الشاهد والمشهود في المهدي الموعود (عجّل الله فرجه)

الشاهد والمشهود في المهدي الموعود (عجَّل الله فرجه)(1)

تأليف: السيد عادل العلوي

الفهرس

المقدّمة - انتظار وأشواق..................3
الاعتقاد بالإمام المهدي (عليه السلام)..................4
الإمام المهدي (عليه السلام) في الكتب وعند الأعلام..................5
محاور الكلام في الإمام المهدي (عليه السلام)..................5
معالم دولة الإمام المهدي (عليه السلام)..................6
معرفة الإمام الكماليّة..................8
الخلفاء بعد الرسول..................9
لماذا إثبات وجود الإمام المهدي (عليه السلام)..................11
ضرورة معرفة الإمام وولايته..................15
هويّة الإمام المهدي (عليه السلام) الشخصيّة..................17
الإمام المهدي عقيدة إسلاميّة عالميّة..................22
ولادة الإمام المهدي (عليه السلام)..................23
الإمام المهدي في الأديان..................23
الإمام المهدي في القرآن الكريم..................24
الإمام المهدي (عليه السلام) في الأحاديث الشريفة..................26
خلاصة الاعتقاد بالإمام المهدي (عليه السلام)..................29
الشبهات حول الإيمان بالإمام المهدي (عليه السلام)..................30

المقدّمة - انتظار وأشواق:

الحمد لله فاطر السماوات والأرض، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمّد وآله الطاهرين، لا سيّما بقيّة الله في الأرضين، واللعن الدائم على أعدائهم ومنكري فضائلهم إلى قيام يوم الدين.

أيّها الأحباب قوموا واندبوا * * * واطلبوا المهدي بدمعٍ منهمل

ليت شعري أين استقرّت بك النوى بل أيّ أرضٍ تقلّك أو ثرى...
عزيزٌ عليَّ أن أرى الخلق ولا تُرى، ولا أسمع لك حسيساً ولا نجوى، هل إليك يا بن أحمد سبيل فتُلقى، هل يتّصل يومنا بعدة فنحضى؟ متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النصر وقطعت دابر المشركين واجتثثت اُصول الظالمين، ونحن نقول الحمد لله ربّ العالمين...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرة اسلامية ألقاها الكاتب في احتفال ميلاد صاحب الأمر (عليه السلام) في مسجد الإمام الرضا (عليه السلام) بقم المقدّسة سنة 1424.

(٣)

الاعتقاد بالإمام المهدي (عليه السلام):
من العقائد الحقّة الثابتة في كلّ الأديان السماويّة والملل والنحل هو الاعتقاد بالمصلح العالمي الذي يطهّر الأرض من الظلم والجور، وأنّه يصلح العالم وينقذ البشريّة من الجهل والفتن، فمثل ظهور هذا المصلح ضرورة عقليّة ودينيّة، وإنّه عند المسلمين هو الإمام المهدي (عليه السلام) من ولد فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وقد تواترت الأخبار المبشّرة المرويّة عن رسول الله وأهل بيته، وأصحابه بظهور المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان، وأنّه لو لم يبقَ من الدنيا إلّا يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم، كما وعد الله ذلك في قوله تعالى:
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْنا)(2).
وفي قوله تعالى: (وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ)(3).
وبجبر التاريخ ووعد الله الحقّ سيأتي ذلك العصر الذهبي الذي يشعّ فيه نور الإسلام، ولم يبقَ بيت إلّا وأدخله الله كلمة التوحيد، وهذا ما اتّفق عليه المسلمون، ومن أنكر ذلك فقد خاب سعيه وضلّ سبيله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(2) سورة النور: الآية 55.
(3) سورة القصص: الآية 5.

(٤)

الإمام المهدي (عليه السلام) في الكتب وعند الأعلام:
وما أكثر النصوص الدينية التي دلّت على ظهور المهدي في آخر الزمان، تذكرها كلّ المذاهب الإسلاميّة في كتبهم المعتبرة، كالصحاح الستّة، وقد أخرج هذه الأحاديث جماعة من أكابر أئمّتهم في الحديث كأحمد بن حنبل وأبي داود وابن ماجة والترمذي والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي والماوردي والطبراني والسمعاني وابن قتيبة وابن عساكر والدارقطني والكسائي وغيرهم الكثير الكثير.
وقد بلغت المصنّفات والمؤلّفات والمقالات في هذا الشأن المئات بل الاُلوف وبلغات عديدة، ككتاب (صفة المهدي) لأبي نعيم الأصفهاني و(البيان في أخبار صاحب الزمان) للكنجي الشافعي و(البرهان في علامات مهدي آخر الزمان) لملّا علي المتّقي صاحب كنز العمّال و(أخبار المهدي) لعباد بن يعقوب و(العُرف الوردي في أخبار المهدي) للسيوطي و(المختصر في علامات المهدي المنتظر) لابن حجر العسقلاني و(عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر) لجمال الدين الدمشقي وغيرهم الكثير، راجع (موسوعة الإمام المهدي في كتب السنّة) في مجلّدين، و(منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر) لآية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي، وكتابنا (الإمام المهدي وطول العمر في نظرة جديدة).
محاور الكلام في الإمام المهدي (عليه السلام):
ولا يخفى أنّ الحديث حول الإمام المهدي (عليه السلام) ذو شجون، وأنّه تختلف محاوره باختلاف المخاطبين وباعتبار ما عند الناس من معتقداتهم الخاصّة

(٥)

أو بالأحرى المسلمون منهم، فإنّهم بالنسبة إلى موضوع الإمام المهدي إمّا أن ينكرون وجوده وولادته قبل ظهوره، ويؤمنون به كعقيدة إسلامية، وأنّه يولد ويظهر في آخر الزمان، ليملأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجوراً، وهذا ما يذهب إليه المسلمون من أبناء العامّة. وإمّا أن يؤمنوا بولادته ووجوده وغيبته الكبرى، وأنّه سيظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلا وقسطاً، فهذا ما يعتقده المسلمون من أبناء الخاصّة، وهم الفرقة الناجية الشيعة الاثني عشريّة، كما هو الحقّ، لما عندنا من الأدلّة القاطعة والبراهين الساطعة من العقل والنقل الدالّان على ضرورة ذلك، وفي عقد الدرر ليوسف بن يحيى الشافعي (من كذب بالمهدي فقد كفر).
«وما من معجزة من معجزات الأنبياء والأوصياء إلّا ويظهر الله تبارك وتعالى مثلها في يد قائمنا لإتمام الحجّة على الأعداء»(4).
معالم دولة الإمام المهدي (عليه السلام):
ففي دولة الإمام المهدي (عليه السلام) يتجلّى التوحيد الخالص، والنبوّة الصادقة، والإمامة الحقّة، والصراط المستقيم، والدين القويم، ويكون الدين كلّه لله (عزّ وجلّ)، فتتحقّق آمال السماء بالبيّنات والمعجزات وبالكتاب الكريم وصحف السماء، وبالميزان ليقوم الناس بالقسط والعدالة.
(لَقَدْ أرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(4) تفسير البرهان:1 191، ومنتخب الأثر: 311، عن الإمام الصادق (عليه السلام).

(٦)

النَّاسُ بِالقِسْطِ وَأنْزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)(5).
فالناس يقومون بالعدل من عند أنفسهم إيماناً بها، لا أنّهم يجبرون ويقهرون على ذلك من قبل الأنبياء والأوصياء ورسل الله سبحانه وتعالى، وهذا يستدعي إصلاح المجتمع من صميمه وواقعه. وحينئذٍ لو لم تنفع الثورة الثقافيّة والعلميّة من الداخل، وظهرت على الساحة نماذج طاغوتيّة، فإنّ الله أنزل الحديد ليكون فيه بأس شديد، ومنافع للناس.
فالإمام (عليه السلام) يحكم بالرحمة للمؤمنين، وبالنقمة للكافرين، فإنّه مظهر ربّ العالمين، وإنّ الله أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة، وإنّه أشدّ المعاقبين في موضع النكال والنقمة، فالإمام نقمة على الظالمين والمستكبرين، وعلى من ينكره من أهل الشرق والغرب، فإنّه «إذا ظهرت راية الحقّ لعنها أهل الشرق والغرب»(6)، و«لولا أنّ السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله»(7)، وإنّما يحكم المهدي (عليه السلام) بحكومة القرآن الكريم حتّى يرضى أهل السماء والأرض بحكومته وعدالته، ويزدهر العالم بدولته وينعم الكون بطلعته، ويملأ الأرض بعدله وقسطه، ويسترّ به الجميع حتّى الحيتان في البحر، وتخرج الأرض كنوزها ومعادنها، وتحمل الأشجار أثمارها، ويرتع الذئب مع الشاة، ويلعب الأطفال بالعقارب والحيّات.
فظهوره (عليه السلام) يعني دولة الحقّ والعدالة والهناء والسعادة، ونهاية الظلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(5) سورة الحديد: الآية 25.
(6) البحار:52 363.
(7) إلزام الناصب: 192.

(٧)

والجور والجهالة والشقاوة، ومحو الاستكبار والاستثمار والاستعمار بمعسكريه الشرقي والغربي، فتكمل عقول الناس، ويعرفون الحقّ وأهله، ولا تأخذهم في الله لومة لائم.
عن الإمام الباقر (عليه السلام): «إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع به عقولهم وكملت به أخلاقهم»(8).
معرفة الإمام الكماليّة:
وعلينا أن نعرف هذا الإمام المعصوم (عليه السلام) حقّ المعرفة، نعرفه بمعرفة كماليّة التي تجمع المعارف الجلاليّة والجماليّة، ومن عرف الإمام بكماله ورأى جماله، فإنّه يحبّه ويعشقه، فيطيعه ويفنى فيه، فيفوز بالسعادة الأبديّة.
إنّه ولد (عليه السلام) في (15 شعبان سنة 256 ه ق) من نسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، وولد فاطمة الزهراء (عليها السلام)، اسمه اسمه وكنيته كنيته، وبمقدار معرفتنا به نفرح ونبتهج ونحتفل بولادته (عليه السلام)، وننتظر قدومه وظهوره، ونتوسّل به ابتغاءً لوسيلة ربّه.
وقد ورد في الخبر المتواتر عند الفريقين - السنّة والشيعة -: عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة، ميتة كفر وضلال»(9) فيكون من أهل النار، ويكون من الأشقياء التعساء، في الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(8) منتخب الأثر: 483.
(9) الغدير:10 360.

(٨)

الخلفاء بعد الرسول:
ولا يخفى أنّ الرسول الأعظم محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم) عرّف الخلفاء والأئمّة من بعده، بعددهم وأسمائهم وأوصافهم حتّى يحيى من حيَّ عن بيّنة، ويموت من يموت عن بيّنة، وتكون لله الحجّة البالغة، ولا يكون بعد الحقّ إلّا الضلال.
والروايات على طوائف:
1 - منها ما دلّت على أنّ الأئمّة اثنا عشر، وفيه (271) حديثاً.
صحيح البخاري (4: 175) عن جابر بن سمرة، قال: سمعت النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) يقول: يكون اثنا عشر أميراً (يمضي فيهم اثنا عشر خليفة) فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنّه قال: كلّهم من قريش.
2 - منها ما دلّت على أنّ الأئمّة بعدد نقباء بني إسرائيل والأسباط وحواري عيسى، وفيه (40) حديثاً.
3 - منها ما دلّت على أنّ الأئمّة اثنى عشر وأنّ أوّلهم عليّ (عليه السلام)، وفيه (132) حديثاً.
4 - منها ما دلّت على الأئمّة الاثني عشر وأنّ أوّلهم عليّ وآخرهم المهدي (عليهما السلام)، وفيه (91) حديثاً.
5 - منها ما دلّت على الأئمّة الاثني عشر وأنّ آخرهم المهدي (عليه السلام)، وفيه (94) حديثاً.
6 - منها ما دلّت على الأئمّة الاثني عشر وأنّ التسعة منهم من ولد الحسين (عليهم السلام)، وفيه (139) حديثاً.

(٩)

7 - منها ما دلّت على الأئمّة الاثني عشر وأنّ تسعة من ولد الحسين وتاسعهم قائدهم ومهديّهم، وفيه (107) حديثاً.
8 - منها ما دلّت على الأئمّة الاثني عشر بأسمائهم، وفيه (50) حديثاً.
من أراد تفصيل هذه الأحاديث الشريفة فعليه بكتاب (منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر (عليه السلام)).
ويقول المصنّف في نهاية الفصل الأوّل:
النصوص الواردة في ساداتنا الأئمّة الاثني عشر بلغت في الكثرة حدّاً لا يتّسعه مثل هذا الكتاب، وكتب أصحابنا في الإمامة وغيرها مشحونة بها، واستقصاؤها صعب جدّاً.
ولو اُضيف إليها النصوص المرويّة عن كلّ واحد منهم في من يلي الإمامة لا يحتمله إلّا مجلّدات كبيرة، فاقتصرنا في هذا الكتاب بذلك المقدار، وعلى من يطلب أزيد منه الرجوع إلى الكتب المصنّفة في خصوص ذلك الباب ونسأل الله التوفيق لإفراد كتاب فيه بهذا الترتيب إن شاء الله تعالى. انتهى كلامه.
فمع هذه النصوص المتواترة لفظاً ومعنىً وإجمالا أضف إلى ذلك الآيات القرآنيّة والأدلّة العقليّة والبراهين الساطعة نقطع يقيناً بإمامة الأئمّة الاثني عشر وخلفاؤهم لرسول الله بلا فصل أوّلهم أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) وآخرهم الإمام المهدي القائم المنتظر (عليه السلام) وعجّل الله فرجه الشريف.
وما يقال بالخلفاء الأربعة الراشدين يتنافى مع نصوص البخاري الصريحة فما للقوم لا يفقهون؟!

(١٠)

لماذا إثبات وجود الإمام المهدي (عليه السلام):
إنّ إثباتنا لوجود إمام الزمان المهدي من آل محمّد في عصرنا هذا كإثباتنا لوجود الله لمن أنكر وجوده، فكما أنّ الله موجود وحيّ وبيده كلّ شيء، فكذلك حجّته على الخلق لابدّ من ضرورة وجوده وإمامته التكوينيّة والتشريعيّة، وأنّه حافظ سرّ الله، وقطب ومحور وقلب عالم الإمكان، لولاه لساخ العالم بأهله، فإنّ أوّل من يكون في الخلق هو الحجّة وآخر من يكون هو الحجّة، «بكم فتح الله وبكم يختم»، «بكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض».
قال الإمام الصادق (عليه السلام):
والله ما ترك الله (عزّ وجلّ) الأرض قط منذ قبض آدم إلّا وفيها إمام يُهتدى به إلى الله (عزّ وجلّ)، وهو حجّة الله على العباد(10).
وقال (عليه السلام):
الحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق(11).
ولابدّ من مركزيّة في كلّ شيء فإنّ الذرّة مركزها البروتون وتدور حولها الإلكترونات، وهذا قانون حاكم على كلّ الكون، ومركز البشريّة والكون هو الإنسان الكامل جامع الجمع خليفة الله في خلقه، ولولا المركزيّة لاختلّ النظام الحركي الدائري في كلّ شيء، فمركزيّة العالم الإمام الكامل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(10) كمال الدين:1 230.
(11) المصدر نفسه.

(١١)

قال الإمام الصادق (عليه السلام):
لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام.
وقال (عليه السلام):
إنّ آخر من يموت الإمام لئلّا يحتجّ أحد على الله (عزّ وجلّ) أنّه تركه بغير حجّة لله عليه(12).
قال الإمام الرضا (عليه السلام):
لو خلت الأرض طرفة عين من حجّة لساخت بأهلها.
فإنّه كمفتاح الكهرباء بين المولّدات والبلد، لو اُطفئ لأُطفئ البلد. فالإمام واسطة فيض بين الخالق والخلق، بيمنه رزق الورى وبوجوده تثبت الأرض والسماء.
قال الإمام السجّاد (عليه السلام):
نحن أئمّة المسلمين وحجج الله على العالمين، وسادة المؤمنين وقادة الغرّ المحجّلين وموالي المؤمنين، ونحن أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث وتنشر الرحمة وتخرج بركات الأرض، ولولا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها، ثمّ قال: ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة الله فيها، ولولا ذلك لم يعبد الله(13).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(12) الكافي:1 180.
(13) كمال الدين:1 207.

(١٢)

ثمّ سبحانه وتعالى وإن كان على كلّ شيء قدير، وأنّه خلق آدم من دون أب واُمّ، وعيسى بن مريم من دون أب، وجعل النار على إبراهيم برداً وسلاماً، إلّا أنّه اقتضت حكمته أن تجري الاُمور بمجراها الطبيعي، إلّا في مقام المعجزة لإثبات النبوّة، فأبى الله أن يجري الاُمور إلّا بأسبابها.
عن مولانا الصادق (عليه السلام):
أبى الله أن يجري الأشياء إلّا بأسباب، فجعل لكلّ شيء سبباً، وجعل لكلّ سبب شرحاً، وجعل لكلّ شرح علماً، وجعل لكلّ علم باباً ناطقاً عرفه من عرفه وجهله من جهله، ذاك رسول الله ونحن(14).
وقد أمر الله تعالى في كتابه الكريم:
(وَأتُوا البُيُوتَ مِنْ أبْوَابِهَا)(15).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام):
من أتى البيوت من أبوابها اهتدى، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى(16).
والثابت عقلا ونقلا أنّ الأنبياء وأوصياءهم باب الله الذي منه يؤتى، فإمام الزمان باب الله في خلقه، فمن أتاه نجى وسعد، ومن تخلّف عنه هوى وهلك.
ثمّ الإمام (عليه السلام) من أتمّ مصاديق الوسيلة إلى الله (عزّ وجلّ)، وقال سبحانه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(14) اُصول الكافي:1 183.
(15) سورة البقرة: 186.
(16) الكافي:2 47.

(١٣)

وتعالى: (وَابْتَغُوا إلَيْهِ الوَسِيلَةَ)(17).
فهو واسطة الفيض بين الكون وبين ربّه، في الهداية التكوينيّة والتشريعيّة، فنفس الإمام ووليّ الله الأعظم وعاء لمشيئة الله وإرادته، ولرضاه وغضبه...
قال صاحب الزمان (عليه السلام):
قلوبنا وعاء لمشيّة الله(18).
فبيمنه رُزق الورى، وبوجوده ثبت الأرض والسماء، وإنّه شمس الخلائق وسرّ الوجود الذي يتجلّى فيه الحقيقة المحمّديّة والعلويّة، وتتبلور به الولاية الإلهيّة والخلافة الكونيّة، وإنّه عين الله في خلقه.
«اللهمّ عرّفني نفسك فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف رسولك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني، اللهمّ لا تمتني ميتة الجاهليّة»(19).
«خرج الحسين بن عليّ (عليه السلام) على أصحابه فقال: أيّها الناس، إنّ الله جلّ ذكره ما خلق العباد إلّا ليعرفوه - كما في الحديث القدسي: كنت كنزاً مخفيّاً فخلقت الخلق لكي اُعرف - فإذا عرفوه عبدوه - ففلسفة الحياة وسرّ الخليقة: العبادة بعد المعرفة كما في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنسَ إلاَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(17) سورة المائدة: الآية 35.
(18) تفسير نور الثقلين:5 486.
(19) دعاء الغيبة في آخر مفاتيح الجنان.

(١٤)

لِيَعْبُدُونِ)(20) أي ليعرفون ثمّ يعبدون - فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه. فقال له الرجل: يا بن رسول الله بأبي أنت واُمّي فما معرفة الله؟ قال: معرفة أهل كلّ زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته»(21).
ضرورة معرفة الإمام وولايته:
فمن عرف إمام زمانه بأنّه مفروض الطاعة والولاية، فوالاه وأحبّه وأطاعه، كما أطاع الله ورسوله، فإنّه كان مؤمناً حقّاً ومات على الإيمان والهداية والعلم:
(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أطَاعَ اللهَ)(22).
وبهذه الآية الكريمة يستدلّ على حجّيّة السنّة بالكتاب الكريم، كما بحديث الثقلين المتواتر والثابت عند الفريقين يستدلّ على حجّيّة أقوال العترة الهادية والأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، ووجوب إطاعتهم على الإطلاق، لعصمتهم وطهارتهم بآية التطهير وغيرها.
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم):
«فوالذي نفس محمّد بيده لا ينفع عبداً عمله إلّا بمعرفتنا وولايتنا»(23).
فالإمام واجب الطاعة وإنّه الوسيلة إلى الله، وواسطة الفيض بين الخالق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(20) الذاريات: 56.
(21) البحار:5 312.
(22) النساء: 80.
(23) البحار:27 193.

(١٥)

والمخلوق، وإنّه حجّة الله على الخلائق كلّها، إذ أنّه المحور والقلب وقطب العالم الإمكاني، لضرورة ذلك عقلا وعلميّاً، لكونه الإنسان الكامل الذي يخلف الله ويكون مظهر أسمائه ومرآة صفاته، ولولاه لساخت الأرض بأهلها، به يمسك الله السماء أن تقع على الأرض، وبيمنه رُزق الورى، وبموالاته تمّت الكلمة، وتقبل الطاعة المفترضة والعمل الصالح، وشرط بقاء العالم إنّما يكون بحضوره لا بظهوره، فهو حاضر في الخلق وإن كان غائباً عن الناس، فإنّه كالشمس خلف السحاب، فوجوده لطف من الله كما في النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم)، وتصرّفه التكويني والتشريعي لطف آخر ويتمّ بحضوره لا بظهوره، وأمّا غيبته وعدم تصرّفه القيادي الاجتماعي فمنّا، فمتى ما تهيّئت الاُمّة واستعدّت لدولته الكريمة، فإنّه يظهر بإذن الله سبحانه، ليملأ الأرض قسطاً وعدلا.
أجل، لابدّ من معرفة إمام الزمان لتصحّ التكاليف والوظائف الشرعيّة، وتقبل الطاعات والأعمال الصالحة، يفوز الإنسان بسعادة الدارين، وتكون عباداته عن دراية وفهم، فإنّه ورد في الحديث الشريف: «المتعبّد بغير فقه كالحمار في الطاحون»(24) أي يمشي ويتحرّك إلى الأمام إلّا أنّه يرى نفسه في آخر الأمر واقفاً في مكانه من دون أن يتقدّم ويتطوّر، فكانت حركته حركة حماريّة، وليست إنسانيّة إلهيّة.
وقد بُني الإسلام على خمس كما ورد في الصحيح الباقري (عليه السلام): «بني الإسلام على خمس: على الصلاة، والزكاة، والصوم، والحجّ، والولاية، ولم يُنادَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(24) نهج الفصاحة: 627.

(١٦)

بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه»(25).
ثمّ قال زرارة: وأيّ شيء من ذلك أفضل؟ فقال (عليه السلام): الولاية أفضل لأنّها مفتاحهنّ، والوالي هو الدليل عليهن.
والإمام السجّاد (عليه السلام) يقول: «ولو أنّ رجلا عمّر ما عمّر نوحٌ في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاماً، يصوم النهار، ويقوم الليل في ذلك الموضع - بين الركن والمقام - ثمّ لقي الله بغير ولايتنا لم ينفعه شيئاً»(26).
فيجب عقلا ونقلا معرفة إمام الزمان، وقبول ولايته، وامتثال أوامره ونواهيه، وإمام زماننا هو الحجّة الثاني عشر ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وأنّه حيّ يرزق، بوجوده ثبتت الأرض والسماء، وبه يتميّز الحقّ من الباطل، فمن آمن به كان من أهل الحقّ، وكان مأواه الجنّة، ومات على الإيمان والهداية، ومن جهله وأنكر وجوده، كان من أهل الباطل ولم يقبل عمله، وكان مأواه النار، ومات على الجاهليّة والضلال والكفر.
هويّة الإمام المهدي (عليه السلام) الشخصيّة:
ثمّ لكلّ فرد هويّته الشخصيّة التي يمتاز بها عن غيره، وإنّما تكون بعد ولادته كما هو المتعارف عليه، فكيف يكون إمام الزمان ذو هويّة شخصيّة ورسميّة ولمّا يولد؟! فهذا أمر يخالف الوجدان.
وقد أخبرنا النبيّ وآله الأطهار خلال فترة إمامتهم بهويّة الإمام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(25) اُصول الكافي:2 18.
(26) البحار:27 193.

(١٧)

المهدي (عليه السلام) وبولادته سنة 255 ه ق وبكلّ خصائصه ومميّزاته، وأنّه ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) من ولد فاطمة الزهراء (عليها السلام)، له غيبتان: الصغرى والكبرى وما يكون من علائم الظهور الحتميّة وغيرها قبل الظهور، وما يحدث عند قيامه، وبعد ظهوره، وعدد أصحابه ورجاله وأوصافهم، وأنّ القياديّين منهم (313) نفراً بعدد شهداء بدر، ونزول عيسى (عليه السلام) والصلاة خلف المولى المنتظر الإمام المهدي (عليه السلام)، وبمثل هذه المشخّصات والخصائص نعرف المهدي من آل محمّد عن غيره من الممهّدين والمدّعين بالباطل والزور، فلا يلتبس الأمر علينا حينئذٍ وهذا من لطف الله ولطف رسوله والأئمّة من بعده.
وإليكم نبذة من الهويّة الشخصيّة والسيرة الذاتيّة للإمام المهدي (عليه السلام)، وذلك من خلال ما ورد في لسان الوحي والعصمة من الأحاديث النبويّة والولويّة الشريفة، حتّى نكون على بصيرة من أمرنا، ولا يشتبه الأمر ولا نرتاب لطول غيبته، فما ذلك إلّا تمحيصاً واختباراً، وإنّ من أفضل الأعمال انتظار الفرج.
ومن الواضح أنّ كلّ واحد منّا يتميّز عن الآخر بهويّته الشخصيّة والذي يعرف في عصرنا بالجنسيّة الخاصّة، وما نذكره في الإمام المهدي (عليه السلام) من هذا الباب، فلا يشترك غيره بهذه الأوصاف.
1 - المهدي (عليه السلام) من بيت الوحي وذرّيّة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلم)، 389 حديثاً.
2 - اسمه اسم النبيّ وكنيته كنية النبيّ وأنّه أشبه الناس به شمائلا وأقوالا وأفعالا، 48 حديثاً.
3 - خاتم الأئمّة الاثني عشر وخاتم الأوصياء (عليهم السلام)، 185 حديثاً.
4 - الولد الحادي عشر من ولد أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، 214 حديثاً.

(١٨)

5 - من ولد فاطمة الزهراء (عليها السلام)، 192 حديثاً.
6 - من ولد السبطين الحسن والحسين (عليهما السلام)، 107 حديثاً.
7 - التاسع من ولد الحسين (عليه السلام)، 308 حديثاً.
8 - من ولد الإمام عليّ بن الحسين (عليه السلام)، 185 حديثاً.
9 - من ولد الإمام الباقر (عليه السلام)، 103 حديثاً.
10 - من ولد الإمام الصادق (عليه السلام)، 202 حديثاً.
11 - من ولد الإمام الكاظم (عليه السلام)، 199 حديثاً.
12 - من ولد الإمام الرضا (عليه السلام)، 95 حديثاً.
13 - من ولد الإمام الجواد (عليه السلام)، 90 حديثاً.
14 - من ولد الإمام الهادي (عليه السلام)، 90 حديثاً.
15 - من ولد الإمام العسكري (عليه السلام) وابنه بلا فصل، 293 حديثاً.
16 - اسم أبيه (الحسن)، 147 حديثاً.
17 - إنّه ابن سيّدة الإماء وخيرتهن، 9 أحاديث.
18 - ولد في الخفاء في بيت أبيه الإمام الحسن سنة 255 ه ق، 307 حديثاً.
19 - خفى ولادته خوفاً من خلفاء الجور من بني العبّاس، 14 حديثاً.
20 - اسم اُمّه (نرجس) و(سوسن) و(ريحانة)، 214 حديثاً.
21 - تشرّف بعض أصحاب الإمام الحسن بلقاء الإمام المهدي (عليه السلام)، 21 حديثاً.
22 - إنّه طويل العمر جدّاً ومن المعمّرين لا يعلمه إلّا الله سبحانه، 318 حديثاً.

(١٩)

23 - يبقى شابّاً ويظهر بسنّ الشباب، 8 أحاديث.
24 - يغيب عن الناس طويلا، 91 حديثاً.
25 - له غيبتان: صغرى وكبرى، 10 أحاديث.
26 - من تشرّف بلقائه وزيارته في غيبته الصغرى، 25 حديثاً.
27 - من تشرّف بزيارته ولقائه في غيبته الكبرى، 13 حديثاً.
28 - نوّباه الأربعة في غيبته الصغرى - قبورهم في بغداد ولهم مزارات فعلا -، 22 حديثاً.
29 - له من سنن الأنبياء ومنها الغيبة، 23 حديثاً.
30 - بيان شمائله وتوصيف سيرته المباركة، 51 حديثاً.
31 - كيف ينتفع بوجوده في زمن غيبته الكبرى، 7 أحاديث.
32 - علائم ظهوره وكيفيّة ظهوره، 657 حديثاً.
33 - أصحابه المقرّبون (313) نفر يجتمعون به من أطراف العالم بين ليلة وضحاها، 25 حديثاً.
34 - سيرته سيرة جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، 30 حديثاً.
35 - يظهر بعد تمحيص شديد وبلبلات كثيرة، 24 حديثاً.
36 - لا يعلم وقت ظهوره وكذب الوقّاتون، 7 أحاديث.
37 - عنده معاجز الأنبياء وودائعهم كعصا موسى والألواح، 23 حديثاً.
38 - عند ظهوره ينادى في السماء باسمه وبمشخّصاته، 27 حديثاً.
39 - يقتدي به عيسى بن مريم بعد نزوله من السماء، 29 حديثاً.
40 - تموت السنن وتظهر البدع وتملأ الأرض ظلماً وجوراً قبل ظهوره،

(٢٠)

 37 حديثاً.
41 - يطهّر الأرض من عبادة الأصنام ومن الشرك عند ظهوره، 19 حديثاً.
42 - يكون الإيمان والأمن الحقيقي في أيّام دولته، 7 أحاديث.
43 - ينتشر الإسلام في الشرق والغرب أيّام ظهوره، 12 حديثاً.
44 - تعتنق جميع الملل والنحل بدين الإسلام، 7 أحاديث.
45 - يقوم بالسيف والسلاح، 7 أحاديث.
46 - يكمل في حكومته عقول الناس وتعمّر البلاد، 5 أحاديث.
47 - تنزل بركات المساء وتظهر بركات الأرض في أيّام حكومته، 12 حديثاً.
48 - يزيح الظالمين وأعداء الله من الأرض، 19 حديثاً.
49 - يعمل بالقرآن والسنّة ويرجع الناس إليهما، 15 حديثاً.
50 - يكون الإسلام دين العالم في عصره، 47 حديثاً.
51 - يدعو الناس إلى حكومة القرآن وتشكيل حكومة إسلاميّة واحدة عالميّة، 62 حديثاً.
52 - ينشر العدل بنفسه، 123 حديثاً.
53 - يملأ الله به الأرض عدلا وقسطاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً فيحكم العدل في كلّ مجالات الحياة، 123 حديثاً.
واعلم أنّ مثل هذه الخصائص لا تتمّ إلّا في إمامنا ومولانا المهدي المنتظر الحجّة الثاني عشر (عليه السلام) وعجّل الله فرجه الشريف، وجعلنا من خلّص شيعته وأعوانه وجنده وأنصاره، والمستشهدين بين يديه. ومن أراد تفصيل الأحاديث

(٢١)

فعليه بمراجعة (منتخب الأثر) فإنّ فيه الكفاية.
ويظهر ممّا ذكرنا أنّ كلّ من يدّعي الإمامة والمهدويّة غيره (عليه السلام)، فإنّه من أولياء الشياطين، ضالّ ومضلّ، وأنّه يموت على غير دين الإسلام.
الإمام المهدي عقيدة إسلاميّة عالميّة:
ثمّ اعلم أنّ الاعتقاد بظهور الإمام المهدي (عليه السلام) لا يختصّ بالشيعة الإماميّة كما يدّعيه خصماؤهم، بل عقيدة إسلاميّة وانتظار عالمي، فإنّ كلّ الملل والنحل تنتظر مصلحها العالمي، كما أنّ كلّ المذاهب الإسلاميّة تعتقد بظهوره (عليه السلام)، كما في الأخبار المتواترة عند الفرق الإسلاميّة، وما هو ثابت عند أعلامهم كابن حجر الشافعي، وأبو السرور الحنفي، ومحمّد بن محمّد المالكي، ويحيى بن محمّد الحنبلي، وابن كثير الدمشقي، وابن أبي الحديد المدائني، وصدر الدين القونيوي، ومحمّد بن بدر الدين الرومي، وجلال الدين السيّوطي، وعبد الحقّ الدهلوي، والشيخ محمّد عبده، وأحمد أمين المصري، وغيرهم من أعلام القوم وعلمائهم، راجع (عقيدة أهل السنّة والأثر في المهدي المنتظر) طبع في مجلّة الجامعة الإسلاميّة - المدينة المنوّرة - العدد الأوّل سنة 1388.
وفي (منتخب الأثر) يذكر المؤلّف (63) كتاباً مستقلّاً كتب من قبل علماء السنّة في الإمام المهدي، وفي كتاب (الإمام المهدي) بقلم محمّد دخيل يذكر (205) كتاباً، وذكرنا (750) كتاباً من العامّة والخاصّة في كتابنا (الإمام المهدي وطول العمر بنظرة جديدة) مطبوع في موسوعة الرسالات الإسلاميّة، المجلّد السابع، فراجع.

(٢٢)

ولادة الإمام المهدي (عليه السلام):
ومن أعلام العامّة من أقرّ بولادته، كعبد الرحمن الجامي في كتابه (شواهد النبوّة)، وعبد الوهاب الشعراني في كتابه (اليواقيت والجواهر)، والشيخ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه المعروف (ينابيع المودّة في القربى)، ويقول: ما ثبت وكان من المسلّمات عند العلماء المحقّقين ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) ليلة الخامس عشر من شعبان عام 255 ه ق في سامراء (الصفحة 452).
الإمام المهدي في الأديان:
ثمّ الاعتقاد بظهور المصلح في آخر الزمان - كما ذكرنا - من الاُصول المسلّمة في كلّ الأديان السماويّة، فإنّه منقذ البشريّة في آخر الزمان، ففي توراة اليهود كتاب (أشعياء النبيّ الباب الحادي عشر، وفي كتاب دانيال النبي الباب الثاني عشر، إشارة إلى ذلك وسفر الوجود باب 18 بند 19، و17 بند 20) وكذلك في مزامير داود مزمور 37 كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)(27)، وفي الحديث الشريف: هم أصحاب المهدي في آخر الزمان.
وفي إنجيل متّى الباب 24 والباب 25 بند 31، وإنجيل مرقص الباب 13 والبند 33، وإنجيل لوقا الباب 12 والبند 35، يشير إلى الإمام المهدي (عليه السلام) في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(27) سورة الأنبياء: الآية 105.

(٢٣)

آخر الزمان أيضاً. وكذلك الأديان والنحل الاُخرى، وكلّ الأقوام والمذاهب والاُمم. وعند ظهوره في آخر الزمان سيعلم الجميع أنّه الموعود والمنتظر الذي كانوا بانتظاره جيلا بعد جيل وأنّه يحكم لكلّ واحد بما عنده، ويحتجّ عليه بما لديه، كما ورد في أحاديثنا الشريفة(28).
الإمام المهدي في القرآن الكريم:
وقد أشار القرآن الكريم إلى وجوده المقدّس كما في الآيات التالية:
1 - (بَقِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ)(29)، وهذا القلب الشريف أوّل ما ينطق به الحجّة (عليه السلام) عند ظهوره في مكّة المكرّمة(30).
2 - (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ...)(31)، قال الإمام السجّاد (عليه السلام):
هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منّا وهو مهديّ هذه الاُمّة وهو الذي قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): لو لم يبقَ من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً(32).
3 - (هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(28) البحار:52 315.
(29) سورة هود: الآية: 86.
(30) البحار:52 191.
(31) سورة النور: الآية 55.
(32) تفسير نور الثقلين:3 620.

(٢٤)

وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ)(33)، بالغلبة المنطقيّة والعلميّة والعمليّة مطلقاً، وعن الإمام الباقر في تأويل الآية قال: إنّ ذلك يكون عند خروج المهدي فلا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمّدٍ(34).
وعن الإمام الصادق في تأويل الآية أيضاً قال: والله ما نزل تأويلها بعد ولا ينزل تأويلها حتّى يخرج القائم (عليه السلام)، فإذا خرج القائم لم يبقَ كافر بالله العظيم ولا مشرك بالإمام إلّا كَرِه خروجه، حتّى لو كان كافراً أو مشركاً في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله(35).
4 - (أفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإلَيْهِ يُرْجَعُونَ)(36)، قال الإمام الصادق في تأويلها: إذا قام القائم (عليه السلام) لا يبقى أرض إلّا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلّا الله محمّداً رسول الله(37).
وعن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال: اُنزلت في القائم إذا خرج باليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردّة والكفّار في شرق الأرض وغربها، فعرض (عليهم السلام) فمن أسلم طوعاً أمره بالصلاة والزكاة ويؤمَّر به المسلم ويجب عليه، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتّى لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلّا وحّد الله، قلت له: جعلت فداك، إنّ الخلق أكثر من ذلك؟ فقال: إنّ الله إذا أراد أمرآ قلّل الكثير

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(33) سورة التوبة: الآية 33.
(34) تفسير نور الثقلين: ذيل الآية الشريفة.
(35) تفسير نمونة:7 373، والبحار:53 33.
(36) سورة آل عمران: الآية 83.
(37) البحار:52 340.

(٢٥)

وكثّر القليل(38).
5 - (وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)(39)، فتدلّ على حكومة المستضعفين في العالم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في تأويلها قال: هم آل محمّد يبعث الله مهديّهم بعد جَهدهم فيعزّهم ويذلّ عدوّهم.
وما أكثر الآيات الكريمة والروايات الشريفة التي تبشّر وتخبر بالإمام المهدي (عليه السلام) ودولته الكريمة وحكومته العالميّة وإنقاذ البشريّة، وبسط العدالة، ونشر راية الإسلام.
الإمام المهدي (عليه السلام) في الأحاديث الشريفة:
عن محمّد بن عثمان العمري سفير الإمام المهدي (عليه السلام) في غيبته الصغرى قال: سمعت أبي يقول: سئل أبو محمّد الحسن بن عليّ وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه (عليهم السلام): ألا إنّ الأرض لا يخلو من حجّة الله على خلقه إلى يوم القيامة، وإنّ من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهليّة، فقال: إنّ هذا حقّ كما أنّ النهار حقّ، فقيل له: يا بن رسول الله، فمن الحجّة والإمام بعدك؟ قال: ابني محمّد هو الإمام والحجّة بعدي(40).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(38) البحار:52 340.
(39) سورة القصص: الآية 5 - 6.
(40) البحار:51 160، ومنتخب الأثر: 227.

(٢٦)

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
الخلف الصالح من ولدي وهو المهدي اسمه محمّد وكنيته أبو القاسم يخرج في آخر الزمان يقال لاُمّه صيقل(41).
وفي خبر جابر الأنصاري عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) في بيان الخلفاء من بعده وعددهم وأسماءهم قال (صلّى الله عليه وآله وسلم) عند بلوغه الإمام الحادي عشر: وبعده ابنه الحسن يدعى بالعسكري، فبعده ابنه محمّد يدعى بالمهدي والقائم والحجّة، فيغيب ثمّ يخرج، فإذا خرج يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً(42).
وقال (صلّى الله عليه وآله وسلم): القائم من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي وشمائله شمائلي وسنّته سنّتي، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربّي (عزّ وجلّ)، من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومن كذّبه فقد كذّبني، ومن صدّقه فقد صدّقني(43).
وقد وصف سيماءه النوراني ومحيّاه وطلعته البهيّة فقال (صلّى الله عليه وآله وسلم):
إنّه شابّ أكحل العينين، أزجّ الحاجبين، أقنى الأنف، كثّ اللحية، على خدّه الأيمن خال، وعلى يده اليمنى خال(44).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصفه: كثّ اللحية، أكحل العينين، برّاق الثنايا، في وجهه خال، أقنى أحلى، في كتفه علامة النبيّ، يخرج براية النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(41) المنتخب: 214.
(42) المصدر: 227.
(43) المنتخب: 183، والبحار:51 73.
(44) المنتخب: 187.

(٢٧)

من مرطٍ محمّلة سوداء مربّعة فيها حجر، لم تنشر منذ توفّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، ولا تنشر حتّى يخرج المهدي(45).
هو شاب مربوع حسن الوجه حسن الشعر يسيل شعره على منكبيه ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه(46).
«المهدي طاووس أهل الجنّة، وجهه كالقمر الدرّي عليه جلابيب النور».
«له سمت ما رأيت العيون أقصد منه».
وقد ذكر الأئمّة الأطهار أوصاف الإمام المهدي (عليه السلام) أيضاً، حتّى لا يلتبس الأمر على شيعتهم وعلى كلّ الناس، من اُولئك الذين يدّعون المهدويّة زوراً وبهتاناً قبل ظهوره (عليه السلام). وبلغت الشمائل والعلائم أكثر من سبعين مورداً تستخرج من مجموع الروايات الواردة في المقام، وما هذا التعريف المفصّل الذي لم يذكر لأحد من الأنبياء والأوصياء، إلّا لبيان أهميّة الموضوع وقيمته المثاليّة، فلا تناقض فيها، وإنّها ذكرت قبل ولادته (عليه السلام) بكلّ يقين ولكلّ الناس حتّى من كان اُميّاً أو بصيراً، فإنّه بلمسه صاحب الأمر يعرفه تماماً، وبهذه العلائم القاطعة تغلق الأبواب على من يدّعي المهدويّة كذباً وافتراءً وبهتاناً.
(اللهُ أعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)(47).
ولا يختصّ الاعتقاد بالإمام المهدي بالشيعة الإماميّة حينئذٍ، بل على كلّ واحد من الناس أن يعرف إمام زمانه، وأنّه شخص واحد خاصّ، بنصّ من الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(45) كنز العمّال:14 589.
(46) البحار:51 36.
(47) سورة الأنعام: الآية 124.

(٢٨)

ورسوله، كما اعترف ابن حجر بقوله: (إنّ المهدي المنتظر واحد لا تعدّد فيه)(48)، فمن لم يعرفه ومات، مات ميتة جاهلية وكفر.
خلاصة الاعتقاد بالإمام المهدي (عليه السلام):
لا يخفى أنّ اعتقاد المسلمين، ولا سيّما شيعة الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) في الإمام المهدي الموعود (عليه السلام) أنّه صاحب العصر الحجّة المنتظر الإمام الثاني عشر، المهدي من آل محمّد (عليهم السلام)، اسمه اسم جدّه النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك كنيته وشمائله.
إنّه ابن الإمام الحسن العسكري الحادي عشر من الأئمّة والخلفاء الاثني عشر بلا فصل، واُمّه نرجس خاتون من أشراف الروميّين.
ولد في سحر الخامس عشر من شهر شعبان المعظّم سنة 255 هجريّة قمريّة في بلدة سامراء في دار الإمام العسكري (عليه السلام). ومن ساعة ولادته غاب عن الأبصار إلّا للخواصّ من الشيعة، وإنّما غيّب بأمر من الله سبحانه، لظروفه القاسية، خوفاً من أعداء الله وخلفاء الجور.
وقد أخبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة الأطهار (عليهم السلام) بغيبته الصغرى والكبرى، وذكروا شمائله وعلائمه وأوصافه التي لا يشترك فيها أحد.
كانت غيبته الصغرى (69) عاماً، وكانت السفارة في عصر الغيبة الصغرى لأربعة أنفار من فقهاء الشيعة وثقاتهم آنذاك، عرفوا بالنوّاب الأربعة، وهم:
1 - أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري الأسدي.
2 - أبو جعفر محمّد بن عثمان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(48) يوم الخلاص: 82.

(٢٩)

3 - أبو القاسم حسين بن روح النوبختي.
4 - أبو الحسن عليّ بن محمّد السمري (السيمري).
كانوا هم الواسطة بين الشيعة وبين الإمام (عليه السلام)، وكان عمر الإمام في نهاية الغيبة الصغرى (74) سنة.
عاش في كنف والده (عليه السلام) أربع سنوات وستّة أشهر وثلاث وعشرين يومآ، وقضى تسعة وستّين سنة وخمسة أشهر وسبعة أيّام في أيّام الغيبة الصغرى.
استشهد والده بسمّ خليفة زمانه في اليوم الثامن من ربيع الأوّل سنة 260 ه ق، فانتقلت الإمامة والخلافة إلى صاحب الأمر في سنّ الخمس سنوات.
نعتقد بحياته منذ ولادته إلى يومنا هذا وإلى أيّام ظهوره ودولته بجسمه العنصري، وأنّه سيظهر في سنّ الشيوخ بمظهر الشباب، وعنده ودائع النبوّة والإمامة، سيظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
تبتني هذه العقيدة الصحيحة على الأدلّة القاطعة والبراهين الساطعة، وإنّ الخصم ألقى الشبهات الشيطانيّة والأوهام الإبليسيّة، إلّا أنّ علماءنا الأعلام فنّدوا تلك الشبهات الباطلة، وبيّنوا زيفها بالأدلّة العقليّة والنقليّة.
الشبهات حول الإيمان بالإمام المهدي (عليه السلام):
ومن أهمّ الشبهات حول الإمام المهدي (عليه السلام) ما يلي:
1 - إمامته في الصغر.
2 - ضرورة وجود الإمام المعصوم (عليه السلام) في الكون (الإمامة التكوينيّة).
3 - فلسفة الغيبة ومنطلقاتها وعواملها وأهدافها.

(٣٠)

4 - فائدة الإمام الغائب عن الأبصار.
5 - طول العمر لأكثر من ألف سنة.
6 - التوقيت ليوم الظهور وسنته.
7 - علائم الظهور ويوم الخلاص.
8 - الحكومة الواحدة العالميّة مع وجود الأسلحة النوويّة في عصرنا الراهن.
9 - فلسفة الانتظار ودوره الإيجابي.
10 - وظائفنا تجاه الإمام (عليه السلام) وأداء حقوقه في أيّام غيبته.
فعلى كلّ مؤمن رسالي أن يثقّف نفسه ويدافع عن عقيدته ويتسلّح بالعلم النافع والعمل الصالح، ويرفع في مستواه الديني والثقافي، ويدفع الشبهات والأباطيل والافتراءات التي تستهدف الدين والمذهب من قبل أعداء الإسلام وخصماء المذهب.
ومن الله التوفيق والتسديد، وإنّه خير ناصرٍ ومعين.
إنّ الحقّ ينتصر مهما كانت جولة الباطل وأيّامه، أليس الصبح بقريب، وما النصر إلّا من عند الله.
اللهمّ إنّا نرغب إليك في دولةٍ كريمة، تعزّ بها الإسلام وأهله، وتذلّ بها النفاق وأهله، وتجعلنا من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وصراطك المستقيم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

(٣١)