جمال الله تعالى ربّ العالمين. كحّل الله ابصارنا بتراب مقدم خواصّه واصحابه- بابى هم وامّى- والحمد للّه رب العالمين وصلى الله على الأنبياء والمبشرين به، سيّما سيدهم وخاتمهم ابى القاسم محمد وآله الطاهرين.

(٤٤٧)

فهرست مصادر الكتاب/ ج 3

1 الإبانة لابن بطّة العكبري الحنبلي، المتوفى 387 (نقلنا عنه بواسطة كشف الأستار).
2 إبراز الوهم المكنون لأحمد بن محمّد بن الصدّيق الحضرمي، المتوفى 1380.
3 إبطال كتاب نهج الباطل للقاضى روزبهان.
4 الإتحاف بحبّ الأشراف لعبد الله بن محمّد بن عامر الشبراوي الشافعي، فرغ من تأليفه سنة 1154.
5 إتحاف الخاصّة بصحيح المطبوع فى هامش الخلاصة.
الخلاصة 6 إثبات الرجعة- للفضل بن النيسابوريّ المتوفى 260 (نقلنا عنه غيبة الفضل بن شاذان بواسطة كفاية المهتدى وغيره).
7 إثبات الهداة للشيخ الحرّ العاملي، المتوفى 1104.
8 إثبات الوصيّة لأبي الحسن على بن الحسين المسعودي، المتوفى 333.
9 الاحتجاج لأبي منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسى، المتوفى 588.
10 إحقاق الحق للقاضى نور الله التستري الشهيد سنة 1019.
11 أخبار اصفهان لأبى نعيم الاصبهاني، المتوفى 430.

(٤٤٩)

12 أخبار الدول لأبي العباس أحمد بن يوسف بن أحمد الدمشقي الشهير بالقرماني.
13 الأخبار الدخيلة للشيخ محمّد تقى التستري.
14 الاختصاص المنسوب إلى شيخنا المفيد، المتوفى 413.
15 الإذاعة للسيّد محمّد صديق بن حسن، المتوفى 1307.
16 الأربعين للحافظ أبى الفتح محمّد بن أبى الفوارس (مخطوط).
17 الأربعين للعلّامة المجلسي، المتوفى 1110.
18 الأربعين للمولى محمد طاهر القمى.
19 الأربعين- كفاية المهتدى للمير محمّد بن محمّد المير لوحي الحسيني الاصفهاني المعاصر للعلامة المجلسى قدّس سرّه (مخطوط).
20 الإرشاد للشيخ المفيد المتوفى 413.
21 إرشاد القلوب لأبي محمّد الحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي.
22 استقصاء النظر لكمال الدين ميثم بن عليّ بن ميثم البحراني المتوفى 679.
23 الاستنصار للكراجكي، المتوفى 449.
24 الاستيعاب لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ التمري القرطبي المالكي، المتوفى 463.
25 اسد الغابة لعزّ الدين أبى الحسن علىّ بن محمّد بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير الجزري، المتوفى 630.
26 إسعاف الراغبين للشيخ محمّد بن عليّ الصبّان، المتوفى 1206.
27 الإشاعة لأشراط الساعة للشريف محمّد بن رسول الحسيني البرزنجي، المتوفى 1103 بالمدينة.
28 الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني الشافعي، المتوفى 853.
29 اصالت مهدويت للمؤلف.

(٤٥٠)

30 اعتقادات الصدوق للشيخ الصدوق المتوفى 381.
31 الاعتماد فى شرح رسالة للفاضل المقداد، المتوفى 826، والرسالة للعلامة واجب الاعتقاد الحلّي (قدّس سرّه).
32 الإعلام بحكم عيسى (عليه السلام) لجلال الدين السيوطى المتوفى 911، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوى.
33 إعلام الورى لأمين الإسلام أبي عليّ الطبرسي، المتوفّى 548.
بأعلام الهدى 34 أعيان الشيعة للسيد الأمين العاملي.
35 الإقبال للسيد رضي الدين ابن طاوس، المتوفى 664.
36 إلزام الناصب للشيخ علي اليزدي الحائري، المتوفى 1333.
37 الأمالى للشيخ الصدوق، المتوفى 381.
38 الأمالى للشيخ المفيد، المتوفى 413.
39 الأمالى للشيخ الطوسى، المتوفى 460.
40 الأمالى الخميسية لأحد من علماء الزيديّة.
41 الامامة والتبصرة لعليّ بن الحسين بن بابويه القمى والد الشيخ الصدوق، المتوفى 329.
42 امامت ومهدويت للمؤلف.
43 الانسان الكامل للنّسفي.
44 الإنصاف للسيد هاشم البحراني، المتوفى 1107 أو 1109.
45 أنوار التنزيل- تفسير البيضاوي.
46 الأنوار النعمانية للسيد نعمة الله الجزائري، المتوفى 1112.
47 أنيس الأعلام لمحمّد صادق فخر الإسلام، المتوفى قبل سنة 1330.

(٤٥١)

48 إيضاح الإشكال للحافظ عبد الغني بن سعيد (نقلنا عنه بواسطة العبقات).
49 إيقاظ الهجعة للسيد هاشم البحراني، المتوفى 1107 أو 1109.
ب
50 بحار الأنوار للمولى محمد باقر العلّامة المجلسي، المتوفى 1110.
51 البرهان على صحّة طول للكراجكي، المتوفى 449.
عمر الامام صاحب الزمان (عليه السلام) 52 البرهان في علامات لعلاء الدين عليّ بن حسام الدّين، الشهير بالمتّقي الهندي، مهديّ آخر الزّمان نزيل مكّة المشرّفة، المتوفى 975.
53 بشارة الإسلام للسيد مصطفى الكاظمي، آل السيد حيدر، المتوفى حدود 1336.
54 بشارة المصطفى لشيعة المرتضى لعماد الدين الطبري من أعلام القرن السادس.
55 بصائر الدرجات لأبى جعفر محمّد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار المتوفى 290.
56 البلد الأمين للشيخ تقي الدين إبراهيم الكفعمي، المتوفّى 905.
57 بهجة الأبرار فى أحوال للشيخ محمد على الزاهد المعروف بالشيخ على الحزين، المعصومين الاطهار المتوفى 1181.
58 بهجة النّظر للسيد هاشم البحراني المتوفى 1107 أو 1109.
59 البيان في أخبار لأبى عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجيّ الشافعي، صاحب الزّمان (عليه السلام) المتوفى 658.
60 البيان والتبيين للجاحظ، المتوفى 255.

(٤٥٢)

61 بين يدي الساعة للدكتور عبد الباقى أحمد محمّد سلامة.
ت
62 تأويل الآيات الباهرة للسيد شرف الدين على الحسينى الأسترآبادي من أعلام القرن العاشر.
63 تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة الدينوري، المتوفى 276.
64 تاج العروس
65 التاج الجامع للاصول للشيخ منصور على ناصف من علماء الازهر ومدرّس الجامع الزينبي.
66 تاريخ ابن عساكر لأبي القاسم عليّ بن الحسن بن هبة الله الشافعي، المتوفى 527.
67 تاريخ بغداد لأبى بكر أحمد بن عليّ الخطيب البغدادي، المتوفى 463.
68 تاريخ الخلفاء لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفى 911.
69 تاريخ الطبري لأبى جعفر محمد بن جرير الطبري، المتوفى 310.
70 تاريخ قم للحسن بن محمد بن الحسن القمي من علماء القرن الرابع.
71 تاريخ المدينة المنوّرة لابي زيد عمر بن شبّة البصري، المتوفى 262.
72 تاريخ مواليد الائمّة لابن الخشّاب.
73 تبصرة الوليّ فيمن رأى للسيد هاشم البحراني المتوفى 1107 أو 1109.
القائم المهدي (عليه السلام)
74 التبيان في تفسير القرآن للشيخ أبي جعفر الطوسي، المتوفى 460.
75 تبيين المحجّة إلى تعيين للحاج ميرزا محسن آقا التبريزي، المتوفى 1352.
الحجّة

(٤٥٣)

76 التجريد للمحقق الطوسي، المتوفّى 672.
77 التحصين في صفات لجمال الدين ابن فهد الحلي، المتوفى 850.
العارفين 78 تحفة الأحوذي بشرح للحافظ أبي العلى محمّد بن عبد الرحمن المباركفوري، جامع الترمذي المتوفى 1353.
79 تحقيق الفرقة الناجية
80 التذكرة بأحوال الموتى مختصر تذكرة القرطبي.
وأمور الآخرة 81 تذكرة الحفّاظ لأبي عبد الله شمس الدين الذهبي، المتوفى 748.
82 تذكرة الخواصّ لأبي المظفّر يوسف شمس الدين الملقّب بسبط ابن الجوزي المتوفّى 654.
83 تذكرة الطّالب فيمن رأى الإمام الغائب (عليه السلام).
84 التصريح بما تواتر في للمحدّث الكبير محمّد أنور شاه الكشميري، المتوفى نزول المسيح (عليه السلام) 1352.
85 تفسير آلاء الرحمن للعلامة الشيخ محمد جواد البلاغى، المتوفّى 1352.
86 تفسير الآلوسى- روح المعاني.
87 تفسير ابن كثير للحافظ أبي الفداء إسماعيل بن عمر الدمشقي، المتوفى 774.
88 تفسير أبي الفتوح- روض الجنان وروح الجنان.
89 تفسير البحر المحيط.
90 تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني.
91 تفسير الجواهر للشيخ الطنطاوي الجوهري.

(٤٥٤)

92 تفسير روح البيان- روح البيان.
93 تفسير السدّي (نقلنا عنه بواسطة الطرائف).
94 تفسير الصافى للمولى محسن الفيض الكاشانى، المتوفى 1091.
95 تفسير الطبري لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبري، المتوفى 310.
96 تفسير العياشى لمحمّد بن مسعود العيّاشي من أعلام القرن الثالث.
97 تفسير الفرات لفرات بن إبراهيم الكوفى من أعلام القرن الثالث.
98 تفسير القرطبى- جامع لمحمد بن أحمد بن أبى بكر الأنصاري أحكام القرآن القرطبى، المتوفى 668 أو 671.
99 تفسير القمى لعلى بن إبراهيم بن هاشم، من أعلام القرن الثالث.
100 التفسير الكبير للفخر الرازى.
101 تفسير الكشاف لأبى القاسم جار الله محمود الزمخشري الخوارزمي، المتوفى 528.
102 تفسير كنز الدقائق للشيخ محمّد بن محمّد رضا القمى المشهدي من أعلام القرن الثاني عشر.
103 تفسير مجمع البيان لأمين الإسلام أبي علي الطبرسي، المتوفى 548.
104 تفسير محمّد بن العباس (نقلنا عنه بواسطة تأويل الآيات).
105 تفسير نور الثقلين للمحدث عبد على بن جمعة العروسي الحويزي، المتوفّى 1112.
106 تفسير النيشابوريّ- غرائب القرآن.
107 التفضيل لأبي الفتح محمّد بن عثمان الكراجكي، المتوفّى 449.
108 تقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي، المتوفى 447.
109 تكاليف الانام

(٤٥٥)

110 تلخيص المتشابه للخطيب البغدادي.
111 تلخيص المستدرك لأبي عبد الله محمّد بن أحمد الذهبى، المتوفى 848.
112 تنبيه الخواطر- مجموعة ورّام.
113 تنزيه الشريعة (نقلنا عنه بواسطة فردوس الأخبار).
114 تهذيب التهذيب لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن على بن حجر العسقلاني المتوفى 852.
115 التهذيب للشيخ الطوسى، المتوفى 460.
116 تهذيب ابن قيّم الجوزيّة المتوفّى 751، وهو تهذيب سنن أبي داود.
117 التوحيد للشيخ الصدوق، المتوفى 381.
118 التوراة
119 التيسير بشرح الجامع لعبد الرءوف المناوي الشافعي، المتوفى 1031.
الصغير 120 تيسير الوصول إلى جامع لعبد الرّحمن بن علي المعروف بابن الديبع الشيباني الاصول الزبيدي الشافعي، المتوفّى 944، اختصر به جامع الاصول لابن الأثير الجزري.
ث
121 الثاقب فى المناقب- للشيخ عماد الدين أبى جعفر محمّد بن عليّ ثاقب المناقب بن حمزة المشهدي المعروف بابن حمزة، المتوفّى بعد 585.
ج
122 الجامع لأحكام القرآن لأبى عبد الله محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي، المتوفّى 671 أو 668.

(٤٥٦)

123 جامع الأصول لابن الأثير الجزري الشافعي، المتوفّى 606.
124 الجامع الصغير لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطى، المتوفى 911.
125 الجرح والتّعديل لأبي محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، المتوفّى 327.
126 الجعفريات أو الأشعثيات لمحمّد بن محمّد بن الأشعث أبي عليّ الكوفى، من أعلام القرن الرابع.
127 جمال الاسبوع للسيد ابن طاوس، المتوفّى 664.
128 جمع الجوامع- الجامع لجلال الدين السيوطى، المتوفى 911 وهو الاصل لكتاب الكبير كنز العمّال.
129 جمع الفوائد في الجمع بين لمحمّد بن محمّد بن سليمان السوسي المغربي، نزيل الكتب الخمسة والموطّأ الحرمين، المتوفّى 1094.
130 الجمع بين الصّحيحين للحميدى، المتوفّى 488.
131 الجنّة الواقية للشيخ ابراهيم الكفعمى، فرغ منه سنة 895.
132 جنّة المأوى للمحدث النوري، المتوفّى 1320.
133 جوامع الجامع لأمين الإسلام الطبرسي، المتوفّى 548.
134 الجواهر المضيئة
135 جواهر الأولياء للسيّد باقر بن سيد عثمان بخاري، المطبوع سنة 1396.
136 جواهر العقدين للسيّد نور الدين أبي الحسن المدني الشافعي، المتوفى 911 (مخطوط).
137 جواهر الكلام

(٤٥٧)

ح
138 حاشية السندي على ابن ماجة
139 حاشية الفتح المبين للشيخ حسن بن على المدابغي الشافعي، المتوفّى 1170.
والفتح المبين في شرح الأربعين لرضي الدين ابن حجر المكّي، المتوفى 1041 شرح للأربعين النووية.
140 حق اليقين للسيد الشبّر.
141 حلية الأبرار للسيد هاشم البحراني المتوفّى 1107 أو 1109.
142 حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني.
خ
143 الخرائج لقطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة الله الراوندي، المتوفى 573.
144 الخصال للشيخ الصدوق، المتوفى 381.
د
145 دار السلام للشيخ محمود العراقي الميثمي من تلامذة الشيخ الأنصاري قدّس سرّه.
146 الدر المنثور للسيوطى، المتوفى 911.
147 الدر النثير لجلال الدين السيوطى.
148 الدرّ المنظّم
149 الدرّة المضيئة (المنظومة).
150 الدروس الشرعية فى للشهيد الأوّل، المستشهد سنة 786.
فقه الإماميّة

(٤٥٨)

151 دستور معالم الحكم للقاضي أبي عبد الله محمّد بن سلامة القضاعي الفقيه الشافعى، المتوفى 454.
152 الدعوات للقطب الراوندي.
153 الدّلائل للشيخ أبي العباس الحميري من أعلام القرن الثالث.
154 دلائل الإمامة لأبي جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري من علماء حدود المائة الرابعة.
155 دليل سامرّا ليونس الشيخ إبراهيم السامرّائي.
156 الديوان المنسوب إلى مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام).
157 ديوان الشيخ خالد النقشبندي
ذ
158 ذخائر العقبى لمحبّ الدين أبي العباس أحمد بن عبد الله بن محمّد الطبري، شيخ الحرم المكّي، المتوفّى 694.
159 الذريعة إلى تصانيف الشيعة للشيخ آقا بزرگ الطهرانى.
160 ذكر أخبار اصبهان لأبي نعيم الاصبهانى، المتوفّى 430.
ر
161 رجال الشيخ للشيخ الطوسي، المتوفى 460.
162 رجال الكشى- اختيار للشيخ الطوسى.
معرفة الرجال
163 الردّ على الزيدية لأبى عبد الله جعفر بن محمّد بن أحمد الدّوريستي.
164 روح البيان للشيخ إسماعيل حقّي افندى.
165 روح المعانى لمفتي بغداد شهاب الدين الآلوسي، المتوفّى 1270.
166 روض الجنان وروح الجنان للشيخ أبى الفتوح الرازي، من أعلام القرن السادس.

(٤٥٩)

167 الروض الأنف
168 روضة الأحباب للسيد جمال الدين عطاء الله بن السيّد غياث الدين فضل الله المحدّث، المتوفّى 1000.
169 روضة الصّفا لمير خواند المورّخ محمّد بن خاوندشاه بن محمود، المتوفّى 903.
170 روضة المتّقين للمولى محمد تقي المجلسي.
171 روضة المناظر فى أخبار الأوائل والأواخر لأبي الوليد محمد بن الشحنة الحنفي.
172 روضة الواعظين للفتّال النيسابوري، الشهيد سنة 508.
173 الرياض الزاهرة فى فضل لعبد الله بن محمد المطيري الشافعي (نقلنا عنه بواسطة آل بيت النّبي وعترته كشف الأستار).
الطاهرة
174 رياض السالكين للسيد على خان المدني، المتوفّى 1120.
س
175 سبائك الذهب في معرفة لأبي الفوز محمّد أمين البغدادي الشهير بالسويدي.
قبائل العرب
176 السراج المنير للخطيب الشربيني.
177 السلطان المفرّج عن للسيد بهاء الدين عبد الكريم النيلي النجفي شيخ أبي أهل الإيمان العباس أحمد بن فهد الحلّي.
178 سنن ابن ماجة لأبى عبد الله محمّد بن يزيد بن عبد الله بن ماجة القزويني المتوفى 273.
179 سنن أبي داود لأبي داود سليمان بن الأشعر السجستاني، المتوفّى 275.

(٤٦٠)

180 سنن الترمذي لأبي عيسى محمّد بن سورة، المتوفّى 279.
181 سنن الدارقطني لأبي الحسن على بن عمر بن أحمد البغدادي، المتوفى 385.
182 سنن الدارمي للحافظ عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، المتوفى 255.
183 السنن الواردة في الفتن (سنن الدانى) لعمر بن سعيد المقري الدانى.
184 السيرة الحلبيّة لعليّ بن برهان الدين الحلبي الشافعي.
ش
185 شذرات الذهب لأبي الفلاح عبد الحيّ بن عماد الحنبلي، المتوفى 1089.
186 شرح الأخبار للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمّد التميمي المغربي، المتوفى 363.
187 شرح الديوان للحسين بن معين الدين الميبدي، المتوفى 870.
188 شرح سنن الترمذي لابن العربى.
189 شرح السيرة
190 شرح صحيح مسلم لأبي زكريا يحيي بن شرف النووي، المتوفى 676.
191 شرح غاية الأحكام
192 شرح المسند لأحمد شاكر.
193 شرح المقاصد لسعد الدين التفتازاني، المتوفّى 793.
194 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، المتوفى 655.
195 شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني، المتوفى 699.
196 شرح نهج البلاغة للشيخ محمّد عبده، مفتي الديار المصرية، المتوفّى 1323.
197 شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي النيسابوري من أعلام القرن الخامس.

(٤٦١)

198 شمائل الرسول للحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي، المتوفى 774.
ص
199 صحيح ابن حبّان
200 صحيح ابن خزيمة لمحمّد بن إسحاق النيشابوري، المتوفى 311 (مخطوط).
201 صحيح البخاري لأبي عبد الله محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، المتوفّى 256.
202 صحيح مسلم لأبي الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري، المتوفى 261.
203 الصراط المستقيم للشيخ زين الدين علي بن يونس العاملى النباطي البياضى، المتوفى 877.
204 صفات الشيعة للشيخ الصدوق، المتوفى 381.
205 صفة المهدي للحافظ أبي نعيم الاصفهاني، المتوفّى 430.
206 الصواعق المحرقة لشهاب الدّين أحمد بن حجر الهيثمي الشافعي، نزيل مكّة المشرّفة، المتوفّى 974.
ط
207 الطرائف للسيد ابن طاوس، المتوفّى 664.
ع
208 عبقات الأنوار للسيد المير حامد حسين الهندي، المتوفّى 1306.
209 العبقريّ الحسان للحاج شيخ على أكبر النهاوندي.

(٤٦٢)

210 العدد القويّة لدفع لعلي بن يوسف بن المطهر الحلّي من أعلام القرن الثامن المخاوف اليومية وهو أخو العلامة الحلّي.
211 العرائس في قصص الأنبياء لأبى إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم النيسابوري الثعالبي، المتوفى 427.
212 العرف الوردي لجلال الدين السيوطي، المتوفّى 911.
213 العطر الوردي بشرح للأديب محمّد البلبيسي بن محمّد الشافعي المصري، القطر الشهدي المتوفى بعد 1308.
214 عقد الدرر ليوسف بن يحيى المقدّسي الشافعي من علماء القرن السابع.
215 العقد الفريد لابن عبد ربّه الأندلسي، المتوفّى 328.
216 علامات القيامة الكبرى لعبد الله حجّاج من المعاصرين.
217 علل الشرائع للشيخ الصدوق، المتوفّى 381.
218 العمدة لأبي الحسين يحيى بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن محمّد البطريق الحلّي، المتوفّى 600.
219 العوالم للمحدّث الشيخ عبد الله البحراني الاصفهاني.
220 العوالي للحافظ أبي نعيم الاصفهاني، المتوفّى 430.
221 عون المعبود في شرح سنن لأبى الطيب محمّد شمس الحق العظيم آبادى، المتوفّى أبي داود 1329.
222 عيون أخبار الرضا (عليه السلام) للشيخ الصدوق، المتوفّى 381.
223 عيون المعجزات للشيخ حسين بن عبد الوهاب من علماء القرن الخامس.
غ
224 الغارات لإبراهيم بن محمّد الثقفي، المتوفّى 283.

(٤٦٣)

225 غالية المواعظ لخير الدين أبي البركات نعمان بن محمود الآلوسي الحنفي، المتوفّى 1317.
226 غاية الاختصار في البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار
227 غاية المأمول شرح التاج للشيخ منصور علي ناصف من علماء الأزهر ومدرس الجامع الزينبي.
228 غاية المرام للسيد هاشم البحراني، المتوفّى 1107 أو 1109.
229 الغدير للعلّامة الأميني، المتوفّى 1390.
230 غرائب القرآن للحسن بن محمد النيسابوريّ الشهير بالنظام، من علماء المائة التاسعة.
231 الغيبة للشيخ الطوسي، المتوفى 460.
232 غيبة الفضل بن شاذان (نقلنا عنه بواسطة كفاية المهتدي).
233 غيبة النعماني لأبي عبد الله محمّد بن إبراهيم النعماني المعاصر للكليني.
ف
234 الفتاوى الحديثيّة لشهاب الدّين ابن حجر الهيثمي، المتوفّى 974.
235 فتح الباري في لابن حجر العسقلاني المتوفّى 852.
شرح البخاري
236 الفتح الربّاني
237 الفتن لأبى صالح السليلى الّذي تاريخ كتابته سنة 307 وينقل عنه السيد ابن طاوس فى الملاحم والفتن.
238 الفتن لنعيم بن حماد من مشايخ الستّة سوى النسائي وجماعة كثيرة أخرى المتوفى سنة 228 أو 229. (مخطوط)

(٤٦٤)

239 الفتن والملاحم نهاية البداية والنهاية في الفتن والملاحم لابن كثير الدمشقي، المتوفّى 774.
240 الفتوحات الإسلاميّة للسيّد أحمد بن السيّد زيني دحلان، المتوفّى 1304.
241 الفتوحات المكيّة لمحمّد بن علي المعروف بمحيى الدين ابن عربى، المتوفى 638.
242 فرائد السمطين لشيخ الإسلام الحموئى الخراساني، المتوفّى 732.
243 فرج المهموم للسيد ابن طاوس.
244 فردوس الأخبار للحافظ شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي، المتوفّى 509.
245 الفصول العشرة فى الغيبة للشيخ المفيد، المتوفّى 413.
246 الفصول المهمّة لعليّ بن محمّد بن أحمد المالكي المكيّ الشهير بابن الصبّاغ، المتوفى 855.
247 الفضائل لأبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمّي، ألفه سنة 558.
248 فضائل الصحابة للسمعاني.
249 فلاح السائل للسيد ابن طاوس.
250 الفهرست للشيخ الطوسي، المتوفّى 460.
251 الفهرست لابن النديم.
252 فهرس النجاشي لأحمد بن عليّ بن العبّاس النجاشي، المتوفّى 450.
253 فوائد الأخبار
254 الفوز والأمان في مدح صاحب الزمان (عليه السلام) قصيدة للشيخ البهائى، المتوفى 1031، مطلعها «سرى البرق من نجد فجدّد تذكاري».
255 فيض القدير في شرح الجامع الصغير لعبد الرءوف المناوي، المتوفى 1301.

(٤٦٥)

ق
256 قرب الإسناد لعبد الله بن جعفر الحميري من أعلام القرن الثالث
257 قصص الأنبياء لقطب الدين الراوندي، المتوفّى 573.
258 القطر الشهدي منظومة نظمها شهاب الدين أحمد بن إسماعيل الحلواني الشافعي، المتوفى 1308.
259 القول المختصر
ك
260 الكافي لأبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، المتوفّى 329.
261 الكافي لأبي الصلاح الحلبي.
262 كامل الزيارات لجعفر بن محمّد بن جعفر بن موسى بن قولويه، المتوفّى 368.
263 الكامل في السقيفة لعماد الدين الطبري من أعلام القرن السابع.
264 الكامل في التاريخ لمعزّ الدين أبي الحسن على بن أبى الكرم الشيباني المعروف بابن الأثير، المتوفى 630.
265 كتاب سليم بن قيس لأبي صادق سليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي التابعي، المتوفّى حدود سنة 70 أو 90.
266 كتاب فضل بن شاذان- غيبة فضل بن شاذان.
267 كشف الأستار للمحدّث النوري، المتوفّى 1320.
268 كشف الحق (الأربعين) للأمير محمّد صادق بن السيّد محمّد رضا الخاتون آبادي الاصفهاني، المتوفّى 1272.
269 كشف الظنون لملّا كاتب چلپى.

(٤٦٦)

270 كشف الغمّة لأبي الفتح علي بن عيسى الأربلي، فرغ من تصنيفه سنة 687.
271 كشف المحجّة للسيد ابن طاوس، المتوفّى 664.
272 كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) للعلّامة الحلّي، المتوفّى 726.
273 كفاية الأثر لأبي القاسم عليّ بن محمّد بن عليّ الخزّاز الرازي، ويقال له القمي، من تلامذة الصدوق.
274 كفاية الطالب فى مناقب على بن أبى طالب (عليه السلام) لأبي عبد الله محمد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي، المتوفى 658.
275 كفاية المهتدي (الأربعين) للمير محمّد بن محمّد المير لوحي الحسيني الاصفهانى المعاصر للعلّامة المجلسي (قدّس سرّه).
276 الكلم الطيّب للسيّد علي خان المدني شارح الصحيفة، المتوفّى 1120.
277 كمال الدين لأبي جعفر الشيخ الصدوق، المتوفى 381.
278 كنز الفوائد للكراجكي، المتوفّى 449.
279 كنز العمّال للمتقي الهندي، المتوفّى 975.
280 كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق لعبد الرءوف المناوي، المتوفى 1031.
281 كنوز النّجاح
ل
282 لسان العرب لابن منظور.
283 لسان الميزان لابن حجر العسقلاني، المتوفّى 852.

(٤٦٧)

284 لوائح الأنوار البهية لشمس الدين محمّد السفاريني النابلسي، المتوفى 1188.
285 اللوامع الالهيّة لمقداد بن عبد الله السيوري الحلّي، المتوفى 826.
286 لوامع صاحبقرانيه للمولى محمّد تقى المجلسى.
287 لوامع العقول في شرح كلاهما للشيخ ضياء الدين أحمد بن مصطفى راموز الأحاديث الكموشخانه اى، المتوفى 1311.
م
288 مائة منقبة- المناقب المائة لابن شاذان من أعلام القرن الخامس.
289 ما نزل من القرآن في لمحمّد بن العبّاس من أعلام القرن الثالث والرابع (نقلنا عنه أهل البيت (عليهم السلام) بواسطة تأويل الآيات).
290 متشابه القرآن ومختلفه لرشيد الدّين محمّد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني، المتوفّى 583.
291 المجازات النبويّة للشريف الرضي جامع نهج البلاغة، المتوفى 404 أو 406.
292 المجالس السنيّة للسيد الأمين العاملي.
293 مجلّة الهلال الجزء الخامس من السنة الثامنة والثلاثين، مارس 1930.
294 مجمع البحرين للشيخ فخر الدين الطريحى، المتوفّى 1085.
295 مجمع البيان لأمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي، المتوفى 548.
296 مجمع الزوائد للحافظ نور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثمي، المتوفّى 807.
297 محاكمه در تاريخ آل محمّد (عليهم السلام) للقاضى بهلول بهجت افندى.
298 المحاسن لأبي جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، المتوفى 274 أو 280.

(٤٦٨)

299 المحتضر للحسن بن سليمان الحلّي تلميذ الشهيد الأوّل.
300 المحجّة فيما نزل في القائم الحجة للسيد هاشم البحراني، المتوفى 1107 أو 1109.
301 المحكم والمتشابه للسيد الشريف المرتضى، المتوفّى 436.
302 المحلّى لابن حزم
303 مختصر بصائر الدرجات للشيخ حسن بن سليمان الحلّي تلميذ الشهيد الأوّل.
304 مختصر تذكرة القرطبي- التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة، للشعراني المتوفّى 976
305 مختصر سنن أبي داود للحافظ عبد العظيم زكي الدين المنذري الشافعي، المتوفى 656.
306 مختصر صحيح مسلم للحافظ عبد العظيم زكي الدين المنذرى الشافعى الدمشقى المتوفى 656.
307 مرآة العقول للعلّامة المجلسى، المتوفى 1110.
308 مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لعلي بن سلطان محمّد الهروي القاري، المتوفى 1014.
309 مروج الذهب للمسعودي، المتوفّى 346.
310 المسائل الجارودية للشيخ المفيد، المتوفى 413.
311 المسائل الخمسون للفخر الرازي.
312 مسارّ الشيعة للشيخ المفيد، المتوفى 413.
313 المستدرك على الصّحيحين لأبى عبد الله محمّد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري، المتوفّى 405.
314 مستدرك الوسائل للمحدث النورى، المتوفى 1320.

(٤٦٩)

315 المسترشد لمحمّد بن جرير الطبري الإمامي، المتوفّى أوائل القرن الرابع.
316 مسند أبي يعلى الموصلي للحافظ أحمد بن علي التميمي، المتوفى 307.
317 مسند أحمد لأبى عبد الله أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني المروزي، المتوفى 241.
318 المسند للحميدى، المتوفى 219.
319 مسند الطيالسي
320 مشارق الأنوار للقاضي عياض، المتوفى 544.
321 مشارق أنوار اليقين للحافظ رجب البرسي.
322 مشكاة المصابيح للشيخ وليّ الدين محمّد بن عبد الله الخطيب العمري التبريزي، من أعلام القرن الثامن.
323 مصابيح السنّة لأبي محمّد الحسين بن مسعود البغوي، المتوفّى 515.
324 مصادقة الإخوان للشيخ الصدوق، المتوفى 381.
325 مصباح الشريعة منسوب إلى الامام الصادق (عليه السلام).
326 المصباح لتقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن الكفعمي، المتوفى 905.
327 مصباح المتهجّد للشيخ الطوسى، المتوفى 460.
328 المصنّف للحافظ عبد الرّزاق بن همّام الصنعاني، المتوفّى 211.
329 المصنّف للحافظ ابن أبي شيبة، المتوفّى 235.
330 مطالب السئول لكمال الدين أبي سالم محمّد بن طلحة الشافعي، المتوفّى 652.
331 المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر العسقلاني، المتوفى 852.

(٤٧٠)

332 مع الخطيب فى خطوطه العريضة. للمؤلف.
333 معالم السنن لأبي سليمان أحمد بن محمّد الخطّابي البستي، المتوفّى 388.
334 معاني الأخبار للشيخ الصدوق، المتوفى 381.
335 المعتبر للمحقق الحلّي، المتوفّى 676.
336 المعجم الصغير للحافظ الطبراني، المتوفى 360.
337 المعجم الأوسط للحافظ الطبراني، المتوفى 360.
338 المعجم الكبير للحافظ الطبراني، المتوفى 360.
339 معجم البلدان لشهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي، المتوفى 626.
340 معجم رجال الحديث للمحقق الخوئي، المتوفّى 1413.
341 المعمّرين لأبي حاتم السجستاني.
342 مفاتيح الغيب- التفسير الكبير لفخر الدين محمّد بن عمر الرازي، المتوفّى 606.
343 المفردات للراغب الاصفهاني.
344 مقاتل الطالبيّين لأبي الفرج الاصفهاني، المتوفّى 356.
345 مقاليد الكنوز لأحمد محمّد شاكر
346 مقتضب الاثر لأحمد بن عبيد الله بن عيّاش الجوهري، المتوفّى 401.
347 مقتل الحسين (عليه السلام) للحافظ الموفّق بن أحمد المكّي الحنفي المعروف بأخطب خوارزم، المتوفّى 568.
348 المقدّمة لابن خلدون الاشبيلي المغربي، المتوفّى 808.
349 المكاتيب للشيخ أحمد الفاروقي النقشبندي.

(٤٧١)

350 مكارم الأخلاق لأبي نصر رضي الدين حسن بن الفضل بن الحسن.
351 مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (عليه السلام) للسيد محمّد تقى الموسوي، المتوفّى 1348.
352 الملاحم لابن المنادي.
353 الملاحم والفتن للسيد ابن طاوس المتوفى 664.
354 من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق، المتوفى 381.
355 المنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن قيم الجوزية المتوفى 751.
356 منار الهدى للمحدث الخبير الشيخ على البحراني، وقد فرغ من تأليفه سنة 1295.
357 مناقب عليّ بن أبي طالب لابن المغازلي، المتوفّى 483.
358 المناقب المائة لأبي الحسن محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان القمي ابن اخت ابن قولويه.
359 المناقب لرشيد الدين محمّد بن علي بن شهرآشوب، المتوفّى 583.
360 منتخب الأنوار المضيئة
361 منتخب كنز العمال لعلاء الدين على بن حسام الدين الشهير بالمتقي الهندي، المتوفى 975.
362 المنظومة المسمّاة بالدرة المضيئة.
363 مهج الدعوات للسيد ابن طاوس، المتوفّى 664.
364 المهدي (عليه السلام) للسيد صدر الدين الصدر، المتوفّى 1373.
365 المهدىّ والمهدويّة لأحمد أمين المصري.
366 مهدي آل الرسول (عليهم السلام) لعليّ بن سلطان محمّد الهروي القاري، المتوفى 1014.
367 موارد الظمآن للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، المتوفّى 807.

(٤٧٢)

368 مودّة القربى للسيد عليّ بن شهاب الحسينى، نزيل الهند، المتوفّى 786.
369 موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين لمصطفى صبرى شيخ الاسلام للدولة العثمانية.
ن
370 النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر للفاضل المقداد.
371 النجم الثاقب للمحدّث النوري، المتوفّى 1320.
372 نزهة الناظر وتنبيه الخاطر للحسين بن محمّد بن الحسن بن نصر الحلواني، من أعلام القرن الخامس.
373 نسمة السحر بذكر من تشيّع وشعر للشريف ضياء الدين يوسف بن يحيى الصنعاني، المتوفى 1121.
374 نفس الرحمن فى فضائل سلمان للمحدث النوري، المتوفّى 1320.
375 نفس المهموم للمحدث القمي.
376 النكت الاعتقاديّة للشيخ المفيد، المتوفّى 413.
377 النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الاثير، المتوفّى 626.
378 نهاية البداية والنهاية فى الفتن والملاحم للحافظ أبي الفداء ابن كثير الدمشقي، المتوفى 774.
379 نهج البلاغة للسيد الشريف الرضى، المتوفّى 404 أو 406.
380 النوادر للفيض الكاشاني.

(٤٧٣)

381 نور الأبصار للسيد مؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي المصري، فرغ من تأليفه في رجب عام 1290.
ه
382 الهداية للحسين بن حمدان.
383 هداية السعداء في جلوة الشرفاء للقاضي شهاب الدين الجانپوري الهندي، المتوفى 849.
و
384 الوافي للفيض الكاشاني.
385 وسائل الشيعة للشيخ الحرّ العاملى، المتوفى 1104.
386 وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودى.
387 وفيات الأعيان لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمّد بن أبي بكر بن خلّكان، المتوفى 681.
ى
388 اليقين فى اختصاص عليّ (عليه السلام) بامرة المؤمنين للسيد رضى الدين ابن طاوس، المتوفى 664.
389 ينابيع المودّة للشيخ سليمان بن الشيخ إبراهيم المعروف بخواجه كلان الحسيني البلخي القندوزي، المتوفّى 1294.
390 اليواقيت والجواهر للسيد عبد الوهاب الشعراني، المتوفّى 976.

(٤٧٤)

استدراك
قد سقط من الفصل التاسع من الباب الثالث الحديث الرابع الى العاشر على ما يأتي

4- غيبة الشيخ: جماعة، عن التلّعكبريّ، عن أحمد بن عليّ الرازي، عن محمّد بن إسحاق المقري، عن عليّ بن العبّاس المقانعي، عن بكّار بن أحمد، عن الحسن بن الحسين، عن سفيان الجريري، عن الفضيل بن الزبير قال: سمعت زيد بن عليّ يقول: هذا المنتظر من ولد الحسين بن عليّ في ذريّة الحسين، وفي عقب الحسين (عليه السلام)، وهو المظلوم الّذي قال الله: «ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليّه» قال: وليّه رجل من ذرّيته من عقبه. ثمّ قرأ: «وجعلها كلمة باقية في عقبه» «سلطانا فلا يسرف في القتل» قال: سلطانه حجّته على جميع من خلق الله تعالى حتّى يكون له الحجّة على الناس، ولا يكون لأحد عليه حجّة.(630)
5- غيبة النعماني: أحمد بن هوذة، عن النّهاوندي، عن عبد الله بن حمّاد، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(630) غيبة الشيخ: ص 115، البحار: ج 51 ب 4 ح 3 ص 35.

(٤٧٥)

أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) التفت إلى على (عليه السلام) فقال: أ لا أبشّرك؟ أ لا اخبرك؟ قال: بلى يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال: كان جبرئيل عندي آنفا، وخبّرني أنّ القائم الّذي يخرج في آخر الزّمان، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا، من ذرّيتك من ولد الحسين (عليه السلام) (631).
6- الروضة: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سليمان، عن عيثم بن أشيم، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خرج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذات يوم وهو مستبشر يضحك مسرورا، فقال له الناس: أضحك الله سنّك يا رسول الله، وزادك سرورا، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إنّه ليس من يوم ولا ليلة إلّا ولي فيها تحفة من الله، ألا وإنّ ربّي أتحفني في يومي هذا بتحفة لم يتحفني بمثلها فيما مضى. إنّ جبرئيل أتاني فأقراني من ربى السلام وقال: يا محمّد! إنّ الله (عزّ وجلّ) اختار من بنى هاشم سبعة لم يخلق مثلهم فيمن مضى، ولا يخلق مثلهم فيمن بقي، أنت يا رسول الله سيّد النّبيين، وعلىّ بن أبى طالب وصيك سيد الوصيّين، والحسن والحسين سبطاك سيّد الأسباط، وحمزة عمّك سيّد الشهداء، وجعفر ابن عمّك الطيار في الجنة يطير مع الملائكة حيث يشاء، ومنكم القائم يصلّي عيسى بن مريم خلفه إذا أهبطه الله إلى الأرض، من ذريّة على وفاطمة من ولد الحسين (عليهم السلام).(632)
7- ينابيع المودّة: عن صاحب مشكاة المصابيح، عن أبى إسحاق قال: قال علىّ ونظر إلى ابنه الحسين (عليهما السلام):

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(631) غيبة النعماني: ب 14 ح 1 ص 247، البحار: ج 51 ابواب النصوص ب 1 ح 34 ص 77.
(632) الكافى: ج 8 ح 10 ص 49، البحار: ج 51 ابواب النصوص، ب 1 ح 36 ص 78.

(٤٧٦)

إنّ ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيّكم يشبهه في الخلق، ولا يشبهه في الخلق. ثمّ ذكر قصّة يملأ الأرض عدلا.
قال: رواه أبو داود ولم يذكر القصّة.(633)
8- غيبة الشيخ: جماعة عن التلعكبري، عن أحمد بن علىّ الرازي، عن محمّد بن إسحاق المقرى، عن علىّ بن العباس، عن بكّار بن أحمد، عن الحسن بن الحسين، عن سفيان الجريري قال: سمعت محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول: واللّه لا يكون المهدي أبدا إلّا من ولد الحسين (عليه السلام).(634)
9- الأمالى للصدوق: أبي، عن حبيب بن الحسين التغلبي، عن عبّاد بن يعقوب، عن عمرو بن ثابت، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في بيت أمّ سلمة، فقال لها: لا يدخل علىّ أحد، فجاء الحسين (عليه السلام) وهو طفل، فما ملكت معه شيئا حتّى دخل على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فدخلت أمّ سلمة على أثره، فاذا الحسين على صدره، وإذا النبي يبكي وإذا في يده شيء يقبّله، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
يا أمّ سلمة! إنّ هذا جبرئيل، يخبرني أنّ هذا مقتول، وأنّ هذه التربة الّتي يقتل عليها، فضعيه (فضعيها ظ) عندك، فإذا صارت دما فقد قتل حبيبي، فقالت أمّ سلمة:
يا رسول الله! سل الله أن يدفع ذلك عنه، قال: قد فعلت فأوحى الله (عزّ وجلّ) إليّ أنّ له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين وأنّ له شيعة يشفعون فيشفّعون، وأنّ المهدي من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(633) ينابيع المودة: ص 432 الباب 72(وفيه الحسن)، بحار الانوار: ج 51 ص 116 باب ما ورد عن امير المؤمنين (عليه السلام)، ح 15، الطرائف: ص 177، الملاحم والفتن: الباب السادس والسبعين.
(634) غيبة الشيخ: ص 115.

(٤٧٧)

ولده، فطوبى لمن كان من أولياء الحسين وشيعته، هم واللّه الفائزون يوم القيامة.(635)
10- كشف اليقين: الخوارزمى فى مناقبه عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للحسين: المهديّ من ولدك.(636)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(635) الأمالى: المجلس التاسع والعشرون ح 3؛ البحار: ج 44 ب 30(اخبار الله بشهادة الحسين (عليه السلام)) ح 5 ص 225، وفيه: «شيء يقلّبه».
(636) كشف اليقين: ص 344، ح 399.
وعلى هذا يزاد على ارقام الاحاديث من حديث 532 الى آخر الكتاب 7 رقم كما انه يزاد على عدد احاديث هذا الفصل سبعة يكون مجموعها 215 ومثله الفصل السابع وقس على ذلك ما يناسبه من الفصول ويكون مجموع ما فى الكتاب من الاحاديث 1294 حديثا، وعلى كل فالامر سهل واضح سواء ادرجنا هذه الاحاديث فى الارقام أم لا والحمد للّه رب العالمين.

(٤٧٨)