لنعرف إمامنا ووظيفتنا بصورة أفضل

لنعرف إمامنا ووظيفتنا بصورة أفضل(1)

آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي

الفهرس

أولاً: لنعرف إمامنا أكثر..................2
إنّه يصدع بالحكمة والموعظة الحسنة..................2
ويسير بسيرة جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام)..................3
جانب من سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام)..................3
ويلبس ثياب عليّ (عليه السلام)..................3
أهل البيت (عليهم السلام) كلّهم رحمة..................4

ما أعظم أهل البيت وما أحلى العيش في ظلّهم!..................5
الإمام المهدي مرآة المصطفى والمرتضى صلوات الله عليهم أجمعين..................6
أحوال الناس في زمن الظهور..................6
ثانياً: لنعرف وظيفتنا بنحو أفضل..................7
الوظيفة تعلّم الإسلام والعمل به وتعليمه..................7
الوظيفة مقدّمة على الرغبة..................8
الشيخ المفيد نال أوسمة من الحجّة لم ينل مثلها أحد..................8
بمقدار ما نعمل بوظائفنا يرضى عنّا الحجّة..................10
أويس القرني أفضل من كثير من الصحابة!..................10
ختاماً..................11

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
في شهر شعبان المبارك، التي تنتسب للمولى صاحب العصر والزمان (عليه وعلى آبائه السلام) أودّ التعرّض لموضوعين:
الأوّل: يتعلّق بالإمام (عليه السلام وعجّل الله تعالى فرجه الشريف).
والآخر: يتعلّق بنا وبوظيفتنا في عصر الغيبة.
أولاً: لنعرف إمامنا أكثر
أمّا الموضوع الأوّل فقد روي عن النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: (مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية).(2)
فكما تكون الميتة الجاهلية على كفر وشرك وإلحاد؛ لأنّها ليست في ظلّ الإسلام، فكذلك تكون حال مَن يموت ولا يعرف إمام زمانه، أي يموت وحكمه حكم المشرك والملحد والكافر.
المهديّ عجّل الله فرجه من الأمور المسلّمة، ومنكره منكر للبديهيات
إنّ البحث العلمي حول هذا الموضوع واسع ومتشعّب، ولكنّي لا أريد التعرّض إلى تفاصيله. فأصل وجود المولى (صاحب الزمان)، ومعرفته بصفته إماماً مفترض الطاعة، يُعدّ من أصول الإسلام، وهو من الأمور المسلّمة والمتواترة. وإذا ما بلغ أمرٌ حدّ التواتر، فإنّ الجدال فيه يكون من باب السفسطة وإنكار الوجدانيات.(3)
إنّ المولى سيشرّفنا بحضوره إن شاء الله، ويظهر للناس كافة، ويعلن للعالم أنّه المهديّ من آل محمّد (صلّى الله عليه وعلى آبائه الطيّبين أجمعين). فكيف سيكون هو (عليه السلام) في ذلك اليوم المبارك؟ وكيف سيكون حال الناس؟!
إنّه يصدع بالحكمة والموعظة الحسنة
قال الله (تعالى) يخاطب نبيّه الكريم: (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ).(4) فمن صفات الرسول (صلّى الله عليه وآله) أنه يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) من محاضرات سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله).
(2) بحار الأنوار، ج23، ص78، باب وجوب معرفة الإمام.
(3) هناك أشخاص تضخّمت عندهم قوة التخيّل حتّى صاروا ينسبون كلّ شيء إلى الخيال وينكرون الوجدانيات والأمور المتعلّقة بالعلم الوجداني كالمتواترات؛ فلا شيء عندهم يسمى العلم. وإنكارهم لوجود المولى (صاحب الزمان) من هذا القبيل، إي هو إنكار للوجدانيات والمتواترات.
(4) النحل: 125.

(٢)

هذا التعبير نفسه، وهاتان المفردتان عينهما (الحكمة والموعظة الحسنة) وردتا في زيارة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) المروية عن المعصوم (عليه السلام) حيث تصفه بأنّه (الصادع بالحكمة والموعظة الحسنة).(5)
فهو كجده (صلّى الله عليه وآله) يبدأ بالحكمة والموعظة الحسنة.
ويسير بسيرة جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام)
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: (إنّ قائمنا إذا قام سار بسيرة أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)).(6)
وتقول الروايات أيضاً: إنّ علياً (عليه السلام): (سار بالمنّ والكفّ)(7)، أي أنّه (عليه السلام) كان لا يعاقب بل يمنّ.
إذا أردتم أن تعرفوا سيرة الإمام الحجّة (عجّل الله تعالى فرجه) في التعامل مع الأصدقاء والأعداء فانظروا إلى سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام). فهذا تاريخه (صلوات الله عليه) بين أيديكم دوّنه الشيعة والسنّة والنصارى واليهود وغيرهم في صفحات مشرقة.
جانب من سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام)
لقد كان (عليه السلام) يدفع مَن ناهضه وبارزه بالنصح والموعظة ما أمكن، وكان يسعى للحؤول دون وقوع الحرب وإراقة الدماء، سواء عن طريق المواعظ الفردية والجماعية أو غيرها.. ولكن إذا وصل الأمر بالطرف الآخر أن يهجم ويريد القتال قام الإمام بدور الدفاع لا أكثر، ولكن ما إن يتراجع الخصم أو ينهزم حتّى يتوقّف الإمام عن ملاحقته ولا يسعى للانتقام منه. ولم يبدأ أحداً بقتال أبداً.
وهذا الأمر مشهود في تاريخ أمير المؤمنين سلام الله عليه.
ومع أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) يصرّح له بالقول: (يا عليّ حربك حربي وسلمك سلمي)(8) نلاحظ أنّ الإمام (عليه السلام) لم يأسر من أعدائه حتّى فرداً واحداً، ولا صادر أو سمح لأصحابه بمصادرة أيّ شيء من أموال الخصم وإن كان رخيصاً أو عديم الثمن.
تروى في هذا المجال أمور لا نظير لها، لا في التاريخ، ولا في الحاضر ولا في الآتي، إلاّ ما كان عن الإمام أمير المؤمنين وما سيكون من الحجّة المنتظر سلام الله عليهما.
فقد روي أنّ الإمام (عليه السلام) لم يسمح بمصادرة حتّى (ميلغة) واحدة من العدوّ(9)!(10)
ويلبس ثياب عليّ (عليه السلام)
أما عن سيرته الشخصية، فقد روى البرقي عن حماد بن عثمان قال:
(حضرت أبا عبد الله (عليه السلام)، وقال له رجل: أصلحك الله ذكرت أنّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) كان يلبس الخشن،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(5) بحار الأنوار، ج99، ص101، زيارة الإمام المستتر عن الأنظار.
(6) بحار الأنوار، ج47، ص54.
(7) بحار الأنوار، ج53، ص353.
(8) بحار الأنوار، ج34، ص261.
(9) والميلغة: هي الإناء الذي يلغ فيه الكلب، فهي اسم آلة مشتقّ من الفعل (ولغ)، وكان الناس آنذاك إذا كسرت كيزان الماء الخزفية لم يرموا بكعوبها بل يتّخذون منها أوعية للماء الذي تلغ فيه الكلاب.
(10) ففي الحديث أنه: بعث النبي (صلى الله عليه وآله) خالد بن الوليد على صدقات بني المصطلق حيّ من خزاعة، وكان بينه وبينهم في الجاهلية ذحل فأوقع بهم خالد فقتل منهم، واستاق أموالهم ، فبلغ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ما فعل فقال : اللّهمّ أبرأ إليك ممّا صنع خالد، وبعث إليهم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) بمال وأمره أن يؤدي إليهم ديات رجالهم وما ذهب لهم من أموالهم، وبقيت معه من المال زعبة، فقال لهم: هل تفقدون شيئا من متاعكم؟ فقالوا: ما نفقد شيئا إلاّ ميلغة كلابنا، فدفع إليهم ما بقي من المال فقال: هذا لميلغة كلابكم. وما أنسيتم من متاعكم، وأقبل إلى النبيّ (صلى الله عليه واله) فقال: ما صنعت؟ فأخبره بخبره حتّى أتى على حديثه، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله): أرضيتني رضي الله عنك يا عليّ أنت هادي أمّتي، ألا إنّ السعيد كلّ السعيد مَن أحبّك وأخذ بطريقتك، ألا إنّ الشقي كلّ الشقي من خالفك ورغب عن طريقك إلى يوم القيامة. (بحار الأنوار، ج21، ص143، باب27، ذكر الحوادث بعد الفتح).

(٣)

يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ونرى عليك اللباس الجديد. فقال له: إنّ عليّ بن أبي طالب كان يلبس ذلك في زمن لا يُنكر ولو لبس مثل ذلك اليوم شهّر به. فخير لباس كلّ زمان لباس أهله غير أنّ قائمنا أهل البيت إذا قام لبس ثياب عليّ وسار بسيرة أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)).(11)
فهو (عجّل الله فرجه الشريف) لا يرتدي طيلة عهده الشريف والمبارك حتّى حلّة ثمينة واحدة مع أنّ الله تعالى يملّكه الدنيا وما فيها. فكلّ شيء في الوجود هو من أجل المعصومين (عليهم السلام) - كما في حديث الكساء الشريف - لكنّهم يزهدون عنها، ويعيشون في بساطة كسائر الناس العاديين بل أبسط(12)؛ وذلك (كيلا يتبيّغ بالفقير فقره)(13) كما يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام). أي لا يتأذّى الفقير بفقره إذا رأى كيف يعيش زعيم القوم وإمام المسلمين وقائدهم ورئيسهم وأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه.(14)
هذه هي حياة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).
وهكذا ستكون حياة الإمام المهديّ (عجّل الله فرجه).. سائراً بسيرة جدّه أمير المؤمنين. فهو سيدعو نوّابه الخاصّين في عصر الظهور ووكلاءه الثلاثمئة والثلاثة عشر ويأخذ منهم العهود والمواثيق أن لا تكون وسائدهم وثيرة، لكي يواسوا المقترين، وإن ندروا في ذلك الزمان.
أهل البيت (عليهم السلام) كلّهم رحمة
هل تريدون أن تعرفوا عن حكومة المهديّ (عجّل الله فرجه) أكثر؟ إذن انظروا إلى تاريخ الرسول وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وآلهما). وإليكم بعض الأمثلة:
هرع المشركون لحرب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) واستبَقوا حتّى مياه بدر، وكان الرسول قد سبقهم، وقد قطع المشركون مسافة بعيدة فقد قدموا من مكّة ولكن لم يستطيعوا الوصول إلى مياه بدر، والماء - كما هو واضح - مسألة حيوية وخاصة للجند والمقاتلين، ولم يكن في تلك النواحي ماء ليستفيدوا منه غير ماء بدر، فقرّروا العودة رغم قطعهم تلك المسافة الشاسعة وتعبئتهم القوّات والناس لقتال الرسول (صلّى الله عليه وآله) مدّة طويلة وحملهم السلاح وإنفاقهم الأموال و…. إذ كيف سيحاربون ولا ماء عندهم؟!
وهنا ادّعى أبو سفيان أنّه سيحلّ المشكلة.
قيل له: كيف؟
قال: عن طريق الرسول نفسه [وكان يسمّيه باسمه المبارك فقط أي محمّد (صلى الله عليه وآله)].
قالوا: وكيف؟
قال: نطلب منه أن يعطينا الماء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(11) بحار الأنوار، ج47، ص54.
(12) في كتاب الكافي كثير من المطالب حول أحوال الأئمّة وقد جمعها المجلسي في (البحار)؛ منها: أنّ أحد أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) قال له: يا بن رسول الله إنّ الحكومة والرئاسة بيد أعدائكم وهم منعّمون، فليتها كانت بأيديكم وكنتم أنتم الرؤساء والأمراء. فقال (عليه السلام) – ما مضمونه -: وإن كنّا نحن الرؤساء فإنه سيبقى لباسنا خشناً ومأكلنا جشباً. لا تظنّوا أنّا لو أصبحنا رؤساء فإنّ أحدكم سيكون في نعمة وترف لقربه منّا. كلاّ.
(13) الكافي، ج1، ص410.
(14) يُنقل أنّ الإمام أمير المؤمنين وعندما كان رئيس أكبر دولة على الكرة الأرضية كان يخطب يوماً على المنبر ويحرّك بيده لباسه الذي يرتديه لكي يجفّ، وذلك لأنه لم يكن يملك غيره وقد غسله ولم يكن عنده الوقت الكافي لكي ينتظره حتّى يجفّ، فاضطرّ لأن يرتديه ويأتي إلى المسجد ليخطب في الناس في الموعد المقرّر وهو مبتلّ. يشير لهذا الموضوع الإمام (عليه السلام) بنفسه في نهج البلاغة في رسالته إلى عثمان بن حنيف واليه على البصرة عندما يقول: (ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه) أي بقميص واحد وإزار واحد يرتديهما لا غير، فقد كان لباس الناس في ذلك الوقت يتألّف من قطعتين؛ قميص وإزار. ولم يكن الإمام يملك أكثر منهما، وهذا هو المقصود بقوله (عليه السلام): بطمريه. أي ما يكتفي لملبس واحد فقط.

(٤)

قالوا: وهل سمعت أنّ أحداً يطلب الماء من عدوّه في ساحة القتال؟ وهل تتوقّع أن يستجيب لك وقد جئت تريد قتاله؟
قال لهم: إنّكم لا تعرفونه كما أعرفه.(15)
وهكذا أرسل أبو سفيان مَن يخبر النبيّ الكريم (صلّى الله عليه وآله) بالأمر ويطلب منه الماء.
واستجاب لهم الرسول (صلّى الله عليه وآله) وسمح لهم بحمل الماء إلى معسكرهم.
وهذا التصرّف هو عين الواقعية؛ فإنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) مبعوث من قِبَل ربٍّ أبرزُ أسمائه التي تكرّرت في القرآن هما: (الرحمن الرحيم)، كما أنّ نبيه (صلّى الله عليه وآله) نبيّ الرحمة، والهدف من بعثة الأنبياء هداية الناس. فأيّ وسيلة للهداية أفضل وأجمل وأبلغ من النفوذ في قلوب الضالّين؟!
قد لا يكون لهذا التصرّف أثر آني، ولكن أمثال هذه التصرّفات هي التي تجمّعت في فتح مكّة وبعده حتّى بلغ الأمر إلى فتح قلوب الناس أجمعين وصاروا (يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً).
هذا المشهد نفسه تكرّر في صفّين مع الإمام عليّ (عليه السلام)، وحصل أيضاً مع الحسين (عليه السلام) في طريق كربلاء إزاء الحُرّ وأصحابه.
وهكذا يعمل الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف.
ما أعظم أهل البيت وما أحلى العيش في ظلّهم!
إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يبدأ حرباً، بل إنّ العدوّ هو الذي كان يتعرّض للرسول الكريم (صلّى الله عليه وآله)، وهكذا كان حال الإمام عليّ (عليه السلام)، وكذلك الإمام الحسين (عليه السلام)؛ فمع أنّ العدوّ كان قد حاصره يقول (عليه السلام): (إنّي أكره أن أبدأهم بقتال).(16)
هذا هو واقع أهل البيت (عليهم السلام).
إذا أردتم أن تعرفوا الحجّة (عجّل الله فرجه) فانظروا إلى هذه الوقائع عن حياة الرسول والأئمّة المعصومين من أهل بيته سلام الله عليهم أجمعين، وكيف كانوا يعيشون، وكيف كانت معاشرتهم للناس، وكيف كانوا في الحرب والسلم.
لقد استشهد الرسول (صلّى الله عليه وآله) وهو مدين، وكذلك الإمام عليّ (عليه السلام)، وروي أنّ الإمام الحجّة يستشهد أيضاً، فهل يستشهد وهو غير مدين؟ لا أراه مستثنى من هذه القاعدة.
إنّ الأئمة لا يصبحون مدينين بسبب حاجاتهم الشخصية، بل لأنّهم يعطون ما لديهم، فإذا نفد ما تحت أيديهم استقرضوا للعطاء أيضاً.
وهذا هو حال الأئمّة كلّهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
فما أحلى العيش وأطيبه في ظلّهم!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(15) وكما قال الله تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاستَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ).
(16) بحار الأنوار، ج45، ص4.

(٥)

الإمام المهدي مرآة المصطفى والمرتضى صلوات الله عليهم أجمعين
والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو مرآة كاملة المظهر للرسول (صلّى الله عليه وآله) في كلّ شيء، ما عدا مقام نبوّته.
وهو (عجّل الله فرجه) مرآة كاملة للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلّ شيء ما عدا مقام أفضليته (عليه السلام). فما أحلى العيش وأطيبه آنذاك: في ظلّ الإمام صاحب العصر (عجّل الله فرجه)!
لنطالع الروايات قليلاً ونبحث فيها، ونتأمّل في مضامينها.
حقّاً إنّ التعلّق بالإمام المهديّ وحبّه هو تعلّق وحبّ لشخصه وللحياة الطيّبة التي تكون في ظلّ حكومته أيضاً، صلوات الله وسلامه عليه.
أحوال الناس في زمن الظهور
كانت تلك نبذة عن حال الإمام (عليه السلام) وسيرته في عصر ظهوره. أمّا حال سائر الناس في زمن الظهور فيروى عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: (إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت بها أحلامهم).(17) واليد هنا تعني القدرة كما في قوله تعالى: (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِم)(18) أي إنّ قدرة الله فوق قدرة كلّ أحد. وهكذا الإمام (عجّل الله فرجه) فإنّه يضع يده - قدرته - على رؤوس العباد فتكمل عقولهم.
ولهذا الأمر معنى طبيعي وآخر غيبيّ، ولا مانع أن يكونا معاً، أي بعض يشمل بالأوّل وبعض بالثاني، كما في الحيوانات حيث تتآلف ويسود التعايش حتّى بين المتعادية منها. فقد يكون هذا من ضمن (يضع يده) أيضاً وإن كان النصّ يقول: (على رؤوس العباد) لأنّه كما قلنا لا مانع أن يكون لهذا الأمر معنى غيبي أيضاً، يكون هذا من مصاديقه؛ إلى جانب المعنى الطبيعي للجملة (على رؤوس العباد) أي البشر.
وإذا كمل عقل الإنسان فإنّه لا يلهث بعد ذلك وراء حطام الدنيا، لأنّ ضعف العقل هو الذي يسوقه صوب التهافت على الدنيا.
وإذا كمل عقل الإنسان لم يركض خلف أهوائه، فهل سيكون ثمّة ظلم أو فقر أو بؤس؟ كلاّ بالطبع.
وإذا كمل عقل الإنسان كملت عقيدته وكمل إيمانه بل كملت حياته أيضاً. فتكون حياة الناس هانئة طيّبة ومريحة بل أحسن حياة يحياها جيل من الأجيال. وهذا سيكون حال معظم الناس يومذاك وليس حالة استثنائية لبعض الناس. فمعظم الناس سيحيون في راحة وهناءة ورغد وعيش كريم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(17) البحار، ج53، ص338.
(18) الفتح: 10.

(٦)

ثانياً: لنعرف وظيفتنا بنحو أفضل
أمّا الموضوع الثاني الذي أودّ الإشارة إليه في هذه الليلة المباركة، فهي معرفة وظيفتنا في عصر الغيبة.
إنّ الوظيفة شيء والرغبة شيء آخر، ويحسن الفصل بينهما جيّداً. تأمّلوا في هذا المثال: إذا مرض شخص ما أصبحت بعض الأغذية مضرّة بالنسبة إليه، وهذا لا يعنى أنّ هذه الأغذية مضرّة بذاتها بل هي حسنة ولكنّها لا تصلح لهذا الشخص بسبب مزاحمة الأهمّ في حقّه. فتناول هذه الأغذية تشكّل رغبة لهذا الشخص، ولكنّها ليست وظيفته. فكذلك الحال بالنسبة لنا تجاه صاحب الزمان (عليه السلام وعجّل الله تعالى فرجه الشريف).
إنّ لنا في لقاء صاحب الزمان رغبة، ولنا إزاءه وظيفة. فإذا كان هذان الأمران قابلين للجمع فما أحسن ذلك! أمّا إذا لم يمكن الجمع بينهما فهل على الفرد أن يسعى لتحقيق الرغبة أم العمل بالوظيفة؟ لا شكّ أنّ الواجب هو السعي للعمل بالوظيفة.
إنّ علقتنا الشديدة - جميعاً - بوليّ العصر (صلوات الله وسلامه عليه) هو الذي يدفعنا لأن نهتمّ ونعمل ونجدّ ونجتهد لسلوك الطريق الذي ينتهي بنا إلى توفيقنا لزيارة حضرته في عصر الغيبة، وهو مطلب مهمّ بالطبع ورغبة عظيمة؛ ومن وُفّق لها فقد نال مقاماً شامخاً وشرفاً رفيعاً، ولكنّها ليست الوظيفة.
إنّه شرف كبير وكرامة عظيمة أن يلتقي الإنسان بإمامه عن قرب ويقبّل يده، لا شكّ في ذلك ولا شبهة، ولكن السؤال هل هو ما يريده الإمام منّا؟ وهل هذه هي وظيفتنا؟
الوظيفة تعلّم الإسلام والعمل به وتعليمه
إنّ الوظيفة هي تعلّم الإسلام والعمل به وتعليمه سيّان كان الشخص رجلاً أو امرأة، زوجاً أم زوجة، أولاداً أو آباءً وأمّهات، أساتذة أم تلاميذ، وباعة أو مشترين، ومؤجّرين أم مستأجرين، وجيراناً أو أرحاماً، وفي كلّ الظروف والأحوال.
على كلّ فرد منّا أن ينظر ما هي وظيفته تجاه نفسه وتجاه الآخرين؛ ما هي الواجبات المترتّبة عليه، وما هي التروك والمحرّمات التي ينبغي له الانتهاء عنها.
إنّ على كلّ فرد منّا أن يعرف ما هي الواجبات بحقّه وما هي المحرّمات عليه. فعلى الزوج أن يعرف واجباته تجاه نفسه وتجاه عائلته، وتجاه الآخرين، وكذا المرأة عليها أن تسعى لمعرفة ما يجب عليها تجاه زوجها وأولادها والمجتمع. وهكذا الأولاد تجاه والديهم والوالدين تجاه الأبناء، وكذا الإخوة فيما بينهم، وهكذا الجيران والأرحام والمتعاملون بعضهم مع بعض.
إنّ الوظيفة أن يعرف الإنسان أحكامه - ولا أقلّ من الواجبات والمحرّمات - ثم يلتزم بها. وعلى رأس

(٧)

الواجبات معرفة المولى صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه وعجّل الله فرجه الشريف. وهذا واجب الجميع فإنّه (مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية). ولكي لا يموت أحدنا بحكم الكافر، ولا يكون حال الموت بحكم المشرك، عليه أن يعرف ما هي واجباته وما هي المحرّمات عليه، فيما يخصّ العقائد والعمل، لنفسه وللآخرين.
يقول الفقهاء إنّ على كلّ شخص أن يسعى للحصول على ملَكة العدالة في نفسه، وهذا من المسلّمات، وهو على حدّ تعبيرنا - نحن الطلبة - مقدّمة وجود الواجب المطلق.
إذن على كلّ فرد منّا سواء كان رجلاً أو امرأة، شاباً أم شيخاً، أهل علم أو كان كاسباً أن يحصل على ملَكة تحصّنه من ارتكاب المحرّمات أو التخلّف عن الواجبات. ثمّ عليه بتعليم الآخرين حسب مقدرته ومعرفته.
أمّا ما لا يعرفه ويستطيع أن يتعلّمه فيلتعلّمه، ثمّ يعلّمه للآخرين فإنّ نسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى العلم هي نسبة الواجب المطلق، وليس المشروط، ولكنّه واجب كفائي، فإذا لم يكن مَن فيه الكفاية صار واجباً عينياً أيضاً. أي أنّ على كلّ شخص مكلّف أن يتعلّم ويعرف ما هي الواجبات والمحرّمات عليه وعلى الآخرين للعمل بها وتعليمها والأمر بها حتّى الوصول إلى حدّ تتحقّق فيه الكفاية. فهذه هي الوظيفة، وهذا ما يسرّ الإمام الحجّة (عجّل الله تعالى فرجه) ويجعله يرضى عنّا. فإنّ مَن أدّى وظيفته بصورة صحيحة كان مرضيّاً عند الإمام، أمّا مَن لم يؤدِّ وظيفته فليس بمرضيّ عنده.
الوظيفة مقدّمة على الرغبة
صحيح أنّ الذين وفّقوا أو سيوفّقون أو هم موفّقون لنيل هذا الشرف العظيم بلقاء الإمام الحجّة وزيارته في الغيبة الكبرى، هم - في الغالب وحسب القاعدة - ممّن يعرفون الوظيفة ويعملون بها، وإلاّ لما حصلوا على هذا الشرف، ولكن هذا (أي الطموح للقائه عجّل الله فرجه) ليس هو الوظيفة، فلو أمكن الجمع فما أحسن ذلك! وإلاّ فإنّ الوظيفة مقدّمة على الرغبة، والوظيفة هي معرفة الواجبات والعمل بها وتشخيص المحرّمات والاجتناب عنها، تجاه النفس والآخرين، وبتعليم الجاهلين كلّ حسب قدرته ومعرفته، والسعي لكسب المزيد من المعرفة على هذا الطريق.
الشيخ المفيد نال أوسمة من الحجّة لم ينل مثلها أحد
أنقل لكم هنا القضيّة التالية وفكّروا أنتم في معناها:
انظروا في كلّ ما وصلنا من عبارات المدح والتقريظ من الإمام الحجّة (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين) بشأن كلّ الأفراد، ونوّابه الأربعة الخاصّين، والسفراء الآخرين ووكلائه(19)...
.. هل تجدون في كلّ كلمات المديح والتقريظ التي تفضّل بها الإمام بحقّ الأشخاص من نوّاب خاصّين وسفراء وغيرهم ما يرتقي لمستوى ما قاله (عليه السلام) بحق الشيخ المفيد؟ لا أظنّ ذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(19) فإنّ السفراء هم غير النوّاب الأربعة، فقد أطلق تعبير السفير على غير هؤلاء الأربعة، وإن أُطلق عليهم أيضاً، فهم السفراء المطلقون، وكان هناك للإمام سفراء محدّدون كمَن كاتبوا الإمام (عليه السلام) وأجابهم، وثمّة بعض الكتب التي كتبها الإمام ابتداءً لبعض أصحاب أبيه وجدّه (عليهم السلام).

(٨)

ينقل العلاّمة المجلسي رسالتين عنه (عليه السلام) في البحار إلى الشيخ المفيد(20)، والبحار كتاب موجود ومتداول، فراجعوه ولاحظوا هاتين الرسالتين، تجدون أنّ الإمام يذكر فيهما بعض المطالب، ويرد في موارد منها مدح للشيخ المفيد، لا تجدون له نظيراً حتّى في حقّ الحسين بن روح أو السمري أو العمريّين، وهم نوّابه الخاصّون.
أقول: من خلال هاتين الرسالتين والعبائر الأخرى التي نُقلت عنه (سلام الله عليه) بحقّ المفيد نلمس تقريظاً قد لا نلمسه - من حيث المجموع - بحقّ أيّ شخصية أخرى على الإطلاق، ممّن تشرّفوا بلقاء الحجّة (عليه السلام).
فمما ورد في إحدى الرسالتين الموجّهة للشيخ المفيد رحمه الله قوله (عجل الله فرجه الشريف):
للأخ السديد والولي الرشيد الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله إعزازه:
من مستودع العهد المأخوذ على العباد:
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: سلام عليك أيها المولى المخلص في الدين، المخصوص فينا باليقين، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا نبينا محمد وآله الطاهرين، ونعلمك أدام الله توفيقك لنصرة الحق، وأجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق، أنه قد أُذن لنا في تشريفك بالمكاتبة، وتكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا قبلك أعزهم الله بطاعته، وكفاهم المهمّ برعايته لهم وحراسته. فقف أمدّك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه على ما نذكره، واعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه إن شاء الله نحن، وإن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنا يحيط علمنا بأنبائكم ولا يعزب عنا شي‏ء من أخباركم ومعرفتنا بالزلل الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان اسلف الصالح عنه شاسعاً و نبذوا العهد المأخوذ منهم وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، إنا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء، فاتقوا الله جل جلاله وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم يهلك فيها من حمّ أجله و يحمى عليه من أدرك أمله و هي أمارة لأزوف حركتنا و مباءتكم بأمرنا و نهينا و الله متمّ نوره و لو كره المشركون... و الله يلهمك الرشد و يلطف لكم بالتوفيق برحمته...
هذا كتابنا عليك أيها الأخ الولي والمخلص في ودنا، الصفي والناصر لنا، الوفي. حرسك الله بعينه التي لا تنام، فاحتفظ به ولا تظهر على خطنا الذي سطرناه بما له ضمناه أحداً، وأدّ ما فيه إلى من تسكن إليه، وأوص جماعتهم بالعمل عليه إن شاء الله، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.(21)
أعود وأقول: إنّه لشرف كبير ومصدر فخر واعتزاز أن يمثل الشخص بين يدي الإمام ويكون في حضرته؛ يزوره عياناً ويتشرّف برؤيته وتقبيل يده. فهنيئاً - وآلاف المرّات هنيئاً - لأمثال الحاجّ عليّ البغدادي والسيّد بحر العلوم وغيرهما ممّن نالوا هذا الشرف الكبير وهذا المجد الرفيع وهذه الكرامة. ولكن - اعلموا أيّها الإخوان - إنّ هذه ليست هي الوظيفة فإنّه لم يبلغنا عن الشيخ المفيد أنّه التقى بالحجّة - لا يُعرف ما هو السبب، وربما التقاه ولم يصلنا - ولكنّه مع ذلك نال هذه الأوسمة منه (عليه السلام).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(20) قال المجلسي وآخرون أنّ هذه الرسائل كانت ثلاثاً ضاعت واحدة منها ولم تصلنا.
(21) بحار الأنوار، ج53، ص174، باب 31 (ما خرج من توقيعاته (عليه السلام)).

(٩)

بمقدار ما نعمل بوظائفنا يرضى عنّا الحجّة
على كلّ حال إنّ وظيفتنا هي التي يرضى بها الإمام عنّا إن نحن عملنا بها، وإذا أردنا أن نعرف نسبة رضاه عنّا - وكم هي في المئة مثلاً - فلنفكّر مع أنفسنا مدى معرفتنا للوظيفة وعملنا بها - تجاه أنفسنا والآخرين، أقرباء وأرحاماً وسواهم - هذه أهم مسألة وواجب علينا ودور لنا في عصر الغيبة، وإنّ الدرجات التي تُمنح في الآخرة ستكون على هذا الأساس أيضاً.
نسأل الله أن نبقى أحياء حتّى ندرك ظهور الحجة (عجل الله تعالى فرجه) ونكون في خدمته وفي ركابه، ولكن اعلموا أنّه حتّى درجات ذلك اليوم تعطى على أساس دورنا وعملنا وإنجاز وظيفتنا اليوم.
أويس القرني أفضل من كثير من الصحابة!
ولتكن لنا في أويس القرني قدوة وعبرة، فإنّ هذا العبد الصالح لم يوفّق لأن يدرك الرسول (صلّى الله عليه وآله) مع أنّه كان في عصره، فقد كان يعيش في اليمن، وعندما توجّه منها إلى المدينة لرؤية الرسول (صلّى الله عليه وآله) وزيارته لم يدركه أيضاً، فقد كان (صلّى الله عليه وآله) قد استشهد. وتأثّر أويس لذلك كثيراً. ولكن هل تعلمون أنّ أويساً هذا مقدّم على كثير ممّن صحبوا الرسول (صلّى الله عليه وآله).
إذا أردتم التحقّق من ذلك فانظروا إلى سيرته:
يُنقل أنّه كان أحد الأشخاص يسبّ أويساً كلّما مرّ به أو التقاه. وفي إحدى المرّات رآه أويس يقبل من بعيد فغيّر طريقه. هل تدرون لماذا؟
ربّما كثير من الناس يتجنّب المواجهة مع مَن يريد سبّه، لأنّه قد تتوتّر أعصابه أو يراق ماء وجهه بين الناس. ولكن أويساً لم يغيّر طريقه لهذه الأسباب. فعندما سألوه عن السبب في تغيير مسيره أجاب: لئلاّ يقع (أي ذلك الشخص) في المعصية.(22)
هل صحيح هذا؟ أجل ولِمَ لا!
إذن فلنكن مثله إن شاء الله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(22) انظر: تاريخ مدينة دمشق، ج9، ص421.

(١٠)

ختاماً
ونحن في عصر الغيبة إن أردنا أن نكسب رضا وليّ العصر وصاحب الزمان، فإنّ هذا الأمر يرتبط ارتباطاً وثيقاً وأكيداً بمدى معرفتنا للوظيفة والواجب الملقى علينا والعمل بهما.
أرجو من الله تعالى ببركة هذه الأيام، وببركة ميلاد الإمام ووجوده المقدّس وآبائه الطاهرين عليه وعليهم السلام، أن يزيد في توفيق مَن كانت عنده هذه الخصلة (أي معرفة الوظيفة في عصر الغيبة) وأن يمنحها لمَن ليست عنده بعد.
والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.

ليلة النصف من شعبان / 1423هـ

(١١)