المهدي في القرآن
تأليف: السيد صادق الحسيني الشيرازي
(ونُرِيدُ اَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ ونَجْعَلَهُم اَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) سورة القصص: الآية 5
الفهرس
مقدمة المؤلف..................9
سورة البقرة..................8
سورة آل عمران..................17
سورة النساء..................22
سورة المائدة..................28
سورة الأنعام..................32
سورة الأعراف..................40
سورة الأنفال..................43
سورة التوبة..................44
سورة يونس..................50
سورة هود..................52
سورة يوسف..................57
سورة إبراهيم..................59
سورة الحجر..................62
سورة الإسراء..................74
سورة الأنبياء..................80
سورة الحج..................81
سورة النور..................90
سورة الشعراء..................91
سورة النمل..................92
سورة القصص..................96
سورة الروم..................99
سورة السجدة..................102
سورة الأحزاب..................105
سورة سبأ..................107
سورة ص..................110
سورة الزمر..................113
سورة الغافر..................116
سورة فصلت..................118
سورة الشورى..................119
سورة الزخرف..................124
سورة الدخان..................127
سورة الجاثية..................129
سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)..................130
سورة الفتح..................132
سورة ق..................135
سورة الذاريات..................137
سورة القمر..................138
سورة الرحمن..................139
سورة الحديد..................140
سورة المجادلة..................141
سورة الصف..................143
سورة التغابن..................144
سورة الجن..................145
سورة المدثر..................146
سورة التكوير..................148
سورة البروج..................150
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة على رسول الله خير الخلق أجمعين، وعلى آله الطيبين الذين امر القرآن الحكيم بمودّتهم، والذين انزل الله تعالى فيهم كرائم القرآن.
وعلى خاتمهم، وقائمهم، ولي العصر، وصاحب الزّمان المنتظر لأمر الله تعالى، والمرتقب دولته، الامام المهدي الموعود (عليه السلام) و(عجّل الله تعالى فرجه).
وبعد: فهذه عشرات من الآيات القرآنية البينات، التي نزلت - تفسيراً، أو تأويلاً، أو تنزيلاً، أو تطبيقاً، أو تشبيهاً - في ثاني عشر أئمة أهل البيت، ولي امر الله الامام المهدي المنتظر (عليه السلام)... و(عجّل الله تعالى فرجه الشريف).
جمعتها من كتب غير الشيعة ونقلت أحياناً عن كتب الشيعة ما نقلوه عن كتب غيرهم ايضاً لتكون هداية لمن القى السمع وهو شهيد، واقتصرت في ذكر كلّ آية - غالباً - على ذكر حديث واحد لا أكثر فسحاً للمجال لغيري حتى يتوسع في الأمر ممن يوفقه الله تعالى لذلك، وفتحاً مني الباب على الاجيال القادمة.
وكان عديد من ذلك مأخوذاً عن كتاب (ينابيع المودّة) للعالم الفقيه (الحنفي) سليمان القندوزي، والباقي من كتب متفرّقة اخرى.
وقد بدأت بكتابته هدية مني لروح والدتي - رحمة الله عليها - التي لم يمض على وفاتها سوي خمسة واربعين يوماً خدمة مني لها، وجزاءً لبعض حقوقها
الكثيرة على التي يلزم عليّ ادائها في حياتها وبعد وفاتها.
فاسأل الله الرؤوف العطوف أن يتفضل علي بأحسن القبول، ويتحف بثواب مقدّمة المؤلّف
قبول هذه الاوراق روح والدتي فيدخل بذلك عليها الروح والريحان، ورضوانه الذي هو أكبر النعم كلّها انه ولي ذلك.
وكان شروعي لجمع هذه الآيات في ليلة ميلاد الإمام المهدي المنتظر سَلامُ اللهِ عَلَيه من عام (1396) هجرية حيث يمضي على ولادة ألف ومائة وواحد واربعون عاماً (1141) هـ.
صادق الحسيني الشيرازي
(هُدىً لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) سورة البقرة، آية 2- 3
روي الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) في ينابيع المودّة (بإسناده المذكور) عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخل جندل بن جنادة بن جبير اليهودي علي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وسأله عن أشياء، واسلامه علي يد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) - في حديث طويل إلى أن قال:
سئل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) عن أوصيائه، فعدهم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) له، إلى أن قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(... فبعده ابنه محمد، يدعي بالمهدي، والقائم، والحجة، فيغيب، ثم يخرج، فاذا خرج يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، طوبي للصابرين في غيبته، طوبي للمقيمين علي محبته، اولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال: (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) إلى آخر الحديث(1).
(أقول) يعني: انّ المتقين هم المؤمنون بالإمام المهدي (عليه السلام)، ويعني بالغيب، هو نفس الإمام المهدي، فالغيب، ما غاب عن الحواس الخمس، وكما أن الله غيب، لأنّه لا يدرك بالحواس الخمس، والآخرة غيب لغيبها عن الحواس، كذلك الإمام المهدي (عليه السلام) غيب، لأنّه لا يري في زمن الغيبة رؤية عموميّة يعرف بها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ينابيع المودّة: الصفحة 443.
(فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) سورة البقرة، آية 60
روي العلامة الكبير السيّد هاشم البحراني، في كتابه (غاية المرام) عن الفقيه ابي الحسن بن شاذان، في (المناقب المائة من طريق العامّة) بحذف الاسناد، عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول (وسرد حديثاً طويلاً، وجاء فيه) قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(من سره ليقتدي بي فعليه أن يتوالى ولاية علي بن ابي طالب، والأئمة من ذريّتي، فإنّهم خزان علمي).
فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ما عدة الأئمة؟
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(يا جابر سألتني - رحمك الله - عن الإسلام باجمعه).
إلى أن قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(وعدتهم عدة العيون التي انفجرت لموسى بن عمران حين ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً) إلى آخر الحديث(2).
(أقول) حيث إن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هو الذي شبه الأئمة الاثني عشر بالعيون التي نزل ذكرها في القرآن ذكرنا هذه الآية اقتداءً برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) غاية المرام: الصفحة 244.
(وإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكلَماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) سورة البقرة، آية 124
روي الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) (باسناده المذكور) عن المفضل بن عمر، قال: سألت جعفراً الصادق عن قوله (عزَّ وجلَّ):
(وإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكلمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) الآية.
قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه وهو انه قال:
(يا رب اسألك بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين الا تبت علي).
(فتاب عليه انّه هو التواب الرحيم).
فقلت له: يا ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فما يعني بقوله:
(فأتمّهن)؟
قال: يعني: اتمهن إلى القائم المهدي اثني عشر إماماً تسعة من (ولد) الحسين(3).
(اقول) (ابتلى) بمعني: الامتحان والاختبار، ومعني الحديث أن الله تعالى اختبر نبيه الخليل إبراهيم (عليه السلام)، وامتحنه بأسماء رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والائمة الاثني عشر (عليهم السلام).
وأما حقيقة الاختبار ماذا كان فقد سكتت عنها هذه الآية الكريمة ولكن وضحتها أحاديث شريفة، وأنّها كانت الخضوع لأفضليتهم والاعتقاد بمتابعته إياهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) ينابيع المودة: الصفحة 507.
(فَاسْتَبِقُوا الخَيْراتِ أَيْنَما تَكونُوا يَأتِ بِكمُ اللهُ جَمِيعاً) سورة البقرة، آية 148
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده المذكور، قال: عن الإمام جعفر الصادق (رضي الله عنه) في قول الله (عزَّ وجلَّ):
(فَاسْتَبِقُوا الخَيْراتِ اَيْنَما تَكونُوا يَأتِ بِكمُ الله جَمِيعاً)
قال: يعني: أصحاب (القائم) الثلاثمئة وبضعة عشر.
وهم والله (الأمة المعدودة) يجتمعون في ساعة واحدة، كقزع الخريف(4).
(أقول) يعني بالأمة المعدودة، ما ذكره القرآن الحكيم بقوله:
(ولَئِنْ اَخَّرْنا عَنْهُمُ العَذابَ إلى اُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبَسَهُ) الآية 8
وسيأتي تفسيرها بذلك في سورة (هود) (عليه السلام) ان شاء الله تعالى:
(وقد) ورد في الأحاديث الشريفة ما يفسر هذه الآية الكريمة بالتفصيل، وخلاصته: أن الرعيل الأوّل من أصحاب الامام المهدي (عليه السلام) - وعددهم 313 كعدد أصحاب بدر - يلتحقون به أوّل ظهوره (عليه السلام) وهو بعد في مكة وهم في أكناف الأرض وأطراف البلاد، خلال ساعة واحدة بقدرة الله تعالى، نظير قصة (عرش بلقيس) ومجيء آصف بن برخيا - وصي سليمان النبي (عليه السلام) - به من اليمن إلى (القدس) في أقل من لحظة واحدة، وقد نقلها القرآن الحكيم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) ينابيع المودة: الصفحة 505.
(ولَنَبْلُوَنَّكمْ بِشَيء مِنَ الخَوْفِ والْجُوعِ ونَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ والأَنْفُسِ والثَّمَراتِ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) سورة البقرة، آية 155
اخرج الحافظ القندوزي (الحنفي) في قول الله تعالى في سورة البقرة:
(ولَنَبْلُوَنَّكمْ بِشَيء مِنَ الْخَوْفِ والْجُوعِ ونَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ والأَنْفُسِ والثَّمَراتِ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) إلى آخرها.
(باسناده المذكور) قال: عن محمّد بن مسلم، عن جعفر الصادق (رضي الله عنه) قال:
ان قدام (القائم) علامات بلوي من الله للمؤمنين.
قلت: وما هي؟
قال: هذه الآية (ولَنَبْلُوَنَّكمْ بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ) من تلقهم بالاسقام و(الجوع) بغلاء أسعارهم (ونقص من الاموال) بالقحط (والأنفس) بموت ذائع و(الثمرات) بعدم المطر، (وبشر الصابرين) عند ذلك.
ثم قال: يا محمّد هذا تأويله (وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ اِلاَّ اللهُ والرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ) ونحن الراسخون في العلم(5).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) ينابيع المودة: الصفحة 505.
(كمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ) سورة البقرة، آية 261
اخرج العالم (الشافعي) جمال الدين المقدسي السلمي الدمشقي في كتابه (عقد الدرر) - بسنده المذكور - عن علي بن ابي طالب - كرم الله وجهه - في وصف الامام (المهدي) (عليه السلام) قال:
(فيبعث المهدي إلى امرائه بسائر الامصار: بالعدل بين الناس) - إلى أن قال -:
(ويذهب الشر، ويبقى الخير).
(يزرع مداً يخرج سبعمائة مد - كما قال الله تعالى -) الحديث(6).
(اقول) هذا إشارة إلى أن هذه الآية الكريمة نزلت بشأن عصر الامام المهدي (عليه السلام) وزمانه.
والكلام بدوره ظاهر في انحصار ذلك بعهد الإمام (عليه السلام) لأن الحديث بصدد علامات وسمات وظواهر ذلك العهد الوضيء المشرق.
والإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) اعرف بمرامي القرآن ومقاصده (وقد) قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): فيما رواه أنس (علي يعلّم الناس بعدي من تأويل القرآن ما لا يعلمون)(7).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) عقد الدرر: الصفحة 259.
(7) شواهد التنزيل المجلد 1 صفحه 29.
(آمَنَ الرَّسُولُ بِمآ أُنْزِلَ اِلَيهِ مِنْ رَبِّهِ) سورة البقرة، آية 285
أخرج الفقيه الشافعي (الحمويني) محمّد بن ابراهيم في فرائده، كذا الفقيه الحنفي موفق بن أحمد الخوارزمي في المقتل باسانيده العديدة المذكورة قالا: عن أبي سلمي راعي ابل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول:
ليلة اسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ جلاله (آمَنَ الرَّسُولُ بِمآ أُنْزِلَ اِلَيهِ مِنْ رَبِّهِ) قلت (والمُؤْمِنُونَ) قال: صدقت يا محمّد، قال: من خلفت في امتك؟ قلت خيرها، قال: علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم يا رب، قال: يا محمد اني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها، وشققت لك اسماً من أسمائي فلا اذكر في موضع الا ذكرت معي فأنا المحمود وأنت محمّد، ثم اطلعت الثانية فاخترت منها علياً وشققت له إسماً من أسمائي فأنا الأعلى وهو علي (يا محمّد) اني خلقتك وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والائمة من ولده من شبح نوري، وعرضت ولايتكم علي أهل السماوات وأهل الارض. فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ومن جحدها كان عندي من الكافرين (يا محمّد) لو أن عبداً من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم (يا محمّد) تحبّ أن تراهم؟
قلت: نعم يا رب فقال لي: التفت عن يمين العرش فالتفت فاذا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي في ضحضاح من نور قياماً يصلون وهو في وسطهم. - يعني
المهدي - كأنّه كوكب دري وقال (يا محمّد) هؤلاء الحجج وهو الثائر من عترتك وعزّتي وجلالي انّه المحجة الواجبة لأوليائي والمنتقم من أعدائي(8).
(أقول) (ضحضاح) يعني الماء الكثير، وقد استعير هنا لمجمع النّور(9).
قوله (وهو في وسطهم) يعني: كأن الائمة في صورة دائرة قيام، والامام المهدي في وسطهم قائم.
قوله (كوكب دري) اي: كالنجمة المتلألئة.
قوله (وهو الثائر) يعني: الامام المهدي (عليه السلام) لأنّه يثور علي الظلم والباطل.
و(المحجة) اي: الطريق إلى الحق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(8) فرائد السمطين: المجلد 2 آخر المجلد ومقتل الحسين (عليه السلام): المجلد 1 الصفحة 95.
(9) اقرب الموارد، المجلد 1 مادة (ضحح).
(أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ ولَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ طَوْعَاً وكرْهاً) سورة آل عمران، آية 83
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده المذكور قال: عن جعفر الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(ولَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمواتِ والأَرْضِ طَوْعَاً وكرْهاً).
يقول: اذا اقام (القائم المهدي) لا يبقى ارض إلا نودي فيها شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله(10).
(أقول) يعني: ان هذه الآية الكريمة اشارة إلى عهد (المهدي) المنتظر (عليه السلام) اذ في زمانه الكلمة كلّها لله علي وجه الأرض كلّها، لأن كل من في الأرض يسلم ويخضع لله تعالى. ولم يتم هذا حتى اليوم، لا في عهد الأنبياء السابقين (عَلَيهِمُ السَّلام) ولا في عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ولا في عهود بعده، أن يكون كل من على وجه الأرض مسلماً لله، خاضعاً لدين الله (طوعاً وكرهاً).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(10) ينابيع المودّة: الصفحة 506.
(ولِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ويَمْحَقَ الْكافِرِينَ) سورة آل عمران، آية 141
أخرج الفقيه الشافعي (الحمويني) بسنده المذكور قال:
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
ان علياً وصيي ومن ولده (القائم) المنتظر الذي يملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً ان الثابتين علي القول بإمامته في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر.
فقام اليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة؟
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): أي وربّي (ولِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ويَمْحَقَ الْكافِرِينَ).
يا جابر: إن هذا لأمر من أمر الله، وسرّ من سرّ الله من سر علّته مطوية عن عباده فإيّاك والشك، فان الشك في أمر الله (عزَّ وجلَّ) كفر(11).
(اقول) وممن أخرج الحديث ابن خلدون في (مقدمته)(12).
وهكذا اخرجه ايضاً عالم (الشافعية) الحافظ نور الدين علي بن ابي بكر الهيثمي في كتاب مجمع الفوائد ومنبع الفرائد(13) وغيرهما.
(الكبريت الاحمر) من معانيه الذهب الاحمر اي الخالص والمقصود: أن المؤمن بالإمام المهدي (عليه السلام) في أيام غيبته اقل وجوداً من الذهب الخالص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(11) فرائد السمطين: المجلد الثاني آخره.
(12) مقدمة ابن خلدون: الصفحة 269.
(13) المجلد 7، الصفحة 318.
ووجه الشبه: هو أن الذهب الخالص قليل الوجود لأن الذهب غالباً - مصوغاً وغير مصوغ - مخلوط بغيره من نحاس، أو صفر، أو نيكل، أو غيرها.
والمؤمن بالإمام المهدي (عليه السلام) أقل وجوداً منه (وفي هذا) الحديث دليل علي أن (غيبة) الإمام (عليه السلام) سببها امتحان الناس، وتمحيص المؤمن الخالص، والكافر، والمؤمن المغشوش.
(فالكافر) بالإمام يمحق ويضمحل، والمؤمن المغشوش ينكر الامام المهدي عند طول غيبته فينطبق عليه حديث الرّسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (من انكر خروج المهدي فقد كفر بما انزل علي محمّد)(14) والمؤمن الخالص يبقى علي الاعتقاد بإمامته مهما طالت الغيبة.
قوله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (ان هذا الامر) الظاهر أن المراد منه وقت ظهور الإمام (عليه السلام).
قوله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) (وإياكم والشك) يعني: اذا طالت الغيبة فلا تشكوا في الامام، ولا تقولوا: لو كان لظهر. فانّه كفر - كما اسلفنا حديث النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) -.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(14) ينابيع المودّة: الصفحة 447.
(يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وصابِرُوا ورابِطُوا) سورة آل عمران، آية 200
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) (باسناده) قال: عن محمّد الباقر (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وصابِرُوا ورابِطُوا)
قال: إصبروا علي اداء الفرائض، وصابروا علي اذيّة عدوكم، ورابطوا إمامكم المهدي المنتظر(15).
(أقول) يعني: شدّوا أنفسكم بالإمام المهدي (عليه السلام)، ورابطوا أرواحكم به، كناية عن ثبات الاعتقاد به، ونية التفاني في سبيله والجهاد بين يديه طائعين غير مستكرهين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(15) ينابيع المودّة: الصفحة 506.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الكتابَ آمِنُوا بِها نَزَّلْنا مُصَدِّقَاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ اَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها) سورة النساء، آية 47
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) (باسناده) قال: عن محمّد الباقر (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الكتابَ آمِنُوا بِها نَزَّلْنا مُصَدِّقَاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ اَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلي أَدْبارِها)
قال: لا يفلت من جيش السفياني الهالكين في خسف البيداء إلا ثلاثة يحوّل الله وجوههم في أقفيتهم، وذلك عند قيام (القائم المهدي)(16).
(أقول) هذا تأويل الآية في السفياني وجيشه، وتفسيرها في أولئك الذين لم يؤمنوا برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ولا منافاة بين المعنيين (التأويل - والتفسير) فان القرآن تفسيراً وتأويلاً، وظاهراً وباطناً، كما دلت على ذلك آيات قرآنية، وأحاديث شريفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(16) ينابيع المودّة: الصفحة 506.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِيِ الأَمْرِ مِنْكُمْ) سورة النساء، آية 59
روي العلامة البحراني عن العالم الشافعي إبراهيم بن محمد الحمويني (باسناده المذكور) قال: عن سليم بن قيس الهلالي - في حديث المناشدة المفصل - أن علياً ناشد أكثر من مائتي رجل من الأصحاب والتابعين في ايام عهد عثمان بن عفان فقال فيما قال لهم:
انشدكم الله اتعلمون حيث نزلت: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِيِ الأَمْرِ مِنْكُمْ)
قال الناس: أخاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟
فأمر الله (عزَّ وجلَّ) نبيه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أن يعلمهم ولاة امرهم، وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلواتهم وزكاتهم وحجتهم (الى أن قال).
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): ((هم) علي أخي، ووزيري، ووارثي، ووصيي وخليفتي في أمتي ولي كل مؤمن من بعدي، ثم ابني الحسن، ثم الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين واحداً واحداً القرآن معهم وهم مع القرآن، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا عَليَّ الحوض) فقالوا كلهم: نعم قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت سواء(17).
(اقول) فالمقصود من (اولي الامر) هم الائمة الاثني عشر (عَلَيهِمُ السَّلام) وآخرهم المهدي المنتظر (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(17) غاية المرام: الصفحة 265-264.
(اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ (إلى) وحَسُنَ أُولئِك رَفِيقاً) سورة النساء، آية 69
أخرج الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا ابو العباس الفرغاني (بسنده المذكور) عن حذيفة بن اليمان قال: دخلت على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ذات يوم وقد نزلت عليه هذه الآية:
(اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداءِ والصَّالِحِينَ وحَسُنَ أُولئِك رَفِيقاً)
فأقرأنيها، فقلت يا نبي الله فدك أبي وأمي من هؤلاء؟
اني أجد الله بهم حفياً (أي: مكثراً من المدح والثناء والإجلال - أقرب الموارد).
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يا حذيفة أنا (مِنَ النَّبِيِّينَ) الذين انعم الله عليهم، أنا اولهم في النبوة وآخرهم في البعث، ومن (الصِّدِّيقِينَ) علي بن أبي طالب، ولما بعثني الله (عزَّ وجلَّ) برسالته كان اوّل من صدق بي، ثم من (الشُّهَداءِ) حمزة وجعفر ومن (الصَّالِحِينَ) الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، (وحَسُنَ أُولئِك رَفِيقاً) المهدي في زمانه(18).
(اقول) اي: في عهد رجعته الذي تمتلئ به الأرض عدلاً وقسطاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً فانّهم يجتمعون عند الرجعة، وتكون دنيا مؤلفة من خيرة الصالحين والأولياء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(18) شواهد التنزيل: المجلد 1، الصفحة 155.
(ولَوْ رُدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وإِلي أُوليِ الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) سورة النساء، آية 83
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) (باسناده) قال: عن ابن معاوية عن محمد الباقر - رضي الله عنه - انّه قال: - في حديث -: وقال (عزَّ وجلَّ): (ولَوْ رُدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وإِلى أُوليِ الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)
فرد أمر الناس إلى أولي الأمر منهم الذين امر الناس بطاعتهم وبالرد اليهم.
وروي عن الصادق (جعفر بن محمّد) في تفسير كلمة (أولي الامر) انه قال - في حديث -:
(فكان علي، ثم صار من بعده حسن، ثم حسين، ثم من بعده علي بن الحسين، ثم من بعده محمد بن علي، وهكذا يكون الامر، ان الأرض لا تصلح الا بإمام(19).
(أقول) هذا دليل على أن هذا اليوم الامام موجود، وليس هو غير الامام المهدي (عليه السلام)، فتكون الآية الكريمة في الامام المهدي وآبائه الكرام (عَلَيهِمُ السَّلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(19) ينابيع المودّة الصفحة 506.
(وإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ويَوْمَ القِيامَةِ يَكونُ عَلَيهِم شَهِيداً) سورة النساء، آية 159
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) (باسناده) قال: عن محمّد الباقر (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(وإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكتابِ اِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ويَوْمَ القِيامَةِ يَكونُ عَلَيهِم شَهِيداً)
قال: إن عيسى (عليه السلام) ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا، فلا يبقى أهل ملة - يهودي ولا غيره - إلا آمنوا به (أي: بالمهدي) قبل موتهم، ويصلي عيسى خلف المهدي(20) وأخرج نحواً منه علامة (المالكية) ابن الصباغ ايضاً وغيره(21).
(أقول) يعني: ينزل عيسى بن مريم إلى الدنيا قبل القيامة، حين يظهر الامام المهدي (عليه السلام)، ويصلي عيسى خلف الامام المهدي، فيؤمن النصارى بالإمام المهدي لصلاة عيسى خلفه، ويؤمن اليهود بالإمام المهدي لإخراجه الواح التوراة من (فلسطين) وفيها علامات المهدي وادلته، ويؤمن أهل سائر الملل به بمعجزات آخر نظير ذلك.
فقوله تعالى (ليؤمنّن) به الضمير عائد - في التأويل - إلى الامام المهدي (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(20) ينابيع المودّة: الصفحة 506.
(21) الفصول المهمّة: الباب الثاني عشر.
(ولَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَني إِسْرائِيلَ وبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَي عَشَرَ نَقِيباً) سورة المائدة، آية 12
روي العلامة البحراني في (غاية المرام) عن ابي الحسن الفقيه محمد بن علي بن شاذان في (المناقب المائة من طريق العامة) بحذف الاسناد، قالوا: عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول (في حديث):
(من سرّ، ليقتدي بي فعليه أن يتوالى ولاية علي بن ابي طالب والائمة من ذريتي فانّهم خزان علمي).
فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ما عدّة الائمة؟
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يا جابر عدّتهم (الى أن قال):
عدة نقباء بني اسرائيل، قال الله تعالى:
(ولَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَني إِسْرائِيلَ وبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَي عَشَرَ نَقِيباً)
فالأئمة يا جابر اثني عشر اماماً اوّلهم علي بن ابي طالب وآخرهم (القائم)(22).
(أقول) حيث ان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في مقام تعداد الائمة (عَلَيهِمُ السَّلام) تلي هذه الآية الكريمة مستشهداً بها كان ذلك دليلاً علي تأويلها بهم - عَلَيهِمُ السَّلام - ولذلك ذكرناها هنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(22) غاية المرام: الصفحة 244.
(ومِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصاري أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكرُوا بِهِ) سورة المائدة، آية 14
روي الحافظ سليمان (القندوزي) العالم الحنفي (باسناده) قال: عن ابي الربيع الشامي: عن جعفر الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(ومِنَ الَّذِينَ قالُوا اِنَّا نَصاري أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكرُوا بِهِ) في المائدة قال:
سيذكرون ذلك الحظ، وسيخرج مع (القائم) هنا عصابة منهم(23).
(أقول) يعني: ان الحظ الذي هو الايمان بالإمام المهدي (عليه السلام) الذي أخذنا ميثاقهم عليه قال الله عنه ان النصارى نسوه في ذهن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، ذلك الحظ سيذكرونه ويعودون إلى الإسلام، لما يشاهدون من متابعة عيسى بن مريم لدين الإسلام، وصلاته خلف الامام المهدي (عليه السلام).
ولعل المقصود ب (عصابة منهم): العصابة الموجودون في عهد الامام المهدي، لما ورد في الأحاديث من إيمان النصارى الموجودين آنذاك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(23) ينابيع المودّة: الصفحة 506.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكمْ عَنْ دِيْنِهِ فَسَوفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَيَ المُؤمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَي الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ولا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِك فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ واللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) سورة المائدة، آية 54
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) قال عن سليمان بن هارون العجلي قال: سمعت جعفر الصادق (رضي الله عنه) يقول:
إن صاحب هذا الامر - يعني القائم المهدي - محفوظ، لو ذهب الناس جميعاً أتي الله بأصحابه، وهم الذين قال الله فيهم:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكمْ عَنْ دِيْنِهِ فَسَوفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَيَ المُؤمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَي الكافِرِينَ)(24).
(أقول) لا منافاة بين ورود تأويل هذه الآية تارة في الامام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عَلَيْهُمَا السَّلام) وتارة في أصحاب الامام المهدي المنتظر (عليه السلام)، وذلك: لأن علياً والقائم مع اصحابه كلاهما مصداقان لهذه الآية.
فالله يحب علياً وعلي يحب الله.
والله يحب الامام المهدي (عليه السلام) وأصحابه، واولئك يحبون الله (غير) أن علياً هو المصداق الأكمل، والفرد الأتم لهذه الآية، والامام المهدي (عليه السلام) وأصحابه مصاديق دونه في المنزلة والمرتبة.
وكم لمثل ذلك من نظائر في القرآن.
فالقرآن ظاهر وباطن، وتنزيل وتأويل، وتفسير ومعني...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(24) ينابيع المودة: الصفحة 507.
(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حتى اِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسرَتَنا عَلي ما فَرَّطْنا فِيها وهُمْ يَحمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلي ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) سورة الأنعام، آية 31
روي السيوطي (الفقيه الشافعي) قال: وأخرج البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن أعرابياً سأل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: متى الساعة؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(اذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة).
قال: يا رسول الله وكيف اضاعتها؟
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (اذ وسد الامر إلى غير أهله فانتظر الساعة)(25).
وروي هو ايضاً قال: وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: أتي رجل فقال: يا رسول الله متى الساعة؟
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): ما المسؤول بأعلم من السائل).
قال: فلو علمتنا أشراطها (أي: علاماتها).
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (تقارب الاسواق).
قلت: وما تقارب الأسواق؟
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (أن يشكو الناس بعضهم إلى بعض قلة اصابتهم، ويكثر ولد البغي، وتفشو الغيبة، ويعظّم رب المال، وترتفع أصوات الفساق في المساجد، ويظهر أهل المنكر، ويظهر البغاء)(26).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(25) الدر المنثور: المجلد 6، الصفحة 50.
(26) الدر المنثور: المجلد 6، الصفحة 51-50.
قال السيوطي: وأخرج احمد (بن حنبل) والبخاري ومسلم، وابن ماجة عن ابن مسعود (رضي الله عنه): سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول:
(يكون بين يدي الساعة ايام فيرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج)(27).
(أقول) استفاضت الروايات بوقوع هذه الامور قبل ظهور الامام المهدي المنتظر، فضياع الامانة، ووصول الامور إلى غير أهلها، وكثرة ولد الزنا، وتفشي الغيبة، وتعظيم اصحاب الأموال، وارتفاع اصوات الفساق في المساجد، وغلبة أهل المنكر، وغلبة البغاء وارتفاع العلم، ونزول الجهل (الظاهر كونه بمعني السفاهة) وكثرة الهرج، هذه كلها من علامات ظهور المهدي (عليه السلام)، فيكون المراد ب (الساعة) هو ساعة ظهور المهدي، أو الاعم منها ومن ساعة القيامة، لاشتراك الساعتين في كثير من المقدمات والعلامات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(27) الدر المنثور: المجلد 6، الصفحة 51-50.
(قُلْ أَرَأَيْتَكمْ اِنْ أَتاكمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كنْتُمْ صادِقِينَ) سورة الأنعام، آية 40
روي السيوطي (الفقيه الشافعي) قال: وأخرج الحاكم وصححه عن وائلة بن الاسقع: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول:
(لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات):
خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، والدجال، ونزول يأجوج ومأجوج، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعر (عدن) تسوق الناس إلى المحشر تحشر الذر والنمل)(28).
(أقول) لعل الراوي نسي اثنين من الآيات، او أن يعتبر نزول يأجوج الآية، ونزول مأجوج آية اخرى.
وهكذا يعتبر (تحشر الذر والنمل) آية مستقلة حتى تتم الآيات عشراً قوله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) (والدابة) لعله اشارة إلى قوله تعالى:
(واِذا وَقَعَ القَوْلُ عَلَيهِم أَخْرَجْنا لَهُمْ دابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكلِّمُهُم أَنَّ النَّاسَ كانُوا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(28) الدر المنثور: المجلد 6، الصفحة 60.
بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ).
(ولا يخفي) أن هذه العلامات كلها علامات مذكورة لظهور المهدي (عليه السلام) في روايات عديدة، كما يجدها الباحث في كتب التفسير، والحديث، والتاريخ، فالمراد ب (الساعة) هو ساعة ظهور المهدي (عليه السلام)، أو هي وساعة القيامة، لأن القرآن له ظهر وبطن، وتفسير وتنزيل، وتأويل.
(فَإِنْ يَكفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكلْنا بِها قَومَاً لَيْسُّوا بِها بِكافِرِينَ) سورة الأنعام، آية 89
وري الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: باسناده عن جعفر بن محمد الصادق (رضي الله عنه) انّه قال:
ان صاحب هذا الأمر - يعني القائم المهدي - محفوظ، لو ذهب الناس جميعاً أتي الله باصحابه، قال الله فيهم:
(فَإِنْ يَكفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكلْنا بِها قَومَاً لَيْسُّوا بِها بِكافِرِينَ)(29).
(أقول) يعني: لا يمكن أن يذهب الامام المهدي (عليه السلام) أو يذهب أصحابه، فلو مات الناس بالمجاعات، والحروب، والامراض، لبقي الامام المهدي، وبقي أصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر، وقوله (أتى الله باصحابه) كناية عن اتيان الامام المهدي نفسه، لما ورد من انه ما دام لم يكتمل عدد أصحابه (313) كعدد أصحاب بدر لا يظهر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(29) ينابيع المودّة: الصفحة 507.
(وتَمَّتْ كلِمَةُ رَبِّك صِدْقاً وعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكلِماتِهِ وهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) سورة الأنعام، آية 115
أخرج الحافظ القندوزي (الحنفي) - بسنده المذكور - عن عدة من المشايخ الثقات، الذين كانوا مجاورين للامامين سيدنا (علي الهادي) وابي محمد (الحسن العسكري) (عَلَيْهِمَا السَّلام)، قالوا سمعناهما يقولان: ان الله تبارك وتعالى اذا أراد أن يخلق الامام أنزل قطرة من ماء الجنة في ماء المزن فتسقط في ثمار الأرض وبقلتها، فيأكلها أبو الامام، فتكون نطفته منها، فاذا استقرت النطفة في الرحم فيمضي لها أربعة اشهر يسمع الصوت وكتب على عضده:
(وتَمَّتْ كلِمَةُ رَبِّك صِدْقاً وعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكلِماتِهِ وهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
فاذا ولد قام بامر الله، ورفع له عمود من نور ينظر منه الخلائق وأعمالهم وسرائرهم، والعمود نصب بين عينيه، حيث تولي ونظر - الحديث(30).
(أقول) ان الحديث أما خاص بالامام (القائم) او عام للائمة الاثني عشر، فيكون شاملاً للامام (القائم) وتؤيّد المعنيين احاديث اخرى ايضاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(30) ينابيع المودّة: الصفحة 462.
(يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّك لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكنْ ءَامَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) سورة الأنعام، آية 158
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) عن أبي هريرة - رفعه - قال: لا تقدم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فاذا طلعت آمن الناس كلهم أجمعون، فيومئذ، (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكنْ ءَامَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيراً).
للشيخين وأبي داود(31).
وروى الحافظ القندوزي نفسه، عن أبي سعيد الخدري رفعه في قوله تعالى: (أو يأتي بعض آيات ربك).
طلوع الشمس من مغربها - للترمذي(32).
(أقول) قد كثرت الروايات في أن من علامات ظهور (المهدي من آل محمد) ورجعته طلوع الشمس من مغربها، وهذا أمر ثابت عند المطلعين علي الأحاديث الشريفة فتكون الآية مؤلة او مفسره بالامام (المهدي) (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(31) ينابيع المودّة: الصفحة 476.
(32) ينابيع المودّة: الصفحة 476.
(ونادى أَصْحابُ الأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكمْ جَمْعُكمْ وما كنْتُمْ تَسْتَكبِرُونَ) سورة الأعراف، آية 48
المهدي وآبائه (عَلَيْهِمُ السَّلام) هم اصحاب الاعراف.
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده قال: عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول لعلي أكثر من عشر مرات:
(يا علي إنّك والاوصياء من ولدك اعراف بين الجنّة والنار، لا يدخل الجنة الا من عرفكم وعرفتموه، ولا يدخل النار الا من أنكركم وانكرتموه)(33).
(أقول) حيث ان الامام المهدي (عليه السلام) هو آخر اوصياء النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) كان ممن نزلت فيهم هذه الآية، وقد نص رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بأسماء أوصيائه، وآخرهم المهدي المنتظر في عدة موارد، ذكرنا بعضها فيما سبق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(33) ينابيع المودّة.
(يَسْئَلُونَك عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسيها قُلْ إنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها اِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمواتِ والأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً) سورة الأعراف، آية 187
روى الحافظ القندوزي في قوله تعالى:
(يَسْئَلُونَك عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسيها) الخ.
قال: روي المفضل بن عمر عن الصادق رضي الله عنه انّه قال: ساعة قيام القائم(34).
(أقول) قد ورد في عدة احاديث شريفة أن ساعة قيام الإمام المهدي (عليه السلام) مما استأثر الله تعالى بعلمه، وقد سئل عنها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال كل واحد منهم: (ما المسؤول باعلم من السائل).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(34) ينابيع المودّة: الصفحة 429.
(وقاتِلُوهُمْ حتى لا تَكونَ فِتْنَةٌ ويَكونَ الدِّينُ كلُّهُ للهِ) سورة الأنفال، آية 39
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده قال: عن محمد بن مسلم قال: قلت للباقر (رضي الله عنه) ما تأويل قوله تعالى في الانفال:
(وقاتِلُوهُمْ حتى لا تَكونَ فِتْنَةٌ ويَكونَ الدِّينُ كلُّهُ للهِ)؟
قال: لم يجيء تأويل هذه الآية، فاذا جاء تأويلها يقتل المشركون حتى يوحدوا الله (عزَّ وجلَّ)، وحتى لا يكون شرك، وذلك في قيام (قائمنا)(35).
(أقول) التأويل يعني: المرمى والمقصد الاعلى للآية الشريفة، اذ لم يتم في عهد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ولا في عهد أحد من الخلفاء والاوصياء يوم (يَكونَ الدِّينُ كلُّهُ للهِ).
ويتم ذلك في عهد الامام المهدي (عليه السلام) وحسب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(35) ينابيع المودّة: الصفحة 507.
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكوا ولَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكمْ ولَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ ولا رَسُولِهِ ولاَ المُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) سورة التوبة، آية 16
روي العلامة البحراني عن العالم (الشافعي) ابراهيم بن محمد الحمويني (باسناده المذكور) عن سليم بن قيس الهلالي (في حديث مفصل ناشد فيه علي بن ابي طالب المهاجرين والانصار في فضائله وفضائل أهل بيته، ومما فيه ناشد علي الاصحاب وقال لهم):
انشدكم الله الا تعلمون حيث نزلت: (ولَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ ولا رَسُولِهِ ولاَ المُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) قال الناس: أخاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم، فامر الله نبيّه أن يعلمهم ولاة امرهم وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وحجّهم...
إلى أن قال: فقام ابو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله هذه الآيات خاصة في علي؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (بلي فيه وفي اوصيائي إلى يوم القيامة) قالا: يا رسول الله بيّنهم لنا؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (علي اخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن من بعدي ثم ابني الحسن، ثم الحسين، ثم تسعة من ولد ابني الحسين واحداً بعد واحد(36).
(أقول) التسعة ذكرهم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في أحاديث عدة باسمائهم وتاسعهم (المهدي القائم) (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(36) غاية المرام: الصفحة 265-264.
(وهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى ودِيْنِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّيِنِ كلِّهِ ولَوْ كرِهَ المُشرِكونَ) سورة التوبة، آية 33
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده قال: عن جعفر صادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(وهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى ودِيْنِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّيِنِ كلِّهِ ولَوْ كرِهَ المُشرِكونَ)
قال: والله ما يجيء تأويلها حتى يخرج القائم المهدي (عليه السلام)، فاذا خرج (القائم) لم يبق مشرك الا كره خروجه، ولا يبقى كافر الا قتل، حتى لو كان كافر في بطن صخرة قالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله(37).
(أقول) قوله (ولا يبقى كافر الا قتل) يعني: الكافر المعاند الذي عبر القرآن الحكيم عنهم ب (ازدادوا كفراً)، وإلا فقد تظافرت الأحاديث الشريفة على أن الكفار - غير المعاندين - يؤمنون بالإسلام ديناً، وبالإمام المهدي اماماً وخليفة لرسول الله، وذلك فيما سبق من تفسير (وإِنْ مِنْ أَهْلِ الكتابِ اِلاّ لِيُؤْمِنَنَّ بِهِ) الآية.
قوله (عليه السلام) (قالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله) ليس هذا غريباً اذ بعد الايمان بقدرة الله تعالى علي انطاق الجمادات، وأن الامام المهدي (عليه السلام) إمام من عند الله، فأيّ مانع في أن يمنحه الله هذه المعجزات؟ وأي محذور في أن يعمل الله على يد الامام المهدي هذه الخوارق ليظهر دينه على الدين كله؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(37) ينابيع المودّة: الصفحة 508.
أليست الحصي تكلمت في يد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ولم يكن الله شاء آنذاك إظهار دينه على كل الاديان، وفي كل بقاع الأرض.
فلتتكلم الصخرات في عهد حفيد الرسول ومجدد دينه المهدي المنتظر، من أجل ارادة الله تعالى اظهار دينه على كل الاديان، وفي كل الاصقاع.
(ولا يخفي) انّه لا مانع من كون المقصود بارسال الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هو اظهار دين الله علي كل الاديان، ومع ذلك تأخير هذا الإظهار أكثر من ألف سنة عن مبعث الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فإن مصالح الله تعالى في عباده لا يضايقها طول الزمان.
ألم يبعث الله تعالى نبيه نوحاً لهداية أمته ومع ذلك لم يؤمن الا قليل منهم طيلة تسعمائة وخمسين عاماً من بعثته؟
(تنبيه) حيث ان هذه الآية بنصها وبالفاظها كررت في القرآن الحكيم ثلاث مرات، هنا، وفي سورة (الفتح) و(الصف)، وحيث ان ذلك يجعلها ثلاث آيات لا آية واحدة، لذلك نكرر ذكرها ايضاً - مع تفسيرها وتأويلها - في سورتي الفتح والصف أيضاً اتباعاً للقرآن الحكيم.
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْني عَشَرَ شَهْراً فِي كتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمواتِ والأَرْضَ) سورة التوبة، آية 36
روي العلامة الكبير السيّد هاشم البحراني (قدس سره) في كتابه (غاية المرام) عن ابي الحسن الفقيه محمد بن علي بن شاذان في (المناقب المائة من طريق العامة) بحذف الاسناد قال: عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول - في حديث طويل:
(معاشر الناس: من سره ليقتدي بي فعليه أن يتوالى ولاية علي بن ابي طالب والأئمة من ذريتي فانّهم خزان علمي).
فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ما عدة الأئمة؟
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يا جابر سألتني - رحمك الله - عن الإسلام بأجمعه، عدتهم عدة الشهور وهو (عِنْدَ اللهِ اثْني عَشَرَ شَهْراً فِي كتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمواتِ والأَرْضَ) الحديث.
ثم قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (فالأئمة يا جابر اثني عشر اماماً أوّلهم علي بن ابي طالب، وآخرهم (القائم)(38).
(أقول) تشبيه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) الائمة الاثني عشر (عَلَيهِمُ السَّلام) بالشهور الاثني عشر، وقراءته نص الآية الكريمة، وتعقيبه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بأن الائمة اثني عشر وآخرهم (القائم) كلها ادلة وشواهد علي تأويل هذه الآية بالأئمة (عَلَيهِمُ السَّلام) وتأويل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هو روح القرآن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(38) غاية المرام: الصفحة 244.
(وقاتِلُوا المُشْرِكينَ كافَّةً كما يُقاتِلُونَكُم كافَةً) سورة التوبة، آية 36
روي الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) باسناده قال: عن الباقر (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(وقاتِلُوا المُشْرِكينَ كافَّةً كما يُقاتِلُونَكُم كافَةً)
حتى لا يكون شرك، ويكون الدين كله لله.
قال: لم يجيء تأويل هذه الآية، واذا قام قائمنا بعد يري من يدركه (أي: يري من يدرك القائم) ما يكون من تأويل هذه الآية. وليبلغن دين محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ما بلغ الليل والنهار، حتى لا يكون شرك علي ظهر الأرض - كما قال الله (عزَّ وجلَّ) -(39).
(أقول) قوله (ما بلغ الليل والنهار) يعني: يطبق الإسلام الكرة الارضية كلها، فلا تبقي بقعة واحدة الا ودين محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يشملها وعلم الإسلام يرفرف عليها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(39) ينابيع المودّة: الصفحة 507.
(ويَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ اِنَّما الْغَيْبُ للهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ المُنْتَظِرِينَ) سورة يونس، آية 20
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده قال: عن جعفر الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى في سورة يونس:
(ويَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ اِنَّما الْغَيْبُ فَقُلْ اِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ فَانْتَظِرُوا اِنِّي مَعَكمْ مِنَ المُنْتَظِرِينَ)
قال: الغيب في هذه الآية هو الحجة القائم(40).
قال: الغيب هو كل ما غاب عن الحواس الخمس، وله مصاديق كثيرة، وإن كانت متفاوتة في جهات شتى.
(فالله) تعالى غيب مطلق، لأنّه لم، ولا، ولن يري.
(والعلم) الذي لا يعلمه الناس غيب.
(والروح) الذي لا يحسون به (غيب).
(والحجة الغائب) حيث لا يراه الناس رؤية معرفة فهو ايضاً غيب.
وأي مانع من أن يكون تأويل هذه الآية في الامام الحجة القائم (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(40) ينابيع المودّة: الصفحة 508.
(ولَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ العَذابَ إلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ ألا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُم وحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ) سورة هود، آية 8
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده قال: عن الباقر والصادق (رضي الله عنهما) في قوله تعالى:
(ولَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ العَذابَ إلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ)
أنّهما قالا: الامة المعدودة هم أصحاب المهدي في آخر الزمان ثلاثمأة وثلاثة عشر رجلاً كعدة أهل بدر، يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف(41).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(41) ينابيع المودّة: الصفحة 508.
(أُولئِك الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) سورة هود، آية 21
هم الشاكون في الامام المهدي (عَجَّلَ اللهُ فَرَجَهُ الشَّرِيف)
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده عن المفضل بن عمر انه قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (رضي الله عنه) - وساق حديثاً عن (القائم) المهدي - إلى أن قال: قال الصادق:
يقولون (يعني: الشكاكون في الامام المهدي (عليه السلام)):
متى ولد؟
ومن رآه؟
وأين هو؟
ومتى يظهر؟
كل ذلك شكاً في قضائه وقدرته.
(ثم تلا قوله تعالى):
(أُولئِك الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ)
في الدنيا والآخرة(42).
(أقول) هذا من التأويل التطبيقي الذي لا يعلمه الا أهل البيت الذين نزل في بيوتهم القرآن والامام الصادق (عليه السلام) منهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(42) ينابيع المودّة: الصفحة 514.
(قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكمْ قُوَّةً أَوْ اوِي إلى رُكنٍ شَدِيدٍ) سورة هود، آية 80
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده قال: عن جعفر الصادق (رضي الله عنه) انه قال:
ما كان قول (لوط) (عليه السلام) لقومه:
(قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إلى رُكنٍ شَدِيدٍ)
الا تمنياً لقوة (القائم المهدي) وشدة أصحابه، وهم الركن الشديد، فان الرجل منهم يعطي قوة أربعين رجلاً، وان قلب رجل أشد من زبر الحديد، لو مروا بالجبال الحديد لتدكدكت، لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله (عزَّ وجلَّ)(43).
(أقول) اذن: (القوة) و(الركن الشديد) في هذه الآية الكريمة تأويلهما الامام المهدي (عليه السلام) وأصحابه، وقوله (حتى يرضى الله (عزَّ وجلَّ)).
معناه: حتى يتم الجميع مسلمين مؤمنين، ويطبق الإسلام والايمان الكرة الأرضية كلها، ومن الثابت ان القتل ليس الا للمعاندين الذين تمت عليهم الحجة وعرفوا الحق ومع ذلك انكروه وجحدوا به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(43) ينابيع المودّة: الصفحة 509.
(بَقِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَكمْ إِنْ كنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) سورة هود، آية 86
أخرج العالم (الشافعي) السيد المؤمن الشبلنجي في (نور الابصار) قال: عن أبي جعفر (رضي الله عنه) قال - في حديث طويل ذكره، وفيه:
(فاذا خرج (يعني: المهدي) اسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أتباعه، فاوّل ما ينطق به هذا الآية: (بَقِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَكمْ إِنْ كنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ثم يقول أنا بقية الله، وخليفته، وحجته عليكم، فلا يسلم عليه أحد إلا قال: السلام عليك يا بقية الله في الأرض) الخ(44).
وأخرجه العلامة (المالكي) ابن الصباغ وغيره ايضاً(45).
(أقول) لا ينافي هذا التأويل نزول الآية نقلاً عن النبي شعيب (عليه السلام) لأن التنزيل، والتأويل شيئان، والقرآن له ظاهر، وله باطن، فلا ينافي قصد أحدهما، كون المراد من الآية الآخر ايضاً - كما عليه متواتر الروايات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(44) نور الأبصار: الصفحة 172.
(45) الفصول المهمّة: باب الثاني عشر.
(حتى إِذا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كذِبُوا جاءَهُمْ نَصرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ ولا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ) سورة يوسف، آية 110
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده عن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (رضي الله عنه) قال:
ما يجيء نصر الله حتى كانوا أهون علي الناس من الميتة، وهو قول ربي (عزَّ وجلَّ) في كتابه في سورة يوسف:
(حتى إِذا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كذِبُوا جاءَهُمْ نَصرُنا) وذلك عند قيام (قائمنا) المهدي(46).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(46) ينابيع المودّة: الصفحة 509.
(أقول) هذا من باب التطبيق الذي يعلمه أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو العالم بحقائق القرآن المطلع علي اسراره الذي قال عنه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(عَلِيٌّ يُعَلِّمُ النَّاسَ بَعْدِي مِنْ تَأْوِيلِ القُرآنِ ما لا يَعْلَمُون)(47).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(47) شواهد التنزيل: المجلد 1، الصفحة 29.
(ولَقَدْ أَرْسَلْنا موسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَك مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ وذَكرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِك لآياتٍ لِكلِّ صَبَّارٍ شَكورٍ) سورة ابراهيم، آية 5
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده قال: عن الباقر والصادق (رضي الله عنهما) في قوله تعالى في سورة (ابراهيم):
(وذَكرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ)
قالا: ايام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم، يوم الكرة، ويوم القيامة(48).
(أقول) لعل المراد ب (يوم الكرة) يوم رجعة رسول الله ورجعة علي أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وآلهما) حيث يقتل الشيطان، وهو يوم الوقت المعلوم الذي أمهل الله تعالى الشيطان اليه حيث قال تعالى:
(قال: فانظرني إلى يوم يبعثون؟ قال: فانك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم)(49) وسيأتي في سورة الحجر بعض الحديث عنه.
وحيث ان الانبياء السابقين كان الله تعالى قد أمرهم التبشير برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وبالامام المهدي (عليه السلام) كانت هذه الآية الكريمة اشارة إلى ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(أَلَمْ تَرَ كيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كلِمَةً طَيِّبَةً كشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُها فِي السَّماءِ) سورة ابراهيم، آية 24
أخرج علامة الأحناف (الحافظ الحاكم الحسكاني) قال أخبرنا ابو عبد الله الشيرازي - بسنده المذكور - عن سلام الخثعمي قال: دخلت على ابي جعفر محمد بن علي فقلت يا بن رسول الله قول الله تعالى:
(أَصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُها فِي السَّماءِ)
قال يا سلام: الشجرة محمد والفرع علي أمير المؤمنين والثمر الحسن والحسين والغصن فاطمة وشعب ذلك الغصن الائمة من ولد فاطمة - الحديث(50).
(أقول) حيث ان الامام المهدي (عليه السلام) هو آخر الائمة من ولد فاطمة وعلي - عَلَيْهِمَا السَّلام - كانت هذه الآية الكريمة شاملة له ومنطبقة عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(50) شواهد التنزيل: المجلد 1، الصفحة 311.
(قالَ رَبِّ فَانْظُرْنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَاِنَّك مِنَ المُنْظَرِينَ إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ) سورة الحجر، آية 36-38
أخرج العالم الشافعي محمد بن ابراهيم (الحمويني) باسناده المذكور عن الحسن بن خالد، قال: قال علي بن موسى الرضا - رضي الله عنه - (في حديث):
(إلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)
فقيل له: يا ابن رسول الله ومن القائم منكم أهل البيت؟
قال: الرابع من ولدي أبن سيدة الإماء يطهر الله به الأرض من كل جور ويقدسها من كل جرم وظلم، الحديث(51).
(أقول) هذه الاية مكررة بنصها في سورتي (الحجر) و(ص) ونحن اثبتناها في كلا المقامين - في ترتيب الآيات - ليجدها الطالب لها حيث بحث عنها من المقامين، فلعل من يعرف وجود هذه الآية في احدي هاتين السورتين ولا يعرف وجودها في الاخرى.
أضف إلى ذلك: أنه مادام هما آيتان، فكونها - تنزيلاً أو تأويلاً - في الامام المهدي (عليه السلام) يعني وجود آيتين في الامام المهدي، لا آية واحدة.
(تنبيه) لتوضيح أن ما ورد في القرآن مكرراً بالالفاظ فليس مكرراً بالمعني نورد الحقيقة التالية الجديرة بالتأمّل والتدقيق كشاهد لذكر الآيات المتكررة في فضل الامام المهدي وانّها ليست متكررة في الواقع. يقول المؤلفون عن (علوم القرآن):
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(51) فرائد السمطين: المجلد 2 آخره.
التكرار اللفظي موجود في القرآن.
أما التكرار الحقيقي - والمعنوي فلا يوجد في القرآن (وذلك) لأن المقصود من كل كلمة (تكرر لفظها) في القرآن غير نفس تلك الكلمة في مكان آخر...
فاذا كررت لفظة في القرآن مرتين، فاللفظ واحد، لكن المعنى والمقصود اثنان، وهكذا الجملة المتكررة، والآية المتكررة والموضوع المتكرر...
وان كررت لفظة أو آية في القرآن خمس مرات، فاللفظ واحد، لكن المعاني والمقاصد خمسة.
وهكذا دواليك.
ويسمعون ذلك ب (علم الاحكام والتفصيل)(52).
ولا بأس لبيان ذلك من نقل كلمات عن كتب كتبت بهذا الصدد لبيان هذا الموضوع المهم:
نصوص لعلماء:
قال الاستاذ العفيفي المعاصر في كتابه (القرآن القول الفصل): - بصدد بيان هذا المعني وهو عدم التكرار المعنوي في القرآن، وانّما التكرار لفظي فقط -:
(فاذا تعددت المواضع في القرآن كله بآية، او جملة اصغر من آية، أو كلمة، أو حرف(53) كان كل من ذلك ثابتاً في نصه بلا تبديل، وإنّما لكل مفردة منه عمل جديد، بكل موضع جديد، حتى اذا احتاج اي انسان منا بأي زمان أو مكان إلى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(52) انظر تقديم (الشيخ عطية صقر) الامين بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، علي كتاب (القرآن القول الفصل) تأليف الاستاذ المعاصر (محمد العفيفي) الصفحة 7.
(53) بآية مثل (فبأي آلاء ربكما تكذبان) المكررة في سورة (الرحمن) عدة مرات (أو جملة أصغر من آية) مثل تكرار جملة (فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) في سورة (النحل) آية (43) وسورة (الانبياء) آية ().
(أو كلمة) مثل تكرار كلمة (عليهم) في سورة الفاتحة (صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم) (أو حرف) مثل واو العطف المتكرر في سورة الفاتحة في آيتي (ايّاك نعبد وايّاك نستعين) و(غير مغضوب عليهم ولا الضالين). وهكذا اشباههما.
النظر فيما تصلنا به كل مفردة من هذه المفردات في سياقها من أي موضع، وجدنا لها حساباً، فيه تعميم الهي معجز، من حيث تقدير جملة مواضع كل مفردة، ومن حيث جملة ما تربطنا به من المقاصد.
كما أن في هذا الحساب تخصيصاً معجزاً من حيث ربط كل مفردة في سياقها من كل موضع نحتاج اليها به، بالمقصد المتفرد الذي يعمل معه الفارق بينه وبين اي مقصد آخر نحتاج اليه في القرآن كله، فننظر بكل موضع لكل مفردة، تتفق مع نوع حاجتنا إلى القرآن. اذا البشر عاجزون عن (التعميم) حتى يستطيعوا تثبيت القدر المطلوب من الكلام، بلا زيادة ولا نقصان.
(كما) أنهم عاجزون عن تخصيص عدد مواضع اي مفردة من مفردات كلامهم كله أو بعضه، على نحو ثابت لا زيادة فيه ولا نقصان فضلاً عن عجزهم عن تقدير جملة المقاصد التي يحتاجون اليها في كلامهم أو علمهم بذلك(54).
وقال الخطيب الاسكافي في كتابه (درة التنزيل وغرة التأويل) في بيان مثل لاختصاص كل مفردة قرآنية بجديد من العلم وجديد من المعني:
(ان قوله تعالى في سورة النبأ (كلا سيعلمون، ثم كلا سيعلمون) الآية 4و5 النبأ - يدل علي اختصاص الآية الرابعة من سورة النبأ بالعلم في الدنيا، ثم اختصاص الآية الخامسة من هذه السورة بالعلم في الآخرة فهو اذن ليس تكرار، ولم يرد بالثاني ما أراد بالأوّل...)(55).
يعني: سيعلمون وهم في الدنيا خطأ اختلافهم في (النبأ العظيم) لما يظهر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(54) القرآن القول الفصل: الصفحة 16.
(55) درة التنزيل وغرة التأويل: الصفحة 516.
لهم من العلامات والآيات ثم انّهم سيعلمون خطأ اختلافهم في الآخرة ايضاً.
وقال تاج القراء الكرماني في كتابه (اسرار التكرار في القرآن) في مقام اعطاء مثل آخر لعدم التكرار المعنوي في القرآن، ما مؤداه:
(ان قوله تعالى في سورة الفاتحة (عَلَيْهِمْ) في موضعين بهذه الآية (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ (عَلَيْهِمْ) غَيْرِ المَغْضُوبِ (عَلَيْهِمْ) ولاَ الضَّالِّينَ) لا تكرار فيه، لأن المراد بالأوّل الارتباط بمعني الانعام، اما المراد بالثاني فهو الارتباط بمعني الغضب(56) يعني: انعام الله تعالى كله من معين واحد، وليس انعام الله ولا غضبه اعتباطاً وارتجالاً حتى لا يكون له مقياس ووحدة وغضبه تعالى ايضاً كله من أصل واحد، لانّهما ثابتان علي اسس حكيمة، فوجب الارتباط في كل واحد منهما.
وقال العلامة الزركشي في كتابه (البيان في علوم القرآن) بصدد توضيح للاصطلاح المعروف (احكام القرآن وتفصيله) ومعناه:
(ان احكام القرآن وتفصيله، هو العلم الذي يضمن لنا اننا كلما احتجنا إلى اي مفردة قرآنية، وجدناها بأي موضع من مواضعها كالحرف الواحد في الكلمة التي تجمع حروفها جميعاً في جملتها، فاذا كل حرف بموضعه الخاص، به تفصيلاً واذن الحروف جميعاً تامة الارتباط بها كلها اجمالاً، وليس كذلك كلام البشر، الذي نرى كيف انّنا لا نعلم له جملة، كما نقل مثل ذلك عن القاضي ابي بكر بن العربي حيث يقول:
ان ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى تكون كالكلمة الواحدة علم عظيم فتح الله لنا فيه، فلما لم نجد له حملة ووجدنا الخلق بأوصاف البطلة ختمنا عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(56) اسرار التكرار في القرآن: الصفحة 21.
وجعلناه بيننا وبين الله، ورددناه اليه)(57).
(أقول) ولعله قصد بذلك أهل الدنيا المنصرفين عن المعارف الالهية، لا الخلق أجمعين والا كان كلامه بعيداً عن الصواب.
وقال الامام ابو حامد الغزالي في كتابه المعروف (إحياء علوم الدين) لبيان تعميم لهذا المصطلح:
(يقول بعض العارفين(58): ان القرآن يحوي سبعمائة وسبعين ألف علم ومأتي علم، اذ كل كلمة علم)(59).
وقال ابن القيم ابو عبد الله محمد بن ابي بكر في كتابه (اعلام الموقعين عن رب العالمين) نقلاً عن بعض الصحابة.
(حيث سئل عن (الكلالة) فتوقف عن ابداء رأيه في ذلك، حتى رجع إلى كلمة (كلالة) وكلمة (الكلالة) ليجدهما في موضعين، قرآنيين)(60).
(اولهما) بقوله تعالى: (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ (كَلاَلَةً) أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ) سورة النساء الآية 12.
(وثانيهما) قوله تعالى: (يَسْتَفْتُونَك قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي (الكلالَةِ) إِنِ امْرُؤٌ هَلَك لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ، ولَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَك، وهُوَ يَرِثُها اِنْ لَمْ يَكنْ لَها وَلَدٌ) سورة النساء، الآية176.
ثم قال العفيفي تعقيباً علي ذلك:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(57) البيان في علوم القرآن: المجلد 1، الصفحة 36.
(58) العارف: يقال للذين ادعوا معرفة أكثر بالله وبالكون - صدقاً أو كذباً -.
(59) احياء علوم الدين: المجلد 1، الصفحة 523.
(60) اعلام الموقعين عن رب العالمين المجلد 1 الصفحة 82.
فها نحن نرى ان النظر في كل موضع من الموضعين المخصصين لكلمة (الكلالَةِ) وكلمة (كُلالَةِ) قد وصلنا بمقصد جديد، من مقاصد القرآن، وهذا هو الشأن دائماً في ارتباط اي قارئ للقرآن بأي قول قرآني ينظر اليه بسياقه من موضعه الذي يجده به(61).
وقال القاضي ابو بكر (الباقلاني) في كتابه (اعجاز القرآن) - بعد تفصيل من نقل اقوال الاشاعرة والمعتزلة في المسائل المرتبطة بهذا الموضوع من قريب وبعيد، ومسألة خلق القرآن بالذات، إلى أنّه قال رأيه الأخير بذلك -:
(لقد علمنا أن الله تحدي المعارضين بالسور كلها ولم يخص، فعلم أن جميع ذلك معجز)(62).
وذلك: لأن الكلمات المكررة لفظاً، هي ذات معان جديدة بعدد تكرارها.
وقال السيد رشيد رضا في كتابه (الوحي المحمدي):
(لو ان عقائد الإسلام المنزلة في القرآن من الايمان بالله، وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر وما فيه من الحساب، والجزاء، ودار الثواب، ودار العقاب، جمعت مرتبة في ثلاث سور، أو اربع أو خمس - مثلاً - لكتب العقائد المدونة.
ولو أن عباداته من الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والدعاء، والاذكار، وضع كل منها في بضع سور ايضاً مبوبة ذات فصول لكتب (الفقه) المصنفة.
- إلى أن قال -:
ولو أن قواعده التشريعية واحكامه الشخصية، والسياسية، والحربية، و
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(61) اعلام الموقعين عن رب العالمين والقرآن القول الفصل: الصفحة 214.
(62) اعجاز القرآن - بهامش الاتقان للسيوطي -: المجلد 2، الصفحة 152.
المالية، والمدنية، وحدوده وعقوباته التأديبية رتبت في عدة سور خاصة بها كأسفار (القوانين الوضعية).
ثم لو أن قصص النبيين والمرسلين وما فيها من العبر والمواعظ والسنن الالهية في سورها مرتبة (كدواوين التاريخ).
لو أن كل مقاصد القرآن التي أراد الله بها اصلاح شؤون البشر.
جمع كل نوع منها وحده كترتيب أسفار (التوراة) التاريخ الذي لا يعلم أحد مرتبها، أو كتب العلم والفقه، والقوانين البشرية (لفقد) القرآن لذلك اعظم مزايا هدايته المقصودة من التشريع وحكمة التنزيل، وهو التعبد به واستفادة كل حافظ للكثير أو للقليل من سوره، حتى القصيرة منها، كثيراً من مسائل الايمان، والفضائل والأحكام والحكم المنبثة في جميع السور، لأن السورة الواحدة لا تحوي في هذا الترتيب المفروض الا مقصداً واحداً من تلك المقاصد، وقد يكون (أحكام الطلاق) أو (الحيض) فمن لم يحفظ الا سورة طويلة في موضع واحد، يتعبد بها وحدها فلا شك انه يملّها.
وأما السورة المنزلة بهذا الاسلوب الغريب والنظم العجيب فقد يكون في الآية الواحدة الطويلة، والسورة الواحدة القصيرة عدة ألوان من الهداية وان كانت في موضع واحد(63).
وقال العلامة مصطفي صادق الرافعي في كتابه (اعجاز القرآن والبلاغة النبوية) - بعد بحث طويل يذكر فيه نصوص المفردات القرآنية التي تحمل الاعجاز في مجموعها كمجموع فيقول -: (انّها هي الحروف، والكلمات، والجمل)(64).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(63) الوحي المحمدي: الصفحة 142.
(64) اعجاز القرآن والبلاغة النبوية: الصفحة 211و47.
ويقول ايضاً في اوائل كتابه:
(نزل القرآن الكريم بهذه اللغة علي نمط يعجز قليلة وكثيرة معاً، فكان اشبه شيء بالنور في جملة نسقه، اذ النور جملة واحدة، وانما يتجزأ باعتبار لا يخرجه من طبيعته)(65).
وقال الشيخ محمد عبد الله دراز في كتابه (دستور الأخلاق في القرآن) - ملخصاً بعض جوانب الاعجاز القرآني - بعد تفصيلها - في ايجاز فيقول -:
(استطاعت الشريعة القرآنية أن تبلغ كمالاً مزدوجاً لا يمكن لغيرها أن يحقق التوافق بين شقيه، لطف في حزم، وتقدم في ثبات، وتنوع في وحدة)(66).
وللتوسع الأكثر في هذا الموضوع يمكن الاستفادة من كتابين مهمين من العلماء السابقين، وكتابين حديثين للمتأخرين وهي الكتب التالية:
1- أحكام القرآن، تأليف ابي بكر أحمد بن علي الرازي (الحصاص) الذي كان اماماً للمذهب الحنفي في زمانه(67).
2- الاتقان في علوم القرآن، تأليف عبد الرحمن بن أبي بكر (السيوطي) الذي كان اماماً للمذهب الشافعي في عصره(68).
3- اعجاز القرآن والبلاغة النبوية، للأستاذ مصطفي صادق الرافعي.
4- القرآن القول الفصل، للأستاذ محمد العفيفي.
(أقول) انما ذكرنا هذا - الموجز - من هذا البحث العميق الطويل، لكي يتضح ان كل ما ورد في القرآن من تكرار في الامام المهدي المنتظر (عليه السلام) فليس تكراراً، اذن فهو ليست آية واحدة بشأن الامام وانّما هي آيات عديدة اثنتان، أو ثلاث،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(65) اعجاز القرآن والبلاغة النبوية: الصفحة 211و47.
(66) دستور الأخلاق في القرآن: الصفحة 11.
(67) المجلد الثاني، الصفحة 280 وما بعدها.
(68) المجلد الثاني، الصفحة 2 وما بعدها.
بعدد تكرارها في القرآن ولنضرب لذلك لبعض الامثلة:
خذ جملة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فالأولي منها هي غير الثانية وغير الثالثة، وغير الرابعة... وهكذا دواليك...
فجملة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لم تتكرر في القرآن في الواقع والمغزى، وانّما المتكرر فقط وفقط الفاظ هذه الجملة، وحروفها...
وما دام في القرآن عشرات من (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا).
وما دام تكررت الأحاديث الشريفة (بأن كل ما في القرآن يا أيها الذين آمنوا فان علياً أميرها وشريفها، ورأسها).
وما دام ان التكرار ليس في القرآن في المعنى...
(اذن) فبعدد ورود (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) في القرآن، يكون بنفس العدد آيات في فضل علي بن ابي طالب - عليه الصلاة والسلام -.
فلا يعتبر كل ما في القرآن من (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) آية واحدة في فضل علي أمير المؤمنين، بل عشرات الآيات في فضله.
(وهكذا) الأمر بالنسبة إلى ما ورد في القرآن من آيات (قالَ رَبِّ فَانْظُرْنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قالَ فَاِنَّك مِنَ المُنْظَرِينَ، إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ).
فبعد تكرارها، يكون عدد الآيات في ذكر الامام المهدي (عليه السلام).
فلا يؤخذ علينا أنا لماذا كررنا ذكر هذه الآيات هنا وفي سورة (ص).
لأن كل واحدة منهما في محليهما، غير الآخر في محل آخر.
ونستطيع ان نستوضح ذلك كثر بما يلي:
(فمثلاً) ورد (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) مرة في مقام بيان عبادة الله(69) وثانية في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(69) سورة البقرة: الآية 21.
مقام الاستعانة بالصبر والصلاة(70) وثالثة عند الرد علي علماء الزور(71)، ورابعة لبيان احكام الصوم(72) وخامسة للدخول في السلم(73) وهكذا دواليك...
ومعني الحديث المتكرر نقله من (أن علياً سيدها وشريفها ورأسها) هو أن علياً (عليه السلام) سيّد المؤمنين بتوحيد الله العابدين لله... وفي مقدمتهم:
وعلي سيّد المؤمنين بالاستعانة بالصبر والصلاة... وفي طليعتهم الصابرين والمصلين.
وعلي شريف المؤمنين برد علماء الزور... وأوّل معارضيهم...
وعلي رأس المؤمنين باحكام الصوم... والصوّام عملاً.
وعلي أمير المؤمنين بالسلم... وهو أوّل مطبق له...
وهلم جراً...
(ومثل ذلك) في قوله تعالى - مما نزل بذكر الامام المهدي (عليه السلام) (الى يوم الوقت المعلوم).
فمرة ذكرت هذه الآيات الثلاث بصدد تهديد ابليس حيث قال متحدياً لامر الله تعالى -: (قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ)(74).
ومرة اخرى - في سورة (ص) - ذكرت هذه الآيات الثلاث في مقام تهديد ابليس حيث تحدي امر الله تعالى بفلسفة كاذبة.
(أَنَا خَيرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)(75).
وفي كلا الموقفين يمهل الله تعالى - بنص واحد - ابليس (الى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ) ولعل التفصيل في ذلك يكمن في أن المرة الأولي - في سورة الحجر -
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(70) سورة البقرة: الآية 153.
(71) سورة البقرة: الآية 34.
(72) سورة البقرة: الآية 183.
(73) سورة البقرة: الآية 208.
(74) سورة الحجر: الآية 33.
(75) سورة ص: الآية 76.
سيعرف ابليس جزاء ردّه لله تعالى بقوله (لم أكن لأسجد) بعد قوله تعالى (فقعوا له ساجدين)، وفي المرة الثانية - في سورة (ص) - سيعرف ابليس تفلسفه بالدجل امام خالق السماوات والارضين بفلسفة (خير) واخذه بالمقاييس المادية التي لا خير فيها، وانّما الخير في المعنويات، ولغير ذلك ايضاً.
(فَاِذا جاءَ وَعْدُ أُوليهُما بَعَثْنا عَلَيْكمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وكانَ وَعْداً مَفْعُولاً، ثُمَّ رَدَدْنا لَكمُ الكرَّةَ عَلَيْهِمْ وأَمْدَدْنكمْ بِأَمْوالٍ وبَنِينَ وجَعَلْنكمْ أكثَرَ نَفِيراً) سورة الإسراء، آية 5-6
أخرج العلامة البحراني، في تفسيره (البرهان) عن الامام العامة ابي جعفر محمد بن جرير الطبري (بسنده المذكور) عن زاذان عن سلمان، قال: قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
ان الله تبارك وتعالى لم يبعث نبياً ولا رسولاً الا جعل له اثني عشر نقيباً.
فقلت: يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) لقد عرفت هذا من أهل الكتابين.
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يا سلمان هل علمت من نقبائي؟ ومن الاثني عشر الذين اختارهم الله للأمة من بعدي؟
فقلت: الله ورسوله أعلم.
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يا سلمان خلقني الله من صفوة نوره، ودعاني فأطعته، وخلق من نوري (علياً) ودعاه فأطاعه، وخلق مني ومن علي (فاطمة) فدعاها فأطاعته، وخلق مني ومن علي وفاطمة (الحسن) ودعاه فأطاعه، وخلق مني ومن علي وفاطمة (الحسين) ودعاه فأطاعه، ثم سمانا بخمسة اسماء من أسمائه(76) فالله المحمود وانا محمد، والله العلي فهذا علي، والله الفاطر فهذه فاطمة ولله الاحسان فهذا الحسن والله المحسن فهذا الحسين.
ثم خلق منا ومن نور الحسين تسعة ائمة فدعاهم فأطاعوه، قبل ان يخلق الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(76) يعني: مشتقات من اسمائه.
سماءً مبنية، ولا ارضاً مدحية، ولا ملكاً ولا بشراً دوننا، نور نسبح الله، ونسمع ونطيع.
قال سلمان: فقلت يا رسول الله بابي أنت وأمي فما لمن عرف هؤلاء؟
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم واقتدي بهم ووالي وليهم، وتبرء من عدوهم فهو والله منا يرد حيث نرد ويسكن حيث نسكن.
فقلت: يا رسول الله فهل يكون ايمان بهم بغير معرفة بأسمائهم وانسابهم؟
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): لا يا سلمان.
فقلت: يا رسول الله فاني لهم قد عرفت إلى الحسين.
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): ثم سيد العابدين علي بن الحسين، ثم ابنه محمد بن علي باقر علم الاولين والاخرين من النبيين والمرسلين، ثم جعفر بن محمد لسان الله الصادق، ثم موسى بن جعفر الكاظم غيضه صبراً في الله (عزَّ وجلَّ)، ثم علي بن موسى الرضا لأمر الله، ثم محمد بن علي المختار من خلق الله، ثم علي بن محمد الهادي إلى الله، ثم الحسن بن علي الصادق الامين لِسرّ الله، ثم محمد بن الحسن الهادي والمهدي الناطق القائم بحق الله.
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): انّك مدركه(77) ومن كان مثلك ومن تولاه بحقيقة المعرفة.
قال سلمان: فشكرت الله كثيراً، ثم قلت يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): وانّي مؤجل إلى عهده؟
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يا سلمان اقرأ (قوله تعالى):
(فَاِذا جاءَ وَعْدُ أُوليهُما بَعَثْنا عَلَيْكمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وكانَ وَعْداً مَفْعُولاً، ثُمَّ رَدَدْنا لَكمُ الكرَّةَ عَلَيْهِمْ وأَمْدَدْنكمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(77) يعني: مدرك الامام المهدي في الرجعة كما يدل عليه آخر الحديث.
بِأَمْوالٍ وبَنِينَ وجَعَلْنكمْ أكثَرَ نَفِيراً).
قال سلمان: فاشتد بكائي وشوقي ثم قلت يا رسول الله: بعهد منك(78)؟
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): اي والله الذي ارسل محمداً بالحق مني ومن علي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة وكل من هو منا ومعنا وفينا أي والله يا سلمان(79).
(أقول) هذه الرواية الشريفة تدل علي أن تأويل الآيتين الكريمتين انما هو في رسول الله وابنته فاطمة الزهراء، والائمة الاثني عشر - عليه وعليهم الصلاة والسلام - حيث يكرون ويعودون حين يأذن الله تعالى لهم (بالرجعة) ويشير إلى ذلك، أو يدل عليه ما ورد من الأحاديث الشريفة في تفسير قوله تعالى (ويَوْمُ نَحْشُرُ مِنْ كلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) وغير ذلك...
وهناك جمهرة كبيرة من الأحاديث الشريفة تذكر تفاصيل رجعة المعصومين الاربعة عشر - رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وابنته فاطمة، وعلي، والحسن والحسين، وتسعة ائمة من ولد الحسين (عليه السلام) - مدونة في كتب الحديث، وكتب التفسير المفصلة، وكتب اصول الدين المسهبة، ونحوها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(78) يعني: في زمانك وأنت موجود وقت الرجعة.
(79) تفسير البرهان: المجلد 2، الصفحة 407-406.
(وكلَّ إِنْسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) سورة الإسراء، آية 13
أخرج الحافظ القندوزي (الحنفي) بسنده قال: عن أبي عبد الله جعفر الصادق (رضي الله عنه) - في حديث - قال: قال الله (عزَّ وجلَّ):
(وكلَّ اِنْسانٍ اَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ)
يعني: ولاية الامام(80).
(أقول) هذا تأويل (الطائر)، لأن ولاية الامام هي اظهر مصاديق الطائر، اذ كل الاعمال تنبثق عن ولاية الامام، فمن يتولى الامام الصادق - مثلاً - تختلف اعماله عن اعمال من يتولى غيره، وهكذا.
وحيث ان لكل زمان إماماً، كان إطلاق الحديث شاملاً لجميع الائمة الاثني عشر، بدءاً من أمير المؤمنين وختام بالمهدي المنتظر (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(80) ينابيع المودّة: الصفحة 454.
سورة الإسراء، آية 33
(ومَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسرِف فِي القَتْلِ اِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً)
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده قال عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي الرضا ابن موسى الكاظم (رضي الله عنهما) في قوله تعالى:
(ومَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسرِف فِي القَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً)
انه قال: نزل في الحسين والمهدي(81).
(أقول) يعني: الحسين (عليه السلام) هو (من قتل مظلوماً) والمهدي (عليه السلام) هو وليه المنصور.
وقد ورد في الاحاديث الشريفة: ان الامام المهدي (عليه السلام) حين يظهر يحيي قتله الحسين (عليه السلام) بأمر الله تعالى وينتقم منهم اشد انتقام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(81) ينابيع المودّة: الصفحة 510.
(ولَقَدْ كتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) سورة الأنبياء، آية 105
روي الحافظ القندوزي سليمان الحنفي، باسناده قال عن الباقر والصادق (رضي الله عنهما) في قوله تعالى:
(ولَقَدْ كتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ)
قالا: هم القائم وأصحابه(82).
(أقول) لم يحدث إلى هذا التاريخ أن يرث الأرض ويحكمها حكم إلهي واحد شامل سلطانه لجميع بقاع الأرض لا في عهد نبي الإسلام، ولا في عهد خلفائه، وانما المدخر لذلك هو الامام المهدي المنتظر (عليه السلام).
(والزبور) هو الكتاب الذي نزل علي (داود) (عليه السلام).
(والذكر) يعني: التوراة التي نزلت علي (موسى) (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(82) عقد الدرر: الباب السابع، الصفحة 217.
(وأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها) سورة الحج، آية 7
روي الفقيه الشافعي عبد الرحمن بن ابي بكر (السيوطي) في تفسيره عن أبي داود - في سننه - عن ابي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(لا تقوم الساعة حتى يملك الأرض (المهدي) مني، أجلي الجبهة، أقني الألف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت قبله ظلماً وجوراً، يكون سبع سنين)(83).
قال: وأخرج أحمد (ابن حنبل) عن ابي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(أبشركم بالمهدي يبعثه الله في أمتي علي اختلاف من الزمان وزلازل، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، ويرضي عنه سكنوا السماء وسكنوا الأرض، ليقسم المال صحاحاً) فقال له رجل: ما صحاحاً؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) (بالسوية بين الناس ويملأ قلوب امة محمد غني، ويسعهم عدله، حتى يأمر منادٍ ينادي يقول: من كانت له في مال حاجة؟ فما يقوم من المسلمين الا رجل واحد، فيقول ائت السادن - يعني الخازن - فقل له: إن (المهدي) يأمرك أن تعطيني مالاً، فيقول: كنت أجشع امة محمد نفساً اذ عجز عني ما وسعهم.
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): فيرد فلا يقبل منه.
فيقال له: إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه(84).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(83) الدر المنثور: المجلد 6، الصفحة 50.
(84) الدر المنثور: المجلد 6، الصفحة 50.
(أقول) للساعة في اصطلاح الشرع اطلاقان - يظهر ذلك من تضاعيف الأحاديث الشريفة (احدهما) يوم ظهور المهدي (عليه السلام)، (ثانيهما) يوم القيامة، لاشتراكهما، في كونهما للمؤمنين رحمة، وللكافرين والمنافقين نقمة.
كما أن (الحشر) له اطلاقان (احدهما) يوم يحشر بعض الناس لقوله تعالى: (ويَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)(85) وهو يوم ظهور المهدي (عليه السلام) (ثانيهما) يوم يحشر جميع الناس وهو يوم القيامة، لقوله تعالى:
(وحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرُ مِنْهُمْ أَحَداً)(86).
فهذه الآية الكريمة (وأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها) شاملة ومنطبقة - بقرينة الأحاديث الشريفة - علي عهد (الرجعة) وظهور المهدي المنتظر (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(ولا يَزالُ الَّذِينَ كفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حتى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ) سورة الحج، آية 55
روي السيوطي (الفقيه الشافعي) قال: أخرج الحاكم وصححه عن عقبة بن عامر (رضي الله عنه): سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول:
(لا تزل عصابة من أمتي يقاتلون علي أمر الله ظاهرين علي العدو لا يضرّهم من خالفهم حتى تأتيهم (الساعة) وهم علي ذلك).
فقال عبد الله بن عمر: ويبعث الله ريحاً ريحها المسك، ومسها مس الحرير، فلا تترك نفساً في قلبه مثقال حبة من الايمان الا قبضته، ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة)(87).
(أقول) روايات عديدة وردت بهذا المضمون في ظهور الامام المهدي المنتظر، وأنه لا يظهر حتى يملأ العالم ظلماً وجوراً، او: حتى يدخل الظلم والجور كل بيت بيت - ونحو ذلك.
فهذه الآية الكريمة تنطبق علي ذلك اليوم. وهو يوم ظهور الامام المهدي المنتظر (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(87) الدر المنثور: المجلد 6، الصفحة 61.
(ومَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوْقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) سورة الحج، آية 60
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده قال عن سلام بن المستنير عن الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(ومَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوْقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) قال:
إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) لما أخرجته قريش من مكة وهرب منهم إلى الغار وطلبوه ليقتلوه فعوقب، ثم في (بدر) عاقب لأنه قتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وحنظلة بن ابي سفيان، وأبا جهل، وغيرهم، فلما قبض رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بغي عليه ابن هند بن عتبة بن ربيعة (يعني: معاوية بن ابي سفيان) بخروجه عن طاعة امير المؤمنين، وبقتل ابنه يزيد الحسين بغياً وعدواناً، ثم قال تعالى:
(لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ)
يعني: بالقائم المهدي من ولده(88).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(88) ينابيع المودة: من الصفحة 510.
(ويُمْسِك السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَي الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) سورة الحج، آية 65
روي العلامة البحراني، عن ابي الحسن الفقيه محمد بن أحمد بن شاذان - من طريق العامة بحذف الاسناد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): حدثني جبرئيل عن رب العزة جل جلاله أنه قال:
(من علم أن لا اله الا أنا وحدي، وأن محمداً عبدي ورسولي، وأن علي بن أبي طالب خليفتي، وأن الأئمة من ولده حججي ادخلته الجنة برحمتي، ونجيته من النار بعفوي).
الي أن قال الراوي: فقام جابر بن عبد الله الانصاري، فقال: يا رسول الله ومن الائمة من ولد علي بن ابي طالب؟
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة، ثم سيد العابدين في زمانه عل بن الحسين، ثم الباقر محمد بن علي، وستدركه يا جابر هذا ادركته فاقرأه مني السلام - ثم الصادق جعفر بن محمّد، ثم الكاظم موسى بن جعفر، ثم الرضا علي بن موسى، ثم التقي محمد بن علي، ثم النقي علي بن محمد، ثم الزكي الحسن العسكري، ثم ابنه (القائم) بالحق (مهدي) أمتي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، هؤلاء يا جابر خلفائي، واوصيائي، واولادي، وعترتي، من أطاعهم فقد أطاعني، ومن عصاهم فقد عصاني، ومن انكرهم أو انكر واحداً منهم فقد انكرني (وبهم يمسك الله السماء أن تقع علي الأرض) و
بهم يحفظ الله الأرض من أن تميد بأهلها(89).
(أقول) ذكر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هذه الآية الكريمة في هذا المجال دليل نزولها في الائمة الاثني عشر (عَلَيهِمُ السَّلام) ولو تأويلاً الذي هو حقيقة القرآن وروح الوحي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(89) غاية المرام: الصفحة 692.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكعُوا واسْجُدُوا واعْبُدُوا رَبَّكُمْ وافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَبِيكُمْ وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمْ المُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وفِي هَذا لِيَكونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وتَكونُوا شَهِيداً عَلَي النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ واتُوا الزَّكوةَ واعْتَصِمُوا بِاللهِ هَوُ مَوْليكُمْ فَنِعْمَ المَوْلي ونِعْمَ النَّصِيرِ). سورة الحج، آية 77-78
روي العلامة السيد هاشم البحراني في كتابه (غاية المرام) عن العالم الشافعي ابراهيم بن محمد الحمويني، بإسناده المذكور عن سليم بن قيس الهلالي، - في حديث طويل - قال:
اقسم علي بن أبي طالب أكثر من مأتي رجل من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والتابعين - وكانوا مجتمعين في مجلس واحد - ناشدهم بالله علي امور، وقال فيما قال:
أنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل في سورة الحج:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكعُوا واسْجُدُوا واعْبُدُوا رَبَّكُمْ وافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَبِيكُمْ وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمْ المُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وفِي هَذا لِيَكونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وتَكونُوا شَهِيداً عَلَي النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ واتُوا الزَّكوةَ واعْتَصِمُوا بِاللهِ هَوُ مَوْليكُمْ فَنِعْمَ المَوْلي ونِعْمَ النَّصِيرِ)، فقام سلمان فقال: يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداء علي الناس، الذين اجتباهم الله، ولم يجعل عليهم في الدين من حرج، ملة ابراهيم؟
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(أنا، وأخي علي، وأحد عشر من ولدي)؟
قالوا (أي الأصحاب والتابعين تصديقاً لعلي بن ابي طالب):
اللهم نعم(90).
(أقول) والأحد عشر من ولد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) كما نص عليهم الرسول نفسه في موارد أخرى - ومنها في الآية السابقة الحج -65- هم:
الحسن بن علي، والحسين بن علي، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي التقي، والحسن بن علي النقي العسكري، والحجة بن الحسن المهدي المنتظر (صلوات الله عليهم أجمعين).
فهذه الآية الكريمة تشمل - بتفسيرها - الامام المهدي (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(90) غاية المرام: الصفحة 265-264.
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ولِيُمَكنَنَّ لَهُمْ دِيْنَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ولِيُبَدِلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً...) سورة النور، آية 60
أخرج العلامة النيسابوري - في تفسيره - عند تفسير سورة البقرة، الآية (اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال:
(المهدي المنتظر الذي وعد الله به في القرآن بقوله تعالى:
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ...).
وما ورد عنه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من أمتي يواطئ اسمه اسمي، وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلما)(91).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(91) تفسير النيسابوري - بهامش تفسير الطبري -: المجلد الأول، عند تفسير سورة البقرة، الآية 5.
(إِنْ نَشَأ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السماء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ). سورة الشعراء، آية 4
أخرج الحافظ الحنفي القندوزي باسناده المذكور قال: عن علي بن موسى الرضا (رضي الله عنه) - في حديث - انه قال:
ان الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء، يطهر الله به الأرض من كل جور وظلم (الى أن قال):
وهو الذي له ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض:
(ألا ان حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فان الحق فيه ومعه)
(ثم قال):
وهو قول الله (عزَّ وجلَّ):
(إِنْ نَشَأ نُنَزِّل عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)(92).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(92) ينابيع المودّة: الصفحة 448.
(وإِذا وَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ (إلى) أَنَّ الناسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) سورة النمل، آية 82
روي جلال الدين السيوطي (الشافعي) في تفسيره عند تفسير هذه الآية قال: واخرج ابن جرير (الطبري) عن حذيفة بن اليمان قال: ذكر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) الدابة، فقال حذيفة: يا رسول الله من أين تخرج؟
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): من أعظم المساجد حرمة علي الله (يعني: المسجد الحرام) بينما عيسى بن مريم يطوف بالبيت ومعه المسلمون اذ تضطرب الأرض من تحتهم تحرك القنديل وتشق الصفا ما يلي المسعي، وتخرج الدابة من الصفا، اول ما يبدو رأسها ملمعة ذات وبر وريش لن يدركها طالب، ولن يفوتها هارب، ثم تعمم الناس مؤمن وكافر، أما المؤمن فيري وجهه كأنّه كوكب درّي، وتكتب بين عينيه (مؤمن) وأما الكافر فتنكت بين عينيه نكتة سوداء (كافر)(93).
وروي هو ايضاً، قال: وأخرج ابو نعيم عن وهب بن منبه قال: اوّل الآيات (الروم)، ثم الدجال، والثالثة يأجوج ومأجوج، والرابعة عيسى (بن مريم) والخامسة (الدخان) والسادسة (الدابة)(94).
(أقول هذه الآيات كلها علامات ظهور (المهدي) (عليه السلام) كما وردت في عديد الروايات، فتكون هذه الآية إشارة إلى مقدمات الظهور (ومنها) دابة الأرض.
(ولا ينافي) ذلك ما ورد في تفسيرها بالإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فان احد التفسيرين من الظاهر والآخر من الباطن، أو كليهما من الباطن، فللقرآن ظهر و
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(93) الدر المنثور: المجلد 5، الصفحة 116.
(94) الدر المنثور: المجلد 5، الصفحة 116.
بطون.
وروي هو ايضاً قال: وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر، والبيهقي في البعث عن ابن عمر انه قال: - وساق حديث الدابة إلى أن قال:
فتقول (أي الدابة):
(أَنَّ الناسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ)(95).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(95) الدر المنثور: المجلد 5، الصفحة 116.
(ويَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) سورة النمل، آية 83
روي جلال الدين (السيوطي) الشافعي في تفسيره عند هذه الآية قال: وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله (تعالى):
(ويَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)
قال: زمرة(96).
(أقول) كما جاء في مستفيض الروايات أن ذلك اليوم هو يوم ظهور (المهدي) من آل محمد (عَلَيهِ وعَلَيهِمُ السَّلام) اذ يخرج الله في ذلك اليوم طائفة من الظالمين للانتقام منهم قبل يوم القيامة. وطائفة من المؤمنين ليجزيهم ثواب الدنيا قبل ثواب الآخرة، ممن محض الايمان محضاً أو محض الكفر محضاً. وليس هذا اليوم يوم القيامة لأن الله تعالى يقول عن يوم القيامة (وحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)(97) وهنا يقول (ويَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) (وحيث) لم يحيي الله تعالى زمرة من الناس حتى اليوم ولا يحيي الا عند الرجعة وظهور الامام المهدي (عليه السلام) فلا بد من الاشارة اليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(96) الدر المنثور: المجلد 5، الصفحة 117.
(97) سورة الكهف: الآية 47.
(ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الوارِثِينَ) سورة القصص، آية 5
روى في تفسير (البرهان) عن العالم الحنفي (الشيباني) في كشف البيان، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (رضي الله عنهما) أنّهما قالا:
ان هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الذي يظهر في آخر الزمان، ويبيد الجبابرة والفراعنة، ويملك الأرض شرقاً وغرباً، فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً(98).
وأخرج الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) قال: - في حديث - قال ابو محمد للمهدي في اليوم السابع من ولادته: تكلم يا بني، فشها الشهادتين، وصلي علي آبائه واحداً بعد واحد، ثم تلا (قوله تعالى):
(ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الوارِثِينَ)(99).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(98) البرهان في تفسير القرآن: المجلد 3، الصفحة 220.
(99) ينابيع المودّة: الصفحة 450.
(ونُمَكنَ لَهُمْ فِي الأَرِضِ ونُرِيَ فِرْعَوْنَ وهامانَ وجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) سورة القصص، آية 6
روى صاحب تفسير (البرهان) عن العالم الحنفي (الشيباني) انه روي عن الباقر والصادق (رضي الله عنهما) انهما قالا:
إن فرعون وهامان هنا شخصان من جبابرة قريش يحييهما الله تعالى عند قيام (القائم) من آل محمد في آخر الزمان، فينتقم منهما بما أسلفا(100).
(أقول) اذن تكون هذه الآية الكريمة محققة في عصر الامام المهدي (عليه السلام) ومن علامات ذلك العصر وسمات ذاك الزمان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(100) البرهان في تفسير القرآن: المجلد 3، الصفحة 220.
(ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللهَ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) سورة الروم، آية 4-5
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده عن ابي بصير عن جعفر الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللهَ)
قال: عند قيام القائم يفرح المؤمنون بنصر الله(101).
(أقول) هذا تأويل الآية الكريمة وباطنها الذي يعلمه (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) وهم أهل البيت (عَلَيهِمُ السَّلام) حيث ان القرآن نزل في بيوتهم.
اضف إلى ذلك: ان النصر الالهي التام والكامل من جميع الوجوه وفي كل مكان للمؤمنين انّما يكون في ذلك العصر وذلك الزمان (فهو) المصداق الاتم والأكمل للآية الكريمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(101) ينابيع المودّة: الصفحة 511.
(وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ ولكنَّ أكثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) سورة الروم، آية 6
جاء عن (عقد الدرر) لعلامة (الشافعية) المقدسي الدمشقي بسنده عن (حذيفة بن اليمان) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال:
ويل هذه الامة من ملوك جبابرة، كيف يقتلون ويخيفون المطيعين الا من اظهروا طاعتهم، فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه يغرفهم بقلبه (فاذا) اراد الله (عزَّ وجلَّ) أن يعيد الإسلام عزيزاً قصم كل جبار عنيد وهو القادر علي ما يشاء أن يصلح امة بعد فسادها.
ثم قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي تجري الملاحم علي يديه ويظهر الإسلام.
ثم قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(لا يُخْلَفُ اللهُ وَعْدَهُ).
وهو سريع الحساب(102).
(أقول) هذا تطبيق من الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) العالم بحقائق القرآن ومعارضيه ومراميه، لهذه الآية الكريمة علي حفيده الامام المهدي (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(102) الباب الرابع، المجلد الأوّل، الفصل الأوّل.
(ولَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأَدْني دُونَ العَذابِ الأكبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) سورة السجدة، آية 21
روي العلامة السيد هاشم البحراني في تفسيره عن محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني (الحنفي) أنّه قال:
وروي عن جعفر الصادق أن الأدني القحط والجدب، والأكبر خروج القائم المهدي بالسيف في آخر الزمان(103).
(أقول) وهذا ايضاً من التفسير بالتأويل والباطن الذي صرح به القرآن والسنة وحصر علمه بالراسخين في العلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(103) تفسير البرهان: المجلد 3، الصفحة 288.
(قُلَ يَوْمَ الفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كفَرُوا إِيمانُهُمْ ولا هُمْ يُنْظَرُونَ) سورة السجدة، آية 29
روي الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) باسناده قال: عن ابن دراج، عن الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(قُلَ يَوْمَ الفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كفَرُوا إِيمانُهُمْ ولا هُمْ يُنْظَرُونَ)
إنّه كان يقول - في هذه الآية:
(يوم الفتح) يوم تفتح الدنيا علي القائم، ولا ينفع أحداً تقرب بالايمان ما لم يكن قبل ذلك مؤمناً.
وأما من كان قبل هذا الفتح موقناً بامامته ومنتظراً لخروجه، فذلك الذي ينفعه ايمانه، ويعظم الله (عزَّ وجلَّ) عنده قدره وشأنه، وهذا أجر الموالين لأهل البيت(104).
(أقول) الفتح الأكبر والكامل لكل الكرة الأرضية هو ذلك اليوم فهو الفرد الأتم والمصداق الأكمل لكلمة (الفتح) من كل فتح سبقه وجاء قبله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(104) ينابيع المودّة: الصفحة 511.
(إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكمْ تَطْهِيراً) سورة الأحزاب، آية 33
أخرج العلامة (الشافعي) جلال الدين السيوطي في (العرف الوردي) بسنده المذكور قال: عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال:
(سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء امراء، ومن بعد الامراء ملوك جبابرة، ثم خرج (من أهل بيتي المهدي) فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً)(105).
(أقول) واخرج الحديث ايضاً كل من:
عقد الدرر، في أخبار المهدي المنتظر(106).
وعلي المتقي الهندي في (كنز العمال)(107).
وللكنجي الشافعي في كتابه (البيان في اخبار صاحب الزمان)(108).
وابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمّة)(109).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(105) العرف الوردي: المجلد 2، الصفحة 64.
(106) عقد الدرر: الحديث (12) من الباب الأول.
(107) كنز العمال: المجلد 7، الصفحة 186.
(108) البيان: الباب الثاني عشر.
(109) الفصول المهمة: الفصل الثاني عشر.
وعبيد الله الهندي الحنفي في كتاب (ارجح المطالب)(110) وغيرهم.
واخرج (ابن ماجة) في سننه بسنده المذكور عن محمد بن الحنفية، عن علي (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(المهدي منا أهل البيت، ليصلحه الله في ليلة)(111).
وأخرجه ايضاً امام الحنابلة أحمد بن حنبل في سنده(112).
وأخرجه أيضاً - بألفاظ متقاربة - كل من:
ابن خلدون في مقدمته(113).
والمنادي في كنوز الحقائق(114).
والسيوطي في (الجامع الصغير)(115) وفي العرف الوردي(116) وغيرهم كثيرون.
وأخرج علي المتقي الهندي (الحنفي) في كتاب (البرهان) عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي) الحديث(117).
وقريباً منه في الألفاظ أخرج ابو داود في صحيحه(118) وابن العربي في شرح صحيح الترمذي(119).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(110) ارجح المطالب: الصفحة 380.
(111) سنن ابن ماجة: المجلد 2، الصفحة 269.
(112) مسند احمد بن حنبل: المجلد 1، الصفحة 84.
(113) مقدمة ابن خلدون: الصفحة 266.
(114) هامش الجامع الصغير: المجلد 2، الصفحة 122.
(115) الجامع الصغير: المجلد 2، الصفحة 160.
(116) العرف الوردي: المجلد 22، الصفحة 78.
(117) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: الباب الثاني.
(118) صحيح ابي داود (أو سنن ابي داود): المجلد 2، الصفحة 131.
(119) المجلد 9، الصفحة 74.
(وجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وبَينَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيهَا قُرىً ظاهِرَةً وقَدَّرْنا فِيها السَّيرِ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وأَيَّاماً امِنِينَ) سورة سبأ، آية 18
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده عن محمد بن صالح الهمداني في قوله تعالى:
(وجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وبَينَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيهَا قُرىً ظاهِرَةً وقَدَّرْنا فِيها السَّيرِ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وأَيَّاماً امِنِينَ)
قال: كتبت إلى صاحب الزمان: (رضي الله عنه) ان أهل بيتي يأذونني بالحديث الذي روي عن آبائك أنّهم قالوا (قوامنا شرار خلق الله).
فكتب: ويحكم ما تقرؤن ما قال الله تعالى:
(وجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وبَينَ الْقُرَي الَّتِي بارَكْنا فِيها قُريً ظاهِرَةً)
فنحن والله القرى التي بارك الله فيها، وأنتم القري الظاهرة(120).
(أقول) هذا ايضاً من تأويل القرآن الذي يعلمه أهل البيت. وهذا يعني: ان الشيعة المخلصون هم المقصودون بكلمة (قرى ظاهرة) في هذه الآية الكريمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(120) ينابيع المودّة: الصفحة 511.
(ولَوْ تَرَى إِذْ فَزَعُوا فَلا فَوْتَ وأَخَذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ، وقالُوا آمَنَّا بِهِ وأَنّي لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ، وقَدْ كفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ويَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ، وحِيلَ بَيْنَهُمْ وبَينَ ما يَشْتَهُونَ كما فُعِلَ بِأَشْياعِهِم مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَك مُرِيبٍ) سورة سبأ، آية 51-54
روي الحافظ الشافعي جلال الدين (السيوطي) في تفسيره في تفسير هذه الآيات قال: وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن ام سلمة قالت: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(يبايع لرجل من أمتي (وهو المهدي من العلامات المذكورة) بين الركن والمقام كعدة أهل بدر فيأتيه عصب العراق وأبدال الشام، فيأتيهم جيش من الشام حتى اذا كانوا بالبيداء خسف بهم)(121).
وروي ايضاً قال: وأخرج ابن جرير وابن المنذر، وابن ابي حاتم عن ابن عباس (رضي الله عنهما) في قوله (تعالى): (ولَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وأَخَذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) قال: هو جيش السفياني. قال: من أين أخذ؟
قال: من تحت اقدامهم (يعني الخسف في الأرض)(122).
وروي الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: عن الحارس عن علي (كرّم الله وجهه) في هذه الآيات إلى آخر السورة قال: (قبيل قيام قائمنا المهدي يخرج السفياني، فيملك قدر حمل المرأة تسعة اشعر، ويأتي المدينة جيشه، حتى إذا انتهى إلى البيداء خسف الله به(123).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(121) الدر المنثور: المجلد 5، الصفحة 241-240.
(122) الدر المنثور: المجلد 5، الصفحة 241-240.
(123) ينابيع المودّة: الصفحة 512.
(قالَ رَبِّ فَانْظُرنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّك مِنَ الْمُنْظَرِينَ إلى يَوْمِ الوَقْتِ الْمَعْلُومِ) سورة ص، آية 79-81
أخرج العالم الشافعي (الحمويني) بسنده المذكور عن الحسن بن خالد عن علي بن موسى الرضا - انه قال في حديث -:
(الى يَوْمِ الوَقْتِ الْمَعْلُومِ)
فقيل له: يا بن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ومن القائم منكم اهل البيت؟
قال: الرابع من ولدي ابن سيدة الامام يطهر الله به الأرض من كل جور، ويقدسها من كل جرم وظلم (الحديث)(124).
(أقول) مضي نص هذه الآية في سورة الحجر ايضاً فراجع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(124) فرائد السمطين: المجلد 2 آخره.
(ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) سورة ص، آية 88
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده قال: عن عاصم بن حميد، عن الباقر (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ)
قال: لتعلمن نبأه أي: نبأ القائم عند خروجه(125).
(أقول) هذا وأمثاله من (تأويل القرآن) الذي (لا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ اِلاَّ اللّهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) والراسخون في العلم هم أئمة أهل البيت (عَلَيهِمُ السَّلام) وهم ادري بما نزل من القرآن في بيوتهم تنزيلاً، وتفسيراً وتأويلاً، وتطبيقاً، وتنظيراً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(125) ينابيع المودة: الصفحة 519.
(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتِي عَلي ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وإِنْ كنْتُ لَمِنَ السَّاخرينَ) سورة الزمر، آية 56
أخرج الحافظ (الحنفي) سليمان القندوزي قال:
وعن علي بن سويد عن موسى الكاظم (رضي الله عليه)، في (تفسير) هذه الآية:
(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتِي عَلي ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ)
قال: جنب الله أمير المؤمنين علي، وكذلك من بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم المهدي(126).
(أقول) الله تعالى ليس بجسم حتى تكون له يد، ورجل، وعين، وجنب، وغيرها، وانما الوارد من هذه الألفاظ في القرآن والسنة فانّما المراد بها غاياتها - كما ثبت في الفلسفة - والجنب هنا بمعني الأقرب إلى الله تعالى قرباً معنوياً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(126) ينابيع المودّة: الصفحة 495.
(وأَشرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) سورة الزمر، آية 69
أخرج العلامة (الحنفي) الحافظ القندوزي في (ينابيعه) بسنده المذكور هناك قال: عن ابي الحسن علي بن موسى الرضا - رضي الله عنه - في حديث ذكر فيه (المهدي) وانه الرابع من ولده - إلى أن قال - فاذا خرج.
(وأَشرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها)(127) الحديث.
(أقول) ذكر الامام الرضا (عليه السلام) هذا النص القرآني في هذا المورد دليل علي أن تأويل الآية بالامام المهدي المنتظر (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(127) ينابيع المودّة: الصفحة 448.
(اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ ومِنْ حَوْلِهِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، ويُؤْمِنُونَ بِهِ ويَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا). سورة الغافر، آية 7
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: أخرج صاحب المناقب (بالسند المذكور فيه) عن بن أبي طالب، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) - في حديث -:
(يا علي ان الله تبارك وتعالى فضل انبيائه المرسلين على ملائكته المقربين، وفضلني علي جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي، وللأئمة من ولدك من بعدك، فان الملائكة من خدامنا، وخدام محبينا، يا علي (اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ ومِنْ حَوْلِهِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، ويُؤْمِنُونَ بِهِ ويَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) بولايتنا(128) الحديث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(128) ينابيع المودّة: الصفحة 485.
(أقول) فالمؤمنون بولاية النبي والائمة (عَلَيهِمُ السَّلام) هم الذين يقصدهم القرآن الحكيم من (ويَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) وحيث ثبت في الآيات السابقة ان (المهدي) آخر الائمة، فتكون هذه شاملة له ولأوليائه ايضاً.
(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآفاقِ وفِي أَنْفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُ الحَقُّ) سورة فصلت، آية 53
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده عن ابي بصير قال: سئل الباقر (رضي الله عنه) عن هذه الآية:
(سَنُرِيهِم آياتِنا فِي الآفاقِ وفِي أَنْفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُ الحَقُّ)
قال: يرون قدرة الله في الآفاق، وفي انفسهم الغرائب والعجائب حتى يتبين لهم أن الخروج (القائم) هو الحق من الله (عزَّ وجلَّ)، يراه الخلق لابد منه(129).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(129) ينابيع المودّة: الصفحة 512.
(بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ، حم عسق) سورة الشورى، آية 1
أخرج (الحجة الشافعي) جمال الدين المقدسي السلمي في (عقد الدرر) بسنده المذكور عن ابي اسحاق الثعلبي في تفسير قوله تعالى:
(حم عسق)
قال عبد الله بن عباس:
(ح) حرب يكون بين قريش والموالي فتكون الغلبة لقريش عليهم.
(م) ملك بني امية.
(ع) علو ولد عباس.
(س) سنيّ المهدي.
(ق) نزول عيسى وقوته (خ ل)(130).
(أقول) كأنّ هذه الحروف المتقطعة رموز وإشارات إلى حوادث وانقلابات بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وخاتمتها (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كلِّهِ) ب (سني المهدي) و(قوة عيسى) عند نزوله من السماء.
(وليعلم) ان هذه الآية تقرأ هكذا (حا. ميم. عين. سين. قاف) لكنها تكتب كما رسمناها فوقاً، اتباعاً للنبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والوحي الإلهي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(130) عقد الدرر: الباب السابع، الصفحة 217.
(وما يُدْرِيك لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) سورة الشورى، آية 17
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) عن المفضل بن عمر، عن جعفر بن محمد الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(وما يُدْرِيك لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ)
قال: الساعة قيام (القائم) قريب(131).
(أقول) قريب بمعني إنه آت لا محالة، وكل شيء لا محالة آت فهو قريب، وقد ورد في الحديث الشريف: ما القريب، وما الأقرب؟ فقال (عليه السلام):
(كل آت فهو قريب والاقرب الموت).
باعتبار أن الموت قد يحول بين الانسان وبين أقرب آت اليه يرجوه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(131) ينابيع المودّة: الصفحة 514.
(أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) سورة الشورى، آية 18
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) في قوله تعالى:
(أَلا اِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)
عن المفضل بن عمر قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (رضي الله عنه): ما معني هذه الآية؟
فقال: ساعة قيام القائم، يقولون: متى ولد؟ ومن رآه؟ وأين هو؟ ومتى يظهر؟
كل ذلك شكاً في قضائه وقدرته.
(اولئك الذين خسروا أنفسهم في الدنيا والآخرة)(132).
(أقول) باعتبار ورود هذه الآية الأخيرة في كلام الامام (عليه السلام) ايضاً ذكرناها في سورة (المؤمنون).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(132) ينابيع المودّة: الصفحة 514.
سورة الشورى، آية 23
(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً اِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبى)
أخرج العلامة (الحنفي) الحاكم الحسكاني (بسنده المذكور) عن ابن عباس قال: لما نزلت:
(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً اِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبى)
قالوا: يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ومن هؤلاء الذين امرنا الله بمودتهم قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(علي وفاطمة وولدهما)
(علي وفاطمة وولدهما)
(علي وفاطمة وولدهما)(133).
ثلاث مرات يقولها.
(أقول) بما أن الامام المهدي (عليه السلام) من ولد علي وفاطمة(134) فتكون هذه الآية شاملة للامام المهدي (عليه السلام) ويكون هو (عليه السلام) ممن نزلت فيه هذه الآية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(133) شواهد التنزيل: المجلد 2، الصفحة 132.
(134) تكاثرت الأحاديث الشريفة علي أن الإمام المهدي (عليه السلام) ولد علي وفاطمة (عَلَيْهُمَا السَّلام).
(وإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلْسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها واتَّبِعُونِ هذا صِراطٍ مُسْتَقِيمٌ) سورة الزخرف، آية 61
روي العلامة السيوطي (الفقيه الشافعي) في تفسيره قال: واخرج الزيابي، وسعيد بن منصور، ومسدر، وعبد بن حميد، وابن ابي حاتم، والطبراني - من طرق - عن ابن عباس (رضي الله عنهما) في قوله (تعالى):
(وإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلْسَّاعَةِ)
قال: خروج عيسى قبل يوم القيامة(135).
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الحسن (رضي الله عنه) (في قوله تعالى):
(وإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلْسَّاعَةِ)
قال: نزول عيسى(136). وأخرجه السيد الحنفي الحافظ سليمان القندوزي عن (اسعاف الراغبين) للعالم الحنفي محمد الصبان المصري قال: قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسرين في قوله تعالى:
(وإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلْسَّاعَةِ)
أنها نزلت في المهدي(137).
(أقول) ثبت بالروايات المتواترة أن نزول عيسى بن مريم يكون عند ظهور (القائم) المهدي (عليه السلام)، وانه يصلي عيسى خلف المهدي، وقد روي البخاري في صحيحه عن ابي هريرة قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (كيف انتم اذا نزل ابن مريم فيكم وامامكم منكم)(138).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(135) الدر المنثور: المجلد 2، الصفحة 21.
(136) الدر المنثور: المجلد 2، الصفحة 21.
(137) ينابيع المودّة: الصفحة 470 واسعاف الراغبين (بحاشية نور الابصار): الصفحة 140.
(138) صحيح البخاري: المجلد 2، الصفحة 158.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وهُمْ لا يَشْعُرُونَ) سورة الزخرف، آية 66
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) في قوله تعالى:
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وهُمْ لا يَشْعُرُونَ)
عن زرارة بن أعين قال: سألت الباقر (رضي الله عنه) عن هذه الآية؟
فقال: هي ساعة القائم، تأتيهم بغتة(139).
(أقول) لا منافاة بين تفسير (الساعة) بالقيامة، وتأويلها بساعة (القائم) (عليه السلام). فان القرآن تفسيراً وتأويلاً، وعلماء تأويله هم أهل البيت (عَلَيهِمُ السَّلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(139) ينابيع المودّة: الصفحة 513.
(فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ، يَغْشَي النَّاسُ هَذا عَذابٌ اَلِيمٌ، رَبَّنا كشِفْ عَنَّا العَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ، أَنّي لهُمُ الذِّكري وقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ) سورة الدخان، آية 10-13
روي العلامة (الشافعي) السيوطي في تفسيره قال: وأخرج ابو نعيم عن وهب بن منبه قال - في حديث يذكر فيه علامات الظهور -: (والخامسة الدخان)(140).
وروي هو ايضاً قال: وأخرج ابن مردوية عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(140) الدر المنثور: المجلد 5، الصفحة 116.
(أن بين يدي الساعة: الدجال، والدابة، ويأجوج ومأجوج، والدخان، وطلوع الشمس من مغربها)(141).
(أقول) في هذا المعني روايات مستفيضة، نكتفي - كعادتنا في الاشارة لا الاستيعاب - بهذا المقدار، ولا تنافي بين كون (الدخان) يأتي في القيامة وفي ظهور المهدي (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(141) الدر المنثور: المجلد 5، الصفحة 116.
(قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيُجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكسِبُونَ) سورة الجاثية، آية 14
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده قال، عن الصادق (جعفر بن محمد) رضي الله عنه قال:
أيام الله المرجوة ثلاثة أيام:
يوم قيام (القائم) المهدي.
ويوم الكرة.
ويوم القيامة(142).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(142) ينابيع المودّة: الصفحة 513.
سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أشراطُها) سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، آية 18
روي السيوطي (الشافعي) في تفسير هذه الآية عن الترمذي، ونعيم بن حماد، عن ابي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم، حتى تضيق عليهم الأرض، فيبعث الله رجلاً من عترتي فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يرضي عنه ساكن السماء وساكن الأرض الخ)(143).
وفي حديث ابن ماجة والحاكم عن توبان، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(فانه خليفة الله المهدي)(144).
قال السيوطي: وأخرج مسلم (في صحيحه) والحاكم (في مستدركه) عن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(143) الدر المنثور: المجلد 6، الصفحة 58.
(144) الدر المنثور: المجلد 6، الصفحة 58.
ابي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: هل سمعتم بمدينة جانب منها في البر، وجانب منها في البحر؟ فقالوا: نعم يا رسول الله، قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني اسحاق، حتى اذ جاءوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم فيقولون (لا اله الا الله والله أكبر). فيسقط جانبها الاخر، ثم يقولون الثالثة (لا اله الا الله والله أكبر) فيخرج لهم فيدخلونها (الى أن قال):
قال الحاكم: (يقال: ان هذه المدينة هي القسطنطينية صح أن فتحها مع قيام الساعة)(145).
(أقول) هذه كلها من علامات (الحجة القائم) (عليه السلام)، الانتصار بالرعب دون حروب، وفتح القسطنطينية، وهذه الآية الكريمة من الاشارات إلى ظهور المهدي المنتظر (عليه السلام).
(ولا يخفي) أن (الساعة) في هذا الحديث لا يمكن أن تكون بمعني القيامة، اذ مع قيام القيامة لا يكون فتح وحرب، وانّما المقصود بها قيام (القائم) (عليه السلام)، الذي عنده يكون فتح القسطنطينية - كما في عديد الأحاديث الشريفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(145) الدر المنثور: المجلد 2، الصفحة 59.
(لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) سورة الفتح، آية 25
أخرج الحافظ القندوزي سليمان (الحنفي) قال: روي عن جعفر الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنا الَّذِينَ كفَرُوا مِنْهُم عَذاباً ألِيماً).
قال: إن للهِ ودائع مؤمنين من أصلاب قوم كافرين ومنافقين و(قائمنا) لن يظهر حتى تخرج ودائع الله، فاذا خرجت ظهر فيقتل الكفار والمنافقين(146).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(146) ينابيع المودّة: الصفحة 514.
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى ودِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كلِّهِ) سورة الفتح، آية 28
أخرج علامتا الشوافع (الكنجي) و(الشبلنجي) في كتابيهما (البيان) و(نور الابصار).
قالا:
(جاء في تفسير الكتاب عن سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى:
(لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كلِّهِ ولَوْ كرِهَ الْمُشْرِكونَ).
قالا: هو المهدي من ولد فاطمة - رضي الله عنهما -(147).
(أقول) هذا النص ورد في القرآن الكريم في ثلاث آيات هنا، وفي سورتي (التوبة) و(الصف).
ونحن - اتباعاً للقرآن - آثرنا ذكره في المواقع الثلاثة وذكرنا في - سورة التوبة - حديثاً آخر غير هذا الحديث عن الحافظ القندوزي (الحنفي) مع شرح منا لبعض فقراته فراجع هناك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(147) البيان في أخبار صاحب الزمان: الصفحة 73.
(واسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) سورة ق، آية 31
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: عن فرائد السمطين (للفقيه الشافعي) انه روي عن علي بن موسى الرضا (رضي الله عنه) - في حديث - انه قال:
قول الله (عزَّ وجلَّ):
(يَوْمَ يُنادِ المُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ)
(يَومَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالحَقِّ ذلِك يَوْمُ الخُرُوجِ) سورة ق، آية 42
اي: خروج ولدي (القائم) المهدي(148).
(أقول) يعني: أن الآيتين كلتاهما واردتان في شأن (القائم) (عليه السلام)، فالنداء لأجله، والخروج له ايضاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(148) ينابيع المودّة: الصفحة 446.
(فَوَرَبِّ السَّماءِ والأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكمْ تَنْطِقُونَ) سورة الذاريات، آية 23
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: روي عن اسحاق بن عبد الله، عن زين العابدين (علي بن الحسين) (رضي الله عنه) قال في قوله تعالى:
(فَوَرَبِّ السَّماءِ والأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ)
أي: ان قيام (قائمنا) لحق.
(مِثْلَ ما أَنَّكمْ تَنْطِقُونَ)(149).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(149) ينابيع المودّة: الصفحة 511.
(بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ، اِقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ) سورة القمر، آية 1
أخرج الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: روي عن المفضل بن عمر عن (جعفر بن محمد) الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(اِقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانْشَقَّ الْقَمَرُ)
قال: الساعة قيام (القائم) قريب(150).
(أقول) ذكرنا غير مرة: انه لا تعارض في تفسير هذه الآية الكريمة تارة بالقيامة، واخرى بيوم ظهور الامام المهدي (عليه السلام)، فكلا اليومين يوم حشر عجيب، القيامة حشر عام، ويوم الظهور حشر لفوج من كل امة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(150) ينابيع المودّة: الصفحة 514.
(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيميهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوصِي والأَقْدامِ) سورة الرحمن، آية 41
قال الحافظ القندوزي (الحنفي): روي عن معاوية بن عمار، عن (جعفر بن محمد) الصادق (رضي الله عنه) قوله تعالى:
(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيميهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوصِي والأَقْدامِ)
قال: اذا قام (قائمنا) يعرف اعدائنا بسيماهم، فيؤخذ بنواصيهم واقدامهم، يخبطهم هو وأصحابه بالسيف خبطاً(151).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(151) ينابيع المودّة: الصفحة 514.
(اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) سورة الحديد، آية 17
قال الحافظ القندوزي (الحنفي): روي عن سلام بن المستنير عن الباقر (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها)
قال: يحييها الله (بالقائم) فيعدل فيها، فيحيي الأرض بالعدل، بعد موتها بالظلم(152).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(152) ينابيع المودّة: الصفحة 514.
(... وأُولئِك حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) سورة المجادلة، آية 22
أخرج العلامة (الحنفي) الحافظ القندوزي في (ينابيعه) بسنده المذكور هناك قال: عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال في حديث طويل وفيه:
(يدعى بـ (المهدي) و(القائم) و(الحجة) فيغيب ثم يخرج، فإذا خرج يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.
طوبي للصابرين في غيبته، طوبي للمقيمين علي محبته.
(أولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال)
(هُدىً لِلْمُتَّقِينَ، اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)(153).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(153) سورة البقرة: الآية 3-2.
وقال تعالى:
(... وأُولئِك حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحديث(154).
(أقول) يعني: ان الايمان بالامام المهدي، والصبر في غيبته بانتظاره، والاقامة علي محبته من شرائط (حزب الله) ومن شرائط (الفلاح) وبالتالي من شرائط الإيمان بالله والرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وذلك لأن المؤمنين هم المفلحون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(154) ينابيع المودّة: الصفحة 443.
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى ودِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كلِّهِ) سورة الصف، آية 9
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) بسنده قال: عن جعفر الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى ودِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كلِّهِ)
قال: والله ما يجيء تأويلها حتى يخرج (القائم) المهدي، فاذا خرج القائم لم يبق مشرك إلاّ كره خروجه، ولا يبقى كافر (معاند) إلا قتل، حتى لو كان كافر في بطن صخرة قالت (الصخرة) يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله(155).
(أقول) بما أن هذه الآية - بنصها - مكررة في القرآن ثلاث مرات، ذكرناها اتباعاً للقرآن الحكيم في المقامات الثالثة، وقد مرّ شرح مختصر لهذا الحديث الشريف في (سورة التوبة، آية 33) فراجعه هناك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(155) ينابيع المودّة: الصفحة 508.
(فَآمِنُوا بِاللهِ ورَسُولِهِ والنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا واللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) سورة التغابن، آية 8
نقل العلامة القبيسي، قال:
روي الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفي (310) في كتاب (الولاية) باسناده عن زيد بن ارقم قال:
لما نزل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بغدير خم في رجوعه من حجة الوداع وكان في وقت الضحي وحر شديد امر بالدومات فقمت ونادي الصلاة جامعة، فاجتمعنا فخطب خطبة بالغة - وسرد الخطبة إلى أن قال - قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
معاشر الناس: (فَآمِنُوا بِاللهِ ورَسُولِهِ والنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا واللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
ثم قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
النور فيّ، ثم في علي، ثم في النسل منه إلى القائم المهدي(156).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(156) كتاب (ماذا في التاريخ): المجلد 3، الصفحة 147-145.
(حتى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وأَقَلُّ عَدَداً) سورة الجن، آية 24
روي الحافظ القندوزي قال: روي عن محمد بن الفضيل عن علي بن الحسين (رضي الله عنهما) في قوله تعالى:
(حتى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وأَقَلُّ عَدَداً)
قال: (ما يوعدون) في هذه الآية (القائم) المهدي وأصحابه وأنصاره.
وأعدائه تكون أضعف ناصراً وأقل عدداً إذا ظهر (القائم)(157).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(157) ينابيع المودّة: الصفحة 515.
(فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، فَذلِك يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ، عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) سورة المدثر، آية 8-10
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: روي عن المفضل بن عمر، عن الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، فَذلِك يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ، عَلَى الْكافِرِينَ غَيرُ يَسِيرٍ)
قال: اذا نودي في اذن (القائم) بالأذن في قيامه فيقوم، فذلك اليوم عسير علي الكافرين.
قال (الصادق): والقرآن ضرب منه الأمثال، ونحن نعلمه فلا يعلمه غيرنا(158).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(158) ينابيع المودّة: الصفحة 515.
(أقول) يعني: ابعاد القرآن، وبواطنه، ومراميه، لا يعلمها الاّ أهل البيت الذين أذهب الله عنهم كل رجس حتى رجس الجهل بالأمور، وطهرهم تطهيراً من كل نقص حتى الجهل. فانّهم الراسخون في العلم الذين يعلمون تأويله وباطنه كما في عديد الأحاديث الشريفة.
(فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) سورة التكوير، آية 15
روي الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: روي عن هاني عن الباقر (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ)
قال: الخنس أمام يخنس أي: يرجع من الظهور إلى الغيبة سنة ستين ومائتين، ثم يبدو كالشهاب الثاقب(159).
(أقول) الخنس بمعني الاختفاء، وتفسير الآية وارد في النجوم التي يختفي في وقت اختفائها، وتأويلها وارد في الامام المهدي (عليه السلام)، لأنّه يختفي حيث يأمره الله بالاختفاء، ويظهر - كالشهاب الثاقب - حيث يأمره الله بالظهور، وهذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(159) ينابيع المودّة: الصفحة 515.
الحديث الشريف من معجزات الامام الباقر واخباره عن المغيبات، وفعلاً كانت الغيبة قد ابتدأت سنة مائتين وستين للهجرة أي أكثر من مائة سنة بعد وفاة الامام الباقر (عليه السلام).
(بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ، والسِّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) سورة البروج، آية 1
روي الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) قال: روي عن الأصبغ بن نباته، عن ابن عباس (رضي الله عنه) في قوله تعالى:
(والسِّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ)
قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
انا السماء، وأما البروج فالأئمة من أهل بيتي وعترتي، اوّلهم علي، وآخرهم المهدي، وهم اثني عشر(160).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(160) ينابيع المودّة: الصفحة 515.