الحتميات من علائم الظهور

الحتميات من علائم الظهور

تأليف: السيد فاروق الموسوي

فهرس المحتويات

الفصل الأول: العلامات الحتميّة في ظهور المهدي (عجّل الله فرجه) من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)
ما هو الحتم؟
طلوع الشمس من مغربها
قتل النفس الزكية
والسفياني من المحتوم:
مسألة: هل يبدو لله في المحتوم؟
المحتوم لا يلحقه البداء
الفصل الثاني: المهدي (عليه السلام) من الميعاد وأنَّ الله تعالى لا يُخلف الميعاد
اسمه وكنيته ونسبه ولقبه (عليه السلام)
ولادته
في ذكر من رآه (عليه السلام)
في ذكر النص على إمامته (عليه السلام)
في ذكر النصوص عليه صلوات الله عليه
علامات قيام القائم (عليه السلام)
١ - علامات حتمية.
٢ - علامات غير حتمية.
حديث أبي عبدالله (عليه السلام) مع المنصور
السَّنَة التي يقوم فيها القائم (عليه السلام)
مدّة مُلك القائم (عليه السلام)
صفة القائم (عليه السلام)
ما روي في أمر المهدي (عليه السلام)
خروج المهدي (عليه السلام) آخر الزمان
الرد على من زعم أنَّ المهدي (عليه السلام) هو المسيح (عليه السلام)
المهدي (عليه السلام):
عيسى (عليه السلام):
شبهات وردود
في ذكر المعمّرين
ذكر سفراء صاحب الزمان (عليه السلام)
ذكر مسائل يسأل عنها أهل الخلاف
عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر (عليه السلام)
أسماء الصحابة الذين رووا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحاديث المهدي (عليه السلام)
أحاديث المهدي (عليه السلام) خرّجها الأئمة في الصحاح
بعض من ألف من أهل السنة في المهدي (عليه السلام)
لماذا ننتظر المهدي (عجّل الله فرجه)؟
منكر المهدي (عليه السلام)
الفصل الثالث: النداء من المحتوم
متى يكون النداء؟
ما هو النداء؟
من أين يجيء الصوت؟
خروج القائم (عجّل الله فرجه)
نداء عام
إنَّ أمر آل البيت (عليهم السلام) أبيَن من الشمس
نداء في المحرم
من علامات ظهور المهدي (عجّل الله فرجه):
للمهدي (عليه السلام) ظهوران، ظهور على الأفواه، وظهور واقع
غمامة بيضاء على رأس المهدي (عجّل الله فرجه) تظلّه من الشمس، تنادي بلسان فصيح:
أنَّ النداء، والصوت، والصيحة واحد:
الفصل الرابع: السفياني من المحتوم
عثمان بن عنبسة من أولاد عتبة بن أبي سفيان المعروف بالسفياني
السفياني
مدّة حُكمه
من علائم خروج السفياني
خروج السفياني في نفس السنة التي يظهر فيها القائم (عليه السلام):
السفياني والكوفة
السفياني ومصر
معارك السفياني
فتنة السفياني
ما يجب قبل السفياني واختلاف بني فلان
خروج السفياني والخراساني واليماني
وممّا يسبق السفياني
راية السفياني
وأمّا الراية الخضراء:
يدٌ سرطانية
مبدأ خروج السفياني
الخسف والسفياني
المُخبرون عن الخسف
السفياني من المحتوم
وقعة قرقيسيا
القيادة العليا
نهاية السفياني
الفصل الخامس: خسف البيداء من المحتوم
عدد أفراد الجيش
أمّا الرجلان من جُهينة
خسف البيداء من المحتوم قبل الظهور المقدَّس
الخسوف
الخسف محتوم
الناجون
خسفان في العراق
الفصل السادس: عيسى بن مريم (عليه السلام)
سبب بقاء عيسى (عليه السلام) حيّاً:
نقول لمَن يقول: المهدي (عليه السلام) هو المسيح (عليه السلام):
نزول عيسى (عليه السلام)
عيسى (عليه السلام) والمهدي (عليه السلام)
عيسى (عليه السلام) في السماء الثانية؟
نزول عيسى (عليه السلام) مصدّقاً
المهدي (عجّل الله فرجه) من أولاد الحسين (عليه السلام)
عيسى (عليه السلام) والبِيَعْ
مَن أنكر عيسى (عليه السلام) فقد كفر
عيسى (عليه السلام) يعرف الإمام (عليه السلام)
عيسى (عليه السلام) والدَّجال
يوم الجمعة
عيسى (عليه السلام) حَكَماً عدلاً
كمهابة الموت
يقطر من شعره الماء
قد يسأل سائل: كيف يكون النَّبي مأموماً؟
متى يخرج القائم (عليه السلام)؟
كيف يقتل عيسى (عليه السلام) الدَّجال؟
دعاء عيسى (عليه السلام)
أمّا بقاؤه
الفصل السابع: الدَّجال
مكان ومحل الظهور
عيسى (عليه السلام) والدَّجال
دور عيسى (عليه السلام)
قبل الدَّجال
صفة الدَّجال
من علامات ظهور الدَّجال
الدليل على بقاء الدَّجال
كَم يَمكُث الدَّجال؟
مكان قتل الدَّجال
قاتل الدَّجال
ذكر المسيح الدَّجال
تَبَع الدَّجال
الخضر (عليه السلام) والدَّجال
عيسى (عليه السلام) والدَّجال
سنين شديدة
الفتن السبع
من آيات الدَّجال الفاتنة
بعض ما ورد فيه ذكر الدَّجال
وذكر ما ظهر عليه من آثار البغي والعناد
مَن أنكر المهدي (عليه السلام) فقد كفر
الفصل الثامن: قتل النفس الزكية
مَن هو ذو النفس الزكية؟
متى يُقتل ذو النفس الزكية؟
مكان قتله
سبب قتل النفس الزكية
كَم نفس زكية؟
غلام من بني هاشم يُقتل بلا جُرم ولا ذنب
مَن يُقتَل مع النفس الزكية؟
الفصل التاسع: الخراساني والرايات السُّود
راية الخراساني
مدّة بقاء الخراساني في العراق
الرايات السُّود
أصحاب الرايات السُّود وفلسطين
صاحب الرايات وقدرته
صفة شُعيب بن صالح التميمي
رايات غير مُعلَّمة
الفصل العاشر: الصيحة
علامات
وفي بعضها أنَّ النداء باسم القائم:
هلاك العباسي
الناس في آخر الزمان
من علائم الصيحة
التوقيت
والنداء: سماوي، وأرضي.
نصائح وإرشادات
الفصل الحادي عشر: اليماني
الفصل الثاني عشر: يوم الظهور
الخاتمة
أحوال الناس في آخر الزمان
الخارج قبل خروجه (عليه السلام)

الفصل الأول: العلامات الحتميّة في ظهور المهدي (عجّل الله فرجه) من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)

ما هو الحتم؟
جاء في لسان العرب في (حتم)(1): الحتم: القَضاء، قال ابن سيده، الحتم إيجاب القضاء، وفي التنزيل العزيز: كان على ربك حتماً مقضيّاً؛ وجمعه حُتُوم، وحتمتُ عليه الشيء: أوجَبتُ، وفي حديث الوِتر: الوتر ليس بحتم كصلاة المكتوبة؛ الحتم: إحكام الأمر.
و(فالحتم: يعني الإبرام، أي الذي لا يبدو لله عزَّ وجلّ فيه بدوّاً من تغيير أو محو لمصلحة من المصالح، فهو كائنٌ يقع في وقته المقدر له، لا يحول دونه حذر لعد أن قضاه الله وحتمه في القدر! هو كالموت لكل كائن حي! والحتم واقع، كما شاءه الله إن عاجلاً أو آجلاً، بل هو بمنزلة (ما كان) وروي في العيان، وإن لم يكن قد جاء حينه).(2)
قضى الله في بعض الأمور إيجاب القضاء وإحكام الأمر وأبرم ذلك لعلمه بعاقبة الأمور، كما قضى سبحانه وتعالى في غيرها بما يوجب التعديل والتغيير ولهذا هو الآخر منه وإليه، ولا اعتراض فيه.
والحتميات في بحثنا هي:
1 - المهدي من الحتميات.
2 - النداء، من الحتميات، والصيحة هي مرادفة لمعنى النداء.
3 - السفياني من الحتميات.
4 - اختلاف بني العباس في الملك الدُنياوي من الحتميات.
5 - قتل النفس الزكية من الحتميات: بين الركن والمقام.
6 - طلوع الشمس من مغربها من الحتميات.
7 - ظهور كف مُدلاة في السماء تُشير من الحتميات.
8 - نزول عيسى بن مريم (عليه السلام) من السماء من الحتميات.
9 - ظهور الخراساني من الحتميات.
10 - ظهور اليَماني من الحتميات.
11 - الدَّجال من الحتميات.
12 - الخسف بالبيداء من الحتميات.
13 - وقعة أحجار الزيت من الحتميات.
قلنا: إنَّ المحتومات أكثر من خمسة، وعدّدنا بعضها وإليك هذا الحديث:
(وعن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): خروج السفياني من المحتوم؟ قال: نعم، والنداء من المحتوم، وطلوع الشمس من مغربها المحتوم، واختلاف بني العباس في الدولة محتوم،وقتل النفس الزكية محتوم، وخروج القائم من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) محتوم،...
قلت: وكيف يكون النداء؟ قال: يُنادي مناد من السماء في أوّل النهار: ألا إنَّ الحق مع علي وشيعته، ثمَّ يُنادي إبليس في آخر النهار من الأرض: ألا إنَّ الحق مع عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون، قلت: لا يرتاب إلاّ جاهلٌ لأنَّ مُنادي السماء أَولى أن يُقبل من مُنادي الأرض).(3)
طلوع الشمس من مغربها
قد يسأل البعض كيف يكون ذلك، وهذا خلاف العادة، ويعني الخلل في مسار الأرض، وبالتالي الخلل في مسار الأجرام (وكُلٌّ في فَلَك يَسبَحون).
نعم:
لا يخفى على كل ذي لُب أنَّ الأرض في قطبيها ثلاجات، لا بل جبال من ثلج مضى عليها السنون والأحقاب، وأنَّ الطبقة الأُوزونية التي وقعت تحت تأثير الفعل الكاربوني الذي تُصدره الأرض إلى السماء، فأحدث فيها خرق، والخرق هذا في سعة، وأنَّ وظيفة الطبقة الأُزونية هذه، هي وصول الأشعة من الشمس بقدر، والخلل الذي نحن في انتظاره، يؤدّي بوصول أشعة الشمس خلاف القرار، وهذا بالتالي يؤدّي إلى ذوبان هذه الجبال من الثلج على أحد القطبين، مما يؤدّي إلى اختلال في التوازن، وبما أنَّ الأرض اهليلجيه فينخفض قطب ويرتفع آخر، ولكبر برج الأرض لا نشعر بهذا الحدث، وكما يعلم الجميع أنَّ الأرض في حركتها حول نفسها، وحول الشمس، الذي يكون من جرائه الليل والنهار والفصول الأربعة، ولو قُدِّر لنا أن نسمع حركة الأرض لاستحالت الحياة، ولتمزقت الآذان والأعصاب، ولكن الله تعالى يقول: (إنّا كلَّ شيء خلقْناهُ بِقَدَر)(4)، لذا نرى الفيضانات وارتفاع نِسَب المياه في بعض البحار والمحيطات، وهذا تعليل مختصر لكون الأرض يكون مغربها مشرقاً ومشرقها مغرباً وبالعكس، والله نسأل حُسن العاقبة.
والبعض يقولون: إنَّ الشمس هو الحجّة صلوات الله عليه وإنَّ ظهوره يكون من المغرب من مكّة المكرمة، وعلى كلا الفرضين فالأمر واضح، هذا من جانب، ومن جانب آخر فالأرض رُدَّت ليوشع بن نون، ورُدَّت لكرامة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهي أشهر مِن أن تُنكر.
واختلاف بني العباس في الدولة محتوم، وهنا يكون التساؤل:
أينَ نحن من بني العباس، وقد مضت القرون على زوال دولتهم؟
نقول: إنَّ ما ورد في بعض الأخبار أنَّ دولة بني العباس تزول وتعود كأن لم يكن ذلك الزوال، وهو عُسر لا يُسر فيه، أمّا في زماننا فدولة بني العباس كانت قائمةً بسياستها، فسياسة بني العباس إذا قُورنت بسياسة البعث في العراق وسوريا، فلا تجد فارقاً إلاّ بالمسميات، وها قد اختلفوا في الحكم والدولة الدنيوية، خرجت القيادات والأتباع على القيادة، وانهار النظام الذي كان يُهدِّد المنطقة بين آونة وأُخرى، ولو قُدر له البقاء لاتَّسع البلاء أكثر، ولكن زوالهم في اختلافهم، وبقيت نصف الحلقة بزوال مُلك الضرغام، فإذا ضُربت دمشق وارتقى السفياني عرش سوريا، فاعلم أنَّ الظهور أصبح قاب قوسين أو أدنى.
قتل النفس الزكية
النفس الزكية الذي يُذبح كما تُذبح الشاة بين الركن والمقام وهو محمّد بن الحسن ذو النفس الزكية، ولعلّه غلام لم يُراهق حسني، لا يُمهل الله القتلة والظلمة بعد قتله أكثر من خمس عشرة ليلة، وبعده الظهور والفرج.
وهناك نفوس زكية وردت في الأخبار والأحاديث تُقتل:
تُقتل نفس زكية في ظهر الكوفة مع سبعين من أتباعه ومرافقيه، وقد يكون المراد به السيّد الحكيم (رحمه الله)، وأمّا ما أُذيع أنَّ العدد أكثر فهذا يعود إلى أنَّ العملية كانت من القوة بمكان بحيث صارت سبباً في مَقتل وجرح الآخرين من المارة وأصحاب الدكاكين، وإلاّ فالعدد الحقيقي لا يزيد على ما ذُكر في الحديث، وفي حديث مفاده: يُذر في السماء، وفعلاً كان كذلك.
فقتل النفس الزكية من المحتوم.
والسفياني من المحتوم:
(وبالإسناد عن الحسين بن سعد عن صفوان بن يحيى عن عيسى بن أعين عن المعلى بن حُنيس عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنَّ أمر السفياني من الأمر المحتوم وخروجه في رجب).(5)
إذن السفياني من المحتوم، كما أنَّ مقتل ذي النفس الزكية من المحتوم هي الأخرى وإليك عزيزي القاري:
(وعنه عن محمّد بن أبي عمير عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني، والسفياني، والصيحة، وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء).(6)
فاليماني من المحتوم، وهو رجل يخرج من اليمن، ومن صنعاء، يدعو إلى المهدي (عجّل الله فرجه) ورايته راية هدى، وقد أفردنا باباً للنداء وهو من المحتوم، كما أفردنا باباً لكلِّ واحد من المحتومات.
أمّا الخسف: فهو الآخر من المحتوم، وهو انشقاق الأرض وابتلاع جيش السفياني المرسَل إلى المدينة، ومنها إلى مكة المكرمة، ومن آيات الله تعالى، أنَّه يأمر جبرئيل (عليه السلام) بابادة القوم، فتُخسف بهم الأرض في البيداء بين مكة والمدينة، ولا ينجو منهم إلاّ اثنان وهما البشير والنذير.
وأمّا: (كَفٌ تطلع في السماء من المحتوم).(7)
إنَّ هذه الكف تطلع في السماء مشيرة إلى جهة ظهور الحجة (عجّل الله فرجه)، وهي مكة المكرمة شرفها الله تعالى ببيته، ولا عجب في ظهورها، فالأعجب نزول عيسى (عليه السلام) بكله وحقيقته إلى الأرض شرقي دمشق عند المأذنة البيضاء على جناح ملكين، فيصلي خلف المهدي (عجّل الله فرجه)، وإنَّ هذه الآيات من عظمة الله تعالى، ودليل قدرته: (سَنُريهِم آياتِنا في الآفاقِ وفي أنفُسِهم).(8)
كل هذا وهناك من لا يتعظ، خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين، وهناك ممّن على بينة من الأمر قبل ظهور هذه الآيات، يفرحون، ويستبشرون بالخير لقرب الفرج، وزوال مدّة الجبارين، أولئك أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يرحبون بالمهدي (عجّل الله فرجه)، ويقاتلون بين يديه، يَقتلون ويُقتلون أولئك عليهم صلوات من ربِّهم.
أخي القاري العزيز: عليك بالنداء الأوَّل، فالتزم، ولا تحرك يداً ولا رِجلاً إلاّ أن تسمعه.
عزيزي القاري:
(قال: وأخبرنا علي بن أحمد البذدنيجي عن عبيدالله بن موسى العلوي، عن يعقوب بن يزيد عن زياد بن مروان، عن عبد الله بن سفيان عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال:
النداء من المحتوم، والسفياني من المحتوم، وقتل النفس الزكية من المحتوم، وكَفٌ تطلع من السماء من المحتوم، وقال:
فزعة في شهر رمضان توقظ النائم، وتفزع اليقضان، وتُخرج الفتاة من خِدرها).(9)
ولو أردنا أن أن نَدرج جميع الأحاديث في هذا الباب، نكون قد خرجنا عن المطلوب الأساس، ولكن نكتفي بأن نُشير إلى المصدر: وهذا المصدر يقتصر على ثلاثة من الحتميات:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اختلاف بني العباس من المحتوم، والنداء من المحتوم، وخروج القائم من المحتوم، قلت: وكيف النداء؟ قال: يُنادي مناد من السماء أوّل النهار: ألا إنَّ عثمان وشيعته هم الفائزون).(10)
والحديث الآتي يشير إلى ستة من الحتميات، فكيف يقول القائلون إنَّها خمسة؟!
(قال: وروي الفضل بن شاذان عمن رواه عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): خروج السفياني من المحتوم؟ قال: نعم، وطلوع الشمس من مغربها من المحتوم، واختلاف بني العباس محتوم، وقتل النفس الزكية محتوم، وخروج القائم من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) محتوم، قال: قلت: وكيف يكون النداء؟ فقال: ينادي مناد من السماء أوَّل النهار: ألا إنَّ الحق مع علي وشيعته ثمَّ ينادي إبليس في آخر النهار: ألا إنَّ الحق في عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون).(11)
1 - خروج السفياني، 2 - طلوع الشمس من مغربها، 3 - اختلاف بني العباس، 4 - قتل النفس الزكية، 5 - خروج القائم من آل محمد (عجّل الله فرجه)، 6 - النداء، هذه ستة من الحتميات، وردت في حديث واحد، وفي نفس المصدر الاختلاف بيّن:
(وروى عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا (عليه السلام) قال: قلت له: إنَّ ثعلبة بن ميمون حدّثني عن علي بن المغيرة، عن زيد العمي، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: يقوم قائمنا لموافاة الناس منه، قال: يقوم القائم بلا سفياني؟ إنَّ أمر القائم حتمٌ من الله، وأمر السفياني حتمٌ من الله، ولا يكون قائم إلاّ بسفياني (الحديث)).(12)
1 - إنَّ أمر القائم حتم من الله.
2 - وأمر السفياني حتم من الله.
السفياني يمثل قيادة العسكر الغربي الذي يدعي النصرانية، والمسيحية، ولكنه ادعاء باطل، لأنَّ من مبادي السيد المسيح (عليه السلام): إذا ضُربت على خدك فأدر له الآخر.
ومبادي السفياني: القتل، الثأر، ثمَّ النار، والقتل بالجملة والمفرد، القتل من غير تمييز بين الطفل الرضيع والشيخ الطاعن في السن، بين المرأة والرجل، بين الأخضر واليابس، والغريب في الأمر أن جام غضب السفياني يصُبُه على آل محمد وشيعة آل محمد، والموالين لهم صغيراً كان أو كبيراً، ومن بشاعته أنَّه يبقر بطون الحوامل، ويردف البيضاء المكنونة على قارعة الطريق، ولا أحد يجرأ على أن يقول له لِمَ؟ ولكنه يمكن أن يقول: تنح عن الطريق!
وهنا يظهر أنَّ جميع ما تلوكه الألسن، وما تنشره وسائل الإعلام والنشر: حبرٌ على ورق؛ في حقوق الإنسان والمبادي، وحرية الرأي، والديمقراطية، وما إلى ذلك من الشعارات الطنانة والبراقة، واللّطيف في الأمر إذا نزل المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام)، يحارب أتباع السفياني، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويُطبق مبادي الإسلام، ويُصلي خلف الإمام (عجّل الله فرجه).
واللّطيف في الأمر: أنَّ الكثير من مدّعي الإسلام وضعوا ثقتهم وأيديهم بأيدي جند السفياني وأصبحوا يأتمرون بأمرهم، ويخدمون مصالحهم ولعشرات السنين مقابل عُروش زائلة، ودراهم معدودات.
أمّا نزيف الدَّم، أمّا هتك الأعراض، أمّا خنق الحريّات، فهذا حديث خرافة ومنطق الصحف والمجلات، ونشرات الأخبار، وتصاريح السّاسة في المؤتمرات.
والقاري الأعز: يرى كيف حكمونا بالحديد والنار، وكيف كتموا الأنفاس، بأساليبهم، وكيف حرمونا من أبسط الحقوق، وكيف يسلبونا حريّاتنا وخيراتنا ودماءنا؛ جوع، وفقر، ومرض، فرضوا علينا القيود؛ لئلا نمتلك سلاحاً ندافع به عن أنفسنا، فسلّطوا علينا حكّاماً عُملاء، إن تكلمنا قتلونا، وإن سكتنا قتلتنا مشاكلنا.
(محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة، والسفياني، والخسف، وقتل النفس الزكية، واليماني، فقلت: جعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه؟ قال: لا،...
فلما كان من الغد تلوت هذه الآية: (إنْ نشأ نُنزِّلُ عليهم مِنَ السماءِ آيَةً فَظلَّت أعناقُهُم لها خاضِعينَ)(13)، فقلت له: أهي الصيحة؟ فقال: أما لو كانت خضعت أعناق أعداء الله عزَّ وجلّ).(14)
لو رجعنا إلى تلك الأحاديث، لوجدنا أنَّ هذه العلامات الخمس هي: من الحتميات، ولكن لم ترد هنا على أنَّها من الحتميات، وإنَّما جاءت كعلامات، ومن هذا نفهم أنَّ الكثير من العلامات قد تكون من الحتميات، وقد تكون قد تحقق قسم منها، ولم يتحقق القسم الآخر.
مسألة الخروج أو عدمه قبل هذه الحتميات، يتوقف على أمور وإلاّ فلا يجب لأن مآلها إلى الفشل، كما هو حال الكثير ممن خرجوا وقُتلوا وصُلبوا وحُرقوا، أمّا أن يقول القائل فماذا تقول بمن قاموا مع الإمام السيد الخميني (قدس سره) وأخوته؟ أقول: إنَّ الإمكانات التي كان يحملها، والأرضية التي يُستند عليها، والشعب الذي توحدت كلمته لا تتهي لكل الخارجين ولا بعضها، ولذا كُتب لهذه الثورة النجاح، ولخروج غيرهم الفشل.
مسألة: هل يبدو لله في المحتوم؟
نعم، يبدو لله في المحتوم إلاّ في المهدي القائم (عجّل الله فرجه)، لأنَّه من الميعاد والله تعالى لا يخلف الميعاد.
فقد يكون في ظهور أو طلوع الشمس من مغربها لا من مشرقها بَداء، وقد يكون في ظهور الكف في السماء بَداء، وفي ظهور وجه وصدر في الشمس بَداء، وقد يكون في بقية الحتميات بَداء، ولكن في القائم المهدي (عجّل الله فرجه) لا يكون؛ لأنَّه من الميعاد كما أسلفنا والله تعالى لا يُخلف الميعاد.
وذلك لاعتقادنا بما ورد عن النَّبي (صلى الله عليه وآله): (لو لم يَبقَ من الدنيا إلاّ يوم، لطوَّل الله ذلك اليوم حتّى يظهر المهدي من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، والصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى: (إنْ هُوَ إلاّ وحيٌ يُوحى)).(15)
ولأنَّ الإمام هو الثاني عشر الذي يملأ الله الأرض به عدلاً وقسطاً بعدما ملئت جوراً وظلماً، وقد مضى أحد عشر إماماً:
(ما رواه الشيخ النعماني في غيبته عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: كنا عند أبي جعفر محمّد بن علي الرضا (عليه السلام)، فجرى ذكر السفياني، وما جاء في الرواية من أنَّ أمره من المحتوم، فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): هل يبدو لله في المحتوم؟ قال: نعم، قلنا له: فنخاف أن يبدوا لله في القائم؟ فقال: إنَّ القائم من الميعاد، والله لا يخلف الميعاد).(16)
جاء في الحديث الشريف:
(نحن أهل بيتين تعادينا في الله، قالوا كَذَبَ الله، وقلنا صدق، حارب أبوسفيان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحارب معاوية علي بن أبي طالب، والحسن، وحارب يزيد الحسين، ويحارب السفياني المهدي).
لا مهدي بلا سفياني، المهدي صفوة الله وإلى جنبه جبرائيل وعيسى بن مريم (عليهم السلام)، والسفياني عدو الله وعدو نفسه وعدو المهدي، وإلى جواره إبليس وجنده، والمهدي حق، وإذا جاء الحق زهق الباطل الذي هو السفياني ومَن معه فلابدَّ من المهدي (عجّل الله فرجه) ولابدَّ من السفياني.
(وفيه عن عبد الملك بن أعين؛ كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فجرى ذكر القائم (عجّل الله فرجه) فقلت له: أرجو أن يكون عاجلاً ولا يكون السفياني، فقال: لا والله، إنَّه لَمِنَ المحتوم الذي لابدَّ منه).(17)
السفياني كما بيّناه في بابه من الحتميات، والخراساني الذي سيأتي ذكره لاحقاً واليماني من الحتميات، فالثلاثة في سنة واحدة وفي شهر واحد وفي يوم واحد، وليس فيها أهدى من راية اليماني لأنَّه يدعو إلى الحق.
(وفيه عنه (عليه السلام) السفياني والخراساني واليماني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، وليس فيها أهدى من راية اليماني لأنَّه يدعو إلى الحق).(18)
وهذا لا يعني أنَّ راية الخراساني على باطل، أو أنَّها ليست داعية إلى الحق، ولكن من باب التأكيد على اليماني، وهو سيد من أولاد زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، أبيض كالقُطن.
وورد في بعض الأحاديث أنَّها أربعة:
(من المحتوم الذي لابدَّ منه أن يكون قبل القائم: خروج السفياني، وخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكية، والمنادي من السماء، وخروج اليماني! والتي عبَّروا عنه بقولهم المؤكد أيضاً:
 - النداء من المحتوم، والسفياني من المحتوم، وقتل النفس الزكية من المحتوم، وكف يطلع من السماء من المحتوم)(19)!
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (اختلاف بني العباس من المحتوم، وبه تكون المحتومات أكثر من خمسة).
قال الإمام الصادق (عليه السلام): (اختلاف بني العباس من المحتوم، والنداء من المحتوم، وخروج القائم من المحتوم)(20).
ها قد اختلفت رجالات البعث مع القيادة العليا برئاسة صدام التكريتي، وأعطت كلمة السر للأمريكان، وأعطت الخرائط؛ للمخازن والمعسكرات والأسلحة، ولاذت بالفرار، فسقط نظام البعث العباسي في سياسته بسويعات قليلة، ولم يبق إلاّ الجناح الأسدي في سوريا، واليوم يتلقى النظام السوري التهديد بالضرب والاحتلال، وما هي إلاّ مسألة وقت، واختلاف خدام وعبد الله الأحمر مع الأسد.
وهناك حديث يؤكِّد على علامة واحدة:
قال الإمام الصادق (عليه السلام): (وكفٌّ يطلع من السماء من المحتوم).(21)
مسألة الكف فيها نظر، لماذا الكف فقط؟ لعلّها تكون من آيات الله؟ هذه الكف تشير إلى جهة ظهور المهدي (عجّل الله فرجه) قال تعالى: (وسَنُريهِم آياتِنا في الآفاق وفي أنفُسهم).(22)
نعم، إنَّها آية ولكن الأعجب، نزول عيسى بن مريم (عليه السلام) على كتفي ملكين من السماء، وصلاته خلف المهدي (عجّل الله فرجه).
قال الصادق (عليه السلام): (إمارة ذلك اليوم أنَّ كفّاً من السماء مدلاة ينظر إليها الناس)(23)، وحين قال الإمام الرضا (عليه السلام): (يظهر كف من السماء تشير: هذا هذا: فلابدَّ أن تكون آية بحيث تشير الكف إلى جهة ظهور القائم (عجّل الله فرجه)... ثمَّ حددت بعض الأخبار موعد ظهور هذه الكف أثناء اندلاع الفتن العامّة التي تخبط العرب بعضهم ببعض قُبيل ظهور القائم (عجّل الله فرجه) أي بعد النداء باسمه، وبعد خروج السفياني بأشهر معدودة).(24)
نعم، إنَّ الله تعالى قادر على كل شيء كف، صدر ووجه، جسد كامل، لله الأمر كله، ولكن الارادة الإلهية تريد أن تري الإنسان حتّى لا يقول: ما جاءني دليل، ما رأيت إشارة أو علامة، علامات ترى كالكف والجسد، وعلامات تُسمع كالنداء والصيحة: (وما على الرسولِ إلاّ البلاغُ المُبينِ).(25)
أحجار الزيت ومنها وقعة
(... وكل الذي قاله قاله الوحي الصادق...
ووقعت أحجار الزيت صارت على الأبواب لأنَّها من المحتوم الذي قاله نبيّنا العظيم (صلى الله عليه وآله)).
على ضوء هذا القول تقع مقتله عند أحجار الزيت، على النفط، وحرب الخليج التي سميت حرب النفط ليست بعيدة، وأحجار الزيت في الحجاز، وقد يختلف حكّام الحجاز مع الأمريكان في شأن، يؤدي إلى وقعة عند أحجار الزيت، وقد تقع بين حكومة الحجاز وبعض الخارجين على سياستها عند أحجار الزيت وقعة لها وقعها والله أعلم.
إذن هذه الوقعة من الحتميات، فيحق لنا أن نظيف إلى الحتميات حتميات أخرى على ضوء هذا الخبر كما جاء في كتاب يوم الخلاص، لمؤلفه كامل سليمان.
(... إنَّ أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: خروج السفياني من المحتوم، والنداء من المحتوم، وطلوع الشمس من المغرب من المحتوم، وأشياء كان يقولها من المحتوم، فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): واختلاف بني فلان من المحتوم، وقتل النفس الزكية من المحتوم، وخروج القائم من المحتوم).(26)
(وأشياء كان يقولها من المحتوم) ما هي هذه الأشياء؟ وكم عددها؟ وهل هي التي ذُكرت: خمس أقل أو أكثر، مَن سار في طريق البحث وصل إلى تلك الأشياء، ومرة أُخرى نقول:
كلّما زادت الحتميات زادت الحجّة على الناس، وقلّت حيلة المرتاب، وفرح الأصحاب، فعليك أيُّها القاري العزيز:
أن تقرأ، قبل أن نصطدم بالواقع فتبقى في حيرة من الأمر؟
هكذا تخصص الحقائق
1 - فبهذا الإسناد، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
(قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني، والسفياني، والصيحة، وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء).(27)
2 - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه) قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنَّ أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: إنَّ خروج السفياني من الأمر المحتوم؟ قال (لي): نعم، واختلاف ولد العباس من المحتوم، وقتل النفس الزكية من المحتوم، وخروج القائم (عجّل الله فرجه) من المحتوم، فقلت له: كيف يكون (ذلك) النداء؟ قال:
(ينادي مناد من السماء أوَّل النهار: ألا إنَّ الحق في علي وشيعته، ثمَّ ينادي إبليس لعنه الله في آخر النهار: ألا إنَّ الحق في السفياني وشيعته، فيرتاب عند ذلك المبطلون).(28)
وقبل أن يرتاب المرء فعليه أن يقرأ، ويحاول أن يسأل فيسمع، ليكون على بيّنة من أمره، وإلاّ فلا ينفع الندم، ولا ينفع التعصّب، فإنَّ إبليس هذا شأنه: غواية الناس، فإذا أغواهم تبرأ منهم وقال: (وَعدتكُم فأخلفتكم وما كانَ لي عليكم مِنْ سُلطان).(29)
وهذا شأنه منذ عصى الله في السجود لآدم، وإلى يوم الوقت المعلوم، لأنَّه أقسم: (لأغوينَّهُم أجمَعينَ * إلاّ عبادَكَ مِنهُمُ المُخْلَصينَ).(30)
3 - (الفضل بن شاذان، عمن رواه، عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): خروج السفياني من المحتوم؟ قال: نعم، والنداء من المحتوم، وطلوع الشمس من مغربها محتوم، واختلاف بني العباس في الدولة محتوم، وقتل النفس الزكية محتوم، وخروج القائم من آل محمّد محتوم).
قلت له: وكيف يكون النداء؟ قال: (ينادي مناد من السماء أوَّل النهار: ألا إنَّ الحق مع علي وشيعته، ثمَّ ينادي إبليس في آخر النهار من الأرض: ألا إنَّ الحق مع عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون).(31)
بيان
(اليماني: رجل يخرج من اليمن يدعو للمهدي (عجّل الله فرجه)، والسفياني رجل من آل أبي سفيان اسمه عثمان وأبوه عنبسة يخرج بالشام يملك ثمانية أشهر أو تسعة.
والصيحة: هي التي تأتي من السماء بأن الحق فيه وفي شيعته، والنفس الزكية: محمّد بن الحسن يُقتل بين الركن والمقام، والخسف هو ذهاب جيش السفياني إلى بطن الأرض بالبيداء، وهو موضع فيما بين مكّة والمدينة كما مرَّ مراراً هذا.
وفي بعض الأخبار خسف بالبيداء، وخسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، ولا تنافي بينها لإمكان وقوع كل منهما).(32)
بيان
(الأخبار وإن اختلفت في العلامات المحتومات، فبعضها خمس، وبعضها أقل، وبعضها أكثر إلاّ أنَّها لا تنافي بينها لأنَّ القائلة بالأقل لا تنفي الأكثر، بل تقول: ثلاث علامات محتومات، وهذا لا ينافي أن تكون هناك علامات أُخر محتومات، وكذلك لا ينفي الأقل هذا ويمكن أن يُراد من المحتوم المراقب).
(حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل قال: حدّثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن أيوب، عن أبي بصير، ومحمّد بن مسلم قالا: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يكون هذا الأمر حتّى يذهب ثُلثا الناس، قلت: إذا ذهبا ثُلثا الناس فما يبقى؟ فقال (عليه السلام): أما ترضون أن تكونوا من الثلث الباقي؟).
إنَّ السّاحة مهيأة تماماً لحرب نووية يذهب بها ثلث الناس، لما نراه من انفراد أمريكا بالعالم، واستعمالها العنف بحجة وأُخرى، وسيطرتها على منابع النفط وعدم الاهتمام بغيرها.
المحتوم لا يلحقه البداء
(وروى الفضل بن شاذان، عمن رواه، عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): خروج السفياني من المحتوم؟ قال: نعم، والنداء من المحتوم، وطلوع الشمس من مغربها من المحتوم، واختلاف بني العباس محتوم، وقتل النفس الزكية محتوم، وخروج القائم من آل محمّد محتوم.
قلت له: وكيف يكون النداء؟ فقال: ينادي مناد من السماء أوَّل النهار: ألا إنَّ الحق مع آل علي وشيعته، ثمَّ ينادي إبليس آخر النهار: ألا إنَّ الحق مع عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون).(33)
اكتفينا بهذا القدر المتيسر، وما يتعلق بالمحتوم نسأله تعالى الموفقية لما يحب ويرضى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
اللّهم وعجّل لوليك الفرج والعافية والنصر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.

الفصل الثاني: المهدي (عليه السلام) من الميعاد وأنَّ الله تعالى لا يُخلف الميعاد

أُمور مهمّة جديرة بالاهتمام:
1 - عدم ذكر اسمه الشريف، والاقتصار على كُنيته.
2 - التوقيت لظهوره الشريف غير جائز على ضوء الحديث: (لا توقّتوا كذب القّاتون).
3 - ماهية السلاح الذي يحارب به المهدي (عليه السلام)، قبل الإجابة نقول:
أ) إنَّ مسألة المهدي تتعلق بالإدارة الإلهية.
ب) هناك بعض المرتاضين؛ إذا استعملوا الإشعاعات التي تخرج من عيونهم وأنفسهم تتعطل لها: السيارة والقطار وما إلى ذلك.
ج) العلم الذي توصل إليه البشر كما جاء عن الأنبياء والأئمة الهداة الميامين 2: 27 درجة من العلم، والمهدي (عليه السلام) كما جاء في الحديث أنَّه يحمل 27 درجة من درجات العلم وهو أعلم من الناس فى الـ (درجة) التي توصلوا إليها عبر هذه السنين الطويلة من التجارب المريرة.
د) القرآن الكريم يحكي لنا حال العفريت وما يحمله من قدرة، وحال الذي عنده علم من الكتاب وهو: آصف بن برخيا وصي سليمان (عليه السلام)، فكيف بالذي يحمل علم الكتاب وتجارب هذا العمر المرير (1170 سنة) منذ ولادته الميمونة سنة (255 هـ) وإلى سنة (1425 هـ).
4 - إنَّ مع المهدي (عليه السلام) نبي الله عيسى بن مريم (عليه السلام) الذي بفضل دعائه نزلت المائدة من السماء فكيف والحال ادّخره الله تعالى بنصرة المهدي (عليه السلام) وأيّده بروح القدس؟ ومعه (عليه السلام) الخضر بن قينان (عليه السلام) ومعه...
5 - إنَّ مع المهدي أكثر من (16) ألف ملك (ستة عشر) ألف ملك يرون ولا يرون كل أولئك مويّدون، وموكّلون لتمهيد وإرساء أُسس دولة المهدي الكبرى.
6 - الدخان: الذي هو من علائم قيام المهدي (عليه السلام) والذي يقضي على ثلثي البشر هو نعمة للمؤمنين ونقمة على الكافرين، يأتي على كل الأسلحة الإستراتيجية، إذا شمّه المؤمن عطس وحمد الله، وإذا شمّه الكفر، خرج من دبره فوقع ميتاً.
7 - أثبتت التجارب أنَّ في الكون أشعة فيها من القدرة على تعطيل حركة هذه المصانع والمصنوعات يمكن أن تكون في خدمة المهدي وجنده وأصحابه بفضل الله وقدرته.
8 - لعلَّ في السماء عوالم أكثر رُقي من عالمنا تنتظر ساعة الظهور لتقوم بما يترتب عليها القيام.
وإذا قضى الله تعالى أمراً قال له: كُن فيكون.
اسمه وكنيته ونسبه ولقبه (عليه السلام)
(هو مولانا الإمام المنتظر الخلف الحجّة صاحب الزمان محمّد بن الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن محمّد القانع بن على الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي سيّد العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين).(34)
وهو المُسمّى باسم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، المكنى بكنيته، وقد جاء في الأخبار: أنَّه لا يحل لأحد أن يُسميه باسمه، ولا أن يكنيه بكنيته إلى أن يزين الله تعالى الأرض (بظهوره وظهور) دولته.
ويُلقب (عليه السلام): بالحجّة، والقائم، والمهدي، والخلف الصال، وصاحب الزمان، والصاحب.
وكانت الشريعة في غيبته الأُولى تعبّر عنه وعن غيبته بالناحية المقدّسة، وكان ذلك رمزاً بين الشيعة يعرفونه به، وكانوا يقولون على سبيل الرمز والتقية:
الغريم - يعنونه (عليه السلام) - وصاحب الأمر.(35)
عن سعيد بن المسيب قال: كنّا عند أُم سلمة فتذاكرنا المهدي فقالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
(المهدي من ولد فاطمة)، أخرجه ابن ماجه في (سننه)، وعنه عنها رضي الله عنهما، قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
(المهدي من عترتي من ولد فاطمة)، أخرجه الحافظ أبو داود في (سننه).
وعن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(المهدي منّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة).
وعن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
(نحن ولد عبد المطلب سادات أهل الجنّة، أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي)، أخرجه ابن ماجة الحافظ في (صحيحه).
كل ذلك للتقية الواردة بقولهم (عليهم السلام): (التقية ديني ودين آبائي فمن لا تقية له لا دين له).
وهنا: وقفة مع ذكر الإسم الشريف فقد ذكره الأربيلي (رحمه الله) بالنص، بينما وردت تأكيدات على عدم ذلك، والاكتفاء بالكنية واللقب، أو الإشارة...، في حين نرى الطبرسي في أعلام الورى، تحاشا ذلك وقال:
وهو المُسمّى باسم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والمُكنّى بكنيته، وذكر أنَّه جاء في الأخبار: (إنَّه لا يحل لأحد أن يُسميه باسمه).
وقد نهج هذا المنهج الكثير، والحال: أنَّ العدو سابقاً ولا حقاً، يؤكّد عليه، ويخشى يومه، فتارة يُكذب ولادته، وأُخرى يشكك في أصل وجوده وخلقته، وثالثة إن جوّز فهو يرسل الشبهات فيقول:
(مات أو هلك في أيِّ واد سلك)، واليوم العدو يبحث في كل واد عنه، ويُهي العدّة والعدد، للقبض عليه، وقيل إنَّه هناك ملف خاص به من أوَّل ولادته إلى يوم ظهوره الشريف إلاّ: (صورة له).
والعدو اليوم يشعر يقيناً أنَّ الخطر يهدده من هذه الشخصية التي ما أنكرها العلماء من كلا الفريقين إلاّ ما قلَّ وندر، وما شذَّ وهذر، فأخذ يطلق التصريحات بين آونة وأُخرى ويعد العدّة لذلك ناسياً أنَّ المهدي (عليه السلام) من الميعاد وأنَّ الله تعالى لا يُخلف الميعاد: (لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم لطوّل الله ذلك اليوم... إلخ).(36)
ولادته
(ولد (عليه السلام) للنصف من شعبان ينة خمس وخمسين ومائتين).(37)
(ولد (عليه السلام) بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة، روى ذلك محمّد بن يعقوب الكليني عن علي بن محمّد، وكان سنّه عند وفاة أبيه (عليه السلام) خمس سنين، آتاه الله سبحانه الحكم صبيّاً كما آتاه يحيى، وجعله في حال الطفولية إماماً كما جعل عيسى (عليه السلام) نبيّاً في المهد صبيّاً).(38)
(فأمّا مولده بسرّ من رأى في ثالث وعشرين من رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين للهجرة).
(وأمّا نسبه أباً وأُمّاً فأبوه أبو محمّد الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن محمّد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الزكي بن علي المرتضى أمير المؤمنين.
وأُمّه أُم ولد تُسمّى صيقل وقيل: حكيمة وقيل غير ذلك).(39)
وإذا أمعنا النظر فيما ورد في البحار وفي كشف الغمة؛ نجد تفاوتاً، فصاحب البحار قال:
إنَّه: (ولد (عليه السلام) للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين)، وهو المعوّل عليه، والمعمول به في إحياء هذا اليوم الشريف المبارك بمولده.
وصاحب كشف الغمة الأربلي (رحمه الله) قال:
(فأمّا مولده بسرّ من رأى في ثالث وعشرين من رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين للهجرة)، والظاهر أنَّ المعوّل عليه كما أسلفنا هو ما جاء في أعلام الورى والبحار،، وإلى ذلك أشرنا، لئلا يشتبه القاري العزيز ويُشكل.
والاتّفاق قائم على ولادته، وكونه حيّاً يرزق وأنَّه الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت صلوات الله عليه وعليهم جميعاً.
أمّا أن يظهر بين آونة وأُخرى مَن ينكر ذلك، فهذا من قبيل الاعتراف: لأن العدم لا يُنكر، أمّا الوجود فقابل للإنكار.
وسواء أنكروا، أو لم ينكروا، فهو موجود، وله يوم معلوم يظهر فيه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، وله علامات سنأتي عليها، فقد كُذبت أنبياء وأولياء، من قبل، لا بل قتلت ونشرت وصلبت، ولم يغيّر ذلك من الأمر شيئاً، فالحجّة وبعد هذا العمر الطويل ظاهر لا محال باذن الله تعالى، ولكن لكلِّ أجل كتاب، ويومها يسعد من سعد بلقائه ويشقى من شقي.
ويومها لا ينفع الندم.
إنَّ البحث حثيث في بقائه ووجوده (عليه السلام)، ولكن الإجماع أو الأكثر على ظهوره، ولكن الاختلاف في أنَّه ولد أو سيولد.
فالشيعة تقول: (إنَّه ولد).
وإخواننا أبناء السُّنة يقولون: أنَّه سيولد في آخر الزمان، هذا هو موضع الخلاف.
(عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
إنَّ الله عزَّ اسمه أرسل محمّداً (صلى الله عليه وآله) إلى الجن والإنس، وجعل من بعده اثنى عشر وصيّاً، منهم من سبق؛ ومنهم من بقي، وكل وصي جرت به سُنّة، فالأوصياء الذين من بعد محمّد عليه وعليهم السلام على سُنّة أوصياء عيسى (عليه السلام)، وكانوا اثنس عشر، وكان أمير المؤمنين على سُنّة المسيح (عليهم السلام)).
(وعن الحسن الحسن بن العباس عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
آمنوا بليلة القدر فإنَّه ينزل فيها أمر السُنّة، وإنَّ لذلك الأمر ولاة من بعدي، علي بن أبي طالب وأحد عشر من ولده).
وبهذا الإسناد قال:
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن عباس (رضي الله عنه):
(إنَّ ليلة القدر في كل سنة، وإنَّه ينزل في تلك الليلة أمر السُنّة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له ابن عباس: من هم؟ قال: أنا واحد عشر من صلب أئمة محدثون).(40)
فهذه بطون الكتب والأسفار تزخر بذكرهم وسيرتهم وما كانوا عليه، لم ينكرهم التاريخ، وهذه قبورهم التي تشير إليهم، والتي جرى عليها ما جرى بحجج واهية القصد هو إزالة هذا الأثر، ولكن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.
والإمام (عجّل الله فرجه) في غيبته عبرة لمَن اعتبر، فالأئمة من قبله ما مات منهم أحد إلاّ بالسّم والسيف، وما جرى على قبور أحد كما جرى على قبورهم، وهذا من قبيل العبرة لمَن اعتبر، وهو ديدن العدو، فلا يُرجى من العدو سوى، ومسألة اللوح أبين من أن يُنكر:
(وعن أبي جعفر محمّد بن على (عليه السلام)، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
دخلت على فاطمة بنت محمّد (عليها السلام) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء، والأئمة من ولدها، فعددت اثني عشر اسماً آخرهم القائم من ولد فاطمة، ثلاثة منهم محمّد، وأربعة منهم علي).(41)
ولكنَّ القوم أرادوها أن لا تجتمع الخلافة والنبوة في بيت، وهو خلاف ما أراده الله فمما جاء من الأخبار التي نقلها أصحاب الحديث غير الإمامية في ذلك وصححوها ما روي مرفوعاً إلى جابر بن سمرة، (قال، سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله)يوم الجمعة عشية رجم الأسلمي يقول: لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنى عشر خليفة كلّهم من قريش، وسمعته يقول:
أنا الفرط على الحوض)، رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وقتيبة بن سعد.(42)
(فمِن الأخبار التي جاءت في ميلاده (عليه السلام):
ما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن يحيى العطار عن الحسين بن رزق الله، عن موسى بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: حدَّثتني حكيمة بنت محمّد بن علي الرضا (عليه السلام) قالت:
بعث إليَّ أبو محمّد الحسن بن علي (عليه السلام) فقال:
يا عمّة اجعلي إفطارك الليلة عندنا، فإنَّها ليلة النصف من شعبان، فإنَّ الله تعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة وهو حجّته في أرضه، قال: فقلت له: ومَن أُمّه؟، قال: نرجس، قالت له: جعلني الله فداك، ما بها أثر!، فقال: هو ما أقول لكِ، قالت: فجئت فلمّا سلّمت وجلست جاءت تنزع خُفيَّ وقالت لي: يا سيّدتي كيف أمسيتِ؟، فقلت: بل أنتِ سيّدتي وسيّدة أهلي، قالت: فأنكرت قولي، وقالت: ما هذا؟، فقلت لها: يا بُنيّة، إنَّ الله تبارك وتعالى سيهب لكِ في ليلتكِ هذه غلاماً سيّداً في الدنيا والآخرة، قالت: فخجلت واستحيت، فلمّا أن فرغت من صلاة العشاة الآخرة أخطرت، وأخذت مضجعي، فرقدت، فلمّا أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليست بها حادث، ثمَّ جلست معقبة، ثمَّ اضطجعت، ثمَّ انتبهت فزعة وهي راقدة، ثمَّ قامت فصلّت ونامت، قالت حكيمة: وخرجت أتفقد الفجر، فإذا أنا بالفجر الأوَّل كذنب السرحان وهي نائمة، قالت حكيمة: فدخلتني الشكوك فصاح بي أبو محمّد من المجلس فقال:
لا تعجلي يا عمّة، فهاكِ الأمر قد قرب، قالت: فجلست فقرأت: (الم السجدة) و(يس) فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة فوثبت إليها فقلت: اسم الله عليكِ، ثمَّ قلت لها: هل تحسين شيئاً؟ قالت: نعم، فقلت لها: إجمعي نفسكِ واجمعي قلبكِ، فهو ما قلت لكِ، قالت حكيمة: ثمَّ أخذتني فترة وأخذتها فترة، فانتبهت بحسِّ سيّدي؛ فكشفت الثوب عنه فإذا به (عليه السلام) ساجداً يتلقى الأرض بمساجده، فضممته إليَّ فإذا أنا به نظيف منظّف، فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام):
هلمّي إليَّ ابني يا عمّة، فجئت به إليه، فوضع يديه تحت إليتيه وظهره، ووضع قدميه على صدره، ثمَّ أدلى لسانه في فيه، وأمرَّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله ثمَّ قال: تكلَّم يا بُنيّ، فقال:
أشهد أن لا إلاّ الله، وأشهد أنَّ محمّداً رسول الله، ثمَّ صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمة (عليهم السلام) إلى أن وقف على أبيه ثمَّ أحجم.
ثمَّ قال أبو محمّد (عليه السلام):
يا عمّة اذهبي به إلى أُمّه ليُسلِّم عليها، وائتني به، فذهبت به فسلَّم ورددته ووضعته في المجلس، ثمَّ قال (عليه السلام):
يا عمّة إذا كان يوم السابع فأتينا.
قالت حكيمة: فلمّا كان يوم السابع جئت فسلّت وجلست فقال: هلمّي إليَّ ابني، فجئت بسيّدي (عليه السلام) وهو في الخرقة، ففعل به كفعلته الأولى، ثمَّ أدلى لسانه في فيه كأنَّما يغذيه لبناً أو عسلاً ثمَّ قال: تكلَّم يا بُني.
فقال (عليه السلام): أشهد أن لا إله الله الاّ الله، وثنّى بالصلاة على محمّد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمة (عليهم السلام) حتّى وقف على أبيه، ثمَّ تلا هذه الآية:
(ونُريدُ أنْ نَمُنَّ على الذينَ استُضعِفوا في الأرضِ ونَجعلَهُم أئِمةً ونَجعلهُمُ الوارِثينَ * ونُمُكّن لَهُم في الأرضِ ونُرىَ فرعونَ وهامانَ وجُنودهما مِنهُم ما كانوا يَحذرونَ).(43)
قال موسى: فسألت عقبة الخادم عن هذا فقال: صدقت حكيمة.(44)
وروى الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (رحمه الله) قال: أخبرنا أبو الحسن محمّد بن أحمد بن الحسن بن شاذان القمّي قال: حدَّثني أبو عبد الله الحسن بن يعقوب قال: حدَّثنا محمّد بن يحيى العطار قال: حدَّثنا الحسين بن علي النيسابوري، قال: حدَّثني إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر (عن السياري) قال: حدَّثني نسيم خادم الحسن بن علي ومارية قالا: لمّا سقط صاحب الزمان (عليه السلام) من بطن أُمّه سقط جاثياً على ركبتيه رافعاً سبابتيه إلى السماء، ثمَّ عطس فقال:
(الحمد لله ربِّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله، زعمت الظلمة أنَّ حجّة الله داحضة، ولو أُذن لنا في الكلام لزال الشك)، قال إبراهيم بن محمّد: وحدّثني نسيم الخادم قال: قال لي صاحب الزمان - وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة فعطست - فقال: (يرحمك الله)، قال نسيم: ففرحت بذلك.
فقال: (ألا أُبشرك بالعطاس؟، فقلت: بلى، فقال: هو أمان من الموت ثلاثة أيّام).(45)
الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، وحكيمة عمّة الإمام (عليها السلام)، ونسيم الخادم ومارية، كلّ أولئك شهدوا شهادة كاملة; لله درّكم مالكم لا تحكمون بالعدل مع الشهود؟!
رجلان وامرأتان، والتاريخ يغفل ذلك عبر مئآت السنين، هذا ما يمكن اختصاره في ولادته الميمونة سلام الله عليه وعلى آبائه، وعجّل الله تعالى فرجه الشريف.
في ذكر من رآه (عليه السلام)
(محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر - وكان أسن شيخ من ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالعراق - قال: رأيت ابن الحسن بن علي بن محمّد بين المسجدين وهو غلام).(46)
(وعنه، عن محمّد بن يحيى، عن الحسن بن علي النيسابوري، عن إبراهيم بن محمّد، عن أبي نصر ظريف الخادم أنَّه رآه (عليه السلام)).(47)
(وعنه، عن محمّد بن عبد الله، ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن عبد الله بن جعفر الحُميري قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو (رضي الله عنه) عند أحمد بن إسحاق، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلَف، فقلت له: يا أبا عمرو، إنّي أُريد أن أسألك عن شيء، وما أنا بشاكّ فيما أُريد أن أسألك عنه، فإنَّ اعتقادي وديني أنَّ الأرض لا تخلو من حجّة إلاّ إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً فإذا كان ذلك رفعت الحجّة، وأغلق باب التوبة، فلم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمَنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، فأولئك شرار خلق الله، ولكنّي أحببت أن أزداد يقيناً، فإنَّ إبراهيم (عليه السلام) سأل ربّه أن يريه كيف يحيى الموتى فقال: (أَوَلَمْ تُؤمِنْ قالَ بَلَى ولكِن لِيَطمئنَّ قلبي).(48)
(وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال:
سألته وقلت: من أُعامل، وعمّن آخذ، وقول مَن أقبل؟ فقال له: العمريّ ثقتي، فما أدّى إليك فعنّي يؤدّي، وما قال لك فعنّي يقول، فاسمع له وأطع، فإنَّه الثقة المأمون).
(وأخبرني أبو علي: أنَّه سأل أبو محمّد (عليه السلام) عن مثل ذلك فقال له:
العمريّ وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما، فإنَّهما الثقتان المأمونان).
فهذا قول إمامين (عليهم السلام) فيك.
قال: فخرَّ أبو عمرو ساجداً وبكى، ثمَّ قال: سَل؟ فقلت: رأيت ابنم أبي محمّد (عليه السلام)؟ فقال: إي والله، ورقبته مثل ذا، وأومأ بيده إلى عنقه.
فقلت له: قد بقيت واحدة.
فقال لي: هات، قلت: الإسم؟ قال: محرَّم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أن أُحلل ولا أحرِّم، ولكن عنه (عليه السلام)، وإنَّ الأمر عند السلطان في أمر أبي محمّد (عليه السلام) إنَّه مضى ولم يخلّف ولداً وقسّم ميراثه، وأخذه مَن لا حقَّ له فيه، وصبر على ذلك وهو ذو عيال يجولون، وليس أحد يجسر أن يتعرّف إليهم أو ينيلهم شيئاً، وإذا وقع الإسم وقع الطلب، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك).(49)
(عن محمّد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر وكان أسنَّ شيخ من ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالعراق، قال: رأيت ابن الحسن بن علي بن محمّد بين المسجدين وهو غلام، وعن حكيمة بنت محمّد بن علي فهي عمّة الحسن أنَّها رأس القائم (عليه السلام) ليلة مولده وبعد ذلك).
(وعن أبي عبد الله الصالح أنَّه رآه بحذاء الحجر، والناس يتجاذبون عليه وهو يقول: ما بهذا أُمروا).(50)
(جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي قال: حدَّثني شيخ ورد الري على أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسدي فروى له حديثين في صاحب الزمان وسمعتهما منه كما سمع وأظن ذلك قبل سنة ثلاثمائة أو قريباً منها قال: حدَّثني علي بن إبراهيم الفدكي قال: قال الأوديُّ: بينما أنا في الطواف قد طفت ستة وأُريد أن أطوف السابعة فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة وشاب حسن الوجه، طيّب الرائحة، هيوب، ومع هيبته متقرّب إلى الناس فتكلّم فلم أرى أحسن من كلامه، ولأعذب من منطقه في حسن جلوسه، فذهبت أُكلّمه فزبرني الناس فسألت بعضهم: مَن هذا؟ فقال: ابن رسول الله يظهر للناس في كل سنة يوماً لخواصّه فيحدّثهم (ويحدثونه).
فقلت: يا سيّدي مسترشداً أتاك فأرشدني هداك الله، قال: فناولني حصاة فحوَّلت وجهي، فقال لي بعض جلسائه: ما الذي دفع إليك ابن رسول الله؟
فقلت: حصاة فكشفت عن يدي، فإذا أنا بسبيكة من ذهب.
فذهبت فإذا أنا به قد لحقني فقال: ثبتت عليك الحجّة، وظهر لك الحقُّ وذهب عنك العمى أتعرفني؟
فقلت: اللَّهم لا، قال: أنا المهدي أنا قائم الزمان أنا الذي أملئها عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، إنَّ الأرض لا تخلو من حجّة ولا يبقى الناس في فترة أكثر من تيه بني إسرائيل وقد ظهر أيّام خروجي فهذه أمانة في رقبتك فحدّث بها إخوانك من أهل الحقّ).(51)
(عنه، عن علي بن عائذ الرازي، عن الحسن بن وجناء النصيبيّ عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري قال: كنت حاضراً عند المستجار بمكّة، وجماعة زهاء ثلاثين رجلاً لم يكن منهم مخلص غير محمّد بن القاسم العلوي فبين نحن كذلك في اليوم السادس من ذي الحجّة سنة ثلاث وتسعين ومائتين إذ خرج علينا شاب من الطواف عليه إزاران مُحرم بها وفي يده نعلان.
فلمّا رأيناه قُمنا جميعاً هيبة له، ولم يبقَ منّا أحد إلاّ قام، فسلَّم علينا وجلس متوسّطاً ونحن حوله، ثمَّ التفت يميناً وشمالاً ثمَّ قال:
أتدرون ما كان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول في دعاء الإلحاح؟، قلنا: وما كان يقول؟، قال: كان يقول:
اللَّهمَّ إنّي أسألك باسمك الذي به تقوم السماء، وبه تقوم الأرض، وبه تفرق بين الحق والباطل، وبه تجمع بين المتفرق، وبه تفرق بين المجتمع، وبه أحصيت عدد الرِّمال، وزنة الجبال، وكيل البحار؛ أن تُصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تجعل لي من أمري فرجاً (ومخرجاً).
ثمَّ نهض ودخل الطواف، فقمنا لقيامه حتّى انصرف وأُنسينا أن نذكر أمره وأن نقول من هو؟ وأيّ شيء هو؟ إلى الغد في ذلك الوقت، فخرج علينا من الطواف، فقمنا له كقيامنا بالأمس وجلس في مجلسه متوسطاً فنظر يميناً وشمالاً وقال:
أتدرون ما كان يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد صلاة الفريضة؟ فقلنا: وما كان يقول؟ قال: كان يقول:
إليك رُفعت الأصوات، ودعيت الدَّعوات، ولك عنت الوجوه، ولك خضعت الرّقاب، وإليك التحاكم في الأعمال، يا خير مَن سُئل، ويا خير من أعطى، يا صادقُ يا بارئ، يا من لا يخلف الميعاد، يا من أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، يا من قال: (ادْعوني أستَجِبْ لَكُم)، ويا من قال: (يا عِباديَ الذينَ أسْرَفوا على أنْفُسِهِم لا تَقنطوا مِنْ رَحمَةِ اللهِ إنَّ اللهَ يَغفِرُ الذُنوبَ جَميعاً إنَّهُ هوَ العزيزُ الرحيم)، لبّيك وسعديك ها أنا ذا بين يديك، المسرف وأنت القائل: (لا تَقنطوا مِنْ رَحمَةِ اللهِ إنَّ اللهَ يَغفِرُ الذُنوبَ جَميعاً).
ثمَّ نظر يميناً وشمالاً بعد هذا الدعاء، فقال: أتدرون ما كان أمير المؤمنين (عليه السلام)يقول في سجدة الشكر؟ فقلت: وما كان يقول؟ قال: كان يقول:
يا من لا يزيده كثرة العطاء إلاّ سعة وعطاءً، يا من لا ينفد خزائنه، يا من له خزائن السماوات والأرض، يا من له خزائن ما دقَّ وجلَّ، لا يمنعك إساءتي من إحسانك، أنت تفعل بي الذي أنت أهله، فأنت أهل الجود والكرم والعفو والتجاوز، يا ربِّ يا الله لا تفعل بي الذي أنا أهله فإنّي أهل العقوبة وقد استحققتها لا حجّة لي ولا عذر لي عندك، أبوء لك بذنوبي كلّها، وأعترف بها كي تعفو عنّي وأنت أعلم بها منّي، أبوء لك بكلّ ذنب أذنبته وكل خطيئة احتملتها، وكل سيئة عملتها، ربِّ اغفر لي وارحم، وتجاوز عمّا تعلم، إنَّك أنت الأعز الأكرم.
وقام فدخل الطواف، فقمنا لقيامه وعاد من الغد في ذلك الوقت فقمنا لاستقباله كفعلنا فيما مضى فجلس متوسطاً ونظر يميناً وشمالاً فقال:
كان علي بن الحسين سيّد العابدين (عليه السلام) يقول في سجوده في هذا الموضع - وأشار بيده إلى الحجر تحت الميزاب:
عُبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، فقيرك بفنائك، سائلك بفنائك، يسألك ما لا يقدر عليه غيرك.
ثمَّ نظر يميناً وشمالاً ونظر إلى محمّد بن القاسم من بيننا فقال: يا محمّد بن القاسم أنت على خير إن شاء الله، وكان محمّد بن القاسم يقول بهذا الأمر ثمَّ قام، فدخل الطواف فما بقي منّا أحد إلاّ وقد ألهم ما ذكره من الدعاء وأُنسينا أن نتذاكر أمره إلاّ في آخر يوم.
فقال لنا أبو علي المحمودي: يا قوم أتعرفون هذا؟ هذا والله صاحب زمانكم، فقلنا: فكيف علمت يا أبا علي؟
فذكر أنَّه مكث سبع سنين يدعو ربَّه ويسأله معاينة صاحب الزمان، قال: فبينا نحن يوماً عشية عرفة وإذا بالرجل بعينه يدعو بدعاء وعيته فسألته ممّن هو؟
فقال: من الناس، قلت: من أي الناس؟ قال: من عربها، قلت: من أي عربها؟ قال: من أشرفها، قلت: ومَن هم؟ قال: بنو هاشم، قلت: من أي بني هاشم؟ قال: من أعلاها ذروة، وأسناها، قلت: ممّن؟ قال: ممّن فلق الهام، وأطعم الطعام، وصلّى والناس نيام، قال: فعلمت أنَّه علوي فأحببته على العلويّة ثمَّ افتقدته من بين يدي فلم أدرِ كيف مضى فسألت القوم الذين كانوا حوله تعرفون هذا العلوي؟ قالوا: نعم، يحجُّ معنا في كل سنة ماشياً، فقلت: سبحان الله والله ما أرى به أثر مشي، قال: فانصرفت إلى المزدلفة كئيباً حزيناً على فراقه ونمت من ليلتي تلك فإذا أنا برسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال:
يا أحمد رأيت طلبتك؟ فقلت: ومن ذاك يا سيّدي؟ فقال: الذي رأيته في عشيتك هو صاحب زمانك.
قال: فلمّا سمعنا ذلك منه عاتبناه على أن لا يكون أعلمنا ذلك، فذكر أنَّه كان ينسى أمره إلى وقت ما حدَّثنا به).(52)
ولو أردنا أن نستزيد، يمكن الرجوع إلى بحار الأنوار(53)، نجد الكثير بما فيه الكفاية.
في ذكر النص على إمامته (عليه السلام)
(روى أبو بصير، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
المهدي من ولدي، اسمه اسمهي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقاً وخُلقاً، تكون له غيبة وحيرة حتّى يضل الحق عن أديانهم، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً).(54)
ها نحن في الغيبة الكبرى وقد مضى على ولادته (1170 سنة)، وقد حارت العلماء والكتّاب، وأهل الرأي فضلاً عن عامة الناس، فمن قائل إنَّه وُلد، وسيظهر إذا شاء الله، وإنَّه حتم ومن الميعاد، يملأ الأرض عدلاً قسطاً بعدما مُلئت جوراً وظلماً، ومن قائل يقول: يولد في آخر الزمان، وثالث يقول: مات أو هلك في أي واد سلك، ورابع وخامس من ينكر أصلاً وجوده (عجّل الله فرجه)، وصدق رسوله الكريم صلوات الله عليه وآله وسلّم.
وروى ثابت بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إنَّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) إمام أُمّتي، وخليفتي عليها بعدي، ومن ولده القائم المنتظر الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً، إنَّ الثابتين على القول في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدك غيبة؟ قال:
إي وربّي، ليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين، يا جابر إنَّ هذا الأمر من أمر الله عزَّ وجلّ، وسرّ من سرّ الله، علته مطوية من عباد الله، فإيّاك والشك، فإنَّ الشك في أمر الله عزَّ وجلّ كفر).(55)
مع النص والإشارة والتلميح، على إمامته وخلافته وولايته، أنكروه، وحاربوه، ونكثوا بيعته، ثمَّ قتلوه، ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أبو القائم المنتظر، ولكن إذا جاء الحق وهو المهدي (عليه السلام)، زهق الباطل، فما أقل الثابتين على القول به عجّل الله تعالى فرجه الشريف، مع هذه النصوص الكثيرة على إمامته، وكونه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً، فالذين في قلوبهم مرض، ينكرون الله تعالى إذا اقتضى.
(وروى هشام بن سالم، عن الصادق، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
القائم من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنّته سنّتي، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي، يدعوهم إلى كتاب ربّي، من أطاعه أطاعني، ومن عصاه عصاني، ومن أنكر غيبته فقد أنكرني، ومن كذّبه فقد كذّبني، ومن صدّقه فقد صدّقني، إلى الله أشكو المكذّبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلّين لأُمّتي عن طريقته، (وسَيَعْلَمُ الذينَ ظَلَموا أيَّ مُنقَلَب يَنقَلِبونَ)(56)).
(ثلاث عشرة مدينة وطائفة يحارب القائم أهلها، ويحاربونه أهل مكّة وأهل المدينة وأهل الشام وبنو أُميّة وأهل البصرة وأهل دميان، والأكراد والأعراب وضبة وغني وبأهله وأزد البصرة وأهل الري).
ومكّة المكرمة التي حاربت النّبي (صلى الله عليه وآله) من قبل، وأجبرته على الهجرة، حتّى أنَّه قال: (ما أُذي نبي قط مثل ما أُذيت)، تحرب المهدي بغضاً وكرهاً لآبائه وأجداده الذين أبلوا البلاء الحسن في تثبيت أركان الإسلام، وإيصال الشريعة السمحاء إلى البشرية، وهكذا المدينة، وبنو أُميّة، الذين استعلنوا العداء، وجاهروا الحرب على الإسلام ونبي الإسلام وأوصيائه؛ ألا لعنهم الله في الدنيا والآخرة.
(وممّا جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذلك، ما رواه الحارث بن المغيرة النصري، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فوجدته متفكراً ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين مالي أراك متفكراً تنكت في الأرض، أرغبة فيها؟ فقال:
لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً قطّ، ولكنّي فكّرت في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي، هو المهدي يملأها عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، تكون له حيرة وغيبة، يضلّ فيها أقوام ويهتدي آخرون.
فقلت: يا أمير المؤمنين، وإنَّ هذا الكائن؟ قال: نعم كما أنَّه مخلوق، وأنّي لك العلم بهذا الأمر يا أصبغ؟ أولئك خيار هذه الأُمّة مع أبرار هذه العترة.
قلت: وما يكون بعد ذلك؟ قال: ثمَّ يفعل الله ما يشاء، وإنَّ له إرادات وغايات ونهايات).(57)
نعم هو الحادي عشر من الأئمة الهداة الميامين من ولد علي بن أبي طالب (عليه السلام)، بهم نتولى ومن أعدائهم نتبرأ، جعل الله تعالى الأئمة الهداة امتداداً طبيعياً للنبوة، حتّى لا تخلو الأرض من حجّة على الخلق، ولابدّ من الابتلاء.
إنّي لا أعجب؛ حين أسمع وأقرأ أنَّ هناك من يحارب الإمام (عليه السلام) إذا ظهر صلوات الله عليه، لأنَّ النّبي (صلى الله عليه وآله) حاربوه مع تلك الآيات والبراهين والمعجزات، وهكذا مع ما رأوه وعلموه وسمعوه في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقولتهم المشهورة للإمام الحسين (عليه السلام): نُقاتلك بغضاً لأبيك.
وهكذا مع الأئمة واحداً بعد الآخر، ما منهم إلاّ مقتول أو مسموم، فكيف بهم لا ينكرون المهدي (عليه السلام)؟ ولا يقاتلونه؟ وهو يعلمون أنَّه؛ يملأ الأرض عدلاً وقسطاً؟
(وعن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:
الإثنا عشر الأئمة كلّهم من آل محمّد كلّهم محدث، علي بن أبي طالب وأحد عشر من ولده، ورسول الله وعلي هما الوالدان).
(وعن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
يكون بعد الحسين (عليه السلام) تسعة أئمة تاسعهم قائمهم).
وعن محمّد بن علي بن بلال قال: خرج إليَّ من أبي محمّد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) قبل مضيه بسنتين، يخبرني بالخلف من بعده، ثمَّ خرج إليَّ من قبل مضيه بثلاثة أيّام يخبرني بالخلف من بعده.
(وعن أبي هاشم الجعفري قال: قلت لأبي محمّد الحسن بن علي (عليه السلام): جلالتك تمنعني من مسألتك فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سل، قلت: يا سيّدي هل لك ولد؟ قال: نعم، قلت: فإن حدث حدث فأين أسأل عنه؟ قال: بالمدينة).(58)
في ذكر النصوص عليه صلوات الله عليه
(الشيخ أبو جعفر بن بابويه (رضي الله عنه)، عن علي بن عبد الله الوراق، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) وأنا أُريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فقال لي مبتدئاً:
يا أحمد بن إسحاق، إنَّ الله تبارك وتعالى لم يُخلِ الأرض منذ خلق آدم، ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه يُنزِل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض.
قال: فقلت له: يا ابن رسول الله، فمَن الخليفة والإمام بعدك؟ فنهض (عليه السلام)مسرعاً فدخل البيت ثمَّ خرج وعلى عاتقه غلام، كأنَّ وجهه القمر ليلة البدر، من أبناء ثلاث سنين، وقال:
يا أحمد بن إسحاق، لولا كرامتك على الله وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، إنَّ سمّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكنّيه، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً.
يا أحمد بن إسحاق، مثله في هذه الأُمّة مثل الخضر، ومثله مثل ذي القرنين، والله ليغيبنَّ غيبة لا ينجو من الهلكة فيها إلاّ من ثبته الله تعالى على القول بإمامته، ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه).
قال: يا أحمد بن إسحاق، فقلت: يا مولاي، فهل من علامة يطمئن إليها قلبي؟
فنطق الغلام (عليه السلام) بلسان عربي فصيح، فقال:
أنا بقية الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه، فلا تطلب أثراً بعد عين يا أحمد بن إسحاق).
قال أحمد: فخرجت مسروراً فرحاً، فلمّا كان من الغد عُدت إليه، فقلت له: يا ابن رسول الله، لقد عظم سروري بما مننت عليَّ، فما السنّة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال:
طول الغيبة يا أحمد.
فقلت له: يا ابن رسول الله، وإنَّ غيبته لتطول؟ قال:
إي وربّي، حتّى يرجع هذا الأمر أكثر القائلين به، فلا يبقى إلاّ من أخذ الله عهده بولايتنا، وكُتب في قلبه الإيمان، وأيّده بروح منه، يا أحمد بن إسحاق، هذا أمر من الله، وسِرٌّ من سِرّ الله، وغيب من غيب الله، فخذ ما آتيتك وأكتمه، وكن من الشاكرين، تكن غداً معنا في علّيين).(59)
ويؤيّد هذا الخبر ما رواه محمّد بن مسعود العياشي، عن محمّد بن نصير، عن محمّد بن عيسى، عن حمّاد بن عيسى، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
(إنَّ ذو القنين كان عبداً صالحاً جعله الله حجّة على عباده، فدعا قومه إلى الله عزَّ وجلّ، وأمرهم بتقواه، فضربوه على قرنه، فغاب عنهم زماناً حتّى قيل: مات أو هلك، بأيِّ واد سلك.
ثمَّ ظهر ورجع إلى قومه، فضربوه على قرنه الآخر، وفيكم من هو على سنّته، وإنَّ الله عزَّ وجلّ مكّن لذي القرنين في الأرض، وجعل له من كل شيء سبباً، وبلغ المشرق والمغرب، وإنَّ الله تعالى سيُجري سنّته في القائم من ولدي، ويبلغه شرق الأرض وغربها، حتّى لا يبقى منهل ولا موضع من سهل أو جبل وطأه ذو القرنين إلاّ وطأه ويُظهر الله له كنوز الأرض ومعادنها، وينصره بالرعب، ويملأ الأرض به قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً).(60)
(محمّد بن مسعود العيّاشي، عن آدم بن محمّد البلخي، عن علي بن الحسين ابن هارون الدقاق، عن جعفر بن محمّد بن عبد الله بن القاسم بن إبراهيم الأشتر، عن يعقوب بن منقوش قال: دخلت على أبي محمّد (عليه السلام) وهو جالس على دكان في الدار، وعن يمينه بيت عليه ستر مُسبَل، فقلت له: سيّدي، مَن صاحب هذا الأمر؟ فقال: إرفع الستر.
فرفعته، فخرج إلينا غلام خما سيّ له عشر أو ثمان أو نحو ذلك، واضح الجبين، أبيض الوجه، دريّ الملتين، شثن الكفّين، معطوف الركبتين، في خدّه الأيمن خال، وفي رأسه ذؤابة، فجلس على فذ أبي محمّد ثمَّ قال لي:
وهذا هو صاحبكم، ثمَّ وثب فقال له: يا بُنيَّ ادخل إلى الوقت المعلوم، فدخل البيت وأنا أنظر إليه، ثمَّ قال لي: يا يعقوب، أُنظر مَن في البيت؟ فدخلت فما رأيت أحداً).(61)
كل هذه الشواهد التاريخية! وهناك من يشك ويشكل! عجباً لمَن لا يتعظ لما فيه خير دينه ودنياه وآخرته.
وحقّاً (حُبُّ الدنيا رأس كل خطيئة)، أحبوا الدنيا وتركوا الآخرة، فافتضحوا في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب أليم.
علامات قيام القائم (عليه السلام)
1 - علامات حتمية.
2 - علامات غير حتمية.
أمّا الحتمية منها فقد اختلفوا في عددها، فمَن قائل: إنَّها خمس، وآخر أكثر وأقل، ولكنّا في باب الحتميات، ثبتنا أكثر من ذلك بكثير، وأهم الحتميات:
السفياني، النداء، الخراساني، عيسى بن مريم (عليه السلام)، اليماني، وإذا أضفنا إليها زوال حكم بني العباس، والدَّجال، وظهور الدابة، والدخان، راجع باب الحتميات.
والمهدي (عليه السلام) من الحتميات، ولكن لا كبقية الحتميات، من حيث إنَّه من الحتميات والميعاد، وإنَّ الله تعالى لا يخلف الميعاد، وهو الذي لا بداء فيه، وقد صرح خير خلق الله تعالى: (لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث الله رجلاً منّي أو من أهل بيتي يواطي اسه اسمي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً).(62)
وأمّا بقية الحتميات، قد يشملها البداء، وقد لا يشملها إذ:
لا مهدي (عليه السلام) بلا نداء، ولا مهدي بلا سفياني، ولا مهدي بلا نزول عيسى بن مريم (عليه السلام)، ولا مهدي بلا صيحة، ولا مهدي بلا يماني، وقد أفردنا في بحثنا هذا باباً لكل منها، وتوسعنا بعض الشيء في بعضها واختصرنا في بعضها بحكم ما يلزم، وعلى ما حصلنا عليه من المصادر والمعلومات، وإليك بعض الأخبار في ذلك:
(قد جاءت الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي (عليه السلام) وحوادث تكون أمام قيامه وآيات ودلالات، فمنها خروج السفياني، وقتل الحسني، واختلاف بني العباس في الملك، وكسوف الشمس في النصف من رمضان، وخسوف القمر في آخر الشهر على خلاف العادات، وخسف بالبيداء، وخسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وركود الشمس من عند الزوال إلى وسط آفاق العصر، طلوعها من المغرب، وقتل نفس زكية تظهر في سبعين من الصالحين، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام، وهدم حائط مسجد الكوفة، وإقبال رايات سود من قبل خراسان، وخروج اليماني، وظهور المغربي بمصر، وتملكه الشامات، ونزول الترك الجزيرة، ونزول الروم الرملة، وطلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثمَّ ينعطف حتّى يكاد يلقى طرفاه، وحمرة تظهر في السماء، وتلتبس في آفاقها، ونار تظهر بالمشرق طولاً وتبقى في الجو ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام وخلع العرب أعنتها وتملكها البلاد وخروجها عن سلطان العجم، وقتل أهل مصر أميرهم، وخراب بالشام، واختلاف ثلاث رايات فيه، ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر، ورايات كندة إلى خراسان، وورود خيل من قبل المغرب حتّى تربط بفناء الحيرة، وإقبال رايات سود من المشرق نحوها، وبثق في الفرات حتّى يدخل أزقة الكوفة وخروج ستين كذّاباً كلّهم يدّعي النبوة، وخروج اثنى عشر من آل أبي طالب كلّهم يدّعي الإمامة لنفسه، وإحراق رجل عظيم القدر من شيعة بني العباس بين جلولاء وخانقين، وعقد الجسر ممّا يلي الكرخ بمدينة بغداد، وارتفاع ريح سوداء بها في أوّل النهار، وزلزلة حتّى ينخسف كثير منها، وخوف يشمل أهل العراق وموت ذريع فيه، ونقص من الأنفس والأموال والثمرات، وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتّى يأتي على الزرع والغلات، وقلّة ريع ما يزرعه الناس، واختلاف العجم، وسفك دماء كثيرة فيما بينهم، وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم وقتلهم مواليهم، ومسخ لقوم من أهل البدع حتّى يصيروا قردة وخنازير، وغلبة العبيد على بلاد السادات، ونداء من السماء يسمعه أهل الأرض، كل أهل لغة بلغتهم، ووجه وصدر يظهران للناس في عين الشمس وأموات ينشرون من القبور حتّى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاوجون ثمَّ يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة تتصل، فتحيي الأرض بعد موتها، وتعرف بركاتها وتزول بعد ذلك كل عاهة من معتقدي الحق من شيعة المهدي (عليه السلام)، فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكّة، فيتوجهون نحوه لنصرته كما جاءت بذلك الأخبار.
ومن جملة الأحداث محتومة ومنها مشترطة، والله أعلم بما يكون، وإنَّما ذكرنا هذا على حسب ما ثبت في الأصول وتضمنها الأثر المنقول، وبالله نستعين وإيّاه نسأل التوفيق).(63)
(وقال الشيخ المفيد (رحمه الله): أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، يرفعه إلى إسماعيل بن الصباح قال: سمعت شيخاً من أصحابنا يذكر فن سيف بن عميرة قال: كنت عند أبي جعفر المنصور فقال لي إبتداءاً: يا سيف بن عميرة لابدّ من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب؟
فقلت: جعلت فداك يا أمير المؤمنين تروي هذا؟ فقال: إي والذي نفسي بيده لسماع أُذني له فقلت:
يا أمير المؤمنين إنَّ هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا؟ فقال: يا سيف إنَّه لحق فإذا كان فنحن أوّل من يجيبه، أمّا إنَّ النداء إلى رجل من بني عمّنا، فقلت: إلى رجل من ولد فاطمة؟ فقال: نعم يا سيف، ولولا إنّني سمعت أبا جعفر محمّد بن علي يحدّثني به وحدَّثني به أهل الأرض كلّهم ما قبلته منهم ولكنّه محمّد بن علي).(64)
إنّي أقول لهؤلاء الأحياء والأموات الذين اعتذروا من إيرادها كشرط أنَّها تكون صادرة عن النبي (صلى الله عليه وآله)، أو الأئمة الهداة الميامين الذين زُقوا العلم زقا أباً عن جد، أيّها من العلامات لم يتحقق؟ وإن تحقق المئآت من علامات ظهور القائم (عجّل الله فرجه)، دليل قاطع على حقيقة المسألة المهدوية، وأنَّ المعاند المحترم على إشتباه كبير، وإنَّما يرد منه من إشكالات ليست إلاّ العناد الذي لا يُستند إلى حقيقة وسند مُقنع، وقد أثبتُّ في كتابي الموسوم (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) أكثر من أربع مائة علامة قيلت فوقعت، وأنا في سبيل كتابة الجزء الثالث منه لاجتماع علامات تحققت، وأنَّ كل من يُشكك في المهدي (عليه السلام):
ليس إلاّ صاحب مصلحة لا يريد بها وجه الله الكريم، وإنَّما يخشى أن تضرب مصالحه، أو أنَّ سيف العدل يحز رقبته، فهو في قيل وقال على مرّ الدهور والأزمان، (وإذا خاطَبَهُمُ الجاهِلونَ قالوا سَلاماً)، وإنّي لعلى ثقة ويقين أنَّ المعاند يجهل الكثير الكثير عن المهدي (عليه السلام) وما جاء في المهدي (عليه السلام).
(وعن أبي خديجة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
لا يخرج القائم حتّى يخرج قبله اثنى عشر من بني هاشم كلّهم يدعو إلى نفسه).(65)
(عن علي بن محمّد الأزدي عن أبيه عن جدّه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
بين يدي القائم موت أحمر، وموت أبيض، وجراد في حينه، وجراد في غير حينه كألوان الدم، وأمّا الموت الأحمر فالسيف، وأمّا الموت الأبيض فالطاعون).(66)
إنَّ الموت الأحمر قائم على قدم وساق، فالدماء التي سُفكت في البوسنة والهرسك، وفي أفغانستان، وتُسفك في العراق وفلسطين وهنا وهناك أكبر شاهد ودليل، وأمّا الموت الأبيض فهو الآخر قائم على قدم وساق: فالذين يموتون بسبب السرطان والأيدز، وبسبب حوادث الطرق والزلازل شيء كثير.
ونقل لي أحد أصحاب المزارع في محافظة (گيلان الإيرانية) جاء في هذا العام جراد أحمر أفواجاً أفواجاً.
(عن ثعلب الأزدي قال: قال أبو جعفر (عليه السلام):
آيتان تكونان قبل قيام القائم، كسوف الشمس في النصف من رمضان والقمر في آخره قال قلت: يا ابن رسول الله القمر في آخر الشهر والشمس في النصف؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام):
أنا أعلم بما قلت، إنَّهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم (عليه السلام)).(67)
إنَّ هذا الأمر وقع في شهر رمضان (سنة 1424 هـ) وصلَّت الناس صلاة الآيات وكلّما مرّت الأيّام والسنون تحققت العلامات أكثر فأكثر والحمد لله ربِّ العالمين، ولم يبقَ إلاّ أن نقول:
اللَّهم عجّل لوليك الفرج والعافية والنصر.
(وعن صالح بن ميثم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:
ليس بين قيام القائم وقتل النفس الزكية أكثر من خمس عشرة ليلة.
قلت: ينظر في هذا، فإمّا أن يراد بالنفس الزكية غير محمّد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقُتل في رمضان من سنة خمس وأربعين ومائة، وإمّا أن يتطرق الطعن، إلى هذا الخبر).(68)
لا يخفى أنَّ النفس الزكية المراد منه محمّد بن الحسن الذي ليس بينه وبين قيام القائم أكثر من خمس عشرة ليلة، وهو المذبوح بين الركن والمقام، كما تُذبح الشاة، فتُهتك بقتله حرمة البيت الحرام والشهر الحرام والدم الحرام، فلا يبقى للقتلة والمردة عاذر لا في الأرض ولا في السماء ولا يُمهلون أكثر من ذلك.
ولا موجب أن يتطرق الطعن إلى هذا الخبر، وهناك نفس زكية يُقتل في ظهر الكوفة مع سبعين من أتباعه، وأغلب الظن أنَّه السيّد الحكيم (رضي الله عنه)، وأمّا الأوَّل فيفتقر إلى المصداقية، وقد يكون ثلاثة أو أكثر إلاّ أنَّ المراد منه المذبوح بين الركن والمقام والذي بينه وبين قيام القائم (عليه السلام) خمس عشرة ليلة.
(عن الحسين بن المختار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إذا هُدم حائط مسجد الكوفة ممّا يلي دار عبد الله بن مسعود فهند ذلك زوال مُلك القوم، وعند زواله خروج القائم (عليه السلام)).(69)
1 - حائط مسجد الكوفة هُدم، وبُنيت مكان الهدم باب كبيرة.
2 - زوال مُلك القوم (البعثيين العفالقة).
3 - نحن بانتظار خروج القائم (عليه السلام).
فما للمعاند لا يتعظ؟ ولا يستسلم لأمر الواقع قبل فوات الأوان؟
(وفي حديث محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
إنَّ قُدّام القائم بلوى من الله، قلت: وما هو جعلت فداك؟ فقرأ:
(ولَنبلُونَّكُم بِشيء مِنَ الخَوفِ والجُوعِ ونَقص مِنَ الأموالِ والأنفُسِ والثمراتِ وبَشِّر الصابرينَ).
ثمَّ قال: الخوف من ملوك بني فلان، والجوع من غلاء الأسعار، ونقص الأموال من كساد التجارات وقلّة الفضل فيها، ونقص الأنفس بالموت الذريع، ونقص الثمرات بقلّة ريع الزرع وقلّة بركة الثمار، ثمَّ قال: وبشّر الصابرين عند ذلك بتعجيل خروج القائم (عليه السلام)).(70)
1 - الخوف مِن مَن وراء التفجيرات والاغتيالات، والخوف من سوء التقدير.
2 - أمّا الجوع وغلاء الأسعار فحدِّث ولا حرج.
3 - وأمّا نقص الأنفس، ففيما يحدث الكفاية والاعتبار.
4 - وأمّا نقص الثمار، ففشل مشاريع الري والإصلاح، وعدم الاهتمام بالزراعة وتلوث الجو من كثرة تفجير الأسلحة المحرّمة.
(وعن منذر الخوزي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول:
يزجر الناس قبل قيام القائم (عليه السلام) عن معاصيهم بنار تظهر في السماء، وحمرة تجلل السماء، وخسف ببغداد، وخسف ببلدة البصرة، ودماء تُسفك بها، وخراب دورها، وفناء يقع في أهلها وشمول أهل العراق خوف لا يكون لهم معه قرار).(71)
إنَّ الأوضاع في العراق، مع ما يحدث من مداهمات وتفجيرات ومصادمات، وانفعالات أمني لعدم وجود سلطة مركزية تدير شؤون البلاد، موجب لوقوع أحداث تشمل أهل العراق خوف لا يكون لهم معه قرار.
حديث أبي عبد الله (عليه السلام) مع المنصور
(محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير جميعاً، عن محمّد بن أبي حمزة، عن حمران قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
... إنّي سرت مع أبي جعفر المنصور وهو في موكبه...
إنَّ هذا الأمر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين؟ إنَّك لو تعلم حالهم عند الله عزَّ وجلّ وكيف هي كنت لهم أشد بغضاً ولو جهدت أو جهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشد ما هم فيه من الإثم لم يقدروا، فلا يستفزنك الشيطان فإنَّ العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكنَّ المنافقين لا يعلمون، ألا تعلم أنَّ مَن انتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف هو غداً في زُمرتنا:
فإذا رأيت الحق قد مات قد ذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خُلق وأُحدث فيه ما ليس فيه ووجِّه على الأهواء، ورأيت الدين قد انكفى كما ينكفي الماء، ورأيت أهل الباطل قد استعلَوا على أهل الحق، ورأيت الشر ظاهراً لا يُنهى عنه ويعذر أصحابه ورأيت الفُسق قد ظهر واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، ورأيت المؤمن صامتاً لا يُقبل قوله، ورأيت الكاذب يكذب ولا يُرد عليه كذبه وفريته، ورأيت الصغير يستحقر الكبير، ورأيت الأرحام قد تقطعت، ورأيت من يُمتدح بالفسق يضحك منه ولا يُرد عليه قوله، ورأيت الغلام يُعطي ما تعطي المرأة، ورأيت النساء يتزوجن النساء، ورأيت الثناء قد كثر ورأيت الرجل يُنفق المال في غير طاعة الله فلا يُنهى ولا يُؤخذ على يديه، ورأيت الناظر يتعوّذ بالله ممّا يرى المؤمن فيه من الاجتهاد، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع، ورأيت الكافر فرحاً لما يرى في المؤمن، فرحاً لما يرى في الأرض من الفساد ورأيت الخمور تُشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزَّ وجلّ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلاً، ورأيت الفاسق فيما لا يُحب الله قويّاً محموداً، ورأيت أصحاب الآيات يُحقّرون ويُحتَقر من يُحبّهم، ورأيت سبيل الخير منقطعاً وسبيل الشر مسلوكاً ورأيت بيت الله قد عُطّل ويُمَر بتركه، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله، ورأيت الرجال يتسمنون للرجال والنساء للنساء، يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر، وأظهروا الخضاب، وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها وأعطوا الرجال الأموال على مُزوجهم وتُنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال، وكان صاحب المال أعز من المؤمن، وكان الربا ظاهراً لا يعير، وكان الزنا تمتدح به النساء، ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يُساعد النساء على فُسقهنَّ، ورأيت المؤمن محزوناً محتقراً ذليلاً، ورأيت البدع والزنا قد ظهر، ورأيت الناس يعتدّون بشاهد الزور، ورأيت الحرام يُحلَّل والحلال يُحرَّم، ورأيت الدين بالرأي وعُطِّل الكتاب وأحكامه، ورأيت الليل لا يستخفى به من الجرأة على الله، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلاّ بقلبه، ورأيت العظيم من المال يُنفق في سخط الله عزَّ وجلّ، ورأيت الولاة يُقربون أهل الكفر ويُباعدون أهل الخير ورأيت الولاة يرتشون في الحكم، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد، ورأيت ذوات الأرحام يُنكحن ويكتفى بهنَّ ورأيت الرجل يُقتل على التُهمة وعلى الظنة ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله، ورأيت الرجل يعير على إتيان النساء، ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور، يعلم ذلك ويُقيم عليه، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا تشتهي وتنفق على زوجها، ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ويرضى بالدني من الطعام والشراب، ورأيت الإيمان بالله عزَّ وجلّ كثيرة على الزور، ورأيت القمار قد ظهر، ورأيت الشراب يُباع ظاهراً ليس له مانع، ورأيت النساء يبذلن أنفسهنَّ لأهل الكف ورأيت الملاهي قد ظهرت يمر بها لا يمنعها أحد ولا يجترئ أحد على منعها، ورأيت الشريف يستذله الذي يخاف سلطانه، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبنا يزور ولا تُقبل شهادته، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه، ورأيت القرآن قد ثقل على الناس إستماعه وخف على الناس إستماع الباطل، ورأيت الجار يكرم الجار خوفاً من لسانه، ورأيت الحدود قد عُطِّلت وعمل فيها بالأهواء، ورأيت المساجد قد زُخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذاب، ورأيت الشر قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت البغي قد فشى، ورأيت الغيبة تستملح ويُبشر بها الناس بعضهم بعضاً، ورأيت الحج والجهاد لغير الله، ورأيت السلطان يذل للكافر المؤمن، ورأيت الخراب قد أُديل من العمران، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان، ورأيت سفك الدّماء يُستخف بها، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لغرض الدنيا وشَهر نفسه بخبث اللسان ليُتقى وتُسند إليه الأمور، ورأيت الصلاة قد استخف بها، ورأيت الرجل عنده المال الكثير ثمَّ لم يزكه منذ ملكه، ورأيت الميت يُنبش من قبره ويُؤذى وتُباع أكفانه، ورأيت الهرج قد كثر، ورأيت الرجل يُمسي نشوان ويُصبح سكران لا يهتم بما الناس فيه، ورأيت البهائم تُنكح، ورأيت البهائم تفرس بعضها بعضاً، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلاه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه، ورأيت قلوب الناس قد قسَت وحجدت أعينهم وثقل الذكر عليهم، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه، ورأيت المصلّي إنَّما يصلّي ليراه الناس، ورأيت الفقيه يتفقه لغير الدين، يطلب الدنيا والرئاسة، ورأيت الناس مع من غلب، ورأيت طالب الحلال يُذم ويعيَّر وطالب الحرام يُمدح ويُعظَّم، ورأيت الحرمين يُعمل فيهما بما لا يحب الله ولا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين، ورأيت الرجل يتكلَّم بشيء من الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه فيقول: هذا عنك موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ويقتدون بأهل الشرور، ورأيت مسلك الخير وطريقه خالياً لا يسلكه أحد، ورأيت الميّت يُهزأ به فلا يفزع له أحد، ورأيت كل عام يحدث فيه من الشر والبدعة أكثر ممّا كان، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلاّ الأغنياء، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ويُرحم لغير وجه الله، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون كما تتسافد البهائم لا ينكر أحد منكراً تخوّفاً من الناس، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ويمنع اليسير في طاعة الله، ورأيت العقوق قد ظهر واستخف بالوالدين وكان من أسوء الناس حالاً عند الولد ويفرح بأن يُفترى عليهما، ورأيت النساء وقد غلبن على الملك وغلبن على كل أمر لا يُؤتى إلاّ ما لَهُنَّ فيه هوى، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على والديه ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل إذا مرَّ به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مُسكر كئيباً حزيناً يحسب أنَّ ذلك اليوم عليه وضيعه من عمره، ورأيت السلطان يحتكر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربى تُقسَّم في الزور ويتقامر بها وتُشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يتداوى بها ويوصف للمريض ويستشفى بها، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التديّن به، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق قائمة ورياح أهل الحق لا تُحرّك، ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر، ورأيت المساجد مُحتشية ممّن لا يخاف الله مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحق ويتواصفون فيها شراب المنكر، ورأيت السكران يُصلّي بالناس وهو لا يعقل ولا يشان بالسكر وإذا سكر أُكرم واتُقى وخيف وتُرك:
لا يُعاقب ويُعذر بسكره ورأيت من أكل أموال اليتامى يُحمد بصلاحه، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة على الله، يأخذون منهم ويخلّونهم وما يشتهون، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمُر، ورأيت الصلاة قد استُخف بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يُراد بها وجه الله ويُعطى لطلب الناس، همّهم بطونهم وفروجهم، لا يُبالون بما أكلوا وما نكحوا، ورأيت الدنيا مُقبلة عليهم ورأيت أعلام الحق قد دُرست فكن على حذر واطلب إلى الله عزَّ وجلّ النجاة واعلم أنَّ الناس في سخط الله عزَّ وجلّ وإنَّما يُمهلهم لأمر يُراد بهم فكن مترقّباً واجتهد ليراك الله عزَّ وجلّ في خلاف ما هم عليه فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجّلت إلى رحمة الله وإن أخّرت ابتلوا وكنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرأة على الله عزَّ وجلّ واعلم أنَّ الله لا يُضيع أجر المحسنين وإنَّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين).(72)
عزيزي: تتبعت فقرأت هذا الحديث فقرة فقرة، ولم أجد فيها ما لم يتحقق وهي العشرات كما ترى، فهل جاءت إعتباطاً أو عبثاً؟
جاءت وفق الحكمة، وعلم تناقلته الأبناء عن الآباء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
أبعدها شك يوجب العناد؟!
(عدّة من أصابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن عمر الصيقل، عن أبي شعيب المحاملي، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
ليأتينَّ على الناس زمان يظرف فيه الفاجر ويقرب فيه الماجن ويضعف فيه المنصف، قال: فقيل له: متى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال:
إذا اتخذت الأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً، والعبادة استطالة، والصلة منّاً، قال: فقيل: متى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال:
إذا تسلطن النساء وسلّطن الإماء وأُمر الصبيان).(73)
(عنه، عن المعلى، عن الوشاء، عن عبد الكريم بن عمرو، عن عمّار بن مروان، عن الفضيل بن يسار قال: قال أبو جعفر (عليه السلام):
إذا رأيت الفاقة والحاجة قد كثرت وأنكر الناس بعضهم بعضاً فعند ذلك فانتظروا أمر الله عزَّ وجلّ قلت: جعلت فداك هذه الفاقة والحاجة قد عرفتهما فما إنكار الناس بعضهم بعضاً؟ قال:
يأتي الرجل منكم أخاه فيسأله الحاجة فينظر إليه بغير الوجه الذي كان ينظر إليه ويكلّمه بغير اللسان الذي كان يكلّمه به).(74)
كل هذا واقع ولم يبقَ إلاّ الحتميات، وعندها يأتي الفرج، اللَّهمَّ عجّل لوليك الفرج والعافية والنصر.
(وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، يعقوب السراج قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): متى فرج شيعتكم؟ قال:
فقال إذا اختلف ولد العباس ووهى سلطانهم وطمع فيهم من لم يكن يطمع فيهم وخلعت العرب أعنتها ورفع كل ذي صيصية وظهر الشامي وأقبل اليماني وتحرّك الحسني وخرج صاحب هذا الأمر من المدينة إلى مكّة بتراث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقلت: ما تراث رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال:
سيف رسول الله ودرعه وعمامته وبرده وقضيبه ورايته ولامته وسرجه حتّى ينزل مكّة فيخرج السيف من غمده ويلبس الدرع وينشر الراية والبردة والعمامة ويتناول القضيب بيده ويستأذن الله في ظهوره فيطّلع على ذلك بعض مواليه فيأتي الحسني فيخبره الخبر فيتبرر الحسني إلى الخروج، فيثب عليه أهل مكّة فيقتلونه ويبعثون برأسه إلى الشامي فيظهر عند ذلك صاحب هذا الأمر فيبايعه الناس ويتبعونه.
ويبعث الشامي عند ذلك جيشاً إلى المدينة فيهلكهم الله عزَّ وجلّ دونها ويهرب يومئذ من كان بالمدينة من ولد علي (عليه السلام) إلى مكّة فيلحقون بصاحب هذا الأمر، ويقبل صاحب هذا الأمر نحو العراق ويبعث جيشاً إلى المدينة فيأمن أهلها ويرجعون إليها).(75)
لو أردنا تعداد علائم ظهور المهدي (عليه السلام) لطال بنا، ولكن نقتصر على الأهم فالمهم، لئلا يتسرّب الملل للقاري الكريم، وننتقل إلى باب آخر... فقد اعتمدنا أُمّهات المصادر ومن الله التوفيق والسداد.
(ابن عصام، عن الكليني، بن العلا، عن إسماعيل بن علي القزويني عن علي بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)يقول:
القائم منصور بالرعب مؤيّد بالنصر، تُطوى له الأرض وتظهر له الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله عزَّ وجلّ به دينه ولو كره المشركون.
فلا يبقى في الأرض خراب إلاّ عُمر، وينزل روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) فيصلّي خلفه، فقلت له: يا ابن رسول الله متى يخرج قائمكم؟ قال:
إذا تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء وركب ذوات الفروج السروج، وقبلت شهادات الزور، ورُدّت شهادات العدل، واستخف الناس بالدماء، وارتكاب الزنا، وأكل الربا، واتُقي الأشرار مخافة ألسنتهم وخرج السفياني من الشام واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقُتل غلام من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) بين الركن والمقام اسمه محمّد بن الحسن النفس الزكية، وجاءت صيحة من السماء بأنَّ الحق فيه، وفي شيعته؛ فعند ذلك خروج قائمنا.
فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً وأوَّل ما ينطق به هذه الآية: (بقيّةُ اللهِ خَيرٌ لَكُم إنْ كُنتُم مُؤمِنينَ)، ثمَّ يقول:
أنا بقيّة الله في أرضه فإذا اجتمع إليه العقد، وهو عشرة آلاف رجل خرج فلا يبقى في الأرض معبود دون الله عزَّ وجلّ، من صنم وغيره إلاّ وقعت فيه نار فاحترق، وذلك بعد غيبة طويلة، ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به).(76)
(ابن الوليد، عن الصفّار، عن ابن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحجّال، عن ثعلبة، عن شعيب الحذّاء، عن صالح مولى بني العذراء، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام):
ليس بين قيام قائم آل محمّد وبين قتل النفس الزكية خمس عشرة ليلة).(77)
كان لنا في باب النفس الزكية وقفة فليراجع.
(... عن ميمون البان، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) في فسطاطه، فرفع جانب الفسططا فقال:
إنَّ أمرنا لو قد كان كان أبين من هذه الشمس! ثمَّ قال:
يُناد مناد من السماء إنَّ فلان بن فلان هو الإمام باسمه وينادي إبليس من الأرض كما نادى برسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة العقبة).(78)
إنَّها الحقيقة، ومنذ خلق الخلق، أقصد منذ خلق آدم (عليه السلام)، ومنذ أمره بالسجود وسجود الملائكة وامتناع إبليس عليه اللعنة بدأ الصراع وقعد إبليس بمَن في قلوبهم مرض، وحال بينهم وبين الحق، وفاءاً لما قطعه على نفسه من اغواء أهل الباطل وضعاف النفوس، حتّى اليوم الموعود، وهنيئاً لمن يصمد.
أمام حبائله وغوايته، ويتخذ سبيل المؤمنين.
(بهذا الإسناد، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم قالا: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
لا يكون هذا الأمر حتّى يذهب ثلثا الناس، فقيل له: فإذا ذهب ثلثا الناس فما يبقى؟ فقال (عليه السلام):
أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي؟).(79)
إذن: الحرب العالمية النووية التي تذهب بثلثي الناس، هي من علائم الظهور، والملاحظ أنَّ الأرضيّة مهيّئة لذلك، فالأطماع والتجاوزات، وامتلاك الأسلحة النووية، وكونها في حوزة أغلب دول العالم، كل ذلك من المحفزات أعاذنا الله وإيّاكم شرّها، وعجّل بها، وعجّل بظهور صاحب العصر والزمان سلام الله عليه وعلى آبائه.
(محمّد بن همام، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن، عن زائدة بن قدامة، عن عبد الكريم قال: ذُكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) القائم فقال:
أنّى يكون ذلك ولم يُستدَر الفلك، حتّى يُقال مات أو هلك، في أيِّ واد سلك، فقلت: وما استدارت الفلك؟ فقال:
اختلاف الشيعة بينهم).(80)
وهذه العلامة من العلامات التي قيلت فوقعت، وقد أفردنا لها باباً، فالشيعة لا زالت في اختلاف، وعدم اتّفاق، وكأنَّهم ما خُلقوا إلاّ ليختلفوا!
السَّنَة التي يقوم فيها القائم (عليه السلام)
(عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
لا يخرج القائم إلاّ في وتر من السنين سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع، وعنه (عليه السلام) قال:
ينادي باسم القائم (عليه السلام) في ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قُتل فيه الحسين (عليه السلام) لكأنّي به في يوم السبت العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام، جبرائيل (عليه السلام) على يمينه ينادي: البيعة لله، فيصير إليه شيعته من أطراف الأرض، تُطوى لهم طيّاً حتّى يُبايعوه، فيملأ الله به الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً).(81)
(وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
لا يخرج القائم إلاّ في وتر من السنين، سنة إحدى، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع).(82)
وهنا اتفق الإثنان صاحب (كشف الغمة) وصاحب (أعلام الورى) وهما من عُلماء القرن السادس الهجري، فالإمام يظهر سلام الله عليه في وتر من السنين، ويقوم في يوم عاشوراء، يوم قتل الحسين (عليه السلام).
(الفضل بن شاذان، عن محمّد بن علي الكوفي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
يُنادي باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قُتل فيه الحسين بن علي (عليه السلام)، لكأنّي به في يوم السبت العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام، جبرائيل (عليه السلام) بين يديه يُنادي بالبيعة له، فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض، تُطوى لهم طيّاً، حتّى يبايعوه، فيملأ الله به الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً).(83)
(أبي عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
يخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة الخبر).(84)
ذكر صاحب أعلام الورى الشيخ الطبرسي (رحمه الله) ناقلاً عن الشيخ المفيد (رحمه الله) والشيخ الطوسي في غيبته وعن روضة الواعظين، أنَّه يظهر سلام الله عليه يوم السبت العاشر من محرم الحرام يوم قُتل فيه الحسين (عليه السلام)، في حين ذكر المجلسي (رحمه الله) في البحار أنَّه يظهر سلام الله عليه يوم الجمعة، وقد وردت في بعض الروايات أنَّه يوم الجمعة، وما يُمكن التعويل عليه هو يوم العاشر من محرم الحرام لينتقم لجدّه الحسين (عليه السلام) من المعاندين والمشككين في دين محمّد (صلى الله عليه وآله).
ما جاء في منتخب الأثر في سنة ظهوره واليوم:
1 - (كمال الدين - الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
يخرج القائم يوم السبت يوم عاشوراء يوم الذي قُتل فيه الحسين (عليه السلام)).
وروى نحوه في غيبة النعماني بسنده عن أبي بصير.
2 - (الإرشاد - الفضل بن شاذان عن محمّد بن علي الكوفي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
يُنادي باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين ويقوم في يوم السبت عاشوراء، وهو اليوم الذي قُتل فيه الحسين بن علي (عليه السلام)، لكأنّي في يوم السبت العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام، جبرائيل (عليه السلام) عن يمينه يُنادي: البيعة لله، فتصير إليه الشيعة من أطراف الأرض تُطوى لهم طيّاً حتّى يبايعوه فيملأ الله به الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً).
3 - (الإرشاد - الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
لا يخرج القائم (عليه السلام) إلاّ في وتر من السنين سنة إحدى، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع).
4 - (غيبة الشيخ - الفضل عن محمّد بن علي، عن محمّد بن سنان، عن حي بن مروان، عن علي بن مهزيار قال: قال أبو جعفر (عليه السلام):
كأنّي بالقائم يوم عاشوراء يوم السبت قائماً بين الركن والمقام، بين يديه جبرائيل (عليه السلام) ينادي: البعة لله، فيملأها عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً).
5 - (الأربعين للخاتون آبادي - (الحديث الثاني والثلاثون)، قال: قال فضل بن شاذان: حدَّثنا أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: حدَّثنا عاصم بن حميد قال: حدَّثنا محمّد بن مسلم قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام): متى يظهر قائمكم؟ قال:
إذا كثر الغواية، وقلَّ الهداية، وكثر الجور والفساد، وقلَّ الصلاح والسداد، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ومال الفقهاء إلى الدنيا، وأكثر الناس إلى الأشعار والشعراء، ومسخ قوم من أهل البدع حتّى يصيروا قردة وخنازير، وقتل السفياني ثمَّ يخرج الدَّجال، وبالغ في الإغواء والإضلال فعند ذلك ينادي باسم القائم (عليه السلام) في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ويقوم في يوم عاشوراء، فكأنّي أنظر إليه قائماً بين الركن والمقام ويُنادي جبرئيل (عليه السلام) بين يديه: البيعة لله فتقبل شيعته إليه من أطراف الأرض تُطوى لهم طيّاً حتّى يبايعوا، ثمَّ يسير إلى الكوفة فينزل على نجفها ثمَّ يفرق الجنود منها إلى الأمصار لدفع عمّال الدَّجال فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً قال: فقلت له: يا ابن رسول الله فداك أبي وأُمّي أيعلَم أحد من أهل مكّة من أين يجي قائمكم إليها، قال: لا، ثمَّ قال: لا يظهر إلاّ بغتة بين الركن والمقام).
ورواه في كشف الأستار عن الفضل بن شاذان في كتابه في الغيبة.
6 - (كشف الأستار - أخرج أبو العبّاس الدمشقي القرماني في كتاب أخبار الدول عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
لا يخرج القائم إلاّ في وتر من السنين، سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع، ويقوم في يوم عاشوراء، ويظهر يوم السبت العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام، وشخص قائم على يديه يُنادي: البيعة البيعة، فيسير إليه أنصاره من أطراف الأرض يبايعونه، فيملأ الله تعالى به الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، ثمَّ يسير عن مكّة حتّى يأتي الكوفة فينزل على نجفها ثمَّ يفرق الجنود منها إلى جميع الأمصار).
7 - (البرهان في علامات مهدي آخر الزمان - (62) عن أبي جعفر (رضي الله عنه) قال: يظهر المهدي في يوم عاشوراء وهو يوم الذي قُتل فيه الحسين بن علي (عليه السلام) وكأنّي به يوم السبت العاشر من المحرم قائم بين الركن والمقام، جبرائيل (عليه السلام) عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وتصير إليه شيعته من أطراف الأرض، تُطوى لهم طيّاً حتّى يبايعوه فيملأ بهم الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً).(85)
في هذه الأحاديث السبعة نجد الإتّفاق على أنَّ يوم ظهوره سلام الله عليه وعجّل الله تعالى فرجه الشريف، يوم السبت العاشر من محرم الحرام والله أعلم.
ووجدت في بعض الأخبار أنَّه يظهر في يوم الجمعة، وفي يوم النوروز والله أعلم بعاقبة الأمور.
مدّة مُلك القائم (عليه السلام)
أُختُلف في مدّة مُلكه (عجّل الله فرجه):
1 - (وعنه، عن علي بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر (عليه السلام):
إنَّ القائم يملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، ويفتح الله له شرق الأرض وغربها، ويقتل الناس حتّى لا يبقى إلاّ دين محمّد (صلى الله عليه وآله)، يسير بسيرة سليمان بن داود، تمام الخبر).(86)
(ثلثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم).
الأمر الذي أعدّه الله له ليس بالأمر السهل واليسير، أن يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما مُلئت جوراً وظلماً، يحتاج إلى عمر طويل، وقد يستكثره البعض، في حين لنا أُسوة بذي القرنين؛ كان عبداً صالحاً ومؤمناً استطاع بما مدّه الله تعالى من العمر المديد أن يبسط يده على أغلب بقاع الأرض، وذو القرنين هذا سُمّي الأمر من أمرين:
1 - إمّا أنَّه كان في رأسه نتوآن شبه القرن الصغير فَسُمّي بذي القرنين.
2 - وإمّا عاش قرنين من الزمان (مائتان من السنين)، (وهذا أقرب إلى الواقع).
(عنه، عن عبد الله بن قاسم الحضرمي، عن عبد الكريم بن عمر الخثعمي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كَم يملك القائم؟ قال:
سبع سنين يكون سبعين سنة من سنينكم هذه).(87)
قال في البحار 52 / 280: الأخبار المختلفة الواردة في أيّام مُلكه (عليه السلام) بعضها محمول على جميع مدّة مُلكه وبعضها على زمان استقرار دولته، وبعضها على حساب ما عندنا من السنين والشهور، وبعضها على سنينه وشهوره الطويلة، والله أعلم.
(عنه، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث له اختصرناه قال:
إذا قام القائم (عليه السلام) دخل الكوفة وأمر بهدم المساجد الأربعة جتّى يبلغ أساسها ويصيرها عريشاً كعريش موسى، وتكون المساجد كلّها جماء لا شرف لها كما كانت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويوسع الطريق الأعظم فيصير ستّين ذراعاً ويهدم كل مسجد على الطريق، ويسدّ كل كوة إلى الطريق، وكل جناح وكنيف وميزاب إلى الطريق، ويأمر الله الفلك في زمانه فيبطي في دوره حتّى يكون اليوم في أيّامه كعشرة من أيّامكم والشهر كعشرة أشهر والسنة كعشرة سنين من سنيكم).
(الفضل بن شاذان، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:
والله ليملكن منّا أهل البيت رجل بعد موته ثلاثمائة سنة يزداد تسعاً.
قلت: متى يكون ذلك؟ قال: بعد القائم (عليه السلام)، قلت: وكَم يقوم القائم في عالمه؟ قال: تسع عشرة سنة).(88)
هذا ما جاء في مدّة ملكه عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وكما أورده شيخ الطائفة في كتاب الغيبة.
أمّا ما روى في مدّة ملك القائم (عليه السلام) بعد قيامه:
(حدَّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة الكوفي قال: حدَّثني علي بن الحسين التيملي عن الحسن بن علي بن يوسف، عن أبيه، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن حمزة بن حمران، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال: ملك القائم تسع عشرة سنة وأشهر).(89)
(حدَّثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال: حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين قال: حدَّثنا أبو محمّد عبد الله بن حمّاد الأنصاري سنة تسع وعشرين ومائتين قال: حدَّثني عبد الله بن أبي يعفور قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ملك القائم منّا تسع عشرة سنة وأشهر).(90)
(حدَّثنا أحمد بم محمّد بن سعيد بن عقدة قال: حدَّثنا محمّد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس بن رُمانة الأشعري وسعدان بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسيني بن عبد الملك ومحمّد بن أحمد بن الحسن القطواني، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن ثابت، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي (عليه السلام) يقول:
والله ليملكن رجل منّا أهل البيت ثلاثمائة سنة وثلاث عشرة سنة ويزداد تسعاً قال: فقلت له: ومتى يكون ذلك؟ قال: بعد موت القائم (عليه السلام)، قلت له: كَم يقوم القائم (عليه السلام) في عالَمه حتّى يموت؟ قال: تسع هشرة سنة من يوم قيامه إلى يوم موته).
(علي بن أحمد البندنيجي، عن عبد الله بن موسى العلوي، عن بعض رجاله، عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن عمير بن أبي شُعبة الحلبي، عن حمزة بن حمران، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إنَّ القائم (عليه السلام) يملك تسع عشرة سنة وأشهر).(91)
1 - سبع سنين يكون سبعين سنة من سنيكم هذه.
2 - تسع عشرة سنة.
3 - تسع عشرة سنة وأشهر، هذا ما جاء في غيبة الطوسي والنعماني.
في مقدار ملكه بعد ظهوره (عليه السلام)(92)
(عن أبي سعيد الخدري قال: خشينا أن يكون بعد نبيّنا حدث، فسألنا نبي الله (صلى الله عليه وآله) فقال:
إنَّ في أُمّتي المهدي يخرج يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً، زيد الشاك قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: سنين، قال: فيجي إليه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله).
قال الحاظ الترمذي: حديث حسن وقد روى من غير وجه أبي سعيد عن النَّبي (صلى الله عليه وآله).
(وعن أبي سعيد أنَّ النَّبي (صلى الله عليه وآله) قال:
يكون في أُمّتي المهدي إن قَصُر فسبع وإلاّ فتسع، تنعم فيه أُمّتي نعمة لم ينعموا مثلها قط، تؤتي الأرض أُكلها ولا تدخر منهم شيئاً، والمال يومئذ كدوس، يقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني، فيقول: خذه).
(وعن أُمِّ سلمة زوج النَّبي (صلى الله عليه وآله) قالت: قال (صلى الله عليه وآله):
يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكّة، فيأتيه ناس من أهل مكّة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث الشام، فتخسف بهم البيداء بين مكّة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه، ثمَّ ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثاً فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب والخيبة لمَن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال ويعمل في الناس بسُنّة نبيّهم (صلى الله عليه وآله) ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، فيلبث سبع سنين ثمَّ يتوفى ويُصلّي عليه المسلمون، قال أبو داود: قال بعضهم عن هشام: تسع سنين، وقال بعضهم: سبع سنين، وعن قُتادة بهذا الحديث وقال: تسع سنين، قال أبو داود وقال غير معاذ عن هشام تسع سنين قال هذا سياق الحافظ كالترمذي وابن ماجة القزويني وأبي داود).
(وروى عبد الكريم الخثعمي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كَم يملك القائم؟ قال: سبع سنين، تطول له الأيّام والليالي حتّى تكون السنة من سنيه مكان عشر سنين من سنيكم هذه، فيكون ملكه سبعين سنة من سنيكم هذه، وإذا...
ويكث على ذلك سبع سنين من سنيكم هذه، ثمَّ يفعل الله ما يشاء، قال قلت له: جعلت فداك، وكيف تطول السنون؟ قال:
يأمر الله تعالى الفلك بالثبوت وقلّة الحركة، فتطول الأيّام لذلك والسنون.
قال: قلت: إنَّهم يقولون: إنَّ الفلك إن تغيَّر فَسَد؟ قال:
وذلك قوم الزنادقة، فأمّا المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك وقد شق الله القمر لنبيّه، وردّ الشمس من قبله ليوشع بن نون، وأخبر بطول يوم القيامة وإنَّه:
(كألفِ سَنَة مِمّا تَعُدّونَ)).(93)
(وقد روي: أنَّ مدّة دولة القائم (عليه السلام) تسع عشر سنة، تطول أيّامها وشهورها على ما تقدَّم ذكره.
وروي أيضاً: أنَّه (عليه السلام) يملك ثلاثمائة وتسع سنين، قد ما لبث أصحاب الكهف في كهفهم، وهذا أمر مغيّب عنّا، والله أعلم بحقيقة ذلك).(94)
(الباب 175)
هذا ما ذكره نعيم: أنَّ ملك المهدي أربعون عاماً
(حدَّثنا نعيم، حدَّثنا الحكم بن نافع، عن جرّاح، عن أرطأة قال: يبقى المهدي (عليه السلام) أربعين عاماً).(95)
(وروى نعيم في حديث آخر عن ضمرة بن حبيب: أنَّ حياة المهدي (عليه السلام)ثلاثون سنة).
الباب (176)
فيما ذكره نعيم: أنَّ ملك المهدي سبع سنين أو ثمان أو تسع:
(حدَّثنا نعيم، حدَّنا أبو معاوية عن موسى الجهني، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، عن النَّبي (صلى الله عليه وآله) قال:
المهدي يعيش في ذلك - يعني بعدما يملك - سبع سنين أو ثمان أو تسع).
(الباب 117)
فيما ذكره نعيم: من أنَّ ملك المهدي سبع سنين
(حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الرزاق بن معمر عن أبي هارون عن معاوية بن قرة عن أبي الصدّيق عن أبي سعيد عن النَّبي (صلى الله عليه وآله) مثله.
قال معمر: وقال قتادة: بلغني أنَّ النَّبى (صلى الله عليه وآله) قال:
يعيش في ذلك سبع سنين).
(الباب 178)
فيما ذكره نعيم: أنَّه يعيش سبعاً أو تسعاً
(حدَّثنا نعيم، حدَّثنا المعتمرين سليمان عن القاسم بن الفضل المراغي عن رجل من أهل هجر عن أبي الصديق عن أبي سعيد الخدري، عن النَّبي (صلى الله عليه وآله) قال:
يعيش سبعاً أو تسعاً).
وروى عدّة أحاديث مختلفة الأسناد: أنَّ مدة ولايته سبع سنين.
(حدَّثنا نعيم حدَّثنا محمّد بن مروان العجلي عن عمارة بن حفصة، عن زيد العميّ، عن أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
يكون المهدي في أُمّتي إن قَصُر فسبع، وإلاّ فثمان أو تسع).(96)
(عن زيد بن وهب الجهني، عن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام) قال:
يبعث الله رجلاً في آخر الزمان، وكلب من الدهر وجهل من الناس يؤيّده الله بملائكته ويعصم أنصاره وينصره بآياته، ويظهره على الأرض، حتّى يدينوا طوعاً أو كرهاً يملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً وبرهاناً يدين له عرض البلاد لا يبقى كافر إلاّ آمن، ولا طالح إلاّ صلح، وتصطلح في ملكه السباع، وتخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء بركتها، وتظهر له الكنوز، يملك ما بين الخافقين، أربعين عاماً، فطوبى لمَن أدرك أيّامه وسمع كلامه).
بيان
الأخبار المختلفة الواردة في أيّام ملكه (عليه السلام) بعضها محمول على جميع مدّة ملكه، وبعضها على زمان استقرار دولته، وبعضها على حساب ما عندنا من السنين والشهور، وبعضها على سنيه وشهوره الطويلة والله يعلم.(97)
(عن أبي سعيد الخدري قال: خشينا أن يكون بعد نبيّنا حدث فسألنا نبيَّ الله (صلى الله عليه وآله) فقال:
إنَّ في أُمَّتي المهدي (عجّل الله فرجه) يخرج يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً، زيد الشاك قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: سنين).(98)
(عن أبي سعيد الخدري أنَّ النَّبي (صلى الله عليه وآله) قال:
يكون في أُمَّتي المهدي (عجّل الله فرجه) إن قصر فسبع وإلاّ فتسع، تنعم فيه أُمّتي نعمة لم ينعموا مثلها قط).(99)
(حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الله بن مروان، حدَّثنا الهيثم بن عبد الرحمن عن علي قال: يلي المهدي الناس أربعين سنة.
رواه الحافظ أبو نعيم في مناقب المهدي عن الطبراني وجميع طرقه، وفي رواية عن جراح عن أرطأة قال:
المهدي ابن ستين سنة ويبقى أربعين عاماً).(100)
وهنا:
1 - خمساً أو سبعاً أو تسعاً.
2 - سبع وإلاّ فتسع.
3 - أربعين عاماً.
5 - ثلاثون سنة.
في مدّة خلافته وسلطنته بعد ظهوره (وفيه 18 حديثاً)
1 - غيبة الشيخ - الفضل بن شاذان عن عبد الله بن القاسم الحضرمي عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كَم يمكث القائم؟ قال:
سبع سنين يكون سبعين سنة من سنيكم هذه).
2 - منن الرحمن - (ج 2، ص: 42)عن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام) قال:
يبعث الله رجلاً في آخر الزمان، وكلب من الدهر وجهل من الناس يؤيّده الله بملائكة ويعصم أنصاره، وينصره بآياته، ويظهره على أهل الأرض حتّى يدينوا طوعاً أو كرهاً، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها، لا يبقى كافر إلاّ آمَن، ولا طالح إلاّ صلح، وتصطلح في ملكه السباع، وتخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء بركتها، وتظهر له الكنوز، يملك ما بين الخافقين أربعين عاماً فطوبى لمَن أدرك أيّامه وسمع كلامه)، ورواه في المجالس السنية إلى قوله: (وتظهر له الكنوز)، ورواه في البحار عن الاحتجاج عن زيد بن وهب عن الحسن (عليه السلام).
3 - البيان في أخبار صاحب الزمان (عليه السلام) - بسنده عن الهيثم بن عبد الرحمن عن علي قال:
يلي المهدي (عليه السلام) الناس أربعين سنة، وفي منتخب كنز العمال (ص: 64) عن علي قال:
يلي المهدي أمر الناس ثلاين سنة، أو أربعين، أخرجه عن نعيم وروى في البرهان في علامات مهدي آخر الزمان (ب 10) مثل ما روى في منتخب كنز العمال.
4 - أعيان الشيعة - كتاب فضل الكوفة لمحمّد بن علي العلوي عن ابن سعيد الخدري، عن النَّبي (صلى الله عليه وآله):
يملك المهدي أمر الناس سبعاً أو عشراً، أسعد الناس به أهل الكوفة.
5 - إسعاف الراغبين - (ص: 140و 141) في الباب الثاني وفي بعض الآثار أنَّه يخرج في وتر من السنين سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع وأنَّه بعد أن تُعقد له البيعة بمكّة يسير منها إلى الكوفة ثمَّ يفرق الجنود إلى الأمصار وأنَّ السنة من سنيه تكون مقدار عشر سنين (إلى أن قال) وجاء في رواية أُخرى زيادة مدَّته على ما ذكر، ففي رواية أنَّها أربعون سنة، وفي رواية إحدى وعشرين سنة، وفي رواية أربع عشرة سنة، ثمَّ ذكر كلام ابن حجر في رسالته القول المختصر في علامات المهدي المنتظر في إمكان الجمع بين الروايات على تقدير صحة الجميع بأنَّ ملكه متفاوت الظهور والقوّة فالأربعون مثلاً باعتبار جملة ملكه والسبع ونحوها باعتبار غاية ظهور ملكه وقوته، والعشرون ونحوها باعتبار أمر الوسط، وقال العلامة المجلسي (رحمه الله) في البحار: الأخبار المختلفة الواردة في أيّام ملكه (عليه السلام)بعضها محمول على جميع ملكه، وبعضها على زمان استقرار دولته، وبعضها على سنيّه وشهوره الطويلة، انتهى ولعلَّ السرّ في اختلاف الأخبار عدم إرادة بيانها على سبيل القطع والجزم.
ويدل عليه من الفصل الثاني في الباب الأول (ح 4، 7، 12، 13، 14، 18، 102) وفي الباب الثالث (ح 8) وفي الباب الرابع (ح 1، 3) وفي الباب الخامس والأربعين (ح 3) ومن الفصل السابع في الباب الرابع (ح 1، 2).(101)
لا يخفى أنَّ مدّة مُلكه تبيّنت، وإنَّها؛ إمّا واحدة من هذه المذكورات، (سبع أو ثمان أو تسع) أو أنَّها أكثر بقليل، والله أعلم بما يختار.
والله تعالى نسأل تعجيل الفرج:
اللَّهمَّ صلِّ على محمّد وآلِ محمّد وعجِّل لوليّك الفرج والعافية والنصر، وصلّى الله على محمّد وآله.
صفة القائم (عليه السلام)
(سعد بن عبد الله عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:
سأل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ فقال: أمّا اسمه فإنَّ حبيبي شهد إليَّ أن لا أُحدِّث باسمه حتّى يبعثه الله، قال: فأخبرني عن صفته؟ قال:
هو شاب مربوع، حسن الوجه، حسن الشعر، يسيل شعره على منكبيه، ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، بأبي ابن خيرة الإماء).(102)
(الثمرة الأُولى في شمائله وأوصافه في العلوي أبيض مشرب حمرة عن الصادق (عليه السلام) أسمر يعتوره مع سمرته صفرة من سهر الليل عن أهل السُنّة لونه لون عربي وجسمه جسم إسرائيلي في طول القامة وعظم الجثة وفي العلوي شاب مربوع في النبوي أجلى الجبينين وعن الصادق (عليه السلام) مقرون الحاجبين أقنى الأنف وعن العلوي حسن الوجه ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، وعن النّبي (صلى الله عليه وآله) وجهه كالدينار على خدّه الأيمن خال كأنَّه كوكب دُرّي وعن علي (عليه السلام) أفلج الثنايا حسن الشعر يسيل شعره على منكبيه وفي خبر سعد بن عبد الله وعلى رأسه فرق بين وفرتين كأنَّه ألف بين واوين، وعن الباقر (عليه السلام) مشرف الحاجبين غاير العينين بوجهه أثر.
وعن الصادق (عليه السلام) شامة في رأسه منتدح البطن، وعن علي (عليه السلام) مبدح البطن وأيضاً عنه (عليه السلام) ضخيم البطن وكلّها متقاربة وعن الباقر (عليه السلام) واسع الصدر مسترسل المنكبين عريض ما بينهما وعنه أيضاً عريض ما بين المنكبين وعن الصادق (عليه السلام)بعيد ما بين المنكبين وعن علي (عليه السلام) عظيم مشاش المنكبين بظهره شامتان على لون جلده وشامة على شبه شامة النّبي (صلى الله عليه وآله) وعن علي (عليه السلام) كثّ اللحية أكحل العينين برّاق الثنايا في وجهه خال في كتفه علائم بنبوة النّبي (صلى الله عليه وآله) عريض الفخذين وعنه (عليه السلام) أذيل الفخذين على فخذه اليمنى شامة وعن الصادق (عليه السلام) أحمش الساقين وعن الصادق (عليه السلام) والباقر (عليه السلام) شامة بين كتفيه من جانبه الأيسر تحت كتفيه ورقة مثل الآس وعن النّبي (صلى الله عليه وآله) أسنانه كمنشار وسيفه كحريق النار.
وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً كأنَّ وجهه كوكب دُرّي في خدّه الأيمن خال أسود أفرق الثنايا وعنه (صلى الله عليه وآله) المهدي طاووس أهل الجنّة وجهه كالقمر الدُّري عليه جلابيب النور وعن الرضا (عليه السلام) عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس وعن علي بن إبراهيم بن مهزيار كأقحوانة وأرجوان قد تكاثف عليها الندى وأصابها ألم الهوى كغصن بان أو كقضيب ريحان ليس بالطول الشامخ ولا بالقصير اللازق مربوع القامة مدور الهامة صبلت الجبين أزج الحاجبين أقنى سهل الخدين على خدّه الأيمن خال كأنَّه فتاة مسك على رضاضة عنبر وفي خبر آخر عنه رأيت وجهاً مثل فقلة قمر لا بالخرق ولا بالنزق أدعج العينين وفي خبر آخر واضح الجبين أبيض الوجه دُري المقلتين شثن الكفين معطوف الركبتين وفي خبر إبراهيم بن مهزيار ناصع اللون واضح الجبين أبلج الحاجب مسنون الخد إن شاء الله).(103)
(ثمَّ رجع إلى صفة المهدي (عليه السلام) فقال: أوسعكم كهفاً وأكثركم عالماً وأوصلكم رحماً اللَّهمَّ فاجعل بعثته خروجاً من الغمة واجمع به شمل الأُمّة فإن خارَ لك فاغرم ولا تنثر عنه إن وفقت له ولا تحزن عنه إن هديت إليه هاد وأومأ بيده إلى صدره شوقاً إلى رؤيته).
علي بن أحمد قال: حدَّثنا عبد الله بن موسى العلوي عن بعض رجاله عن إبراهيم بن الحسين عن ظهير بن إسماعيل بن عياش عن الأعمش عن أبي وائل قال: نظر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) إلى الحسين (عليه السلام) فقال:
إنَّ ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيّداً وسيخرج الله من صُلبه رجلاً باسم نبيّكم يشبهه في الخلق والخُلق يخرج على حين غفلة من الناس وإماتة الحق وإظهاراً للجور والله لو لم يخرج لضربت عنقه يفرح بخروجه أهل السماوات وسُكّانها وهو رجل جلي الجبين أقنى الأنف ضخم البطن أذيل الفخذين بفخذه اليمنى شامة أفلج الثنايا ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً.
(حدَّثنا أبو سليمان أحمد بن هُوذه قال: حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: قال: حدَّثنا عبد الله بن حمّاد الأنصاري قال: حدَّثنا عبد الله بن بكير عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر الباقر (عليه السلام): جعلت فداك إنّي قد دخلت المدينة وفي حقوي هميان فيه ألف دينار وقد أعطيت الله عهداً أنّني أنفقها ببابك ديناراً ديناراً أو تجيبني فيما أسألك عنه، فقال يا حمران: سل تُجب ولا تُبعض دنانيرك، فقلت: سألتك بقرابتك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنت صاحب هذا الأمر والقائم به؟ قال:لا، قلت: فمَن هو بأبي أنت وأُمّي؟ فقال:
ذاك المشرب حمرة الغائر العينين المشرف الحاجبين عريض ما بين المنكبين برأسه حزاز وبوجهه أثر رحم الله موسى).
(حدَّثنا عبد الواحد بن عبد الله قال: حدَّثنا أحمد بن محمّد بن رياح الزهري قال: حدَّثنا أحمد بن علي الحميري قال: حدَّثني الحسن بن أيّوب عن عبد الكريم بن عمرو الخفعمي عن إسحاق بن جرير عن محمّد بن زرارة عن حمران بن أعين قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) فقلت له: أنت القائم؟ فقال: قد ولدني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنّي للطالب بالدم ويفعل الله ما يشاء ثمَّ أعدت عليه، فقال: قد عرفت حيث يذهب صاحبك المدمج البطن ثمَّ الحزاز برأسه ابن الأصلع رحم الله فلاناً).
(حدَّثنا عبد الواحد بن عبد الله قال: حدَّثنا أحمد بن محمّد بن رياح الزهري قال: حدَّثنا أحمد بن علي الحميري قال: حدَّثنا الحسن بن أيّوب عن عبد الله الخثعمي قال: حدَّثني محمّد بن عصام قال: حدَّثني وهب بن حفص عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) أو أبو عبد الله (عليه السلام): الشك من ابن عصام يا أبا محمّد بالقائم علامتان شامة في رأسه وداء الحزاز برأسه وشامة بين كتفيه من جانبه الأيسر تحت كتفه الأيسر ورقة مثل ورقة الآس ابن سَبيه وابن خيرة الإماء).
وصف دقيق في العين والخد والرأس والفخذ وبين الكتفين، تحت الكتف الأيسر كل هذا وهناك من يُكذّب على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله)، وينكر المهدي، ولا يخفى إنكار المهدي إنكار لإمامة، وإنكار الإمامة إنكار للنبوة، وإنكار النبوة يعني إنكار الله جلَّ شأنه وعظم أمره.
(وروى محمّد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام)، عن جدّه (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على المنبر:
يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان، أبيض مشرب حمرة، مبدح البطن، عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان: شامة على لون جلده، وشامة على لون شامة النّبي (صلى الله عليه وآله)، له اسمان: اسم يُخفى واسم يُعلن، فأمّا الذي يُخفى فأحمد، وأمّا الذي يُعلن فمحمّد، فإذا هزَّ رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع يده على رؤوس العباد فلا يبقى مؤمن إلاّ صار قلبه أشد من زُبر الحديد، وأعطاه الله عزَّ وجلّ قوّة أربعين رجلاً، ولا يبقى ميّت إلاّ دخلت عليه تلك الفرحة في قبره، فهم يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم (عليه السلام)).(104)
(وروى أبو الصلت الهروي قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما علامة القائم منكم إذا خرج؟ فقال:
علامة أن يكون شيخ السن، شاب المنظر، حتّى أنَّ الناظر إليه ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها، وإنَّ من علاماته أن لا يهرم بمرور الأيّام والليالي عليه حتّى يأتي أجله).(105)
الباب السابع عشر
(في ذكر صفة المهدي ولونه وجسمه وقد تقدّم مرسلاً عن حذيفة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
المهدي رجلاً من ولدي وجهه كالكوكب الدُري اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً يرضى في خلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجو يملك عشر سنين، قلت: هذا حديث حسن رُزقناه عالياً بحمد الله عن جم غفير من الأصحاب وسنده معروف عندنا).
(قال: المهدي من ولدي ابن أربعين سنة كأنَّ وجهه كوكب دُري في خدّه الأيمن خال أسود عليه عبائتان قطوانيتان كأنَّه من رجال بني إسرائيل يملك عشرين سنة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
ليبعثن من عترتي رجلاً أفرق الثنايا أجلى الجبهة).(106)
(أخرج الروياني والطبراني وغيرهما عنه (صلى الله عليه وآله):
المهدي من ولدي وجهه كالكوكب الدُري اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي، وجهه كالقمر الدُري، أبيض اللون مشرب بالحمرة، مندح البطن، عريض الفخذين، عظيم مشاب المنكبين، بظهره شامتان، شامة على لون جلده وشامته على شبه شامة النّبي (صلى الله عليه وآله)، ...المهدي منّي أجلى الجبهة أقنى الأنف، هو شاب مربوع حسن الوجه، يسيل شعره على منكبه، يعلو نور وجهه سواد شعر لحيته ورأسه، شاب أكحل العينين أزج الحاجبين أقنى الأنف كث اللحية على خدّه الأيمن خال وعلى يده اليمنى خال).(107)
ما روي في أمر المهدي (عليه السلام)
الأوَّل: (عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، عن النَّبي (صلى الله عليه وآله) أنَّه قال:
يكون من أُمّتي المهدي يكون عمره فسبع سنين وإلاّ فثمان وإلاّ فتسع تتنعم أُمّتي في زمانه نعيماً لم يتنعموا مثله قط البر والفاجر يرسل الله السماء عليهم مدراراً ولا تدخر الأرض شيئاً من نباتها).
الثاني: (في ذكر المهدي (عليه السلام) وأنَّه من عترة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وعن أبي سعيد الخدري، عن الرسول (صلى الله عليه وآله) أنَّه قال:
تملأ الأرض ظلماً وجوراً، فيقوم رجل من عترتي فيملأها قسطاً وعدلاً، يملك سبعاً أو تسعاً).
الثالث: (وعنه قال: قال النّبي (صلى الله عليه وآله):
لا تنقضي الساعة حتّى يملك الأرض رجل من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت قبله جوراً، يملك سبع سنين).
الرابع: (في قوله لفاطمة (عليها السلام): المهدي من ولدك، عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام) أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة (عليها السلام): المهدي من ولدك).
الخامس: (قوله (صلى الله عليه وآله):
إنَّ منهما مهدي هذه الأُمّة يعني الحسن والحسين (عليهم السلام)، عن علي بن هلال عن أبيه قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في الحالة التي قبض فيها فإذا فاطمة عند رأسه فبكت حتّى ارتفع صوتها فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليها رأسه وقال:
حبيبتي فاطمة ما الذي يُبكيكِ؟ قالت: أخشى الضيعة من بعدك، فقال: يا حبيبتي أما علمتِ أنَّ الله عزَّ وجلّ اطلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته، ثمَّ اطلع اطلاعة فاختار منها بعلك وأوحى إلى أن أنكحك إيّاه، يا فاطمة ونحن أهل قد أعطانا الله عزَّ وجلّ سب خصال لم يُعطِ أحداً بعدنا أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على الله عزَّ وجلّ وأحبّ المخلوقين إلى الله عزَّ وجلّ وأنا أبوكِ ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله عزَّ وجلّ هو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وأحبهم إلى الله عزَّ وجلّ وهو حمزة بن عبد المطلب عم أبيك وعم بعلك؛ ومنّا من له جناحان يطير في الجنّة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك، ومنّا سبطا هذه الأُمَّة وهما إبناك الحسن والحسين، وهما سيدا شباب أهل الجنّة وأبوهما، والذي بعثني بالحق - خير منهما يا فاطمة والذي بعثني بالحق إنَّ منهما مهدي هذه الأُمَّة إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن، وانقطعت السُبُل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوقر كبيراً، فيبعث في آخر الزمان، كما قُمت به في أوَّل الزمان ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً يا فاطمة لا تحزني ولا تبكي فإنَّ الله عزَّ وجلّ أرحم بك وأرأف عليكِ منّي، وذلك لمكانكِ منّي وموقعكِ من قلبي، وقد زوجك الله زوجكِ وهو أعظمهم حسباً، وأكرمهم منصباً، وأرحمهم بالرعية، وأعدلهم بالسوية، وأبصرهم بالقضية، وقد سألت ربّي عزَّ وجلّ أن تكوني أوَّل مَن يلحقني من أهل بيتي.
قال علي (عليه السلام): فلمّا قبض النَّبي (صلى الله عليه وآله) لم تبقَ فاطمة (عليها السلام) بعده إلاّ خمسة وسبعين يوماً ألحقها الله به.
السادس: (في أنَّ المهدي (عليه السلام) هو الحسيني) بإسناده عن حذيفة (رضي الله عنه) قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فذكرنا ما هو كائن ثمَّ قال:
لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله عزَّ وجلّ ذلك اليوم حتّى يبعث رجلاً من ولدي اسمه اسمي، فقام سلمان (رضي الله عنه) فقال: يا رسول الله من أي ولدك هو؟ قال:
من ولدي هذا - وضرب بيده على الحسين (عليه السلام).
السابع: (القرية التي يخرج منها المهدي (عليه السلام)) بإسناده عن عبد الله بن عمر (رضي الله عنه)قال: قال النَّبي (صلى الله عليه وآله):
يخرج المهدي من قرية يُقال لها (كرعة).
الثامن: (في صفة وجه المهدي (عليه السلام)) بإسناده عن حذيفة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدُري.
التاسع: (في صفة لونه وجسمه) بإسناده عن حذيفة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي، وجسمه جسم إسرائيلي، على خدّه الأيمن خال، كأنَّه كوكب دُري، يملأ الأرض عدلاً كما نُلئت جوراً يرضى في خلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجو.
العاشر: (في صفة جبينه) بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المهدي منّا أجلى الجبين، أقنى الأنف.
الحادي عشر: (في صفة أنفه) بإسناده عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، عن النَّبي (صلى الله عليه وآله) أنَّه قال:
المهدي منّا أهل البيت رجل من أُمّتي أثم الأنف يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً.
الثاني عشر: (في خاله على خدّه الأيمن) وبإسناده عن أبي إمامة الباهلي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
بينكم وبين الروم أربع هُدن يوم الرابعة على يد رجل من آل هرقل، يدوم سبع سنين، فقال له رجل من عبد القيس، يقال له المستورد بن قيلان: يا رسول الله مَن إمام الناس يومئذ؟ قال:
المهدي من ولدي ابن أربعين سنة كأنَّ وجهه كوكب دُري في خدّه الأيمن خال أسود عليه عباءتان قطوانيتان كأنَّه من رجال بني إسرائيل، يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك).
الثالث عشر: (قوله (عليه السلام): المهدي أفرق الثنايا) بإسناده عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذكر الدَّجال، وقال:
فتنفى المدينة الخبث كما ينقي الكير خبث الحديد، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص، فقلت أُم شريك: فأين العرب يومئذ يا رسول الله؟ قال:
هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس، إمامهم المهدي رجل صالح).(108)
خروج المهدي (عليه السلام) آخر الزمان
السادس والعشرون: (في مجيئه وراياته) وبإسناده عن ثوبان أنَّه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إذا رأيتم الرايات السُّود قد أقبلت من خراسان فأتوها ولو حَبواً على الثلج، فإنَّ فيها خليفة الله المهدي.
السابع والعشرون: (في مجيئه من قبل المشرق) وبإسناده عن عبد الله بن عمر (رضي الله عنه) قال: بينا نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ أقبلت فتية من بني هاشم؛ فلمّا رآهم النَّبي (صلى الله عليه وآله) إغرورقت عيناه وتغيّر لونه، فقلوا: يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:
إنّا أهل بيت إختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءاً وتشريداً وتطريداً حتّى يأتي قوم من قبل المشرق ومعهم رايات سود، فيسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون وينصرون فيعطون ما سألوا، فلا يقبلون حتّى يدفعوه إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطاً كما ملؤها جوراً، فمَن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبواً على الثلج.
لله دَرُّ هذه الرايات ما أعظم شأنها، وما أعظم هذا الأمر الموجّه: (فأتوها ولو حَبواً على الثلج) إنَّ فيها الحسيني، إنَّ فيها شُعيب بن صالح التميمي، إنَّ فيها فرج آل البيت (عليهم السلام)، إنَّ فيها فرج الناس، إنَّ فيها زوال الطفاة والجبابرة، إنَّ فيها قيام دولة الحق، دولة المهدي الموعود، إنَّ فيها يظهر الحق، ويزهق الباطل، إنَّ الباطل كان زهوقاً.
إنَّ ما أصاب أهل البيت وشيعة أهل البيت لو أصابت جبال همالايا لأزالته ملكن الحق يعلو ولا يُعلى عليه.
الثامن والعشرون: (في مجيئه وعود الإسلام به عزيزاً) وبإسناده عن حُذيفة (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
ويح هذه الأُمّة من ملوك جبابرة، كيف يقتلون ويخيفون المطيعين، إلاّ مَن أظهر طاعتهم فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه ويفر منهم بقلبه، فإذا أراد الله عزَّ وجلّ أن يعيد الإسلام عزيزاً قصم كل جبار عنيد، وهو القادر على ما يشاء أن يصلح أُمّة بعد فسادها، فقال (صلى الله عليه وآله):
يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يملك رجل من أهل بيتي، تجري الملاحم على يديه، ويظهر الإسلام لا يخلف وعده وهو سريع الحساب.
إنَّ الملوك الجبابرة جاءوا على الأشلاء والجماجم والدماء، وذهبوا بأتعس حال، وبقيت لعنة الأجيال تُلاحقهم في قبورهم، وفي هذه الأيّام جبابرة البعث الذين لم يتركوا وسيلة للتعذيب والقتل إلاّ ابتدعوها:
1 - القتل بالرصاص، 2 - القتل بالحراب، 3 - القتل بالكهرباء، 4 - القتل بأحواض التيزاب، 5 - القتل بأن يسقو المؤمن (البانزين) ثمَّ ضربة بالإطلاقات، 6 - دفن المؤمن حيّاً، 7 - تقطيع أعضاء المؤمن (سبل العين، وقطع اللسان، وقطع الأُذن، والأيدي والأرجُل)، 8 - إلقاء المؤمن من شاهق، 9 - إلقاء المؤمن في الأنهار، ليموت غرقاً، 10 - قتل المؤمن جوعاً، 11 - قتل المؤمن بالغازات السامّة وإجراء التجارب للأسلحة الممنوعة عليه، 12 - سحب المؤمن بالسيارات حتّى الموت، 13 - قتل أطفال المومن بمحضر منه، وإتيان الفجور بأهله، 14 - أخذ أموال المؤمن ليموت كمداً، و...
التاسع والعشرون: (في تنعم الأُمّة في زمن المهدي (عليه السلام)) وبإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النَّبي (صلى الله عليه وآله) قال:
تنعم أُمّتي في زمن المهدي نعمة لم يتنعموا مثلها قط، يرسل الله السماء عليهم مدراراً، ولا تدع الأرض شيئاً من نباتها إلاّ أخرجته).(109)
إنَّ ما عاناه المؤمن قبل ظهوره وقيامه وخروجه، لعلَّ الله يُجازيه (تتنعم أُمّتي في زمن المهدي نعمة لم يتنعموا مثلها قط) والله على كلِّ شيء قدير، فإذا ظهر بَنى مسجداً، وحفر نهراً وسار بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهدى الناس إلى أمر قد دُثر وضل عنه الجمهور، يقوم بالحق، ويقتل أعداء الله ويهدم المسجد الحرام حتّى يرده على أساسه وحول المقام إلى موضعه الذي كان فيه، ويعمل كل ما من شأنه رضى الله تعالى.
(وروى محمّد بن عجلان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إذا قام القائم دعا الناس إلى الإسلام جديداً، وهداهم إلى أمر قد دُثر وضل عنه الجمهور، وإنَّما سُمّي المهدي مهديّاً لأنَّه يهدي إلى أمر قد ضلّوا عنه، وسُمّي بالقائم لقيامه بالحق)(110)، وهذا الذي أغاض ويُغيض، فكيف يرضون ما بنوه عبر القرون يُهدم على هذه العُجالة، وتُضرب مصالحهم وتخرج الإمرة من أيديهم؟
(في ذكر خروج المهدي (عليه السلام)، عن قيس بن جابر الصدقي، عن أبيه، عن جدّه، أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:
سيكون بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء أُمراء ومن بعد الأُمراء ملوك جبابرة ثمَّ يخرج المهدي من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً ثمَّ يؤمر القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه)، قلت: هكذا رواه أبو نعيم في فرائده والطبراني في معجمه الأكبر.(111)
صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم:
1 - الخلفاء الراشدون، 2 - أُمراء أُميّة وبنو العباس، 3 - ملوك جبابرة في زماننا...
نسأله تعالى أن يُعجِّل في فرج وليه الحجّة المهدي المنتظر (عليه السلام)، وأن يقف القاري العزيز:
على الحقيقة قبل وقوعها، ويَومها لا ينفع الندم ولا تنفع الحسرة، فما أكثر الدلائل التي وردت عن النَّبي (صلى الله عليه وآله)، وعن الأئمة الهداة الميامين، وما أقل الإتعاظ في الإعتراف بما جاء عنهم.
نزول عيسى (عليه السلام) وصلاته خلف المهدي (عليه السلام)
1 - ينابيع المودّة - (ص: 422) عن كتاب المحجّة، عن محمّد بن مسلم، عن محمّد الباقر (رحمه الله) في قوله:
(وإنَّ مِنْ أهل الكِتاب إلاّ لَيؤمِنُنَّ بِهِ قَبلَ مَوتِهِ ويَوم القيامَة يَكون عَلَيهِم شهيداً)، قال: إنَّ عيسى (عليه السلام) ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملّة ولا غيره إلاّ آمنوا به قبل موتهم، ويُصلّي عيسى (عليه السلام) خلف المهدي (عليه السلام).
2 - تذكرة الخواص - (ص: 377) قال السدي: يجتمع المهدي وعيسى بن مريم فيجي وقت الصلاة فيقول المهدي لعيسى: تقدَّم، فيقول عيسى: أنتَ أولى بالصلاة، فيُصلّي عيسى وراءه مأموماً.
3 - صحيح مسلم - (ج 1، ص: 63، ط مصر، سنة 1348 ق) في كتاب الإيمان في باب نزول عيسى بن مريم (عليه السلام)، حدَّثنا الوليد بن شجاع وهرون بن عبد الله وحجّاج بن شاعر قالوا: حدَّثنا حجّاج، وهو ابن محمّد عن ابن جريح قال: أخبرني أبو الزبير أنَّه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت النَّبي (صلى الله عليه وآله) يقول:
لا تزال طائفة من أُمّتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) فيقول أميرهم: تعال صلِّ لنا فيقول: لا، إنَّ بعضكم على بعض أُمراء تكرمة الله هذه الأُمة.
وقد روى حديث نزول عيسى (عليه السلام) كما في مفتاح كنوز السُنّة، البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة وأحمد وأبي داود والطيالسي في روايات متعددة.(112)
(عن منصور، عن حذيفة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
فيلتفت المهدي وقد نزل عيسى (عليه السلام) كأنَّما يقطر من شعره الماء، فيقول المهدي (عليه السلام): تقدَّم صلِّ بالناس، فيقول عيسى (عليه السلام): إنَّما أُقيمت الصلاة لك، فيُصلّي عيسى خلف رجل من ولدي).
(منّا الذي يُصلّي عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه).(113)
الباب السابع
(في بيان أنَّه يُصلّي بعيسى (عليه السلام) قال أبو هريرة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟)، قلت: هذا حديث حسن صحيح متفق على صحته من حديث محمّد بن شهاب الزهري رواه البخاري ومسلم في صحيحهما كما أخرجناه.(114)
(وعن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
لا تزال طائفة من أُمّتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) فيقول أميرهم: تعالى صلِّ بنا، فيقول: ألا إنَّ بعضكم على بعض أُمراء تكرمة من الله لهذه الأُمّة)، قال: هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه وإن كان الحديث المتقدِّم قد أُوِّل فهذا لا يُمكن تأوله لأنَّه صريح فإنَّ عيسى (عليه السلام) يقدِّم أمير المسلمين وهو يومئذ المهدي (عليه السلام)، فعلى هذا يبطل تأويل من قال معناه: وإمامكم منكم أي يؤمكم بكتابكم.
قال: فإن سأل سائل وقال: مع صحة هذه الأحاديث وهي أنَّ عيسى (عليه السلام) يُصلّي خلف المهدي (عليه السلام) ويجاهد بين يديه، وإنَّه يقتل الدَّجال بين يدي المهدي (عليه السلام)، ورتبة المتقدِّم في الصلاة معروفة، وكذلك رتبة المتقدِّم للجهاد، وهذه الأخبار ممّا تثبت طرقها وصحتها عند السنة وكذلك ترويها الشيعة على السواء، وهذا هو الإجماع من كافة أهل الإسلام، إذ ماعدا الشيعة والسُنّة من الفرق فقوله ساقط مردود وحشو مطروح، فثبت أنَّ هذا إجماع كافة أهل الإسلام، ومع ثبوت الإجماع على ذلك وصحته فأيما أفضل: الإمام أو المأموم في الصلاة والجهاد معاً؟
والجواب عن ذلك أن نقول:
هما قدوتان نبي وإمام، وإن كان أحدهما قدوة لصاحبه في حال اجتماعهما وهو الإمام يكون قدوة للنَّبي في تلك الحال وليس فيهما من تأخذه في الله لومة لائم، وهما أيضاً معصومان من ارتكاب القبائح كافة والمداهنة والرياء والنفاق، ولا يدعو الداعي لأحدهما إلى فعل ما يكون خارجاً عن حكم الشريعة، ولا مخالفاً لمراد الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) وإذا كان الأمر كذلك فالإمام أفضل من المأموم لموضع ورود الشريعة المحمدية بذلك، بدليل قول النَّبي (صلى الله عليه وآله) يؤم القوم أقرأهم فإن استووا فأصبحهم وجهاً، فإن استووا فأفقههم، فإن استووا فأقدمهم هجرة، فلو علم الإمام أنَّ عيسى (عليه السلام) أفضل منه لما جاز له أن يتقدَّم عليه لاحكامه علم الشريعة، ولموضع تنزيه الله تعالى له عن ارتكاب كل مكروه؛ كذلك لو علم عيسى (عليه السلام) أنَّه أفضل منه لما جاز له أن يقتدي به لموضع تنزيه الله له من الرياء والنفاق والمحاباة، بل لما تحقق الإمام أنَّه أعلم منه جاز له أن يتقدَّم عليه وكذلك قد تحقق عيسى أنَّ الإمام أعلم منه، فلذلك قدَّمه وصلّى خلفه ولولا ذلك لم يسعه الإقتداء بالإمام، فهذه درجة الفضل في الصلاة، ثمَّ الجهاد وهو بذل النفس بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا بين يدي غيره؛ والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قول الله سبحانه وتعالى:
(إنَّ اللهَ اشتَرى مِنَ المؤمِنينَ أنفُسَهُم بأنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللهِ فَيقتلون ويُقتَلون وعداً عليهِ حَقّاً في التَوراةِ والإنجيلِ والقرآنِ ومَنْ أوفى بِعهدِهِ مِنَ الله فاستَبشِروا بِبيعِكُم الذي بايعتُم بِهِ وذلكَ هُوَ الفَوزُ العظيم).
لأنَّ الإمام هو نائب الرسول في أُمّته، ولا يسوغ لعيسى (عليه السلام) أن يتقدَّم على الرسول فكذلك على نائبه.
(وممّا يزيد هذا القول ما رواه الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني في حديث طويل في نزول عيسى (عليه السلام) فمن ذلك: ما قالت أُم شريك بنت أبي العسكر: يا رسول الله فأينَ العرب يومئذ؟ قال:
هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم قد تقدَّم يُصلّي بهم الصبح إذا نزل بهم عيسى بن مريم فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقري ليتقدَّم عيسى (عليه السلام) يُصلّي بالناس، فيضع عيسى (عليه السلام) يده بين كتفيه ثمَّ يقول له: تقدَّم)، قال: هذا حديث حسن صحيح ثابت أخرجه ابن ماجة في كتابه عن أبي إمامة الباهلي قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا مختصره.(115)
الرد على من زعم أنَّ المهدي (عليه السلام) هو المسيح (عليه السلام)
(وبإسناده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قلت: يا رسول الله أمِنّا آل محمّد المهدي أم من غيرنا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
لا بل منّا، يختم الله به الدين كما فتح بنا، وبنا ينقذون من الفتنة كما أنقذوا من الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما ألَّف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخواناً كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخواناً في دينهم)، قال: هذا حديث حسن عال، رواه الحفّاظ في كتبهم، فأمّا الطبراني فقد ذكره في المعجم الأوسط وأمّا أبو نعيم فرواه في حلية الأولياء، وأمّا عبد الرحمن بن حمّاد فقد ساقه في عواليه.
(وعن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
ينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) فيقول: أميرهم، المهدي: تعال صلِّ بنا، فيقول: ألا إنَّ بعضكم على بعض أُمراء تكرمة من الله تعالى لهذه الأُمّة)، قال: هذا حديث حسن رواه الحرث بن أبي أُسامة في مسنده ورواه الحافظ إبراهيم في عواليه، وفي هذه النصوص دلالة على أنَّ المهدي (عليه السلام) غير عيسى (عليه السلام)، ومدار الحديث: لا مهدي إلاّ عيسى بن مريم عن علي بن محمّد بن خالد الجندي مؤذن الجند، قال الشافعي المطلبي: كان فيه تساهل في الحديث.
قال: قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (صلى الله عليه وآله) في المهدي وإنَّه يملك سبع سنين، ويملأ الأرض عدلاً وإنَّه يخرج مع عيسى بن مريم ويساعده في قتل الدَّجال بباب لِد بأرض فلسطين، وإنَّه يؤم هذه الأُمّة وعيسى يُصلّي خلفه في طول من قصته وأمره، وقد ذكر الشافعي في كتاب الرسالة ولنا به أصل ونرويه، ولكن يطول ذكر سنده قال: وقد اتفقوا على أنَّ الخبر لا يقبل إذا كان الراوي معروفاً بالتساهل في روايته.
نقول لمَن يقول: المهدي (عليه السلام) هو المسيح (عليه السلام):
المهدي (عليه السلام):
1 - المهدي (عليه السلام) في الأرض.
2 - المهدي (عليه السلام) يخرج من قرية يقال لها (كرعَة) في اليمن.
3 - المهدي (عليه السلام) أُمّه صيقل (نرجس خاتون).
4 - المهدي (عليه السلام) ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
5 - المهدي (عليه السلام) ولد في سنة 255 هـ.
6 - المهدي (عليه السلام) من آل محمّد (صلى الله عليه وآله).
7 - المهدي (عليه السلام) إمام وخاتم الأئمة (عليهم السلام).
8 - المهدي (عليه السلام) يؤمّ عيسى (عليه السلام).
9 - المهدي (عليه السلام) معه ثقل النبوّة.
10 - المهدي (عليه السلام) يقتل السفياني.
عيسى (عليه السلام):
1 - عيسى (عليه السلام) في السماء.
2 - عيسى (عليه السلام) ينزل من السماء على كتفي ملكين على المأذنة البيضاء في بلاد الشام.
3 - عيسى (عليه السلام) أُمّه مريم بنت عمران (عليها السلام).
4 - عيسى (عليه السلام) لا أب له.
5 - عيسى (عليه السلام) مضى على ولادته 2003 سنة.
6 - عيسى (عليه السلام) من آل عمران من جهة أُمّه.
7 - عيسى (عليه السلام) نبي وليس خاتم الأنبياء.
8 - عيسى (عليه السلام) يأتم بالمهدي (عليه السلام).
9 - عيسى (عليه السلام) ليس معه شيء من ثقل النبوّة.
10 - عيسى (عليه السلام) يقتل الدَّجال.
شبهات وردود
إنَّ من أهم الشبهات التي يُثيرها المرتابون: مسألة طول العمر، والإمام (عليه السلام)منذ ولادته سنة (225 هـ) وإلى يومنا هذا يكون له من العمر (1170 سنة).
وهذا المقدار من العمر ليس غريباً ولا يختص أو ينفرد به المهدي (عليه السلام) من الخلق: ولدينا من القرآن الكريم، أنَّ نوحاً النَّبي (عليه السلام) لبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً: (ولَقَدْ أرسَلنا نوحاً إلى قَومِهِ فَلَبِثَ فيهِم ألفَ سَنَة إلاّ خَمسينَ عاماً فأخذَهُمُ الطوفانُ وَهُم ظالِمونَ)(116)، وأنَّ الإرادة الإلهية والقدرة فوق التصوّر فمثلاً:
1 - جبرائيل الأمين (عليه السلام) من الملائكة المقربين المخلوقين، كان مُبَلغ الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام).
2 - ميكائيل (عليه السلام).
3 - إسرافيل (عليه السلام).
4 - عزرائيل (عليه السلام).
هؤلاء الملائكة، وغيرهم كحمَلَة العرش الثمانية، لهم من العمر ما لا يعلمه إلاّ الله.
ومن الأنبياء آدم (عليه السلام) قارب الألف عام من العمر، وإذا رجعنا إلى كُتب الحديث والأخبار نجد أنَّ هناك من البشر من تجاوز هذا المقدار بكثير.
ومن الجن:
والجن من مخلوقات الله تعالى، هي الأُخرى لها من العمر ما لا يعلمه إلاّ الله تعالى، وإبليس عليه لعائن الله عبد الله تعالى كما ورد في الأخبار أكثر من ستة آلاف سنة ولكنّه عصى ولم يمتثل أمر الله تعالى فأنظره إلى يوم الوقت المعلوم، ولا يعلم ذلك إلاّ الله تعالى.
من الجمادات:
الأرض والقمر والشمس والنجوم والأجرام السماوية مضى عليها من السنون ما لا يعلمه إلاّ الله تعالى.
من النباتات:
هناك من الأشجار في أنحاء العالَم ما تجاوز عمرها الألف عام ولا زالت حيّة وخضراء.
أمّا الطيور والسلاحف والحيّات، ففيها المعمر، وسنورد بعض المعمرين للدليل: وأمّا أهل الجنّة والنار فقد نطق القرآن الكريم بدوامهم خالدين فيها أبداً.
وجاءت الأخبار بلا خلاف أنَّ أهل الجنّة لا يهرمون ولا يضعفون، ولا يحدث فيهم نقصان.
(وجاءت الرواية عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
لما بعث الله نوحاً إلى قومه بعثه وهو ابن خمسين ومائتين سنة، ولبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً، وعاش بعد الطوفان مأتين وخمسين سنة، فلمّا أتاه ملك الموت قال له: يا نوح يا أكبر الأنبياء، ويا طويل العمر، ويا مجاب الدعوة، كيف رأيت الدنيا؟ قال: مثل رجل بنى له بيتاً له بابان، فدخل من واحد وخرج من واحد).
وكان عاد الكبير أطول الناس عمراً بعد الخضر؛ وقد عاش ثلاثة آلاف سنة وخمسمائة سنة، ويقال أنَّه عاش عمر سبعة أنسُر، وكان يأخذ فرخ النسر الذكر فيجعله في الجبل فيعيش النسر منها ما عاش فإذا مات أخذ آخر فربّاه حتّى كان آخرها لبداً فكان أطولها فقيل: (أتى عبد على لبد).
وإذا ثبت أنَّ الله سبحانه قد عمَّر خَلقاً من البشر ما ذكرناه من الأعمار وبعضهم حجج الله تعالى وهم الأنبياء، وبعضهم غير حجج وبعضهم كفّار ولم يكن ذلك محالاً في قدرته ولا منكراً في حكمته، ولا خارقاً للعادة، بل مألوفاً على الأعصار، معروفاً عند جميع أهل الأديان فما الذي ينكر من عمر صاحب الزمان أن يتطاول إلى غاية عمر بعض من سمّيناه، وهو حجّة الله على خلقه وأمينه على سرّه، وخليفته في أرضه، وخاتم أوصياء نبيّه (صلى الله عليه وآله)، وقد صحَّ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنَّه قال:
(كلّما كان في الأُمم السالفة فإنَّه يكون في هذه الأُمّة مثله حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، هذا وأكثر المسلمين يعترفون ببقاء المسيح (عليه السلام) حيّاً إلى هذه الغاية شاباً قويّاً، وليس في وجود الشباب مع طول الحياة إن لم يثبت ما ذكرناه أكثر من أنَّه نقض للعادة في هذا الزمان، فما المانع من بقائه وطول عمره كبقاء عيسى بن مريم (عليه السلام) والخضر وإلياس من أولياء الله، وبقاء الأعور الدَّجال وإبليس اللعين من أعداء الله وقد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسُنّة.
أمّا عيسى (عليه السلام) فالدليل على بقائه قوله تعالى: (وإن مِنْ أهلَ الكِتابِ إلاّ لَيؤمِنُنَّ بِهِ قَبلَ مَوتِهِ)، ولم يؤمن به منذ نزول هذه الآية وإلى يومنا هذا أحد، فلابد أن يكون هذا في آخر الزمان وأمّا السنة كما رواه مسلم وغيره في قصة الدَّجال فينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) عند المنارة البيضاء بين مهرودتين واضعاً كفيه على أجنحة ملكين وأيضاً قول النَّبي (صلى الله عليه وآله): كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟).
وأمّا الخضر وإلياس (عليهم السلام) فعن ابن جرير الطبري: الخضر وإلياس باقيان يسيران في الأرض، كما روي في صحيح مسلم وغيره عن أبي سعيد الخدري، حدَّثنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حديثاً طويلاً عن الدَّجال وكان فيما حدَّثنا أنَّه قال:
يأتي وهو محرَّم عليه أن يدخل بقباب المدينة فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس، فيقول الدَّجال: إن قتلت هذا ثمَّ أحييته أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، قال: فيقتله ثمَّ يحييه، فيقول حين يحييه: والله ما كنت فيك قط أشد بصيرة منّي الآن، فيرد الدَّجال أن يقتله فلن يسلط عليه، وقال إبراهيم بن سعد يقال إنَّ الرجل هو الخضر، هذا لفظ مسلم في صحيحه كما سقناه سواء، والدليل على بقاء إبليس اللعين:
(قال فإنَّكَ مِنَ المُنظَرين إلى يَومِ الوقتِ المَعلوم).
وأمّا بقاء المهدي (عجّل الله فرجه) فقد جاء في الكتاب والسنة، أمّا الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى: (لِيُظهِرَهُ على الدّينِ كُلّه وَلَو كَرِهَ المُشرِكون)، قال: هو المهدي (عليه السلام) من ولد فاطمة (عليها السلام) وأمّا من قال فإنَّه عيسى فلا تنافي بين القولين إذ هو مساعد للمهدي (عجّل الله فرجه) ما تقدّم، وعن مقاتل بن سليمان ومن تابعه من المفسرين في تفسير قوله تعالى: (وإنَّه لَعِلمُ الساعة)، قال: هو المهدي (عجّل الله فرجه) يكون في آخر الزمان وبعد خروجه أمارات ودلالات الساعة وقيامها.
وأمّا الشبهة الثانية وهي: غيبته، عجّل الله تعالى فرجه الشريف، فالكل يقول حين ظهوره الشريف:
هذا ليس غريباً عنّي، كأنّي رأيته مراراً، لا لشيء، وإنَّما لأنَّه لا يعرفونه حقَّ معرفته، ولأنَّ الأعداء بالمرصاد يخشون ظهوره، وضرب مصالحهم، وبالتالي الحساب والعقاب، وبما أنَّه سلام الله عليه لم يُؤذن له بالظهور، كان لزاماً عليه أن يعمل جاهداً عدم الظهور بالمظهر الذي يُعرف به، وكثيراً ممّن رواه، لا يحسّون به إلاّ بعد فوات الأوان.
فعيسى (عليه السلام) غاب عن قومه، وموسى (عليه السلام) من قبل غاب عن قومه، ويونس (عليه السلام)غاب عن قومه، والخضر (عليه السلام) هو الآخر، فلماذا لا يشكل المرتاب على هؤلاء ويشكل على صاحب الأمر والزمان (عجّل الله فرجه)؟ إنَّه العناد والحسد لأهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومهبط الوحي، لما حباهم الله به من الجاه الوجيه والمقام الرفيع، والمنزلة الرفيعة.
والغيبة إنَّما هي محنة من الله تعالى يمتحن الله بها خلقه، فإذا دار الفلك ومرّت السنين قالوا: مات أو هلك في أيِّ واد سلك، وقالوا: لقد بليت عظامه فعند ذلك، يكون الرجاء، ويقرب الفرج، والواجب يحتم علينا إذا ظهر (عليه السلام) اللّحاق به والتوجّه إليه ولو حَبواً على الثلج، وذلك يوجب الحمد والشكر لله.
في ذكر المعمّرين
مَن اعترف بالخضر (عليه السلام) لم يصح منه هذا الاستبعاد، ومَن أنكره مجوج بالأخبار.
عاش الربيع بن ضبع الفزاري ثلاثمائة سنة وأربعين وأدرك النَّبي (صلى الله عليه وآله).
وعاش المستوعر بن ربيعة ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين سنة.
وعاش دريد بن زيد أربعمائة سنة وستاً وخمسين سنة.
وعاش دريد بن الصمة مأتي سنة وقتل يوم حنين.
وعاش صيف بن رياح بن أكثم مأتي سنة وسبعين سنة.
وعاش ضبيرة بن سعيد السهمي مأتين وعشرين سنة، وكان أسود الشعر صحيح الأسنان.
وعاش عمرو بن جعبة الدروسي أربعمائة سنة.
وعاش زبير بن جناب بن عبيد الله بن كنانة بن عوف أربعمائة سنة وعشرين سنة، وكان سيّداً مطاعاً شريفاً في قومه.
وعاش الحرث بن مضاض الجرهمي أربعمائة سنة.
وهذا طرق يسير ممّا ذكرناه من المعمرين وفي إيراد أكثرهم إطالة في الكتاب.(117)
وجاء في كتاب إلزام الناصب(118):
من المعمرين أوَّل الناس آدم (عليه السلام) عمره تسعمائة وثلاثون سنة.
الشيث وعمره تسعمائة واثنتا عشرة سنة.
نوح (عليه السلام) وعمره ألفان وخمسمائة سنة.
إدريس (عليه السلام) وعمره تسعمائة وخمس وستون سنة.
سليمان بن داود وعمره سبعمائة واثنتا عشرة ينة.
عوج بن عنقا وعمره ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة، وعمر أُمّه عنق بنت آدم (عليه السلام) أزيد من ثلاثة آلاف سنة.
وفي غيبة الطوسي أفريدون العادل عاش فوق ألف سنة، ويقولون أنَّ الملك الذي أحدث المهرجان عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة استتر منها عن قومه ستمائة سنة.
أصحاب الكهف بعمرهم الله أعلم.
الخضر (عليه السلام) وبعمره الله أعلم.
إلياس (عليه السلام) وبعمره الله أعلم.
سلمان الفارسي عمره على المشهور أربعمائة سنة.
لقمان بن عاد وعمره ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة.
ريان بن دومغ والد عزيز مصر وعمره ألف وسبعمائة سنة.
دومغ والد ريان وعمره ثلاثة آلاف سنة.
وإنَّ من يراجع كتاب إلزام الناصب(119) يجد ما يسره ويغنيه في هذا الباب.
ذكر سفراء صاحب الزمان (عليه السلام)
السفير: الوكيل، الممثِل، المندوب، والسفراء جمع سفير، وكثير مَن ادعى السفارة زُوراً، أمّا السفراء المعتمدون فهم أربعة سلام الله عليهم، وهم موضع ثقة الإمام، وخرجت بهم التوثيقات من الناحية المقدّسة:
1 - العمري:
(سفر له قرابة خمس سنوات إيّان خلافة المعتمد العباسي، وهو أبو عمرو، عثمان بن سعيد العمري الأسدي، وكيل جدّه الهادي وأبيه العسكري (عليهم السلام) طيلة خمس سنوات قبل مولده، وكان يُلقّب بالزيّات أو السّمان لأنَّه كان يتاجر بالسمن تغطية لأمره العظيم الذي كان يتولاّه في عصر الرقابة الشديدة وظلم بني هاشم،(120) حتّى أنَّه كان ينقل الأموال للعسكريين في زقاق السمن قبل أن يصير من وكالتهما لسفارة المهدي (عليه السلام)، وهو الذي قال عنه العسكري (عليه السلام): أحمد بن إسحاق أعلنه على الملأ في الشيعة).
العمري ثقتي، فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي، وما قال لكَ فعنّي يقول، فاسمع له وأطع فإنَّه الثقة المأمون.(121)
وقد سمع العمري هذه الشهادة فيه، فخرّ ساجداً شاكراً لله على هذه الثقة، وبكى أمام أحمد بن إسحاق ومَن كان في مجلسه.
فهو محل ثقة الشيعة يومئذ في أقطار الأرض لما سمعوا من مدحه والثناء عليه، فتسالموا على عدالته ووثاقته وجلالة قدرته.
وقد سُئل هذا السفير الذي قام بأعباء السفارة لحجّة منذ طفولته: هل مضى أبو أحمد؟، أي هل لحق العسكري (عليه السلام) بربّه؟، فقال: قد مضى، ولكن خلَّف فيكم مَن رقبته مثل هذا - وأشار بيده إلى غلظ رقبة المولود الشريف - مؤكّداً أنَّه مولود وموجود، وأنَّه قد أيفع وصار غلاماً رشيداً موفقاً،(122) وقد روي هذا الحديث عن ابنه، السفير الثاني.
وكان السفير الأوَّل في جملة الذين حضروا تغسيل العسكري (عليه السلام) وتكفينه والصلاة عليه ودفنه.
ومن جملة كتاب كتبه الحجّة (عجّل الله فرجه) إليه نقتطف منه ما يلي:
... عافانا الله وإيّاكم من الفتن، ووهب لنا ولكم روح اليقين، وأجارنا وإيّاكم من سوء المنقلَب.
إنَّه أُنهي إليَّ إرتياب جماعة في الدّين، وما دخلهم من الشك في وُلاة أمرهم، فغمّنا ذلك لكم لا لنا، وساءنا فيكم لا فينا.
لأنَّ الله معنا فلا فاقة بنا إلى غيره، والحقّ معنا فلن يوحشنا من بَعُدَ عنّا، ونحن صنائع ربّنا، والخلق بعدُ صنائعنا.
أي صنائع من أجلنا، مسؤولون عن ولايتنا، أو صنائع لنا بمعنى أنّنا نتولى تأديبهم بأدب الدين والأخلاق فيصيرون صنائعنا بالجهة التربوية التوجيهية، لأنَّهم يكونون مطبوعين بطبائعنا يسيرون على سنّتنا موسومين بِسِمَتنا، كالمعنى الموجود ضمن المثل القائل: من علّمني حرفاً كنت له عبداً، لا بمعنى العبودية العبيد، ثمَّ أكمل قوله:
يا هؤلاء، ما لكم في الريب تتردَّدون، وفي الحيرة تتعاكسون؟ أوَما سمعتم الله عزَّ وجلّ يقول: (يا أيُّها الذينَ آمَنوا أطيعوا الرسول وأُلي الأمرِ مِنكُم
أوَما علمتم بما جاءت به الآثار عمّا يكون ويحدث في أئمتكم، على الماضين والباقين منهم (عليهم السلام)؟ أوَما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها، وأعلاماً تهتدون بها من لدُن آدم إلى أن ظهر الماضي - أي أبوه (عليه السلام) - كلّما غاب عَلَم بدا عَلَم، وإذا أفل نجم بدا نجم، فلمّا قبضه الله إليه ضننتم أنَّ الله أبطل دينه، وقطع السبب بينه وبين خلقه، كلاّ، ما كان ذلك، ولا يكون حتّى تقوم الساعة ويظهر أمر الله وهم كارهون.
وإنَّ الماضي - يعني أباه - مضى سعيداً فقيداً على منهاج آبائه (عليهم السلام)، وفينا وصيته وعلمه، ومنه خُلُقه ومن يسدّ مسدّه.
ولا ينازعنا موضعه إلاّ ظالم آثم، ولا يدّعيه دوننا إلاّ كافر جاحد.
ولو لا أنَّ أمر الله لا يُغلب، وسرّه لا يظهرُ ولا يُعلن، أُظهرُ لكم من حقّنا ما تبرأ - أي تُشفى - منه عقولكم ويُزيل شكوككم، لكنّه ما شاء الله كان، ولكلِّ أجل كتاب.
فاتَّقوا الله، وسلّموا لنا، وردّوا الأمر إلينا، فعلينا الإصدار كما كان منّا الإيراد، ولا تحاولوا كشف ما غُطّيَ عنكم، ولا تميلوا عن اليمين، ولا تعدلوا إلى اليسار، واجعلوا قصدكم إلينا بالمودة على السنّة الواضحة.
فقد نصحت إليكم، والله شاهد عليَّ وعليكم، ولولا عندنا من محبّة صلاحكم ورحمتكم والإشفاق عليكم لكنّا في شُغل ممّا قد امتُحِنا به من منازعة الظالم العُتلّ الضال المتابع في غيّه المضادّ لربّه، المدّعي ما ليس له، الجاحد حقَّ مَن افترض الله طاعته، الظالم الغاصب لي، وبي شَبَه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولي أُسوة حسنة برسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيردى الجاهل وراء علمه، وسيعلم الكافر لمَن عُقبى الدار، عصمنا الله وإيّاكم من المهالك والأسواء والآفات والعاهات كلّها برحمته، فإنَّه ولي ذلك والقادر على ما يشاء، وكان لنا ولكم وليّاً وحافظاً، والسلام على جميع الأوصياء والمؤمنين، ورحمة الله وبركاته.(123)
هذه شواهد من التاريخ، وللتفسير العمري قبر يُزار، وله مواقف وأسرار، وهكذا السفراء الأُخر لهم قبور تُزار ومواقف نتعرض لها، وإنَّما أوردنا ذلك كشاهد يعزز ليس إلاّ.
فالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت وخاتمهم صلوات الله عليه وعليهم جميعاً، مضى أحد عشر منهم كما لا يخفى على أحد من الخاص والعام، وبقى الثاني عشر لحكمة الباري تعالى تحقيقاً لوعده ووعد نبيّه صلوات الله عليهم ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما مُلئت جوراً وظلماً، وجعل في خدمته أطايب الخلق من الملائكة والناس، جعل من الملائكة جبرائيل (عليه السلام) وآلافاً من الملائكة، وجعل عيسى (عليه السلام) والخضر (عليه السلام) وثلة من الأصحاب أُمراء ووزراء ومشاورين وقادة بين يديه، ذلك الفضل المبين، هنيئاً لمَن يُدرك زمانه ويكون تحت إمرته مجاهداً في سبيل الله تعالى، سعيداً في الدنيا والآخرة، بعيداً عن ظلم الظالمين وجور الجائرين.
وذكرنا السفراء لقاء الحجّة ليس إلاّ، والإمام موجود موعود بالظهور ولكن حيث تقتضي الإرادة الإلهية والحكمة الربوبية، لكي لا يبقى من يعتذر ويحتج ويُشكل، فدولته وحكومته صلوات الله عليه آخر الدول والحكومات، وإنَّ الذين رأوه والتقوا به كثير، وهو يحضر المواسم ويرعى الموالين، فهو كالشمس وإن سترها السحاب ينتفع الناس به، أمّا أولئك الذين اختاروا طريق الإنكار والتشكيك فلهم ذلك، ولهم يوم لا ينفع فيه الندم.
ثمَّ كتب الحجّة لسفيرة يشرح له ولشيعته أمر الله ويثبتهم على الحق، كتاباً نأخذ منه قوله الكريم:
كيف يتساقون في الفتنة ويتردَّدون في الحيرة، ويأخذون يميناً وشمالاً، فارقوا دينهم أم ارتابوا، أم عاندوا الحق، أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والأخبار الصحيحة، أو علموا فتناسَوا.
أوَ لا تعلمون أنَّ الأرض لا تخلو من حجّة، إمّا ظاهراً أو مغموراً؟ أوَلم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيّهم (صلى الله عليه وآله) واحداً بعد واحد، إلى أن أفضى الأمر بأمر الله عزَّ وجلّ إلى الماضي صلوات الله عليه - يقصد أباه - فقام مقام آبائه يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، ومضى على منهاج آبائه حذو النَّعل بالنَّعل، على عهد عهده ووصيّة أوصى بها إلى وصىٍّ ستره الله عزَّ وجلّ بأمره إلى غاية، وأخفى مكانه بمشيئته للقضاء السابق والقدر النافذ، وفينا موضعه، ولنا فضله، ولو قد أذن الله عزَّ وجلّ فيما قد منعه، وأزال عنه ما قد جرى به من حكمه، لأراهم الحقَّ ظاهراً بأحسن جليّة وأبين دلالة وأوضح علامة ولأبان عن نفسه وقام بحجّته، ولكن أقدار الله عزّ وجل لا تُغالَب، وإرادته لا تُرد وتوفيقه لا يُسبق.
فليدعوا عنهم اتّباع الهوى، وليقيموا على أصلهم الذي كانوا عليه، ولا يبحثوا عمّا سُتِرَ عنهم فيأثموا، ولا يكشفوا ستر الله عزَّ وجلّ فيندموا.(124)
وحين توفي هذا السفير الجليل، حزن الناس عليه حزناً شديداً حتّى أنَّ المهدي (عليه السلام) حزن عليه وعزّى فيه - وابنه السفير الثاني - وشرّفه بكتاب قال فيه:
إنّا لله وإنّا إليه راجعون، تسليماً لأمره ورضاءً بقضائه، عاش أبوك سعيداً ومات حميداً، فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه (عليهم السلام).
فلم يزل مجتهداً في أمرهم، ساعياً فيما يقرّبه إلى الله عزَّ وجلّ وإليهم نَضَّرَ الله وجهه وأقالَ عثرته.(125)
رُزئت ورُزئنا، وأوحشَك وأوحشَنا، فسرّه الله في منقلبه.
كان من كمال سعادته أن رزقه الله تعالى ولداً مثلك يخلفه من بعده، ويقوم مقامه بأمره، ويترحم عليه.(126)
وبذلك تظهر المنزلة الكبرى للسفير الراحل وابنه السفير التالي.
2 - العمري الثاني:
سفر له قرابة أربعين عاماً عاصَرَ فيها خلافة المعتمد العباسي، وخلافة المعتضد، وخلافة المكتفي، وعشر سنوات من خلافة المقتدر.
وهو أبو جعفر، محمّد بن عثمان السابق ذكره، توفى سنة 305 هـ.
وقد كان سفيراً لقائم (عليه السلام) بنص من أبيه العسكري (عليه السلام) كما سبق في شهادته له، وبنص من أبيه - السفير الأوَّل - وبتعيين من القائم (عجّل الله فرجه) كما رأيت سابقاً، وكانت تزكيته قد سبقت من الإمام العسكري (عليه السلام) في كتاب لأحد أصحابه، قال فيه:
العمري وابنه ثقتان، فما أدّيا فعنّي يؤدّيان، وما قالا فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما فإنَّهما المأمونان(127)، وكتب بشأن هذا السفر العظيم:
وأمّا محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) وعن أبيه من قبل، فإنَّه ثقتي، وكتابه كتابي.(128)
وكتب سيّدنا الحجّة لهذا السفير:
أمّا ما سألت عنه، أرشدك الله وثبتك ووقاك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمّنا، فاعلم أنَّه ليس بين الله عزَّ وجلّ وبين أحد قرابة، ومَن أنكرني فليس منّي، وسبيله سبيل ابن نوح!
وأمّا سبيل عمّي جعفر وولده، فسبيل إخوة يوسف.
وأمّا أموالكم فلا نقبلها إلاّ لتطهروا، فمَن شاء منكم فَليَصل، ومن شاء فليقطع، وما آتانا الله خير ممّا آتاكم.
أمّا ظهور الفرج فإنَّه إلى الله، وكذب الوقّاتون.(129)
وكتب الحجة (عجّل الله فرجه) بحق هذا السفير:
وهو محل ثقتنا بما هو عليه، وإنَّه عندنا بالمنزلة والمكان اللذين يَسُرّانه، زاد الله في إحسانه إليه، إنَّه ولىّ قدير، والحمد لله لا شريك له، وصلّى الله على رسوله محمّد وآله، وسلَّم تسليماً كثيراً كثيراً.(130)
3 - النوبختي:
(سفر له بعد سلفه الصالح قرابة واحد وعشرين عاماً، أي بقية خلافة المقتدر، وفترة من خلافة الراضي، وهو أبو القاسم، الحسين بن رح بن أبي بحر النوبختي المتوفى في شعبان سنة 326 هـ، أقامه محمّد بن عثمان السابق بأمر من صاحب الأمر (عليه السلام) بعد أن كان سلفه يُحيل عليه قبض الأموال قبل وفاته بسنتين لمرضه وعجزه عن مزاولة السفارة إلى آخر نسمة من حياته، وقال لمَن حضر ساعة وفاته: أُمرت أن أُوصي إلى أبي القاسم، حسين بن روح).(131)
وقد كتب هذا السفير إلى سيّده يستأذنه في الخروج إلى الحج فخرج الأمر هكذا: لا تخرج هذه السنة.
فاغتنم لعدم الإذن، وأعاد الطلب ثانية مستفتياً بالحكم، لأنَّه حجَّه كان نذراً موقوتاً، فخرج الأمر: إذا كان لابدّ، فكن في القافلة الأخيرة.(132)
وهكذا فعل رحمه الله، فكان في القافلة الأخيرة، وبقي متعجباً من عدم الإذن في المرة الأُولى والإذن له في الثانية، حتّى انكشف الأمر، وسَلم مع من سَلم من الذين تأخّرت قوافلهم، ونجا من القتل إذ لم يكن مع من تقدَّم من القوافل السابقة، حيث أُصيب القرامطة أثناء خروجهم إلى الحج، حين تناثر الكواكب وحصول الكارثة التاريخية المشهورة التي أودت بحياة قوافل الحجاج فيما بين الحجاز والعراق.
وقد بقي هذا السفير في عمله، أميناً عليه مخلصاً له، ناشطاً فيه مدّة ثلاث وعشرين سنة، منها سنتان كان ينوب أثناءهما عن سلفه السابق رضوان الله عليهما.
وقبره في بغداد (شرقي بغداد)، يُزار من قبل الخواص وعليه ضريح من فضة حُفر على جوانبه آيات من القرآن الكريم وعليه شبّاك من فضة، حدَّدنا مكان القبر الشريف في كتابنا الموسوم (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) في بابه، وهكذا قبور بقية السفراء في شرقي بغداد سلام الله عليهم، وهي شواهد دالة نُلفت الانتباه إليها.
4 - السَّمري:
بقي في السفارة ثلاث سنين، أي مدّة خلافة الراضي، وخمسة أشهر وأيّاماً من خلافة المتقي.
وهو أبو الحسن، علي بن محمّد السَّمري المتوفى سنة 329 هـ.(133)
أوصله أبو القاسم النوبختي السفير الثالث بأمر من الإمام (عليه السلام).
وكان من أصحاب العسكري (عليه السلام) السابقين المقرّبين، وقد كتب له الحجّة (عليه السلام) في أواخر عهده في جملة كتاب شريف:
أمّا الحوادث الواقعة - أي الأحكام الشرعية التي تحتاجون إلى الفتوى بما يجدّ فيها - فارجعوا بها إلى رواة حديثنا، فإنَّهم حجّتي عليكم، وأنا حجّة عليهم.(134)
وهكذا وجّه قواعده الشعبية من مختلف فئات الشيعة نحو المرجعية الدينية، ولفت أنظارهم إلى حملة الحديث القدسي، وحمّل هؤلاء مسؤولية حفظ الحديث وحمّل أعباء الحكم أثناء الغيبة.
ولمّا أدركت هذا السفير نهاية أمره ومرض مرض الموت في مدينة السلام سُئل أن يوصي بغيره فقال: لله أمر هو بالغه.
ثمَّ فضَّ الرسالة الشريفة التاريخية التالية المكتوبة بخط الحجّة وتوقيعه الكريم، فإذا هو مكتوب فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي بن محمّد السَّمري، عظّم الله أجر إخوانك فيك، فإنَّك ميّت ما بينك وبين ستة أيّام، فاجمع أمرك، ولا توصي إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلاّ بعد أن يأذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً.
وسيأتي من شيعتي من يدّعي المشاهدة.
ألا فمَن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.
المشاهدة: الحضور معه
(ثمَّ جاء هذا السفير الجليل بنفسه في اليوم السادس المعيّن، تغمّده الله برحمته، وألحقه بسادته الذين كانوا يوقتون، حتّى لموت أوليائهم، كما وقّتوا لولادة المهدي (عليه السلام) وغيبته قبل مئات الأعوام، ثمَّ وقعت الغيبة الكبرى الموحشة...).
وهذا يعني أنَّه لم يجتمع لديه عدد أنصار مخلصين طيلة هذه المدّة، واستغفروا الله ممّا نحن فيه، فقد كان يصله شيء يكرهه من جماعته أيّام السفارة السعيدة، فكيف بما يتّصل به من أخبار مروقنا من الدين وخروجنا عن خط الإسلام، ذلك المروق الذي يندى منه جبين الإنسان خجلاً.
وود عنه (عجّل الله فرجه) في رسالتين مختلفتين:
وأمّا ندامة قوم قد شكّوا في دين الله على ما وصلونا به، فقد أقلنا مَن استقال، ولا حاجة بنا إلى صلة الشاكين، وأمّا ما وصلتنا به، فلا قبول عندنا إلاّ لما طاب وطهر.(135)
وأمّا المتلبسون بأموالنا، فمَن استحل منها شيئاً فأكل فإنَّما يأكل النيران، وأمّا الخمس فقد أُبيح لشيعتنا وجُعلوا منه في حلٍّ إلى وقت ظهور أمرنا، لتطيب ولادتهم ولا تخبث، أي أنَّه أباح حقّه الشرعي في الخمس للفقراء والمحتاجين من شيعته، فلا يتوهمنَّ أحد من الأغنياء أنَّه أعفاهم من دفعه إلى المستحقين، ومن يفعل ذلك يكن كالمتلبسين بمال الإمام سواء بسواء.
وقد توفي السَّمري رضوان الله عليه سنة 329 هـ.
وكان عهده مليئاً بالظلم والتضييق على الشيعة، فلاقى صعوبة شديدة في ممارسة عمله، ومضى سعيداً حميداً كأسلافه الميامين.
وكان عمر الحجّة (عليه السلام) إذ ذاك أربعاً وسبعين سنة، قضى منها:

أربع سنوات ونصف السنة مع أبيه، وتسعاً وستين سنة ونصف السنة وخمس عشر يوماً في الغيبة الصغرى التي استوفيت أغراضها عند هذا الحد.
من تعويد الناس على الغيبة امتثالاً لقضاء الله من جهة، وابتغاء تعويدهم على أخذ أُمور دينهم من مراجعهم الدينية من جهة ثانية، ومن أجل تدريب العقول المرنة على قبول ما يقضي به الله تبارك وتعالى.
وكان قد كتب إلى الشيخ المفيد (قدس سره) كتاباً طويلاً قال فيه:
ولو أنَّ أشياعنا وفّقهم الله لطاعته، على اجتماع القلوب في الوفاء بالعهد القديم، لما تأخّر عنهم اليُمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمساعدتنا على حقّ المعرفة وصداقها منهم بنا.
فما يحبسنا عنهم إلاّ ما يتّصل بنا ممّا نكرهه ولا نُؤثره منهم، والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.(136)
كل هذا دليل بعد دليل، وما أكثر الدلائل وأقل الاتعاظ من أولئك المرتابين، الذين يشككون مجرداً للتشكيك، وإلاّ فالسفراء، قبورهم شاخصة للعيان، وتاريخ حياتهم ثابت من غير شك لا بل يقين فوق اليقين، فعلامَ هذا التشكيك وعلامَ هذا الإنكار؟ (1170 سنة) ألا تكفي لاتعاظ وكل سنة تتحقق مصداقية الأحاديث المروية في ظهوره أكثر من ذي قبل، واليوم ونحن نرى العشرات من الأحاديث والرواية تقع نسأله بمحمّد وآله تعجيل الفرج.
ذكر مسائل يسأل عنها أهل الخلاف
أقول: إنَّ الخضر (عليه السلام)، العبد الصالح، لا غبار على وجوده، وأنَّه أطول ولد آدم (عليه السلام) عمراً، وأنَّ العقيدة في ذلك ثابتة لا تتغير، ولا شك ولا شبهة في ذلك، فإنَّ كل ما يلحق بالحجّة (عليه السلام) يشمل الحجّة (عليه السلام) وهي الحكمة من وجوده، فإذا قيل: ما هذه الغيبة الطويلة للمهدي (عليه السلام)؟ قلنا: أنَّ غيبة الخضر (عليه السلام) أطول بكثير، وإذا قيل: كيف الاستفادة من الغائب؟ نقول: إنَّ الشمس موجودة وتشع على الكون وإن سترها سجاب كثيف ولا مانع من ذلك، فإن قالوا: ولادته غير واضحة، قلنا لهم: ولادته كولادة موسى (عليه السلام)، وإن قالوا: هو ابن الحسن؟ قلنا: نعم، هو ابن الحسن العسكري وليس ابن الحسن المجتبى (عليه السلام)، إلاّ أنَّه من أبناء الحسين (عليه السلام).
وإن قالوا: ما باله لا يظهر وقد طالت مدّة غيبته؟ قلنا: في غيبته أُسوة في غيبة عيسى بن مريم (عليه السلام) وقد مضى على غيبة عيسى بن مريم (عليه السلام) أكثر ممّا مضى على غيبة المهدي (عليه السلام) بكثير.
أقول: لماذا بقيت الدعوة الإسلامية في مبدأها سرية بعض الوقت؟
كذلك دعوته بعد هذا الظلم والجور تستوجب الاختفاء والسّرية، لِكَلَبِ الناس على الدنيا وشدّة العدو، وقلّة الناصر والمعين.
وكذلك نمرود لمّا علم أنَّ ملكه يزول على يد إبراهيم (عليه السلام)، وكل بالحُبالى من نساء قومه وفرق بين الرجال وأزواجهم فستر الله ولادة إبراهيم وموسى (عليهم السلام) كما ستر ولادة القائم (عليه السلام) لما علم ذلك من التدبير.
فإنَّ أحد أسباب غزو العدو للعراق هو الاستعداد للحيلولة دون بسط المهدي (عليه السلام) يده على العالَم، وهذا اشتباه في غير محلّه، لأنَّ المهدي (عليه السلام) إذا ظهر لا تقف أمامَه أيّة قوّة في العالم، لهول الرعب الذي يسبقه إلى الأعداء، ولأنَّه قادر على محق العدو بسلاح غير هذا السلاح، فله تجارب الأجيال والقرون، وله تسديد السماء بالملائكة، وذاك أمر لا طاقة للبشر عليه، وإنَّ أمر المهدي (عليه السلام) حتم لابدَّ فيه، وإنَّ مدّة الجبارين لابدَّ لها من الانتهاء، وإنَّ الله وعد عباده الصلحاء أن يستخلفهم في الأرض، ولا يكون ذلك إلاّ بوجود المهدي (عليه السلام).
عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر (عليه السلام)
قد يخطر على ذهن بعض؛ أنَّ الشيعة انفردت في موضوع المهدي (عليه السلام) وهذا البعض، قد يكون قليل الإطلاع والمتابعة، وما لهذا الموضوع من رواسب توارثها المشككون، ولكننا نجد فيه من يزيل الغبار ممّن كتب وروى في هذا الباب، نرى لزاماً علينا الاستشهاد والبيان في ذلك، ولما كان الشيخ عبد المحسن الاستاذ الجامعي قد أحسن وأجاد في جمعه لأسماء الصحابة الذين رووا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحاديث المهدي (عليه السلام) تحت عنوان: (عقيدة أهل السُنّة والأثر في المهدي المنتظر (عليه السلام)).
أسماء الصحابة الذين رووا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أحاديث المهدي (عليه السلام)
1 - عثمان بن عفان، 2 - علي بن أبي طالب (عليه السلام)، 3 - طلحة بن عبيد الله، 4 - عبد الرحمن بن عوف، 5 - الحسين بن علي (عليه السلام)، 6 - أُم سلمة، 7 - أُم حبيبة، 8 - عبد الله بن عباس (رضي الله عنه)، 9 - عبد الله بن مسعود، 10 - عبد الله بن عمر، 11 - عبد الله بن عمرو، 12 - أبو سعيد الخدري، 13 - جابر بن عبد الله، 14 - أبو هريرة، 15 - أنس بن مالك، 16 - ثوبان بن مالك، 17 - عمّار بن ياسر، 18 - عوف بن مالك،
19 - قرة بن إياس، 20 - علي الهلالي، 21 - حذيفة بن اليمان، 22 - عبد الله بن الحارث بن حمزة، 23 - عمران بن حصين، 24 - أبو الطفيل، 25 - جابر الصدفي.(137)
أحاديث المهدي (عليه السلام) خرّجها الأئمة في الصحاح
وأحاديث المهدي (عليه السلام) خرجها جماعة كثيرون من الأئمة في الصحاح والسنن والمعاجم والمسانيد وغيرها، قد بلغ عدد الذين وقفت على كتبهم أو اطلعت على ذكر تخريجهم لها ثمانية وثلاثين وهم:
1 - أبو داود في سننه، 2 - الترمذي في جامعه، 3 - ابن ماجة في سننه، 4 - النسائي ذكره السفاريني في جوامع الأنوار البهية، والمناوي في فيض القدير، وما رأيته في الصغرى ولعلّه في الكبرى، 5 - أحمد في مسنده، 6 - ابن حيّان في صحيحه، 7 - الحاكم في المستدرك، 8 - أبو بكر أبي شيبة في المصنف، 9 - نعيم بن حمّاد في كتاب الفتن، 10 - الحافظ أبو نعيم في كتاب المهدي (عليه السلام) وفي الحلية، 11 - الطبراني في الكبير والأوسط والصغير، 12 - الدارقطني في الأفراد، 13 - البارودي في معرفة الصحابة، 14 - أبو يعلى الموصلي في مسنده، 15 - البزار في مسنده، 16 - الحارث بن أبي أُسامة في مسنده، 17 - الخطيب في تلخيص المتشابه وفي المتفق والمفترق، 18 - ابن عساكر في تاريخه، 19 - ابن منده في تاريخ أصفهان، 20 - أبو الحسن الحربي في الأوَّل من الحربيات، 21 - تمام الرازي في فوائده، 22 - ابن جرير في تهذيب الآثار، 23 - أبو بكر في المقري معجمه، 24 - أبو عمرو الداني في سننه، 25 - أبو غنم الكوفي في كتاب الفتن، 26 - الديلمي في مسند الفردوس، 27 - أبو بكر الإسكاف في فوائد الأخبار، 28 - أبو الحسين المناوي في كتاب الملاحم، 29 - البيهقي في دلائل النبوّة، 30 - أبو عمرو المقري في سننه، 31 - ابن الجوزي في تاريخه، 32 - يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده، 33 - الروياني في مسنده، 34 - ابن سعد في الطبقات، 35 - ابن خزيمة، 36 - الحسن بن سفيان، 37 - عمر بن شِبَه، 38 - أبو عوانة.
وقد وقع اختياري على ذكر هذه الأسماء لمكانة هؤلاء عند إخواننا أهل السُنّة، والقاري الفطن بعود لإلتماس الدليل بنفسه فيكون أقوى بالإحتجاج والقناعة.
وهؤلاء خير الأئمة والعلماء بالنسبة للمنكرين، ولذا يجب الإقتداء بما ذكروه وأثبتوه.
وعلى المشككين اتّباع الأدلة، لأنَّ علماء المنطق يقولون: إنَّ الشك هو أحد طُرق اليقين.
بعض من ألف من أهل السنة في المهدي (عليه السلام)
1 - أبو بكر خيثمة بن زهير بن حرب، قال ابن خلدون في مقدمة تاريخه: ولقد توغل أبو بكر ابن أبي خيثمة على ما نقل السهيلي عنه في جمعه للأحاديث الواردة في المهدي (عليه السلام).
2 - ومنهم الحافظ أبو نعيم ذكره السيوطي في الجامع الصغير، وذكره في العرف الوردي، بل قد لحّض السيوطي الأحاديث التي جمعها أبو نعيم في المهدي (عليه السلام) وجعلها ضمن كتابه (العرف الوردي)، وزاد عليها فيه أحاديث وآثاراً كثيرة جدّاً.
3 - ومن الذين أفردوا أحاديث المهدي (عليه السلام) بالتأليف السيوطي، فقد جمع فيه جزءاً، أسماه العرف الوردي في أخبار المهدي (عليه السلام)، وهو مطبوع ضمن كتابه الحاوي للفتاوي في الجزء الثاني منه.
قال في أوَّله: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، هذا جزء جمعت فيه الأحاديث والآثار الواردة في المهدي (عليه السلام) لحضت فيه الأربعين التي جمعها الحافظ أبو نعيم وزدت عليه ما فاته ورمزت عليه صورة (ك) والأحاديث والآثار التي أوردها السيوطي في شأن المهدي (عليه السلام) تزيد على المئتين وتلك الأحاديث والآثار فيها الصحيح، والحسن، والضعيف، والموضوع، وإذا أورد الحديث إضافة إلى كل الذين خرّجوه، فيقول مثلاً في الحديث الواحد:
أخرج أبو داود وابن ماجة والطبراني والحاكم، عن أُم سلمة سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (المهدي من عترتي من ولد فاطمة).
4 - ومنهم الحاظ عماد الدين بن كثير (رحمه الله) قال في كتاب الفتن والملاحم: وقد أفردت في ذكر المهدي جزءاً على حده ولله الحمد والمنّة.
5 - ومنهم الفقيه ابن حجر المكّي، وقد سمّى مؤلفه (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر)، ذكر ذلك البرزنجي في الإشاعة، ونقل منه، وكذلك السفاريني في (لوامع الأنوار البهية) وغيرها.
6 - ومنهم علي المتقي الهندي صاحب (كنز العمال) فقد ألَّف في شأن المهدي (عليه السلام) رسالة ذكرها البرزنجي في الإشاعة وذكر ذلك ملا علي القاري الحنفي في (المرقاة في شرح المشكاة) وذكر شارح رموز الحديث.
7 - ومن الذين ألَّفوا في شأن المهدي (عليه السلام) ملا علي القاري، وسمّى مؤلّفه: (المشرب الوردي في مذهب المهدي (عليه السلام))، ذُكر في (الإشاعة) ونقل جملة كبيرة منه.
8 - ومنهم مرعي بن يوسف الحنبلي المتوفى سنة ثلاث وثلاثين بعد الألف وسمّى مؤلفه: (فوائد الفكر في ظهور المهدي المنتظر (عليه السلام)) ذكره السفاريني في (لوامع الأنوار البهية).
9 - ومن الذين ألّفوا في شأن المهدي بالإضافة إلى مسألتي نزول عيسى (عليه السلام)، وخروج الدَّجال، القاضي محمّد بن علي الشوكاني وسمّى مؤلّفه: (التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدَّجال والمسيح)، ذكر ذلك صديق حسن ونقل جملة منه، والشوكاني ممّن ألَّف بشأنه، وحكى تواتر الأحاديث الواردة فيه.
10 - ومنهم الأمير محمّد بن إسماعيل الصنعاني، صاحب (سبل السلام) المتوفى سنة (1182 هـ)، قال صدّيق حسن: وقد جمع السيّد العلامة بدر الملّة النيّر محمّد بن إسماعيل الأمير اليماني الأحاديث القاضية بخروج المهدي (عليه السلام)وأنَّه من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، وأنَّه يظهر في آخر الزمان ثمَّ قال: ولم يأتِ تعيين زمنه إلاّ أنَّه يخرج قبل خروج الدَّجال.
وهكذا فقد كتب في المهدي (عجّل الله فرجه) علماء كبار، وذوو مؤلفات قيمة ومع ذلك فهناك من يتجاوز بالكذب على الله تعالى وعلى الرسول (صلى الله عليه وآله) وعلى الناس ويقول: المهدي غير موجود!
أمّا إذا أردنا أن نذكر من كتب من أصحابنا في المهدي (عليه السلام) لوجدنا أضعاف هذا العدد، والمصدر واحد هو: الكتاب والسُّنة، فليتدبر أولو الألباب.
(أمّا الذين في قلوبهم مرض، حتّى إذا خرج وقفوا في وجهه وحاربوه وهم لا يُبالون، أولئك خسروا الدنيا والآخرة).(138)
لماذا ننتظر المهدي (عجّل الله فرجه)؟
لقد وردت روايات في استحباب انتظار الفرج، منها ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أفضل العبادة انتظار الفرج).(139)
فلماذا هذا التأكيد والاستحباب؟
لأنَّ الإمام (عجّل الله فرجه) سوف ينقذ الأُمّة، بل الإنسانية ويُخلّصها من الظلم والظالمين، ويملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما في الأحاديث الشريفة والتي منها:
قال الرسول (صلى الله عليه وآله): (المهدي من ولدي... يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً).(140)
الأرض اليوم أكثر منها بالأمس جوراً وظلماً، بغض النظر عن الإدعاءات الباطلة العارية عن الصحة، القوي يأكل الضعيف، شعوب تأن وترزح تحت وطأة الظلم والجور، خيراتها تُنهب بشكل وآخر تحت عناوين برّاقة، فتن وحروب مفتعلة؛ لتصريف السلاح وفتح الأسواق لها ولغيرها، وغزو للأفكار، وتشويه للتراث، أحزاب ومنظمات تعمل على التخريب، وأُمراء خونة، ووزراء فسقة، كل ذلك يبكي العدل وأهله ويرجو من يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً.
منكر المهدي (عليه السلام)
قال (صلى الله عليه وآله): (مَن أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أُنزل على محمّد).
قال (صلى الله عليه وآله): (من أنكر القائم من ولدي أثناء غيبته، مات ميتة جاهلية).
قال (صلى الله عليه وآله): (من أنكر القائم من ولدي فقد أنكرني).
قال (صلى الله عليه وآله): (من مات وليس له إمام يسمع له ويطيع مات ميتة جاهلية).(141)
ومثله في البحار.(142)
كثير هم الذين أنكروا المهدي (عليه السلام)، وينكرونه فمن قائل: إنَّ فكرة المهدي ابتدعها علماء ومفكرو الشيعة، ومن قائل: إنَّ المهدي خرافة، وآخر يقول: إنَّه يولد في آخر الزمان، وآخر يقول: ولد سنة (225 هـ) في سرّ من رأى (سامراء) في بيت والده، وآخر قال: مات وهلك، ولا نعلم في أيِّ واد سلك.
فحديث: (الأئمة من بعدي إثنا عشر أوَّلهم علي وآخرهم المهدي) حديث روته السُّنة، والشيعة.
وحديث: (الخلفاء من بعدي إثنا عشر كلّهم من قريش) روته السُّنة والشيعة وقد كتبت المؤلفات في هذا الباب، ويمكن مراجعة ما ذكرناه تحت عنوان:
(عقيدة أهل السُّنة والأثر في المهدي المنتظر)، و(أحاديث المهدي (عليه السلام) خرّجها الأئمة في الصحاح)، و(بعض من الألف من أهل السُّنة في المهدي (عليه السلام))(143)، يُغني عن السؤال، ومراجعة بسيطة لمصادر البحث هي الأُخرى تُغني في المقام.(144)
إنَّ حقيقة المهدي (عليه السلام) من المسائل التي لا تنكر ولا تُهمل، على الرغم ممّا قال فيها وعندها الأعداء والمغرضون، والمشككون أولئك الذين ديدنهم التشكيك والتضليل والدس والنفاق.
والأحاديث صريحة في أن من ينكر وجود المهدي (عجّل الله فرجه)، ناكر للنبوّة، وبالتالي ناكر للوحدانية، لأنَّ المهدي (عليه السلام) خاتم الإمامة، كما أنَّ النّبي (صلى الله عليه وآله) خاتم النبوّة، وقد ورد في الأحاديث الشريفة أنَّ نقباء بني إسرائيل إثنا عشر نقيباً، وحواري عيسى بن مريم (عليه السلام) إثنا عشر، والأئمة من أهل النبوة (عليهم السلام) إثنا عشر إماماً؛ أوَّلهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) وآخرهم المهدي (عليه السلام).
والتشكيك والإنكار يأتيان عادة في الظلمة والفسقة والفجار والعملاء لهم.
لأنَّ المهدي (عليه السلام) يأتي ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً فيؤثرون ميتة الجاهلية لئلا تُضرب مصالحهم، لأنَّهم أهل دنيا.
ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن نغفل عن كون العدو يعرف هذا الأمر الذي يقلقه معرفة واضحة، ويحسب له ألف حساب.
والذي يقرأ التاريخ يجد ملوك بني العباس كيف كانوا على حذر وخوف من ولادة المهدي (عليه السلام)، وكيف كانوا يتعاملون مع آبائه، كما أشرنا إلى ذلك في ولادته.(145)
ولا عجب، حين يخرج علينا مَن ينكر المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) لأنَّ ذلك شيء طبيعي؛ إذ كلّما قرب ظهوره (عليه السلام)، وتحققت علامات ذلك نجد هناك من ينبري للتشكيك وبث الشبهات.
وهو دليل على وجوده (عليه السلام) كما نستفيد ذلك من الروايات والأحاديث الكثيرة ومنها تلك التي مرَّ ذكرها.

الفصل الثالث: النداء من المحتوم

قال الإمام الصادق (عليه السلام):
(اختلاف بني العباس من المحتوم، والنداء من المحتوم، وخروج القائم من المحتوم).(146)
(واذْكُر في الكتابِ موسى إنَّهُ كانَ مُخلصاً وكانَ رسولاً نبيّاً * وناديناهُ مِنْ جانِبِ الطورِ الأيْمَنِ وقرَّبناهُ نَجيّاً).(147)
(فَنادَتْهُ الملائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصلّي في المِحرابِ أنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيحيى مُصدِّقاً بِكلمَة مِنَ اللهِ وسيِّداً وحَصوراً ونبيّاً مِنَ الصالِحينَ).(148)
(وناديْناهُ أنْ يا إبراهيمُ * قدْ صدَّقتَ الرُّءيا إنّا كذلكَ نَجزي المُحسِنينَ).(149)
(وذِكْرُ رَحمَةِ رَبِّكَ زكريّا * إذْ نادى ربَّهة نِداءً خفيّاً * قالَ ربِّ إنّي وَهَنَ العظمُ مِنّي واشتَعَلَ الرأسُ شيباً ولَمْ أكُنْ بِدُعائِكَ ربِّ شَقيّاً).(150)
متى يكون النداء؟
النداء يوم الجمعة لثلاث وعشرين من شهر رمضان، أوَّل النهار بعد صلاة الصبح.
بمعنى أنَّ أوَّل الشهر الخميس، وعليه تكون ليلة الجمعة ثلاثاً وعشرين.
ما هو النداء؟
صوت من السماء، يسمعه الخلائق جميعاً كلٌ بلغته: ألا إنَّ الحق في علي وشيعته، ويراد به المهدي (عجّل الله فرجه) وشيعته، يوقظ النائم، ويُقعد القائم أو يخرجه إلى صحن الدار، والنداء يفزع اليقظان، ويُخرج العواتك من خدورهنَّ، وبسبب هذا النداء، تحرض العذراء أباها وأخاها على الخروج:
(يكون النداء ليلة الجمعة لثلاث وعشرين من شهر رمضان، أوَّل النهار بعد صلاة الصبح: ألا إنَّ الحق في فلان بن فلان وشيعته، توقظ النائم، وتُقعد القائم أو تخرجه إلى صحن داره، لأنَّها تفزع اليقظان، وتخرج العواتك من خدورهنَّ، فتحرض العذراء أباها وأخاها على الخروج).(151)
والنداء، صوت من السماء، عن جبرائيل، وصوت من الأرض عن إبليس عليه لعائن الله.
في الصوت الأوَّل؛ وبشارة للمؤمنين، وإنذار للمنافقين والكافرين، وفي الصوت الثاني؛ إشكال على السامعين، حتّى يقع الخلاف، ولكن من كان مسبوقاً أنَّ هناك نداءً سماوياً وصوتاً أرضياً قبل هذا، لا يهتم بالصوت الثاني، ويفرح للصوت الأوَّل ويستبشر لأنَّ الحق في طريقه إليه.
(لابدَّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم (عجّل الله فرجه): صوت من السماء، وهو صوت جبرائيل، وصوت من الأرض، وهو صوت إبليس اللعين).(152)
والنداء له صيغ متعددة:
(ينادي مناد من السماء: يا أهل الحق اجتمعوا، قيصيرون في صعيد، ثمَّ ينادي مرة أُخرى: يا أهل الباطل اجتمعوا، فيصيرون في صعيد واحد...).(153)
(ينادي مناد في شهر رمضان عند الفجر، من ناحية المشرق: يا أهل الهدى اجتمعوا، وينادي مناد من قِبل المغرب، بعد مَغيب الشمس: يا أهل الباطل اجتمعوا...).
ثمَّ جاء عن الباقر (عليه السلام) في الموضوع:
ينادي من السماء أوَّل النهار: ألا إنَّ الحق مع علي وشيعته، ثمَّ ينادي إبليس في آخر النهار من الأرض: ألا إنَّ الحق مع فلان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون، (وتلك نخوة الشيطان!) وأقول وأنا كاتب الحروف في قوله: ألا إنَّ الحق مع علي وشيعته) يريد به المهدي (عجّل الله فرجه) وشيعته، وأمّا: (ألا إنَّ الحق مع فلان وشيعته) وهو نداء إبليس عليه اللعنة، فهو: يريد به من فلان وشيعته، عثمان بن عنبسة وشيعته السفياني عليه اللعن، وتلك من سمومه عليه وعلى أتباعه لعائن الله.
والظاهر أنَّ النداء له صيغ متعددة.
ثمَّ قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
(إذا نادى مناد من السماء: إنَّ الحق في آل محمّد، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس، ويشربون حُبّه ولا يكون لهم ذكر غيره، نقلاً عن البيان).(154)
قال الإمام زين العابدين (عليه السلام):
والله إنَّ ذلك في كتاب الله لبين حيث يقول: (واستَمِع يَومَ يُنادِ المُنادِ مِنْ مَكان قريب * يَومَ يَسْمَعونَ الصيحةَ بالحقِّ ذلكَ يَومُ الخُروجِ).
فلا يبقى في الأرض أحد إلاّ خضع وذلّت رقبته لها، ويثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق، وهو النداء الأوَّل، ويرتاب الذين في قلوبهم مرض حين النداء الثاني.(155)
يُنادي مناد باسم القائم (عجّل الله فرجه)، واسم أبيه (عليه السلام).
والصيحة في هذه الآية في السماء وذلك يوم خروج القائم (عجّل الله فرجه).
ومع كل هذه الآيات، والدلائل المسموعة، هناك من يأخذ طريقه إلى الباطل، ويعرض عن الحق، وذلك لسوء التوفيق، والطينة الخبيثة، وحقّاً: ما في الاباء تجده في الأبناء، فالاباء من قبل أعرضوا عن الحق وحاربوه، والأبناء يعرضون عن الحق ويحاربوه.
فيه: قال أسند المفيد في إشارة أنَّ المنصور قال كسيف بن عميرة:
(لابدَّ من مناد من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب، ومن ولد فاطمة، ونحن أوَّل من يجيبه لولا أنّي سمعته من أبي جعفر محمّد بن علي (عليه السلام) ما قبلته ولو حدّثني به أهل الأرض).(156)
والفضل ما اعترفت به الأعداء؟ أبو جعفر المنصور الدوانيقي من أعدى أعداء الأئمة الهداة الميامين، يقر ويعترف يا سبحان الله، يا سبحان الله، لله درُّ الحق ما أعظمه؟!
(وردت نصوص مختلفة للنداء، وتواتر هذا النص:
ألا أيُّها الناس: إنَّ الله قد قطع مدّة الجبارين والمنافقين وأتباعهم، ووليكم خير أُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) فألحقوه بمكّة، فإنَّه المهدي).(157)
(... وينادي مناد من السماء: إنَّ أميركم فلان وذلك هو المهدي، والنداء يكون بصوت جبرائيل الأمين (عليه السلام)).
من عظمة هذا النداء أنَّه؛ نهاية الجبابرة والنفاق، وبداية الحق وأهله، فهنيئاً لمن يحظى بلقائه، والعيش في دولته، والنظر إلى طلعته، والشفاء على يديه، والسعادة في كنفه، ورؤية ذِلِّ الجبابرة، وتقهرهم على يديه، والنشوة والفرحة بالحق وأهله في دولته.(158)
من أين يجيء الصوت؟
(... ومناد ينادي من السماء، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح).(159)
ولخروج السفياني صوت:
(... فربما ينادي فيها الصّارخ مرتين ألا وإنَّ الملك في آل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فيكون ذلك الصوت من جبرائيل، ويصزخ إبليس لعنه الله، وإنَّ الملك في آل أبي سفيان، فعند ذلك يخرج السفياني).(160)
نداء من المشرق وآخر من المغرب
(... وينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عند الفجر: يا أهل الهدى اجتمعوا، وينادي مناد من قِبل المغرب بعدما يغيب الشفق: يا أهل الباطل اجتمعوا).(161)
الدعوة إلى المهدي (عجّل الله فرجه)
(... وهو الذي ينادي مناد من السماء يُسمعه الله جميع أهل الأرض بالدعاء إليه، يقول: ألا إنَّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله، فأتبعوه، فإنَّ الحق فيه ومعه، وهو قول الله عزَّ وجلّ: (إنْ نَشأْ نُنَزل عليهِم مِنَ السماءِ آيةً فَظَلَّت أعناقُهُم لَها خاضعينَ)(162)، هذا النداء يكون سبباً في اجتماع ثلاثة عشر ألفاً، أقل أو أكثر، وبه يقدم العراق).(163)
النداء باسمه واسم أبيه (عليه السلام)
(وقال: أخبرنا أحمد بن هوذة الباهلي عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ينادي باسم القائم يا فلان بن فلان قُم).(164)
وكفاهُ فخراً.
نداء جبرائيل (عليه السلام)
(وعنه، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم قال: ينادي مناد من السماء باسم القائم، فيسمع ما بين المشرق والمغرب، فلا يبقى راقد إلاّ قام، ولا قائم إلاّ قعد، ولا قاعد إلاّ قام على رجليه من ذلك الصوت، وهو صوت جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام)).(165)
خروج القائم (عجّل الله فرجه)
(وعنه، عن الحسن بن المحبوب، بن علي بن الحمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: خروج القائم من المحتوم، قلت: وكيف النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أوَّل النهار: ألا إنَّ الحق مع علي وشيعته، ثمَّ ينادي إبليس في آخر النهار: ألا إنَّ الحق مع عثمان وسيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون).(166)
عثمان وشيعته: أي عثمان بن عنبسة من أولاد عُتبة بن أبي سفيان عليه وعلى أتباعه لعائن الله.
المراد من علي وشيعته:
(وعنه، عن الحسن بن المحبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خروج القائم من المحتوم، قلت: وكيف النداء؟ قال: ينادِ مناد من السماء أوَّل النهار: ألا إنَّ الحق مع علي وشيعته، ثمَّ ينادي إبليس في آخر النهار: ألا إنَّ الحق مع عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون).(167)
الحق أولاً وآخراً في علي وشيعته، يدور معه ما دار، ولكن هنا كناية: يراد بها الحق في المهدي (عجّل الله فرجه) وشيعة المهدي، وهو كذلك، وليس في عثمان وشيعته.
نداء عام
(وقال: حدّثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا سعد بن عبد الله قال: حدَّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن هشام بن سالم، عن زُرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ينادي مناد باسم القائم (عجّل الله فرجه)، قلت: خاص أم عام؟ قال: عام يسمع كل قوم بلسانهم، قلت: فمَن يخالف القائم (عجّل الله فرجه) وقد نُودي باسمه؟ قال: لا يدعهم إبليس حتّى يُنادي في آخر الليل فيشكك الناس).(168)
إنَّ أتباع إبليس كثيرون وإنَّ الحق أوضح من التشكيك، وكلٌ يعمل على شاكلته، وما هذه الكتابات إلاّ بيان هو الآخر.
إنَّ أمر آل البيت (عليهم السلام) أبيَن من الشمس
(وقال: حدَّثنا محمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن الحارث بن المغيرة النضري، عن ميمون البان قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) في فُسطاطه، فرفع جانب الفُسطاط، فقال: إنَّ أمَرَنا لو قد كان لكان أبينَ من هذه الشمس، ثمَّ قال: ينادي مناد من السماء إنَّ فلان بن فلان هو الإمام باسمه، وينادي إبليس في الأرض كما نادى برسول الله (صلى الله عليه وآله)، ليلة العَقَبة).(169)
العجيب في الأمر أنَّ الله تعالى يريد بالناس الخير، ويأتيهم بالآيات والبينات، ولكن تأبى نفوسهم الأمّارة بالسوء إلاّ اتّباع الشيطان، ألا لعنة الله على القوم الظالمين.
نداء في المحرم
قلنا فيما سبق إنَّ النداء في شهر رمضان المبارك، وفي ليلة الجمعة منه، وهنا:
نداء في المحرم، والظاهر أنَّها نداءات متتالية في أوقات مختلفة من أماكن متعددة فلا يلتبس على السامع والحق بيّن، كما أنَّ الباطل بيّن.
وعن شهر بن حوشب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (في المحرم ينادي مناد من السماء: ألا إنَّ صفوة الله من خلقه فلاناً - يعني المهدي (عجّل الله فرجه) - فاسمعوا له وأطيعوا)، أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب (الفتن).(170)
ولكن مع هذا نرى الأُلوف المؤلفة تجتمع حول السفياني، مع كل هذه النداءات والبيانات، كما اجتمعت من قبل حول الجمل.
من علامات ظهور المهدي (عجّل الله فرجه):
مناد ينادي من السماء، وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: (إذا نادى مناد من السماء: إنَّ الحق في آل محمّد فعند ذلك يظهر المهدي)، أخرجه الحافظ أبو القاسم الطبري في (معجمه) والحافظ أبو نعيم الأصفهاني في (مناقب المهدي) ورواه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب (الفتن)، ينادي مناد من السماء باسم المهدي، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، حتّى لا يبقى راقد إلاّ استيقظ.(171)
النداء هذا بلاغ لأهل الأرض، النائم منهم واليقظان، من كان في المشرق والمغرب، وهو شيء حسن، لئلا يقول القائل ما سمعت، وما أُنذرت، ولكي يسأل بعد النداء ما هذا وما حقيقته؟ وهو مكلّف بالسؤال، وإسقاط التكليف عن نفسه، ولهذا يرتاب المبطلون، أمّا أولئك الذين سمعوا ووعوا، وكانوا على بيّنة من الأمر فهم على خير، وإنَّ هذه الأحاديث ما جاءت عن عبث ولا اعتباط، وإنَّما جاءت وفق الحكمة الربوبية، فهي إمّا عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وإمّا عن الأئمة (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) وكلاهما صحيح، فظهور الحجة، حجة لابدَّ منها، ولابدَّ للحجة من علامة، ومن علامته، النداء السماوي، باسمه واسم أبيه، أو بكُنيته، ونداء من السماء يعمُّ أهل الأرض، ويسمع كل أهل لغة بلغتهم...(172).
وهنا جدَّ جديد في موعد الصوت: هل هو الصوت الذي في شهر رمضان ليلة الثالث والعشرين منه، أو إنَّه مسبوق، أو إنَّه في ليلة النصف من شهر رمضان؟!
(... وصوت في ليلة النصف من رمضان، يوقظ النائم ويفزع اليقظان).(173)
كلا، إنَّه سبق لسان، أو خطأ من النُساخ، أو اشتباه غير متعمد...
فالنداء في شهر رمضان المبارك في ليلة جمعة الثالث والعشرين منه، أي أنَّ أوَّل الشهر المبارك الخميس وعليه العمل والله أعلم.
أمّا النداء على سور دمشق، فالظاهر والله أعلم؛ دمشق بلد محاددة، لدولة اليهود، واليهود تراهم في مرتفعات الجولان، ولهم إذاعات، فإذا كان الهجوم على دمشق بالوعد والوعيد والتهديد بالشر والدمار، وهذا شأن الدول المتحاربة، وكلٌ يعرض عضلاته، وإذا ضُربت دمشق، كانت علامة من علامات خروج السفياني وبالتالي خسف في قرية من قراها تُعرف (خرستا) وما إلى ذلك ممّا ذكر في فصل السفياني.
(... وينادي مناد من سور دمشق: ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب).(174)
وهذا أقرب للواقع، فإنَّ إسرائيل التي تمتلك الأسلحة النووية الفتّاكة، تمتلك هذا الأسلوب من التهديد والوعيد، وإذا وقع الذي نحتمله، تكون نهاية هذه الدولة، وبداية دولة الحق الكبرى.
والظاهر أنَّ النداء والصيحة واحد، فمصدره: من جبرائيل (عليه السلام)، ومن السماء، أمّا النداء الأرضي، وصيحة إبليس فهي من الأرض، ولو أنَّه يرتفع من الأرض شيئاً حتّى يسمع نداءه الناس، ويوقع الخلاف بينهم، وهذا من شأنه لأنَّه من علائم يومه الموعود.
وعن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام)، أنَّه قال: (للمهدي خمس علامات: السفياني، واليماني، والصيحة من السماء، والخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكية)(175)، والعلامات هذه من المحتومة.
وعن أبي جعفر محمّد بن علي (عليه السلام)، أنَّه قال: (إذا رأيتم ناراً من المشرق ثلاثة أيّام أو سبعة، فتوقعوا فرج آل محمّد إن شاء الله تعالى، ثمَّ قال: ينادي مناد من السماء باسم المهدي، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب حتّى لا يبقى راقد إلاّ استيقظ، ولا قائم إلاّ قعد، ولا قاعد إلاّ قام على رجليه، فزعاً من ذلك، فرحم الله عبداً سمع ذلك الصوت فأجاب، فإنَّ الصوت الأوَّل هو صوت جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام)).(176)
يذهب البعض إلى أنَّ هذه النار كانت يوم فُجِّرت الآبار في الكويت، ولكن لم تَبق ثلاثة أيّام أو سبعة، لكنَّها بقيت أكثر من ذلك بكثير.
لكنها نار تحرك الرايات السود، ويكون فرج الله الأكبر والله أعلم.
نقول: إنَّ النداء، ليس واحد، وإنَّما نداءات متكررة:
(وعن الزهري، قال: إذا التقى السفياني والمهدي للقتال يومئذ يُسمع صوت من السماء: ألا إنَّ أولياء الله أصحاب فلان، يعني المهدي.
قال الزهري: وقالت أسماء بنت عُمَيس: إنَّ أمارة ذلك اليوم، أنَّ كفّاً من السماء مُدلاة، ينظر إليها الناس.
أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب (الفتن).
ولما كان النداء آية، وكانت هناك آيات قبل خروج المهدي (عجّل الله فرجه):
وعن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: لا يخرج المهدي حتّى تطلع مع الشمس آية، أخرجه الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد).(177)
كل هذا لعظمة الحدَث، وما بعده، بحيث حتّى دائرة الفلك تتغير، إذ يأمر الله تعالى أن يُبطي الفلك في مسيره، فتكون السنة كعشرة سنين ممّا نعدُّ، وإنَّ السماء تنزل قطرها وبركاتها، وتخرج الأرض نباتها وكنوزها، والبركات التي أودعها الله تعالى، بحيث يلعب الصبي مع الحيّات، ويرعى الأسد مع البقر، ويكون الذئب في الغنم كالكلب فيها، والناس في أمان، واطمئنان لا حسد ولا محسود، ولا ظلم ولا مظلوم، فهنيئاً لمن يدرك ذلك، اللّهم فعجّل لوليك الفرج والعافية والنصر.
فالنداء؛ جاء تارة صيحة، وأُخرى صوت، وثالثة ورابعة، والمهم هو بيان لما سبق ليس إلاّ:
(وعن محمّد بن علي (عليه السلام)، قال: الصوت في شهر رمضان، في ليلة الجمعة، فاسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار، صوت الملعون إبليس، ينادي: ألا إنَّ فلاناً قد قتل مظلوماً، يُشكك الناس ويفتنهم، فكم في ذلك اليوم من شاكٍّ متحيّر، فإذا سمعتم الصوت في رمضان - يعني الأوَّل - فلا تشكّوا أنَّه صوت جبرائيل (عليه السلام)، وعلامة ذلك أنَّه ينادي باسم المهدي واسم أبيه.
وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، قال: إذا نادى مناد من السماء: إنَّ الحق في آل محمّد فعند ذلك يظهر المهدي).(178)
كل هذا: لبيان حقيقة أنَّ المهدي (عجّل الله فرجه) آت لا محال، وأنَّ الباطل المتمثل بالشيطان والسفياني، مُندحر لا محال، والتشكيك ماله إلى الندم.
نعم، فالنداء هذه المرة: هادٌّ من السماء يوقظ النائم، ويفزع اليقظان.
(قال: هادٌّ من السماء يوقظ النائم، ويفزع اليقظان، ويخرج الفتاة من خدرها، ويسمع الناس كلهم، فلا يجي رجل من أُفق من الآفاق إلاّ حدّث أنَّه سمعه. أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر المنادي في كتاب (الملاحم)).(179)
للمهدي (عليه السلام) ظهوران، ظهور على الأفواه، وظهور واقع
(قال أبو قبيل: قال أبو رومان: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): إذا نادى مناد من السماء، أنَّ الحق في آل محمّد، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس، ويشزبون ذكره، فلا يكون لهم ذكر غيره.
أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر، ابن المنادي؛ في كتاب (الملاحم)، وأخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب (الفتن) وانتهى حديثه عند قوله: (فتلك إمارة خروج السفياني).(180)
فالنداء: هو الصوت، والمنادي؛ الذي يصدر منه الصوت، والمنادى عليه، البشرية، والذي يصدر منه الصوت بأمر من الله تعالى: هو جبرائيل (عليه السلام)، والذي يريده بالصوت: المهدي (عجّل الله فرجه).
أمّا الصوت الذي يصدر من الأرض، فمصدره؛ إبليس عليه لعائن الله، أو الاذاعات والمراد به في الصوت؛ عثمان بن عنبسه السفياني.
وللنداء صيغ كما أشرنا إلى ذلك سلفاً ومنه:
(وعن شهر بن حوشب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (في المحرم ينادي مناد من السماء: ألا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان - يعني المهدي - فاسمعوا له وأطيعوا).
أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب (الفتن)).(181)
كل هذا ما يدفع باليقين، ويقطع الشك، ولا مهدي غير مهدي آل محمّد (عليه السلام)، ومن شك بعد فقد كفر وعليه لعنة الله.
قلنا: النداء له صيغ متعددة، ولكن النداء الأساس هو ذاك الذي يقول: ألا إنَّ الحق في علي وشيعته، يريد به المهدي وشيعته، ويقابله النداء الذي يُشكك، الذي يقول: ألا إنَّ الحق في عثمان وشيعته، والذي يريد به: عثمان بن عنبسه السفياني وشيعته.
وهناك نداء خاص من ملك غير جبرائيل (عليه السلام):
(في ذكر الملك الذي يخرج مع المهدي (عجّل الله فرجه) عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يخرج المهدي، وعلى رأسه ملك ينادي: هذا المهدي فاتبعوه، قلت: هذا حديث حسن روته الحفاظ والأئمة من أهل الحديث كأبي نعيم والطبراني وغيرهما).(182)
وهذا نداء من نوع آخر، عن نصر بن مزاحم، قد يكون نداء إذاعة أو مكبرة صوت، أو نداء ملك مقرب مأمور:
(الفضل بن شاذان، عن نصر بن مزاحم، عن أبي لُهيعة، عن أبي زرعة، عن عبد الله بن رزين، عن عمّار بن ياسر، أنَّه قال: دعوة أهل بيت نبيّكم في آخر الزمان، فالزموا الأرض وكفوا حتّى تَرو قادتها، فإذا خالف الترك الروم وكثر الحرب في الأرض يناد مناد على سور دمشق ويل لازم من شرٍّ قد اقترب، ويخرّ حائط مسجدها).(183)
إنَّ هذا الحائط علامة هدَّه يذهب فيها أكثر من مائة ألف هي رحمة للمؤمنين، ونقمة للمنافقين والكافرين، ويعقب سقوط حائط مسجدها، خسف في قرية (خرستا) وتلك علامة خروج السفياني، وخروج السفياني من علائم ظهور المهدي، ومجي اليماني، والخراساني، ووقوع الخسف بالبيداء، ونظامه كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً، اللَّهم فعجّل لوليك الفرج والعافية والنصر.
ورد في الحديث الشريف: العجب كل العجب بين جمادى ورجب، ورد أنَّ في شهر رجب المرجب ثلاثة أصوات في السماء:
(سعيد بن عبد الله، عن الحسين بن علي الزنبوري، وعبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال العبرتائي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حديث له طويل اختصرنا منه موضع الحاجة، أنَّه قال: لابدَّ من فتنة صماء صيلم يقصد فيها كل بطانة ووليجة، وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي يبكي عليه أهل السماء، وأهل الأرض، وكم من مؤمن متأسف حيران حزين عند فقد الماء المعين، كأنّي بهم أسرَّ ما يكونون، وقد نُودوا نداءً يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب يكون رحمة للمؤمنين، وعذاباً للكافرين، فقلت: وأي نداء هو؟ قال: ينادون في رجب ثلاثة أصوات من السماء، صوتاً منها: ألا لعنة الله على الظالمين، والصوت الثاني: أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين، والصوت الثالث: يريدون بدناً بارزاً نحو عين الشمس؛ هذا أمير المؤمنين، قد كرَّ في هلاك الظالمين، وفي رواية الحميري، والصوت بَدن يُرى في قرن الشمس يقول: إنَّ الله بعث فلاناً فاستمعوا له وأطيعوا، وقالا جميعاً: فعند ذلك يأتي الناس الفرج، وتود الناس لو كانوا أحياء، ويشفي الله صدور قوم مؤمنين).(184)
كل هذه النداءات، والبيانات، لمن كان له قلب، وخشي الرحمن بالغيب، لعله يؤمن بحقيقة الواقع، ومع هذا، نرى هناك من يميل ميلاً، ولا يتّعظ أصلاً، فيحارب المهدي (عجّل الله فرجه)، كما حاربوا من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن بعد أمير المؤمنين (عليه السلام)، والأئمة الهداة الميامين (عليهم السلام)، وهذه الجولة آخر الجولات فهم لعائن الله تعالى، وإنَّ غداً لناظره قريب.
النداء المحتوم، الذي يأتي من السماء، وهو صوت جبرائيل (عليه السلام)، ويكون ليلة الجمعة في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان المبارك، ويسبق النداء أُمور عظيمة:
(حدَّثنا علي بن الحسن، قال: حدَّثنا محمّد بن يحيى العطار قال: محمّد بن الحسن الرازي، قال: حدَّثنا محمّد بن علي الكوفي، قال: حدَّثنا علي بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:قلت له: جعلت فداك متى خروج القائم؟ فقال: يا أبا محمّد إنا أهل بيت لا نوقِّت، وقد قال (صلى الله عليه وآله) كذب الوقّاتون، يا أبا محمّد إنَّ قُدّام هذا الأمر خمس علامات:
أولهنَّ: النداء في شهر رمضان، وخروج السفياني، وخروج الخراساني، وقتل النفس الزكية، وخسف بالبيداء، وذهاب ملك بني العباس، ثمَّ قال: يا أبا محمّد إنَّه لابدَّ أن يكون قبل ذلك الطاعونان الأبيض والطاعون الأحمر، قلت: جعلت فداك، وأيُّ شيء هما؟ فقال: أمّا الطاعون الأبيض فالموت الجارف، وأمّا الطاعون الأحمر فالسيف، ولا يخرج القائم حتّى ينادى باسمه في جوف السماء في ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان ليلة الجمعة، قلت: بِمَ ينادي؟ قال: باسمه، واسم أبيه، ألا إنَّ فلان بن فلان قائم آل محمّد (صلى الله عليه وآله) فاسمعوا له وأطيعوا، فلا يبقى شيءٌ من خلق الله فيه الروح إلاّ سمع الصيحة، فتوقظ النائم ويخرج إلى صحن داره، وتخرج العذراء من خدرها، ويخرج القائم لمّا يسمع الصوت، وهي صيحة جبرائيل (عليه السلام)).(185)
بيان
(الجارف الموت العام، وفاعل يخرج ضميره يُرجع إلى النائم، والعذراء البكر).(186)
ولعلَّ المراد من الموت العام، الحرب العالمية الثالثة، حرب النجوم والصواريخ عابرة القارات، والأسلحة الجرثومية والكيمياوية، التي تودي بثلثي العالم كما قيل، وسيأتي بيان ذلك، والسيف هنا كناية عن هذه الحروب الجانبية التي أودت وتودي بالكثير، والعالم يشهد، وبات مسرحاً للحروب المفروضة والنزاعات المفتعلة، التي هي الأُخرى تودي بالكثير.
يسبق النداء (الغواية) والغواية هنا إشارة إلى المبادي المستوردة البرّاقة الجذّابة في شعارها والضالة في مبادئها، وقد أقسم الشيطان في قوله: (ولأُغوينَّهُم إلاّ عبادكَ مِنهُم المُخلَصين).(187)
الطمع الدنيوي بعد كيد الأعادي، الذين سيطروا على الأسواق والإعلام والعروش، فبات الناس في شَرك، حيث لا حيلة في أيديهم سوى الرضوخ إلى ما تُملى عليهم، نعم: مع قلة الهداية، والهداية من أين تأتي والسجون والقيود، والأحكام الصارمة أمام الدعاة للحقِّ.
من خلال الأحاديث المتكررة، يجد القاري العزيز أنَّ ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، الليلة التي وعد الله بها عباده في النداء باسم القائم (عليه السلام)، وهذا لا يعني أنَّ القائم (عليه السلام) إذا سمع النداء باشر بالظهور، ولكن يعقب ذلك بليالي وأيّام، كما جاء في الحديث: ويقوم في يوم عاشوراء الخبر، والحال بين النداء وعاشوراء (107) أيّام على فرض أنَّها تامّة، والتوقيت مرفوض في قوله: (لا تُوقتوا كَذَبَ الوقّاتون) واللهُ أعلم.
7 أيّام الباقية من شهر رمضان المبارك + 30 شوال + 30 ذي القعدة + 30 ذي الحجة + 10 محرّم الحرام، يكون المجموع = (107) أيّام على فرض تمام هذه الأشهر.
وأغلب الغاوين هم اليهود والنصارى، وضعاف النفوس الذين باعوا، ويبيعوا آخرتهم بدنيا فانية وبدراهم معدودة.
وبفعل الغواية، يشمل الناس موت وقتل، فينادي مناد صادق:
(... عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يشمل الناس موت وقتل حتّى يلجأ الناس عند ذلك إلى الحرم فينادي مناد صادق من شدّة القتال، فيما القتل والقتال صاحبكم فلان)(188)، كناية عن المهدي (عليه السلام).
يظهر أنَّ القتل والقتال الذي ورد في الحديث الشريف: (وإذا كان الهرج والمرج، قالوا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله): وما الهرج والمرج؟ قال: القتل والاقتتال)، يكون على أشدّه قبل الظهور، فما عليك أيُّها القاري العزيز إلاّ أن تكون حَلس الدار، إلاّ للضرورة، والله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.
(حدّثنا أحمد قال حدَّثنا: علي بن الحسين التيملي من كتابه في رجب سنة سبع وسبعين ومائتين قال: حدّثنا محمّد بن عمير بن يزيد بياع السابري ومحمّد بن الوليد بن خالد الخزاز جميعاً قالا: حدَّثنا حماد بن عيسى بن عثمان، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنَّه ينادي باسم صاحب هذا الأمر مناد من السماء ألا إنَّ الأمر لفلان بن فلان ففيمَ القتال؟).(189)
هناك بعض الأحاديث لم تعيّن اليوم والساعة التي يكون فيها النداء، وتكتفي بنوع من صيغة النداء:
(الفضل بن شاذان، عن ابن محبوب، عن علي بن حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خروج القائم من المحتوم، قلت: وكيف يكون النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أوَّل النهار ألا إنَّ الحق في علي وشيعته، ثمَّ ينادي إبليس لعنه الله في آخر النهار، ألا إنَّ الحق في عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون).(190)
بيان
المراد في عثمان: عثمان بن عنبسة.(191)
وقد سبق لنا أن أوردنا حديثاً يذكر أنَّ النداء الجمعة لثلاث ساعات مضين منه في ليلة الجمعة الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك، وبه يقطع على الذي في قلبه مرض.
وهناك نداء لوليمة من السماء في قرقيسيا: (هلموا إلى لحوم الجبارين):
(محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضالة، عن ابن عقبه، عن أبيه، عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يا ميسر، كم بينكم، وبين قرقيسيا؟ قلت: هي قريب على شلطي الفرات.
قال: أمّا إنَّه سيكون بها وقعة لم تكن منذ خلق الله سبحانه وتعالى السموات والأرض، ولا يكون مثلها ما دامت السماوات، مأدبة الطير يشبع منها، وسباع الأرض، وطيور السماء، يهلك فيها قيس فلا تدعوا لها داعية.
وروى غير واحد وزاد فيه: وينادي مناد: هلموا إلى لحوم الجبارين).(192)
والنداء المشار إليه الذي هو من الحتميات، وهو من علامات الظهور، وخروج السفياني:
(أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدَّثنا محمّد بن الفضل وسعدان بن إسحاق بن سعيد، وأحمد بن الحسين بن عبد الملك، ومحمّد بن أحمد بن الحسن جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنَّه قال: يا جابر لا يظهر القائم حتّى يشمل الناس بالشام فتنة يطلبون المخرج منها فلا يجدونه، ويكون قتل بين الكوفة والحيرة قتلاهم على سواء وينادي مناد من السماء).(193)
فخروج السفياني، وخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكية، والمنادي من السماء:
(... وبه عن هارون بن مسلم، عن أبي خالد القمّاط، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال: من المحتوم الذي لابدَّ أن يكون من قبل قيام القائم: خروج السفياني، وخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكية، والمنادي من السماء).(194)
النداء لا يأتي من جبرائيل (عليه السلام) فحسب، وإنَّما من ملك آخر.
ابن عمر رفعه: ملك من السماء ينادي ويحث الناس ويقول: إنَّه المهدي فأجيبوه (انتهى فصل الخطاب).(195)
والمهدي لا يظهر بدون أن ينادي مناد يسمعه كل حيّ:
(حدَّثنا أحمد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا الحسين بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن شرحبيل، قال أبو جعفر (عليه السلام)، وقد سألته عن القائم فقال: إنَّه لا يكون حتّى ينادي مناد من السماء يسمع أهل المشرق والمغرب، حتّى تسمع (تسمعه خ ل) الفتاة في خدرها).(196)
النداء والصيحة شيء واحد، ومصدره جبرائيل (عليه السلام) في شهر رمضان:
(... ثمَّ قال: الصيحة لا تكون إلاّ في شهر رمضان، لأنَّ شهر رمضان شهر الله، وهي صيحة جبرائيل (عليه السلام) إلى هذا الخلق، ثمَّ قال: ينادي مناد من السماء باسم القائم فيسمع من بالمشرق، ومن بالمغرب، لا يبقى راقد إلاّ استيقظ، ولا قائم إلاّ قعد، ولا قاعدٌ إلاّ قام على رجليه فزعاً من ذلك الصوت، فرحم الله عبداً سمع ذلك الصوت، من اعتبر بذلك الصوت، فأجاب، فإنَّ الصوت صوت جبرائيل الروح الأمين (عليه السلام) وقال: الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين، فلا تشكوا في ذلك، واسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي ألا إنَّ فلاناً قُتل مظلوماً ليُشكك الناس، ويفتنهم، فكم في ذلك اليوم من شاكٍّ متحيّر قد هوى في النار فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان، فلا تشكّوا فيه إنَّه صوت جبرائيل (عليه السلام)، وعلامات ذلك أنَّه ينادي باسم القائم، واسم أبيه، حتّى تسمع العذراء في خدرها، فتحرض أباها، وأخاها على الخروج وقال: لابدَّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم، صوت من السماء، وهو صوت جبرائيل (عليه السلام) باسم صاحب هذا الأمر واسم أبيه، والصوت الذي من الأرض، وهو صوت إبليس اللعين ينادي باسم فلان إنَّه قُتل مظلوماً يُريد بذلك الفتنة، فاتّبعوا الصوت الأوَّل، وإيّاكم والأخير أن تُفتنوا به).(197)
كل هذه التأكيدات، حتّى لا يقع الناس في حبائل الشيطان، ويشك في الأمر، وإلاّ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
(... عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ينادي مناد باسم القائم (عليه السلام)، قلت: خاص أو عام؟ قال: عام يسمع كل قوم بلسانهم، قلت: فمن يخالف القائم (عليه السلام)، وقد نودي باسمه؟ قال: لا يدعهم إبليس حتّى ينادي في آخر الليل فيُشكك الناس).(198)
(... وعن المعلى بن خُنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: صوت جبرائيل (عليه السلام) في السماء، وصوت إبليس من الأرض، فأتبعوا الصوت الأوَّل وإيّاكم والأخير أن تُفتنوا به).(199)
(... عن الثمالي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنَّ أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: إنَّ خروج السفياني من الأمر المحتوم، قال لي: نعم، واختلاف ولد العباس من المحتوم، وقتل النفس الزكية من المحتوم، وخروج القائم (عليه السلام) من المحتوم، فقلت له: فكيف يكون النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أوَّل النهار: ألا إنَّ الحق في علي وشيعته، ثمَّ ينادي إبليس لعنه الله في آخر النهار: ألا إنَّ الحق في السفياني وشيعته، فيرتاب عند ذلك المبطلون).(200)
نقول: ما ضرَّ لو قُرئَت كُتُب الشيعة؟ قبل فوات الأوان؟!
قلنا: إنَّ النداء، يختلف تارةً وأُخرى، فمرة يقول النداء فلان ابن فلان، وأُخرى الحق في علي وشيعته، يريد به المهدي وشيعته، وأُخرى يقول: باسمه واسم أبيه (عليهم السلام)، وأُخرى يقول: إنَّ أميركم فلان، وهكذا، فالكلُّ يُقصد به صاحب العصر والزمان، صلوات الله عليه وعلى آبائه:
(... فينادي مناد من السماء: أيُّها الناس! إنَّ أميركم فلان، وذلك هو المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً).(201)
وكما في هذا الحديث يريد عموم أهل الحق، وعموم أهل الباطل:
(... عن عجلان أبي صالح قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا تمضي الأيّام والليالي حتّى ينادي مناد من السماء: يا أهل الحق اعتزلوا، يا أهل الباطل اعتزلوا، ويعزل هؤلاء من هؤلاء، قال: قلت أصلحك الله يخالط هؤلاء وهؤلاء بعد ذلك النداء؟، قال: كلاّ إنَّه يقول في الكتاب: (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ المؤمنينَ على ما أنتُم عَليهِ حتّى يَميزَ الخَبيثَ مِنَ الطيِّبِ)).(202)
وهناك رواية مفادها إذا اجتمع الجيشان أو الفئتان، خرج من هؤلاء من يظهر الإيمان، ويبطن الكفر والنفاق إلى هؤلاء، وخرج من يظهر الكفر والنفاق من يبطن الإيمان من هؤلاء، وهو نفس المعنى، فيتواجه الحق والباطل والعاقبة للمتقين، والله تعالى نسأل حسن العاقبة وقبول العمل لما يحب ويرضى، وأن يجعلنا والقاري العزيز من جُند المهدي، صلوات الله عليه وعلى آبائه، وأن يجعلنا من الثابتين على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).
ولما كانت دمشق منطلق الأمور، من حيث إنَّها إذا ضربت أو تعرّضت لهدة وخسفت قرية من قراها والتي تُعرف (خرستا) نادى مناد من على سورها، أي من حدودها، وهذا النداء جاء بالويل والثبور للعرب في قوله: (ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب).
(... وترى منادياً ينادي بدمشق، ...).(203)
وهناك أحاديث تكررت في كثير من المصادر أعرضنا عن ذكرها وذكر مصدرها خشية التكرار، وإلاّ لو أردنا أن نحصي كل ما جاء في النداء لاجتمع لدينا الكثير الكثير، ومن قيد الخلاف كان علي (عليه السلام) هو المحور، حيث اعترف الأعداء له قبل الأحبّة والأصدقاء بالأولوية والأحقيّة لذا نرى بعض الأحاديث تأتي بهذا المعنى، وتريد الحجّة (عليه السلام):
(ابن عقدة، عن علي بن الحسن، عن العباس بن عامر عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
ينادي مناد من السماء: أنَّ فلاناً هو الأمير، وينادي مناد أنَّ علياً وشيعته هم الفائزون).(204)
والحقيقة أنَّ هذه المسألة لها علامة بما روته الرواة، فالذين على بيّنة من الأمر قبل الظهور الشريف، هم أدرى من غيرهم بعد الظهور، لأنَّهم سبقوا الحدث بالمعرفة، لا كمَن أنكر أصل المطلب جملة وتفصيلاً من حيث المبدأ، وحاربوا على ذلك، وتربَّت الأجيال على ذلك، فهم أولى بالارتياب، والحيرة، وهنا يمكن القول: إنَّ دور الشيطان لا يُنسى!
إنَّ النداء، رحمة، وفيه الفرج، لأنَّه بيان، وبلاغ للناس، فمَن شاء فليؤمن ومن دونه الإشكال وارد.
(ابن عقدة، عن علي بن الحسن، ... عن هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنَّ الجريري أخا إسحاق يقول لنا: إنَّكم تقولون: هما نداءان فأيّهما الصّادق من الكاذب؟، فقال أبو عبد الله (عليه السلام)، قولوا له: إنَّ الذي أخبرنا بذلك، وأنت تنكر أن هذا يكون هو الصّادق).(205)
(عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: هما صيحتان: صيحة في أوَّل الليل، وصيحة في آخر الليلة الثانية، قال: فقلت: كيف ذلك؟ فقال: واحدة من السماء، وواحدة من إبليس، فقلت: كيف تعرف هذه من هذه؟ فقال: يعرفها من كان سمع بها قبل أن تكون).(206)
ونحن نقول: بكل فخر واعتزاز، قرأنا، وسمعنا من المشايخ والعلماء، أنَّ النداء حق وأنَّ المنادي حق وهو الحجّة من أهل بيت النبوة، وأنَّ نداء إبليس على غير حق، وأنَّ منادى إبليس على باطل، وأنَّ السفياني ليس كالمهدي (عليه السلام)، وأنَّ الحق أحق أن يُتّبع.
عزيزي القاري:
إقرأ واسأل، فإنَّ هذا الأمر من حقائق الأمور، وما على الرسول إلاّ البلاغ المبين، وإنَّ غداً لناظره قريب، وإنَّه لابدَّ من مهدي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما مُلئت جوراً وظلماً، ولابدَّ من سفياني تعرف به الحقائق، وتكشف الناس على حقيقتها.
إنَّ إبليس عليه لعائن الله تعالى، لا يأتي منه إلاّ الباطل، ولا يدعو إلاّ إلى الغواية والضلال، فهو حينما يسمع صوت جبرائيل (عليه السلام) وأنَّ الحق في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وشيعته، تثور ثائرته، ويُجند جُنده، وأتباعه لا يقاع الناس في الحيرة والشك، فينادي نداءه المشؤوم: ألا إنَّ الحق في عثمان وشيعته (يريد به السفياني وشيعته)، عجباً ما كان أبو سفيان حتّى يكون عثمان بن عنبسة، فهم أهل بيت عادوا الرسول وأهل بيته وحاربوه بكل ما أُتوا، وها قد مضى أكثر من أربعة عشر قرناً، وفي آخر الزمان يُطالب إبليس بدم عثمان لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.
(ابن عقدة، عن علي بن الحسن التيمليّ، عن عمرو بن عثمان، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فسمعت رجلاً من همدان يقول (له): إنَّ هؤلاء العامّة يُعيّرونا، ويقولون لنا إنَّكم تزعمون أنَّ منادياً ينادي من السماء باسم صاحب الأمر، وكان متكئاً فغضب، وجلس ثمَّ قال: لا ترووه عنّي وأرووه عن أبي ولا حرج عليكم في ذلك؛ أشهد أنّي سمعت أبي (عليه السلام) يقول:
والله إنَّ ذلك في كتاب الله عزَّ وجلّ لبيِّنٌ حيث يقول: (إنْ نَشأ نُنزِّلُ عليهم مِنَ السماءِ آيَة فَضلَّت أعناقُهُم لَها خاضِعينَ).(207)
فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلاّ خضع وذلَّت رقبته لها فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إنَّ الحق في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وشيعته، فإذا كان الغد صعد إبليس في الهواء حتّى يتوارى عن أهل الأرض ثمَّ ينادي: ألا إنَّ الحق في عثمان بن عفان وشيعته، فإنَّه قُتل مظلوماً، فاطلبوا بدمه، قال: فثبَّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق، وهو النداء الأوَّل، ويرتاب يومئذ الذي في قلوبهم مرض، والمرض والله عداوتنا، فعند ذلك يتبرَّؤون منّا ويتناولونا، فيقولون: إنَّ المنادي الأوَّل سحرٌ من سحر أهل البيت (عليهم السلام)، ثمَّ تلا أبو عبد الله (عليه السلام) قول الله عزَّ وجلّ: (وإنْ يَروا آيَةً يُعرِضوا ويَقولُوا سِحْرٌ مُستَمرّ)).(208)
غَمامة تُنادي
غمامة بيضاء على رأس المهدي (عجّل الله فرجه) تظلّه من الشمس، تنادي بلسان فصيح:
(الفحّام، عن عمّه،... عن محمّد بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام)في حديث اللّوح: م ح م د يخرج في آخر الزمان على رأسه غمامة بيضاء تظلّه من الشمس، تنادي بلسان فصيح يسمعه الثقلين والخافقين: هو المهدي من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً).(209)
إنَّ للمهدي كرامات عدّة، تُطوى له الأرض، ولا يكون له ظلّ، وهو الذي ينادي مناد من السماء باسمه يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه:
(الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد قال: قال علي بن موسى الرضا (عليه السلام): لا دين لمَن لا ورع له، ولا إيمان لمَن لا تقيّة له، إنَّ أكرمكم عند الله عزَّ وجلّ أعملكم بالتقيّة قبل خروج قائمنا فمَن تركها قبل خروج قائمنا فليس منّا.
فقيل له: يا ابن رسول الله ومَن القائم من أهل البيت؟ قال: الرابع من ولدي ابن سيّدة الإماء يطهّر الله به الأرض من كل جور، ويقدّسها من كل ظلم، وهو الذي يشك الناس في ولادته، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنور ربّها؛ ووضع ميزان العدل بين الناس، فلا يظلم أحدٌ أحداً، وهو الذي تُطوى له الأرض، ولا يكون له ظلّ، وهو الذي ينادي مناد من السماء باسمه، يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه، يقول: ألا إنَّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه، فإنَّ الحق معه وفيه، وهو قول الله عزَّ وجلّ: (إنْ نَشأ نُنزِّلُ عليهم مِنَ السماءِ آيَة فَضلَّت أعناقُهُم لَها خاضِعينَ)).(210)
وإذا أشكل على المشكلين حديث أو فكرة، فلا يشكل عليهم النداء من السماء باسمه واسم أبيه:
(... فإن أشكل عليهم من ذلك شيء فإنَّ الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذا نودي باسمه واسم أبيه).(211)
من صيغ النداء
(عنه، عن محمّد، عن ابن فضال والحجال، عن داود بن فرقد قال: سمع رجل من العجيلة، هذا الحديث قوله:
ينادي مناد ألا إنَّ فلان بن فلان، وشيعته هم الفائزون أوَّل النهار، وينادي آخر النهار؛ ألا إنَّ عثمان وشيعته هم الفائزون، قال: ينادي أوَّل النهار منادي آخر النهار فقال الرجل: فما يُدرينا أيّما الصادق من الكاذب؟ فقال: يصدقه عليها من كان يؤمن بها قبل أن ينادي، إنَّ الله عزَّ وجلّ يقول: (أفَمَنْ يَهدي إلى الحقِّ أحقٌّ أنْ يُتَّبَعَ أمَّنْ لا يَهدِّي إلا أنْ يُهدى)).(212)
ما خفي على الناس شيء، وقد مضى على الأحاديث أكثر من أربعة عشر قرناً، وهذه المكتبات والمدارس، والعلماء والمعاهد والكلّيات، ووسائل الاتصال والإنترنت، وما أقل من يقرأ ويكتب، والراديو لا يخلو من فوائد في هذا الباب، وبعد كل هذا نداء يسمعه الكل يكفي في المقام، والشك هذا ما هو إلاّ العناد، والعناد فحسب، والعداء والحسد، لأهل بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، ومن لا تكفيه هذه الشواهد كفى به أعمى لا يُبصر، ولا يرى الشمس في رائعة النهار.
إن أعدى عدو الإنسان نفسه التي بين جنبيه، النفس الأمّارة بالسوء، إلاّ ما رحم ربّي، أضف إلى ذلك الشيطان اللّعين الرجيم، فهو لضعاف النفوس بالمرصاد، يزين لهم الباطل، ويقبح لهم الحق، حتّى إذا ما وقعوا في شراكه، ضحك منهم، وتبرَّأ:
(حدَّثنا أبي (رضي الله عنه) قال: حدَّثنا سعد بن عبد الله قال: حدَّثنا محمّد بن الحسن بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
ينادي مناد باسم القائم (عليه السلام)، قلت: خاص أو عام؟ قال: عام، يسمع كل قوم بلسانهم، قلت: فمَن يخالف القائم (عليه السلام)، وقد نودي باسمه؟ لا يدعهم إبليس حتّى ينادي (في آخر الليل) ويشكك الناس).
والحقيقة أنَّ أمر أهل البيت (عليهم السلام) بيِّن، ولكن أرادوها فكانت، أرادوا أن لا تجتمع النبوة والخلافة (الإمامة) في بيت واحد، كما أرادها الله تعالى، فعملوا جهدهم بشتّى الطرق، فكان ما أرادوا، ولكن هذه المرة، جبرائيل (عليه السلام) هو المنادي، والثاني عشر هو المتصدّي، والله تعالى هو الذي يريد، ولا يكون إلاّ ما يريده الله تعالى، مهما كادوا وأنكروا وجاءوا بالشبهات لا يغيّر من الأمر شيئاً، على يديه يملأ الله الأرض عدلاً وقسطاً وعلى يديه خذلان الباطل وفي زمان حكمه تنهار جبابرة الزمان الدجال اليهودي والسفياني الصليبي، والدجالة الصغار من الحكام وغيرهم).(213)
عزيزي القاري تأمّل هذا الحديث الشريف:
(قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الله بن مروان، عن سعيد بن يزيد التنوخي، عن الزهري، قال: إذا التقى السفياني والمهدي للقتال يومئذ يسمع صوت من السماء: ألا إنَّ أولياء الله أصحاب فلان، يعني: المهدي.
هذا الحديث: قال الزهري: قالت أسماء بن عُميس: إنَّ إمارة ذلك أنَّ كفّاً من السماء مدلاة ينظر إليها الناس).(214)
طوبى لمَن كان من أصحاب المهدي (عليه السلام)، وقد لا يصدّق البعض أنَّ كفّاً من السماء مدلاة ينظر إليها الناس، ولكن هناك ما هو أعجب، نزول عيسى (عليه السلام)، وهو من الحتميات، وقد تكون رجعة إدريس النّبي (عليه السلام)، كلّ هذا لتكون حجّة بعد أُخرى حتّى إذا ما صدق البعض وكذّب الآخر، ليسعد من سعد عن بيّنه، ويشقى من شقي عن بينّة.
وكما كان النداء الحتمي في شهر رمضان ليلة الجمعة ثلاث وعشرين من الشهر المبارك، فهناك نداءات أُخرى في غيره من الأوقات فمثلاً: في المحرم ينادي مناد من السماء:
(بإسناده إلى الوليد، قال أخبرني عنبسة القرشي عن سلمة بن أبي سلمة عن شهر بن حوشب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(في ذي القعدة تحارب القبائل، وفي ذي الحجة يُنتهب الحاج، وفي المحرم ينادي مناد من السماء).(215)
قلنا: إنَّ النداء يأتي بصيغ متعددة، وفي أوقات مختلفة:
(قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا وليد ورشدين، عن ابن لُهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي، قال:
(بعد الخسف ينادي مناد من السماء: أنَّ الحق في آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، في أوَّل النهار، ثمَّ ينادي مناد في آخر النهار: أنَّ الحق في ولد عيسى، وذلك نخوة من الشيطان).
نعم، لا يمكن القول أنَّ النداء نداء واحد وكفى، ولكنه نداء آت، وبالتالي في الحديث الحق في آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، وقبالة ذلك: أنَّ الحق في ولدي عيسى، كناية عن النصارى الذين يكونون مع السفياني، فكيد الشيطان ضعيف لأنَّه يعلم أنَّه قرب اليوم الموعود، فيشكك الناس، فتارةً: يذكر مظلومية عثمان، وأُخرى أنَّ الحق في فلان وفلان، وثالثة في ولد عيسى، وهكذا الدليل على بطلان مدّعاه، وأحقية نداء جبرائيل (عليه السلام)، وأنَّ الحق الحقيقي في محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم في المهدي وشيعته، وأنَّهم أولياء الله، والعلاقة بين النداء والحجّة علاقة متينة وقويّة، من حيث أنَّ القائم (عليه السلام) لا يقوم حتّى ينادي مناد من السماء:
(وأخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن أبي جعفر محمّد بن سفيان اليزومري، عن أحمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قُتيبة النيشابوري، عن الفضل بن شاذان النيشابوري، عن الحسن بن علي بن فضال، عن المثنى الحنّاط، عن الحسن بن زياد الصيقل، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) يقول: أنَّ القائم لا يقوم حتّى ينادي مناد من السماء تسمع الفتاة في خدرها، ويسمع أهل المشرق والمغرب، وفيه نزلت هذه الآية: (إنْ نشأ نُنزِّل عليهِم مِنَ السماءِ آية فَضلَّتْ أعناقُهُم لَها خاضِعينَ)).(216)
هناك أُمور تعد مهمّة تلازم النداء، قبله وبعده:
(وعن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): خروج السفياني من المحتوم؟ قال: نعم، والنداء من المحتوم، وطلوع الشمس من مغربها محتوم، واختلاف بني العباس في الدولة محتوم، وقتل النفس الزكية محتوم، وخروج القائم من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) محتوم، قلت: وكيف يكون النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء في أوَّل النهار: ألا إنَّ الحق مع علي وشيعته، ثمَّ ينادي إبليس في آخر النهار من الأرض: ألا إنَّ الحق في عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون، قلت: لا يرتاب إلاّ جاهل لأنَّ منادي السماء أولى أن يقبل من منادي الأرض).(217)
ويفهم من بعض الأحاديث أنَّ الأئمة (عليهم السلام) كانوا يؤكدون على عدم القيام قبل الحجّة، وكانوا (عليهم السلام) يوصون بلزوم الأرض وعدم تحريك اليد والرجل في هذا الباب حتّى ترى علامات ذُكرت:
(وعن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إلزم الأرض، ولا تحرك يداً ولا رجلاً حتّى ترى علامات أذكرها لك، وما أراك تُدرك ذلك، اختلاف بني العباس، ومناد ينادي من السماء، وخسف قرية من قرى الشام تُسمى الجابية، ونزول الترك الجزيرة، ونزول الروم الرملة، واختلاف كثير عند ذلك في كل أرض حتّى تخرب الشام، ويكون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها، راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني).(218)
ومثل الحديث السالف، ولكن باختلاف له قيمته:
(أحمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنَّ أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: خروج السفياني من المحتوم، والنداء من المحتوم، وطلوع الشمس من المغرب من المحتوم، وأشياء كان يقولها من المحتوم.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): واختلاف بني فلان من المحتوم، وقتل النفس الزكية من المحتوم، وخروج القائم من المحتوم.
قلت: وكيف يكون النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أوَّل النهار يسمعه كل قوم بألسنتهم: ألا إنَّ الحق في علي وشيعته، ثمَّ ينادي إبليس في آخر النهار من الأرض: ألا إنَّ الحق في عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون).(219)
ويظهر في السنة التي يكون فيها النداء، وبالخصوص نداء شهر محرم الحرام هناك معمعة، يختلف فيها الناس، وتكون هناك أصوات وانفجارات يتّبع بعضها
بعضاً كبعبعة الكباش:
(قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا الوليد بن مسلم، عن عنبسة القرشي، عن سلمة بن أبي سلمة، عن شهر بن حوشب، قال: قال رسول الله (عليه السلام):
(في المحرم ينادي مناد من السماء: ألا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان، فاسمعوا له وأطيعوا، في سنة الصوت والمعمعة).(220)
وليعلم القاري العزيزى:
أنَّ النداء، والصوت، والصيحة واحد:
(حدَّثنا محمّد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن أبيه، عن أبي المعزا، عن المعلى بن خُنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
صوت جبرائيل (عليه السلام) من السماء، وصوت إبليس من الأرض، فاتَّبعوا الصوت الأوَّل، وإيّاكم والأخير أن تُفتنوا به).(221)
إنَّ النداء والصوت والصيحة، صوت جبرائيل (عليه السلام) في يوم الجمعة من شهر رمضان المبارك، ولكن قيامه وخروجه الشريف بين الركن والمقام في محرم الحرام العاشر منه، يوم قتل الحسين (عليه السلام) يوم سبت، ينادي بالبيعة له:
(الفضل بن شاذان، عن محمّد بن علي الكوفي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
(ينادي باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قُتل فيه الحسين بن علي (عليه السلام)، لكأني به في يوم السبت العاشر من محرم قائماً بين الركن والمقام، جبرائيل (عليه السلام) بين يديه ينادي بالبيعة له، فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض، تُطوى لهم طيّاً، حتّى يبايعوه، فيملأ الله به الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً).(222)
وخلاصة البحث عزيزي القاري
1 - النداء، والصوت، والصيحة واحد.
2 - النداء من المحتوم يكون في شهر رمضان المبارك، يوم الجمعة ليلة الثالث والعشرين بصوت جبرائيل (عليه السلام) وهو الحق، ويجب اتّباعه، أمّا الصوت الآخر، فصوت إبليس لعنه الله تعالى، يرتاب به المبطلون.
3 - ظهور الحجّة (عليه السلام) في محرم الحرام، يوم السبت العاشر منه، يوم قتل الحسين (عليه السلام) فيه على خبر، لأنَّ التوقيت ليس من عقيدتنا وقد قيل: (كذب الوقاتون).
وهناك قول: أنَّه يخرج يوم الجمعة، وآخر في يوم النوروز، وثالث والله أعلم.
اللّهم اجعلنا ممّن يسمع النداء، ويتّبع الأوَّل، اللّهم اجعلنا من جُند الحجّة (عليه السلام)، فإنَّ جُنده هم المفلحون، وهم أولياء الله، والحجّة هو صفوة الله تعالى، ولنا وقفة مع (الصيحة).
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.
اللّهم عجِّل لوليك الفرج والعافية والنصر، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

الفصل الرابع: السفياني من المحتوم

عثمان بن عنبسة من أولاد عتبة بن أبي سفيان المعروف بالسفياني
السفياني من المحتوم
(وقال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، عن محمّد بن المفضل، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عيسى بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال:
(السفياني من المحتوم، وخروجه في رجب ومن أوَّل خروجه إلى آخره خمسة عشر شهراً؛ ستة أشهر تقاتل فيها، فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر لا يزيد عليها يوماً).
قال وزعم هشام أنَّ الكور الخمس دمشق وفلسطين والأردن وحُمص وحلب).(223)
(وعن معاني الأخبار عن أبي عبد الله (عليه السلام): إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله قلنا صدق الله، وقالوا كذب الله، قاتل أبو سفيان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قاتل معاوية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي (عليه السلام) والسفياني يقاتل القائم، وعن أبي جعفر (عليه السلام) السفياني والقائم (عجّل الله فرجه) في سنة واحدة).(224)
السفياني
اسمه: عثمان.
أبوه: عنبسة من أولاد عتبة بن أبي سفيان.
(حدَّثنا محمّد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه) قال: حدَّثنا عمّي محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن محمّد بن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال أبي (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس وهو رجل رَبعة، وحش الوجه، ضخيم الهامة، بوجهه أثر جُدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان، أبوه عنبسة، وهو من ولد أبي سفيان حتّى يأتي أرضاً ذات قرار ومعين فيستوي على منبرها).(225)
الديانة: نصراني.
(... ويظهر من الأخبار أنَّ الدّجال لعنه الله يهودي، والسفياني نصراني، فلذلك يسير الدَّجال إلى المغرب، والسفياني إلى المشرق، يملك ثمانية أشهر...).(226)
محل الخروج
يخرج من الوادي اليابس في بلاد الشام.
(قال: حدَّثنا محمّد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه) قال: حدَّثني عمّي محمد بن أبي القاسم عن محمّد بن علي الكوفي عن محمّد بن أبي عمير عن عمر بن أُذينة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، قال أبي (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، وهو رجل ربعة وحش الوجه ضخم الهامة، بوجهه أثر جُدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان، وأبوه عنبسة، وهو من ولد أبي سفيان حتّى يأتي أرضاً ذات قرار ومعين، فيستوي على منبرها).(227)
صفته
أشقر، أحمر، أزرق، يقول: يا ربِّ ثاري ثاري ثمَّ النار.(228)
هو رجل ربعة، وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر جُدري، إذا رأيته حسبته أعور.
(حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال: قال لي أبو عبد الله الصادق (عليه السلام):
إنَّك لو رأيت السفياني، لرأيت أخبث الناس، أشقر أحمر أزرق، يقول: يا ربِّ ثاري ثاري ثمَّ النار، وقد بلغ من خبثه أنَّه يريد أنَّه يدفن أُمِّ ولد له وهي حيّة، مخافة أن تدلَّ عليه).(229)
(قال الأحنف: ومِن أيِّ قوم السفياني؟ قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
هو من بني أُميّة، وأخواله كلب، وهو عنبسة بن مُرة بن كُليب بن سلمة بن عبد الله بن عبد المقتدر بن عثمان بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أُمّة بن عبد شمس، من أشدِّ خلق الله شرّاً، وألعن خلق الله حدّاً، وأكثر خلق الله ظلماً...).(230)
وهناك: سفياني أوَّل، وسفياني ثاني، أمّا الأوَّل: فصاحب هَجر أبو طاهر سليمان بن الحسن القرمطي، ذكر ذلك السليلي، وأمّا السفياني الثاني: فصاحب الشام.
(فقال (عليه السلام): بعد التحميد العظيم والثناء على الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله):
سلوني، سلوني في العشر الأواخر من شهر رمضان قبل أن تفقدوني، ثمَّ ذكر الحوادث بعده، وقتل الحسين (عليه السلام)، وقتل يزيد بن علي رضوان الله تعالى عليه، وإحراقه وتذريته في الرياح، ثمَّ بكى (عليه السلام)، وذكر زوال ملك بني أُميّة، وملك بني العباس، ثمَّ ذكر ما يحدث بعدهم من الفتن، وقال: أوَّلها السفياني وآخرها السفياني، فقيل له: وما السفياني والسفياني؟ فقال: السفياني صاحب هَجر، والسفياني صاحب الشام، وذكر السليلي أنَّ السفياني الأوَّل أبو طاهر سليمان بن الحسن القُرمطي).(231)
فالدّمار والخراب، والقتل وسفك الدّماء، وهتك الأعراض، وغلي أطفال الشيعة في القدور، يكون على يد السفياني (سفياني الشام) الذي يعيث في الأرض الفساد، الذي يهتك حرمة المدينة المنوّرة، وإذا أراد هتك حرمة مكّة المكرّمة، أمر الله تعالى جبرائيل (عليه السلام) أن يخسف بجنده الأرض في البيداء، وله مواقف يَندى لها الجبين سنتعرَّض لها لاحقاً إن شاء الله تعالى.
ومن علائم ظهور المهدي صلوات الله عليه وعلى آبائه، قيام السفياني على أعواد دمشق وما جاورها.
ولقد بلغ من خبثه أنَّه يدفن أُم ولد له، وهي حيّة مخافة أن تُدلِّ عليه:
(وفي البحار، عن عمر بن يزيد قال: قال لي الصادق (عليه السلام):
إنَّك لو رأيت السفياني رأيت أخبث الناس، أشقر أحمر أزرق يقول: يا ربِّ يا ربِّ يا ربِّ ثاري ثمَّ للنار، أي مع إقراره ظاهراً بالرب، يفعل ما يستوجب للنار، ويصير إليها للنار، ولقد بلغ من خبثه أنَّه يدفن أُم ولد له وهي حيّة مخافة أن تُدلِّ عليه (وفيه) عن غيبة الطوسي عن بنت الحسن بن علي (عليه السلام) تقول: لا يكون هذا الأمر الذي تنتظرون حتّى يبرأ بعضكم من بعض، ويلعن بعضكم بعضاً، ويتفل بعضكم في وجه بعض، وحتّى يشهد بعضكم بالكفر علي بعض، قلت: ما في ذلك من خير؟ قالت: الخير كلّه في ذلك، عند ذلك يقوم قائمنا فيرفع ذلك كلّه).(232)
مدّة حُكمه
1 - في خبر تسعة أشهر (حمل امرأة).
(وبالإسناد عن قَرقارة، عن محمّد بن علي بن خلف، عن الحسن بن صالح بن الأسود، عن عبد الجبار بن العباس الهمداني، عن عمّار الدهني قال: قال أبو جعفر (عليه السلام):
كم تعدون بقاء السفياني فيكم؟ قلت: حمل امرأة، تسعة أشهر، قال: ما أعلمكم يا أهل الكوفة).(233)
2 - في خبر ثمانية أشهر لا يزيد يوماً.
(وروى قتيبة عن محمّد بن عبد الله بن منصور الجبلي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اسم السفياني فقال:
وما تصنع باسمه؟! إذا ملك كور الشام الخمسة: دمشق، حُمص، وفلسطين، والأردن، وقنسرين، فتوقع عند ذلك الفرج، قلت: يملك تسعة أشهر؟ قال: لا، ولكن يملك ثمانية أشهر لا تزيد يوماً).(234)
3 - وفي خبر: حمل جمل.
(وعنه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
إنَّ السفياني يملك بعد ظهوره على الكور الخمس (حمل امرأة)، ثمَّ قال (عليه السلام): أستغفر الله (حمل جمل)، وهو من الأمر المحتوم الذي لابدَّ منه).
قد يكون خلاف ما جاء في بعض الروايات، ومهما يكن مدّة استقراره، أو الجمع بين ذلك، فهو كما يأتي:
(عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
إنَّ السفياني يملك بعد ظهوره على الكور الخمس (حمل امرأة)، ثمَّ قال: أستغفر الله (حمل جمل)، وهو من الأمر المحتوم الذي لابدَّ منه).(235)
بيان
حمل امرأة: أي مدّة حمل امرأة، وهو تسعة أشهر، وحمل جمل، وهو أحد عشراً شهراً، هذا ولا تنافي بين هذا الخبر والخبر السابق، بأن يحمل ما دلَّ على الثمانية على استقرار ملكه وما دلَّ على الأكثر، على تزلزل الملك أيضاً مراتب، فالزائدة على الثمانية أشهر ينزل على المراتب كما لا يخفى، ولقد أوردنا الحديث كما جاء، وبقى لنا أن نقول: إنَّ مدّة بقائه قبل استقراره بعد الحروب التي يخوضها مع الأطراف هكذا، ومهما يكن من أمر فهو لا يزيد على تسعة أشهر.
من علائم خروج السفياني
1 - خروج رجل يقال له: (عوف السلمي) بأرض الجزيرة، ويكون مأواه بكريت، وقتله بمسجد دمشق.
2 - خروج شعيب بن صالح من سمرقند، وهنا لنا وقفة:
ما المراد بأرض الجزيرة؟ أهي جزيرة العرب؟ أم هي أرض الجزيرة التي بين العراق وسوريا وتركيا؟ أم هي جزيرة الفاو، في جنوب العراق؟ أم هي جزيرة صقلّيه، أم ماذا؟ الله أعلم.
مأواه بكريت: أهي جزيرة كريت؟ أم إنَّها كويت وعملته النساخ؟ كريت، أم إنَّها الكوت في وسط العراق؟ أم ماذا؟ الله أعلم.
ولكن المهم أنَّ قبل ظهور السفياني الفقرتان أعلاه.
3 - خروج الشيصباني اسم من أسماء الشيطان، يخرج قبل السفياني، وأغلب الظن هو صدام التكريتي، الذي ما ترك عملاً من أعمال الشيطان إلاّ وجاء بأكثر وأكبر منه أضعافاً مضاعفة، والعلاقة واضحة، فقد اعتمد على السحرة وأهل التنجيم والشعبذة اعتماداً كُلياً، وهؤلاء اعتمادهم على الشياطين، والمراد من الجن، وأنَّ ما جاء به صدام من هذا لم تأتِ به الأوائل، وقد فاقها أضعافاً مضاعفة، والله أعلم.
(حدَّثنا أبو سليمان أحمد بن هُوذة الباهلي، قال: حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاث وسبعين ومأتين، قال: حدَّثنا أبو محمّد عبد الله بن حماد الأنصاري سنة تسع وعشرين ومأتين، عن عمر بن شمر، عن جابر الجُعفي، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن السفياني فقال:
وأنّي لكم بالسفياني حتّى يخرج قبله الشيصباني يخرج من أرض كوفان ينبع كما ينبع الماء، يقتل وفدكم، فتوقعوا بعد ذلك السفياني، وخروج القائم (عليه السلام).
بيان
(الشيصباني: اسم للشيطان، وهو كناية عن رجل يخرج قبل السفياني).(236)
خروج السفياني في نفس السنة التي يظهر فيها القائم (عليه السلام):
(حدَّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن الحازم، قال: حدَّثنا عنبسة بن هشام الناشري عن عبد الله بن جبلة، عن محمّد بن سليمان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر بن علي (عليه السلام) قال: السفياني والقائم (عليه السلام) في سنة واحدة).(237)
وخروج السفياني والقائم (عليه السلام) في سنة واحدة، وخروج السفياني علامة من علامات خروج المهدي (عجّل الله فرجه).
(... وأنَّه من علامة خروجه (عليه السلام) خروج السفياني من الشام، وخروج اليماني، وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومنادي ينادي من السماء باسمه واسم أبيه...).(238)
(علي بن أحمد بن عبد الله بن موسى قال: أخبرني أحمد بن أبي أحمد المعروف بأبي جعفر الوراق، عن اسماعيل بن عياش، عن مهاجر بن حكيم، عن المغيرة بن سعيد، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال:
إذا اختلفت الرمحان بالشام لم ينجلِ الاّ عن آية من آيات الله، قيل: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: رجفة تكون بالشام يهلك فيها أكثر من مائة ألف يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذاباً على الكافرين، فإذا كان ذلك، فانظروا إلى أصحاب البراذين الشُهب المحذوفة، والرايات الصفر التي تُقبل من المغرب حتّى تحل بالشام، وذلك عند الجزع الأكبر والموت الأحمر، فإذا كان ذلك، فانظروا خسف قرية من قُرى دمشق يُقال لها: (مرمرشا)، فإذا كان ذلك، خرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، حتّى يستوي على منبر دمشق، فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي).(239)
إذا خرج السفياني، يبعث جيشاً إلى الحجاز، وجيشاً إلى العراق:
(حدَّثنا محمّد بن همام قال: حدَّثني جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدَّثني الحسن بن وهب قال: حدَّثني إسماعيل بن آبان، عن يونس بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
إذا خرج السفياني يبعث جيشاً إلينا، وجيشاً إليكم، فإذا كان كذلك فأتونا صَعبٌ وذلول).(240)
من علامة خروجه
اختلاف بني فلان فيما بينهم:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابم محبوب، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
لا ترون ما تُحبون حتّى يختلف بنو فلان فيما بينهم، فإذا اختلفوا طمع الناس، وتفرّقت الكلمة، وخرج السفياني).(241)
وبنو فلان كناية عن بني العباس، ويقع هذا في زماننا حكم البعث، فقد طغوا وتجبروا، ونهجوا في سياستهم منهج بني العباس، وبلغوا في الطغيان والبنيان مبلغاً ظنوا أنَّهم مانعتهم حصونهم، وأموالهم وسياستهم وسلاحهم وأتباعهم، ولكن وقع الخلاف بينهم، وتفرّقت كلمتهم وأصبحوا غرضاً لسهام من نالوا منهم، يتبعهم الأعداء، وراء كل حجر ومدر، يلوذون بالمغاور والكهوف والقرى والأرياف، خوفاً وطمعاً في النجاة، ولكن هيهات هيهات، وقع الذي لم يكونوا يتوقعونه، فأصبحوا إلى مزابل التاريخ أسرع.
السفياني والكوفة
(قال: حدَّثنا الحكم بن نافع عن جراح، عن أرطأة، قال: يدخل السفياني الكوفة، فيسبيها ثلاثة أيّام، ويقتل من أهلها ستّين ألفاً، ويمكث فيها ثماني عشرة ليلة، يقسّم أموالها، ودخوله الكوفة، ثمَّ ذكر تمام الحديث - إلى أن تبعث الرايات السود بالبيعة إلى المهدي).(242)
فهو الحقد الدفين في الآباء والأبناء، ومن حقده:
(... ثمَّ يأتي الكوفة فيطيل بها المكث ما شاء الله أن يمكث حتّى يظهر عليها ثمَّ يسير حتّى يأتي العذراء هو ومن معه، وقد لحق به ناسٌ كثيرٌ، والسفياني يومئذ بوادي الرملة حتّى إذا التقوا وهو يوم الأبدال، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يقتل يومئذ السفياني ومن معه...).(243)
(... يخرّب جيش السفياني ثمَّ ينحدر إلى الكوفة، فيحرّقون ما حولها، ثمَّ يخرجون متوجهين إلى الشام معهم السبايا والغنائم، فتخرج راية هدى من الكوفة - هي راية الخراساني - فيقتلونهم، لا يفلتوا منهم مخبرٌ، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم).(244)
(إذا بلغ السفياني الكوفة، وقتل أعوان آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، وقتل رجلاً من مسميهم، خرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح التميمي).(245)
من أوحش ما يفعل، إنَّه يجمع له الأطفال، ويغلي الزيت، فيغليهم، وهكذا يفعل الرجال:
(... قال: ولا يزال السفياني يقتل كل من اسمه محمّد وعلي وحسن وحسين وفاطمة وجعفر وموسى وزينب وخديجة ورقية بغضاً وحنقاً لآل محمّد (صلى الله عليه وآله)، ثمَّ يبعث في جميع البلدان، فيجمع له الأطفال، ويغلي لهم الزيت، فيقول له الأطفال: إن كان آباؤنا عصوك فما ذنبنا نحن؟ فيأخذ كل من اسمه على ما ذكرت فيغليهم في الزيت، ثمَّ يسير إلى كوفانكم هذه فيدور فيها كما تدور الدوامة، فيفعل بالرجال كما يفعل بالأطفال، ويصلب على بابها كل من اسمه حسن وحسين، ثمَّ يسير إلى المدينة فينهبها في ثلاثة أيّام، ويقتل منها خلق كثير، ويصلب على مسجدها كل من اسمه حسن وحسين، فعند ذلك يغلي دمائهم كما غلى دم يحيى بن زكريّا، فإذا رأى ذلك الأمر أيقن بالهلاك، فيولّي هارباً، ويرجع منهزماً إلى الشام، فلا يرى في طريقه أحداً يخالف عليه إذا دخل عليه فإذا دخل إلى بلده اعتكف على شرب الخمر والمعاصي، ويأمر أصحابه بذلك، فيخرج السفياني وبيده حربة ويأمر بالمرأة، فيدفعها إلى بعض أصحابه، فيقولوا له: افجر بها في وسط الطريق، فيفعل بها ثمَّ يبقر بطنها ويسقط الجنين من بطن أُمّه، فلا يقدر أحد ينكر عليه ذلك، قال: فعندها تضطرب الملائكة في السماوات، ويأذن الله بخروج القائم من ذريتي، وهو صاحب الزمان، ثمَّ يشيع خبره في كل مكان، فينزل حينئذ جبرائيل (عليه السلام) على صخرة بيت المقدس، فيصيح في أهل الدنيا:
قد جاء الحق، وزهق الباطل إنَّ الباطل كان زهوقاً...).(246)
ولا غرابة، فإنَّما فعلته الآباء في الحرة والطف ليس بغريب على الأبناء أن يفعلوه، نعم فهو الحقد الدفين في الآباء والأبناء ومن حقده:
(حدَّثنا نعيم حدَّثنا الوليد عن أبي عبد الله عن الوليد بن الهشام المعطي عن آبان بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط سمع ابن عباس يقول: ثمَّ يخرج السفياني فيقاتل حتّى يبقر بطون النساء، ويغلي الأطفال في المراجل).(247)
نعم، إنَّه إن فعل لم يبق له ناصر في الأرض ولا عاذر في السماء، فتخرج عليه جماعة من أرض الآجام والقصب، ومن ضعفاء الكوفة، يقتلون مقاتلته ويأخذون السبايا منه، ويفر الباقون.
السفياني والكوفة
فهو يعطي الجوائز على قتل شيعة علي حتّى يثب الجار على جاره ليفوز بالجائزة:
(الفضل عن إسماعيل بن مهران، وعثمان بن حبلة، عن عمر بن آبان الكلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
كأنّي بالسفياني أو بصاحب السفياني قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة، فنادى مناديه، من جاء برأس شيعة علي، فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره هذا منهم، فيضرب عنقه، ويأخذ ألف درهم، أمّا أمارتكم يومئذ لا تكون إلاّ لأولاد البغايا، كأنّي أنظر إلى صاحب البرقع، قلت: ومن صاحب البرقع؟ قال: رجل منكم يقول بقولكم، يلبس البرقع، فيحوشكم فيعرفكم، ولا تعرفونه، فيغمزكم رجلاً رجلاً، أمّا إنَّه لا يكون إلاّ ابن بغي).(248)
وإن ما حدث على عهد صدام التكريتي لا يقل فضاعة، لا بل يفوق، إنَّ قتله كان يعني أخذه للجيش الشعبي، وبعد مرور أيّام وإذا به جي ملفوفاً بالعَلَم من الخطوط الأمامية ينزف دمّاً حتّى يصل إلى المقبرة، وإلاّ فالسجن أولى ثمَّ القتل في السجن، أو تحت التعذيب، أو إخراج السجناء جماعات جماعات، ليدفنوا أحياء، أو ليرموا بالرصاص، ثمَّ يؤخذ من أهاليهم ثمن الرمي والرصاص، وهكذا!
أمّا أولئك الذين يذوّبون بأحواض التيزاب، أمّا أولئك الذين بأشعة ليزر، أمّا أولئك الذين تجرى عليهم تجارب للأسلحة الاستراتيجية فحدِّث ولا حرج، وأمّا أن يترك السجين يموت جوعاً أو عطشاً في سجون مجهولة تحت الأرض فحدِّث ولا حرج هي الأُخرى، وقع هذا وأكثر من هذا، شعب عريق مثل شعب العراق، وقع بيد هؤلاء الجلاوزة أسيراً كالعبد يُباع ويُشرى، وتتحكم فيه الأهواء، والرغبات، ولأكثر من ثلاث عقود عجاف شداد، وبالتالي يأتي من يريد العون لإصلاح ما أفسده الدهر، كان الله في عون الشيعة على مرّ التاريخ الأسود الملطخ بالعار، والنازل به غضب الجبار، يا ليت شعري، ما فعلته الشيعة؟
حتّى تستوجب هذا الدمار الذي لا يفتر على مرّ القرون والزمان؟
أمّا أنَّه الامتحان، وعنده يكرم المرء أو يُهان...
في اليوم الذي كنت أكتب هذه الصفحة، نقلت وكالات الأنباء، كيف ومتى وأين، أُلقي القبض على صدام التكريتي، وبعد ذلك الجبروت، والحكم الدموي، وإذا به كالجُرذ الصحراوي يعيش في جُفره على أرذل حال يكون، وكلّه جُبن، وقلّة حياء.
السفياني ومصر
وكما أحدث في الكوفة، ومن قبل المدينة المنورة، يحدث في مصر:
قتلاً وهتكاً للأعراض وسبياً:
(قال: حدَّثنا عبد الله بن مروان عن أبيه، عن عبد الله العمري، عن القاسم بن محمّد، عن حُذيفة، قال:
إذا دخل السفياني أرض مصر، أقام فيها أربعة أشهر يقتل ويسبي، فيومئذ تقوم النائحات، باكية تبكي على استحلال فرجها، وباكية تبكي على قتل أولادها، وباكية تبكي على ذلّها بعد عزّها، وباكية تبكي شوقاً إلى قبورها).(249)
ليعلم القاري أنَّ العدو لا يمكن أن يكون صديقاً، مادام عدوّاً وإنَّ أهل بيتين تعاديا في الله قال أهل البيت (عليهم السلام): صدق الله، وقال آل أبي سفيان: كذب الله.
لا جنّة ولا نار، وإنَّ أهل البيت (عليهم السلام) خُلقوا رحمة للعالمين، فاختاروا الآخرة على الدنيا، وتحملوا مشاقها، وإنَّ آل أبي سفيان اختاروا الدنيا على الآخرة، فنالوها بالدّماء، وهتك الأعراض والمنكرات، والعاقبة للمتقين، ألا هل من متّعظ؟
(ال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا الحكم بن نافع عن جرّاح عن أرطأة، قال:
في زمان السفياني الثاني تكون الهدّة حتّى يظن كل قوم أنَّه قد خرب ما يليهم).(250)
إنَّ هذه الآيات من خسوف وأمطار وصواعق، ومسخ، وغلاء وقحط، ووقوع بأس القوم بينهم، كل ذلك، وتسلط الأعداء ما حرّك ضمير أولئك الذين يعبدون الدنيا ليقولوا: ما بالنا بعد العزِّ ذُللنا؟!
(قال الوليد: وأخبرني شيخ، عن الزهري، قال: في ولاية السفياني الثاني وخروجه علامة تُرى في السماء).(251)
معارك السفياني
(نعيم عن الحكم بن جرّاح عن أرطأة، قال: يُقال السفياني الترك، ثمَّ يكون استئصالهم على يدي المهدي (عليه السلام)).(252)
فتنة السفياني
(... قال عبد الله بن مسعود: قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أُحذركم سبع فتن تكون بعدي: فتنة تُقبل من المدينة، وفتنة بمكّة، وفتنة تُقبل من اليمن، وفتنة تُقبل من الشام، وفتنة تُقبل من المشرق، وفتنة تُقبل من المغرب، وفتنة تُقبل من بطن الشام، وهي فتنة السفياني).(253)
وقت خروج السفياني: هو من المحتوم، وخروجه في رجب من الوادي اليابس:
(حدَّثنا محمّد بن الحسن (رضي الله عنه) قال: حدَّثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عيسى بن أعين، عن المعلّى بن خُنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إنَّ أمر السفياني من المحتوم وخروجه في رجب).(254)
ما يجب قبل السفياني واختلاف بني فلان
(عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن عثمان بن عيسى، عن بكر بن محمّد، عن سدير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
يا سدير إلزم بيتك، وكن حَلساً من أحلاسه، واسكن ما سكن الليل والنهار، فإذا بلغك أنَّ السفياني قد خرج، فأرحل إلينا، ولو على رِجلك).(255)
ما أحسن هذا الحديث، وما أليقه بزماننا، وخصوصاً في بُلدان مخصوصة من بلاد الإسلام، والعدو يأكل بعضه بعضاً، والعجلة تدور، وتسحق من يزاحمها، فكن ملازماً لبيتك أيُّها الموالي، وكن حَلساً من أحلاسه، واسكن ما سكن الليل والنهار، فلم يبق لظهور الميشوم شيء، فلا تغرّنك الأساطيل، والأُلوف المؤلفة من الجند المجندة المدججة بأحدث السلاح، واليوم الذي تضر به هذه الجموع بات قريباً.
والذي كُتب عليه الخروج صاحب النفس الزكية الثاني فذُرَّ في السماء، ولحقت روحه الطاهرة، بالرفيق الأعلى، ولم يجن الأعداء سوى العار في الدنيا في الآخرة النار، فقد عاش ملكاً سعيداً مع ما عانى من آلام وسجون ومآسي، ومع ما قدَّم من أهل بيته من الأضاحي، ذهب شهيداً كآبائه الأئمة الهداة الميامين مقتولاً ومظلوماً.
أمّا أعداء الله فلهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذابٌ أليم: (وسَيَعْلَمِ الذينَ ظَلَموا أيَّ مُنْقَلَب يَنْقَلِبونَ).(256)
قل لي بربِّك؟ من قام بها وتوفق خصوصاً في العراق؟ من الأوَّلين والآخرين.أليس الدَّمار والقتل والضحايا المادية والمعنوية كانت النتيجة؟ ومنذ قرون خلت، ألم تكن بيضة الإسلام في خطر؟
ففي هذا الزمان قام بها السيّد آية الله محمّد باقر الصدر (قدس سره)، فخانته الأُمّة، وذهب شهيداً بيد صدام التكريتي، وبتوجيه من الاستكبار العالمي، لما كان يتحلّى به من فكر وقّاد وعلم.
وقام بها السيِّد محمّد باقر الحكيم (قدس سره)، فخانته الأُمّة وذهب شهيداً هو الآخر، وعلى مرأى ومسمع من كل الأدعياء، لما كان عليه من سياسة وحنكة وذهبت عشرات العلماء في هذا الدرب قرابين على مذبح بيضة الإسلام!
خروج السفياني والخراساني واليماني
ورد في بعض الأحاديث الشريفة إنَّ راية اليماني راية حقّ:
(وعنه، عن سيف بن عميرة، عن بكر بن محمّد الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خروج الثلاثة: الخراساني والسفياني واليماني في سنة واحدة في شهر واحد، في يوم واحد، وليس فيها راية بأهدى من راية اليماني يهدي إلى الحق).(257)
وهذا لا يعني أنَّ راية الخراساني على باطل، وأنَّ راية اليماني راية هدى، ولكن من قبيل التبجيل والتعظيم لراية اليماني ليس إلاّ، وإلاّ فراية الخراساني بيد سيّد حسيني، يدعو هو الآخر إلى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)، ويسلم الراية يداً بيد، وتسير جموع الخراساني مبايعة للمهدي (عجّل الله فرجه) في ظَهر الكوفة، وتسير تحت امرته ويكون النصر بتلك الجموع، وعصائب العراق، وأخيار مصر وأبدال الشام، وأمّا الأُلوف التي تأتي معه من الحجاز فهي الأُخرى المنتظرة لمقدمه الشريف تثير الأرض نقعاً تحت لوائه حيث ظَهر الكوفة، وبالتالي إلى مشارق الأرض ومغاربها.
نعم، راية الخراساني تدعو للمهدي (عجّل الله فرجه)، وراية اليماني تدعو للحق الذي هو المهدي (عليه السلام)، ولكن راية السفياني راية ضلال وباطل، وتدعو إلى الباطل، وتوجب سخط الناس، وسخط الله تعالى.
تخرب الزَوراء بسبب السفياني، حيث يعيث الفساد فيها، ويمتنع الناس من شرب ماء دجلة من نتن الأجساد والدِّماء ثلاثة أيّام، فلا يترك كل من اسمه حسن وحسين وعلي وجعفر وعقيل، أو من كان اسمه على اسم أهل البيت (عليهم السلام) إلاّ قتله، ويبقر بطون الحوامل، ويردف البيضاء المكنونة على قارعة الطريق، ولا أحد يستطيع أن يقول له: لِمَ؟ ولكن يمكن أن يقول له: تَنح عن الطريق، فالخبيث هذا فعله، وأشدَّ لأنَّه يغلي الأطفال في القدور والمراجل، وعندها تنقطع الأعذار والأسباب، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.
(فعندها فتوقعوا خروجه (السفياني) بالزَوراء بعد أن يبعث إليها بجيش مؤلَّف من مائة وثلاثين ألف مقاتل، فيقتل على جسرها سبعين ألفاً في ثلاثة أيّام، فيجري دجلة ماء أحمر بالدم، ومن نتن الأجساد، ويَفتَضُ اثني عشر ألفاً من الأبكار، ثمَّ يدخل الكوفة والنجف في وقعة تذهل فيها العقول! ويأتي بعدها الفرج ويكون بوار الفتن).(258)
(... ثمَّ يرجع إلى دمشق، وقد دانت له الخلق، فيجيش جيشاً إلى المدينة، وجيشاً إلى المشرق، فيقتل بالزَوراء سبعين ألفاً، ويبقر بطون ثلاثمائة امرأة حامل، ويخرج الجيش إلى كوفانكم هذه فكم من باك وباكية؟ فيقتل بها خلق كثير، وأمّا جيش المدينة، فإنَّه إذا توسط البيداء صاح به جبرائيل (عليه السلام) صيحة عظيمة، فلا يبقى منهم أحد إلاّ وخسف الله به الأرض).(259)
وممّا يسبق السفياني
1 - اختلاف رُمحان في الشام.
2 - رجفة تكون بالشام يهلك فيها مائة ألف.
3 - إقبال الرايات الصُفر من المغرب حتّى تحل بالشام.
4 - خسف بقرية من قُرى الشام يقال لها: (خَرَستا).
(أخبرنا جماعة عن أبي المفضل الشيباني عن أبي نعيم نصر بن عاصم بن المغيرة العمري عن أبي يوسف يعقوب بن نعيم بن عمرو قراقرة الكاتب، عن أحمد بن محمّد الأسدي، عن محمّد بن أحمد عن إسماعيل بن عباس، عن مهاجر بن حكيم، عن معاوية بن سعيد، عن أبي جعف محمّد بن علي قال: قال لي علي بن أبي طالب (عليه السلام):
إذا اختلفت رُمحان بالشام فهو آية من آيات الله تعالى، قيل: ثمَّ مَه؟ قال: ثمَّ رجفة تكون بالشام يهلك فيها مائة ألف يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذاباً على الكافرين، فإذا كان ذلك فانظروا إلى أصحاب البراذين الشُهُب والرايات الصُفر تقبل من المغرب حتّى تحل بالشام، فإذا كان ذلك، فانتظروا خسفاً بقرية من قُرى الشام يقال لها (خَرَستا)، فإذا كان ذلك، انتظروا ابن آكلة الأكباد بوادِ اليابس).(260)
(إمارة خروج السفياني أن يحصل خسف بغربي مسجد دمشق حتّى يخرَّ حائط المسجد، ورجفة وتخسف قرية في جنوب دمشق تُسمّى: (الجابية): ذلك بعد أن يترك الشام المغربي براياته، يأتي من بلاد الروم في عنقه صليبٌ!).(261)
إذن ينزل الروم بلاد الشام وبالخصوص (الرملة) وفيها ينطلقون، فيثأرون بحقدهم ولتحقيق أطماعهم، مع وجود من يعينهم من الجواسيس وضعاف النفوس.
اختلاف بني فلان في الملك الدنياوي؛ بنظري القاصر أنَّهم البعثيون، وكان لهم نظام غاية في الدّقة، والقوّة، والولاء بعضهم لبعض، وقد نهجوا منهج بني العباس في سياستهم الداخلية والخارجية، وعاثوا في الأرض الفساد، وظنوا أنَّ حصونهم مانعتهم، وأنَّ ملكهم دائم بدوام ظلمهم وتعسّفهم، ولكن أُوتوا من حيث لا يشعرون، خرجت القيادات بعضها على بعض، وتبعتها الصعاليك، وانهار النظام في سويعات، مع تلك الترسانة القوية من التنظيم والسلاح والمال والأتباع، بحيث لا يصدق، وحقّاً كما جاء في بعض الأخبار: أو بهذا المعنى: يذهب ملكهم كحامل فخارة سقطت من يده فانكسرت فقال: ها! انكسرت الفخارة، هكذا يذهب ملكهم؛ تعجب بعضهم من البعض، وتعجب الناس كيف انهار مثل هذا النظام الطاغوتي في سويعات؟، كان بالإمكان المقاومة لمئات السنين، ولكن لا راد لأمر الله، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.
ألا هل من متعظ؟ ألا هل مِن مَن يحسب الحساب لأمور الله تعالى ويتواضع لعظمة الله تعالى، ويستغفر لذنبه إنَّه كان من الخاطئين؟ قليلٌ ما هم!
ونحن بانتظار السفياني، وليس السفياني بأعظم شأناً عند الناس من أولئك الذين انهاروا في سويعات، ولكن ما بعد السفياني طوبى لمن حظى به سعادة الدنيا والآخرة، وشقاء الدنيا والآخرة، دولة الحق والعدل والإنصاف، دول آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، دولة القسط، دولة المستضعفين: (ونُريدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الذينَ اسْتُضعِفوا في الأرضِ ونَجعَلَهُم أئِمَّةً ونَجعَلَهُمُ الوارِثينَ)، على أعقاب دولة الظالمين الذين طغوا في البلاد، فأكثروا الفساد، دولة الوفاق، والأمان، والمساواة، دولة العدل الإلهي، اللّهمَّ بحقّ محمّد وآل محمّد عجّل لوليك الفرج والعافية والنصر، واكتبنا في زمرة محمّد وآل محمّد، واجعلنا للمتقين إماماً، اجعلنا في جُند الحجّة، فإنَّهم من جُندك، وانصرنا على أعدائنا، وأعدائك يا ربَّ العالمين.
ألا وإنَّ علامة ذلك تجديد الأسوار بالمدائن:
(... ألا وإنَّ علامة ذلك تجديد الأسوار بالمدائن، فقيل: يا أمير المؤمنين (عليه السلام)اذكر لنا الأسوار؟ فقال: تجدد سور بالشام، والعجوز والحرانِ يُبنى عليها سوران، وعلى واسط سور، والبيضاء يُبنى عليه سور، والكوفة يُبنى عليها سوران، وعلى شوشتر سور، وعلى أرمينية وعلى موصل سور، وعلى همدان سور، وعلى ورقة سور، وعلى ديار يونس سور، وعلى حُمص سور، وعلى مَطردين سور، وعلى الرقطاء سور، وعلى الرهبة سور، وعلى دير هند سور، وعلى القلعة سور،... معاشر الناس ألا وإنَّه إذا ظهر السفياني تكون له وقائع عظام، فأوَّل وقعة بحمص، ثمَّ بحلب، ثمَّ بالرقة، ثمَّ بقرية سبأ...).(262)
مسألة الأسوار في زماننا بُنيت وتحققت، وإجمالاً أثناء الحرب، سوّرت المُدن الحدودية بعدّة أسوار كانت تُسمّى (السواتر الترابية) وكانت من المتانة والعلوِّ والتحصينات بالأسلاك الشائكة والمضادات للدروع والطائرات، ولكن المهم في المقام اليوم: الجدار العنصري الذي يفصل الضفة عن القطاع وعن بقية أراضي فلسطين، وهو من المتانة والعلوِّ والتحصين بحيث ذاع صيته، وكثر الكلام عنه، فهذا ما وقع وتحقق، ولم يبقِ إلاّ ظهور السفياني...
راية السفياني
يخرج السفياني تارةً براية خضراء، وأُخرى براية حمراء، وأمير الراية الخضراء رجل من كلب، وأمير الراية الحمراء من بني كلب.
(... وخروج السفياني براية حمراء أميرها رجل من بني أميّة واثني عشر ألف عنان من خيل السفياني يتوجّه إلى مكّة والمدينة...).
وأمّا الراية الخضراء:
(... وخروج السفياني براية خضراء، وصليب من ذهب أميرها رجل من كلب، واثنى عشر ألف عنان من خيل السفياني متوجّهاً إلى مكّة والمدينة، أميرها رجل من بني أُميّة يقال له خُزيمة، أطمس العين الشمال على عينه طفرة يميل بالدنيا، فلا تُرد له راية، حتّى ينزل بالمدينة فيجمع رجالاً ونساءً من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) فيحبسهم في دار بالمدينة يقال لها: دار أبي الحسن الأموي، ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) قد اجتمع عليه رجال من المستضعفين بمكة أميرهم رجل من غطفان حتّى إذا توسّطوا الصفاح الأبيض بالبيداء، يخسف بهم، فلا ينجوا منهم أحد إلاّ رجل واحد يحول الله وجهه في قفاه لينذرهم، وليكون لمَن خلفه فيومئذ تأويل هذه الآية: (ولو تَرى إذْ فَزِعوا فَلا فَوتَ وأُخِذوا مِنْ مَكان قريب)(263)، ويبعث السفياني مائة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة، فينزلون بالروحاء والفاروق، وموضع مريم وعيسى (عليهم السلام) بالقادسية ويسير منهم ثمانون ألفاً حتّى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود (عليه السلام) بالنخيلة، فيهجموا عليهم يوم الزينة وأمير الناس جبّار عنيد...).(264)
الموقف
خروج السفياني في نفس السنة التي يظهر فيها القائم (عليه السلام):
(حدَّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم، قال: حدَّثنا عنبسة بن هشام الناشري، عن عبد الله بن جبلة، عن محمّد بن سليمان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليه السلام) قال:
السفياني والقائم في سنة واحدة)(265)، وخروج السفياني علامة من علامات خروج المهدي (عليه السلام):
(... وإنَّه من علامة خروجه (عليه السلام) خروج السفياني من الشام، وخروج اليماني، وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومنادي ينادي من السماء باسمه واسم أبيه...).(266)
1 - اللّجوء إلى الدار، 2 - الفرار إلى الصحارى والجبال، 3 - يُغيب الرجال وجوهها عنه وعن أتباعه، ولا بأس على النساء والأطفال.
إن هي إلاّ أشهر قليلة، وتنفرج الغمّة، فالأمان يومئذ على عشر، تسع منها بالسكوت، وواحدة بالركون إلى الدار، فيكون كمَن ليس في الدار، ينتقل من مكان سُكناه، أو يسافر إلى بلد لا يُعرف فيه:
(عن إسماعيل بن مهران، عن ابن عميرة، عن الحضرمي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف نصنع إذا خرج السفياني؟ قال:
يُغيب الرجال وجوهها عنه، وليس على العيال بأس، فإذا ظهر على الكور الخمس، كور الشام، فانفروا إلى صاحبكم).
بيان
الظاهر أن يعني من الراوي، والصاحب هو المهدي (عليه السلام).(267)
هنا نكتة في المسألة؛ سلطان بني العباس قائم بديل: وجود الحكومة السورية والدولة البعثية بحزبها، ومع أنَّ الجناح اليميني منه في العراق ضُرب، إلاّ أنَّه من حيث الفلسفة و(الآيدولوجية) باق وقائم ببقاء الدولة السورية، وأنَّ أغلب رجالات الحكم والسياسة في العراق، فروا فرار العبيد، إلى سوريا بثقلهم، وغيرها،وهذا لا يعني طعناً، أو نقصاً فيما ورد من أنَّهم أثناء الظهور لا وجود لهم، فالأصل واحد؛ سواء كان في سوريا أو في العراق، وإن اختلفوا في الأسلوب والانتماء، ولكن من حيث المبدأ: حزب علماني لا ديني، الغرض منه، محاربة العقيدة الإسلامية وبث القيَم اللاّدينية، وقتل الروح الإنسانية والإسلامية، وغسل الأدمغة، ونقش المبادي الهدّامة!
وإنَّ الحركة الدّجالية اليهودية، والحركة السفيانية الصليبية، إنَّما هي تتميم وامتداد للحكم البعثي سواءاً كان في العراق أم في سوريا، ولكن بأسلوب جديد مُحسَّن:
(علي بن أحمد البندينجي عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن محمّد بن موسى، عن أحمد بن أحمد، عن محمّد بن علي القرشي، عن الحسن بن الجهم قال: قلت للرضا (عليه السلام): أصلحك الله إنَّهم يتحدَّثون أنَّ السفياني، يقوم وقد ذهب سلطان بني العباس؟ فقال:
كذبوا إنَّه ليقوم وإنَّ سلطانهم لقائمٌ).(268)
ومن هنا يتبيّن لنا وللقاري الكريم، أنَّ الظهور قاب قوسين أو أدنى، وأنَّ المسألة ليست إلاّ مسألة صُدور الأمر، وإلاّ فنظامها كنظام الخرز يتبع بعضها بعضاً، فإذا رأيت، أو سمعت أنَّ المسجد الأموي هُدم حائطه من الجهة اليُمنى، وكانت هناك هدّة، فاعلم ذهاب أكثر من مائة ألف كافر ومنافق، وإنَّها رحمة للمؤمنين، ونقمة للكافرين، واعلم أنَّه سيقع خسف في قرية من قُرى الشام تُعرف بقرية (خَرَستا)، وأنَّ الروم إذا نزلوا (الرملة) فتلك علامة السفياني وأنَّ الفرج قريبٌ قريبٌ قريبٌ.
فإذا خربت الشام، خلعت العرب أعنتها، وخرجت العبيد على سادتها، تحرّكت قبائل من مصر، وقبالة ذلك، تحرّكت جموع المغرب العربي نحو مصر، وحدثت قلاقل، واضطرابات، تحرك اليماني، وأسرع الخراساني، فكان أمر الله في سيطرة السفياني على الكور الخمس من الشام، وبعثه الجيوش (جيش الخسف) إلى المدينة، ومنها إلى مكّة حيث، وقوع آية من آيات الله العظمى وهي: (الخسف)، وجيش العراق له تفاصيل نتطرق إليها إذا اقتضت الحاجة في حينه، ويكون ما يكون في المقاتل العظيمة في بغداد، وأطراف الكوفة، والله تعالى نسأل حُسن العاقبة وتعجيل الفرج.
يدٌ سرطانية
مسألة حكم السفياني لتسعة أشهر، أقل أو أكثر، لا يتجاوز كونه بعد الانتهاء من السيطرة على الشام وما جاورها، وارتقاء كرسي الحكم فيها، فإذا استقر له القرار، زحف بتلك الجيوش إلى جهة الحجاز والعراق، واصطدمت بحقائق الأمور; بالخسف وجيوش الخراساني واليماني، انتكس عدو الله راجعاً إلى الشام على الخُبث، واللّهو، والمنكرات، وقتل النساء والأطفال و...
وممّا يحز في القلب، ويؤلم النفس أنَّ يد العدو تغلغلت في التحقيق، كما هو حالها في بقية الجوانب من الحياة، وإنَّ هذه اليد السرطانية عاثت، وجالت؛ تحذف وتُضيف، وتُغير في صورة الحديث، وتضع الأحاديث المفترات تحقيقاً لمآربه الخبيثة، فوجود نقطة مثلاً، أو عدم وجودها يعني: تغير في المعنى والمبنى، وطعن في الراوي، والرواية، وإضاعة الحقيقة على البعض فمثلاً:
(كُنيته كُنيتي، واسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي).
ففي حالة حذف النقطة أعلاه؛ تغير الأمر من اسم ابني وهو (حسن) إلى (أبي) عبد الله، والفارق بيّن يترتب عليه أُمور وهنا:
اسمه (عثمان وأبوه عيينة)، وفي الحقيقة أثناء النسخ انقلب (عنبسة) إلى عُيينة، فتغير المعنى، وإلى هذا المعنى نُلفت انتباه أداة التحقيق إلى والاعتماد لئلا يقع مثل هذا، وكثير هو الواقع، وإنَّ الذي له باعٌ في اللّغة لا تمر عليه الكلمة مرَّ الكرام، وإنَّما يقلبها ظهراً لبطن، ويرى مالها من العلاقة بالمعنى العام وبسياق الجملة ثمَّ يضعها في موضعها اللاّئق بها فمثلاً كلمة:
(بَر، بُر، بِر) فالأولى تعني لغةً الصحراء أو البيداء، والثانية تعني لغة: الحنطة أو القمح، والثالثة تعني لغة: الكرم والجود، فشتان ما بين المعاني الثلاثة والصورة واحدة بلا حركات.
(وروى محمّد بن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال أبي (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، وهو رجل ربعة، وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر جُدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان وأبوه عُيينة، وهو من ولد أبي سفيان، حتّى يأتي أرضاً ذات قرار ومعين، فيستوي على منبرها).(269)
من هذا يُفهم، كَم من اشتباه وقع مثل هذا؟ وكَم أخطاء وقعت، غيَّر المفهوم العام، وبُني على الخطأ أخطاء، فكان الانحراف عن المعنى الصحيح.
مبدأ خروج السفياني
(وعن أبي مريم، عن أشياخه، قال: يؤتى السفياني في منامه، فيقال له: قم فاخرج فيقوم فلا يجد أحداً، ثمَّ يؤتى الثانية، فيقال له مثل ذلك، ثمَّ يقال له في الثالثة: قم فاخرج، فانظر من على باب دارك، فينحدر في الثالثة إلى باب داره، فإذا هو بسبعة نفر، أو تسعة، ومعهم لواء، فيقولون: نحن أصحابك، فيخرج فيهم، ويتبعهم ناس من قريّات الوادي اليابس، فيخرج إليه صاحب دمشق ليلقاه ويقاتله، فإذا نظر إلى رايته انهزم)، أخرجه أبو عبد الله بن حماد في كتاب الفتن.(270)
هكذا يكون مبدأ خروج السفياني، ليبتلي الناس به، ويبتلي بهم، ولكن آخر جولاة الباطل، بعد هذه القرون الأليمة، والمعاناة الطويلة، حيث أضحى المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، ولكن إذا ظهرت الشمس، وبانت الحقائق، وسقطت الأقنعة وظهر الحق، وزهق الباطل، إنَّ الباطل كان زهوقا، والمهم في الأمر، أن يتّعظ ويستفاد، فيتبع الحق، ويرفض الباطل، فقد ورد في بعض الأخبار أنَّ بيد السفياني ثلاث قصبات، لا يقرع بهنَّ أحداً إلاّ مات.
(وعن خالد بن معدان، قال: يخرج السفياني، وبيده ثلاث قصبات، لا يقرع بهنَّ أحداً إلاّ مات)، أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد أيضاً.(271)
وقد جاء في بعض الأخبار أنَّ السفياني هذا، من أولاد خالد بن يزيد بن أبي سفيان، وليس في أولاد عتبة بن أبي سفيان، ومهما يكن في الأمر، فهو بالتالي من ذرية أبي سفيان، وبذلك عرف بالسفياني، سواء كان من أولاد خالد بن يزيد بن أبي سفيان، أم من أولاد عتبة بن أبي سفيان، ولا يخفى أنَّ السفياني:
جُلَّ غضبه يصبه على أهل بيت النبوة، ومن تبعهم من شيعتهم، ومحبّيهم، حتّى أنَّه يقتل كل من اسمه على اسم أهل البيت (عليهم السلام): علي ومحمّد وحسن وحسين وجعفر وعقيل إلخ...
(وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، قال:
السفياني من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان،... رجل ضخم الهامة، بوجهه آثار الجُدري، بعينه نكتة بياض، يخرج من ناحية مدينة دمشق من واد يقال له: (الوادي اليابس)، يخرج في سبعة نفر، مع رجل منهم لواء معقود، يُعرفون به في يديه على ثلاثين ميلاً، لا يرى ذلك العلم أحد يريده إلاّ انهزم)، النّصر، يسير بين يديه أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب الفتن.(272)
الخسف والسفياني
إذا ظهر السفياني على الكور الخمس، واستوى على منبر دمشق وتجمعت حوله جموع النصارى والنساء وأبناء الزنا، والأعراب، ومن أخواله كلبٌ بعث جيشاً؛ قيل خمسون ألفاً، وقيل سبعون، وقيل أقلَّ وأكثر إلى المدينة، فعاث فيها الفساد ثمَّ أشار إلى أمير الجيش: أن يتوجّه إلى مكّة المكرّمة، وبينما هو في الطريق حتّى إذا وصل البيداء، قيل يأمر الله تعالى جبرائيل (عليه السلام)، وقيل ملك من الملائكة: أن أبدِ القوم.
فيضرب البيداء برجله، فتخسف بالقوم جميعاً إلاّ اثنين، وهما من جُهينة، وقيل واحد، والأوَّل أصح يضربهما الملك فيرد وجوهاً إلى قفاها:
(يا أيُّها الذينَ أُوتوا الكتابَ آمِنوا بِما نزّلنا مُصدِّقاً لِما مَعَكُم مِنْ قَبلِ أنْ نَطمِسَ وُجوهاً فَنَرُدَّها على أدبارِها أو نَلعَنَهُم كما لعنّا أصحابَ السبتِ وكانَ أمرُ اللهِ مَفْعولاً)(273)، وهما البشير والنذير، وكلاهما من جُهينة، وقيل إنَّهما أخوان فيأتي النذير دمشق، وينذر السفياني: على أنَّ الله تعالى خسف الأرض بجنده، وظهر المهدي من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، ويأتي البشير المهدي، وقد أسند ظهره إلى الركن، وهو يخطب في قوله: أنا بقية الله فيقول له: ألا أُبشّرك؟ فيقول: بلى، بِمَ؟ فيقول: لقد خسف الله الأرض بجند عدوّك وعدو الله، فيمسح بيده الشريفة على وجه البشير فيعود كما كان، ويكون من أصحابه.
(وعن مهاجر بن القبطيّة، قال: سمعت أُم سلمة زوج النَّبي (صلى الله عليه وآله) تقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
ليخسفنَّ بقوم يغزون هذا البيت ببيداء من الأرض، فقالت أُم سلمة: يا رسول الله، أرأيت فيهم الكاره؟ قال: يُبعث كل رجل على نيّته)، أخرجه الإمام أبو عمرو الداني في سننه.
إذا توسط القاع الأبيض خسف به، فلا ينجوا إلاّ رجلان يحوّل الله وجهيهما إلى قفاهما ليكونا آية لمَن خلفهما، فإذن هي: البيداء والقاع الأبيض، أرض بين مكّة والمدينة، تُخسف بالجيش، فلا ينجوا إلاّ اثنان ليكونا آية للمؤمن والكافر، فيجب علينا أن نعتبر، ونأخذ الأهبة والاستعداد لئلا نكون مع السفياني، وجنده المغضوب عليهم، وإنَّما نكون مع جُند ولي الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، أولئك عليهم صلوات من ربِّهم وأولئك هم المفلحون، في الدنيا والآخرة.
المُخبرون عن الخسف
1 - قيل مُخبر واحد:
(عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق، وعامة من يتبعه من كلب، فيقتل حتّى يبقر بطون النساء، ويقتل الصبيان، فتجمع له قيس فيقتلها، حتّى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحَرَم، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جُنداً من جُنده فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمَن معه حتّى إذا جاز ببيداء من الأرض حسف بهم، فلا ينجو منهم إلاّ المخبر عنهم)، أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم في (مستدركه)، وقال: هذا حديث صحيح الأسناد شرط البخاري ومسلم، ولم يخرجاه.(274)
في هذا الحديث: (فلا ينجو منهم إلاّ المخبر عنهم)، وفي أحاديث أُخرى أكثر من مخبر؟ وأمير الجيش الذي يخسف به رجل من بني أُميّة يقال له: خُزيمة أطمس العين الشمال على عينه ظفرة غليظة يتمثل بالرجال لا تُردّ له راية...
(إذا توسط القاع الأبيض خُسف بهم فلا (ينجو إلاّ رجل) يحوّل الله وجهه إلى قفاه لينذرهم ويكون آية لمَن خلفهم...).(275)
(يقع خروجه (أي المهدي (عليه السلام)) بين تدابر واختلاف بين أُمراء العرب والعجم (كحال العرب وإيران) لا ينتهي، إلى أن يصير الأمر إلى رجل من وُلد أبي سفيان... ثمَّ يقع التدابر والاختلاف بين أُمراء العرب والعجم، فلا يزالون يختلفون إلى أن يصير الأمر إلى رجل من وُلد أبي سفيان (والتدابر والاختلاف بين أُمراء العرب والعجم هو اليوم على أشده كما لا يخفى، فإنَّ أكثر العرب يقفون بوجه الجمهورية الإسلامية، ويحاربونها بالسلاح والمال والكلام.
ثمَّ قال (صلى الله عليه وآله): (يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق، وعامة من يتبعه من كلب، فيقتل؛ حتّى يبقر بطون النساء! ويقتل الصبيان فيجتمع لهم قيس (أي المصريون والمغاربة الذين يعارضون بيعته بحسب هذا النص) فيقتلها حتّى لا يمنع ذئب تلعة، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرم، فيبلغ ذلك السفياني، فيبعث إليهم جُنداً من جُنده، فيسير حتّى إذا جاء ببيداء من الأرض خسف بهم، فلا ينجو منهم إلاّ المخبر).(276)
والتعلعة: المرتفع من الأرض، والمنخفض منها، والمثل يُضرب لمَن يعجز عن حماية نفسه وذماره.
2 - السفياني من بني أُميّة، وأخواله من قبيلة بني كلب التي كانت في أيّام معاوية تعتنق النصرانية.
وقد تزوج معاوية أُم يزيد منها، قاتل الحسين (عليه السلام).
والسفياني اسمه عثمان بن عنبسة بن كليب بن سلمة بن عبد الله بن عبد المقتدر بن عثمان بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب بن أُميّة بن شمس.
تسكن عائلة بلدة الرملة من منطقة الوادي اليابس في شرق فلسطين، وغرب الأردن، وجنوب غربي سوريا، وجنوب غربي دمشق بالتحديد، بعد أميال معدودة منها.
إذا حاد أمير الشام عن الحق، فكأنّي بقيس لا يمنع ذئب تلعة، فعند ذلك فرج الأُمّة.(277)
إذا حاد السفياني عن الحق، ومال عن جادة الدّين، تقوم له قيسٌ من مصر فينتصر على جيشها الذي ترسله لقتاله، في رواية أنَّ وجه المخبر، سواء كان واحداً أو أكثر يحول إلى القفا، وفي رواية لم يذكر ذلك واكتفى بذكر المخبر في حين يحول وجه المخبر كما أسلفنا واحداً كان أو أكثر إلى القفا ومصداقه من القرآن الكريم: (يا أيُّها الذينَ أُوتوا الكِتابَ آمِنوا بِما نزّلنا مُصدِّقاً لِما مَعَكُم مِنْ قَبلِ أنْ نَطمِسَ وُجوهاً فَنَرُدَّها على أدْبارِها أو نَلعَنهُم كَما لَعنّا أصحابَ السبتِ وكانَ أمْرُ اللهِ مفعولاً).(278)
وأمّا القائلون بأنَّ المخبر أكثر من واحد:
(وأمّا جيش المدينة فإنَّه إذا توسّط البيداء صاح به جبرائيل (عليه السلام) صيحة عظيمة، فلا يبقى منهم أحد، وخسف الله به الأرض، ويكون آخر الجيش رجلان أحدهما بشير والآخر نذير، فيصيح بهما جبرائيل (عليه السلام) فيحول الله وجهيهما إلى القفا، ويرجع نذير إلى السفياني، ويخبره بما أصاب الجيش).(279)
يخرج السفياني مع سبعة نفر، مع أحدهم لواء معقود، يُعرفون بالنصر، يسيرون على ثلاثين ميلاً لا يرى ذلك العلم أحد إلاّ انهزم، ويسير الثلاثين ميلاً يكون من الوادي اليابس - مكان خروجه - حتّى دمشق، حتّى يقترب السفياني من دمشق يهرب حاكمها، وتجتمع إليه قبائل العرب، فيغلب السفياني مَن يحاربه، ويستولي على الشام).(280)
إذا استوى السفياني على الكور الخمس: دمشق، وحمص، وحلب، والأردن، وقنسرين، فعدوا له تسعة أشهر.
والسفياني من المحتوم، وخروجه في رجب، من أوَّل خروجه إلى آخره خمسة عشر شهراً: ستة أشهر يقاتل فيها، فإذا مَلك الكور الخمس مَلك تسعة أشهر لم يزد عليها يوماً.
يركب الأرض تسعة أشهر (أي الأرض العربية الإسلامية) يسوم الناس فيها سوء العذاب.
إنَّ قُدام هذا الأمر علامات، حيث يكون بين الحرَمين، فقيل: ما الحَدَث؟ قال: غضبة تكون (والغضبة التي لم يوضحها أبو الحسن (عليه السلام) هي الخسف في وادي (صفرا) بذات الجيش التي حددها الإمام الصادق (عليه السلام) بإثنى عشر ميلاً من المدينة المنورة في نحو مكّة المكرّمة.
السفياني من المحتوم
(حدَّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدَّثنا علي بن الحسين عن محمّد بن خالد الأصم عن عبد الله بن بكيّر، عن ثعلبة بن ميمون، عن زُرارة، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليه السلام) في قوله تعالى: (فَقَضى أجَلاً وأجلٌ مُسمّى عِندَهُ)، فقال: إنَّهما أجلان: أجل محتوم، وأجل موقوف، فقال له حمران: ما المحتوم؟ قال: الذي لله فيه المشيئة، قال حمران: إنّي لأرجو أن يكون أجل السفياني من الموقوف، فقال أبو جعفر (عليه السلام)، لا والله إنَّه لمن المحتوم).(281)
والعلاقة بين السفياني والقائم (عليه السلام) لابدَّ منها:
(أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدَّثنا علي بن الحسن، عن العباس بن عامر، عن عبد الله بن بكيّر، عن زُرارة بن أعين، عن عبد الملك بن أعين قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام)، فجرى ذكر القائم (عليه السلام)، فقلت له: أرجو أن يكون عاجلاً، ولا يكون سفياني، فقال: لا والله إنَّه لمن المحتوم الذي لابدَّ منه).(282)
فهناك أُمور موقوفة، وأُمور محتومة، والسفياني من الأُمور المحتومة:
(حدَّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدَّثنا محمّد بن سالم بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن الأزدي، عن كتابه في شوال إحدى وسبعين ومائتين قال: حدَّثني عثمان بن سعيد الطويل، عن أحمد بن سالم، عن موسى بن بكر، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام):
إنَّ من الأمور أُموراً موقوفة، وأُمور محتومة، وإنَّ السفياني من المحتوم الذي لابدَّ منه).(283)
السفياني من المحتوم، وقد يبدو لله في المحتوم، أمّا القائم (عجّل الله فرجه) فهو من المحتوم والميعاد، فقد قلنا؛ قد يبدو لله في المحتوم، ولكنَّ الله تعالى لا يخلف الميعاد:
(محمّد بن همام قال: حدَّثنا محمّد بن أحمد بن عبد الله الخالنجي قال: حدَّثنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: كنّا عند أبي جعفر محمّد بن علي الرضا (عليه السلام)، فجرى ذكر السفياني، وما جاء في الرواية من أنَّ أمره المحتوم، فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): هل يبدو لله في المحتوم؟ قال: نعم، قلنا له: فنخاف أن يبدو لله في القائم، فقال: إنَّ القائم من الميعاد، والله لا يخلف الميعاد).(284)
حكم المكر والخُداع، حكم بني العباس، يبقى معاصراً لخروج السفياني، وإنَّ هذا الحكم يذهب حتّى يقال: ما مرَّ منه شيء.
فهذا حكم البعث بعد أن وقع السيف بينهم، وبسبب اختلافهم في الملك الدنيوي، سلّط الله عليهم دول التحالف يسومونهم سوء العذاب، ولكنّهم لجأوا إلى جناحهم الثاني في سوريا، وكأنَّهم لم يختلفوا، يجمعوا الشتات، ويلملموا الجراحات، وحتّى يُضرب هذا الجناح فيقطع، وذلك إذا ظهر السفياني من الوادِ اليابس، وبوادر ذلك ظهرة في الأُفق:
(محمّد بن همام قال: حدَّثنا جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدَّثنا الحسن بن علي بن بشا الثوري قال: حدَّثنا الخليل بن راشد عن علي بن أبي حمزة قال:
رافقت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) بين مكّة والمدينة فقال لي يوماً:
يا علي لو أنَّ أهل السماوات والأرض خرجوا على بني العباس لَقيت الأرض دماءهم حتّى يخرج السفياني، قلت له: يا سيّدي أمره من المحتوم؟ قال: نعم، ثمَّ أطرق هُنيئة ثمَّ رفع رأسه وقال: مُلك بني العباس مكر وخُداع يذهب حتّى يقال: لم يبقَ منه شيء، ويتجدد حتّى يقال: ما مرَّ منه شيء).(285)
وقعة قرقيسيا
(أحمد بن هوذة الباهلي قال: حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن الحسين بن العلا، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: حدَّثنا الباقر (عليه السلام): إنَّ لولد العباس والمرواني لوقعة بقرقيسيا يشيب فيها الغلام الخرور، ويرفع الله عنهم النصر، ويوحي إلى طير السماء، وسباع الأرض اشبعي من لحوم الجبارين ثمَّ يخرج السفياني).(286)
وقفة مع البشير والنذير
قيل إنَّ الرجلين هما من الجيش، وقيل هما من الرعاة، ولهم غنيمات يرعونها، وقيل إنَّهم أكثر، وقيل واحد، ولكن ما تُرجحه الأحاديث أنَّهم اثنان، ومن جُهينة، وفي جُهينة المثل المشهور: (وعند جُهينة الخبر اليقين).
والرجلان يحول الله تعالى، وجهيهما القهقري، ليكونا آية يعتبر بهما الرائي، أحدهما وهو النذير؛ يذهب إلى السفياني ويقول له: ألا أُنذرك؟ فيقول السفياني: مِمَّ؟ فيقول النذير: لقد خسف الله الأرض بجندك، وظهر المهدي من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)!
فيأخذ السفياني الخوف، ويرتعش كما ترتعش السعفة في مهب الريح، وينكب على شرب الخمر، والعمل المنكر، وقتل الكثير من الأبرياء.
ويذهب البشير إلى المهدي صلوات الله عليه مُبشراً فيقول له: ألا أُبشرك؟ فيقول: بِمَ؟ فيقول: لقد خسف الله الأرض بجند عدو الله وعدوّك، فيضع يده المباركة على وجهه، فيعود كما كان سويّاً، ويكون من أصحابه، فيختم له الله بالسعادة والشهادة.
(... ويكون في أثر الجيش رجلان أحدهما بشير والآخر نذير، فينظران إلى ما نزل بهم، فلا يريان إلاّ رؤوساً خارجة من الأرض، فيقولان: بما أصاب الجيش؟ فيصيح بهما جبرائيل (عليه السلام) فيحول وجوهما القهقرى، فيمضي أحدهما إلى المدينة، وهو البشير، فيبشرهم بما سلمهم الله تعالى، والآخر نذير، فيرجع إلى السفياني، ويخبره بما أصاب الجيش، قال وعند جُهينة الخبر اليقين، لأنَّهما من جُهينة بشير ونذير...).(287)
إنَّ الجيش يعيث في المدينة فساداً، قتلاً ونهباً، وهتكاً للأعراض، فيتوجّه قائد الجيش إلى مكّة يريد بها ما أراده في المدينة، فيخسف الله تعالى به وبجيشه البيداء، والبشارة تكون للمهدي (عجّل الله فرجه)، ولأهل مكّة، لا كما ورد لأهل المدينة، لأنَّه يعيث فيها فساداً، والله أعلم.
وخلاصة بقاء السفياني بعد أن يستوي على الكور الخمس تسعة أشهر، أي أنَّه يحارب أشهراً قد لا تزيد على ستة أشهر، فإذا استوى على الكور الخمس وهي: دمشق وفلسطين والأردن وحُمص وحلب، وبها تبدأ مسيرة الجيش المهدوي لتحقيق دولة المهدي الكبرى، لتعمَّ الكُرة الأرضية بقارّاتها، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت جوراً وظلماً، عجّل الله تعالى فرجه الشريف، ويومها تكون القيادة العليا.
القيادة العليا
الإمام المهدي صلوات الله عليه وعلى آبائه: القائد الأعلى.
النَّبي عيسى بن مريم (عليه السلام): نائب القائد الأعلى.
الخضر (عليه السلام) العبد الصالح: نائب القائد الأعلى.
القائد المتميّز: شعيب بن صالح التميمي، قائد الجيوش الشرقيّة، وحامل راية الخراساني.
هذه القيادة المباركة، مُؤيدة، بجبرائيل والملائكة (عليهم السلام)، ومعتمدة على الله، وعلى رجال صدقوا ما عاهدوا الله، وعاهدهم الإمام صلوات الله عليه وعلى آبائه، تملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما ملئت جوراً وظلماً، اللَّهم فعجّل لوليك الفرج والعافية والنصر.
آخر ما يمكن استدراكه: الوادي اليابس
أرضها سوداء سمراء، وأحجارها تُصنع منها الأرحاء، كما هو معلوم، ولذلك من بعض الأخبار:
إنَّه يخرج من واد أسود... (وفيها يظهر الملعون من الوادِ الميشوم)، وكون أنَّ السفياني من أولاد عتبة بن أبي سفيان أو غيره، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنَّه من أولاد خالد بن يزيد بن أبي سفيان، والمهم في البين أنَّه السفياني الذي يعود نسبه إلى أبي سفيان وبه عُرف، وأنَّه من هذه الشجرة الملعونة، والعائلة المشؤومة، التي حاربت الإسلام من المبدأ، وتحاربه في المنتهى، فهم رأس النفاق، وأهل العير والنفير، وأهل المروق والعصيان، وأهل سفك الدِّماء والمآسي، وأهل الكذب والدَّجل والمكر والخُداع، وأهل الدنيا وأعداء الدّين والمؤمنين، وأعداء الآخرة وأهلها.
أخبار متفرقة
فبيناهم كذلك إذ يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس، في فور ذلك، حتّى ينزل دمشق.
ثمَّ جاء عنه (صلى الله عليه وآله): يخرج السفياني في ستين وثلاثمائة راكب حتّى يأتي دمشق.
فلا يأتي عليهم شهر رمضان حتّى يبايعه من كلب ثلاثون ألفاً، فيبعث جيشاً إلى العراق، فيقتل بالزوراء مئة ألف، وينجرون إلى الكوفة فينهبونها.(288)
أشدِّ خلق الله شرّاً، وأكثر خلق الله ظلماً، شرس، قاسي القلب، ينادي بشعار له في حروبه هو: يا ربِّ، ثاري ثمَّ النار!، وقيل: بل هو يا ربِّ، النار ولا العار!
لو رأيت السفياني رأيت أخبث الناس، أشقر، أحمر أزرق، يقول: ثاري ثمَّ النار!، ولقد بلغ من خبثه أنَّه يدفن أُم ولد له حيّة مخافة أن تُدلِّ عليه.
وإليك عزيزي القاري بعض المصادر التي ورد فيها ذكر السفياني بشكل وآخر فراجع:
1 - إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 130، الأعلمي، بيروت.
2 - إثبات الهداة، الشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، ج 3، ص: 740.
3 - يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 517، الطبعة الأولى، سنة 1417 هـ، قم المقدّسة.
4 - كتاب طوالع الأنوار، سيّد مهدي الموسوي، ص: 300، طبع إيران، سنة 1237.
5 - الغيبة للشيخ الطوسي، ص: 447.
6 - غيبة النعماني، ابن أبي زينب، ص: 202.
7 - كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق (رحمه الله)، ج 2، ص: 650، مؤسسة النشر الإسلامي.
8 - عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، للشافعي السليلي، تحقيق د. عبد الفتاح.
9 - بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام).
10 - البحار، للمجلسي (رحمه الله)، ج 50 - 52، دار إحياء التراث العربي.
11 - الملاحم والفتن، لابن طاووس.
12 - معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام).
أحاديث تحت النظر
(ومن ذلك خروج السفياني ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، وعُتوه وتجنيده الأجناد ذوي القلوب القاسية والوجوه العوابس، وظهور أمره، وتغلبه على البلاد، وتخريبه المدارس والمساجد، وإظهاراً للظلم، والفجور والفساد، وتعذيبه كل راكع وساجد، وقتله العلماء والفضلاء والزّهاد، مُستبيحاً سفك الدِّماء المحرّمة، ومعاندته لآل محمّد (صلى الله عليه وآله) أشد العناد، متجريّاً على إهانة النفوس المكرمة، والخسف بجيشه بالبيداء، ومَن معهم من حاضر وباد جزاءً بما عملوا، ويغادر عذرهم مثله للعباد، ولم يبلغوا ما أمَّلوا).(289)
(وقال: حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هشام، عن محمّد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عمر بن يزيد، قال: قال لي أبو عبد الله الصادق (عليه السلام):
إنَّك لو رأيت السفياني رأيت أخبث الناس، أشقر أحمر أزرق، يقول: يا ربِّ يا ربِّ يا ربِّ، ثمَّ للنار، ولقد بلغ من خبثه أنَّه يدفن أُم ولد له حيّة مخافة أن تُدلِّ عليه).(290)
(يحل الجيش الثاني بالمدينة، فينتهبونها ثلاثة أيّام بلياليها، والجيش الأوَّل كما يتبادر لكل ذهن، يتوجّه نحو العراق لينتقم ممّن يوالي علي وأهل بيته (عليهم السلام)، ويظهر السفياني ومن معه، فلا يكون له همة إلاّ آل محمّد وشيعتهم فيبعث بعثاً إلى الكوفة، فيصاب الناس من شيعة آل محمّد بالكوفة قتلاً وصلباً).(291)
(قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
هو من ولد أبي سفيان حتّى يأتي أرضاً ذات قرار ومعين، فيستوي على منبرها، ويخرج يوم الجمعة، فيصعد منبر دمشق، وهو أوَّل منبر يصعده،...
وإنَّ رجلاً من ولدك، مشومٌ ملعون، جلفٌ جاف، منكوس القلب، فضٌّ غليظ قد نزع الله من قلبه الرحمة والرأفة، أخواله من كلب).(292)
(وعن عقد الدرر، عن أبي مريم، عن أشياخه قال: يرى السفياني في منامه، فيقال له: قُم فاخرج على باب دارك، فينحدر في الثالثة إلى باب داره، فإذا هو بسبعة نفر أو تسعة ومعهم لواء، فيقولون: نحن أصحابك، فيخرجون فيهم، وبينهم ناس من قريات الوادي اليابس، فيخرج إليهم صاحب دمشق ليلقاه، فإذا نظر رايته انهزم).(293)
وهنا سؤال يفرض نفسه:
لمصلحة من يخرج الدّجال؟ ولمصلحة من يخرج السفياني؟
الجواب:
لمّا كان الدّجال يهودي المبدأ، والسفياني صليبي المبدأ، فكلّ يعمل على شاكلته، ولمَن في هذا الإطار.
ولمّا كان عصب الحياة اليوم هو النفط، وأكثر احتياطي العالَم من النفط في المنطقة الإسلامية العربية وبالخليج، لذا فإنَّ محور الصراع هذه المنطقة، والصراع قديم، ولكن أخذ أشكالاً، وكل هذه الأشكال تُصب في محاربة الإسلام، وإذلال المسلمين، وإلاّ فالكثير من الحكّام، هم عُملاء للعدو بشكل وآخر، والنفط يجري ليل نهار، بقي الإذلال، والعمل على عدم ظهور حركات ثورية الهدف منها:
التحرر من هذا الاستعمار المبرقع؛ تارة بالوطنية، وأُخرى بالاشتراكية المجيدة، وثالثة بالإسلام الأمريكي الديمقراطي وهكذا، ولمّا كان منطق الاستكبار العالمي هو: الهراوة والرؤوس النووية، والصواريخ العابرة للقارّات والأساطيل البريّة والبحريّة والجويّة، كان لزاماً خلق مشكلة لتصريف هذا السلاح، وإبراز العضلات وفرض النفوذ بحجّة أحادية القطب، والملعب والساحة هي أرض العرب والإسلام، والحضارة الماديّة لا تفكِّر إلاّ بمنطق القوّة والسيطرة بعيداً عن الجانب الروحي، ولا يحسبون أنَّ بين عشية وضحاها يجعل الله تعالى بأسهم بينهم، وتكون هذه البلاد مقبرةً لهم قبل أن ينفثوا سمومهم ويُجرّبوا أسلحتهم، بدأوها في البوسنة والهرسك، ثمَّ في أفغانستان، والعراق وفلسطين، ولا زال الجُرح ينزف، والضمير العربي والإسلامي في سبات عميق، ولابدَّ لهذا الضمير يوماً أن يستيقظ، وساحات الأحداث هي بلاد الشام بما فيها فلسطين، وهذه الساحة لا تحتمل التبادل النووي، والجرثومي، لوجود الغدة السرطانية فيها، يبقى أنَّ الصراع سيكون بالسلاح التقليدي، فإذا كان كذلك، وهو كذلك، تدور الدائرة على الغدة، وتستأصل من الجذور، فتستريح، ويُستراح منها، هذا مُجمل هذه الساحة، وأمّا على مستوى الصراع الدولي، فإنَّ أمريكا لا يُمكنها أن تواجه العالم بمفردها، ولا حتّى لو كان معها بعض الدول، لأنَّ الدول التي تمتلك القوّة النوويّة في تزايد وتعاظم، والمسألة مسألة وقت، ومسألة الأسباب، وبالتالي هي الأُخرى في طريقها إلى الانفجار، وهي من العوامل المساعدة لوقوع حرب عالمية نووية يذهب أربابها كبش الفدا قبل غيرهم.
فتأمل بهذا المعنى:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان الدخان، قالوا: يا رسول الله وما الدخان؟ قال: إذا شمّه المؤمن عطس وحمد الله، وإذا شمّه الكافر خرج من دُبره فوقع ميتاً، قال: يذهب فيه ثلثا البشر؟ قالوا: وأينَ نحن؟ قال: أما ترضون أن تكونوا من الثلث الباقي (الحديث بهذا المعنى) والله أعلم والله تعالى، نسأل أن يعجّل لوليه الفرج والعافية والنصر، وأن يجعلنا من جُنده، وصلى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
نهاية السفياني
إنَّ السفياني وكلباً يُقتلون في بيت المقدس (أي في المنطقة الواقعة فيها القدس) فيؤتى السفياني أسيراً، فيؤمر به، فيذبح على باب الرحبة (أي الساحة العامة).
إنَّ السفياني يُذبح على بلاطة باب إيلياء.
إنَّه يُذبح على الصفا (أي الصخرة) المتعرضة على وجه الأرض عند الكنيسة التي في بطن الوادي على طرف درج طور زيتا المقنطرة، عليها يُذبح كما تُذبح الشاة.(294)
وتكون نهاية البيت الذي عادى الله ورسوله وأهل بيته:
حارب أبو سفيان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحارب معاوية عليّاً والحسن (عليهم السلام)، وحارب يزيد اللّعين، الحسين (عليه السلام)، وسبى حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويحارب السفياني (عثمان بن عنبسة) في آخر الزمان، المهدي (عجّل الله فرجه)، ويقتل السفياني هو وأخواله، وبها ينتهي هذا البيت، بيت النفاق والشقاق والعداء، وتعيش الأُمّة في أمان وعدالة.
كما أنَّ فتنة اليهود تنتهي بمقتل الدّجال، وإيقاع الدَّجال، هي الأُخرى في الأرض المقدّسة التي بارك الله تعالى فيها وحولها، يُقتل منهم مَن يُقتل، ويدخل الإسلام مَن يدخل، لما يرى ويسمع من الآيات البينة، يرى تعاون (عيسى بن مريم (عليه السلام)) والإمام الحجّة المنتظر (عليه السلام)، وملائكة السماء، فتنتهي أُسطورة إسرائيل، وتنتهي قعقعة الشنان، والتهديد بالقنابل النووية، والجرثومية، والتكنولوجية، وتبعية العالم إلى الماسونية والصهيونية العالمية.
وردت الأخبار في السفياني، ونهايته متضاربة، ونحن نورد المتيسر منها:
(يهلك جميع عسكر السفياني، فيهزم، ومعه شر ذمة قليلة من أصحابه فيلحقه رجل من أنصار القائم اسمه (صباح) ومعه جيش، فيستأسره، فيأتي به إلى المهدي، وهو يُصلّي العشاء الآخرة، فيخفف صلاته، فيقول السفياني يا ابن العم استبقني أكون لك عوناً، فيقول لأصحابه ما يقولون فيما يقول؟ فإنّي آليت على نفسي لا أفعل شيئاً حتّى ترضوه؟ فيقولون: والله ما نرضى حتّى تقتله لأنَّه سفك الدماء التي حرم الله سفكها، وأنت تريد أن تمنَّ عليه بالحياة، فيقول لهم المهدي شأنكم وإيّاه، فيأخذه جماعة منهم فيضجعونه على شاطي الهجير تحت شجرة مدلاة بأغصانها، فيذبحونه كما يُذبح الكبش، وعجّل الله بروحه إلى النار...).(295)
لا يخفى أنَّ الظلم إذا دام دمَّر، وأنَّ الحقد السفياني، حقد له جذور بالجاهلية الجهلاء، وحليب الأُمَّهات، ولا يخفى أنَّ عداء كلب نابع من عداء الصليب للهلال، وهذا العناد والعداء بقي إلى يومنا هذا، وسيبقى إلى ظهور الحجّة المهدي (عجّل الله فرجه).

إنَّ الطيبة التي يتحلّى بها المسلم، وسلامة القلب، وإنَّه يحمل على سبعين محملاً حسناً، جعل الأعداء، يستغلون هذا، ويمزجون السُّم بالعسل، ويعملون بالسر والعلانية، للنيل من الإسلام والمسلمين ولذا تجد الانتكاسات والحروب، والانقلابات، والحكام الخونة الذين لا همَّ لهم سوى كرسي الحكم، والتربع ليس إلاّ، والناس على دين ملوكهم كما قيل، فكانت المآسي والآلام، وكانت هدر الدماء والطاقات، وعدم الاستواء على الأقدام، تتقاذفهم أهواء الأعداء يميناً وشمالاً، والضحايا أفواج أفواج، والتقهقر من السيئ إلى أسوء، حتّى بلغ بنا اليوم: نُباع ونُشترى في الأسواق العالمية، فمَن تهوّد وتنصّر، ومَن أخذوا يتجسسوا على بني جلدته، لقاء لقمة العيش، وبلادنا وأوطاننا تطفوا على بحار من نفط، وترتكز على جبال من ذهب، ومعادن تكفي الأجيال بكل عزٍّ وقرار، وأنَّ السفياني آخر من يحمل هذا الحقد الدفين، والسُّم القاتل، يُقاتله صاحب العصر والزمان المؤيّد المسدد فيكون النصر:
(... فيسير إلى الشام في طلب السفياني بجأش قويّة، وهمّة سميّة، وجيوش نصرة قد طبقت البرية، ونفحات نشرة قد طيّبت البرية، فيهزم جيش السفياني، ويذبحه عند بُحيرة طبرية، فتندرس آثار الظلم، وتنكشف هنادس الظلمة، وتهود المحنة منيحة واللأواء نعمة).(296)
تأمَّل عزيزي القاري:
(وتقع ضجة بالشام: ألا إنَّ أعراب الحجاز قد خرجوا إليكم، فيجتمعون إلى السفياني بدمشق، فيقولون: أعراب الحجاز قد جمعوا علينا.
فيقول السفياني لأصحابه: ما تقولون في هؤلاء؟ فيقولون: هم أصحاب نبل وابل، ونحن أصحاب العدّة والسلاح أخرج بنا إليهم.
فيرونه قد جبن، وهو عالم بما يراد منه، فلا يزالون به حتّى يخرجوه، فيخرج بخيله ورجاله وجيشه في مائتي ألف وستين ألفاً، حتّى ينزلوا بحيرة طبرية، فيسير المهدي (عليه السلام)، بمَن معه، لا يحدث في بلد حادثة إلاّ الأمن والأمان والبشرى، وعن يمينه جبرائيل ، وعن شماله ميكائل (عليهم السلام)، والناس يلحقونه من الآفاق حتّى يلحقوا السفياني على بحيرة طبرية، ويغضب الله عزَّ وجلّ على السفياني وجيشه، ويغضبوا سائر خلقه عليهم، حتّى الطير في السماء، فترميهم بأجنحتها، وأنَّ الجبال لترميهم بصخورها، فتكون وقعة يُهلك الله فيها جيش السفياني، ويمضي هارباً، فيأخذه رجل من الموالي اسمه (صباح)، فيأتي به إلى المهدي (عليه السلام)، وهو يصلّي العشاء الآخرة فيبشره، فيخفف في الصلاة ويخرج.
ويكون السفياني قد جعلت عمامته في عنقه وسُحبت، فيوقفه بين يديه، فيقول السفياني للمهدي: يا ابن عمِّ مُنَّ عليَّ بالحياة أكُن سيفاً بين يديك، وأُجاهد أعدائك، والمهدي جالس بين أصحابه، وهو أحيى من عذراء، فيقول: خلّوه، فيقولوا أصحاب المهدي: يا ابن بنت رسول الله، تمنُّ عليه بالحياة، وقد قتل أولاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما نصبر على ذلك، فيقول: شأنكم وإيّاه، اصنعوا به ما شأتم، وقد كان خلاّه وأفلته، فيلحقه (صباح) في جماعة إلى عند السدرة، فيضجعه ويذبحه، ويأخذ رأسه، ويأتي به المهدي، فينظر شيعته إلى الرأس، فيكبّرون ويهللون ويحمدون الله تعالى على ذلك ثمَّ يأمر المهدي بدفنه، ...).(297)
وهنا حديث نورده، مفاده أنَّ المهدي هو الذي يتولى قتل السفياني بنفسه، ولكن كناية لأنَّ الذي يذبحه هو من الموالي رجل اسمه (صباح):
(... فيقدم الشام، فيذبح السفياني تحت الشجرة التي أغصانها إلى بحيرة طبرية، ويقتل كلباً).(298)
راجع (1) بخصوص السفياني تجد بعد الاجمال، في كم وكيفية قتله لأهل البيت، والموالين لهم، وكيفية تعامله مع النساء والأطفال، يغنيك عن الكثير ممّا كان عليه آباؤه وما فيه، لتعلم أنَّ هذا البيت: كيف كان معادياً لله ولرسوله ولأهل بيته الغّرَ الميامين، ولتعلم كيف إنَّهم أخذوا البلاد والعباد بالكذب والتحايل، وتغيير الحقائق للوصول، والثأر لبدر وخيبر، بما يوجب غضب الله تعالى عليهم.
وإذا راجعت ص: 116، من كتاب عقد الدرر،ترى:
(قال كعب الأحبار: بينما هؤلاء الثلاثة قد تغلبوا على موضعهم بالظلم، وإذا قد خرج السفياني، من دمشق وقيل:
إنَّه يخرج من واد بأرض الشام، ومعه أخواله من بني كلب، واسمه معاوية ابن عتبة، وهو ربعة من الرجال، دقيق الوجه، جهوري الصوت، طويل الأنف، عينه اليمنى يحسبه من يراه يقول أعور، ويظهر الزهد، فإذا اشتدّت شوكته مَحا الله الإيمان من قلبه، وسفك الدّماء، ويعطّل الجمعة والجماعة، ويكثر في زمانه الكفر والفسق في كل البلاد، حتّى يفجر الفسّاق، ويكثر القتل في الدنيا.
فعند ذلك يجتمعون، أهل مكّة إلى السفياني يخوّفونه عقوبة الله عزَّ وجلّ فيأمر بقتلهم، وقتل العلماء، والزّهاد في جميع الآفاق).(299)

الفصل الخامس: خسف البيداء من المحتوم

قال تعالى: (أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً).(300)
الخسف
الخسف: هو انشقاق الأرض في مساحة منها: لرخاوة، أو لثقل، أو لضربة، أو لوقوع صاعقة من السماء على تلك المنطقة، أو لزلزال عظيم، مع وجود مياه جوفية في الأرض رخوة، فيكون الخسف.
أمّا الخسف الذي يشمل جيش الشام، فهو أمر صريح من الله تعالى لجبرائيل (عليه السلام): أن أبدِ القوم، فيضرب الأرض التي تُعرف بالبيداء، وهي أرض بيضاء ملساء، وهي أقرب إلى مكّة منها إلى المدينة:
فيما ذكره ياقوت الحموي في ترجمة البيداء من معجم البلدان قال:
البيداء: اسم الأرض المساء بين مكّة والمدينة، وهي إلى مكّة أقرب تُعدّ من الشرق أمام ذي الحليفة.
وفي الحديث: إنَّ قوماً كانوا يغزون البيت فنزلوا بالبيداء، فبعث الله جبرائيل (عليه السلام)، فقال: يا بيداء أبيديهم.
عدد أفراد الجيش
عدد أفراد الجيش الذي يخسف بهم اثنى عشر ألفاً:
(حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الله بن مروان، عن أرطأة عن تبيع عن كعب، قال: يوجّه جيش إلى المدينة في اثنى عشر ألفا فيخسف بهم بالبيداء).(301)
والظاهر من الأخبار أنَّ هناك جيشين إلى المدينة الأوَّل يُهزم، والثاني جيش جرّار، فيه ستمائة عريف، فإذا أتوا البيداء في ليلة مقمرة:
(وعن عبد الله بن عباس (رضي الله عنه)، قال: يبعث صاحب المدينة إلى الهاشميين جيشاً فيهزمونهم، فيسمع بذلك الخليفة بالشام، فيبعث إليهم جيشاً في ستمائة عريف، فإذا أتوا البيداء فنزلوها في ليلة مقمرة، أقبل راع ينظر إليهم ويعجب، ويقول:
يا ويح أهل مكّة ممّا جاءهم.
فينصرف إلى غنمه، ثمَّ يرجع فلا يرى أحداً فإذا هم قد خُسف بهم، فيقول: سبحان الله، ارتحلوا في ساعة واحدة.
فيأتي منزلهم، فيجد قطيفة قد خُسف ببعضها، وبعضها على ظهر الأرض، فيعالجها، فلا يطيقها، فيعرف أنَّه قد خُسف بهم، فينطلق إلى صاحب مكّة، فيبشره، فيقول صاحب مكّة:
الحمدلله هذه العلامة التي كنتم تخبرون، فيسيرون إلى الشام)، أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب (الفتن).(302)
في خلاصة الحديث: أنَّ السفياني يبعث جيشاً، فيهزم هذا الجيش، ثمَّ يبعث جيشاً آخر جرّاراً كثيفاً، عدداً وعُدّة، بحيث يتعجب الراعي منه، ويقول: (يا ويح أهل مكّة ممّا جاءهم).
فالخسف بالجيش الثاني الذي يرسل إلى المدينة، وهناك جيش يرسل إلى العراق يأتي الكلام عنه.
ولكن هناك أخبار تفيد أنَّ رجلين، وفي خبر ثلاثة رجال ينجون، والمرجح هم اثنان، تُدار الوجه فيهم إلى القفا، وهما: البشير والنذير، يذهب البشير إلى صاحب مكّة، والنذير إلى الشام.
(علي بن أحمد بن عبيدالله بن موسى العلوي، عن عبد الله بن موسى العلوي، عن عبد الله بن محمّد قال: حدَّثنا محمّد بن خالد، عن الحسن بن المبارك، عن أبي إسحاق الهمداني، عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه قال:
المهدي أقبل أجعد بخدّه خالٌ يكون مبدأه من قبل المشرق، وإذا كان ذلك خرج السفياني، فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر يخرج بالشام، فيقاد له أهل الشام، إلى طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه، ويأتي المدينة بجيش جرّار حتّى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله بهم، وذلك قول الله عزَّ وجلّ في كتابه: (ولَو ترى إذْ فَزِعوا فلا فَوتَ وأُخِذوا مِنْ مَكان قريب)).(303)
الجيش الذي يذهب إلى المدينة يحلُّ بها، وينهبوها ثلاثة أيّام ولياليها، ويقتل الكثير:
(وذكر الإمام أبو إسحاق الثعلبي، في (تفسيره)، في معنى قوله عزَّ وجلّ في سورة سبأ: (ولَو ترى إذْ فَزِعوا فلا فَوتَ وأُخِذوا مِنْ مَكان قريب)، فذكر سنده إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثمَّ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب: فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من وادي اليابس في فوره ذلك حتّى ينزل دمشق، فيبعث جيشين: جيشاً إلى المشرق، وجيشاً إلى المدينة، حتّى ينزلوا بأرض بابل، في المدينة الملعونة، والبقعة الخبيثة، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف، ويبقرون به أكثر من مائة امرأة، ويقتلون بها ثلثمائة كبش من بني العباس.
ثمَّ ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها، ثمَّ يخرجون متوجّهين إلى الشام، فتخرج راية هدى من الكوفة، فتلحق ذلك الجيش، منها على مسيرة ليلتين، فيقتلونهم، لا يثبت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم.
ويحلّ جيشه الثاني بالمدينة، فينهبونها ثلاثة أيّام ولياليها.
ثمَّ يخرجون متوجّهين إلى مكّة، حتّى إذا كانوا بالبيداء، بعث الله عزَّ وجلّ جبرائيل (عليه السلام)، فيقول: يا جبرائيل! اذهب فأبدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم، وذلك قوله عزَّ وجلّ في سورة سبأ: (ولو تَرى إذ فَزِعوا فلا فَوتَ وَأُخِذوا مِنْ مَكان قريب)(304)، لا يفلت منهم إلاّ رجلان أحدهما بشير والآخر نذير، وهما من جُهينة، فلذلك جاء القول: وعند جُهينة الخبر اليقين)، وذكره الطبري في تفسيره عن حذيفة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).(305)
إذن
1 - الجيش الأوَّل الذي يذهب إلى المدينة يهزم.
2 - الجيش الثاني الذي يذهب إلى المدينة تُخسف به البيداء.
3 - لا ينجوا من الجيش إلاّ اثنان، أحدهما بشير والآخر نذير، وهما من جُهينة.
4 - الجيش الذي يذهب إلى العراق، وبعد أن يحدث في بابل من قتل وبقر للبطون يتّجه إلى الكوفة، ويخرّب ما حولها، يأخذ الغنائم والسبايا.
5 - تخرج راية هدى من الكوفة، فتلحق ذلك الجيش، فتقتلهم، ولا يفلت منهم مخبر، وتستنقذ ما في أيديهم من السبي والغنائم.
6 - كلّ هذه الأحداث، لأنَّ مركز العالم سيكون العراق، وتكون الكوفة مقرّاً لحكومة المهدي الكبرى، وستنطلق منه الجيوش إلى جميع أنحاء العالم.
أمّا الرجلان من جُهينة
(... ويوجّه السفياني جيشين، جيشاً إلى الكوفة، وأمّا الجيش الثاني فيأتي إلى المدينة، مدينة يثرب، فيبحها ثلاثة أيّام ثمَّ يرحل يطلب مكّة، فيخسف به الأرض في البيداء، فلا يسلم منهم سوى رجلين أحدهما من جُهينة فهو الذي يأتيه بالخبر، ويخرج المهدي (عليه السلام)، فيقتل السفياني ذبحاً تحت شجرة بخارج دمشق).(306)
والجيش هذا فيه المكره، وفيه المستطرق، وفيه ابن السبيل فما حكم هؤلاء؟ وما لهم وعليهم؟ تبتلعهم الأرض؟!
(وعن أُم سلمة زوج النّبي (صلى الله عليه وآله)، قالت: ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الجيش الذي يخسف بهم، فقالت أُم سلمة: يا رسول الله، لعلَّ فيهم المكره؟ قال:
إنَّهم يبعثون على نيّاتهم)، أخرجه الإمام أبو عبد الله محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني في (سننه).(307)
على ضوء هذا الحديث: (المكره، والمستطرق، وابن السبيل)، يبعثهم على نيّاتهم.
وإنَّ الله لا يظلم أحداً، والله لا يظلم مثقال حبّة.
ولعلَّ موضع الإشكال يكون سبباً لتكفير ذنوبهم، ورفع درجاتهم، فيبدلوا سيئاتهم حسنات، ويغفر لهم، ويدخلهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم.
إنَّ الله تعالى يفعل ما يشاء وفق الحكمة، ولا يظلم ربَّك أحداً، فكثير ممّن يظهر الإيمان، ويبطن الكفر والنفاق، وبالعكس:
الكثير ممّن يظهر الكفر والنفاق، ويبطن الإيمان ولا يعلم ذلك إلاّ الله تعالى، يعلم ما نخفي وما نعلن، وإليه ترجع الأُمور.
خسف البيداء من المحتوم قبل الظهور المقدَّس
1 - (... قال: خمس قبل قيام القائم (عليه السلام): اليماني والسفياني، والمنادي ينادي من السماء، وخسفٌ بالبيداء، وقتل النفس الزكية)، ورواه في (الخصال) بهذا السند مثله.(308)
2 - (... عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال:
للقائم خمس علامات: السفياني، واليماني، والصيحة من السماء، وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء).(309)
ومن هذا الحديث يتبيّن: الصيحة هو النداء، والنداء هو الصيحة، وهما من المحتوم.
الخسوف
والخسوف كثيرة، ولكن أهمّها خسف البيداء فهناك:
1 - خسف في غربي بغداد.
2 - خسف بالبصرة.
3 - خسف بالمشرق.
4 - خسف بالغرب.
5 - خسف بجزيرة العرب: (خسف بحجاز العرب).
والخسوف هذه، تتفاوت من حيث الواقع، هناك خسوف تحدث بفعل فاعل إنسي، مثلاً إلقاء قنابل شديدة الفاعلية وثقيلة الوزن في أماكن رخوة، وتحتها مياه جوفية للتجربة والترهيب، ففي خبر أن مياه مشروع الثرثار تتسرب من شرخ في الأرض، وتجتمع تحت غربي بغداد، ويقال: إنَّ المياه الجوفية في طهران في المشرق تجتمع تحت منطقة سكة الحديد (الراه آهن) وفي منطقة (17) وهي مرشحة للخسف، وإذا لحقها هزة خفيفة مثلاً.
والخسف آية من الآيات الأرضية، لعلَّ الناس يتعظون، ويتدبرون في أُمورهم، ويتوجّهون إلى الله بقلوب صافية، وأعمال صالحة، تكفر عن ذنوبهم التي غرقوا بها وهذه الآيات، لا تأتي جُزافاً، وإنَّما إشارة وتنبيهاً.
الخسف محتوم
(وبهذا الإسناد، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني، والسفياني، والصيحة، وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء).(310)
فالمحتوم هنا من الخسوفات (الخسف بالبيداء) وأمّا الآخر، فقد تقع، وقد لا تقع، ولا إشكال في ذلك.
وفي مسألة الذي يفلت من جيش الخسف، كما أسلفنا: قيل اثنان، وهما من جُنيهة، ومنه قيل: (وعند جُنيهة الخبر اليقين)، وقيل: واحدٌ، وهو الراعي، وقيل: ثلاثة، وهم من كلب، وهم أخوال السفياني، نصارى الشام، وجلّهم يسكنون الرملة، وما جاورها، والروم إذا نزلوا بلاد الشام نزلوا الرملة، وهي مكان تواجد السفياني قبل ظهوره:
(... وينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: يا بيداء أبيدي القوم، فيخسف بهم البيداء، فلا يفلت منهم إلاّ ثلاثة، يحوّل الله وجوههم في أقفيهم، وهم من كلب، وفيهم نزلت هذه الآية:
(يا أيُّها الذينَ أُتوا الكتابَ آمِنوا بِما نزّلنا مُصدِّقاً لِما مَعَكُم مِنْ قَبلِ أنْ نَطْمِسَ وُجوهاً فَنَرُدَّها على أدبارِها)).(311)
وأمّا الذين قالوا إنَّ الذي ينجو من جيش الخسف رجل واحد:
(حدَّثنا نعيم، حدَّثنا الوليد ورشدين، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبى رومان، عن علي قال: إذا نزل جيش في طلب الذين خرجوا إلى مكّة فنزلوا البيداء خسف بهم ويُباد بهم، وهو قوله: (ولو تَرى إذ فَزِعوا فلا فَوتَ وَأُخِذوا مِنْ مَكان قريب)، من تحت أقدامهم، ويخرج رجل من الجيش في طلب ناقة له ثمَّ يرجع إلى الناس فلا يجد منهم أحداً ولا يحسّ بهم، وهو الذي يُحدِّث الناس بخبرهم).(312)
الناجون
1 - واحدٌ، وهو الذي يخرج في طلب ناقة.
2 - رجلان من جُهينة.
3 - ثلاثة رجال من كلب.
وهنا: (قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا رشدين، عن ابن لهيعة، عن عبد العزيز بن صالح، عن علي بن رباح، عن ابن مسعود قال: يُبعث جيش إلى المدينة، فيخسف بهم بين الجمّاوين، وتُقتل النفس الزكية، جماوان: هَضِبتان عن يمين الطريق للخارج من المدينة إلى مكّة).(313)
(محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة، والسفياني، والخسف، وقتل النفس الزكية، واليماني، فقلت: جعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أخرج معه؟، قال: لا، فلمّا كان من الغد تلوت هذه الآية: (وإنْ نَشأ نُنزِّل عَليهِم مِنَ السماءِ آيَةً فَظلَّتْ أعناقُهُم لَها خاضعينَ)(314)، فقلت له: أهي الصيحة؟ أما لو كانت، خضعت أعناق أعداء الله عزَّ وجلّ).
فالخسف من علائم ظهور المهدي (عليه السلام)، ومن الحتميات.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يعوذ عائذٌ بالبيت، فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خُسف بهم).
فقلت يا رسول الله، كيف بمَن كان كارهاً؟ قال: (يخسف به معهم، ولكن يُبعث يوم القيامة على نيته)، فقال أبو جعفر: هي بيداء المدينة.
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في باب الخسف بالجيش الذي يؤمُّ البيت من كتاب الفتن وأشراط الساعة...).(315)
والبيداء: هي ما بين مكّة والمدينة، وهي أقرب إلى المدينة منها إلى مكة ولذا تُعرف ببيداء المدينة، وليس كما يقول البعض.
والذي يبقى من أهل الخسف بالبيداء الشريد الذي يخبر عنهم، وقيل اثنان، البشير والنذير، أمّا أنَّهما يُدار بوجهيهما من ضربة، يذهب البشير إلى مكّة، يرى المهدي (عجّل الله فرجه) قد أسند ظهره إلى الركن، فيقول: ألا أُبشرك؟ فيقول: بِمَ؟، فيقول: لقد خسف الله الأرض بحند عدوك وعدو الله، والنذير يذهب إلى السفياني، فيقول: ألا أُنذرك؟، فيقول: مِمَّ؟، فيقول: خسف الله الأرض بجندك، وظهر المهدي (عجّل الله فرجه) من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، في مسألة الخسف، وأنَّ فيهم المستبصر، والمجبور وابن السبيل، يهلكون مهلكاً واحد، يبعثهم الله تعالى على نياتهم.
نقول لهؤلاء: أمّا علّمتكم هذه القرون حقيقة آل أبي سفيان، وحقيقة آل محمّد صلوات الله عليه وأهل بيته؟
(وعن محمّد بن الصّامت، قال قلت لأبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام): أمَا من علامة بين يدي هذا الأمر؟ يعني ظهور المهدي (عليه السلام)، فقال: بلى، قلت: وما هي؟ قال: هلاك بني العباس، وخروج السفياني، والخسف بالبيداء، قلت: جعلت فداك، أخاف أن يطول هذا الأمر؟ قال: إنَّما هو كنظام الخرز، يتبع بعضه بعضاً).(316)
ها: نحن نُواكب هلاك بني العباس، بعد سقوط نظام البعث، وننتظر نزول الحكم العادل فيهم واحداً بعد الآخر، وكل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء، وسرق قوت الشعب على مرأى ومسمع من الناس والعالم، بقوّة الحديد والنار.
وفي الأُفق علامات توحي أنَّ النهاية باتت قريبة جدّاً، وأنَّ الحلقة ستكتمل بضرب سوريا.
فإذا ضُربت سوريا، وانهدم حائط المسجد الأُموي من الجهة اليمنى، فتلك علامة الهدّة التي يذهب فيها أكثر من مائة ألف هي رحمة للمؤمنين، ونقمة للكافرين والمنافقين، ثمَّ يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس الميشوم، ويسيطر على الكور الخمس، ويرتقي أعواد منبر الشام.
خسفان في العراق
(الحسين بن يزيد، عن المنذر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
يُزجر الناس قبل قيام القائم عن معاصيهم بنار تظهر في السماء، وحمرة تجلّل السماء، وخسف ببغداد، وخسف ببلدة البصرة، ودماء تُسفك بها، وخراب دُورها، وفناء يقع في أهلها، وشمول العراق خوف لا يكون معه قرار).(317)
بغداد مرشحة للخسف، من حيث: إنَّ غربي بغداد، وبعد إجراء الفحوصات المختبرية، والجيولوجية، وُجد أنَّ المياه تتجمع عندها، وهي المياه التي تسربت من شقوق أرضية في أصل مشروع الثرثار، ولمدة عقود، ومنذ تأسيس هذا المشروع، وغربي بغداد شملها العمران بشكل ملحوظ، وأي شرخ أو شق في القشرة الأرضية أوَّلاً، أو أيّ هزّة أرضية، أو تتعرض لقصف بالقنابل الثقيلة اللّولبية يؤدي إلى خسف في هذه المنطقة والله أعلم.
وأمّا الخسف ببلدة البصرة، فقد يكون لمحاذاتها البحر ولمئات السنين يمكن أن يحدث لها مثل بغداد من تسرب للمياه، خصوصاً وأنَّ أرضها سبخة تُشجع على ذلك، ولكن الله تعالى إذا أراد أن يزجر الناس عن معاصيهم؛ أراهم الآيات والبراهين؛ وقد بلغني أنَّ اليوم فيها حركة لتسخير الجن وإتيان السحر والشعبذة، ولا يخفى ما لهذه الأعمال من تأثير ومعصية (فالساحر كالكاهن، والكاهن كالكافر، والكافر في النار)، وإنَّ الله تعالى يريهم جزاء سوء أعمالهم في الدنيا قبل الآخرة.
والأرضية المهيأة لكل هذا هي البصرة: فقوات الحلفاء، والمعارضة ضدان لا يتفقان، وما يدريك ما ينتظر البصرة من أحداث ومفارقات، بحيث تكون مسرحاً للقتل والاقتتال، بحيث تُسفك الدماء، وخراب دورها، وفناء في أهلها، وهذه الأسلحة الفتاكة، في حين البصرة شحمة ولحمة دسمة، تُسيل اللعاب بنفطها، وموقعها فهي: ثغرُ العراق.
(وشمول أهل العراق خوف لا يكون معه قرار) حاصل بعد زوال رموز النظام الصدامي، وبقاء أذناب النظام، والمصالح الأجنبية في العراق، وعملية جرِّ الحبل مستمرة، لتكون سبباً في بقاء أصحاب المصالح في العراق، والخوف الملازم في بقائهم، فالشعب العراقي الذي يُعاني من الفقر والمرض، وانعدام الأمن، وحاجته إلى حكومة مركزية تُدير البلاد وتضمن كلّ الأسباب التي تؤدّي بالشعب إلى الراحة والأمان، ولكن هذا معدوم في الواقع، وهذا ممّا يشجع بعض المنظمات بالعمل التخريبي بحجّة وأُخرى إلى أن تأتي قوّة توازي قوّة النظام البائد، ولكن وفق القانون والدستور المتفق عليه، وأرى أنَّ هذا الخوف وعدم الاستقرار قائم، ونحن في بداية الظهور، وإن كان الوقت عامل أساس، وإلاّ فعلاماته بدأت، والله نسأل حُسن العاقبة.
يبايع المهدي عليه وهو كارهٌ
(السابع والعشرون والمائة، عن أُم سلمة زوج النَّبي (صلى الله عليه وآله) قال:
يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكّة، فيأتيه ناس من أهل مكّة فيخرجونه، وهو كارهٌ، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويُبعث إليه بعث الشام فتنخسف بهم البيداء بين مكّة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام، وعصائب أهل العراق، فيبايعونه ثمَّ ينشأ رجل من قريش أخواله كلب، فيبعث إليهم بعثاً، فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب، والخيبة لمَن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال، ويعمل في الناس بسُنّة نبيّهم، ويلقى الإسلام بجرانه إلى الأرض، فيلبث سبع سنين، ثمَّ يتوفّى، ويصلّي عليه المسلمون، قال أبو داود: قال بعضهم عن هشام: تسع، قال: وهذا سياق الحُفاظ كالترمذي وابن ماجة القزويني وأبي داود).(318)
مَن يُبايع؟
إنَّ أصحاب المهدي (عليه السلام)؛ عدّتهم كأصحاب بدر (313) قيل: إنَّ منهم (50) امرأة، وقيل: أقل، وهم من العرب والعجم، وهم الوزراء والأُمراء والقادة، وقد سبق لنا أن ذكرنا أسماء بعض القادة، وبلا شك ولا شبهة أنَّ شُعيب بن صالح التميمي هو أحد أولئك القادة، وحملة الراية.
ولكن تشير الأخبار إلى أنَّ الأبدال هم من بلاد الشام، قيل: إنَّهم يزيدون على الأربعين رجلاً، كلّما توفى منهم أحد أبدله الله تعالى بآخر.
ولذا ورد في بعض الأحاديث:
(لا تسبّوا أهل الشام فإنَّ فيهم ومنهم الأبدال)، أو بهذا المعنى.
وأمّا الأخيار منهم من كنانة من مصر، لا يعلمهم إلاّ الله تعالى.
وعصائب أهل العراق: العصائب جمع عُصبة، والعُصبة كما ورد في القرآن الكريم في سورة يوسف (ونحن عُصبة) أحد عشر، وجمعها عصائب، قد لا تصل العشرة، فيكون على فرض أنَّها عشرة، من (100 - 110) شخص يزيدون قليلاً، وهؤلاء قد مُحصو الإيمان والولاء، بحيث يذهبون إلى مكّة بشكل وآخر، فيبايعون المهدي (عليه السلام).
والجيش الذي ينعقد للمهدي (عليه السلام)، وهو في مكّة عشرة آلاف إن قلَّ، وإن زاد فثلاثة عشر ألفاً، هذا من البشر الموالين المحبين.
وأمّا من الملائكة: فأولئك الذين نزلوا ببدر وعند واقعة الطف لنصرة الحسين (عليه السلام) ولم يلحقوا وكان أمر الله قدراً مقدوراً.
ذكر البعض أنَّهم يزيدون على العشرة، ولا يقلّون عن الستة عشر، على المقدمة جبرائيل (عليه السلام)، وبعض الملائكة المقربين، عندها ينشر راية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فيسير الرعب بين يديه مسيرة شهر حتّى ينزل ظهر الكوفة، ويسمع به الخراساني فيأتيه، ويعطيه البيعة مع جيشه، فيتخذ من مسجد الكوفة، مقرّاً لحكومته، ومن مسجد السهلة، مقرّاً لعياله، ويختط في ظهر الكوفة مسجداً كبيراً قيل في بعض الأخبار: أنَّه له ألف باب تُقام فيه الصلوات وصلاة الجمعة خاصة، هذا وغيره تجده في باب المهدي من المحتومات صلوات الله عليه، وهو باب موسع مستقل إن شاء الله تعالى.
(وعن أُم سلمة (رضي الله عنه) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
يبايع الرجل من أُمّتي، بين الركن والمقام، كعدّة أهل بدر، فتأتيه عُصب العراق، وأبدال الشام، فيأتيهم جيش من الشام، حتّى إذا كانوا بالبيداء خُسف بهم، ثمَّ يسير إليه رجل من قريش أخواله كلب، فيهزمهم الله تعالى)، أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم في (مستدركه).
هناك أحاديث كثيرة في خسف البيداء، وكلام، ولكن ما أقل ما ورد في خسف المشرق والمغرب، وخسف غربي بغداد والبصرة، لا لشيء، وإنَّما لأهميّة الحديث، ومن يسلم من الجيش، وممّن هم، وكيف تُدار وجوههم، وبِمَ يتسمون، وعددهم هذه أُمور تحددت في الأحاديث والأخبار، أمّا تلك الخسوفات التي ذُكرت فهي غامضة.
وقد ورد من الخسف (خسف بحجاز العرب)، هل المراد بهذا الخسف هو خسف البيداء؟ أم هناك خسف غيره؟ وإن كان فأين ومتى ولماذا؟ وعُدَّ هذا الخسف من علائم الساعة، فتأمّل:
(حدَّثنا العباس بن محمّد الدوري، قال: نبأ محمّد بن عمران بن أبي ليلى، قال: حدَّثني ابن أبي ليلى، عن الحكم بن عُيينة، عن حُذيفة بن أسيد الغفاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
عشرة قبل الساعة: خسف بالمشرق، وخسف بالمغر، وخسف بحجاز العرب، ويأجوج ومأجوج، وريح تنسفهم فتطرحهم في البحر، وطلوع الشمس من المغرب، والدَّجال، والدخان، والدابّة، ونزول عيسى بن مريم (عليه السلام)).(319)
وعلى هذا؛ هناك خسوفات، وقعت في بلدان شتى، وقد تقع مستقبلاً ولكن ما العلاقة بينها، وبين الظهور المقدَّس؟
(قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا رشدين، عن ابن لُهيعة، عن أبي قبيل، عن سعيد الأسود، عن ذي قُربات، قال: إذا بلغ السفياني الذي بمصر بعث جيشاً إلى الذي بمكّة فيخربون أشدَّ من الحرّة، حتّى إذا بلغوا البيداء خُسف بهم).(320)
وقد جاء هذا الحديث للبيان والحمد لله ربِّ العالمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين، ولا حول، ولا قوّة إبلاّ بالله العلي العظيم، كان الفراغ من كتابة هذا الباب من كتابنا الحتميات الخميس، السادس من محرم الحرام، سنة 1425 هـ.

الفصل السادس: عيسى بن مريم (عليه السلام)

قال تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).(321)
الحديث الموضوع أنّ : ((عيسى هو المهدي عليه السلام))
نقول لمَن يقول: المهدي عليه السلام هو المسيح عليه السلام
اسمه: عيسى (عليه السلام)، قال تعالى: (إنَّ مَثَلَ عيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُراب ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكون).(322)
أُمّه: مريم بنت عمران (عليها السلام).
وُلد: قبل؛ (2003) سنة.
نبي من المرسلين، نزل عليه الإنجيل، وحرَّفه الأعداء، وأهل الدنيا من اليهود والنصارى.
موقف الإسلام منه: مَن لم يؤمن بنبوّة عيسى بن مريم (عليه السلام)، فليس بمؤمن.
آخر الزمان: ينزل على كتفي ملكين عند المئذنة البيضاء شرقي دمشق.
عمامته: خضراء.(323)
صفاته: (كأنَّما يقطر من رأسه الدهن، رجل الشعر، صبيح الوجه (شاب أحمر)، أشبه خلق الله عزَّ وجلّ بأبيكم إبراهيم خليل الرحمن (عليه السلام)).(324)
(... فإنَّه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، بين مُمصرتين (كأن رأسه يقطر) وإن لم يصبه بلل، ورأيت عيسى شاباً أبيض جعدِ الرأس).(325)
ملابسه: (نزل عيسى (عليه السلام) بثوبين مُشرقين حُمر).(326)
زواجه: قيل يتزوج من بني أسد، فيولدها، وقيل: يتزوج امرأة من غسان، ويولد منها مولود، ويخرج حاجّاً).
موته: (يخرج حاجّاً، فيقبض الله تعالى روحه في طريقه قبل وصوله نكّة).
وظيفته: (فيكون عيسى بن مريم في أُمّتي حَكماً عدلاً، وإماماً مقسطاً، يدق الصليب، ويذبح الخنزير، ويضع الجزية، ويترك الصدقة).(327)
نزول عيسى (عليه السلام): (فينزل عيسى بين مِهرودَتين عند المنارة البيضاء بشرقي دمشق، فيصلي العصر بالناس ويطلبه الدَّجال فيَقتل...).(328)
عمره الشريف منذ نزوله إلى وفاته: (فيمكث ي الأرض أربعين، ثمَّ يتوفى ويُصلّي عليه المؤمنون).(329)
سبب بقاء عيسى (عليه السلام) حيّاً:
1 - (أمّا بقاء عيسى (عليه السلام)، فهو سبب إيمان أهل الكتاب به، والتصديق بنبوّة سيّد الأنبياء محمّد خاتم النبيين ورسول ربِّ العالمين (صلى الله عليه وآله): ويكون تبياناً لدعوى الإمام عند أهل الإيمان، ومصدّقاً لما دعا إليه عند أهل الطغيان، بدليل صلاته خلفه، ونصرته إيّاه، ودعائه إلى الملّة المحمّدية التي هو إمام فيها).(330)
2 - (أمّا بقاء عيسى (عليه السلام) لسبب وهو قوله تعالى:
(وإنَّ مِنْ أهلَ الكِتابِ إلاّ لَيُؤمِنُنَّ بِهِ قَبلَ مَوتِهِ)(331)، ولم يؤمن به مُذ نزول هذه الآية إلى يومنا هذا أحد، فلابدَّ من أن يكون هذا في آخر الزمان).(332)
عيسى هو المهدي (عليه السلام): لنا وقفة معَ، ... عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(لا يزداد الأمر إلاّ شِدَّة، ولا الدنيا إلاّ إدباراً، ولا الناس إلاّ شُحّاً، ولا تقوم الساعة إلاّ على شرار الناس، ولا مهدي إلاّ عيسى بن مريم).(333)
نقول لمَن يقول: المهدي (عليه السلام) هو المسيح (عليه السلام):
المهدي (عليه السلام):
1 - المهدي (عليه السلام) في الأرض.
2 - المهدي (عليه السلام) يخرج من قرية يقال لها (كرعَة) في اليمن.
3 - المهدي (عليه السلام) أُمّه صيقل (نرجس خاتون).
4 - المهدي (عليه السلام) ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
5 - المهدي (عليه السلام) ولد في سنة 255 هـ.
6 - المهدي (عليه السلام) من آل محمّد (صلى الله عليه وآله).
7 - المهدي (عليه السلام) إمام وخاتم الأئمة (عليهم السلام).
8 - المهدي (عليه السلام) يؤمّ عيسى (عليه السلام).
9 - المهدي (عليه السلام) معه ثقل النبوّة.
10 - المهدي (عليه السلام) يقتل السفياني.
عيسى (عليه السلام):
1 - عيسى (عليه السلام) في السماء.
2 - عيسى (عليه السلام) ينزل من السماء على كتفي ملكين على المأذنة البيضاء في بلاد الشام.
3 - عيسى (عليه السلام) أُمّه مريم بنت عمران (عليها السلام).
4 - عيسى (عليه السلام) لا أب له.
5 - عيسى (عليه السلام) مضى على ولادته 2003 سنة.
6 - عيسى (عليه السلام) من آل عمران من جهة أُمّه.
7 - عيسى (عليه السلام) نبي وليس خاتم الأنبياء.
8 - عيسى (عليه السلام) يأتم بالمهدي (عليه السلام).
9 - عيسى (عليه السلام) ليس معه شيء من ثقل النبوّة.
10 - عيسى (عليه السلام) يقتل الدَّجال.
في حين أنَّ دعوى عيسى بن مريم (عليه السلام) هو المهدي (عليه السلام)، يحتاج إلى دليل، وإلاّ فهو من الأحاديث الموضوعة لتقليل شأن الثورة المهدوية على الظلم والطغيان، نكايةً، وحسداً لآل محمّد (صلى الله عليه وآله)، والذين وضعوا هذا الحديث هم من آل أبي سفيان أو الموالون لهم، بشكل وآخر، وما أكثر الوضاعين للأحاديث طلباً للمال، وحسداً وبُغضاً لآل محمّد (صلى الله عليه وآله)، وليعلم القاري العزيز أنَّ آلاف الأحاديث تُركت، لأنَّ المحدثين بها ممّن يتشيعون.
نزول عيسى (عليه السلام)
(وفي سنن أبي داود من حديث عبد الرحمن بن آدم، وليس عنده سواه عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنَّ النَّبي (صلى الله عليه وآله) قال:
ينزل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام إلى الأرض، وكأنَّ رأسه يقطر، ولم يصبه بلل، وإنَّه يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويفيض المال، وتقع الأمنة في الأرض، حتّى يرعى الأسد مع الإبل، والنمر مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيّات، ولا يضر بعضهم بعضاً، ثمَّ يبقى في الأرض أربعين سنة، ثمَّ يموت ويُصلّي عليه المسلمون ويدفنونه).(334)
والظاهر كما قال البعض إنَّ الوجه والصدر اللذين يظهران في عين الشمس، فهما غالباً وجه المسيح (عليه السلام).
(... وأمّا الوجه والصدر اللذان يظهران في عين الشمس، فهما غالباً وجه المسيح (عليه السلام) وصدره حين ينزل من السماء فيُعرف بحسبه ونسبه، ولا يشك به شاكّ بعد ذلك، بدليل التنوية بالحسب والنسب، هنا بصورة خاصة، لأنَّ المسيح (عليه السلام) ابن أُمٍّ ولا أب له...).(335)
قال الإمام الباقر (عليه السلام):
(وينزل روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) فيُصلّي خلفه، وقال من تأويل قوله تعالى: (وإن مِنْ أهل الكتابِ إلاّ لَيُؤمِنُنَّ بِهِ ثُمَّ يَومَ القيامَةِ يَكونُ عَليهِم شَهيداً)، إنَّ عيسى، قبل يوم القيامة، ينزل إلى الدنيا، فلا يبقى أهل ملّة، يهودي ولا غيره، إلاّ مَن آمَن به قبل موته، ويُصلّي خلف المهدي (عليه السلام)).(336)
1 - ينزل ويراه الناس، ويعرفونه.
2 - ينزل ويؤمن به أهل الملل يهودي وغيره، ويُصلّي خلف المهدي (عليه السلام).
عيسى (عليه السلام) والمهدي (عليه السلام)
(... فيلتفت المهدي (عليه السلام)، وقد نزل عيسى عند المنارة البيضاء في القدس، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، كأنَّما يقطر من شعره الماء، فيقول المهدي (عليه السلام):
تقدَّم صلِّ بالناس، فيقول: إنَّما أُقيمت الصلاة لك، فيُصلّي عيسى خلفه ويبايعه ويقول: إنَّما بُعثت وزيراً، ولم أُبعث أميراً).(337)
عيسى (عليه السلام) نبي من أنبياء الله والمرسلين، جاء بالإنجيل من عند الله تبار وتعالى يقتدي بالمهدي (عليه السلام) ويبايعه، ويكون وزير المهدي، لا كما يقولون إنَّه المهدي (عليه السلام).
قال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: كيف أنتم إذا نزل عيسى بن مريم فيكم وإمامكم منكم؟
ينزل عيسى على ثَنية (أي عقبه) بالأرض المقدّسة يقال لها: (أفيق)، فيأتي بيت المقدس، والناس في صلاة الصبح، فيتأخر الإمام - أي المهدي (عليه السلام) - فيقدمه عيسى، ويُصلّي خلفه على شريعة محمّد ويقول: أنتم أهل بيت لا يتقدّمكم أحد).(338)
(فبينما هو كذلك إذ هبط عيسى بن مريم (عليه السلام) بشرقي دمشق، عند المنارة البيضاء، بين مُهرودتين (أي غيمَتين مُلَونتين) واضعاً يديه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر - أي نزل ماء عرقه - وإذا رفعه تحدَّر منه جمامة كاللُؤلُؤ، ولا يجد ريح نفسه أحد - أي كافر - إلاّ مات.
وريح نفسه مَدَّ بصره، فيطلب الدَّجال فيدركه (بباب لِد) فيقتله، وقيل: عند باب دار المسجد الشرقي في القدس).(339)
نزوله إذن عند المنارة البيضاء.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): منا الذي يُصلّي عيسى بن مريم خلفه!
أحاديث مرَّت، وتمرُّ، تفيد أنَّ عيسى بن مريم يُصلّي خلف المهدي (عليه السلام)، فماذا يقول أولئك الذين يقولون إنَّ المهدي هو عيسى بن مريم (عليه السلام)؟!
(... فينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مُهرودتين واضعاً كفيه على أجنحة ملكين...).(340)
نعم:
(... إنَّ أبا هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟).(341)
ماذا يقول الذين يقولون إنَّ عيسى بن مريم (عليه السلام) هو المهدي (عليه السلام)؟
عيسى (عليه السلام) في السماء الثانية؟
(... ثمَّ يأمر الله تعالى جبرئيل (عليه السلام) أن يهبط بعيسى (عليه السلام) إلى الأرض وهو في السماء الثانية، فيأتيه، فيقول:
يا روح الله وكلمته: ربُّك يأمرك بالنزول إلى الأرض، فينزل، ومعه سبعون ألفاً من الملائكة، وهو بعمامة خضراء، متقلد بسيف على فرس، بيده حربة، فإذا نزل إلى الأرض نادى مناد: معاشر المسلمين جاء الحق وزهق الباطل، فأوَّل مَن يسمع بذلك المهدي (عليه السلام)، فيسير إليه، ويذكر الدَّجال، فيسير إليه، فإذا نظر الدَّجال إليه ارتعد، كأنَّه العصفور في يوم ريح عاصف فيتقدّم إليه عيسى، فإذا رآه الدَّجال يذوب كما يذوب الرصاص، فيقول عيسى (عليه السلام): ألست زعمت أنَّك إله، تقتل، فَلِمَ لا تنهي نفسك القتل؟ ثمَّ يطعنه بحربة، فيموت، ثمَّ يضع المهدي سيفه، وأصحابه، في أصحاب الدَّجال، فيقتلونهم، فيملأ الأرض عدلاً، كما مُلئت جوراً.
حتّى ترعى الوحوش والسباع، وتلعب بهم الصبيان، وتأمن النساء على أنفسهنَّ حتّى لو أنَّ امرأة في العرباء لم تخف على نفسها، ويُظهر الله كنوز الأرض للمؤمنين، ويستغني كل مؤمن فقير بقدرة الله).(342)
نزول عيسى (عليه السلام) مصدّقاً
حينما ينزل عيسى (عليه السلام) من السماء، ويلتقي المهدي (عليه السلام) ويُصلّي خلفه الصبح أو العصر بعد نفوذ دعوة الإمام واجتماع الناس عليه، فيكون مصدِّقاً لدعوة الإمام دعواه وقوة له وعوناً:
(إنَّ عيسى ينزل، وقد صلّى الإمام، وهو المهدي بالناس العصر، وقيل الصبح، فيتأخّر، فيقدمه عيسى، ويُصلّي عيسى خلفه، وما نزل عيسى على مقتضى هذه الأخبار، إلاّ بعد نفوذ دعوة الإمام، واجتماع الناس عليه، فيكون مصدِّقاً لدعوة الإمام دعواه، وقوة له، وعوناً...).(343)
المهدي (عجّل الله فرجه) من أولاد الحسين (عليه السلام)
(... ومنّا مهدي الأُمّة الذي يُصلّي خلفه عيسى بن مريم (عليه السلام) ثمَّ ضرب على منكب الحسين (عليه السلام)، من هذا مهدي هذه الأُمّة).(344)
عيسى (عليه السلام) والبِيَعْ
(... وعن تفسير الثعلبي في تفسير حمعق قال: سناء المهدي (عليه السلام)، قوة عيسى (عليه السلام) حين ينزل، فيقتل النصارى ويخرب البيع).(345)
مَن أنكر عيسى (عليه السلام) فقد كفر
(... عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
مَن أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أُنزل على محمّد، ومَن أنكر نزول عيسى فقد كفر، ومَن أنكر خروج الدَّجال فقد كفر، فإنَّ جبرائيل (عليه السلام) أخبرني بأنَّ الله عزَّ وجلّ يقول: مَن لَم يؤمن بالقَدر خيره وشره، فليتّخذ ربّاً غيري).(346)
نزول عيسى (عليه السلام)
(... رواه مسلم في صحيحه عن زهير بن حرب بإسناده عن النواس بن سمعان في حديث طويل في قصة الدَّجال قال: فينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين...).(347)
عيسى (عليه السلام) يعرف الإمام (عليه السلام)
(عن جابر قال: قال سول الله (صلى الله عليه وآله):
ينزل عيسى بن مريم، فيقول أميرهم المهدي (عليه السلام): تعال صلِّ بنا فيقول: ألا إنَّ بعضكم على بعض أمير تكرمة من عند الله تعالى لهذه الأُمّة).(348)
(ما رواه الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني في حديث صحيح طويل في نزول عيسى (عليه السلام)، فمن ذلك قالت أُم شريك بنت أبي العكري: يا رسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال: هم يومئذ قليلٌ، وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدَّم يُصلّي بهم الصبح إذا نزل عيسى (عليه السلام)، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدَّم عيسى (عليه السلام) يُصلّي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثمَّ يقول له تقدَّم).(349)
(عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النَّبي (صلى الله عليه وآله) يقول:
لا تزال طائفة من أُمَّتي يُقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم (عليه السلام)، فيقول أميرهم: تعال صلِّ بنا، فيقول: لا، إنَّ بعضكم على بعض أُمراء تكرمة من الله تعالى لهذه الأُمّة)، قال: هذا حديث حسن رواه مسلم في صحيحه، وإن كان الحديث المتقدِّم قد تؤول، فهذا لا يُمكن تأويله لأنَّه ذكر فيه عيسى بن مريم يقدم أمير المسلمين، وهو يومئذ المهدي، هذا يبطل تأويل من قال: إنَّ معنى قوله: وإمامكم منكم أي يأتيكم بكتابكم).(350)
وأقول:
هل إنَّ الطائفة هذه ممّن تحارب المهدي (عليه السلام)؟ أو ممّن تؤيّد المهدي (عليه السلام)؟ هل هي ممّن حاربت آباء المهدي (عليه السلام)؟ وناصرت أعداء المهدي (عليه السلام) وأعداء آباء المهدي (عليه السلام)؟
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ولدي المهدي؟
(عن سعيد بن جُبير، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إنَّ خُلفائي وأوصيائي وحُجج الله على الخلق بعدي لاثني عشر، أوّلهم أخي وآخرهم ولدي، قيل يا رسول الله: ومَن أخوك؟ قال علي بن أبي طالب، قيل: فمَن ولدك؟ قال: المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً.
والذي بعثني بالحقِّ بشيراً، لو لَم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى بن مريم فيُصلّي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربِّها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب).(351)
أحاديث لها معاني
1 - (وذكر الإمام أبو الحسن محمّد بن عبيد الكسائي في قصص الأنبياء (عليهم السلام)، قال: قال وهب بن مُنَبّه، وكعب الأحبار (رضي الله عنه): فعند ذلك أي عند قتل عيسى بن مريم (عليه السلام)، للدَّجال، يتزوّج بامرأة من العرب، فيمكث ما شاء الله تعالى، ثمَّ يخرج يأجوج ومأجوج، وهم من كلِّ حَدَب ينسلون).(352)
لماذا من العرب؟ ولماذا لا يتزوج من الروم؟ وقيل يتزوّج من بني أسد فيولدها، وقيل من غسان، وقيل من بني تميم، ثمَّ يتوفاه الله تعالى في طريق الحج سلام الله عليه.
2 - (قال السّدي يجتمع المهدي وعيسى بن مريم فيجيء وقت الصلاة، فيقول المهدي لعيسى تقدَّم فيقول عيسى: أنت أولى بالصلاة، فيُصلّي عيسى وراءه مأموماً، قلت: فلو صلّى المهدي خلف عيسى لم يجز لوجهين: أحدهما لأنَّه يخرج عن الإمامة بصلاته مأموماً فيصير تبعاً، والثاني لأنَّ النَّبي (صلى الله عليه وآله) قال:
لا نبي بعدي، وقد نسخ جميع الشرائع، فلو صلّى عيسى بالمهدي لتدنس وجه: لا نبي بعدي بغبار الشبهة).(353)
3 - (في قوله (عليه السلام): في المهدي وبإسناده يرفعه إلى محمّد بن إبراهيم الإمام حدثه أنَّ أبا جعفر المنصور أمير المؤمنين حدَّثه عن أبيه عن جدّه عن عبد الله بن العباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
لن تهلك أُمّة أنا في أوَّلها، وعيسى بن مريم في آخرها، والمهدي في وسطها).(354)
كل هذه الأحاديث، وهناك من يتجرأ القول: أنَّ لا مهدي إلاّ عيسى بن مريم (عليه السلام)؟
4 - (في قوله (عليه السلام): منّا الذي يُصلّي خلف عيسى بن مريم (عليه السلام) وبإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
منّا الذي يُصلّي عيسى بن مريم خلفه).(355)
5 - (وهو يكلّم عيسى بن مريم (عليه السلام) وبإسناده عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
ينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) فيقول أميرهم المهدي: تعالِ صلِّ بنا فيقول: ألا إنَّ بعضكم على بعض أُمراء تكرمة من الله عزَّ وجلّ لهذه الأُمّة).
عيسى (عليه السلام) والدَّجال
(ثمَّ يأمر الله عزَّ وجلّ جبريل (عليه السلام) أن يهبط بعيسى (عليه السلام) إلى الأرض، وهو في السماء الثانية، فيأتيه، فيقول: يا روح الله وكلمته، ربُّك يأمرك بالنزول إلى الأرض، فينزل ومعه سبعون ألفاً من الملائكة، وهو بعمامة خضراء، متقلّد بسيف على فرس، بيده حربة، فإذا نزل الأرض نادى مناد: يا معشر المسلمين، جاء الحق وزهق الباطل.
فأوَّل من يسمع بذلك المهدي، فيصير إليه، ويذكر الدَّجال، فيسير إليه فإذا نظر الدَّجال إليه يرتد كأنَّه العصفور في يوم ريح عاصف، فيتقدَّم إليه عيسى (عليه السلام)، فإذا رآه الدَّجال يذوب كما يذوب الرصاص، فيقول عيسى (عليه السلام): ألست زعمت أنَّك إله تُعبد، فَلِمَ لا تدفع عن نفسك القتل؟ ثمَّ يطعنه بحربة، فيموت.
ثمَّ يضع المهدي (عليه السلام) سيفه، وأصحابه في أصحاب الدَّجال، فيقتلونهم، فيملأ الأرض عدلاً، كما مُلئت جوراً، حتّى ترى الوحوش والسباع، وتلعب بهم الصبيان، وتأمن النساء في أنفسهنَّ، حتّى لو أنَّ امرأة في العراء لم تخف على نفسها، ويُظهر الله تعالى كنوز الأرض للمؤمنين، ويستغني كل فقير، بقدرة الله تعالى.
قال وهب بن منبه وكعب الأحبار رضي الله عنهما: فعند ذلك يتزوج بامرأة من العرب، فيمكث ما شاء الله...).
يوم الجمعة
(... ويدخل المهدي (عليه السلام) بيت المقدس ويُصلّي بالناس إماماً، فإذا كان يوم الجمعة، وقد أُقيمت الصلاة، نزل عيسى بن مريم (عليه السلام) بثوبين مشرقين حُمر، كأنَّما يقطر من رأسه الدهن، رجل الشَّعرِ، صبيح الوجه، أشبه خلق الله عزَّ وجلّ بأبيكم إبراهيم خليل الرحمن (عليه السلام)، فيلتفت المهدي (عليه السلام)، فينظر عيسى (عليه السلام)، فيقول لعيسى: يا ابن البتول، صلِّ بالناس، فيقول:
لك أُقيمت الصلاة، فيتقدَّم المهدي (عليه السلام)، فيصلي بالناس، ويُصلّي عيسى (عليه السلام)خلفه ويبايعه.
ويخرج عيسى (عليه السلام)، فيلتقي الدَّجال، فيطعنه، فيذوب كما يذوب الرصاص، ولا تقبل الأرض منهم أحداً، لا يزال الحجر والشجر يقول: يا مؤمن، تحتي كافر اقتله.
ثمَّ إنَّ عيسى (عليه السلام)، يتزوج امرأة من غسّان، ويولد منها مولود ويخرج حاجّاً، فيقبض الله تعالى روحه في طريقه قبل وصوله إلى مكّة).(356)
عيسى (عليه السلام) حَكَماً عدلاً
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (فيكون عيسى بن مريم في أُمّتي حكماً عدلاً، وإماماً مقسطاً، يدقّ الصليب، ويذبح الخنزير، ويضع الجزية، ويترك الصدقة، فلا يسعى على شاة ولا بعير، وترفع الشحناء، والتباغض، وتنزع حُمّة كلِّ ذات حُمّة، حتّى يدخل الوليد يده في فم الحيّة، فلا تضرّه وتنفر الوليدة الأسد، فلا يضرّها، ويكون الذئب في الغنم كأنَّه كلبها، وتُملأ الأرض في السِّلم كما يُملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة، فلا يُعبد إلاّ الله عزَّ وجلّ، وتضع الحرب أوزارها، وتُسلب قريش ملكها، وتكون الأرض كفاثُور الفضّة، تُنبت نباتها بعهد آدم، حتّى يجتمع النفر على القطف من العنب، فيشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بدريهمات).
قيل يا رسول الله، وما يرخص الفرس؟ قال: (لا تركب لحرب أبداً)، قيل يا رسول الله: وما يغلي الثَّور؟ قال: (تُحرث الأرض كلّها).(357)

هنيئاً لأرباب النَّعيمِ نَعيمهم * * * وللعاشق المسكينُ ما يتجرعُ

كمهابة الموت
إنَّ عيسى (عليه السلام)، حينما يواجه الدَّجال تُلقى عليه مهابة كمهابة الموت:
(وعن حذيفة (رضي الله عنه)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): في قصّة الدَّجال، قال:
إذا كان يوم الجمعة من صلاة الغداة، وقد أُقيمت الصلاة، فالتفت المهدي (عليه السلام)، فإذا هو عيسى بن مريم (عليه السلام)، وقد نزل من السماء في ثوبين كأنَّما يقطر من رأسه الماء).
فقال أبو هريرة: إنَّ خرجته هذه ليست كخرجته الأولى، تُلقى عليه مهابة كمهابة الموت.
(فيقول له الإمام: تقدَّم فصلّي بالناس، فيقول عيسى (عليه السلام)، إنَّما أُقيمت الصلاة لك، فيُصلّي عيسى خلفه).
قال حذيفة: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
قد أفلحت أُمَّة أنا أوَّلها وعيسى آخرها)، أخرجه الإمام أبو عمرو الداني في (سننه).(358)
وهكذا تنتهي فرعنة الدَّجال اليهودي على يد عيسى بن مريم (عليه السلام)، وبتلك الحريّة، وينتهي جيش الدَّجال على يد المسلمين المتواجدين مع الإمام الحجر والمدر والشجر كلٌّ يقول: يا مسلم هذا يهودي، خلفي أو تحتي، تعال أقتله إلاّ شجرة الغرقد، فإنَّها شجرة اليهود، وبها تنتهي ألاعيب اليهود، وفتن اليهود، وتنطفي نار فتنهم وإلى الأبد، ويعيش الناس، في أمان واطمئنان بعيداً عن كيد الكائدين، وبغي الباغين.
أيُّها القاري العزيز:
اعلم أنَّ وراء كلّ مشكلة صغيرة أو كبيرة وقعت في التاريخ اليهود والنصارى، خصوصاً تلك التي وقعت في تاريخ الإسلام.
يقطر من شعره الماء
(عن حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
يلتفت المهدي، وقد نزل عيسى بن مريم كأنَّما يقطر من شعره الماء، فيقول المهدي: تقدَّم وصلِّ بالناس، فيقول عيسى بن مريم: إنَّما أُقيمت الصلاة لك، فيُصلّي عيسى خلف رجل من وُلدي، فإذا صُلّيت قام عيسى حتّى جلس في المقام فيبايعه)، وذكر باقي الحديث، أخرجه الحافظ أبو نعيم في مناقب المهدي (عليه السلام)، وأخرجه أبو القاسم الطبراني في معجمه.(359)
عيسى (عليه السلام) يُصلّي خلف المهدي (عليه السلام)
(وعن أبي سعد الخدري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
منّا الذي يُصلّي ابن مريم خلفه)، أخرجه الحافظ أبو نعيم في (مناقب المهدي).
(وعن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
لا تزال طائفة من أُمَّتي تُقاتل على الحق، حتّى ينزل عيسى بن مريم عند طلوع الفجر، ببيت المقدس، ينزل على المهدي، فيقال: تقدَّم يا نبي الله، فَصلِّ بنا.
فيقول: هذه الأُمّة أُمِّر بعضهم على بعض)، أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في (سننه).(360)
قد يسأل سائل: كيف يكون النَّبي مأموماً؟
والمقصود هنا: النَّبي عيسى (عليه السلام) كيف يكون مأموماً يأمّه المهدي (عليه السلام)؟ وللنبوة درجة الوحي والرسالة؟
نقول: نحن في الآخر، وقد مضت على نبوّته القرون العديدة أوَّلاً، وثانياً: إنَّ بعد عيسى جاء أنبياء كثيرون ومضوا، وإنَّ النبوّة ختمت بنبوّة محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله)، ثالثاً: نبوّة نبيّنا بعد لم تنته من حيث إنَّ امتداد النبوّة، تنقلت من إمام إلى إمام إلى صاحب العصر والزمان، وما كان لمحمّد (صلى الله عليه وآله) من كرامة ومقام أضحت للإمام (عجّل الله فرجه).
فمِن باب أولى أن يؤمَّ المهدي عيسى، وإلاّ لانتفت أقواله: وفيها (إلاّ أنَّه لا نبي بعدي).
لذا نجد أنَّ نبي الله عيسى (عليه السلام)، يضع يديه بين كتفي المهدي (عليه السلام) ويقول: (إنَّ الصلاة عُقدت لك) يُقدِّم الإمام ويأتم به، وهي من آداب النبوّة الحقة، ونحن لا نرى في ذلك ضير:
(إنّي جاعِلُكَ للنّاسِ إماماً قالَ ومِنْ ذُريَّتي قالَ لا يَنالُ عَهدي الظالِمينَ).
فالعهد هذا باق في المهدي (عليه السلام)، وهو الإمام المعصوم.
(كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم، وإمامكم منكم)، أخرجه الإمامان، أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القُشيري في صحيحهما.(361)
(وعن عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
لن تهلك أُمّة أنا في أوَّلها، وعيسى بن مريم في آخرها، والمهدي في وسطها).(362)
من هذا نفهم أنَّ عيسى (عليه السلام) يبقى بعد المهدي (عليه السلام)، وأنَّ المهدي يتوفى قبل عيسى، وأنَّ سبب وفاة المهدي (عليه السلام): تقتله امرأة قيل إنَّها من بني تميم لها لحية وشارب اسمها (سعيدة) وهي شقية بقتله سلام الله عليه وعلى آبائه.
وقيل اسمها (منيجة)، وكما جاءت الأخبار أنَّها كانت في تركيا واليوم هي في فلسطين، تضربه (بحجر رَحا) من على سقف الدار في أزقة الكوفة، وقيل أنَّها تضربه على رأسه الشريف (بجاون من حجر) من على سقف الدار في أزقة الكوفة، والله أعلم، فيُصلّي عليه المسلمون.
(وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
منّا الذي يُصلّي عيسى بن مريم خلفه)، أخرجه الحافظ أبو نعيم في مناقب المهدي.(363)
كل هذه التأكيدات لمكان إمامة المهدي (عليه السلام)، وهي موضع فخر واعتزاز أن يُصلّي عيسى بن مريم خلف المهدي (عليه السلام)، وهو من محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين.
متى يخرج القائم (عليه السلام)؟
(حدَّثنا محمّد بن محمّد بن عصام قال: حدَّثنا محمّد بن يعقوب الكليني قال: حدَّثنا القاسم بن العلاء، حدَّثني إسماعيل بن علي الفزاري قال: حدَّثني علي بن إسماعيل، عن عصام بن حميد الخياط، عن محمّد بن مسلم الثقفي قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي (عليه السلام) يقول: القائم منّا.
منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تُطوى له الأرض، وتظهر له الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله عزَّ وجلّ به دينه على الدين كلّه، ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب إلاّ عُمِّر، وينزل روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) فيُصلّي خلفه، قال: قلت يا ابن رسول الله: متى يخرج قائمكم؟ قال:
إذا شبه الرجل بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وركب ذات الفروج السروج، وقُبلت شهادة الزور، ورُدّت شهادة العدول، واستُخف بالدماء، وارتكاب الزنا، وأُحل الربا، وأُتقي الأشرار مخافة ألسنتهم، وخروج السفياني من الشام، واليماني من اليمن، وخُسف بالبيداء، وقُتل غلام من آل محمّد بين الركن والمقام اسمه (محمّد بن الحسن) النفس الزكية، وجاءت صيحة من السماء بأنَّ الحق فيه، وفي شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً فأوَّل ما ينطق به هذه الآية: (بَقيَّةُ اللهِ خَيرٌ لَكُم إنْ كُنتُم مُؤمنينَ)، ثمَّ يقول: أنا بقيّة الله في أرضه، فإذا اجتمع له العقد، وهو عشرة آلاف رجل خرج، فلا يبقى في الأرض معبود دون الله عزَّ وجلّ من صنم ووثن، وغيره إذا وقعت فيه نار، فاحترق، وذلك بعد غيبة طويلة ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به).(364)
(وفي المشكاة في باب نزول عيسى (عليه السلام)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والله لينزلن ابن مريم حكماً عادلاً، فليكسرن الصليب، وليقتلن الخنزير، وليضعن الجزية، وليتركن القلاص، فلا يسعى عليها ولتذهبن الشحناء، والتباغض والتحاسد، وليدعونَّ إلى المال، فلا يقبله أحد (رواه مسلم) وفي رواية لهما:
كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم).(365)
واللّطيف في الأمر بعضهم جعل كل ما للمهدي (عليه السلام) لعيسى (عليه السلام)، وذلك للتموية، وهذا ما رأيناه من جعل ما لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى غيره من الأصحاب لغاية في نفس يعقوب.
وهذا لا يُغيّر في الواقع شيئاً، فما لعلي لعلي، وما للمهدي للمهدي، وقد أثبتت التواريخ أنَّ الحق مع علي وشيعته، وأنَّ أعداء علي في ضلال، وأنَّ الأمور جميعاً تدور في هذا الفلك، فلا تقع أيُّها القاري الكريم في فلك الشيطان، فتكون من الخاسرين.
ولم يبقَ من الظهور شيء، وإن جُلَّ ما في علامات ظهوره (عليه السلام) من غير الحتميات تحققت، ووقعت، ولم يبقَ إلاّ الحتميات، وعلى رأسها النداء، ونظامها كنظام الخرز، فإذا كان النداء جاء السفياني واليماني والخراساني، وإذا جاء هؤلاء يأتي الحق ويزهق الباطل إنَّ الباطل كان زهوقاً، تظهر شمس المهدي (عليه السلام) مع كل هذه السُحُب الثقال.
(قال النَزال بن سبرة: فقلت لصعصعة بن صُوحان: يا صعصعة ما عَنى أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا؟ فقال صعصعة: يا ابن سبرة، إنَّ الذي يُصلّي خلفه عيسى بن مريم (عليه السلام)، هو الثاني عشر من العترة، التاسع من ولد الحسين بن علي (عليه السلام)، وهو الشمس الطالعة من مغربها، يظهر عند الركن والمقام، فيطهر الأرض، ويضع ميزان العدل، فلا يظلم أحدٌ أحداً).(366)
كيف يقتل عيسى (عليه السلام) الدَّجال؟
في خبر ينزل وبيده حربة، فإذا رأى الدَّجال ضربه بالحربة فقتله وفي خبر كما في الحديث التالي:
(فيدرك نفسه الدَّجال، فيذوب ذوبان الشمع فيموت،...).(367)
(حدَّثنا نعيم، حدَّثنا الحكم بن نافع عن جراح عمّن حدَّثه عن كعب قال: ينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) عند المنارة (التي) عند باب دمشق الشرقي، وهو شاب أحمر معه ملكان قد لزم مناكبهما، لا يجد نفسه ولا ريحه كافر إلاّ مات، وذلك إن نفسه يبلغ مدَّ بصره، فيدرك نفسه الدَّجال، فيذوب ذوبان الشمع فيموت، ويسير ابن مريم إلى مَن في بيت المقدس من المسلمين، فيخبرهم بقتله، ويُصلّي، وراء أميرهم صلاة واحدة، ثمَّ يُصلّي إليه ابن مريم، وهي الملحمة، ويُسلم بقية النصارى، ويُقيم عيسى، ويُبشرهم بدرجاتهم في الجنّة).(368)
وفي كلا الأمرين، قتل الدَّجال بسبب عيسى بن مريم (عليه السلام): سواء كان بحربة، أو بنفسه، وريحه، فيذوب ذوبان الشمع فيموت.
دعاء عيسى (عليه السلام)
يدعو عيسى بن مريم (عليه السلام) على يأجوج ومأجوج كما في الحديث:
(وحدَّث عن حميد بن هلال عن أبي الضيف، عن كعب قال: يخرج يأجوج ومأجوج، وذلك بعد قتل الدَّجال حتّى يأتوا على البُحيرة، فيشرب أوَّلهم الماء، ويلحس أوسطهم الطين، ويمرُّ آخرهم فيقولون: لقد كان هنا مرةً ماء! قال: فيأتي صوت عيسى بن مريم (عليه السلام) فيقول: اللَّهم إنَّه لا كفاء لنا، ولا طاقة لنا بهم، فأكفناهم بِمَ شئت، فيبعث الله عليهم نَغَفاً في أقفائهم، فيصبحون كلُّهم).(369)
عزيزي القاري:
في هذا الحديث الشريف مفاهيم جليلة المعنى عظيمة المرمى، ولكن ما للقوم لا يفقهون؟ ولقوله (صلى الله عليه وآله) لا يتبعون؟ وغداً إذا بُعثوا ماذا يُجيبون؟ وبأيِّ عُذر يعتذرون؟ ولأيِّ حساب عسير ينتظرون؟
(أوَّلهم أخي) قيل: (يا رسول الله مَن أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب)، قيل: فمَن ولدك؟ قال: (المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً)، ماذا لقي الأخ من همٍّ وغمٍّ؟
وماذا سيلقى الولد من القوم أبناء القوم؟ ولكن هو المهدي (عليه السلام) الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، هو الذي يملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً.
عزيزي القاري:
(وعن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إنَّ خُلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الإثنى عشر: أوَّلهم أخي، وآخرهم ولدي؛ قيل: يا رسول الله مَن أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب، قيل: قمَن ولدك؟ قال: المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحقِّ بشيراً، لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوَّل الله ذلك اليوم، حتّى يخرج فيه ولدي المهدي، وينزل روح الله عيسى بن مريم، فيُصلّي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربّها، وبلغ سلطانه المشرق والمغرب).(370)
وقد يكون هناك سؤال: ما الحكمة في وجود عيسى (عليه السلام) وبقائه؟
الحكمة من أصل وجوده: إظهار لقدرة الباري تعالى شأنه، من حيث خلقه من غير أب، كما خلق آدم (عليه السلام) من غير أُم وأب، حيث قال له: كُن فكان، وكذا عيسى (عليه السلام) خلقه من غير أب فنفخ من روحه في مريم، فكان صلوات الله عليه آية من آيات الله تعالى.
أمّا بقاؤه
(وأمّا بقاء عيسى (عليه السلام)، فهو سبب إيمان أهل الكتاب به للآية، والتصديق بنبوّة سيّد الأنبياء محمّد خاتم النبيين، رسول ربِّ العالمين (صلى الله عليه وآله)، ويكون تبياناً لدوى الإمام عند أهل الإيمان، ومصدّقاً لما دعا إليه عند أهل الطغيان، بدليل صلاته خلفه ونصرته إيّاه، ودعائه إلى الملّة المحمّديّة التي هو إمام فيها،...).(371)
هذا جواب السؤال، وعيسى (عليه السلام)، آية من آيات الله تعالى، ومَن لم يؤمن به كإمام فقد كفر، وعندنا: من لم يؤمن بعيسى (عليه السلام)، فإيمانه؛ ناقص، والحال:
آمنّا بالله تعالى إلهاً واحداً فرداً صمداً، لا شريك له ولا عديل، ولا خُلف لقومه ولا تبديل، وأنَّ الله بعث الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين، أوّلهم آدم (عليه السلام) وآخرهم محمّد (صلى الله عليه وآله)، (124000) مائة وأربعة وعشرون ألف نبي ورسول، منهم من ذكرهم في القرآن الكريم، ومنهم من لم يذكره، ومنهم من جاء على لسان الأنبياء والمرسلين والأئمة الهداة الميامين، ومنهم عيسى بن مريم (عليه السلام)، وبكتبه؛ الزبور، والتوراة، والإنجيل، والقرآن الكريم، وصحف إبراهيم (عليه السلام)، وبالجنّة والنار، والبرزخ، والحساب، ومنكر ونكير، وما جاء من عند الله على محمّد (صلى الله عليه وآله)، وكفانا فخراً، أن يُصلّي نبي من أنبياء الله معنا، ويأتم بإمامنا، ذلك عيسى بن مريم (عليه السلام):
(ومنها ما رواه القاضي أبو محمّد الحسين بن مسعود البغوي (رضي الله عنه) في كتابه المُسمّى بـ (شرح السنّة)، وأخرجه الإمامان البخاري ومسلم رضي الله عنهما، كل واحد منهما بسنده في صحيحه يرفعه إلى أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟).(372)
نحن نعدّ النصارى إخواناً لنا، لأنَّهم أصحاب كتاب، وهم أقرب إلى الإسلام من غيرهم، ولكن أساءوا فهمنا، وغيّروا ما جاء به عيسى (عليه السلام) من عند الله، ونحن لا نختلف معهم في شيء إلاّ في مسألة التثليث إنكارهم لنبوّة نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله)، وإلاّ: فديننا مكملّ لدينهم، ودعوى عيسى هي نفس دعوى محمّد (صلى الله عليه وآله)، ولكن ما أحدثه المغرضون منهم، والحاقدون على الدّين هم الذين حرَّفوا وبدّلوا، أضافوا وحذفوا، وإلاّ فهم إخوتنا لأنَّهم أهل كتاب، وإخوة لنا في الإنسانية، وإنَّ ما عانيناه منهم الكثير الكثير على مرِّ التاريخ، وهذا يعود لجهلهم بديننا، أمّا أولئك الكثيرون من الذين أمعنوا النظر ودرسوا الفكر الإسلامي دراسة موضوعية، والذين أسلموا من كبار الفلاسفة والمفكرين، أمثال غارودي، أولئك نزعوا ثوب العصبية، ونظروا بمنظار الحق والحقيقة، فوجدوه حقّاً حقيقةً أولى بالاعتقاد به والالتزام والأخبار تدلُّ على أنَّ الكثير من اليهود والنصارى يدخلون في الدّين أفواجاً أفواجاً:
(إذا جاءَ نَصرُ اللهِ والفَتحِ * ورأيتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ في دينِ اللهِ أفواجاً * فَسبِّحْ بِحَمدِ رَبِّكَ واستَغفِرهُ * إنَّهُ كانَ توّاباً).(373)
ذلك في زمان المهدي (عليه السلام) وعيسى بن مريم (عليه السلام)، لما سيجدونه من الآيات والمعجزات، وإنَّ عيسى (عليه السلام) يدعو للشريعة المحمّدية السمحاء.
(... أمّا بقاء عيسى (عليه السلام) لسبب وهو قوله تعالى: (وإنَّ مِنْ أهلِ الكِتابِ إلاّ لَيُؤمِنُنَّ بِهِ قَبلَ مَوتِهِ)، ولم يؤمن به منذ نزول هذه الآية إلى يومنا هذا أحد، فلابدَّ من أن يكون هذا في آخر الزمان).
ودليلنا السورة والحديث اللذين مرَّ ذكرهما آنفاً.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين، كان الفراغ من ذلك في يوم الجمعة المبارك، 9 ذي القعدة سنة 1424 هـ، ومنه تعالى نستمدُّ العون والتوفيق وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.
(إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوّذ بالله من أربع يقول: اللّهم إنّي أعوذ بك من عذاب جهنَّم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شرِّ فتنة المسيح الدَّجال).(374)

الفصل السابع: الدَّجال

قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ).(375)
اسمه: صائد أو صاف، ويُعرف بالمسيح الدَّجال.
((وفيه) أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان حذَّر الناس الدَّجال وأنَّه مكتوب بين عينه كافر يقرأه كل من كره عمله أو يقرأه كل مؤمن، وقال هلمّوا إنَّه لن يرى أحد منكم ربَّه حتّى يموت، وابن صياد هو الدَّجال).(376)
إذن ابن صيّاد: هو الدَّجال على ضوء هذا الحديث.
(وفي عمدة ابن بطريق انطلق عمر مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رهط ابن صيّاد حتّى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة وقد قارب ابن صيّاد يومئذ الحلُم فلم يشعر حتّى ضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ظهره بيده، ثمَّ قال رسول الله لابن صيّاد إشهد أنّي رسول الله، فنظر إليه ابن صيّاد قال: إشهد أنَّك رسول الأُميين، فقال ابن صيّاد لرسول الله: إشهد أنّي رسول الله، فقال: آمنت بالله وبرسوله، ثمَّ قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ماذا ترى؟ قال ابن صيّاد: يأتيني صادق وكاذب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خلط عليك الأمر، ثمَّ قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّي خبّأت لك خباءً، فقال ابن صيّاد: هو الدّخ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): اخسأ فلن تعدو قدرك، فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله أضرب عنقه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن يكن هو فلن تسلّط عليه، وإن لم يكن، فلا خير لك في قتله.
(وفيه) انطلق رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك وأُبي بن كعب إلى النخلة التي منها ابن صيّاد حتّى إذا دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) طفق يتّقي بجذوج النخل وهو يحتال أن يسمع من ابن صيّاد شيئاً قبل أن يراه ابن صيّاد، فرآه رسول الله وهو مضطجع على فراشه في قطيفة له فيها زمزمة، فرأت أُم ابن صيّاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يتّقي بجذوع النخل فقالت لابن صيّاد: يا صافِ، وهو اسم ابن صيّاد، هذا محمّد فثار ابن صيّاد فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو تركته بيّن، فقام رسول الله في الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثمَّ ذكر الدَّجال، فقال: لأنذركُموه، وما من نبي إلاّ وقد أنذر قومه، لقد أنذر نوح قومه، ولكن: أقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه تعلموا أنَّه أعور، وأنَّ الله ليس بأعور).(377)
هنا: أوردت الحديث لأقول أنَّ إخواننا يقولون به.
وأنَّه هو الدَّجال، لأنَّ عمر لن يتسلط عليه ليقتله.
اسم أبيه: صيد، صيّاد.
الديانة: يهودي.
يظهر: في آخر الزمان، وهو من الحتميات، ومن أشراط الساعة العشرة.
(إنَّ الساعة لا تقوم حتّى تكون عشر آيات: الدخان، والدَّجال، والدابّة، وطلوع الشمس من مغربها، وثلاث خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ونزول عيسى (عليه السلام)، وفتح يأجوج ومأجوج، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تبيت معهم حيث باتوا وتُقيل معهم حيث قالوا (عن حذيفة بن أسيد)).(378)
مكان ومحل الظهور
1 - من قرية من قرى أصفهان تُعرف باليهودية اسمها (رُستاق آباد).(379)
2 - وقيل من قرية يقال لها: (دارِس)، كما في: من أبوين يهوديين.(380)
أتباعه: اليهود والنساء، وأهل النفاق، وأبناء الزنا.
وعلى مقدّمته سبعون ألفاً عليهم التيجان (معه نهران: نهر من ماء، ونهر من نار، فمَن أدرك ذلك منكم فقيل له: أُدخل الماء، فلا يدخله فإنَّه نار، وإذا قيل له: أُدخل النار، فليدخلها، فإنَّه ماء).(381)
يدّعي النبوّة، وقد خُتمت بالنّبي الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله)، ويدّعي الربوبيّة، فيقول: أنا ربُّكم الأعلى، والله تعالى ليس بأعور، وهو باعث الأنبياء والمرسلين، وهو خالق الخلق أجمعين، وليس كمثله شيء، يحيي ويُميت، وهو حيٌ لا يموت، بيده الملك، وهو على كلِّ شيء قدير.
الدَّجال(382) أعور، وإنَّ الله تعالى ليس كمثله شيء، ولا يوصف بما يوصف به المخلوقون، تعالى الله علّواً كبيراً.
مكتوب بين عينيه (كافر) يقرأه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب، ومن فتنته معه جنّة ونار، فناره جنّة، وجنّته نار، فمَن ابتلي بنار فليستغث بالله، وليقرأ فواتح الكهف، فتكون برداً وسلاماً كما كانت النار على إبراهيم (عليه السلام).
وإنَّ من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيتَ إن بعثت لك أباك وأُمُّك أن تشهد أنّي ربُّك؟ فيقول: نعم، فيتمثل له شيطانان على صورة أبيه وأُمّه فيقولان: يا بُنيّ! اتّبعه فإنَّه ربّك، وإنَّ من فتنته أن يُسلّط على نفس واحدة، فيقتلها، فينشرها بالمنشار حتّى يلقى شقّين، ثمَّ يقول: أُنظروا إلى عبدي هذا فإنّي أبعثه ثمَّ يزعم أنَّ له ربّاً غيري، فيبعثه الله فيقول له: الخبيث: مَن ربُّك؟ فيقول: ربّي الله وأنت عدو الله أنت الدَّجال، والله ما كنت قط أشدَّ بصيرة بك منّي اليوم.
وإنَّ من فتنة الدَّجال أن يأمر السماء أن تمطُر فتمطُر، ويأمر الأرض أن تُنبت فتُنبت.
وإنَّ من فتنته أن يمرَّ بالحي فيكذبونه فلا تبقى لهم سائمة إلاّ هلكت.
وإنَّ من فتنته أن يمرَّ بالحي فيصدقونه، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تُنبت فتُنبت، حتّى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه وأمدّه خواصر، وأدرّه ضُروعاً، وإنَّه لا يبقى شيء من الأرض إلاّ وطئه وظهر عليه إلاّ: مكّة والمدينة.
عيسى (عليه السلام) والدَّجال
بينما يريد الحجّة (عج أن يُصلّي صلاة الصبح نزل عيسى بن مريم (عليه السلام) من السماء، يرجع الإمام سلام الله عليه ينكص يمشي القهقرى ليتقدَّم عيسى (عليه السلام)، فيضع عيسى (عليه السلام) يده بين كتفيه ثمَّ يقول: (تقدَّم فصلِّ فإنَّها لك أُقيمت)(383)، فيُصلّي صلوات الله عليه وعلى آبائه، وإذا انصرف قال عيسى (عليه السلام): افتحو الباب، فيفتحوه ووراءه الدَّجال معه سبعون ألف يهودي كلّهم ذوسيف مُحلى وساج، فإذا نظر إليه الدَّجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هارباً ويقول عيسى (عليه السلام):
إنَّ لي فيك ضربة لن تسبقني بها، فيدركه عند باب اللِّد الشرقي فيقتله، فيهزم اليهود، فلا يبقى شيء ممّا خلق الله عزَّ وجلّ يتواقى به اليهودي إلاّ أنطق الله ذلك الشيء لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة إلاّ الغرقدة فإنَّها من شجرهم، لا ينطق إلاّ قال: يا عبد الله المسلم! هذا يهودي فتعال أُقتله...).
دور عيسى (عليه السلام)
يكون حكماً عدلاً، وإماماً مُقسطاً، يدقُ الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويترك الصدقة، فلا تسعى على شاة ولا بعير، وتُرفع الشحناء والتباغض، وتنزع حمّة كل ذات حمّة حتّى يُدخل الوليد يده في فيّ الحيّة فلا تضره، وتغر الوليدة الأسد فلا يضرها، ويكون الذئب في الغنم كأنَّه كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة، فلا يُعبد إلاّ الله، وتضع الحرب أوزارها.
قبل الدَّجال
ثلاث سنوات شداد، يُصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء السنة الأُولى أن تحبس ثُلث قطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثُلث نباتها، ثمَّ يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثُلثي قطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثُلثي نباتها، ثمَّ يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كلّه، فلا تقطر قطرة واحدة، ويأمر الأرض، فتحبس نباتها، فلا تنبت خضراء، فلا يبقى ذات ظِلف إلاّ هلكت إلاّ ما شاء الله تعالى، قيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: التهليل، والتكبير، والتسبيح، والتحميد، ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام.
صفة الدَّجال
الدَّجال عينه خضراء، الدَّجال ممسوح العين، مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مسلم، الدَّجال أعور العين اليُسرى، جفال الشعر، معه جنّة ونار، فناره جنّة، وجنّته نار، الدَّجال لا يُولد له، ولا يدخل مكّة ولا المدينة.
الدَّجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجانُّ المطرّقة، الدَّجال تلد أُمّه وهي منبوذة في قبرها، فإذا ولدته حملت النساء بالخطّائين، الدَّجال يأكل الطعام ويمشي في الأسواق.
من صفات الدَّجال الجسمية
1 - إنَّه أعور العين، 2 - مكتوب بين عينيه (كافر) يقرأه كل مؤمن، 3 - كان رأسه أصله، 4 - يُبصر بعين ولا يُبصر بالأُخرى لأنَّها ممسوحة، 5 - طويل القامة، 6 - أعمش، كبير الأسنان، 7 - مقلب الأظافر، 8 - أجدر الجسم، 9 - لا شعر في جسده، 10 - طويل العنق، 11 - أصابعه تصل حدّ كفه، 12 - عالي الأكتاف، 13 - طارح الجبهة، 14 - لحيته بشاختين تصل سرّته، 15 - عبوس شروس، 16 - رجل ضخيم عريض.
إنَّ المسيح الدَّجال رجل قصير أفحج، جعد أعور مطموس العين ليست بناتئة ولا حجراء، فإن أُلبس عليكم، فاعلموا أنَّ ربّكم ليس بأعور، وإنَّكم لن تروا ربّكم.
المسلمون يقاتلون الدَّجال على شرق نهر الأردن، وهو على غربيه، إنَّه أعور العين اليُمنى، كأنَّ عينه عنبة طافئة.
يمكث أبو الدَّجال وأُمّه ثلاثين عاماً لا يُولد لهما ولد، ثمَّ يولد لهما غلام أعور أضر شيء وأقلّه منفعة، تنام عينه، ولا ينام قلبه، أبوه طوال ضرب اللحم كأنَّ أنفه منقار.
وأُمّه امرأة فرضا خية طويلة الثديين، وأنَّ الدَّجال ممسوح العين اليُسرى، عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر، والدَّجال من المعمرين الكفرة فإبليس عليه لعائن الله تعالى من الجنِّ والدَّجال من الإنس، كما أنَّ المعمرين من الملائكة المقرّبين جبرائيل وإسرافيل وميكائيل وعزرائيل (عليهم السلام)، ومن الإنس المهدي (عليه السلام)، وعيسى (عليه السلام)، حيث لم يُقتل ولم يُصلب بل شُبِّه لهم، ورُفع إلى السماء، وينزل إلى الأرض، ويقتل الدَّجال والخنزير، ويكسر الصليب ويكون سنداً للمهدي في إشاعة الأمن والأمان، يدخل الكثير من اليهود والنصارى الإسلام، كما يقتل الكثير منهم، وهكذا إدريس النّبي (عليه السلام): (ورَفعناهُ مَكاناً عَليّاً)، وهكذا العبد الصالح الخضر (عليه السلام)، هؤلاء من المعمرين الأحياء الصلحاء.
من علامات ظهور الدَّجال
1 - السنين الخدّاعة، 2 - وتكلم الفاسق في أمور العامة، كما جاء في الحديث:
(إنَّ أمام الدَّجال سنين خدّاعة، يكذب فيها الصادق، ويُصدّق فيها الكاذب، ويُخوّن فيها الأمين، ويؤتمن فيها الخائن، ويتكلم فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الفاسق يتكلم في أمر العامة).(384)
(أمير المؤمنين: متى يخرج الدَّجال؟ فقال: ... فإنَّ علامات ذلك إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الأمانة، واستحلوا الكذب، وأكلوا الربا، وأخذوا الرشا، وشيّدوا البُنيان، وباعوا الدين بالدنيا، واستعملوا السفهاء، وشاوروا النساء، وقطعوا الأرحام، واتّبعوا الهوى، واستخفوا الدّماء، وكان الحُلم ضعفاً، والظلم فخراً، وكانت الأُمراء فجرة، والوزراء ظلمة، والعُرفاء خونة، والقُراء فسقة، وظهرت شهادة الزور، واستعلن الفجور، وقول البهتان، والإثم والطغيان، وحُلِّيت المصاحف، وزُخرفت المساجد، وطوّلت المنارات، وأُكرم الأشرار، وازدحمت الصفوف، واختلفت القلوب، وأُنقضت العهود، واقترب الموعود، وشاركت النساء أزواجهنَّ في التجارة حرصاً على الدنيا، وعلت أصوات الفسّاق واستُمع منهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأُتقي الفاجر مخافة شرّه، وصُدِّق الكاذب، وأُتمن الخائن، وأتُخذت القيان، ولعن آخر هذه الأُمّة أُولها، وركب ذات الفروج السروج، وتشبّه النساء بالرجال والرجال بالنساء، وشهد الشاهد من غير أن يُستشهد وشهد الآخر قضاء الذِمام بغير حقٍّ عرفه وتُفقه لغير الدين، وأثروا عمل الدنيا على عمل الآخرة، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب، وقلوبهم أنتن من الجيف وأمرّ من الصبر، فعند ذلك الوحا الوحا ثمَّ العجل العجل خير المساكن يومئذ بيت المقدس، ليأتين على الناس زمان يتمنى أحدهم أنَّه من سُكّانه، فقام إليه الأصبغ بن نباتة، فقال:
يا أمير المؤمنين: مَن الدَّجال؟ فقال: ألا إنَّ الدَّجال صايد بن صيد، فالشقي من صدّقه، والسعيد من كذّبه، يخرج من بلدة يُقال لها أصفهان من قرية يقال لها (اليهودية)، عينه اليمنى ممسوحة، والعين الأُخرى في جبهته تُضيء كأنَّه كوكب الصبح فيها علقة كأنَّها ممزوجة بالدم بين عينيه مكتوب كافر يقرأه كل كافر وأُمّي يخوض البحار، وتسير معه الشمس بين يديه جبل من دخان وخلقه جبل أبيض يرى الناس أنَّه طعام يخرج حين يخرج في قحط شديد...
تُطوى له الأرض مَنهلاً مَنهلاً، لا يمرّ بماء إلاّ غار إلى يوم القيامة يُنادي بأعلى صوته يُسمع ما بين الخافقين من الجنّ والإنس والشياطين يقول:
إليَّ أوليائي أنا الذي خلق فسوّى، وقدّر فهدى، أنا ربُّكم الأعلى، وكذب عدو الله أنَّه أعور يُطعم الطعام، ويمشي وأنَّ ربّكم جلَّ وعزَّ ليس بأعور، ولا يطعم ولا يمشي، ولا يزول، وإنَّ أتباعه يومئذ أولاد الزنا، وأصحاب الطيالسة الخُضر يقتله الله عزَّ وجلّ بالشام على عقبة تُعرف بعقبة أفيق لثلاث ساعات من يوم الجمعة على يد مَن يُصلّي المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه.
ألا إنَّ بعد ذلك الطامة الكبرى، قلنا: وما ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: خروج دابة الأرض).(385)
يجد القاري العزيز في المصدر المُشار إليه في الحاشية أخباراً ونقاطاً فليراجع.
عزيزي القاري:
أيُّها لم تقع من علامات خروج الدَّجال؟ وهي بالذات علامات ظهور المهدي (عجّل الله فرجه)، والدَّجال علامة من علامات ظهور الحجّة المنتظر صلوات الله عليه وعلى آبائه الهداة الميامين.كنت أرغب أن يكون البحث جامعاً من أصحابنا وإخواننا، فكان، ودَوري هو النقل: من بعض مصادر الأُخوة، والاستشهاد بنصّها ليس إلاّ.
(وأمّا صاحب الكشف المخفي في مناقب المهدي (عجّل الله فرجه) فقد استدل على وجود الدَّجال بحديث ابن الصيّاد، وأنَّه رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحلف عمر، وقال: والله إنَّك الدَّجال لأنَّ الرسول لم يجزم على ابن الصيّاد أنَّه الدَّجال بدليل قوله (صلى الله عليه وآله) إن يَكنه فلن تُسلّط عليه وإن لا يَكنه فلا خير في قتله، وأمّا يمين عمر فإنَّه كان على غلبة الظن، والذي يدل على أنَّ ابن الصياد لم يكن هو الدَّجال أنَّه أخبر (صلى الله عليه وآله) أنَّه مكتوب بين عينه (ك ا ف ر)، ولم يُنقل عن ابن الصيّاد ذلك، والجمع بين الحديثين عنده هو ما أخبرني الحافظ مُفتي الشام أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان المعروف بابن الصلاح بدمشق، والحافظ مؤرخ العراق أبو عبد الله محمّد بن محمود بن الحسن المعروف بابن النجار ببغداد، بالمدرسة الشريفة، قالا:
أخبرنا الشيخ المقري أبو الحسن ابن محمّد بن علي الطوسي قرأه عليه، ونحن نسمع بنيشابور، أخبرنا أبو عبد الله حمّد بن الفضل أخبرنا أبو حسين عبد الغفار أخبرنا أبو أحمد محمّد أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم، أخبرنا أبو الحسين مسلم حدَّثني زُهير بن حرب وإسحاق بن منصور، قالا: حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النّبي (صلى الله عليه وآله) قال:
لا تقوم الساعة حتّى يبعث دجّالون كذّابون قريباً من ثلاثين كلّهم يزعم أنَّه رسول الله، فلا وجه للجمع بينهما عندي إلاّ هذا، وإن يكون ابن الصيّاد أحد الدَّجالين، فيجب حمله على هذا لئلا يلزم النقض في كلام الرسول (صلى الله عليه وآله) لأنَّه رأى ابن الصيّاد، ثمَّ قال:
أخبرني الداري أنّه رآه، ومّا الذي استدل على وجود الدَّجال بحيث ابن الصيّاد، فقد زلَّ، ولم يكن علم الحديث من فنه، وقد قال (صلى الله عليه وآله) فيما رواه مسلم في صحيحه ليس ما بين خلق آدم (عليه السلام) إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدَّجال، وأخبرنا محمّد بن أحمد الحافظ، وأخبرنا عن إسحاق بن عبد الله عن عمّه أنس بن مالك، أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يتّبع الدَّجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة، قلت: هذا حديث متّفق على صحته، وهذا سياق مسلم).(386)
والدَّجال عليه لعائن الله تعالى من أشراط الساعة، وممّن يدرك الحجّة (عجّل الله فرجه)، ويقتله كما أسلفنا المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام)، يقتله بحربة ينزل بها من السماء على عقبة أفيق لثلاث ساعات خلت من يوم الجمعة، في اللّدِ، وبها ينتهي كيد اليهود، وتنتهي دولة اليهود، وتبد دولة الحق والعدل، دولة أهل البيت (عليهم السلام)، اللّهم فعجّل لوليك الفرج والعافية والنصر.
الدليل على بقاء الدَّجال
(وأمّا الدليل على بقاء الدَّجال، فما أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن بركات بن إبراهيم قال:
إنَّه سأل فاطمة بنت قيس، وكانت من المهاجرات الأوّل، فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي منادي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينادي الصلاة جامعة، ثمَّ قال: هل تدرون لِمَ جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: إنّي والله ما جمعتكم لرغبة، ولا لرهبة، ولكن جمعتكم لأن تميماً الداري كان رجلاً نصرانياً فجاء فبايع وأسلم، وحدَّثني حديثاً، وافق الذي كنت أُحدّثكم عن المسيح الدَّجال، حدَّثني أنَّه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهراً في البحر، ثمَّ أرفأوا إلى جزيرة في البحر حين مغرب الشمس، فجلسوا في أقرب السفينة، فدخلوا الجزيرة، فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر لا يدرون ما قُبله من دُبره من كثرة الشعر، فقالوا: ويلك ما أنت؟ قالت: أنا الجساسة، قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيُّها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنَّه إلى خبركم بالأشواق، قال: لما سمّت رجلاً فرقنا منها أن تكون شيطانة، قال: انطلقنا سراعاً حتّى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه، وأشدّه وثاقاً مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا: ويلك ما أنت؟ قال: قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أُناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية، وصادفنا البحر حين اعتلم، فلعب بنا الموج شهراً، ثمَّ أرفينا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقربتها، فدخلنا الجزيرة، فلقينا دابة أهلب كثيرة الشعر لا يُدرى ما قُبلها من دُبرها، من كثرة الشعر، فقلنا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قلنا: وما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنَّه إلى خبركم بالأشواق، فأقبلنا إليك سراعاً، وفزعنا منها، ولم نأمن أن تكون شيطانة، فقال: أخبروني عن نخل بيسان، قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ فقلنا له: نعم، قال: أما أنَّه يوشك أن لا يُثمر، قال: أخبروني عن بُحيرة طبرية، قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال هل فيها ماء، قالوا، هي كثيرة الماء، قال: أما أنَّ ماءها يوشك أن يذهب قال: أخبروني عن عين زَغَر، قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء، وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم، هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من ماءها، قال: أخبروني عن نبي الأُميين ما فعل؟ قالوا: قد خرج مهاجراً من مكّة، ونزل يثرب، قال: أقاتَله العرب؟ قلنا: نعم، قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنَّه ظهر على من يليه من العرب فأطاعوه، قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم، قال: أما إنَّ ذلك خير لهم أن يُطيعوه وإنّي مخبركم عنّي أنا المسيح الدَّجال، وإنّي أُشِك أن يُؤذن لي في الخروج، فأخرج، فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إلاّ هبطتها في أربعين ليلة غير مكّة وطيبة هما محرمتان عليَّ كلتاهما، كلّما أردت أن أدخل واحدة فيها استقبلني ملك بيده السيف مَصلتا يصدني عنها، وإنَّ على كل نقب منها ملائكة يحرسونها، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وطعن بمخصره في المنبر: هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة، يعني المدينة، ألا هل كنت أُحدّثكم ذلك؟ فقال الناس: نعم، فإنَّه أعجبني حديث تميم إنَّه وافق الذي كنت أُحدّثكم عنه، وعن المدينة ومكّة إلاّ أنَّه في بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق، وأومأ إلى المشرق، قالت: فحفظت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قلت: هذا حديث صحيح متّفق على صحته، وهذا سياق مسلم، وهو صريح في بقاء الدَّجال).(387)
ولو أردنا التوسعة، لكان لنا بيان أوسع، وشواهد أكثر، ولكن خير الكلام ما قلَّ ودل، فالدَّجال كما أسلفنا من أشراط الساعة، وعلائم الظهور أوّلاً، وهو حيٌّ، ولكن من الأحياء الكفرة المردة، ممّن يدعون النبوّة والربوبيّة، وبالتالي يُلاقي حتفه، اللّهم إنّي أعوذ بك من فتنة الدَّجال بمحمّد وآله الطاهرين.
كَم يَمكُث الدَّجال؟
1 - (40 سنة، السنة كالشهر؛ والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كاضطرام السعفة في النار (حم وابن عساكر - عن أسماء بنت يزيد)).(388)
2 - حمل بعير، أحد عشر شهراً.
3 - قلنا: يا رسول الله! ما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً.(389)
أكثر من يخرج إليه النساء، حتّى أنَّ الرجل ليرجع إلى حميمه وإلى أُمّه وابنته وأُخته وعمّته، فيوثقها رباطاً مخافة أن تخرج إليه، ثمَّ يسلط الله المسلمين عليه، فيقتلونه، ويقتلون شيعته، حتّى أنَّ اليهودي ليختبي، تحت الشجرة، فيقول: الحجر أو الشجر: يا مسلم! هذا يهودي تحتي فاقتله، (عن ابن عمر).
مكان قتل الدَّجال
يُقتل الدَّجال دون باب لِدّ سبع عشر ذراعاً (ابن عساكر - عن مجمع بن جارية).
استأذن عمر النَّبي (صلى الله عليه وآله): في قتل ابن صيّاد، فقال (صلى الله عليه وآله):
(إن يكن هو فلن تُسلّط عليه، وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله)، (عن ابن عمر).(390)
إن يكن هو فلست صاحبه إنَّما صاحبه عيسى بن مريم (عليه السلام)، وإن لم يكن هو فليس لك أن تقتل رجلاً من أهل العهد، كان هذا الحديث بعد أن استأذن عمر في قتل ابن صيّاد.
قاتل الدَّجال
يقتل الدَّجال اللّعين، نبي الله عيسى بن مريم (عليه السلام) بحربة يرى الناس دمه التي تلطخ كما جاء في الحديث:
(... فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتّى يهلك، ولكن يقتله الله بيده، فيرهم دمه في حربته، (عن أبي هريرة)).(391)
أقوال الأئمة (عليهم السلام) فيه: قال الإمام الباقر (عليه السلام):
(الدَّجال يخرج من قبل المشرق من مدينة خراسان، ثمَّ يهبط حَدَرَ كرمان في ثمانين ألفاً، وأتباعه كأنَّ وجوههم المجانُّ المطرّقة، وعلامة خروجه جفاف ماء بُحيرة طبرية: (يخرج بعد جفاف ماء بُحيرة طبرية).(392)
وهو يعطي من يَقر له بالربوبيّة، فيتبعه من أصفهان سبعون ألفاً، ويتبعه أسوء الناس.
وهنا لنا وقفة: قوله من خراسان، أراد الجزء وأطلق الكل، فخراسان كانت ممتدة إلى رُبُوع أفغانستان، وما بينهما كانت خراسان، ولئلا يحصل الاشتباه فهو يخرج من المشرق، وقد أسلفنا الكلام في هذا المعنى.
فإذا كان أتباعه أسوء الناس: أولاد الزنا، والفُسّق، والنساء خصوصاً وهنَّ ناقصات العقل والدّين، كفى به ربّاً ناقصاً لا حول له ولا قوّة، يقتله نبي الله عيسى بن مريم (عليه السلام) بحربة ينزل بها من السماء، ويريح الناس من شرّه وفتنته.
قال جابر بن عبد الله الأنصاري: (من كذَّب بالدَّجال فقد كفر، ومن كذَّب بالمهدي (عليه السلام) فقد كفر).(393)
(حدَّثنا عبد الرحمن بن عثمان القشيري قال: حدَّثنا قاسم ابن أصبع قال: حدَّثنا أمد بن زهير، قال: حدَّثنا عثمان بن مسلم، قال: حدَّثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: كان رجل من الحي يتخطون هشام بن عامر إلى عمران بن حُصين، وغيره من أصحاب النَّبي (صلى الله عليه وآله) فيقول: إنَّكم تتخطوني إلى رجال ما كانوا أحضر لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا أوعى لحديثه منّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
(ما بين خلق آدم إلى أن تقوم الساعة امرؤ أكبر من الدَّجال).(394)
ونحن نقول: أكبر حجماً وجسماً، طولاً وعرضاً، أكبر فتنة، لعل من هذه وتلك، فهو ساحر كذّاب أشِر، يقتله الله تعالى على يد النّبي عيسى بن مريم (عليه السلام)على عقبة أفيق، وقيل في اللّدِ، ولذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) رحمة بالأُمّة، كان يعلمهم ما يتحصنون به من شرِّ فتنة الدَّجال، وسوء فعاله:
(حدَّثنا علي بن محمّد، حدَّثنا علي بن مسرور، حدَّثنا أحمد، حدَّثنا سحنون،... عن عبد الله بن عباس: إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يُعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن، يقول:
اللَّهُمَّ إنّي أعوذ بكَ مِن عذابِ جَهنَّم، وأعوذُ بِكَ مِن عَذابِ القبرِ، وأعوذُ بِكَ مِن فتنةِ المسيح الدَّجال، وأعوذُ بِكَ مِن فتنة المحيا والممات).(395)
وليعلم القاري الكريم من خلال هذا الحديث، كَم هي عظيمة فتنة الدَّجال، بحيث أضحت بمصاف فتنة القبر، وفتنة المحيا والممات، وبالتالي عذاب جهنّم، والحال إن المؤمن بالدَّجال ربّاً، ومُرتضي أعماله، فقد كفر وأشرك بالله، وإنَّ الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً إلاّ أن يُشرك به، تعالى الله عُلواً كبيراً، فإنَّ ما يحدثه الدَّجال من قبيل ما أحدثته السحرة على عهد موسى (عليه السلام)، مع علمنا كما أسلفنا أنَّ عقيدة وديانة الدَّجال: (اليهودية) واليهود على مرّ التاريخ أحدثوا الأعاجيب والأباطيل، وأشعلوا نيران الحروب والفتن، وفتنة الدَّجال هذه آخر الفتن وبها تنتهي أحابيلهم، ويبطل سحرهم وتنتهي دولتهم إلى غير رجعة، فتستريح الأُمّة، وتستريح اليهود أنفسهم باعتناقهم الإسلام، وتركهم دين الشعبذة والسحر.
وعليه جعلنا هذا بين يدي القاري العزيز حتّى يكون على بيّنة من الأمر، ولا تنطلي عليه الأحابيل وفتنة الدَّجال في آخر الزمان، كما انطلت على الكثيرين ممّن غرّتهم الدنيا بغرورها، فوقعوا في أحضانها؛ بعنوان المناصب، والثراء والرفاه، وهنا نحن نعيش حياة الكثيرين ممّن كانوا، وأصبحوا يلوذون بالفرار.
ذكر المسيح الدَّجال
(وفي الحديث في صفة الدَّجال: كأنَّ رأسه أصله؛ وقيل وجه الأصلة كوجه الإنسان وهو عظيم جدّاً، ويُقال إنَّها تصير كذلك، إذا مرَّ عليها ألف سنة من العمر).(396)
(عن ابن عمر قال: كنّا نتحدَّث في حجّة الوداع ورسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أظهرنا لا ندري ما حجة الوداع، فحمد الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) وأثنى عليه، ثمَّ ذكر المسيح الدَّجال فأطنب في ذكره ثمَّ قال: ما بعث الله من نبي إلاّ قد أنذره أُمّته لقد أنذره نوح والنبيون من بعده، وإنَّه يخرج فيك فما خفي عليكم من شأنه فلا يخفى عليكم أنَّه أعور عين اليمنى كأنَّه عنبة طافية، ثمَّ قال: إنَّ الله تبارك وتعالى حرَّم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم، قال: اللّهم اشهد، ثمَّ قال: ويلكم، أو قال: ويحكم أُنظروا، ولا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض).(397)
ولكنّهم لم يهتمّوا إذا كانت واقعة السقيفة التي... وكانت واقعة الطف الأليمة، والفاجعة النكراء، حيث أهل بيت الرحمة مجزرين كالأضاحي سبايا يُصار بهم من بلد إلى بلد مُقيدين، وكان واقعة الحرة التي ذهب فيها أهل المدينة، وأسترقّوا ليزيد، وهُتكت الأعراض، وقُتلت الصحابة والتابعون، وكانت وقعة ابن الزبير، وهتكت حرمة البيت الحرام حيث هدّموه حجراً حجراً وأحرقوه، وكانت النهروان وصفين والجمل من قبل، وذهبت أضاحي على مذبح العناد والجاهلية الجهلاء، هذا بعد الإنذار، فكيف بهم لو أنَّهم لم ينذروا، وإلى يومنا هذا حيث جرى من المآسي والآلام، ونسوا:
(أمّا فتنة الدَّجال، فإنَّه لم يكن نبي إلاّ قد حذَّر أُمّته، وسأُحذركموه تحذيراً لم يحذّره نبي أُمّته، إنَّه أعور، وإنَّ الله ليس بأعور، مكتوب بين عينيه (كافر) يقرأه كل مؤمن، وأمّا فتنة القبر فبي تُفنتون، وعنّي تُسألون، فإذا كان الرجل الصالح أُجلس في قبره غير فزع ثمَّ يقال له:
ما هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول: محمّد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، جاءنا بالبيّنات من عند الله عزَّ وجلّ، فصدّقناه، فتفرج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً، فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله عزَّ وجلّ، ثمَّ يفرج له فرجة إلى الجنّة، فينظر إلى زهرتها، وما فيها، فيقال له: هذا مقعدك منها، ويقال له: على اليقين كنت وعليه متَّ، وعليه تُبعث إن شاء الله تعالى، وإذا كان الرجل السوء أُجلس في قبره فزعاً، فيقال له: ما كنت تقول؟ فيقول: لا أدري، فيقال: ما هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولاً فقلت كما قالوا، فتفرج له فرجة من قبل الجنّة، فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك، ثمَّ يفرج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً، ويُقال له: هذا مقعدك منها، على الشك كنت، وعليه متَّ، وعليه تُبعث، إن شاء الله تعالى، ثمَّ يُعذَّب (حم - عن عائشة)).(398)
تَبَع الدَّجال
(اليهود، والنساء، والأعراب).
ألا وإنَّ بين يديه رجلان يُنذران أهل القرى، كلّما دخل قرية أنذر أهلها فإذا خرجا منها دخلها أو أصحاب الدَّجال، ويدخل القرى كلّها غير مكّة والمدينة حُرِّما عليه (يهلكه الله عزَّ وجلّ عند عقبة أفيق)(399)، يلبث أربعين يوماً، يوم منها: كسنة، ويوم كجمعة، وسائرها كأيّامكم هذه، معه شياطين مشبهون بالأموات يقولون للحي: تعرفني أنا أخوك، أنا أبوك أو ذو قرابة منه، ألست قدمت؟ هذا ربّنا فاتبعه، فيقضي الله ما يشاء منه، ويبعث الله له رجلاً من المسلمين فيسكته ويبكته ويقول: هذا الكذّاب، إنَّه خارج لا مُحال، فمَن لقيه منكم فاليتقل في وجهه، وليقرأ بفواتح سورة الكهف، إنَّه يُبري الأكمه والأبرص ويُحيي الموتى، ويقول للناس أنا ربُّكم، إنَّ الدَّجال يبلغ كل منهل إلاّ أربعة مساجد: مسجد الحرام، .مسجد المدينة، ومسجد طور سيناء، ومسجد الأقصى.
أشبه الناس به عبد العُزى بن قطن جعد هجان أقمر كأنَّ رأسه غُضُ شجرة كأنَّ شعرات رأسه أغصان شجرة.
إنَّ المسيح الدَّجال رجل قصير أفحج أعور مطموس العين ليست بناتئة ولا حجراء يمكُت أبو الدَّجال وأُمّه ثلاثين عاماً لا يولدهما ولد ثمَّ يولد لهما غلام أعور أضر شيء، وأقلّه منفعة تنام عينه ولا ينام قلبه، أبوه طوال ضرب اللَّحم كأنَّ أنفه منقار، وأُمّه امرأة فرضاخية طويلة الثديين، ينشأ نشي يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلّما خرج قرن قطع، حتّى يخرج في أعراضهم الدَّجال.
وهو يخرج من ناحية المشرق من قرية يقال لها (دارِس)، يدخل كل بلد إلاّ أربع مُدن: مكّة والمدينة والقدس وطرسوس، وينزل عيسى (عليه السلام) ويكون قتله على يده بحربة ينزلها معه، ويقتله عيسى بن مريم بباب لِدّ.(400)
(روى هذا بلفظه عن الإمام الصادق (عليه السلام) وهو إن دلَّ فإنَّما يدلُّ على هول المعركة الإسلامية التي تنهي الوجود اليهودي عن وجه الأرض).(401)
الدَّجال من سَجستان، وقد يخطر بالبال تارةً من أصفهان، وأُخرى من خراسان، وثالثة من سَجستان، ورابعة وخامسة كل ذلك منشأه من المشرق ومن بلاد إيران، ولعل الذي ذكر هو في خطٍّ واحد، وإطار.
إنَّه يخرج من المشرق من قرية يقال لها: (يهوداء) وهي قرية من قُرى أصفهان وبلدة من بلدان الأكاسرة.
وهو مطموس العين، مكسور الظُفر والنظر، وهو محدوب الظهر، وهو قصير القامة، كهل، مكتوب بين عينيه: (كافر).(402)
أبوه: طويل كثير اللَّحم، كأنَّ أنفه منقار.
أُمّه: امرأة فرضخانية طويلة اليدين، والثديين (الفرضخانية: العريضة).
يمكث أبو الدَّجال ثلاثين عاماً لا يولد له، ولزوجته ولد، ثمَّ يولد لهما غلام أعور أخرس، تنام عينه، ولا ينام قلبه.(403)
(... إلاّ أنَّ الدَّجال أحد أكابر قيادة اليهود الذين يعتقدون أنَّ السلاح الذي يُكدِّسونه هو كل شيء في المعارك الحربية).(404)
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (مَن قاتلني في الأُلى، وقاتل أهل بيتي في الثانية، حشره الله في الثالثة مع الدَّجال).
الثالثة هي محاربة الحجّة المهدي المنتظر صلوات الله عليه وآله، وعجّل الله تعالى فرجه الشريف، إذن الدَّجال حقيقة، وليس كما ذهب إليه بعضهم، حيث يقول البعض: إنَّها أمريكا، أو إسرائيل، أو حُكّام الظلم والجور، أو التلفزيون، له شاشة واحدة كناية عن العين.
إنَّ الأحاديث أفادت أنَّه رجل يهودي من أبوين يهوديين، له صفاته، وله سيرته، وله أتباعه، ويخرج من مكان معين، مُشار إليه، وله هدف هو غواية الناس، وحرفهم عن الجادّة، وله نهاية وإنَّ الذي يقتل الدَّجال هو عيسى بن مريم (عليه السلام) على عقبة أفيق، عليه، وعلى من تبعه لعائن الله، ونعوذ بالله من فتنة الدَّجال.
(ويظهر من الأخبار أنَّ الدَّجال لعنه الله يهودي، والسفياني نصراني، فلذلك يسير الدَّجال إلى المغرب، والسفياني إلى المشرق يملك ثمانية أشهر...).(405)
إنَّ جولة السفياني والدَّجال هي آخر الجولات وبها النهاية، والبداية لحَكم يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما مُلئت جوراً وظلماً بواسطة أتباع السفياني والدَّجال من اليهود والنصارى، والمتتبع لمجريات الأُمور، والتاريخ يجد كل المآسي والآلام التي عاشها ويعيشها الإسلام والمسلمون من اليهود والنصارى، وبنهاية هؤلاء تكون النهاية والبداية، ونسأله تعالى بحق محمّد وآله الطاهرين أن يُعجّل لوليه الفرج والعافية والنصر، ويشرح به صدورنا ويشفي به قلوبنا.
تعليقة:
(... فعند ذلك يخرج الدَّجال من ناحية المشرق من قرية يقال لها دارِس...).(406)
ومهما يكون الاختلاف في اسم القرية ومحلّها إلاّ أنَّ الاتفاق واقع على أنَّها في بلاد المشرق في بلاد خراسان أو أصفهان، فكم دجّال ودجّال على مستوى رُؤساء الحكومات، وعلى مُستوى الوزراء، والكُتّاب والعلماء والفقهاء، أذاقوا البشرية ويلات الدَّجال لقرون عديدة، ولكن الفارق بين الدَّجال والدَّجالون أنَّه حذّرت الأنبياء الأُمم فتنته وبيّنت الأحاديث صفته وفتنة أتباعه، ومن يدور في فلكه، فلا يغرنك دجله وسحره، وشعبذته، مادامت الأنبياء حذرت من فتنته، وما هي إلاّ أشهر عديدة، وتذهب الفتنة بأهلها ويُقتل الدَّجال، ويُصرع الدَّجالون ويظهر الحق، ويزهق الباطل إنَّ الباطل كان زهوقاً.
الخضر (عليه السلام) والدَّجال
(إنَّ أبا سعيد الخدري قال: حدَّثنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوماً حديثاً ويلاً عن الدَّجال فكان فيما حدَّثنا، قال: يأتي وهو محرَّم أن يدخل نقاب المدينة، فينتهي إلى بعض السبخ التي يلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس، فيقول له: أشهد أنَّك الدَّجال الذي حدَّثنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حديثه، فيقول الدَّجال: أرأيتم إن قتلتم هذا ثمَّ أحييته أتشُكّونَ في الأمر؟ فيقولون: لا فيقتله، ثمَّ يحييه، فيقول حين يحييه: والله ما كنت فيك قط أشد بصيرة منّي الآن قال: فيريد الدَّجال أن يقتله، فلا يُسلط عليه.
قال أبو إسحاق، وهو إبراهيم بن أسعد: يقال إنَّ هذا الرجل هو الخضر (عليه السلام)، قلت: هذا لفظ مسلم في صحيحه، كما سُقناه).(407)
عيسى (عليه السلام) والدَّجال
(... فإذا كان يوم الجمعة، وقد أُقيمت الصلاة، فينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) في تلك الساعة من السماء عليه ثوبان أحمران وكأنَّما يقطر رأسه الدهن، وهو صبيح المنظر والوجه أشبه الخلق بأبيكم إبراهيم (عليه السلام) فيأتي إلى المهدي (عليه السلام) ويصافحه، ويُبشره بالنصر، فعند ذلك يقول له المهدي (عليه السلام): تقدَّم يا روح الله وصلِّ بالناس، فيقول عيسى (عليه السلام): بل الصلاة لك يا بن بنت رسول الله، فعند ذلك يأذّن عيسى، ويُصلّي خلف المهدي (عجّل الله فرجه) فعند ذلك يجعل عيسى خليفة على قتال الأعور الدَّجال ثمَّ يخرج أميراً على جيش المهدي، وإنَّ الدَّجال قد أهلك الحرث والنسل، وصاح على أغلب أهل الدنيا، ويدعو الناس لنفسه بالربوبية فمَن أطاعه أنعم عليه، ومَن أبى قتله، وقد وطأ الأرض كلّها إلاّ مكّة والمدينة، وبيت المقدس، وقد طاعتْهُ جميع أولاد الزنا من مشارق الأرض، ومغاربها ثمَّ يتوجّه إلى أرض الحجاز فيلحقه (عليه السلام) على عقبة هرشا، فيزعق عليه عيسى، زعقة، ويتبعها بضربة، فيذوب الدَّجال كما يذوب الرصاص، والناس في النار، ثمَّ أنَّ جيش المهدي يقتلون جيش الأعور الدَّجال في مدّة أربعين يوماً).(408)
سنين شديدة
(وعن النّبي (صلى الله عليه وآله): يتّبع الدَّجال من أُمّتي سبعون ألفاً عليهم التيجان).(409)
وفيه عن أسماء بنت يزيد قالت: كان النّبي (صلى الله عليه وآله) في بيتي فذكر الدَّجال فقال: إنَّ بين يديه ثلاث سنين، سنة تمسك السماء فيها ثُلث قطرها والأرض ثُلث نباتها، والثانية تُمسك السماء ثُلثي قطرها والأرض ثُلثي نباتها، والثالثة تُمسك السماء قطرها كلّه، والأرض نبتها كلّه، فلا تبقى ذات ظُلف ولا ذاتِ ضرس من البهائم إلاّ هلك، وإنَّ من أشدِّ فتنته أنَّه يأتي الأعرابي فيقول أرأيت إن أحييت لك إبلك ألست تعلم أنّي ربُّك؟ فيقول: بلى، فيمثل له نحو إبله كأحسن ما يكون ضُروعاً، وأعظمه أسمنه قال ويأتي الرجل قد مات أخوه ومات أبوه، فيقول: أرأيت إن أحييت لك أباك وأخاك ألست تعلم أنّي ربُّك؟ فيقول: بلى، فيمثل له الشياطين نحو أبيه ونحو أخيه، قلت: ثمَّ خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) لحاجته ثمَّ رجع، والقوم في اهتمام وغمٍّ ممّا حدَّثهم قالت: فأخذ بلحمتي الباب فقال: مُهيم يا أسماء، قلت: يا رسول الله لقد خلعت أفئدتنا بذكر الدَّجال قال: إن يخرج وأنا حي، فأنا حجيجه وإلاّ فإنَّ ربّي خليفتي على كل فقلت: يا سول الله والله إنّا لنعجن عجيناً فما نخبزه حتّى نجوع، فكيف بالمؤمنين يومئذ؟ قال: يجزئهم ما يجزي أهل السماء من التسبيح والتقديس).(410)
((وفيه) عن أبي بكرة عن النَّبي (صلى الله عليه وآله) لا يدخل المدينة المسيح الدَّجال، ولها يومئذ ثلاثة أبواب لكلّ باب ملكان (وفيه) عن عائشة سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستعيذ في صلاته من فتنة الدَّجال (وفيه) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون، ولا الدَّجال (وفيه) عنه (صلى الله عليه وآله) قال: المدينة لا يأتيها الدَّجال فسجد، الملائكة يحرسونها، فلا يقربها الدَّجال ولا الطاعون).(411)
(... فقام إليه الأصبغ بن نباتة فقال: يا أمير المؤمنين مَن الدَّجال؟ فقال (عليه السلام):
ألا إنَّ الدَّجال: صايد بن صيد، فالشقي من صدّقه، والسعيد من كذّبه، يخرج من بلدة يقال لها أصبهان من قرية تُعرف باليهودية، عينه اليمنى ممسوحة والأُخرى في جبهته تُضي كأنَّها كوكب الصبح، فيها علقة، كأنَّها ممزوجة بالدم، بين عينيه مكتوب كافر، يقرأه كاتبٌ وأُمّي، يخوض البحار، وتسير معه الشمس بين جبل من دخان، وخلقه جبل أبيض يُرى الناس أنَّه طعام، يخرج حين يخرج في قحط شديد تحته حمار أقمر خطوة حماره ميل تُطوى له الأرض مَنهلاً مَنهلاً، لا يمر بماء إلاّ غار إلى يوم القيامة يُنادي بأعلى صوته، يسمع ما بين الخافقين من الجنِّ، والإنس، والشياطين، يقول: إليَّ أوليائي أنا الذي خلق فسوّى، وقدَّر فهدى، أنا ربُّكم الأعلى، وكَذِب عدو الله أنَّه أعور، ويُطعم الطعام، ويمشي في الأسواق، وأنَّ ربُّكم ليس بأعور، ولا يُطعم، ولا يمشي، ولا يزول تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، ألا وإنَّ أكثر أشياعه يومئذ أولاد الزنا، وأصحاب الطيالسة الخُضر، يقتله الله عزَّ وجلّ بالشام على عقبة تُعرف بعقبة أفيق لثلاث ساعات من يوم الجمعة على يدي من يُصلّي المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه ألا إنَّ بعد ذلك الطامة الكبرى، قلنا: وما ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: خروج دابة الأرض من عند الصفا...).(412)
الفتن السبع
(قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أُحذّركم سبع فتن تكون بعدي، فتنة تُقبل من المدينة، وفتنة تُقبل من مكّة، وفتنة تُقبل من اليمن، وفتنة تُقبل من الشام، وفتنة تُقبل من المشرق، وفتنة تُقبل من المغرب، وفتنة من المغرب إلى بطن الشام وهي السفياني، قال ابن مسعود: فمنكم مَن يُدرك أوَّلها، ومنكم مَن يُدرك آخرها، فكانت فتنة المدينة من قِبل طلحة والزبير، وفتنة مكّة من قِبل عبد الله بن الزبير، وفتنة الشام من قِبل بني أُميّة، وفتنة بطن الشام مَن قِبل هؤلاء).
لا اختلاف في الدَّجال، فقد وردت أحاديث في صحاح، ومسانيد، وكُتب إخواننا، كما وردت عن أصحابنا، والحال أنَّ أهل الديانات لا تخلو كُتُبهم من ذكر الدَّجال، ولكن الاختلاف الغير جوهري في محلِّ ظهوره، وما معه من حمار يستظل بإذنه أكثر من سبعين أو خمسين ألف، وإنَّ خطوة هذا الحمار كذا ميل، وأنَّه يخوض البحار، وتسير معه الشمس، وما إلى ذلك من خوارق العادات، ولعلّها لتكون سبباً في الفتنة به أكثر فأكثر، وضخامة جسمه أو قصره وما إلى ذلك.
فمثلاً اليوم نجد من الدَّجالين مَن يقودون الشعوب بالدَّجال، ويهتكون الأعراض، ويزهقون الأرواح كل ذلك، وبعض الناس تنطلي عليهم بفعل الترغيب، والترهيب الذي هو ديدن هؤلاء الدَّجالة، ولو تأمّلنا قليلاً لَوجدنا: أنَّ في الأمر الكناية، والاستعارة، فهؤلاء الحكام الدَّجالة يخوضون البحار، ويقطعون الفيافي، والقفار، بالطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويستظل تحت ظل طائراتهم، وشعاراتهم، الآلاف، لا بل مئات الأُلوف، وطوع إرادتهم، إلاّ أنَّهم لم يدّعوا النبوّة علناً، ولا الربوبية، إلاّ أنَّ المتأمل في سيرتهم يجدهم، ليسوا أسوء حالاً من الدَّجال الكبير بحال، وأمّا ما ورد في الفتن السبع، فقد تحققت ووقعت، إلاّ ما يتعلّق بالدَّجال المسيح، الذي يدّعي الربوبية، والعياذ بالله.(413)
(في الدمعة الساكبة عن مشكاة المصابيح، عن أبي بكرة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
يمكث أبوا الدَّجال ثلاثين عاماً لا يُولد لهما ولد، ثمَّ يُولد لهما غلام أعور أخرس، أي عظيم السن، وأقله منفعة تنام عيناه، ولا ينام قلبه، ثمَّ نعت لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبويه، فقال:
أبوه طويل ضرب اللّحم كأنَّ أنفه منقار، وأُمّه امرأة فرضاخية (فرضاخية: الضخمة العظيمة)، طويلة اليدين فقال أبو بكرة، فسمعنا بمولود في اليهود، فذهبت أنا والزبير بن العوام حتّى دخلنا على أبويه، فإذا نعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيهما فقلنا: هل لكُما ولد؟ فقالا: مكثنا ثلاثين عاماً لا يُولد لنا ولد، ثمَّ وُلد لنا غلام أعور أخرس وأقلّه منفعة، تنام عيناه، ولا ينام قلبه، قال: فخرجنا من عندهما فإذا هو منجدل في الشمس في قطيفه، وله همهمة، فكشف عن رأسه، فقال: ما قلتما؟ قلنا: وهل سمعت ما قلنا؟ قال: نعم، تنام عيناي ولا ينام قلبي).(414)
(وهو المسيح الكذّاب، والقبيح المرتاب الذي إستحق بسوء اختياره أليم العذاب واستوجب شديد العقاب المعروف بالأعور الدَّجال عليه من الله اللّعنة على الدوام والإتّصال).(415)
إنَّه آية من آيات الله وموعظة للذين عن الذّكر مُعرضون، فعلى الذين يُدركونه بفواتح سورة الكهف وعشر آيات الأوائل من السورة، يكفيهم الله شرّه وحبائله ومكائده، الله تعالى في كلِّ الأحوال ولي الذين آمنوا واتّقوا.
(...، والدَّجال إذا بقي، فبقاؤه مفسدة للعالمين، لما ذُكر من ادعائه الربوبية، وفتكه بالأُمّة، ولكن في بقائه ابتلاء من الله تعالى ليعلم المطيع منهم من العاصي، والمحسن من المسي، والمصلح من المفسد، وهذا هو الحكمة من بقاء الدَّجال).(416)
ما أكثر الدَّجالة على مرِّ التاريخ، وما أكثر أتباع هؤلاء، هم كالحرباء، يتلونون حسب الطلب والحاجة، ويتنقلون في الوظائف والمناصب، وقد امتلأت جيوبهم بحقوق الغير، يسرحون ويمرحون، نسوا الله، فأنساهم ذكره، عليهم لعنة الله والملائكة، والناس أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدّين وإنّي لعلى ثقة ويقين أنَّ كل كذّاب يُحشر محشر الدَّجال وأنَّه من جُنده وإن لم يدركه.
من آيات الدَّجال الفاتنة
معه جنّة ونار، معه نهران، ومعه جبال من خُبز، وتسير معه الشمس، ويأمر السماء فتمطر، ويأمر الأرض فتنبت، ويُحيي الموتى، ويأمر بالقتل، فيميت الأحياء، وتحت سلطته شياطين يوحون إلى الناس بما يشتهي، ويُقوّي فتنته، أغلب أتباعه اليهود والنساء، فيحلِّل الحرام ويُحرِّم الحلال، يخوض البحار إلى كعبيه، وتُطوى له الأرض، وهو سريع الانتقال.
(وأمّا الدَّجال اللّعين لم يحدث حدثاً مُذ عهد إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أنَّه خارج فيكم الأعور الدَّجال، وأنَّ معه جبالاً من خُبز تسير معه إلى غير ذلك من آياته، فلابدَّ من أن يكون ذلك في آخر الزمان لا محالة،...).(417)
والآن نجد أنَّ الآلاف يموتون جوعاً، وبالتالي مرضاً، والحال مثل أولئك تبع لمَن يُشبعهم، والظروف لخروجه مُهيّأة.
من هنا: جاز لنا القول إنَّ حقيقة ما عليه اليهود والنصارى لا يتّفق وأبسط مفاهيم التوراة والإنجيل، ولذا نرى أنَّ المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) يقتل هذا المتجبّر بنفسه، ويقود الجيوش الإسلامية ضدَّ مَن يدّعون أنَّهم أهل كتاب ودين، وإلاّ فإنَّ هذه الأخلاقية ليست إنسانية، ولا بشرية، ولا تتفق، وأبسط قواعد العقل والمنطق، يصرفون الملياردات على صناعة الأسلحة الفتاكة التي حرموها بأنفسهم، ولكن أحلّوها للقضاء على الشعوب المستضعفة خصوصاً الإسلامية، ولكن سيخيب ظنّهم، وتذهب أحابيلهم في مهب الريح بعد أن تكون أرض الإسلام مقبرة لهم.
بعض ما ورد فيه ذكر الدَّجال
1 - (وذكر الإمام أبو الحسن محمّد بن عُبيد الله الكسائي في قصص الأنبياء قال: قال كعب الأحبار: يخرج المهدي (عليه السلام) إلى بلاد الروم، فذكر قصّة فتح الروم والقسطنطينية، وقال: ثمَّ يأتيه الخبر بخروج الأعور الدَّجال، وهو رجل عريض، عينه اليمنى مطموسة، وأمّا اليسرى، فكأنَّها كوكب، مكتوب بين عينيه كافر بالله وبرسوله، يخرج يدّعي أنَّه الرب، ولا يسمعه أحد إلاّ تبعه، إلاّ مَن عصمه الله تعالى، ويكون له جنّة ونار، فيقول: هذه جنّة لمَن سجد لي، ومَن أبى أدخلته النار).(418)
2 - (قال: قال وهب بن مُنبِّه: عند خروج الأعور الدَّجال، تهب ريح قوم عاد، وسماع صيحة كصيحة قوم صالح، ويكون مسخ كمسخ أصحاب الرَّسِّ، وذلك عند ترك الناس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويسفكون الدِّماء، ويستحلّون الربا، ويعظم البلاء، وتُشرب الخمر، وتكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء، فعند ذلك يخرج من ناحية المشرق من قرية يُقال لها (دارِس)، يخرج على حمار، مطموس العين، مكسور الطرف، يخرج منه الحيّات، محدوب الظهر، قد صور كل سلاح في يديه، حتّى الرمح والقوس، يخوض البحار إلى كعبه، وتكون أجناده أولاد الزنا، وتجيء إليه السحرة، وإذا أتى ببلد يقول: أنا ربُّكم).(419)
3 - (فقال الخضر: كذبت يا دجّال، إنَّ ربّ العالمين ربّ السماوات والأرض، فيقتله الدَّجال، ويقول: قُل لربِّ العالمين يُحييك، فيحيي الله تعالى الخضر (عليه السلام)فيقوم ويقول لأصحاب الدَّجال:
يا ويلكم، لا تعبدوا هذا الكافر الملعون، فيقتله ثلاث مرّات، فيحييه الله تعالى، ثمَّ يخرج الدَّجال نحو مكّة، فينظر إلى الملائكة محدقين بالبيت الحرام، ثمَّ يسير إلى المدينة، فيجدها كذلك، يطوف البلاد إلاّ أربع مُدن، مكّة، والمدينة، وبيت المقدس، وطرطوس).(420)
4 - (وأمّا المؤمنون فإنَّهم يصومون ويُصلّون غير أنَّهم تركوا المساجد، ولزموا بيوتهم، والشمس تطلع عليهم مرّة بيضاء، ومرّة حمراء، ومرّة سوداء، والأرض تُزلزل، والمسلمون يصبرون، حتّى يسمعوا بمسير المهدي (عليه السلام) إلى الدَّجال فيفرحون بذلك ويُقال:
إنَّ المهدي (عليه السلام) يسير إلى قتال الدَّجال، وعلى رأسه عمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عمامة بيضاء، فيلتقون، ويقتتلون قتالاً شديداً، فيقتل من أصحاب الدَّجال ثلاثين ألفاً وينهزم الدَّجال، ومن معه نحو بيت المقدس، فيأمر الله تعالى الأرض بإمساك خيولهم، ثمَّ يُرسل عليهم ريحاً حمراء، فيهلك منهم أربعون ألفاً).(421)
فيما يُستدل به على أنَّ الدَّجال هو ابن صيّاد.
وذكر ما ظهر عليه من آثار البغي والعناد
1 - (عن عبد الله بن عمر، أنَّ عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، في رهط من أصحابه قِبل ابن صيّاد، حتّى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مُغالة، وقد قارب ابن صيّاد الحُلُم، فلم يشعر حتّى ضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ظهره بيده ثمَّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابن صيّاد:
أتشهد أنّي رسول الله؟ فنظر إليه ابن صيّاد فقال: أشهد إنَّك رسول الأُميين، ثمَّ قال ابن صيّاد لرسول الله (صلى الله عليه وآله): أتشهد أنّي رسول الله؟، فرفضه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثمَّ قال: آمنت بالله وبرسوله، ثمَّ قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ماذا ترى؟ قال ابن صيّاد: يأتيني صادق وكاذب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خُلط عليك الأمر، ثمَّ قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّي خبأت لك خبيئاً، فقال ابن الصيّاد: هو الدُّخُّ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): إخسأ، فلن تَعدو قدرك، فقال عمر: ذرني يا رسول الله أضرب عنقه، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن يَكنُهُ فلن تُسلّط عليه، وإن لم يَكنُهُ، فلا خير لك في قتله)، أخرجه البخاري ومسلم في (صحيحيهما).(422)
مع هذا العناد، وهذا الجواب، وإنَّه يخرج لغضبة، وإنَّ صفات والديه مطابقة لما جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وابن صيّاد هذا تنام عينه، ولا ينام قلبه، وإنَّه يُراود أُمّه الأمر العظيم، وبالتالي يُحدث في ثيابه، فتارة في غنمه يُهمهم، وأُخرى يتسلق النخل، وإنَّه من الضخامة بمكان لدليل على أنَّه هو الدَّجال بعينه، والله أعلم.
لعن الله الدَّجال، كم من دجّال ودجّال، ولكن ليس كمثل ابن صيّاد، يقتل ويحيي ويؤشّر إلى السماء أن تمطر فتمطر، وإلى الأرض فتنبت، وإلى الضرع فيدُرّ على أحسن ما يكون، معه جبل من طعام، ونهر من ماء، وجنّة ونار.
(وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، قال: لقيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأبو بكر وعمر في بعض طرق المدينة، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتشهد أنّي رسول الله؟، فقال هو: أتشهد أنّي رسول الله؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): آمنت بالله وملائكته وكُتُبه، ما ترى؟، قال: أرى عرشاً على الماء، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ترى) عرش إبليس على البحر، وما ترى؟ قال: أرى صادقين وكاذباً، أو كاذبين وصادقاً، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): دعوُه)، أخرجه الإمام مسلم في (صحيحه).(423)
ولقد سبق منّا القول أنَّ الدَّجال يخرج من غضبة يغضبها، ولم نُردف قولنا بالحديث فليكملوه:
(وعن نافع، قال: لقي ابن عمر ابن صيّاد في بعض طُرق المدينة، فقال له قولاً أغضبه فانتفخ حتّى ملأ السِّكة، فدخل ابن عمر على حفصة، وقد بلغها، فقالت له: رحمك الله، ما أردت من ابن صيّاد؟ أما علمت أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال:
إنَّما يخرج الدَّجال من غضبة يغضبها؟)، أخرجه الإمام مسلم في (صحيحه) باب في ذكر ابن صائد.(424)
موضع خلاف
وموضع الخلاف أنَّ بعض الروايات ذكرت أنَّ الذي يقتل الدَّجال هو الذي يُصلّي خلفه عيسى بن مريم (عليه السلام) أي صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه).
وبعض الروايات تذكر:
أنَّ الذي يقتله هو عيسى بن مريم (عليه السلام):
(فيبعث الله عيسى بن مريم كأنَّه عُروة بن مسعود، فيقلبه فيهلكه، ثمَّ يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، وذكر باقي الحديث).(425)
بعض الشواهد
إنَّ بعض الشواهد يدلُّ على أنَّ صافي أو صائد هو الدَّجال:
1 - حلف عمر على أنَّه هو الدَّجال، وعدم إنكار النَّبي ذلك.
2 - محمّد بن المنكدر (رضي الله عنه)، قال: رأيت جابر يحلف بالله أنَّ ابن صيّاد الدَّجال، لأنَّه سمع عمر يحلف على ذلك، أخرجه البخاري ومسلم في (صحيحيهما).
3 - قول النّبي (صلى الله عليه وآله)، لعمر أن يكنه، فلا قدرة على قتله، لأنَّ قاتله: المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام)، وفعلاً لم يتمكّن عمر من قتله.
(وعن محمّد بن المنكدر (رضي الله عنه) قال: رأيت جابر بن عبد الله، يحلف بالله أنَّ ابن صيّاد الدَّجال، قال: فقلت: تحلف بالله؟ قال: إنّي سمعت عمر يحلف على ذلك عند رسول الله (صلى الله عليه وآله))، أخرجه البخاري ومسلم في (صحيحيهما).(426)
قول علي بن أبي طالب (عليه السلام)
(وعن النزال بن سبرة، قال: خطبنا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، على المنبر، ثمَّ قال:
أيُّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، قالها ثلاث مرّات، فقام إليه الأصبغ بن نباتة، فقال: مَن الدَّجال يا أمير المؤمنين؟ قال: يا أصبغ، الدَّجال الصافِ ابن الصيّاد، الشقي مَن صدّقه، والسعيد مَن كذّبه)، أخرجه الإمام أبو عمرو الدّاني في (سننه)، ورواه الإمام أبو الحسين أحمد بن المنادي في كتاب (الملاحم).(427)
ومن أسباب، ودوافع ما يبعثه على الناس غضب يغضبه:
(قال: وجاء حتّى دخل على أُمِّ المؤمنين، فحدَّثها، فقالت: ما تُريد إليه؟ ألم تعلم أنَّه قد قال: (إنَّ أوَّل ما يبعثه على الناس غضب يغضبه).(428)
وحكم من أنكر الدَّجال: الكفر.
مَن أنكر المهدي (عليه السلام) فقد كفر
(... قال: أنبأنا مالك بن أنس قال: أنبأنا محمّد بن المنذر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
مَن أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أُنزل على محمّد، ومَن أنكر نزول عيسى بن مريم (عليه السلام) فقد كفر، ومَن أنكر خروج الدَّجال فقد كفر،...).
إنَّ من لا يدين له يفعل ما يشاء، أنكروا المهدي (عليه السلام)، وينكرون عيسى بن مريم (عليه السلام)، ويفعلون الأفاعيل بحجّة وأُخرى، وعيسى منهم بُرآء، وينكرون الدَّجال، لأنَّهم دجّالة، ولكن لمَن تُنادي، لمَن تُعادي، فالدنيا أضحت قاب قوسين أو أدنى من الخراب والدَّمار، حيث لا عدالة، ولا إنسانية ولا قسط، بل دور وظلم، فما بقت إلاّ رحمة الله تعالى، وعونه ونظره، وإلاّ فالناس وجوههم وجوه الآدميين، وقلوبهم قلوب الشياطين، لا يردعهم رادع، ولا يمنعهم مانع، من ارتكاب الجرائم والمفاسد والمنكران، دينهم دنانيرهم، وقبلتهم نساؤهم، كم من آية من الآيات يرون وهم في طغيانهم يعمهون؟ وكم من حروب وزلازل، وأحداث يعيشون، وكأنَّ الأمر ليس إنذاراً ولا هم يحزنون؟
حتّى إذا جاء أمر الله تعالى تراهم إلى التوبة يسرعون! ولكن: هيهات هيهات، حيث لا تنفع التوبة، ولا إصبع الندامة: (ويَومَ يَعُضُّ الظالِمُ عَلَى يَدَيهِ...).
ويا ليته لم يتمنَّ حيث لا ينفع المنى، فالناس في سكرة النعيم غارقون، وعن ما ينتظرهم غافلون نائمون.
فكم دجّال ودجّال في إمرته والملايين من الرجال والنساء، وأولاد الزنا؟ وكم من دجّال ودجّال يُحيي ويُميت، ويطوف البُلدان بطائرته مع الخدم والحشم؟ والناس في خدمته طمعاً في لقمة العيش؟
لأنَّه عرف كيف يستعبد الناس، وكيف يتحكّم بالاقتصاد والسوق متى يُعطي ومتى يمنع؟ والناس لا حول لهم ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم، إن تكلّموا دُفنوا أحياء، وإن تكلّموا ضُربوا بالأسلحة المحضورة الممنوعة، وإن تكلّموا أُدعوا غياهب السجون، أو هُجِّروا لا بل هاجروا طلباً للأمان تاركين البلاد، ومَن عليها بيد الدّجالة، والفجرة السحرة.(429)
كان الفراغ من هذه المسودة في ليلة الجمعة 22 ذي القعدة سنة 1424 هـ، وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، اللّهم عجّل لوليّك الفرج والعافية والنصر.

الفصل الثامن: قتل النفس الزكية

قال تعالى:
(فناداها مِنْ تَحتِها أنْ لا تَحزَني قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَريّاً).(430)
(ولَقدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعمَ المُجيبون * ونجّيناهُ مِنَ الكَربِ العظيم).(431)
قال الإمام الصادق (عليه السلام):
(وقتل النفس الزكية من المحتوم).(432)
مَن هو ذو النفس الزكية؟
اسمه: محمّد بن الحسن:
(ورد عن الباقر (عليه السلام) بلفضه... والنفس الزكية، هذا الذي لقّبه النّبي (صلى الله عليه وآله) بهذا اللقب - اسمه: محمّد بن الحسن - بحسب بعض الأخبار - وهو قرشي حسيني ليس في ذلك شك).
وسيكون من أهم مصاديق أعلام نبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله)، لأنَّه دلَّ عليه وسمّاه نعته ولقّبه، وذكر ما يدعو إليه وما يصيبه قبل أن يُخلق بخمسين جيلاً من الناس.
متى يُقتل ذو النفس الزكية؟
فإذا كان يوم الخامس والعشرين من ذي الحجّة، يقتل النفس الزكية.
مكان قتله
بين الركن والمقام ظلماً، وفي اليوم العاشر من المحرَّم يخرج الحجّة (عليه السلام).(433)
قال الحجّة (عليه السلام):
(فلابدَّ من قتل غلام من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) بين الركن والمقام).(434)
متى يكون؟
وقتل النفس الزكية يكون قبل توجّه جيش السفياني إلى مكّة المكرّمة، ووقوع الخسف: يقول الإمام الباقر (عليه السلام):
(ليس بين القائم، وقتل النفس الزكية سوى خمس عشرة ليلة، وقتل النفس الزكية من المحتوم).
وبالمناسبة إنَّ قتل النفس الزكية بهذا الشكل الفضيع والشنيع بين الركن والمقام، يُذبح كما يُذبح الكبش، يُفقد القاتل، ومن ورائه كلّ رحمة، ويوجب عليه شدّة غضب السماء والأرض، وإن كان فضائع القوم من يوم البعثة إلى يوم قتل النفس الزكية لا تُعدُّ ولا تُحصى.
والنفس الزكية من وُلد الحسين (عليه السلام).
(هذا والنفس الزكية مميزة عن غيره من سائر القتلى في الأرض منذ خلق الله الناس إلى أن يفنى آخر الناس، لأنَّه يُذبح ذبحاً بأزاء بيت الله جهرة، ولم يُقتل ولا يُقتل في الحرم ذبحاً سواه!
ثمَّ ورد عنه تحديد لموعد قتل النفس الزكية وأخيه أثناء حديث له عن فتك السفياني بأعوان آل محمّد من أهل الكوفة، إذ قال الإمام الباقر (عليه السلام):
وعند ذلك تُقتل النفس الزكية في مكّة، وأخوه في المدينة ضيعة.
والمستنصر (أي النفس الزكية) لأنَّه يبدأ كلمته قبل قتله بالاستنصار لآل محمّد (صلى الله عليه وآله)).(435)
ذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام - لابدَّ من قتل غلام بالمدينة!
فيسئل: هل يقتله جيش السفياني؟ قال: لا ولكن يقتله جيش بني فلان (لعلّه يقصد بني العباس) - يجيء حتّى يدخل المدينة فلا يرى الناس في أيِّ شيء دخل، فيأخذ الغلام فيقتله، فإذا قتله بغياً وعدواناً وظلماً لا يُمهَلون، فعند ذلك توقّع الفرج إن شاء الله.
(وهذا الهاشمي الذي يُقتل في المدينة هو ابن عمّ النفس الزكية، وقد قال الصادق (عليه السلام) عنه مرّة ثانية موضّحاً:
يُقتل المظلوم بيثرب، ويُقتل ابن عمّه في الحرم بمكّة...).
(فهو يُقتل بحسب الخبر السابق على يد أحد العراقيين الذي يلحق به وبابن عمّه، فيقتله، وتُقتل معه أُخت له تُدعى فاطمة ويُصلبان).(436)
سبب قتل النفس الزكية
(وسبب قتله على هذا الشكل - كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) - أنَّه داعية حقٍّ توارى من وجه الظلم، فأمَّ يثرب، ثمَّ هرب منها إلى مكّة ليلُقي أوَّل كلمة صريحة تستصرخ ضمائر المؤمنين، ذلك أنَّ: القائم (عليه السلام) يقول لأصحابه:
يا قوم، إنَّ أهل مكّة لا يريدونني، ولكنني مرسل إليهم، لأحتج إليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتجّ عليهم.
فيدعو رجلاً فيقول له: إمضِ إلى أهل مكّة فقل: يا أهل مكّة، إنّي رسول فلان إليكم، وهو يقول لكم: إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذريّة محمّد (صلى الله عليه وآله) وسُلالة النبيين.
وإنّا قد ظُلمنا واضطُهدنا، وقُهرنا وابتُزَّ حقّنا مُذ قُبض نبيّنا إلى وقتنا هذا... ونحن نستنصركم فانصرونا... فإذا تكلَّم بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام، وهو النفس الزكية).(437)
إنَّ الحق مُرّ، أُناس تُكيّفوا بشكل، لو أنَّ المهدي (عليه السلام) جاء يرون ما يراه غريباً، ولا يقبلونه ما لم يقع السيف فيهم، وإذا وقع السيف فيهم قالوا: والله لو كان هذا ابن فاطمة لما فعل بنا ما فعل!
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(إنَّ المهدي لا يخرج حتّى تُقتل النفس الزكية، فإذا قُتلت النفس الزكية غضب عليهم مَن في السماء ومَن في الأرض، فأتى الناس المهدي فَزفُّوه كما تُزفُّ العروس إلى زوجها ليلة عُرسها)!
والنفس الزكية هو لقب غلام هاشمي من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) تكون له زعامة إلى الحق في قومه.
يأوي إلى المدينة هرباً من طلائع جيش السفياني في العراق - فتطارده الشرذمة الثالنية التي تكون قد وصلت إلى الحجاز لتقضي على دعوة المهدي (عليه السلام)، وتُؤدّب أهل الحجاز بحدِّ السيف، فتقتل أهلها، وتهدم بيوتها، وتهتك حرميها وحرمها.
وإذ يقترب جيش السفياني من المدينة، يهرب النفس الزكية إلى مكّة، ويرفع صوته فيها بالدعوة لآل محمّد (صلى الله عليه وآله).
فيثب عليه مَن يذبحه في الخامس والعشرين من ذي الحجّة الذي يتلوه شهر المحرم الذي يظهر فيه القائم (عليه السلام) يذبحه ظلماً وعدواناً، بلا جُرم، بين الركن والمقام - أي بين ركن الكعبة، ومقام إبراهيم (عليه السلام)، وعلى بُعد أمتار من الكعبة أعزَّها الله.
بعد انتهاء موسم الحج بأيّام معدودة، فلا يُمهل الله الظالمين بعد قتل النفس الحرام، في البيت الحرام، في البلد الحرام، في الشهر الحرام، فيظهر القائم (عليه السلام) بعد هذه الفعلة الشنعاء التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ بيت جعله الله مثابة للناس وأمناً.
ويكون ظهوره بعدها بخمس عشرة ليلة لا تزيد دقيقة بإذن الله.
هكذا وضع الرسول (صلى الله عليه وآله) النقاط على الحروف، وبيّن دقائق الأُمور بالأرقام والأماكن، وهذا دليل على عظمة نبوّته، وحقيقة أمره، وما يوحى إليه.
ما يقوله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):
(من علامته) أنَّه المذبوح بين الركن والمقام(438)،...، وقال (عليه السلام): لا يُطهر الله الأرض من الظالمين حتّى يُسفك الدم الحرام(439)، ثمَّ قال (عليه السلام) ثانية: ألا أُخبركم بآخر مُلك بني فلان؟ (أي بني أُميّة) قيل: بلى، قال: قتل نفس حرام في يوم حرام، في بلد حرام، عن قوم من قريش.
(أي من زعامة ورئاسة الهاشميين)، والذي فلق الحبَّ، وبرأ النسمة، ما لهم من مُلك بعده غير خمس عشرة ليلة.(440)
وقال الإمام الباقر (عليه السلام):
(وقتل غلام من آل محمّد بين الركن والمقام، اسمه محمّد بن الحسن النفس الزكية).(441)
كَم نفس زكية؟
جاء في الأخبار أنَّ هناك، أكثر من نفس زكية تُقتل، لكنَّ الذي يُعول عليه، والمهم منهم هو: ذلك الغلام الذي يُذبح كما يُذبح الكبش بين الركن والمقام، وهو من آل البيت (عليهم السلام)، واسمه محمّد بن الحسن غلام وليس برجل مُدرك طاعن بالسن، وعلامة كونه هو المهم أنَّه لا يمضي على ذبحه أكثر من خمس عشرة ليلة، ويظهر الإمام الهمام، والفرج المؤمّل.
وأمّا الثاني: فهو ابن عمّه أو أخوه في خبر مع أُخت له اسمها فاطمة يُقتلان من غير جُرم ولا ذنب في المدينة ويُصلبان بباب مسجدها.
وجاء في الخبر أنَّ نفساً زكية تُقتل في ظهر الكوفة مع سبعين من أتباعه: من علائم الظهور المقتول بظهر الكوفة:
(المقتول بظهر الكوفة كان المراد قتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين وذلك من علائم الظهور...).(442)
ومن علائم الظهور، قتل سريع وموت ذريع، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين.
(وقتل سريع وموت ذريع، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين والمذبوح بين الركن والمقام...).
والظاهر أنَّ الذي يُقتل عند أحجار الزيت غير الذي يُصلب وأُخته في المدينة، وأنَّ الذي يُدركونه عند أحجار الزيت ليس بذي النفس الزكية، لأنَّ النفس الزكية يُذبح بين الركن والمقام ذبح الكبش فتُهتك به حرمة الشهر الحرام والبيت الحرام، والدَّم الحرام.
وعن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:
(يبلغ أهل المدينة خروج الجيش فيهرب منها مَن كان من أهل محمّد (صلى الله عليه وآله)، إلى مكّة، يحمل الشديد الضعيف، والكبير الصغير، فيدركون نفساً من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، فيذبحونه عند أحجار الزيت).(443)
وعن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال:
(يهرب ناس من المدينة إلى مكّة، حين يبلغهم جيش السفياني، منهم ثلاثة نفر من قريش منظور إليهم، وعن كعب، قال: تُستباح المدينة حينئذ، وتُقتل النفس الزكية)، أخرجهما نعيم بن حمّاد في كتاب (الفتن).
وهذا هو الآخر، ليس بذي النفس الزكية المغصوب، لأنَّه إذا قُتل ذو النفس الزكية لا يبقى للأمر المحتوم والميعاد الذي لا يُخلفه الله تعالى إلاّ خمس عشرة ليلة، ثمَّ إنَّ المقصود يُذبح بين الركن والمقام وهو المهم.
وأمّا الذين قُتلوا في زماننا بظهر الكوفة، فاليوم يُعدون ثلاثة:
الصدران (قدس سره) والحكيم، وليس فيهم رأي سوى هذا الحديث الشريف:
(محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة، والسفياني، والخسف، وقتل النفس الزكية، واليماني، فقلت: جُعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه؟ قال: لا، فلمّا كان من الغد تكون هذه الآية: (إنْ نَشأ نُنزِّل عليهِم مِنَ السماءِ آيَةً فَظلَّتْ أعناقُهُم لَها خاضِعينَ)، فقلت له: أهي الصيحة؟ فقال: أما لو كانت خضعت أعناق أعداء الله عزَّ وجلّ).(444)
وكثير غيرهم خرجوا فلقوا المصير نفسه، أمر الإمام مُطاع، ويجب العمل به، نعم إنَّهم علماء وشيوخ ولكن كما قيل: (لا اجتهاد قبالة النص).
نفوس زكية زُهقت وعُذبت ومنها ما أُحرقت وصُلبت.
والعجيب في الأمر هناك من يعصي الإمام أوّلاً، ثمَّ لا يتهيّأ جيداً، ويرجو النجاح، ثمَّ يفشل، ويؤدي بنفسه في التهلكة، ويتعصب من ليس له علم بالأُمور وعواقبها.
الإمام المعصوم أولى بالاقتداء: (ولَكُم في رَسولِ اللهِ أُسوَة).(445)
(قال: حدَّثنا خالد بن شعيب البلخي، قال: حدَّثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن موسى الجهني، قال: حدَّثني عمرو بن قيس الماصر، قال: حدَّثني مجاهد عن رجل من أصحاب النّبي (صلى الله عليه وآله)، قال:
لا يخرج المهدي حتّى تُقتل النفس الزكية، فإذا قُتلت النفس الزكية غضب عليهم أهل السماء وأهل الأرض، فأتى الناس المهدي وزفّوه إليه كما تُزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وتمطر السماء مطراً، وتخرج الأرض نباتها، وتنعم أُمّتي في ولايته نعمة لم تنعم بمثلها قط).(446)
نعم، يأتي بالإسلام كما أراده الله تعالى، لا كما تلاعبت به الأهواء والآراء جديداً غريباً، يسعد مَن سعد في ولايته، ويشقى من شقي.
غلام من بني هاشم يُقتل بلا جُرم ولا ذنب
(عنه، عن محمّد بن خلف الحدّادي، عن إسماعيل بن أبّان الأزدي، عن سفيان بن إبراهيم الجريري أنَّه سمع أباه يقول:
النفس الزكية غلام من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، اسمه: (محمّد بن الحسن)، يُقتل بلا جُرم ولا ذنب، فإذا قتلوه لم يبقَ في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمّد في عصبة لهم أدقَّ في أعيُن الناس من الكُحل، إذا خرجوا بكى لهم الناس، لا يرون إلى أنَّهم يُختطفون، يفتح الله لهم مشارق الأرض ومغاربها، ألا وهم المؤمنون حقّاً، ألا إنَّ خير الجهاد في آخر الزمان).(447)
نعم، اليوم جهاد النفس خير جهاد، مع زُخرف الدنيا، والمغرور مَن إغترَّ بها، أمّا الجهاد بين يدي صاحب العصر والزمان جهاد السيف والطاعة لله ولرسوله وللإمام منهم فهو خير جهاد، فلا تُحرّك يداً ولا رجلاً حتّى تأتيك علائم الظهور الحتميّة، فأتها ولو حبواً على الثلج.
(ألا أُخبركم بآخر مُلك بني فلان، قلنا: بلى، يا أمير المؤمنين، قال:
قتل نفس حرام، في بلد حرام، عن قوم قريش، والذي فلق الحبّة وبرأ النسمه، ما لهم مُلك بعده غير خمس عشرة ليلة).(448)
إنَّه آخر الظلم والظالمين، وعندها يظهر صاحب الحقّ، ومبدّل الظلم عدلاً، مَن يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئوها ظلماً وجوراً.
وكما أسلفنا أنَّ النفس الزكية يُطلق على أشخاص من الأوَّلين والآخرين:
(... النفس الزكية يُطلق على أشخاص أحدهما غلام من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) اسمه (محمّد بن الحسن) يُقتل بين الركن والمقام بلا جُرم ولا ذنب قبل خروج القائم (عليه السلام) بخمس عشرة ليلة أو مَن يبعثه القائم من المدينة إلى مكّة وقتله من المحتوم).(449)
ولا غريب في هتك حرمة النفس الحرام، ولا البيت الحرام، ولا الدّم الحرام لأنَّ الأوَّلين أحرقوا البيت الحرام، وهدّموه حجراً حجراً، وأمّا قتل النفس الزكية (محمّد بن الحسن) من غير جُرم ولا ذنب، آخر عهدهم بالظلم والجور يظهر بعد ذلك مَن لا تأخذه في الله لومة لائم فينتقم منهم أشدّ الانتقام.
وسبب قتله على هذا الشكل - كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
(إنَّه داعية حق توارى من وجه الظلم، فأمّا يثرب، ثمَّ هرب منها إلى مكّة ليلقي أوَّل كلمة صريحة تستصرخ ضمائر المؤمنين، ذلك أنَّ: القائم (عليه السلام) يقول لأصحابه: يا قومِ، إنَّ أهل مكّة لا يريدونني، ولكنني مرسل إليهم لأحتجَّ عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتجَّ عليهم، فيدعو رجلاً فيقول له: إمضِ إلى أهل مكّة فقل: يا أهل مكّة إنّي رسول فلان إليكم، وهو يقول لكم: إنَّ أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرية محمّد (صلى الله عليه وآله) وسلالة النبيين، وإنّا قد ظُلمنا واضطُهدنا، وقُهرنا، وابتُزَّ حقّنا منذ قُبض نبيّنا إلى وقتنا هذا...، ونحن نستنصركم فانصرونا... فإذا تكلَّم بهذا الكلام أتوا إليه؛ فذبحوه بين الركن والمقام، وهو النفس الزكية).(450)
(هو هكذا; وإن، إنَّ الرجل لَيهجر، وقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) بالسيف، وسُمَّ الأئمة الهداة الميامين، ومنع الحسن بن علي (عليه السلام) من أن يُدفن إلى جوار جدّه (صلى الله عليه وآله)، وضرب نعشه بالسّهام، وقولها: (إنّي لا أرضى أن يُدفن في بيتي مَن لا أحبّه؛ إنَّها لا تُحب أحد سيّدي شباب أهل الجنّة، وقُتل الحسين (عليه السلام) ذبحاً من القفا، وسبى حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومتابعة أهل بيته، ومواليه بالقتل والسجن والتشريد، والتطريد، وذبح النفس الزكية بين الركن والمقام، كما يُذبح الكبش من غير جُرم ولا ذنب و...، إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

(إنَّ المهدي لا يخرج حتّى تُقتل النفس الزكية، فإذا قُتلت النفس الزكية غضب عليهم مَن في السماء ومَن في الأرض، فأتى الناس المهدي فزفّوه كما تُزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها).(451)
مَن يُقتَل مع النفس الزكية؟
يُقتل مع النفس الزكية أخوه بمكّة ضيعة، عندها يُنادي مُناد من السماء إنَّ أميركم فلان.
وعن عمّار بن ياسر، قال: إذا قُتل النفس الزكية وأخوه يُقتل بمكّة ضيعة نادى مناد من السماء: إنَّ أميركم فلان، وذلك المهدي الذي يملأ الأرض حقّاً وعدلاً).(452)
ولأهمية هذا الحدث الجلل، حيث هُتكت حرمة البيت الحرام والشهر الحرام والدم الحرام لا يُمهلون أكثر من خمس عشر ليلة.
(وروى علي بن مهزيار، عن عبد الله بن محمّد بن الحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن شُعيب الحذّاء، عن أبي صالح مولى بني العذراء قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
ليس بين قائم آل محمّد وبين قتل النفس الزكية إلاّ خمس عشر ليلة).(453)
هكذا فليتعظ المرتاب في الأمر، إنَّها دروس وعبر، ونصائح، وإرشادات لمَن كان له قلب وخشي الرحمن.
(ليس بين قيام القائم، وقتل النفس الزكية أكثر من خمس عشرة ليلة).(454)
(فعندها يظهر ابن النّبي المهدي (عجّل الله فرجه) وذلك إذا قُتل المظلوم بيثرب وابن عمّه في الحرم).(455)
(... ألا أُخبركم بآخر مُلك بني فلان؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: قتل النفس الحرام في اليوم الحرام في البلد الحرام من قوم قريش، والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ما لهم مُلك بعده غير خمس عشرة ليلة، قلنا: هل قبل هذا من شيء أو من بعده من شيء؟ قال: صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان وتُوقظ النائم وتخرج الفتاة من خدرها).(456)
بيان
المراد من النفس الحرام (محمّد بن الحسن) ذو النفس الزكية كما صرّح به غير واحد من نقلة الأخبار.
آخر المطاف إليك هذين الحديثين
(فالسفياني يقتل كل مَن تسمى بمحمّد أو علي أو حسن أو حسين... فيسير إلى المدينة فيضع السيف في قريش، فيقتل منهم ومن الأنصار أربعمائة رجل، ويبقر البطون، ويذبح الولدان، ويقتل أخوين من قريش: رجلاً وأُخته يقال لهما: محمّد وفاطمة، ويصلبهما على باب المسجد بالمدينة).(457)
(... والنفس الزكية من ولد الحسين (عليه السلام)، فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره...).(458)
النفس الزكية (محمّد بن الحسن) وأغلب الأحاديث جاءت على أنَّه من ولد الحسين (عليه السلام) هاشمي يُقتل بين الركن والمقام ويُذبح كما يُذبح الكبش.
وأمّا النفوس التي تُقتل قبله، فهم نفوس زكية، ولكن ليس بالدرجة التي عليها (محمّد بن الحسن)، ولا دليل لنا أنَّ الذين يظهرون في الساحة ويقتلون ظلماً وعدواناً هم كذلك، ولا دليل يمنع من ذلك إلاّ أنَّ الغلام الهاشمي (محمّد بن الحسن) هو ذو النفس الزكية.
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، اللّهم فبحقِّ محمّد وآل محمّد صلِّ على محمّد وآل محمّد وعجّل لوليّك الفرج والعافية والنصر، وخُذ بثارنا ممّن ظلمنا.

الفصل التاسع: الخراساني والرايات السُّود

(الشيخ الطوسي في غيبته، عن يوسف بن عميرة، عن بكر بن محمّد الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
خروج الثلاثة: الخراساني والسفياني واليماني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، وليس فيها راية بأهدى من راية اليماني يهدي إلى الحق، وعن بشارة المصطفى عن ميرة مثله).(459)
بيان
قوله: (يدعو إلى الحق: أي إلى المهدي (عليه السلام) لأنَّه هو الحق).(460)
سبق لنا وأن بيّنا أنَّ السفياني من المحتوم، وأنَّ لا مهدي بلا سفياني، وأنَّ اليماني راية هدى، وأنَّه يدعو للحق، فالخراساني هو الآخر من المحتوم، ويدعو إلى المهدي، ويُسلِّم الراية في ظهر الكوفة بيد المهدي (عليه السلام) والخراساني هو الذي يُمهد إلى دولة المهدي الكبرى.
والمحتوم كما أسلفنا: هو الذي لا يلحقه البداء.
(الخراساني الذي هو هاشمي أيضاً ولكنه حسيني، الذي يبايع المهدي بعد ذلك...).
وللسائل الحق في السؤال: أنّى له أن يكون خراسانياً وهاشمياً حسينياً، نقول: إنَّ المسلمين الأوائل كثيراً ما استقروا في بلدان نائية بعيداً عن جزيرة العرب، وهذا من أولئك، سكن آباؤه خراسان، ويومها خراسان كانت مقاطعة كبيرة وذات شأن تمتد كثيراً شرقاً وغرباً، ولا ننسى أنَّها كانت يوماً ما دار الحكم العباسي.
وأُنظر في هوية الخراساني:
(... وخروج رجل من وُلد الحسين بن علي...، وورد بلفظ: يخرج رجل من وُلد الحسين من المشرق، لو استقبلته الجبال لهدمها، واتّخذ فيها طريقاً).(461)
فالخراساني رجل من وُلد الحسين بن علي (عليه السلام) فهو حسيني، وخراسان من المشرق، من إيران الإسلامية اليوم، التي أعلنت النظام الإسلامي ولها ربع قرن تُصارع القوى الشيطانية بالإيمان، ومبادئ الإسلام، وقد أيّدها الله تعالى، ودفع عنها شرور الأعداء من العرب والعجم، وقد حاولوا الكثير إلاّ أنَّهم باءوا بالفشل، لأنَّ ما أُقيم بالحق أحق بالبقاء.
نقول حرب الثمان سنين، والمؤامرات الداخلية والخارجية، وتوحد العرب للنيل منها فضلاً عن دول الكفر العالَم، ولكنَّ الله شاء لنا البقاء والثبات، ولأعدائها الخيبة والفشل.
نعم، الخراساني ومَن تبعه أقوياء بقوة الإيمان، إنَّها دولة إسلامية في أهدافها وفلسفة سياستها، لها دستور قائم على المبادي الإسلامية الحقة ولها ورد في الحديث: (لو استقبلته الجبال لهدمها، واتّخذ فيها طريقاً).
الخراساني يعتمد في سياسته على الله ومبادئ الإسلام الحقة، وقوّة الشعب المؤمن الموالي لأهل بيت العصمة، وهو الذي يُمهّد لقيام دولة المهدي الكبرى، ويُسلِّم الراية بيده الشريفة في ظهر الكوفة فمن انضوى تحت لوائه نجى، ومَن خالفه هلك، وخاب في الدنيا والآخرة.
(إذا وقعت الملاحم، بعث الله رجلاً من الموالي، أكرم العرب فُرساناً، وأجودهم سلاحاً، يؤيّد الله بهم الدّين).(462)
(والتنويه بأنَّه من الموالي - المسلمين من غير العرب - أوضحته عبارة: أكرم العرب فُرساناً، فهو عربي الأصل، هاشمي، أقام أجداده في إيران منذ أيّام الفتوحات الإسلامية، فتحدَّر منهم... وقد روي هذا الحديث بلفظه عن النّبي (صلى الله عليه وآله): إنَّ أجود السلاح الإيمان).
وإنَّ السلاح اليوم السلاح التقليدي، من طائرة ومدفع، ودبابة وصاروخ، وجيش مُدرَّب، يحمل الإيمان.
أمّا الأعداء الذين يمتلكون الرؤوس النووية التي سيجعل الله تعالى بأسهم بينهم، بسبب الأطماع وحُب السيطرة وخُلو الإيمان والإنسانية، وأنَّ السلاح الفتاك هو كلّ شيء وبه يمكن الحصول على كلِّ شيء، سيكون سبباً في دمارهم وفنائهم وتشتت جمعهم.
فالخراساني، ومَن تبعه، اليوم هم مشاعل نور في درب الإنسانية بما فيه الخير والسلام والأمان، ينشرون مبادي أهل البيت (عليهم السلام)، ويدعون الناس إلى اليقضة من هذا السُبات العميق الذي طال القرون، وهم الدُعاة الحق إلى دين الله الحق، يقومون مقام الحجّة في التبليغ والتوجيه، والخراساني وإن لم يشخص يقيناً إلاّ أنَّ هناك علامات تدلّ عليه، ولو لم يبقَ إلاّ هذه الدولة، وهذا النظام لكفى قياساً إلى دول عميلة وقعت في أحضان العلمانية والكفر العالَمي، وتركت الأُمّة الإسلامية تُعاني من ويلات الجوع والفقر والجهل، وسيطرة العدو الكافر.
راية الخراساني
ظهر الخراساني على المسرح، قبل هذا، وهو (أبو مسلم الخراساني) وكان سبباً في زوال مُلك بني أُميّة، ولمّا استفحل أمره، وزادت أطماعه قُتل، وهذا مُنذ أوَّل الحكم العباسي، أمّا الخراساني الذي نحن بصدد بيان أمره وبعد هذه القرون الطويلة من الزمن ظهر ويُمهّد لدولة المهدي (عليه السلام) الكبرى، وهو هاشمي حسيني ذو جاه ومقام، يُسلِّم الراية إلى صاحبها في ظهر الكوفة ويبايع هو ومَن معه من الجُند.
(يلقى أهل بيتي بلاءً حتّى يبعث الله راية من المشرق سوداء، مَن نصرها نصره الله، ومَن خذلها خذله الله، حتّى يأتوا رجلاً اسمه كإسمي فيولونه أمرهم فيؤيّده الله بنصره).
(إنَّها راية الخراساني التي يتقدَّمها شُعيب بن صالح زاحفاً من إيران على محور: العراق، سوريا، فلسطين، وقد بيّن لنا هذا الخبر اسمه ودلَّ أنَّه يُدعى محمّداً... ثمَّ).
إذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي، فإنَّه يقبل من جهة المشرق، وهو صاحب راية المهدي (عليه السلام) (والتميمي هو شُعيب المذكور) كما ظهرت هويته في أحاديث أُخرى، وبيّنت أنَّ صرخته الأُولى تُدوي من جبال الطالقان بجوار قزوين).(463)
قيل: إنَّ شُعيب بن صالح التميمي، حاضر الساعة، ولكنّه باسم آخر، ويمتاز عن غيره بالفطنة والعقل العسكري الراجح.
إذن: راية الخراساني سوداء، يتقدّم بها شُعيب بن صالح التميمي، وهو صاحب راية المهدي (عليه السلام).
وراية الخراساني مبدأها إيران، ومستقرّها القدس (إلياء).
(تخرج رايات من خراسان سود، فلا يردّها حتّى تُنصب في إلياء! (أي أنَّها تنتصر على مَن يعترضها حتّى تُرفرف على ربوع القدس التي تُسمّى إيلياء، وإيل معناها: الله، فهي: حرم الله تعالى)، ثمَّ قال (صلى الله عليه وآله) بلفظ آخر: الرايات السود التي خرجت قبلاً بقيادة .بي مسلم الخراساني، ما وصلت القدس، ولا كان لها دور في ذلك وإنَّما كان دورها في إسقاط الدولة الأُموية.
أمّا الرايات السود في آخر الزمان، فمسيرها: إيران، العراق، سوريا، فلسطين، القدس.
وهي راية إسلامية مؤيّدة تحت قيادة المهدي صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)، منصور من نصرها، مخذول من خذلها، فلا عُنصرية، ولا طائفية، وإنَّما إسلامية مهدوية.
وهنا أمر، وواجب شرعي في نصرة هذه الراية، والانضواء تحت ظلها.
(إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان، فأتوها، ولو حبواً على الثلج، فإنَّ فيها الخليفة المهدي (يعني أنَّ فيها دعوة الخليفة المهدي)، وقد حُذف المضاف هنا وأقيم المضاف إليه مكانه لأنَّ المهدي (عليه السلام) يكون حينئذ في المدينة المنوّرة، والرايات السود مهدوية الهوى، وسينضوي أتباعها تحت راية المهدي بُعيد خروجهم بأشهر).
تجيء الرايات السود من قبل المشرق، كأنَّ قلوبهم زُبر الحديد، فمَن سمع بهم فليأتِهم فليبايعهم).(464)
الرايات السود، هي راية الخراساني، وبالتالي راية المهدي (عليه السلام)، فمَن سمع بها، فلا يخذلها، وليسرع إليها.
والرايات هذه سود صغار قد تُرفع على السيارات، والمدرعات والآليّات الثقيلة تُقاتل هذه الرايات السفياني، وتؤدّي الطاعة للمهدي (عليه السلام)، ويكون قائدهم شُعيب بن صالح التميمي، وبالتالي أحد قوّاد المهدي (عليه السلام).
(تخرج رايات سود صغار، تُقاتل رجلاً من آل أبي سفيان، يؤّدون الطاعة للمهدي (عليه السلام)، على مقدّمتهم رجل من بني تميم، يقتتل مع جيش السفياني، ثمَّ يهرب إلى بيت المقدس، ثمَّ يبايع المهدي ويكون من قوّاده).(465)
والرايات تارة تنزل ساحة دجلة من جهة القرنة حيث التقاء دجلة بالفرات ثمَّ التوجّه إلى الكوفة فالنجف الأشرف، وإذا ظهر المهدي (عليه السلام)، بُعثت إليه بالبيعة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(تخرج من المشرق رايات سود، تُقاتل رجلاً من وُلد أبي سفيان، ويؤدّون الطاعة للمهدي (عليه السلام).
ورود الرايات السود من خراسان، حتّى تنزل ساحل دجلة.
تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة، فإذا ظهر المهدي (عليه السلام) بُعثت إليه بالبيعة).(466)
مدّة بقاء الخراساني في العراق
تبقى الرايات السود اثنين وسبعين شهراً في العراق:
(ويروى عن محمّد بن الحنفية أبي القاسم (رضي الله عنه) أنَّه قال: بين خروج السواد من خراسان، وشُعيب بن صالح، وخروج المهدي، وبين أن يُسلِّم الأمر للمهدي إثنان وسبعون شهراً).(467)
فالفترة ليست طويلة وهي في عمر الزمن وقصيرة جدّاً.
(قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا الوليد عن أبي عبد الله عن عبد الكريم، عن ابن الحنفية، قال: بين خروج الراية السوداء من خراسان، وشُعيب بن صالح، وخروج المهدي وبين أن يُسلِّم الأمر للمهدي اثنان وسبعون شهراً).(468)
(قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا سعيد أبو عثمان عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
(يخرج شاب من بني هاشم بكفه اليُمنى خال، من خراسان برايات سود بين يديه شُعيب بن صالح يُقاتل أصحاب السفياني فيهزمهم).(469)
هذا الحديث فيه أكثر من تساؤل:
(شاب من بني هاشم بكفه اليمنى خال)، نعم شاب في أوَّل عمره، وشاب على التقوى والورع.
والخال لغةً: العلامة، وقد جاء في لسان العرب أنَّه (لِواء الجيش).
يعني أنَّ هذا الهاشمي في يده اليمنى علامة:
(تخرج رايات سود يُقاتل السفياني فيهم شاب من بني هاشم في كفه الُسرى خال على مقدمته شُعيب بن صالح التميمي).(470)
في الحديث السابق، في كفه اليمنى خال، وفي هذا الحديث في كفه اليُسرى خال، فأمّا أن تكون اليمنى هي الصحيح، واليُسرى جاءت خطأ، وإمّا العكس، أو أنَّها للتقية، أو خطأ النُّساخ، والمحتمل الأقوى أنَّ في كفه اليمنى خال، وهي العلامة أو الخلل والعطل، لأمر من الأُمور والله أعلم.
وإذا جاز لنا القول: إنَّ الساحة الآن فيها مثل هذا الحسيني الهاشمي الذي في يده اليمنى خال، أو خلل، أو عطل، أو علامة، يُستدل بها كما يُستدل (باللّواء في الجيش)، والسيِّد هذا ذو جاه ومقام ومنصب فقيه وعالم ومتصدي للتمهيد لدولة المهدي المنتظر (عليه السلام) ومن الموالين المخلصين، وتحت إمرته ورايته عُشّاق الشهادة، الذين هم كزُبر الحديد، والذين يقعون على الموت ولا يجنبون، ومن الذين إذا شاءوا لأزالوا الجبال عن أماكنها، متسلحون بسلاح الإيمان والعقيدة المهدوية الحقة، لا تهزهم الهزاهز، ولا تُثنيهم الأهواء، وقد أثبتت الأيّام الماضية والسنون الخالية أنَّهم كذلك.
وللأسف الشديد أنَّ العدو، استطاع أن يزرع بذور الشقاق والتفرقة بين الشعبين العراقي والإيراني، حين أوعز إلى عميله صدام التكريتي بالهجوم على الأراضي الإيرانية واحتلال مساحات كبيرة وقتل مئآت الأُلوف من العراقيين والإيرانيين الآمنين، وتخريب دورهم على رؤوسهم، ما تمخضنته الحرب هذه من دمار وخراب يئن من وطأتها:
الشعبان العراقي والإيراني، وقد خلفت المعلولين والمعوقين وضحايا السلاح الكيماوي وكَم ترمّلت النساء؟ وكَم تيتمت الأطفال؟ وكَم تهدّمت دور وقُصور؟ واندحر الظلم، وخابت آمال العدو الغاشم، وترك الذل والعار يلحقه، من ضربات قاصمة، من رجال صيد أشاوس، وهؤلاء هم أهل الرايات السود.
(أمّا الرايات السود التي تأتي من خراسان، فهي التي تجيء للدفاع عن أهل العراق، وتخرج ثائرة للحق الضائع في خضم تلك الفتن ثمَّ تنتهي إلى مبايعة القائم (عليه السلام) بالتأكيد).(471)
(إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج الرسول (صلى الله عليه وآله) وتداويتم من العمى، وكفيتم مؤنة الطلب (أي اتبعتم الفئة الموصولة للإمام المنتظر (عليه السلام) الذي تطلبونه)، ونبذتم الثقل الفادح من الأعناق).(472)
إذن: طالع المشرق يسلك بنا منهاج الرسول (صلى الله عليه وآله).
وعلى ضوء هذه الأحداث، وتمزق الشعب العراقي، إلى أحزاب ومنظمات متناحرة يتربص بعضها البعض الدوائر، للنيل، والتربع على كراسي الحكم والمناصب، وما يُعانيه الشعب من جوع وأمراض وغسل للأدمغة وأفكار متضاربة تضر ولا تنفع، والأحسن والأحكم هو التأييد، لجيش مدرَّب عقائدي قوي مسلم موالي، وبالنتيجة يكون تحت إمرة المهدي (عليه السلام).
(إذا رأيتم الرايات السود فالزموا الأرض ولا تحركوا أيديكم ولا أرجلكم).
الرايات السُّود
1 - راية خرجت، فأطاحت بالنظام الأُموي البغيض، كانت تمتاز بالسواد والجُند كانوا يرتدون السواد أيضاً، وعلى مقدّمتهم أبو مسلم الخراساني، قبل أكثر من ألف سنة.
2 - راية تخرج لمحاربة السفياني (عثمان بن عنبسة) ورايات سود صغار والجُند هنا يرتدون الملابس البيض، وعلى مقدّمتهم رجل من بني تميم يُعرف بـ (شُعيب بن صالح التميمي)، وبعد أكثر من ألف سنة، من خروج الرايات الأُولى، وهي توطئ للمهدي سلطانه، وبين خروجها وبين أن يُسلِّم الناس للمهدي سلطانه اثنان وسبعون شهراً.
(وعن محمّد بن الحنفية قال: تخرج راية من خراسان، ثمَّ تخرج أُخرى ثيابهم بيض، على مقدّمتهم رجل من بني تميم، يُوطِّي للمهدي سلطانه، بين خروجه وبين أن يُسلِّم الناس للمهدي سلطانه اثنان وسبعون شهراً)، أخرجه الإمام أبو عمرو الدّاني، في سننه.(473)
نعم هذا الفرق بين الرايات الأُولى وبين الآخرة.
(وعن سعيد بن المسيّب (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
تخرج من المشرق رايات سود لبني العباس، ثمَّ يكون ما شاء الله، ثمَّ تخرج رايات سود صغار تُقاتل رجلاً من آل أبي سفيان، وأصحابه من المشرق يؤدون الطاعة للمهدي (عليه السلام))، أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمّاد.(474)
وقبل خروج الرايات السود، هناك أُناس، يوطئون للمهدي (عليه السلام)، أولئك هم الذين يُديرون دفة الحكم في إيران: علماء وأساتذة وساسة وكُتّاب وعمّال وكسبة وطلاب ممن يتعشقون المهدي (عليه السلام)، وقد قدّموا القرابين والشهداء، والدماء، في سبب بقاء هذه الدولة الإسلامية، وهذا النظام الإسلامي، الذي لا مثيل له في العالَمين الإسلامي والعربي في زماننا.
إن قُدِّر للمهدي (عليه السلام) الظهور، يجد له قاعدة عريضة من الشباب المؤمن المثقف، وجيشاً قوي للإيمان، سلاحه العشق المهدوي.
والحكومة اليوم تقوم مقام الحجّة في التوجيه، والتثقيف، والعلماء الأحرار والكُتّاب والفضلاء، كل أولئك، سخّروا أنفسهم لنشر مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) والرد على الأعداء، بالحكمة والموعظة الحسنة.
(وعن عبد الله بن الحارث بن جزء الزُبيدي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
يخرج أُناس من المشرق، فيوطئون للمهدي)، يعني سلطانه، أخرجه الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني في (سننه)، والحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله تعالى.(475)
نعم، دولة قويّة، بدستورها، ومجالسها، وجيشها، والعقول المفكرة فيها.
(يظهر من الأخبار والروايات أنَّ أصحاب الرايات السود ومن مهّد الطريق لهم كان قلوبهم زُبر الحديد،يُعيد الله بهم من الإسلام كل خلق جديد.(476)
الخلق: الرّث، القديم الممزق، والمتتبع لمعارض الكتاب في إيران الإسلامية، يجد أنَّ آلاف العناوين، في مختلف الأبواب تصدُر؛ كتاب، ومجلة، وعشرات الصحف المشهورة والنشرات، للداخل والخارج، والشارع كل يوم تجده يحفل بالجديد، والإقبال على الإسلام، والحركة الصناعية، والإبتكارية في تقدم وازدهار، والاكتفاء الذاتي يكاد يكون كاف، من أصغر حاجة إلى أكبرها بينما كانت سابقاً تستورد وبالعُملة الصعبة، أغلب الحاجات، إذن: مقومات الدولة، مُهيأة، بجميع متطلباتها.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): انظروا الفرج في ثلاث.
(وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:
أُنظروا الفرج في ثلاث، قلنا: يا أمير المؤمنين وما هي؟ قال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان).(477)
اختلاف أهل الشام، اختلاف أهل الشام على أشده، ففي لبنان: الإسلام والمارونية المسيحية، والشيعة والسُّنة، المعارضة، الفلسطينيون واليهود، واليهود والعرب في سوريا والأردن ولبنان، وكل أولئك في اختلاف الأحزاب والمنظمات، فالاختلاف في الشام على قدم وساق.
أمّا الرايات السود، الآن موجودة والحمد لله، وكل يوم يمضي هم من حسن إلى أحسن تدريباً وسلاحاً وقوّة، ورباطة جأش، ولم يبقَ إلاّ: الفزعة في شهر رمضان وهو النداء أو الصيحة.
إذا تحرّكت الرايات السود من خراسان، نزلت الكوفة، فتبعث بالبيعة إلى المهدي (عليه السلام).
ولها مواقع مع السفياني، والأمر يوجب الطاعة والانضواء تحت اللّواء:
(وتنزل الرايات السود الكوفة، فتبعث بالبيعة إلى المهدي).(478)
(وعن ثوبان (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحد منهم، ثمَّ تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقاتلونهم قتالاً لم يقاتله قوم، ثمَّ ذكر شيئاً فقال: إذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبواً على الثلج، فإنَّه خليفة الله المهدي)، أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله الحاكم في (مستدركه) وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم، ولم يُخرجاه، وأخرجه الحافظ أبو نعيم بمعناه وقال: موضع قوله (ثمَّ ذكر شيئاً): (ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي).(479)
تأكيد الإمام (عليه السلام):
(ابن عقده علي بن الحسن، عن يعقوب بن زياد العبدي، عن ابن أُذينة، عن معروف بن خربوذ قال: ما دخلنا على أبي جعفر (عليه السلام) قط إلاّ قال:
(خراسان خراسان، سجستان سجستان، كأنَّه يشير بذلك).
بيان
قوله (عليه السلام) خراسان خراسان إشارة إلى أنَّ خروج الرايات من خراسان، وسجستان سجستان فيها فرج آل محمّد (صلى الله عليه وآله).(480)
وسجستان اليوم هي سستان وما جاورها، وهم يُضرب بهم المثل في الإيمان والولاء لأهل البيت (عليهم السلام).
كناية
(في مجيئه وراياته، وبإسناده عن ثوبان أنَّه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فأتوها ولو حَبواً على الثلج، فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).(481)
هنا المراد به الخراساني، لأنَّه أمير الرايات السود، وهو يبعث بالبيعة في ظهر الكوفة للمهدي (عليه السلام)، والخراساني سيّد هاشمي حسيني في كفه اليمنى خال؛ أي علامة، ولما كان الخراساني يُحارب السفياني، ويبعث بالبيعة إلى المهدي (عليه السلام)وجب نصرته وتأييده. (في قوله (عليه السلام): فأتوه فبايعوه، وبإسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
تجيء الرايات السود من قبل المشرق، فمَن سمع بهم فليأتِهم فيبايعهم ولو حَبواً على الثلج).
بمعنى مهما كلّف الأمر ولو حَبواً على الثلج لصعوبة ذلك، والواجب يقتضي، لأنَّها تدعو للمهدي (عليه السلام)، بعيداً عن العنصرية والتعصب، وهي فرصة لتوحيد القُوى الشيعية وخوض معركة المصير ضد السفياني الحاقد، والدَّجال اليائس، وتطبيق العدل الإلهي بعد أن عمَّ الدنيا الظلم والجور، وإنَّ أهل بيت النبوّة لاقوا صنوف العذاب والتشريد والتطريد والقتل والتنكيل والذين يوالونهم:
(في مجيئه من قبل المشرق، وبإسناده عن عبد الله بن عمر (رضي الله عنه) قال: بينا نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إذ أقبلت فتية من بني هاشم فلمّا رآهم النَّبي (صلى الله عليه وآله) إغرورقت عيناه وتغيّر لونه، فقالوا: يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال: إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءاً وتشريداً وتطريداً.
حتّى يأتي قوم من قبل المشرق ومعهم رايات سود، فيسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون وينصرون فيعطون ما سألوا، فلا يقبلون حتّى يدفعوه إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمَن أدرك ذلك منكم فليأتِهم ولو حَبواً على الثلج).(482)
وكفاهم فخراً أنَّهم يعطونها إلى مَن يملأها عدلاً كما مُلئت جوراً، ونحن جميعاً يجب أن نرى الأُمور بمنظار الإسلام ليس إلاّ، وما أصابنا من المآسي والآلام إلاّ بسبب بُعدنا عن الإسلام، لا بل لمحاربة الإسلام، والإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، اللَّهم فعجِّل لوليّك الفرج والعافية والنصر.
أصحاب الرايات السُّود وفلسطين
إنَّ أصحاب الرايات السود الذين هم كزُبر الحديد، يقعون على الموت ولا يجنبون، ينزلون فلسطين، وهم في خدمة المهدي (عليه السلام):
(قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا الوليد، عن روح ابن أبي العيزار، قال: حدَّثني عبد الرحمن بن آدم الأزدي قال: سمعت عبد الرحمن بن العازر بن ربيعة الجرشي، يقول: سمعت عمرو بن مُرّة الجُهني صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
لتخرجن من خراسان راية سوداء حتّى تربط خيولها بهذا الزيتون الذي بين (بيت إلهيا) و(خرستا) قلنا: ما نرى بين هاتين زيتونة؟ قال: سيصير بينهما زيتون حتّى ينزلهما أهل تلك الراية فتربط خيولها بها).(483)
(قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الله بن مروان بن العلاء بن عتبة، عن الحسن أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ذكر بلاء يلقاه أهل بيته حتّى يبعث الله راية من المشرق سوداء، مَن نصرها نصره الله، ومَن خذلها خذله الله، حتّى يأتوا رجلاً اسمه كاسمي فيولّوه أمرهم، فيؤيّده الله وينصره).(484)
تأمّل جيّداً ما لهذه الراية من شأن ومقام، بحيث إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
(مَن نصر هذه الراية، نصره الله، ومَن خذل هذه الراية، خذله الله).
أخي القاري العزيز:
بكلِّ ما أُتيت من حول وقوّة من الله فانصر هذه الراية حتّى ينصرك الله وإيّاك وأن تخذلها لأنَّ الله يخذلك.
(قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا محمّد بن عبد الله أبو عبد الله التاهرني، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن مسلم بن يسار، عن سعيد بن المُسيِّب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(تخرج من المشرق رايات سود لبني العباس، ثمَّ يمكثون ما شاء الله، ثمَّ تخرج رايات سود صغار تُقاتل رجلاً من وُلد أبي سفيان وأصحابه من قبل المشرق ويؤدّون الطاعة للمهدي).(485)
نعم، خرجت من خراسان رايات سود لبني العباس، كان هذا قبل قرون عبّر عنها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (ثمَّ يمكثون ما شاء الله).
ثمَّ تخرج رايات سود تُقاتل رجلاً من وُلد أبي سفيان (عثمان بن عنبسة من أولاد عُتبة بن أبي سفيان يُعرف بالسفياني) ويؤدّون الطاعة للمهدي (عليه السلام)، واليوم نحن بانتظار خروجها لأنَّها موجودة، وعلى أتمِّ الاستعداد، في دولة الإسلام في إيران، اللَّهم فعجّل لوليّك الفرج والعافية والنصر.
(ابن عُقدة، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن أحمد بن عمر، عن الحسين بن موسى، عن معمر بن يحيى بن سام، عن أبي خالد الكابُلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنَّه قال:
كأنّي بقوم قد خرجوا بالمشرق، يطلبون الحق فلا يُعطونه ثمَّ يطلبونه فلا يُعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوا، فلا يقلبونه حتّى يقوموا، ولا يدفعونه إلاّ إلى صاحبكم، قتلاهم شهداء، أمّا أنّي لو أدركت ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر).(486)
القوم الذين خرجوا بالمشرق هم؛ السيّد الخميني (قدس سره) وجماعته الذين استشهدوا، وقليل ما هم الذين بقوا، خرجوا بالمشرق (خرجوا في إيران) فلم يُوفقوا، وأبعد السيّد رحمه الله إلى تركيا، ثمَّ أُتيحت له الفرصة الثانية، فانتفض كالأسد الهصور، ولم يوفق، فنُفي إلى العراق ومكث أكثر من أربعة عشر عاماً، وانتفض فلم يوفق، فنُفي إلى باريس، ومنها انتفض فأقَضَّ عرش الطاغوت (الجهجاه) وأسس دولة الإسلام في إيران، (ولا يدفعونها إلاّ إلى صاحبكم).
بمعنى أنَّ هذه الجمهورية مسددة ومؤيّدة، ومهما جرت من محاولات، فلا يسلمون الراية إلى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)، وأنَّ الذي يُقتل منهم شهيد اللَّهم عجِّل لوليّك الفرج والعافية والنصر.
صاحب الرايات وقدرته
يظهر أنَّ صاحب الرايات، قوي في نظرته، قوي في فكره قوي في أتباعه؛ عدّة وعدداً، بحيث يصل الكوفة، وهناك قُوى كثيرة، وينتصر عليها، لا بل ويهزمها، ثمَّ يواصل طريقه إلى الأردن، ثمَّ سوريا، ثمَّ القدس الشريف:
(وفيها: عن ثوبان رفعه: يُقتل عند كنزكم ثلاثة كلّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى أحد، ثمَّ تجي الرايات السود فيقتلونهم قتلاً لم يقتله قوم مثله ثمَّ يجي خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه فإنَّه خليفة الله المهدي، ومنها: عن ثوبان رفعه: تجي الرايات السود من قبل المشرق كأنَّ قلوبهم من حديد، فمَن سمع بهم فاليأتِهم ولو حَبواً على الثلج).(487)
إذن: جيش الخراساني لهم قلوب كأنَّها من حديد، وفي مُواجهاتهم ينتصرون، والأمر يأتي بأن يُنصروا ولا يُخذلوا، ومهما كان الأمر، فخراسان التي فيها الخراساني القائد العام للرايات السود، وسجستان هي من ضمن خراسان، ولكن فيها رجال كزُبر الحديد، ينصر الله بهم الإسلام، على عدوهم السفياني، والدَّجال اليهودي، مع القوّة في العدة والعدد والسفياني يذبحه رجل منهم اسمه (صباح).
بيان
قوله (عليه السلام) خراسان خراسان إشارة إلى أنَّ خروج الرايات من خراسان، وسجستان فيها فرج آل محمّد (صلى الله عليه وآله).
وممّا يدل على قوّته: أنَّه لو استقبلته الجبال هدمها، واتّخذ فيها طُرقاً:
(وعن عبد الله بن عمرو، قال: يخرج رجل من وُلد الحسين (عليه السلام)، من قبل المشرق، ولو استقبلته الجبال هدمها، واتّخذ فيها طُرقاً، أخرجه الحافظ أبو القاسم الطبراني في (معجمه) والحافظ أبو نعيم الأصفهاني، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمّاد في كتاب الفتن وعن أبي جعفر محمّد بن علي (عليه السلام) قال:
يخرج شاب من بني هاشم، بكفه اليمنى خال، من خراسان برايات سود، بين يديه شُعيب بن صالح، يُقاتل أصحاب السفياني فيهزمهم)، أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمّاد.(488)
إنَّه شاب في إيمانه، شاب في قوّته، شاب في أتباعه، والخال الذي بكفه يعني العلامة، من عطل أو خلل، ينزل الكوفة، وإذا ظهر المهدي (عليه السلام)، بعث صاحب الرايات السود بالبيعة إلى المهدي (عليه السلام).
فهنيئاً لمَن يدركه، وهنيئاً لمَن يستظل بظل رايته، لأنَّه سيكون من جُند المهدي (عجّل الله فرجه)، هو وصاحب رايته التميمي.
صفة شُعيب بن صالح التميمي
(وعن الحسن قال: يخرج بالرَّي رجل ربعة، أشمُّ، موالي لبني تميم، كوسج، يُقال له: (شُعيب بن صالح) في أربعة آلاف، ثيابهم بيض، وراياتهم سود، يكون على مقدّمة المهدي، لا يلقاه أحد إلاّ فلَّه)، أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمّاد في كتاب (الفتن).(489)
فهو لا بالطويل الفارع، ولا بالقصير اللاّصق، خفيف اللّحية، له شُعيرات على العارضين، ثياب أصحابه بيض وراياتهم سود، هو من القوّة بمكان أنَّه لا يلقاه أحد إلاّ فلَّه، وإذا نزل الكوفة بالرايات السود بعث بالبيعة إلى المهدي (عليه السلام) وأغلب الظن أنَّ شُعيب بن صالح، موجود، وله منصب، وتنطبق عليه هذه الأوصاف الجسمية والنسبية، واسمه هو نفس ما جاء في الحديث، والله أعلم.
رايات غير مُعلَّمة
(... وتقبل رايات من شرقي الأرض غير مُعلَّمة، ليست بقُطن ولا كتان، ولا حرير، مختوم في رأس القنا بخاتم السيّد الأكبر يسوقها رجل من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) تظهر بالمشرق وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأزفر يسير الرُعب أمامها بشهر).(490)
(شرقي الأرض) يُراد بها إيران الإسلام، ليس فيها علامة خاصة وقد تكون: علامات مثلاً: يا مهدي، يا حسين، يا أبا الفضل، يا زهراء، يا علي،...
وقد تكون مرسومة على دروع الدبابات والسيارات المصفحة، (ليست بقطن ولا كتان ولا حرير)، يا مهدي أدركني، يا بقيّة الله، قد ظهر الحق وزهق الباطل.
(رجل من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)) الخراساني، رجل هاشمي، حسيني، من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، يدعو إلى المهدي، يُسمع بقُوّتها وكثرتها بالمغرب، مع وجود الإعلام، المرئية والمسموعة، عن طريق البثِّ المباشر والأقمار الصناعية، ولقوَّتها وشدّة وقعها في النفوس تتناولها الأخبار، ويحسب لها الحساب، وتنزل الكوفة، وظهر الكوفة، وتُسلِّم الراية إلى الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) وتبايعه.
وقد جعل الله تعالى لهذه الراية، ولهذا الرجل شأناً عظيماً، بحيث إنَّ الله تعالى ينصر مَن نصر هذه الرايات، ويخذل من خذل أصحاب هذه الرايات لأنَّها تنصر الدين وتؤيّد المؤمنين، وبالتالي تكون من جيش صاحب العصر والزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه، ليملأ الأرض بها عدلاً وقسطاً بعد الجور والظلم.
أحاديث
1 - (الأربعين بإسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
تجيء الرايات السود من قبل المشرق، كأنَّ قلوبهم من حديد، فمَن سمع بهم فليأتِهم فليبايعهم ولو حَبواً على الثلج).(491)
2 - (الأربعين بإسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان، فأتوها ولو حَبواً على الثلج فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).
3 - (وعنه، عن محمّد بن علي، عن عثمان بن أحمد السماك، عن إبراهيم بن عبد الله الهاشمي، عن إبراهيم بن هاني، عن نعيم بن حمّاد، عن سعيد أبي عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:
تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة، فإذا ظهر المهدي (عليه السلام) بعث إليه بالبيعة).
4 - (الأربعين بإسناده عن علقمة بن عبد الله قال: بينا نحن عند النَّبي (صلى الله عليه وآله): إذ أقبلت فتية من بني هاشم، فلمّا رآهم النَّبي (صلى الله عليه وآله): إغرورقت عيناه وتغيّر لونه، فقالوا: يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه قال:
إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتّى يأتي قوم من قبل المشرق ومعهم رايات سود، فيسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون، ويُنصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلون حتّى يدفعوه إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملؤوها جوراً، فمَن استطاع منكم فليأتِهم حَبواً على الثلج).(492)
خرج ناس من المشرق وقاتلوا وقُتلوا، ومنهم لا زال: (مِنَ المؤمنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهدوا اللهَ عَليهِ فَمِنهُم...)، وأسسوا دولة إسلامية قويّة متماسكة، فيها من ذوي العقول المفكرة، ولهم جيش جرار قوي مسلّح بسلاح الإيمان والعقيدة، وعلى أتمِّ الاستعداد لمواجهة العدوِّ، ودحرهِ والتمهيد للحجّة المهدي وتسليم الراية والبيعة.
5 - (وبإسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
يُقتل عند كنزكم ثلاثة كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحد منهم، ثمَّ تجي الرايات السود فيقتلونهم قتلاً لم يقتله قوم، ثمَّ يجي خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه فإنَّه خليفة الله المهدي، قال: هذا حديث حسن المتن وقع إلينا عالياً من هذا الوجه بحمد الله وحُسن توفيقه، وفيه دليل على شرف المهدي بكونه خليفة الله في الأرض على لسان أصدق ولد آدم وقد قال الله تعالى: (يا أيُّها الرَّسول بَلِّغ ما أُنْزِلَ إليكَ مِنْ رَبِّكَ)).(493)
نسأله تعالى بمحمّد وآل محمّد أن يُصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن يُعجِّل فرج وليه الحجّة المنتظر، وأن يوفّقنا لما يُحبُّ ويرضى.

الفصل العاشر: الصيحة

قال تعالى: (وأَخَذَ الذينَ ظَلَموا الصَّيحَةَ فأصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ).(494)
وردت لفظة الصيحة في القرآن الكريم منها قوله تعالى:
1 - (وأخَذَ الذينَ ظَلَموا الصَّيحَةَ فأصبحوا في ديارِهِم جاثِمينَ).(495)
2 - (ولمّا جاءَ أمْرُنا نَجّينا شُعيباً والذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَة مِنّا وأَخَذَتِ الذينَ ظَلَموا الصَّيحَةَ فأصبَحوا في ديارِهِم جاثِمينَ).(496)
3 - (فأخَذَتْهُمُ الصَّيحَةُ مُشرِقينَ).(497)
4 - (فأخَذَتْهُمُ الصَّيحَةُ مُصبِحينَ).(498)
5 - (وَمِنهُم مَنْ أخَذَتْهُ الصَّيحَةُ ومِنهُم مَنْ خَسفنا بِهِ الأرضَ).(499)
6 - (ما يَنظُرونَ إلاّ صيحةً واحدةً تأخُذُهُم وهُم يَخِصِّمون).(500)
7 - (وما يَنظُر هؤلاءِ إلاّ صَيحةً واحدةً ما لَها مِنْ فَواق).(501)
8 - (واسْتَمِع يَومَ يُنادي المُنادِ مِنْ مَكان قريب * يَومَ يَسمَعونَ الصَّيحةَ بالحقِّ ذلكَ يَومُ الخُروجِ).(502)
9 - (إنّا أرسلنا عَليهِم صيحةً واحدةً فَكانوا كَهشيمِ المُحتظِرِ).(503)
يظهر من سياق بعض الأحاديث أنَّ الصيحة هي النداء، والنداء هو الصيحة، ولكن كلمة الصيحة أشدُّ وقعاً وأفخم:
(وعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه)، عن النَّبي (صلى الله عليه وآله) قال:
إذا كانت صيحة في رمضان، فإنَّه يكون معمعة في شوال، وتُميز القبائل في ذي القعدة، وتُسفك الدماء في ذي الحج والمحرم وما المحرم؟، يقولها ثلاثاً، هيهات، هيهات، يُقتل الناس فيها هرجاً وهرجاً).(504)
(قال: قلنا، وما الصيحة يا رسول الله؟ قال: هدَّة في النصف من رمضان ليلة جمعة، وتكون هدَّة توقظ النائم، وتُقعد القائم، وتُخرج العواتق من خُدورهن، في ليلة جمعة في سنة كثيرة الزلازل، فإذا صلّيتم الفجر من يوم الجمعة، فادخلوا بيوتكم، وأغلقوا أبوابكم، وسُدّوا كُواكم، ودثِروا أنفسكم، وسُدّوا آذانكم، فإذا أحسستم بالصيحة فخرّوا لله تعالى سُجّداً وقولوا: سبحان القدوس، سبحان القدوس، فإنَّه مَن فعل ذلك نجا، ومَن لم يفعل ذلك هلك).
وبالتالي يجوز لنا القول إنَّها الحرب العالَمية: (يُقتل الناس فيها هرجاً هرجاً).
ويتذكر القاري العزيز أنَّ النداء يكون في الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك يوم الجمعة، كما بيّناه في موضوع النداء.
أمّا الهدّة فتكون في النصف من رمضان ليلة الجمعة، والفارق بيّن في النداء، يكون أوَّل الشهر المبارك الخميس والثالث والعشرون منه الجمعة، وفي الهدّة يكون أوَّله الجمعة وتكون الهدّة في النصف منه الجمعة في سنة كثيرة الزلازل، هذا أوَّلاً.
وثانياً: (فإذا صلّيتم الفجر من يوم الجمعة، فادخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسُدّوا كُواكم، ودثِروا أنفسكم)، كل هذه اجراءآت احترازية، لا يحتاج إليه النداء، وسُدّوا الأبواب والكُوا، يعني أنَّ هناك شيء ينفذ من الكُوا والأبواب والمنافذ، (ودثِروا أنفسكم) إحترازاً من الإشاعات الدُخان الملازم لهذه الهدّة، وبالأحرى لهذه الضربة.
(وسُدّوا آذانكم) وسدّ الآذان من ارتداد شيء للموجات الصوتية العالية، وعدم تأثيره على (طبلة الأُذن)، وقوله: (إذا أحسستم بالصيحة) أي الهدّة، وبعد كل هذه الإجرءات الإحترازية من غلق الأبواب، وسدّ للكُوا، والآذان، يعني السلامة، وهو قوله (صلى الله عليه وآله): (فخرّوا لله تعالى سُجّداً وقولوا) بعيداً عن الدّثار ووضع الشيء في الأُذن لسدّها (وقولوا سبحان القدوس، سبحان القدوس) وبعد كل هذه الإجراءات الإحترازية (فإنَّه مَن فعل ذلك نجا، ومَن لم يفعل ذلك هلك) إذن هي الحرب النووية.
ما أعظم هذه الإجراءآت، وما أسهلها، وأي نتيجة جميلة تُعطي (فإنَّه مَن فعل ذلك نجا).
نعم، لعلّها صوت الصواريخ والطائرات التي تخرق حاجب الصوت وتُحدث أصواتاً غريبة مريعة ومخيفة، فكيف والحال إذا صاحب هذه الأصوات انفجارات وارتدادات موجية؟
ولا يخفى أنَّ الضربة الأُولى تُؤدي بموت أكثر من مائة مليون إنسان، فضلاً عن الحيوانات والطيور والنباتات.
هذا ما جاء على لسان الخُبراء في هذا الباب، فكيف والضربات التي تليها؟ حيث تُؤدي بثُلثي البشر، أعاذنا الله وإيّاكم شرَّها.
(وعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أحسبه رفعه، قال: يُسمع في شهر رمضان صوت من السماء، وفي شوال همهمة، وفي ذي القعدة تخرَّب القبائل، وفي ذي الحجّة يُسلب الحاج، وفي المحرم الفرج).(505)
وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، قال:
(انظروا الفرج في ثلاث، قلنا: يا أمير المؤمنين وما هى؟، قال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان، وما الفزعة في شهر رمضان؟، قال: أوَ ما سمعتم قول الله عزَّ وجلّ في القرآن: (إنْ نَشأ نُنزِّل عَلَيهِم مِنَ السَماءِ آيَةً فَظلَّت أعناقُهُم لَها خاضِعينَ)(506)، وهي آية تُخرج الفتاة من خدرها، وتوقظ النائم، وتُفزع اليقظان).(507)
وهكذا نرى اختلاف أهل الشام على قدم وساق، وأي اختلاف أعظم منه بحيث يكون حديث الساعة، ووكالات الأنباء وأمّا: الرايات السود والحمد لله على أتمِّ استعداد؛ عدداً وعُدّة وإيماناً وشوقاً إلى الجهاد، وتلقين العدو الدروس، وإعطائه العبر، وتخليص المستضعفين من شرِّ الأشرار.
بقية الفزعة في شهر رمضان، وما ذلك على الله بعزيز.
إنَّ فرج الله آت، وما ذلك على الله بعزيز.
والملفت للأسماع، أنَّ هناك صوتاً من السماء وهو صوت جبرائيل (عليه السلام)، وصوتاً من الأرض، وهو صوت اللّعين الشيطان الرجيم، وصوت السماء أولى بالأخذ والاعتبار، لأنَّه صوت هُدى:
(وعنه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي أيوب، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان).(508)
والظاهر أنَّ الصيحة حَدَث عظيم يحدث في الأرض يؤدّي بالكثير الكثير بالأنفس والثمرات، والبنايات والدور والقصور، على ضوئه يأتي صوت جبرائيل (عليه السلام) من السماء، وصوت إبليس اللَّعين من الأرض، إذن هناك فرق بين النداء والصيحة.
فالنداء من المنادي إلى المنادى عليه، المنادي هو جبرائيل (عليه السلام)، والمنادى عليه الناس كل بلُغَته، والنداء هو الصوت الصادر من جبرائيل (عليه السلام)، وأمّا الصيحة التي تؤدّي بالهدّة، وتحتاج كما مرَّ إلى سدّ الكُوا والدِثار ووضع الأيدي في الآذان، وقول: سُبّوح قدّوس، هي التي تؤدي بثُلثي البشر، وعلى أثرها يكون النداء إن شاء الله تعالى.
والصوت الذي يأتي من قبل دمشق، الضربة المتوقعة لدمشق والتي تودّي بأكثر من مائة ألف من الكفار والمنافقين وكما أسلفنا:هي رحمة للمؤمنين ونقمة على الكافرين، يخرب على أثرها حائط المسجد الأُموي من الجهة اليمنى، فإذا كان كذلك نزل الروم (اليهود والنصارى) الرملة، وخرج ابن آكلة الأكباد السفياني من الوادي اليابس وهي على أكثر من ثلاثين ميلاً عن دمشق الشام.
ويُسيطر على الكور الخمس، وتبدأ المنازلة، ولا يطول أكثر من تسعة أشهر وكما بيّنا ذلك في باب السفياني.
والصيحة أمر عظيم في شهر رمضان تُفزع اليقظان وتوقظ النائم وتخرج الفتاة من خدرها، وكل يحسب أنَّها عنده.
(... فقال: صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان وتوقظ النائم وتخرج الفتاة من خدرها).(509)
والصوت الذي يأتي بغتة من قبل دمشق هو ذلك الذي يعقب الضربة التي توجّه إلى دمشق، واليوم تسمع تهديدات أمريكا وإسرائيل تُطلق بين الحين والحين، وهي حلقة من سلسلة حلقات بدأت بالبوسنة والهرسك ثمَّ أفغانستان والعراق الذي شمله الخوف والموت السريع الذريع الكثير والزلازل في إيران الإسلام الذي أودى بأكثر من ثلاثين ألفاً في لحظات وهو الموت الذريع أي الكثير السريع، فإذا ضُربت دمشق خلعت العرب أعنتها وخرجت العبيد على ساداتها.
(وفيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنَّه قال:
توقعوا الصوت يأتيكم بغتة من قبل دمشق لكم فرج عظيم).(510)
والضربات التي وجّهت من قبل هي الأُخرى كانت بغتة، وإلاّ فصدام التكريتي هو من صنيعة الأنگلو!
ولكن شاءت الإرادة الإلهية أن يزول هذا النظام الجائر بهذا الشكل السريع، ويجعل بأسهم بينهم، وينتقم للأبرياء بأيديهم (يخرّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين)، وأنَّ زوال حكم صدام من المحتوم، ولا تكتمل الحلقة إلاّ بزوال حكم دمشق واستبداله بآخر (السفياني).
وما هذا إلاّ بفعل الإختلاف العقائدي بين أهل الشرق وأهل الغرب، بين المسلمين من جهة واليهود والنصارى من جهة وقد توصّل اليهود والنصارى إلى أهدافهم، فقد جرّدوا المسلمين من أسباب القوّة والمنعة في حين جعلوا إسرائيل تُرسانة من الأسلحة (الإستراتيجية) والكيماوية يتهددون العرب والمسلمين في كل حين، وما هي إلاّ أشهر، فالحكم الصليبي لا يزيد على التسعة أشهر وينتهي، والحكم اليهودي الماسُوني لا يزيد على حمل بعير - أحد عشر شهراً - ويقتل عيسى بن مريم (عليه السلام) الدَّجال بعد نزوله من السماء الثانية وصلاته خلف الإمام المهدي (عليه السلام)، ويعم الدنيا الرخاء بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً.
قال الإمام الباقر (عليه السلام):
(يختلف أهل الشرق وأهل الغرب، نعم وأهل القبلة (يعني المسلمين أيضاً لأنَّ أكثر الناس من غير المسلمين)، ويلقى الناس جُهداً شديداً ممّا يمرُّ بهم من الخوف، فلا يزالون بتلك الحال حتّى يُنادي مناد من السماء، فإذا نادى فالنفر النفر).(511)
فالصيحة: ذلك الأمر العظيم الذي يحدث في نفس اليوم الذي يكون فيه النداء، والنداء يكون بياناً للحق.
(الصيحة لا تكون إلاّ بشهر رمضان، لأنَّ شهر رمضان شهر الله، وهي صيحة جبرائيل (عليه السلام) إلى الحق).(512)
الصيحة في شهر رمضان في ليلة الجمعة، ليلة ثلاث وعشرين، فلا تشكّوا في ذلك واسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار صوت إبليس اللَّعين ينادي: ألا إنَّ فلاناً قُتل مظلوماً يشك الناس ويفتنهم.
فكم في ذلك اليوم من شاك متحيّر قد هوى في النار، وعلامة ذلك أنَّ جبرائيل (عليه السلام) ينادي باسم القائم واسم أبيه (عليهم السلام)، حتّى تسعد العذراء في خدرها فتحرض أباها وأخاها على الخروج).(513)
فالصيحة والنداء واحد، لأنَّها في يوم واحد، في شهر واحد (شهر رمضان)، يوم الجمعة ولكن النداء يفسر الصيحة، فالنداء صوت سماوي والصيحة صفة هذا النداء، ولكن مصحوب بأمر عظيم، وقد مرَّ كيف أنَّ الصيحة معها هدَّة، لنتائج الاختلاف الذي يقع بين اناس، بين أهل المشرق والمغرب، وأهل القبلة، وهو ما نحن عليه، ولكن بالنتيجة يجرب أهل الغرب أسلحتهم ونتائج تقدّمهم في أهل المشرق، بحيث يؤدي إلى نهضتهم ووحدتهم، وبالتالي تكون نهاية هذا الجبروت الذي طال كثيراً.
(وردت نصوص مختلفة للنداء، وتوتر هذا النص:
ألا أيُّها الناس إنَّ الله قد قطع مدّة الجبارين والمنافقين وأتباعهم، ووليكم خير أُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) فالحقوه بمكّة، فإنَّه المهدي.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
(أما سمعتم قول الله عزَّ وجلّ في القرآن الكريم: (إنْ نَشأ نُنزِّل عَلَيهِم مِنَ السَماءِ آيَةً)، آية تخرج الفتاة من خدرها، وتوقظ النائم وتفزع اليقظان.
وورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) مثله بزيادة:
(فلا يبقى يومئذ في الأرض إلاّ خضع وذلَّت رقبته لها).
مثلاً: أنا أُنادي فلاناً: فأنا المنادي، وهو المنادى عليه، وصوتي هو النداء.
والصيحة: تكون منّي لفلان: فأنا الصائح، وفلان المُصاح به، وصوتي هو الصيحة، ولكن الفرق بين النداء والصيحة، أنَّ النداء أقل شدّة ووقعاً وبشكل عادي يُفهم، والصيحة تكون بشدّة ووقع، والظاهر من الأخبار أنَّ الصيحة تكون قبل النداء والنداء بعد الصيحة، والنداء شيء عادي، والصيحة يُلازمها الشدّة، والصيحة تكون في النصف من شهر رمضان، والنداء يكون في الثالث والعشرين من شهر رمضان، وكلاهما يوم الجمعة أي بمعدل أسبوع بين الصيحة والنداء، والشدّة التي تُلازم الصيحة تُخرس السامع، وتُفتق فيه سبعون ألف عذراء:
(ذكر الإمام أبو إسحاق أحمد (أبو محمّد) بن إبراهيم الثعلبي في (تفسيره) في قوله تعالى: (إنْ نَشأ نُنزِّل عَلَيهِم مِنَ السَماءِ آيَةً فظلَّت أعناقُهُم لَها خاضِعينَ)، أي ذليلين).(514)
قال: قال أبو حمزة الثمالي في هذه الآية: بلغنا، والله أعلم، أنَّها صوت يُسمع من السماء في النصف من شهر رمضان، تخرج له العواتق من البيوت.
(وعن أبي أُمامة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
يكون في رمضان صوت، قالوا: يا رسول الله في أوَّله أو وسطه أو في آخره؟، قال: بل في النصف من شهر رمضان، إذا كانت ليلة النصف ليلة الجمعة، يكون صوت من السماء، يُصعق سبعون ألفاً، ويخرس فيه سبعون ألفاً، وتُفتق فيه سبعون ألف عذراء، قالوا: فمَن السالم يا رسول الله؟، قال: مَن لزم بيته، وتعوّذ بالسّجود، وجَهَرَ بالتكبير، قال: ويتبعه صوت آخر، فالصوت الأوَّل صوت جبرئيل، والصوت الثاني صوت الشيطان، فالصوت في رمضان، والمعمعة في شوال، وتميز القبائل في ذي القعدة، ويُغار على الحاج في ذي الحجّة والمحرَّم، وأمّا المحرَّم أوَّله بلاء، وآخره فرج على أُمّتي، راحلة في ذلك الزمان ينجو عليها المؤمن خير من دسكرة تَغُل مائة ألف)، أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في (سننه)، هكذا وأخرجه الإمام أبو الحسن أحمد بن جعفر، وابن المنادي من حديث الديلمي.(515)
فالصيحة تارةً جاءت في الحديث في النصف من شهر رمضان المبارك:
(صوت يُسمع من السماء، في النصف من شهر رمضان، تخرج له العواتق من البيوت، وفي يومِ جمعة).
وتارة (في ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان) وبفارق أسبوع، ومهما يكُن: فإنَّ الصوت يكون في شهر رمضان المبارك، وهو صوت جبرائيل (عليه السلام)، والثاني يكون صوت الشيطان اللَّعين الرجيم ليُشكك الناس ويرتاب المبطلون، فإيّاكم والصوت الثاني صوت الكذب والضلال.
(... عن أبي أيوب، عن الحرَث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان).(516)
علامات
قبل قيام القائم مئآت العلائم حتمية وغير حتمية:
(قال في سورة الشعراء: (إنْ نَشأ نُنزِّل عَلَيهِم مِنَ السماءِ آيَةً فَضَلَّتْ أعناقُهُم لَها خاضِعينَ).
عن عمر بن حنظلة قال: سألت جعفر الصادق (عليه السلام) عن علامات قيام القائم (عليه السلام) قال:
خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة، وخروج السفياني، والخسف، وقتل النفس الزكية، واليماني، قال: فتلوت هذه الآية أي المقدمة، فقلت له: أهيَ الصيحة؟ قال: نعم، لو كانت الصيحة خضعت أعناق أعداء الله عزَّ وجلّ).(517)
(عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال:
العام الذي فيه الصيحة قبله الآية في رجب، قلت: وما هيَ؟ قال: وجه يطلع في القمر، ويَدٌ بارزة).(518)
إذن: قبل الصيحة، آية في رجب، وهي وجه يطلع في القمر، قد يكون وجه عيسى بن مريم (عليه السلام)، أو: وجه رائد فضائي يراه الناس على شاشات التلفزيون ويد هذا الرائد تعمل، أو تُحيي الناس، وما إلى ذلك، وهذا مُحتمل ومُمكن، وقد تتوجّه الأنظار حين نزول عيسى (عليه السلام) على ضوء القمر، فيُرى وجهه ويده، وهي على كتفي ملكين بين مهرودتين عن اليمين وعن الشمال والله أعلم.
(وبه عن هشام عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): النداء حق؟ قال: إي والله حتّى يسمعه كل قوم بلسانهم، وقال أبو عبد الله (عليه السلام): لا يكون هذا الأمر حتّى يذهب تسعة أعشار الناس).(519)
1 - الصوت يُسمع، وكل قوم بلسانهم.
2 - يسبقه ذهاب تسعة أعشار الناس، أمّا: بالخسوف، وأمّا بالزلازل، وأمّا بالأمراض، وأمّا بالحروب المدمرّة النووية، بحيث يجعل بأس الناس بعضهم ببعض، واليوم أغلب الدول العالَمية المتحضرة، والمتقدمة، تمتلك الأسلحة النووية، والصواريخ ذات الرؤوس النووية العابرة للقارات، وإذا شاء الله جعل بأس هذه الدول بينها، ويذهب بها ثُلثا الناس، وبعدها يُعجّل الله الفرج.
نحن في زمن الظهور، والدليل، هو أنَّ ما قيل وقع وتحقق، ونحن ننتظر ما قدَّر الله تعالى.
(... عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
يقوم القائم (عليه السلام) في وِتر من السنين: تسع واحدة ثلاث خمس، وقال: إذا اختلفت بنو أُميّة وذهب ملكهم، ثمَّ يملك بنو العباس فلا يزالون في عنفوان من الملك، وغضارة من العيش حتّى يختلفوا فيما بينهم، فإذا اختلفوا ذهب ملكهم، واختلف أهل المشرق وأهل المغرب وأهل القبلة ويلقى الناس جهد شديد ممّا يمرُّ بهم من الخوف، فلا يزالون بتلك الحال حتّى ينادي مناد من السماء، فإذا نادى فالنفير النفير فوالله لكأنّي أُنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس بأمر جديد وكتاب جديد وسلطان جديد من السماء، أمّا أنَّه لا يُرد له راية أبداً حتّى يموت).(520)
1 - اختلاف بنو أُميّة وذهاب ملكهم.
2 - اختلاف بنو العباس وذهاب ملكهم.
3 - اختلاف أهل المشزق وأهل المغرب.
4 - اختلاف أهل المشرق وأهل المغرب وأهل القبلة.
هذه أُمور مغيبة إختصَّ بها أهل البيت (عليهم السلام)، قيلت فوقعت.
1 - بنو أُميّة حكموا، ودام حكمهم أكثر من (83) سنة، ثمَّ اختلفوا، ووقع السيف بينهم فزال ملكهم سواء في المشرق أم المغرب.
2 - بنو العباس حكموا، ثمَّ وقع الخلاف بينهم: خلاف الأمين والمأمون مثلاً، واختلاف مع القادة والساسة ممّن مهدوا لهم اطريق فزال ملكهم، ثمَّ تجدد وطال، وفي عنفوان من الملك اختلفوا فزال ملكهم، وفي زماننا هذا زال ملكهم بعد اختلافهم، وتفرد البعض منهم، وهذه أخبار مغيبة قيلت فوقعت.
ولا زال لبني العباس عِرق ينبض، فإذا قُتل طاغيتهم، ونزل الروم (الرملة)، وخرج ابن آكلة الأكباد مات العِرق تماماً، وتحقق القول فيهم.
3 - اختلاف أهل المشرق والمغرب: وقع هذا الأمر، حين اجتمعت العرب على العجم، وشُنّت حرب الثمان سنين، وتركت من الآثار الجسام.
واختلف أهل المشرق والمغرب (المعسكرين الشرقي والغربي)، وأهل القبلة، فبدأت باردة، ثمَّ كلامية عقائدية، ذهب الكثير من أهل الفكر والعلم، وأصحاب الاختصاص، وذهبت ثروات البلاد، وعاشت شعوب المرارة، ولا زالت حصيلة هذا الاختلاف وسيبقى هذا الخلاف حتّى الظهور؛ ظهور الحجّة المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، وقد يرى البعض أنَّ هذا الخلاف طمعاً في الثروات، وليس بعيد، ولكن هو في الحقيقة خلاف عقائدي مُحرَّف جرَّ الويلات، وكان سبباً لفتح الأسواق للتصريف ليس إلاّ.
كل هذا وقع وتحقق، وكفى الناس الخوف الذي هم فيه والجوع والجهل والمرض مع أنَّ أراضيهم تطفو على بُحيرات من النفط، وترتكز على جبال من ذهب، أمّا المعادن وما ينفع الناس فحدِّث ولا حرج.
الخوف اليوم يعيشه الناس، خوف حرب مدمِّرة، نووية، كيماوية وجرثومية، تعبيراً عن الحقد والجهل.
ولم يبقَ إلاّ الحتميات، وأوَّلها النداء، وقلنا: إنَّ النداء يكون في شهر رمضان المبارك، وهو صوت جبرائيل (عليه السلام): (ألا إنَّ الحقَّ في علي وشيعته) يريد به المهدي (عليه السلام) وشيعته، ويصرخ إبليس اللَّعين صرخته في آخر النهار مشككاً (ألا إنَّ الحق في عثمان وشيعته)، يريد به عثمان بن عنبسة السفياني فيرتاب المبطلون.
عزيزي القاري:
نحن في زمن الظهور من هذه الجهة، ولا يجوز لنا التوقيت من حيث ورد:
(لا توقتوا، كذب الوقاتون)، ولكن الظهور قاب قوسين، فعليك بتقوى الله واستيعاب ما جاء من عند الرسول الأعظم والأئمة الهداة صلوات الله عليهم أجمعين، لئلا ترتاب وتكون في عداد المبطلين.(521)
وفي بعضها أنَّ النداء باسم القائم:
(حدَّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدَّثنا علي بن الحسين، عن أبيه، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن الحسين بن موسى، عن فُضيل بن محمّد مولى محمّد بن راشد الجبلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال:
أمَّا النداء من السماء باسم القائم في كتاب الله لبيّن، فقلت: فأين هو أصلحك الله؟ فقال: في طلسم تلك آيات الكتاب المبين قوله: (إنْ نشأ نُنزِّلُ عَلَيهِم مِنَ السماءِ آيَةً فَظلَّت أعناقُهُم لَها خاضِعينَ)(522) قال: إذا سمعوا الصوت أصبحوا وكأنَّما على رؤوسهم الطير).(523)
وجاء في صيغة أُخرى وأراد:
(أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدَّثنا علي بن الحسين التيملي قال: حدَّثنا عمرو بن عثمان، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال:
كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) سمعت رجلاً من همدان يقول له: إنَّ هؤلاء العامة يعيرونا ويقولون لنا: إنَّكم تزعمون أنَّ منادياً ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر وكان متّكئاً فغضب وجلس ثمَّ قال: لا ترووه عنّي وأروه عن أبي ولا حرج عليكم في ذلك أشهد أنّي قد سمعت أبي (عليه السلام) يقول: والله إنَّ ذلك في كتاب الله عزَّ وجلّ لبين حيث يقول: (إنْ نَشأ نُنزِّل عليهِم مِنَ السماءِ آيَةً فظلَّت أعناقُهُم لَها خاضِعينَ)، فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلاّ خضع وذلّت رقبته لها فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء:
ألا إنَّ الحق في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وشيعته، قال:
فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتّى يتوارى من الأرض، ثمَّ ينادي ألا إنَّ الحق في عثمان بن عفان وشيعته فإنَّه قُتل مظلوماً فاطلبوا بدمه، قال: فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق وهو النداء الأوَّل ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض والمرض والله عداوتنا، فعند ذلك يتبرأون منّا ويتناولوننا فيقولون إنَّ المنادي الأوَّل سحر من سحر أهل هذا البيت، ثمَّ تلا أبو عبد الله (عليه السلام) قول الله عزَّ وجلّ: (وإنْ يَروا آيَةً يُعرِضُوا وَيَقولوا سِحرٌ مُستَمِرٌ).(524)
في هذا الحديث خبر هو حديث الساعة، ألا وهو المفاعلاة النووية في بوشهر إيران الإسلامية، يقول الشاعر:

السيفُ أصدقُ أنباءاً مِن الكُتُبِ * * * في حدِّهِ الحدبَينَ الجَد واللَّعبِ

قِوى الكفر العالمي بسطت جناحها بأُمور:
1 - الاستخبارات، 2 - المال، 3 - توزيع المناصب، 4 - شراء الذمم، 5 - القوّة.
فلا قائد ولا سلطان، ولا رئيس جمهورية ولا ملك إلاّ ويسير تحت ضلال العلَم.
وحينما أقول القوّة، أقصد: الأساطيل الجوية والبحرية والصاروخية الحاملة للرؤوس النووية العابرة للقارات، بهذا وبالدجل المعروف بسط الكفر العالمي ذراعيه على العالَم، واستعبد الشعوب، ولهذا لا يحلو له أن تكون هناك دولة لا تسير في ركابهم تفكّر في امتلاك مثل هذا السلاح، وقد مرّت علينا التجارب فيما مضى، فقد ضربت إسرائيل مفاعلات تموز في سلمان باك قريباً من بغداد، ولم يتحرك ساكن للعرب والمسلمين، واليوم هناك محاولة لضرب المفاعلات في بوشهر، وهي في الشرق، وإذا ضُربت، لا بل هي تُضرب، يرى الناس ناراً تبقى في السماء ثلاثة أو سبعة أيّام شُبه الهَردي، فهم يحسبون أنَّهم يحسنون صُنعاً، ولكن هي بوّابة الفرج، فرج آل محمّد (صلى الله عليه وآله) إن شاء الله تعالى.
والصيحة لا تكون إلاّ في شهر رمضان المبارك:
(أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة قال: حدَّثني أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي من كتابه قال: حدَّثنا إسماعيل بن مهران قال: حدَّثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، ووهب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليه السلام) قال:
إذا رأيت ناراً في المشرق شُبه الهَردي العظيم يطلع ثلاثة أيّام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمّد (صلى الله عليه وآله) إن شاء الله عزَّ وجلّ، إنَّ الله عزيز حكيم، ثمَّ قال: الصيحة لا تكون إلاّ في شهر رمضان لأنَّ شهر رمضان شهر الله وهي صيحة جبرائيل (عليه السلام) إلى هذا الخلق، ثمَّ قال: ينادي مناد من السماء باسم القائم فيسمع مَن بالمشرق ومَن بالمغرب لا يبقى راقد إلاّ استيقظ ولا قائم إلاّ قعد ولا قاعد إلاّ قام على رجليه فزعاً من ذلك الصوت، فرحم الله مَن اعتبر بذلك الصوت فأجاب، فإنَّ الصوت صوت جبرائيل الروح الأمين، وقال (عليه السلام): الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين، فلا تشكّوا في ذلك، واسمعوا وأطيعوا؛ في آخر النهار، صوت إبليس اللَّعين ينادي: ألا إنَّ فلاناً قُتل مظلوماً ليشكك الناس، ويفتنهم، فكَم في ذلك اليوم من شاكٍّ متحيّر، قد هوى في النار، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكّوا فيه إنَّه صوت جبرائيل (عليه السلام)، وعلامة ذلك: إنَّه ينادي باسم القائم، واسم أبيه، حتّى تسمعه العذراء في خدرها فتحرّض أباها وأخاها على الخروج، وقال (عليه السلام): لابدَّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم، صوت من السماء وهو صوت جبرائيل باسم صاحب هذا الأمر واسم أبيه، والصوت الذي من الأرض هو صوت إبليس اللَّعين، ينادي باسم فلان إنَّه قُتل مظلوماً يريد بذلك الفنتة، فاتّبعوا الصوت الأوَّل، وإيّاكم والأخيرة أن تُفتَتَنوا به).(525)
هم، يعيّرون ويكذّبون، ويفترون، ويقولون ما لا يعلمون؛ لأنّا نتشيع، لأنّا مولون لآل البيت، بيت رسول الله صلوات الله عليهم.
هم يقتلون، ويهتكون الأعراض، ويسلبون الأموال، ويخرّبون الديار، إنَّها العداوة والبغضاء، عن جهل، وعمد، ولكن غداً ماذا يقولون؟
قتلوا النّبي (صلى الله عليه وآله)، وقتلوا الأئمة الهداة الميامين، وقالوا إنَّما قتلناهم بغضاً! فمَن كان هذا ديدنه، فعليه لعائن الله.
هلاك العباسي
قد يسأل البعض ويقول: أينَ الثرى من الثُريّا؟ نقول: ليس كما تذهبون أنَّ العباسي هو من نسل العباس بن عبد المطلب، ولكنه عبّاسيٌ في سياسته، عباسي في أخلاقه، عباسي في بغضه لآل البيت (عليهم السلام)، فهو عباسي وإن لم يكن من نسل العباس بن عبد المطلب، والعباسي اليوم مع قادته ورجالاته المعتمدين في السجن، ينتظرون حكم القضاء، ولا يخفى أنَّ الذي يزخر سجلّه بالجرائم التي توجب الموت والهلاك لآلاف المرّات، لا محال هالك، إ عاجلاً أو آجلاً:
(أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدَّثنا القاسم بن محمّد قال: حدَّثنا عُبيس بن هشام قال: حدَّثنا عبد الله بن جبلة، عن أبيه، عن محمّد بن الصامت، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما من علامة بين يدي هذا الأمر؟ فقال (عليه السلام):
بلى، قلت: وما هي؟ قال: هلاك العباسي، وخروج السفياني، وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء، والصوت من السماء، فقلت: جعلت فداك أخاف أن يطول هذا الأمر، فقال: لا إنَّما هو كنظام الخرز يتّبع بعضه بعضاً).(526)
إنَّ أوَّل العلائم بدأت تظهر، لا بل ظهرت، ونحن في الانتظار لرؤية نهايتها، فالعباسي يكاد يهلك، ينتظر حكم القضاء والقدر، ومن بعد السفياني، وعلامة ذلك إذا ضُربت سوريا، وبالخصوص دمشق الشام، وهُدم حائط مسجدها والله أعلم.
الناس في آخر الزمان
(وقال (عليه السلام):
لا يقوم القائم (عليه السلام) إلاّ على خوف شديد من الناس، وزلازل، وفتنة، وبلاء يصيب الناس وطاعون قبل ذلك، وسيف قاطع بين العرب، واختلاف شديد في الناس، وتشتت في دينهم وتغيّر من حالهم حتّى يتمنّى المتمنّي الموت صباحاً ومساءً من عظيم ما يرى من كلب الناس، وأكل بعضهم بعضاً، فخروجه (عليه السلام) إذا خرج يكون اليأس، والقنوط من أن يروا فرجاً، فيا طوبى لمَن أدركه، وكان من أنصاره، والويل كل الويل لمَن ناواه، وخالفه، وخالف أمره، وكان من أعدائه، وقال (عليه السلام):
إذا خرج يقوم بأمر جديد، وكتاب جديد، وسُنّة جديدة، وقضاء جديد، على العرب شديد، وليس من شأنه إلاّ القتل، لا يستبقي أحداً، ولا تأخذه في الله لومة لائم، ثمَّ قال (عليه السلام):
إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم، فعند ذلك، فانتظروا الفرج، وليس فرجكم إلاّ في اختلاف بني فلان، فإذا اختلفوا، فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان وخروج القائم إنَّ الله يفعل ما يشاء، ولن يخرج القائم ولا ترون ما تحبّون حتّى تختلف بنو فلان فيما بينهم، فإذا كان طمع الناس فيهم، واختلفت الكلمة، وخروج السفياني، وقال: لابدَّ لبني فلان من أن يملكوا، فإذا ملكوا ثمَّ اختلفوا تفرّق ملكهم وتشتت أمرهم حتّى يخرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق، وهذا من المغرب يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان هذا من هنا، وهذا من هنا حتّى يكون هلاك بني فلان على أيديهما، أمّا إنَّهم لا يبقون منهم أحد، ثمَّ قال (عليه السلام):
خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد نظام كنظام الخرز يتّبع بعضه بعضاً فيكون البأس من كل وجه، ويل لمَن ناواهم، وليس من الرايات راية أهدى من اليماني، هي راية هُدى، لأنَّه يدعو إلى صاحبكم فإذا خرج اليماني حرَّم بيع السلاح على الناس، وكل مسلم، وإذا خرج اليماني، فانهض إليه فإنَّ رايته راية هُدى، ولا يحلُ المسلم أن يتلوى عليه، فمَن فعل ذلك فهو من أهل النار، لأنَّه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم، ثمَّ قال لي: إنَّ ذهاب ملك بني فلان كقطع الفخّار، وكرجل كانت في يده فخّارة، وهو يمشي إذ سقطت من يده، وهو ساه، فانكسرت فقال حين سقطت: هاه، شبه الفزع، فذهاب ملكهم هكذا، أغفل ما كانوا عن ذهابه).
(وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) على منبر الكوفة:
إنَّ الله عزَّ وجلّ ذكره قدر فيما قدر وحُتم بأنَّه كائن لابدَّ منه: أخذ بني أُميّة بالسيف جهرة، وإن أخذ بنو فلان بغتةً، وقال (عليه السلام):
لابدَّ من رَحى تُطحن، فإذا قامت على قطبها وتثلت على ساقها بعث الله عليها عبداً عسفاً خاملاً أصله يكون النصر معه، أصحابه الطويلة شعورهم، أصحاب السبال سود ثيابهم، أصحاب رايات سود ويل لمَن ناواهم يقتلونهم هرجاً، والله لكأنّي أنظر إليهم وإلى فعالهم وما يلقى الفجّار منهم والأعراب الحافة يسلطهم.
الله عليهم بلا رحمة، فيقتلونهم هرجاً على مدينتهم بشاطي الفرات البرية، والبحرية جزاءً بما عملوا، وما ربُّك بظلاّم للعبيد).(527)
من علائم الصيحة
1 - إذا ظهرت الحاجة، وقال الرجل بتُ الليلة بغير عشاء.
2 - القرضة الحسنة، يلقاك حييٌّ طَلِقٌ، فإذا جئت تستقرضه قرضاً لقيك بغير ذلك الوجه.
(...، ولكن إذا رأيت الحاجة قد ظهرت، وقال الرجل أو يقول: بتُّ الليلة بغير عشاء، وحتّى يلقاك الرجل بوجه ثمَّ يلقاك بوجه آخر، قلت: هذه الحاجة عرفتها فما الأُخرى، وأيّ شيء هي؟ قال: يلقاك حييٌّ طَلِقٌ، فإذا جئت تستقرضه قرضاً لقيك بغير ذلك الوجه، فعند ذلك تقع الصيحة من قريب).
التوقيت
(إنّا أهل بيت لا نوقِّت، وقد قال محمّد (صلى الله عليه وآله): كذب الوقّاتون).(528)
(حدَّثنا علي بن الحسين قال: حدَّثنا محمّد بن يحيى العطار قال: حدَّثنا محمّد بن الحسن الرازي قال: حدَّثنا محمّد بن علي الكوفي قال: حدَّثنا علي بن أبي جبلة، عن علي بن حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
قلت له: جعلت فداك متى خروج القائم (عليه السلام)؟ فقال: يا أبا محمّد إنّا أهل بيت لا نوقِّت، وقد قال محمّد (صلى الله عليه وآله): كذب الوقاتون يا أبا محمّد إن قُدام هذا الأمر خمس علامات أوَّلها: النداء في شهر رمضان، وخروج السفياني، وخروج الخراساني، وقتل النفس الزكية، وخسفٌ بالبيداء، وذهاب ملك بني العباس، ثمَّ قال: يا أبا محمّد لابدَّ أن يكون قُدام ذلك الطاعونان: الطاعون الأبيض والطاعون الأحمر، قلت: جعلت فداك وأيُّ شيء هما؟ فقال: أمّا الطاعون الأبيض، فالموت الجارف، وأمّا الطاعون الأحمر، فالسيف، ولا يخرج القائم حتّى ينادى باسمه في جوف السماء في ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان ليلة الجمعة، قلت: بِمَ ينادي؟ قال: باسمه واسم أبيه: ألا إنَّ فلان بن فلان قائم آل محمّد فاسمعوا له وأطيعوه، فلا يبقى شيء من خلق الله فيه الروح إلاّ سمع الصيحة، فتوقظ النائم ويخرج إلى صحن داره، وتخرج العذراء من خدرها، ويخرج القائم ممّا يسمع، وهي صيحة جبرائيل (عليه السلام)).(529)
1 - الموت الجارف: بسبب الحروب والمنازعات القبلية والحدودية، والسياسة الخاطئة.
2 - بسبب الكوارث الطبيعية من زلازل، وفيضانات جارفة، وسقوط الطائرات، وغرق السُفن والغواصات بالناس، كل هذا وراء الموت الجارف.
3 - ما يُقتل في السجون والمعتقلات بالجملة، ودفن الأحياء، ومَن يُعدمون بالجملة.
والنداء: سماوي، وأرضي.
1 - أمّا السماوي: فصوت جبرائيل (عليه السلام) باسم المهدي واسم أبيه.
2 - وأمّا الأرضي: فصوت إبليس عليه اللَّعنة للتشكيك، وإيقاع الخلاف بين الناس.
وعلى الجميع بالصوت الأوَّل، الصوت السماوي، وإيّاهم والصوت الأرضي لأنَّه صوت إبليس اللَّعين.
نصائح وإرشادات
1 - لزوم الأرض وعدم الخروج حتّى رؤية العلامات الحتمية، منها: اختلاف بني العباس في الملك الدنياوي.
2 - المنادي من السماء باسم القائم (عليه السلام)، والصوت من جهة المشرق.
3 - خسف قرية من قُرى الشام تُسمّى (الجابية).
4 - سقوط طائفة من حائط مسجد دمشق الأيمن.
5 - مارقة تمرق من ناحية التُرك.
6 - مرج الروم (أي اقتتال الروم بينهم).
7 - نزول الروم الرملة، ونزول التُرك الجزيرة، واختلاف كثير من أرض الشام.
كل هذه الأُمور تقع قبل الظهور، فإذا وقعت جاز الخروج نحو مكّة المكرّمة، لأنَّ المهدي (عجّل الله فرجه) مُتهي للظهور، وإلاّ فكل من خرج قبل هذه كُتب له الفشل.
(وبه عن ابن محبوب أخبرنا محمّد بن يعقوب الكليني، عن على بن إبراهيم عن أبيه قال: وحدَّثني محمّد بن يحيى بن عمران قال: حدَّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى قال: وحدَّثنا علي بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد جميعاً، عن الحسن بن محبوب قال: وحدَّثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي، عن أبي علي أحمد بن محمّد بن أبي ناشر، عن أحمد بن هليل، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال أبو جعفر محمّد بن علي الباقر (عليه السلام):
يا جابر إلزم الأرض ولا تحرّك يداً ولا رجلاً حتّى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها:
أوَّلها اختلاف بني العباس، وما أراك تُدرك ذلك، ولكن به حدَّث من بعدي عنّي، ومناد ينادي من السماء، ويجيئكم صوت من ناحية دمشق بالفتح، وتُخسف قرية من قُرى الشام تُسمّى (الجابية) وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمَن، ومارقة تمرق من ناحية التُرك ويعقبها مرج الروم، وسيقبل إخوان التُرك حتّى ينزلوا الجزيرة، وسيقبل مارقة الروم حتّى ينزلوا (الرملة) فتلك السنة يا جابر فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب أرض الشام، يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: راية الأصهَب، وراية الأبقع، وراية السفياني، فيلتقي السفياني بالأبقع، فيقتتلون، فيقتله السفياني ومَن تبعه، ويقتل الأصهَب، ثمَّ لا يكون له همّة إلاّ الإقتتال نحو العراق، ويمر جيشه (بقرقيسيا) فيقتتلون بها، فيقتل بها من الجبارين مائة ألف، ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة، وعدَّتهم سبعون ألفاً فيُصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً فبيناهم كذلك إذ أقبلت رايات من خراسان وتُطوى المنازل طيّاً حثيثاً، ومعهم نفر من أصحاب القائم (عليه السلام)، ثمَّ يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء، فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة، ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة، فينفر المهدي (عليه السلام) منها إلى مكّة، فيبلغ أمير جيش السفياني أنَّ المهدي (عليه السلام) قد خرج إلى مكّة، فيبعث جيشاً على أثره، فلا يُدركه حتّى يدخل مكّة خائفاً يترقب على سنة موسى بن عمران قال: وينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء يا بيداء بيدي بالقوم، فيُخسف بهم فلا يلتفت منهم إلاّ ثلاثة نفر، يُحول الله وجوههم إلى أقفيتهم، وهم من لب وفيهم نزلت هذه الآية: (يا أيُّها الذينَ أُتوا الكِتابَ آمِنوا بِما أنْزَلنا مُصدِّقاً لِما مَعَكُم مِنْ قَبلِ أنْ نَطمِسَ وُجوهاً فَنَرُدَّها على أدبارِها)(530)، قال: والقائم يومئذ بمكّة قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيراً، فينادي: يا أيُّها الناس إنّا نستنصر الله فمَن أجابنا من الناس، وإنّا أهل بيت نبيّكم محمّد (صلى الله عليه وآله)، فمَن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومَن حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجني في محمّد فأنا أولى الناس بمحمّد، ومَن حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين، أليس الله يقول في محكم كتابه: (إنَّ اللهَ اصطفى...)، فإن أشكل هذا كله عليهم، فإنَّ الصوت من السماء لا يُشكل عليهم إذا نُودي باسمه واسم أبيه وأُمِّه).(531)
هذا ما سنح به الوقت، للحصول على هذا القدر من المعلومات بخصوص الصيحة والمصادر التي في حوزتنا، والله تعالى نسأل التوفيق لما يُحبُّ ويرضى.
كان الفراغ يوم الجمعة / 20 محرّم / سنة 1425 هـ، والحمد لله ربِّ العالمين.

الفصل الحادي عشر: اليماني

من هو اليماني
اليماني: اسمه حسن أو حسين، أبيض كالقطن.(532)
اليماني: من سبأ في اليَمَن.
رايته: راية هُدى يدعو للمهدي (عليه السلام) (سَوداء) ويُقال له الهَجري.(533)
قال الإمام باقر (عليه السلام):
يكون خروج السفياني من الشام - أي من البلاد الشامية - وخروج اليماني من اليمن.
اليماني: من أولاد زيد بن علي (عليه السلام):
الإمام الصادق (عليه السلام): (خروج رجل من ولد عمّي زيد، باليمن).
فيكون - اذن - من نسل خلفاء اليمن السابقين المنتسبين إلى زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، وفد جاء عن بعضهم (عليهم السلام):
(يخرج في صنعاء اليمن اسمه (حسين أو حسن) والله العالِم على كل حال).(534)
إذن، فهذا الثائر هو من نسل زيد بن علي (عليه السلام)، ومن نسل خلفاء اليمن، ورايته راية هُدى، يدعو للمهدي (عليه السلام) ويخرج من صنعاء اليمن.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(خروج الثلاثة: السفياني والخراساني واليماني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، وليس فيها - أي في راياتهم - من راية أهدى من راية اليماني، لأنَّه يدعو إلى الحقِّ).(535)
وقال (صلى الله عليه وآله):
خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، وفي شهر واحد، وفي يوم واحد، ونظام كنظام الخرز يتّبع بعضه بعضاً، فيكون البأس في كل وجه! ويل لمَن ناواهم! ليس في الرايات أهدى من راية اليماني، هي راية هُدى لأنَّه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرَّم بيع السّلاح على كل الناس.(536)
(... إذا خرج اليماني فانهظ إليه، فإنَّ رايته راية هُدى، ولا يحلُّ لمسلم أن يتلّوى عليه، فمَن فعل فهو من أهل النار، لأنَّه يدعو إلى الحقِّ وإلى صراط مستقيم).(537)
قال الإمام الصادق (عليه السلام):
(خمس - أي خمس علامات - قبل قيام القائم (عليه السلام): اليماني، والسفياي، والنداء، والخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكية، يوشك أن تخرج نار باليمن تسوق الناس إلى الشام،(538) قال (عليه السلام): اليماني يتولّى عليّاً، اليماني والسفياني كفَرَسَي رِهان).
... ويظهر ملك من صنعاء اليمن، أبيض كالقطن اسمه حسين أو حسن، فيذهب بخروجه عمر الفتن، هو من ضعفاء اليمن قبل خروجه، فإذا خرج أبلى بلاء حسناً:
(ثمَّ يخرج ملك من صنعاء اليمن أبيض كالقطن اسمه حسين أو حسن فيذهب بخروجه عمر الفتن...).(539)
(... ثمَّ قال (عليه السلام): إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم فعند ذلك، فانتظروا الفرج، وليس فرجكم إلاّ في اختلاف بني فلان، فإذا اختلفوا، فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان، وخروج القائم، إنَّ الله يفعل ما يشاء، وأن يخرج القائم ولا ترون ما تُحبّون حتّى تختلف بنو فلان فيما بينهم فإذا كان طمع الناس فيهم واختلفت الكلمة وخروج السفياني، وقال لابدَّ لبني فلان من أن يَملِكوا ثمَّ اختلفوا تَفرق مُلكهم وتشتت أمرهم حتّى يخرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب يستبقان إلى الكوفة كفرَسَي رهان هذا من هنا وهذا من هنا حتّى يكون هلاك بني فلان على أيديهما، أمّآ أنَّهم لا يبقون منهم أحداً، ثمَّ قال: خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز، يتّبع بعضه بعضاً فيكون البأس في كل وجه، ويل لمَن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني هي: راية هُدى لأنَّه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرَّم بيع السّلاح على الناس، وإذا خرج اليماني، فانهظ إليه، فإنَّ رايته راية هُدى، ولا يحلُّ لمسلم أن يلتوي عليه، فمَن فعل ذلك، فهو من أهل النار لأنَّه يدعو إلى الحقِّ وإلى طريق مستقيم...).(540)
هذا ما كان من أمر اليماني، وعلى قدر المصادر، اللَّهم فعجّل لوليّك الفرج والعافية والنصر وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين، والحمد لله ربِّ العالمين، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.

الفصل الثاني عشر: يوم الظهور

(يوم النيروز هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت وولاة الأمر،...
(يوم النيروز وهو يوم انتصار وظفر إمام العصر (عليه السلام) بالدَّجال كما قال جمال السالكين أحمد بن فهد الحُلّي في (المُهنَّد البارع):
وهو اليوم الذي يظهر به قائمنا أهل البيت، وولاة الأمر، ويُظفره الله تعالى بالدَّجال فيصلبه على كُناسة الكوفة، وما من يوم نوروز إلاّ ونحن نتوقع فيه الفرج لأنَّه من أيّامنا حفظة الفُرس وضيعتموه...).
ولكن لا يخفى أنَّ كون يوم خروج إمام الزمان (عليه السلام) في يوم الجمعة والنوروز، وعاشوراء، فإنَّه لا يتّفق في أكثر السنين، فلا يُمكن أن يُنتظر فيها الفرج، ولا يكون فرج بغير ظهور وخروج الإمام الحجّة بن الحسن بن علي الهادي صلوات الله عليهم).(541)
(وروي أنَّه يخرج يوم عاشوراء يوم السبت بين الركن والمقام).(542)
(وروي أنَّه لا يخرج إلاّ في وتر من السنين).(543)
ولكن: ينادي باسمه، ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء، يوم قُتل فيه الحسين (عليه السلام).
(عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
لا يخرج القائم (عليه السلام) إلاّ في وتر من السنين سنة إحدى، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع).(544)
(وعنه (عليه السلام) قال: ينادي باسم القائم (عليه السلام) في ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قُتل فيه الحسين (عليه السلام) لكأنّي به في يوم السبت العاشر من محرّم قائماً بين الركن والمقام، جبرائيل (عليه السلام) على يمينه يُنادي: البيعة لله، فيصير إليه شيعته من أطراف الأرض، تُطوى لهم طيّاً حتّى يُبايعوه، فيملأ الله به الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً).(545)
بيان
(وكذا لا تَنافي بين ما تقدَّم وهذا الخبر لأنَّ الذي تقدَّم مطلق لم يُقيد بالوتر وهذا مقيد به.
فليحمل المطلق على المقيد فيكون ظهوره يوم السبت العاشر من المحرَّم يوم النيروز سنة إحدى، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع.
وأمّا الخبر الوارد أنَّه يقوم يوم الجمعة يوم عاشوراء فهو معارض لهذه الأخبار الدّالة على قيامه يوم السبت إلاّ أنَّ التأويل فيه أولى من الطرح والتأويل إمّا أن يقوم بأن يجعل للقيام مرتبتين خفي وظاهر أو بالجمعة باعتبار ما كان أي يقوم يوم عاشوراء الذي كان هو يوم الجمعة).
(الشيخ الطوسي في غيبته، عن أبي بصير قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إنَّ القائم (عليه السلام) ينادى باسمه ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء يوم قُتل فيه الحسين بن علي (عليه السلام)).(546)
((البحار) عن المعلى بن خُنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
اليوم النيروز هو الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت، وولاة الأمر، ويظفره الله بالدَّجال فيصلبه على كُناسة الكوفة).(547)
في حين هناك أخبار تقول: إنَّ الذي يقتله عيسى بن مريم (عليه السلام)، يضربه بحربة ويرى دمه الملطّخ بالحربة، ينزل بها من السماء.
((كشف الأستار) عن المفضل بن شاذان، حدَّثنا أحمد بن أبي نصر قال: حدَّثنا عاصم بن حميد، قال: حدَّثنا محمّد قال:
سأل رجل من أبا عبد الله (عليه السلام): متى يظهر قائمكم؟، قال: إذا كثرت الغواية، وقلّت الهداية، إلى أن قال: فعند ذلك يُنادى باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ويقوم في يوم عاشوراء الخبر).(548)

الخاتمة

أحوال الناس في آخر الزمان
(لا يقوم القائم إلاّ على خوف شديد وزلازل، وفتنة، وبلاء يُصيب الناس، وتشتيت وتشتت في دينهم، وتغيّر من حالهم، حتّى يتمنّي المتمنّي صباحاً ومساءً من عظيم ما يرى من كلب الناس، وأكل بعضهم بعضاً، وخروجه عند الأياسي، والقنوط فيها، طوبى لمَن أدركه وكان من أنصاره والويل كل الويل لمَن خالفه وخالف أمره وكان من أعدائه.
قال: (يقوم بأمر جديد وسُنّة جديدة، وقضاء جديد على العرب شديد ليس شأنه إلاّ القتل ولا يستتيب أحداً ولا تأخذه في الله لومة لائم).(549)
1 - الخوف: خوف شديد من الجوع والمرض، خوف شديد من الرؤوس النووية، خوف شديد من الحروب التي تُختلق بسبب الحدود والأطماع، ومن الانقلابات المدبّرة، خوف شديد من الصراع القبلي والطائفي والمذهبي والسياسي، خوف شديد من سلاطين الجور والظلم، خوف شديد من القوى والأطماع وسلب الخيرات، خوف شديد من الأمراض السارية والمستعصية،...
2 - الزلازل: نعم هذا الإنذار السماوي للبشر، في لحظات يذهب الأُلوف، ويُعوّق الأُلوف ويُدفن تحت الأنقاض، والزلزال الذي وقع في (بم) المدينة السياحية التاريخية أودى بأكثر من (30) ألف، والجرحى والمفقودين، وانهدام الدور والقصور، وخراب الحرث والنسل، حيث أصبحت قاعاً صفصفاً؛ فهل من متّعظ؟
أصبح الناس لا يشكرون الله في آلائه، أصبحوا مشغولون في الدنيا وزينتها بعيداً عن الشكر!
وكثيراً ما تقع الزلازل للدروس والعبر، ولكن ما أكثر الزلازل، وأقلَّ العبر؟
3 - وفتنة: فُتن الناس بالمال والولد، ونسوا الله فأنساهم ذكره، فحقَّ عليهم القول فدمّرهم تدميراً، أمّا أولئك الذين كانوا في طاعة الله وجاءهم البلاء، ففي رحمة الله.
4 - وبلاء يُصيب الناس: كثرة الأمراض، والكوارث الطبيعية، والفقر، وموت الناس جوعاً، والقحط، وقلّة المطر والزرع والضرع، وتكالب الناس بعضهم على بعض.
5 - وتشتت في دينهم: فهاهم يعبدون الدولار والدرهم والدينار، هاهم لا يُفكّرون إلاّ بالدنيا وزينتها، طوائف ومذاهب وطرائق، أحزاب ومنظمات علمانية متناحرة، بعضها يترصّد الآخر، وكلّها قشرية لا ينالون اللباب إلاّ قليلا.
القوي يأكل الضعيف، والضعيف يتمنّى الموت، من كلب بعضهم وأكلهم البعض، فقد بلغ بالبعض القنوط واليأس ممّا يرى ويسمع ويعيش.
فما أحوجنا إليه، اليوم وغداً، أمّا هناك مَن يعيشون عيشة الملوك، قصور مُنيفة، ومراكب حديثة ومُريحة، الأموال والأولاد، والرفاه لا يعرفون الحلال من الحرام، ولا يعرفون الحاجة، الليل مثل النهار، أمرهم مُطاع، وقدرهم عال بحكم ما يتمتعون به، أولئك القلّة القليلة المتحكّمة في مقدّرات الناس وأموال الناس، في السوق والدوائر، يُكذَّب مَن لا كذب عنده، ويُصدَّق من لا صدق له، المكر عندهم حياة، ويتكلَّم في أُمور الناس (الرُويبِضَة) وهو الضائع الغير معروف، يُعرف بالدّهاء والمكر والخداع.
(وقال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، عن علي بن الحسن، عن محمّد بن عمر بن يزيد، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الله بن سنان، عن محمّد بن إبراهيم، بن أبي البلاد، عن أبيه، عن الأصبغ بن نبتة قال: سمعت عليّاً (عليه السلام) يقول:
إنَّ قبل قيام القائم (عليه السلام) سنين خدّاعة، يُكذَّب فيها الصادق، ويُصدَّق فيها الكاذب، ويُقرَّب فيها الماحِل، وينطق فيها الرويبضة، فقلت: وما الرويبضة؟ وما الماحِل؟ قال: أوَ ما تقرأون قوله: (وهُوَ شَديدُ المِحالُ) يريد المكر).(550)
إنَّ ما رأيناه في العراق، لا يختلف عمّا في أفريقيا، من فقر وجوع ومرض، فالقرص من الخبز الأسود الذي كان يُرمى إلى البقر والأغنام والدَّواب، والذي لا يُساوي من القيمة فليس واحد، بلغ (مائة دينار) والدينار ألف فلس، وأنَّ الكيلو من اللَّحم كان (140 فلساً) أصبح (5000 دينار)، وهكذا بالنسبة إلى بقية المواد، فقد كانت البيضة الواحدة (10 فلوس) بينما أصبحت (250 دينار) ناهيك عن قلّة ماء الشرب وانقطاعه، وانقطاع التيار الكهربائي، وانعدام الوقود، عادت الحياة إلى ما قبل مائة عام خلت، جاع فيها الناس، ومالوا إلى السرقة وأكل الحرام، وإلى السلب والقتل من أجل الحياة.
أمّا الذين قُتلوا جملة، أمّا الذين دُفنوا جماعية، أمّا الذين ضُربوا بالكيماوي والأسلحة الممنوعة المحرّمة، أمّا الذين قُتلوا في التعذيب وفي قاعات السجون علانية فحدّث ولا حرج، أمّا الذين دُبِّرَ لهم حوادث مرور، قُتلوا فيها، أمّا الذين ذابوا في أحواض التيزاب، كلُّ ذلك أدخل الرعب على الناس، وباتوا يخافون خوفاً شديداً ونقصاً من الأموال: توقّفت الأعمال، وانعدمت فائدة الأرض، وخربت المشاريع الصناعية والإروائية والزراعية، وكثرت الأيدي العاطلة عن العمل، فزاد خوف الناس، لقلّة الثمرات، وكثرت الحاجة، كل هذا مرَّ على العراقي، وهناك طبقة من الناس يعيشون عيشة الملوك، تخدمهم الآلاف.
(وقال أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، عن أحمد بن يوسف الجُعفي من كتابه، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
لابدَّ أن يكون قُدّام القائم (عليه السلام) سنة يجوع فيها الناس، ويُصيبهم خوف شديد من القتل، ونقص من الأموال، والأنفس والثمرات، وأنَّ ذلك في كتاب الله لبيّن ثمَّ تلا هذه الآية: (ولَنبلونَّكُم بِشيء مِنَ الخَوفِ والجوعِ ونَقص مِنَ الأموالِ والثَّمراتِ وَبَشِّر الصابرينَ)).(551)
وما صرَّح به رجال النظام البائد، يُدمي النفس، ويقرح القلب، ويؤلم الروح، وما اكتشف من المقابر والسجون السرية، وأدوات التعذيب، ما يندى له الجبين، كلّ هذا وقع: وعاشه الناس، على مضض، ومضت العقود السود من الحكم البائد على مضض، والضمائر لازالت في سُبات عميق، والعقول المغسولة لا تحتمل إلاّ الشَّر.
وها نحن ننتظر وقوع الخسف في بغداد، وفي بلدة البصرة، بعد أن رأينا نيران الصواريخ ومئات الأطنان من المتفجّرات التي انفجرت في السماء والأرض، أمّا الدّماء التي سُفكت في بغداد والبصرة عند الحروب التي وقعت، فشيء لا يُحصى، وأمّا الدور والقصور، أمّا المنشآت التي خُرِّبت فهي الأُخرى لا تُعدُّ ولا تُحصى، وأنَّ الذين قُتلوا في بغداد والبصرة فعدد كثير.
وأهل العراق شملهم الخوف منذ مجي حكم العفالقة، وإلى يومنا هذا، ولا قرار لخوفهم اليوم بعد زوال النظام، لما يُحدثه الذين تضرروا، والذين لا يطيب لهم أن يأخذ الناس حريتهم ويعيشوا عيشة الأحرار:
(وعن الحسين بن زيد عن منذر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
يزجر الناس قبل قيام القائم (عليه السلام) عن معاصيهم بنار تظهر في السماء، وحمرة تجلل السماء، وخسف ببغداد، وخسف ببلدة البصرة، ودماء تُسفك فيها، وخراب دورها، وفناء يقع في أهلها، وشمول أهل العراق خوف لا يقع معه قرار لهم).(552)
ونحن الآن على أبواب حرب عالَمية يذهب فيها ثُلثا الناس، وهي قاب قوسين أو أدنى، فقد كثرت الأطماع، وكثر السّلاح النووي، وكثر التجاوز على حقوق الغير، وزادت الحاجة إلى النفط والمعادن والثمرات، وبسط اليد على الدول النامية والفقيرة.
كل ذلك من المحفزات، والحال لا يحتمل الصبر والتأخير، والكل يتربّص بعضهم بعضاً الدوائر، والأرضية مهيأة للحرب المدمرة التي يذهب بها ثُلثا البشر.
(حدَّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل، قال: حدَّثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن أيوب، عن أبي بصير، ومحمّد بن مسلم قال: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
لا يكون هذا الأمر حتّى يذهب ثُلثا الناس، قلت: إذا ذهب ثُلثا الناس فما يبقى؟ فقال (عليه السلام): أما تَرضون أن تكونوا من الثلث الباقي).(553)
وخير ما يُكن التدرّع به هو الدعاء، والدعاء الذي أشار إليه الإمام (عليه السلام):
(... قال يا زرارة: إذا أدركت ذلك الزمان فداوم هذا الدعاء:
اللَّهمَّ عرّفني نفسك، فإنَّك إن لَم تُعرِّفني نفسك لَم أعرف نبيّك، اللَّهمَّ عرّفني رسولك، فإنَّك إن لم تُعرّفني رسولك لَم أعرف حجّتك، اللَّهمَّ عرّفني حجّتك فإنَّك إن لَم تُعرّفني حُجّتك ضللت عن ديني).(554)
كل هذه المآسي والآلام قبل ظهور المهدي (عليه السلام)، أمّا بعد ظهوره الشريف فإليك بعض ما يكون:
(حدَّثنا نعيم، حدَّثنا أبو عمر التمري، عن ابن لُهيعة، عن عبد الوهاب بن حسين، عن محمّد بن ثابت، عن أبيه، عن الحارث بن عبد الله، عن النّبي (صلى الله عليه وآله) قال:
إذا نزل عيسى بن مريم، وقتل الدَّجال، تمتعوا حتّى تُحيوا ليلة طلوع الشمس من مغربها، وحتّى تمتعوا بعد خروج الدَّجال أربعين سنة، لا يموت أحد ولا يمرض، ويقول الرجل لغنمه ولدوابّه: إذهبوا فارعوا في مكان كذا، وتعالوا ساعة كذا وكذا، وتمر الماشية بين الزرعين لا تأكل منه سُنبلة، ولا تكسر بظلفها عوداً، والحيّات، والعقارب ظاهرة لا تُؤذي أحداً، ولا يُؤذيها أحد، والسبع على أبواب الدور تستطعم لا تُؤذي أحداً، ويأخذ الرجل الصاع أو المُدّ من القمح أو الشعير فيبذره على وجه الأرض بلا حراث ولا كراب، فيدخل المُدَّ الواحد سبعمائة مُدّ).(555)
الخارج قبل خروجه (عليه السلام)
كل مَن يخرج قبل خروج المهدي (عليه السلام) فاشل، لا يصل إلى شيء، مقتول لا محالة هو وأتباعه، أو مُطارد ومسجون، وقد أخبر التاريخ عن ذلك، سابقاً ولاحقاً، في زماننا خرجت عُلمائ العَمَد (رحمة الله عليهم) فسجنوا وقتلوا، ولا حقوا أتباعه وراء كل حجر ومَدر، ولنا أُسوة حسنة بقول الإمام (عليه السلام):
(محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن عمر بن حنظلة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة، والسفياني، والخسف، وقتل النفس الزكية، واليماني، فقلت: جعلت فداك، إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه؟ قال: لا، فلمّا كان من الغد تلوت هذه الآية: (إنْ نَشأ نُنزِّلْ عَلَيهِم مِنَ السماءِ آيَةً فَظلَّت أعناقهم لَها خاضِعين)، فقلت له: أهيَ الصيحة؟ فقال: أما لو كانت خضعت أعناق أعداء الله عزَّ وجلّ).(556)
(عن ابن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي رفعه، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال:
والله لا يخرج واحد منّا قبل خروج القائم (عليه السلام) إلاّ كان مثله مثل فرخ طار وكره قبل أن يستوي جناحاه، فأخذه الصبيان فعبثوا به).(557)
إنَّ الذين خرجوا عبثت بهم الأيادي، ولعبت بهم المتفجرات، ودارت عليهم الدوائر، هم ومَن مال ميلهم، ورأى طريقهم، علينا أن نلتزم بقول الإمام المعصوم: ولا نحيد عنه قيد أنمله، ولا نخلق لأنفسنا ولغيرنا المشاكل، ونوفر الطاقات ليوم الظهور، ومَن خرج يومها: مسدد مؤيد منصور.
والإمام (عليه السلام) يأمرنا أن نكون: (يا سدير إلزم بيتك وكُن حَلساً من أحلاسه):
(عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن بكر بن محمّد، عن سدير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
يا سدير إلزم بيتك وكُن حَلساً من أحلاسه واسكن ما سكن الليل والنهار فإذا بلغك أنَّ السفياني قد خرج فأرحل إلينا ولو على رِجلك).(558)

الهوامش:

ــــــــــــــــــــــ

(1) لسان العرب، للإمام العلامة ابن منظور، 630 - 711 هـ، ج 93، دار إحياء التراث العربي - بيروت.
(2) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 684، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى - قم المقدسة.
(3) كشف الغمة، ج 3، ص: 257، للاربلي في علامات قيام القائم (عجّل الله فرجه)، دار الأضواء.
(4) القمر / 49.
(5) إثبات الهداة، الشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، الباب الرابع والثلاثون، ج 34، ص: 721.
(6) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(7) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، ج 3، ص: 735.
(8) فصلت / 53.
(9) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، ج 3، ص: 735، بشارة الإسلام، س: 120.
(10) روضة الكافي، للشيخ الكليني، ج 8، ص: 258، دار الأضواء، بيروت - الطبعة الثالثة المصححة.
(11) إثبات الهداة، الشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، الباب الرابع والثلاثون، في علامات خروج المهدي (عجّل الله فرجه)، ج 3، ص: 731، ص: 730.
(12) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(13) الشعراء / 14.
(14) روضة الكافي، الشيخ الكليني (رحمه الله)، ج 8، ص: 258، دار الأضواء، بيروت - لبنان، إلزام الناصب، للشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 126، الأعلمي - بيروت.
(15) النجم / 3 - 4.
(16) النجم الثاقب، ج 2، الباب الحادي عشر، ص: 543، الشيخ حسين الطبرسي النوري، غيبة النعماني، ص: 302، 303، باب 18، ح 10، وعنه البحار، ج 52، باب 25، ح 138، 250، وعنه إثبات الهداة، الحر العاملي، ج 3، ص: 542.
(17) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 130، من منشورات الأعلمي.
(18) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 147، من منشورات الأعلمي.
(19) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 408، أنوار الهدى، قم المقدسة، سنة 1414 هـ نقلاً عن أعلام الورى، ص: 426، والإرشاد، ص: 336 و338، ومنتخب الأثر، ص: 455، والبحار، ج 52، ص: 206.
(20) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 539، نقلاً عن منتخب الأثر، ص: 458، والغيبة للنعماني، ص: 136، وبشارة الإسلام، ص: 127، و140، المهدي (عجّل الله فرجه)، ص: 223 و228.
(21) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 518، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى - قم المقدسة نقلاً عن البحار، ج 52، ص: 233.
(22) فصلت / 53.
(23) الغيبة، للنعماني، ص: 133.
(24) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 673، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى - قم المقدسة.
(25) النور / 54.
(26) كتاب الغيبة، للشيخ الطوسي، علائم ظهور الحجّة (عجّل الله فرجه)، ص: 435، مؤسسة المعارف الإسلامية.
(27) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق (رحمه الله)، ج 2، ص: 650، نشر مؤسسة الكافي، ج 8، ص: 258، باختلاف يسير.
(28) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق (رحمه الله)، ج 2، ص: 652، نشر مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدسة.
(29) إبراهيم / 22.
(30) الحجر / 39 - 40.
(31) الإرشاد، للشيخ المفيد، ج 2، ص: 371 - 372، المجلد الحادي عشر، الطبعة الأولى، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، بحار الأنوار، ج 52، ص: 408، المجلد 17، روضة الكافي، ص: 313، إرشاد المفيد، ص: 338، وغيبة الشيخ الطوسي، ص: 282، وأعلام الورى، ج 2، ص: 279، الطبرسي، ورواه الصدوق باختلاف يسير عن أبي حمزة الثمالي، وفي كمال الدين، ص: 652، والغيبة للشيخ الطوسي، ص: 435، 425، وقطعه منه في ص: 454، 461.
(32) بشارة الإسلام، ص: 119، 120.
(33) بشارة الإسلام، ص: 123، 129، إرشاد المفيد، ج 2، ص: 371، وباختلاف في كمال الدين، ج 14، ص: 652، غيبة الطوسي، ص: 474، 497، وصدره في الفصول المهمّة، ص: 302.
(34) كشف الغمة، أبي الفتح الأربلي (رحمه الله)، ج، ص33، دار الأضواء، بيروت.
(35) أعلام الورى بأعلام الهدى، الفضل بن الحسن الطبرسي، ج، ص13، تحقيق مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط 1، قم المقدّسة.
(36) كشف الغمة، الأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 235.
(37) بحار الأنوار، المجلسي، ج 51، ص: 50، دار إحياء التراث العربي، ط 1، بيروت - لبنان.
(38) أعلام الورى بأعلام الهدى، الطبرسي، ج 2، ص: 214، تحقيق مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام)، قم المقدّسة.
(39) كشف الغمة، للأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 234.
(40) كشف الغمة في معرفة الأئمة، الأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 245، دار الأضواء، بيروت.
(41) كشف الغمة، للأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 246، دار الأضواء، بيروت.
(42) كشف الغمة، للأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 308، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(43) القصص / 28، 5 - 6.
(44) كمال الدين، ج 1، ص: 424.
(45) غيبة الطوسي، ص: 232، 200، وكذا في كمال الدين، ص: 430، ذيل حديث 5 و441، ج 11، الهداية الكبرى، ص: 358، إثبات الوصية، ص: 221، الخرايج والجوارح، ص: 465، 11 و2.
(46) أعلام الورى بأعلام الهدى، الطبرسي، ج 2، ص: 218، تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)، قم المقدّسة، نقلاً عن الكافي، ج 1، ص: 266، 2 كذا، إرشاد المفيد، ج 2، ص: 251، غيبة الطوسي، ص: 268، 230، الكافي، ج 1، ص: 267، 13، وكذا في إرشاد المفيد، ج 2، ص: 354.
(47) أعلام الورى بأعلام الهدى، الطبرسي، ج 2، ص: 218، تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)، قم المقدّسة، نقلاً عن الكافي، ج 1، ص: 266، 2 كذا، إرشاد المفيد، ج 2، ص: 251، غيبة الطوسي، ص: 268، 230، الكافي، ج 1، ص: 267، 13، وكذا في إرشاد المفيد، ج 2، ص: 354.
(48) البقرة / 260.
(49) الكافي، ج 1، ص: 265، نقل عنه صاحب كتاب أعلام الورى، ج 2، ص: 218 - 219، تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)، قم المقدّسة.
(50) كشف الغمة، للأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 248، دار الأضواء، بيروت.
(51) البحار، ج 52، ص: 239، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
(52) بحار الأنوار، المجلسي، ج 2، ص: 242 - 244، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
(53) بحار الأنوار، المجلسي، ج 52، ص: 239 - 290.
(54) أعلام الورى، الطبرسي، ج 2، ص: 226، تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)، نقلاً عن: كمال الدين، ج 4، ص: 287.
(55) أعلام الورى بأعلام الهدى، الطبرسي، ج 2، ص: 227، تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)، نقلاً عن: كمال الدين، ج 7 ص: 287.
(56) غيبة النعماني، ابن أبي زينب، ص: 201، مؤسسة الأعلمي، بيروت.
(57) أعلام الورى بأعلام الهدى، الطبرسي، ج 2، ص: 228، تحقيق مؤسسة أهل البيت(عليهم السلام)، نقلاً عن: كمال الدين، ج 1، ص: 288.
(58) كشف الغمة في معرفة الأئمة، الأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 246، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(59) أعلام الورى بأعلام الهدى، الطبرسي (رحمه الله)، ج 2، ص: 248 - 249، نقلاً عن: كمال الدين، ج 1، ص: 384.
(60) أعلام الورى بأعلام الهدى، الشيخ الطبرسي، ج 2، ص: 250، نقلاً عن: كمال الدين، ج 4، ص: 394، ج 2، ص: 407.
(61) أعلام الورى بأعلام الهدى، الشيخ الطبرسي، ج 2، ص: 250، نقلاً عن: كمال الدين، ج 4، ص: 394، ج 2، ص: 407.
(62) كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 235، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(63) كشف الغمة في معرفة الأئمة، الأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 255 - 256، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(64) كشف الغمة، ج 3، ص: 257، الكافي، للكليني، ج 8، ص: 178، دار الأضواء.
(65) كشف الغمة، الأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 257، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(66) أعلام الورى، الطبرسي، ج 2، ص: 281، نقلاً عن: إرشاد المفيد، ج 2، ص: 372، غيبة الطوسي، ص: 438، 430، وغيبة النعماني، ص: 277، 61، الخرائج والجرائح، ج 3، ص: 1152.
(67) كشف الغمة، الأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 258، أعلام الورى، ج 2، ص: 285، نقلاً عن: الكافي، ج 8، ص: 212، 258، إرشاد المفيد، ج 2، ص: 374، غيبة الطوسي، ص: 444، 439، وغيبة النعماني، ص: 271، 45.
(68) كشف الغمة، للأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 259، دار الأضواء، بيروت، أعلام الورى، الطبرسي، ج 2، ص: 281، نقلاً عن: كمال الدين، ج 2، ص: 649، غيبة الطوسي، ص: 445، 440، إرشاد المفيد، ج 2، ص: 274، الكافي، ج 8، ص: 179.
(69) كشف الغمة، للأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 259، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(70) كشف الغمة، للأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 260، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(71) كشف الغمة، الأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 261، دار الأضواء، بيروت، أعلام الورى، الطبرسي، ج 2، ص: 284، نقلاً عن: إرشاد المفيد، ج 2، ص: 378.
(72) فروع الكافي، ثقة الإسلام الكليني، ج 8، ص: 31 - 36، دار الأضواء، بيروت، الطبعة الثالثة، سنة 1405 هـ.
(73) الكافي، للشيخ الكليني (رحمه الله)، ج 8، ص: 57، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(74) الكافي، للشيخ الكليني (رحمه الله)، ج 8، ص: 185، دار الأضواء، بيروت - لبنان، بحار الأنوار، للمجلسي (رحمه الله)، ج 52، ص: 347، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
(75) الكافي، للشيخ الكليني (رحمه الله)، ج 8، ص: 188 - 189، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(76) بحار الأنوار، المجلسي (رحمه الله)، ج 52، ص: 351، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
(77) بحار الأنوار، المجلسي (رحمه الله)، ج 52، ص: 358، دار إحياء التراث العربي.
(78) بحار الأنوار، المجلسي (رحمه الله)، ج 52، ص: 358، دار إحياء التراث العربي.
(79) البحار، المجلسي (رحمه الله)، ج 52، ص: 360، 373، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، راجع كتابنا (هذا ما وعد الرحمن) تجد ما فيه الكفاية.
(80) البحار، المجلسي (رحمه الله)، ج 52، ص: 360، 373، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، راجع كتابنا (هذا ما وعد الرحمن) تجد ما فيه الكفاية.
(81) كشف الغمة، للأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 261، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(82) أعلام الورى، الطبرسي (رحمه الله)، ج 2، ص: 286، تحقيق مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام)، نقلاً عن: إرشاد المفيد، ج 2، ص: 378، غيبة الطوسي، 453، 460، روضة الواعظين، ص: 263، الخرائج والجرائح، ج 3، ص: 1161، والفصول المهمّة، ص: 302.
(83) أعلام الورى، الشيخ الطبرسي (رحمه الله)، ج 2، ص: 386، نقلاً عن: إرشاد المفيد، ج 2، ص: 379، غيبة الطوسي، ص: 453، 459، روضة الواعظين، ص: 263 وفيها البيعة لله، بدل البيعة له.
(84) البحار، للمجلسي (رحمه الله)، ج 52، ص: 402، دا إحياء التراث العربي.
(85) منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر (عليه السلام)، لطف الله الصافي الكلبايكاني، ص: 464 - 465، من منشورات مكتبة الصدر، طهران - شارع ناصر خسرو.
(86) كتاب الغيبة، شيخ الطائفة الطوسي (رحمه الله)، ص: 474، سنة 385 - 460 هـ، مؤسسة المعارف الإسلامية، الطبعة الثانية، قم المقدّسة، ونُقل عن: البحار، ج 52، ص: 291، ح 34، وإثبات الهداة، ج 3، ص: 516، ح 372، وأخرجه في حلية الأبرار، ج 2، ص: 598، عن دلائل الإمامة، ص: 241، وأورده في تاج المواليد، ص: 153 عن الباقر (عليه السلام).
(87) كتاب الغيبة للشيخ الطوسي (رحمه الله)، ص: 474، مؤسسة المعارف الإسلامية، نقل عنه: البحار، ج 52، ص: 291، ح 35، وإثبات الهداة، ج3، ص: 517، ح 373، وأخرجه في كشف الغمة، ج 2، ص: 463، والمستجاد، ص: 555، والصراط المستقيم، ج 2، ص: 251، والبحار المذكور، ص: 337، ح 77، ونور الثقلين، ص: 1074، ح 117، عن إرشاد المفيد، ص: 363، عن عبد الكريم الخثعمي (الجعفري) مفصلاً مع زيادة في آخره، وفي الإثبات المذكور، ص: 528، ح 439، عن أعلام الورى، ص: 432 في الإرشاد، وفي الإيقاظ من الهجعة، ص: 249، ح 26، عن الإرشاد وأعلام الورى والكشف.
وفي الإثبات المذكور أيضاً، ص: 584، ح 790، عن البحار، ج 52، ص: 386، ح 202، نقلاً من كتاب الغيبة للسيّد علي بن عبد الحميد باختلاف يسير، وأورده في روضة الواعظين، ص: 264 عن الصادق (عليه السلام)، وفي الفصول المهمّة، ص: 302 عن عبد الكريم الخثعمي كما في الإرشاد، وفي منتخب الأنوار المضيئة، ص: 195، وفي أخبار الدول، ص: 118 عن عبد الكريم الخثعمي كما في الإرشاد.
(88) كتاب الغيبة، الشيخ الطوسي (رحمه الله)، ص: 474 - 479، مؤسسة المعارف الإسلامية.
(89) كتاب الغيبة، الشيخ الطوسي (رحمه الله)، ص: 474 - 479، مؤسسة المعارف الإسلامية.
(90) كتاب الغيبة، الشيخ النعماني، ابن أبي زينب، ص: 231، مؤسسة الأعلمي، بيروت - لبنان.
(91) غيبة النعماني، ابن أبي زينب، ص: 231 - 232، من علماء القرن الثالث الهجري، الأعلمي للمطبوعات.
(92) كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 279 - 280، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(93) الحج / 22.
(94) أعلام الورى، الطبرسي (رحمه الله)، ج 2، ص: 290 - 293، تحقيق مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام)، نقلاً عن: إرشاد المفيد، ج 2، ص: 381، روضة الواعظين، ص: 264، وباختلاف في ذيل الحديث في غيبة الطوسي، ص: 467، 484، وصدره في دلائل الإمامية، ص: 241.
(95) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، محمّد بن طاووس (رحمه الله)، نقلاً عن:
1 - الفتن، ج 1، ص: 333، ح 958.
2 - الفتن، ج 1، ص: 376، ح 1120.
3 - الفتن، ج 1، ص: 378، ح 1129.
(96) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، محمّد بن طاووس، ص: 165 - 166، مؤسسة صاحب الأمر، أصفهان.
(97) بحار الأنوار، المجلسي (رحمه الله)، ج 52، ص: 403، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
(98) كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان، الكنجي الشافعي، ج 2، ص: 15 - 18، مؤسسة الأعلمي، بيروت - لبنان.
(99) كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان، الكنجي الشافعي، ج 2، ص: 15 - 18، مؤسسة الأعلمي، بيروت - لبنان.
(100) كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان، الكنجي الشافعي، ج 2، ص: 15 - 18، مؤسسة الأعلمي، بيروت - لبنان.
(101) منتخب الأثر، الصافي الكلبايكاني، ص: 488، قم المقدَّسة.
(102) كتاب الغيبة، الشيخ الطوسي (رحمه الله)، ص: 467، مؤسسة المعارف الإسلامية، وقد تركنا من أخذ عنه في الهامش، اختصاراً، كشف الغمة في معرفة الأئمة، الأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 263، دار الأضواء، بيروت، أعلام الورى، الشيخ الطبرسي (رحمه الله)، ج 2، ص: 294، تحقيق مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام)، قم المقدَّسة.
(103) إلزام الناصب في إثبات الحجّة الغائب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 1، ص: 474 - 476، مؤسسة الأعلمي، بيروت - لبنان، الطبعة الخامسة.
(104) كتاب الغيبة، النعماني ابن أبي زينب، من علماء القرن الثالث، ص: 143 - 145، الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان، الطبعة الأُولى، سنة 1403 هـ.
(105) أعلام الورى، الشيخ الطبرسي (رحمه الله)، ج 2، ص: 294 - 295، تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
(106) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى الكاظمي (رحمه الله)، ص: 294 - 295، مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
(107) منتخب الأثر، الشيخ صافي الكلبايكاني، ص: 185 - 187، الطبعة السابعة، الداوري، وقد تركنا الهوامش والمصادر للقاري العزيز فليراجع.
(108) كشف الغمة، الأربلي (رحمه الله)، ج 2، ص: 267 - 270، دار الأضواء، بيروت.
(109) كشف الغمة، الأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 273، دار الأضواء، بيروت.
(110) أعلام الورى، الشيخ الطبرسي (رحمه الله)، ج 2، ص: 288، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام).
(111) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى الكاظمي، ص: 295، مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)، قم المقدّسة.
(112) منتخب الأثر، الصافي الكلبايكاني، ص: 479، الداوري، قم المقدّسة، إلزام الناصب، اليزدي الحائري، كتاب البيان، ج 2، ص: 19.
(113) كتاب البيان، للكنجي الشافعي، ص: 21، 22، المرفق لكتاب إلزام الناصب، للحائري اليزدي، ج 2.
(114) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى الكاظمي، ص: 291.
(115) كشف الغمة في معرفة الأئمة، الأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 280 - 282، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(116) العنكبوت / 14.
(117) كشف الغمة في معرفة الأئمة، الأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 352 - 355، دار الأضواء.
(118) إلزام الناصب، اليزدي الحائري، ج 1، ذكر جمع من المعمرين، ص: 288 - 312.
(119) إلزام الناصب، علي اليزدي الحائري (رحمه الله)، ج 1، ص: 283 - 312.
(120) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 152 - 153، نقلاً عن: الغيبة للطوسي (رحمه الله)، ص: 214، والبحار، ج 51، ص: 344، وفي الكُنى والألقاب، ج 3، ص: 227، ملخص مفيد عن السفراء الأربعة رضوان الله عليهم.
(121) الكافي، م 1، ص: 330، وأعلام الورى، ص: 396، ومنتخب الأثر، ص: 394، 393، والغيبة للطوسي (رحمه الله)، ص: 217.
(122) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 153 - 154، نقلاً عن: الإرشاد، ص: 330، وأعلام الورى، ص: 396.
(123) الكتاب في البحار، ج 53، ص: 178 - 179، 158، ومنتخب الأثر، ص: 386، والغيبة للطوسي (رحمه الله)، ص: 172 - 173، والكُنى والألقاب، ج 2، ص: 101، وإلزام الناصب، ص: 129، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 251 - 252، وذكر أنَّ الكتاب كان موجّهاً لمحمّد بن إبراهيم بن مهزيار، وورد بكامله في ص: 255 - 256، وفي ينابيع المودّة، ج 3، ص: 193 شيء من آخره.
(124) البحار، ج 53، ص: 191، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 257 - 258.
(125) البحار، ج 51، ص: 349، ومنتخب الأثر، ص: 395، والغيبة للطوسي (رحمه الله)، ص: 219 - 220.
(126) الإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 252، وإلزام الناصب، ص: 125، 130 - 131.
(127) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 157، نقلاً عن: الغيبة للطوسي (رحمه الله)، ص: 146 - 147، والكافي، م 1، ص: 330، والبحار، ج 51، ص: 348، وأعلام الورى، ص: 396.
(128) الإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 253، وإلزام الناصب، ص: 129، والبحار، ج 53، ص: 181.
(129) البحار، ج 51، ص: 356، وج 53، ص: 180 - 181، 184، وكشف الغمة، ج 3، ص: 321، وأعلام الورى، ص: 423، والغيبة للطوسي (رحمه الله)، ص: 176، وبشارة الإسلام، ص: 300.
(130) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 158، نقلاً عن: البحار، ج 51، ص: 356.
(131) إلزام الناصب، ص: 125، وكشف الغمة، ج 3، ص: 321، وفي منتخب الأثر، ص: 272 آخره، والغيبة للطوسي (رحمه الله)، ص: 176، وبشارة الإسلام، ص: 300، والبحار، ج 53، ص: 181، 184 آخره، ومثله في المهدي (عليه السلام)، ص: 253.
(132) البحار، ج 51، ص: 293، ومنتخب الأثر، ص: 397، والغيبة لطوسي (رحمه الله)، ص: 196.
(133) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 159، نقلاً عن: الغيبة للطوسي (رحمه الله)، ص: 242، أو سنة 328 هـ، وكشف الغمة، ج 3، ص: 320.
(134) كشف الغمة، ج 3، ص: 321، وأعلام الورى، ص: 424، وإلزام الناصب، ص: 129، والبحار، ج 53، ص: 181، والمهدي (عليه السلام)، ص: 182، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 253، وفي منتخب الأثر، ص: 272 باختصار، البحار، ج 51، ص: 361، ج 52، ص: 151، ج 53، ص: 318.
(135) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 160، نقلاً عن: البحار، ج 53، ص: 181.
(136) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 161، الطبعة الأُولى، سنة 1424، قم المقدّسة، نقلاً عن: نجد الكتاب في مكان آخر من هذه البحوث، ونجده في الإرشاد، ص د هـ، وفي البحار، ج 53، ص: 177، وفي إلزام الناصب، ص: 136.
(137) راجع كتابنا: (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون)، ج 1، مخطوط، نقلاً عن: موسوعة الإمام المهدي (عليه السلام)، المجلد الأوَّل، ص: 595 - 596.
(138) موسوعة الإمام المهدي (عليه السلام)، المجلد الأوَّل، ص: 595، 596.
(139) ينابيع المودة، القندوزي الحنفي، ج 2، ص: 592.
(140) معجم أحاديث المهدي (عليه السلام)، ج 3، ص: 751، 228.
(141) ينابيع المودّة، ج 3، ص: 108، 162، ومنتخب الأثر، ص: 149، وإلزام الناصب، ص: 52، والاختصاص، ص: 492، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 299، نقلاً عن: غاية المرام، ص: 662.
(142) البحار، ج 7، ص: 492.
(143) راجع ج 1، ص: 49، 51، 55 كتابنا (هذا ما وعد الرحمن).
(144) ذكرنا ذلك في كتاب (هذا ما وعد الرحمن)، ج 1، ص: 22، 63، لا يزال مخطوطاً.
(145) نفس المصدر السابق.
(146) منتخب الأثر، ص: 458، والغيبة للنعماني، ص: 136، وبشارة الإسلام، ص: 127، 140، والمهدي (عجّل الله فرجه)، ص: 223، 228، يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 39، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى - قم المقدسة.
(147) مريم / 50 - 51.
(148) آل عمران / 39.
(149) الصافات / 104، 105.
(150) مريم / 2 - 4.
(151) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 538، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى - قم المقدسة، بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 166، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام) - قم المقدسة.
(152) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 539، أنوار الهدى.
(153) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 35، البحار، ج 52، ص: 274، 365، وبعضه في: ج 53، ص: 84، وبشارة الإسلام، ص: 59، والغيبة للنعماني، ص: 171، وإلزام الناصب، ص: 156، 176، 177.
(154) منتخب الأثر، ص: 163، 443، وبشارة الإسلام، ص: 183، وكشف الغمة، ج 3، ص: 324، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ص: 221، 69، نصفه الأوَّل، والملاحم والفتن، ص: 47، والمهدي، ص: 95 - 96، ونور الأبصار، ص: 173 بلفظ آخر، والحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 140، وإلزام الناصب، ص: 257، يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 533، 535، ط 1، سنة 1417 هـ.
(155) الخبر في البحار، ج 52، ص: 392، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ومثله في الغيبة للنعماني، ص: 138 بلفظ قريب، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ص: 57، وينابيع المودة، ج 3، ص: 109 بلفظ آخر، ومنتخب الأثر، ص: 220 قرأها الإمام (عليه السلام) وقال: أي خروج ولدي القائم.
(156) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 531، الطبعة الأولى، سنة 1417 هـ، قم المقدسة، الإرشاد، ص: 336، 338، والملاحم والفتن، ص: 115، 119، والحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 160، والاختصاص، ص: 208، والبحار، ج 52، ص: 304، ومنتخب الأثر، ص: 499، والمهدي (عجّل الله فرجه)، ص: 90، وبشارة الإسلام، ص: 177.
(157) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(158) طوالع الأنوار، سيّد مهدي بن محمّد جعفر الموسوي من العلماء الأعلام في القرن الثالث عشر، ص: 5، 314، طهران - مطبعة الرشيدية، سنة 1237 هـ، وعقد الدرر، ص: 150.
(159) الاختصاص، الشيخ المفيد، ص: 255، جامعة المدرسين، ط 6، قم المقدسة.
(160) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 194، الأعلمي.
(161) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 120.
(162) الشعراء / 4.
(163) فرائد السمطين، الجويني الخراساني، ط 1، بيروت - لبنان.
(164) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، ج 3، ص: 3، 739.
(165) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي، الباب الرابع والثلاثون، في علامات خروج المهدي (عجّل الله فرجه)، ج 3، ص: 729، 730، عقد الدرر، ص: 185، للسليلي.
(166) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(167) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، ج 3، ص: 729، 721.
(168) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(169) إثبات الهداة، الشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، ج 3، ص: 720، في صفات الإمام وعلاماته.
(170) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، الشافعي السليلي من علماء القرن السابع، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 208، جمكران - قم المقدسة.
(171) عقد الدرر في أخبار المهدي (عجّل الله فرجه)، للشيخ الشافعي السليلي، من علماء القرن السابع، ص: 185، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، قم المقدسة - جمكران.
(172) عقد الدرر، للشافعي السليلي، ص: 155.
(173) عقد الدرر، للشافعي السليلي، ص: 155، من علماء القرن السابع للهجرة، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، جمكران - قم المقدسة.
(174) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(175) عقد الدرر، ص: 151، 152.
(176) عقد الدرر، ص: 151، 152.
(177) عقد الدرر، للسليلي الشافعي، ص 145.
(178) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، للشافعي السليلي، ص: 144.
(179) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، للشافعي السليلي، ص: 83 - 84، 144، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، جمكران - قم المقدسة.
(180) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(181) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، المقدسي الشافعي السليلي، ص: 208، تحقيق عبد الفتاح محمّد الحلو.
(182) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى الكاظمي، ص: 294، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام).
(183) بشارة الإسلام، الشيخ الطوسي في غيبته، ص: 181.
(184) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، عن الشيخ الطوسي في غيبته، ص: 161، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام) للطباعة والنشر، قم المقدسة.
(185) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 155 - 156.
(186) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 155 - 156.
(187) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 144 - 149، والآية من سورة الحجر / 39 - 40.
(188) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 144، 149.
(189) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 144، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام)، (النعماني في غيبته).
(190) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 126، (الشيخ الطوسي في غيبته).
(191) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(192) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 101 - 104، عن الكافي.
(193) بشارة الإسلام، ص: 104، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام)، عن الكافي.
(194) غيبة النعماني، ص: 176، ابن أبي زينب.
(195) ينابيع المودة، ج 3، الباب الثامن والثمانون، ص: 356، دار الأسوة، للطباعة والنشر.
(196) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(197) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 91 - 92، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام).
(198) بحار الأنوار، المجلد السابع عشر، ج 2، ص: 359 - 360، للمجلسي.
(199) بحار الأنوار، المجلد السابع عشر، ج 2، ص: 359 - 360، للمجلسي.
(200) بحار الأنوار، للمجلسي، المجلد السابع عشر، ج 2، ص: 359 - 360.
(201) بحار الأنوار، للمجلسي، المجلد السابع عشر، ج 52، ص: 361، دار إحياء التراث العربي.
(202) بحار الأنوار، للمجلسي، المجلد السابع عشر، ص: 369، دار إحياء التراث العربي، والآية من سورة آل عمران / 179.
(203) بحار الأنوار، المجلسي، المجلد السابع عشر، ج 52، ص: 369، دار إحياء التراث العربي.
(204) بحار الأنوار، المجلسي، المجلد السابع عشر، ج 52، ص: 412، التشريف بالفتن، ابن طاووس، ص: 132، مؤسسة صاحب الأمر.
(205) بحار الأنوار، للمجلسي، المجلد السابع عشر، ج 52، ص: 412.
(206) نفس المصدر السابق، نفس الصحة.
(207) الشعراء / 4.
(208) بحار الأنوار، المجلسي، المجلد السابع عشر، ج 52، ص: 410 - 411، دار إحياء التراث العربي، والآية من سورة القمر / 2.
(209) بحار الأنوار، للمجلسي، المجلد السابع عشر، ج 52، ص: 462.
(210) بحار الأنوار، المجلسي (رحمه الله)، المجلد السابع عشر، ج 52، ص: 428، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، والآية من سورة الشعراء / 4.
(211) بحار الأنوار، المجلسي (رحمه الله)، ج 52، ص: 428، دار إحياء التراث العربي.
(212) فروع الكافي، الشيخ الكليني، ص: 177، دار الأضواء - بيروت، والآية من سورة يونس / 35.
(213) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق (رحمه الله)، ج 2، ص: 651، مؤسسة النشر الإسلامي.
(214) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 133 - 134.
(215) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 133 - 135.
(216) البحار، للمجلسي، ج 52، ص: 285، ح 15، وإثبات الهداة، ج 3، ص: 502، ح 290، ونور الثقلين، ج 4، ص: 46، ح 11، ومنتخب الأثر، ج،15 ص: 450، والآية من سورة الشعراء / 4.
(217) كتاب الغيبة، شيخ الطائفة الطوسي، ص: 385 - 460، 177، مؤسسة المعارف الإسلامية - قم.
(218) كشف الغمة، ج 3، أبي الفتح الأربلي، ص: 257 - 258، دار الأضواء - بيروت.
(219) عنه البحار، ج 52، ص: 288، ح 27، وعن الإرشاد للمفيد، ص: 358، عن الفضل بن شاذان عمّن رواه، عن أبي حمزة باختلاف.
وفي إثبات الهداة، ج 3، ص: 722، ح 31، وعن كمال الدين، ج 14، ص:652، بإسناده عن الحسن بن محبوب باختلاف وقطعة منه في الإثبات المذكور، ج 351، ص: 514، وأخرجه في البحار، ج 52، ص: 206، ح 40، عن الكمال، وفي كشف الغمة، ج 2، ص: 459، وفي الصراط المستقيم، ج 2، ص: 248، وعن الإرشاد مختصراً، عن أعلام الورى، ص: 426، عن الفضل بن شاذان، عن الكافي، ج 8، ص: 310، ح 484، والخرائج، ج 3، ص: 1161، عن الصادق (عليه السلام).
(220) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، ابن طاووس، مؤسسة صاحب الأمر - قم المقدّسة.
(221) كمال الدين وتمام النعمة، للشيخ الصدوق (رحمه الله)، ج 2، ص: 65، مؤسسة نشر النشر الإسلامي.
(222) إرشاد المفيد، ج 2، ص: 379، غيبة الطوسي، ص: 453 - 459، روضة الواعظين، ص: 263، وأعلام الورى، ص: 430، الفصول المهمّة، ص: 302، كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 261.
(223) إثبات الهداة، الحر العاملي (رحمه الله)، ج 3، ص: 739.
(224) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 131، ط 5، من منشورات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(225) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق (رحمه الله)، ج 2، ص: 651، علامات خروج القائم (عليه السلام)، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدسة، بشارة الإسلام، ص: 106، مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
(226) طوالع الأنوار، سيّد مهدي الموسوي، ص: 300، سنة 1237، طهران، أُوفست.
(227) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، الباب الرابع والثلاثون، ج 3، ص: 721.
(228) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق (رحمه الله)، ج 2، ص: 651، مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
(229) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق (رحمه الله)، ج 2، ص: 651، مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
(230) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، ابن طاووس، ص: 296، مؤسسة صاحب الأمر (عليه السلام)، قم المقدّسة.
(231) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، ابن طاووس، ص: 271، ما نقل عن الفتن للسليلي، نشر مؤسسة صاحب الأمر - قم المقدّسة.
(232) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 135، من منشورات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(233) إرشاد المفيد، ج 2، ص: 375، ط 1، المجلد الحادي عشر، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، تحقيق مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام).
(234) أعلام الورى، الشيخ الطوسي، ج 2، ص: 282، الطبعة الأولى، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام).
(235) غيبة الطوسي، ص: 449.
(236) بشارة الإسلام، ص: 69، 106، 107.
(237) غيبة النعماني، ص: 206، ابن أبي زينب، ص: 205 - 207.
(238) غيبة النعماني، ص: 205.
(239) غيبة النعماني، ص: 207.0
(240) غيبة النعماني، ابن أبي زينب، ص: 205.
(241) فروع الكافي، الشيخ الكليني، ج 8، ص: 177، دار الأضواء - بيروت.
(242) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 114، 115، 117.
(243) إلزام الناصب، للشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 117، الطبعة الكاملة المنقحة، مؤسسة الأعلمي، بيروت - لبنان.
(244) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 624، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى - قم المقدّسة، إلزام الناصب، ص: 188، بشارة الإسلام، ص: 21، 277، الحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 139.
(245) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 644، الطبعة الأولى، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، البحار، ج 52، ص: 208، الحاوي، ج 2، ص: 141، الملاحم والفتن، ص: 42، 44، نصفه الأخير، ص: 43، بلفظ آخر، بشارة الإسلام، ص: 177.
(246) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 199، من منشورات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(247) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 117.
(248) بشارة الإسلام، ص: 125، أهل البيت (عليهم السلام).
(249) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 107، 114، 117.
(250) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 107، 114، 117.
(251) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(252) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، ص: 67، مؤسسة صاحب الأمر (عليه السلام)، كلبهار - أصبهان..
(253) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق، ج 2، ص: 652، النشر الإسلامي - قم المقدّسة.
(254) كمال الدين وتمام النعمة، الصدوق، ج 2، ص: 651، النشر الإسلامي - قم المقدّسة.
(255) فروع الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص: 177، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(256) الشعراء / 227.
(257) الغيبة، للشيخ الطوسي، ص: 447، والغبة للنعماني، ص: 255، نحوه أعلام الورى، ص: 429، ونقله العلامة المجلسي في البحار، ج 52، ص: 210، ح 52، إرشاد المفيد، ج 2، ص: 372.
(258) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 651، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى - قم المقدّسة.
(259) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري ج 2، ص: 198، من منشورات الأهلمي، بيروت - لبنان.
(260) بشارة الإسلام، ص: 55.
(261) بشارة الإسلام، ص: 179، منتخب الأثر، ص: 455 بلفظ: متنصراً، الغيبة للشيخ الطوسي، ص: 278، البحار، ج 52، ص: 377 بلفظ آخر.
(262) إلزام الناصب، للشيخ اليزدي الحائري، ج 2، ص: 198، الأعلمي، بيروت - لبنان.
(263) سبأ / 51.
(264) بشارة الإسلام، ص: 69.
(265) بشارة الإسلام، ص: 97، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام).
(266) بشارة الإسلام، ص: 99، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام).
(267) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 143، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام) للنشر والطباعة.
(268) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 162، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام)للطباعة والنشر - قم المقدسة.
(269) أعلام الورى، الشيخ الطبسي، ج 2، ص: 282، تحقيق مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام)، الطبعة الأولى، قم المقدّسة، كمال الدين وتمام النعمة، ج 9، ص: 651، الخرائج والجرائح، ج 3، ص: 1150، عُيينة بعد التحريف أو الاشتباه في رسم الصورة للإسم (عنبسة) وهو الصحيح.
(270) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، للشافعي السلمي، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 701، جمكران - قم المقدّسة.
(271) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، للشافعي السلمي، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 701، جمكران - قم المقدّسة.
(272) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، ص: 107 - 108.
(273) النساء / 47.
(274) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، ص: 109.
(275) إلزام الناصب، علي اليزدي الحائري، ص: 119.
(276) بشارة الإسلام، ص: 66، روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 220، وبشارة الإسلام، ص: 191.
(277) البحار، ج 52، ص: 305، 186، وبشارة الإسلام، ص: 21، 46، 86، 106، 276، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ص: 23، وإلزام الناصب، ص: 179، 180، 190، ومنتخب الأثر، ص: 456، 458، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، والملاحم والفتن، ص: 123، والحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 134 - 135، قم المقدّسة.
(278) منتخب الأثر، ص: 43، يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 670 - 671، 679، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى - قم المقدسة، والآية من سورة النساء / 47.
(279) إلزام الناصب، ج 1، ص: 196 - 197.
(280) إلزام الناصب، ص: 188، الغيبة، للنعماني، ص: 160، البحار، ج 52، ص: 448، 449، منتخب الأثر، ص: 457، بشارة الإسلام، ص: 97.
(281) غيبة النعماني، ابن أبي زينب، ص: 203 - 204، الطبعة الأولى، الأعلمي.
(282) غيبة النعماني، ابن أبي زينب، ص: 203 - 204، الطبعة الأولى، الأعلمي.
(283) غيبة النعماني، السفياني، ص: 205، مطبوعات الأعلمي - بيروت.
(284) غيبة النعماني، السفياني، ص: 104، مطبوعات الأعلمي - بيروت.
(285) غيبة النعماني، السفياني، ص: 204، مطبوعات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(286) غيبة النعماني، ابن أبي زينب، ص: 205.
(287) إلزام الناصب، للشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 198، من منشورات الأعلمي، بيروت.
(288) الحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 159، ومصادر أُخرى، الغيبة للنعماني، ص: 164، البحار، ج 52، ص: 249، الملاحم والفتن، ص: 123، أوَّله، إلزام الناصب، ص: 201، البحار، ج 52، ص: 206، إلزام الناصب، ص: 181 - 182، وغيرها من المصادر، يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 672، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى - قم المقدّسة.
(289) إثبات الهداة، الشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، الباب الرابع والثلاثون، ج 3، ص: 721.
(290) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 674، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى - قم المقدّسة.
(291) البحار، ج 52، ص: 186، منتخب الأثر، ص: 456، بشارة الإسلام، ص: 220 - 221، 227، الحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 160، إلزام الناصب، ص: 199، 176، 24، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، البحار، ج 52، ص: 222، بشارة الإسلام، ص: 102، نصف الأخير عن الإمام الباقر (عليه السلام)، البحار، ص: 205.
(292) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 675، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى - قم المقدّسة.
(293) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 675، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى - قم المقدّسة.
(294) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 705 - 708، الطبعة الأولى، سنة 1417 هـ، قم المقدّسة.
(295) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 206 - 207، الأعلمي، بيروت.
(296) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، للشافعي السليلي، من علماء القرن السابع الهجري، ص: 158، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، جمكران - قم المقدّسة.
(297) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، للشافعي السليلي، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 135 - 137.
(298) عقد الدرر، ص: 120، (1) ص: 112، من كتاب عقد الدرر وما بعدها.
(299) عقد الدرر، للشافعي السليلي، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 116.
(300) الإسراء / 68.
(301) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن (المعروف الملاحم والفتن)، ابن طاووس، ص: 160.
(302) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، للشافعي السليلي، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 106.
(303) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 51، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام)، والآية من سورة النساء / 51.
(304) سبأ / 51.
(305) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، الشافعي السلمي، تحقيق محمّد الحلو، ص: 105.
(306) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 192.
(307) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر، الشافعي السلمي، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 109، جمكران - قم المقدّسة.
(308) إثبات الهداة، للحر العاملي (رحمه الله)، الباب الرابع والثلاثون، ج 3، ص: 720.
(309) إثبات الهداة، للحر العاملي (رحمه الله)، ج 3، ص: 735.
(310) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق (رحمه الله)، ج 2، ص: 650، مؤسسة النشر الإسلامي، قم المقدّسة.
(311) الاختصاص، الشيخ المفيد، ص: 256، جماعة المدرسين، الطبعة السادسة، قم المقدّسة، والآية من سورة النساء / 47.
(312) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 159، مؤسسة صاحب الأمر (عليه السلام)، قم المقدّسة، معجم البلدان، ج 2، ص: 158، الفتن، ج 1، ص: 329، 940، والآية من سورة سبأ / 51.
(313) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(314) الشعراء / 4.
(315) فروع الكافي، الشيخ الكليني، ج 8، ص: 258، دار الأضواء - بيروت، عن صحيح مسلم، ج 4، ص: 2208، 2209.
(316) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 80، الباب الرابع، جمكران - قم المقدّسة.
(317) إرشاد المفيد، ج 2، ص: 378، أعلام الورى، ج 1، ص: 429، ونقله المجلسي في البحار، ص: 85، 221.
(318) غاية المرام وحجّة الخصام، السيّد هاشم البحراني، تحقيق السيّد علي عاشور، ج 7، ص: 103 - 104، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت - لبنان، سنن ابن داود، ج 2، ص: 310، ح 4286.
(319) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، للشافعي السلمي، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 105، جمكران - قم المقدّسة.
(320) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، نشر مؤسسة صاحب الأمر (عليه السلام)، قم المقدّسة، وقد جاء هذا الحديث للبيان.
(321) آل عمران / 59.
(322) آل عمران / 59.
(323) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص 302 - 303.
(324) التشريف بالمنن، ص: 202، عقد الدرر، ص: 347 - 348.
(325) رواه أحمد في مسنده، ج 1، ص: 374، كنز العمال، ج 14، ص: 319، ح 38801، الملاحم والفتن، ص: 213، التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 301، نشر مؤسسة صاحب الأمر (عليه السلام)، قم المقدّسة.
(326) عقد الدرر، للسليلي الشافعي، ص: 347 - 348.
(327) عقد الدرر، للسليلي الشافعي، ص: 347 - 348.
(328) بشارة الإسلام، ص: 192، مهرودتين: سحابتين، وعلي كتفي ملكين.
(329) رواه نعيم في الفتن، ج 2، ص: 575، وأبو داود في السنن، ج 4، ص: 117، ح 4324، كنز العمال، ج 14، ص: 336، ح 38856، الملاحم، ابن المنادي، ص: 255.
(330) كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 294، دار الأضواء، بيروت.
(331) النساء / 159.
(332) كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 293.
(333) السنن الواردة، عثمان بن سعيد الداني، ص: 80، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
(334) حياة الحيوان الكبرى، العلامة الدميري، ص: 6، دار إحياء التراث العربي.
(335) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 518، الطبعة الأولى، سنة 1417 هـ، قم المقدّسة.
(336) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 347، وأخذه عن: الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ص: 226، والخبر في البحار، ج 53، ص: 50 - 51، وإلزام الناصب، ص: 19، 239، ينابيع المودّة، ج 3، ص: 77، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ص: 38، والآية من سورة النساء / 154.
(337) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 344، أنوار الهدى، قم المقدّسة، الطبعة الأولى، أُخذ عن: الصواعق المحرقة، ص: 98، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 69، 343 بتفصيل، وإسعاف الراغبين، ص: 135، وينابيع المودة، ج 3، ص: 90، 135، والحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 158، وإلزام الناصب، ص: 255 نقلاً عن البيان، ومنتخب الأثر، ص: 316.
(338) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 343 - 344، أنوار الهدى، قم المقدّسة.
(339) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 343 - 344، أنوار الهدى، قم المقدّسة.
(340) كتاب البيان، الشافعي الكنجي القرشي، ص: 41، الملحق بكتاب إلزام الناصب، ج 2، كشف الغمة، ج 3، ص: 264، 269، ومنتخب الأثر، ص: 316، 100، ينابيع المودة، ج 3، ص: 110، 167، والبحار، ج 51، ص: 84، والمهدي (عليه السلام)، ص: 88، 218، عن عقد الدرر، بشارة الإسلام، ص: 99، 288، 292، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 95، إلزام الناصب، ص: 52، نقلاً عن الفصول المهمّة، ص: 255 نقلاً عن البيان، ونور الأبصار، ص: 21، 170، والحاوي للفتاوي،ج 2، ص: 134.
(341) كتاب البيان الملحق بإلزام الناصب، ج 2.
(342) إلزام الناصب، للشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 302 - 303، الطبعة الخامسة، منشورات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(343) إلزام الناصب، ج 1، ص: 164، 165، 167.
(344) إلزام الناصب، ج 1، ص: 164، 165، 167.
(345) إلزام الناصب، ج 1، ص: 165.
(346) فرائد السمطين، الجويني الخراساني، من أعلام القرن السابع والثامن، ج 2، ص: 334، مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر، الطبعة الأولى.
(347) غاية المرام وحجّة الخصام، السيّد هاشم البحراني، ج 2، ص: 142، وكشف الغمة، ج 3، ص: 291، مسند أحمد، ج 2، ص: 272.
(348) غاية المرام، للسيِّد هاشم البحراني، ج 7، ص: 111، الطبعة الأولى، أُخذ عن: بحار الأنوار، ج 47، ص: 85، ح 37، قال: حديث حسن رواه الحافظ الحارث بن أبي أُسامة، ورواه أبو نعيم في غواليه، وفي هذه النصوص دلالة على أنَّ المهدي (عليه السلام) غير عيسى (عليه السلام).
(349) سنن ابن ماجة، ج 2، ص: 1361، ح 4077، قال: هذا حديث صحيح ثابت، ذكره ابن ماجة القزويني في كتابه عن أبي إمامة الباهلي، قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله): ...، غاية المرام، للبحراني، تحقيق السيِّد علي عاشور، ج 7، ص: 80 - 110، مؤسسة التاريخ العربي.
(350) غاية المرام، لبحراني، تحقيق السيِّد علي عاشور، ج 7، ص: 80 - 110، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت - لبنان.
(351) غاية المرام، للبحراني، تحقيق السيّد علي عاشور، ج 3، ص: 109، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت - لبنان.
(352) عقد الدرر، للشيخ الشافعي السليلي، ص: 381.
(353) تذكرة الخواص، للعلامة سبط ابن الجوزي، المتوفى سنة 654 هـ، ص: 364.
(354) كشف الغمة، للأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 275، دار الأضواء، بيروت.
(355) كشف الغمة، للأربلي (رحمه الله)، ج 3، ص: 274 - 275، دار الأضواء، بيروت.
(356) عقد الدرر، يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي، ص: 347 - 348، ط 1، سنة 1416 هـ.
(357) عقد الدرر، يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي، ص: 344 - 345، ط 1، سنة 1416 هـ.
(358) عقد الدرر، ص: 295.
(359) عقد الدرر، ص: 292.
(360) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، للشافعي السليلي، تحقيق د. الحلو، ص: 291.
(361) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، للشافعي السليلي، من علماء القرن السابع، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 197، 291، جمكران - قم المقدّسة.
(362) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، للشافعي السليلي، من علماء القرن السابع، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 197، 291، جمكران - قم المقدّسة.
(363) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، للشيخ الشافعي السليلي، ص: 197، جمكران - قم المقدّسة.
(364) ينابيع المودّة، ج 3، ص: 357، القندوزي الحنفي، دار الأسوة للطباعة والنشر، الطبعة الأولى.
(365) ينابيع المودّة، القندوزي الحنفي، ج 3، ص: 357، ط 1، دار الأسوة.
(366) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق (رحمه الله)، ج 2، ص: 527 - 528، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدّسة.
(367) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق (رحمه الله)، ج 2، ص: 527 - 528.
(368) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، ابن طاووس، ص: 202، مؤسسة صاحب الأمر (عليه السلام)، قم المقدّسة.
(369) الملاحم، ابن المنادي، تحقيق الشيخ العقيلي، ص: 288، قم المقدّسة.
(370) كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 312، دار الأضواء، بيروت.
(371) كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 294، دار الأضواء، بيروت.
(372) كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 235، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(373) النصر.
(374) كنز العمّال، الهندي، ج 7، مؤسسة الرسالة، أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب الدعاء قبل السلام، ج 1، ص: 211.
(375) هود / 17.
(376) إلزام الناصب، للشيخ علي اليزدي الحائري، ج 1، ص: 244، الطبعة الخامسة المنقحة، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان.
(377) إلزام الناصب، ج 1، ص: 243 - 244، وعقد الدرر، ص: 354 - 355، 363 - 364، صحيح مسلم، ج 4، ص: 2244، والبخاري، ج 4، ص: 86.
(378) كنز العمّال، المتقي الهندي، ج 14، ص: 258، مؤسسة الرسالة.
(379) كنز العمّال، المتقي الهندي، ج 14، ص: 291، ح 38740، مؤسسة الرسالة.
(380) يوم الخلاص، ص: 718، ط 1، سنة 1417 هـ.
(381) كنز العمّال، المتقي الهندي، ج 14، ص: 291 - 292، ح 38740، مؤسسة الرسالة.
(382) الدَّجال لغة من مادّة (دَجَلَ) التي تدل على النموه والطّلا، كدجل السيف، ودجل البعير وغيرهما، فالدَّجال على هذا الأساس مموه كذّاب.
(383) كنز العمّال، المتقي الهندي، ج 14، ص: 294، مؤسسة الرسالة.
(384) كنز العمّال، المتقي العهندي، ج 14، ص: 229، مؤسسة الرسالة.
(385) كتاب طوالع الأنوار، سيّد مهدي بن السيّد جعفر الموسوي، من أعلام القرن الثالث عشر، ص: 229، طهران، مطبعة الرشيدية، أوفست سنة 1237.
(386) كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان، أبي عبدالله محمّد بن يوسف بن محمّد القرشي الكنجي الشافعي، ص: 46، والملحق بكتاب إلزام الناصب، ج 2، من مطبوعات الأعلمي، بيروت.
(387) كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)، أبي عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد القرشي الكنجي الشافعي، الملحق بكتاب إلزام الناصب، للشيخ اليزدي الحائري، من منشورات الأعلمي، بيروت.
(388) كنز العمّال، المتقي الهندي، ج 14، ص: 329، مؤسسة الرسالة.
(389) كنز العمّال، المتقي الهندي، ج 14، ص: 285، مؤسسة الرسالة، قال: (أربعون يوماً، يوم كسنه، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيّامه كأيّامكم).
(390) أخرجه مسلم، كتاب الفتن، باب ذكر ابن صيّاد، رقم 2930.
(391) كنز العمّال، ج 14، ص: 208، وأخرجه مسلم، كتاب الفتن، باب فتح القسطنطينية، رقم 2807.
(392) الملاحم والفتن، ص: 126، ينابيع المودّة، ج 3، ص: 66، منتخب الأثر، ص: 480، وغيرهما من المصادر.
(393) الحاوي في الفتاوي، ج 2، ص: 161، يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 722، إلزام الناصب، ص: 261، وغيره من المصادر.
(394) السنن الواردة، عثمان بن سعيد الداني، ص: 22، ح 24، دار الكتب العلمية.
(395) السنن الواردة في الفتن وغوائلها، عثمان بن سعيد الدّاني، ص: 38، بيروت - لبنان.
(396) حياة الحيوان الكبرى، الدميري، ص: 28، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
(397) كنز العمّال، المتقي الهندي، ج 5، ص: 291 - 292، مؤسسة الرسالة.
(398) كنز العمال، المتقي الهندي، ج 14، ص: 282 - 283، مؤسسة الرسالة.
(399) كنز العمّال، المتقي الهندي، ج 14، ص: 312، مؤسسة الرسالة.
(400) كشف الغمة، ج 3، ص: 274، إلزام الناصب، ص: 228، صحيح مسلم، ج 8، ص: 197 - 198، ينابيع المودّة، ج 3، ص: 66، 136، نقلاً من إسعاف الراغبين، ص: 92، بشارة الإسلام، ص: 192، 274، 275، ذكر ذلك في يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 718، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة.
(401) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 720، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة.
(402) إلزام الناصب، ص: 202، 228، صحيح مسلم، ج 8، ص: 193، وفي غيره من المصادر.
(403) إلزام الناصب، ص: 73.
(404) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 711، ط 1، سنة 1417 هـ.
(405) طوالع الأنوار، سيّد مهدي الموسوي، ص: 300، طهران، طبع أُفست، سنة 1237.
(406) إلزام الناصب، للشيخ علي اليزدي الحائري، ج2، ص: 301، الطبعة الخامسة، من منشورات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(407) كتاب البيان، للشافعي الكنجي القرشي، ص: 42، الملحق بكتاب إلزام الناصب، للشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، من منشورات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(408) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 209 - 210، من منشورات الأعلمي، الطبعة الخامسة المنقحة، بيروت - لبنان.
(409) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 134 - 135، وفي عقد الدرر، ص: 345 - 346.
(410) إلزام الناصب، للشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 134 - 135، الطبعة الخامسة المنقحة، من منشورات الأعلمي، بيروت - لبنان، وفي عقد الدرر، ص: 345 - 346.
(411) إلزام الناصب، للشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 134 - 135، الطبعة الخامسة المنقحة، من منشورات الأعلمي، بيروت - لبنان، وفي عقد الدرر، ص: 345 - 346.
(412) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 133، ط 5، منشورات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(413) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 1، ص: 241، الطبعة الخامسة.
(414) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 1، ص: 251، الأعلمي، بيروت.
(415) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(416) كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 294، بيروت - لبنان.
(417) كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 293، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(418) عقد الدرر، ص: 348 - 349.
(419) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(420) عقد الدرر، ص: 350 - 351.
(421) عقد الدرر، ص: 350 - 351.
(422) عقد الدرر، ص: 353 - 354.
(423) صحيح مسلم، ج 4، ص: 2241، عقد الدرر، للشافعي السليلي، ص: 255 - 256.
(424) صحيح مسلم، ج 4، ص: 2246، عقد الدرر، ص: 337 - 338.
(425) مسلم في صحيحه، ج 4، ص: 2258 - 2259، باب خروج الدَّجال ومكثه في الأرض من كتاب الفتن وأشراط الساعة، عقد الدرر، ص: 356، جمكران - قم المقدّسة.
(426) عقد الدرر، للشيخ الشافعي السليلي، من علماء القرن السابع، ص: 361، جمكران - قم المقدّسة.
(427) صحيح مسلم، ج 4، ص: 2246 - 2247.
(428) عقد الدرر، للسليلي، ص: 361.
(429) غاية المرام في إمامة الإمام الثاني عشر المهدي (عليه السلام) من طريق العام، للسيّد هاشم البحراني، ج 7، ص: 79، تحقيق علي عاشور، الطبعة الأُولى، مؤسسة التاريخ العربي، وجاء هذا الحديث في كتاب فرائد السمطين، الجويني الخراساني، ج 2، ص: 334، ح 585، مؤسسة المحمودي، الطبعة الأولى.
(430) مريم / 24.
(431) الصافات / 75 - 76.
(432) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 667، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة، أُخذ عن: الإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 228.
(433) إلزام الناصب، ص: 190، وغيره من المصادر.
(434) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 667 - 668، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة، نقل عن: بشارة الإسلام ص: 100، نور الأبصار، ص: 172، منتخب الأثر، ص: 439، 456، الإرشاد، ص: 239، الغيبة، للطئسي، ص: 271، البحار، ج 52، ص: 203، أعلام الورى، ص: 427، الإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 230، بشارة الإسلام، ص: 96، 128، الغيبة، للنعماني، ص: 151 بتفصيل، ومثله في البحار، ج 52، ص: 223 - 224، بشارة الإسلام، ص: 103 بعضه.
(435) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 665، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدسة، نقلاً عن البحار، ج 2، ص: 208، والغيبة، للطوسي، ص: 279، وبشارة الإسلام، ص: 177، والحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 151، وإلزام الناصب، ص: 185.
(436) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 666 - 667، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، نقلاً عن بشارة الإسلام، ص: 187.
(437) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 661 - 662، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة، نقلاً عن البحار، ج 52، ص: 207، وإلزام الناصب، ص: 229، وبشارة الإسلام، ص: 183 - 224، وص: 58 آخره، والمهدي (عليه السلام)، ص: 199 بلفظ غريب، الحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 135.
(438) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 661 - 662، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة.
(439) إلزام الناصب، ص: 176، الغيبة، للنعماني، ص: 146 - 147، والبحار، ج 52، ص: 236، وبشارة الإسلام، ص: 49، 28، 104، وإلزام الناصب، ص: 177 - 179، يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 663، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة.
(440) نفس المصدر السابق.
(441) الإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 227، وبشارة الإسلام، ص: 100، ومثير الأحزان، ص: 298.
(442) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 119، 158، من منشورات الأعلمي، بشارة الإسلام، السيّد مصطفى الكاظم، ص: 58، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام).
(443) أخرجه نعيم بن حمّاد (لوحه 89)، عقد الدرر، للسليلي، من علماء القرن السابع، ص: 99.
(444) فروع الكافي، الشيخ الكليني، ج 8، ص: 258، دار الأضواء، بيروت، والآية من سورة الشعراء: 4.
(445) سورة الأحزاب: 21.
(446) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، المعروف (بالملاحم والفتن)، ابن طاووس، ص: 275 - 276، مؤسسة صاحب الأمر (عليه السلام)، أصبهان، نقلاً عن: مصنف ابن أبي شيبة، ج 8، ص: 679، 199، ويأتي في الحديث رقم 513 نقلاً عن كتاب الفتن لأبي يحيى زكريا.
(447) الغيبة، للشيخ الطوسي، ص: 464.
(448) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 121.
(449) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 157، ط 5، من منشورات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(450) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 662، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة، نقلاً عن: البحار، ج 52، ص: 207، وإلزام الناصب، ص: 226، وبشارة الإسلام، ص: 224، وص: 58 آخره، والمهدي (عليه السلام)، ص: 199 بلفظ غريب.
(451) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 661، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة، نقلاً عن: الحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 135، وبشارة الإسلام، ص: 183، والملاحم والفتن، ص: 113، 148.
(452) عقد الدرر، للشافعي السليلي، ص: 99، أخرجه الإمام أبو عبدالله نُعيم بن حمّاد في كتاب (الفتن).
(453) أعلام الورى، ج 2، ص: 281، نقلاً عن: كمال الدين، ج 2، ص: 619، ج 3، ص: 649، دلائل الإمامة، ص: 259، والإمامة والتبصرة، ص: 132 - 139، غيبة الطوسي، ص: 440 - 445، إرشاد المفيد، ج 2، ص: 274.
(454) كمال الدّين، ج 2، ص: 649، والغيبة للطوسي، ص: 440، 445، أعلام الورى، ص:427، البحار، ج 52، ص: 30، 203.
(455) إلزام الناصب، للشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 170، من منشورات الأعلمي، بيروت - لبنان، كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 259، بشارة الإسلام، ص: 48، وإرشاد المفيد، ج 2، ص: 274، عقد الدرر، ص: 157، أعلام الورى، ج 2، ص: 281، إثبات الهداة، للحر العاملي، ج 3، ص: 720، 731.
(456) إلزام الناصب، ج 2، ص: 117.
(457) إلزام الناصب، للشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 170، من منشورات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(458) إلزام الناصب، ج 2، ص: 117.
(459) بشارة الإسلام، ص: 121، الغيبة، للنعماني، ص: 255، تحويه الغيبة للشيخ الطوسي، ص: 446، 443، أعلام الورى، ص: 429، البحار، ج 52، ص: 210، ح 52، إرشاد المفيد، ج 2، ص: 375، ط 1.
(460) بشارة الإسلام، ص: 121، الغيبة، للنعماني، ص: 255، تحويه الغيبة للشيخ الطوسي، ص: 446، 443، أعلام الورى، ص: 429، البحار، ج 52، ص: 210، ح 52، إرشاد المفيد، ج 2، ص: 375، ط 1.
(461) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 646، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة، نقلاً عن: إلزام الناصب، ص: 64، 177، وبشارة الإسلام، ص: 5، 103، والملاحم والفتن، ص: 68، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 217.
(462) بشارة الإسلام، ص: 29.
(463) يوم الخلاص، كامل سليمان، ج 6، ص: 39 - 40، 641، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة، نقلاً عن: الحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 127، 130، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 162، والملاحم والفتن، ص: 43، 58، بلفظ آخر، وص: 75 آخره.
(464) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 639 - 640، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، نقلاً عن: الحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 133.
(465) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 639، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة، نقلاً عن: بشارة الإسلام، ص: 212، 184، والمهدي (عليه السلام)، ص: 190، الملاحم والفتن، ص: 44، وإلزام الناصب، ص: 188، والغيبة للطوسي، ص: 274، والبحار، ج 52، ص: 267، والمحجّة البيضاء، ج 4، ص: 343، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 223، والحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 139، 141، 145 عن الباقر (عليه السلام).
(466) نفس المصدر السابق.
(467) الملاحم والفتن، ابن المنادي، ص: 207، رواه نعيم في الفتن، ج 1، ص: 278، ح 804، بإسناده عن الوليد، وفي ص: 320، ح 893 بنفس الإسناد نحوه، وأورده في عقد الدرر، ص: 169 مثله.
(468) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 113، 120.
(469) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 113، 120.
(470) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 184.
(471) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 621، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة.
(472) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 649 - 650، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة، نقلاً عن بشارة الإسلام، ص: 64.
(473) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، للشيخ الشافعي السليلي، من علماء القرن السابع، ص: 116 - 118، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو.
(474) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، للشيخ الشافعي السليلي، من علماء القرن السابع، ص: 116 - 118، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو.
(475) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، للشافعي السليلي، من علماء القرن السابع، ص: 166 - 167.
(476) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، للشافعي السليلي، من علماء القرن السابع، تحقيق الدكتور عبد الفتاح الحلو، ص: 158.
(477) عقد الدرر، ص: 142، بحار الأنوار، المجلد السابع عشر، ج 52، ص: 406، غيبة الشيخ الطوسي، ص: 121.
(478) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، الباب السابع عشر في شرفه وعظيم منزلته، تحقيق الدكتور عبد الفتاح الحلو، ص: 196، 86، بشارة الإسلام، ص: 98.
(479) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، الباب السابع عشر في شرفه وعظيم منزلته، تحقيق الدكتور عبد الفتاح الحلو، ص: 196، 86، بشارة الإسلام، ص: 98.
(480) كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 272 - 273، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(481) كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 272 - 273، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(482) كشف الغمة، الأربلي، ج 3، ص: 272، دار الأضواء، بيروت - لبنان.
(483) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 121 - 122.
(484) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 122 - 123، مؤسسة صاحب الأمر للطباعة والنشر.
(485) نفس المصدر السابق.
(486) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 122 - 123، مؤسسة صاحب الأمر للطباعة والنشر، بحار الأنوار، المجلد السابع عشر، ج 52، ص: 382، 116.
(487) ينابيع المودّة، ج 3، ص: 391، دار الأسوة للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، سنة 1416 هـ.
(488) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، للشيخ الشافعي السليلي، من علماء القرن السابع، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 170 - 171، جمكران - قم المقدّسة.
(489) عقد الدرر، ص: 174، 175.
(490) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 121.
(491) بحار الأنوار، ج 47، ص: 84، ح 37، وينابيع المودّة، ج 1، ص: 407.
(492) كشف الغمة، للأربلي (رحمه الله)، المتوفى سنة 693 هـ، ج 3، ص: 290، 378، دار الأضواء، بيروت.
(493) كشف الغمة، للأربلي (رحمه الله)، المتوفى سنة 693 هـ، ج 3، ص: 290، 378، دار الأضواء، بيروت.
(494) هود / 67.
(495) هود / 67.
(496) هود / 94.
(497) الحجر / 73.
(498) الحجر / 83.
(499) العنكبوت / 40.
(500) يس / 49.
(501) ص / 15.
(502) ق / 41، 42.
(503) القمر / 31.
(504) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، للشافعي السليلي، تحقيق عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 142، جمكران - قم المقدّسة، أخرجه الإمام أبو عبد الله نعيم بن حمّاد في كتاب (الفتن).
(505) أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر المنادي في كتاب (الملاحم).
(506) الشعراء / 4.
(507) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر، للشافعي السليلي، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 143.
(508) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، الباب الرابع والثلاثون، في علامات خروج المهدي (عليه السلام)، ج 3، ص: 721.
(509) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 121.
(510) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 125، الطبعة الخامسة المنقحة، مؤسسة الأعلمي، بيروت - لبنان.
(511) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 537، ط 1، أنوار الهدى، قم المقدّسة، نقلاً عن: الغيبة للنعماني، ص: 134 - 139، والبحار، ج 52، ص: 535، والإرشاد، ص: 337، والملاحم والفتن، ص: 114 بعضه، وبشارة الإسلام، ص: 95، وينابيع المودّة، ج 3، ص: 66، والبحار، ج 52، ص: 230، وبشارة الإسلام، ص: 92، والبحار، ج 52، ص: 230 - 231، ومنتخب الأثر، ص: 449، والغيبة للنعماني، ص: 134، والغيبة للطوسي، ص: 274، وبشارة الإسلام، ص: 92.
(512) نفس المصدر السابق.
(513) نفس المصدر السابق.
(514) بلفظ آخر، وبشارة الإسلام، ص: 49، القسم الأخير منه، ومثله في ص: 120 عن الإمام الصادق (عليه السلام)، وص: 161 عن الإمام الرضا (عليه السلام)، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 45، 220، وإلزام الناصب، ص: 177، الإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 48، ومصادر أُخرى.
(515) عقد الدرر، ص: 139 - 141.
(516) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر (عليه السلام)، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمّد الحلو، ص: 139 - 141، جمكران - قم المقدّسة.
(517) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 156.
(518) البحار، المجلد السابع عشر، ج 52، ص: 376، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت - لبنان.
(519) النعماني، ص: 183.
(520) النعماني، ص: 175.
(521) راجع ما جاء في باب النداء.
(522) الشعراء / 4.
(523) النعماني، ص: 175، منشورات مؤسسة الأعلمي، الطبعة الأولى، بيروت - لبنان.
(524) النعماني، ابن أبي زينب، ص: 173 - 174، من منشورات الأعلمي للمطبوعات، الطبعة الأولى، والآية من سورة القمر / 2.
(525) النعماني، ابن أبي زينب، ص: 169 - 170، من منشورات الأعلمي لمطبوعات، بيروت - لبنان.
(526) النعماني، ابن أبي زينب، ص: 175، من منشورات مطبوعات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(527) الغيبة للنعماني، ابن أبي زينب، ص: 171 - 172، 195 - 196 - 197، الطبعة الأُولى، مطبوعات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(528) الغيبة للنعماني، ابن أبي زينب، ص: 171 - 172، 195 - 196 - 197، الطبعة الأُولى، مطبوعات الأعلمي، بيروت - لبنان.
(529) غيبة النعماني، ابن أبي زينب، ص: 195 - 196، الأعلمي للمطبوعات، بيروت.
(530) النساء / 47.
(531) الغيبة للنعماني، ابن أبي زينب، ص: 187 - 189، ط 1، مؤسسة الأعلمي، بيروت.
(532) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 612، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة، نقلاً عن: إلزام الناصب، ج 2، ص: 170.
(533) إلزام الناصب، ص: 67، وبشارة الإسلام، ص: 100، وص: 99 بلفظ غريب، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 227، ومثير الأحزان، ص: 298 باختلاف يسير.
(534) نور الأبصار، ص: 172، وبشارة الإسلام، ص: 175، 187، يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 629.
(535) الإرشاد، للشيخ المفيد، ص: 339، والبحار، ج 52، ص: 210، وبشارة الإسلام، ص: 181، يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 629، ط 1، سنة 1417 هـ، أنوار الهدى، قم المقدّسة.
(536) الغيبة لنعماني، ص: 135، والبحار، ج 52، ص: 210، 232، ومنتخب الأثر، ص: 456، والغيبة للشيخ الطوسي، ص: 271، وأعلام الورى، ص: 429، وإلزام الناصب، ص: 184، وبشارة الإسلام، ص: 93، ويوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 630، ط 1، سنة 1417 هـ.
(537) منتخب الأثر، ص: 439، والغيبة لطوسي، ص: 267، والإمام المهدي (عليه السلام)، ص: 228، وبشارة الإسلام، ص: 119، 156، والمهدي (عليه السلام)، ص: 191، الملاحم والفتن، ص: 71، والبيان، ص: 77، يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 631 - 632، الغيبة للنعماني، ص: 163، والبحار، ج 52، ص: 275 - 276، وإلزام الناصب، ص: 180.
(538) إلزام الناصب، ج 2، ص: 170.
(539) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 187.
(540) بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: 93، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام) للطباعة والنشر.
(541) النجم الثاقب في أحوال الإمام الحجّة الغائب، الشيخ حسن الطبرسي النوري (قدس سره)، ج 2، ص: 542 - 543، تحقيق السيّد ياسين الموسوي، ط 1، قم المقدّسة، والمهذب البارع، جمال السالكين أحمد بن فهد الحُلّي، ج 1، ص: 119 - 120، 194 - 195، بحار الأنوار، ج 19.
(542) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، ج 3، ص: 733.
(543) نفس المصدر السابق.
(544) كشف الغمة، للمحقق الأربلي (رحمه الله)، المتوفى سنة 693 هـ، ج 3، ص: 261، دار الأضواء، بيروت، أعلام الورى، ص: 430، وفيه ليلة ست وعشرين من شهر رمضان وبحذف أوَّله في الفصول المهمة، ص: 302، وباختلاف يسير في غيبة الطوسي، ص: 452 - 458، إرشاد المفيد، ص: 379، ط 1، المؤتمر العالَمي لألفية الشيخ المفيد، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام).
(545) بشارة الإسلام، ص: 194.
(546) بشارة الإسلام، ص: 193، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام)، قم المقدّسة، كمال الدين وتمام النعمة، للشيخ الصدوق، ص: 654، مؤسسة النشر الإسلامي.
(547) بشارة الإسلام، ص: 193، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام)، قم المقدّسة.
(548) بشارة الإسلام، ص: 149، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام)، قم المقدّسة.
(549) إلزام الناصب، للشيخ علي اليزدي الحائري، ج 2، ص: 303، من منشورات الأعلمي لمطبوعات، بيروت - لبنان، الطبعة الخامسة.
(550) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، ج 3، ص: 738.
(551) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، ج 3، ص: 734، بشارة الإسلام، ص: 118، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام) للطباعة والنشر.
(552) إثبات الهداة، الشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، ج 3، ص: 733.
(553) بشارة الإسلام، ص: 134، (عن كمال الدين).
(554) بشارة الإسلام، ص: 117.
(555) التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، لابن طاووس، ص: 203، مؤسسة صاحب الأمر.
(556) فروع الكافي، للكليني، ج 8، ص: 258، دار الأضواء، بيروت.
(557) فروع الكافي (روضته)، الكليني، ج 8، ص: 220، دار الأضواء، بيروت.
(558) فروع الكافي (روضته)، الكليني، ج 8، ص: 220، دار الأضواء، بيروت.