شرح دعاء الافتتاح

شرح دعاء الافتتاح

تأليف: دعاء الافتتاح
إعداد وتحقيق: السيد محمد الطالقاني

الفهرس

المقدمة..................٣
النص الكامل لدعاء الافتتاح...................٧
الفصل الاول...................١٣
المحاضرة الاولى: اللَّهمَّ اِنّي اَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ...................١٥
فصول الدعاء...................١٧
الفصل الاول...................١٧
الفصل الثاني...................١٧
الفصل الثالث...................١٨
سبب تسمية الدعاء...................١٨
مصدر الدعاء...................١٩
معنى الحمد وفضله...................٢٤
المفردة الاولى...................٢٤
المفردة الثانية...................٢٤
المفردة الاخرى...................٢٥
رواية في فضل الحمد لله تعالى...................٢٥
رواية في فضل الثناء...................٢٦
رواية في فضل الشكر...................٢٦
يا بار يا وصول...................٢٧
المحاضرة الثانية، واَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَّنِكَ...................٢٩
نموذج التسديد الالهي...................٣٣
نموذج الخذلان الالهي...................٣٤
فضل اليقين...................٣٥
قصة ابراهيم الخليل (عليه السلام)...................٣٧
ثلاث صفات الهيّة...................٣٨
قصة داوود (عليه السلام) والشاب وملك الموت...................٣٩
لماذا يعذب الله البشر...................٤٢
مشكلة وجود الشر في العالم...................٤٣
رواية التسليم إلى الله تعالى...................٤٤
دعاء يوسف (عليه السلام) في البئر...................٤٤
المحاضرة الثالثة: اللَّهمَّ اَذِنْتَ لي في دُعائِكَ ومَسْأَلَتِكَ...................٤٧
شرف الاذن الالهي بمخاطبته...................٥٠
فضل التواصل مع الله تعالى...................٥٢
أقسام الاذن....................٥٣
الاذن التكويني...................٥٤
الاذن التشريعي...................٥٥
الاذن التعاطفي...................٥٦
رباعية الامام علي (عليه السلام)...................٥٦
أنواع المغفرة...................٥٨
قصة السيد الخوئي واستجابة الدعاء...................٥٩
قصة السجين عبد الخالق العوادي.....................٦٠
ثلاث دعوات ذهبت هباءً....................٦١
ثقافة الامل بالله تعالى....................٦٢
المحاضرة الرابعة: فَاسْمَعْ يا سَميعُ مِدْحَتي...................٦٣
ثلاثة أمور في الدعاء.....................٦٥
سؤال وجواب....................٦٨
الدعاء لتعجيل الفرج.....................٧٠
الرسول الاكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والاعرابي...................٧٠
قصة عجوز بني اسرائيل...................٧١
نظرية البداء.....................٧٢
قصة المرأة العقيم.....................٧٣
من آداب الدعاء.....................٧٥
المحاضرة الخامسة: اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً ولا وَلَداً،.....................٧٧
الوحدانية ومضاداتها...................٧٨
الوجود المطلق...................٧٨
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً ولا وَلَداً...................٨٠
الحمد من آداب الدعاء...................٨١
ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في الْمُلْكِ...................٨٣
الملكيّة الالهيّة....................٨٤
ولم يكن له ولي من الذل...................٨٥
المحاضرة السادسة: اَلحَمْدُ للهِ الَّذي لا مُضادَّ لَهُ في مُلْكِهِ...................٨٧
لا مُضادَّ لَهُ في مُلْكِهِ.....................٨٩
العداء بين ابليس والله تعالى...................٨٩
ما هي فلسفة خلق ابليس.....................٩١
استحقاق نظام الارادة....................٩٢
القوانين الطبيعية خاضعة...................٩٤
ما هو الأمر...................٩٥
لا شريك له في خلقه...................٩٦
الخلق الحقيقي والخلق المجازي...................٩٦
عظمة الله تعالى...................٩٦
الاسماء الالهيّة.....................٩٧
نموذج من عظمة الخلق الالهي.....................٩٨
نظرية الوعي الكوني...................٩٩
المحاضرة السابعة: اَلْحَمْدُ للهِ الْفاشي في الْخَلْقِ اَمْرُهُ وحَمْدُهُ...................١٠١
الْفاشي في الْخَلْقِ اَمْرُهُ...................١٠٣
الخزائن الالهيّة...................١٠٢
الذي لا تنقص خزائنه...................١٠٤
ما هي خزائن الله....................١٠٤
التفسير الاول...................١٠٤
التفسير الاخر...................١٠٥
نظرية الفيض الالهي.....................١٠٦
نظرية الخلق المستمر.....................١٠٨
يعقوب (عليه السلام) وملك الموت.....................١٠٩
الرزق نوعان...................١٠٩
قصة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) مع الرجل المستعطي.....................١١١
المحاضرة الثامنة: اللَّهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ قَليلاً مِنْ كَثير...................١١٣
لماذا السؤال من الله.....................١١٥
العامل الاول...................١١٦
العامل الثاني...................١١٧
انا جليس من جالسني...................١١٧
مستويات السؤال...................١١٨
المستوى الاول: السؤال باللسان...................١١٨
المستوى الثاني: السؤال بالحال...................١١٨
المستوى الثالث: لسان الاستعداد....................١١٩
قصة الاعرابي والاسم الاعظم....................١٢١
رؤية الامام المهدي (عجَّل الله فرجه)...................١٢٣
المحاضرة التاسعة: اللَّهمَّ اِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبي....................١٢٥
المحور الاول: ما هي المبررات التي تسمح لنا بالدعاء.....................١٢٧
قصة الاعرابي...................١٣٠
المحور الثاني: لذة المناجاة.....................١٣٠
ما هي فلسفة الامان؟...................١٣١
جدلية الـ(الانا) والـ(انت)....................١٣٢
مدلا عليك....................١٣٤
المحور الثالث: نظرية عدم الاستحقاق على الله.....................١٣٤
ايوب (عليه السلام) يحاكم الله....................١٣٥
عتب الله على يوسف (عليه السلام)...................١٣٦
قصة ذي النمرة....................١٣٧
المحاضرة العاشرة: فَلَمْ اَرَ مَوْلاً كَريماً اَصْبَرَ عَلى عَبْد لَئيم مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ....................١٣٩
المحور الاول: الكرم الالهي واللؤم البشري.....................١٤١
منشأ اللؤم الانساني.....................١٤٣
الرحمة الالهيّة وموانعها...................١٤٦
فارحم عبد الجاهل...................١٤٧
قصة مع الامام الجواد (عليه السلام)....................١٤٨
اسرار الذات الانسانية...................١٤٩
اسرار الذات الالهيّة.....................١٥٠
المحاضرة الحادية عشر: اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ.....................١٥٣
الملك الالهي...................١٥٥
خصائص الملك الالهي...................١٥٦
كيف اصبح ملك الله ملكا حقيقيا؟.....................١٥٨
التدبير الالهي...................١٥٩
تفسير القوانين الطبيعية...................١٦٠
التفسير الاول: التفسير الالحادي....................١٦٠
التفسير الثاني: التفسير الإيماني...................١٦١
الرؤية الدينية للقوانين الطبيعية....................١٦١
عيسى والمشي على الماء.....................١٦٤
معجزة النبي الاكرم.....................١٦٥
المحاضرة الثانية عشر: دَيّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ....................١٦٧
دَيّانِ الدّينِ....................١٦٩
خصائص الشريعة الالهيّة....................١٧١
لماذا الشريعة الالهيّة.....................١٧٢
رَبِّ الْعَالَمينَ...................١٧٣
التربية الالهيّة...................١٧٣
الله مع الانسان....................١٧٦
اسلوب التربية الالهية للإنسان....................١٧٩
علم الامام بأوصافه تعالى...................١٧٩
مرتبة قرب النوافل...................١٨٠
يقول الامام الخميني.....................١٨١
المحاضرة الثالثة عشر: اَلْحَمْدُ للهِ خالِقِ الْخَلْقِ....................١٨٢
كيفية العلاقة مع الله...................١٨٥
من خلق الله؟...................١٨٧
الرؤية الدينية...................١٨٧
فرضيتان في تفسير الكون....................١٨٨
الفرضية الاولى.....................١٨٨
الفرضية الثانية...................١٨٩
التعاطي العاطفي مع الله....................١٨٩
مناجاة الامام زين العابدين (عليه السلام)...................١٩٠
باسط الرزق...................١٩٢
فالق الاصباح...................١٩٣
ذي الجلال والاكرام....................١٩٥
القرب والبعد الالهي.....................١٩٦
هل رأيت ربك؟....................١٩٨
رؤية الله...................١٩٩
المحاضرة الرابعة عشر: اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ...................٢٠١
معطيات الوحدانية.....................٢٠٣
لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ...................٢٠٣
وَ لا شَبيهٌ يُشاكِلُهُ...................٢٠٥
وَ لا ظَهيرٌ يُعاضِدُهُ،....................٢٠٦
قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الاَعِزّاءَ...................٢٠٧
شرف المؤمن وعزه...................٢١٠
وَتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ...................٢١٠
القدرة على الممتنع...................٢١١
امتداد العزة والعظمة....................٢١١
المحاضرة الخامسة عشر: اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُجيبُني حينَ اُناديهِ،.....................٢١٣
العلاقة التبادلية.....................٢١٤
شروط الاستجابة...................٢٢٠
الاجابة والاستجابة.....................٢٢١
الاستجابة التقبّلية والتنفيذية.....................٢٢٢
المستوى الاول.....................٢٢٢
المستوى الثاني...................٢٢٢
قصة في السجن....................٢٢٥
قصة في استحقاق الاجابة...................٢٢٦
الستر الالهي...................٢٢٨
المحاضرة السادسة عشر: اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ...................٢٢٩
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ.....................٢٣٣
حجاب فاطمة.....................٢٣٤
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا يُغْلَقُ بابُهُ....................٢٣٥
وَ لا يُرَدُّ سائِلُهُ.....................٢٣٦
الله خير المسؤولين...................٢٣٧
دعاء سريع الاستجابة...................٢٣٨
امان الخائفين...................٢٤٠
المحاضرة السابعة عشر: ويَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ...................٢٤٣
ويرفع المستضعفين ويضع المستكبرين...................٢٤٥
التقسيم المجتمعي...................٢٤٥
ثلاث مهمات في الاسلام...................٢٤٧
الاهتمام بشؤون المجتمع.....................٢٥٠
واجب الضعفاء....................٢٥١
الملائكة تسلّم على علي....................٢٥٢
قصيدة السيد الحميري...................٢٥٣
قصة المعسكر والانوار الاربعة....................٢٥٤
ظلامات الشيعة ونضالهم....................٢٥٥
قصة حميد بن قحطبة...................٢٥٥
المحاضرة الثامنة عشر: الْحَمْدُ للهِ قاِصمِ الجَّبارينَ.....................٢٦١
اشكال التدخل الالهي.....................٢٦٣
التدخل النبوي.....................٢٦٣
التدخل التشريعي...................٢٦٤
التدخل الميداني.....................٢٦٦
مدرك الهاربين...................٢٧٠
نظرية الوعي الكوني.....................٢٧١
نظرية الهدى والضلال...................٢٧٤
هدية شيعة اهل البيت...................٢٧٥
المحاضرة التاسعة عشر: اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يَخْلُقُ ولَمْ يُخْلَقْ.....................٢٧٧
نظرية الفاعل المطلق....................٢٨٠
الفرضية الاولى.....................٢٨١
الفرضية الثانية...................٢٨١
الفرضية الثالثة...................٢٨١
نشوء الكون...................٢٨٢
وَيَرْزُقُ ولا يُرْزَقُ، ويُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ....................٢٨٣
وَيُميتُ الاَحياءَ ويُحْيِي الْمَوْتى...................٢٨٤
الظلام والنور...................٢٨٥
بِيَدِهِ الْخَيْرُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ.....................٢٨٨
نظرية الفاعل المطلق....................٢٩٠
القدرة المطلقة...................٢٩٣
المحاضرة العشرون: اللَّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ ورَسُولِكَ،.....................٢٩٥
استحباب البدء بالصلاة على النبي واله...................٢٩٨
ظاهرة في محافل الشيعة.....................٣٠٠
لماذا أفضل الصلوات....................٣٠١
منزلة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)...................٣٠١
قصيدة في مدح النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).....................٣٠٧
المحاضرة الحادبة والعشرون: اللَّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ ورَسُولِكَ...................٣١١
عبدك.....................٣١٣
ورسولك...................٣١٦
امتيازات الرسالة المحمدية...................٣١٦
أمينك.....................٣١٨
نظرية العصمة...................٣٢٠
صفيك....................٣٢١
نظرية الاصطفاء....................٣٢١
حبيبك....................٣٢٣
الحبيب والخليل.....................٣٢٤
وخيرتك من خلقك....................٣٢٤
وحافظ سرك...................٣٢٥
ومبلغ رسالاتك....................٣٢٨
مهمتان للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)...................٣٢٨
المحاضرة الثانية والعشرون: اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى عَليٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ...................٣٢٩
التوحيد والنبوة والامامة...................٣٣٣
ثمان صفات للإمام علي (عليه السلام)....................٣٣٤
أمير المؤمنين...................٣٣٥
السرقات الكبرى بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)...................٣٣٧
وصي الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)...................٣٣٩
حديث الدار...................٣٤٠
حديث المنزلة...................٣٤٢
وليك.....................٣٤٣
ما معنى ولي الله؟....................٣٤٣
ولاية الله...................٣٤٦
مكتوب على باب الجنة.....................٣٤٨
الترابط بين النبوة والامامة....................٣٥٣
حجة الله...................٣٥٤
ضرورة الامامة...................٣٥٦
وآيتك الكبرى...................٣٦١
معنى الآية.....................٣٦٢
النبأ العظيم....................٣٦٢
المحاضرة الثالثة والعشرون: وصَلِّ عَلَى الصِّدّيقَةِ الطّاهِرَةِ.....................٣٦٣
الصديقة الطاهرة...................٣٦٧
سيدا شباب اهل الجنة...................٣٦٧
ثواب الموالاة...................٣٧١
الفصل الثالث.....................٣٧٣
المحاضرة الرابعة والعشرون: اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى وَلِيِّ اَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ.....................٣٧٥
الدعاء لصاحب العصر (عجَّل الله فرجه)...................٣٧٧
خصائص صاحب العصر (عجَّل الله فرجه)....................٣٨٠
وَ صَلِّ عَلى وَلِيِّ اَمْرِكَ...................٣٨٠
القائم المؤمل...................٣٨١
ما معنى المؤمل...................٣٨٢
قصة سيد العالم....................٣٨٥
هل يمكن اللقاء بصاحب العصر (عجَّل الله فرجه).....................٣٨٧
وحفته بملائكتك المقربين....................٣٨٨
عوامل النصر...................٣٩٠
روح القدس....................٣٩٠
ما هو روح القدس...................٣٩١
المحاضرة الخامسة والعشرون: اللَّهمَّ اجْعَلْهُ الدّاعِيَ إلى كِتابِكَ،...................٣٩٥
مهمتان لصاحب العصر (عجَّل الله فرجه)....................٣٩٧
المهمة الاولى...................٣٩٧
المهمة الثانية...................٣٩٧
الخلافة في الارض...................٣٩٨
حاكمية الدين.....................٣٩٩
صلاحية الشريعة الاسلامية...................٤٠٠
الامن من الخوف...................٤٠٢
امريكا تبحث عن صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه)....................٤٠٣
مفاهيم عن حركة الامام المهدي (عجَّل الله فرجه)...................٤٠٥
الحرب المسلحة.....................٤٠٥
انتصار الاسلام عالميا...................٤٠٦
المجتمع الرشيد...................٤٠٦
موجود معنا....................٤٠٧
قصة السيد المرعشي....................٤٠٨
المحاضرة السادسة والعشرون: اللَّهمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة....................٤١١
هل نحن معنيون بشان الدولة....................٤١٣
ضرورة الدولة...................٤١٥
هوية الدولة التي نريدها...................٤١٦
مسؤوليتنا تجاه دولة الحق....................٤١٨
صفات الشخصية القيادية...................٤٢١
معركة الوعي واللاوعي...................٤٢٢
قصة المرأة ونزع الحجاب.....................٤٢٦
الشيعة هم الاكثر وعيا.....................٤٢٨
المحاضرة السابعة والعشرون: اللَّهمَّ الْمُمْ بِهِ شَعَثَنا...................٤٢٩
اثنان وعشرون مسالة...................٤٣١
دعاء يجمع هموم المسلمين...................٤٣١
التوسل بصاحب العصر (عجَّل الله فرجه)...................٤٣٣
التوسل له والتوسل به...................٤٣٣
معاني التوسل به....................٤٣٤
المعنى الاول....................٤٣٤
دعاء السيد محسن الحكيم...................٤٣٥
تحقيق الاماني بظهوره...................٤٣٦
هل يجوز التوسل بغير الله تعالى...................٤٣٧
المحاضرة الثامنة والعشرون: اللَّهمَّ اِنّا نَشْكُو اِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا...................٤٤١
ثقافة الشكوى إلى الله...................٤٤٣
الخسارة الكبرى....................٤٤٥
لماذا الغيبة؟...................٤٤٦
صور من الشكوى.....................٤٤٨
الفتح العاجل...................٤٤٩
علاقتنا العاطفية مع الامام...................٤٥٢
نهاية المطاف...................٤٥٣
توديع شهر رمضان.....................٤٥٤
مصادر التحقيق...................٤٥٦

تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

والحمد لله رب العالمين...
وصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
وبعد..
فقد كان من توفيق الله تعالى لهذا العبد أن فتح لي فرصة اللقاء الليلي مع عدد من طلابنا الافاضل في الحوزة العلمية عبر الفضاء المجازي - لظروف جائحة كورونا - لتقديم رؤى وافكار مستلهمة من (دعاء الافتتاح) الشريف الوارد عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام).

* * *

الحقيقة أنني لست أهلاً لمثل هذا الموقف، وأشهد بأني لم أستطع الا الوقوف على أعتاب هذا الدعاء، فالغوص في أعماقه البعيدة، واستشراف معانيه الشريفة هو من شأن العلماء العارفين بالله تعالى، السالكين سبل الوصول اليه (جل جلاله)، وأنى لمثل هذا الحقير أن يصل إلى تلك المقامات الجليلة التي يختص بها الله تعالى أولياءه الصالحين.

* * *

ولا أدري كيف أذنت لنفسي أن أقف هذا الموقف، وأتقدم بخطوة جسورة نحو شرح دعاء الافتتاح، وربما كان ذلك قلّة أدب، ونقص حياء أن أضع نفسي في موضع هو فوق شأني وأسمى مني.

* * *

كان عليّ أن أقدم اعتذاري لسادتي الائمة الاطهار (عليهم السلام) عن جلوسي على مائدتهم في ليالي شهر رمضان المبارك، ولولا كرمهم وجودهم الغفير، وشمولهم بالعطف واللطف لهذا العبد الفقير لما جاز لي ذلك (والعذر عند كرام الناس مقبول).

* * *

وبعد حمد الله تعالى والثناء عليه وشكره على ما تفضل به عليّ في (شرح هذا الدعاء) لابد أن أتقدم بالشكر أيضاً للسادة الفضلاء الذين واكبوا معي هذه المحاضرات، ودفعوني لمواصلة الحديث خلال ليالي هذا الشهر الكريم.

* * *

كما أتقدم بالشكر الخاص لولدنا العزيز وقرّة عيننا السيد محمد باقر القبانجي على متابعته الليليّة معنا في تسجيل هذه المحاضرات والاشراف على بثها والتواصل مع مستمعيها ومعالجة المشاكل الفنية التي واكبت محاضراتنا.

* * *

والشكر موصول لأخينا سماحة السيد محمد الطالقاني الذي بذل جهداً كبيراً في تدوين هذه المحاضرات وتصحيحها، وتحقيقها وتدقيقها، وهو جُهدٌ كلفه سَهر ليالي طوال دون إعياء أو ملال، فجزاه الله تعالى عني خير الجزاء.

* * *

وختاماً لا يفوتني أن أشكر أولادي الأعزاء في المكتب الإعلامي الأستاذ (حيدر الرماحي) وولدنا العزيز زمن العابدي على جهدهم وصبرهم الطويل في تسجيل وترتيب وبث هذه المحاضرات خلال ليالي الشهر المبارك.

* * *

صدر الدين القبانجي
٦/ ذو القعدة/ ١٤٤٢ هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

النص الكامل لدعاء الافتتاح(١):
يعتبر دعاء الافتتاح من أهم الأدعية المعروفة عند اتباع أهل البيت (عليهم السلام) والتي يتم الدعاء بها في شهر رمضان الكريم، وهو:
(اللَّهمَّ اِنّي اَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ، واَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَّنِكَ، واَيْقَنْتُ اَنَّكَ اَنْتَ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ في مَوْضِعِ الْعَفْوِ والرَّحْمَةِ، واَشَدُّ الْمُعاقِبينَ في مَوْضِعِ النَّكالِ والنَّقِمَةِ، واَعْظَمُ الْمُتَجَبِّرِينَ في مَوْضِعِ الْكِبْرياءِ والْعَظَمَةِ.
اللَّهمَّ اَذِنْتَ لي في دُعائِكَ ومَسْأَلَتِكَ فَاسْمَعْ يا سَميعُ مِدْحَتي، واَجِبْ يا رَحيمُ دَعْوَتي، واَقِلْ يا غَفُورُ عَثْرَتي، فَكَمْ يا اِلهي مِنْ كُرْبَة قَدْ فَرَّجْتَها وهُمُوم قَدْ كَشَفْتَها، وعَثْرَةٍ قَدْ اَقَلْتَها، ورَحْمَة قَدْ نَشَرْتَها، وحَلْقَةِ بَلاء قَدْ فَكَكْتَها.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً ولا وَلَداً، ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في الْمُلْكِ، ولَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِّ وكَبِّرْهُ تَكْبيراً.
اَلْحَمْدُ للهِ بِجَميعِ مَحامِدِهِ كُلِّهَا، عَلى جَميعِ نِعَمِهِ كُلِّها، اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا مُضادَّ لَهُ في مُلْكِهِ، ولا مُنازِعَ لَهُ في اَمْرِهِ.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا شَريكَ لَهُ في خَلْقِهِ، ولا شَبيهَ لَهُ في عَظَمَتِهِ.
اَلْحَمْدُ للهِ الْفاشي في الْخَلْقِ اَمْرُهُ وحَمْدُهُ، الظّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ، الْباسِطِ بِالْجُودِ يَدَهُ، الَّذي لا تَنْقُصُ خَزائِنُهُ، ولا تَزيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطاءِ إلاّ جُوداً وكَرَماً، اِنَّهُ هُوَ الْعَزيزُ الْوَهّابُ.
اللَّهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ قَليلاً مِنْ كَثير، مَعَ حاجَة بي اِلَيْهِ عَظيمَة وغِناكَ عَنْهُ قَديمٌ، وهُوَ عِنْدي كَثيرٌ، وهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسيرٌ.
اللَّهمَّ اِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبي، وتَجاوُزَكَ عَنْ خَطيـئَتي، وصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمي وسِتْرَكَ عَنْ قَبيحِ عَمَلي، وحِلْمَكَ عَنْ كَثيرِ جُرْمي عِنْدَ ما كانَ مِنْ خَطئي وَعَمْدي، أَطْمَعَني في اَنْ اَسْأَلَكَ ما لا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ، الَّذي رَزَقْتَني مِنْ رَحْمَتِكَ، وَاَرَيْتَني مِنْ قُدْرَتِكَ، وعَرَّفْتَني مِنْ اِجابَتِكَ، فَصِرْتُ اَدْعُوكَ آمِناً، واَسْاَلُكَ مُسْتَأنِساً، لا خائِفاً ولا وَجِلاً، مُدِلاًّ عَلَيْكَ فيـما قَصَدْتُ فيهِ اِلَيْكَ، فَاِنْ اَبْطأَ عَنّي عَتَبْتُ بِجَهْلي عَلَيْكَ، ولَعَلَّ الَّذي اَبْطأَ عَنّي هُوَ خَيْرٌ لي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاُمُورِ، فَلَمْ اَرَ مَوْلاً كَريماً اَصْبَرَ عَلى عَبْد لَئيم مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ، اِنَّكَ تَدْعُوني فَأُوَلّي عَنْكَ، وتَتَحَبَّبُ اِلَيَّ فَاَتَبَغَّضُ اِلَيْكَ، وتَتَوَدَّدُ إلى فَلا اَقْبَلُ مِنْكَ، كَاَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لي، والاِحْسانِ اِلَىَّ، والتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وكَرَمِكَ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ وجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ اِحْسانِكَ اِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ.
اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِصْباحِ، دَيّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ.
اَلْحَمْدُ للهِ عَلى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلمِهِ، والْحَمْدُ للهِ عَلى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ، والْحَمْدُ للهِ عَلى طُولِ اَناتِهِ في غَضَبِهِ، وهُوَ قادِرٌ عَلى ما يُريدُ.
اَلْحَمْدُ للهِ خالِقِ الْخَلْقِ، باسِطِ الرِّزْقِ، فاِلقِ اَلاِصْباحِ ذِي الْجَلالِ والاِكْرامِ والْفَضْلِ والاِنْعامِ، الَّذي بَعُدَ فَلا يُرى، وقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوى تَبارَكَ وتَعالى.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ، ولا شَبيهٌ يُشاكِلُهُ، ولا ظَهيرٌ يُعاضِدُهُ، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الاَعِزّاءَ، وتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ ما يَشاءُ.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُجيبُني حينَ اُناديهِ، ويَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَورَة واَنَا اَعْصيهِ، ويُعَظِّمُ الْنِّعْمَةَ عَلَىَّ فَلا اُجازيهِ، فَكَمْ مِنْ مَوْهِبَة هَنيئَة قَدْ اَعْطاني، وعَظيمَة مَخُوفَة قَدْ كَفاني، وبَهْجَة مُونِقَة قَدْ اَراني، فَاُثْني عَلَيْهِ حامِداً، واَذْكُرُهُ مُسَبِّحاً.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ، ولا يُغْلَقُ بابُهُ، ولا يُرَدُّ سائِلُهُ، ولا يُخَيَّبُ آمِلُهُ.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُؤْمِنُ الْخائِفينَ، ويُنَجِّى الصّالِحينَ، ويَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ، ويَضَعُ الْمُسْتَكْبِرينَ، ويُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرينِ، والْحَمْدُ للهِ قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ، مُدْرِكِ الْهارِبينَ، نَكالِ الظّالِمينَ صَريخِ الْمُسْتَصْرِخينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطّالِبينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنينَ.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وسُكّانُها، وتَرْجُفُ الاَرْضُ وعُمّارُها، وتَمُوجُ الْبِحارُ ومَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي هَدانا لِهذا وما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا اَنْ هَدانَا الله.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يَخْلُقُ ولَمْ يُخْلَقْ، ويَرْزُقُ ولا يُرْزَقُ، ويُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ، ويُميتُ الاَحياءَ ويُحْيِي الْمَوْتى وهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ.
اللَّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ ورَسُولِكَ، واَمينِكَ، وصَفِيِّكَ، وحَبيبِكَ، وخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ، وحافِظِ سِرِّكَ، ومُبَلِّغِ رِسالاتِكَ، اَفْضَلَ واَحْسَنَ، واَجْمَلَ واَكْمَلَ، واَزْكى واَنْمى، واَطْيَبَ واَطْهَرَ، واَسْنى واَكْثَرَ ما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ وتَرَحَّمْتَ، وتَحَنَّنْتَ وسَلَّمْتَ عَلى اَحَد مِن عِبادِكَ واَنْبِيائِكَ ورُسُلِكَ، وصِفْوَتِكَ واَهْلِ الْكَرامَةِ عَلَيْكَ مِن خَلْقِكَ.
اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى عَليٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، ووَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، عَبْدِكَ ووَليِّكَ، واَخي رَسُولِكَ، وحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وآيَتِكَ الْكُبْرى، والنَّبأِ الْعَظيمِ، وصَلِّ عَلَى الصِّدّيقَةِ الطّاهِرَةِ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَيِ الرَّحْمَةِ واِمامَيِ الْهُدى، الْحَسَنِ والْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ اَهْلِ الْجَّنَةِ، وصَلِّ عَلى اَئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ، عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، ومُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد، ومُوسَى بْنِ جَعْفَر، وعَلِيِّ بْنِ مُوسى، ومُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد، والْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، والْخَلَفِ الْهادي الْمَهْدِيِّ، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ، واُمَنائِكَ في بِلادِكَ صَلَاةً كَثيرَةً دائِمَةً.
اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى وَلِيِّ اَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ، والْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ، وحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، واَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يا رَبَّ الْعالَمينَ.
اللَّهمَّ اجْعَلْهُ الدّاعِيَ إلى كِتابِكَ، والْقائِمَ بِدينِكَ، اِسْتَخْلِفْهُ في الأرْضِ كَما اسْتَخْلَفْتَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِ، مَكِّنْ لَهُ دينَهُ الَّذي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ، اَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ اَمْناً يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً.
اللَّهمَّ اَعِزَّهُ واَعْزِزْ بِهِ، وانْصُرْهُ وانْتَصِرْ بِهِ، وانْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً، واْفتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيراً، واجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصيراً.
اللَّهمَّ اَظْهِرْ بِهِ دينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، حَتّى لا يَسْتَخْفِيَ بشيء مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ اَحَد مِنَ الْخَلْقِ.
اللَّهمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الاِسْلامَ واَهْلَهُ، وتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ واَهْلَهُ، وتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ، والْقادَةِ إلى سَبيلِكَ، وتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا والاْخِرَةِ.
اللَّهمَّ ما عَرَّفْتَنا مِن الْحَقِّ فَحَمِّلْناهُ، وما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ.
اللَّهمَّ الْمُمْ بِهِ شَعَثَنا، واشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا، وارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا، وكَثِّرْبِهِ قِلَّتَنا، واَعْزِزْ بِهِ ذِلَّتَنا، واَغْنِ بِهِ عائِلَنا، واَقْضِ بِهِ عَنْ مَغْرَمِنا، واجْبُرْبِهِ فَقْرَنا، وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنا، ويَسِّرْ بِهِ عُسْرَنا، وبَيِّضْ بِهِ وُجُوهَنا، وفُكَّ بِهِ اَسْرَنا، واَنْجِحْ بِهِ طَلِبَتَنا، واَنْجِزْ بِهِ مَواعيدَنا، واسْتَجِبْ بِهِ دَعْوَتَنا، واَعْطِنا بِهِ سُؤْلَنا، وبَلِّغْنا بِهِ مِنَ الدُّنْيا والاْخِرَةِ آمالَنا، واَعْطِنا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنا، يا خَيْرَ الْمَسْؤولينَ واَوْسَعَ الْمُعْطينَ، اِشْفِ بِهِ صُدُورَنا، واَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا، واهْدِنا بِهِ لِمَا اخْتُلِفَ فيهِ مِنَ الْحَقِّ بِاِذْنِكَ، اِنَّكَ تَهْدي مَنْ تَشاءُ إلى صِراط مُسْتَقيم، وانْصُرْنا بِهِ عَلى عَدُوِّكَ وعَدُوِّنا اِلـهَ الْحَقِّ آمينَ.
اللَّهمَّ اِنّا نَشْكُو اِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا، وكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وقِلَّةَ عَدَدِنا، وشِدّةَ الْفِتَنِ بِنا، وتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وآلِهِ، واَعِنَّا عَلى ذلِكَ بِفَتْح مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وبِضُرٍّ تَكْشِفُهُ، ونَصْر تُعِزُّهُ، وسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ، ورَحْمَة مِنْكَ تَجَلِّلُناها، وعافِيَة مِنْكَ تُلْبِسُناها، بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ.

الفصل الأول
المحاضرة الاولى: (اللَّهمَّ اِنّي اَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ)

* فصول الدعاء.
* سند الدعاء.
* معنى الحمد وفضله.
فصول الدعاء:
إن دعاء الافتتاح يتألف من ثلاثة فصول:
الفصل الأول:
عبارة عن الحمد والثناء لله تبارك وتعالى، حيث هنالك أكثر من خمسين مفردة وصفة من صفات الله ومحمدة من محامده تبارك وتعالى تذكر في هذا الفصل.
وبعبارة اخرى يمكن أن نقول ان هذا الفصل هو استعراض لصفات الجمال وصفات الجلال، والمعايشة مع هذه الصفات.
مثل: (اَلْحَمْدُ للهِ خالِقِ الْخَلْقِ، باسِطِ الرِّزْقِ، فاِلقِ اَلاِصْباحِ ذِي الْجَلالِ والاِكْرامِ وَالْفَضْلِ والاِنْعامِ، الَّذي بَعُدَ فَلا يُرى، وقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوى تَبارَكَ وتَعالى).
(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ، ولا شَبيهٌ يُشاكِلُهُ، ولا ظَهيرٌ يُعاضِدُهُ، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الاَعِزّاءَ، وتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ ما يَشاءُ... إلخ)، وهكذا يستمر الدعاء في عرض المحامد الإلهيّة.
الفصل الثاني:
الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) اللَّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ ورَسُولِكَ...)، ثم الصلاة على الائمة الاطهار (عليهم السلام) فردا فردا.
(وصَلِّ عَلى عَليٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، ووَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، عَبْدِكَ ووَليِّكَ، واَخي رَسُولِكَ... صَلِّ عَلى اَئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ...).
حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ، واُمَنائِكَ في بِلادِكَ صَلَاةً كَثيرَةً دائِمَةً).
 ثم الصلاة على امام العصر (عجَّل الله فرجه).
(اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى وَلِيِّ اَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ، والْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ، وحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، واَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يا رَبَّ الْعالَمينَ).

الفصل الثالث:

وهو فصل في غاية الاهمية، وهو يتضمن الدعاء الخاص بمستقبل خط الايمان، ومستقبل البشرية، وماذا نريد من الله تبارك وتعالى.
هذا الدعاء الذي يرد في هذا الفصل مخصص للمعايشة مع صاحب العصر والزمان(عليه السلام)، والاطلالة على المستقبل في زمن الغيبة، ومعاناتنا فيه، ومعالجة مشاكلنا في زمن الغيبة الصغرى او الكبرى.
سبب تسمية الدعاء:
ان تسميته بدعاء الافتتاح هي تسمية عرفية جاءت من وجود هذه الكلمة في مطلع الدعاء (اللَّهمَّ اِنّي اَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ).
فهي ليست تسمية رسمية، ونحن نعرف ان الادعية احيانا تسمى باسم راويها، مثلا دعاء كميل(٢)، فالراوي له هو الصحابي كميل بن زياد(٣)عن امير المؤمنين (عليه السلام).
ودعاء ابي حمزة الثمالي(٤)، والذي رواه ابو حمزة الثمالي(٥) عن الامام زين العابدين(عليه السلام).
لذا فان تسمية دعاء الافتتاح بهذه التسمية ليست ذات إلزام شرعي، وليست واردة في نص من نصوص الروايات، إنما هي تعارف على اطلاق اسم من احد هذه المناشئ، منشأ عرفي وليس منشأ شرعياً الزامياً، كما ورد في تسمية بعض السور، مثل سورة الكوثر، أو سورة النصر، أو سورة العصر، أو سورة الفيل، وهكذا، فهي تسمية تنتزع من خلال ما جاء في ذلك الدعاء او تلك السورة، رغم أن بعض السور القرآنية جاء النص الشريف على تسميتها.
مصدر الدعاء:
ان مصدر هذا الدعاء هو كتاب النائب الثاني لإمامنا صاحب العصر والزمان (عليه السلام)، وهو محمد بن عثمان العمري (٦) حيث اعطاه لمن سأله عن دعاء يدعو به في ليالي شهر رمضان، فأخرج له كتابا فيه هذا الدعاء.
تعلمون ان هنالك اربعة نواب(٧) خاصين للإمام المنتظر (عليه السلام) في زمن الغيبة الصغرى حيث كان الشيعة يرتبطون بهم وقد عينهم الامام المنتظر (عجَّل الله فرجه) بشكل مباشر..
ومن الملفت للنظر ان هذا الدعاء لم ينسبه الراوي إلى أي واحد من الائمة (عليهم السلام)، فهل نستنتج استنتاجا اوليا ان هذا الدعاء مروي عن صاحب الزمان (عليه السلام)، او مأخوذ من الامام العسكري (عليه السلام) أو الامام الهادي (عليه السلام)، حيث أن محمد بن عثمان العمري كان معاصرا للإمامين العسكريين (عليهما السلام)، وقد ورد الثناء البالغ عليه من قبل الامام الحسن العسكري (عليه السلام)(٨).
لكن الذي لا شك فيه ان هذا الدعاء صادر عن الامام المعصوم عليه افضل الصلاة والسلام، وهذا ليس اجتهادا شخصيا، وانما هو اعتماد على نقل النائب الثاني لهذا الدعاء في كتابه المخصص للأدعية، وهو لا ينقل ادعيته الشخصيّة وانما يكتب وينقل الادعية التي وصلت اليه عن المعصومين (عليهم السلام)، هذا فضلا عن عمل الاصحاب وكبار الفقهاء بهذا الدعاء والالتزام به، لذا فان هذا الدعاء لا شك في صدوره عن المعصومين عليهم افضل الصلاة والسلام.
 ويمكن ان اقدم لكم شاهدا على ان هذا الدعاء صادر عن الامام صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه)، وهي هذه الفقرة التي يقول فيها:
(اللَّهمَّ اِنّا نَشْكُو اِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا، وكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وقِلَّةَ عَدَدِنا، وشِدّةَ الْفِتَنِ بِنا، وتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا).
اذن هذا الدعاء صادر - ظاهراً - في زمن الغيبة، وليس في زمن الامام العسكري او الامام الهادي (عليهما السلام).
وهذه قرينة ايضا قد تؤيد ان هذا الدعاء صادر من الامام المنتظر (عليه السلام)، وفي زمن غيبته.
وقد رواه الشيخ الطوسي(٩) المتوفي في القرن الخامس في كتابه مصباح المتهجد.
كما رواه السيد ابن طاووس(١٠) المتوفى في القرن السابع في كتابه اقبال الاعمال.
كما رواه ايضا العلامة المجلسي(١١) في كتابه زاد المعاد.
سؤال:
قد يقول قائل اذا كان هذا الدعاء صادراً عن الامام صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه) فكيف يُّعرف الامام بنفسه ويثني عليها في مفردات الدعاء، حيث يقول:
(اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى وَلِيِّ اَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ، والْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ، وحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، واَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يا رَبَّ الْعالَمينَ.).
الجواب:
اننا في كل صلاة نقول في التشهد: (اللهم صل على محمد وال محمد) ورسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) كان يصلي ويقول ذلك أيضا بنفس التشهد، فكيف يصلي الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) على نفسه؟
نعم يصح هذا الامر، ونحن أيضا في الصلاة نقول: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)، فهذا الامر يعتبر نمطا من انماط التربية على هذه المفاهيم، وليس تعريفا بالشخص أو مدحاً للأنا.
نلاحظ هنا ايضا ان الائمة والانبياء (عليه السلام) لهم بعدان، البعد الاول هو البعد الذاتي، (اي الانا)، والبعد الاخر هو (البعد الالهي) باعتبارهم رسل الله، وامناء الله.
وهم في البعد الاول أكثر الناس عبودية وذلاً بين يدي الله تعالى.
هذا أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في دعاء الصباح(١٢):
(اِلهي قَلْبي مَحْجُوبٌ، ونَفْسي مَعْيُوبٌ، وعَقْلي مَغْلُوبٌ، وهَوائي غالِبٌ، وطاعَتي قَليلٌ، ومَعْصِيَتي كَثيرٌ، ولِساني مُقِرٌّ بِالذُّنُوبِ).
والامام السجاد (عليه السلام) في الدعاء الذي رواه ابو حمزة الثمالي وفي مجال البعد الذاتي يقول:
(أنَا الصَّغيرُ الَّذي رَبَّيتَهُ، وأنَا الجاهِلُ الَّذي عَلَّمتَهُ، وأنَا الضّالُّ الَّذي هَدَيتَهُ، وأنَا الوَضيعُ الَّذي رَفَعتَهُ، وأنَا الخائِفُ الَّذي آمَنتَهُ).
وفي مورد اخر من هذا الدعاء يقول الامام زين العابدين (عليه السلام):
(أنَا يا رَبِّ الَّذي لَم أستَحيِكَ فِي الخَلاءِ، ولَم اُراقِبكَ فِي المَلاءِ، أنَا صاحِبُ الدَّواهِي العُظمى، أنَا الَّذي عَلى سَيِّدِهِ اجتَرى، أنَا الَّذي عَصَيتُ جَبّارَ السَّماءِ، أنَا الَّذي أعطَيتُ على مَعاصِي الجَليلِ الرُّشا).
نعم، هو هكذا حينما ينظر إلى بعده الذاتي.
ولكنه (عليه السلام) عندما يذهب للبعد الالهي يقول:
(أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَمِنَى، أَنَا ابْنُ زَمْزَمَ وَالصَّفَا، أَنَا ابْنُ مَنْ حَمَلَ الرُّكْنَ بِأَطْرَافِ الرِّدَا)(١٣)
وهكذا نبي الله عيسى (عليه السلام) يقول:
(آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ)(١٤)
نلاحظ هنا ان الهدف هو تركيز النظر على البعد الالهي، وليس قصة الانا والتعريف بالنفس، وانما بيان ان لهم موقعا خاصا في البشرية، خصهم الله تبارك وتعالى به.
اذن لا توجد مشكلة في ان يقول الامام صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه): (اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى وَلِيِّ اَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ، والْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ، وحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، واَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يا رَبَّ الْعالَمينَ).
فالإمام (عليه السلام) هنا يتحدث عن موقع الهي ويعطينا نوعا من التربية بهذا القول.
معنى الحمد وفضله:
نلاحظ في المقطع الاول من هذا الدعاء قوله: (اللَّهمَّ اِنّي اَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ)، فنحن أمام مفردة (الحمد) حيث يتكرر ذلك في هذا الدعاء مرات عديدة، فماذا يعني الحمد؟
يجب ان نعرف ان هنالك ثلاث مفردات هي:
١ - الثناء.
٢ - الحمد.
٣ - الشكر.
لكل واحدة من هذه المفردات مدلول خاص بها في اللغة.
المفردة الاولى: وهي مفردة الثناء، معناه التوصيف بالمحاسن، وهناك رأي لغوي آخر يقول إن الثناء هو التوصيف بالصفات الحسنة أو القبيحة(١٥).
اما المفردة الثانية: وهي مفردة الحمد فمعناه التقدير والاحترام للطرف الاخر، سواء كان في نعمة أنعمها، أو في شأن جميل من شؤونه، وصفة من صفات عظمته.
فالحمد هو المدح سواء على نعمة أنعم بها، أو صفة عظيمة اتصف بها، أو غير ذلك، اي أنك تبدي الرضا وتمجد الشخص على موقفه، سواء كان أحسن لك أو شدَّد عليك، ولهذا نقول (الحمد لله على كل حال) اذا اصابتنا مصيبة أو بلاء، فالحمد هو التمجيد والاحترام للطرف الاخر على كل خصاله وفعاله الكبرى.
ومن هنا استعرض هذا الدعاء أنواع المحامد الالهيّة، فقال:
(اَلْحَمْدُ للهِ الْفاشي في الْخَلْقِ اَمْرُهُ وحَمْدُهُ).
(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وسُكّانُها).
(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا مُنازِعَ لَهُ في اَمْرِهِ).
وفي هذا العرض الجميل لم يقتصر الحمد على النعم الالهيّة على الانسان فحسب، وانما تناول جمال الصنع الالهي في الكون وقدرته تعالى، ووحدانيته.
بينما المفردة الاخيرة: وهي الشكر، فمعناه تقدير النعمة، واظهار المدح والثناء العاطر على الاحسان، ولا يقال الشكر في غير ذلك.
رواية في فضل الحمد لله:
ورد في كتاب ثواب الاعمال وعقاب الاعمال (١٦) للشيخ الصدوق(١٧): ثواب من قال الحمد لله كما هو اهله.
عن الامام الصادق (عليه السلام) قال:
(من قال الحمد لله كما هو أهله شَغَّل الله كتّاب السماء.
قيل: وكيف يَشغَل كتّاب السماء؟
قال: يقولون اللهم إنا لا نعلم الغيب.
فيقول: اكتبوها كما قالها عبدي وعليَّ ثوابها)(١٨)
رواية في فضل الثناء:
عن الامام الصادق (عليه السلام) قال:
(إياكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربه شيئا من حوائج الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على الله (عزَّ وجلَّ) والمدح له والصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ثم يسأل الله حوائجه).(١٩)
رواية في فضل الشكر:
عن الامام الصادق (عليه السلام) قال:
(كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) عند عائشة ليلتها، فقالت: يا رسول الله لم تتعب نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
فقال: يا عائشة ألا أكون عبدا شكورا.
قال: وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقوم على أطراف أصابع رجليه فأنزل الله سبحانه وتعالى: (طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى))(٢٠)
قصة (يا بار يا وصول):
وفي قصة أخرى يرويها صاحب كتاب مستدرك سفينة البحار الشيخ علي النمازي الشاهرودي(٢١):
اراد نبي الله موسى (عليه السلام) ذات مرة ان يتفقد الرعية، هبط عليه جبرئيل واخذ بيده وقال له سوف ادلك على شخص من افضل العباد عندي.
اخذه إلى قرية واذا برجل فقير كبير جالس على باب الدار وهو مقعد واعمى.
قال جبرئيل: يا موسى هذا افضل العباد.
اسمعه يقول: يا بار يا وصول.(بار يعني صاحب البر، وصول يعني تصل لعبادك).
تعجب موسى من هذا الامر وقال له: ما الذي اعطاك الله حتى تقول هكذا وانت رجل أعمى مقعد؟.
قال: انا كنت شابا عندي ساقين اذهب بهما للمعاصي، ثم ان الله تعالى بدل ان يعذبني اخذ العافية مني حتى لا أذهب للمعاصي.
وكان لدي عينان اعصي بهما الله، فأخذهما مني.
وازيدك ايضا يا هذا لا يوجد في هذه القرية أحد يؤمن بالله إلا انا، فالله تفضل عليّ بهذه النعمة العظيمة، فانا اقول (يا بار يا وصول).
فقال له موسى (عليه السلام): يا عبد الله إني رجل مجاب الدعوة فإن أحببت أن أدعو الله تعالى يرد عليك ما ذهب من جوارحك ويبريك من العلة فعلت؟.
فقال: لا أريد شيئا من ذلك اختياره لي أحب إلي من اختياري لنفسي، (وهذا هو الرضا المحض كما ترى).
فراح متعجبا وقال: هذا أعبد أهل الدنيا).(٢٢)

المحاضرة الثانية: (وَاَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَّنِكَ، واَيْقَنْتُ اَنَّكَ اَنْتَ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ في مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، واَشَدُّ الْمُعاقِبينَ في مَوْضِعِ النَّكالِ والنَّقِمَةِ)
* * *

* التسديد الالهي.
* الرحمة الالهيّة.
* العقوبة الالهيّة.
* نظرية (الاستحقاق الوجودي).
* فلسفة الشر في العالم.
ينتقل بنا الدعاء إلى العبارة الاخرى وهي: (واَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَّنِكَ).
أي أن السداد والصواب في المواقف والاقوال انما هو بفضل من الله تبارك وتعالى، فكل انسان لا يستغني عن الله تبارك وتعالى، ولا يمكن له بدون التسديد ان يهتدي..
الامام الجواد (عليه السلام) في حديث شريف يقول:
(المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال: توفيق من الله، وواعظ من نفسه، وقبول ممن ينصحه)(٢٣).
وهذه من روائع ائمتنا (عليهم السلام)، يمكن أن نسميها ثلاثيات الائمة.
أولها التوفيق من الله تعالى، حيث نرى القران الكريم يقول حاكيا عن نبي الله شعيب (عليه السلام):
﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِالله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾(٢٤).
وهكذا يجب أن نطلب التوفيق في كل شيء، في الدرس، والتجارة، والطعام، وفي كل مشروع ندخله.
فاذا كان عملنا بدون توفيق من الله فهو فاشل، ولهذا يهمنا دائما ان نطلب التسديد من الله ونقول: اللهم وفقنا لما تحب وترضى.
ولهذا نقرا في دعاء مكارم الاخلاق للإمام زين العابدين (عليه السلام)(٢٥):
 (اللهم وَفِّقْنِي إِذَا اشْتَكَلَتْ عَلَيَّ الأُمُورُ لأَهْدَاهَا، وَإِذَا تَشَابَهَتِ الأَعْمَالُ لأَزْكَاهَا، وَإِذَا تَنَاقَضَتِ الْمِلَلُ لأَرْضَاهَا).
ولو تأملنا في دعاء مكارم الاخلاق لوجدنا فصلا خاصا عجيبا يستعرض فيه المواقف الاخلاقية المضادة لاستحقاق الطرف الاخر، حيث يقول:
(اللهمَّ سَدِّدْنِي لأَنْ أُعَارِضَ مَنْ غَشَّنِي بِالنُّصْحِ.
 وَأَجْزِيَ مَنْ هَجَرَنِي بِالْبِرِّ.
 وَأُثِيبَ مَنْ حَرَمَنِي بِالْبَذْلِ.
 وَأُكَافِيَ مَنْ قَطَعَنِي بِالصِّلَةِ.
 وَأُخَالِفَ مَنِ اغْتَابَنِي إلى حُسْنِ الذِّكْرِ.
 وَأَنْ أَشْكُرَ الْحَسَنَةَ، وَأُغْضِيَ عَنِ السَّيِّئَةِ)(٢٦).
هذا كله يحتاج إلى تسديد من الله تبارك وتعالى، فالنفس أمارة بالسوء، ونحن غير قادرين على النجاح في مواقفنا الاخلاقية والسلوكية، بدون تسديد الله تبارك وتعالى.
ولهذا نطلب التسديد في الكلمة، والتسديد في الموقف، والتسديد في النية، فتبدا من النية إلى الكلمة إلى الموقف.
هنالك فقرة من الدعاء بعد زبارة امير المؤمنين (عليه السلام) يقول فيها:
(اللهم إنا نعوذ بك من عثرة اللسان، وسوء المقام، وخفة الميزان)(٢٧).
فالتسديد الالهي هو الذي يحمي الانسان من زلة اللسان، وسوء المقام، وخفة الميزان يوم القيامة.
نموذج التسديد الالهي:
وهنا نذكر نموذجاً للتسديد الالهي:
وهو موقف الحر الرياحي(٢٨):
عندما أخذته الرعدة، فقال له المهاجر: إن أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا، ولو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة؟ لما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟
فقال له الحر: إني والله أخير نفسي بين الجنة والنار، فو الله لا أختار على الجنة شيئا ولو قطعت وأحرقت.(٢٩).
كلمة صائبة، ونية صحيحة تبعها موقف صحيح، حيث الالتحاق بركب الامام الحسين (عليه السلام) والعبور من النار إلى الجنة.
نموذج الخذلان الالهي:
هو موقف عمر بن سعد(٣٠) وخذلان الله له حيث قال:
فوالله ما أدرى وإني لحائر * * * أفكر في أمرى على خطرين
أأترك ملك الري والري منيتي * * * أم أصبح مأثوماً بقتل حسين
حسين ابن عمى والحوادث جمة * * * ولكن لي في الري قرة عيني
يقولون إن الله خالق جنة * * * ونار وتعذيب وغل يدين
فإن صدقوا فيما يقولون إنني * * * أتوب إلى الرحمن من سنتين.(٣١)
نعوذ بالله من سوء العاقبة.
ولهذا يجب دائما أن نطلب التسديد من الله تعالى ونقول: اللهم سدّدنا ولا تخذلنا، وإلا نغرق في أمواج البحار المتلاطمة.
فقوله (عليه السلام): (وَاَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَّنِكَ)، اي انت الذي تسددنا للصواب وللطريق الصحيح بفضلك ومنَّك علينا.
يقول الله تعالى: ﴿فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾(٣٢)، فذلك منَّ الله تعالى وبفضله لمن اختار الله له الهدى وشرح صدره للإسلام.
كما منَّ الله تعالى على الناس اذ بعث فيهم رسولا، حيث قال تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾(٣٣)، فذلك فضل من الله تعالى على البشرية أن بعث الرسول الاكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) من أنفسهم.
وَ اَيْقَنْتُ اَنَّكَ اَنْتَ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ:
ثم ينتقل الدعاء إلى فقرة اخرى وهي: (وَاَيْقَنْتُ اَنَّكَ اَنْتَ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ في مَوْضِعِ الْعَفْوِ والرَّحْمَة)ِ.
هذه الفقرة تنقلنا للحديث عن (اليقين) وفضله.
فضل اليقين:
الروايات تقول: عن الامام الباقر (عليه السلام) (ان الايمان فوق الاسلام بدرجة، واليقين فوق الايمان بدرجة)(٣٤)، يعني الايمان هو مرتبة متقدمة على الاسلام، واليقين مرتبة متقدمة على الايمان، فاليقين هو عبارة عن الايمان الواقعي العميق.
ففي الرواية عن محمد بن عيسى، عن يونس قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الايمان والاسلام.
فقال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إنما هو الاسلام، والايمان فوقه بدرجة والتقوى فوق الايمان بدرجة واليقين فوق التقوى بدرجة ولم يقسم بين الناس شئ أقل من اليقين.
قال: قلت فأي شيء اليقين؟
قال: التوكل على الله، والتسليم لله، والرضا بقضاء الله، والتفويض إلى الله.
قلت: فما تفسير ذلك؟
قال: هكذا قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام).(٣٥)
هناك ايمان سطحي شكلي وهو الذي نسميه الاسلام، وهو عبارة عن إظهار الشهادتين باللسان.
وهناك ايمان واعتقاد بالشهادتين ولكنه لم يغمس القلب ولا يملكه، وهذا هو (الايمان).
وهناك ايمان يصل إلى مستوى اليقين فيملك المشاعر والاحاسيس القلبيّة فتخشع له، وهذا هو المسمى بـ(اليقين)، وهو ما أشار اليه الحديث الشريف: (خِفِ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ).(٣٦)
هذه مرتبة عظيمة وهي مرتبة اليقين، ونحن المفروض علينا ان نصعد من مرتبة الاسلام إلى مرتبة الايمان، ثم إلى مرتبة اليقين، حيث يقول تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾.(٣٧)
الإمام علي (عليه السلام)يقول لولده الحسن (عليه السلام):
(أَحْيي قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ، وأَمِتْهُ بِالزَّهَادَةِ، وقَوِّهِ بِالْيَقِينِ).(٣٨)
اليقين بحاكمية الله، والتسليم لقرار الله، واليقين بقدرة الله، وانك تعيش في ظل الله ابدا، (ولا حول ولا قوة إلّا بالله).
قصة ابراهيم الخليل (عليه السلام):
حينما ألقي ابراهيم (عليه السلام) بالمنجنيق إلى النار، جاءه جبرئيل (عليه السلام) وهو في الفضاء قبل أن يسقط إلى النار، فقال: هل لك حاجة؟
فأجابه ابراهيم (عليه السلام):أمّا اليك فلا.
فقال: سل الله.
فأجابه ابراهيم (عليه السلام): (علمه بحالي يغنيه عن سؤالي).(٣٩)
هذا نموذج من اليقين الراسخ بالله تعالى.(٤٠)
الامام علي (عليه السلام) يقول (أما والله لَوْ كُشِفَ‏ لِيَ‏ الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ يَقِيناً).(٤١)
ثلاث صفات الهيّة:
الدعاء هنا يقول:
(وَاَيْقَنْتُ اَنَّكَ اَنْتَ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ في مَوْضِعِ الْعَفْوِ والرَّحْمَةِ، وَاَشَدُّ الْمُعاقِبينَ في مَوْضِعِ النَّكالِ وَالنَّقِمَةِ، وَاَعْظَمُ الْمُتَجَبِّرِينَ في مَوْضِعِ الْكِبْرياءِ وَالْعَظَمَةِ).
هنا ثلاث صفات لله تعالى، كيف نجمعها وقد يبدو للوهلة الاولى أنها متناقضة.:
الصفة الاولى وهي: أرحم الراحمين.
الصفة الثانية وهي: أشد المعاقبين.
الصفة الثالثة وهي: أعظم المتجبرين.
فهو أرحم الراحمين، وبنفس الوقت هو أشد المعاقبين، كيف تجتمع هذه الصفات مع بعضها؟.
الجواب هو ما يشرحه لنا الدعاء نفسه، وهو اختلاف الصفة الالهيّة باختلاف الموضوع.
فهنالك موضوع يستحق الرحمة فهو (اَرْحَمُ الرّاحِمينَ)، وهنالك موضوع يستحق النقمة، فهو (اَشَدُّ الْمُعاقِبينَ)، وموضوع اخر وهو العظمة والربوبية فهو (اَعْظَمُ الْمُتَجَبِّرِينَ)، فكل صفة يجب أن ننظر اليها من زاوية معيّنة غير الصفة الاخرى، وبهذا ينحل التناقض.
فهنا نجد ثلاث صفات لله تبارك وتعالى، مع تغير الموضوع الخارجي، فالله تبارك ارحم الراحمين لمن؟
الجواب هو قوله تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾(٤٢).
وقوله تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾(٤٣)
فالله سبحانه وتعالى ينشر رحمته يوم القيامة حتى يطمع ابليس فيها، كما ورد في الحديث الشريف عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال:
(إذا كان يوم القيامة نشر الله تبارك وتعالى رحمته حتى يطمع إبليس في رحمته)(٤٤)
والله تبارك وتعالى يقول في كتابه الكريم: ﴿ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾(٤٥)، هذه هي الرحمة العامة للناس، اما الرحمة الخاصة فقد قال تعالى: ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾(٤٦)
قصة داوود والشاب ومَلَك الموت:
روي انه بينما كان داود (عليه السلام) جالساً وعنده شاب رث الهيئة يكثر الجلوس عنده ويطيل الصمت.
جاء ملك الموت يوما إلى داود فسلم عليه وجلس عنده واخذ يمد النظر إلى الشاب، فقال داود (عليه السلام): نظرت إلى هذا؟
فقال: نعم، اني امرت بقبض روحه إلى سبعة ايام في هذا الموضع.
فرحمه داود فقال: يا شاب هل لك امرأة؟
قال: لا وما تزوجت قط.
قال داود (عليه السلام): فأت فلانا ـ رجلا عظيم القدر من بني اسرائيل ـ فقل له: ان داود يأمرك ان تزوجني ابنتك، وتدخلها الليلة، وخذ من النفقة ما تحتاج اليه وكن عندها، فاذا مضت سبعة ايام فوافني في هذا الموضع.
فمضى الشاب برسالة داود (عليه السلام) فزوجه الرجل ابنته وادخلوها عليه، واقام عندها سبعة ايام، ثم وافى داود يوم الثامن، فقال له داود (عليه السلام): يا شاب كيف رأيت ما كنت فيه؟
قال: ما كنت في نعمة ولا سرور قط أعظم مما كنت فيه.
قال داود: اجلس فجلس وداود ينتظر ان يقبض روحه، فلما طال قال: انصرف إلى منزلك فكن مع اهلك، فاذا كان يوم الثامن فوافني ههنا.
فمضى الشاب ثم وافاه يوم الثامن وجلس عنده، ثم انصرف اسبوعا آخر ثم اتاه وجلس، فجاء ملك الموت إلى داود (عليه السلام) فقال داود: ألست حدثتني بانك امرت بقبض روح هذا الشاب إلى سبعة ايام؟
قال: بلى.
فقال: فقد مضت ثمانية وثمانية وثمانية.
قال: يا داود ان الله تعالى رحمه برحمتك له فأخر في اجله ثلاثين سنة. (٤٧)
الرواية تقول:
(جعل الله الرحمة مائة جزءاً، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه)(٤٨).
وجاء في دعاء الجوشن الكبير (٤٩):
(يَا رَاحِمَ مَنِ اسْتَرْحَمَهُ، يَا غَافِرَ مَنِ اسْتَغْفَرَهُ، يَا نَاصِرَ مَنِ اسْتَنْصَرَهُ، يَا حَافِظَ مَنِ اسْتَحْفَظَهُ، يَا مُكْرِمَ مَنِ اسْتَكْرَمَهُ، يَا مُرْشِدَ مَنِ اسْتَرْشَدَهُ، يَا صَرِيخَ مَنِ اسْتَصْرَخَهُ، يَا مُعِينَ مَنِ اسْتَعَانَهُ، يَا مُغِيثَ مَنِ اسْتَغَاثَهُ).(٥٠)
وفي المقابل هنالك وصف (اَشَدُّ الْمُعاقِبينَ) حيث يقول الله تعالى:
﴿فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾.(٥١)
وقال: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾.(٥٢)
اذن هنا الموضوع قد اختلف والدعاء يسير بكل انسيابية، فالعقوبة هي لمن طغى، والرحمة هي لمن تاب.
لماذا يعذب الله البشر؟
وقد يرد سؤال فلسفي هنا، لماذا يعذب الله البشر؟
هل هو ثأر نفسي؟
حاشا لله ان يكون هكذا. اذن لماذا العذاب؟
وكيف نفسر العذاب من الله تعالى للعباد؟
الجواب على ذلك:
هو نظرية (الاستحقاق الوجودي)، فان ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾(٥٣)، فهذا استحقاقه الوجودي هو نار جهنم، وذاك استحقاقه الوجودي هو الجنة، كل ذلك نتيجة الاعمال، وهذه الاعمال هي انعكاس عن الذات، والعقوبة او الجنة هي انعكاس عن الاعمال.
فالله تعالى يقول في كتابه الكريم:
﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ وَالله رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾(٥٤).
فالعقوبة اذن هي نتيجة العمل، او بتعبير اصح هي نفس العمل، يتجسد، كما قال تعالى: ﴿لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ﴾‏.(٥٥)
وهذا ما نسمّيه بنظرية (الاستحقاق الوجودي)(٥٦)، ومعناها هو العدل الالهي في ان يعطي كل شيء بمقدار استحقاقه الذاتي، فالشوك له استعداد وجودي ان يكون شوكاً فكان شوكاً، والعقرب عقرباً، والورد ورداً والانسان انساناً ومثل ذلك الوليد السليم اعطاه الله بقدر استحقاقه، والاعمى من بطن امه لم يكن قادرا على الوجود مبصراً فمنحه الله الوجود اعمى، وليس في ذلك ظلم انما هو إعطاء كل ذي حق حقه، ثم تأتي بعد ذلك قضية التعويض الالهي يوم القيامة.
الفيض الالهي انما هو حيث يوجد استعداد، فاذا انتهى الاستعداد فلا فيض، وهذا لا يتنافى مع العدالة الالهية، بل هو محض العدالة الالهيّة، ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ﴾(٥٧).
وعلى هذا الاساس فان نظرية (الاستحقاق الوجودي) ترى ان الله تعالى يعطي كل ذي حق حقه في الوجود، فاذا انتهى الاستعداد الوجودي فلا فيضَ اذن.
مشكلة وجود الشر في العالم:
وبهذا الفهم أيضاً تنحل مشكلة وجود الشر في العالم بمختلف صوره واشكاله، لان ذلك هو طبيعة الاستحقاق الوجودي للعالم المادي، حيث لا يمكن ان يوجد بدون زلازل وفيضانات وامراض وموت وحياة وفقر وغنى وما شاكل ذلك..
الله تبارك وتعالى هو فياض الوجود حيث يوجد الاستحقاق والامكانيّة، فالله يفيض الوجود على كل شيء قابل للوجود، وان كان هناك مشكلة فإنما هي بالقابل وليس بالفاعل حسب تعبير الفلاسفة، فالفاعل هو الله تعالى، والقابل هو المخلوق، وحيث كان المخلوق بإمكانيات وجودية خاصة أفاض الله تعالى عليه الوجود بحسب تلك الامكانية ﴿كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً﴾(٥٨).
رواية التسليم إلى الله تعالى:
عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: بينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في بعض أسفاره إذ لقيه ركب فقالوا: السلام عليك يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
قال: ما أنتم؟
قالوا: نحن مؤمنون يا رسول الله.
قال: فما حقيقة إيمانكم؟
قالوا: الرضا بقضاء الله، والتفويض إلى الله، والتسليم لأمر الله.
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تجمعوا ما لا تأكلون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون).(٥٩)
دعاء يوسف في البئر:
(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا اسْتَقَرَّ يُوسُفُ (عليه السلام) فِي قَعْرِ الْجُبِّ سَالِماً واطْمَأَنَّ مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ، جَعَلَ يُنَادِي إِخْوَتَهُ:
«إِنَّ لِكُلِّ مَيِّتٌ وَصِيَّةً، ووَصِيَّتِي إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ فَاذْكُرُوا وَحْدَتِي، وإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا وَحْشَتِي، وإِذَا طَعِمْتُمْ فَاذْكُرُوا جَوْعَتِي، وإِذَا شَرِبْتُمْ فَاذْكُرُوا عَطَشِي، وإِذَا رَأَيْتُمْ شَابّاً فَاذْكُرُوا شَبَابِي».
فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام): يَا يُوسُفُ، أَمْسِكْ عَنْ هَذَا، واشْتَغِلْ بِالدُّعَاءِ، وَقُلْ:
يَا كَاشِفَ كُلِّ كُرْبَةٍ، ويَا مُجِيبَ كُلِّ دَعْوَةٍ، ويَا جَابِرَ كُلِّ كَسِيرٍ، ويَا حَاضِرَ كُلِّ بَلْوَى، ويَا مُؤْنِسَ كُلِّ وَحِيدٍ، ويَا صَاحِبَ كُلِّ غَرِيبٍ، ويَا شَاهِدَ كُلِّ نَجْوَى، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً ومَخْرَجاً، وأَنْ تَجْعَلَ فِي قَلْبِي حُبَّكَ حَتَّى لاَ يَكُونَ لِي هَمٌّ وشُغُلٌ سِوَاكَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
فَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ: يَا رَبَّنَا، نَسْمَعُ صَوْتاً ودُعَاءً، أَمَّا الصَّوْتُ فَصَوْتُ نَبِيٍّ، وأَمَّا الدُّعَاءُ فَدُعَاءُ نَبِيٍّ، فَأَوْحَى الله تَعَالَى إِلَيْهِمْ: هُوَ نَبِيِّي يُوسُفُ، وأَوْحَى تَعَالَى إلى جَبْرَئِيلَ: أَنِ اهْبِطْ عَلَى يُوسُفَ، وقُلْ لَهُ: ﴿لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾)(٦٠).(٦١)

المحاضرة الثالثة: (اللَّهمَّ اَذِنْتَ لي في دُعائِكَ ومَسْأَلَتِكَ فَاسْمَعْ يا سَميعُ مِدْحَتي وَ اَجِبْ يا رَحيمُ دَعْوَتي، واَقِلْ يا غَفُورُ عَثْرَتي، فَكَمْ يا اِلهي مِنْ كُرْبَة قَدْ فَرَّجْتَها وهُمُوم قَدْ كَشَفْتَها، وعَثْرَةٍ قَدْ اَقَلْتَها، ورَحْمَة قَدْ نَشَرْتَها، وحَلْقَةِ بَلاء قَدْ فَكَكْتَها)
 * * *

 * قصة الاذن الالهي
 * أقسام الاذن الالهي
 * رباعية الامام علي (عليه السلام)
 * أدعية السيد الخوئي (قدس سره)
 * الحسن البصري والامام السجاد (عليه السلام)
هذا المقطع من الدعاء يصور لنا العلاقة بين الله سبحانه وتعالى وعبده، حيث نرى ربّ العزة والجلال المستغرق في جلاله وكماله، والذي بيده مقاليد السماوات والأرض، يطلب من عبده أن يتحدث معه، وأن يتودد إليه!
فالله سبحانه وتعالى أذِنَ لعبده بالدعاء والمسألة، وهذا الاذن الالهي من اعظم نعم الله تبارك وتعالى على العباد، كما يقول الامام زين العابدين (عليه السلام) في مناجاة الذاكرين وهي أحد المناجاة الخمسة عشر التي الحقت بالصحيفة السجادية(٦٢):
(ومِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنَا جَرَيَانُ ذِكْرِكَ عَلَى أَلْسِنَتِنَا، وإِذْنُكَ لَنَا بِدُعَائِكَ وتَنْزِيهِكَ وتَسْبِيحِكَ)(٦٣).
لذا فان من اعظم النِعَم علينا أن سمح الله تعالى لنا بمكالمته ودعائه ومناجاته، وهنا لنا وقفة عند هذه الفقرة، فقرة الاذن من الله لنا بالدعاء، كيف يكون ذلك؟
شرف الاذن الالهي بمخاطبته:
نحن نعرف ان كل الكائنات تعرف الله، وان كل الكائنات تسبح الله، ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾(٦٤).
فالجبال والبحار والحيوانات، وكل ما في الارض والسماء تسبح لله تبارك وتعالى، ولكن الانسان له امتياز آخر فضَّله الله تعالى به على كثير من المخلوقات وهذا الامتياز هو استخلافه على الارض، وحمل الرسالة الالهية، وتكريمه بها، والتواصل المباشر معه ﴿اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾(٦٥) وهذا الذكر المتبادل من خلال الدعاء والسؤال هو مرتبة اكبر تكاملا وتقدما من مجرد التسبيح، ولذا قال تعالى: ﴿وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾(٦٦).
يا لهذه العلاقة الحميمة بين العبد وربه!.. العبد يدعو ربه، والرب يسمع دعاءه ويقضي حاجته، ولكن قد يؤخر عنه الإجابة، لأنه يحب أن يسمع صوته.(٦٧)
عن الامام الباقر(عليه السلام) قال:
(إن المؤمن ليسأل الله حاجة فيؤخر عنه تعجيل إجابته حبا لصوته واستماع نحيبه، ثم قال: والله ما أخر الله عن المؤمنين ما يطلبون في هذه الدنيا خير لهم مما عجل لهم فيها، وأي شيء الدنيا)(٦٨).
كما جاء عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال:
(إن العبد ليدعو فيقول الله (عزَّ وجلَّ) للملكين: قد استجبت له ولكن احبسوه بحاجته، فإني أحب أن أسمع صوته وإن العبد ليدعو فيقول الله تبارك وتعالى: عجلوا له حاجته فاني أبغض صوته).(٦٩)
 ان نعمة الاذن بالتواصل المباشر مع الله تعالى، والتي منحها الله تعالى للكائنات العاقلة، تعتبر من اعظم النعم علينا، وان الاذن من الله بالدعاء هو تشريف عظيم وهو نقطة كمال للإنسان، فهو تواصل مباشر بين طرفين، وخط ساخن مفتوح لا ينقطع، ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾(٧٠)، و﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾(٧١)
فهنالك ارادة، وتكامل، وتواصل مع الله سبحانه وتعالى منحها الله للإنسان وشرَّفه بها.
الامام زين العابدين (عليه السلام) يقول في دعاء عرفة:
(وَأَنَا بَعْدُ أَقَلُّ الْأَقَلِّينَ، وأَذَلُّ الْأَذَلِّينَ، ومِثْلُ الذَّرَّةِ أَوْ دُونَهَا)(٧٢).
ولكن مع هذ الحجم الضئيل الحقير للإنسان، فقد أذن الله تعالى بمكالمته ومناجاته ودعائه.
فضل التواصل مع الله تعالى:
ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أنه قال:
(إن الله تعالى نصب في السماء السابعة ملكا يقال: له الداعي، فإذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملك كل ليلة منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين.
 ويقول الله تعالى: (أنا جليس من جالسني، ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته ومن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلا بيني وبين عبادي، فمن اعتصم به وصل إلي)(٧٣).
ومثل هذا ورد أيضا في ليلة الجمعة حيث ينادي الملك من أول الليل (الا هل من مستغفر فاغفر له)(٧٤).
هذه هي منزلة الانسان، التواصل مع جبار السموات والارض، ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾(٧٥).
هذه اعظم النعم، بحيث ان الانسان يحب الله، والله يحب الانسان، (يَا أَحَبَّ مِنْ كُلِّ حَبِيبٍ)، (يَا أَقْرَبَ مِنْ كُلِّ قَرِيبٍ)، (يَا حَبِيبَ مَنْ لَا حَبِيبَ لَهُ)(٧٦).
هذا الحب المتبادل، والحديث المتواصل غير موجود عند سائر الكائنات.
ونرى الامام زين العابدين (عليه السلام) في دعائه يقول:
(ادْعُوكَ يا سَيِّدي بِلِسانٍ قَدْ اَخْرَسَهُ ذَنْبُهُ، رَبِّ اُناجيكَ بِقَلْبٍ قَدْ اَوْبَقَهُ جُرْمُه)ُ(٧٧).
فهذا الانسان مسموح له ان يفتح خطاً ساخناً بينه وبين الله تعالى، وهذه كرامة عظيمة، لهذا يقول الدعاء: (اللَّهمَّ اَذِنْتَ لي في دُعائِكَ وَمَسْأَلَتِكَ).
فالدعاء هو النداء، وأما المسالة فتأتي بعد الدعاء، فالمرحلة الاولى هي الدعاء عندما تقول الهي، ثم تأتي المسالة بقولك اكرمني، شافني وعافني، وغير ذلك من المسائل التي تطلبها من الله تعالى.
فالمرحلة الاولى هي طرق الباب ونداء الحبيب، وبعد فتح الباب تأتي المسألة وعرض الحاجات.
أقسام الأذن:
الاذن من الله تعالى ثلاثة اقسام:
١ - الاذن التكويني.
٢ - الاذن التشريعي.
٣ - الاذن التعاطفي.
الاذن التكويني:
هو ان يكون كل شيء بإذن الله، فلا يطير الطير الا بإذنه، وهو الذي يمسك السماء فلا تقع على الارض الا بإذنه، ولا تمطر السماء الا بإذنه، ولا تسير الافلاك الا بإذنه، وهو الذي ﴿يُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾(٧٨)، و﴿إِنَّ الله يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا﴾(٧٩)، فكل شيء من مصيبة ونعمة لا تكون الا بإذنه.
ولهذا توجد رواية للشيخ الكليني(٨٠) في اصول الكافي(٨١):
عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال:
(لا يكون شيء في السماوات ولا في الأرض إلا بسبع: بقضاء وقدر وإرادة ومشيئة وكتاب وأجل وإذن، فمن زعم غير هذا فقد كذب على الله، أو رد على الله (عزَّ وجلَّ))(٨٢).
اذن لا يكون شيء في السماء والارض إلا بسبع، الاذن من الله، المشيئة من الله تعالى، الارادة من الله تعالى، القضاء الالهي، القدر الالهي، الاجل الالهي، الكتاب الالهي.
هذه سبعة امور لا يحدث شيء في السماء ولا في الارض الا بهذه السبعة والقران الكريم يؤيد ذلك حيث يقول:
﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾(٨٣)، ويقول: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ الله﴾(٨٤)، ويقول: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله﴾(٨٥)، ويقول: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ الله﴾(٨٦).
هذا هو الاذن التكويني، حيث لا يحدث شيء في الوجود الا بإذنه تعالى.
الاذن التشريعي:
الاذن التشريعي هو ان الله تبارك وتعالى شرَّع ذلك العمل وأجازه، مثل ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ الله عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾(٨٧)، فالقتال والجهاد مأذون به شرعا.
وقوله تعالى: ﴿الله أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى الله تَفْتَرُونَ﴾ (٨٨)
الاذن التعاطفي:
الانسان في علاقته مع الله تعالى يمتاز بشي اخر وهو الاذن التعاطفي المليء بالمودة والمحبة، حيث أذن الله ان تدعوه وتتقرب اليه، فهذا اذن محفوف بالمحبة، وليس مجرد اذن تشريعي، كما يقول تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾(٨٩)، ويقول تعالى: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾‏ (٩٠)، ويقول: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾(٩١).
رباعية الامام علي (عليه السلام):
في أحاديث اهل البت (عليهم السلام) هنالك ثنائيات وثلاثيات ورباعيات وخماسيات، وارقام اخرى تتحدث عن حكم ومواعظ، وقد جمعها الشيخ الصدوق(٩٢) في كتابه (الخصال)(٩٣)، منها رباعية للإمام علي (عليه السلام) والتي يقول فيها:
(مَنْ أُعْطِيَ أَرْبَعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً.
مَنْ أُعْطِيَ اَلدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْإِجَابَةَ.
وَمَنْ أُعْطِيَ اَلتَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْقَبُولَ.
وَمَنْ أُعْطِيَ اَلاِسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْمَغْفِرَةَ.
وَمَنْ أُعْطِيَ اَلشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ اَلزِّيَادَةَ)(٩٤).
فقوله (عليه السلام): مَنْ أُعْطِيَ اَلدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْإِجَابَةَ، هو ماجاء في كتاب الله تعالى حيث قال: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾(٩٥).
وفي شهر رمضان المبارك هنالك خصوصية لاستجابة الدعاء فالرواية تقول:
(إِنَّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً عِنْدَ إِفْطَارِهِ، إِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ فِي دُنْيَاهُ، أَوْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي آخِرَتِهِ)(٩٦).
وقوله: (مَنْ أُعْطِيَ اَلتَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْقَبُولَ)، لان الله تعالى من اسماءه (قابل التوبة)، وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى الله لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ الله عَلَيْهِمْ وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا﴾(٩٧)، فنحن امام رحمة الهية واسعة في استجابة الدعاء، وقبول التوبة، وغفران الذنوب، وزيادة النعم، خاصة في شهر رمضان المبارك.
واما قوله (عليه السلام): (وَمَنْ أُعْطِيَ اَلاِسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْمَغْفِرَةَ)، فهو اشارة إلى قوله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ومَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله يَجِدِ الله غَفُوراً رَحِيماً﴾(٩٨).
انواع المغفرة:
المغفرة شاملة للجميع، ولكن هنالك مغفرتان:
الاولى: المغفرة المأمولة.
الثانية: المغفرة الحتمية.
اما المغفرة المأمولة، فهي المرجوة للجميع، قد يحصل عليها الانسان المذنب، وقد لا يحصل، مثل المطر فانه للجميع لكن قد يذهب هدراً اذا لم تكن مستعدا لاستقباله، هذا في المغفرة الواسعة الشاملة للجميع.
اما المغفرة الحتمية، فهي ليست مطلقة للجميع وانما لمن يشاء الله تعالى.
فالقران الكريم يقول: ﴿إِنَّ الله لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾(٩٩)، اذن فهي مغفرة مكتوبة لمن يشاء الله تعالى وحسب شروط الاستحقاق.
واما قوله (عليه السلام): (وَمَنْ أُعْطِيَ اَلشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ اَلزِّيَادَةَ)، فهو مصداق لقوله تعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾(١٠٠)
قصة السيد الخوئي(١٠١) واستجابة الدعاء:
في حديث لمرجع الطائفة السيد ابو القاسم الخوئي (قدس الله سره)، وبعد انتهاء بحثه في جامع الخضراء(١٠٢) المجاور للصحن العلوي الشريف في النجف الاشرف، وكعادته يجالس طلبته في مكتبه، وكنت اصغر طلابه في البحث الخارج، وقد حدثني بذلك شخصياً حين قال:
(اني سالت الله ثلاث مسائل: سالت الله ان يجعلني كاتبا، وان يجعلني استاذا، وسالت الله ان يختم لي بالشهادة).
هذا الحديث عرضته على سماحة المرجع اية الله الشيخ محمد اسحق الفياض، فقال: نعم، كان يقول ذلك، وفي المطلب الاخير قال: وسألت الله ان يختم لي بالشهادة بعد عمر طويل.
وقد حقق الله تعالى له امنيته، واستجاب له دعائه.
فأما الاولى (سالت الله ان يجعلني كاتبا)، فقد ألّف السيد الخوئي العديد من المؤلفات أشهرها كتاب (البيان في تفسير القرآن)، وموسوعة (معجم رجال الحديث).
واما الثانية، (وان يجعلني استاذا)، فكان أستاذاً بارزاً في الحوزة العلميّة، وتعدّ نظرياته الأصولية والفقهية والرجالية والتفسيرية من النتاجات الفكرية التي يشار إليها بالبَنان، وقد تخرج على يديه الكثير من الأعلام والشخصيات العلمية، فكان بحق أستاذ الفقهاء والمجتهدين.
واما الثالثة، (وسالت الله ان يختم لي بالشهادة)، فقد ختم الله عمره بالشهادة - فيما أحسب - على يد جلاوزة البعث.
قصة السجين عبد الخالق العوادي:
كان معنا في السجن عام ١٩٧٩م شاب من طلبة العلوم الدينية، يدعى (عبد الخالق العوادي)، وقد حكم عليه وعلينا بالإعدام، كان كثير الدعاء والتضرع والبكاء، بحيث لا نتمكن من النوم من شدة دعائه، كان ذلك في العشرة الاولى من شهر شعبان، كان يقول في دعائه: (الهي اريد ان ازور الامام الحسين (عليه السلام) في النصف من شعبان لقاءا مباشرا وجها لوجه).
وفي عصر يوم الرابع عشر من شعبان سنة ١٩٧٩م، دعوه مع جمع من المؤمنين لتنفيذ حكم الاعدام، وكان صائما، فارتقت روحه إلى السماء لتلتقي مع سيد الشهداء (عليه السلام) على يمين العرش، لقاءاً مباشراً كما كان يسأل الله تعالى ذلك
من هاتين القصتين نعرف معنى (من اعطي الدعاء لم يحرم الإجابة)، فيجب علينا ان ندعو الدعاء الذي يوصلنا إلى ما فيه الصلاح في الدنيا والاخرة، ونستغل فرص استجابة الدعاء بذلك.
ثلاث دعوات ذهبت هباءً:
وفي رواية يرويها الراوندي(١٠٣) في كتاب الدعوات يقول:
روي أن الله تعالى أوحى إلى نبي من الأنبياء في الزمن الأول: أن لرجل من أمته ثلاث دعوات مستجابات، فأخبر ذلك الرجل به، فانصرف من عنده إلى بيته، وأخبر زوجته بذلك، فألحت عليه أن يجعل هذه الدعوات لها فرضي بذلك.
فقالت في الدعاء الاول: اسأل الله أن يجعلني أجمل نساء ذلك الزمان.
فدعا الرجل فصارت كذلك أجمل امراة في قومها، ثم إنها لما رأت رغبة الملوك والشبان (المتنعمين) فيها متوفرة زهدت في زوجها (الشيخ الفقير) وجعلت تغالظه وتخاشنه وهو يداريها، ولا يكاد يطيق نشوزها.
فدعا الله أن يجعلها (قبيحة) كلبة فصارت كذلك، ثم اجتمع أولادها يقولون: يا أبت إن الناس يعيرون بنا أن أمنا (قبيحة)كلبة، وجعلوا يبكون ويسألونه أن يدعو الله أن يجعلها كما كانت، فدعا الله تعالى فصيرها مثل الذي كانت في الحالة الأولى، فذهبت الدعوات الثلاث ضياعا.(١٠٤)
ثقافة الامل بالله تعالى:
كان هناك احد التابعين(١٠٥) اسمه الحسن البصري(١٠٦) وهو فقيه في زمن الامام زين العابدين (عليه السلام) يقول:
(ليس العجب ممن هلك كيف هلك؟ وإنما العجب ممن نجا كيف نجا).
وصل خبر هذه المقالة للإمام زين العابدين (عليه السلام) عن قول الحسن البصري، فقال (عليه السلام): أنا أقول:
(ليس العجب ممن نجا كيف نجا؟
بل العجب كل العجب ممن هلك كيف هلك؟ مع سعة رحمة الله).(١٠٧)
هذه هي ثقافة اهل البيت (عليهم السلام) المعتدلة.

المحاضرة الرابعة: (فَاسْمَعْ يا سَميعُ مِدْحَتي، واَجِبْ يا رَحيمُ دَعْوَتي، وَاَقِلْ يا غَفُورُ عَثْرَتي، فَكَمْ يا اِلهي مِنْ كُرْبَة قَدْ فَرَّجْتَها وهُمُوم قَدْ كَشَفْتَها، وعَثْرَةٍ قَدْ اَقَلْتَها، ورَحْمَة قَدْ نَشَرْتَها، وحَلْقَةِ بَلاء قَدْ فَكَكْتَها)

* * *

* ثلاثة امور في الدعاء
* قصة عجوز بني اسرائيل
* نظرية البداء
* من آداب الدعاء
ثلاثة امور في الدعاء:
يجب ان نعرف ان هناك ثلاثة امور في الدعاء هي:
١ - ادب الدعاء.
٢ - مضمون الدعاء.
٣ - قلب الداعي.
لذا فان ثقافة الدعاء هي (فن) فيه ادب الدعاء، وفيه مضمون الدعاء، وفيه قلب الداعي.
ورسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول: يقول: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ أَبوَابَ الجِنَانِ فِي هَذَا الشَّهرِ مُفَتَّحَةٌ، فَاسأَلُوا اللهَ رَبَّكُم، بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ، وَقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ، أَن لا يُغَلِّقَهَا عَنكُم، (١٠٨).
اذن المطلوب هو القلب الطاهر، والنية الصادقة، وهذا شرط في الدعاء كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ (١٠٩)، يؤتون ما آتوا من الاعمال الصالحة وقلوبهم وجلة وخاشعة وخائفة من خشية الله، وهل ان هذا العمل مقبول، او غير مقبول؟
وهنالك مجموعة أداب للدعاء ذكرها الشيخ الكليني في كتابه اصول الكافي: الجزء الاول، منها ان يبدا الداعي بالثناء، ويبدأ بالحمد، ويغلب عليه الخشوع والبكاء، وان يبدا بذكر صفات الله تعالى، ثم الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وآله (عليهم السلام).
لاحظوا في هذا المقطع من الدعاء هنالك ترايط وانسجام بين الاسم الالهي الذي ندعو به، وبين الحاجة التي ندعو اليها ونطلبها.
فهنا ترتيب منسجم، عندما تقول (فَاسْمَعْ يا سَميعُ مِدْحَتي)، لأنه تعالى هو السميع، وعندما تقول (واَجِبْ يا رَحيمُ دَعْوَتي)، لأنه تعالى هو الرحيم، وعندما تقول (وَاَقِلْ يا غَفُورُ عَثْرَتي)، لأنه هو الغفور، فنحن نتوسل باسم (سميع)و(رحيم)و(غفور) ونطلب من الله تعالى بأسمائه الكريمة هذه أن يسمع مدحتنا، ويجيب دعوتنا، ويغفر عثرتنا.
اما في مضمون الدعاء: فقد اعطى الاسلام والقران الكريم ورسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، واهل البيت (عليهم السلام)، مضامين رائعة من الدعاء، لان الدعاء هو عروج إلى الله تعالى، والدعاء يسمى (القرآن الصاعد)، قبال القرآن الكريم الذي يسمى (القرآن النازل).
فالصحيفة السجادية، وكل ادعية ائمتنا (عليهم السلام)، تعتبر (القرآن الصاعد)، ونحن نحتاج أن نتعلم من تلك الادعية المضامين الصحيحة، وبدون ذلك قد تكون دعواتنا سطحية، بل احيانا تكون مضاميننا خاطئة، ولهذا يعلمنا القرآن الكريم كيف ندعو حين يقول: ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾(١١٠): ﴿وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾(١١١).
ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾(١١٢).
 هكذا يعلمنا الاسلام ما هو الدعاء الصحيح، وقد ترك لنا ائمتنا (عليهم السلام) خزانة بمضامين رائعة جدا للدعاء، مضامين معرفية في العروج إلى الله تعالى.
سؤال:
ورب سائل يسال ويقول أليس قلب الداعي اذا كان خاشعا يغني عن هذه الادعية المطولة التي قد لا يفهم معناها؟
الجواب: الصحيح هو الجمع بينها، بين القلب الخاشع وبين المضامين الصحيحة في الدعاء، لان ثقافة الدعاء في الاسلام تقول لابد من قلب، وأدب، ومضمون.
فالقلب الخاشع الصادق مطلوب، ولكن مضمون الدعاء هو الاخر مطلوب أيضاً.
يقول القران الكريم في ذلك: ﴿انَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ﴾(١١٣).
وقوله تعالى: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ﴾(١١٤).
وفي دعاء الامام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة يقول: (اللهمَّ اجعَلني أخشَاكَ كأنِّي أرَاك).
هذه هي مضامين الدعاء الصحيحة، فليس كل دعاء صحيح، وهذه المضامين العرفانية الراقية من اين يَعرفها سائر الناس؟ الدعاء ليس فقط ان نطلب من الله تعالى، بل المطلوب أولاَ المناجاة، والعشق، والمحبة، واللقاء ثم طلب الحاجة الصحيحة فان الانسان كما يقول القرآن الكريم: ﴿وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ﴾(١١٥).
سؤال وجواب:
رب سائل يسال ويقول هل الدعاء مشروط بوجود المحنة؟
الجواب: لا، قد يكون منشأ الدعاء هو المِحنة، وقد يكون منشأ الدعاء هو طلب المنّة.
فأئمتنا (عليهم السلام) عندما يدعون، انما يدعون لجلب المنّة ولمزيدٍ من الرقي في الدنيا أو الرقي في الاخرة، فضلاً عن الدعاء لكشف البلاء والمحنة.
لاحظوا هذا الدعاء ومضامينه العالية:
(اللهمَّ بِرَحْمَتِكَ فِي الصَّالِحِينَ فَأَدْخِلْنَا، وَفِي عِلِّيِّينَ فَارْفَعْنَا، وِبَكَأَسٍ مِنْ مَعِينٍ مِنْ عَيْنٍ سَلْسَبِيلٍ فَاسْقِنَا، وَمِنَ الْحُورِ الْعِينِ بِرَحْمَتِكَ فَزَوِّجْنَا، وَمِنَ الْوِلْدَانِ الْمُخَلَّدِينَ كَأنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ فَأَخْدِمْنَا، وَمِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَلُحُومِ الطَّيْرِ فَأَطْعِمْنَا، وِمِنْ ثِيَابِ السُّنْدُسِ وَالْحَرِيرِ وَالإِسْتَبْرَقِ فَأَلْبِسْنَا، وَلَيْلَةَ الْقَدْرِ وَحَجَّ بَيْتِكَ الْحَرَامِ، وَقَتْلاً فِي سَبِيلِكَ فَوفِّقْ لَنَا)(١١٦).
لم يكن هذا الدعاء لدفع مِحنة معينة، بل لكسب منّة من الله تبارك وتعالى.
اما في دعاء الافتتاح عندما يقول الامام (عليه السلام):
(اللَّهمَّ اِنّا نَشْكُو اِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا، وكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وقِلَّةَ عَدَدِنا، وشِدّةَ الْفِتَنِ بِنا، وتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا).
هنا نلاحظ دعاء الامام (عليه السلام) هو لدفع محنة، حيث ان الامام(عليه السلام)يعيش في محنة عظيمة، فهو حجة الله في الارض، ويرى مأساة البشرية، وما يجري على الناس والمسلمين والشيعة، والامام(عليه السلام) يطلب منا ان ندعو له بالفرج من محنته، محنة البشرية ومحنة امته.
وقد يكون الدعاء لكسب مزيد من الفضل والمنّة من الله: مثل قول الامام (عجَّل الله فرجه):
(اللَّهمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الاِسْلامَ واَهْلَهُ، وتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ واَهْلَهُ، وتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ، والْقادَةِ إلى سَبيلِكَ، وتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا والاْخِرَةِ).
الدعاء لتعجيل الفرج:
قد يسال سائل فيقول اذا كان القرار الالهي بتأجيل الفرج، اذن لماذا ندعو بتعجيل الفرج؟
الجواب: ان من روائع الثقافة الاسلامية الدينية، هي قضية تغيير القرار الالهي، حيث ان التقدير الالهي في اللوح المحفوظ قابل للتغيير، كما قال تعالى: ﴿يَمْحُو الله مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾(١١٧)
الرسول الاكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والأعرابي:
جاء في الرواية عن أبى جعفر الباقر (عليه السلام) قال:
(إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) كان نزل على رجل بالطائف قبل الإسلام فأكرمه فلما أن بعث الله محمدا (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) إلى الناس قيل للرجل: أتدري من الذي أرسله الله (عزَّ وجلَّ) إلى الناس؟
 قال: لا.
قالوا له: هو محمد بن عبد الله يتيم أبي طالب وهو الذي كان نزل بك بالطائف يوم كذا وكذا فأكرمته.
قال فقدم الرجل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فسلم عليه وأسلم، ثم قال له: أتعرفني يا رسول الله؟
قال: ومن أنت؟
قال: أنا رب المنزل الذي نزلت به بالطائف في الجاهلية يوم كذا وكذا فأكرمتك فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): مرحبا بك سل حاجتك.
فقال: أسألك مأتي شاة برعاتها.
فأمر له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بما سأل، ثم قال لأصحابه: ما كان على هذا الرجل أن يسألني سؤال عجوز بنى إسرائيل لموسى (عليه السلام).(١١٨)
فقيل لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وما هو سؤال عجوز بني اسرائيل؟
فنقل لهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هذه القصة الآتية:
قصة عجوز بني اسرائيل:
في رواية صحيحة السند إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى (عليه السلام) أن يحمل عظام يوسف (عليه السلام)، فسأل عن قبره فجاءه شيخ فقال: إن كان أحد يعلم ففلانة.
فأرسل إليها فجاءت فقال: أتعلمين موضع قبر يوسف (عليه السلام)؟
فقالت: نعم.
قال: فدليني عليه ولك الجنة.
قالت: لا، والله لا أدلك عليه إلا أن تحكِّمني.
قال: ولك الجنة.
قالت: لا، والله لا أدلك عليه حتى تحكِّمني.
قال: فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: ما يعظم عليك أن تحكِّمها؟
قال: فلك حكمك.
قالت: أحكم عليك أن أكون معك في درجتك التي تكون فيها(١١٩).
نظرية البداء:
رب سائل يسال، اذا كانت الامور مقدرة في لوح محفوظ فما معنى الدعاء؟
الرواية تقول ان الدعاء يرد القضاء المبرم الحتمي، فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال لزرارة: ألا أدلك على شيء لم يستثن فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)؟
قلت: بلى.
قال: الدعاء يرد القضاء، وقد ابرم إبراما - وضم أصابعه(١٢٠)
الامام الحسين (عليه السلام) في دعاء عرفة يقول: (اللهمَّ اجعَلني أخشَاكَ كأنِّي أرَاك، وأسعِدْني بِتَقواك، وَلا تُشْقِنِي بِمعصيتك، وخر لي في قضائك).(١٢١)
ثم رفع (عليه السلام) بصره إلى السماء وقال برفيع صوته: (يَا أسمَع السَّامِعين، يا أبصَر النَّاظِرين، ويَا أسرَع الحَاسِبين، ويَا أرحَم الرَّاحِمين).
سؤال:
عندما يقول الداعي (أعطني كذا وكذا)، كيف يصدر الآمر من العبد إلى الله تبارك وتعالى؟
الجواب: في اللغة العربية اذا كان الكلام موجهاً من العالي إلى الداني فهو أمر وفرض.
واذا كان الكلام الموجه من الداني إلى العالي فهو رجاء والتماس.
اذن جميع فقرات الادعية هي التماس ورجاء من الله تعالى، وليست أمراً عليه.
وفي ادعية الصباح نقرا قوله (عليه السلام):
(وَإنْ كُنْتُ عِنْدَكَ فِي اُمِّ الكِتابِ شَقِيّا فَاجْعَلْنِي سَعِيداً، فَإنَّكَ تَمْحُو ما تَشاءُ وَتُثْبِتُ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الكِتابِ)(١٢٢).
هذه هي النظرية الرائعة وهي تغيير التقدير الالهي.
اذن التقدير الالهي يخضع للتغيير بشروط، مثل الدعاء، ودعاء الابوين، او عمل صالح، او الصدقة كما قال تعالى: ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ (١٢٣)
وهذا ما نسميه بنظرية البداء(١٢٤)، والمعروفة عند الشيعة والتي تعني تغيير القرار الالهي.
قصة المرأة العقيم:
جاءت امرأة لنبي الله موسى (عليه السلام) ومن المعروف أن النبي الوحيد الذي كلَّمه الله هو موسى (عليه السلام).. لهذا كان يسمى (كليم الله)
فقالت: يا موسى كلّم ربك أن يرزقني أبناء.
فوعدها سيدنا موسى (عليه السلام) وكلَّم الله تعالى ودعا لها وقال يا ربي إن فلانة إبنة فلان ليس لديها ابناء وأنا ادعوك أن ترزقها.
فجاء الجواب من الله تعالى أن يا موسى (لقد كتبتها عقيماً).
اي أن الله كتب باللوح المحفوظ أنها لن تلد ولن يكون لديها أبناء.. وكلنا نعلم أن المكتوب في اللوح المحفوظ لا يتغير!
ورجع لها موسى (عليه السلام) وقال لها:
لقد كتب الله لك بالعقم وأنك لن تلدين.
ثم رجعت بعد فترة ولم تستسلم وقالت كلّم الله يا موسى أن يرزقني ولو بطفل واحد.
وكلَّم موسى (عليه السلام) ربهُ وكان الرد ان يا موسى لا تسألني.. فقد (كتبتها عقيــــــــــــــــــــم) ولن تلد ابدا.
ورجع موسى (عليه السلام) وقال لها ما سمعه من الله.
وبعد سنة أو أكثر رآها موسى (عليه السلام) وبيدها رضيع!! وقال لها من هذا؟؟
قالت ابني!!
فتعجب نبي الله موسى وراح يكلّم ربهُ وقال: يا إلهي سألتك مرتين ان تهب فلانة الأبناء وقلت لي أنها عقيــــــم.. ولقد رأيتها اليوم بيدها ابنها!!
فقال الله تعالى: (يا موسى... كلما كتبتها عقيم... قالت يا رحيم) فسبقت رحمتي ما كتبت لها.(١٢٥)
من آداب الدعاء:
من آداب الدعاء التي نتعلمها من ائمتنا (عليهم السلام) هي عرض الصفات الالهية أولاً، ثم عرض حاجتنا بعد ذلك، وهذه الآداب، وهذه الادعية هي كنز يفتقر اليه غيرنا نحن اتباع اهل البيت (عليهم السلام).
وقد ورد في الرواية: صوتان يرتفعان للسماء صوت ننكره وصوت نعرفه.
فعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: (من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: صوت معروف ولم يحجب عن السماء ومن لم يتقدم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: إن ذا الصوت لا نعرفه)(١٢٦).
ونقرا في آداب الدعاء استحباب الاعتراف بالفضل الالهي أمام حقارة الانسان، لاحظ ما ورد عن الامام زين العابدين (عليه السلام) قوله:
(اَنَا الصَّغيرُ الَّذي رَبَّيْتَهُ، واَنَا الْجاهِلُ الَّذي عَلَّمْتَهُ، واَنَا الضّالُّ الَّذي هَدَيْتَهُ، واَنَا الْوَضيعُ الَّذي رَفَعْتَهُ، واَنَا الْخائِفُ الَّذي آمَنْتَهُ، والْجايِعُ الَّذي اَشْبَعْتَهُ، والْعَطْشانُ الَّذي اَرْوَيْتَهُ، والْعاري الَّذي كَسَوْتَهُ، والْفَقيرُ الَّذي اَغْنَيْتَهُ، والضَّعيفُ الَّذي قَوَّيْتَهُ، والذَّليلُ الَّذي اَعْزَزْتَهُ، والسَّقيمُ الَّذي شَفَيْتَهُ، والسّائِلُ الَّذي اَعْطَيْتَهُ، والْمُذْنِبُ الَّذي سَتَرْتَهُ، والْخاطِئُ الَّذي اَقَلْتَهُ، واَنَا الْقَليلُ الَّذي كَثَّرْتَهُ، والْمُسْتَضْعَفُ الَّذي نَصَرْتَهُ، واَنَا الطَّريدُ الَّذي آوَيْتَهُ)(١٢٧).
وهكذا من آداب الدعاء الاعتراف بكثير النعم الالهيّة التي لا نحصيها.
والامام الحسين (عليه السلام) يقول في دعاء عرفة:
وَما دَرَأْتَ عَنِّي اللهمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرَّاءِ، أَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ الْعَافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ(١٢٨).

المحاضرة الخامسة: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً ولا وَلَداً، ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في الْمُلْكِ، ولَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِّ وكَبِّرْهُ تَكْبيراً)

* * *

* الله تعالى هو الوجود المطلق
* الحمد من آداب الدعاء
* الملك الحقيقي والملك الاعتباري
* ولاية الفضل لا ولاية الذل
في هذا المقطع من الدعاء نجد نفياً لمجموعة اُمور عن الله تبارك وتعالى، الصاحبة، والولد، والشريك في الملك، والولي من الذل.
لماذا نفيت هذه الامور الاربعة عن الله تعالى؟
الوحدانية ومضاداتها:
الجواب: ان اعظم صفة لله تبارك وتعالى هي الوحدانية، وهي منطلق لجميع صفات الجمال والكمال، فكل الصفات الالهية مثل قوي، وعزيز، وحميد، ومجيد، وقادر، وغيرها هي اشتقاقات من الوحدانية.
فان الله تبارك وتعالى حينما يكون هو الواحد، حينئذ هذا الواحد تجتمع فيه كل صفات الجمال، وصفات الجلال، فهذه الصفات الإلهية مشتقة من الوحدانية.
فاذا كان الله تبارك وتعالى واحداً، اذن لديه مطلق القوة والعلم، اذن لديه مطلق العزة والعظمة، فكل صفات الجمال والكمال تنطلق من الوحدانية، وتطرد ما عداها من صفات الحاجة، والفقر، والذل، وأمثالها.
الوجود المطلق:
ان من اعظم الصفات الالهيّة هي الوحدانية، وقد جاءت الاشارة اليها في القرآن الكريم بشكل استثنائي وممتاز، من ذلك قوله تعالى:
﴿الله لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾(١٢٩).
وقوله تعالى: ﴿هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ﴾(١٣٠).
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾(١٣١).
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً ولا وَلَداً:
كل هذه الآيات الشريفة تدل على ان الوحدانية لله تعالى فقط، فهو لا يحتاج إلى صاحبة ولا إلى ولد، ولا إلى اُسرة، ولا إلى وارث، فهو غني عن نظام الاُسرة والتكاثر، فهو الوجود المطلق الذي لا تكاثر فيه، لأنه لا ينقصه شيء ولا يحدّه شيء، وانما الذي يحتاج إلى الصاحبة والولد هو المخلوق المحدود الناقص الذي يحتاج إلى تكاثر عبر الصاحبة والولد.
ان الكون والمخلوقات وما ينتج عنها من تكاثر وتوسعة، كما يقول تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾(١٣٢)، هذا كله تكاثر في المخلوقات وليس تكاثراً في الوجود الالهي المطلق، بل هي ماهيات لبست ثوب الوجود من الواحد المطلق، والذي هو الوجود الواسع العريض الذي لانهاية له.
فهذا الكون الذي يحتوي على المجرات التي يقدّرها بعض علماء الفلك ٢٠٠ مليار مجرة، وكل مجرة فيها مائة مليار نجم، هذه كلها تسير بتوسع يشهده الكون وانبثاقات لمجرات جديدة، ولكن كل هذا هو تكاثر في المخلوقات، لا في أصل الوجود.
فلا تكاثر في الوجود الالهي، لان الوجود الالهي حقيقة بسيطة منذ الازل، والى الابد، بل التكاثر يكون في المخلوقات.
لاحظوا في هذا المقطع من الدعاء يقول: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً ولا وَلَداً، ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في الْمُلْكِ).
بدأ الدعاء بمسألة الحمد، ثم ذكر مسالة الوحدانية، هذا يعتبر من آداب الدعاء ان تفتتح دعائك بالحمد لله تعالى.
الحمد من آداب الدعاء:
وهذا ما أكده الامام الصادق (عليه السلام) في الرواية المروية عنه بقوله:
(إذا طلب أحدكم الحاجة فليثنِ على ربه وليمدحه فان الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه فإذا طلبتم الحاجة فمجدوا الله العزيز الجبار وامدحوه واثنوا عليه).(١٣٣)
والامام علي (عليه السلام) يقول:
(أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ، وكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ، وكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ، وكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الْإِخْلَاصُ لَهُ، وكَمَالُ الْإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ).(١٣٤)
ولكننا مهما حمدنا الله تبارك وتعالى، فانا لا نصل إلى حق حمده.
هنالك دعاء عظيم عصر الجمعة يسمى دعاء العشرات (١٣٥) وهو في غاية الاعتبار من الناحية السنديّة، وهو من الخزائن العلمية يستعرض فيه الامام (عليه السلام) صنوف الحمد لله، فيقول:
(وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ أَوْزَانِ مِيَاهِ الْبِحَارِ.
وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ أَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ.
لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً تضع لك السماء كنفيها.
وَ تُسَبِّحُ لَكَ الْأَرْضُ ومَنْ عَلَيْهَ)(١٣٦)
وفي دعاء الافتتاح ايضا نرى استعراض صنوف الحمد، (اَلْحَمْدُ للهِ بِجَميعِ مَحامِدِهِ كُلِّهَا، عَلى جَميعِ نِعَمِهِ كُلِّها، اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا مُضادَّ لَهُ في مُلْكِهِ، ولا مُنازِعَ لَهُ في اَمْرِهِ.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا شَريكَ لَهُ في خَلْقِهِ، ولا شَبيهَ لَهُ في عَظَمَتِهِ.
اَلْحَمْدُ للهِ الْفاشي في الْخَلْقِ اَمْرُهُ وحَمْدُهُ، الظّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ، الْباسِطِ بِالْجُودِ يَدَهُ، الَّذي لا تَنْقُصُ خَزائِنُهُ، ولا تَزيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطاءِ إلاّ جُوداً وكَرَماً، اِنَّهُ هُوَ الْعَزيزُ الْوَهّابُ).
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في الْمُلْكِ:
في مفهوم الملك هنالك ملكيتان، الاولى ملكية اعتبارية مجازية، والثانية ملكية حقيقية.
مثلا انت الان تملك داراً من الناحية الشرعية والقانونية، كما تملك الولاية على الابن الصغير... وهكذا.
هذه كلها عبارة عن ملكيات اعتبارية، يعني مجرد فرضيات تعارف وتوافق عليها الناس، وأقرها الشارع والقانون، فهي ليست ملكية حقيقية، الملكية الحقيقية فقط لله تعالى تبارك فهو وحده الذي بيده الملك.
وهذا ما أكده القران الكريم بقوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾(١٣٧)، وقوله تعالى: ﴿قُلِ اللهمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾(١٣٨)
صحيح أنا أملك الدار التي اسكنها، ولكن بقاءها وسلامتها ليست بيدي، فلا استطيع ان أطيل بعمرها، او امنعها من الكوارث.
صحيح انت تملك امر ابنك الصغير، لكن ليس بيدك عافيته ولا مستقبله، ولا حياته ولا موته.
نحن نملك اليد، والبصر، والقلب، والعقل، ولكن لا نملك لأنفسنا نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً.
ولو كانت الامور كلها بيد البشر، لكان الطغاة دفعوا عن انفسهم الموت والامراض، ولكن الانسان ملكيته اعتبارية، والمالك الحقيقي هو الله تبارك وتعالى.
الملكية الالهية:
هنالك مالك حقيقي لكل هذا الوجود وهو الله تعالى، وهو وحده الذي يتصرف بنا في نومنا ويقظتنا، ومرضنا وعافيتنا، وحياتنا ومماتنا، ولهذا يقول الامام علي (عليه السلام) في دعاء الصباح: (يا مَنْ اَرْقَدَني في مِهادِ اَمْنِهِ وَاَمانِهِ وَاَيْقَظَني إلى ما مَنَحَني بِهِ مِنْ مِنَنِهِ وَاِحْسانِهِ وَكَفَّ اَكُفَّ السُّوءِ عَنّي بِيَدِهِ وَسُلْطانِه).
فالرقود هو من عند الله تبارك وتعالى، واليقظة هي من عند الله تبارك وتعالى.
ولهذا الامام زين العابدين (عليه السلام) في الصحيفة السجادية يقول: (لَكَ الْحَمْدُ اَنْ بَعَثْتَني مِنْ مَرْقَدي وَلَوْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ سَرْمَداً).
هذه نعم الهيّة يكون فيها المالك الحقيقي هو الله تبارك وتعالى، ولهذا نقول في دعاء الافتتاح: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا مُضادَّ لَهُ في مُلْكِهِ، ولا مُنازِعَ لَهُ في اَمْرِه).
وقد جاء في الدعاء: (يا مَنْ لا يُدَبِّرُ الأمر إِلاّ هُوَ)(١٣٩)، فهو الذي يدبر الامر من السماء إلى الارض.
وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِّ:
قد نتخذ نحن ولياً يرعانا ويدبّر أمورنا، وقد نتخذ صديقاً لحاجتنا ووحشتنا، وقد نتخذ خادماً ليخدمنا، نعم، كل ذلك ناشئ من فقرنا الوجودي، وضعفنا وذلنا، ولولا ذلك لما كنّا بحاجة إلى وليّ نتخذه لأنفسنا.
أمّا الله تعالى فانه يتخذ لنفسه أولياء واحباء واصفياء فهم (اولياء الله)، لكن ذلك تكريماً لهم وليس لحاجة الله اليهم، فلا ولي من الذل، بل الجميع محتاج اليه وهو الغني عنهم.
ومن أجل ذلك نقرأ في الدعاء:
(اللهمَّ اجْعَلْني مِنْ جُنْدِكَ فَاِنَّ جُنْدَكَ هُمُ الْغالِبُونَ وَاجْعَلْني مِنْ حِزْبِكَ فَاِنَّ حِزْبَكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَاجْعَلْني مِنْ أَوْلِيائِكَ فَاِنَّ أولياءك لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(١٤٠).

المحاضرة السادسة: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا مُضادَّ لَهُ في مُلْكِهِ، ولا مُنازِعَ لَهُ في اَمْرِهِ. اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا شَريكَ لَهُ في خَلْقِهِ، ولا شَبيهَ لَهُ في عَظَمَتِهِ)
 * * *

 * العداء بين الله وابليس
 * استحقاق نظام الارادة والحرية
 * القوانين الطبيعية خاضعة لإرادة الله تعالى
 * الاسماء الالهيّة
لا مُضادَّ لَهُ في مُلْكِهِ:
هنا يريد الامام (عليه السلام) ان يوضح لنا حقيقة أُخرى وهي ان الله تبارك وتعالى قهار، جبار، لا احد يضاده في ملكه، ولا احد ينازعه في امره، ولا يشاركه في خلقه، ولا احد يشابهه في عظمته،
العداء بين ابليس والله تعالى:
قد يقول قائل: كيف نفسّر تمرد إبليس على الله تعالى؟
أليس هو خروج على ارادة الله تبارك وتعالى؟
هنالك معركة بين إبليس وبين الله تعالى، عندما خلق الله تعالى ادم طلب من الملائكة السجود له فسجدوا جميعا الا إبليس، قال له تعالى: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾.(١٤١)
قال إبليس: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾(١٤٢).
قال تعالى: ﴿فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾.(١٤٣)
قال إبليس: ﴿أَنظِرْنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾.(١٤٤)
قال تعالى: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ﴾.(١٤٥)
قال ابليس: ﴿فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾.(١٤٦)
قال تعالى: ﴿اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ﴾(١٤٧).
هذه معركة كبرى بين الله تبارك وتعالى، وبين إبليس.
اليس هذا خروج عن ارادة الله تعالى؟
اليس هذا منازعة في امر الله؟
بينما الدعاء يقول: لا مُنازِعَ لَهُ في اَمْرِهِ.
هذا هو إبليس والكفار معه ينازعون الله فكيف نفسّر ذلك؟
هناك جوابان:
الجواب الاول: ان هذا كله بإِذن الله ومشيئته، إبليس بإرادة الله ومشيئته خرج عن امر الله، فالخروج عن ارادة الله إنما هو ايضا في دائرة إرادة الله. ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾(١٤٨).
ان الله تبارك وتعالى اعطى بإرادته لإبليس خيارين، خيار السجود لادم وخيار عدم السجود، فبالسجود يسلك طريقه إلى الجنة وبعدم السجود يسلك طريقه إلى النار.
كذلك العبد الكافر حينما يعصي الله تعالى، ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾(١٤٩)، و﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا﴾(١٥٠)، و﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِلْطَّاغِينَ مَآباً﴾(١٥١)
يقول الله تعالى: يا أيها الانسان انت مخيَّر بين هذين الطريقين، انا اريد لك الجنة، فاذا اخترت المعصية، فبإرادتي ذلك ايضا، فالكل هنا تحت هيمنة الله تبارك وتعالى لأنه محيط بكل شيء.
هذا الجواب الاول.
والجواب الثاني: ان المقصود بقوله (ولا مُنازِعَ لَهُ في اَمْرِهِ) هو الأمر التكويني، وليس الأمر التشريعي، ففي الأمر التكويني وقرارات الخلقة الالهيّة ونظام الكون لا أحد ينازع الله فيها، أمّا في الأمر التشريعي وهو الواجبات والمحرمات فالإنسان والجان قد يعصون الله تعالى، وينازعوه ويجادلوه في أمره ﴿وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً﴾(١٥٢).
ما هي فلسفة خلق إبليس؟
إن خلق إبليس لم يكن من اجل عقوبة البشرية وتوريطها بالمعصية، حاشا لله تعالى الذي يريد بنا اليُسر ولا يريد بنا العسر كما قال تعالى: ﴿يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾(١٥٣)، بل من اجل تكامل البشرية، وشأنه شان الغرائز والشهوات لدى الانسان، فهي عناصر لتكامل الانسان، ولولاها لم يتكامل الانسان.
وهكذا، لولا التضاد بين عناصر التكامل لدى الانسان مع ابليس لم يتكامل بنو الانسان.
مثل ذلك ما يقوله العلم الحديث أن هنالك بكتريا ضارة، وبكتريا نافعة في جسم الانسان تقدر بمائة ترليون خليّه، وهناك أكثر من خمسمائة نوع من البكتريا(١٥٤)، وان وجود هذين النوعين من البكتريا هو لأجل تكامل بدن الانسان، والاثنان موجودات من اجل التكامل البشري.
وهكذا التكامل الاخلاقي لدى الانسان، فإبليس هو بمثابة البكتريا الضارة، والملائكة هم بمثابة البكتريا النافعة، ولولا هذا الصراع بينهما لم يتكامل البشر.
استحقاق نظام الارادة:
الله تبارك وتعالى أسس قانوناً هو قانون (استحقاق نظام الارادة والحرية)، وهنا نرى وفق هذا القانون أن إبليس والملائكة تعرضوا للامتحان الالهي حينما أمرهم الله بالسجود لآدم، الاول هو إبليس، والثاني هم الملائكة، فرسب إبليس في الامتحان ونجحت الملائكة.
فالله تعالى قال للملائكة: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾.(١٥٥)
اجابوه: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ (١٥٦)، وذلك على سبيل الاستفهام الاستعلامي.
قال تعالى: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾(١٥٧).
فاعتذر الملائكة قالوا: ﴿سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا﴾(١٥٨) وخروا سجدا لآدم.
بينما إبليس اعترض بقوله ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾(١٥٩) وأبى واستكبر ولم يسجد لآدم.
اذن كان هناك امتحان واحد نجح فيه الملائكة، وفشل فيه إبليس، ذلك كله تحت ارادة ومشيئة الله وتصميمه. هذا نسميه (استحقاق نظام الارادة)، (استحقاق قانون الحرية).
الله تعالى هو الذي أسس قانون إرادة الانسان وارادة الجان. وقد فشل إبليس - وهو من الجان - في الامتحان، وأصر على الفشل حين قال ﴿لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾(١٦٠)، كما فشل آدم في الامتحان أيضاً حين نهاه الله أن يأكل من الشجرة قائلا له ولحواء: ﴿لاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ﴾(١٦١)، لكن آدم استغفر وتاب وندم فتاب الله عليه، وفرض عليه امتحاناً في الدور الثاني حين أمره بالهبوط إلى الارض لاستكمال مسيرته التكاملية.
وهنا قال تعالى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ﴾(١٦٢)، وقال: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾(١٦٣)
القوانين الطبيعية خاضعة:
كل قوانين الطبيعة خاضعة لإرادة الله تعالى، وهي خلق من خلق الله تعالى، ولو شاء تعالى توقفت كل هذه القوانين، كما في معاجز الانبياء.
النبي عيسى (عليه السلام) كان يمتلك القدرة على عبور القوانين الطبيعية فهو يقول: ﴿أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ الله وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ الله﴾(١٦٤)
لكن هذا الامر ليس شراكة مع الله تبارك وتعالى في خلقه، وانما هو بأذن الله وقدرته وتعليمه.
كذلك التقنيات الحديثة ليست هي شراكة مع الله، وانما العقل البشري يوظف هذه القوانين لتحقيق المزيد من التطور.
فهي توظيف للقوانين، وليس عبوراً لها ولا شراكة مع الله تعالى، و(لا شَريكَ لَهُ في خَلْقِهِ).
(وَلا مُنازِعَ لَهُ في اَمْرِهِ):
ما هو الأمر؟
الله تعالى لا منازع له في الاوامر التكوينية الخلقيّة، وامور الخلق كلها بيد الله تبارك وتعالى، ولا ينازعه أحد في تقديراته في كل هذا الوجود.
لذا يقول القران الكريم: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾(١٦٥)، ويقول:: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾(١٦٦).
فالأمر والتقدير لكل الوجود بيد الله تبارك وتعالى، انما نحن نتصرف في داخل هذا التقدير الالهي فننتقل من حالة إلى حالة وكلها مقدرة.
القران الكريم يعطينا مفهوما اخر يقول: ﴿لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾(١٦٧)، فالخلق معناه أصل الايجاد، واما الأمر فهو تقديراته وتحركاته وتطوراته، فالخطوة الاولى هي الايجاد، والخطوة الثانية هي التقدير.
الله ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾‏(١٦٨) اي له الخلق وله الامر، ولذا يقول القران الكريم: ﴿أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾(١٦٩).
ويقول: ﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾(١٧٠).
فههنا عملية خلق، ثم تأتي بعدها عملية السير التكاملي لهذا الخلق، وهو المعبّر عنه في القرآن بكلمة (هَدَى) ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾‏(١٧١)، فالله تعالى لامنازع له في أمره التكويني، وانما يعصيه العاصون في أمره التشريعي كما تقدم.
لا شَريكَ لَهُ في خَلْقِهِ:
الخلق الحقيقي والخلق المجازي:
يوجد عندنا خلق حقيقي، وخلق مجازي، فانا عندما اتكلم الان، فأن الذي انطقني هو الله تبارك وتعالى، وهكذا حين آكل الطعام وأشرب الماء، ﴿الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ﴾(١٧٢).
فالخلق الحقيقي من الله تعالى الذي بيده كل شيء، اما التصرفات من حس وشم ونطق التي يقوم بها الانسان أو الحيوان، فكلها خلق مجازي، أو بعبارة اخرى هي أدوات يستخدمها الانسان لكنها خاضعة إلى المالك الحقيقي وهو الله تعالى، وهو الذي يتصرف بها، أمّا نحن فإنما نمارس عملية تمرير إرادة الانسان من خلال تلك القوانين الالهيّة، ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ الله﴾(١٧٣)
(ولا شَبيهَ لَهُ في عَظَمَتِهِ):
عظمة الله تعالى:
ان كل عظمة في الكون هي ترشّح من عظمة الله تعالى، حيث (انْقادَ كُلُّ شَيْءٍ لاِمْرِهِ)(١٧٤) تبارك وتعالى.
فالعظمة الالهية ممتدة في كل شيء، في السموات، وفي الارضين، وان جميع الاشياء هي ذليلة لعظمة الله تبارك وتعالى.
(يا اَعْظَمَ مِنْ كُلِّ عَظيمٍ)(١٧٥) الجبل عظيم، السموات عظيمة، لكن أعظم الاعظمين هو الله تعالى، بل كل عظمة في الكون هي ترشح من عظمة الله.
وقد اكدت الآيات القرآنية، وادعية اهل البيت (عليهم السلام) على عظمة الله تعالى وصورتها بأجمل الصور.
يقول الله تعالى: ﴿هُوَ الله الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى﴾(١٧٦).
في دعاء كميل نقرأ: (اللهمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِعَظَمَتِكَ الَّتي مَلأَتْ كُلَّ شَيء)(١٧٧)، وهكذا نجد أن العظمة الالهية مبثوثة في كل شيء.
الاسماء الالهية:
من أعظم الاسماء الالهية (الواحد)، وبعده (الحي)، (القيوم)، والعلماء يقولون ان جميع الاسماء الالهية مشتقة من (الحياة المطلقة)، و(القيمومية المطلقة) لله تعالى الواحد(١٧٨).
لاحظوا ذلك في القرآن الكريم حينما يقول ﴿الله لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾(١٧٩]‏ فالوحدانيّة أولاً، ثم الحياة، ثم القيوميّة.
فكل ما سوى الله ليس له حياة مطلقة، ولا قدرة مطلقة، بل ليس له حياة، ولا قدرة، انما هي حياة الله تعالى وقدرته، وهذا هو ما أكده الامام علي بن الحسين (عليه السلام) في مناجاته حينما يقول: (مَوْلايَ يا مَوْلايَ اَنْتَ الْحَيُّ وَاَنَا الْمَيِّتُ وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَيِّتَ اِلاَّ الْحَيُّ).
نموذج من عظمة الخلق الالهي:
وتتجسد عظمة الله في جسم الانسان حيث نرى دم الانسان يتألف من أربعة مكونات هي: كريات الدم الحمراء، وكريات الدم البيضاء، وصفائح الدم، وبلازما الدم.
ولكل منها لها وظيفتها الخاصة بها فان اخلت بوظيفتها هلك الانسان.
علماء الطب يقولون ان الكريات الدم الحمراء تقدر بخمسة ملايين كريَّة في كل ملمتر مكعب، بينما يبلغ مجموع الكريّات الحمراء في البدن عشرين ترليون كريَّة، ووظيفة هذه الكريات هي بمثابة اسطول بحري ناقل للمواد الغذائية والاوكسجين.
أمّا الكريات الدموية البيضاء فهي بمعدل ثلاثة الاف كريَّة في كل ملم متر مكعب، ووظيفتها هي حماية الكريات الحمراء، فهي قوارب نجاة حول الاسطول، وهي الجهاز المناعي في البدن لمواجهة المخاطر وانواع الفيروسات والبكتريا الضارة..
اما الصفائح الدموية فوظيفتها سد الجرح اذا حدث في بدن الانسان، حيث تلتصق الصفائح بعضها ببعض وتمنع من تسرّب الدم للخارج، ولكنها اذا كثرت فانه ستصيب الانسان جلطة دموية.(١٨٠)
هذا نموذج بسيط من عظمة صنع الله تعالى، والسؤال هو:
هل يخضع هذا الامر لإرادة الانسان؟
كلا فالإنسان لا يمكنه ان يقوم بهذه المهمة العظيمة، بل هي تتحرك لأداء وظيفتها بدون وعي الانسان وارادته وهي تتحرك وتؤدي وظائفها حتى في نوم الانسان.
نظرية الوعي الكوني:
وهذه هي النظرية الدينية، (نظرية الوعي الكوني) والتي سنتحدث عنها ان شاء الله تعالى، وهي تعني ان كل شيء يسير بدون فوضى واضطراب، بل بوعي تام ونظام رائع.
وهذا على عكس ما تقوله النظرية المادية(الحتمية الطبيعية)، والتي ترى أن العالم يسير أوتوماتيكيا، أو بدون وعي.
لكن الاسلام يقول ان كل شيء يسبح بحمد ربّه، وكل شيء يسير وفق منهج تكاملي ودقيق وفق حسابات مضبوطة، ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾(١٨١).
فكل ذرة من ذرات هذا الكون تحمد الله تعالى وعندها وعي كوني، والقران الكريم يتحدث عن ان كل المخلوقات لها وعي وحياة، وتتحرك في داخل دائرة الامر الالهي.

المحاضرة السابعة: (اَلْحَمْدُ للهِ الْفاشي في الْخَلْقِ اَمْرُهُ وحَمْدُهُ، الظّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ، الْباسِطِ بِالْجُودِ يَدَهُ، الَّذي لا تَنْقُصُ خَزائِنُهُ، ولا تَزيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطاءِ إلّا جُوداً وكَرَماً، اِنَّهُ هُوَ الْعَزيزُ الْوَهّابُ)
* * *

* الامر الالهي
* نظرية الفيض الالهي
* نظرية الخلق المستمر
(الْفاشي في الْخَلْقِ اَمْرُهُ):
معناه المنتشر، الواضح، الظاهر في الخلق تقديره وتدبيره، فكل الكون يسير وفق مخطط مرسوم له ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾(١٨٢)، فالأمر هنا ليس مقابل النهي وجمعه (أوامر)، بل بمعنى شأنه وتقديره وجمعه (امور)، كما تقول لأحد (كيف امورك)، و(الى اين وصل امرك)، هذا هو المفهوم من قوله (الْفاشي في الْخَلْقِ اَمْرُهُ) بمعنى المبثوث في كل الوجود تدبيره وقراره.
الخزائن الالهية:
في المقطع الاخر من الدعاء يقول (الظّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ، الْباسِطِ بِالْجُودِ يَدَهُ)، حيث نرى تصويراً رائعاً لسعة الخزائن الالهيّة وديمومة الفيض الالهي، حيث يقول الدعاء: (الَّذي لا تَنْقُصُ خَزائِنُهُ، ولا تَزيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطاءِ إلاّ جُوداً وكَرَماً).
لاحظوا هذا الدعاء وهو في مقام الاسترحام، والاستعطاف، والسؤال، عادة يبدا بذكر الرحمة والكرم والجود.
فانت حينما تريد ان تستعطف شخصا ما تذكره بكرمه واياديه الكريمة، لذلك نقول في الدعاء (اَلْحَمْدُ للهِ الظّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ)، يا إلهي انت مجدك ظاهر بكرمك، وليس فقط بجبروتك وعظمتك، مجدك وشرفك العظيم ظاهر بالكرم، ويدك مبسوطة بالجود والعطاء.
الاسلام يقول ان الله تبارك وتعالى كريم، وظاهر مجده بالكرم، وباسط بالجود يده.
بينما اليهود المعروفين بصفة البخل الذميمة، ينسبون هذه الصفة إلى الله تعالى، كما ورد في القران الكريم في قوله تعالى:
 ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ الله مَغْلُولَةٌ﴾(١٨٣)، فيجيبهم القران الكريم بقوله: ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾(١٨٤).
الَّذي لا تَنْقُصُ خَزائِنُهُ:
ما هي خزائن الله؟
القرآن الكريم يقول عن خزائن الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾(١٨٥).
فمن ظاهر الآية نستكشف ان كل الموجودات لها خزائن عند الله تعالى، والله تعالى له خزائن السموات والارض، وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم حيث قال: ﴿وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾(١٨٦).
فالجبال والبحار والكواكب والاشجار والحيوانات، والانس، والجن كلها لها خزائن في السماء، ومن تلك الخزائن تتنزل الموجودات.
هذا المفهوم له تفسيران:
التفسير الاول: وهو التفسير الظاهري بمعنى أن هناك خزائن ومنابع لكل هذه الموجودات في عالم السماء وعند الله تبارك وتعالى.
التفسير الاخر: التفسير التأويلي، بمعنى خزائن القدرة، يعني الله قادر على ان يواصل العطاء وان خزائن قدرته لا تنتهي.
ولكن الصحيح ان نبقى مع التفسير الظاهري ولا حاجة إلى تأويل،، ولكن قد تقول كيف نتصور ان هذه الجبال لها أضعاف أضعافها في السماء، وهذه المجرات لها خزائن مجرّاتية في السماء.
الجواب: يمكن أن نوضح ذلك بمثال بسيط، القرص المدمج الذي نستعمله اليوم في اجهزتنا الكمبيوترية يحتوي على اكثر من خمسين الف قطعة مخزونة، ونحن نتقبل هذا الامر ولا نجد فيه مشكلة، فمثل ذلك نقول ان كل هذه الموجودات لها خزائنها عند الله تعالى، ولكن ليس بالضرورة أن تكون بنفس الشكل الوجودي، بل ربّما بشكل آخر ومرتبة أخرى من الوجود.
يقول العلامة الطباطبائي(١٨٧): (قوله تعالى: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾(١٨٨) تدل بعمومها على أن لجميع موجودات عالمنا هذا وجودات مخزونة عنده تعالى ذات سعة غير محدودة ولا مقدّرة..
وبعبارة أخرى أن في كل شيء وجهاً الهيّاً، ووجهاً كونياً خلقياً، وهذا الوجه حيث أنه بمقدار فهو محدود مثالي، وقد أفاد قوله تعالى: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾(١٨٩) وجهاً آخر غير محدود ولا مقدّر.(١٩٠)
لماذا لانقبل ان كل هذا الكون موجود بكلمة، ولهذا نقرا في دعاء السمات(١٩١): (وَبِكَلِمَتِكَ الَّتِي خَلَقْتَ بِها السَّماواتِ وَالأَرْضَ).
هذه (الكلمة) هي خزانة جميع الموجودات، فلا يغرّنا حجم الجبال والمجرّات والكون، فالكل مخزون في حرف في اسم الله الاعظم، فهذا الوجود كله هو ترشح من كلمة من كلمات الله تبارك وتعالى، كما نقرأ في الدعاء: (وبِاسْمِكَ الْعَظيمِ الاْعْظَمِ الذي وضعته على النهار فأضاء وعلى الليل فأظلم)(١٩٢)
نظرية الفيض الالهي:
أن اية خزانة من الخزانات عندنا في الدنيا، كلما تأخذ منها تنقص، فكيف لا تنقص خزائن الله تعالى مهما اعطى منها بل تزداد اكثر فاكثر.
تأتي هنا (نظرية الفيض الدائم)، حيث يقول الدعاء: (يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ أَبَدًا)(١٩٣).
والامام زين العابدين (عليه السلام) يقول: (وامتلأت بفيض جودك أوعية الطلبات)(١٩٤).
نظرية الفيض تعني ان الله تبارك وتعالى هو فيض وعطاء دائم، وهذا الفيض الالهي له اربع صفات هي:
الاولى: ذاتي.
الثانية: دائم.
الثالثة: لا ينقص.
الرابعة: يزداد.
ومن أجل توضيح ذلك نقول: اذا اخذنا كرم الانسان مثل (حاتم الطائي) فان كرمه ليس ذاتياً، بل هو صفة قد ورثها وأكتسبها، فليست هي جزء من وجوده وذاته، كما أن كرمه ينقطع وينتهي حينما ينتهي ما لديه من مخزون مالي، ويبدأ بالتراجع تدريجيا إلى ان ينتهي كل ما لديه، أمّا الله تعالى فان فيضه ذاتي لم يأخذه وراثه من أحد، ولا اكتسبه من غيره، وليس من اجل الشهرة، بل ذاته هي الفيض والكرم، وهذا الكرم لا ينقطع ولا ينقص بل يزداد كلما وجد محطةً للعطاء والفيض، فهو يزداد بازدياد الموجودات والمخلوقات والفقراء.
هذه هي (نظرية الفيض الالهي).
نظرية الخلق المستمر:
هذا الكون هل ينتهي؟
او ان الخلق الالهي دائم ومستمر كلما انتهى كون حدث كون آخر؟
الجواب:
هذا الكون قد ينتهي، وهذا ما أكده القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾(١٩٥)، وقوله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾(١٩٦)، وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾(١٩٧)، وقوله تعالى: ﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾(١٩٨).
نعم، هنالك نظرية علميّة تقول ان هذا الكون سينتهي يوما ما، بنهاية الطاقة الحرارية حيث تصل النجوم فيه إلى برود، ونحن الان لسنا بصدد نقاش هذه النظرية وهي لا تتنافى مع نظرية (الخلق الدائم)، لأنها انما تتحدث عن هذا العالم ولا تتحدث عن عوالم اخرى قد تخلق فيما بعد، فالنظرية في احسن حالاتها تقول ان هذا الكون سوف يتلاشى.
ولكن، هل سينتهي الوجود، أم سيكون هناك وجود ثاني، وثالث إلى ما لا نهاية، لان الله هو (الفيض الذاتي) وفيضه لا يقف عند حد؟؟
هذا مالا تتحدث عنه النظرية العلمية ولا تنفيه، ونحن حينما نعتقد بان الله تعالى فياض الوجود، وان فيضه ذاتي، إذن فالخلق مستمر كونا بعد كون، من كرمه الدائم، وعطائه المستمر، ووجوده اللامتناهي.
يعقوب (عليه السلام) وملك الموت:
ورد في الرواية ان ملك الموت تجسد إلى نبي الله يعقوب (عليه السلام)، فقال له: انت تقبض الارواح، هل ان ابني يوسف اسمه موجود عندك فيمن قبضت روحه؟
قال له: لا.
هنا اطمأن يعقوب (عليه السلام) بأن يوسف مازال حيا.
ثم هبط عليه جبرئل قال: يا يعقوب اذا ارت دعاءً سريع الاجابة فقل: (يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ أَبَدًا).
فما زال يعقوب (عليه السلام) يكررها فما أن طلع الفجر حتى جاؤا بقميص يوسف القي على يعقوب (عليه السلام).(١٩٩)
وهكذا نستنتج ان كل هذا الوجود، وما بعده من الوجودات، هو ترشح لكلمة من كلمات الله تعالى، وان الفضل والعطاء والمعروف الالهي لا ينقطع ابداً.
الرزق نوعان:
ان هذا العطاء الالهي الذي يقول فيه الامام السجاد (عليه السلام) يوم الفطر اذ انصرف من صلاته: (وامْتَلأتْ بِفَيْضِ جُودِكَ أوْعِيَةُ الطَّلِباتِ).(٢٠٠)
هذا الجود والرزق والكرم الالهي هو على نوعين: رزق تطلبه، ورزق يطلبك.
الله جعل المنهج الطبيعي هو ان تبحث انت عن الرزق من أجل تكامل المسيرة البشرية، لا ان تكون نائماً في فراشك وتريد أن تأتيك الارزاق المقدّرة.
ومن هنا جاء في رواية شريفة عن الامام الصادق (عليه السلام) قال:
(أربعة لا يستجاب لهم دعاء: رجل جالس في بيته، يقول: يا رب ارزقني فيقول له: ألم آمرك بالطلب؟
ورجل كانت له امرأة فدعا عليها فيقول: ألم أجعل أمرها بيدك؟
ورجل كان له مال فأفسده فيقول: يا رب ارزقني فيقول له: ألم آمرك بالاقتصاد ألم آمرك بالإصلاح؟
ثم قرأ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾(٢٠١).
ورجل كان له مال فأدانه بغير بينة فيقول: ألم آمرك بالشهادة)(٢٠٢)
هذا كله من سنن التكامل الاجتماعي، العمل، والانتاج، والعطاء.
وقد يأتيك رزقك من غير طلب، بل بفعل عوامل اخرى خارجة عنك.
قصة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) مع الرجل المستعطي:
عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال:
(اشْتَدَّتْ حَالُ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ الله(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فَسَأَلْتَهُ.
فَجَاءَ إلى النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قَالَ مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ ومَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ الله.
فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا يَعْنِي غَيْرِي.
ورَجَعَ إلى امْرَأَتِهِ فَأَعْلَمَهَا بمقالة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، فَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بَشَرٌ فَأَعْلِمْهُ بحالك وحاجتك وفقرك.
فَأَتَاهُ مرة ثانية فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بادر قائلاً: مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ ومَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ الله.
فانسحب الرجل قائلاً: ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يعنيني بهذا الكلام.
لكنه عاد إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) مرة ثالثة ليسأله فالتفت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وقال نفس مقالته، فذهب الرَّجُلُ فَاسْتَعَارَ مِعْوَلًا ثُمَّ أَتَى الْجَبَلَ فَصَعِدَهُ فَقَطَعَ حَطَباً ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَبَاعَهُ بِنِصْفِ مُدٍّ مِنْ دَقِيقٍ فَرَجَعَ بِهِ فَأَكَلَهُ ثُمَّ ذَهَبَ مِنَ الْغَدِ فَجَاءَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَبَاعَهُ فَلَمْ يَزَلْ يَعْمَلُ ويَجْمَعُ حَتَّى اشْتَرَى مِعْوَلًا ثُمَّ جَمَعَ حَتَّى اشْتَرَى بَكْرَيْنِ(٢٠٣) - من الابل - وغُلَاماً ثُمَّ أَثْرَى - صار غنيا - حتى أَيْسَرَ فَجَاءَ إلى النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فَأَعْلَمَهُ كَيْفَ جَاءَ يَسْأَلُهُ وكَيْفَ سَمِعَ النَّبِيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): قُلْتُ لَكَ مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ ومَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ الله‏).(٢٠٤)

المحاضرة الثامنة: (اللَّهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ قَليلاً مِنْ كَثير، مَعَ حاجَة بي اِلَيْهِ عَظيمَة وغِناكَ عَنْهُ قَديمٌ، وهُوَ عِنْدي كَثيرٌ، وهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسيرٌ)
* * *

* لماذا السؤال من الله تعالى؟
* مستويات السؤال.
* قصة الاعرابي والاسم الاعظم.
* رؤية صاحب الزمان (عليه السلام).
لماذا السؤال من الله؟
يقول المعصوم (عليه السلام) في مقطع آخر من دعاء الافتتاح:
(اللَّهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ قَليلاً مِنْ كَثير، مَعَ حاجَة بي اِلَيْهِ عَظيمَة وغِناكَ عَنْهُ قَديمٌ، وهُوَ عِنْدي كَثيرٌ، وهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسيرٌ).
اذا كان الله تبارك وتعالى عالماً بحاجتنا، وهو الرحمة المطلقة، وهو الفيض المطلق، اذن لماذا يجب ان نتوجه بسؤاله والطلب منه؟
أليس نحن نقرا في الدعاء: (يَا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ، يَا مَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تُحَنُّناً مِنْهُ ورَحْمَةً)(٢٠٥).
فاذا كان العطاء الالهي ذاتياً، اذن لماذا السؤال من الله تبارك وتعالى، واذا كان الانسان مستحقاً للرحمة الالهية، ومحتاجاً لها، اذن لماذا لا يفيض الله عليه هذه الرحمة بدون سؤال؟.
لماذا نحتاج إلى سؤال؟
ولماذا نسأل الله تعالى؟
اذا كانت السماء ملبّدة بالغيوم، فان المطر سيهطل منها على الارض، ان سألت، أم لم تسأل، فلماذا علينا السؤال؟
ولماذا يقول القران الكريم: ﴿وَاسْأَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ الله كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾(٢٠٦).
يقول الامام امير المؤمنين (عليه السلام) في منظومته(٢٠٧):
لَكَ الحَمدُ يا ذا الجودِ والمَجدِ وَالعُلا تَبارَكتَ تُعطي مَن تَشاءَ وَتَمنَعُ.
فصاحب الجود لا يحتاج إلى سؤال، فلماذا نسأله تعالى؟
الجواب: هنالك عاملان تدعونا للسؤال من الله تعالى:
العامل الاول: هو التعرض إلى رحمة الله تبارك وتعالى.
فأشعة الشمس تملأ السماء، وسطح الارض، لكن حينما تكون في داخل الغرفة فإنها لاتصل اليك، فالمشكلة اذن ليست في أشعة الشمس، وانما انت الذي احتجبت عنها، هكذا في الرحمة الالهيّة، والعطاء الالهي، يجب أن نستقبله ونتعرّض اليه.
لذا نقرأ في الدعاء في ليلة النصف من شعبان (إِلهِي تَعَرَّضَ لَكَ فِي هذا اللَّيْلِ المُتَعَرِّضُونَ وَقَصَدَكَ القاصِدُونَ وَأَمَّلَ فَضْلَكَ وَمَعْرُوفَكَ الطَّالِبُونَ)(٢٠٨)
ويقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في الحديث المروي عنه: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبد)ا(٢٠٩)
اذن فلسفة السؤال هي ضرورة التعرض وكشف النفس لأمواج الرحمة الالهية الهاطلة من السماء، هذا هو العامل الاول.
العامل الثاني: الذي يدعونا لان نسال الله تبارك وتعالى، هو عبارة عن ضرورة المعايشة مع الله تعالى، والانس بمجالسته ومناجاته، والتقدم خطوة في طريق التكامل بهذه المناجاة.
هنا سيكون الله تبارك وتعالى من خلال السؤال (جليس من ساله)، فانت تريد ان تلتقي مع مولاك الكريم من خلال السؤال والتضرع.
ولهذا يقول الحديث الشريف عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أنه قال:
(إن الله تعالى نصب في السماء السابعة ملكا يقال له: الداعي، فإذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملك كل ليلة منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين، ويقول الله تعالى:
أنا جليس من جالسني، ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته، ومن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلا بيني وبين عبادي فمن اعتصم به وصل إلي)(٢١٠)
اذن نحن حينما نسال الله فان الهدف من ذلك هو ان نكسب القرب اليه تعالى، والمجالسة معه، اضافة إلى ان نأخذ حاجتنا منه.
مستويات السؤال:
يقول العرفاء أن هناك ثلاث مستويات للسؤال:
السؤال بلسان الحال، او بلسان القال، او بلسان الاستعداد.
يقول الامام الخميني في كتابه (شرح دعاء السحر):
(قول الداعي (أسالك)، السؤال بلسان الاستعداد غير مردود، والدعاء به مقبول مستجاب، لان الفاعل تام وفوق التمام، والفيض كامل وفوق الكمال، وعدم ظهور الفيض والافاضة من قبل نقصان الاستعداد، فاذا استعد القابل لقبوله يفاض عليه من الخزائن التي لا تبيد ولا تنفذ... فينبغي للداعي ان يبالغ في تنزيه باطنه وتخلية قلبه من الارجاس والملكات الرذيلة حتى يسري دعاء قاله إلى حاله، وحاله إلى استعداده، وعلنه إلى سرّه، يستجاب دعاؤه ويصل إلى مناه)(٢١١).
امامنا الان ثلاثة مستويات للسؤال والدعاء:
المستوى الاول: السؤال باللسان:
وفيه يقول الدعاء: (وَاجْعَلْ لِسَانِي بِذِكْرِكَ لَهِجا)(٢١٢)، وهذا هو لسان القال، والحديث يقول: عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)):
(من قال: لا إله إلا الله. غرست له شجرة في الجنة من ياقوتة حمراء، منبتها في مسك أبيض، أحلى من العسل وأشد بياضا من الثلج وأطيب ريحا من المسك)(٢١٣).
وهذا هو ادنى مستويات السؤال، ان تحرك لسانك مع الله وتناجي وتطلب.
المستوى الثاني: السؤال بالحال:
ثم تحاول ان تصعد إلى مستوى اعلى في السؤال وهو ما يسمى بلسان الحال، اي يكون حالك ومشاعرك وقلبك هو الذي يناجي ويسأل وليس اللسان وحده.
وفي دعاء ابي حمزة الثمالي يقول: (اُناجيكَ يا رب بِقَلْبٍ قَدْ أَوْبَقَهُ جُرْمُه، ادْعوُكَ يا رَبِّ راهِباً راغِباً، راجِياً خائِفاً، اِذا رَأَيْتُ مَوْلايَ ذُنُوبي فَزِعْتُ، واِذا رَأَيْتُ كَرَمَكَ طَمِعْتُ)(٢١٤).
هذا هو المعبّر عنه بـ(لسان الحال).
كما نقرا ايضا في دعاء كميل: (يا اِلهي أسْأَلُكَ بِحَقِّكَ وقُدْسِكَ، واَعْظَمِ صِفاتِكَ واَسْمائِكَ، أنْ تَجْعَلَ اَوْقاتي مِنَ اللَّيْلِ والنَّهارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً، وبِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً، واَعْمالي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً، حَتّى تَكُونَ أعْمالي وأوْرادي كُلُّها وِرْداً واحِداً، وحالي في خِدْمَتِكَ سَرْمَداً) (٢١٥).
فحالنا يجب أن يكون منسجماً مع مقالنا ومتطابقاً معه.
اذن هنا مستويان للسؤال هما السؤال بلسان القال، والسؤال بلسان الحال.
المستوى الثالث: لسان الاستعداد:
ثم نصل إلى المرحلة الاخيرة من السؤال، وهي مرحلة العمق، (ومرحلة الاستعداد)(٢١٦) حسب ما يسميها العرفاء.
انها مرحلة اللياقة بان تكون مؤهلاً، لان تنزل عليك الرحمة، ويستجاب فيها الدعاء، وهي مرحلة الاستعداد لتحمل هذه العطية الالهية.
وهذا ما نراه في قصة النبي يونس (عليه السلام) عندما وصل إلى مرحلة الاستعداد لنزول النجاة الالهية، واصبح مهيئاً لان ينصره الله تبارك وتعالى وينقذه.
فهو في داخل ظلمات بطن الحوت قال: ﴿لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾(٢١٧).
فاستجاب الله له من غير أن يسأل النجاة بلسان القال ولا بلسان الحال، بل بلسان الاستعداد واللياقة، فهو لم يقل الهي انقذني، بل قال: ﴿إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، فجاءت الاستجابة الالهية. ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾(٢١٨).
هذه النجاة ليست ليونس (عليه السلام) وحده، بل لعموم المؤمنين حينما يصلوا إلى هذا المستوى.
لذلك اذا لم تصل إلى مرحلة الاستعداد، لا تكون الاجابة واجبة، بينما اذا وصلنا إلى مرحلة الاستعداد، حينئذ تكون الاجابة حتمية، لان الله تبارك وتعالى هو فيض مطلق لكل موضوع توفرت فيه شروط الاهليّة واللياقة للاستجابة.
فالله تعالى وجود مطلق، يفيض هذا الوجود على كل من يستحق الوجود، فأي ماهية استحقت الفيض الالهي، حتما سوف ينزل عليها الفيض الالهي.
وفي قصة ابراهيم واسماعيل (عليهما السلام) عندما قال ابراهيم (عليه السلام): ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى﴾(٢١٩).
قال له اسماعيل (عليه السلام): ﴿يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ الله مِنَ الصَّابِرِينَ﴾(٢٢٠).
هنا لياقة واستعداد لنزول الرحمة الالهية، فهنا قلب عظيم، ولياقة لنزول الرحمة، حيث يستجيب ابراهيم (عليه السلام) للطلب الالهي، واسماعيل (عليه السلام) يستجيب للرؤيا، فنزلت الرحمة الالهية ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾(٢٢١).
نحن اذن نريد نزول الرحمة الالهيّة، فيجب ان تكون عندنا اللياقة، فعندما نريد النصر يجب ان تكون لدينا لياقة النصر، وعندما نريد الرزق، يجب ان تكون عندنا لياقة الرزق، وعندما نريد التوفيق، يجب ان تكون عندنا لياقة التوفيق... وهكذا.
قصة الاعرابي والاسم الاعظم:
في رواية رواها لي سماحة اية الله الشيخ حسن الجواهري الكبير الذي توفي في قم قبل حوالي ثلاثين سنة، حيث كنت ازوره في كل اسبوع واستمع إلى مواعظه واطلب منه قصصا تربوية، فذكر لي ذات مرة هذه القصة:
انه جاء اعرابي للإمام الصادق (عليه السلام) قال له: يا بن رسول الله علمني الاسم الاعظم.
قال له الامام: أنت لا تطيق ذلك.
فأصرَّ عليه الاعرابي أن يعلّمه الاسم الاعظم، ففتح له الامام (عليه السلام) فرصة وقال: غداً قف على باب الجسر ولا تتحرك ولا تتحدث بشيء، بل فقط شاهد ما يحدث، ثم تنقل لي ماذا رأيت، وحينئذ قد أعلمك الاسم الاعظم.
فاصبح الصباح، وذهب الاعرابي ووقف على باب الجسر، واذا هو بحمّال فقير الحال رث الثياب يحمل حزمة حطب ويصعد الجسر بصعوبة.
بينما هو كذلك جاء فارس من البلاط الحاكم يومئذ ورأى الحمّال يوازيه على الجسر فدفعه وألقاه في النهر، وذهب الفارس دون أن يكترث بما حدث.
ولكن هذا الرجل الحمّال سبح في الماء ووصل إلى الجرف ويسحب معه رزمة الحطب، وهو يقول (لا الله الا الله)، ثم جمع حطبه مرة اخرى، وجفّف ملابسه، وبدأ مرة اخرى بعبور الجسر.
وعاد الاعرابي إلى الامام (عليه السلام)، سأله الامام (عليه السلام) عما رأى، فقصّ عليه قصة هذا الفقير الحمّال صاحب الحطب.
فقال له الامام (عليه السلام): ماذا قال حامل الحطب عندما القاه الفارس في الماء؟
قال: قال (لا الله الا الله) ولم يتكلم بشيء آخر.
قال (عليه السلام): هذا حامل الحطب لديه الاسم الاعظم، ولو اراد ان يدعو على ذلك الفارس بكلمة واحدة لأحرقه بالمكان، لكن رأيت كيف تمالك وتماسك وضبط نفسه، ولم يدعو بالاسم الاعظم.
الان انت اذا علمتك الاسم الاعظم هل مستعد للتحمل والصبر مثل ذلك الفقير صاحب الحطب؟
قال الاعرابي: لا ليس لدي القدرة.
هكذا نحن بحاجة إلى لياقة النصر، ولياقة الغنى، ولياقة العافية، ولياقة التوفيق، حتى نصل إلى مرحلة الاستعداد ونعبر مرحلة القال والحال، (حتى تَكُونَ أعْمالي وأوْرادي كُلُّها وِرْداً واحِداً، وحالي في خِدْمَتِكَ سرمداً)(٢٢٢).
رؤية الامام المهدي (عليه السلام):
هناك سيد من العرفاء، واستاذ من اساتذة اهل المعرفة في مدينة النجف الاشرف يدعى السيد علي القاضي (٢٢٣) والمدفون في مقبرة وادي السلام في النجف الاشرف ويسمى شيخ العرفاء، له قصة مع احد تلاميذه كما حدثني بها سماحة الشيخ نجابت(٢٢٤) من علماء العرفان في شيراز يقول فيها:
جاء تلميذ للسيد علي القاضي قال له: اريد ان ارى صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.
قال: لا تستطيع.
قال: اريد، واصر على ذلك.
فقال له: سأدعو لك من اجل ان تراه.
وفي ليلة الجمعة بدء هذا التلميذ بقراءة دعاء كميل في غرفة مظلمة، إلى ان وصل إلى مقطع (يا نور يا قدوس)، واصبح يكررها مراراً، واذا من زاوية الغرفة يتقدم له وهج ونور، فأسرع بالفرار، وصاح (ارجوك حتى لو كنت صاحب الزمان اذهب عني) ثم لاذ بالفرار.
فهذا الرجل لم يكن لديه استعداد ولياقة لتحمل هذا الامر فلاذ بالفرار، لذلك عندما نطلب من الله أمراً يجب ان نرى كيفية استعدادنا لتلك النعمة التي نطلبها وتوظيفها الوظيفة الصحيحة لنتعامل معها كما يجب.

المحاضرة التاسعة: (اللَّهمَّ اِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبي، وتَجاوُزَكَ عَنْ خَطيـئَتي، وصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمي وسِتْرَكَ عَلى قَبيحِ عَمَلي، وحِلْمَكَ عَنْ كَثيرِ جُرْمي عِنْدَ ما كانَ مِنْ خَطئي وَعَمْدي، أَطْمَعَني في اَنْ اَسْأَلَكَ ما لا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ، الَّذي رَزَقْتَني مِنْ رَحْمَتِكَ، وَاَرَيْتَني مِنْ قُدْرَتِكَ، وعَرَّفْتَني مِنْ اِجابَتِكَ، فَصِرْتُ اَدْعُوكَ آمِناً، واَسْاَلُكَ مُسْتَأنِساً، لا خائِفاً ولا وَجِلاً، مُدِلاًّ عَلَيْكَ فيـما قَصَدْتُ فيهِ اِلَيْكَ، فَاِنْ اَبْطأَ عَنّي عَتَبْتُ بِجَهْلي عَلَيْكَ، ولَعَلَّ الَّذي اَبْطأَ عَنّي هُوَ خَيْرٌ لي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاُمُورِ)
* * *

* مبرّرات الانفتاح على الله بالدعاء
* قصة الاعرابي
* جدلية الـ(أنا) والـ (انت)
* نظرية عدم الاستحقاق
* صبر ايوب (عليه السلام)
في هذا المقطع من الدعاء توجد ثلاثة محاور:
١ - مبررات المواجهة بالدعاء.
٢ - لذة المناجاة.
٣ - عدم الاستحقاق.
المحور الأول: ما هي المبررات التي تسمح لنا بالدعاء؟
ما هي المبررات التي تسمح لنا أن نواجه بها الله سبحانه وتعالى بالدعاء، مع كثرة ذنوبنا وخطايانا وحقارة حججنا وضآلة قدرنا.
عندما نتحدث مع الله سبحانه وتعالى وكأننا لسنا أصحاب الذنوب والخطايا، كيف نسمح لأنفسنا أن نتحدث مع الله ونستعرض حاجاتنا أولا، وثانيا، وثالثا، وأريد كذا، وكذا وبكل جرأة..
‏هذا الخطاب الحر المفتوح مع الله تبارك وتعالى ما هي مبرراته؟
هنا نجد أن الإمام (عليه السلام) يستعرض بشكل سريع، وبعرض أدبي رائع خمسة مبررات تسمح لنا بهذا الانفتاح على الله تعالى. اسمعوا ماذا يقول، يقول: (اللَّهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ قَليلاً مِنْ كَثير).
ثم يبدأ باستعراض مبررات السؤال وهي:
اولاً: عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبي.
نقرا في ادعية شهر رجب: (يا مَنْ اَمَرَ بِالْعَفْوِ وَالتَّجاوُزِ، وَضَمَّنَ نَفْسَهُ الْعَفْوَ وَالتَّجاوُزَ، يا مَنْ عَفا وَتَجاوَزَ، اُعْفُ عَنّي وَتَجاوَزْ يا كَريمُ)(٢٢٥).
ونقرأ في أدعية شهر رمضان: (إلهي، لَوْ ارَدْتَ هَوانِي لَمْ تَهْدِنِي، وَلَوْ ارَدْتَ فَضِيحَتِي لَمْ تُعافِنِي)(٢٢٦)، اذن فعفوك عني هو الذي يسمح لي ان أتجرأ بالحديث معك.
اي انك ستار العيوب، لذلك أتجرأ بالحديث معك.
ثانياً: تجاوزك عن خطيئتي، فطالما أخطأنا في حياتنا مع الله تعالى سواء كان بذنب، أو بغير ذنب لكنه تعالى تجاوز عن خطايانا ولم يحاسبنا بها.
ثالثاً: صفحك عن ظلمي.
يعني أنا ظالم بيني وبينك، وأنا ظلمت نفسي لكن أنت يا إلهي طول هذا العمر لم تعاقبني وطالما قد صفحت عني.
رابعاً: وسِتْرَكَ عَلى قَبيحِ عَمَلي، فهو تعالى قد ستر غلى سوء أعمالنا في الدنيا ولم يفضحنا بها.
الله ساتر علينا، والدعاء يقول: (الهِي قَدْ سَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوباً فِي الدُّنْيا وَأَنا أَحْوَجُ إلى سَتْرِها عَلَيَّ مِنْكَ فِي الأخرى وقد أحسنت اليَّ، إِذْ لَمْ تُظْهِرْها لاَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ الصّالِحِينَ فَلا تَفْضَحْنِي يَوْمَ القِيامَةِ عَلَى رؤوسِ الاَشْهادِ(٢٢٧).
خامساً: وحِلْمَكَ عَنْ كَثيرِ جُرْمي، فلم يّسرع لمعاقبتنا، بل أمهلنا طويلاً عسى أن نعود اليه.
حينئذ هذه مجموعة مبررات تدفعنا للسؤال، وتفتح الباب أمامنا.
الإمام (عليه السلام) بطريقة الدعاء، لكنه يطرح علينا هذه المفاهيم، وهي المبررات التي تسمح لنا بالحديث الجريء مع الله تعالى.
وفي نهاية المطاف يعطينا الامام (عليه السلام) النتيجة وهي:
(أَطْمَعَني في اَنْ اَسْأَلَكَ ما لا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ، الَّذي رَزَقْتَني مِنْ رَحْمَتِكَ...).
 كل هذه المبررات جعلتني أطمع في أن أسألك بعد ان فتحت لي نوافذ السؤال.
وبهذا المعنى جاءت فقرات الدعاء الرائع للإمام زين العابدين (عليه السلام) المعروف بدعاء ابي حمزة الثمالي حين يقول:
(حُجَّتي يا اَللهُ في جُرْأَتي عَلى مَسْأَلَتِكَ، مَعَ اِتْياني ما تَكْرَهُ جُودُكَ وكَرَمُكَ).
ويقول قبل ذلك:
(وَاَعْلَمُ اَنَّكَ لِلرّاجِينَ بِمَوْضِعِ اِجابَة، ولِلْمَلْهُوفينَ بِمَرْصَدِ اِغاثَة، واَنَّ فِي اللهفِ إلى جُودِكَ والرِّضا بِقَضائِكَ عِوَضاً مِنْ مَنْعِ اْلباِخلينَ، ومَنْدُوحَةً عَمّا في اَيْدي الْمُسْتَأثِرينَ، واَنَّ الِراحِلَ اِلَيْكَ قَريبُ الْمَسافَةِ، واَنَّكَ لا تَحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِكَ إلاّ اَنْ تَحْجُبَهُمُ الاْعمالُ دُونَكَ، وقَدْ قَصَدْتُ اِلَيْكَ بِطَلِبَتي، وتَوَجَّهْتُ اِلَيْكَ بِحاجَتي، وجَعَلْتُ بِكَ اسْتِغاثَتي، وَ بِدُعائِكَ تَوَسُّلي مِنْ غَيْرِ اِسْتِحْقاق لاِسْتِماعِكَ مِنّي، ولاَ اسْتيجاب لِعَفْوِكَ عَنّي، بَلْ لِثِقَتي بِكَرَمِكَ، وسُكُوني إلى صِدْقِ وعْدِكَ، وَلَجَائي إلى الاْيمانِ بِتَوْحيدِكَ، ويَقيني بِمَعْرِفَتِكَ مِنّي اَنْ لا رَبَّ لي غَيْرُكَ، ولا اِلـهَ إلاّ اَنْتَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ)(٢٢٨)
قصة الاعرابي:
جاء أعرابي إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال له: يا رسول الله، مَن يحاسب الخلق يوم القيامة؟
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): الله.
فقال الأعرابي: بنفسه؟
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): بنفسه.
فضحك الأعرابي وقال: اللهمَّ لك الحمد.
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): لمَ الابتسام يا أعرابي؟
فقال: يا رسول الله، إن الكريم إذا قدَر عفا، وإذا حاسب سامح!(٢٢٩)
فهذه سجية من سجايا الكرماء، الله تعالى كريم، والكريم متى ما تمكن من خصمه يعفو عنه.
المحور الثاني: لذة المناجاة:
(فَصِرْتُ أدعوك آمنا واَسْاَلُكَ مُسْتَأنِساً).
هنا نلاحظ في هذا المقطع توجد فقرة مهمة وهي ان الله تعالى بعد ان فتح لنا النافذة أصبحنا ندعوه بكل لذة وأمان واستيناس.
(فَصِرْتُ أدعوك آمنا واَسْاَلُكَ مُسْتَأنِساً)، اي فانا الان بتمام اُنس اللقاء واُنس المناجات، أتقدم نحوك يا إلهي واناجيك (لا خائِفاً ولا وَجِلاً).
قد تقول ما هي فلسفة الأمان؟
لان بعض الادعية تقول: (أَدْعُوكَ يا رَبِّ راهِباً راغِباً خائفاً راجِياً).(٢٣٠)
وفي دعاء أبي حمزة الثمالي يقول: (اِذا رَأَيْتُ مَوْلايَ ذُنُوبي فَزِعْتُ، واِذا رَأَيْتُ كَرَمَكَ طَمِعْتُ).(٢٣١)
والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾(٢٣٢).
ونحن نرى الامام زين العابدين (عليه السلام) أنه كان اذا قام إلى الصلاة تارة يصفر وجهه، وتارة اخرى يحمر وجهه من خشية الله تعالى.(٢٣٣)
اذن كيف نقول الآن في الدعاء: (فَصِرْتُ أدعوك آمنا واَسْاَلُكَ مُسْتَأنِساً)، في حين علينا ان نقول خائفا، ومرتعشا، وراهبا.
الامام (عليه السلام) اعطانا صورة بيضاء بقوله: (فَصِرْتُ أدعوك آمنا واَسْاَلُكَ مُسْتَأنِساً).
كيف نفسر هذا الامر مع وجود مفاهيم ومضامين في القران الكريم تدعو للخوف والقلق مثل قوله تعالى: ﴿تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ﴾(٢٣٤).
جدلية الـ(أنا) والـ(انت):
الجواب: هو ان هناك جدلية بين الانا وانت، فأنت يا إلهي فتحت الباب، واللقاء معك هو لقاء مع أكرم الأكرمين، وارحم الراحمين.
إذن يجب أن استبشر، ويجب أن أفرح، ويجب أن ابتهج بلذة هذا اللقاء، رغم اني لا أستحق هذا التكريم، بل انا المذنب الخاطئ المليء بالخجل..
الإمام زين العابدين (عليه السلام) في دعاء ابي حمزة الثماني يقول:
(مَوْلايَ بِذِكْرِكَ عاشَ قَلْبي، وبِمُناجاتِكَ بَرَّدْتُ اَلَمَ الْخَوْفِ عَنّي)(٢٣٥)، معنى ذلك ان المناجاة بلذتها يزول معها كل خوف، مع أكرم الأكرمين، ومع ستار العيوب، ومع غفار الذنوب، كالمريض إذا التقى مع طبيب خبير، فانه سوف يطمئن، والجائع اذا وصل إلى مضيف الكريم سوف يطمئن، كما قال الامام علي (عليه السلام): (مَنْ وَثِقَ بِمَاءٍ لَمْ يَظْمَأْ)(٢٣٦)، فكيف لا نفرح ونبتهج ونأمن وقد وفدنا على أكرم الأكرمين.
ولهذا يقول الأمام زين العابدين (عليه السلام) في مناجاته:
(اِلـهي مَنْ ذَا الَّذي ذاقَ حَلاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرامَ مِنْكَ بَدَلاً، وَمَنْ ذَا الَّذي اَنـِسَ بِقُرْبِكَ فَابْتَغى عَنْكَ حِوَلاً)(٢٣٧)
معناه يا إلهي ان الذي يذوق طعم المحبة لا يرغب بغيرك ابدا.
‏هذا من طرف الـ(انتَ)، وهو الله تعالى، لكن نأتي إلى الجدلية في الطرف الثاني وهو (الانا)، حيث هنا يجب ان اكون خائفا، راهبا، باكيا، خجلانا، مستحيا.
نعم، هو هكذا، إذا ذكرت ذنوبي (هذا الانا) فزعت، واذا ذكرت كرمك (هذا الانت) طمعت، ولهذا يقول الإمام (عليه السلام) هنا في دعاء الافتتاح: (اَطْمَعَني في اَنْ اَسْأَلَكَ ما لا اَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ، الَّذي رَزَقْتَني مِنْ رَحْمَتِكَ، وَاَرَيْتَني مِنْ قُدْرَتِكَ، وعَرَّفْتَني مِنْ اِجابَتِكَ، فَصِرْتُ اَدْعُوكَ آمِناً، واَسْاَلُكَ مُسْتَأنِساً)، لماذا؟
لان الحديث مع (الأنت) وهو الله سبحانه وتعالى (فَصِرْتُ اَدْعُوكَ آمِناً، واَسْاَلُكَ مُسْتَأنِساً، لا خائِفاً ولا وَجِلاً).
ولكن الخوف حينما أتحدث عن الصفحة الثانية وهي (الانا).
وفي الرواية:
ورد عن مالك بن أنس قال: حججت مع الصادق (عليه السلام) سنة، فلما استوت به راحلته عند الإحرام كان كلما همَّ بالتلبية (لبيك اللهم لبيك) انقطع الصوت في حلقه، وكاد يخر من راحلته، فقلت: قل يا بن رسول الله! ولابد لك من أن تقول.
فقال (عليه السلام): يا بن أبي عامر! كيف أجسر أن أقول: لبيك اللهم لبيك، وأخشى أن يقول (عزَّ وجلَّ) لي: لا لبيك ولا سعديك!(٢٣٨)
هذه من صفحة (الانا)، حيث يقول: الامام زين العابدين (عليه السلام) في دعاء أبي حمزة الثمالي يقول:
(وَقَدْ نَزَلْتُ مَنْزِلَةَ الاْيِسينَ مِنْ خَيْري، فَمَنْ يَكُونُ اَسْوَأ حالاً مِنّي إنْ اَنَا نُقِلْتُ عَلى مِثْلِ حالي إلى قَبْري، لَمْ اُمَهِّدْهُ لِرَقْدَتي، ولَمْ اَفْرُشْهُ بِالْعَمَلِ الصّالِحِ لِضَجْعَتي).(٢٣٩)
ليس من جانبك، وانما أيِسين من جانب الانا، نعم، الانسان يجب أن يكون يائسا من نفسه لابد من رحمة ربه.
اذن (فَصِرْتُ اَدْعُوكَ آمِناً، واَسْاَلُكَ مُسْتَأنِساً، لا خائِفاً ولا وَجِلاً، مُدِلاًّ عَلَيْكَ فيـما قَصَدْتُ فيهِ اِلَيْكَ).
مُدِلاًّ عَلَيْكَ:
و(المدلّ) مشتق من الدلال(٢٤٠) بمعنى أدعوك وانا اتدلل عليك وأتوقع منك الاستجابة، وافترض ان ذلك هو حقي عليك وكأني أنا صاحب الحق وانت المدين لي، (مُدِلاًّ عَلَيْكَ فيـما قَصَدْتُ فيهِ اِلَيْكَ، فَاِنْ اَبْطأَ عَنّي عَتَبْتُ بِجَهْلي عَلَيْكَ).
المحور الثالث: نظرية عدم الاستحقاق على الله:
هذا محور ثالث نقف عنده في هذا المقطع من الدعاء، هو نظرية عدم الاستحقاق على الله، نحن العباد مهما كنا صالحين فرضاً، لكن نحن لا نستحق على الله العفو والمغفرة والجنة والتوفيق والعافية، أصلا لا نستحق على الله شيئا، ومعناه انه لا يوجد شيء واجب على الله سبحانه وتعالى تجاهنا.
وفي دعاء ابي حمزة الثمالي يقول: (مِنْ غَيْرِ اِسْتِحْقاق لاِسْتِماعِكَ مِنّي، ولاَ اسْتيجاب لِعَفْوِكَ عَنّي، بَلْ لِثِقَتي بِكَرَمِكَ).(٢٤١)
أيوب يحاكم الله!
تقول الرواية أن أيوب (عليه السلام) بعد ان مرَّ عليه اربعون عاما في المرض وابتعد عنه أهله وولده وألقوه خارج القرية فلا أحد يسلّم عليه، مليء بالمرض وربما كانت أمراضاً معدية، والناس أصبحوا يعزفون عنه ويبتعدون منه.
حينئذ بعد اربعين عاما من القطيعة والمرض والابتلاء وهجران الاهل والاحبة، طلب ايوب التحاور مع الله تعالى بشرط ان يكون أيوب (عليه السلام) هو الحاكم والقاضي فإذن له الله تعالى بذلك.
فقال له الله: لك ذلك يا أيوب فقل.
تقول الرواية:
(قال أيوب (عليه السلام): يا رب، لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي.
فبعث الله إليه غمامة وأظلَّته، فقال: يا أيوب، أدل بحجتك، فقد أقعدتك مقعد الحكم، وها أنا ذا قريب، ولم أزل.
فقال: يا رب، إنك لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي، ألم أحمدك، ألم أشكرك، أ لم أسبحك؟».
قال: فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب، من صيرك تعبد الله والناس عنه غافلون، وتحمده، وتسبحه، وتكبره، والناس عنه غافلون، أتمن على الله بما لله فيه المنة عليك؟
قال: فأخذ أيوب التراب، فوضعه في فيه، ثم قال: لك العتبى يا رب، أنت فعلت ذلك بي.
فأنزل الله عليه ملكا فركض برجله، فخرج الماء، فغسله بذلك الماء، فعاد أحسن ما كان، وأطرأ، وأنبت الله عليه روضة خضراء، ورد عليه أهله، وماله، وولده، وزرعه).(٢٤٢)
معنى هذه القصة إنا لا نستحق على الله سبحانه وتعالى أي شيء من الالطاف الإلهية، وإنما هو فضل ومنّة تعالى.
عتب الله على يوسف (عليه السلام):
تقول الرواية عن الامام الصادق (عليه السلام):
(أوحى الله إلى يوسف حين قال لصاحبه: اذكرني عند ربك (الملك) ونسي ذكر الله تعالى، يا يوسف، من أراك الرؤيا التي رأيتها؟
فقال: أنت يا رب.
قال: فمن حببك إلى أبيك؟
قال: أنت يا رب.
قال: فمن وجه السيارة إليك؟
فقال: أنت يا رب.
قال: فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجب فرجا؟
قال: أنت يا رب.
قال: فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا؟
قال: أنت يا رب.
قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟
قال: أنت يا رب.
قال: فكيف استغثت بغيري، ولم تستغث بي وتسألني أن أخرجك من السجن، واستغثت وأملت عبدا من عبادي، ليذكرك إلى مخلوق من خلقي، في قبضتي، ولم تفزع إلي؟!البث في السجن بذنبك بضع سنين، بإرسالك عبدا إلى عبد)(٢٤٣)
هذه القصة تعرفنا أن موقع الإنسان هو موقع التقصير والقصور وليس موقع الاستحقاق على الله تبارك وتعالى.
ولكن الدعاء يعلمنا ثقافة اخرى وهي الثقة بتقدير الله تعالى وحسن الظن به فيقول: (ولَعَلَّ الَّذي اَبْطأَ عَنّي هُوَ خَيْرٌ لي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاُمُورِ).
قصة ذي النمرة:
عن الامام الصادق (عليه السلام) قال:
كان على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) رجل يقال له: ذو النمرة، وكان من أقبح الناس، وإنما سمي ذا النمرة من قبحه، فأتى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: يا رسول الله أخبرني ما فرض الله عزو جل عليّ؟
فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فرض الله عليك سبعة عشر ركعة في اليوم والليلة، وصوم شهر رمضان إذا أدركته، والحج إذا استطعت إليه سبيلا، والزكاة وفسَّرها له.
فقال الرجل: والذي بعثك بالحق نبيا ما أزيد ربي على ما فرض علي شيئا.
فقال له النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): ولم يا ذا النمرة؟
فقال: لما خلقني قبيحا.
قال: فهبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) إن ربك يأمرك أن تبلغ ذا النمرة عنه السلام وتقول له: يقول لك ربك تبارك وتعالى: أما ترضى أن أحشرك على جمال جبرئيل (عليه السلام) يوم القيامة؟
فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يا ذا النمرة هذا جبرئيل يأمرني أن أبلغك السلام، ويقول لك ربك: أما ترضى أن أحشرك على جمال جبرئيل؟
فقال ذو النمرة: فإني قد رضيت يا رب، فوعزتك لأزيدنك حتى ترضى(٢٤٤).
ما هي الفكرة هنا؟
الفكرة هي (ولَعَلَّ الَّذي اَبْطأَ عَنّي هُوَ خَيْرٌ لي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاُمُورِ)، فنحن لا ندري ما هي المصالح الالهيّة، فيجب ان نرضى بما كتبه الله لنا.

المحاضرة العاشرة: (فَلَمْ اَرَ مَوْلىً كَريماً اَصْبَرَ عَلى عَبْد لَئيم مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ، اِنَّكَ تَدْعُوني فَاُوَلّي عَنْكَ، وتَتَحَبَّبُ اِلَيَّ فَاَتَبَغَّضُ اِلَيْكَ، وَتَتَوَدَّدُ إلى فَلا اَقْبَلُ مِنْكَ، كَاَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لي، والاِحْسانِ اِلَىَّ، وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وكَرَمِكَ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ وجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ اِحْسانِكَ اِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ)
* * *

* الكرم الالهي واللؤم البشري
* الرحمة الالهيّة وموانعها
* جهل الانسان.
وتستمر بنا سفينة دعاء الافتتاح حتى تصل إلى قوله (عليه السلام):
(فَلَمْ اَرَ مَوْلىً كَريماً اَصْبَرَ عَلى عَبْد لَئيم مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ، اِنَّكَ تَدْعُوني فَاُوَلّي عَنْكَ، وتَتَحَبَّبُ اِلَيَّ فَاَتَبَغَّضُ اِلَيْكَ، وتَتَوَدَّدُ إلى فَلا اَقْبَلُ مِنْكَ، كَاَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لي، والاِحْسانِ اِلَىَّ، والتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وكَرَمِكَ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ وجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ اِحْسانِكَ اِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ).
في هذا المقطع من الدعاء لدينا مجموعة مفاهيم، حيث ان الادعية مليئة بالمفاهيم والعرفان الاسلامي.
منها، (الثنائية بين الكريم واللئيم)، (الكرم الالهي ولؤم العبد).
ومنها (موانع الرحمة الالهيّة بيد الانسان).
ومنها: (رؤية الانسان لنفسه)، (فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ)، وكيف نفسّر صدور هذه المقولة من الائمة الاطهار (عليهم السلام)؟
اذن امامنا ثلاثة محاور في هذا المقطع من الدعاء:
المحور الأول: الكرم الالهي، واللؤم البشري:
(فَلَمْ اَرَ مَوْلىً)، الله هو المولى والانسان هو العبد اللئيم، (كَريماً اَصْبَرَ عَلى عَبْد لَئيم مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ).
كيف نفسر هذه المقالة؟
الكرم الالهي واللؤم الانساني، هذا المفهوم يتكرر عدة مرات في القرآن الكريم، والاحاديث الشريفة ان الانسان امام الله تعالى هو الحقير اللئيم.
القرآن يقول: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً﴾(٢٤٥)، ويقول: ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾‏(٢٤٦)، ويقول: ﴿قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾(٢٤٧).
والادعية مليئة بهذا المفهوم، فالإمام الحسين (عليه السلام) يقول في دعاء عرفة: (إِلهِي مِنِّي مَا يَلِيقُ بِلُؤْمِي وَمِنْكَ مَا يَلِيقُ بِكَرَمِكَ).(٢٤٨)
الامام زين العابدين (عليه السلام) في دعاء ابي حمزة الثمالي يقول: (لَئِنْ طالَبَتْني بِلُؤْمي لأطالِبَنَّكَ بِكَرَمِكَ).(٢٤٩)
وفي دعاء عرفة يقول الامام الحسين (عليه السلام): (اِلهى اِنْ ظَهَرَتِ الْمحاسِنُ مِنّى فَبِفَضْلِكَ، وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَىَّ، وَاِنْ ظَهَرْتِ الْمَساويُ مِنّى فَبِعَدْلِكَ، وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَىَّ)(٢٥٠).
هذا الامر كيف نفسره؟
كيف تفسّر اعتراف الامام المعصوم على نفسه باللؤم؟
الجواب: ان القضية هنا هي قضية نسبية، من ناحية يقول: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾(٢٥١)، فاكرم الخلائق هو الانسان المؤمن طبعا، ومن ناحية أخرى يرى ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾(٢٥٢).
والدعاء يقول: (إِلهِي مِنِّي مَا يَلِيقُ بِلُؤْمِي وَمِنْكَ مَا يَلِيقُ بِكَرَمِكَ)(٢٥٣).
اذن القضية نسبية، اكرم المخلوقات هو الانسان بالنسبة إلى سائر المخلوقات، لكنه حقير لئيم، صغير جاهل، بالنسبة إلى الله تعالى، الانسان لئيم وفي غاية الحقارة بالنسبة إلى جبار السموات والارض.
منشأ اللؤم الانساني:
اللؤم الانساني الذي يشير اليه في الدعاء (مِنِّي مَا يَلِيقُ بِلُؤْمِي)(٢٥٤)، ناشئ من امرين هما:
الامر الاول: الفقر ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إلى الله وَالله هُوَ الْغَنِيُّ﴾(٢٥٥).
فالإنسان هو الفقر المطلق، ﴿قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء الله﴾(٢٥٦).
الامر الثاني: الجهل، ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾(٢٥٧).
الانسان جاهل، ومع ذلك فقد تحمّل الامانة الالهيّة فكان بذلك ظلوماً، والدعاء يقول: (اِلهى اَنَا الْجاهِلُ في عِلْمي فَكَيْفَ لا اَكُونُ جَهُولاً في جَهْلي!؟) (٢٥٨)
يعني يا إلهي حينما اكون عالماً، فانا في منتهى الجهل، فكيف حين اكون جاهلاً؟
(اِلهى اَنَا الْفَقيرُ في غِنايَ فَكَيْفَ لا اَكُونُ فَقيراً في فَقْر!؟)(٢٥٩).
اذن هنالك عاملان للؤم الانسان، العامل الاول هو فقر الانسان، والعامل الثاني هو جهل الانسان.
هذه هي الرؤية الدينية الرائعة للإنسان تجاه الله تعالى.
ولهذا قالت الملائكة عندما خلق الله ادم وقال لهم: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾(٢٦٠).
قالوا: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾(٢٦١).
قال: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (٢٦٢).
اذن فالإنسان مليء بالجهالة والفقر، وهنا تأتي التربية الاسلامية من خلال الدعاء لاستشعار حالة التقصير دائما ﴿لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾(٢٦٣)، ابدا لا يحق لنا ان نستشعر بالرفعة والعزة امام الله.
وهناك بيت شعر جميل يقول:
انا جاهلٌ انا مذنبٌ انا جافي * * * هو راحم هو غافر هو كافي
قابلتهن ثلاثة بثلاثةٍ * * * وستغلبنّ اوصافه اوصافي
ثلاث صفات عند الله وثلاثة عند العبد، هذه هي تربية الدعاء ان نستشعر دائماً التقصير والذنب، (سَيِّدي اَنَا الصَّغيرُ الَّذي رَبَّيْتَهُ، واَنَا الْجاهِلُ الَّذي عَلَّمْتَهُ، واَنَا الضّالُّ الَّذي هَدَيْتَهُ، واَنَا الْوَضيعُ الَّذي رَفَعْتَهُ، واَنَا الْخائِفُ الَّذي آمَنْتَهُ، والْجايِعُ الَّذي اَشْبَعْتَهُ، والْعَطْشانُ الَّذي اَرْوَيْتَهُ، والْعاري الَّذي كَسَوْتَهُ، والْفَقيرُ الَّذي اَغْنَيْتَهُ، والضَّعيفُ الَّذي قَوَّيْتَهُ، والذَّليلُ الَّذي اَعْزَزْتَهُ، والسَّقيمُ الَّذي شَفَيْتَهُ، والسّائِلُ الَّذي اَعْطَيْتَهُ، والْمُذْنِبُ الَّذي سَتَرْتَهُ، والْخاطِئُ الَّذي اَقَلْتَهُ، واَنَا الْقَليلُ الَّذي كَثَّرْتَهُ، والْمُسْتَضْعَفُ الَّذي نَصَرْتَهُ، واَنَا الطَّريدُ الَّذي آوَيْتَهُ)(٢٦٤)، هذا هو التعامل الصحيح مع الله تعالى كما يعلمنا الامام زين العابدين (عليه السلام).
وهنا يقول دعاء الافتتاح: (اِنَّكَ تَدْعُوني فَاُوَلّي عَنْكَ، وتَتَحَبَّبُ اِلَيَّ فَاَتَبَغَّضُ اِلَيْكَ، وتَتَوَدَّدُ إلى فَلا اَقْبَلُ مِنْكَ، كَاَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ).
الله الكريم يبدي لك المحبة وانت تبدي له البغض حتى كأنك انت المتفضل على الله تعالى، هذا هو صورة اللؤم البشري!!.
الامام السجاد (عليه السلام) في دعاء ابي حمزة يقول:
(خَيْرُكَ اِلَيْنا نازِلٌ، وشُّرنا اِلَيْكَ صاعِدٌ، ولَمْ يَزَلْ ولا يَزالُ مَلَكٌ كَريمٌ يَأتيكَ عَنّا بِعَمَل قَبيح، فَلا يَمْنَعُكَ ذلِكَ مِنْ اَنْ تَحُوطَنا بِنِعَمِكَ، وتَتَفَضَّلَ عَلَيْنا بِآلائِكَ، فَسُبْحانَكَ ما اَحْلَمَكَ واَعْظَمَكَ واَكْرَمَكَ مُبْدِئاً ومُعيداً، تَقَدَّسَتْ اَسْماؤكَ وجَلَّ ثَناؤُكَ، وكَرُمَ صَنائِعُكَ وفِعالُكَ)(٢٦٥).
اي انك (تتودد الينا بالنعم ونحن نقابلك بالذنوب)، كما جاء في دعاء الافتتاح.
الرحمة الالهيّة وموانعها:
(فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ بي، والاِحْسانِ اِلَىَّ، والتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وكَرَمِكَ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ وجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ اِحْسانِكَ اِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ).
علماء المعرفة الاسلامية (العرفاء)، يقولون الرحمان في الدنيا، والرحيم في الاخرة.
كما قالوا أيضاً في تفسير (الرحمن الرحيم): الرحمن في أصل خلق الانسان ووجوده حيث انبسطت رحمانيته تعالى فأوجد العباد، ثم يأتي التكامل ويأتي النمو ويأتي العطاء المستمر حيث انبسطت الرحمة الالهية في كمال الوجود، وذلك هو (الرحيم)، فاصبح الله الرحمن في أصل الخلق والايجاد، ثم الرحيم في تواتر النعم حتى نتكامل، فالرحمن في أصل الايجاد، والرحيم في تكامل الوجود.
نعم هذه الرحمة الالهيّة الواسعة، ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾(٢٦٦).
ولكن هنالك موانع للرحمة، ما هي تلك الموانع من الرحمة؟
هنالك مانع واحد من الرحمة وهو الشرك والكفر بالله تعالى، هذا هو المانع من رحمة الله.
القرآن يقول على لسان يعقوب (عليه السلام): ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ الله إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾(٢٦٧).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ الله وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾(٢٦٨).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الله لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾(٢٦٩).
هذه هي موانع الرحمة الالهيّة، أما المعاصي الاخرى فإنها لا تمنع من شمول المذنبين العصاة بالرحمة كما قال الدعاء: (فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ بي، والاِحْسانِ اِلَىَّ، والتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وكَرَمِكَ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ وجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ اِحْسانِكَ اِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ).
فارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ:
ان وصف العبد بالجاهل هذا هو أمر طبيعي، ولكن الانبياء (عليهم السلام) كيف يصدر منهم هذا الوصف، وكذا من الامام المعصوم (عليه السلام) فيقول: (فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ)؟
رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) الذي ﴿كَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾(٢٧٠)، وعنده علم الاولين والاخرين فكيف يوصف (بالعبد الجاهل).
الامام علي (عليه السلام) يقول: (لقد علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب)(٢٧١).
وقال الامام علي (عليه السلام) من على المنبر: (سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن كتاب الله، فما من آية إلا وأعلم حيث نزلت، بحضيض جبل أو سهل أرض، وسلوني عن الفتن فما من فتنة إلا وقد علمت كونها)(٢٧٢).
وكان يقول: (سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن طرق السماوات فإنّي أعرف بها من طرق الأرض)(٢٧٣).
اذن كيف نفسر الاعتراف بالجهل في الدعاء الصادر من المعصوم(عليه السلام)، مع وجود علم عظيم لدى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والائمة (عليهم السلام)؟
قصة مع الامام الجواد (عليه السلام):
في الرواية:
إن والي مكة والمدينة (فرج الرغجي)، الذي كان من المعارضين لآل البيت (عليهم السلام) قال مرة للإمام الجواد (عليه السلام): (إن شيعتك تدَّعي أنك تعلم كل ماء دجلة ووزنه).
وكانا في ذلك الوقت واقفين على شاطئ دجلة.
فقال (عليه السلام): أيقدر اللـه تعالى أن يفوّض علم ذلك إلى بعوضة من خلقه أم لا؟
يقول الراوي: فقال فرج: نعم يقدر.
فقال (عليه السلام): أنا أكرم على اللـه تعالى من بعوضة ومن أكثر خلقه(٢٧٤).
اذن هذا ليس غلواً في علم الائمة (عليهم السلام)، هذه من تعليم الله تعالى كما يقول: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾(٢٧٥).
واذا كان هكذا علم الائمة (عليهم السلام)، فكيف يقول الامام (عليه السلام): (ارحم عبدك الجاهل)؟
الجواب:
هنالك الجهل النسبي، فنحن بالنسبة إلى اسرار الانسان، وبالنسبة إلى اسرار الكون، وبالنسبة إلى اسرار الذات الالهية نحن جهلة.
هذه ثلاثة محاور لجهل الانسان.
اسرار الذات الانسانية:
ونحن نجهل أسرار الذات الانسانية.
هنالك كتاب تحت عنوان (الانسان ذلك المجهول)(٢٧٦)، وهو كتاب رائع يستعرض عجائب الانسان وانه مازال العلم قاصراً عن اكتشاف أسرار الانسان، فالإنسان مازال مجهولا رغم تطور العلم الحديث.
اسرار الكون:
ونحن نجهل أسرار الكون، أيضا لم يصل العلم إلى أسرار الكون، فكلما ينفتح الانسان على حقيقة علمية، يكتشف أنه أكثر جهلاً بأسرار الكون والطبيعة.
اسرار الذات الالهية:
ونحن نجهل أسرار الذات الالهيّة، رغم ان الله هو نور السموات والارض، وهو ظاهر أقصى ما يكون الظهور، ولكنه خفي أيضا أقصى ما يكون الخفاء، وفي دعاء الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) في ليلة القدر يقول:
(يا باطناً في ظهوره، ويا ظاهراً في بطونه، يا باطناً ليس يخفى، يا ظاهراً ليس يرى).(٢٧٧).
هذا الفهم الديني، ان الله تعالى بمقدار ظهوره فهناك غموض وبطون، ولهذا نحن قد نسال عن الله، ولكن يكره البحث عن ذات الله، فهي خفية على كل البشر ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً﴾(٢٧٨).
و في مناجاة العارفين للإمام زين العابدين (عليه السلام) يقول فيها: (وَعَجَزَتِ الْعُقُولُ عَنْ إدْراكِ كُنْهِ جَمالِكَ، وَانْحَسَرَتِ الأَبْصارُ دُونَ النَّظَرِ إلى سُبُحاتِ وَجْهِكَ، وَلَمْ تَجْعَلْ لِلْخَلْقِ طَرِيقاً إلى مَعْرِفَتِكَ إلاَّ بِالْعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَتِكَ).(٢٧٩)
نعم، هكذا يجب أن نربي أنفسنا على الاذعان باننا مليئون بالجهل امام الله تعالى، لذا فان الغرور العلمي يسقط امام عظمة الله تعالى، وان الجبروت والكبرياء والعظمة عند الخلق يجب أن تسقط امام عظمة الله تعالى، ولا نغتر بعلومنا وقدراتنا كما سقط إبليس.
 وسقط قارون(٢٨٠)، ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾(٢٨١)
يجب ان نشعر اننا امام الله تعالى لا نملك شيئا من المعرفة، فلا نعرف الحياة ما هي؟ ولا نعرف ماذا سيكون بعد الموت؟ سوى ما تعلمناه من خلال الوحي الالهي عن طريق الانبياء (عليهم السلام).
فالإمام (عليه السلام) عندما يقول: (فارحم عبدك الجاهل)، لم يكن ذلك مجاملة مع الله تعالى، وعندما يقول الامام علي (عليه السلام): (الهي قلبي محجوب)، لم يكن ذاك مجامله مع الله تعالى، بل انه شعور جدي حقيقي، وهو خطاب تربوي لنا، وهكذا هو المطلوب منا جميعاً ان نتربى على هذه التربية، والحديث المروي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول فيه: (إذا تواضع العبد رفعه الله إلى السماء السابعة).(٢٨٢)
والإمام علي (عليه السلام) يقول: (ما من أحد من ولد آدم إلا وناصيته بيد مَلَك، فإن تكبر جذبه بناصيته إلى الأرض وقال له: تواضع وضعك الله! وإن تواضع جذبه بناصيته ثم قال له: ارفع رأسك رفعك الله، ولا وضعك بتواضعك الله).(٢٨٣)
هنالك حقيقة محيطة بهذا الكون لانفهما، ولا نعرف ذاتها، ولكن لدينا شعور ان هذه الحقيقة مسيطرة على الوجود كله، ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ﴾(٢٨٤).

المحاضرة الحادي عشر: (اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِصْباحِ)
* * *

* المحور الاول: الملك الالهي
خصائص الملك الالهي
* المحور الثاني: التدبير الالهي
تفسير القوانين الطبيعية
عيسى يمشي على الماء
أبيات في حق النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)
(اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِصْباحِ)
مرة اخرى هذا الدعاء مازال في ساحة الحمد، حيث ان دعاء الافتتاح كما اسلفنا يتالف من ثلاثة فصول:
الفصل الاول: الحمد.
الفصل الثاني الصلاة على النبي واله.
الفصل الثالث: الدعاء والمسألة.
وفي هذا المقطع اشارة إلى محورين:
المحور الاول: الملك الالهي.
المحور الثاني: التدبير الالهي.
الملك الإلهي:
(مالِكِ الْمُلْكِ)، ذكرنا فيما سبق ان هناك ملكاً اعتبارياً، وملكاً مجازياً، فملكنا لأي شيء هو ملك مجازي، لكن هناك مالك حقيقي وهو الله تعالى، (الحمد لله مالك الملك).
كلمة (الملك) لها اكثر من معنى في اللغة العربية، ولسنا بصدد البحث فيها.
ولكن المُلك قد يأتي بمعنى السلطنة، والولاية، والهيمنة، والله تعالى له كل تلك الصلاحيات، وكل شيء بيده.
تقول الرواية:
(بعد فناء هذا الوجود ينادي الجبار (جلّ جلاله) بصوت جهوري يسمع أقطار السماوات والأرضين: " لمن الملك اليوم "؟
فلا يجيبه مجيب، فعند ذلك ينادي الجبار جل جلاله مجيبا لنفسه: (لله الواحد القهار) وأنا قهرت الخلائق كلهم وأمتهم، إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، لا شريك لي ولا وزير، وأنا خلقت خلقي بيدي وأنا أمتهم بمشيتي، وأنا أحييهم بقدرتي)(٢٨٥).
فالملك والسيطرة والولاية لله الواحد القهار فقط.
وقد تأتي كلمة (المُلك) بمعنى اخر في اللغة، وهو نفس المملوكات والمخلوقات.
القران يقول: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾(٢٨٦)، بمعنى بيده كل هذه المملوكات (٢٨٧).
وعلى كل حال يقول الدعاء: (اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ)، الملكية الحقيقية لله تعالى وحده، فما هو فرق الملكية الحقيقية عن الملكية الاعتبارية؟ ما هي خصوصية ملك الله تبارك وتعالى؟
خصائص الملك الالهي:
هنالك اربع خصوصيات للملك الالهي المطلق:
١ - التصرف المطلق بالمملوك، فنحن عندما نملك شيئا لا نستطيع ان نتصرف به تصرفاً مطلقا فليس لنا القابلية على ان نحي ونميت ولا نقدم ولا نؤخر، ولكن الله تعالى له التصرف المطلق بالشيء، ﴿يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾(٢٨٨).
٢ - الملكية المطلقة بلا حدود، فهي ملكية تستوعب كل الموجودات ولاحدّ لها ﴿بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾‏(٢٨٩)، و﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾‏(٢٩٠)، أمّا ماعدا الله تعالى فانه مهما اتسع ملكه فان ملكيته محدودة.
٣ - المالكية الالهية لا يمكن الفرار منها، نعم نحن أحرار لكن لا يستطيع احدٌ منا ان يخرج عن إرادة الله تعالى، وهل يستطيع ان يخرج العبد الآبق عن مولاه، لا يستطيع اي احد من المخلوقات ان يخرج عن دائرة ملك الله تبارك وتعالى، كما قال تعالى:. ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾(٢٩١)
٤ - كل الملكيات خاضعة للملكية الحقة ولا تستطيع ان تتصرف بدونها.
فانا عندما أتنفس أو أتصرف اي تصرف، فان النظرية الدينية تقول ان هذا التصرف انما هو امتداد لتلك الملكية الحقيقية.
مثال ذلك: لو كتبت بيدك، فان الكاتب الحقيقي هو أنت وانما اليد هي أداة الكتابة وليست هي الكاتبة بالحقيقة، ولذا انت تقول: كتبت بيدي، فالفاعل هو أنت واليد هي مجرد أداة، هكذا كل المخلوقات أمام الله تعالى، فأن الفاعل الحقيقي هو الله تعالى، وانما المخلوقات تستمد قدرتها من ذلك الفاعل الحقيقي.
وهكذا كل قوة في الكون وكل ملك انما هو من الملك الحقيقي لله، فكل هذه الملكيات والمملوكات خاضعة لله.
فانا عندما اقول (بحول الله وقوته اقوم واقعد) ينسب لي القيام والقعود مجازاً، وهكذا كل ملكية مجازية اعتبارية ترجع إلى الله تعالى.
سؤال: كيف اصبح ملك الله ملكا حقيقيا؟
الجواب: هنا امران:
الامر الاول: الله تبارك وتعالى هو الموجد، وهو الخالق، ونحن لسنا موجدين او خالقين، وانما نقوم بعمليات تركيب، والخلق هو خلق الله تعالى، فهو يملكنا لأنه خالقنا وصانعنا ﴿الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾(٢٩٢).
الامر الثاني: ننزل إلى مرتبة اعمق، وهي ان الله ليس هو الخالق فقط، بل النظرية العميقة الدينية تقول انه لا يوجد مخلوق وله وجود منفصل مستقل عن الله تعالى، إنما كل الوجود هو انعكاس وتجلِّ لله تعالى، فهو الاول والاخر والظاهر والباطن، وكل المخلوقات انما هي ظهور لله تعالى.
والقرآن الكريم يصرح بذلك ويقول: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله﴾(٢٩٣).
وفي هذا يقول العرفاء:
(وهو - تعالى - كل الوجود، وكل البهاء والكمال، وكله البهاء والكمال، وما سواه على الاطلاق لمعات نوره ورشحات وجوده وظلال ذاته)(٢٩٤).
التدبير الإلهي:
عندما يقول الدعاء: (مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِصْباحِ)، فكيف نفسّر ذلك مع أن هذه الامور كلها تخضع لقوانين طبيعية، فالرياح تعتمد على قوانين في الطبيعة من اجل مسيرها، وسير البواخر (الفُلك) أيضاً يخضع لحركة الرياح سابقاً أو الطاقة في عصرنا هذا.
والصبح والنور (فالِقِ الاِصْباحِ) يرتبطان بدوران الارض حول نفسها وحول الشمس، لكنا نجد أنَّ الدعاء ينسب كل هذه الامور لله تعالى، فكيف نفسّر ذلك؟
اذن لدينا وقفة عن (التدبير الالهي) للكون كيف يفسّرها القرآن الكريم؟
يقول القرآن الكريم عن مسير السفن (الفُلك): ﴿إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ﴾(٢٩٥)، اي لو أراد الله تعالى ان يوقف حركة السفن ويجعلها على سطح الماء رواكد لفعل ذلك، وهذا معناه ان القانون الطبيعي للرياح وحركة السفن إنما هو بيد الله تعالى، ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾(٢٩٦)، ﴿أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ الله يَأْتِيكُم بِضِيَاء﴾(٢٩٧).
اذن الله تبارك وتعالى هو الذي يرسل الرياح، وهو المحرك للرياح، وهو الذي ينشئ الليل والنهار، وهو الذي يسيطر على حركة الارض.
فكيف اذن نفسر القوانين الطبيعية وفعلها؟ وهل الاسلام يؤمن بالقوانين الطبيعية، أو يرفضها؟
الجواب: نعم، الاسلام يؤمن بقوانين الطبيعة، والحديث يقول عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: (أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسبابها، فجعل لكل شيء سببا وجعل لكل سبب شرحا وجعل لكل شرح علما).(٢٩٨)
لذلك لا يحق لاحد ان يقول ان الاسلام لا يؤمن بالقوانين الطبيعية، نعم يؤمن بها، وما يقوله العلم يقبله الاسلام أيضاً.
ولكن هذه القوانين الطبيعية لها تفسيران:
تفسير القوانين الطبيعية:
التفسير الاول هو التفسير الالحادي:
وهو ان كل هذه القوانين عبارة عن حركة ذاتية ليس وراءها خالق حكيم، ولا مدبّر عليم.
التفسير الثاني هو التفسير الإيماني:
وهو ان كل هذه القوانين خاضعة لتدبير عاقل، مثل حركة البدن الاختياريّة فهي ليست حركة ذاتية، وانما حركة خاضعة لعقل مدبر، ووعي، وارادة مبثوثة في كامل اعضائه تسيطر عليها وتسيّرها روح الانسان.
وكل هذا الكون بما فيه يتحرك بوعي، وارادة، وقوة عليا، مسيطرة ومهيمنة عليه توجهه حسب الوجهة الصحيحة، وكل هذه القوانين التي قننها الله تبارك وتعالى، هي بمثابة الطاقة والروح تسري في هذا الوجود، وهذه القوانين هي عبارة عن تصميم المشيئة الالهية.
والقرآن الكريم يؤكد ذلك بقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾(٢٩٩)، وقوله: ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾(٣٠٠).
الرؤية الدينية للقوانين الطبيعية:
تقول الرؤية الدينية لهذا الكون:
١ - أن كل القوانين هي عبارة عن تدبير الهي وليست شيئاً اخر، وكل قدرة فيها هي قدرته تعالى، كما قرأنا في الآيات السابقة.
٢ - كل هذه القوانين خاضعة للأذن والارادة الالهية ولا حتمية لها.
قال تعالى: ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾(٣٠١).
٣ - قدرة الله تعالى على التصرف في هذه القوانين وتغييرها وتجاوزها كما يحدث في معاجز الانبياء.، هنالك قدرة قادرة على التصرف بهذه القوانين والانقلاب عليها وخرقها وتجاوزها.
٤ - هنالك شفرة خاصة، اذا عرفها الانسان فانه يمتلك شيئا من تلك القدرة، وهي حروف الاسم الاعظم.
وقد نال الانبياء هذه المرتبة العليا بحصولهم على رمز من رموز تلك الشفرة وكانت بمثابة المعجزة التي رافقت نبوتهم أمام الناس.
مثلا النبي عيسى (عليه السلام) قال: ﴿أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ الله وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ الله وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾(٣٠٢)
ونبي الله سليمان (عليه السلام) ﴿سَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾(٣٠٣)، ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾(٣٠٤)، وبهذا يكون النبي عيسى والنبي سليمان (عليهما السلام) قد خرقا القوانين الطبيعية لعثورهما على رمز من رموز تلك الشفرة.
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:
(إن اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً، وإنما كان عند آصف(٣٠٥) حرف واحد، فتكلم فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ، فتناول عرش بلقيس، حتى صيره إلى سليمان، ثم انبسطت الأرض في أقل من طرفة عين، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفاً، وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب.(٣٠٦)
والله تعالى وصف آصف بأنه: (عنده علم من الكتاب)، فقال سبحانه: ﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي﴾(٣٠٧)
هذه القدرة على التصرف بالقوانين الطبيعية، سببها هو العثور على الرمز والمفتاح، والذي يقول عنه دعاء السمات: (اللهمَّ اِنّى اَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظيمِ الاْعْظَمِ الاْعَزِّ الاْجَلِّ الاْكْرَمِ الَّذى اِذا دُعيتَ بِهِ عَلى مَغالِقِ اَبْوابِ السَّماءِ لِلْفَتْحِ بِالرَّحْمَةِ انْفَتَحَتْ، وَاِذا دُعيتَ بِهِ عَلى مَضائِقِ اَبْوابِ الاْرْضِ لِلْفَرَجِ انْفَرَجَتْ، وَاِذا دُعيتَ بِهِ عَلَى العُسْرِ لِلْيُسْرِ تَيَسَّرَتْ، وَاِذا دُعيتَ بِهِ عَلَى الاْمْواتِ لِلنُّشُورِ انْتَشَرَتْ، وَاِذا دُعيتَ بِهِ عَلى كَشْفِ الْبَأساءِ وَالضَّرّاءِ انْكَشَفَتْ).(٣٠٨)
عيسى (عليه السلام) والمشي على الماء:
تذكر بعض الروايات إن عيسى بن مريم (عليه السلام) كان من شرايعه السيح في البلاد، فخرج في بعض سيحه ومعه رجل من أصحابه قصير، وكان كثير اللزوم لعيسى بن مريم (عليه السلام) فلما انتهى عيسى (عليه السلام) إلى البحر قال: بسم الله، بصحة يقين منه، فمشى على ظهر الماء.
فقال الرجل القصير حين نظر إلى عيسى (عليه السلام) وقد جاز على الماء: بسم الله، بصحه يقين منه فمشى على الماء ولحق بعيسى (عليه السلام).
فدخله العُجب بنفسه، فقال: هذا عيسى روح الله يمشي على الماء وأنا أمشي على الماء، فما فضله علي؟
تقول الرواية: فبمجرد أن فكّر بهذا التفكير غطس في الماء فاستغاث بعيسى (عليه السلام)، فتناوله عيسى (عليه السلام) من الماء وأخرجه ثم قال له: ما قلت يا قصير؟
قال: قلت: هذا روح الله يمشي على الماء وانا أمشي فدخلني من ذلك عجبٌ.
فقال له عيسى (عليه السلام): لقد وضَعت نفسك في غير الموضع الذي وضعك الله فيه، فمقتك الله على ما قلت، فتب إلى الله (عزَّ وجلَّ) مما قلت.
قال: فتاب الرجل وعاد إلى المرتبة التي وضعه الله فيها، فاتقوا الله ولا يحسدن بعضكم بعضا(٣٠٩).
وفي رواية أخرى ان عيسى (عليه السلام) قال له: (أصابك العجب وابتعدت عن الاتباع)(٣١٠).
وهكذا نحن ايضا بحاجة إلى ثقافة إتباع حجج الله على الارض، ونوابهم الفقهاء العدول، في كل مناهجنا وأعمالنا.
معجزة النبي الاكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
هنالك ابيات من الشعر وجدتها في المسجد النبوي مكتوبة على الحجرة الشريفة بخط قديم ربما يعود إلى مئات السنين يقول فيها:
يا مــن يقومُ مقــامَ الحمــدِ منفردًا * * * للواحـــــدِ الفردِ لـم يولــد ولـم يلــدِ
يا مــن تفجّرت الأنهـــارُ نابعةً * * * من إصبعيهِ فروّى الجيــشَ بالمــددِ
ربُّ الجمال تعالى الله خالقه * * * فمثله في جميع الخلق لم أجد(٣١١)
هذه الابيات تحكي قصة يرويها المؤرخون وهي ان المسلمين في احدى الغزوات(٣١٢) عطشوا ولم يوجد لديهم الا قدح من الماء وهم يناهزون الالف فطلب رسول الله قدح الماء واخذه ووضع يده على القدح فتفجر الماء عيونا، فروّى الجيش كلهم.
ومعنى ذلك ان كل القوانين الطبيعيّة خاضعة لإرادة قوة أكبر منها، وهذه القوة قد يمنحها الله تعالى لبعض الناس كالأنبياء والاولياء (عليهم السلام).

المحاضرة الثانية عشر: (دَيّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ)

* * *

* التشريع الالهي
* خصائص الشريعة الالهيّة
* التربية الالهيّة
* علم الامام
(اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِصْباحِ، (دَيّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ)، اَلْحَمْدُ للهِ عَلى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلمِهِ، والْحَمْدُ للهِ عَلى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ، والْحَمْدُ للهِ عَلى طُولِ اَناتِهِ في غَضَبِهِ، وهُوَ قادِرٌ عَلى ما يُريدُ).
تحدثنا في المحاضرة السابقة عن:
١ - الملك الالهي.
٢ - التدبير الالهي، في قوله (مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِصْباحِ).
ثم ينتقل بنا الدعاء إلى مفهومين آخرين هما:
٣ - (التشريع الالهي).
٤ - و(التربية الالهيّة) بقوله (دَيّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ)، حيث ان الله تبارك وتعالى هو مالك الملك، وبيده تدبير هذا الكون..
والى جانب ذلك فان الله تعالى هو (دَيّانِ الدّينِ)، وهو (رَبِّ الْعَالَمينَ)، فهو المشرّع للدين، وهو المربي للعالمين.
دَيّانِ الدّينِ:
وهذه الفقرة نراها تتردد في كثير من فصول الادعية.
وقد فسَّرها بعض العلماء قياساً على ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾(٣١٣) في سورة الحمد، بمعنى ان الله تبارك وتعالى هو المحاسب يوم القيامة، فـ(دَيّانِ الدّينِ) معناه المحاسب يوم الدين وهو يوم القيامة.
لكن هذا التفسير بعيد عن ظاهر هذا النص، فهذا النص يتحدث عن كمالات ومعطيات الهية في هذا العالم وقبل ان نصل لعالم الآخرة، فهو (مالِكِ الْمُلْكِ)، وهو (مُجْرِي الْفُلْكِ).
ثم ينتقل لخطوة اخرى قبل ان يصل ليوم القيامة يقول (دَيّانِ الدّينِ)، والتفسير العربي الواضح والجميل والذي ينسجم مع نص الدعاء هو ان يكون (دَيّانِ الدّينِ) بمعنى انه تعالى هو مشرّع الدين.
(دَيّانِ) في اللغة بمعنى المالك، والحاكم، والقاضي، حينما يقول (دَيّانِ الدّينِ) فهو يعني ان الله تعالى مالك الدين وهو الحاكم المشرّع له. وهذا ينسجم جداً مع التفسير اللغوي لكلمة (دَيّانِ)، التي تعني القاضي والحاكم والمحاسب، فالله تعالى اذن هو الحاكم والمشرّع للدين.
فالدين هو شريعة الله تعالى، والمشرع هو الله تعالى، فاصبح(دَيّانِ الدّينِ) يعني (مشرّع الشريعة)، وهذا هو المشار اليه في قوله تعالى ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ﴾(٣١٤).
اذن لاحظوا كيف يتسلسل الدعاء في التعاطي مع الذات الالهية، (مالِكِ الْمُلْكِ) الذي بيده الملك، (مُجْرِي الْفُلْكِ) الذي بيده التدبير، (دَيّانِ الدّينِ) الذي بيده التشريع، وبعد ذلك (رَبِّ الْعَالَمينَ) بما يعني تربية العالمين، كما سنشرح ذلك..
لنفتح نافذه هنا مع (التشريع الالهي)، (دَيّانِ الدّينِ)، (مشرع الشريعة)، (مقنن القانون)، (مدبّر الدين)، والسؤال ما هي خصائص الشريعة الالهية؟
خصائص الشريعة الالهيّة:
الشريعة الالهية فيها مجموعة خصائص:
اولاً: عالمية لكل الناس، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ﴾(٣١٥).
ثانياً: خاتمية ونبيها هو خاتم النبين، كما قال تعالى: ﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾(٣١٦).
ثالثاً: الهيّة فهي من عند الله تعالى، ولهذا قال تعالى: ﴿اتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾(٣١٧)، وقال رسول الله كما حكى عنه القرآن الكريم: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾(٣١٨)، وقال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ﴾(٣١٩)، اذن هي شريعة الهيّة وليست وضعية.
رابعاً: واقعية تتماشى مع واقعيات الفرد والمجتمع الانساني، كما قال تعالى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ﴾(٣٢٠).
خامساً: العقلانية واحترامها للعقل وقواعد التفكير، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ﴾(٣٢١).
هذه اذن خمس خصائص للشريعة الاسلامية(٣٢٢).
لماذا الشريعة الالهية؟(٣٢٣)
ألا يستطيع الانسان أن يستغني عن شريعة الله تعالى؟
لقد تعلم البشر فنون الصناعة والزراعة ومناهج العلاقات الاجتماعية، وأنظمة الاقتصاد والسياسة.
والسؤال الان: ما هي الحاجة إلى تشريع من الله تعالى في الشأن الاجتماعي والاقتصادي والاخلاقي والسياسي؟
الجواب: ان ذلك فضلٌ ومنِّة من الله تبارك وتعالى.
فقد أراد الله تعالى مساعدة الانسان، لان الانسان قادر على ان يسير في الصناعة والزراعة والطب وغيرها، لكنه عاجز في التشريع المرتبط بالذات البشرية وعلاقاتها، واهوائها، ونزعاتها، حيث انها كانت وماتزال مجهولة للإنسان، فهو غير قادر على ان يصل إلى المعالجات الصحيحة لمشاكل الفرد والمجتمع.
الله وحده وهو الاعلم بكم من انفسكم ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ﴾(٣٢٤)، هو القادر على ان يعطينا خارطة طريق في معالجات واقعنا الفردي والاجتماعي.
لذا جاءت اليد الالهية، والمنّة الالهية في ارسال الرسل وتشريع الشرائع.
﴿لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾(٣٢٥)، اذن فبعثة الرُسل هي منّة الهيّة.
قال الامام علي (عليه السلام): (الصلاة قربان كل تقي)(٣٢٦)، وقَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّار)(٣٢٧)، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾(٣٢٨).
كل هذا ترشيد، وانارة الهيّة واضاءات في طريق البشر، ونحن بدون هذه الاضاءات نواجه طريقاً مظلماً، وبهذا كانت مهمة الانبياء (عليهم السلام) هي هداية البشر ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾(٣٢٩) واخراجهم من الظلمات إلى النور كما قال تعالى مخاطباً نبيه موسى (عليه السلام): ﴿أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ﴾(٣٣٠).
اذن انت يا الهي المتفضل علينا بعد (ملك الكون)، ثم (تدبير الكون)، تفضلت يا الهي علينا ان قدَّمت لنا منهج عمل وخارطة طريق وهي شريعة الاسلام، هذه منّة وفضل فالحمد لله (دَيّانِ الدّينِ) حيث لم يتركنا في الظلمات.
رَبِّ الْعَالَمينَ:
التربية الالهيّة:
ثم ننتقل لفقرة اخرى في العطاء الالهي للإنسان وروعة هذا الدعاء حيث يقول في تعداد المحامد الالهيّة (رَبِّ الْعَالَمينَ).
حيث المقصود به (التربية الالهيّة للإنسان)، فالله تعالى هو مربّي العالمين، وهذا هو معنى (الرب)، فهو إذن مالكهم، ومدبّر امورهم، ومشرّع لهم دينهم، ثم هو فوق ذلك وبعده المربِّي لعباده نحو الكمال.
هذه التفاتة جميلة فالله هو المدرب والمربِّي، فالمدرب دائما يريد لفريقه ان يصل إلى الفوز، كالطبيب الذي يطمح ان يشفى مريضه.
فالله تعالى هو المربِّي لنا (رَبِّ الْعَالَمينَ)، وهو الذي يريد هدانا وسعادتنا.
(والعالمين) هنا جمع مذكّر سالم، ولم يقل (رب العوالم)، فالعوالم هي مثلا عالم الانس، عالم الجن، عالم المجرات، عالم النباتات، هذه هي العوالم، فهي تشمل الكائنات العاقلة وغير العاقلة.
بينما يقول الله تعالى في القران الكريم ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾(٣٣١)، أي رب العقلاء، انس، وجن، وملائكة، لذلك يقول القران: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾(٣٣٢)وليس للعوالم، وهكذا نقول دائما (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
وقوله تعالى: ﴿يَا مَرْيَمُ إِنَّ الله اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾(٣٣٣)... وهكذا يفسر المفسرون العالمين فقط بالعوالم العاقلة من الجن، والانس، والملائكة.
وهكذا اصبح الله تعالى هو المربِّي والمدرب للإنسان، وربما يغفل كثير منّا عن هذا المعنى، ان الرب معناه المدرب والمربي، ولكن هذا هو معناه اللغوي.
ومن الملاحظ في القرآن والادعية أن اكثر كلمة يتوسل بها الانسان إلى الله تعالى هي كلمة (ربي).
هكذا نجد القرآن الكريم، والانبياء والائمة (عليهم السلام) كلهم يركزون على كلمة (ربي) في ادعيتهم.
فها هو زكريا (عليه السلام) ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾(٣٣٤).
وهذا ايوب (عليه السلام) ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾(٣٣٥).
وموسى (عليه السلام) ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾(٣٣٦).
ونحن في الصلاة ايضا نقول في الركوع (سبحان ربي العظيم)، وفي السجود (سبحان ربي الاعلى).
والمؤمنون ايضا يتحدث عنهم القرآن في دعائهم بقوله: ﴿رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾(٣٣٧).
وقوله: ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾.(٣٣٨)
فكلمة (الرب)، هو الاسم الالهي الاقرب للتوسل إلى الله تعالى.
وهكذا في دعاء كميل، ودعاء ابي حمزة وغيرها تقول: (يا رب يا رب) إلى أن ينقطع النفس.
والله تبارك وتعالى يأمر نبيه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بان يقول: ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾(٣٣٩).
والقرآن الكريم يقول ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾(٣٤٠)، ويقول: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾(٣٤١).
لذا نرى ان هذا المقطع من دعاء الافتتاح كيف تدرج بنا من (الملك الالهي) (مالِكِ الْمُلْكِ)، إلى (التدبير الالهي) (مُجْرِي الْفُلْكِ)، إلى (التشريع الالهي) (دَيّانِ الدّينِ)، ثم إلى التربية الالهيّة (رَبِّ الْعَالَمينَ).
الله مع الانسان:
الرواية تقول ان داوود (عليه السلام) قال: الهي اين اجدك؟
فقال تعالى: انا عند القبور المندرسة والقلوب المنكسرة(٣٤٢).
والحديث المعروف عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أنه تعالى قال: «أنا عند القلوب المنكسرة والقبور المندرسة»(٣٤٣).
فيجب ان يكون قلبك مكسوراً، لـ ﴿إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾(٣٤٤).
وفي دعاء ابي حمزة الثمالي يقول الامام السجاد (عليه السلام): (ارْحَمْ في هذِهِ الدُّنْيا غُرْبَتي، وعِنْدَ الْمَوْتِ كُرْبَتي، وفِي الْقَبْرِ وَحْدَتي، وفِي اللَّحْدِ وَحْشَتي)(٣٤٥).
فالإنسان يجب ان يكون مكسور القلب، وشاعراً باللاشيئية، امام خالق هذا الكون، وايضا يستذكر القبور، ولذا يستحب زيارة القبور، وهنا نستذكر وقوف الامام علي (عليه السلام) على القبور قائلاً:
(يا أهل التربة، ويا أهل الغربة، أما المنازل فقد سكنت، وأما الأموال فقد قسمت، وأما الأزواج فقد نكحت، هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟
ثم أقبل على أصحابه فقال: والله لو أذن لهم في الكلام لأخبروكم أن خير الزاد التقوى).(٣٤٦)
ويروي حبة العرني فيقول:
(خرجت مع أمير المؤمنين (عليه السلام)إلى الظهر - ظهر الكوفة - فوقف بوادي السلام كأنه مخاطب لأقوام، فقمت بقيامه حتى أعييت، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني أولا، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت وجمعت ردائي فقلت: يا أمير المؤمنين إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة، ثم طرحت الرداء ليجلس عليه.
فقال: يا حبة إن هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته.
قال: قلت: يا أمير المؤمنين وإنهم لكذلك؟
قال: نعم ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين يتحادثون.
فقلت: أجسام أم أرواح؟
فقال: أرواح، وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل لروحه: الحقي بوادي السلام، وإنها لبقعة من جنة عدن)(٣٤٧).
ومثل ذلك يروي الاصبغ بن نباتة يقول:
(أن أمير المؤمنين (عليه السلام)خرج من الكوفة ومر حتى أتى الغريين فجازه فلحقناه وهو مستلق على الأرض بجسده ليس تحته ثوب.
فقال له قنبر: يا أمير المؤمنين ألا أبسط ثوبي تحتك.
قال: لا، هل هي إلا تربة مؤمن أو مزاحمته في مجلسه.
قال الأصبغ: فقلت: يا أمير المؤمنين تربة مؤمن فقد عرفناها كانت أو تكون فما مزاحمته في مجلسه؟
 فقال: يا بن نباتة لو كشف لكم لرأيتم أرواح المؤمنين في هذا الظهر - ظهر الكوفة - حلقا يتزاورون ويتحدثون، إن في هذا الظهر روح كل مؤمن).(٣٤٨)
اسلوب التربية الالهيّة للإنسان:
بعد ان عرفنا ان الله هو (المربي للعالمين)، يأتي قوله (عليه السلام) في الدعاء: (اَلْحَمْدُ للهِ عَلى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلمِهِ، والْحَمْدُ للهِ عَلى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ، والْحَمْدُ للهِ عَلى طُولِ اَناتِهِ في غَضَبِهِ، وهُوَ قادِرٌ عَلى ما يُريدُ).
نشاهد هنا ان اسلوب التربية الالهيّة، هو اسلوب اللطف والحنان، وليس اسلوب القوة والحديد.
(طُولِ اَناتِهِ في غَضَبِهِ)، الاناة هي مسك الاعصاب، والهدوء في التعامل، والتأني مع الاحداث، وليس التسرع بالحكم والعقوبة.
وهنا سيكون لنا في هذا المقطع من الدعاء خمس اشارات، (مالِكِ الْمُلْكِ)، (مُجْرِي الْفُلْكِ)، (دَيّانِ الدّينِ)، (رَبِّ الْعَالَمينَ)، وأخيراً الرحيم الحليم في اسلوب تربيته وتعامله مع الانسان (حِلْمِهِ بَعْدَ عِلمِهِ)، و(عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ)، و(طُولِ اَناتِهِ في غَضَبِهِ)، لذلك يا إلهي نحن نحمدك على كل هذه الصفات.
علم الامام (عليه السلام) بأوصافه تعالى:
هناك سؤال من اين علم الامام (عليه السلام) هذه الصفات والتي لم ترد بهذا الشكل في القران الكريم؟
الجواب: ان هذه الصفات هي ذاتية لله تعالى، وليست مكتسبة، فان ذات الوجود الكامل ذي الجلال والاكرام يستبطن ذاتياً الحلم والعفو وطول الاناة.
ان الائمة (عليهم السلام) حيث عرفوا الله تعالى حق معرفته، اذن عرفوا الصفات الملتصقة به، فاَلْحَمْدُ للهِ عَلى (حِلْمِهِ بَعْدَ عِلمِهِ)، ليس بالضرورة ان تنزل اية قرآنية توضح هذه الصفة، لكن الائمة (عليهم السلام) حينما عرفوا ذات الله بما هو مقدور للبشر وفي حدود ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً﴾(٣٤٩) استطاعوا بذلك ان يستخرجوا هذه الصفات ويعلموها لنا.
مرتبة (قرب النوافل):
هنالك رواية يرويها الكليني في اصول الكافي عن مرتبة كمالية يسميها العرفاء مرتبة (قرب النوافل)، وهي مرتبة الرقي إلى الله تعالى من خلال أداء النوافل، وحين يصل الانسان إلى هذه المرتبة تفنى منه صفاته الذاتية ويقوم الله تبارك وتعالى مقامه.
تقول الرواية عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أنه قال:
قال الله تعالى:
(ما يتقرب إليَّ عبد من عبادي بشيء أحبُ إلي مما افترضت عليه، وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته).(٣٥٠)
اي ان هذا التقرب بصلاة النوافل هو لقاء مع الله، واتصال مع الله، ومحبة مع الله، وذوبان في الله، ولذا يقول تعالى: (فاذا احببته كنت بصره الذي يبصر به وسمعه الذي يسمع به ويده التي يبطش به)(٣٥١).
يقول العلامة الطباطبائي تعليقا على هذا الحديث:
(وهو من الاحاديث الدائرة بين الفريقين).
ثم يقول: (ان محبة الله سبحانه لعبده هي رحمة على رحمة، ويورث نوراً يمشي به في الناس ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾(٣٥٢)، أي يعاشرهم ويعيش فيهم وقد كان يعاشر ويعيش بقوى نفسه واسبابها من سمع وبصر ويد ولسان فتبدل إلى نور من ربه(٣٥٣).
نعم هكذا كان علي بن ابي طالب (عليه السلام) وهو يقلع باب خيبر، فكانت يده هي يد الله التي يبطش بها، ولا يمكن لنا أن نمتلك أي تفسير آخر لقلع باب خيبر التي يعجز عن فتحها أربعون رجلاً كما نظم ذلك ابن ابي الحديد المعتزلي(٣٥٤) بقوله:
يا قالع الباب الذي عن هزّه عجزت أكفٌ أربعون وأربعُ
يقول الامام الخميني (قدس سره):
لو كنا كما يريد الله تعالى لأعطانا الله تعالى العصا كما أعطاها لموسى (عليه السلام).
قال (قدس سره) وهو يخاطب علماء الدين في محضر درسه في النجف الاشرف(٣٥٥): (ومن حسن الحظ أن الشعوب الاسلامية معكم والجماهير تتبعكم وتقتفي آثاركم، وتقتدي بكم، وسيشتد ساعدكم وكل ما يفقدنا هو عصا موسى (عليه السلام)، وسيف علي بن ابي طالب (عليه السلام)، أو عزيمتهما الجبارة، واذا عزمنا على إقامة حكم اسلامي سنحصل على عصا موسى (عليه السلام) وسيف علي بن ابي طالب (عليه السلام) أيضا)(٣٥٦).
ومن العجب أن يكون الامام الخميني (قدس سره) قال هذا الكلام قبل انتصار الثورة الاسلامية في ايران بأكثر من عشر سنوات يوم كان مهاجراً غريباً في النجف الاشرف.

المحاضرة الثالثة عشر: (الْحَمْدُ للهِ خالِقِ الْخَلْقِ، باسِطِ الرِّزْقِ، فاِلقِ اَلاِصْباحِ ذِي الْجَلالِ والاِكْرامِ وَالْفَضْلِ والاِنْعامِ، الَّذي بَعُدَ فَلا يُرى، وَقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوى تَبارَكَ وتَعالى)
* * *

* كيفية العلاقة مع الله تعالى.
* سؤال: من خلق الله؟
* الرؤية الدينية.
* التعاطي العاطفي مع الله تعالى.
* القرب والبُعد الالهي.
(الْحَمْدُ للهِ خالِقِ الْخَلْقِ، باسِطِ الرِّزْقِ، فاِلقِ اَلاِصْباحِ ذِي الْجَلالِ والاِكْرامِ والْفَضْلِ والاِنْعامِ، الَّذي بَعُدَ فَلا يُرى، وقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوى تَبارَكَ وتَعالى).
في هذا المقطع لدينا خمسة محاور هي:
اولا: خالِقِ الْخَلْقِ.
ثانيا: باسِطِ الرِّزْقِ.
ثالثا: فاِلقِ اَلاِصْباحِ.
رابعا: ذِي الْجَلالِ والاِكْرامِ والْفَضْلِ والاِنْعامِ.
خامسا: الَّذي بَعُدَ فَلا يُرى، وقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوى.
هذا المقطع من الدعاء يفتح لنا صفحة اخرى من الرؤية للكون، وخالق الكون، وكيفية التعاطي والتعامل مع الله تعالى، وتعامل الله تعالى مع خلقه.
كيفية العلاقة مع الله:
هنا البحث يدور حول كيفية تعامل الله تبارك معنا نحن الخلائق، (اَلْحَمْدُ للهِ خالِقِ الْخَلْقِ) فهو خالقنا، والعلاقة التي يجب ان تحكم بيننا وبين الله تعالى، هي علاقة المخلوق بالخالق، وهذه العلاقة تستحق الحنان والعطف من ناحية الخالق والعبودية والتذلل من ناحية المخلوق.
(مَوْلايَ مَوْلايَ، أَنْتَ الْخَالِقُ، وَأَنَا الْمَخْلُوقُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَخْلُوقَ إلاَّ الْخَالِقُ).(٣٥٧)
لاحظوا ان الادعية تحاول ان تسلط الضوء، وتحاول ان تثير في مكامن انفسنا هذه العلاقة الودية مع الله تبارك وتعالى، فالعلاقة ليست فقط علاقة نظرية فلسفية، بل هي علاقة ود ومحبة (اَنْتَ الْمالِكُ وَاَنَا الْمَمْلُوكُ وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَمْلُوكَ اِلاَّ الْمالِكُ)(٣٥٨) هنالك علاقة ودية.
الامام علي (عليه السلام) يجسد هذه العلاقة بمنظومته حيث يقول:(٣٥٩)
لَك الحَمْدُ يا ذا الجُودِ وَالمَجْدِ وَالعُلى * * * تَـبارَكْتَ تُـعْطِي مَنْ تَشاءُ وَتَمْنَعُ
إِلـهِي وَخَـلّاقِي وَحِرْزِي وَمَوْئِلي * * * إِلَـيْكَ لَـدى الإِعْسارِ وَاليُسْرِ أَفْزَعُ
اِلـهي لَئِنْ لَمْ تَرْعَني كُنْتُ ضائِعاً * * * وَاِنْ كُنْتَ تَرْعاني فَلَسْتُ اُضَيَّعُ
لاحظوا كيف يركز الامام علي (عليه السلام) على العلاقة الودية بين الله تعالى والعبد.
نحن بحاجة في سلوكنا إلى هذا الترابط الجميل بين الانسان وبين الله تعالى، فيما عدا البُعد الاعتقادي في ربوبية الله المشار اليه في قوله (مُسَخِّرِ الرِّياحِ)، و(فالِقِ الاِصْباحِ).
نعم، انها معاني عظيمة، ولكننا نحاول ان ننزل من العقل الفلسفي، إلى العمق الوجداني، كما في (اَلْحَمْدُ للهِ خالِقِ الْخَلْقِ).
سؤال: من خلق الله؟
النظرية الاسلامية سوف تقضي على سؤال من خلق الله؟
احد الفلاسفة الماديين وهو الفيلسوف البريطاني الوجودي (براتراندرسل)(٣٦٠) يقول ان قضية واحدة هي التي توقفني عن الايمان بالله تعالى، وهي قضية من خلق الله؟(٣٦١)
الرؤية الدينية(٣٦٢):
الدين يجيب على هذا السؤال بشكل واضح فيقول: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يَخْلُقُ ولَمْ يُخْلَقْ)(٣٦٣).
والرؤية الدينية تقول: ان وراء هذا الوجود بكل اشكاله والوانه، حقيقة كبرى هي التي تديره وتسيّره، ولكن هذه الحقيقة ليست مفصولة عنه، ولا خارجة منه، ولا هو غيرها، ولاهي غيره، بل الوجود كله مظهر من مظاهرها وآية من آياتها، ووجه من وجوهها(فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله)(٣٦٤)، فليس هناك الاّ الله تعالى، وهذه الموجودات الماثلة أمامنا هي مظهر من مظاهره، (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(٣٦٥).
فالله هو الحقيقة الوجودية الازلية الابدية، التي لم تمض عليها لحظة عدم، وانما هي الوجود الحقيقي القائم منذ الازل، ولا تحتاج إلى من يخلقها، إنما الذي يحتاج إلى من يخلقه، هي المخلوقات الموجودات التي لم تكن ثم كانت.
أمّا الحقيقة المهيمنة على الكون فهي الحقيقة، والحقيقة ليست عدماً اُعطي الوجود، وانما هي الوجود.
وهنا يناسب أن نستذكر هذه الرواية:
(سأل نافع بن الأزرق الامام الباقر (عليه السلام) فقال: أخبرني عن الله متى كان؟
فقال: متى لم يكن حتى أخبرك متى كان، سبحان من لم يزل ولا يزال فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا)(٣٦٦).
وبشرح علمي نقول:
فرضيتان في تفسير الكون:
نحن امام فرضيتين في تفسير وجود هذا الكون:
الفرضية الاولى:
فرضية ان يكون هذا الكون بلا خالق كما يقول الملحدون، وحينئذ يأتي نفس سؤال الفيلسوف البريطاني الوجودي براتراندرسل كيف وجد هذا الكون بدون خالق؟
لان العقل والعلم لا يقبل ان يكون هذا الكون الرائع العظيم المنظم بدون خالق، فيما يؤكد العلم اليوم أن هذا الكون الماثل أمامنا له تاريخ نشوء، فهو ليس قديماً منذ الازل، فيتأكد السؤال كيف وجد هذا الكون من العدم؟ والالحاد غير قادر على الاجابة على هذا السؤال.
الفرضية الثانية:
ان هذا الكون قد خلقه خالق، وذلك الخالق هو الحقيقة الابدية، والوجود المطلق، الذي لم تسبق عليه لحظة عدم، فلا يحتاج إلى من يخلقه، وبالتالي فان الاستفهام الذي يذكره الفيلسوف البريطاني الوجودي براتراندرسل ناشئ من خطا مفهومي، فهو يسأل عن خالق ما لا خالق له، الخالق الذي لم يُخلَق وهو الحقيقة الازلية الابدية والذات التي نراها مهيمنة على كل هذا الوجود، كان حيث لم يكن شيء اخر، فهو الوجود، والوجود لا يحتاج إلى خالق، والحقيقة لا تحتاج إلى محقق، الله هو الحقيقة الازلية المحيطة بهذا الكون، فيصبح السؤال عن خلق الله سؤالاً بلا معنى، كأنك تقول من خلق الذي لم يُخلق؟ وهذا سؤال متناقض في ذاته..
التعاطي العاطفي مع الله تعالى:
الدين يقول: ان هذه العظمة التي يراها الجميع في هذا الكون هي عبارة عن ذات عظيمة يسميها الدين (الله) وهي ذات تجمع كل صفات الكمال والجلال، فليست هي مجرد عظمة وعلو، بل هي ذات عظيمة عالية ﴿هُوَ الله الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى﴾(٣٦٧).
ثم ان هذا الدعاء، يحاول ان ينقلنا إلى صفحة التعاطي العاطفي مع الله تبارك وتعالى، باعتباره هو الخالق، كما في قوله:
﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾(٣٦٨).
وقوله تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾(٣٦٩).
وقوله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى﴾(٣٧٠).
يا ايها الانسان انت تتعامل مع خالقك، ومعه يجب أن يكون التعاطي في غاية التذلل من ناحية، والامل والرجاء من ناحية ثانية.
مناجاة الامام زين العابدين (عليه السلام):
ولهذا ينقل المؤرخون رواية عن الاصمعي(٣٧١):
قال الأصمعي: بينما أنا أطوف بالبيت ذات ليلة إذ رأيت شابا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول:
يا من يجيب دعا المضطر في الظلم * * * يا كاشف الضر والبلوى مع السَقَمِ
قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا * * * وأنت يا حي يا قيوم لم تنمِ
أدعوك يا رب دعاءً قد أمرت به * * * فارحم بكائي بحق البيت والحرمِ
إن كان عفوك لا يرجوه ذو تسَرفٍ * * * فمن يجود على العاصين بالكرمِ
ثم بكى بكاءً شديدا وأنشد يقول:
ألا أيها المقصود في كل حاجتيِ * * * شكوت إليك الضر فارحم شكايتي
ألا يا رجائي أنت تكشف كربتي * * * فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي
أتيت بأعمال قباح رديئة * * * وما في الورى عبد جنى كجنايتي
أتحرقني بالنار يا غاية المنى * * * فأين رجائي ثم أين مخافتي
يقول الاصمعي: ثم سقط على الأرض مغشيا عليه، فدنوت منه فإذا هو زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فرفعت رأسه ووضعته في حجري وبكيت، فقطرت دمعة من دموعي على خده، ففتح عينيه وقال: من هذا الذي يهجم علينا؟
قلت: عبيدك الأصمعي، سيدي ما هذا البكاء والجزع؟ وأنت من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، أليس الله تعالى يقول: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾(٣٧٢).
فقال: هيهات يا أصمعي، إن الله خلق الجنة لمن أطاعه ولو كان عبدا حبشيا وخلق النار لمن عصاه ولو كان حرا قرشيا).
أليس الله تعالى يقول: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾(٣٧٣).(٣٧٤)
هذه هي العلاقة التي يريد ان يركز عليها الدعاء، (اَلْحَمْدُ للهِ خالِقِ الْخَلْقِ).
باسِطِ الرِّزْقِ:
ننتقل إلى الفقرة الاخرى، وهي (باسِطِ الرِّزْقِ)، وهذا كله ترجمة لقصة الترابط العاطفي بين الانسان والله تعالى.
والرزق رزقان، رزق عام، حيث ان الله سخر ينابيع الوجود كلها للإنسان، كما في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً * مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾(٣٧٥).
وقوله تعالى: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ﴾(٣٧٦)، هذا هو الرزق العام.
والاخر هو الرزق الخاص، وهو الحصة الممنوحة لي ولك من تلك الينابيع العامة.
الثقافة الدينية تقول: كلا الرزقين من عند الله تبارك وتعالى، وانت لا تستطيع ان تأخذ اكثر مما قسم الله لك، والقسمة إنما هي في السماء، ﴿وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾(٣٧٧)، فلا تأكل اكثر مما كتب لك.
هذه هي النظرية الاسلامية في الرزق، بينما النظرية المادية لا تقبل ذلك.
وفي الحديث الشريف، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (من أصبح وأمسى والآخرة أكبر همّه جعل الله الغنى في قلبه، وجمع له أمره، ولم يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه.
ومن أصبح وأمسى والدنيا أكبر همّه جعل الله الفقر بين عينيه، وشتت عليه أمره، ولم ينل من الدنيا إلا ما قسم له)(٣٧٨).
فاِلقِ اَلاِصْباحِ:
ننتقل إلى الفقرة الثالثة، (فاِلقِ اَلاِصْباحِ).
الحديث هنا أيضاً باتجاه توطيد العلاقة بين الانسان وبين الله تبارك وتعالى، حتى تصبح علاقة محبة، وعلاقة مخلوق بخالقه، وعلاقة تلميذ بأستاذه، وعلاقة عبد بمولاه، وعلاقة حبيب بحبيبه.
هذه العلاقة هي التي يرسمها دعاء الجوشن الكبير بالقول: (يَا حَبِيبَ مَنْ لَا حَبِيبَ لَهُ، يَا طَبِيبَ مَنْ لَا طَبِيبَ لَهُ، يَا مُجِيبَ مَنْ لَا مُجِيبَ لَهُ، يَا شَفِيقَ مَنْ لَا شَفِيقَ لَهُ، يَا رَفِيقَ مَنْ لَا رَفِيقَ لَهُ، يَا مُغِيثَ مَنْ لَا مُغِيثَ لَهُ، يَا دَلِيلَ مَنْ لَا دَلِيلَ لَهُ، يَا أَنِيسَ مَنْ لَا أَنِيسَ لَهُ، يَا رَاحِمَ مَنْ لَا رَاحِمَ لَهُ‏)(٣٧٩).
غاية الجمال في العلاقة التي تسطرها لنا ادعية شهر رمضان، مثل دعاء ابي حمزة الثمالي، ودعاء الجوشن الكبير، ودعاء الافتتاح، فيا للروعة من ائمتنا (عليهم السلام) في ترتيب وتسطير هذه الادعية الشريفة.
فعندما نقول في الدعاء (فاِلقِ اَلاِصْباحِ)، فالله تعالى هو الذي فلق الاصباح لك ايها الانسان حتى تعمل وتنشط، بينما جعل الليل لك مستقرا ومناما، كما في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً﴾(٣٨٠).
فالتقدير الكوني أن الله تعالى سخر كل ما في السموات والارض للإنسان، وهذا التقدير كله لصالح الانسان. ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾(٣٨١).
اذن هذا هو العامل الثالث في توطيد علاقة المحبة بين الانسان وبين الله تبارك وتعالى (خالِقِ الْخَلْقِ، باسِطِ الرِّزْقِ، فاِلقِ اَلاِصْباحِ).
ذِي الْجَلالِ والاِكْرامِ:
ونصل الان إلى الفقرة الرابعة وهي: (ذِي الْجَلالِ والاِكْرامِ).
(ذِو الْجَلالِ)، يعني ذو العظمة والنزاهة، وَذو (الاِكْرامِ) يعني التعالي على السلبيات، الله تبارك وتعالى في علو مكانه، هو ذو الجلال والاكرام.
ولكن انت ايها الانسان الصغير، الذي صنعت من طين، وقد تصبح ملكا، ولكن اعرف ان الله وحده (ذو الجلال والاكرام)، وهو (ذو الفضل والانعام عليك)، ﴿خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾(٣٨٢)، ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾(٣٨٣)، ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾(٣٨٤) الله تبارك هو ذو (الْفَضْلِ والاِنْعامِ) عليك.
جاء في الدعاء: (اللهم بِنُورِكَ اهْتَدَيْنا، وبِفَضْلِكَ اسْتَغْنَيْنا، وبِنِعْمَتِكَ اَصْبَحْنا واَمْسَيْن)(٣٨٥).
فيا ايها الانسان ان النعم التي لا تراها بعينك هي اكثر من التي تراها بعينك، ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا﴾(٣٨٦).
اذن الله تبارك وتعالى هو ذو الجلال والاكرام من ناحية، لكنه هو ذو الفضل والانعام علينا من ناحية أخرى.
القرب والبعد الالهي:
(الَّذي بَعُدَ فَلا يُرى، وقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوى تَبارَكَ وتَعالى).
الله تعالى بعيد لا يُرى، وقريب يسمع نجواك واحاسيسك الداخلية، وهذا المعنى يتكرر في القران الكريم، والادعية، ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾(٣٨٧)، وهو ﴿أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾(٣٨٨)، و﴿يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾(٣٨٩).
نقرأ في الدعاء المروي عن صاحب الزمان (عليه السلام): (يا مَنْ سَما فِي العِزِّ فَفاتَ نَواظِرَ الاَبْصارِ وَدَنا فِي اللُّطْفِ فَجازَ هَواجِسَ الاَفْكارِ)(٣٩٠).
ان جميع افكارك وأحاسيسك ومشاعرك يعلمها الله تعالى.
والامام علي (عليه السلام) يقول في دعاء الصباح:
(يا مَنْ قَرُبَ مِنْ خَطَراتِ الظُّنُونِ، وبَعُدَ عَنْ لَحَظاتِ الْعُيُونِ، وعَلِمَ بِما كانَ قَبْلَ اَنْ يَكُونَ).
فانت تستطيع بالتأمل والخضوع والخشوع ان تصل إلى الله تبارك وتعالى لأنه قريب منك، كما جاء في الدعاء: (وَانَّ الرَّاحِلَ إِلَيْكَ قَرِيبُ المَسافَةِ، وأَنَّكَ لا تَحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِكَ، إلاّ اَنْ تَحْجُبَهُمُ الاْعمالُ دُونَكَ)(٣٩١)، ومن هنا يقول الامام الحسين وهو يناجي ربه في دعاء عرفة: (كَيْفَ تَخْفى وَاَنْتَ الظّاهِرُ، اَمْ كَيْفَ تَغيبُ وَاَنْتَ الرَّقيبُ الْحاضِرُ)(٣٩٢).
سؤال: هل هنا تناقض بين القرب والبعد، والظهور والبطون؟
فكيف نفسر قوله (بَعُدَ فَلا يُرى، وقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوى)؟
الجواب: لا تناقض.
مثال ذلك: انت عندما تتعامل وتنظر اليّ فانك تراني وتطالع روحي وشخصيتي أكثر مما تطالع بدني، وانا اطالع شخصيتك اكثر مما اطالع بدنك.
هذا التعامل مع الشخصية المختفية وراء معالم البدن قد ينسيك اوصافه من الطول واللون، لأنك دخلت إلى عمق شخصيته.
فتلك (الشخصية) هي الظاهر لك رغم عمق بطونها وخفائها، وهي الباطنة عندك رغم وضوحها وظهورها.
هكذا نحن حين نتعامل مع الاخرين انما نتعامل مع شخصية واضحة أمامنا، فنقول هذا عصبي، وهذا ذكي، وذاك كريم، وذاك بخيل، وسائر الاوصاف.
هذا الظهور في الشخصية، انما هو تجلي لتلك الاعماق المختفية وراء عالم البدن، وذلك الباطن المحجوب عنا بمظاهر الجسد، هكذا هو الله تعالى، فهو الحقيقة المنشرة في كل هذا الوجود وفي اعماقه وباطنه، (يا باطِناً فِي ظُهُورِهِ، ويا ظاهِراً فِي بُطُونِهِ)(٣٩٣) وهي ظاهرة لنا بمقدار ما هي باطنة.
فنحن جميعا نرى بكل وضوح العقل والروح والحياة والقدرة المسيطرة على هذا الكون والمتصرفة فيه رغم انا لا نراها بأعيننا.
هذا هو الفهم الديني.
اذن ليس هاهنا تناقض، وانما هو نظر من زاويتين، ظاهر وباطن، ظاهر لقلبك وباطن لعينك.
هل رأيت ربك؟
جاء حبرٌ إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته؟
قال: فقال: ويلك ما كنت أعبد ربا لم أره.
قال: وكيف رأيته؟
قال: لا تدركه العيون في مشاهدة الابصار ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان(٣٩٤).
الله هو الحقيقية المنبسطة في كل هذا الوجود، ﴿الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾(٣٩٥]‏، وهو بعيد عنا، لكن ليس بُعدا مكانيا، لان الله لا يتمكن في مكان، الله هو الحقيقة المبثوثة في كل الوجود، وانما بعد عن ادواتنا المادية، وقرب في داخلنا واعماقنا، وفي سرائرنا، فشهد نجوانا وسمع مناجاتنا.
جاء في الدعاء:
(أنَاجِيكَ يَا مَوْجُوداً فِي كُلِّ مَكَانٍ لَعَلَّكَ تَسْمَعُ نِدَائِي).(٣٩٦)
رؤية الله:
وأنا أدعو الطلاب الافاضل لمراجعة ما كتبه العلامة الطباطبائي في هذا الشأن في كتابه (رسالة الولاية)، فقد قّدم تحليلاً وقراءة رائعة مستنداً فيها إلى القرآن الكريم والاحاديث الشريفة.
وهو يؤكد أن رؤية الله تعالى قائمة بالفعل للناس، وستكون بأجلى منها يوم القيامة لكن الناس في غفلة عنها.
يقول (قدس سره):
(المثبتون للرؤية والشهود إنّما يثبتون شيئا آخر، وهو شهود الموجود الإمكاني على فقره وعدم استقلال ذاته المحض، بتمام وجوده الإمكاني، لا بالبصر الحسي، أو الذهن الفكري، وجود مبدعها الغني المحض).
ثم يستشهد (قدس سره) على هذه الرؤية الشهودية بمجموعة من الآيات والروايات، منها:
ما فى التوحيد (للشيخ الصدوق) مسندا عن أبى بصير، عن أبى عبد الله (عليه السلام):
(قال: قلت له: أخبرنى عن الله (عزَّ وجلَّ) هل يراه المؤمنون يوم القيمة؟
قال: «نعم، وقد رأوه قبل يوم القيمة».
فقلت: متى؟
قال: «حين قال لهم: أ لست بربّكم؟ قالوا: بلى».
ثم قال: «و إنّ المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيمة، أ لست تراه في وقتك هذا»؟
ثم قال: ليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين)(٣٩٧).

المحاضرة الرابعة عشر: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ، وَلا شَبيهٌ يُشاكِلُهُ، ولا ظَهيرٌ يُعاضِدُهُ، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الاَ عِزّاءَ، وتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ ما يَشاءُ)

* معطيات الوحدانية
* معنى خلق الله آدم على صورته.
* شرف المؤمن وعزّه.
* القدرة على الممتنع.
* امتداد العزّة والعظمة.
(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ، ولا شَبيهٌ يُشاكِلُهُ، ولا ظَهيرٌ يُعاضِدُهُ، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الاَ عِزّاءَ، وتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ ما يَشاءُ).
معطيات الوحدانية:
لقد تحدث الدعاء فيما سبق عن معطيات (الربوبية) حينما قال:
(دَيّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ).
(اَلْحَمْدُ للهِ عَلى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلمِهِ، والْحَمْدُ للهِ عَلى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ، والْحَمْدُ للهِ عَلى طُولِ اَناتِهِ في غَضَبِهِ).
وتحدث الدعاء عن معطيات (الخالقية) حينما قال:
(اَلْحَمْدُ للهِ خالِقِ الْخَلْقِ، باسِطِ الرِّزْقِ، فاِلقِ اَلاِصْباحِ ذِي الْجَلالِ والاِكْرامِ والْفَضْلِ والاِنْعامِ، الَّذي بَعُدَ فَلا يُرى، وقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوى).
والان في هذا المقطع يتحدث الدعاء عن معطيات (الوحدانية) حينما يقول:
(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ، ولا شَبيهٌ يُشاكِلُهُ، ولا ظَهيرٌ يُعاضِدُهُ).
اولا: لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ:
اي يقابله بالقوة، لان ليس شيء الا الله، فلا يوجد في كل الوجود الا الله، الله المنبسط باختلاف التشكيلات والتعينات الوجودية، فهو الاول والاخر والظاهر والباطن.
فاذا كان لا شيء الا الله، كما ورد في الحديث الشريف عن الامام الباقر (عليه السلام): (كانَ الله ولَمْ يَكُنْ شَيءٌ غَيْرُهُ)(٣٩٨).
وفي حديث عن الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: (كان الله ولا شيء معه، وهو الان كما كان)(٣٩٩).
اذا كان الله تبارك وتعالى هو الحقيقة الكبرى، ولا حقيقة سواه، اذن لا منازع له، لان لا شيء الا الله، فكل ما نراه من سموات وأرض إنما هي تجلّيات لله تعالى.
مثاله مثال نور الشمس الذي يدخل إلى الغرفة، والذي ينبسط على الماء، والذي ينبسط على الارض، فهو نور واحد يتشكل بأشكال مختلفة، هكذا الله يتجلى بنوره في كل هذه الموجودات ﴿الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾‏ (٤٠٠).
إن هذه المعرفة العميقة للتوحيد والوحدانية هي التي قال عنها الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): (ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله، وبعده ومعه).(٤٠١)
وعلى هذا الاساس اذا كان الله تعالى هو الاول والاخر اذن لا منازع له، فأي شيء نفترضه منازعاً فذلك هو الآخر تجلٍ للذات الالهية لا غير.
ثانيا: ولا شَبيهٌ يُشاكِلُهُ.
حيث لا ثاني له، وكل هذه الموجودات هي تشكلات، وتعينات محدودة، واجسام صغيرة، ولكن الله تبارك وتعالى، هو الحقيقة الكبرى والمنبسط في كلها جميعا والمهيمن عليها جميعاً..
اذن هذه ليست شبيهة بالله تعالى حتى في اصل وجودها، لان لا شبيه له يشاكله، فوجودها جميعاً هو وجود الظل، بل هي ليست وجودات بالحقيقة بمقدار ما هي انعكاس للوجود الحقيقي الواحد وهو الله تعالى، كمثل وجود الامواج قياساً إلى البحر فالأمواج ليست وجوداً حقيقياً خارج وجود البحر، بل هي تشكلات للبحر نفسه.
وهنا لدينا سؤال؟
يوجد حديث شريف يرويه الفريقان السنّة والشيعة يقول: (ان الله خلق آدم علي صورته).(٤٠٢)
كيف يكون ذلك والدعاء يقول لا شبيه يشاكله؟
الجواب: ان هذا الحديث له معنى آخر كما جاء في روايات أهل البيت (عليهم السلام)، وهو حديث مجتزأ ومقطوع الصدر.
أمّا تمام الحديث فهو كالتالي:
(عن الحسين بن خالد قال: قلت للرضا (عليه السلام): يا ابن رسول الله إن الناس يروون أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: إن الله خلق آدم على صورته.
 فقال: قاتلهم الله لقد حذفوا أول الحديث، إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) مرَّ برجلين يتسابان، فسمع أحدهما يقول لصاحبه: قبَّح الله وجهك ووجه من يشبهك.
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يا عبد الله لا تقل هذا لأخيك فإن الله (عزَّ وجلَّ) خلق آدم على صورته)(٤٠٣)، أي على صورة هذا الذي شتمه.
فالهاء هنا في قوله (على صورته) تعود إلى الانسان الذي شتمه الآخر، وليس عائديتها إلى الله تبارك وتعالى.
هذا هو التفسير الصحيح الذي يخلصنا من مشكلة التجسيم، والتي هي مرفوضة عندنا.
اذن لا شبيه لله، لا في القدرة، ولا في العلم، ولا في الوجود، ولا في العزة، ولا في الحياة، انما نحن الخلق امتداد لله تعالى ولسنا شيئاً شبيهاً بالله تعالى، وسوف نقرأ فيما بعد ان جميع اسماء الله تعالى ممتدة في كل الكائنات، فكل ما في الكائنات من حياة وقدرة وجمال وعلم وغير ذلك، هي جميعا تجلّيات لأسماء الله تعالى كما نقرأ في دعاء كميل (وَبِأَسْمائِكَ الَّتِي مَلَأَتْ أَرْكانَ كُلِّ شَيْءٍ)(٤٠٤).
ثالثا: ولا ظَهيرٌ يُعاضِدُهُ:
اي ولا نصير ينصره ويساعده، لان الله تعالى لا يحتاج إلى نصير، ولا احد يستطيع ان ينصر الله تعالى، وكل ما عندنا انما هو من الله، وان المصدر الوحيد للقوة هو الله تبارك وتعالى، فكيف ينصر الضعيف القوي، وبالأحرى نحن ليس لدينا قوة، كل ما عندنا من قوة، هي امتداد لقوة الله تعالى.
اذن وصلنا إلى نتيجة، انه لا ظهير يعاضده.
 وهنا يأتي هذا السؤال:
كيف نفسر قوله تعالى: ﴿إِن تَنصُرُوا الله يَنصُرْكُمْ﴾(٤٠٥).
وقول الحواريين لعيسى ﴿نَحْنُ أَنصَارُ الله﴾(٤٠٦).
والقرآن الكريم يقول: ﴿وَيَنصُرُونَ الله﴾(٤٠٧)، أليست هذه الآيات شاهد على ان هناك ناصر لله تعالى، ومعنى ذلك ان له من يعاضده وينصره؟
 فعلى مدلول هذه الآيات نحن الظهير لله تعالى، بينما الدعاء يقول: لا ظهير له يعاضده.
الجواب: ان الله تبارك وتعالى لا يحتاج إلى نصير، بل هؤلاء انما ينصرون دين الله، وينصرون أنبياء الله تعالى.
فعيسى (عليه السلام) عندما قال ﴿مَنْ أَنصَارِي إلى الله﴾(٤٠٨)؟ يعني أنصاري أنا النبي، وهم أنصار دين الله، فالله لا يحتاج إلى ناصر، نعم دينه الذي يحتاج إلى ناصر ونصير، وحينما قال الحواريون ﴿نَحْنُ أَنصَارُ الله﴾(٤٠٩) انما يقصدون أنصار دين الله وانصار نبي الله كما قال لهم عيسى (عليه السلام):
﴿مَنْ أَنصَارِي إلى الله﴾، فعيسى (عليه السلام) كان يطلب انصاراً له من اجل دين الله تعالى.
الامام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء عندما قال: (الا هل من ناصر ينصرنا)(٤١٠)، معناه الا هل من ناصر ينصر دين الله، وينصر أولياء الله، وذلك طبعاً هو نصرة لله تعالى.
اذن الله تبارك وتعالى لا يحتاج إلى نصير، بل هو قادر على اخضاع جميع الخلق لدينه، ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً﴾(٤١١)، لكن التخطيط الالهي للكون جعل هذا الانسان يتمتع بالحرية والارادة، ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾(٤١٢)، ومن اجل ذلك كان الدين يحتاج إلى انصار والانبياء يحتاجون إلى انصار.
قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الاَعِزّاءَ:
ثم يمتد بنا الدعاء إلى العزة، والعظمة، والقدرة، حيث يقول: (قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الاَعِزّاءَ، وتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ ما يَشاءُ).
ما هي العزّة، وما معنى ألعزيز؟
في اللغة العزّة تعطي معنى القهر والقوة، لكن العزيز يعطي معنى آخر غير القوة.
العزّة هي في مقابل الذل، وفي مقابل هوان النفس، وقول الامام الحسين (عليه السلام): (لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر لكم إقرار العبيد) (٤١٣)، هذه العزّة تعني إباء الضيم، حتى لوكان ضعيفاً ومغلوباً.
والمؤمن عزيز، فالقران الكريم يقول: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾(٤١٤)، وليس بالضرورة ان يكونوا اقوياء، وغالبين، ولكنهم اعزاء.
الامام علي (عليه السلام) يقول في كلمة ثلاثية رائعة جدا: (إلهي، كفاني فخرا أن تكون لي ربا، وكفاني عزا أن أكون لك عبدا، أنت كما أريد، فاجعلني كما تريد)(٤١٥).
فالعزّة لله، ولرسوله، وللمؤمنين، وكل عزّة هي من الله تعالى، والله عزيز فوق كل الاعزاء، (قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الاَعِزّاء).
وهنا نستذكر مقولة الامام الصادق (عليه السلام): (من أراد عزا بلا عشيرة، وغنى بلا مال، وهيبة بلا سلطان، فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته)(٤١٦).
شرف المؤمن وعزّه:
صلاة الليل هي من الصلوات المستحبة والتي أكَّدَت الآيات القرآنية والأحاديث والروايات المتواترة على المواظبة عليها، ولنافلة الليل ثواب عظيم جداً.
فقد قال الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾(٤١٧).
وقال: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾(٤١٨)
وفي الرواية انه نزل جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال له (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يا جبرئيل عظني.
فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، وأعمل ما شئت فإنك ملاقيه، شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزّه كف الأذى عن الناس(٤١٩).
وَتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ:
قد تقول: هناك عظماء، وجبابرة، لا يخضعون لله تعالى فكيف نفسر هذا الامر؟
الجواب: ان لدينا مستويين من التواضع هما التواضع التكويني، والتواضع الارادي.
فإبليس لم يتواضع لله بإرادته، والجبابرة الكفار غير متواضعين بإرادتهم، ولكنهم جميعا خاضعون متواضعون لإرادة الله تعالى غير خارجين عنها.
وهذا هو ما يشير اليه الدعاء، وكذلك القرآن الكريم وهو (التواضع التكويني) لله تعالى، فكل الكون صغير ومتواضع امام الله تيارك وتعالى، ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ﴾(٤٢٠) حتى الكافر بوجوده التكويني، هو متواضع لله تعالى، وهذا غير التواضع الارادي الذي بني على أساسه استحقاق الجنة والنار.
نقرأ دعاء يوم الاثنين للإمام زين العابدين (عليه السلام) (تَوَاضَعَتِ الْجَبَابِرَةُ لِهَيْبَتِهِ، وعَنَتِ الْوُجُوهُ لِخَشْيَتِهِ)(٤٢١).
بالتأكيد ليس المقصود هنا هو التواضع والانقياد الارادي لعظمة الله تعالى، وانما المقصود هو الخضوع والتواضع والانقياد التكويني.
ولهذا في دعاء كميل هنالك التفاتة جميلة حيث يقول: (وبِأَسْمائِكَ الَّتي مَلأَتْ أرْكانَ كُلِّ شَيء)(٤٢٢)، معناه ان كل شيء امامنا هو مليء بأسماء الله تعالى، يعني فيه قوة، ووعي، وغنى، وارادة، وعزة، فلا يوجد شيء في الوجود من الحجر، والمدر، وكل شيء، الا وهو مليء بأسماء الله تعالى، فكل المخلوقات اركانها قائمة بأسماء الله تبارك وتعالى.
وهنا ماذا يقول دعاء الافتتاح؟
 يقول: (قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الاَعِزّاءَ، وتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ ما يَشاءُ...) ومعناه الاشارة إلى القدرة الالهية المطلقة التي لاحد لها.
القدرة على الممتنع:
هناك سؤال وجه لائمتنا (عليهم السلام) عن القدرة الالهية، هل الله قادر على الممتنع؟ وهل الله قادر على المستحيل؟ هل الله قادر على جمع النقيضين مثلاً؟
روي إن عبد الله الديصاني ـ وهو من الملاحدة المعروفين يسال الامام الصادق (عليه السلام) فيقول: هل يستطيع ربك ان يضع العالم كله في بيضة دون أن يصغر العالم أو تكبر البيضة؟
قال (عليه السلام): نعم، الله قادر على كل شيء ولكن الذي سالته لا يكون(٤٢٣).
المشكلة في ان هذا الشيء مستحيل، فالمشكلة في القابل، وليست المشكلة في الفاعل.
امتداد العزّة والعظمة:
وتمتد العزّة والعظمة من الله تعالى إلى أنبيائه واوليائه الصالحين.
ان مثل هذه المفاهيم التي قرأناها في هذا المقطع من دعاء الافتتاح (قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الاَعِزّاءَ، وتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ..) موجودة في زيارة الجامعة(٤٢٤) للائمة الاطهار (عليهم السلام) حيث جاء فيها:
(طَأْطَأَ كُلُّ شَرِيفٍ لِشَرَفِكُمْ، وَبَخَعَ كُلُّ مُتَكَبِّرٍ لِطاعَتِكُمْ، وَخَضَعَ كُلُّ جَبَّارٍ لِفَضْلِكُمْ)(٤٢٥).
فهذه الفقرات كيف نفسّرها؟ مع أن الائمة الاطهار (عليهم السلام) تعرضوا إلى القتل والسجن على يد أعدائهم الجبابرة، فكيف تقول الزيارة (وَخَضَعَ كُلُّ جَبَّارٍ لِفَضْلِكُمْ)(٤٢٦)، أليس يزيد قتل الامام الحسين (عليه السلام)؟ أليس هارون الرشيد سجن الامام موسى بن جعفر (عليهما السلام)؟
الجواب على ذلك: أن المقصود بقوله(وَخَضَعَ كُلُّ جَبَّارٍ لِفَضْلِكُمْ) هو الخضوع التكويني، فكل شيء خاضع لله تكوينا، وخاضع لحجج الله تكويناً وليس خضوعاً إرادياً، فجميع ما في الكون تحت قدرة الائمة الاطهار (عليهم السلام)، ولو ارادوا أن تمطر السماء لمطرت، أو تنبت الارض لأنبتت، وذلك بإذن الله تعالى كما كان عيسى بن مريم(عليه السلام) ﴿وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ الله﴾(٤٢٧) وكما استطاع آصف بن برخيا ان يأتي بعرش بلقيس في جزء من الثانية من حيث أن ﴿عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ﴾(٤٢٨)، هكذا اذن الائمة الاطهار (عليهم السلام) كل ذلك بإذن الله تعالى وقدرته، لكن الانبياء والاولياء لم يكونوا يمارسون هذه القدرة الا في حالات نادرة وبمقتضى الضرورة والمصلحة.
يقول الامام الخميني (قدس سره) وهو يتحدث عن مقام العبوديّة:
(ومن ذلك المقام إباء الأنبياء المرسلين والأولياء الراشدين، صلوات الله عليهم أجمعين، عن إظهار المعجزات والكرامات الّتي أصولها إظهار الربوبيّة والقدرة والسلطنة والولاية في العوالم العالية والسافلة، إلّا في موارد اقتضت المصلحة لإظهارها. وفيها أيضا كانوا يصلّون ويتوجّهون إلى ربّ الأرباب بإظهار الذلّة والمسكنة والعبوديّة ورفض الأنانيّة، وإيكال الأمر إلى بارئه واستدعاء الإظهار عن جاعله ومنشئه، علت قدرته. مع أنّ تلك الربوبيّة الظاهرة بأيديهم، (عليهم السلام)، هي ربوبيّة الحقّ، جلّ وعلا، إلّا أنّهم عن إظهارها بأيديهم أيضا يأبون)(٤٢٩).

المحاضرة الخامسة عشر: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُجيبُني حينَ اُناديهِ، ويَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَورَة واَنَا اَعْصيهِ، ويُعَظِّمُ الْنِّعْمَةَ عَلَىَّ فَلا اُجازيهِ، فَكَمْ مِنْ مَوْهِبَة هَنيئَة قَدْ اَعْطاني، وعَظيمَة مَخُوفَة قَدْ كَفاني، وبَهْجَة مُونِقَة قَدْ اَراني، فَاُثْني عَلَيْهِ حامِداً، واَذْكُرُهُ مُسَبِّحاً. اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ، ولا يُغْلَقُ بابُهُ، ولا يُرَدُّ سائِلُهُ، ولا يُخَيَّبُ آمِلُهُ)

* العلاقة التبادلية
* شروط الاستجابة
* قصة في استحقاق الاجابة
* الفرق بين الاجابة والاستجابة
* الستر الالهي
العلاقة التبادلية:
الحديث في هذه الفقرة هو عن العلاقة التبادلية بين الله تبارك وتعالى والانسان.
ومازال الدعاء يتقدم خطوة خطوة في الثناء، والحمد لله تعالى، قبل السؤال والطلب وعرض الحاجات، وهذا هو أدب الدعاء طبعاً أن يبدأ الداعي بالحمد والثناء أولاً.
الان الامام (عليه السلام)، في هذه المقاطع، يتقدم في طريق الحمد والثناء، وسرد نقاط العظمة، واستحقاق الثناء لله تعالى.
بعد ان استعرض الدعاء نقاط العظمة الالهية، في مالكية الملك (الملك المطلق) وتسخير الرياح (التدبير المطلق)، ثم التشريع الالهي (دَيّانِ الدّينِ)، ثم التربية الالهيّة (رَبِّ الْعَالَمينَ)، انتقل بنا إلى الحديث عن شيء اخر، وهو (العلاقة المتبادلة)، هذه العلاقة العجيبة والغريبة، علاقة بين الله تبارك وتعالى الذي هو جبار السموات والارض، وخالق الكون، وخالق الخلق، وبين هذا الانسان الذي هو أصغر من الذرة، وأقل شأناً.
هذه العلاقة التي سمحت بالنداء المتبادل بين الخالق والمخلوق، وما أجمل هذه العلاقة، حين نخاطب الله ونناديه، ويسمع نداءنا وينادينا.
الفكر الديني يقول: انت تنادي الله، والله ايضا يناديك، ﴿رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾(٤٣٠)، هذا هو النداء من طرف الله تعالى للإنسان.
وفي الحديث المروي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(أن الله تبارك وتعالى ينزل ملكا إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير، وليلة الجمعة، في أول الليل، فيأمره فينادي:
هل من سائل فأعطيه؟
هل من تائب فأتوب عليه؟
هل من مستغفر فأغفر له؟
يا طالب الخير اقبل، ويا طالب الشر أقصر.
فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء).(٤٣١)
وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ايضا قال:
(إن الله تعالى نصب في السماء السابعة ملكا يقال: له الداعي، فإذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملك كل ليلة منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين.
يقول الله تعالى: (أنا جليس من جالسني، ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته ومن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلا بيني وبين عبادي، فمن اعتصم به وصل إلىَّ)(٤٣٢).
هذا هو النداء من طرف الله تبارك وتعالى العظيم، الجبار، المتكبر، القوي، المهيمن، وهناك نداء من الطرف الثاني وهو الانسان الحقير، المسكين، المستكين، الذليل.
القرآن الكريم يستعرض نماذج من هذا النداء الصادر من الانسان، منها:
قوله تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾(٤٣٣)، وقوله تعالى: ﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾(٤٣٤).
اذن هناك نداء متبادل بين الله تبارك وتعالى والعبد، والعبد حينما ينادي فان الله تعالى يجيبه، وهذا ما يؤكده القرآن في قوله تعالى: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾‏(٤٣٥)، وقوله: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾(٤٣٦)، وقوله تعالى في قصة يونس (عليه السلام): ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾(٤٣٧)
هذا هو جمال العلاقة المتبادلة فيما بين العبد وربه، بين المخلوق وخالقه.
هذا هو الفكر الديني الرائع الذي جاء به القرآن الكريم، وتترجمه لنا الادعيّة الشريفة المنقولة عن الائمة المعصومين (عليهم السلام).
ما أجمل ما سطّره الامام الباقر (عليه السلام) في دعاء السحر حين يقول:
(اللهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ بَهائِكَ بِاَبْهاهُ).
(اللهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ جَمالِكَ بِاَجْمَلِهِ).
(اللهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ جَلالِكَ بِاَجَلِّهِ).
(اللهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ عَظَمَتِكَ بِاَعْظَمِها).
(اللهمَّ اِنّي اَسَأَلُكَ مِنْ نُورِكَ بِاَنْوَرِهِ).
(اللهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِاَوْسَعِها).
(اللهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ كَلِماتِكَ بِاَتَمِّها).
(اللهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ كَمالِكَ بِاَكْمَلِهِ).(٤٣٨)
مااجمل هذه العلاقة؟ ومااروع هذا الدعاء؟
شروط الاستجابة:
ثم يصل بنا الدعاء إلى هذه الفقرة:
(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُجيبُني حينَ اُناديهِ، ويَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَورَة واَنَا اَعْصيهِ، ويُعَظِّمُ الْنِّعْمَةَ عَلَىَّ فَلا اُجازيهِ).
النداء حينما يكون من طرف الانسان فان الله تبارك وتعالى يجيبه، كما أن الله حينما ينادينا يجب أن نجيبه ونستمع اليه.
اذن النداء المتبادل(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُجيبُني حينَ اُناديهِ).
الاجابة والاستجابة:
من خلال التدقيق في الاستعمال اللغوي، وكذا الاستعمال القرآني لكلمة (اجابة) وكلمة (استجابة) قد نكتشف فرقاً في مدلول الكلمتين.
فالإجابة هي الردّ على السؤال، اما الاستجابة فهي تحقيق ما يريده السائل.
نلاحظ ذلك في جميع الموارد التي جاءت فيها كلمة (استجابة) في القرآن الكريم، مثلاً:
﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ﴾(٤٣٩).
﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾(٤٤٠).
﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى﴾(٤٤١).
الاستجابة ليست دائمية ومطلقة، فان الله تعالى قد يستجيب الدعاء وقد لا يستجيب، فهي مشروطة بشروط بخلاف الاجابة، فهي مطلقة لكل دعاء وسؤال. الاجابة هي: (يُجيبُني حينَ اُناديهِ)، الله تبارك وتعالى يجيب الدعاء، فعندما تقول في التحية: السلام عليكم، يجيبك الطرف الآخر: وعليكم السلام، هذه هي الاجابة، وهي مطلقة وغير مشروطة بشرط.
وكل نداء يخرج من الانسان نحو الله تعالى، فهو صوت مجاب من قبل الله تعالى، وهذا ما يؤكده القرآن الكريم حينما يقول: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾(٤٤٢).
هذه هي الاجابة، وهي لا تعني ما يطلبه الداعي انما تعني الاستماع له وسؤاله ماذا تريد يا عبدي؟
وأمّا الاستجابة فهي تعني تحقيق ما يطلبه الداعي، والادب الديني يقول: ان استجابة الدعاء مشروطة بعدة شروط منها:
١ - الالحاح على الله تبارك وتعالى.
٢ - ان يكون الدعاء في مصلحة العبد.
٣ - ان يكون الدعاء بقلب خالص.
٤ - ان يكون الدعاء بدون ذنب يحبسه.
هذه وغيرها مجموعة شروط لاستجابة الدعاء، كما تذكرها كتب الحديث مثل كتاب اصول الكافي: الجزء الثاني.(٤٤٣)
الاستجابة التقبّلية والتنفيذية:
ورحم الله استاذتا الشهيد السيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه(٤٤٤) حينما سئل مالنا نرى بعض الادعية غير مستجابة؟
فأجاب: ان الاجابة على مستويين هما:
المستوى الاول: هو الاستجابة التقبلية، يعني الله يقبل تضرعك وخضوعك ويبادلك المحبة، فعندما يستمع لك يقبل صوتك، ويقبل نداءك ولا يعرض عنك، وهذه الاستجابة مطلقة لا تتخلف..
المستوى الثاني: هو الاستجابة التنفيذية، بمعنى أن يحقق لك ما تريد، وهذه الاستجابة مشروطة بشروط كما أشرنا لذلك.
تقول الاحاديث الشريفة:
هناك صوتان مرفوعان إلى السماء، أحدهما صوت العبد الذي يكثر الدعاء في الشدة والرخاء، والاخر لا يدعو الا بالشدة، فاذا رفع الصوت الاول، وهو المعروف عند الله تبارك وتعالى، فيقول تعالى هذا صوت نعرفه اجيبوه، ولكن اخروا الاجابة للاستمتاع بصوته.
اما الثاني، فيقول الله تعالى هذا صوت لا نعرفه، أجيبوه وعجلوا اجابته.(٤٤٥)
قد يؤجّل الله‏ تعالى إجابة دعاء عبده المؤمن ليطول وقوفه بين يديه، ويطول إقباله عليه وتضرّعه إليه.
وعن أبى عبد الله‏ الصادق (عليه السلام): (أكثروا من أن تدعو الله‏، فإنّ الله‏ يحبّ من عباده المؤمنين أن يدعوه، وقد وعد عباده المؤمنين الاستجابة).(٤٤٦).
من هذا نستنتج ان الله‏ تبارك وتعالى، يحب أن يسمع تضرع عبده، ويشتاق إلى دعائه ومناجاته.
القرآن الكريم يؤكد على بعض الملاحظات في مسالة الاستجابة وعدمها كما قوله تعالى: ﴿وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً﴾ (٤٤٧)، فالله تعالى قد لا يستجيب له لأنه شر له وهو لا يعلم، لأن احد شروط الاستجابه أن تكون الإجابة في مصلحتك وليس بضررك.
ومن جملة الشروط ايضا (الاستحقاق)، وهو ان تكون انت ومحيطك الاجتماعي تستحق هذه الاستجابة، فالأُمة في زمن الامام الحسين(عليه السلام) لا تستحق ان ينصرها الله تعالى على حكم الطاغوت، وكانت مشيئته تعالى أن يقتل الامام الحسين (عليه السلام) شهيداً ثائراً.
كما قال (عليه السلام): (شاء الله ان يراني قتيلا)(٤٤٨)، وتذوق الامة عذاب الطغاة حتى تستيقظ بعد حين.
وهكذا في قضية الامام المهدي (عليه السلام)، والدعاء له بتعجيل الفرج، حيث يجب ان يكون هناك لياقة واستعداد من الامة المسلمة لدولته الكريمة.
من أجل هذا نقرأ في الاحاديث الشريفة:
اربعة لا يستجاب لهم كما ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال:
(أربعة لا يستجاب لهم دعوة:
رجل جالس في بيته يقول: اللهم ارزقني فيقال له: ألم آمرك في الطلب؟.
ورجل كانت له امرأة فاجرة فدعا عليها فيقال له: ألم اجعل أمرها إليك؟
ورجل كان له مال فافسده فيقول: اللهم ارزقني فيقال له: ألم آمرك بالإصلاح.
ورجل كان له مال فأدانه رجلا ولم يشهد عليه فجحده فيقال له ألم آمرك بالاشهاد؟)(٤٤٩).
اذن هنالك ادعية لا تستجاب لعدم توفر الشروط الموضوعية لاستجابة الدعاء وكذلك لعدم توفر الاستعداد واللياقة العامة في الفرد أو في الامة.
قصة في السجن:
اذكر وانا عندما كنت في سجن الطاغية(٤٥٠) في شهر رمضان المبارك، كنا في مكان حار جدا (وفي غرفة منفردة) معزولة عن باقي السجناء الذين كانوا يتساقطون مغمى عليهم من شدة الحر، فدعوت ربي أن يخلصني من هذا المكان، فقلت الهي خلّصني وان كنت تعلم ان ذلك ليس في مصلحتي.
ودعوت الله تبارك وتعالى دعاءً ملحاً، حتى جاء السجّان بعد عدة ايام واخرجوني من هذه الغرفة إلى غرفة اُخرى قريبة إلى مكاتب مدراء السجن، حيث يصلني الهواء البارد من خلال غرفهم، فاستراح قلبي عندما أحسست بالبرودة، ولكنني فقدت الاتصال بالشباب السجناء الاخرين لبعد غرفتي عنهم، بينما كنت أتلو عليهم مقاطع من دعاء الافتتاح وهم يستمعون اليًّ وانا استمتع بمشاهدتهم عبر النافذة الصغيرة.
قصة في استحقاق الاجابة:
عن الزهري، قال:
(كنت عند علي بن الحسين (عليه السلام) فجاءه رجل من أصحابه، فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): ما خبرك، أيها الرجل؟
فقال الرجل: خبري - يا بن رسول الله - أني أصبحت وعلي أربعمائة دينار دين لا قضاء عندي لها، ولي عيال ثقال ليس لي ما أعود عليهم به.
قال: فبكى علي بن الحسين (عليه السلام) بكاء شديدا.
فقلت له: ما يبكيك، يا بن رسول الله؟
فقال: وهل يعد البكاء إلا للمصائب والمحن الكبار.
قالوا: كذلك، يا بن رسول الله.
قال: فأية محنة ومصيبة أعظم على حرمة مؤمن من أن يرى بأخيه المؤمن خلة فلا يمكنه سدها، ويشاهده على فاقة فلا يطيق رفعها! قال: فتفرقوا عن مجلسهم ذلك.
فقال بعضهم المخالفين وهو يطعن على علي بن الحسين (عليه السلام): عجبا لهؤلاء يدعون مرة أن السماء والأرض وكل شيء يطيعهم، وأن الله لا يردهم عن شيء من طلباتهم، ثم يعترفون أخرى بالعجز عن إصلاح حال خواص إخوانهم.
فاتصل ذلك بالرجل صاحب القصة فجاء إلى علي بن الحسين (عليه السلام) فقال له: يا بن رسول الله، بلغني عن فلان كذا وكذا، وكان ذلك أغلظ علي من محنتي.
فقال علي بن الحسين (عليه السلام): فقد أذن الله في فرجك، يا فلانة احملي سحوري وفطوري.
فحملت قرصتين، فقال علي بن الحسين (عليه السلام) للرجل: خذهما فليس عندنا غيرهما، فإن الله يكشف عنك بهما، وينيلك خيرا واسعا منهما.
فأخذهما الرجل، ودخل السوق لا يدري ما يصنع بهما، يتفكر في ثقل دينه وسوء حال عياله، ويوسوس إليه الشيطان: أين موقع هاتين من حاجتك؟ فمر بسماك قد بارت عليه سمكة قد أراحت.
فقال له: سمكتك هذه بائرة عليك، وإحدى قرصتي هاتين بائرة علي، فهل لك أن تعطيني سمكتك البائرة، وتأخذ قرصتي هذه البائرة؟
فقال: نعم. فأعطاه السمكة وأخذ القرصة، ثم مر برجل معه ملح قليل مزهود فيه، فقال له: هل لك أن تعطيني ملحك هذا المزهود فيه بقرصتي هذه المزهود فيها؟
قال: نعم. ففعل، فجاء الرجل بالسمكة والملح، فقال: أصلح هذه بهذا، فلما شق بطن السمكة وجد فيها لؤلؤتين فاخرتين، فحمد الله عليهما، فبينما هو في سروره ذلك إذ قرع بابه، فخرج ينظر من بالباب، فإذا صاحب السمكة وصاحب الملح قد جاءا، يقول كل واحد منهما له: يا عبد الله، جهدنا أن نأكل نحن أو أحد من عيالنا هذا القرص، فلم تعمل فيه أسناننا، وما نظنك إلا وقد تناهيت في سوء الحال، ومرنت على الشقاء، قد رددنا إليك هذا الخبز، وطيبنا لك ما أخذته منا. فأخذ القرصتين منهما.
فلما استقر بعد انصرافهما عنه قرع بابه، فإذا رسول علي بن الحسين(عليه السلام) فدخل فقال: إنه يقول لك: إن الله قد أتاك بالفرج، فأردد إلينا طعامنا، فإنه لا يأكله غيرنا، وباع الرجل اللؤلؤتين بمال عظيم قضى منه دينه، وحسنت بعد ذلك حاله. وهكذا عاد الفقير غنياً ببركة هذين القرصين، وذلك حينما شمت به الشامتون فاستحق الاجابة)(٤٥١).
لذلك فان الانسان في اي دعاء شخصي كان، او غير شخصي، يجب أن يصل هو ومحيطه إلى مرحلة الاستحقاق، عندئذ سوف تأتيه الاجابة.
والقرآن الكريم يضرب لنا مثلا لذلك بقوله تعالى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ﴾(٤٥٢)، وذلك حينما واصل موسى (عليه السلام) ومن معه السير صابرين على البلاء في التيه وأضّر بهم العطش وكادوا ان يهلكوا جميعاً فأوحى الله تعالى إلى موسى (عليه السلام) ان اضرب بعصاك الحجر فتدفق الماء.
الستر الالهي:
اخيرا، نصل في الدعاء إلى قوله (ويَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَورَة واَنَا اَعْصيهِ)، هذا الستر هو الستر الالهي، ومن اسماء الله تبارك وتعالى هو (الساتر)، و(الستار).
(ويَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَورَة واَنَا اَعْصيهِ)، هذا أدب جميل في الدعاء، نتعلم منه في حياتنا، وهو ادب الستر على عيوب الآخرين كما التستر على عيوبنا الشخصية.
والامام علي (عليه السلام) يقول في المناجاة الشعبانية: (الهِي قَدْ سَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوباً فِي الدُّنْيا وانَا احْوَجُ إلى سَتْرِها عَلَيَّ مِنْكَ فِي الأُخْرى)(٤٥٣).
(الهِي قَدْ احْسَنْتَ الَيَّ إِذْ لَمْ تُظْهِرْها لأَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحِينَ، فَلا تَفْضَحْنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى‏ رُؤُوسِ الأَشْهادِ)(٤٥٤).
وفي دعاء ابي حمزة يقول الامام السجاد (عليه السلام):
(اِلهي لَمْ اَعْصِكَ حينَ عَصَيْتُكَ واَنَا بِرُبُوبِيَّتِكَ جاحِدٌ، ولا بِاَمْرِكَ مُسْتَخِفٌّ، ولا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌّ، ولا لِوَعيدِكَ مُتَهاوِنٌ، لكِنْ خَطيئَةٌ عَرَضَتْ وسَوَّلَتْ لي نَفْسي، وغَلَبَني هَوايَ، واَعانَني عَلَيْها شِقْوَتي، وغَرَّني سِتْرُكَ الْمُرْخى عَلَيَّ، فَقَدْ عَصَيْتُكَ وخالَفْتُكَ بِجَهْدي)(٤٥٥).
وهنا يجب ان نتأدب بالأدب الذي علمنا به ائمتنا (عليهم السلام) من خلال هذه الادعية الشريفة، وهو الستر على المؤمنين.
ادب جدير ان نتعلمه، تقول الرواية:
 في يوم القيامة يأتي انسان وكتابه بيمينه، كله حسنات ولا سيئة فيه فتسال الملائكة: الهي ألم يكن لهذا العبد سيئة واحدة؟
فيأتيها الجواب من عند الله تعالى: (هذا عبدي كان يستر على عبادي وانا اكرم منه)(٤٥٦).

المحاضرة السادسة عشر: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ، ولا يُغْلَقُ بابُهُ، ولا يُرَدُّ سائِلُهُ، ولا يُخَيَّبُ آمِلُهُ. اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُؤْمِنُ الْخائِفينَ، ويُنَجِّى الصّالِحينَ)
* * *

* العقول عاجزة عن معرفة الذات الالهيّة
* حجاب فاطمة عليها السلام
* الكرم الالهي المطلق
* الله تعالى خير المسؤولين
لازال الدعاء يسير في سرد عناوين العظمة الالهيّة واستحقاقات الحمد والثناء على الله تعالى.
(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ):
هذه كلها كنايات عربية، اي لا تهتك استار عظمته، وعزه، اذن هو بمستوى من العظمة بحيث لا تهتك ولا تكشف اسرار عظمته ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً﴾(٤٥٧).
وتتحدث الروايات الشريفة عن حجب النور وان الله تبارك وتعالى قد احتجب عن خلقه بحجب من نور.
وهذا ما نقرؤه في قصة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، لما عرج به السماء السابعة، حيث تقدم، وصل إلى ساحات العظمة الالهية، مع جبرئيل (عليه السلام)، فطلب من جبرئيل أن يتقدم فاعتذر فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): في هذا الموضع تفارقني.
فقال جبرائيل (عليه السلام): لو دنوت أنملة لاحترقت(٤٥٨).
وفي رواية اخرى:
قيل: يا رسول الله هل رأيت ربك؟
قال: رأيت نور الله.
وكما احتجب الله تعالى بحجب من نور، كذلك الاسم الاعظم الذي هو أول تجلّ له تبارك وتعالى وقد حجبه الله عن خلقه فلا يعرفه أحد، هذا الاسم الاعظم الذي نقرأ في الدعاء:
(اللهمَّ اِنّى اَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظيمِ الاْعْظَمِ الاْعَزِّ الاْجَلِّ الاْكْرَمِ الَّذى اِذا دُعيتَ بِهِ عَلى مَغالِقِ اَبْوابِ السَّماءِ لِلْفَتْحِ بِالرَّحْمَةِ انْفَتَحَتْ، وَاِذا دُعيتَ بِهِ عَلى مَضائِقِ اَبْوابِ الاْرْضِ لِلْفَرَجِ انْفَرَجَتْ، وَاِذا دُعيتَ بِهِ عَلَى العُسْرِ لِلْيُسْرِ تَيَسَّرَتْ، وَاِذا دُعيتَ بِهِ عَلَى الاْمْواتِ لِلنُّشُورِ انْتَشَرَتْ، وَاِذا دُعيتَ بِهِ عَلى كَشْفِ الْبَأساءِ وَالضَّرّاءِ انْكَشَفَتْ)(٤٥٩).
نعم، هذا الاسم الاعظم الذي هو مفتاح لجميع الخلائق، هو أيضاً محتجب في ظل الله تعالى كما نقرأ في الدعاء:
(بِالاِسْمِ الَّذِي حَجَبْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ‏)(٤٦٠).
(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ) معناه أن أستار العظمة الالهية لا تمزق، ولا يمكن لاحد ان يهتك استار العظمة الالهية.
حجاب فاطمة:
وهنا يحضرني هذا الحديث الشريف عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول:
فاطمة بابها بابي وحجابها حجابي، فمن هتكه فقد هتك حجاب الله(٤٦١).
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا يُغْلَقُ بابُهُ:
عدم غلق الباب هنا كناية عن الكرم المطلق والعطاء الدائم، لان الله تعالى ليس له باب بالمعنى المادي الذي نعرفه.
ومثل هذا حين نقرأ في الدعاء: (بَابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاغِبِينَ)(٤٦٢)، معناه انت سيّال الفيض والكرم لا تغلق باب كرمك، و(وَخَيْرُكَ مَبْذُولٌ لِلطّالِبينَ)(٤٦٣)، فالباب لا يغلق، هو كناية عن الكرم اللامحدود.
لاحظوا ان كل كريم من الكرماء في الدنيا مهما بلغ كرمه وملكه وعطاؤه فان كرمه محدود وليس لامحدود، ولكن الله تبارك وتعالى بابه مفتوح للراغبين في كل الاحوال، والاوقات، ولكل العباد، ولمختلف الطلبات، (وامْتَلأتْ بِفَيْضِ جُودِكَ أوْعِيَةُ الطَّلِباتِ)(٤٦٤).
أمّا الانسان فيغلق بابه احيانا لظروف تعتريه، أو قلة الزاد، أو حاجته لزاده، أو لعدم وجود الوقت المناسب، أو لعدم حبّه للشخص القادم، أو للبخل الذاتي، أو لخوف نفوذ ما عنده، هذه الامور كلها معدومة عند الله تبارك وتعالى، ومن هنا فهو لا يغلق بابه.
ان الله تعالى لا تنقصه كثرة العطاء، ولا تنقص خزائنه، بل تزيده كثرة العطاء جودا وكرما، فليس عنده مشكلة قلة الزاد، او احتياجه للزاد، او ان يقبل استضافة أحد، ولا يقبل استضافة الآخر، فالله تعالى فاتح بابه لجميع العبيد.
ولهذا نقرأ في أدعية الامام زين العابدين (عليه السلام):
(يا مَنْ إذا سَأَلَهُ عَبْدٌ أَعْطَاهُ، وَإذا أَمَّلَ ما عِنْدَهُ بَلَّغَهُ مُناهُ) (٤٦٥)، كما نقرا في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)في الدعاء الوارد فيها: (وَاَصْواتَ الدّاعينَ اِلَيْكَ صاعِدَةٌ، وَاَبْوابَ الاْجابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ)(٤٦٦).
وَ لا يُرَدُّ سائِلُهُ:
السائل غير مردود، فالله تعالى هو اوسع المعطين، وهو خير المسؤولين.
يقول الحديث عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) انه كان هنالك اثنان بالدنيا يعملون عملا صالحا، وبنفس المستوى من الاعمال، ولكن في يوم القيامة ينظر احدهما للآخر فيجد تفاوتاً في المنزلة أحدهما اعلى من الآخر، مع انهما في الدنيا كانا بنفس المستوى من الصلاح والتقى والعمل الصالح.
فيقول أحدهما: الهي كلانا كنا نعمل بنفس العمل، لماذا التفاوت؟
فيجيبه الله تعالى: لأنه سألني وانت لم تسألني(٤٦٧).
ثم قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): اسالوا الله واجزلوا(٤٦٨)، اي اشرح بالتفصيل ماذا تريد من الله تبارك وتعالى.
الله خَيْرُ الْمَسْؤولينَ:
السؤال الان كيف كان الله خير المسؤولين؟
هنالك عشرة امور تثبت ان الله تبارك وتعالى هو خير مسؤول سُئل، وأكرم مدعو دعي، وهي:
١ - بابه مفتوح في كل الاوقات.
٢ - في كل الاحوال يمكن أن نسأله، وفي كل مكان، قياماً وقعوداً، مشياً وسكوناً، وعلى فراش أو على مائدة، وحتى في بيوت الخلاء، (فان ذكر الله حسن على كل حال)(٤٦٩).
٣ - لا حدود للطلبات منه تعالى، مهما كان الطلب صغيراً، ام كبيراً، وفي أي شأن من الشؤون، فهو القادر على كل شيء (وامْتَلأتْ بِفَيْضِ جُودِكَ أوْعِيَةُ الطَّلِباتِ).(٤٧٠)
٤ - سؤاله عز لا ذل فيه، لأنه مالك الملك، وسؤاله شرف، (يا مَنْ ذِكْرُهُ شَرَفٌ لِلذَّاكِرِينَ)(٤٧١).
٥ - الله يقبل اليسير، ويعفو عن الكثير (يامن يقبل اليسير ويعفو عن الكثير)(٤٧٢).
٦ - وفي الوقت الذي يقبل فيه القليل من أعمالنا يجازي عليه بالكثير من الاجر والثواب(يامن يَجْتَبِي صَغِيرَ مَا يُتْحَفُ بِهِ، ويشكر يسير ما يعمل له)(٤٧٣)، (يا من يشكر على القليل ويجازي بالجليل)(٤٧٤).
٧ - بل هو يحب سؤال السائلين، ويثيب على السؤال، فضلا عن الاستجابة له، ويدعو اليه من ادبر عنه، (يَا مَنْ يَدْعُو إلى نَفْسِهِ مَنْ أَدْبَرَ عَنْهُ)(٤٧٥).
٨ - الدخول المباشر على الله تعالى بلا وجود بوّاب ولا حاجة إلى استئذان. (بَابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاغِبِينَ)(٤٧٦)، (وَأَبْوابَ الإِجابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ)(٤٧٧).
٩ - الدعاء مقبول بكل اللغات والاشارات، (يا من لا تشتبهُ عليه الاصواتُ، ويا من لا تُغلِّطُهُ الحاجاتُ)(٤٧٨)، (يا سامع كل صوت ويا مدرك كل فوت)(٤٧٩).
١٠ - يعلم ضمير الصامتين، (ويَعْلَمُ ضَميرَ الصّامِتينَ)(٤٨٠).
دعاء سريع الاستجابة:
رواه مقاتل بن سليمان(٤٨١) عن الامام زين العابدين (عليه السلام):
وقال: مَنْ دعا به مائة مرّة فلم يستجيب له فليلعن مقاتلاً، والدّعاء هو:
(اِلـهي كَيْفَ اَدْعُوكَ واَنَا اَنَا وَكَيْفَ اَقْطَعُ رَجائي مِنْكَ واَنْتَ اَنْتَ، اِلـهي اِذا لَمْ اَسْاَلْكَ فَتُعْطيني فَمَنْ ذَا الَّذي اَسْأَلُهُ فَيُعْطيني، اِلـهي اِذا لَمْ اَدْعُكَ فَتَسْتَجيبَ لي فَمَنْ ذَا الَّذي اَدْعُوهُ فَيَسْتَجيبَ لي، اِلـهي اِذا لَمْ اَتَضرَّعْ اِلَيْكَ فَتَرْحَمْني فَمَنْ ذَا الَّذي اَتَضرَّعُ اِلَيْهِ فَيَرْحَمُني، اِلـهي فَكَما فَلَقْتَ الْبَحْرَ لِمُوسى (عليه السلام) وَنَجَّيْتَهُ اَسْاَلُكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ واَنْ تُنَجِّيَني مِمّا اَنَا فيهِ وَتُفَرِّجَ عَنّي فَرَجاً عاجِلاً غَيْرَ آجِل بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ)(٤٨٢).
الانسان يقف مبهوراً امام هذه الكلمات الرائعة في أدب الدعاء الوارد عن أئمتنا (عليهم السلام).
أمان الْخائِفينَ:
واخيرا، يصل بنا الدعاء إلى مفهوم جديد وهو (أمان الْخائِفينَ)، كما جاء في الدعاء: (يا جارَ الْمُسْتَجيرينَ يا اَمانَ الْخائِفينَ يا ظَهْرَ اللاّجينَ)(٤٨٣)، وهنا يقول في دعاء الافتتاح على سبيل الحمد والثناء لله تعالى: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يؤمن الخائفين)، نعم، الله تعالى هو أمان الْخائِفينَ في الدنيا والاخرة، لان الحديث القدسي يقول:
(وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين، إذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة)(٤٨٤).
والقرآن الكريم يقول: ﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ﴾(٤٨٥).فالخائفون في الدنيا لهم الامان يوم القيامة.
كما لهم الامان في الدنيا أيضاً، والامان في الدنيا معناه الاطمئنان حتى في شدة الاهوال، وتكالب الاعداء.
فالإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء، كان كلما اشتد عليه الوطيس توهج وجهه نورا واطمئاناً وسكينة(٤٨٦).
وفي عمق الرعب قال موسى وهارون حينما أمرهما الله تعالى بالذهاب إلى فرعون: ﴿ربَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى﴾(٤٨٧)، فقال الله تعالى لهما: ﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾(٤٨٨).
وهكذا نجد ان المؤمن لا يخاف، لأنه متكئ على الله تبارك وتعالى، (يا مَنْ اِلَيْهِ مَلْجَأُ الْعِبادِ في الْمُهِمّاتِ، وَاِلَيْهَ يَفْزَعُ الْخَلْقُ فيِ الْمُلِمّاتِ)(٤٨٩)، وقال تعالى: ﴿أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾‏(٤٩٠)، وقال تعالى في قصة يونس (عليه السلام): ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾(٤٩١).
(واَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُؤْمِنُ الْخائِفينَ، ويُنَجِّى الصّالِحينَ).

المحاضرة السابعة عشر: (ويَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ، ويَضَعُ الْمُسْتَكْبِرينَ، ويُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرينِ، والْحَمْدُ للهِ قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ، مُدْرِكِ الْهارِبينَ، نَكالِ الظّالِمينَ صَريخِ الْمُسْتَصْرِخينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطّالِبينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنينَ)
* * *

* التقسيم المجتمعي في الاسلام
* ثلاث مهمات في الاسلام
* الملائكة في نصرة المؤمنين
* قصة معسكر المسلمين والانوار الثلاثة
وَيَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ، ويَضَعُ الْمُسْتَكْبِرينَ:
الدعاء ينقلنا إلى صفحة اخرى في مفردة جديدة من المنظومة الفكرية في الاسلام، نتسلهما من هذا الدعاء، لاحظوا كيف انتقل الدعاء من البعد الشخصي إلى المجتمع الاُممي الدولي والسياسي.
كيف يتحول الدعاء إلى عرض رائع لمنظومة فكرية (وَيَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ)، هنا فتح صفحة في النظرية السياسية للإسلام، ودور الله تبارك وتعالى في حياة الانسان.
فهناك عدة اسئلة في هذا الشأن:
اولا: ما هو التقسيم المجتمعي الذي يؤمن به الاسلام؟
ثانيا: هل يتدخل الله تبارك وتعالى في شأن المجتمع الأممي والشأن السياسي؟
المنظومة الفكرية لدى الغرب والوريثة للفكر الكنسي تقول ان الله يستجيب لنا كأفراد، اما في شأن الامة والمجتمع والحكم والسياسة فليس من شأنه التدخل في ذلك، كما تقول المنظومة الفكرية الغربية ان المجتمع ينقسم على أساس طبقي اقتصادي.
والآن لنرى ماذا يقول الاسلام:
التقسيم المجتمعي:
في المحور الاول يقول الدعاء: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ، ويَضَعُ الْمُسْتَكْبِرينَ)، فهنا تقسيم للمجتمع إلى (مستضعفين ومستكبرين).
هناك تقسيم طبقي يرفضه الاسلام في التفاضل بين الناس، التقسيم إلى عمال ورأسماليين، وفلاحين، ونخب، سادة وعبيد، وأمراء، وأغنياء وفقراء، هذا التقسيم الطبقي يرفضه الاسلام.
كما يرفض الاسلام التقسيم القومي.
فالإسلام ﴿رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾(٤٩٢)، و﴿كَافَّةً لِّلنَّاسِ﴾(٤٩٣)، و(الناس سواسية كأسنان المشط)(٤٩٤)كما قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
الاسلام يضع اساسا واحدا للتقسيم المجتمعي وعليه يتفاضل الناس، وهو الاساس الاخلاقي، وحتى التقسيم على أساس العقيدة فإنما يربطه الاسلام بالبعد الاخلاقي، فالكفر هو كبر واستكبار عن عبادة رب العالمين.
فالذي آمن خضع وتواضع للحق، والذي لم يؤمن استكبر، ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ﴾(٤٩٥) فالمقياس هنا كان مقياسا اخلاقيا.
وعن الامام الصادق (عليه السلام) قال:
(أصول الكفر ثلاثة: الحرص، والاستكبار، والحسد، فأما الحرص فان آدم (عليه السلام) حين نهي عن الشجرة، حمله الحرص على أن أكل منها وأما الاستكبار فإبليس حيث أمر بالسجود لآدم فأبى، وأما الحسد فابنا آدم حيث قتل أحدهما صاحبه)(٤٩٦).
وهكذا تعود كل المعاصي والخروج عن طاعة الله تعالى إلى البُعد الاخلاقي.
لاحظوا عندما يقول الدعاء: (ويَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ، ويَضَعُ الْمُسْتَكْبِرينَ)، فهناك استضعاف واستكبار، هذا هو المقياس الاخلاقي في تقسيم المجتمع.
لهذا نرى هرون قال لموسى (عليه السلام): ﴿إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي﴾(٤٩٧).
هذا هو المحور الاول في البحث استلهاماً من الدعاء (وَيَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ، ويَضَعُ الْمُسْتَكْبِرينَ).
ثلاث مهمات في الإسلام:
أمّا المحور الثاني فيما نستلهمه من هذا الدعاء فهو تدخل الله تعالى في الشأن المجتمعي السياسي، حيث يقول الدعاء: (ويُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرينِ، والْحَمْدُ للهِ قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ).
نلاحظ هنا ثلاثة اشياء من مهمات الاسلام وهي:
١ - بناء الفرد الصالح.
٢ - بناء المجتمع الصالح.
٣ - بناء الحكومة الصالحة.
بينما يقول الفكر الغربي الكنسي ان الدين مهمته بناء الفرد الصالح فقط.
اما في الاسلام فان مهمة الدين والانبياء هي بناء الفرد الصالح، والمجتمع الصالح، والحكومة الصالحة.
يقول الله تعالى بشأن بناء الامة الصالحة: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾(٤٩٨)، ويقول: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ﴾(٤٩٩) فالقرآن الكريم يؤكد هنا على الامة وليس الفرد فقط.
ويقول بشأن بناء الفرد ﴿وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ﴾ (٥٠٠)، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ)(٥٠١).
ويقول ايضا في استعراض قانون الاستبدال الاممي: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾‏(٥٠٢)، اذن فها هنا امة ومجتمع، يستبدل بها الله تعالى امة اخرى.
وأمّا بشأن الحكومة، فالإسلام يريد اقامة حكومة صالحة غير مستكبرة.
الامام الحسين (عليه السلام) يقول وهو يرفع راية الثورة ضد الطغيان:
(ما الإمام إلّا العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والدائن بالحقّ، والحابس نفسه على ذات الله)(٥٠٣).
وهكذا كان يقول الامام علي (عليه السلام): (ان أحق الناس بهذا الامر أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه)(٥٠٤).
اذن في النظرية الاسلامية ثلاثة محاور يجب العمل على تكاملها هي: الفرد، والمجتمع، والحكومة.
اذن حينما نقرأ في الدعاء: (قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ) معناه ان الله نبارك وتعالى يتدخل في شأن التغيير المجتمعي، الاممي، والسياسي، وينصر عباده المؤمنين ويهلك أعدائهم، هذه مفردة رائعة في المنظومة الفكرية في الاسلام.
الاهتمام بشؤون المجتمع:
من الملفت في الدعاء هذه الانتقالة من البعد الفردي إلى البعد المجتمعي حين يقول (يَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ، ويَضَعُ الْمُسْتَكْبِرينَ).
وهكذا ينتقل بنا الدعاء إلى الهموم العامّة للبشرية ومسيرتها كما نقرا في دعاء شهر رمضان:
(اللهمَّ أَدْخِلْ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ السُّرُورَ، اللهمَّ أَغْنِ كُلَّ فَقِيرٍ، اللهمَّ أَشْبِعْ كُلَّ جَائِعٍ، اللهمَّ اكْسُ كُلَّ عُرْيَانٍ، اللهمَّ اقْضِ‏ دَيْنَ كُلِّ مَدِينٍ، اللهمَّ فَرِّجْ عَنْ كُلِّ مَكْرُوبٍ، اللهمَّ رُدَّ كُلَّ غَرِيبٍ، اللهمَّ فُكَّ كُلَّ أَسِيرٍ، اللهمَّ أَصْلِحْ كُلَّ فَاسِدٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، اللهمَّ اشْفِ كُلَّ مَرِيضٍ، اللهمَّ سُدَّ فَقْرَنَا بِغِنَاكَ، اللهمَّ غَيِّرْ سُوءَ حَالِنَا بِحُسْنِ حَالِكَ، اللهمّ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ)(٥٠٥).
لاحظوا هنا جاء الدعاء بصيغة الجمع وليس المفرد، الدعاء للجميع وليس لي فقط، وهذه أخلاقية رائعة في التربية الدينية.
وعن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال:
(من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم)(٥٠٦).
وهنا أيضا في دعاء الافتتاح نرى ان الامام (عليه السلام) قد ادخل هذا الهم في شؤون المسلمين في صيغة دعاء عندما قال:
(اللَّهمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الاِسْلامَ واَهْلَهُ، وتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ واَهْلَهُ، وتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ، والْقادَةِ إلى سَبيلِكَ، وتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا والاْخِرَةِ).
هذا هو شأن النظام والحكم، لكن الامام (عليه السلام) ادخلها في نص الدعاء، ونحن هنا نسجل حمدا لله على هذه الصفة، حيث من جملة المحامد انه تبارك وتعالى يتصرف في شؤوننا السياسية والمجتمعية، (فيَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ، ويَضَعُ الْمُسْتَكْبِرينَ، ويُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرينِ).
واجب الضعفاء:
ولكن كل ذلك بشرط ان يتحمل المؤمنون المستضعفون دورهم في السعي نحو التحرر، ويتحملوا دورهم في نصرة بعضهم بعضا كما قال تعالى:
﴿مَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾(٥٠٧).
وقال تعالى مندداً بحالة الاسترخاء والتسليم للظلم: ﴿الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا﴾(٥٠٨).
المستضعف الذي ينصره الله تعالى هو - اذن - ذاك الذي يطالب بحقه، وليس الذي يمد عنقه للظالمين، هذه هي التربية الاسلامية.
الملائكة تسّلم على علي (عليه السلام):
في ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك وهي ليلة السابع عشر منه ليلة معركة بدر، وكان الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) مع المسلمين في تلك الليلة، طلب المسلمون ماءا، فطلب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ان يتطوع احد منهم لجلب الماء فلم يستجب احد الا الامام علي (عليه السلام)، فاخذ القربة في تلك الليلة المظلمة الباردة ونزل بنفسه إلى عمق البئر وملأ القربة، واتى بالماء وفي الطريق هبت عاصفة عصفت به فانحنى حتى سكنت، ثم عصفت عاصفة ثانية، وانحنى حتى سكنت، ثم عصفت ثالثة وانحنى حتى سكنت.
فلما عاد قال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): ما الذي ابطاك يا علي؟
فقصَّ الامام (عليه السلام) ما جرى عليه في الطريق.
فقال له الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): أتدري ما هي هذه الرياح؟
اما الاولى فجبرئيل هبط مع الف من الملائكة يسلمون عليك على هذا الانجاز، وفي الثانية هبط ميكائيل ومعه الف من الملائكة، وفي الثالثة هبط اسرافيل ومعه الف من الملائكة، وكلهم يسلمون عليك(٥٠٩).
قصيدة السيد الحميري(٥١٠):
هذا المعنى ينظمه السيد الحميري في قصيدته التي يمدح بها الامام علي (عليه السلام)ويذكر فيها واقعة بدر(٥١١) قائلا:
أقسم بالله وآلائه... والمرء عما قال مسؤول
إن علي بن أبي طالب... على التقى والبر مجبول
ذاك الذي سلم في ليلة... عليه ميكال وجبريل
ميكال في ألف وجبريل في... ألف ويتلوهم سرافيل
ليلة بدر مددا انزلوا... كأنهم طير أبابيل
فسلموا لما أتوا حذوه... وذاك أعظام وتبجيل(٥١٢)
وعن أبي سعيد الهروي قال: ان الحميري لما دنت منه الوفاة أسود وجهه فقال مخاطبا أمير المؤمنين (عليه السلام): هكذا يفعل بأوليائكم يا أمير المؤمنين؟
قال: فأبيض وجهه كأنه القمر ليلة البدر، فأنشد على الفور قائلاً:
كذب الزاعمون أن عليا... لن ينجي محبه من هنات
قد وربي دخلت جنة عدن... وعفا لي الإله عن سيئاتي
فابشروا اليوم أولياء علي... وتولوا علي حتى الممات
ثم من بعده تولوا بنيه... واحدا بعد واحد بالصفات(٥١٣).
قصة المعسكر والانوار الاربعة:
ومازلنا في الحديث عن تدخل الله تعالى في نصرة عباده المؤمنين، أحببت أن أقرأ لكم هذه الرواية:
روى الامام علي (عليه السلام)ما كان من أمر الجيش الذي بعثه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) إلى الكفّار فوثب الكفّار عليه ليلاً، وكانت ليلة ظلماء دامسة والمسلمون نيام، ولم يك فيهم يقظان سوى زيد بن حارثة(٥١٤) وعبد الله بن رواحة(٥١٥) وقتادة بن نعمان(٥١٦) وقيس بن عاصم المنقري(٥١٧)، وكلّ منهم يقظان في جانب من جوانب العسكر يصلّي الصّلاة أو يتلو القرآن، وكاد المسلمون أن يهلكوا لانّهم في الظّلام لا يبصرون أعداءهم ليتّقوهم، واذا بأضواء تسطع من أفواه هؤلاء النّفر الاربعة تضيء معسكر المسلمين فتورثهم القوّة والشّجاعة، فوضعوا السّيوف على الكفّار فصاروا بين قتيل أو جريح أو أسير، فلمّا رجعوا قصّوا على النّبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ما كان.
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): "انّ هذه الانوار قد كانت لما عمله اخوانكم هؤلاء من الاعمال في غرّة شعبان".(٥١٨)
اذن هنا يرفع الله المستضعفين ويضع المستكبرين، متى؟
عندما يعد الانسان نفسه لمواجهة المستكبر، ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ الله وَعَدُوَّكُمْ﴾(٥١٩).
ظلامات الشيعة ونضالهم:
ورغم كل ما تعرض له شيعة أهل البيت (عليهم السلام) على طول التاريخ من عدوان وملاحقة وظلم، الا انهم صمدوا وجاهدوا ولم يستسلموا، وكان الله ناصرهم ومعينهم.
قصة حميد بن قحطبة(٥٢٠):
ويكفي لمعرفة العذابات التي ذاقها الشيعة على عهد هارون الرشيد ان نقرأ قصة حميد بن قحطبة الرجل المقرّب من البلاط العباسي.
يروي عبيد الله البزاز قال:
(كان بيني وبين حميد بن قحطبة الطائي الطوسي معاملة، فرحلت إليه في بعض الأيام، فبلغه خبر قدومي فاستحضرني للوقت وعلي ثياب السفر لم أغيرها، وذلك في شهر رمضان وقت صلاة الظهر.
فلما دخلت إليه رأيته في بيت يجري فيه الماء فسلمت عليه وجلست فأتي بطست وإبريق فغسل يديه، ثم أمرني فغسلت يدي وأحضرت المائدة وذهب عني أني صائم وأني في شهر رمضان، ثم ذكرت فأمسكت يدي، فقال لي حميد: مالك لا تأكل؟
فقلت: أيها الأمير هذا شهر رمضان، ولست بمريض ولا بي علة توجب الإفطار، ولعل الأمير له عذر في ذلك أو علة توجب الافطار.
فقال: ما بي علة توجب الافطار وإني لصحيح البدن، ثم دمعت عيناه وبكى.
فقلت له بعد ما فرغ من طعامه: ما يبكيك أيها الأمير؟
فقال: أنفذ إلي هارون الرشيد وقت كونه بطوس في بعض الليل أن أجب، فلما دخلت عليه رأيت بين يديه شمعة تتقد وسيفا أخضر مسلولا وبين يديه خادم واقف فلما قمت بين يديه رفع رأسه إلي فقال: كيف طاعتك لأمير المؤمنين؟
فقلت: بالنفس والمال.
فأطرق ثم أذن لي في الانصراف.
فلم ألبث في منزلي حتى عاد الرسول إلي وقال: أجب أمير المؤمنين.
فقلت في نفسي: إنا لله أخاف أن يكون قد عزم على قتلي وإنه لما رآني استحيا مني فعدت إلى بين يديه.
فرفع رأسه إلي فقال: كيف طاعتك لأمير المؤمنين؟
فقلت: بالنفس والمال والأهل والولد.
فتبسم ضاحكا، ثم أذن لي في الانصراف.
فلما دخلت منزلي لم ألبث أن عاد الرسول إلي فقال: أجب أمير المؤمنين.
فحضرت بين يديه وهو على حاله، فرفع رأسه إلي فقال: كيف طاعتك لأمير المؤمنين؟
فقلت: بالنفس والمال والأهل والولد والدين.
فضحك، ثم قال لي: خذ هذا السيف وامتثل ما يأمرك به هذا الخادم.
قال: فتناول الخادم السيف وناولنيه وجاء بي إلى بيت بابه مغلق ففتحه فإذا فيه بئر في وسطه، وثلاثة بيوت أبوابها مغلقة ففتح باب بيت منها فإذا فيه عشرون نفسا عليهم الشعور والذوائب شيوخ وكهول وشبان مقيدون.
فقال لي: إن أمير المؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء، وكانوا كلهم علوية من ولد علي وفاطمة (عليهما السلام) فجعل يخرج إلي واحدا بعد واحد فأضرب عنقه حتى أتيت على آخرهم، ثم رمى بأجسادهم ورؤوسهم في تلك البئر.
ثم فتح باب بيت آخر فإذا فيه أيضا عشرون نفسا من العلوية من ولد علي وفاطمة (عليهما السلام) مقيدون.
فقال لي: إن أمير المؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء، فجعل يخرج إلي واحدا بعد واحد فأضرب عنقه ويرمي به في تلك البئر، حتى أتيت على آخرهم ثم فتح باب البيت الثالث فإذا فيه مثلهم عشرون نفسا من ولد علي وفاطمة مقيدون عليهم الشعور والذوائب.
فقال لي: إن أمير المؤمنين يأمرك أن تقتل هؤلاء أيضا فجعل يخرج إلي واحدا بعد واحد فأضرب عنقه فيرمي به في تلك البئر.
حتى أتيت على تسعة عشر نفسا منهم، وبقي شيخ منهم عليه شعر فقال لي: تبا لك يا مشوم أي عذر لك يوم القيامة إذا قدمت على جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد قتلت من أولاده ستين نفسا، قد ولدهم علي وفاطمة (عليهما السلام).
 فارتعشت يدي وارتعدت فرائصي فنظر إلي الخادم مغضبا وزبرني، فأتيت على ذلك الشيخ أيضا فقتلته ورمى به في تلك البئر.
 فإذا كان فعلي هذا وقد قتلت ستين نفسا من ولد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فما ينفعني صومي وصلاتي وأنا لا أشك أني مخلد في النار).(٥٢١)
فلما وصل امر حميد بن قحطبة إلى الامام الرضا (عليه السلام)، قال: (ان يأسه من رحمة الله اعظم جرما من قتله ستين علوياً في ليلة واحدة)
لاحظوا اذن سعة رحمة الله تعالى، وحرمة اليأس، والقنوط منها، كما لاحظوا ايضاً حجم الجرائم التي ارتكبت بحق شيعة اهل البيت (عليهم السلام) على طول التاريخ.
ولاحظوا أيضاً نصر الله تعالى ودفاعه عنهم وذل اعدائهم.
فـ(يَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ، ويَضَعُ الْمُسْتَكْبِرينَ)

المحاضرة الثامنة عشر: (الْحَمْدُ للهِ قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ، مُدْرِكِ الْهارِبينَ، نَكالِ الظّالِمينَ صَريخِ الْمُسْتَصْرِخينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطّالِبينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنينَ)
* * *

* اشكال التدخل الالهي
* نظرية الوعي الكوني
* نظرية الهدى والضلال
(الْحَمْدُ للهِ قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ، مُدْرِكِ الْهارِبينَ، نَكالِ الظّالِمينَ صَريخِ الْمُسْتَصْرِخينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطّالِبينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنينَ).
أشكال التدخل الالهي:
مازال الحديث عن هذا المقطع (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ).
وقد كان السؤال ان الله تعالى كما يتدخل ويتفضل على عباده في الامور الشخصية، والذي أشار اليها الدعاء بقوله:
(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُجيبُني حينَ اُناديهِ، ويَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَورَة واَنَا اَعْصيهِ).
هل أن الله تعالى يتدخل أيضاً في امور العباد المجتمعية والسياسية بشكل عام، فالإمام (عليه السلام) حين يقول في الدعاء: (الْحَمْدُ للهِ قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ)، فمعناه ان الله تبارك وتعالى يتدخل في الشأن الاممي السياسي، كما يتدخل في الشأن الشخصي، فهو يرفع المستضعفين، ويقصم الجبارين، ومبير الظالمين، هذا التدخل على ثلاثة اشكال:
أولاً: التدخل النبوي:
كيف يرفع الله المستضعفين ويقصم الجبارين؟
وذلك من خلال ارسال الانبياء والرسل (عليهم السلام)، وهم يقودون الشعوب، ويقودون اممهم للتحرر من الطغاة.
مثلاً موسى وهرون ماذا قالوا لفرعون؟
قالوا: ﴿أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ﴾(٥٢٢)، ومعنى ذلك انهم يطالبون بتغيير سياسي.
فالأنبياء (عليهم السلام) مهمتهم انقاذ العباد سواء على مستوى الوعظ والتوعية، او على مستوى قيادتهم في عملية التغيير واقامة حكم عادل.
والقرآن الكريم يقول: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ الله﴾(٥٢٣).
فالله تبارك وتعالى يتدخل في شان انقاذ العباد من الطغاة، والجبابرة، وذلك من خلال بعثة الانبياء، ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى﴾(٥٢٤)، فالهدف ليس فقط هو تعليم المسائل الدينية، بل الهدف انقاذ العباد ايضا واقامة الحكم العادل بالحق.
فالأنبياء (عليهم السلام) عندما بعثهم الله تعالى إلى الامم، وبعدهم الائمة الاوصياء (عليهم السلام) جعلهم قادة لتلك الامم، وهذا تلطف من الله تبارك وتعالى في الشأن المجتمعي الاممي السياسي.
ثانيا: التدخل التشريعي:
فالله تبارك وتعالى يعطي للشعوب وللأمم نظاما تشريعيا في الشأن الاقتصادي، والاجتماعي، وحتى الاحوال الشخصيّة، كما في الشأن السياسي ونظام الحكم أيضاً.
فالإمام علي (عليه السلام) حينما يقول:
(أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَيْهِ وأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ الله فِيهِ).(٥٢٥).
اذن هذا تشريع في الشأن السياسي، وان الله تبارك وتعالى لا يقبل بسلطة الظالمين، وانما يريد حكومة اُولي الامر الصالحين ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾(٥٢٦).
هذا هو تلطف وتدخل ومنّ من الله تبارك وتعالى بان قدَّم للناس تشريعا في نظام الحكم، كما في نظام الاسرة، وكما في نظام الميراث، ونظام البيع والشراء، فالله تعالى قدم تشريعا هادياً للشعوب قائلا لهم على لسان نبيه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)(٥٢٧).
والامام الحسين (عليه السلام) قال:
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ثم لم يغير بقول ولا فعل، كان حقيقا على الله أن يدخله مدخله(٥٢٨).
هذا هو تشريع من الله تبارك وتعالى وهداية للأمم، وهذا تشريع في شان نظام الحكم، وحركة الشعوب في الشأن السياسي، وهذا يعتبر تدخلا ولطفا من الله تعالى في هذا الشأن.
ثالثاً: التدخل الميداني:
وكما ان الله تبارك وتعالى يرسل الانبياء، ويجعلهم قادة، وكما يعطي للبشرية تشريعاً في شأن الحكم وادارة البلاد، فانه تعالى اضافة إلى ذلك يتدخل تدخلا ميدانيا على الارض في نصرة المظلومين والاطاحة بالجبارين.
فالله تعالى معني بشان الانسان، وحكومة الانسان، فليس فقط يتدخل في ان يرزقنا الطعام والشراب، بل حتى في شؤون الحكم أيضاً، حكم الناس وسعادتهم، لاحظوا ماذا يقول القران الكريم؟
 يقول: ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾(٥٢٩) فهو يتحدث عن معركة كانت بين الروم والفرس ويقدم قراءة للواقع بان هؤلاء الروم الذين كانوا يؤمنون بالله تعالى قد غُلبوا، ثم يقدم الله تعالى رؤية للمستقبل بان هؤلاء سَيَغْلِبُونَ ﴿وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾(٥٣٠)، وحينئذ سيفرح المؤمنون بنصر الله تعالى ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله﴾(٥٣١)، ﴿يَنصُرُ مَن يَشَاءُ﴾(٥٣٢).
هذه قراءة للمستقبل السياسي، ومعنى هذا ان الله تعالى معني بشؤون المعركة البشرية بين الحق والباطل، بين الايمان والكفر، ويتدخل تدخلا ميدانيا، كما قال تعالى: ﴿وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾(٥٣٣).
الدعاء يقول: (الْحَمْدُ للهِ قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ).
ومعنى ذلك ان الله يتدخل تدخلاً مباشراً أو غير مباشر ميدانيا في شان الانسان وواقعه الاجتماعي والسياسي..
وفي سورة الفيل يقول:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾(٥٣٤)، القرآن هنا يتحدث عن تدخل ميداني مباشر بنزول الله تعالى إلى الساحة عبر ملائكته وجنوده، فيقول: ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ﴾(٥٣٥)، فهذا تدخل ميداني في نصرة المستضعفين والاطاحة بالمستكبرين ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾(٥٣٦).
وفي معركة بدر يتحدث الله تبارك وتعالى بشكل واضح، يقول انا كنت حاضراً معكم في الساحة وفي ميدان المعركة ﴿إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا﴾(٥٣٧)حينما كنتم ايها المسلمون في أسفل الوادي، ﴿وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى﴾(٥٣٨)، وكانت قريش في اعلى الوادي، ﴿وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ﴾(٥٣٩)، وركب ابي سفيان اسفل منكم، والله تعالى يقول: ان ساعة الصفر في المعركة انا الذي حددتها لأنكم لو تواعدتم لاختلفتم ﴿وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ﴾(٥٤٠)، لكن الله تعالى حسم الامر وانتم لا تشعرون بذلك ﴿لِّيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ﴾(٥٤١).
وفي هذه المعركة بالذات نرى ان الله تبارك وتعالى يتدخل حتى في عالم الرؤيا والمنام، فالرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) رأى في المنام ان قريشاً عددهم قليل، فتحدث الرسول مع المسلمين بهذا المنام ففرحوا واصبح لديهم قوة معنوية عالية لخوض المعركة بعد ان اكد لهم الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ما رأى في منامه بان عدد قريش قليل ﴿إذ يُرِيكَهُمُ الله فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً﴾(٥٤٢) بينما هم في الواقع اكثر من ذلك، واكثر من المسلمين.
ثم يستمر الحضور الالهي فيقول: ﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمُورُ﴾(٥٤٣)، فنظر المسلمون إلى قريش بنظرة القلة فاندفعوا للقتال، بينما قريش كانت تنظر إلى المسلمين بنظرة القلة أيضاً ﴿وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ﴾(٥٤٤)، فيندفعون للقتال ايضاً، هذا بفضل الله تعالى وتدخله المباشر في نصرة المسلمين، ﴿لِيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً﴾(٥٤٥).
ومن هنا ونحن في ليلة القدر نستذكر النداء الالهي في معركة بدر، حينما نادى المنادي في السماء: (لا فتى الا علي ولا سيف الا ذو الفقار)(٥٤٦)، ويذكر المؤرخون - كما يرى العلامة الاميني(٥٤٧) في كتابه الغدير(٥٤٨) - ان هذا النداء تكرر مرتين، مرة في معركة بدر، ومرة في معركة أُحد، وقد كان المنادي في بدر هو رضوان، وفي أُحد كان جبرئيل(٥٤٩).
اذن هذا نمط من التدخل الميداني من قبل الله تبارك وتعالى في نصرة المسلمين.
ولهذا حينما نقول (قاِصمِ الجَّبارينَ)، فهو تعالى يتدخل في نصرة عباده المؤمنين والاطاحة بالطغاة المستكبرين.
(مُدْرِكِ الْهارِبينَ)
لا أحد يستطيع ان يهرب من بطش الله تعالى وغضبه وانتقامه، وهنا الامام زين العابدين (عليه السلام) يجسد هذا المعنى حينما يقول:
(سيدي لو أن عبدا استطاع الهرب من مولاه، لكنت أول الهاربين منك فاين المهرب من عدلك يا سيدي).(٥٥٠)
يقول طاووس اليماني وهو من معاصري الامام السجاد (عليه السلام):
(بينما انا في بيت الله الحرام وعند الكعبة رأيت الامام زين العابدين (عليه السلام) في ذلك المكان قائماً وهو يدعو الله ويبكي من خشية الله، فلمّا فرغ من صلاته قلت له: رأيتك على حالة من الخشوع ولك ثلاثة اُمور، أرجو أن تؤمنك من الخوف، أحدها: أنّك ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
الثاني: شفاعة جدّك.
الثالث: رحمة الله.
فأجابه الإمام (عليه السلام) قائلاً: «يا طاووس، أمّا أنّي ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فلا يؤمنني ذلك وقد سمعت الله تعالى يقول: ﴿فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ﴾(٥٥١)، وأمّا شفاعة جدّي فلا تؤمنني; لانّ الله تعالى يقول: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾(٥٥٢) وأمّا رحمة الله فالله يقول: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾(٥٥٣) ولا أعلم أنّي محسن»(٥٥٤).
هكذا اذن الله تعالى (مُدْرِكِ الْهارِبينَ)، ولا يتمكن أحد الخروج من قبضة الله.
هنا انتقال من ذكر محامد الله تعالى بشأن الانسان، إلى تجلٍ من تجلّيات عظمته تعالى بشأن الخلق، فيقول: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وسُكّانُها، وتَرْجُفُ الاَرْضُ وعُمّارُها، وتَمُوجُ الْبِحارُ ومَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها).
نظرية الوعي الكوني:
الاسلام ومن خلال الدعاء يؤكد (نظرية الوعي الكوني).
ان العلوم الطبيعية لحد الان لم تصل إلى معرفة (نظرية الوعي الكوني)، لكن الاديان الالهيّة تؤكد هذه النظرية منذ اليوم الاول، اي ان هذا الكون من الشجرة إلى المجرة، ومن الثرى إلى الثريا، كله يمتلك وعياً وحياةً ومعرفة بالله تبارك وتعالى.
والقرآن الكريم مليء بالأمثلة عن هذه النظرية وهي ليست غريبة علينا في الفهم الديني.
القرآن الكريم عندما يتحدث في قصة سليمان ﴿قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ﴾(٥٥٥)، نرى ان النملة تمتلك وعيا وخطابا وهي تخشى سليمان وجنوده، اذن فهي تمتلك وعياً كونياً، فهذه النملة الصغيرة يستعرض بها القران الكريم مثالاً لوعي الكائنات.
ومثال اخر في قصة سليمان أيضاً: ﴿فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾(٥٥٦)، فقال الهدهد ﴿إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ الله وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ﴾(٥٥٧)، وهذا خطاب ووعي ومعرفة يمتلكها هذا الهدهد وهو نموذج لسائر الطيور.
وهذه هي نظرية الوعي الكوني.
واليوم عندما نقرا في الدعاء (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وسُكّانُها وتَرْجُفُ الاَرْضُ وعُمّارُها، وتَمُوجُ الْبِحارُ ومَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها)، فالسماء والبر والبحر كلها تسبح لله تعالى كما يقول القرآن الكريم، فكل ما في الوجود يسبح بحمده تعالى ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ﴾(٥٥٨)، وكلمة (شيء) تشمل كل الموجودات العاقلة، وغير العاقلة، فالكل تسبح بحمده تعالى وهذه هي (نظرية الوعي الكوني).
فالكون كله خاشع وخاضع لإرادة الله تعالى ويسبح بحمده ﴿وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾(٥٥٩).
هكذا الارض وسهولها وجبالها واهلها والساكنون عليها (وتَرْجُفُ الاَرْضُ وعُمّارُها)، وهكذا البحار وحيتانها واسماكها (وتَمُوجُ الْبِحارُ) ومَنْ يَسْبَحُ (أو يسبّح) في غَمَراتِها.، فالجميع عارف بالله خاضع له يسبح بحمده.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي هَدانا لِهذا وما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا اَنْ هَدانَا الله.
هذا هو دعاء اهل الجنة حيث يقول القرآن الكريم: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾(٥٦٠)، ﴿وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا الله﴾(٥٦١)، ﴿وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾(٥٦٢).
نظرية الهدى والضلال:
(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي هَدانا)، فالهدى اذن هو من الله، والسؤال هنا اذا كان الهدى من فعل الله فاين ارادة الانسان وحريته؟
هل تعني هذه الآية ان الانسان مجبور على الهدى أو الضلال؟
الجواب: كلا.
هنالك هدايتان:
الاولى: هداية تكوينية عامة، ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾(٥٦٣)، كما هناك هداية دينية عامة ايضاً ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾(٥٦٤)
الثانية: هداية دينية خاصة بمن اهتدى بالفعل، ﴿أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله﴾‏(٥٦٥) وليس كل البشر، ﴿مَن يَهْدِ الله فَهُوَ الْمُهْتَدِي﴾(٥٦٦)، هذه هي الهداية الخاصة بالمؤمنين الذين نالوا شرف الهدى، وهي بفضل الله تعالى، (بِنُورِكَ اهْتَدَيْنَا)(٥٦٧)، وليس بمعنى الجبر على الانسان، وانما الهدى هو من فعل الانسان ولكنه بفضل الله وتوفيقه ونوره.
مثال ذلك حين تقول: (ماكنا لنسلك الطريق الا ان دللتنا عليه)، فالذي دلّنا هو صاحب الفضل، ولكن انت الذي سلكت الطريق ولم تكن مجبوراً على ذلك، فأصبحت هنا مزاوجة بين ارادة الانسان وبين فضل الله تعالى.
هديّة شيعة أهل البيت (عليهم السلام):
عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنت ذات يوم عند النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) إذ أقبل بوجهه على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ألا أبشرك يا أبا الحسن.
فقال: بلى يا رسول الله.
فقال: هذا جبرئيل يخبرني عن الله جل جلاله أنه قد أعطى شيعتك ومحبيك تسع خصال:
الرفق عند الموت، والانس عند الوحشة، والنور عند الظلمة، والامن عند الفزع، والقسط عند الميزان، والجواز على الصراط، ودخول الجنة قبل سائر الناس بثمانين عاما، ونورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم(٥٦٨).

المحاضرة التاسعة عشر: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يَخْلُقُ ولَمْ يُخْلَقْ، ويَرْزُقُ ولا يُرْزَقُ، ويُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ، ويُميتُ الاَحياءَ ويُحْيِي الْمَوْتى وهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ)
* * *

* نظرية الفاعل المطلق
* فرضيات في قصة الخلق
* حقيقة الظلام والنور
وصلنا إلى نهاية الفصل الاول من دعاء الافتتاح، وهو الفصل المخصص للحمد والثناء على الله تبارك وتعالى.
وفي اخر مقطعٍ من هذا الفصل يقول: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يَخْلُقُ ولَمْ يُخْلَقْ، ويَرْزُقُ ولا يُرْزَقُ، ويُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ، ويُميتُ الاَحياءَ ويُحْيِي الْمَوْتى وهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ).
لاحظوا هنا أربعة امور:
الامر الاول: ان الله تبارك وتعالى هو المالك المطلق، يعني (نظرية المالك المطلق)، وقد تحدثنا عنها فيما سبق عند قوله (اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ).
الامر الثاني: ان الله تعالى هو (المدبّر المطلق للكون)، وقد تحدثنا عن ذلك عند قوله: (اَلْحَمْدُ للهِ مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِصْباحِ).
الامر الثالث: ان الله تبارك وتعالى له (الخضوع الكوني المطلق).
وقد تحدثنا عن ذلك عند قوله: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وسُكّانُها).
الامر الرابع: ان الله تعالى هو (الفاعل المطلق في الكون)، وهذه هي نظرية (الفاعل المطلق) والتي يتناولها هذا المقطع من الدعاء (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يَخْلُقُ ولَمْ يُخْلَقْ، ويَرْزُقُ ولا يُرْزَقُ، ويُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ).
نظرية الفاعل المطلق:
في هذا المقطع من الدعاء، يتناول نظرية رابعة في العقيدة الاسلامية، وهي نظرية ان الله تبارك وتعالى هو الفاعل المطلق في هذا الوجود. ولا فاعل، ولا مؤثر، ولا محرّك، في هذا الوجود سوى الله تبارك وتعالى.
نظرية الفاعل المطلق، هي التي يشير اليها القرآن الكريم بقوله: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾(٥٦٩)، حيث يقول المفسرون في شرح هذه الآية (ذهبت الوسائط وبقيت الحقائق لله سبحانه وتعالى فلا فاعل الا هو)(٥٧٠).
إن المفردات التي وردت في هذا المقطع (يَرْزُقُ ولا يُرْزَقُ ويُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ)، تشرح لنا اضلاع نظرية الفاعل المطلق في الكون، يعني لا انا، ولا انت، ولا أحد في السماوات والارضين يملك فعلاً، وانما الفاعل هو الله تبارك تعالى وحده.
(يا من لا يُدَبِّرُ الأَمْرَ الا هو)(٥٧١).
ونحاول هنا شرح هذه النظرية بإيجاز وتبسيط، وقد سبق لنا تناول ذلك في محاضرة سابقة.(٥٧٢)
قصة الخلق:
يبدأ الدعاء اولاً بقوله: (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يَخْلُقُ ولَمْ يُخْلَقْ).
ونحن في قصة الخالق امام فرضيات هي:
الفرضية الاولى: هي فرضية الشرك بالله. والذي يحذر القرآن منه حين يقول: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لَا يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ﴾(٥٧٣)، ﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ الله آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ * لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ﴾(٥٧٤).
هذه هي الفرضية الاولى، وهي فرضية لا تملك أي دليل علمي أو وجداني، وانما هي تخلف فكري واضح.
الفرضية الثانية: نفي وجود الخالق، أو الشك فيه بمعنى الجهل بالحقيقة المطلقة المحيطة بالكون، وهذا هو الكفر كما يصطلح عليه القرآن الكريم.
الفرضية الثالثة: الايمان بالخالق الواحد المهيمن على هذا الكون والمحيط به ﴿الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾(٥٧٥).
الدين يعتقد، ان هناك حقيقة مطلقة محيطة بهذا الكون، وهذا الكون هو تجلي ومظهر من مظاهر تلك الحقيقة التي لا نعرف كنهها، ولكن نحن نراها في الكون عقلاً، وجمالاً، وتدبيراً، واداءً، وقدرةً.
هذه هي نظرية الدين الالهي، وهذه الحقيقة الكبرى هي الله ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الله هُوَ الْحَقُّ﴾ (٥٧٦) تجتمع فيها كل صفات الجمال والكمال والجلال، وما عندنا من جمال، وكمال، وجلال، هو من تلك الحقيقة التي يتشعشع نورها هنا وهناك، في السماوات والارض، ﴿الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾(٥٧٧)، ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ﴾‏ (٥٧٨).
النظرية الدينية تقول: ﴿الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾(٥٧٩)، جميع المخلوقات، انا، وانت، والشجر، والحجر، والمدر، والسماء، والارض، كلها هي مخلوقات لله تبارك وتعالى، وهي من إفاضاته.
نشوء الكون:
اليوم توجد عدة نظريات علمية في نشوء الكون، لكنها جميعاً لاتتعارض مع فكرة الخالق المطلق.
قالوا ان هذا الكون هو عبارة عن (انفجار ذري)، تشكلت من خلاله المجرّات الكونيّة.
وقالوا ان هذا الكون كان عبارة عن سديم (نظرية السديم)(٥٨٠) شكلت منه فيما بعد المجرّات.
ونحن نقول: فليكن ذلك، لكن من صنع تلك السُدُم؟ ومن صنع تلك الذرة؟ كيف تحركت تلك الذرة بمحتوياتها؟ كيف كان قانون الانفجار؟ من وضع ذلك؟
 القرآن الكريم يقول: ﴿الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾(٥٨١)، ويقول: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾(٥٨٢).
ونفس الحال في قصة خلق الانسان، فالله تعالى هو الذي بدأ خلق الانسان من طين، صحيح انا وانت تشكلنا عبر عمليات طويلة معقّدة وانتقال من الاصلاب إلى الأرحام، وصرت انا، وصرت انت، ولكن الله تعالى يقول هذا كله هو خلق الله، البداية كانت من تلك الحقيقة. انما الانسان يعمل على توفير الشروط الموضوعية، لكي تظهر حقيقة الوجود بهذا الشكل أو بذاك الشكل.
(ويَرْزُقُ ولا يُرْزَقُ، ويُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ):
طبعاً. لان الله هو الغني، الله هو الذي يرزق ولا يرزق، وهو الغني المطلق، وهو مالك كل شيء، ويُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ، هو غني عن اطعامنا.
يومئذٍ كان المشركون يقولون ان هذه الاضاحي والهدايا التي نذبحها في الحج، هذه هدية إلى الله تبارك وتعالى.
لكن القرآن يقول: ﴿لَن يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ﴾(٥٨٣).
لا يُطعَم الله من هذه الاضاحي، ولا من هذه الدماء، وانما الذي يصل إلى الله تبارك وتعالى، ويصعد اليه هو التقوى من الانسان، والعمل الصالح من الانسان.
(ويُميتُ الاَحياءَ ويُحْيِي الْمَوْتى):
هذه مسألة جديدة، يميت الاحياء، ويحيي الموتى، ما هو الموت؟
الموت هو حقيقة وجودية مخلوقة، وليس مجرد عدم الحياة، هكذا يظهر القرآن الكريم في قوله تعالى ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾(٥٨٤).
نحن الان نتصور ان الحياة فقط هي حقيقة وجودية، والموت هو العدم، حقيقة عدمية، لكن التعبير القرآني ماذا يقول؟
يقول ان الحياة هي امر وجودي مخلوق، والموت ايضا هو أمر وجودي مخلوق ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾(٥٨٥)، فالله خلق الموت والحياة على خلاف مانفهمه نحن عن الموت، وان الموت عبارة عن عدم الحياة، لا ليس الموت عدم الحياة، بل الموت عبارة عن نقلة روحية من منطقة إلى منطقة. وهذه عملية خلق، وهذه عملية ايجاد.
الموت عبارة عن خروج الروح من البدن، وهذا عمل، هذه حقيقة وجودية، وهذا يحتاج إلى فاعل. هذه ليست قضية عدمية.
ولهذا ماذا كان يقول نبينا ابراهيم (عليه السلام)خليل الرحمن، كان يقول: ﴿وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ﴾(٥٨٦)
الموت قضية فعل، والفعل له فاعل، الذي يميت ثم يحيي، القرآن في سورة الملك يقول: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾(٥٨٧) الله الذي خلق الموت والحياة.
الظلام والنور:
هذا الامر سوف ينقلنا إلى مسألة علمية أُخرى وهي حقيقة الظلام والنور. الان نحن هكذا نفهم ان النور عبارة عن أمواج واشعة، فهو حقيقة وجودية، وأما الظلمة فهي عبارة عن عدم النور، فهي اذن عدم وليست وجوداً.
لكن التعبير الديني ماذا يقول؟
العبارة الدينية يظهر منها ان النور وجود، والظلمة ايضاً حقيقة وجودية، لها وزنٌ، والامام زين العابدين (عليه السلام)، ماذا يقول؟
يقول (عليه السلام): (سبحانك تعلم وزن الظلمة والنور) (٥٨٨)، نعم، هذا هو ما ثبت علمياً في الفيزياء الذرية ان النور له وزن، والظلمة كذلك.
هناك نظرية حديثة تسمى (نظرية المادة المظلمة)، وهي ان كل هذا الكون مليء بما يسمى بالمادة المظلمة.
وهذه المادة المظلمة لها وزن ايضا، ولهذا نرى القرآن الكريم يقول: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الله يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾‏(٥٨٩)، يعني كلاهما النهار والليل حقائق وجودية يتداخل بعضها مع البعض الآخر ويزيحه، هذا يولد في هذا، وهذا يولد في هذا. وليس الليل عبارة عن عدم النهار فقط، لا ليس هو عدم شعاع الشمس، وانما هو سيطرة الظلام، والظلام حقيقة وجودية، ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ﴾، ‏الليل حقيقة وجودية اذن. والنهار ايضاً حقيقة وجودية، اليوم العلم الحديث بدأ يتحدث عن نظرية سميت (نظرية المادة المظلمة) التي تؤكد أن الظلام وجود وليس عدماً.
نرجع إلى الدعاء حيث يقول: (ويُميتُ الاَحياءَ ويُحْيِي الْمَوْتى).
ابراهيم (عليه السلام) قال: ﴿أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى﴾‏؟(٥٩٠)
فقال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِن﴾.‏(٥٩١)
قال: ﴿بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾.(٥٩٢)
قال: ﴿فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً﴾‏.(٥٩٣)
اخذ ابراهيم (عليه السلام) طيوراً اربعة وقطعهن ووضع على رأس كل جبل مجموعة من تلك الاشلاء، ثم ناداهم تعالوا يا طيور، فتشكلت هذه الاعضاء المختلطة وعادت اليه طيوراً سالمة حيّة!!!، الله اكبر، الله تبارك وتعالى هو الذي يميت ويحيي.
كذلك الله تبارك وتعالى هو الذي أذن لعيسى بن مريم (عليهما السلام) ان يحيي الموتى، قال:
﴿وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ الله﴾(٥٩٤)، يعني عيسى (عليه السلام)وصل لمرتبة عالية، عالية جدا من القدرات في التاثير الكوني.
عجيب (يحيي الموتى). نعم ﴿وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ الله﴾(٥٩٥).
نرجع إلى نظرية ان الموت والحياة كلها بيد الله تبارك وتعالى.
انت الان قد تقول نذبح الدجاجة وتموت، وكذلك البشر يقتل بشر فيموت، اذن كيف نقول ان الموت بيد الله تعالى؟ أليس الانسان قادر على صناعة الموت؟
لكن الصحيح انك ذبحت الدجاجة ولم تميتها، والبشر لم يميت البشر بالقتل، بل يقتل البشر، نعم، ممكن يسكت قلبه. ممكن يقطع راس الدجاجة، ولكن الموت هو عملية خروج الروح وارتحالها من البدن إلى الفضاء الحر. ويبقى هذا البدن جثة هامدة ليس فيها حياة، هذا هو من عمل الله تبارك وتعالى، فالله هو الذي يأخذ هذه الروح وينقلها من مكان إلى مكان، وتعيش بطريقة أخرى من الحياة، أو نشأة أخرى من الوجود.
هذا الانتقال ليس من عمل القصّاب او الذبّاح او القاتل، نعم، انت قد تقطع الاوردة والشرايين، انت قد تقطع النَفَس، لكن الذي يميت بمعنى يجعل هذا الحي جسدا هامداً ميتاً وينقل روحه إلى عالم آخر فذلك هو الله تبارك وتعالى، (ويُميتُ الاَحياءَ ويُحْيِي الْمَوْتى وهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ).
لحد الان العلم لم يكتشف سر الحياة ماهي، وكيف تنتقل الحياة؟
العلم شأنه في الامور المادية، لكن النظرية الدينية تقول ان الله تبارك وتعالى هو الذي خلق الموت والحياة.
بِيَدِهِ الْخَيْرُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ:
بيده الخير. لا نتصور نحن ان الخير بيدنا. او بيد العوامل الطبيعية. الجميع خاضع لله تبارك وتعالى. من القوانين الطبيعية، ومن الامطار، ومن النبات، ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ الله هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾(٥٩٦).
كل هذه القوانين الطبيعية هي من صنع الله تبارك وتعالى، وخاضعة إلى الله، فانا وانت حينما نزرع، او نقرأ، او نتكلم، او نكتب، أو ننام، أو نستيقظ، فهذا كله خيرٌ من الله تبارك وتعالى أنعم به علينا (بِيَدِهِ الْخَيْرُ)، ولولا ذلك لم يكن منا شيء، لهذا نقرأ في الدعاء: (يا مَنْ اَرْقَدَني في مِهادِ اَمْنِهِ وَاَمانِهِ وَاَيْقَظَني إلى ما مَنَحَني بِهِ مِنْ مِنَنِهِ وَاِحْسانِهِ) (٥٩٧).
كما نقرأ ايضا:
(لَكَ الْحَمْدُ أنْ بَعَثْتَني مِنْ مَرْقَدي، وَلَوْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ سَرْمَداً)(٥٩٨)، هذه هي الثقافة الدينية.
نحن لا نملك لأنفسنا ضراً، ولا نفعاً، ولا موتاً، ولا حياةً، ولا نشورا.
نحن عملنا هو مجرد ان نوفر العوامل الاولية، نوفر المواد الخام، ولكن الذي يخلق، والذي يرزق، والذي يعطي الخير، هو الله تبارك وتعالى.
قد يقوم البشر بوضع بويضة امرأة في انبوب وتخصيبها بحويمن الرجل، ومن ثم يصبح جنيناً، ولكن من الذي خلق هذا الجنين في هذه الانبوبه؟ ومن الذي أعطاه الحياة؟ ومن الذي صنع فيه ملايين التفاعلات الحيّة؟
الخالق هو الله تبارك وتعالى، اما انت ايها البشر، وايها الطبيب، وايها المختبر، فقد قمتم فقط بتوفير عوامل فيض الوجود، والله هو الذي افاض الوجود فصار انساناً، او حيواناً، وما شاكل ذلك.
فهذا الامر الذي حصل بالأنبوب او بالاستنساخ الحيواني ليس هو من عمل الانسان، وانما هذا من خلق الله تبارك وتعالى، فالله تبارك تعالى هو الخالق، وانت توفر العوامل الاولية ليس إلاّ، هكذا يقول القرآن الكريم:.
﴿أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ﴾(٥٩٩)، فالفلاح مهمته ان يضع البذرة في الارض، والله تعالى هو الذي يزرع، بيده الخير.
وكذلك يقول: ﴿أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ * أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾(٦٠٠).
ولهذا يقول الدعاء:
(مِنْ اَيْنَ لِيَ الْخَيْرُ يا رَبِّ ولا يُوجَدُ إلاّ مِنْ عِنْدِكَ، ومِنْ اَيْنَ لِيَ النَّجاةُ ولا تُسْتَطاعُ إلاّ بِكَ)(٦٠١)، انا لا املك خيراً، ولا املك نجاة، وانما جميعها منك.
ويمضي الامام زين العابدين (عليه السلام) في دعاء ابي حمزة الثماني فيقول: (وقَدْ نَزَلْتُ مَنْزِلَةَ الاْيِسينَ مِنْ خَيْري).(٦٠٢)
 والامام الحسين (عليه السلام) يقول: (أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيرا في فقري!؟)(٦٠٣)، اي نحن لا نملك لأنفسنا نفعاً، ولا ضراً، ولا موتاً، ولا حياةً، ولا نشورا.
نظرية الفاعل المطلق:
الله تعالى هو (الفاعل المطلق)، وتحدثنا سابقا عن نظرية (المالك المطلق)، ونظرية (التدبير المطلق)، ونظرية (الخضوع المطلق).
أمّا نظرية (الفاعل المطلق)، فهي تعني أن الله تعالى هو الفاعل المطلق في هذا الكون.
هذه النظرية كثيراً ما يؤكد عليها القرآن الكريم، وقد سبق أن استعرضناها لدى الحديث عن (يَخْلُقُ ولَمْ يُخْلَقْ، ويَرْزُقُ ولا يُرْزَقُ).
جاء في الروايات الشريفة عن أهل البيت (عليهم السلام): (ان من قال بعد صلاة الفجر هذا التسبيح: (لا اله الا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد يحي ويميت ويميت ويحي وهو حيٌ لا يموت بيده الخير وهو على كل شيءٍ قدير)، عشر مرات كتب له بكل مرة عشر حسنات، ودفعت عنه عشر سيئات، ورفعت له عشر درجات)(٦٠٤).
هذا هو تأكيد على الفاعلية المطلقة لله تبارك وتعالى، (وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ.)، وهذه اخر فقرة.
القدرة المطلقة:
هنالك مسالة اعرضها عليكم، سؤال في البحوث الفلسفية. وعرض على أئمتنا (عليهم السلام) كما في كتاب الاحتجاج(٦٠٥) للطبرسي(٦٠٦)، ومبحوث فلسفياً، هل ان الله قادر على الممتنع؟
مثلاً. الله قادر على ان يخلق شريك الباري؟ شريك له؟
لو قلت غير قادر، اذن كيف ان الله على كل شيءٍ قدير.
ولو قلت ان الله قادر على ان يخلق له الشريك، اذن يمكن ان يكون هناك شريك لله تبارك وتعالى.
وقد أجاب الامام الصادق (عليه السلام) عن مثل هذا السؤال حين سأله الديصاني، هل أن الله قادر على أن يضع العالم في بيضة دون أن تكبر البيضة، أو يصغر العالم.
قال (عليه السلام): نعم، الله قادر على كل شيء ولكن الذي سالته لا يكون(٦٠٧).
وقد شرحنا هذا الموضوع في المحاضرة الرابعة عشر فراجع.

المحاضرة العشرون: (اللَّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ ورَسُولِكَ، واَمينِكَ، وصَفِيِّكَ، وحَبيبِكَ، وخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ، وحافِظِ سِرِّكَ، ومُبَلِّغِ رِسالاتِكَ، اَفْضَلَ واَحْسَنَ، واَجْمَلَ واَكْمَلَ، واَزْكى واَنْمى، واَطْيَبَ واَطْهَرَ، واَسْنى واَكْثَرَ ما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ وتَرَحَّمْتَ، وتَحَنَّنْتَ وسَلَّمْتَ عَلى اَحَد مِن عِبادِكَ واَنْبِيائِكَ ورُسُلِكَ، وصِفْوَتِكَ واَهْلِ الْكَرامَةِ عَلَيْكَ مِن خَلْقِكَ)
* * *

* استحباب البدء بالصلاة على النبي واله
* رواية الشيخ الصدوق
* قصيدة في مدح النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)
الفصل الاول: من دعاء الافتتاح كان هو عبارة عن عرض محامد الله تبارك وتعالى.
ثم الفصل الثاني: الصلاة على النبي واله وعرض خصائصهم ومنزلتهم
ثم الفصل الثالث: هو المسألة والدعاء، وطلب الحاجات من الله تعالى.
الفصل الاول: كان يتضمن مجموعة محاور، كلها بلغة الحمد.
المحور الاول: كان الاشارة إلى فقر الانسان، وضعفه، وحقارته، وقصوره، (اللَّهمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ قَليلاً مِنْ كَثير، مَعَ حاجَة بي اِلَيْهِ عَظيمَة وغِناكَ عَنْهُ قَديمٌ، وهُوَ عِنْدي كَثيرٌ، وهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسيرٌ).
ثم جاء قوله: (فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ وجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ اِحْسانِكَ اِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ)، وما شاكل ذلك من الاشارات إلى فقر الانسان ولؤمه، (اِنَّكَ تَدْعُوني فَاُوَلّي عَنْكَ، وتَتَحَبَّبُ اِلَيَّ فَاَتَبَغَّضُ اِلَيْكَ، وتَتَوَدَّدُ إلى فَلا اَقْبَلُ مِنْكَ)، هذه مقاطع المحور الاول.
المحور الثاني: من الفصل الاول هو (التعاطي الايجابي) من الله للإنسان (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُجيبُني حينَ اُناديهِ)، (واَذِنْتَ لي في دُعائِكَ ومَسْأَلَتِكَ)، و(فَكَمْ مِنْ مَوْهِبَة هَنيئَة قَدْ اَعْطاني).
هذا استعراض لصور التعاطي الايجابي من الله تبارك وتعالى، وهذا هو المحور الثاني.
وكان المحور الثالث هو الاشارة إلى (الملك المطلق)، (والتدبير المطلق) الالهي بالكون، (مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِصْباحِ، دَيّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ).
وكان المحور الرابع هو الاشارة إلى (الخضوع الكوني الواعي) لله وتعالى،.(اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وسُكّانُها، وتَرْجُفُ الاَرْضُ وعُمّارُها، وتَمُوجُ الْبِحارُ ومَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها)، هذا محور ان الكون كله خاضع بوعيٍ لله تبارك وتعالى.
الان بعد هذه المحامد الالهية يبدأ الفصل الثاني من الدعاء، وهو الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فيقول: (اللَّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ ورَسُولِكَ، واَمينِكَ، وصَفِيِّكَ، وحَبيبِكَ، وخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ، وحافِظِ سِرِّكَ، ومُبَلِّغِ رِسالاتِكَ)، إلى آخر هذا المقطع.
استحباب البدء بالصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) واله (عليهم السلام):
هنا الثقافة الدينية تقول يستحب البدء في الدعاء قبل المسالة بالحمد لله تعالى، والصلاة على نبيه ثم عرض الحاجات بعد ذلك وطلبها من الله تعالى.
في ثقافتنا الدينية بما هو ثابت في الروايات، ان الدعاء بدون الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) واله (عليهم السلام) مردود، اي لا يقبل.
هذه روايات عديدة يرويها المحدثون مثل الشيخ الكليني في الكافي وغيره عن الامام الصادق (عليه السلام)وباقي الائمة الاطهار (عليهم السلام)، انا اذكر لكم اثنين من تلك الروايات.
الامام الصادق (عليه السلام) يقول: (لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلي على محمد وآل محمد)(٦٠٨)، يعني أن الدعاء بدون الصلاة على محمدٍ وال محمد يكون محجوباً عن السماء، وربما يكون المقصود بذلك هو اتخاذ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) طريقاً إلى الله تعالى وعدم التقاطع معهم (عليهم السلام)، فالصلاة على النبي واله على العموم - ليس ف كل فقرة من فقرات الدعاء - هي شرط في الاستجابة.
رواية ثانية تقول ايضاً عن الامام الصادق (عليه السلام) قال:
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (من ذكرت عنده فنسي أن يصلي عليّ خطَّأ الله به طريق الجنة)(٦٠٩).
يعني هناك مسار يؤدي إلى الجنة، ولكن الله تعالى بدون الصلاة على النبي واله يغيّر هذا المسار، لأنه لم يسر بالطريق الصحيح، لم يسر وفق الاشارات المرورية، وانوار مرورية، انوار الصراط المستقيم، وهي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وال محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
هذه اكثر من رواية تقول: (خطّأ الله به طريق الجنة)، ولهذا فان ادعيتنا جميعاً ينبغي ان تبدأ بالحمد اولاً، وثانياً الصلاة على النبي واله، وليس المقصود هو الصلاة اللفّظية فقط، بل بما تعنيه من ارتباط بهم (عليهم السلام) واتخاذهم الذريعة إلى الله والوسيلة اليه.
لاحظوا دعاء الافتتاح عشرات المحامد ذكرت لله تعالى، ثم بدأ الدعاء بالصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) واله (عليهم السلام).
ظاهرة في محافل الشيعة:
وهنا ملاحظة اذكرها لكم، وهي أن هناك ظاهرة في محافلنا ومجالسنا، ولدى شيعة اهل البيت خاصة وهي ظاهرة الاكثار من الصلاة على محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وال محمد (عليهم السلام)، هذه الظاهرة مفقودة عند غيرنا.
انا اذكر بهذا الخصوص الشيخ محمد الغزالي(٦١٠) من كبار علماء الاخوان المسلمين سابقاً، ثم انتقل للمملكة العربية السعودية، وتوفي هناك وله مؤلفات كثيرة.
جاء إلى ايران في زيارةٍ في أحد المؤتمرات فخرج وهو يقول: انا سجلت ملاحظة!!
ما هي تلك الملاحظة؟
يقول: عجبت لهؤلاء الناس في ايران انهم في محافلهم يكثرون من الصلاة على محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وال محمد (عليهم السلام)، هذه الظاهرة غير موجودة عندنا.
مبارك لشيعة اهل البيت هذه المحبة لنبيهم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) واله الاطهار (عليهم السلام).
والان يقول الدعاء: (اللَّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ ورَسُولِكَ، واَمينِكَ، وصَفِيِّكَ، وحَبيبِكَ، وخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ، وحافِظِ سِرِّكَ، ومُبَلِّغِ رِسالاتِكَ).
لماذا أفضل الصلوات:
لكن الملاحظة أن الدعاء هنا يطلب أفضل الصلوات فيقول: (اَفْضَلَ واَحْسَنَ، واَجْمَلَ واَكْمَلَ، واَزْكى واَنْمى، واَطْيَبَ واَطْهَرَ، واَسْنى واَكْثَرَ ما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ وتَرَحَّمْتَ، وتَحَنَّنْتَ وسَلَّمْتَ عَلى اَحَد مِن عِبادِكَ واَنْبِيائِكَ ورُسُلِكَ، وصِفْوَتِكَ واَهْلِ الْكَرامَةِ عَلَيْكَ مِن خَلْقِكَ).
منزلة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
ما هي منزلة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)? بحيث نسال الله تعالى أن يصلي عليه اكثر مما صلى على جميع الانبياء والمرسلين.
(اَفْضَلَ واَحْسَنَ، واَجْمَلَ واَكْمَلَ)
لماذا?
هنا يأتي الحديث الواسع جداً عن منزلة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، في هذا الكون، منزلة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في عالم الخلق.
هنا يوجد بحث تشير اليه روايات أهل البيت (عليهم السلام) ويذكره العرفاء، ممن يطلق عليهم (اهل الحق)، (اهل الذوق)، (اهل السلوك)، ويقولون هنا ان النبي الاكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) الذي هو محمد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، والذي ولد في عام الفيل، في مكة المكرمة، هذا الانسان له نشأتان، له نشأة اولى ما قبل الخلق، ونشأة ثانية في هذه الدنيا.
النشأة الاولى يسموها (الحقيقة المحمدية)، بمعنى أن اول ما خلق الله تبارك وتعالى، قبل ان يخلق آدم، وقبل ان يخلق السماء والارض، وهي اول تجلٍ لله تبارك وتعالى، تلك هي (الحقيقة المحمدية)، (الانسان الكامل) الذي أمرت الملائكة بالسجود اليه، ومن تلك الحقيقة امتد بساط الوجود على العالم، هذا الكلام طبعاً لا يمكن شرحه الان، ولا البرهنة عليه، ونتركه إلى العرفاء المختصين، ومراجعة المصادر المختصة في هذا المجال.
انا اذكر لكم هنا ان الامام الخميني(٦١١) قدس الله سره الشريف، له كتاب من أروع واعمق ما كتب في هذا الشأن، الكتاب اسمه (مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية)(٦١٢)، وربما بعض القراء حين يقرأ هذا الكتاب سوف لا يدرك اكثر معانيه، رغم روعة اسلوبه الادبي الرائع وباللغة العربية، ولكن هي مصطلحات غير مألوفة، وعلى طريقة اهل الذوق والعرفان.
هذا الكتاب (مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية)، يتحدث عن ان ذاك الفيض الاول من الله تبارك وتعالى، هو (الحقيقة المحمدية)، ومنها امتدت الخلائق، تلك الحقيقة المحمدية في النشأة الاولى.
وهنا يذكرون ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) واهل بيته (عليهم السلام)، هم الواسطة في الفيض النازل، وهم الواسطة في الوصول إلى الله تعالى في العروج الصاعد، يعني ان اول ما بدأ الفيض من الله تبارك وتعالى كان هو حقيقة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، ونور الائمة (عليهم السلام)، ثم خلق الله السماوات والارض.
والان حينما نريد ان نصل إلى الله، ونعرج اليه، يجب ان نمر عن طريق النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
هذا بحث نتركه إلى اهل العرفان، ولكن هذا البحث ايضاً تؤيده رواياتنا العديدة الني يذكرها مثل الشيخ الصدوق، في عيون اخبار الرضا، ويذكرها الشيخ الكليني في اصول الكافي، وغيرها كثير والتي تقول: (ان اول ما خلق الله تعالى قبل السماوات والارض، وقبل ادم خلق الله نور محمدٍ وعلي)(٦١٣).
الروايات هنا استطيع ان اقول، هي روايات صحيحة ومتواترة، تؤكد ان اول ما تجلى الله تبارك وتعالى كان هو نور محمدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)(٦١٤).
هنا رواية يرويها الشيخ الصدوق في كتابه عيون اخبار الرضا. ومثلها طبعاً روايات كثيرة في هذا الشأن، لكنها رواية، تشرح لنا منزلة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
الرواية تقول:
عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (ما خلق الله خلقا أفضل منى ولا أكرم عليه منى).
قال علي (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل؟
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): يا علي أن الله تبارك وتعالى فضل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقربين، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدى لك يا علي، وللأئمة من بعدك، وان الملائكة لخدامنا، وخدام محبينا، يا علي، الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم، ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا.
يا علي، لولا نحن ما خلق الله آدم (عليه السلام)، ولا حواء، ولا الجنة، ولا النار، ولا السماء، ولا الأرض، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة؟! وقد سبقناهم إلى معرفه ربنا، وتسبيحه، وتهليله، وتقديسه، لأن أول ما خلق الله (عزَّ وجلَّ) أرواحنا فأنطقها بتوحيده، وتمجيده، ثم خلق الملائكة، فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا، استعظمت أمرنا، فسبحنا لتعلم الملائكة انا خلق مخلوقون، وانه منزه عن صفاتنا، فسبحت الملائكة بتسبيحنا، ونزهته عن صفاتنا، فلما شاهدوا عظم شاننا، هللنا لتعلم الملائكة ان لا اله إلا الله وانا عبيد، ولسنا بآلهة، يجب ان نعبد معه، أو دونه.
فقالوا: لا اله إلا الله، فلما شاهدوا كبر محلنا، كبرنا لتعلم الملائكة ان الله أكبر من أن ينال عظم المحل إلا به، فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العزة والقوة.
فقلنا: لا حول ولا قوه إلا بالله، لتعلم الملائكة انه لا حول لنا ولا قوه إلا بالله، فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا، وأوجبه لنا من فرض الطاعة.
قلنا: الحمد لله لتعلم الملائكة ما يستحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه.
فقالت الملائكة: الحمد لله فبنا اهتدوا إلى معرفه توحيد الله (عزَّ وجلَّ)، وتسبيحه وتهليله، وتحميده، وتمجيده، ثم إن الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه، وأمر الملائكة بالسجود له، تعظيما لنا، واكراما، وكان سجودهم لله (عزَّ وجلَّ) عبودية، ولادم اكراما وطاعة، لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة؟ وقد سجدوا لادم كلهم أجمعون، وانه لما عرج بي السماء اذن جبرئيل مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى ثم قال لي: تقدم يا محمد.
فقلت له: جبرئيل أتقدم عليك؟
قال: نعم لأن الله تبارك وتعالى فضل أنبيائه ملائكته أجمعين وفضلك خاصه.
قال: فتقدمت فصليت بهم ولا فخر فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل: تقدم يا محمد وتخلف عنى.
فقلت له: يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟!
فقال: يا محمد انتهاء حدى الذي وضعني الله (عزَّ وجلَّ) فيه إلى هذا المكان فإن تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدي حدود ربى جل جلاله فزخ بي النور زخة حتى انتهيت إلى ما شاء الله (عزَّ وجلَّ) من علو مكانه فنوديت فقلت: لبيك ربى وسعديك تباركت وتعاليت.
فنوديت: يا محمد أنت عبد وانا ربك فإياي فأعبد وعلى فتوكل فإنك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجتي على بريتي لك ولمن تبعك خلقت جنتي ولمن خالفك خلقت ناري ولأوصيائك أوجبت كرامتي ولشيعتهم أوجبت ثوابي فقلت: يا رب ومن أوصيائي؟
فنوديت: يا محمد أوصيائك المكتوبون على ساق عرشي فنظرت وانا بين يدي ربى جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثنا عشر نورا في كل نور سطر اخضر عليه اسم وصى من أوصيائي أولهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) وآخرهم مهدى أمتي فقلت: يا رب هؤلاء أوصيائي بعدى؟
فنوديت: يا محمد هؤلاء أوصيائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي وهم أوصياؤك وخلفاؤك، وخير خلقي بعدك، وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني، ولأعلين بهم كلمتي، ولأطهرن الأرض باخرهم من أعدائي، ولأملكنه مشارق الأرض ومغاربها، ولأسخرن له الرياح، ولأذللن له السحاب الصعاب، ولأرقينه في الأسباب، ولأنصرنه بجندي، ولأمدنه، حتى يعلن دعوتي، ويجمع الخلق على توحيدي، ثم لأديمن، ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة(٦١٥).
طبعاً مثلها روايات كثيرة في ان اول ظهور للوجود هو نور محمدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، ولهذا كان نبينا افضل الخلائق اجمعين من الاولين والاخرين، من السماوات والارضين، ولهذا نحن نقول: (اللَّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ ورَسُولِكَ، اَفْضَلَ واَحْسَنَ، واَجْمَلَ واَكْمَلَ، واَزْكى واَنْمى، واَطْيَبَ واَطْهَرَ، واَسْنى واَكْثَرَ ما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ وتَرَحَّمْتَ، وتَحَنَّنْتَ وسَلَّمْتَ عَلى اَحَد مِن عِبادِكَ واَنْبِيائِكَ ورُسُلِكَ، وصِفْوَتِكَ واَهْلِ الْكَرامَةِ عَلَيْكَ مِن خَلْقِكَ).
ايضاً نقرأ في زيارة الجامعة: (خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا بكم، فجعلكم في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه)(٦١٦)، وذلك هو مانقرؤه ايضا في زيارة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) (أشهد انك كنت نوراً في الاصلاب الشامخة)(٦١٧).
ايضاً نقرأ في الزيارة الجامعة: (بكم فتح الله وبكم يختم)، فتح الوجود بنبينا (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وبأهل البيت (عليهم السلام).
قصيدة في مدح النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
هنا اسمحوا لي ان انتقل معكم بعد الصلاة على محمد وال محمد، إلى مقطعٍ من قصيدة الازري وهو شاعر رائع من شعراء اهل البيت (عليهم السلام)، وكان معاصرا لمرجع الطائفة الشيخ الجواهري الكبير(٦١٨)صاحب كتاب جواهر الكلام (٦١٩)، مرجع كبير من مراجع الطائفة، هذا الازري له قصيدة مطلعها عن رسول الله يختمها بالإمام علي (عليه السلام) وانا اليوم اقرأ لكم بعضاً من ابياتها عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
هنا كان يقول صاحب الجواهر انا تمنى ان الازري يعطيني هذه القصيدة وأضعها في صحيفة اعمالي، على أن اعطيه ثواب كتابي (الجواهر) وهو موسوعة فقهية من اربعين مجلداً.
ماذا يقول فيها:
يقول:

ان تلك القلوب أقلقها الوجد وأدمى تلك العيون بكاها
كان أنكى الخطوب لم يبك مني مقلة لكن الهوى أبكاها
كل يوم للحادثات عوادٍ ليس يقوى رضوى على ملتقاها
كيف يرجى (الخلاص) منهن إلا بذمام من سيد الرسل (طه)
معقل الخائفين من كل خوف أوفر العرب ذمة أوفاها
مصدر العلم ليس إلا لديه خبر الكائنات من مبتداها
لا تجل في صفات احمد فكراً فهو الغاية التي تراها
قلب الخافقين ظهرا لبطن فرأى ذات احمد فاجتباها(٦٢٠)

هذه هي منزلة وشخصية نبينا (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).

المحاضرة الحادية والعشرون: (اللَّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ ورَسُولِكَ، وَ اَمينِكَ، وصَفِيِّكَ، وَحَبيبِكَ، وخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ، وحافِظِ سِرِّكَ ومُبَلِّغِ رِسالاتِكَ)
* * *

* صفات النبي
* العبودية
* الرسولية
* الامانة
* الاصطفاء
* نظرية العصمة
* حبيب الله
* حافظ سر الله
* تبليغ الرسالة
* مهمتان للنبي
(اللَّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ ورَسُولِكَ، واَمينِكَ، وصَفِيِّكَ، وحَبيبِكَ، وخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ، وحافِظِ سِرِّكَ، ومُبَلِّغِ رِسالاتِكَ).
تحدثنا في المحاضرة السابقة عن الحقيقة المحمدية، والنشأة الأولى لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم). في عالم ما قبل الدنيا.
وهنا ذكرنا ان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) كان هو بداية قوس النزول من الله تبارك وتعالى إلى تجلّي المخلوقات، وهو الواسطة في قوس الصعود إلى الله تبارك وتعالى.
وفي هذا المقطع من الدعاء نصل إلى عرض ثمان صفات للنبي الاكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، رغم ان صفات نبينا كثيرة، واذا قرأنا زيارته (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، كما هو موجود في (كتب الأدعية والزيارات) نجد ان هناك اوصافاً كثيرة تطلق على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
مثل: شاهداً، مبشراً، نذيراً، سراجاً، نجيباً، خليلاً، وغيرها، لكن الدعاء هنا ليس بصدد استعراضها جميعاً، وانما ذكر الدعاء بعض تلك الصفات ونحن نسير معها بالمقدار الذي يسمح به الوقت.
عبدك:
الصفة الاولى والاساسية هي العبودية لله تعالى (عبدك). لاحظوا ذلك في تأكيدات القرآن الكريم على صفة العبودية لله تعالى، وكما في صلاتنا اليومية حين نقول في التشهد (واشهد ان محمداً عبده ورسوله)، وقد كان رسول الله نفسه يقول:
(لا تطروني كما اطرت النصارى ابن مريم، انما انا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله)(٦٢١).
العبودية لله تعالى هي القضية الاساس، ومن أجل ان نحافظ على التوحيد، وحتى لا نصل لمرتبة الغلو والكفر بالله تبارك وتعالى، يبقى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هو عبد الله تعالى ورسوله.
لنقف عند فقرة (عبدك)، كيف ذلك?
العبودية لله تبارك وتعالى عبوديتان.
هناك عبودية قهرية مطلقة شاملة لكل الوجود، كما يقول القرآن الكريم: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً﴾(٦٢٢)، كل الوجود هو عبد لله تبارك وتعالى.
اذن هنا حينما نصف النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بانه عبد لله فهذه صفة مشتركة مع كل المخلوقات.
ولكن هناك المرحلة الثانية من العبودية والتي يختص بها الانسان والمخلوقات العاقلة، وهي العبودية الارادية، وليست العبودية القهرية.
العبودية الارادية التي يتحدث عنها القرآن: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾(٦٢٣)، يعبدون الله بإرادتهم. هنا كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) سيد العابدين، حيث بلغ نهاية العبودية لله تبارك وتعالى، هذه هي العبودية التي كان امير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (إِلهِي كَفى بِي عِزَّاً أَنْ أَكُونَ لَكَ عَبْداً(٦٢٤).
وليست تلك العبودية القهرية الموجودة حتى عند الكافر، وموجودة حتى عند الحيوان، وعند الجبل، وعند الشجر.
«كَفى بِي عِزَّاً أَنْ أَكُونَ لَكَ عَبْداً»، العبودية الارادية، بلغ فيها رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) نهاية مرتبة العبودية حتّى ﴿كَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾(٦٢٥)، ومع ذلك كان يقول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (ما عبدناك حق عبادتك)(٦٢٦).
هذه العبودية هي بداية الشرف ونهايته، ان يكون الانسان عبداً لله تعالى.
عيسى (عليه السلام) ماذا قال?
قال: ﴿إِنِّي عَبْدُ الله﴾(٦٢٧).
اول كلمة (انا عبد)، انا لست شيئاً، وبمقدار ما يفنى الانسان في الله تبارك وتعالى، يزداد كمالاً.
الشيخ بهجت(٦٢٨) احد العلماء الفقهاء العرفاء وهو من علماء النجف الاشرف، توفي في قم المقدسة، ومن خيرة العرفاء الصالحين كان نقش خاتمه (العبد).
والآن إذا ذهبتم إلى قبره في جوار السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) تجدون مكتوباً على صخرة القبر (العبد)، الاقرار بالعبودية هو منتهى المعرفة بالله، ان يدرك الانسان انه عبد لله تعالى.
ورسولك:
اول ما نبدأ في وصف النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) (عبدك). ثم (رسولك).
بعد هذه العبودية التي وصل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) إلى منتهاها، تشرّف (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بالرسالة، فكان رسول الله، رسولاً من الله تعالى للإنسان، بل للثقلين الانس والجن.
الفكرة معلومة عندكم وهي ان هناك فرق بين النبوة والرسالة، الرسالة أخص من النبوة، فليس كل الانبياء رسلاً، بعض الانبياء رُسل حملوا شرائع، بعضهم لم يحملوا شرائع.
امتيازات الرسالة المحمدية:
ولكن رسولية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) تمتاز بعدة امتيازات هي:
الامتياز الاول: انها للثقلين.
القرآن الكريم يقول ان هذا النبي هو رسول إلى عالم آخر مثلكم، أُمة من الامم. هو عالم الجن، ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ * فقالوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً﴾(٦٢٩).
هذا القرآن اذن يهدي الأنس والجن ورسوله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) مبعوث للثقلين من عباده تعالى.
الامتياز الثاني: ان هذه الرسوليّة هي نهاية خط الرسالات، نهاية خط الاتصال مع الله تبارك وتعالى، ورسوله الاكرم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هو آخر الوسطاء، وخاتم الانبياء ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيما﴾(٦٣٠).
الامتياز الثالث: انه (صلى الله عليه وآله) رحمةٌ للعالمين. ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾(٦٣١). هذه الرسالة هي رسالة رحمة للناس، وليس تقييداً وتشديداً على الناس، وانما هي نور وسراج منير ورحمة للعالمين.
والامتياز الرابع: الهيمنة على جميع الرسالات السابقة، والنبوات السابقة. فرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) رغم انه آخر الرسل في النشأة الدنيوية، لكنه مهيمن على كل رسالات الانبياء قبله، رسالة موسى وعيسى وابراهيم ونوح (عليهم السلام)، ومهيمن على كل الانبياء.
وهذا يعود بنا إلى ما تحدثنا به حول (الحقيقة المحمدية) التي كانت قبل آدم، وقبل سائر الخلق.
هذه (الحقيقة المحمدية) تسير مع كل الانبياء، وهكذا (الحقيقة العلوية) التي تمشي مع كل الانبياء أيضاً كما سنقرأ ذلك في المحاضرات القادمة.
نحن نبدأ في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) بالسلام على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أولاً فنقول:
(السلام على رسول الله أمين الله على وحيه وعزائم أمره الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله ورحمة الله وبركاته)(٦٣٢).
نقرأ ذلك في الزيارة، لكن ربما لم يتوجه بعضنا لمعنى ذلك، ان رسالة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هي رسالة مهيمنة على كل الرسالات، كما ان شخص النبي مهيمن على كل الرسل، وكل الانبياء، (وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى ذلِكَ كُلِّهِ)(٦٣٣)، ومن هنا كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هو سيد الرسل كما نقرأ في دعاء شهر شعبان: (هذا شهر نبيك سيد رسلك شعبان)(٦٣٤).
أمينك:
(اَمينِ اللهِ عَلى وَحْيِهِ)(٦٣٥). رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هو (امين الله على وحيه)، كما نقرأ ذلك في الزيارة: (السلام على رسول الله محمد بن عبد الله أمين الله على وحيه.
نذكر هنا مجموعة نقاط سنكتشفها من كلمة (امينك):
اولاً: ان هذا الامين على الوحي لا يتصرف من عنده ابداً، حيث القرآن يقول:
﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾(٦٣٦).
فهو لا يتصرف من عنده، وانما هو أمين في ايصال الرسالة، هذا اولا.
ثانيا: ولا يتلكأ في أداء هذه الرسالة. ابداً لا يتثاقل ولا يتلكأ، ولا ينهار، ولا يضعف، ماذا كان يقول رسول الله، يوم اجتمعت عليه قريش؟
 كان يقول لابي طالب (عليه السلام): (يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على ان اترك هذا الامر او اقتل دونه ما تركت)(٦٣٧).
رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) من الانبياء الخمسة واولوا العزم، بل هو اولهم، وهم يمتلكون العزم الكبير في أداء مهمتهم.
ولهذا سموا اولوا العزم، هذا امين ولكنه امين يمتلك عزماً شديداً، ولهذا نقول في زيارة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (أشهد انك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة)(٦٣٨).
ثالثاً: انه ليس مجرد أمين في ايصال الرسالة لنا، بل جَسَّدها بسلوكه عملياً.
كان (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) كما في الرواية: (كان خلقه القرآن)، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
فَقَالَتْ: كَانَ خُلْقُهُ الْقُرْآنَ، يَغْضَبُ لِغَضَبِهِ، وَيَرْضَى لِرِضَاهُ»(٦٣٩).
هذا هو الامين الحقيقي، فهناك أمين ومؤتمن لكنه لا يقدس أمانته، لكن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هو امين ويقدّس امانته ﴿أن أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى اليّ﴾(٦٤٠) التزام اخلاق القرآن، اخلاق هذه الامانة وتجسيدها، حتى قال فيه تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾(٦٤١).
نظرية العصمة:
ونصل الان إلى نظرية العصمة، حيث اعتقاد شيعة اهل البيت (عليهم السلام) بعصمة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم). فطالما كان أميناً اذن هو معصوم عن الزلل ﴿وما ينطق عن الهوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾(٦٤٢). معصوم في أداء الرسالة، ومعصوم في تطبيق الرسالة.
اذن هو تجسيد لهذه الرسالة الالهية، لا ذنب، ولا معصية، ولا نقصان في التبليغ ولا زيادة، هذه هي (نظرية العصمة).
طبعاً هنا نعتقد ان حمل هذه الامانة امتد في الائمة الاطهار (عليهم السلام)كما سنتحدث عن ذلك ان شاء الله في الفقرات اللاحقة، ولهذا نقرأ في الزيارة الجامعة للائمة الاطهار (عليهم السلام): (وَأَبْوَابَ الْإِيمَانِ وَأُمَنَاءَ الرَّحْمَنِ)(٦٤٣).
اذن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أمين، والائمة عليهم افضل الصلاة والسلام، ايضا امناء على وحي الله تعالى.
صفيك:
هنا ايضاً بشكل سريع ومختصر وموجز تأتي (نظرية الاصطفاء).
نظرية الاصطفاء:
وهي تعني ان النبوة ليست جهداً ذاتياً، ونبوغاً فكرياً، وقفزة روحية لدى شخص النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، كما يتحدث بذلك الحداثيون مع الاسف، وبعضهم من أبناء الاسلام، ولكنهم تأثروا وخُدعوا بالفكر الغربي.
النظرية الدينية تقول ان الله اصطفى الانبياء فهي عملية اصطفاء وعناية خاصة من الله تبارك وتعالى. وليست مجرد نبوغٍ ذاتيٍ. وذكاء عقلي ﴿إِنَّ الله اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾(٦٤٤).
الملائكة ماذا نادت مريم?
قالت: ﴿يَا مَرْيَمُ إِنَّ الله اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ﴾(٦٤٥).
هذه هي (نظرية الاصطفاء).
نظرية الاصطفاء. تعني في مدلول اخر ان مسيرة الدين هي مسيرة ما فوق بشرية متروكة للاصطفاء الالهي، والاختيار الالهي، وليس إلى البشر.
الله تعالى وحده هو الذي يختار أن يبعث رسولاً، أو لا يبعث رسولاً، ينصر عباده أو لا ينصرهم، هناك فترة خمسمائة سنة بين رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وبين عيسى (عليه السلام)، وكذلك بين عيسى (عليه السلام) وموسى (عليه السلام) اكثر من خمسمائة سنة ايضاً، لم يبعث الله فيها رسولاً، تلك هي مشيئة الله تعالى.
العملية اذن هي عملية ما فوق بشرية، فليست نبوغاً فكرياً. ولا حركة الانبياء هي حركة عبر طاقات وخبرات سياسية.
نعم كل ذلك مطلوب، الخبرة والجهد الذاتي، والجهاد، وقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قمة في ذلك الجد والاجتهاد حتى نزل قوله تعالى: ﴿طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾(٦٤٦). هذا كله مطلوب.
النبوة هي ما فوق ذلك هي عناية الله واختياره ﴿الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾(٦٤٧) والتي سوف نتحدث بها ايضاً لدى عبارة (وخيرتك من خلقك)، النبوة اذن هي اختيار الهي، ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾(٦٤٨) ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾(٦٤٩)، ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾(٦٥٠).
لاحظوا هو اختيار ليس بإرادة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾ هذا طبعاً مطلب عظيم، نحن نعتقد فيه في الامامة ايضاً.
حبيبك:
ننتقل للفقرة الخامسة، (وحبيبك).
رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هو حبيب الله، لكنه اكثر من حبيب الله، هو حبيب الله وهو خليل الله، وهو نجي الله، وهو نجيب الله، وهو سيد رسل الله.
نحن نقرأ باقي الاوصاف في زيارته (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا خليل الله، السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا صفي الله، السلام عليك يا رحمة الله، السلام عليك يا خيرة الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا نجيب الله، السلام عليك يا خاتم النبيين، السلام عليك يا سيد المرسلين، السلام عليك يا قائما بالقسط السلام عليك يا فاتح الخير، السلام عليك يا معدن الوحي والتنزيل، السلام عليك يا مبلغا عن الله، السلام عليك أيها السراج المنير، السلام عليك يا مبشر السلام عليك يا منذر، السلام عليك يا نور الله الذي يستضاء به(٦٥١).
ايضاً في زيارةٍ اخرى للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) تقول الزيارة:
(محمدٍ عبدك ورسولك وشاهدك ونبيك وامينك ومكينك ونجيك ونجيبك وحبيبك وخليلك)(٦٥٢).
الحبيب والخليل:
هنالك كلام طويل في ان الحبيب أقرب منزلةً من الخليل، أو بالعكس، فقد كان ابراهيم (عليه السلام) خليل الرحمن، فهل هو أقرب إلى الله تعالى من نبينا (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)؟
الجواب: لا.
فان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هو حبيب الله، وهو خليله أيضاً، فهو اعظم من كل الانبياء، واذا كانت الخُّلة لإبراهيم (عليه السلام) فهي ايضاً لنبينا (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، كما نقرأ في الزيارة: (وحبيبك وخليلك وصفيك وصفوتك وخاصتك)(٦٥٣).
اذن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هو الحبيب، وهو الخليل ايضاً لله تبارك وتعالى، ولم يتقدم ابراهيم (عليه السلام) على نبينا (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في هذه الصفة، بل نبينا احتوى جميع صفات الانبياء. وما كان لديهم انما هو من نوره (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
وخيرتك من خلقك:
ننتقل للفقرة السادسة: (وخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ)، هذا هو الذي سميناه (نظرية الاصطفاء والاختيار)، النبوة هي اختيارٌ الهي، ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾(٦٥٤)، بل الدين والشريعة الالهيّة هي بالأساس اختيار الهي، ارسال الرسل اختيار الهي، كل هذا اختيار من الله تبارك وتعالى.
وَحافِظِ سِرِّكَ:
وصلنا إلى فقرة (وحافِظِ سِرِّكَ).
جملة (وحافِظِ سِرِّكَ)، ماذا تعني?
تعني ان لله تبارك وتعالى له في هذا الوجود سرٌ، وهذا السر لا يعلمه كمال المعرفة الا نبينا (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، ما هو ذلك السر?
الإمام علي (عليه السلام) يقول: (إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) التقم اُذني وعلَّمني ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، فساق الله (عزَّ وجلَّ) ذلك إليَّ على لسان نبيه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)) (٦٥٥).
هنالك سرُّ في صناعة هذا الكون (كل مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ)، هذا كله محفوظ عندهم، رغم ان قسماً من هذه الاسرار قد أذنوا بكشفها، مثل (قيام القائم)، و(قيام الدولة الاسلامية العادلة العالمية)، فهذا سرٌ لكن كشفوه بإذن من الله تعالى، كما صرّح به القران الكريم.
رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) كان يقول: (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا)(٦٥٦).
هذا سرٌّ، ولكن كشفه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، وهنالك اسرار غير مكشوفة، (علمني ما كان، وما يكون إلى يوم القيامة)(٦٥٧).
طبعاً هذا اللقب (حافِظِ سِرِّه). موجود ايضاً للائمة (عليهم السلام). كما نقرأ في زيارتهم (عليهم السلام)كما سيأتي (وَخُزَّانُ عِلمِكَ وَحَفَظَةُ سِرِّكَ وَتَراجِمَةُ وَحيِكَ)(٦٥٨).
هنالك سرٌّ في هذا الوجود نحن لا نعلمه، لماذا? والى اين? وماذا سيكون? وما هي القوانين الحاكمة في هذا الوجود?
قد نكتشف شيئا يسيراً جداً في العلوم الطبيعية، لكن هنالك سر أعظم هو الاسم الاعظم، (اللهمَّ اِنّي اَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظيمِ الاْعْظَمِ الاْعَزِّ الاْجَلِّ الاْكْرَمِ الَّذي اِذا دُعيتَ بِهِ عَلى مَغالِقِ اَبْوابِ السَّماءِ لِلْفَتْحِ بِالرَّحْمَةِ انْفَتَحَتْ، وَاِذا دُعيتَ بِهِ عَلى مَضائِقِ اَبْوابِ الاَرْضِ لِلْفَرَجِ انْفَرَجَتْ، وَاِذا دُعيتَ بِهِ عَلَى العُسْرِ لِلْيُسْرِ تَيَسَّرَتْ)(٦٥٩).
هذا السر لا يعلمه البشر، انما الانبياء يعلمون شيئاً منه، هنالك فصول وابواب في كتاب الكافي وغير كتاب الكافي، في ان الائمة (عليهم السلام) لديهم علم ما كان وما يكون(٦٦٠).
وهنالك فصل فيه ان لديهم عدداً من حروف الاسم الاعظم. ويناسب ان اقرأ لكم هنا هذه الرواية.
عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال:
(إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين ونحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا، وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)(٦٦١).
ولذا نقرأ في الدعاء:
(فَبِكُمْ يُجبَرُ المَهيض، ويُشفى المَريضُ، وما تَزْدَادُ الأرْحامُ وما تَغيض إِنِّي بِسِرِّكُمْ مُؤْمِنٌ وَلِقَوْلِكُمْ مُسَلِّمٌ وَعَلى الله بِكُمْ مُقْسِمٌ فِي رَجْعِي بِحَوائِجِي وَقَضائِها وَإِمْضائِها وَإِنْجاحِها وَإِبْراحِها وَبِشُؤُونِي لَدَيْكُمْ وَصَلاحِها)(٦٦٢).
إذن هم يعرفون سر الحياة، وقوانين هذا الكون.
ومبلِّغ رسالاتك:
ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) هو مبلّغ الرسالة الالهية.
عقيدتنا ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بلّغ الرسالة الاسلامية بتمامها، كما نقرا في الزيارة:
اشهد انك قد بلغت الرسالة واديت الامانة)(٦٦٣)، لا تقصير في ذلك ولا خطأ.
مهمتان للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
لكن الذي يجدر هنا ذكره ان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) له مهمتان:
المهمة الاولى: إبلاغ الرسالة.
المهمة الثانية: إقامة الرسالة.
الان هناك نظرية مطروحة عند الحداثيين تقول: ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ما هو الاّ واعظ، وليس هدفه اقامة الدولة الاسلامية، والحكومة الاسلامية. وانما حدث ذلك كضرورة تاريخية، والاسلام هو مجرد ارشادات ومواعظ، وهذا هو دور النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
لكن هذه فكرة مغلوطة، فكرة رسخها الغربيون، حينما عزلوا الكنيسة، وارادوا اليوم في عالمنا الاسلامي ان يعزلوا الدين عن مجريات الحكم والدولة.
في حين نحن نعتقد ان الانبياء (عليهم السلام) لديهم مهمتان: أولاً (إبلاغ الرسالة)، وثانياً (إقامة الرسالة).
لاحظوا ماذا يقول القرآن الكريم:
﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ان اقيموا الدين﴾(٦٦٤).
ما هي الوصية التي أوصى الله بها الانبياء?
﴿أَقِيمُوا الدِّينَ﴾، هذه هي الوصية الالهيّة، وليس فقط اشرحوا الدين للناس، لا بل اقيموا الدين للناس، وحكم الناس بأحكام الدين، ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ الله﴾(٦٦٥).
النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، هو الهادي، وهو الشاهد، والامام، والولي والحاكم والقائد الذي يجب طاعته.
اذن اصبح عندنا مهمتان للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) إبلاغ الرسالة، ثم إقامتها على الارض ولهذا نحن نعتقد ان صاحب العصر والزمان سوف يقيم الدولة الاسلامية العالمية الكبرى، وذاك يعني اقامة الدين، كما قال تعالى:
﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾(٦٦٦).
القرآن الكريم يقول لأهل الكتاب: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾(٦٦٧).
اذن المهم هو اقامة احكام الله، كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ الله قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾(٦٦٨). من هذه الآية يظهر بوضوح أن بعثة الانبياء إنما هي من أجل تحقيق العدالة واقامة القسط بين الناس، وقد يفرض عليهم ذلك استخدام القوة - الحديد فيه بأس شديد - كما تشير الآية - وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ - ولهذا فان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) كان قد تصدى لإقامة احكام الله، وتطبيقها على الارض، ودخل في معارك عديدة.
هذه كانت مهمة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، ولهذا يقول القرآن الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيرا وَدَاعِياً إلى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً﴾(٦٦٩)، اذن انت الداعي إلى الله، وانت الهادي، وانت المبشر، هذه كلها ابلاغ الرسالة، لكن فوق ذلك انت ايضاً الشاهد، القائد، الامام، الولي الذي يجب طاعته ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ﴾(٦٧٠) هذا هو معتقدنا.

المحاضرة الثانية والعشرون: (اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى عَليٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، ووَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، عَبْدِكَ ووَليِّكَ، واَخي رَسُولِكَ، وحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وآيَتِكَ الْكُبْرى، والنَّبأِ الْعَظيمِ)

* * *

* التوحيد والنبوة والامامة.
* الامامة في ثقافة الدعاء.
* ثمان صفات للإمام علي (عليه السلام)
* السرقات الكبرى بعد وفاة النبي
* مكتوب على باب الجنة
* الترابط بين النبوة والامامة
* ضرورة الامامة
التوحيد والنبوة والامامة:
من روائع دعاء الافتتاح انه يحصي ويستعرض كبريات المعتقد الديني التوحيد، النبوة، الامامة. وهذه حالة نادرة في الادعية.
لاحظوا عندنا ادعية مثل دعاء (ابي حمزة الثمالي)، مثل (دعاء كميل)، مثل (دعاء الامام الحسين (عليه السلام) في عرفة)، مثل (دعاء الصباح)، كلها حول محور التوحيد، والارتباط بالله تبارك وتعالى والتضرع له وطلب العفو منه.
لكن من روائع دعاء الافتتاح انه يتضمن التوحيد، واستعراض محامد الله تعالى، ثم ينتقل للنبوة (اللَّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ ورَسُولِكَ، واَمينِكَ، وصَفِيِّكَ، وحَبيبِكَ، وخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ، وحافِظِ سِرِّكَ، ومُبَلِّغِ رِسالاتِكَ)، ثم يصل للإمامة وذكر الائمة الاطهار (عليهم السلام)، (اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى عَليٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، ووَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ..)
ثم ينتقل للقائم من ال محمد (عجَّل الله فرجه)، (والْخَلَفِ الْهادي الْمَهْدِيِّ)، ثم ينتقل في الختام إلى الدعاء والتوسل لتحقيق الفرج والنصر العالمي للإسلام، ولعل هذا العرض مما ينفرد به دعاء الافتتاح.
الحقيقة ان الادعية بشكل عام هي ليست مجرد طلب حاجات من الله وتوسل اليه، ولعل اكثر الناس يتعاملون مع الدعاء على اساس انه طلب حاجة من الله.
اما في ثقافة اهل البيت (عليهم السلام)، فالدعاء هو منظومة فكرية، في الوقت الذي هو القرآن الصاعد، في الوقت الذي هو المناجاة مع الله، لكن هو منظومة فكرية تتأكد فيها العقيدة، وتلقين النفس بها.
لاحظوا مثلاً ما جاء في بعض الادعية حين يقول: (رَضيتُ بِالله رَبّا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَبِالإسْلامِ دِينا وَبِالقُرآنِ كِتابا وبِعَلِيٍّ اماماً)(٦٧١)، هذا هو تسطير لمعتقداتنا، وتلقين النفس، وتأكيدها في القلب.
هذا نمط آخر من الدعاء، هذا ليس فقط، اللهم ارزقني، وشافني، وعافني، هذا شيء اخر، هذا من روائع الادعية.
الان في دعاء الافتتاح بدأنا في الفصل الاول بمحامد الله تبارك وتعالى، والتوحيد، ثم وصلنا للفصل الثاني النبوة والامامة (اللهم صل على محمدٍ عبدك ورسولك، ثم وصل على عليٍ امير المؤمنين...)، هذا تأكيد لمعتقدنا في امامة اهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام.
ثمان صفات للإمام علي (عليه السلام):
هذا الدعاء يسجل للإمام علي (عليه السلام) مجموعة صفات، امير المؤمنين، وصي رسول رب العالمين، عبدك، وليك، اخي رسولك، حجتك على خلقك، آيتك الكبرى، والنبأ العظيم.
هذه ثمان صفات يسجلها الدعاء للإمام علي (عليه السلام). والان نمر عليها مرورا سريعا، وبحثنا هنا ليس بحثاً عقائدياً، ودرساً عقائدياً، ولكن هو مرور واستلهامات من هذا الدعاء العظيم.
أمير المؤمنين (عليه السلام):
(وَصَلِّ عَلى عَليٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ)، هذا اول وصف للإمام علي (عليه السلام)، حيث نحن الشيعة نعتقد ان هذا الوصف مما يختص به الامام علي (عليه السلام).
قيل للإمام الصادق (عليه السلام) يا ابن رسول الله نقول للإمام القائم يا امير المؤمنين?
قال: لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين (عليه السلام)، لم يسم به أحد قبله ولا يتسمى به بعده إلا كافر.
قلت جعلت فداك كيف نسلّم على الامام القائم؟
قال: تقولون: السلام عليك يا بقية الله، ثم قرأ: ﴿بَقِيَّةُ الله خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾(٦٧٢)،(٦٧٣).
اذن أمير المؤمنين هو وصفٌ للإمام علي (عليه السلام) فقط دون الائمة عليهم افضل الصلاة والسلام، هكذا اكدته الروايات كما في (كتاب الكافي)، وكما في (خصال الصدوق)، وكما في (وسائل الشيعة)، وتجده في مصادر كثيرة.
الامام علي (عليه السلام) يقول: ان رسول الله أمر أن أدعى بإِمرة المؤمنين(٦٧٤)، وكلكم تعرفون حديث الغدير(٦٧٥) حينما نصب لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) خيمة، ونصب إلى جانبها خيمة اخرى لعليٍ (عليه السلام)، وأمر المسلمين بالسلام على عليٍ (عليه السلام) بلقب السلام عليك يا امير المؤمنين.
وهنا الحديث المعروف الثابت عند السنة والشيعة، ان عمر بن الخطاب قال: بخ بخ لك يا علي، أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة.
وفي رواية: مولاي ومولى كل مؤمنة ومؤمن(٦٧٦).
وهذه منزلة الولاية لم تكن إلا لله سبحانه وتعالى، ثم جعلها الله لرسوله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ولعلي(عليه السلام) بدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾(٦٧٧).
وكان ذلك هو علي (عليه السلام) حين تصدق بالخاتم في صلاته كما حدث في القصة المعروفة(٦٧٨).
اذن هذا من اختصاصات امير المؤمنين (عليه السلام)، لكن بطبيعة الحال فان الذين غصبوا الخلافة، ومن اجل ان يعفّوا على اثار الجريمة، ولا يبقوا لها اوراق اثبات قاموا بعملية سرقة هذه الالقاب أيضاً.
سرقة لقب (امير المؤمنين)، سرقة لقب (الفاروق)، سرقة لقب (الصديق)، وكلها من اختصاصات إمامنا امير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام.
وقد جاء في الحديث الشريف عن الامام الرضا (عليه السلام) أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال لعلي (عليه السلام): (يا علي أنت الفاروق الاعظم، وانت الصديق الاكبر)(٦٧٩).
السرقات الكبرى بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
لاحظوا يا سادتي الكرام هناك ثلاث سرقات كبرى، حدثت بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، السرقة الاولى سرقة الحكم، السرقة الثانية سرقة الرسالة، السرقة الثالثة سرقة الامة(٦٨٠).
اول سرقة هي سرقة الحكم من أهله بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) مباشرة، ولكن بقي الامام علي (عليه السلام) لفترة طويلة هو الامام الديني لهم جميعاً.
حتى قال قائلهم: (لا ابقاني الله لمعضلةٍ ليس لها ابو الحسن)(٦٨١).
هذه هي السرقة الاولى، سرقة الحكم.
لكن السرقة الثانية هي سرقة الرسالة الاسلامية وتحريف الاسلام.
الامام الحسين (عليه السلام) ماذا كان يقول?
كان يقول: (أما السنّة فقد أُميتت، وأما البدعة فقد أُحييت)(٦٨٢)، هذه غير قضية الحكم، الحكم غصباً غصبوه، ثم الاسلام حرّفوه، ولم يبقَ من الاسلام شيء، لولا اهل البيت (عليهم السلام) (سفن النجاة) وبدونهم لانتهى الاسلام.
هذه هي السرقة الثانية، سرقة الرسالة الاسلامية.
وبعدها كانت السرقة الثالثة، سرقة الامة واستعبادها، الامة صاروا عبيداً يسيرهم الحكام كما شاءوا حتى لحروبٍ ضد المسلمين أنفسهم.
حتى صرنا نشهد ممالك دول الخليج في عصرنا هذا، تتحالف مع الصهيونية ضد شعوب ودول اسلامية.
نستذكر هنا استنكار زيد بن ارقم(٦٨٣)، الصحابي الكبير على ابن مرجانة لما رآه يضرب بقضيبه شفتي ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، ورأسه في طشتٍ ماذا قال?
قال زيد بن ارقم: (انتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم)(٦٨٤).
ابن زياد يحكم هذه الامة المسكينة، استعبدهم حتى وصلنا للحجاج فبايعوه على الرق والعبودية علنا.
حتى من التابعين مثل عبد الله بن عمر(٦٨٥) وامثاله طبعاً، بايعوا الحجاج على الرق والعبودية.
هذه ثلاث سرقات، كانت بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، ومن اجل خلط الاوراق يسرقون الالقاب ايضاً، وهكذا سرقوا لقب امير المؤمنين من الامام علي (عليه السلام).
حتى اني رأيت في المملكة العربية السعودية كتاباً يدرسوه في المدارس، مكتوب عليه (امير المؤمنين يزيد بن معاوية)، وهم يعلمون من هو يزيد، شارب الخمر، قاتل النفس. لاعب القردة، قاتل الحسين، هادم الكعبة، كل ذلك يعرفونه ويلقبونه بأمرة المؤمنين! ولا حول ولا قوة الا بالله..
ليتهم قالوا انه فرض نفسه بالقوة، لكن دون أن يعطوه لقب أمير المؤمنين، الا انهم يفعلون ذلك من اجل خلط الاوراق، حتى تضيع اثار الجريمة..
وعلى كل حال (امير المؤمنين) لقبٌ من اختصاصات الامام علي عليه افضل الصلاة والسلام.
وصي الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
اللقب الثاني: (وَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ) كما جاء في الدعاء:
(اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى عَليٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، ووَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ)، ايضاً البحث هنا ليس بحثاً عقائدياً، ليس هنا محل الخوض في أدلته، والروايات الدالة على امامة الامام علي (عليه السلام).
لكن هذا الدعاء يسجل هذا اللقب للإمام علي (عليه السلام) (وَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ)، ليس هو الرسول، ولا نغالي انما هو وصي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
وهنا نجد كتب الفريقين السنة والشيعة مليئة بالدليل على هذه الوصية من حديث الدار(٦٨٦). الذي ذكره كبار مؤرخي ومحدثي السنة، فضلاً عن الشيعة، إلى غيره من الاحاديث المتواترة.
حديث الدار:
عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾(٦٨٧)، دعاني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: يا علي، إن الله يأمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين.
فضقت بذلك ذرعا، وعرفت أني متى أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت عليها، حتى جاءني جبرئيل فقال لي: يا محمد إلا تفعل ما تؤمر يعذبك ربك، فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عسا من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أبلغهم ما أمرت به.
ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلا، يزيدون رجلا أو ينقصونه، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب.
فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعته، فجئتهم به، فلما وضعته، تناول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) جذبة من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصفحة، ثم قال: خذوا باسم الله، فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة، وأيم الله أن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم.
ثم قال: اسق القوم، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا جميعا، وأيم الله أن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.
فلما أراد رسول الله أن يكلمهم بدره أبو لهب فقال: سحركم صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
فقال في الغد: يا علي، إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فأعد لنا من الطعام مثل ما صنعت ثم اجمعهم، ففعلت ثم جمعت، فدعاني بالطعام فقربته، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا، ثم تكلم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: يا بني عبد المطلب، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على أمري هذا ويكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟
فأحجم القوم عنها جميعا.
فقلت وأنا أحدثهم سنا: يا نبي الله، أكون وزيرك عليه.
قال: فأخذ برقبتي، وقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا(٦٨٨).
الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) طالما كان يقول لعلي، (يا علي انت اخي، ووصي، ووارثي)، وهذا نقرؤه في دعاء الندبة، الذي يستعرض اقوال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في الامام علي (عليه السلام) قائلاً(٦٨٩):
(أَنْتَ أَخِي ووَصِيِّي ووَارِثِي، لَحْمُكَ لَحْمِي، ودَمُكَ دَمِي، وسِلْمُكَ سِلْمِي، وحَرْبُكَ حَرْبِي، والْإِيمَانُ مُخَالِطٌ لَحْمَكَ ودَمَكَ كَمَا خَالَطَ لَحْمِي ودَمِي)(٦٩٠).
حديث المنزلة(٦٩١):
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
(يا علي الا ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى? الا انه لا نبي بعدي)(٦٩٢)، وذلك حين أستخلفه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في المدينة لدى خروجه لغزوة تبوك فقال قائلهم أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قد هجر علياً، فاقبل علي (عليه السلام) إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ونقل له مقالتهم فقال: يا علي الا ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى)(٦٩٣).
اذن، الامام علي (عليه السلام) هو الوصي? بلا شك..
الان نسأل المذاهب الاخرى هل اوصى رسول الله لاحدٍ غير علي (عليه السلام)?
انهم لا يذكرون أنه اوصى لأحدٍ الا الامام علي عليه افضل الصلاة والسلام.
وليّك:
هكذا يؤكد هذا المقطع من دعاء الافتتاح على عبودية الامام علي (عليه السلام) لله أولاً، ثم الولاية لله تعالى، فالإمام علي (عليه السلام) هو عبد لله تبارك وتعالى، وهذا هو الشرف العظيم ونحن لا نغالي، ولا نكون مثل اولئك الغلاة (العلي اللاهية)، ولا مثل النصارى الذين ألهوا عيسى ابن مريم (عليه السلام)، بل الامام علي (عليه السلام) هو قبل كل شيء عبد الله تبارك وتعالى.
ما معنى ولي الله؟
لاحظوا يا سادتنا الكرام، مرة نقول علي (عليه السلام) ولي المؤمنين، يعني له الولاية على الناس، هذا شيء، لكن الدعاء يذكر شيئاً اخر، هو (ولي الله)، وليس ولىّ المؤمنين، وهناك فرق بين المعنيين.
ولي المؤمنين، يعني ولي أمرهم، وهو ما يشير اليه قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾(٦٩٤)، إلى سائر الاحاديث النبوية مثل قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (ان عليا مني وانا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي)(٦٩٥).
إلى قوله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه)(٦٩٦).
هذه هي الولاية على المؤمنين، لكن الدعاء الآن ماذا يقول?
يقول هو (ولي الله)، يعني هذا الامام علي (عليه السلام) مرة ننظر اليه من ناحية المؤمنين فهو وليهم وسيّدهم، ومرة من ناحية الله، فهو وليٌ الله وهو حبيب الله تعالى.
الان هذه القضية كيف نفهما? (عليٌ ولي الله)، هذه الصفة ليست من اختصاصات الامام علي (عليه السلام)، وان كان قد بلغ قمتها، لكن هي صفةٌ ثابتة للائمة الاطهار (عليهم السلام)، والقرآن يثبتها لجميع اوليائه تعالى فيقول: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾(٦٩٧).
ونقرأ هذه الصفة منسوبة للائمة الاطهار (عليهم السلام) في زيارتهم حين نقول: (السلام على اولياء الله واصفيائه)(٦٩٨).
ونقرأ ايضاً في زيارة الامام علي (عليه السلام): (اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ)(٦٩٩).
هذه الروايات تؤكد على ان علياً (عليه السلام) هو قمة في الايمان، وليس مجرد حاكم وخليفة وولي امر المؤمنين.
الفكر الشيعي يقول ان الولي الحاكم والخليفة يجب ان يكون ولياً لله تبارك وتعالى قبل ان يكون ولياً على المسلمين، لذا نقرأ في الزيارة:
(السلام عليك يا ولي الله، يا حبيب الله، يا صفوة الله، يا حجة الله)(٧٠٠)، وهكذا نقرأ في زيارتهم عليهم افضل الصلاة والسلام.
الان ما هو الدليل على ان الامام علياً (عليه السلام) ولي الله?
هنا الاحاديث ايضاً الثابتة في مصادر الحديث عند الفريقين السنة والشيعة، مثل كتاب (فرائد السمطين) وهو لمؤلفه الحمويني.
وكتاب (احقاق الحق)(٧٠١) لمؤلفه القاضي التستري - وله قصة عظيمة وهو شهيد قُرض بالمقاريض حينما ذهب إلى بلاد الهند وكان ينشر هناك التشيع، وشوا به إلى السلطان، ثم حكم عليه القاضي بان يقرض بالمقاريض.
هذه المصادر تذكر هذه الرواية:
ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال:
(لما اسري بي إلى السماء رأيت مكتوباً على باب الجنة، لا إله إلا الله محمد رسول الله، علي ولي الله قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بألفي عام)(٧٠٢).
ثم أن ولاية الامام علي (عليه السلام) لله تبارك وتعالى لا يشك فيها احد، فمن لا يدري ان علياً كان اكثر الناس إخلاصاً؟ أولهم ايماناً؟ أكثرهم تضحيةً؟ قالع باب خيبر(٧٠٣)، باب مدينة علم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)(٧٠٤)، حتى اولئك الذين يشكون في خلافته، فان احداً منهم لا يشك في ولايته لله تبارك وتعالى، ومع ذلك فان الادعية الشريفة تريد تأكيد ذلك في الفكر الشيعي والاسلامي بشكل عام، تريد ان تؤكد هذه المعتقدات، الوصي، العبد، الولي، امير المؤمنين.
ولاية الله:
من اين جاءت الولاية?
(عليٌ ولي الله)، والشيعة يقولون في الاذان (اشهد ان علياً ولي الله)، بالأمس ذكرنا رواية موجودة في مصادر السنة وموجودة في مصادر الشيعة ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) عندما عرج به إلى السماء رأى مكتوباً على باب الجنة (لا اله الا الله) (محمد رسول الله) (علي ولي الله)، هذه مصادر سنّية تذكر هذه الرواية مثل ابن حجر(٧٠٥) والحمويني، والطبراني(٧٠٦) والحاكم(٧٠٧) وغيرها.
انا هنا الفت نظركم إلى ان اية المرحوم السيد هادي الميلاني(٧٠٨) وهو من علماء النجف الاشرف وقد انتقل إلى مشهد المشرّفة فكان هناك مرجعاً من مراجع الدين في مشهد، وتوفي هناك ودفن في حرم الامام الرضا (عليه السلام).
له كتاب رائع اسم الكتاب (قادتنا كيف نعرفهم) وفي الجزء الثاني من هذا الكتاب يستخرج مصادر هذا الحديث من الكتب السنيّة، وليس فقط المصادر الشيعية، مصادر من امهات كتب الحديث عند اهل السنة، رضوان الله على علمائنا، وعلى اية الله السيد الميلاني اعلى لله شأنه في استعراض هذه المصادر.
اذن نحن امام حديث مرويٌ بمصادر معتبرة عند السنة، وعند الشيعة.
مكتوب على باب الجنة:
السؤال الان ما معنى مكتوب على باب الجنة? هل هذا غلو عند الشيعة؟
قلنا: هذا الحديث موجود عند الشيعة وعند السنّة.
هنالك روايات موجودة ايضاً عند الشيعة وعند السنّة تقول:
(مكتوبٌ على باب الجنة، الصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر)(٧٠٩)، رغم ان قضية الصدقة والقرض هي قضية بسيطة بالنسبة للولاية. بالنسبة إلى (لا اله الا الله)، (محمد رسول الله)، (علي ولي الله)، نعم ان يضاعف الصدقة بعشر اضعافها، والقرض يضاعفه بثمانية عشر ضعفاً كما هو ثابت في الروايات، لكن بدرجة من الاهمية والصدقية أنه مكتوب على باب الجنة، واذا كان هذا مكتوباً على باب الجنة!!
اذن لماذا نستوحش اذا كتب على باب الجنة (علي ولي الله)، الولاية أعظم من الصدقة واعظم من القرض. لكن تعال نسأل عن معنى ذلك.
نحن الان لا نستطيع ان ندخل في عمق المعنى، ونفلسف هذا الموضوع، لكن بالتأكيد، الفكر الديني ماذا يقول?
الفكر الديني يقول:
اولاً: ان الجنة قائمة بالفعل، ولهذا فان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) حين عرج به إلى السماء رأى الجنة وما فيها، ورأى النار وما فيها.
اذن الجنة قائمةٌ بالفعل.
ثانيا: الجنة لها أبواب، والقرآن الكريم ايضاً يقول ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إلى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾(٧١٠) لا توجد مشكلة اذن.
كتابات على ابواب الجنة، وأسماء لأبواب الجنان، هذه احاديث متفق عليها عند السنة والشيعة ان للجنة باب يقال له المعروف(٧١١)، لا يدخله الا اهل المعروف، وباب اخر اسمه الريان(٧١٢) وهكذا.
اذن هذه أبواب، وهذه أسماء وباب الجنة مكتوب عليه الصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر.
كما نجد مكتوباً على ساق العرش، كما الرواية التي يرويها مصادر اهل السنة مثل الحمويني، تقول:
(مكتوبٌ على ساق العرش، الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة)(٧١٣)، ماذا يعني ذلك?
هل يعني القدرة? يعني مكتوب في عالم القدرة الالهيّة، ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾(٧١٤) يعني استوى على النظام الكوني، في هذا النظام الكوني مكتوب (الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة)، وهكذا الجنة مكتوب على بابها (علي ولي الله).
ان الجنة التي هي انعكاس لعالم الدنيا، والدنيا والآخرة وجهان لحقيقة واحدة، كما الولاية في الدنيا لها آثار تكوينية، الولاية هناك أيضا على باب الجنة مكتوبٌ (ليس بالضرورة ان يكون بمعنى الكتابة بالقلم كما نفعله في الدنيا، بل ربما بمعانٍ اخرى مثل كتب عليكم الصيام)، بمعنى أن هذا حق مفروض في عالم السماء.
عليٌ ولي الله.
الافضل. ان لا ندخل في فلسفة هذا الامر، فهو أمر لا نعلمه، لكن في الصحيح من الروايات ان باب الجنة مكتوب عليه لا اله الا الله،، محمد رسول الله، عليٌ ولي الله.
دعوني انقلكم إلى حديث سبق ان اشرت اليه، فالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، في النشأة الاولى، والحقيقة المحمدية كان نوراً قبل ان يخلق الله ادم، ومن ذاك النور انبعث كل الوجود الكوني، هذه ايضاً روايات مسلَّمة، نحن حقاً لا ندرك معناها، نحن اقل من ان ندرك ذلك، بل نحن لا ندرك ما هو المعراج؟ كيف عرج بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)؟ هذه امور لا ندرك عمقها، لكن نحن نصدق بها.
كما نعتقد ان الحقيقة المحمدية هي نور في عالم النشأة الاولى نعتقد ان علياً (عليه السلام)، (الحقيقة العلوية) هي نورٌ ايضاً في عالم ما قبل هذا الكون، ورسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، وعلي (عليه السلام) نورٌ واحد.
وهنا روايات عديدة حول هذا الموضوع في شخصية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والامام علي(عليه السلام)، انا اقرأ لكم واحدة من هذه الروايات في اصول الكافي للشيخ الكليني التي هي عن الامام الصادق (عليه السلام) قال:
(إن الله كان إذ لا كان فخلق الكان والمكان وخلق نور الأنوار الذي نورت منه الأنوار وأجرى فيه من نوره الذي نورت منه الأنوار وهو النور الذي خلق منه محمدا وعليا. فلم يزالا نورين أولين، إذ لا شيء كون قبلهما، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهرين في الأصلاب الطاهرة، حتى افترقا في أطهر طاهرين في عبد الله وأبي طالب (عليهم السلام))(٧١٥).
هذه الحقيقة المحمدية والعلوية في النشأة الاولى ما قبل هذه الدنيا. (فلم يزالا نورين اولين اذ لا شيء كون قبلهما، فلم يزالا يجريان طاهرين م في الاصلاب الطاهرة حتى افترقا في اطهر طاهرين في عبد الله وابي طالب)(٧١٦).
وايضاً الرواية الاخرى التي قرأنا لكم مطلعاً منها في (المحاضرة العشرين) ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) لمّا عرج به إلى السماء قال فيما قال:
(حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله من علو ملكه فنوديت: يا محمد، فقلت: لبيك ربي وسعديك تباركت وتعاليت.
فنوديت: يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلي فتوكل، فإنك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجتي في بريتي، لك ولمن اتبعك خلقت جنتي، ولمن خالفك خلقت ناري، ولأوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتهم أوجبت ثوابي.
فقلت: يا رب ومن أوصيائي؟
فنوديت: يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي.
فنظرت وأنا بين يدي ربي جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نورا في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصي من أوصيائي، أولهم علي بن أبي طالب، وآخرهم مهدي أمتي.
فقلت: يا رب هؤلاء أوصيائي من بعدي؟
فنوديت: يا محمد هؤلاء أوليائي وأوصيائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك.
وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني ولأعلين بهم كلمتي ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي، ولأمكننه مشارق الأرض ومغاربها، ولاسخرن لهالرياح ولأذللن له السحاب الصعاب، ولأرقينه في الأسباب ولأنصرنه بجندي ولأمدنه بملائكتي حتى تعلو دعوتي وتجمع الخلق على توحيدي، ثم لأديمن ملكه ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة)(٧١٧).
اذن اليوم حينما نقرأ في الدعاء، وليك واخي رسولك، الولي هذه الولاية الثابتة منذ خلق الله الخلق وقبل ان يخلقهم
الترابط بين النبوة والامامة:
الامام الخميني (قدس الله سره الشريف) تبعاً لعرفاء الإسلام يعتقدون ان هناك ترابطاً وتكاملاً وتزاوجاً بين النبوة والامامة، بين الخلافة والولاية. الولاية هي باطن النبوة. الولاية هي عمق النبوة. كما في كتابه مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية.
يقول (قدس سره): (الولاية باطن الخلافة والولاية المطلقة الكلية باطن الخلافة الكذائية)(٧١٨).
ويقول قبل ذلك:
(وبما علمناك من البيان وآتيناك من التبيان يمكن لك فهم قول مولى الموحدين وقدوة العارفين أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى اله اجمعين (كنت مع الانبياء باطناً ومع رسول الله ظاهراً، فانه صلوات الله عليه صاحب الولاية المطلقة الكليّة)(٧١٩).
حجة الله:
وصلنا إلى قوله: (وحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ)، الامام علي (عليه السلام) هو حجة الله على الخلق، وكل الائمة (عليهم السلام) هم حجج الله على خلقه.
ولهذا نقرأ في نفس دعاء الافتتاح بعد ما نصل لذكر الائمة (عليهم السلام)، (حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ، واُمَنائِكَ في بِلادِكَ).
مصادر السنّة تذكر ان علياً (عليه السلام) هو الحجة على العباد، ومصادر الشيعة ايضا تذكر ان علياً (عليه السلام) هو الحجة على العباد، رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، في مصادر اهل السنّة يقول: (انا وهذا - علي - حجة الله على أمتي يوم القيامة)(٧٢٠).
الحجة يعني ماذا?
يعني الدليل، يعني ما يحتج به الخصم على الخصم، الله يحاج الناس يوم القيامة، يحاجهم بعليٍ (عليه السلام)، اذا مات رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، اذا فقد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، اذا حرّف القرآن، اذا منعوا من تدوين السنّة، اذ كذبوا على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) لكن يبقى علي هو الحجة، علي وذرية علي الائمة الاطهار (عليهم السلام) (حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ، واُمَنائِكَ في بِلادِكَ).
الان قد يقول قائل لماذا لا يكون القرآن هو الحجة?
نعم، القرآن هو الحجة ايضاً، رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، كان يقول: (اني تاركٌ فيكم الثقلين. كتاب الله وعترتي لن يفترقا حتى يردا على الحوض(٧٢١)، ولكن القرآن وحده قابل لتحريف معانيه. القرآن نفسه يقول: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ﴾(٧٢٢]‏.
اذن، هذا القرآن فيه مجمل، وفيه واضح ماذا نعمل? وأين الحجة?
يحتاج إلى بيان، ذلك البيان هو الامام المعصوم (عليه السلام)، (لن يفترقا)، (حبلٌ ممدود من السماء إلى الارض).
وعلى هذا الاساس رواياتنا كما في اصول الكافي تقول انه لابد من حجةٍ على الارض، والقرآن وحده لا يكفي بدليل ان هذا القرآن موجود بين المسلمين واختلفوا فيه.
اذن القرآن بحاجة إلى بيان معانيه وتعريف مقاصده، (لن تضلوا بعدي ابدا)(٧٢٣)، متى يكون ذلك? اذا تمسكتم بالقرآن والعترة.
اذن الاحاديث تقول - كما في اصول الكافي، باب الاضطرار إلى الحجة - (ان الارض لا تخلو من حجة)(٧٢٤).
الامام الصادق (عليه السلام) يقول: (إن الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام، كيما إن زاد المؤمنون شيئا ردهم، وإن نقصوا شيئا أتمه لهم)(٧٢٥).
ولهذا نحن نعتقد، ان الاسلام محفوظ ببركة القرآن، واهل البيت (عليهم السلام)، وامامنا صاحب العصر ارواحنا لمقدمه الفداء، حيٌ، ناظر، وشاهد، وحجة على الخلق. (مازالت الارض الا ولله فيها حجة، ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل)(٧٢٦).
ضرورة الامامة:
هشام ابن الحكم(٧٢٧) المتكلم العبقري تلميذ الامام الصادق (عليه السلام) يقول:
(ودخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة وإذا انا بعمرو بن عبيد امام المعتزلة، وعليه شملة سوداء متزر بها من صوف وشملة مرتد بها، والناس يسألونه، فاستفرجت الناس، فأفرجوا لي، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت: أيها العالم أنا رجل غريب تأذن لي فأسألك عن مسألة؟
فقال نعم.
قلت له: أولك عين يا بنى؟
أي شيء هذا من السؤال، وشيء تراه كيف تسأل عنه.
فقلت: هكذا مسألتي.
فقال: يا بنى سل وإن كانت مسألتك حمقاء.
قلت: أجبني فيها.
قال: فقال لي سل.
قال: قلت ألك عين؟
قال: نعم.
قال: قلت فما ترى بها؟
قال أرى بها الألوان والاشخاص.
قال: قلت فلك أنف؟
قال نعم.
قلت فما تصنع به؟
قال: أشم به الرائحة.
قال: قلت ألك فم؟
قال: نعم.
قال: قلت فما تصنع به؟
قال: أعرف به المطاعم على اختلافها.
قال: قلت ألك لسان؟
قال: نعم
قلت: فما تصنع به؟
قال أتكلم به.
قال: قلت ألك اذن؟
قال نعم.
قال: قلت فما تصنع بها؟
قال: اسمع بها الأصوات.
قال: قلت ألك يدان؟
قال: نعم.
قال: قلت فما تصنع بهما؟
قال: أبطش بهما، واعرف بهما اللين من الخشن.
قال: قلت ألك رجلان؟
قال: نعم.
قال: قلت فما تصنع بهما؟
قال: انتقل بهما من مكان إلى مكان.
قال: قلت ألك قلب؟
قال: نعم.
قال: قلت فما تصنع به؟
قال: أميز به كلما ورد على هذه الجوارح.
قال: قلت أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟
قال: لا.
قلت: وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة.
قال: يا بنى إن الجوارح إذا شكت في شيء شمته، أو رأته، أو ذاقته، أو سمعته، ردته إلى القلب، فيستيقن اليقين ويبطل الشك.
قال: قلت فإنما أقام الله القلب لشك الجوارح.
قال نعم.
قال: قلت فلا بد من القلب، وإلا لم تستيقن الجوارح.
قال: نعم.
قال: قلت له يا أبا مروان ان الله لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح، وتتيقن به ما شككت فيه، ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم، ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك.
قال: فسكت، ولم يقل لي شيئا.
قال ثم التفت إلي فقال: أنت هشام؟
فقلت: لا
فقال لي: بالله ألست هو؟
فقلت: لا
فقال: أمن جلسائه.
قلت: لا.
قال: فمن أين أنت؟
قلت: من أهل الكوفة.
قال: فإذا أنت هو.
قال: ثم ضمني إليه، واقعدني في مجلسه، وزال عن مجلسه، وما نطق حتى قمت. فضحك أبو عبد الله (عليه السلام) ثم قال: يا هشام من علمك هذا؟
قال: فقلت يا بن رسول الله جرى على لساني.
قال يا هشام هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى)(٧٢٨).
هذا هو الاستدلال العلمي على ضرورة الامامة.
وقد جاء عن الامام الرضا (عليه السلام): قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) لعلي (عليه السلام): يا علي أنت حجة الله، وأنت باب الله، وأنت الطريق إلى الله، وأنت النبأ العظيم، وأنت الصراط المستقيم، وأنت المثل الاعلى، يا علي أنت امام المسلمين، وأمير المؤمنين، وخير الوصيين، وسيد الصديقين، يا علي أنت الفاروق الأعظم، وأنت الصديق الأكبر، يا علي أنت خليفتي على أمتي، وأنت قاضي ديني، وأنت منجز عداتي، يا علي أنت المظلوم بعدي، يا علي أنت المفارق بعدي، يا علي أنت المحجور بعدي، اشهد الله تعالى ومن حضر من أمتي أن حزبك حزبي وحزبي حزب الله وان حزب أعدائك حزب الشيطان)(٧٢٩).
وَ آيَتِكَ الْكُبْرى، والنَّبأِ الْعَظيمِ:
آيتك الكبرى. نعم هو الآية الكبرى.
قد تقول. الائمة (عليهم السلام) ايضاً هم آيات الله.
نعم، مظاهر الكون كلها آيات ايضاً، نعم، ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ﴾(٧٣٠)، وشخص عليٍ (عليه السلام) آية كبرى، والانبياء كلهم آية كبرى.
معنى الآية:
الآية هي العلامة الدالة، والامام علي (عليه السلام) هو من اكبر العلامات الدالة على الله تعالى.
وحينما جعله رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) (قسيم الجنة والنار) (٧٣١)، وحين قال فيه: (يا علي لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق)(٧٣٢)، وحينما قال فيه: (علي مع الحق والحق مع علي)(٧٣٣).
اذن فقد اضحى الامام علي (عليه السلام) هو اكبر آية في الدلالة على طريق الحق والهدى، وبحبه يعرف المؤمنون، وببغضه يعرف المنافقون.
النبأ العظيم:
نصل للفقرة الاخيرة في هذا المقطع من الدعاء، (وآيَتِكَ الْكُبْرى، والنَّبأِ الْعَظيمِ).
هنا عندنا روايات عديدة تقول في تفسير قوله تعالى: ﴿عَمَّ يَتَسَاءلُون * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾(٧٣٤)، الامام علي (عليه السلام) يقول انا النبأ العظيم(٧٣٥).
ففي الرواية عن علقمة قال: خرج يوم صفين رجل من عسكر الشام وعليه سلاح وفوقه مصحف وهو يقرأ ﴿عَمَّ يَتَسَاءلُون * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾، فأردت البراز إليه.
فقال علي (عليه السلام): مكانك، وخرج بنفسه، فقال له: أتعرف ﴿النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾؟(٧٣٦)
قال: لا.
فقال (عليه السلام): أنا والله النبأ العظيم الذي فيه اختلفتم، وعلى ولايتي تنازعتم، وعن ولايتي رجعتم بعد ما قبلتم، وببغيكم هلكتم بعد ما بسيفي نجوتم، ويوم الغدير قد علمتم، ويوم القيامة تعلمون ما عملتم، ثم علا بسيفه فرمى برأسه ويده)(٧٣٧).
الامام الباقر (عليه السلام) لما سئل عن هذه الآية، قال: هو علي لان رسول الله ليس فيه خلاف(٧٣٨).
وتستمر الروايات العديدة عن الاصبغ ابن نباتة أن علياً (عليه السلام) قال: (انا النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون)(٧٣٩)، وهذه روايات مروية من طرق العامة والخاصة.

المحاضرة الثالثة والعشرون: (اللهم وصَلِّ عَلَى الصِّدّيقَةِ الطّاهِرَةِ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَيِ الرَّحْمَةِ واِمامَيِ الْهُدى، الْحَسَنِ والْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ اَهْلِ الْجَّنَةِ، وصَلِّ عَلى اَئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ، عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، ومُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد، ومُوسَى بْنِ جَعْفَر، وعَلِيِّ بْنِ مُوسى، ومُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد، والْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، والْخَلَفِ الْهادي الْمَهْدِيِّ)
* * *

* الصديقة الطاهرة (عليها السلام).
* سيدا شباب اهل الجنة (عليهما السلام).
* الائمة الاطهار (عليهم السلام).
* الولاية شرط قبول الاعمال.
* ثواب الموالاة.
الصديقة الطاهرة (عليها السلام):
المحدّثون من اهل السنّة والشيعة يذكرون ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) مراراً قال: (فاطمة ابنتي سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين)(٧٤٠).
وقال: (لو لم يخلق الله علياً لم يكن لفاطمة كفؤٌ)(٧٤١)، او (كفؤٌ من آدم فما دونه)، هذه منزلة الزهراء (عليها السلام)، ولهذا فان الدعاء يؤكد على شخصيتها.
قال الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): (نحن حجج الله على خلقه وجدتنا فاطمة حجة علينا)(٧٤٢).
سيدا شباب اهل الجنة:
(وَصَلِّ عَلى سِبْطَيِ الرَّحْمَةِ واِمامَيِ الْهُدى، الْحَسَنِ والْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ اَهْلِ الْجَّنَةِ)
(وصَلِّ عَلى اَئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ، عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، ومُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد، ومُوسَى بْنِ جَعْفَر، وعَلِيِّ بْنِ مُوسى، ومُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد، والْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، والْخَلَفِ الْهادي الْمَهْدِيِّ).
هذه هي القضية التي افترق عندها المسلمون بين طائفة تسمى الشيعة وطائفة تسمى أهل السنة، الاختلاف وقع في من هم الائمة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)؟ ولمن الخلافة بعده؟
رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بعد الوصية لعلي (عليه السلام)، وبعد التثقيف العام على منزلة اهل البيت (عليهم السلام)، حين قال: (اني تارك فيكم الثقلين)، و(مثل اهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح)، كان يقول مقولة متفقاً عليها لدى السنة والشيعة، وهي (الائمة من بعدي اثنا عشر)(٧٤٣)، كلهم من قريش.
من هؤلاء؟
يقول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): من ولدي آخرهم المهدي. اذن اين هؤلاء الاثني عشر؟
يطلق على الشيعة أنهم (الامامية الاثنا عشرية)، وهذا تبعاً لنص رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) الذي عجز الاخرون عن كشفه، واما لدى الشيعة فالأمر واضح عندهم وهم هؤلاء الائمة الاثنا عشر من آل بيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، واسماؤهم مكتوبة في عالم السماء، وقد ذكرنا في الرواية عندما عرج الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) رآها مكتوبة على ساق العرش، فالقضية واضحة وجليّه عندنا في شخصية الائمة الاطهار الاثنا عشر (عليهم السلام)، وآخرهم المهدي (عجَّل الله فرجه).
دعاء الافتتاح هنا يثقفنا على ان امامة المسلمين لهؤلاء الائمة الاطهار، والصلاة عليهم شرط في صحة الاعمال، فلا تصح صلاة العبد الا اذا قال في التشهد (اللهم صل على محمد وال محمد)، ابداً لا ينازع في ذلك احد.
اذن حينما نقول (وصَلِّ عَلى اَئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ) هو التزام بمقالة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (لاتصلوا عليَّ الصلاة البتراء(٧٤٤).
قالوا كيف نصلي عليك؟
قال: قولوا اللهم صل على محمد وال محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
اذن هذا هو تأكيد لاعتقادنا بالولاية، كما ورد في روايات كثيرة متواترة ان جميع الاعمال لا تقبل الا بولايتهم عليهم افضل الصلاة والسلام.
كما ان جميع الاعمال لا تقبل الا بالإيمان بنبوة نبينا (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، كذلك لا تقبل الاعمال الا بولاية اهل البيت (عليهم السلام).
وفي كتاب وسائل الشيعة في الجزء الاول الباب التاسع والعشرون، يذكر روايات عديدة صحيحة السند في بطلان العبادة بدون ولاية الائمة الاطهار (عليهم السلام)، واعتقاد امامتهم(٧٤٥).
وهناك رواية يرويها الامام زين العابدين (عليه السلام) والامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) بعدة اسانيد صحيحة تقول:
(كل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير والله شانئ لأعماله)(٧٤٦).
ورواية اخرى يقول بها أهل السنّة ايضا: (من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية)(٧٤٧).
إمام المسلمين هو الامام المعيّن من الله تبارك وتعالى، وليس شارب الخمر والفاسق والفاجر مثل يزيد بن معاوية وائمة الجور، مثل هارون الرشيد، المنصور العباسي، المتوكل، وما شاكل ذلك.
هؤلاء ائمة جور وليسوا ائمة من الله، والروايات المتواترة تقول:
(أما لو أن رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله (عزَّ وجلَّ) حق في ثوابه ولا كان من أهل الايمان.
ثم قال: أولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضل رحمته)(٧٤٨).
رواية اخرى ثابتة في الفكر الديني تقول:
عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال:
(والله لو أن إبليس سجد لله بعد المعصية والتكبر عمر الدنيا ما نفعه ذلك، ولا قبله الله (عزَّ وجلَّ) منه ما لم يسجد لآدم كما أمره الله أن يسجد له)(٧٤٩).
لأن الله كلفنا ان ندخل البيوت من ابوابها، من باب الائمة الاطهار (عليهم السلام)، وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (انا مدينة العلم وعلي بابها)(٧٥٠).
ثواب الموالاة:
جاء شخص للإمام الجواد (عليه السلام) فقال له: ما لمواليكم في موالاتكم؟
فقال (عليه السلام): إن أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) كان عنده غلام يمسك بغلته إذا هو دخل المسجد فبينما هو جالس ومعه بغلة إذ أقبلت رفقة من خراسان، فقال له رجل من الرفقة: هل لك يا غلام أن تسأله أن يجعلني مكانك، وأكون له مملوكا، وأجعل لك مالي كله؟ فإني كثير المال من جميع الصنوف، اذهب فاقبضه، وأنا أقيم معه مكانك.
فقال: أسأله ذلك.
فدخل على الامام الصادق (عليه السلام) فقال: جعلت فداك تعرف خدمتي، وطول صحبتي، فإن ساق الله إلي خيرا تمنعنيه؟
قال: أعطيك من عندي، وأمنعك من غيري!
فحكى له قول الرجل.
فقال: إن زهدت في خدمتنا، ورغب الرجل فينا قبلناه، وأرسلناك.
فلما ولى عنه دعاه، فقال له: أنصحك لطول الصحبة، ولك الخيار، إذا كان يوم القيامة كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) متعلقا بنور الله، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) متعلقا بنور رسول الله، وكان الأئمة متعلقين بأمير المؤمنين، وكان شيعتنا متعلقين بنا يدخلون مدخلنا، ويردون موردنا.
فقال له الغلام: بل أقيم في خدمتك وأؤثر الآخرة على الدنيا.
فخرج الغلام إلى الرجل، فقال له الرجل: خرجت إليّ بغير الوجه الذي دخلت به! فحكى له قوله (عليه السلام)، وأدخله على الامام الصادق (عليه السلام)، فقبل ولاءه، وأمر للغلام بألف دينار، ثم قام إليه فودّعه، وسأله أن يدعو له، ففعل)(٧٥١).
اعرفوا يا شيعة اهل البيت ان موالاتكم لائمتكم (عليهم السلام) يعادل الدنيا وما فيها، كما قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (يا علي أنت وشيعتك هم الفائزون)(٧٥٢).

الفصل الثالث

المحاضرة الرابعة والعشرون: (اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى وَلِيِّ اَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ، والْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ، وحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، واَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يا رَبَّ الْعالَمينَ)

* الدعاء لصاحب العصر (عجَّل الله فرجه).
* خصائص صاحب العصر (عجَّل الله فرجه).
* قصة (سيد العالم).
* هل يمكن اللقاء بصاحب العصر (عجَّل الله فرجه).
* عوامل النصر.
* ما معنى (روحُ القُدُس).
الدعاء لصاحب العصر (عليه السلام):
في هذا المقطع نكون قد دخلنا في الفصل الثالث من دعاء الافتتاح، وهو الفصل الاخير الخاص بالدعاء لصاحب العصر (عليه السلام).
الفصل الاول كان عبارة عن استعراض محامد الله، وذلك من آداب الدعاء.
الفصل الثاني الصلاة على النبي واله، وذلك من آداب الدعاء أيضاً، وقد استعرض هذا الفصل أسماء الائمة (عليهم السلام) واحداً بعد واحداً وحتى انتهى إلى الامام المنتظر (عجَّل الله فرجه) (الْخَلَفِ الْهادي الْمَهْدِيِّ) ثم يبدأ بالدعاء الخاص للإمام المنتظر (عجَّل الله فرجه).
ما هو الدعاء، ما هو السؤال? ماذا نريد من الله تبارك وتعالى؟
هذا هو ما يذكره الفصل الثالث، بالحقيقة فان جوهر السؤال في دعاء الافتتاح، هذا هو الفصل الثالث، الذي يتمحور حول قضية الامام المهدي (عجَّل الله فرجه)، ومستقبل البشرية، وانتظارنا لطلعته الرشيدة.
الحقيقة يستحب الدعاء لصاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه)، هكذا دائماً نقرأ كما يرويه الشيخ الكليني في الكافي، وكما يرويه الشيخ الطوسي في التهذيب(٧٥٣)، الدعاء المعروف عندكم وبخاصة في ليالي القدر من شهر رمضان.
(اللهمَّ كُنْ لِّوَلِيِّكَ اَلحُجَّة بنِ اَلحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وعَلى آبائِهِ في هذِهِ اَلسّاعِةِ وَفي كُلِّ ساعَةٍ وَلِيّاً وحَافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيناً حَتّى تُسكِنَهُ أرضَك طَوعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً)(٧٥٤).
وهكذا نقرأ في الادعية النهارية الصباحية:
(اللهم بلغ مولاي صاحب الزمان صلوات الله عليه عن جميع المؤمنين والمؤمنات، في مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها وسهلها وجبلها، حيهم وميتهم، وعن والدي وولدي، وعني، من الصلوات والتحيات زنة عرش الله، ومداد كلماته، ومنتهى رضاه، وعدد ما أحصاه كتابه، وأحاط به علمه به، اللهم أجدد له في هذا اليوم وفي كل يوم، عهدا وعقدا وبيعة له في رقبتي)(٧٥٥).
لاحظوا التركيز في ربطنا بصاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه)، والدعاء له، ماذا يعني ذلك?
هذه ثقافة عليا تقول: ايها المؤمنون، لا يكن همّكم فقط حوائجكم الشخصية، صحيح عندنا حوائج شخصية نريدها من الله، ولكننا غافلون عن انه يجب توجيه النظر وتعلق القلب بالحاجات الكبرى التي تخص الاسلام والمسلمين وليس مصالحنا الشخصية فقط.
ولهذا تلاحظون ادعية شهر رمضان بالخصوص. فيها مثل هذه الاطلالة على الهموم الكبرى، ليس انت لنفسك، وانما تقول:
(اللهم أدخل على أهل القبور السرور، اللهم أغن كل فقير، اللهم أشبع كل جائع، اللهم اكس كل عريان، اللهم اقض دين كل مدين، اللهم فرج عن كل مكروب، اللهم رد كل غريب، اللهم فك كل أسير، اللهم أصلح كل فاسد من أمور المسلمين، اللهم اشف كل مريض، اللهم سد فقرنا بغناك، اللهم غير سوء حالنا بحسن حالك، اللهم اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر، إنك على كل شيء قدير)(٧٥٦).
وكذلك دعاء (اللهمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنينَ والْمُؤْمِناتِ الاْحياءِ مِنْهُمْ والاْمواِت، وتابِعْ بَيْنَنا وبَيْنَهُمْ بِالْخَيْراتِ)(٧٥٧)، الوارد في دعاء أبي حمزة الثمالي.
ان يحمل الانسان المؤمن هموم العالم الاسلامي، ولهذا فان دعاء الافتتاح مركز بالخصوص لصاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) وللفرج به عن المسلمين (اللَّهمَّ اِنّا نَشْكُو اِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا، وطموحاتنا هي اللَّهمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الاِسْلامَ واَهْلَهُ، وتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ واَهْلَهُ، وتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ، والْقادَةِ إلى سَبيلِكَ، وتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا والاْخِرَةِ).
في هذا المقطع الاول من الفصل الثالث من الدعاء، هكذا يقول: (اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى وَلِيِّ اَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ، والْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ، وحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، واَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يا رَبَّ الْعالَمينَ)، يبدأ بعرض صفات وخصائص صاحب العصر والزمان.
خصائص صاحب العصر (عجَّل الله فرجه):
وَصَلِّ عَلى وَلِيِّ اَمْرِكَ هذا اولاً، القائم ثانياً، الْمُؤَمَّلِ ثالثاً، والْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ رابعاً، وحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ خامساً، واَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يا رَبَّ الْعالَمينَ سادساً.
هذه ستة محاور في هذا المقطع من الدعاء.
وَصَلِّ عَلى وَلِيِّ اَمْرِكَ:
وَلِيِّ اَمْرِكَ ما معناه?
هناك ولايتان، ولاية أمر المسلمين والتي يقول فيها القرآن: ﴿وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾‏(٧٥٨).
هنا الاسلام يمتاز بنظرية ولاية الامر، ان الانبياء والائمة (عليهم السلام) لهم ولاية على الامة، هذه النظرية غير موجودة في العالم الغربي والنظرية العلمانية.
النظرية الاسلامية هي (نظرية ولاية الامر)، ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾‏(٧٥٩) هذه ولاية الامر، هذه ولاية امور المسلمين?
لكن الدعاء ماذا يقول?
الدعاء يقول: (اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى وَلِيِّ اَمْرِكَ)، (ولي امر الله)، وليس ولي أمر المسلمين وانما ولي أمر الله، فان الله تعالى له أوامر، وله نواهي وله تقادير للكون، والولي عليها المتكفل بها من هو?
هم الانبياء والائمة وامامنا صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه)، لذا يقول الدعاء: (اللَّهمَّ وصَلِّ عَلى وَلِيِّ اَمْرِكَ).
في اعتقادنا نحن شيعة اهل البيت ان الائمة (عليهم السلام) هم ولاة أمر الله، كما هم ولاة أمور المسلمين.
نقرأ في دعاء النصف من شعبان في زيارة الامام صاحب العصر والزمان (عليه السلام): (اللهم اسألك بحق هذه الليلة ومولودها)، إلى ان يقول (وَوُلاةُ الاَمْرِ، وَالْمُنَزَّلُ عَلَيْهِمْ ما يَتَنَزَّلُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ)، ثم يقول (تَراجِمَةَ وَحْيِهِ، وَوُلاةُ اَمْرِهِ وَنَهْيِهِ)(٧٦٠).
اذن الائمة (عليهم السلام) ماذا اصبحوا? صاروا ولاة أمر الله، وهي غير ولاية امر المسلمين، الولي على الاوامر والنواهي الالهية المنصوب عليها من قبل الله تعالى من هو?
هم الائمة عليهم افضل الصلاة والسلام، فإمامنا صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) هو ولي امر الله، كما هو ولي امر المسلمين أيضاً، (وَلِيِّ اَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ، والْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ).
القائم المؤمل:
القائم المؤمل،. ماذا يعني?
القائم له معنييان في الاصطلاح اللغوي
القائم بمعنى الثائر، لذا يقال فقهياً هل يجوز القيام على الحاكم الجائر؟
القيام بمعنى الثورة، ونحن نقول (حتى قيام القائم)، يعني الناهض الثائر لدين الله تبارك وتعالى، هذا هو التفسير الاول.
التفسير الثاني القائم بأمر الله، يعني المطبق المنفّذ لشرع الله تعالى، كما نقول فلان هو القيّم على اليتامى، أو القيّم على الوقف، أو القيّم على المزار وهكذا? قيّم يعني القائم على هذا الآمر والمشرف عليه والمدافع عنه..
امامنا صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه)، هو القيّم على شريعة الله وعلى المسلمين، القيم على امر الله هو صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه). وهذه صفة ايضاً للائمة كلهم ليس فقط لإمامنا صاحب الزمان. ولهذا نقرأ في زيارة الجامعة: (الْقَوَّامُونَ بِأَمْرِهِ الْعَامِلُونَ بِإِرَادَتِهِ)(٧٦١).
اذن الائمة (عليهم السلام) كلهم وصاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) خاتمهم هو (القائم) (المؤمل) على شريعة الله وعلى عباد الله.
ما معنى الْمُؤَمَّلِ؟
(الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ، والْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ)، أهمية الامل، أهمية الانتظار.
 انظروا يا سادتنا لولا قضية الامام المهدي (عليه السلام) لمات الحراك الاسلامي ابداً، لولا ان المسلمين الشيعة والسنة كلهم يعتقدون بقضية قيام الامام المهدي (عليه السلام)، وحكومة الارض عدلاً وقسطا. وهذه قضية موجودة في مخيال المسلمين جميعاً.
ولهذا كل الحراك من اجل الوصول إلى ذلك اليوم، صدقوني لولا هذا الامل بان الدين سوف ينتصر ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾‏(٧٦٢)، ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾(٧٦٣)، لولا هذه الثقافة، ثقافة الامام المنتظر(عجَّل الله فرجه) لألقى المسلمون السلاح على الارض، وتحولوا إلى كميات لا حراك فيها لماذا نتحرك?
اذا لم يكن امل بالانتصار، اذن فليبق الحكم الاموي، والمرواني، والعباسي، ظالم بعد ظالم، ولا امل في نصرة الدين.
بينما نحن ببركة ثقافة الامام المهدي (عليه السلام) والقضية المهدوية، اليوم كل العالم الاسلامي ينتظر الطلعة الرشيدة، الشيعة يؤمنون بانه هو الامام الحجة (عليه السلام) ابن الحسن العسكري (عليه السلام)، وأمّا أهل السنّة فبعضهم يرى ما يراه الشيعة، وبعضهم يرى أن المهدي (عليه السلام) شخصية غير محددة، ومهما يكن فان النتيجة واحدة، وهي الامل والثقة بالنصر الموعود..
(ابن خلدون)(٧٦٤) يسمي الامام المهدي (عليه السلام) بالفاطمي وذلك في الفصل (الثاني والخمسون) من كتابه (مقدمة ابن خلدون) تحت عنوان (في امر الفاطمي)، هو يؤكد انه ابن فاطمة الزهراء (عليها السلام).
ان القضية المهدوية كانت مرافقة لحركة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، فقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وهو في عمق الحراك والمعارك وتأسيس الدولة، لكن كان يرسم افقاً بعيد المدى يعطيه للمسلمين، يقول: (لا تقوم الساعة ايها المسلمون،، حتى يخرج رجلٌ من ولد يواطئ اسمه اسمي يملأ الارض قسطاً وعدلا، بعد ما ملئت ظلماً وجورا)(٧٦٥).
حتى يشحننا شحنة قوية بالأمل، والانتظار يقول: (لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله (عزَّ وجلَّ) ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلاً من ولدي اسمه يواطئ اسمي يملأ الارض قسطاً، بعد ما ملئت ظلماً وجورا)(٧٦٦).
هكذا الامام الحسين (عليه السلام) في عاشوراء حيث اصطفاف الجيوش والعساكر، نعم وهنا النساء المرعوبة، وهنا الجيوش المجحفلة، لكن الامام (عليه السلام) يتكلم مع اصحابه ويقول: (ابشروا بالجنةِ فواللهِ إنّا نَمكثُ مَا شاء اللهُ بعدَ مَا يجري عَلينا، ثم يُخرجُنا اللهُ وإياكم حتى يَظهر قَائمُنا فَينتقمَ من الظالمينَ)(٧٦٧)، هذا ليلة عاشوراء حيث الاستعدادات للمعركة غداً صباحاً، ولكن الامام (عليه السلام) يبشر بظهور الامام المهدي (عليه السلام).
هذه هي القضية الاساسية، اليوم نحن اذا قُتلنا، لكن لا بد ان يأتي ذلك اليوم الذي ننتصر فيه ونعود مرة اخرى، نمكث ما شاء الله حتى نخرج عند قيام قائمنا.
قيل ومن قائمكم?
قال السابع من ولد ابني هذا محمد الباقر (عليه السلام)(٧٦٨).
هذا التثقيف هو تثقيف مقصود وممنهج في التربية الدينية، على ان نكون دائماً نمتلك شحنة انتظار، وشحنة أمل بظهوره (عجَّل الله فرجه).
قصة سيد العالَم:
هذه القصة يرويها استاذنا السيد الخوئي رضوان الله عليه، ويرويها عنه استاذنا الشهيد السيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه، والذي يرويها عن السيد محمد باقر الصدر هو الشهيد الصدر الثاني السيد محمد محمد صادق الصدر(٧٦٩) في كتابه (الغيبة الكبرى)، يروي هذه القصة بسنده مباشرة يعني السيد محمد الصدر عن محمد باقر الصدر عن السيد الخوئي رضوان الله عليه، والسيد الخوئي ينقلها عن شخصٍ يوثّقه ويزكيه لكنه لا يذكر اسمه لسبب من الاسباب، يقول السيد الخوئي:
(كان هذا الرجل في أحد الأيام عصراً في مسجد الكوفة، وبينما هو يمشي محاذياً لغرفه المنتشرة في حائط سوره، رأى في إيوان كائن أمام أحد الغرف فراشاً مفروشاً وقد استلقى عليه شخص مهيب جليل، وجلس بإزائه رجل اخر. قال: فتعجبت من وجودهما وسألت الرجل الجالس عن هذا المستلقي فأجاب: سيد العالم.
قال: فاستهونت بجوابه وحسبت أنه يريد كونه سيداً عالِماً، لأن العامة هناك ينطقون العالَم بفتح اللام.
ثم أن هذا الرجل مضى للوضوء والاشتغال بصلاة المغرب والعشاء والتهجد في محراب أمير المؤمنين (عليه السلام)، حتى اجهده التعب والنعاس، فاستلقى ونام. وحينما استيقظ وجد المسجد مضيئاً يقول: حتى أني أستطيع أن أقرأ الكتابة القرآنية المنقوشة في الطرف الآخر من المسجد. فظننت أن الفجر قد بزغ، بل مضى بعد الفجر زمان غير قليل، وأني تأخرت في النوم زائداً عن المعتاد.
فخرجت إلى الوضوء فوجدت في الدكة التي في وسط المسجد جماعة مقامة للصلاة، يؤمها "سيد العالم" ويأتم به أناس كثيرون بأزياء مختلفة وجنسيات فعجبت من وجود هؤلاء في المسجد على خلاف العادة.
ثم أني أسبغت الوضوء والتحقت بالجماعة، وصليت الصبح معهم ركعتين، وحين انتهت الصلاة، قام ذلك الرجل المشار إليه وتقدم إلى إمام الجماعة: سيد العالَم، وسأله عني قائلاً: هل نأخذ هذا الرجل معنا؟
فأجاب سيد العالَم: كلا، فإن عليه تمحيصين لا بد أن يمر بهما.
وفجأة، اختفى هذا الجمع، وساد المسجد ظلام الليل، وإذا بالفجر لم يبزغ بعد، بل بقي إليه زمان ليس بالقليل)(٧٧٠).
هل يمكن اللقاء بصاحب العصر (عجَّل الله فرجه)?
الجواب: نعم يمكن اللقاء، ولكن المنهي عنه في روايات اهل البيت (عليهم السلام) هو ادعاء الرؤية، ان نتاجر بهذا الادعاء، هذا يدعي انه وكيل صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه)، وذاك يدعي انه ابنه، وهذا يدعي انّه التقاه بالسر، هذا هو المنهي عنه.
اما أصل اللقاء فانه مفتوح ومسموح وممكن، وهناك لقاءات يرويها علماؤنا في كتبهم الشريفة مثل كتاب (جنة المأوى) للشيخ النوري(٧٧١) الذي ينقل عشرات من هذه اللقاءات.
على كل حال نحن نسأل الله تعالى ان يرينا طلعته الرشيدة، ويجعلنا من انصاره والمستشهدين بين يديه.
وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ:
(وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ) الهي واجعل عليه طوق حماية من الملائكة المقربين، (وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ).
هذه الفكرة ليست غريبة في منظومة الفكر الاسلامي، الفكر الاسلامي يعتقد بان الملائكة ينزلون ويقاتلون مع المسلمين، طبعاً هذا من عالم الغيب.
لكن نحن في القرآن الكريم وفي ثقافتنا الدينية نعتقد أن الملائكة لهم حضور مع الانسان، الملائكة يسجلون اعمالنا (رَقِيبٌ عَتِيدٌ). كما يقول تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾(٧٧٢).
القرآن الكريم يقول نزل ألفاً من الملائكة في معركة بدر، ثم صاروا ثلاثة الاف ثم صاروا خمسة آلاف، يقول تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾(٧٧٣).
ثم يقول: ﴿أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ﴾(٧٧٤).
هنا صاروا ثلاثة الاف من الملائكة منزَلين ثم يصعد الرقم إلى خمسة الاف. يقول تعالى: ﴿بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾(٧٧٥)، بمعنى أنهم يضعون علامات على جبين من يُقتَل من الكفار.
الامام الباقر (عليه السلام) يقول: هؤلاء الملائكة الذين نصروا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في بدر نفسهم سينصرون صاحب العصر (عجَّل الله فرجه).
يقول: ان الملائكة الذين نصروا محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يوم بدرٍ في الارض ما صعدوا ولا يصعدون، ما زالوا في ارض الدنيا، حتى ينصروا صاحب هذا الامر وهم خمسة الاف)(٧٧٦)،(٧٧٧).
عوامل النصر:
هنا اذكركِّم مرة اخرى ان انتصار صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) يعتمد على عوامل غيبية. وعوامل بشرية، عوامل ما فوق بشرية، وقد استعرضنا ذلك في كتابنا (الامام المهدي (عليه السلام) في القرآن والسنة والعلم)، والملائكة هم عوامل ما فوق البشر.
عصى موسى ايضاً عند امام الزمان (عجَّل الله فرجه)، هذه عصا موسى (عليه السلام) التي ضرب بها البحر فانفلق، ضرب بها الحجر فانبعثت منه اثنتا عشر عيناً، والقاها فأكلت الثعابين، ثعابين السحرة، هذه ثلاث معاجز لعصا موسى (عليه السلام).
هذه العصا تقول روايات أهل البيت (عليهم السلام) ان إمام العصر (عجَّل الله فرجه) ينصره الله بالملائكة، وعنده عصا موسى (عليه السلام)، وعنده السحاب التي سخّرها الله تعالى لسليمان (عليه السلام) كما قال تعالى: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾(٧٧٨)، فكانت الريح تحمله وجيشه على السحاب وتجري به إلى حيث يريد.
نعم هذه السحاب ايضاً مسخَّرة لإمام زماننا (عجَّل الله فرجه).
روحُ القُدُس:
يقول الدعاء: (واَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ)، القرآن صريح في التأييد بروح القدس، حين يقول: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ * وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾(٧٧٩).
وجاءت قضية التاييد بـ(رُوحِ الْقُدُسِ) في تاريخنا الاسلامي بشكل مكررّ.
رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال لحسان ابن ثابت(٧٨٠)، حينما هجت قريش رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
قال له (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): اهجهم يا حسان، فهجاهم حسان هجاءً قوياً.
رغم أن هجاء حسان لم يُذكر لنا في التاريخ مع الاسف، المؤرخون لم يذكروا لنا قصيدته التي هجى بها قريشاً، لكن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) حسب الرواية التاريخية قال له: (ما زلت مؤيداً بروح القدس ما دمت ناصرنا)(٧٨١).
ومثل ذلك قال الامام الرضا (عليه السلام) في قصة دعبل الخزاعي(٧٨٢) وقصيدته:
مدارس آيات خلت من تلاوة * * * ومهبط وحي مقفر العرصات
قال دعبل: ثم قرأت باقي القصيدة عنده، فلما انتهيت إلى قولي:
فلولا الذي ارجوه في اليوم أو غدٍ * * * تقطع نفسي اثرهم حسرات
خروج إمام لا محالة خـارج * * * يقـوم على اسم الله والبركات
يميز فينا كل حـق وباطـل * * * ويجزي على النعماء والنقمات
بكى الإمام الرضا (عليه السلام)بكاءً شديداً، ثم رفع رأسه إلى دعبل، وقال له: يا خزاعي.. نطق روح القدُسُ على لسانك بهذين البيتين.. فهل تدري من هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟
قلت: لا يا مولاي.. إلّا إني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملؤها عدلاً كما ملئت جوراً.
فقال الإمام (عليه السلام): يا دعبل.. الإمام بعدي: محمد ابني، وبعد محمد: ابنه علي، وبعد علي: ابنه الحسن، وبعد الحسن: ابنه الحجة القائم، وهو المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لولم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم، حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، وأما متى يقوم فإخبار عن الوقت. لقد حدثني أبى عن آبائه عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: مثله كمثل الساعة لا تأتيكم إلّا بغتة(٧٨٣).
ومثل ذلك كلام الامام الصادق (عليه السلام) مع الكميت(٧٨٤)، ايضاً حينما نظم القصيدة الرائعة:
من القلبٍ متيمٍ مستهامِ غير ما صبوةِ ولا أحلامِ
ايضا قال له الامام (عليه السلام): (نطق روحُ القُدُس على لسانك).
ما هو روح القدس:
توجد عدة تفاسير لروح القدس:
الاول: أن روح القدس هو جبرائيل (عليه السلام)، لان القرآن يقول: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ﴾(٧٨٥)، ويقول في موضع آخر: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾(٧٨٦) والمقصود هو جبرائيل (عليه السلام).
الثاني: ان (روح القدس) هو كائن عظيم آخر غير جبرائيل (عليه السلام)، بل هو غير الملائكة. حيث يقول القرآن في سورة القدر ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾(٧٨٧)، فهاهنا اذن ملائكة وروح، بما قد يظهر منه أن الروح شيء آخر غير الملائكة، ولذا قد يكون المقصود برُوحُ القدس هو مَلَك أو كائن أخر غير جبرئيل(عليه السلام)، وربما أعظم منه، وهو الذي يؤيد الله به الانبياء (عليهم السلام).
يقول العلامة الطباطبائي بعد أن ذكر قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾(٧٨٨).
قال (قدس سره): (فبيّن أن هذا النور روح عاقل فاهم من عالم الامر كما قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ﴾(٧٨٩).
وعلى كل حال ومهما يكون المعنى بروح القدس فان الدعاء هنا يقول (واَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) ويسأل الله تبارك وتعالى ان يؤيد امامنا (عجَّل الله فرجه) (بِرُوحِ الْقُدُسِ).
ويناسب هنا أن أقرأ لكم هذه الرواية عن الامام الصادق قال:
(في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح روح البدن، وروح القدس، وروح القوة، وروح الشهوة، وروح الايمان، وفي المؤمنين أربعة أرواح إنما فقدوا روح القدس، وروح البدن، وروح الشهوة، وروح الايمان، وفي الكفار ثلاثة أرواح روح البدن، وروح القوة، وروح الشهوة.
ثم قال: روح الايمان يلازم الجسد مالم يعمل بكبيرة فاذا عمل كبيرة فارقه الروح وروح القدس من سكن فيه فانه لا يعمل بكبيرة ابدا)(٧٩٠).

المحاضرة الخامسة والعشرون: (اللَّهمَّ اجْعَلْهُ الدّاعِيَ إلى كِتابِكَ، والْقائِمَ بِدينِكَ، اِسْتَخْلِفْهُ في الاَرْضِ كَما اسْتَخْلَفْتَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِ، مَكِّنْ لَهُ دينَهُ الَّذي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ، اَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ اَمْناً يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً. اللَّهمَّ اَعِزَّهُ واَعْزِزْ بِهِ، وانْصُرْهُ وانْتَصِرْ بِهِ، وانْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً، واْفتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيراً، واجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصيراً. اللَّهمَّ اَظْهِرْ بِهِ دينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، حَتّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشَيء مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ اَحَد مِنَ الْخَلْقِ)
* * *

* مهمتان لصاحب العصر (عجَّل الله فرجه).
* الخلافة في الارض.
* حاكمية الدين.
* صلاحية الشريعة الاسلامية.
* مفاهيم عن حركة الامام المهدي (عجَّل الله فرجه).
* قصة السيد المرعشي.
ما زال الفصل الثالث مستمراً في الدعاء للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، وما نريده من الله تبارك وتعالى لإمامنا، ولأمتّنا، ولديننا.
مهمتان لصاحب العصر (عجَّل الله فرجه):
يقول الدعاء: (اللَّهمَّ اجْعَلْهُ الدّاعِيَ إلى كِتابِكَ، والْقائِمَ بِدينِكَ).
هناك اولاً داعياً إلى كتاب الله، ثم قائماً بدين الله. هذا ما معناه?
معناه هو ما سبق ان اشرنا اليه وهو ان الانبياء والاوصياء لديهم مهمتان:
المهمة الاولى هي الابلاغ، ابلاغ دين الله ﴿بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾(٧٩١).

لكن المهمة الثانية هي اقامة حدود الله، ﴿انْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾(٧٩٢)، وليس مجرد تعظون وترشدون، فإمام المسجد قد يعظ ويرشد لكن هذا ليس كافياً.
مبدأ الكنيسة اليوم هو ان البابا والقساوسة شغلهم الوعظ والارشاد فقط، اما في نظرية اهل البيت (عليهم السلام) وشيعة اهل البيت، فان العالم الديني، وقبله الامام والنبي مهمتهم:
إبلاغ رسالات الله اولاً.
وثانياً اقامة دين الله، ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾(٧٩٣) ولهذا خاطب القرآن اهل الكتاب قائلاً: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ﴾(٧٩٤).
اذن نحن ندعو إلى امام زماننا (عجَّل الله فرجه) ونقول: (اللهم اجعله) (اولاً) الداعي إلى كتابك، (ثانياً) القائم بدينك، بمعنى الامام الحاكم على الناس بشريعة الله.
الخلافة في الارض:
(اِسْتَخْلِفْهُ في الاَرْضِ).
كما تعلمون هناك استخلافٌ عام لكل الانبياء والاوصياء (عليهم السلام)، فهم جميعا خلفاء الله في ارضه، وحججه على عباده، كما نقرأ ذلك في زيارتهم (وَرَضِيَكُمْ خُلَفَاءَ فِي أَرْضِهِ وَحُجَجاً عَلَى بَرِيَّتِهِ)(٧٩٥) هذا هو الاستخلاف العام.
لكن هناك استخلاف خاص، هناك استخلاف فعلي على الارض، بمعنى الحاكمية الفعلية القائمة على ارض الواقع كما في قوله تعالى: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾(٧٩٦). انت يا داود لست مثل بقية الانبياء. بل اعطيناك الحكم وجعلناك خليفة على ارض الواقع وبيدك حكومة الناس.
اذن هذه خلافةٌ فعلية عملية على الارض.
نحن ندعو لصاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) ليس بالخلافة العامة، لان الخلافة العامة موجودة له من الله تبارك وتعالى وكل الائمة الاطهار (عليهم السلام) كذلك، (حجج الله على عباده وخلفاؤه في بلاده)(٧٩٧).
 انما ندعو له بالنصر، وان يكون الحاكم الفعلي والخليفة الوالي في الارض، (كَما اسْتَخْلَفْتَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِ)، كما ان الله تبارك وتعالى استخلف داوود وسليمان (عليهما السلام)، واستخلف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، واستخلف الامام علياً (عليه السلام)، فحكموا، نحن نريد لإمامنا صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه)، هذا الاستخلاف الموعود به المؤمنون، هذا وعد وسيتحقق بإذن الله تعالى. ﴿وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾(٧٩٨).
ماذا يعني ليستخلفنهم? يعني يجعلهم حكاماً، يعني تكون الارض ومن عليها للمؤمنين وحاكمية المؤمنين.
اذن هذا وعدٌ الهي لن يتخلف، ولهذا يقول الدعاء: (اِسْتَخْلِفْهُ في الاَرْضِ كَما اسْتَخْلَفْتَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِ، مَكِّنْ لَهُ دينَهُ الَّذي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ)، هذا استلهام من الآية الشريفة.
حاكمية الدين:
نحن نسأل الله تبارك وتعالى ان يمكِّن امام زماننا (عجَّل الله فرجه) من اقامة الدين، فنقول: (مَكِّنْ لَهُ دينَهُ الَّذي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ).
والسؤال هنا ان بعض الروايات تقول: (اذا ظهر صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه) بأمرٍ جديد وكتاب جديد وسنّة جديدة)(٧٩٩)، فهل يعني ذلك ديناً غير الاسلام?
الجواب: لا، الروايات تقول: (يحكم بكتاب الله وسنة نبيه)(٨٠٠)، ولكن يأتي بأمرٍ جديد غريب على اهل ذاك الزمان، لانهم ابتعدوا عن الاسلام. ولهذا اصبح الاسلام عليهم غريباً، وكأن الامام صاحب العصر (عجَّل الله فرجه) قد أتى بدينٍ جديد على العرب شديد(٨٠١).
الروايات يفسر بعضها بعضا، ليس بمعنى أنه يأتي بدين غير الاسلام، وانما يحكم بالكتاب والسنّة، لكن هذا الحكم يبدو جديداً على الناس لأنه غير مألوف.
الان يتحدث العالم عن الديمقراطية، وعن الحريات المطلقة وما شابه ذلك، لكن امام العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) سوف يطبق احكام الله تبارك وتعالى وهي غريبة على الناس يومئذٍ.
صلاحية الشريعة الاسلامية:
طبعاً هنا ايها السادة الكرام في قصة حاكمية الدين، سوف ننتهي من الاجابة على سؤال هل ان الشريعة الاسلامية صالحة لكل زمان ومكان؟
اليوم يقول الحداثيون المتغربون مع الاسف، المتأثرون بالفكر الغربي، يقولون أن الشريعة الاسلامية ليست صالحة لهذا الزمان، هذا الزمان له مفاهيم جديدة، مثل حقوق الانسان، وحقوق المرأة، أمّا الشريعة الاسلامية فإنها لا تتناسب مع عصرنا؟
الجواب: لا، الشريعة الاسلامية مطلقة لكل زمانٍ ومكان، وقادرة على مواكبة تطور العصر، ومعالجة مشاكل الانسان حتى ظهور امامنا (عجَّل الله فرجه)، لأنه الشريعة الالهيّة، والله تعالى أعرف بشؤون الانسان وحاجاته ومشاكله(٨٠٢).
نقرأ في الدعاء (اِسْتَخْلِفْهُ في الاَرْضِ) و(مَكِّنْ لَهُ دينَهُ)، ودينه هو نفس الاسلام الذي جاء به رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، نفسه سيطبق عند امام زماننا.
فلا يوجد مجال لشبهات الحداثيين.
هل توجد في هذا العصر مشاكل جديدة؟ لا، لا، هي نفس مشاكل الانسان منذ اليوم الاول.
نعم الاشكال اختلفت، السفر اختلف، الاتصال اختلف، السلاح اختلف، الاعلام اختلف، لكن هي تبقى مشاكل ذاتية عند الانسان، نفس المشاكل، مشاكل الهوى، والجنس، والحسد، والهيمنة، والغصب، والسرقة وما شاكل ذلك.
وعلى كل حال، فان الاسلام قادر على معالجة مشاكل الانسان، وامام زماننا يطبق احكام الله، (حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه محمد حرام إلى يوم القيامة)(٨٠٣).
الامن من الخوف:
(اَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ اَمْناً)، اَبْدِلْهُ. ماذا تعني?
هل يعني ان الامام صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) خائف؟
خائف، نعم، ليس بمعنى الخوف من منطلق الجبن، ولكن هو يعيش معركة حقيقية، والظروف والشروط للنصر الالهية غير محققة قبل ظهوره، ولا يوجد اذن من الله تبارك وتعالى بالنصر والظهور لعدم استحقاق البشرية.
اذن، الخوف بهذا المعنى، الخوف من فشل التجربة، الخوف على الدين، الخوف على أُمته، كما في قوله تعالى في قصة موسى (عليه السلام) حين خرج خائفا يترقب ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾‏(٨٠٤)، ان الظروف الان لا تسمح بظهوره، وانتصار ثورته، نعم هو خائف لأجل ذلك.
عندنا روايات تؤكد هذا المعنى، الامام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول:
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): لابد للغلام من غيبة.
فقيل له: ولم يا رسول الله؟
قال: يخاف القتل (لابد للغلام يعني الامام المهدي)(٨٠٥).
اساساً ما هي فلسفة الغيبة?
الغيبة خوفاً من القتل وبقاء الارض بلا حجة، ان الامام صاحب العصر والزمان(عجَّل الله فرجه) كان مطارداً، وما زال مطارداً.
امريكا تبحث عن صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه):
قد اخرج عن البحث العلمي، وقد أُلفت نظركم إلى شيء غريب بالنسبة لكم.
هل تعلمون ايها السادة الكرام كما يحدثني احد الاعزاء المشايخ في النجف الاشرف في بداية الاحتلال ودخول الامريكان للعراق، اعتقلوا هذا الشيخ وهو طالب العلم واخذوه إلى معتقل في مطار بغداد، يحدثني يقول: في مطار بغداد كانوا يجمعون الاعراب الرعاة من اطراف سامراء والثرثار، ويأتون بهم إلى المعتقل في مطار بغداد ويحققون معهم ويسألوهم من هذا محمد المهدي؟
من هو هذا الذي يؤذيكم?
يبحثون عن محمد المهدي، طبعاً اولئك الناس لا يعرفون شيئا كثيرا عن الامام المهدي(عجَّل الله فرجه)، لكن الامريكان يحققون مع رعاة الغنم? يبحثون عن محمد المهدي.
اسمعوا يا شيعتنا، امريكا اليوم هي خائفة من ظهور الامام المهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه)، هناك قسم خاص في المخابرات الامريكية، للبحث عن الامام المهدي (عجَّل الله فرجه)، لان قضية الامام المهدي (عجَّل الله فرجه) موجودة عندهم ايضاً، عند علمائهم ايضاً.
يقول هذا الشيخ الفاضل الذي اعتقل هناك، وهو لا يسمح لي ان اذكر اسمه، يقول في المعتقل كانوا يحققون معي يقولون هل ترى الامام المهدي او لا تراه؟
السيد السيستاني هل يرى الامام المهدي ويلتقي معه?
هذه الاحكام التي تصدر الفتاوى والبيانات، هل من عنده مباشرةً؟ او هي من الامام المهدي؟
هذا الخمس الذي تعطوه للسيد السيستاني هل يعطيه للمهدي، او هو يتصرف به؟
انتم لماذا تعطون الخمس للمرجع? اعطوه الفقراء؟
يسألون سؤالاً سادساً: اذا ظهر الامام المهدي هل يستخدم الموبايلات? وهذه قنوات التواصل الحديثة أم لا?
سؤال سابع: وهل يستخدم الطائرات? أو يأتي بسلاحٍ جديد.
يقول الشيخ: وهذا المحقق معي كان قد وضع امامه كتاباً ويسأل ويكتب، والان هم يعيشون الرعب من ظهور الامام المهدي (عجَّل الله فرجه) ونزول عيسى المسيح (عليه السلام) وصلاته خلف الامام المهدي (عجَّل الله فرجه)، الرعب حقيقي، نحن في معركة.
ولهذا فان الامام المنتظر (عجَّل الله فرجه) وحتى تتهيأ له ظروف وشروط النصر الالهي، فهو خائف، إلى ان تتهيأ شروط نزول النصر الالهي، والاذن الالهي بالحركة..
ولهذا نحن نقول: اَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ اَمْناً يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً. اللَّهمَّ اَعِزَّهُ وَاَعْزِزْ بِهِ، وانْصُرْهُ وانْتَصِرْ بِهِ، وانْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً، واْفتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيراً، واجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصيراً.
مفاهيم عن حركة الامام المهدي (عليه السلام)(٨٠٦):
هنا مجموعة مفاهيم، اعرضها عليكم:
١ - الحرب المسلحة:
الامام (عليه السلام) يخوض حرباً مسلحة.
هل ينتصر الامام من خلال انقلاب عسكري? لا.
من خلال ثورات شعبية سلمية? ايضاً لا.
الجواب: بعد ان تمهد له الارض، وبعد دولة الموطئين، كما تقول الروايات يعني دولة تمهّد للإمام المهدي (عليه السلام)، بعد ذلك يظهر صاحب العصر والزمان ويقود حرباً مسلحة، من مكة إلى العراق، إلى الروم، إلى القسطنطينية، حتى إلى فلسطين، وتحرير فلسطين. الرواية تقول: (حتى لا يبقى يهودي في فلسطين)(٨٠٧).
اليوم نبوءات الواقع الذي نعيشه كلها تبشر بهذا المستقبل القريب ان شاء الله.
هل ان عملية ظهور الامام المهدي (عجَّل الله فرجه) واقامة الحكم العالمي، تتم عبر عملية رشدٍ انسانيٍ، بشريٍ عام، وتطور حضاري? أو لا?
الجواب: لا. تبقى المعارك الطاحنة والآراء والمذاهب، والفساد يبقى موجوداً ويظهر صاحب العصر والزمان ليقوم من خلال ثورة وقوات وحروب مع السفياني، وثورة وانقلابات داخلية، ويقتل واليه في الكوفة وفي المدينة وهكذا.
اذن عبر ماذا ينتصر الامام ? عبر ثورةٍ مسلحةٍ.
٢ - انتصار الاسلام عالمياً:
(اللَّهمَّ اَعِزَّهُ وَاَعْزِزْ بِهِ، وانْصُرْهُ وانْتَصِرْ بِهِ، وانْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً)، (اللَّهمَّ اَظْهِرْ بِهِ دينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، حَتّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشَيء مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ اَحَد مِنَ الْخَلْقِ).
٣ - المجتمع الرشيد:
المجتمع السعيد والرشيد العالمي متى سيكون?
بعد ظهور صاحب العصر (عليه السلام) وبعد نجاحاته العسكرية، حينئذٍ تبدأ عملية الرشد الجماعي، يعني الرشد الجماعي لا يكون قبل ظهور القائم، وانما بعد ظهور القائم، ذلك تبدأ عملية الرشد العام للبشرية.
يقول الامام الباقر (عليه السلام): (إِذَا قَامَ قَائِمُنَا وَضَعَ اللهُ يَدَهُ عَلَى رُؤُوسِ العِبَادِ، فَجَمَعَ بِهَا عُقُولَهُمْ، وَكَمُلَتْ بِهِ أَحْلامُهُمْ)(٨٠٨).
اليوم ما زال امام العصر ونحن الشعوب الاسلامية نعيش حرباً، نعيش تحديات، ولهذا فان الامام لا يظهر، الا ان تستكمل عناصر النصر العالمي.
٤ - موجود معنا:
هل هو موجود معنا؟
الرواية التي يرويها النائب الثاني عن امام العصر (عجَّل الله فرجه)، واسمه محمد بن عثمان العمري(٨٠٩)يقول: (والله ان صاحب هذا الامر يشهد الموسم)(٨١٠).
يعني يحضر معكم في مكة المكرمة بالحج، ومعنى هذا انه يحضر سائر المواسم أيضاً، سائر المشاهد المشرفة، (ان صاحب هذا الامر يشهد الموسم كل سنةٍ يرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه)(٨١١)، يعني انت قد تراه، ولكن لا تعرف انه صاحب الزمان (يرونه ولا يعرفونه).
قصة السيد المرعشي(٨١٢) النجفي:
وهنا تأتي قصة السيد المرعشي النجفي وهو من كبار علماء النجف الاشرف، وهاجر إلى قم وتوفي هناك بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران، وله اضخم مكتبة معروفة بمكتبة اية الله المرعشي النجفي، وهو قدس سره معروف بلقاءاته وله اكثر من لقاء مع صاحب العصر والزمان.
هو يروي أعلى الله شأنه وزاد في شرفه:
(أيّام تحصيلي للعلوم الدينيّة وفقه أهل البيت (عليهم السلام) في النجف الأشرف، اشتقت كثيراً لرؤية جمال مولانا بقيّة الله الأعظم (عجَّل الله فرجه)، وتعاهدت مع نفسي أنّي أذهب ماشياً في كلّ ليلة أربعاء إلى مسجد السهلة، وذلك لمدّة أربعين مرّة، قاصداً زيارة مولانا صاحب الأمر لأفوز بذلك الفوز العظيم.
أدَمْت هذا العمل إلى٣٦ أو ٣٥ ليلة أربعاء، ومن الصدفة أنّي تأخّرت في هذه الليلة في خروجي من النجف الأشرف، وكان الهواء سحابيّاً ممطراً، وكان بقرب مسجد السهلة خندق، وحين وصولي إليه في الليل المدلهمّ مع وحشة وخوف قطّاع الطريق، وكانوا كثيرين آنذاك، سمعت صوت قدم من خلفي ممّا زاد في وحشتي ورعبي، فنظرت إلى الخلف، فرأيت سيّداً عربيّاً بزيّ أهل البادية، اقترب منّي وبلسان فصيح قال: يا سيّد، سلام عليكم، فشعرت بزوال الوحشة كلّاً من نفسي واطمأنّت وسكنت النفس. والعجيب كيف التفت إلى أنّي سيّد في مثل تلك الليلة المظلمة؟ وغفلت عن هذا، إنّه كيف يمكن التمييز في سواد الليل.
على كلٍّ تحدّثنا وسرنا، فسألني: أين تقصد؟
قلت: مسجد السهلة.
فقال: بأيّ قصد؟
قلت: بقصد التشرّف بزيارة وليّ العصر.
بعد أقدام وصلنا إلى مسجد زيد بن صوحان، وهو مسجد صغير يقرب عن مسجد السهلة، فقال السيّد العربي: حبّذا أن ندخل هذا المسجد ونصلّي فيه ونؤدّي تحيّة المسجد.
فدخلنا وصلّى، وبعد دعاء قرأه السيّد وكأنّه كانت تقرأ معه الجدران والأحجار، فشعرت وأحسست بثورة عجيبة في نفسي، أعجز عن وصفها. ثمّ بعد الدعاء قال السيّد العربي: يا سيّد أنت جوعان، حبّذا لو تعشّيت.
فأخرج مائدة من تحت عباءته، وكان فيها ثلاثة أقراص من الخبز واثنتان أو ثلاثة خيارات خضراء طريّة وكأنّها توّاً قُطفت من البستان، وكانت - آنذاك - أربعينيّة الشتاء ذلك البرد القارص، ولم أنتقل إلى هذا المعنى أنّه من أين أتى بهذا الخيار الطري في هذا الفصل الشتوي؟ فتعشّينا كما أمر السيّد، ثمّ قال: قم لنذهب إلى مسجد السهلة.
فدخلنا المسجد، وكان السيّد العربي يأتي بالأعمال الواردة في المقامات، وأنا اُتابعه، وصلّى المغرب والعشاء وكأنّي من دون اختيار اقتديت به، ولم ألتفت أنّه من هو هذا السيّد؟ وبعد الفراغ من الأعمال قال السيّد العربي: يا سيّد، هل تذهب مثل الآخرين بعد الأعمال إلى مسجد الكوفة، أو تبقى في مسجد السهلة؟
فقلت: أبيت في المسجد.
فجلسنا في وسط المسجد في مقام الإمام الصادق (عليه السلام).
قلت للسيّد: هل تشتهي الشاي أو القهوة أو الدخّانيّات حتّى اُعدّه لكم؟
فأجاب بكلمة جامعة: «هذه الاُمور من فضول المعاش، ونحن نتجنّب عن فضول المعاش».
أثّرت هذه الكلمة في أعماق وجودي، كنت متى ما أشرب الشاي وأتذكّر ذلك الموقف وتلك الكلمة ترتعد فرائصي.
وعلى كلّ حال، طال المجلس بنا ما يقارب الساعتين، وفي هذه البرهة جرت وذُكرت بيننا مطالب اُشير إلى بعضها:
١ - جرى حديث حول الاستخارة. فقال السيّد العربي: يا سيّد، كيف عملك للاستخارة بالسبحة؟
فقلت: ثلاث مرّات صلوات وثلاث مرّات (أستخير الله برحمته خيرة في عافية) ثمّ آخذ قبضة من السبحة، وأعدّها، فإن بقي زوجٌ فغير جيّدة، وإن بقي فردٌ فجيّدة. فقال السيّد: لهذه الاستخارة تتمّة لم تصل إليكم، وهي عندما يبقى الفرد لا يحكم فوراً أنّها جيّدة بل يتوقّف، ويؤخذ مرّة اُخرى على ترك العمل فإن بقي زوج فيكشف أنّ الاستخارة الاُولى كانت جيّدة، وإن بقي فرد فيكشف أنّ الاستخارة الاُولى وسط.
وفي نفسي قلت: حسب القواعد العلميّة عليّ أن اُطالبه بالدليل، فأجاب: وصلنا من مكانٍ رفيع.
فوجدت بمجرّد هذا القول التسليم والانقياد في نفسي، ومع هذا لم أتوجّه أنّه مَن هو هذا السيّد؟
٢ ـ ومن مطالب تلك الجلسة تأكيد السيّد العربي على تلاوة هذه السور بعد الفرائض الخمس. فبعد صلاة الصبح (سورة يس)، وبعد الظهر (سورة عمّ)، وبعد العصر (نوح)، وبعد المغرب (الواقعة)، وبعد العشاء (الملك).
٣ ـ ومن المطالب تأكيده على ركعتين بين المغرب والعشاء، في الاُولى تقرأ أيّ سورة شئت بعد الحمد، وفي الثانية تقرأ الواقعة. وقال: تكفي هذه عن قراءة سورة الواقعة بعد صلاة المغرب، كما مرّ.
٤ ـ ومن المطالب: تأكيده على هذا الدعاء بعد الفرائض الخمس: «اللهمّ سرّحني من (عن) الهموم والغموم ووحشة الصدر ووسوسة الشيطان، برحمتك يا أرحم الراحمين».
٥ ـ ومن المطالب: التأكيد على قراءة هذا الدعاء بعد الركوع في الفرائض الخمس، سيّما الركعة الأخيرة: «اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وترحّم على عجزنا، وأغثنا بحقّهم».
٦ ـ لقد مجّد (شرائع الإسلام) للمحقّق الحلّي وقال: كلّها مطابقة للواقع إلّا عدّة مسائل.
٧ ـ التأكيد على تلاوة القرآن وهديّة ثوابها للشيعة الذين ليس لهم وارث، أو لهم ولكن لم يذكروا أمواتهم.
٨ ـ في الصلاة يوضع تحت الحنك كما عند علماء العرب، وهو امرار العمامة تحت الحنك وجعل طرفها في العمامة، وقال: هكذا ورد في الشرع.
٩ ـ التأكيد على زيارة سيّد الشهداء (عليه السلام).
١٠ ـ دعا في حقّي، فقال: جعلك الله من خَدَمة الشرع.
١١ ـ قلت له: لا أدري هل عاقبة أمري بخير، وهل أنا مبيضّ الوجه عند صاحب الشرع المقدّس؟
فقال: عاقبتك على خير، وسعيك مشكور، وأنت مبيضّ الوجه.
قلت: لا أدري هل أبواي وأساتذتي وذوي الحقوق راضون عنّي؟
 فقال: كلّهم راضون عنك ويدعون لك.
فاستدعيته أن يدعو لي أن اُوفق للتأليف والتصنيف، فدعا لي.
وهناك مطالب اُخرى لا مجال لتفصيلها.
فأردت الخروج من المسجد لحاجة، فأتيت الحوض وهو في وسط الطريق، وقبل أن أخرج من المسجد تبادر إلى ذهني أيّ ليلة هذه؟ ومَن هذا السيّد العربي صاحب الفضائل؟ ربما هو مقصودي؟ فما أن خطر هذا على بالي إلّا ورجعت مضطرباً، فلم أجد أثراً لذلك السيّد، ولم يكن شخص في المسجد، فعلمت أنّي وجدت من أتحسّس عنه، ولكن أصابتني الغفلة، فبكيت ناحباً كالمجنون، ورحت أطوف أطراف المسجد حتّى الصباح كالعاشق الولهان الذي ابتلي بالهجران بعد الوصال، وكلّما تذكّرت تلك الليلة ذهلت عن نفسي. وهذا إجمال من تفصيل)(٨١٣).
هكذا نعتقد ان إمامنا (عجَّل الله فرجه) يرانا، ويحضر الموسم، ويشارك معنا، مع أمته، مع جمهوره وشيعته، يرونه ولا يعرفونه، ولكن هو يراهم ويعرفهم.
(اللَّهمَّ اَعِزَّهُ واَعْزِزْ بِهِ، وانْصُرْهُ وانْتَصِرْ بِهِ، وانْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً، واْفتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيراً، واجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصيراً).
(اللَّهمَّ اَظْهِرْ بِهِ دينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، حَتّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشَيء مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ اَحَد مِنَ الْخَلْقِ).

المحاضرة السادسة والعشرون: (اللَّهمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الاِسْلامَ واَهْلَهُ، وتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ واَهْلَهُ، وتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ، والْقادَةِ إلى سَبيلِكَ، وتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا والاْخِرَةِ.. اللَّهمَّ ما عَرَّفْتَنا مِن الْحَقِّ فَحَمِّلْناهُ، وما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ)
* * *

* هل نحن معنيون بشان الدولة؟
* ضرورة الدولة.
* هوية الدولة التي نريدها.
* مسؤوليتنا تجاه دولة الحق.
* صفات الشخصية القيادية.
* معركة الوعي واللاوعي.
* الشيعة هم الاكثر وعياً.
حديثنا هذه الليلة عن هذا المقطع من الدعاء. (اللهم انا نرغب اليك في دولةٍ كريمةٍ...)، عندنا هنا عدة محاور:
١ - هل نحن معنيُّون بشأن الدولة:
يقول الدعاء: (اللَّهمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الاِسْلامَ واَهْلَهُ، وتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ واَهْلَهُ).
السؤال: هل الاسلام والفرد المسلم معني بأمر الدولة? او هو غير معني بذلك?
هل الاسلام يهتم بشأن الدولة، او يهتم فقط بشأن الفرد، وبشأن الامة؟
انا وانت، الفرد المسلم، هل نحن معنيون مهتمون بأمر الدولة? أو لا يهمنا أمر الدولة؟
الجواب: الاسلام معنيٌ بأمر الفرد والامة والدولة، والانسان المؤمن يجب أن يكون كذلك أيضاً.
لاحظ هذا الدعاء في ليالي شهر رمضان المباركة، لم يكن دعاءً شخصياً وعن هموم شخصية، (نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة).
اذن الاسلام والمسلم أحد أمانيه في الدنيا ان يشهد الدولة الاسلامية الكريمة، هذه مهمة بالنسبة لنا.
نرغب اليك يا إلهي، مثل ما نرغب اليك في سعادةٍ دنيوية وأخروية، في جنةٍ ونعيم، كذلك نرغب اليك في دولةٍ كريمةٍ، اذن الاسلام معنيٌ بأمر الدولة.
نلاحظ ذلك في رسالة الامام زين العابدين (عليه السلام) في شأن حقوق الرعية، وحقوق الوالي، (حق سائسك بالسلطان)، وما هي مسؤولية السلطان تجاه الرعية؟ هذه في (رسالة الحقوق)(٨١٤) العظيمة للإمام زين العابدين (عليه السلام).
كما نلاحظ لدى الامام علي (عليه السلام) في عهده لمالك الاشتر حيث يتحدث عن (الراعي)، وعن (الرعية)، يقول:
(وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق)(٨١٥).
لاحظوا اهتمام الاسلام بشأن الدولة، نحن معنيون وكل الصالحين وقبلهم الانبياء بشان الحكم والدولة، ولا يصح ان نقول ليس لنا علاقة بالأمر ودعوها لغيرنا.
كلا، اهل الله، واهل الدين هم أولى بحكومة الارض ﴿الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾(٨١٦)، لاحظوا دعاء الامام المهدي (عليه السلام)المعروف (اللهمَّ ارْزُقْنَا تَوْفِيقَ الطَّاعَةِ وبُعْدَ الْمَعْصِيَةِ، وصِدْقَ النِّيَّةِ وعِرْفَانَ الْحُرْمَةِ)(٨١٧)، هذا دعاء صاحب الزمان(عليه السلام)، يقول بعد ذلك في هذا الدعاء: (اللهم وتَفَضَّلْ عَلَى الْأُمَرَاءِ بِالْعَدْلِ والشَّفَقَةِ، وعَلَى الرَّعِيَّةِ بِالْإِنْصَافِ وحُسْنِ السِّيرَةِ).
اذن هذه نظرة ومسؤولية تجاه الدولة وكيف يجب أن تكون.
اذن الاسلام معنيٌ بشأن الدولة، والفقهاء وكتب الحديث يخصصون ابواباً عديدة في كيفية التعامل مع السلطان الجائر?
هل يجوز ان نعمل معه، أو لا يجوز?
هذا بحث، لاحظوا ذلك في كتب الحديث مثل كتاب (وسائل الشيعة)(٨١٨)، في (كتاب القضاء)، حيث يعقد الفقهاء باباً خاصاً في عدم جواز المعونة للسلطان الجائر.
اذن الفقهاء، الاحاديث، وكذا الادعية، كلها معنية بشأن الدولة، فلا يصح مفهوم اننا لا شأن لنا بالدولة، دعها للفسقة والفجرة، لا، المؤمن يحمل همَّ ان تكون الدولة دولة كريمة، (نرغب اليك في دولةٍ كريمة).
٢ - ضرورة الدولة:
في ثقافتنا الاسلامية فان الدولة ضرورة، ولا يمكن للامة أن تعيش نظام العشائر أو فوضى وبدون دولة.
لا، الاسلام يرى ان الدولة ضرورة، ولا بد من دولة وحكومة، حين قال الخوارج(٨١٩): (لا حكم الا لله)، لتبقى الامة بدون دولة تحت شعار(لا حكم الا لله).
ماذا قال الامام علي (عليه السلام)(٨٢٠)؟
قال: (كلمة حقٍ يراد بها باطل، نعم، لا حكم الا لله ولكن لا بد للناس من امير).
الله تعالى هو الحكم للدنيا والاخرة، السماوات والارض بيده، ولكن الأمرة في الناس لابد منها، لابد من دولة.
نظرية الخوارج تقول (لا ضرورة للدولة)،، النظرية الشيوعية الماركسية تقول ايضاً تقول في نهاية البشرية (تسقط الدولة).
ولكن هذه النظرية يرفضها الاسلام، لا بد من دولة، وهذه الضرورة تستمر إلى نهاية البشرية، ادارة الامور لا بد منها، لا بد من مدير، لا بد للناس من أمير، هذه هي النظرية الاسلامية.
ولهذا يقول الدعاء: (اللَّهمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الاِسْلامَ واَهْلَهُ).
٣ - هوية الدولة التي نريدها(٨٢١):
هذه الدولة التي نرغب فيها، ما هي هويتها؟
يوجد عندنا ثلاثة نماذج للدولة:
أولاً: دولة ذات هوية دينية غير مدنية.
ثانياً: دولة ذات هوية مدنية غير دينية.
ثالثاً: دولة ذات هوية دينية مدنية، بمعنى متمدنة ومتقدمة علمياً وليس بالمعنى المصطلح للمدنية التي تتقاطع مع الدين.
ماذا يقول الاسلام?
هنالك دولة ذات هوية دينية، ولكن متخلفة ليست مدنية، فيها ظلم وجور الطغاة، وسلب الحريات، الجبابرة الذين حكموا العالم الاسلامي، مروان وبنو امية والعباسيون والعثمانيون، كانت دولة باسم الدين، ولكنها غير مدنية متخلفةً تماما، بل هي بعيدة عن الدين أيضاً، هذا نموذج مرفوض في الاسلام.
يوجد نموذج آخر دولة ذات هوية مدنية ولكنها غير دينية، وهي ما يدعو لها العلمانيون الحداثيون، يقولون نحن نريد دولة غير متدينة، مدنية فقط لا دينية.
هذا النموذج ايضا مرفوض في الاسلام.
النموذج الصحيح في الاسلام والذي نستلهمه من هذا الدعاء هو دولة ذات هوية دينية مدنية، الاثنان معا، حيث لا منافاة بين الدين والعلم.
الصحيح دولة دينية ومدنية ايضاً، متقدمة علمياً وانسانياً، تشهد حرية الراي.
الامام علي (عليه السلام) ماذا يقول?
يقول: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَيْهِ وَأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ الله فِيهِ)(٨٢٢).
(إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ) يعني (رئاسة الدولة)، (أَقْوَاهُمْ عَلَيْهِ) يعني (كفاءة مدنية). (وَأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ الله) يعني (دينية).
اذن نحن نريد دولة دينية، ومدنية.
الإمام الحسين (عليه السلام) ماذا يقول?
يقول: فَلَعَمْري ما الامامُ إلاّ الحاكِمُ بالكتابِ، القائمُ بالقسطِ، الدائنُ بدينِ الحقِّ، الحابِسُ نفسه على ذاتِ الله»(٨٢٣).
دولة دينية ومدنية ايضاً فيها عدالة، فيها حق الشعب، فيها تقدم علمي، فيها رفاه معيشي.
الاسلام يدعو إلى دولة ذات هوية، دينية مدنية، وليس فقط أُمة متدينة.
يوجد الان نماذج دول في الخليج باسم الدين، لكنها متخلفة علمياً، نحن نريد دولة دينية متطورة متمدنة عادلة، (انا نرغب اليك في دولةٍ كريمة - مدنية ذات كرامة ذات عزة ذات تقدم، ولكنها دينية - تعز بها الاسلام واهله. وتذل بها النفاق واهله).
لاحظ الدعاء كيف ربطنا بنظرية دينية، في شأن الدولة، حقاً رائع هذا الدعاء.
٤ - مسؤوليتنا تجاه دولة الحق:
(وتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ، والْقادَةِ إلى سَبيلِكَ).
الان نحن نريد هذه الدولة الدينية المدنية، انا كفرد وانت كفرد، ما هي مسؤوليتنا؟ وماذا نريد من الله?
نحن حينما نطلب شيئاً من الله فذاك يعني انه مسؤولية علينا أيضاً باتجاه تحقيق ما نرجوه من الله تعالى وما نصبوا اليه، الطموح والمسؤولية، (وتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ، والْقادَةِ إلى سَبيلِكَ).
أمران مهمان: (دعاة إلى الله)، و(قادة إلى سبيل الله).
رغم انك فرد متواضع في الامة، لكن اعرف ايها الانسان المسلم ان الاسلام يريد قائداً في الساحة، لا يمكن ان تكون مجرد متدين، يجب ان تكون متديناً وقائداً في اُمتك، هذه هي مسؤوليتنا.
الافراد بالمجتمع على نوعين: هنالك فرد عادي، يقول انا اصلي، انا اصوم، ويوجد فرد قيادي.
الاسلام ماذا يريد؟ الاسلام يريد ان يربي افراداً قياديين.
الاسلام منذ اليوم الاول، ماذا يقول?
يقول: (وتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ، والْقادَةِ إلى سَبيلِكَ).
الشاب المؤمن يجب ان يفكر في نفسه هل هو قائد؟
طبعا القائد ليس معناه المتسلط، المتكبر، لا القائد بمعنى الهادي في بيته، مع اصدقائه، في صفه الدراسي، مع محلته، مع المعمل، اينما يكون.
ولهذا فان القرآن الكريم يقول:
﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً﴾ (٨٢٤)، من هم؟ من سائر الناس المؤمنين، وليس الانبياء فقط، و﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾(٨٢٥)، الدعاء في القرآن الكريم: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾(٨٢٦)، ليس فقط الامام المعصوم، ولا المرجع الديني، ولا العالم الديني، كل فرد يقرأ القرآن يدعو هذا الدعاء ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾(٨٢٧).
نعم. لا بد ان تكون قائداً في امتك. ولكن هذه الشخصيّة القيادية مشروطة.
أولاً: بالصبر (لَمَّا صَبَرُوا)، الشخصية القيادية هي شخصية صبوره، طويلة النفس(لَمَّا صَبَرُوا)،،
ثانياً: اليقين، ﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾(٨٢٨)، هؤلاء هم الشخصيات القيادية.
نستطيع أن نستعرض صفات الشخصية القيادية حسبما جاء في القرآن الكريم والاحاديث الشريفة، ارجوكم يا سادتنا يا شبابنا، فكروا بان تكونوا ائمة هدى، كل واحد بحجمه بمساحته، لا تقل انا لست مسؤولاً، لا تقل هذا شغل المرجع الديني والعالم الديني فقط، بل كل واحد منّا يقول: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾(٨٢٩)، ولو على نفرين أو ثلاثة. تكون خادماً لهم، وليس مسلطاً عليهم، تقودهم إلى الجنة?
الدعاء يقول: (اللَّهمَّ ما عَرَّفْتَنا مِن الْحَقِّ فَحَمِّلْناهُ، وما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ).
هذا معنى جديد، نحن في هذه الدولة التي نرغب فيها، ونكون فيها دعاة إلى طاعتك، وقادة إلى سبيلك، ايضاً يا الهنا نسألك ان(ما عرفتنا من الحق ان توفقنا لنتحمله)، انت عرفتنا الحق، الاسلام، القرآن، اهل البيت، هذه معاني عرّفنا بها الله تعالى يجب ان نتحمل المسؤولية تجاهها ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾‏(٨٣٠).
الان نقول الهنا انت عرفتنا الدين، عرفتنا التشيع، اجعلنا ممن يحمل هذه المسؤولية، وليس فقط يقول انا مسلم وانا شيعي.
لا، يجب ان اتحمل مسؤولية ما اعتقد به من الحق وادافع عنه، هذه هي المسؤولية الاولى (الدفاع عن الحق).
والمسؤولية الثانية هي (وما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ)، الشيء الذي لا اعرفه يا إلهي عرفني اياه، فنحن أمام مسؤوليتين:
الاولى: الدفاع عن الحق الذي عرفناه.
الثانية: معرفة الحق الذي جهلناه.
حقاً انها مفاهيم رائعة.
صفات الشخصيّة القياديّة:
القرآن الكريم ماذا يقول? يقول ﴿فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾(٨٣١).
هذه صفات الشخصية القيادية، لاحظ القرآن يستعرضها:
﴿فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ﴾(٨٣٢)
(وَعَزَّرُوهُ) بمعنى أيدوه.
(ونصروه)، النصرة ليس فقط ان تقول اُبايعك يا رسول الله، بل ابايعك على اعلاء كلمة الحق وابطال كلمة الباطل.
﴿وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ﴾.
هذه اربع صفات في الشخصية القيادية الذين امنوا به واحد. عزروه اثنين. نصروه ثلاثة، واتبعوا المنهج الديني رابعاً، (وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ)، هذه اربع صفات في الشخصية القيادية.
معركة الوعي واللاوعي:
هنا يأتي دور التفقه في الدين، حيث يقول الامام الصادق (عليه السلام):
(لوددت أن أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا)(٨٣٣).
والتفقه في الدين ليس هو مجرد معرفة احكام الدين، بل هو الوعي بالدين واحكام الدين، واستحقاقات الدين.
تأتي هنا قضية الوعي، البصيرة، لاحظوا احاديثنا الشريفة، لاحظوا تربية اهل البيت ماذا تقول?
تقول (حديثٌ تدريه خيرٌ من الفٍ ترويه)(٨٣٤)، ابو هريرة كان حافظاً للاحاديث، لكن ماذا كان ابو هريرة? كان من انصار السلطان الظالم.
الائمة (عليهم السلام) ماذا يقولون?
يقولون حديثٌ واحد تعرف معناه وتتحمّل مسؤوليته، خيرٌ من الف حديثٍ ترويه مجرد رواية، مجرد حفظ واستنساخ ذهني دون ان تجسّده على الارض بشكل صحيح، الامام يقول عن الخوارج (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ)(٨٣٥) لقلقة لسان لا يصل إلى قلوبهم ووعيهم وعقولهم، يعني ماذا?
يعني لا وعي لهم، الاسلام يريد الوعي والبصيرة (واجعل النور في بصري والبصيرة في ديني واليقين في قلبي والاخلاص في عملي)(٨٣٦)، رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ماذا يقول?
يقول: (نضَّر الله امرئٍ سمع مقالتي فوعاها)(٨٣٧).
سلاطين الجور في السابق والحاضر، واليوم الاستكبار العالمي عملهم هو سلب الوعي من الناس، نختزن معلومات لكن بدون وعي، حين تذهب إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة تجد المسجد النبوي والمسجد الحرام مليئاً بعشرات الاف من القرآن الكريم، اقرأ القرآن ما تشاء لكن بدون وعي، اقرأ بدون وعي، هذا عمل الاستكبار العالمي يريد شعوباُ ليس لها وعي، بينما رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ماذا يقول? الامام علي (عليه السلام) ماذا يقول؟
رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول: (نضَّر الله امرئٍ سمع مقالتي فوعاها)(٨٣٨).
الامام علي (عليه السلام) يقول: (يا كميل ان هذه القلوب اوعية خيرها اوعاها)(٨٣٩).
انهم سمعوا (من كنت مولاه فعليٌ مولاه) لكنهم غصبوا عليا وخرجوا لحربه. هذا سمع بدون وعي، هذا كمثل الحمار يحمل اسفارا.
القران هكذا يعبر عنهم قائلاً: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً﴾(٨٤٠). المهم اليوم ودائماً ان نركز في انفسنا المعلومة بوعيٍ، والحديث المعروف لديكم يقول: (ما اكثر الضجيج واقل الحجيج)(٨٤١)، ضجيج كثير (لبيك اللهم لبيك)، ولكن كم منهم هو بالفعل حاج إلى الله تعالى؟
يا سادتنا الكرام معركتنا اليوم هي معركة الوعي واللاوعي، وسلاحنا هو سلاح الوعي، ومن اليوم الاول حينما صار التآمر على رسول الله كان سلاح المنافقين هو سلاح (سلب الوعي).
حين يقول القائل لا تؤتوه (حسبنا كتاب الله) بعد ان قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) (آتوني بدواة وكتف اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي ابداُ، فقال قائلهم حسبنا كتاب الله)(٨٤٢). لاحظ هذه المعركة لتسطيح الوعي?
(حسبنا كتاب الله)، معركة ضد الوعي، بينما رسول الله يتقلب على الفراش، يريد ان يوصي لكنهم تآمروا عليه، بحجة ماذا?
بحجة، (حسبنا كتاب الله)، والذين ليس لديهم وعي، صدّقوا بهذه الحجة وانطلت عليهم.
عمرو بن العاص هكذا أيضاً، معركة تسطيح الوعي، معاوية هكذا، معركة سلب وعي، على طول التاريخ. الان مثلاً هناك مفهوم اسمعه يتداول عند بعض الناس، يقولون (مأمور معذور)، هذا مفهوم خاطئ، يعني اخرج لحرب الحسين، انت مأمور معذور. هذا هل نقبله نحن في ثقافتنا الشيعية الإسلامية?
لا، (لا يطاع الله من حيث يعصى)(٨٤٣)، كيف تكون معذوراً وانت مأمور بقتل الحسين?.
قصة المرأة ونزع الحجاب:
سنة ١٩٧٩ م، حينما هاجرت من العراق، بدأت هجرتي من بغداد إلى تركيا، بجوازٍ عراقي ولكنه باسم اخر حذراً من الملاحقة الامنية، وهاجرت إلى تركيا، من بغداد في المنشأة العامة لنقل الركاب، وكان هناك امرأة في المنشأة متبرّجة غير محجّبة.
وحينما دخلنا الحدود التركية ونجوت من نظام البعث والحمد لله التفتُ إلى هذه المرأة وانا ما زلت في المنشأة، قلت لها انت امرأة جليلة، من تكوني?
قالت: انا استاذة علوم التاريخ في جامعة بغداد آتي من أنقرة اسبوعيا إلى بغداد اُدرس في جامعة بغداد بالأسبوع يومين، درس علوم التاريخ تاريخ اسلامي طبعاً، وارجع.
اذن هي امرأة لديها معلومات جيدة، شخصيتها ايضاً جيدة ولكنها متبرجة?
جيد قلت لها انت مع هذا التخصص العلمي في التاريخ الاسلامي لماذا انت غير محجبة?
ماذا اجابتني? انظروا إلى معركة الوعي واللاوعي(ان هذه القلوب اوعية خيرها أوعاها)وليس مجرد قراءة القران، والقرآن يقول: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾(٨٤٤)، ولكن انظروا إلى هذه الاستاذة ماذا قالت؟‏.
كأن هذه المرأة التي هي استاذة جامعية لم تقرا هذه الآية؟
ماذا قالت لي?
قالت: والله انا كنت محجبة، ولكن استخرتُ الله تعالى بالقرآن ان اترك الحجاب فطلعت الخيرة زينة!!؟
(طلعت الخيرة زينة) ونزعت الحجاب، هذا سلاح الجهل وتسطيح الوعي، هي استاذة جامعية وتقرأ القرآن الكريم وهو يقول: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾(٨٤٥]‏. هذا كله تناسته?
استخارت ان تترك الحجاب. طلعت الخيرة زينة!!؟
هل يمكن ان يستخير الانسان على معصية؟ هل يمكن لأحد ان يستخير الله مثلا في شرب الخمر او السرقة او الزنا؟
اذن نحن نحتاج إلى المزيد من الوعي الديني والوعي السياسي، لان عمرو بن العاص عندما تغلَّب، تغلب من خلال سلب الوعي السياسي، هكذا يزيد وابن زياد ايضا، سلب الوعي السياسي والديني من الناس، والناس تركوا مسلم بن عقيل وحده وقالوا: (مالنا والدخول بين السلاطين).
الشيعة هم الاكثر وعياً:
اليوم نحن بحاجة إلى ترسيخ الوعي السياسي والديني في شعوبنا وامتنا، وانا اعتقد واقولها لكم بان اكثر الشعوب وعيا دينيا وسياسيا على طول التاريخ هم شيعة اهل البيت.
ولهذا سمّوهم بالرافضة، ولهذا قُتلوا، على طول التاريخ.
جاء في الحديث الشريف عن الامام الصادق (عليه السلام) عندما سأل أحد أصحابه كيف أنتم؟
قال: سيدي نحن شر الناس.
قال له: ماذا تقول؟
قال: والله نحن شر الناس عند الناس، قتلونا ذبحونا يسموننا رافضة.
هذا وعي سياسي رفض الخضوع لسلطان الجور.
قال له الامام (عليه السلام): والله هذا اسم نَحلكم الله اياه.
فان اصحاب موسى سموا رافضة لانهم رفضوا حكم فرعون، وهو لقب ادَّخره الله لكم)(٨٤٦).
رافضة يعني الوعي السياسي، هم شيعة اهل البيت (عليهم السلام).
ولهذا نقرا في دعاء الافتتاح: (اللَّهمَّ ما عَرَّفْتَنا مِن الْحَقِّ فَحَمِّلْناهُ، وما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ).

المحاضرة السابعة والعشرون: (اللَّهمَّ الْمُمْ بِهِ شَعَثَنا، واشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا، وارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا، وكَثِّرْبِهِ قِلَّتَنا، واَعْزِزْ بِهِ ذِلَّتَنا، واَغْنِ بِهِ عائِلَنا، واَقْضِ بِهِ عَنْ مَغْرَمِنا، واجْبُرْبِهِ فَقْرَنا، وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنا، ويَسِّرْ بِهِ عُسْرَنا، وبَيِّضْ بِهِ وُجُوهَنا، وفُكَّ بِهِ اَسْرَنا، واَنْجِحْ بِهِ طَلِبَتَنا، واَنْجِزْ بِهِ مَواعيدَنا، واسْتَجِبْ بِهِ دَعْوَتَنا واَعْطِنا بِهِ سُؤْلَنا، وبَلِّغْنا بِهِ مِنَ الدُّنْيا والاْخِرَةِ آمالَنا، واَعْطِنا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنا، يا خَيْرَ الْمَسْؤولينَ واَوْسَعَ الْمُعْطينَ، اِشْفِ بِهِ صُدُورَنا، واَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا، واهْدِنا بِهِ لِمَا اخْتُلِفَ فيهِ مِنَ الْحَقِّ بِاِذْنِكَ، اِنَّكَ تَهْدي مَنْ تَشاءُ إلى صِراط مُسْتَقيم، وانْصُرْنا بِهِ عَلى عَدُوِّكَ وعَدُوِّنا اِلـهَ الْحَقِّ آمينَ).
* * *

* دعاء يجمع هموم المسلمين.
* التوسل بصاحب العصر (عجَّل الله فرجه).
* معاني التوسل به.
* هل يجوز التوسل بغير الله تعالى.
اثنان وعشرون مسالة:
هذه اثنان وعشرون مسألة من الله تبارك وتعالى، في هذا المقطع من الدعاء في ختام دعاء الافتتاح.
ليس لدينا مشكلة في البحث اللغوي فالعبارات واضحة.
(اللَّهمَّ الْمُمْ بِهِ شَعَثَنا)، الشعث هو الفرقة.
فنحن نسال الله تعالى ان يجمع بصاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) شملنا، (اشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا) يعني اجمع? والشعب بمعنى الجمع، (اشعب به صدعنا)، اجمع به هذه التصدعات.
(ارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا) الفتق هو الانقسامات الداخلية الناعمة والتصدّع اكبر منها. انت الحمها يا الهي ببركة صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه).
(وكَثِّرْبِهِ قِلَّتَنا)، واَعْزِزْ بِهِ ذِلَّتَنا، العبارات واضحة لا تحتاج إلى شرحٍ لغويٍ، لكن لدينا هنا اكثر من محور للحديث.
دعاء يجمع هموم المسلمين:
المحور الاول: ان هذه المسائل الاثنين والعشرين هي مسائل مجتمعية، وليست فردانية، (المٌ به شعبنا. اشعب به صدعنا. اغن به عائلنا. اجبر به فقرنا. سد به خلتنا). هي ادعية ومسائل من الله تعالى للجميع، يمكن أن نسميها (مسائل مجتمعية) بعضها في الشأن الاقتصادي، (اَغْنِ بِهِ عائِلَنا)، (اجْبُرْبِهِ فَقْرَنا)، بعضها في الشأن السياسي، (انْصُرْنا بِهِ عَلى عَدُوِّكَ وعَدُوِّنا)، (اِشْفِ بِهِ صُدُورَنا، واَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا) (اَعْزِزْ بِهِ ذِلَّتَنا).
هذه ادعية مجتمعية في الشأن الاجتماعي والاخلاقي والاقتصادي والسياسي في اثنين وعشرين سؤالاً من الله تبارك وتعالى في ختام هذا الدعاء.
الملاحظة يا سادتنا الكرام انها جميعاً في اطار مجتمعي للامة، للمجتمع، لمستقبلنا، مستقبل امتنا.
هذا هو الدعاء الرائع، بعيداً عن القضايا الشخصية، وتلك ايضاً مطلوبة، (ربنا آتنا في الدنيا حسنة)، ولكن الدعاء الان يسلط الضوء على الهموم المشتركة اقتصادية، اجتماعية، سياسية كما قرأتم النصوص الواضحة عندكم.
حينما نقول (انْصُرْنا بِهِ عَلى عَدُوِّكَ وعَدُوِّنا)، حينما يقول (واَنْجِزْ بِهِ مَواعيدَنا)، فان الله تبارك وتعالى قال ﴿وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾(٨٤٧).
هذا هو الوعد الالهي للامة الاسلامية، النصر العالمي.
إذن نحن امام نمط خاص من الدعاء، في تربيتنا، كيف نحمل هموم العالم الاسلامي، وهذه قضية جداً مهمة يا سادتنا الكرام، ان الانسان بدل همه الشخصي الذاتي الاناني يتحول إلى (الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ، والْقادَةِ إلى سَبيلِكَ)، قائداً يحمل همَّ أُمته، هكذا يجب ان يكون كل واحد منا.
التوسل بصاحب العصر (عجَّل الله فرجه):
المحور الثاني الذي سوف اُسلط الضوء عليه وأقف عنده هو قضية (به).
هذه اثنان وعشرون مسألة كلها نتوسل إلى الله تعالى (به) اللَّهمَّ الْمُمْ (بِهِ) شَعَثَنا، واشْعَبْ (بِهِ) صَدْعَنا، وارْتُقْ(بِهِ) فَتْقَنا وهكذا...، هذا أمر ملفت للنظر، واكثر من تفسير يمكن ان نقدمه لهذه الظاهرة، ظاهرة التوسل(به) عجل الله تعالى فرجه الشريف.
التوسل (له) والتوسل (به):
مرة نتوسل للإمام صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه)، ومرة نتوسل بالإمام صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه).
نحن في المقاطع السابقة كنا نتوسل لصاحب الزمان (عجَّل الله فرجه) عندما نقول: (وانْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً، ) (واْفتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيراً)، (واجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصيراً). (وحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ)، (واَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يا رَبَّ الْعالَمينَ).
أما الان فنحن نتوسل به لصالح الامة الاسلامية وتحقيق أمانيها، فتحولت القضية من نتوسل له (عليه السلام) إلى نتوسل به (عليه السلام)، هذه ظاهرة جديدة، ظاهرة التوسل بإمام العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) إلى الله في هذه المطالب المجتمعية.
معاني التوسل به:
هذا التوسل بإمام زماننا (عجَّل الله فرجه) كيف نفسره؟
له ثلاثة معاني وهي ليست مانعة الجمع، بل كلها في وقت واحد قد تكون صحيحة.
المعنى الاول: (بظهوره) حينما نقول: (اللَّهمَّ الْمُمْ بِهِ شَعَثَنا)، اي يا إلهي بظهور صاحب العصر اجمع به شملنا وانصرنا على عدونا، وبظهوره اجبر به فقرنا وهكذا، لماذا؟
لان كل الروايات الثابتة تقول ان عصر الظهور هو عصر مليء بالبركات والامان، والمليء بالعدالة والايمان، وعصر ظهوره هو عصر الامان المطلق (حتى تمشي المرأة من العراق إلى الشام لا تخاف احدا)(٨٤٨)، وتذكر الروايات قضايا عجيبة تقول حتى (تصطلح السباع)(٨٤٩)، وهو تصوير على مدى عمق الامان الذي سيكون في العالم.
وهكذا الرفاه الاقتصادي الهائل، حيث تظهر بركات السماء والارض (حتى تقدم البضائع والمؤن ويقال خذوا، فلا أحد يأخذ لعدم وجود الفقراء)، الرفاه الاقتصادي، الامن، العز الاسلامي، ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾، الدين الاسلامي هو الحاكم في العالم يومئذٍ.
اذن نحن الان نتوسل إلى الله تبارك وتعالى نقول: إلهي (بظهور) صاحب العصر حقق لنا هذه الاماني، الامن، والثراء، فنجن الان بدون ظهوره علينا ذل، وهوان، وحرب، ولكن بظهوره سنكون اعزاء، سنكون نحن الاقوياء، ونحن المنصورون.
اذن المعنى الاول (به) معناه بظهوره، (المم به فرقتنا واجمع به شملنا).
كيف يجتمع الشمل؟
حينما يحدد الامام الحجة المسار الذي لا يختلف به اثنان، الذي يسير به الجميع على سكة واحدة، هناك سوف يجتمع الشمل وتنعدم الفرقة.
فالدعاء الان هو الدعاء بالتعجيل بظهوره (عجَّل الله فرجه).
إلى ان يقول: (واهْدِنا بِهِ لِمَا اخْتُلِفَ فيهِ مِنَ الْحَقِّ بِاِذْنِكَ)، فلا توجد يومئذ خلافات مذهبية، او طائفية، او دينية، ويكون الدين لله، ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾(٨٥٠).
دعاء الامام السيد محسن الحكيم:
عندما يقول (اهْدِنا بِهِ لِمَا اخْتُلِفَ) ذكرني بقصة عن الامام السيد محسن الحكيم رضوان الله تعالى عليه كان يقول، انا عندما ابحث مسالة فقهية وأتطلع إلى الآراء واريد ان اصل إلى الراي الصحيح، ادعو بهذا الدعاء: (اللهم اهْدِنا لِمَا اخْتُلِفَ فيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ انك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)، هو فقيه ولكن يطلب من الله السداد، وانتم ايضا عندما تمرون في اي موقف لاتخاذ قرار مغيّن أو مسألة علميّة إقراوا هذا الدعاء(اللهم اهْدِنا لِمَا اخْتُلِفَ فيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ اِنَّكَ تَهْدي مَنْ تَشاءُ إلى صِراط مُسْتَقيم).
تحقيق الاماني بظهوره:
متى تشفي صدورنا؟
بظهوره، (اِشْفِ بِهِ صُدُورَنا)، ولهذا نقرا في دعاء الندبة: (مَتى تَرانا وَنَراكَ وَقَدْ نَشَرْتَ لِواءَ النَّصْرِ تُرى، أَتَرانا نَحُفُّ بِكَ وَاَنْتَ تَاُمُّ الْمَلاَ)(٨٥١).
اذن كل هذا بظهوره (اِشْفِ بِهِ صُدُورَنا، واَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا)، هذا المعنى الاول.
المعنى الثاني (ببركات وجوده) ليس بظهوره، وانما ونحن الان وقبل ظهوره نتوسل إلى الله تبارك وتعالى بالإمام (عليه السلام)، وببركات وجوده الشريف وبمنزلته عند الله تعالى ان يلم شملنا ويوحد كلمتنا وينصرنا.
نتوسل الان بإمام العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) بوجوده، ليس بمعنى بانتظار الظهور فقط، بل الان نسال الله تعالى، كما ندعوا في دعاء التوسل ونقول:
(يا اَبَا الْقاسِمِ يا رَسُولَ اللهِ يا اِمامَ الرَّحْمَةِ يا سَيِّدَنا وَمَوْلانا اِنّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ إلى اللهِ وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَيْ حاجاتِنا يا وَجيهاً عِنْدَ اللهِ اِشْفَعْ لَنا عِنْدَ اللهِ...)(٨٥٢).
هؤلاء أعطاهم الله كرامة عنده.
التوسل ليس بظهوره وانما به وقبل ظهوره، هناك اشخاص مكرّمون، وهناك أماكن مكرمة، نحن نتوسل إلى الله تعالى بالكرامة التي لهؤلاء.
في زيارة أمين الله ماذا نقرأ، نقول:
(بِحَقِّ مُحَمَّد وَعَلِىّ وَفاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْن اغْفِرْ لأوْلِيائِنا وَكُفَّ عَنّا أَعْدائَنا وَاشْغَلْهُمْ عَنْ اَذانا وَاَظْهِرْ كَلِمَةَ الْحَقِّ وَاجْعَلْهَا الْعُلْيا وَاَدْحِضْ كَلِمَةَ الْباطِلَ وَاجْعَلْهَا السُّفْلى اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيء قَديرٌ)(٨٥٣).
هل يجوز التوسل بغير الله تعالى:
هنا يأتي بحث عقائدي فقهي، هل يجوز التوسل بغير الله تعالى؟
نعم، العبادة لله تعالى وحده، لكن ما هو الطريق إلى الله تعالى؟
لا شك أن الانبياء والرسل هم طريقنا إلى الله تعالى هذه من البديهيات القرآنية ولا يحتاج إلى بحث فيها.
اخوة يوسف (عليه السلام) ماذا قالوا: ﴿يا أبانا استغفر لَنَا ذُنُوبَنَا﴾(٨٥٤)، نريد ان نتوسل إلى الله بك، قال يعقوب (عليه السلام): ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ﴾(٨٥٥).
اذن لا مانع من التشفع بالمخلوقين أصحاب الكرامة عند الله تعالى، وهكذا القران الكريم حينما يقول: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ الله تَوَّاباً رَّحِيماً﴾‏(٨٥٦)، يا رسول الله لو ان المذنبين الذين ظلموا انفسهم جاؤوك لتستغفر لهم، هنا الرسول وسيط، الرسول شفيع، وحينئذ فان الله تعالى تواب رحيم باستغفار الرسول ﴿لَوَجَدُواْ الله تَوَّاباً رَّحِيماً﴾‏(٨٥٧)، والقضية لا تحتاج إلى جدل كثير.
كل البشرية وكل الاديان الالهية تؤمن بهذا، مبدأ التشفع إلى الله تعالى وطلب رضائه من خلال اوليائه واحبائه، حتى النواصب الوهابيين ايضا يتوسلون إلى الله تبارك وتعالى بالكعبة ويتمسحون بجدار الكعبة والحجر الاسود.
ورد عن الامام الصادق (عليه السلام):
(مرَّ عمر بن الخطاب على الحجر الأسود، فقال: والله يا حجر! إنا لنعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع! إلا أنا رأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحبك، فنحن نحبك.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): كيف يا بن الخطاب؟ فوالله، ليبعثنه الله يوم القيامة، وله لسان وشفتان، فيشهد لمن وافاه، وهو يمين الله في أرضه، يبايع بها خلقه.
فقال عمر: لا أبقانا الله في بلد لا يكون فيه علي بن أبي طالب(*).
هذا الحجر اذن له عند الله تبارك وتعالى منزلة لا نعلمها، ولهذا يعتقد جميع المسلمين باستحباب تقبيله والتمسح به وتقول (تشهد لي بالموافاة غداً)(٨٥٨)، هذا ليس عبادة للحجر.
المعنى الثالث: واسطة الفيض:
مازال البحث في معنى (به) التي جاءت في هذا المقطع من الدعاء وقد ذكرنا لها معنيان فيما سبق.
والان لنبدأ بشرح المعنى الثالث.
العرفاء واصحاب السير والسلوك هؤلاء يتحدثون بلغة اخرى.، هؤلاء يقولون ان الائمة الاطهار (عليهم السلام)بدءاً من النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ثم الائمة (عليهم السلام) ثم امامنا صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) هؤلاء هم واسطة في الفيض.
الفيض الالهي يعني انتشار الوجود والرحمات والتكامل الوجودي، كل ذلك بواسطة النبي الاكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، بواسطة وجوده الشريف في عالم الحقيقة المحمدية الكبرى قبل هذا الخلق. كل انكشاف وجودي، وكل ظهورٍ، وكل تجلٍ لله تبارك وتعالى في خلقه، انما كان من خلال نور نبينا (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والائمة الاطهار (عليهم السلام)، هذا يسموه (واسطة في الفيض)، ويستندون في ذلك إلى روايات سبق استعراض بعضها، تقول:
(اول ما خلق الله نوري فسبحنا فسبحت الملائكة، وهللناه فهللت الملائكة)(٨٥٩). وانه قد انبثق من ذاك النور سائر الموجودات كلها من السماوات والارضين.
هذه اسمها نظرية (الواسطة في الفيض).
ويقول عرفاء الاسلام:
(الحقيقة المحمّدية هي التي تجلّت في صورة العالَم، والعالَم من الذرة إلى الدرّة ظهورها وتجليّها)(٨٦٠) ولهذا نقرأ الان في زيارة الجامعة الكبيرة: (بكم فتح الله. وبكم يختم. وبكم ينزّل الغيث).
 وكما نقرأ في القرآن ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾(٨٦١)، فالماء هو الواسطة في حياة الارض، هكذا النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) واله (عليهم السلام) واسطة في ظهور التجليات الالهيّة.
(بكم ينزل الغيث)، (وبكم يمسك السماء ان تقع على الارض)، يعني بوجودهم الله تبارك وتعالى يُمطر السماء، ويُمسك السماء ان تقع الارض وهكذا حركة الافلاك وحركة المجرات كل هذا انما هو بواسطة نور النبي الاول(اول ما خلق الله).
 ونقرأ في ادعية شهر رجب، (بكم يجبر المهيض ويشفى المريض. وما تزداد الارحام وما تغيض)، ومعنى ذلك انهم الواسطة في الفيض الالهي (بكم يجبر المريض ويشفي المريض)، (وما تزداد الارحام وما تغيظ) من خلال نورهم في اعلى عليين.
فنحن الآن في هذا المقطع من الدعاء نتوسل إلى الله تعالى بصاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) أن يفيض علينا من خلال وجوده الشريف تلك المسائل.

المحاضرة الثامنة والعشرون: (اللَّهمَّ اِنّا نَشْكُو اِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا، وكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وقِلَّةَ عَدَدِنا، وشِدّةَ الْفِتَنِ بِنا، وتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وآلِهِ، واَعِنَّا عَلى ذلِكَ بِفَتْح مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وبِضُرٍّ تَكْشِفُهُ، ونَصْر تُعِزُّهُ، وسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ، ورَحْمَة مِنْكَ تَجَلِّلُناها، وعافِيَة مِنْكَ تُلْبِسُناها، بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ)

* * *

* ثقافة الشكوى إلى الله تعالى.
* الخسارة الكبرى.
* لماذا الغيبة؟
* الفتح العاجل.
* علاقتنا مع الامام (عليه السلام).
* نهاية المطاف.
اليوم نحن في المقطع الاخير من دعاء الافتتاح، يتلخص هذا المقطع في الشكوى إلى الله تبارك وتعالى، وبيان ما هي اعظم همومنا، هذا التلخيص لحياة الانسان وعلاقته مع الله تعالى وما هي اهدافه القصوى، حيث توجد للإنسان اهداف شخصية ذاتية، ولكن الاهداف الكبرى هي التي يحدّدها لنا اليوم دعاء الافتتاح بطريقة الشكوى إلى الله تعالى.
الله تعالى يسمع الشكوى وهو قريب من المؤمن، حيث يقول ﴿قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إلى الله﴾(٨٦٢). كم هو جميل!؟ الله يقول: يا محمد هذه المرأة التي جاءتك تشتكي، انا قد سمعت الشكوى، فالشكوى إلى الله تعالى إذن هي شكوى مسموعة.
ثقافة الشكوى إلى الله:
لاحظوا ثقافة الدعاء الجميلة. يقول الامام زين العابدين (عليه السلام) في المناجاة:
إلهي اليك اشكو، ماذا يشكو? لا يشكو فقراً، لا يشكو مرضاً، (اليك اشكو نفساً بالسوء امارة، وبالخطيئة مبادرة، وبمعاصيك مولعة تسرع بي إلى الحوبة، وتسوف لي التوبة، كثيرة العلل، طويلة الامل، ان مسّها الخير تمنع، وان مسّها الشر تجزع)(٨٦٣)، هذه شكوى جميلة إلى الله تبارك وتعالى.
الادعية هكذا تثقفنا، ان نشكو إلى الله، الشكوى هي علامة محبة وعشق وتواصل، مع الله تبارك وتعالى.
ماذا قال يعقوب (عليه السلام) عند فقد يوسف (عليه السلام)؟ لجأ إلى الله تعالى وقال: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إلى الله وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾(٨٦٤).
ثقافة الشكوى هذه هي التي يتحدث عنها الامام الحسين (عليه السلام) حين يقول:
(اشكو اليك غربتي وبعد داري وهواني على من ملَّكته امري) (الهي إلى مَنْ تَكِلُنِي، إلى قَرِيبِ يَقْطَعُنِي، أَمْ إلى بَعِيدِ فيَتَجَهَّمُنِي، أَمْ إلى الْمُسْتَضْعِفِينَ لِي وأَنْتَ رَبِّي ومَلِيكُ أَمْرِي، أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي وبُعْدَ دَارِي وهَوَانِي عَلَى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي)(٨٦٥).
هذا شعور عظيم ان يشعر الانسان بالغربة والوحشة والفقر والضعف حتى وهو في أعز احواله، حتى وهو سلطان، حتى وهو خليفة، هذه الثقافة هي ثقافة الائمة الاطهار (عليهم السلام)، ثقافة دعاء الامام زين العابدين (عليه السلام) (ارْحَمْ في هذِهِ الدُّنْيا غُرْبَتي، وفِي الْقَبْرِ وَحْدَتي، وفِي اللَّحْدِ وَحْشَتي، واِذا نُشِرْتُ لِلْحِسابِ بَيْنَ يَدَيْكَ ذُلَّ مَوْقِفي)(٨٦٦).
(ارْحَمْ في هذِهِ الدُّنْيا غُرْبَتي)، نستشعر دائماً اننا في هذه الدنيا غرباء. مهما ملك الانسان وهو في اسعد الحالات لكن يقول: (ارْحَمْ في هذِهِ الدُّنْيا غُرْبَتي)، المؤمن في الدنيا غريب، لان الآخرة هي دار القرار. انما نحن الان في سفر. نحن مفارقون. نحن راحلون. هناك ملتقانا، ولهذا يجب ان نستشعر دائماً الغربة، والوحدة والضعف في هذه الدنيا، الضعف الشخصي فضلاً عن الضعف العام.
الخسارة الكبرى:
(اللَّهمَّ اِنّا نَشْكُو اِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا، وكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وقِلَّةَ عَدَدِنا، وشِدّةَ الْفِتَنِ بِنا، وتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا).
علينا ان ندرك ونعرف ان من اعظم الخسائر هي غيبة وليّنا وامامنا عنا.
هذه خسارة ولا أكبر منها? بعد فقد نبينا (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
تصوروا أُمَّة إنسانية كاملة بلا امام، هذه خسارة كبرى، نحن رعية بلا راعي، راعينا غائب. امامنا غائب. (نشكو اليك غيبة ولينا)، طبعاً هنا لن نبحث بحثاً عقائدياً حول غيبة الامام المهدي (عجَّل الله فرجه)، والتي تحدث عنها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والائمة الاطهار (عليهم السلام).
رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول: (المهدي من ولدي تكون له غيبة تضل فيها الامم)(٨٦٧).
الإمام الصادق (عليه السلام) يقول فيما روي عنه: (والله ليغيبن امامكم سنيناً من دهركم، حتى يقال مات او هلك في اي وادٍ سلك، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين. ولتكفؤن كما تكفأ السفن في امواج البحر، فلا ينجو الا من اخذ الله ميثاقه، وثبت في قلبه الايمان وايدّه بروح القدس)(٨٦٨).
هذا هو مفهوم الغيبة، رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) تنبأ به، الائمة الاطهار (عليهم السلام) حدثونا عنه حتى يقال (مات اوهلك في اي وادٍ سلك).
لماذا الغيبَة:
يوجد هنا بحث عقائدي اشير له اشارة سريعة.
(دونالستون) وهو أحد الكتاب الغربيين لديه كتاب اسمه (عقيدة الشيعة)، يستعرض فيه عقائد الشيعة ويناقشها، ومن جملة ما يستعرضه قضية الامام المهدي (عجَّل الله فرجه) ثم يناقشها ويقول: لماذا لا يظهر اذا كان موجوداً لا في سراء الشيعة ظهر، ولا في ضرائهم. لا في سراء المسلمين وانتصاراتهم، ولا في مشاكلهم، وما جرى عليهم من بلاء!!!
اذن ما معنى ادخار الامام المهدي وغيبته ? وما فائدة وجوده؟ لا في انتصاراتهم حضر ليشاركهم، ولا في هزائمهم حضر لينصرهم!!
لاحظوا هذه علامة استفهام، اذن لا وجود للإمام المهدي (عليه السلام)، هذه هي شبهة يذكرها المستشرقون، لكن هي شبهة غير صحيحة.
جوابنا عليها بشكل موجز، اولاً وثانياً.
الجواب الاول: نعتقد ان هذه اسرار الهية، الغيبة سرٌ الهي، الظهور سرٌ الهي، النبوة سرٌ الهي، لا نستطيع نحن ان نضع بوصلة لهذه الاسرار الالهية، متى يبعث الله نبياُ؟
أحياناً وخلال خمسمئة عاماً لم يبعث الله نبيا، ما بين عيسى (عليه السلام) ونبينا (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، وما بين موسى (عليه السلام) وعيسى (عليه السلام). ما بعث الله انبياء، لماذا؟
لا ندري، هذه اسرارٌ في النبوة وهكذا الامامة، حمل الامانة الالهيّة سرّ من اسرار الله تعالى (امناء الله على ارضه)، كيف يتحركون? ومتى؟ هذه اسرارٌ، ليس بالضروري ان نعرف تفاصيلها، وخطوطها التفصيلية، لا ليس بالضرورة، مثل النبوة ايضاً، الان يعتقد الجميع ان عيسى بن مريم حيّ في عالم السماء، كما يقول القرآن: (بل رفعه الله اليه)، جيد كيف نفسر ذلك؟ المسيحي او المسلم? كيف يفسر (بل رفعه الله اليه)? وان عيسى (عليه السلام) حيٌ في السماء? وسينزل إلى الارض؟ وهذا هو ما يعتقد به النصارى والغربيون عموماً كيف نفسر ذلك ? ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ﴾(٨٦٩) كيف نفسرها? هذه اسرار لا نعلمها، اساساً، فان الدين قائم على أساس الايمان بالغيب، الايمان بالأسرار الإلهية، وهي المحركات الاساسية، نحن انما نعيش في المظهر. هذا هو الجواب الاول.
الجواب الثاني: عدم توفر شروط النصر العالمي.
الامام صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) انما يظهر عند توفر شروط النصر العالمي.
كيف ستكون المعركة؟ كيف تدار? ما هي الاليات? لا نعلمها، لكن بلا شك لابد من توفر شروط النصر العالمي التي في ضوئها يأذن الله تبارك وتعالى لوليه بالفرج.
صور من الشكوى:
نرجع إلى الشكوى إلى الله تعالى.
الإمام امير المؤمنين (عليه السلام) يشكو إلى الله تبارك وتعالى كما في دعاء كميل:، (يامَنْ إِلَيْهِ شَكَوْتُ أَحْوالِي، يا عَلِيماً بِضُرِّي وَمَسْكَنَتِي، يا خَبِيراً بَفَقْرِي وَفاقَتِي)(٨٧٠)، هذا من جمال العلاقة مع الله.
الشكوى تعني ماذا?
الشكوى تعني بث الهم لمن تحب، ولمن تثق به، ولمن نأمل منه المساعدة.
انت تتكلم مع من يعلم ما في قلبك? في نفس الوقت الثقة بان هذا المشتكى اليه قادر على ان يعالج موقفك.
 الامام علي (عليه السلام) في شدة المعارك يرفع يده بالدعاء فيقول: (يا من اليه شكوت احوالي، يا عليما بضري ومسكنتي).
الشكوى تمثل جمال العلاقة والتواصل مع الله تبارك وتعالى، حينئذٍ ماذا يقول دعاء الافتتاح?
يقول: (نَشْكُو اِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا، وكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وقِلَّةَ عَدَدِنا، وشِدّةَ الْفِتَنِ بِنا، وتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا).
الفتح العاجل:
والان بعد هذه الشكوى ماذا نريد من الله؟
نريد منك يا إلهنا: (فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وآلِهِ، واَعِنَّا عَلى ذلِكَ بِفَتْح مِنْكَ تُعَجِّلُهُ)، همّنا الكبير الذي نشكوه إلى الله تبارك وتعالى هو همّ الدين، هذا ما يثقفنا عليه دعاء الافتتاح، ان همّكم ايها المسلمون المؤمنون لا يكون هو الهم الشخصي بل هو همّ الدين والاسلام والمسلمين.
لاحظوا ماذا يقول الحديث الشريف?
يقول الامام الصادق (عليه السلام): (نَفَسُ المهموم لظلمنا تسبيح)(٨٧١).
إن الإنسان يهتم لمصيبة اهل البيت (عليهم السلام)، يعني لمصيبة ائمة المسلمين، يعني لمصيبة الامة الاسلامية التي ضيعت حظها، (نَفَسُ المهموم لظلمنا تسبيح)، ماذا يعني ذلك?
يعني يجب ان نحمل همّ مظلومية الدين، ومظلومية ائمة الدين، هذا هو همنا الكبير، وهذا هو الادب الذي يؤدبنا عليه ائمتنا (عليهم السلام).
الان بعد هذه الشكوى، ماذا نريد منك يا إلهنا?
نريد منك (بِفَتْح مِنْكَ تُعَجِّلُهُ)، الفتح من الله تعالى، الهي نحن غير قادرين، (شِدّةَ الْفِتَنِ بِنا، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وقلة عددنا).
الان يا شبابنا لاحظوا ماذا يفعل الاستكبار العالمي خلال الحرب الصلبة والحرب الناعمة؟
قد نكون الآن في العراق احسن حالاً من كثير من الشعوب في فقرها، في الحصار عليها، في ذبحها.
ماذا يجري على المسلمين?
بالأمس ماذا جرى في مدينة من مدن افغانستان، حيث قتل وجرح مئات من البنات الصغيرات في مدرسة، وكان ذنبهم أنها مدرسة تحمل اسم (سيد الشهداء)، زاد القتلى على تسعين والجرحى على اكثر من ذلك، ما ذنب هؤلاء?(٨٧٢)
في فلسطين ماذا يجري من الهجوم على المسجد الاقصى؟ في اليمن ماذا يجري?
العالم الاسلامي يعيش (وكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وقِلَّةَ عَدَدِنا، وشِدّةَ الْفِتَنِ بِنا، وتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا). يا الهنا نريد منك (فَتْح مِنْكَ تُعَجِّلُهُ)، الفتح والنصر العاجل من الله تعالى.
هذه هي الحقيقة التي يجب ان نستلهمها دائماً، الفتح ليس بيدنا، وانما هو من الله تبارك وتعالى، النصرٌ من الله، ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ الله﴾(٨٧٣).
أذكر أنِّي في مثل هذه الايام من شهر رمضان عام ١٩٧٩م كنت في السجن في بغداد ومحكوم عليّ بالإعدام في غرفة صغيرة انظر من نافذة صغيرة في أعلى الغرفة ويظهر لي من هذه النافذة أبراج مديرية الامن العامة في بغداد، يومئذٍ كان صدام في عنفوانه وانا سجين وحيد وغريب، كنت انظر هذه الابراج العملاقة وهذه القدرات الامنية، واقول: كيف نستطيع ان نسقط هؤلاء? نحن نريد ان نسقط هذا النظام، ونخلّص الشعب العراقي منه، لكن كيف ذلك؟
هنا تأتي قصة الثقة بنصر الله تبارك وتعالى، (بفتحٍ منك تعجله)، وليس منا، نحن لا نستطيع، الفتح هو من عند الله تعالى(واَعِنَّا عَلى ذلِكَ بِفَتْح مِنْكَ تُعَجِّلُهُ)، وما النصر الا من عند الله، هذه ايضاً معالجة نفسية لنا، هذه ايضاً ثقافة لنا، نحن دائماً يجب ان نشكو إلى الله، نلجأ إلى الله، لا نثق ولا نغتر بأنفسنا ولا بقوانا، نحن غير قادرين ابداً، (وما النصر الا من عند الله).
 في معركة (حنين) يحدثنا القرآن الكريم أنه كان عدد المسلمين اثني عشر الف مقاتل، وأمامهم قبيلة هوازن وثقيف وأعدادهم أقل من عدد المسلمين، لكن القرآن يقول: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ﴾(٨٧٤).
حيث قال جمع من المسلمين (انا لا نُغلَب اليوم من قلَّة)، نحن اثنا عشر الف، وعدونا اقل من عندنا، ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً﴾(٨٧٥)، فقد هُزِمَ المسلمون ﴿وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ﴾(٨٧٦).
بعد ذلك نادى العباس وكان مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، (يا اهل بيعة العقبة يا أصحاب بيعة الشجرة)، جاؤوا حينئذٍ حيث يقول القرآن الكريم: ﴿ثم أَنَزلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا﴾(٨٧٧).
ماذا كانت مشكلة المسلمين هنا؟ المشكلة هي اصابتهم بالغرور، قالوا (لن نُغلَب من قلَّة)، نحن كثرة ولن نُغلَب، لكنهم غُلبوا وولّوا مدبرين!!
لهذا يقول الدعاء: (واَعِنَّا عَلى ذلِكَ بِفَتْح مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وبِضُرٍّ تَكْشِفُهُ، ونَصْر تُعِزُّهُ، وسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ)، فلابد من العون الالهي لان النصر منه تعالى لا من غيره.
نحن ننتظر سلطان الحق، ننتظر قيام الامام الحجة (عجَّل الله فرجه)، وقيام الدولة الاسلامية العالمية.
هذا تلخيص لهمومنا، وهكذا يجب ان يكون المؤمن حاملاً للهم الاكبر.
علاقتنا العاطفية مع الامام؟
هل من معينٍ فأطيل معه البكاء?
علاقتنا مع الامام المهدي (عليه السلام)ليست علاقة نظرية، يجب ان تكون علاقة قلبية وجدانية، علاقة حب، علاقة عشق، علاقة تواصل مستمر، (لَيْتَ شِعْرِي أيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوى بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَرى؟، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرى الخَلْقَ وَلا تُرى)، عزيز علينا، ان نعيش وإمامنا غائب لا نراه (عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرى الخَلْقَ وَلا تُرى وَلا أَسْمَعُ لَكَ حَسِيساً وَلا نَجْوى، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ تُحِيطَ بِكَ دُونِيَ البَلْوى وَلا يَنالُكَ مِنِّي ضَجِيجٌ وَلا شَكْوى)، (عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أُجابَ دُونَكَ وَأُناغَى) (عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَبْكِيَكَ وَيَخْذُلَكَ الوَرى) (عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْكَ دُونَهُمْ ما جَرى) (هَلْ مِن مُعينٍ فَأُطِيلَ مَعَهُ العَوِيلَ وَالبُكاءَ) (هَلْ مِنْ جَزُوعٍ فَأُساعِدَ جَزَعَهُ إِذا خَلا) (هَلْ قَذِيَتْ عَينٌ فَساعَدَتْها عَيْنِي عَلَى القَذى) (هَلْ إِلَيْكَ يَا بْنَ أَحْمَدَ سَبِيلٌ فَتُلْقى?)
هذا هو التواصل الحي والساخن مع صاحب العصر (عليه السلام)، هذا الاستشعار الحزين لغيبة امامنا، واننا نبحث عنه ونريد لقاءه، (مَتى تَرانا وَنَراكَ وَقَدْ نَشَرْتَ لِواءَ النَّصْرِ?) يا ابن رسول الله، يا صاحب الامر انظر حالنا، انظر شدة الفتن بنا، انظر تظاهر الزمان علينا.
(مَتى نَنْتَقِعُ مِنْ عَذْبِ مائِكَ فَقَدْ طالَ الصَّدى)، هذا هو نمط التعامل الذي يعلمنا عليه الدعاء وثقافة الدعاء.
(اللهم، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وآلِهِ، واَعِنَّا عَلى ذلِكَ بِفَتْح مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وبِضُرٍّ تَكْشِفُهُ، ونَصْر تُعِزُّهُ، وسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ، ورَحْمَة مِنْكَ تَجَلِّلُناها، وعافِيَة مِنْكَ تُلْبِسُناها، بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ).
الآن نحن نكون قد اتينا على نهاية دعاء الافتتاح، ونكون قد وقفنا على ابواب توديع شهر رمضان المبارك.
نهاية المطاف:
انا هنا لديّ وصية لكم وعندي توديع لشهر رمضان المبارك.
أما الوصية، فهي وصية امير المؤمنين (عليه السلام)، حيث كان (عليه السلام) يقول:
(ان الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وان الاخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكلٍ منهما بنون، فكن من ابناء الاخرة، ولا تكونوا من ابناء الدنيا، فان اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل).
وصيتي لكم ايها السادة والسيدات، الشباب بالخصوص، (كونوا من اهل الاخرة)، (اللهم واذا جمعت الاولين والاخرين يوم القيامة فارحمنا)، هذا هو همّنا، هذا هو هدفنا، (وفي النار على وجوهنا فلا تكببنا ومع الشياطين فلا تغلنا).
كونوا من ابناء الاخرة، هذه وصية الامام علي (عليه السلام)، ارفعها اليكم يا سادتنا الكرام. كل واحد يفكر بنفسه انا من اهل الدنيا? همومي دنيوية? ام همومي أخروية?
مقياس واضح كل واحد يعرف نفسه ان همّه دنيوي، أو همّه أخروي، ليكن همنا هو همّ الاخرة، كونوا من ابناء الاخرة، ولا تكونوا من ابناء الدنيا.
امّا توديع شهر رمضان المبارك:
الامام السجاد (عليه السلام) يقول:
(السلام عليك يا شهر الله الاكبر، ويا عيد اوليائه).
أنت راحل، سلامٌ عليك يا شهر رمضان، سلامٌ عليك ايها الشهر الحبيب، سلامٌ عليك يا شهر اللقاء مع الله، سلامٌ عليك يا شهر الضيافة عند ارحم الراحمين، نودعك إلى السنة القادمة، ونلتقي ان شاء الله، سلامٌ عليك من شهرٍ كريمٍ رحيمٍ، سلامٌ عليك من شهرٍ هو عند الله افضل الشهور، ايامه افضل الايام، رحلت عنا، وهذه المائدة لُفت، هنيئا لمن استطعم من هذه المائدة.
(السلام عليك يا اكرم مصحوبٍ من الاوقات، ويا خير شهرٍ في الايام والساعات).
(السلام عليك من مجاورٍ رقت فيه القلوب)، ايُّ مجاور كريم انت?
اي مجاور طيب انت؟
ايها الشهر يا شهر رمضان، (السلام عليك من مجاورٍ رقت فيه القلوب وقلت فيه الذنوب) (السلام عليك من ناصرٍ اعان على الشيطان، وصاحبٍ سهَّل سُبُل الاحسان)، اللهم انا اهل هذا الشهر، وقد مضى وانتهى، فاجعلنا ممن فاز بضيافتك، يا ارحم الراحمين، واجعلنا ممن اعتقته من النار، ورزقته الجنة، اجعلنا ممن قبلته ضيفاً عندك، يا صاحب المضيف الكبير، لا تردنا خائبين، يا من لا يرد سائله، ولا يخيب آمله، يا اكرم من سئل، ويا أجود من أعطى، ارحمنا برحمتك وفرج عنا، وفرج عن امام زماننا، واجعلنا من انصاره واشياعه والمستشهدين بين يديه، ولا تحرمنا ما سألناك، بلطفك يا لطيف، بجودك يا جواد، بكرمك يا كريم، (يا من أمر بالعفو والتجاوز، يا من ضمَّن نفسه العفو والتجاوز، يا من عفا وتجاوز اعف عنا وتجاوز)، واعطنا حاجاتنا، حاجاتنا قليلة، وهي عندك يسيرة، يا ارحم الراحمين، وصل اللهم على محمدٍ واله الطيبين الطاهرين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مصادر التحقيق

القران الكريم
نهج البلاغة
الاحتجاج - الطبرسي
الاسرار الفاطمية - محمد فاضل المسعودي
الاقبال بالأعمال الحسنة - ابن طاووس
٣٠٠ قصة تربوية - حسناء القبانجي
أمالي - الطوسي
الامام الصادق (عليه السلام) - محمد حسن المظفر
الامام المهدي في العلم والقرآن والسنّة - صدر الدين القبانجي
انساب الاشراف - البلاذري
بحار الانوار - محمد باقر المجلسي
البرهان في تفسير القران - هاشم البحراني
بلاغة الامام علي (عليه السلام) - جعفر الحائري
ترجمة الامام الحسين (عليه السلام) - ابن عساكر
تفسير - البغوي
تفسير - القرطبي
تهذيب الاحكام - الطوسي
ثواب الاعمال وعقاب الاعمال - الصدوق
جامع السعادات - محمد مهدي النراقي
حياة الامام المهدي (عليه السلام) - باقر شريف القرشي
الخصال - الصدوق
خصائص امير المؤمنين (عليه السلام) - النسائي
دفاع عن الشريعة - صدر الدين القبانجي
دفاع عن العقيدة - صدر الدين القبانجي
رسالة الولاية - محمد حسين الطباطبائي
الرسائل التوحيدية - محمد حسين الطباطبائي
الروضة في فضائل امير المؤمنين (عليه السلام) - ابي الفضل شاذان القمي
رياض الصالحين - يحي النوري
شجرة طوبى - محمد مهدي الحائري
شرح احقاق الحق - المرعشي
شرح اصول الكافي - محمد صالح المازندراني
شرح النهج - ابن ابي الحديد
شرح دعاء أبي حمزة - صدر الدين القبانجي
شرح دعاء السحر - الامام الخميني
شرح رسالة الحقوق - الشهيد السيد حسن القبانجي
الطرف - بن طاووس
عدة الداعي - ابن فهد الحلي
عصر الظهور - الكوراني
العمدة - ابن البطريق
العوالم - الشيخ عبد الله البحراني
عيون اخبار الرضا - الصدوق
الغدير - الاميني
فتح الباري - لابن حجر
قصص الانبياء - بن كثير
الكافي - الكليني
اللهفوف في قتلى الطفوف - ابن طاووس
المحاسن - احمد البرقي
مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي
مسند الامام علي (عليه السلام) - الشهيد السيد حسن القبانجي
مصباح المتهجد - الطوسي
مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية - الامام الخميني
معجم أحاديث المهدي (عجَّل الله فرجه) - الكوراني
مفتاح الفلاح - البهائي

الهوامش:

ــــــــــــــــــــــ
(١) ذكر دعاء الافتتاح الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد(ص ٥٧٧)، والسيد بن طاووس في إقبال الأعمال(١٤١٧ق، ص٣٢٥ - ٣٢٢)، والكفعمي في المصباح (١٤١٤ق، ص٧٧٣ - ٧٧٠) والبلد الأمين(١٤١٨ق، ص٢٧٤ - ٢٧١) والمجلسي في زاد المعاد (١٤٢٣ق، ص٨٩ - ٨٦) والشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان (١٣٦٩ش، ص٣٢١). وينقل أن الراوي لهذا الدعاء هو محمد بن عثمان العمري أحد نواب الإمام الحجة (عجَّل الله فرجه) (مهدوي كني، ترجمه وشرح دعاء افتتاح، ١٣٨٦ش، ص٢). وإن كان هذا الدعاء حسب الظاهر لم ينقل من الإمام المعصوم (عليه السلام)، لكن نظرا إلى أن محمد بن عثمان العمري كان أحد النوّاب الخاصة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وكان يداوم على هذا الدعاء، ونظرا أيضا إلى المضامين العالية للدعاء واعتماد السيد ابن طاووس عليه، فيمكن التأكيد على أن هذا الدعاء صدر عن الناحية المقدسة للإمام العصر (عجَّل الله فرجه) أو وصل إلينا عن طريق أحد المعصومين, وهومن أدعية شهر رمضان المبارك، والذي يُدعى به في كلّ ليلة من ليالي هذا الشّهر. يحتوي الدعاء على مضامين أخلاقية وروحية تُهمّ الداعي، كما يمكن استخلاص بعض المفاهيم العقائدية من الدعاء، ويتضمن الدعاء الصلاة على النبي وعلى أهل بيته فرداً فرداً. (المحقق).
(٢) دعاء كميل، من الأدعية المروية عن الإمام علي (عليه السلام). عُرف باسم راويه كميل بن زياد النخعي (رحمه الله). الدعاء فيه مضامين عقائدية توحيدية وعرفانية عالية، كما فيه أدب التذلل والخضوع بين يدي الله تعالى. وهو من الأدعية التي يواظب الشيعة على قراءته في ليالي الجمعة وبعض المناسبات الدينية. قام عدّة من الأعلام بشرحه وبيان أسراره، واعتبره العلامة المجلسي من أفضل الأدعية (المحقق)
(٣) كميل بن زياد النخعي (١٢ ـ ٨٢ هـ)، ومن خواص الإمام علي (عليه السلام) والإمام الحسن (عليه السلام)، وكان في مقدمة الشيعة الذين بايعوا الإمام علي (عليه السلام) بالخلافة، وشهد معارك الإمام في عهده منها صفين، وكان كميل صاحب سر أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضا (المحقق)
(٤) دعاء أبي حمزة الثمالي من الأدعية التي اشتهرت عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام)، وهو مناجاته في ليالي شهر رمضان المبارك، ومنسوب إلى راويه أبي حمزة الثمالي, وهو يحتوى على مضامين عالية في الاعتقادات والسير والسلوك والأدب مع الله تعالى، وهناك شروح عديدة ألفت حول هذا الدعاء، منها: شرح محمد إبراهيم السبزاوري، وشرح محمد تقي بن حسين علي الهروي الأصفهاني، وشرح آية الله جوادي الآملي(المحقق).
(٥) أبو حمزة ثابت بن دينار الثُّماليِّ، المعروف بأبي حمزة الثمالي، محدثّ ومفسّر ومن الرواة الشيعة في القرن الثاني للهجرة، وأحد أصحاب الإمام السجاد والإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الكاظم (عليهم السلام). اشتهر بروايته لدعاء الإمام السجاد (عليه السلام)، والذي يُعرف بدعاء أبي حمزة الثمالي، والذي يُقرأ في ساعات السَّحَر في شهر رمضان المبارك (المحقق).
(٦) محمد بن عثمان بن سعيد العمري، (ت ٣٠٥ هـ) المعروف بـالخلّاني والمُكنّى بأبي جعفر، هو السفير أو النائب الثاني من النواب الأربعة للإمام الثاني عشر المهدي (عجَّل الله فرجه) (المحقق)
(٧) النواب الأربعة، هم السفراء الذين مثّلوا الواسطة بين الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه). وبين الشيعة إبّان الغيبة الصغرى وكانوا من وجوه الطائفة وأصحاب الأئمة المعروفين والمعتمد عليهم، وقد تسنّموا النيابة الخاصة عن الإمام (عجَّل الله فرجه). واحداً تلو الآخر، وكانوا على اتصال مع سائر وكلاء الإمام في شتّى بقاع العالم الاسلامي يحملون إليهم رسائله وتوصياته المعروفة في الوسط الشيعي بـالتوقيعات, وهم عثمان بن سعيد العمري, ومحمد بن عثمان العمري, والحسين بن روح, وعلي بن محمد السَمُري(المحقق).
(٨) قال فيه الإمام العسكري (عليه السلام): (العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليك عني فعني يؤديان)(الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٣٣٠).
(٩) الشيخ الطوسي هو محمد بن الحسن بن علي بن الحسن (٣٨٥ ــ ٤٦٠ هـ) المعروف بشيخ الطائفة. ومن كبار المتكلمين والمحدثين والمفسرين والفقهاء الشيعة. قدم إلى العراق من خراسان وتتلمذ على يد العلماء هناك كالشيخ المفيد والسيد المرتضى. أسند إليه الخليفة العباسي كرسي كلام بغداد. وعندما احترقت مكتبة شابور إثر هجوم طغرل بيك اضطر للهجرة إلى النجف فأسس الحوزة العلمية هناك. تسلم المرجعية بعد وفاة السيد المرتضى وقد خدم العالم الإسلامي لا سيما مذهب الإمامية خدمات جليلة من خلال تربية آلاف الطلاب وتأليف العشرات من الكتب العلمية الخالدة والتي لا تزال لها أثرها المشهود، (المحقق)
(١٠) السيد رضي الدين، علي بن موسى بن جعفر بن طاووس المعروف بــالسيد بن طاووس من أحفاد الإمامين الحسنين (عليهما السلام) ومن كبار علماء الشيعة، صاحب المصنفات الكثيرة ومنها: كشف المحجة لثمرة المهجة، مصباح الزائر، الملهوف على قتلى الطفوف ومهج الدعوات ومنهج العبادات. تتلمذ على يديه كبار العلماء منهم العلامة الحلي ووالده الشيخ يوسف سديد الدين. لقّب بجمال العارفين (المحقق).
(١١) محمد باقر بن محمد تقي المجلسي المعروف بالعلامة المجلسي أو المجلسي الثاني، (١٠٣٧ ــ ١١١٠ هـ) من محدثي الشيعة وفقهائهم المعروفين، صاحب المصنفات الكثيرة منها موسوعة «بحار الأنوار» والتي تعدّ أكبر دائرة معارف حديثية شيعية (المحقق).
(١٢) دعاء الصباح، هو الدعاء الّذي كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يُعقّب به بعد صلاة الصبح، وهو يحتوي على مضامين حِكميّة وعرفانيّة وكلاميّة بيّنها في قالب ألفاظ وعبارات أدبيّة. ولِما لهذا الدّعاء من الأهمّيّة فقد قام بعض الأعلام بشرحه والتّعليق عليه (المحقق).
(١٣) من خطبة للإمام السجاد (عليه السلام) في الشام بعد عودة السبايا وفي مجلس الطاغية يزيد(المحقق)
(١٤) سورة مريم الآية ٣٠, و٣١
(١٥) انظر في ذلك لسان العرب/ لابن منظور
(١٦) ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، هو أحد كتب الحديث عند الشيعة، من تأليف المحدث والفقيه الشيخ الصدوق. يحتوي الكتاب على قسمين: القسم الأول: مختص بالأحاديث التي وردت في (ثواب الأعمال)، والقسم الثاني: مختص بالأحاديث التي وردت في (عقاب الأعمال)، وهو مورد توجه علماء وفقهاء الشيعة، حيث اعتبروه من الأصول الروائية المهمة لديهم (المحقق).
(١٧) محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المشهور بـالشيخ الصدوق من أعاظم علماء القرن الرابع الهجري. ولد سنة ٣٠٥ هـ، وتوفي ٣٨١ هـ. ودفن في مدينة الرّي. ترك الصدوق ٣٠٠ أثر علمي، لكن الكثير من هذه المؤلفات فقدت، ولم يعثر عليها. من أهم مؤلفاته كتاب من لا يحضره الفقيه وهو من الكتب الأربعة المعتمدة لدى الشيعة وأيضا الخصال وعلل الشرائع ومعاني الأخبار وعيون أخبار الرضا. ومن أبرز تلامذته السيد المرتضى والشيخ المفيد (المحقق).
(١٨) ثواب الأعمال - الشيخ الصدوق - الصفحة ١٣
(١٩) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٤٨٤/ باب الثناء قبل الدعاء/ الحديث الاول
(٢٠) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٩٥ - باب الشكر - الحديث السادس
(٢١) الشيخ علي النمازي الشاهرودي (١٣٣٣ هـ - ١٤٠٢ هـ).عالم محدِّث كان من المهتمين بعلم الحديث الشيعي والمؤلِّفين المكثرين في هذا المجال، وقد قال عنه جعفر السبحاني في ترجمته له: «اعتنى كثيراً بروايات وأخبار أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، ورواة حديثهم». كما ترجم له محمد رضا النصيري في اثر آفرينان واصفاً إيَّاه بقوله: «عالم ديني، فقيه، محدِّث، ومتكلِّم». وترجم له محمد شريف الرازي في گنجينه دانشمندان مثنياً عليه بالقول: «حجة الإسلام والمسلمين قدوة العلماء العاملين الحاج الشيخ علي بن العالم الكامل والعابد الزاهد آية الله الحاج الشيخ محمد المعروف بالنمازي الشاهرودي، من علماء مشهد المعاصرين وأئمة الجماعة (المحقق)
(٢٢) مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي الشاهرودي - ج ٤ - الصفحة ١٥١
(٢٣) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٥ - الصفحة ٣٥٨
(٢٤) سورة هود الآية ٨٨.
(٢٥) دعاء مكارم الأخلاق، واحد من الأدعية المعروفة المروية عن الإمام السجاد (عليه السلام) في الصحيفة السجادية ولأنه يحتوي على مضامين عالية ودروس أخلاقية ومعارف سلوكية تربوية وعرفانية، فقد حاز الأهمية لدى المحققين والعلماء وأهل الذكر والدعاء، وأصحاب السير والسلوك المعنوي، ولذا فقد قام مجموعة من المتقدمين والمتأخرين بشرحه وتفسيره. هذا الدعاء ناظر في أبعاده وجوانبه التربوية إلى حياة الفرد والمجتمع والجماعة، وتعليم القيم والقوانين الأخلاقية والتربوية. وهو ٣٠ فقرة ساقها الإمام (عليه السلام) وضمّن ٢٢ فقرة منها مسائل الأخلاق، وبدأ ٢٠ فقرة منها بالصلاة على محمد وآله وطلب كل ما فيه الخلق الحَسن. ثم يختم بطلب التوفيق من الله تعالى لذلك (المحقق).
(٢٦) الصحيفة السجادية، الدعاء ٢٠.
(٢٧) مفاتيح الجنان للشيخ القمي فصل زيارة امير المؤمنين (عليه السلام).
(٢٨) الحر بن يزيد الرياحي، أحد زعماء أهل الكوفة وساداتها، قد أرسله عبيد الله بن زياد ليساير الحسين (عليه السلام)، ويراقب حركته، وقد ندم في اللحظات الأخيرة في يوم عاشوراء؛ فالتحق بـالحسين (عليه السلام)، واستشهد معه بكربلاء سنة ٦١ هـ (المحقق).
(٢٩) العوالم، الإمام الحسين (عليه السلام) - الشيخ عبد الله البحراني - الصفحة ٢٥٤.
(٣٠) عمر بن سعد بن أبي وقاص، المعروف بـابن سعد كان أمير جيش عبيد الله بن زياد في واقعة كربلاء. توجه عمر بن سعد إلى كربلاء مع ٤ آلاف مقاتل لمقاتلة جيش الإمام الحسين (عليه السلام) طمعاً في حكم الري وكان له الدور البارز في تلك الواقعة وفي استشهاد عدد من أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام). ورمى بأول سهم على الحسين (عليه السلام) وأنصاره معرباً عن عزمه الراسخ على قتالهم وبعد أن استشهد الحسين (عليه السلام) وأصحابه أمر بأن توطئ أجسادهم بالخيل. قتل ابن سعد سنة ٦٦ هـ على يد المختار الثقفي، ولم ينل حكم الري (المحقق).
(٣١) اللهوف في قتلى الطفوف - السيد ابن طاووس - الصفحة ١٩٣.
(٣٢) سورة الانعام الآية ١٢٥.
(٣٣) سورة ال عمران الآية ١٦٤.
(٣٤) الكافي - الشيخ الكليني: ج٢، ص٥٢.
(٣٥) الكافي - الشيخ الكليني: ج٢، ص٥٢.
(٣٦) الكافي - الشيخ الكليني: ج٢، ص٦٨: (عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): "يَا إِسْحَاقُ، خَفِ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، فَإِنْ كُنْتَ تَرَى أَنَّهُ لَا يَرَاكَ فَقَدْ كَفَرْتَ، وإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَرَاكَ ثُمَّ بَرَزْتَ لَهُ بِالْمَعْصِيَةِ فَقَدْ جَعَلْتَهُ مِنْ أَهْوَنِ النَّاظِرِينَ عَلَيْكَ).
(٣٧) سورة الحجر الآية ٩٩.
(٣٨) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣٥٣٨.
(٣٩) رواه في تفسير البغوي/ معالم التنزيل / ج٣/ ص٣٤٧.
(٤٠) للمزيد مراجعة ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣٦٥٨.
(٤١) الروضة في فضائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): ٢٣٥، لأبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمي، المعروف بابن شاذان القمي، المتوفى بحدود سنة: ٦٠٠ هجرية، طبعة مكتبة الامين، قم/إيران.
(٤٢) سورة طه الآية ٨٢.
(٤٣) سورة الاعراف الآية ١٥٦.
(٤٤) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٠٨ - الصفحة ١٠٤.
(٤٥) سورة الاعراف الآية ١٥٦.
(٤٦) سورة الاعراف الآية ١٥٦.
(٤٧) البحار: ج١٤ ص٣٨.
(٤٨) رياض الصالحين - يحيى بن شرف النووي - الصفحة ٢٤٣.
(٤٩) دعاء الجوشن الكبير، أحد الأدعية المنقولة عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وهو مئة فصل وكل فصل عشرة أسماء، وهذا الدعاء - وبحسب الروايات - نزل به جبرائيل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)كُتبت عليه عدة شروح من بعض العلماء قديماً وحديثاً. يقرأ هذا الدعاء في ليالي شهر رمضان خاصة ليالي القدر.
(٥٠) مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي.
(٥١) سورة النازعات الآية ٣٧.
(٥٢) سورة الفجر الآية ٢٥و٢٦.
(٥٣) سورة المدثر الآية ٣٨.
(٥٤) سورة ال عمران الآية ٣٠.
(٥٥) سورة الزلزلة الآية ٨.
(٥٦) للمزيد مراجعة كتاب دفاع عن العقيدة / لسماحة السيد صدر الدين القبانجي / ص١٦٠ نظرية العرفاء.
(٥٧) سورة فصلت الآية ٤٦.
(٥٨) سورة الاسراء الآية ٢٠.
(٥٩) المحاسن - أحمد بن محمد بن خالد البرقي - ج ١ - الصفحة ٢٢٦.
(٦٠) سورة يوسف الآية ١٥.
(٦١) البرهان في تفسير القرآن المؤلف: البحراني، السيد هاشم الجزء: ٣ صفحة: ١٥٩
(٦٢) الصحيفة السجادية، كتاب يشتمل على ٥٤ دعاء ومناجاة للإمام السجاد (عليه السلام) رابع أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، ويحظى بمكانة عظيمة بين الشيعة، ويأتي بالمرتبة الثلاثة بعد القرآن الكريم ونهج البلاغة، ويُعرف باسم "زبور آل محمد" و"إنجيل أهل البيت (عليهم السلام) لقد بيّن الإمام السجاد (عليه السلام) في طيات أدعيته كثيراً من المعارف، منها: معرفة الله، ومعرفة الكون، ومعرفة الإنسان، وعالم الغيب، والملائكة، ورسالة الأنبياء، ومكانة الأنبياء وأهل البيت (عليهم السلام) والإمامة، والفضائل الأخلاقية، والأمور الاجتماعية والاقتصادية، وإشارات تاريخية، ونعم الله، وآداب الدعاء، وتلاوة القرآن، والصلاة، وغيرها من المعارف الدينية. وأشهر أدعية الصحيفة هو دعاء مكارم الأخلاق. إضافة لمكانته عند الشيعة، لقد مدح بعض علماء أهل السنة فصاحة الكتاب وبلاغته أيضاً. يذكر الآغا بزرك الطهراني في الذريعة ما يقارب ٥٠ شرحاً للصحيفة، من أشهرها: رياض السالكين لابن معصوم المدني. تُرجمت الصحيفة للغات عدة، منها الفارسية، والإنجليزية والفرنسية، والتركية، والإسبانية، والأردو وغيرها من اللغات(المحقق).
(٦٣) الصحيفة السجادية (ابطحي) - الإمام زين العابدين (عليه السلام) - الصفحة ٤١٨.
(٦٤) سورة الاسراء الآية ٤٤.
(٦٥) سورة البقرة الآية ١٥٢.
(٦٦) سورة الاسراء الآية ٧٠.
(٦٧) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٤٧٢(عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: صوت معروف ولم يحجب عن السماء ومن لم يتقدم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: إن ذا الصوت لا نعرفه) (المحقق).
(٦٨) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٤٨٨.
(٦٩) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٤٨٩.
(٧٠) سورة البقرة الآية ١٥٢.
(٧١) سورة غافر الآية ٦٠.
(٧٢) الصحيفة السجادية، دعاء رقم (٤٧).
(٧٣) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٥ - الصفحة ٣٧٧.
(٧٤) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٧ - الصفحة ٣٨٩ (عن الامام الرضا (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى ينزل ملكا " إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير، وليلة الجمعة في أول الليل، فيأمر فينادي: هل من سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ يا طالب الخير أقبل، ويا طالب الشر أقصر، فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء)(المحقق).
(٧٥) سورة الاسراء الآية ٧٠.
(٧٦) مفاتيح الجنان للشيخ القمي(دعاء الجوشن الكبير)
(٧٧) من دعاء ابي حمزة الثمالي للمزيد من الشرح راجع كتاب شرح ابي حمزة الثمالي لسماحة السيد صدر الدين القبانجي (المحقق).
(٧٨) سورة الحج الآية ٦٥.
(٧٩) سورة فاطر الآية ٤١.
(٨٠) أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي المعروف بثقة الإسلام الكليني من كبار محدثي الشيعة الإمامية ومؤلف كتاب الكافي الذي يعدّ من أهم المصادر الحديثية الأربعة عند الشيعة. ولد في عصر الغيبة الصغرى ولقي بعض المحدثين الذين سمعوا الحديث مباشرة من الإمام الهادي أو الإمام العسكري (عليهما السلام). وصفه الرجاليون بالدقة والضبط في نقل الحديث (المحقق).
(٨١) الكافي من مصادر الحديث لدى الشيعة وأكثر الكتب الأربعة اعتبارا، وهو من تأليف محمد بن يعقوب بن إسحاق المشهور بثقة الإسلام الكليني. ويشتمل الكتاب على ثلاثة أقسام: أصول الكافي، وفروع الكافي، وروضة الكافي، ويعد من أهم المصادر لدى العلماء. وكان الضابط لدى الكليني في جمع الأحاديث عدم معارضتها للقرآن وموافقتها للإجماع. نقل الكليني أحاديث هذا الكتاب بأقل الوسائط؛ وذلك بسبب علاقته بأصحاب الأئمة وأن الأصول الأربعمائة كانت في متناول يده. واعتقد بعض العلماء الشيعة بصحة جميع الروايات الموجودة في الكافي، واعترف البعض الآخر بوجود أحاديث ضعاف فيه. وقيل إن تسمية الكتاب بالكافي مأخوذة من رواية منسوبة إلى الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) إلَّا أن الكثير من العلماء خالفوا هذا الادِّعاء (المحقق).
(٨٢) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ١٥٠.
(٨٣) سورة الاعراف الآية ٥٨.
(٨٤) سورة التغابن الآية ١١.
(٨٥) سورة يونس الآية ١٠٠.
(٨٦) سورة ال عمران الآية ١٦٦.
(٨٧) سورة الحج الآية ٣٩.
(٨٨) سورة يونس الآية ٥٩.
(٨٩) سورة البقرة الآية ١٥٢.
(٩٠) سورة البقرة الآية ١٨٦.
(٩١) سورة غافر الآية ٦٠.
(٩٢) محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المشهور بـالشيخ الصدوق من أعاظم علماء القرن الرابع الهجري. ولد سنة ٣٠٥ هـ، وتوفي ٣٨١ هـ. ودفن في مدينة الرّي. ترك الصدوق ٣٠٠ أثر علمي، لكن الكثير من هذه المؤلفات فقدت، ولم يعثر عليها. من أهم مؤلفاته كتاب من لا يحضره الفقيه وهو من الكتب الأربعة المعتمدة لدى الشيعة وأيضا الخصال وعلل الشرائع ومعاني الأخبار وعيون أخبار الرضا. ومن أبرز تلامذته السيد المرتضى والشيخ المفيد.(المحقق)
(٩٣) الخصال، كتاب ألّفه محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي، المشهور بالشيخ الصدوق (ت٣٨١ هـ)، وهو أحد أشهر فقهاء ومحدثي الشيعة. يشتمل كتاب الخصال على روايات أخلاقيّة وعقائديّة وِفْقَ ترتيب ونظام عددي متدرّج. ولم يسبق للمحدثين أن استفادوا من هذا النظام في ترتيب الروايات قبل الشيخ الصدوق.(المحقق)
(٩٤) شرح نهج البلاغة ج١٨ ـ ابن أبي الحديد
(٩٥) سورة غافر الآية ٦٠.
(٩٦) راجع كتاب بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٠ - الصفحة ٣٦٠ ورد فيها احاديث في استجابة الدعاء للصائم(المحقق).
(٩٧) سورة النساء الآية ١٧.
(٩٨) سورة النساء الآية ١١٠.
(٩٩) سورة النساء الآية ٤٨.
(١٠٠) سورة ابراهيم الآية ٧.
(١٠١) السيد أبو القاسم الخوئي (١٥ رجب ١٣١٧ هـ - ٨ صفر ١٤١٣ هـ) من أبرز فقهاء الشيعة ومراجع التقليد في القرن الرابع عشر الهجري. تتلمذ على يد كبار العلماء في النجف الأشرف من أمثال الميرزا النائيني والآغا ضياء العراقي، والشيخ الكمباني, تعلّم السيد الخوئي الكثير من العلوم الرائجة في الحوزة العلمية, تصدّى آية الله الخوئي الى مقام مرجعية الشيعة العامة لسنين عديدة، وصبّ جل اهتمامه خلالها على نشر الشريعة الإسلامية في سائر بقاع المعمورة، كما تأسّست الكثير من المؤسسات العلمية والثقافية والخدماتية، في شتّى بلدان العالم تحت إشرافه(المحقق).
(١٠٢) مسجد الخضراء من المساجد القديمة في مدينة النجف، وهو الآن ضمن حدود حرم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان السيد الخوئي يُدرّس فيه، ودُفن الى جوار المسجد بعد وفاته. (المحقق)
(١٠٣) قطب الدين سعيد بن عبد الله الراوندي، (متوفى ٥٧٣ هـ) المعروف بالقطب الرواندي محدث ومفسّر ومتكلّم وفقيه وومؤرّخ شيعي في القرن السادس الهجري. كان من تلامذة الشيخ الطبرسي صاحب تفسير مجمع البيان، وله مؤلفات عديدة أشهرها كتاب الخرائج والجرائح، ومن أبرز تلامذته ابن شهر آشوب المازندراني والشيخ منتجب الدين الرازي.(المحقق)
(١٠٤) الدعوات - قطب الدين الراوندي - الصفحة ٣٨.
(١٠٥) التابعي وهو الشخص الذي لاقى أحد صحابة الرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) سواء كان مميزاً أم لا، وسمع منه أو لا، وقد اشترط فيه العلماء عدة شروط، ومنها: طول ملازمته للصحابي، أو صحة السماع منه.(المحقق)
(١٠٦) الحسن بن يسار البصري (٢١ - ١١٠ هـ) إمام وقاضي ومحدّث من علماء التابعين ومن أكثر الشخصيات البارزة في عصر صدر الإسلام. سكن البصرة، وعظمت هيبته في القلوب فكان يدخل على الولاة فيأمرهم وينهاهم، ولا يخاف في الحق لومة لائم. تنقل الحسن البصري بين أكثر من مدينة حيث كان مسقط رأسه في المدينة المنورة ونشأته إلى أن سافر إلى كابل عندما اتجهوا إلى فتحها، كما عمل كاتبًا للربيع في خراسان وكان ذلك في عهد معاوية بن أبي سفيان، بعدها استقر في البصرة حتى حصل علي لقبه البصري وأصبح يعرف باسم "الحسن البصري"(المحقق).
(١٠٧) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٥ - الصفحة ١٥٣.
(١٠٨) وسائل الشيعة (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة): ١٠ / ٣١٣، حديث رقم: ١٣٤٩٤، للحر العاملي خطبة الرسول الاعظم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بمناسبة شهر رمضان المبارك.
(١٠٩) سورة المؤمنون الآية ٦٠.
(١١٠) سورة البقرة الآية ٢٠٠.
(١١١) سورة البقرة الآية ٢٠١.
(١١٢) سورة الفرقان الآية ٧٤.
(١١٣) سورة ال عمران الآية ١٩٠ الى الآية ١٩٤.
(١١٤) سورة النمل الآية ١٩.
(١١٥) سورة الاسراء الآية ١١.
(١١٦) مفاتيح الجنان / للشيخ عباس القمي / من ادعية ليالي شهر رمضان المبارك.
(١١٧) سورة الرعد الآية ٣٩.
(١١٨) شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ١٧١.
(١١٩) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٢ - الصفحة ٢٩٣.
(١٢٠) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٢ - الصفحة ٨٧٠.
(١٢١) شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٠ - الصفحة ٤٥٠.
(١٢٢) مفاتيح الجنان المؤلف: القمي، الشيخ عباس صفحة: ٧٦٣.
(١٢٣) سورة الرعد الآية ٢٢.
(١٢٤) راجع شرح هذه النظرية في كتاب (دفاع عن العقيدة) للمؤلف ص٢٢٤
(١٢٥) قصص الأنبياء لابن كثير: الجزء الثاني.
(١٢٦) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٤٧٢
(١٢٧) الصحيفة السجادية - الإمام زين العابدين (عليه السلام) - الصفحة ٢٢٣
(١٢٨) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٤ - الصفحة ٣١٦
(١٢٩) سورة البقرة الآية٢٥٦
(١٣٠) سورة الحشر الآية ٢٣.
(١٣١) سورة الرعد الآية ١٦.
(١٣٢) سورة الذاريات الآية ٤٧.
(١٣٣) وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج ٤ - الصفحة ١١٢٦ز
(١٣٤) نهج البلاغة: ٣٩، طبعة صبحي الصالح.
(١٣٥) دعاء العشرات تعتبر من الأدعية المعتبرة بل في غاية الاعتبار، وفي نسخ رواياته اختلاف، ذَكرته كتب الأدعية المعروفة، وقد علّمه أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسين (عليه السلام). وقد أكّدت الرّوايات على قراءته صباحاً ومساءً وخاصّة يوم الجمعة. هذا الدّعاء يحتوى على مضامين أخلاقيّة واعتقادية كالإقرار بالتوحيد والنبوة والإمامة. وسمّي بالعشرات لأن فقراته الأخيرة تتكرّر. بمعنى أن كلّ واحدة من فقراتها تكرّر عشر مرّات.(المحقق)
(١٣٦) مفاتيح الجنان / الشيخ عباس القمي
(١٣٧) سورة الملك الآية ١.
(١٣٨) سورة ال عمران الآية ٢٦.
(١٣٩) مفاتيح الجنان ويليه الباقيات الصالحات/ الشيخ عباس القمي/ - الصفحة ١٦٢.
(١٤٠) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء يوم الثلاثاء.
(١٤١) سورة الاعراف الآية ١٢.
(١٤٢) سورة الاعراف الآية ١٢.
(١٤٣) سورة الاعراف الآية ١٣.
(١٤٤) سورة الاعراف الآية ١٤.
(١٤٥) سورة الاعراف الآية ١٥.
(١٤٦) سورة الاعراف الآية ١٦.
(١٤٧) سورة الاعراف الآية ١٨.
(١٤٨) سورة التكوير الآية ٢٩.
(١٤٩) سورة الانسان الآية ٣.
(١٥٠) سورة النبأ الآية ٣١.
(١٥١) سورة النبأ الآية ٢١و٢٢.
(١٥٢) سورة الكهف الآية ٥٤.
(١٥٣) سورة البقرة الآية ١٨٥.
(١٥٤) مواقع الكترونية.
(١٥٥) سورة البقرة الآية٣٠.
(١٥٦) سورة البقرة الآية ٣٠.
(١٥٧) سورة البقرة الآية ٣٠.
(١٥٨) سورة البقرة الآية ٣٢.
(١٥٩) سورة الاعراف الآية ١٢
(١٦٠) سورة الحجر الآية ٣٩
(١٦١) سورة البقرة الآية٣٥٤
(١٦٢) سورة البقرة الآية ٣٧
(١٦٣) سورة البقرة الآية٣٨
(١٦٤) سورة ال عمران الآية ٤٩
(١٦٥) سورة القمر الآية ٤٩
(١٦٦) سورة القدر الآية ٤
(١٦٧) سورة الاعراف الآية ٥٤
(١٦٨) سورة طه الآية ٥٠
(١٦٩) سورة الواقعة الآية٥٩
(١٧٠) سورة المؤمنون الآية ١٤
(١٧١) سورة طه الآية ٥٠
(١٧٢) سورة الشعراء الآية ٧٩,٨٠,٨١
(١٧٣) سورة الانسان الآية ٣٠
(١٧٤) مفاتيح الجنان للشيخ القمي / دعاء الجوشن الكبير
(١٧٥) مفاتيح الجنان للشيخ القمي / دعاء الجوشن الكبير
(١٧٦) سورة الحشر الآية ٢٤
(١٧٧) مفاتيح الجنان للشيخ القمي / دعاء كميل بن زياد
(١٧٨) انظر محمد حسين الطباطبائي/ الرسائل التوحيدية, حين يقول: (سيطرة الاسمين الحي القيوم واقعة على جميع الأسماء الثبوتية غير الوحدة, قال تعالى: (الله لا اله الا هو الحي القيوم) فبالتوحيد في الآية يتم شمولها لجميع الأسماء الثبوتية) ص٤٦ طبعة قم.
(١٧٩) سورة البقرة الآية ٢٥٥
(١٨٠) مواقع الكترونية
(١٨١) سورة الاسراء الآية ٤٤
(١٨٢) سورة الانبياء الآية ٣٣
(١٨٣) سورة المائدة الآية ٦٤
(١٨٤) سورة المائدة الآية ٦٤
(١٨٥) سورة الحجر الآية ٢١
(١٨٦) سورة المنافقون الآية ٧
(١٨٧) السيد محمد حسين الطباطبائي، المعروف بـالعلامة الطباطبائي (١٣٢١ - ١٤٠٢ هـ)، مفسّر، ومتكلّم، وفقيه، وأصولي، وعارف. من كبار علماء الشيعة في القرن الرابع عشر الهجري. ومن الشخصيات الشيعية الكبيرة التي تركت بصمات واضحة على الساحة العلمية والفكرية في إيران وفي العالم الإسلامي. خطّ قلمه الكثير من المصنفات، ويقع في مقدمتها موسوعته التفسيرية الميزان في تفسير القرآن، فضلاً عن الكتب الفلسفية كبداية الحكمة ونهاية الحكمة وكتابه المعروف أصول الفلسفة والمنهج الواقعي الذي تصدى الشهيد المطهري لشرحه والتعليق عليه(المحقق).
(١٨٨) سورة الحجر الآية٢١
(١٨٩) سورة الحجر الآية٢١
(١٩٠) رسائل توحيدية/ الطباطبائي/ ص١٠٩ - ١١٠
(١٩١) دعاء السِمات، ويسمّى أيضاً (دعاء الشبور) كما قال الكفعمي، وهو دعاء عظيم المنزلة، يقرأه الشيعة في آخر ساعة من يوم الجمعة، ولهم في تعظيم هذا الدعاء مستند ودليل، ومنه: رواية الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه فيه الاسم الأعظم، وقد قام عدّة من الأعلام بشرح هذا الدّعاء لما له من الأهميّة والمكانة.(المحقق)
(١٩٢) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء شهر رجب
(١٩٣) المصباح - الكفعمي - الصفحة ٢٩٥ روى أن ملك الموت (عليه السلام) علم يعقوب (عليه السلام) هذا الدعاء فدعا به فلم يطلع الفجر حتى اتى بقميص يوسف (عليه السلام)
(١٩٤) الصحيفة السجادية الكاملة - الإمام زين العابدين (عليه السلام) - الصفحة ٢٣٨
(١٩٥) سورة الرحمن الآية ٢٦
(١٩٦) سورة القصص الآية ٨٢
(١٩٧) سورة ابراهيم الآية ٤٨
(١٩٨) سورة فاطر الآية ١٦
(١٩٩) المصباح - الكفعمي - الصفحة ٢٩٥
(٢٠٠) الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين (عليه السلام)
(٢٠١) سورة الفرقان الآية ٦٧
(٢٠٢) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٠ - الصفحة ٣٦٠
(٢٠٣) البكر بالفتح من الإبل بمنزلة الغلام من الناس والأنثى: بكرة.(الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ١٣٩)
(٢٠٤) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ١٣٩, وبحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٠ - الصفحة ١٧٧
(٢٠٥) بحار الأنوار: ٩٥ / ٣٩٠، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي، من ادعية شهر رجب
(٢٠٦) سورة النساء الآية ٣٢.
(٢٠٧) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ المناجاة المنظومة لأمير المؤمنين (عليه السلام)
(٢٠٨) مفتاح الفلاح - البهائي العاملي - الصفحة٢٥٣ من ادعية شهر شعبان
(٢٠٩) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٢ - الصفحة ١٠٥١
(٢١٠) إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس - ج ٣ - الصفحة ١٧٤
(٢١١) شرح دعاء السحر / الامام الخميني/ ص٩٠ - ١١٠
(٢١٢) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء كميل بن زياد
(٢١٣) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٥١٧
(٢١٤) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء ابي حمزة الثمالي
(٢١٥) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/دعاء كميل
(٢١٦) انظر شرح دعاء السحر / الامام الخميني («شرح دعاء السحر» أوّل كتاب نجح الإمام الخميني في تأليفه حينما كان له من العمر سبعة وعشرون عاماً.
هذا الكتاب الشريف واللطيف كان من جملة الآثار العرفانية للإمام الخميني وقد نوّه فيه باسم استاذه آية الله الشيخ محمّد علي الشاه آبادي - طاب ثراه - مراراً وجاء بأنظاره كراراً؛ ونظراً إلى أنّ سماحة الإمام نال مصاحبة آية الله الشاه آبادي وكان قد بدأ بتأليف الكتاب قبل ذلك الوقت، وكان في منتصف تأليفه تقريباً، فلذلك نشاهد أنّه يأتي بأنظار استاذه من الصفحة ١٠٥ فما بعد في المتن وقبله في الهامش)(المحقق)
(٢١٧) سورة الانبياء الآية ٨٧
(٢١٨) سورة الانبياء الآية ٨٨
(٢١٩) سورة الصافات الآية ١٠٢
(٢٢٠) سورة الصافات الآية ١٠٢
(٢٢١) سورة الصافات الآية ١٠٧
(٢٢٢) دعاء كميل بن زياد
(٢٢٣) السيد علي القاضي الطباطبائي التبريزي، عارفٌ وفيلسوف وأستاذُ أخلاق في حوزة النجف الأشرف العلمية. ولد سنة ١٢٨٢ هـ في مدينة تبريز. تتلمذ على يده العديد من العلماء، وكان يُشير من بينهم إلى السيد محمد حسين الطباطبائي والسيد هاشم الموسوي الحداد، والشيخ محمد تقي بهجت. هاجر إلى النجف وحصل على درجة الاجتهاد، واتبع بطريقته العرفانية طريقة الملا حسين قلي الهمداني. نُقل أنّ له كرامات عديدة، كما له مؤلّفات، منها: تفسير القرآن الكريم، وقصائد شعرية باللغة العربية والفارسية. توفي سنة ١٣٦٦ هـ، ودُفن في مقبرة وادي السلام(المحقق).
(٢٢٤) الشيخ حسن علي نجابت ولد في شيراز وتوفي فيها سنة ١٤١٠ ودفن في حرم السيد محمد بن موسى الكاظم (عليه السلام), درس في النجف الأشرف على السيد أبو الحسن الأصفهاني والسيد عبد الهادي الشيرازي والسيد أبو القاسم الخوئي. وأخذ دروس الحكمة عن الشيخ محمد علي البروجردي والعرفان عن السيد علي القاضي والآقا محمد جواد الأنصاري الهمذاني. وفي سنة ١٣٢٨ عاد إلى إيران فأسس في شيراز حوزة علمية وبنى مدرسة كبيرة سماها باسم ابنة الذي استشهد في جبهة عبادان. له من المؤلفات كتاب البصائر أو القرآن وأهل البيت، وشرح الزيارة الرجبية، والكلمة الطيبة، والبشارة وغير ذلك.(المحقق)
(٢٢٥) مصباح المتهجد - الشيخ الطوسي - الصفحة٨١٤
(٢٢٦) المناجاة الشعبانية بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩١ - الصفحة
(٢٢٧) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩١ - الصفحة.
(٢٢٨) مفاتيح الجنان للشيخ القمي
(٢٢٩) كشف الخفاء - العجلوني - ج ٢ - الصفحة١١٠
(٢٣٠) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء ابي حمزة
(٢٣١) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء ابي حمزة
(٢٣٢) سورة المؤمنون الآية ٦٠
(٢٣٣) الكافي/ الكليني/ باب الخشوع في الصلاة، ص٣٠٠.(ورد انه (عليه السلام) كان إذا توضأ للصلاة يصفر لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟ فيقول: تدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟)
(٢٣٤) سورة المائدة الآية ٨٣
(٢٣٥) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء ابي حمزة
(٢٣٦) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١ - الصفحة٢١١ من خطبة للإمام علي (عليه السلام)
(٢٣٧) مناجاة المحبين الصحيفة السجادية - الإمام زين العابدين (عليه السلام) - الصفحة٤١٣
(٢٣٨) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٥٣٨
(٢٣٩) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء ابي حمزة
(٢٤٠) الدلال في اللغة هو النعومة والتمايل والاغراء
(٢٤١) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء ابي حمزة
(٢٤٢) البرهان في تفسير القرآن - ج٤ - السيد هاشم البحراني/ تفسير سورة ص/ ص٥١
(٢٤٣) البرهان في تفسير القرآن - ج٣ - السيد هاشم البحراني ص١٧٦
(٢٤٤) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٢ - الصفحة ١٤١
(٢٤٥) سورة المعارج الآية١٩ الى ٢١
(٢٤٦) سورة الاحزاب الآية ٧٢
(٢٤٧) سورة عبس الآية ١٧
(٢٤٨) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء يوم عرفة.
(٢٤٩) مفاتيح الجنان للشيخ القمي دعاء ابي حمزة
(٢٥٠) من دعاء الامام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة/راجع مفاتيح الجنان للشيخ القمي
(٢٥١) سورة الاسراء الآية ٧٠
(٢٥٢) سورة الاحزاب الآية ٧٢
(٢٥٣) من دعاء الامام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة/راجع مفاتيح الجنان للشيخ القمي
(٢٥٤) من دعاء الامام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة/راجع مفاتيح الجنان للشيخ القمي
(٢٥٥) سورة فاطر الآية ١٥
(٢٥٦) سورة الاعراف الآية ١٨٨
(٢٥٧) سورة الاحزاب الآية ٧٢
(٢٥٨) من دعاء الامام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة/راجع مفاتيح الجنان للشيخ القمي
(٢٥٩) من دعاء الامام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة/راجع مفاتيح الجنان للشيخ القمي
(٢٦٠) سورة البقرة الآية ٣٠
(٢٦١) سورة البقرة الآية ٣٠
(٢٦٢) سورة البقرة الآية ٣٠
(٢٦٣) سورة الانبياء الآية ٨٧
(٢٦٤) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء ابي حمزة الثمالي
(٢٦٥) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء ابي حمزة الثمالي
(٢٦٦) سورة الاعراف الآية ١٥٦
(٢٦٧) سورة يوسف الآية ٨٧
(٢٦٨) سورة العنكبوت الآية ٢٣
(٢٦٩) سورة النساء الآية ٤٨
(٢٧٠) سورة النجم الآية ٩
(٢٧١) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٦ - الصفحة ٢٩
(٢٧٢) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٠ - الصفحة ١٩٠
(٢٧٣) كتاب مسند الإمام علي (عليه السلام) ج ـ ٧ للشهيد السيد حسن القبانچي - ص ٤٠٥.
(٢٧٤) مدينة المعاجز - السيد هاشم البحراني - ج ١ - الصفحة ٤٢.
(٢٧٥) سورة الكهف الآية ٦٥
(٢٧٦) ألكسي كاريل مؤلف كتاب (الإنسان ذلك المجهول) الذي يشتمل على كثير من تجاربه عن الإنسان والحياة من وجهة النظر العلمية البحتة, وقال في مقدمة كتابه هذه «لست فيلسوفا، ولكنني رجل علم فقط، قضيت الشطر الأكبر من حياتي في المعمل أدرس الكائنات الحية، والشطر الباقي في العالم الفسيح أراقب بني الإنسان، وأحاول أن أفهمهم، ومع ذلك فإنني لا أدعي أنني أعالج أمورا خارج نطاق حقل الملاحظة العلمية»(المحقق)
(٢٧٧) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٥ - الصفحة ١٦٧
(٢٧٨) سورة طه الآية ١١٠
(٢٧٩) الصحيفة السجادية - الإمام زين العابدين (عليه السلام) - الصفحة٤١٧
(٢٨٠) هو من أبناء عمّ موسى وهارون، ثار هو وجماعة من رؤساء بني إسرائيل في مئتين وخمسين شخصاً، وحاولوا مقابلة موسى وهارون ؛ لينزعوا زعامة إسرائيل عنهما.
وكان قارون ثريّاً جدّاً ويعتزّ بثَرائه ويَفخر على سائر بني إسرائيل، وكان اُولو البصائر من قومه ينصحونه ويحذّرونه عاقبة ما هو عليه من الخُيَلاء والزهو، وكاد أن يتغلّب على موسى وقومه، لولا أنْ خسف الله به وبداره الأرض، وبكلّ ما كان يَملكه من كنوزٍ (المحقق).
(٢٨١) سورة القصص الآية ٧٦
(٢٨٢) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣٥٥٩
(٢٨٣) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣٥٥٩
(٢٨٤) سورة فصلت الآية ٥٣
(٢٨٥) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٣٢٥
(٢٨٦) سورة الملك الآية ١
(٢٨٧) انظر تفسير الميزان/ ج١٩/ تفسير سورة الملك
(٢٨٨) سورة الحديد الآية ٢
(٢٨٩) سورة يس الآية ٨٣
(٢٩٠) سورة الحج الآية ٦٤
(٢٩١) سورة الرحمن الآية ٣٣
(٢٩٢) سورة الرعد الآية ١٦
(٢٩٣) سورة البقرة الآية ١١٥
(٢٩٤) شرح دعاء السحر / الامام الخميني/ ص٢٠/ نقلاً عن المحقق الداماد في كتابه (التقديسات)
(٢٩٥) سورة الشورى الآية ٣٣
(٢٩٦) سورة الاعراف الآية ٥٧
(٢٩٧) سورة القصص الآية ٧١
(٢٩٨) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ١٨٣
(٢٩٩) سورة الروم الآية ٢٥
(٣٠٠) سورة الحج الآية ٦٥
(٣٠١) الاعراف الآية ٥٨
(٣٠٢) سورة ال عمران الآية ٤٩
(٣٠٣) سورة ص الآية ٣٦
(٣٠٤) سورة سبا الآية ١٢
(٣٠٥) آصف بن برخيا هو أحد علماء بني إسرائيل ومن المقربين من النبي سليمان (عليه السلام) وكان يملك العلم الكبير ويعلم باسم الله الأعظم ويرى عدد من العلماء أنه من أحضر عرش ملكة سبأ إلى سليمان بن داود بطرفة عين. ذكر البعض بأنه كاتبه وذكر آخرون أنه وزيره وأنه ابن أخته. (المحقق)
(٣٠٦) البرهان في تفسير القرآن ج٣ ص٢٠٣ ـ ٠٦.
(٣٠٧) سورة النمل الآية ٤٠
(٣٠٨) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٧ - الصفحة ٩٧
(٣٠٩) الكافي ج ٢ ص ٣٠٦
(٣١٠) انظر كتاب ٣٠٠ قصة تربوية لمؤلفه الدكتورة حسناء القبانجي ص٢١٩/ رقم القصة/٢٠٨ / نقلا عن الكافي الجزء الثاني/ص٣٠٦/ ح٣
(٣١١) يقال انها من نظم السلطان عبد الحميد خان بن السلطان أحمد خان عام ١١٩١ هــ أو من أحد شعراء زمانه في حق الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ونقشت على المقصورة المُنيفة المحيطة بالحجرة النبوية الشريفة وقد استخرجت من كتاب تركي قديم هو "مرآة الحرمين" لأيوب صبري باشا(المحقق)
(٣١٢) سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي - ج ٩ - الصفحة ٤٤٩/ (١/٤٥٦) الخصائص الكبرى/ المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (قال أبو قتادة: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نسير في الجيش إذ لحقهم عطش كاد يقطع أعناق الرجال والخيل والركاب عطشا فدعا بركوة فيها ماء فوضع أصابعه عليها، فنبع الماء من بين أصابعه، فاستقى الناس، وفاض الماء حتى رووا خيلهم وركابهم، وكان من العسكر اثنا عشر ألف بعير، والناس ثلاثون ألفا، والخيل اثنا عشر ألف فرس)(المحقق).
(٣١٣) سورة الفاتحة الآية ٤
(٣١٤) سورة الشورى الآية ١٥
(٣١٥) سورة سبأ الآية ٢٨
(٣١٦) سورة الاحزاب الآية ٤٠
(٣١٧) سورة الاحزاب الآية ٢
(٣١٨) سورة الاحقاف الآية ٩
(٣١٩) سورة الشورى الآية ١٣
(٣٢٠) سورة الاعراف الآية ١٥٧
(٣٢١) سورة ال عمران الآية ١٩٠
(٣٢٢) استعرضنا هذا الموضوع في كتابنا (دفاع عن الشريعة/ الفصل الاول)
(٣٢٣) استعرضنا هذا الموضوع في كتابنا (دفاع عن الشريعة/ الفصل الاول)
(٣٢٤) سورة النجم الآية ٣٢
(٣٢٥) سورة ال عمران الآية ١٦٤
(٣٢٦) نهج البلاغة - خطب الإمام علي (عليه السلام) - ج ٤ - الصفحة ٣٤
(٣٢٧) من لا يحضره الفقيه: ٢ / ٧٤.
(٣٢٨) سورة الاسراء الآية ٣٢
(٣٢٩) سورة الانبياء الآية ٧٣
(٣٣٠) سورة ابراهيم الآية ٥
(٣٣١) سورة الفاتحة الآية ٢
(٣٣٢) سورة الانبياء الآية ١٠٧
(٣٣٣) سورة ال عمران الآية ٤٢
(٣٣٤) سورة الانبياء الآية ٨٩
(٣٣٥) سورة الانبياء الآية ٨٣
(٣٣٦) سورة القصص الآية ٤٢
(٣٣٧) سورة ال عمران الآية ١٩٣
(٣٣٨) سورة البقرة الآية ٢٨٦
(٣٣٩) سورة المؤمنون الآية ٩٧
(٣٤٠) سورة الناس الآية ١
(٣٤١) سورة الفلق الآية ١
(٣٤٢) عدّة الداعي/ لابن فهد الحلي: ١٨٩.
(٣٤٣) البحار: ٧٣ / ١٥٧ / ٣ و٧٢ / ٧٠ / ١ و٧٣ / ١٥٧ / ٣.
(٣٤٤) سورة القصص الآية ٧٦
(٣٤٥) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء ابي حمزة
(٣٤٦) أمالي الطوسي: ٥٩٤ / ١٢٣١
(٣٤٧) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٢٦٨
(٣٤٨) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٧ - الصفحة ٣٠٧
(٣٤٩) سورة طه الآية ١١٠
(٣٥٠) الكافي: ٢ / ٣٥٢ / ٧ وح ٨
(٣٥١) الكافي: ٢ / ٣٥٢ / ٧ وح ٨.
(٣٥٢) سورة الحديد الآية ٢٨
(٣٥٣) رسالة الولاية/ الطباطبائي/ ص٧١
(٣٥٤) عز الدين‌ أبو حامد عبد الحميد بن‌ هبة الله‌، والمعروف بـابن أبي الحديد، من كبار شرّاح نهج البلاغة، سنيّ معتزليّ. شاعر، أديب، فقيه شافعيّ. يذهب إلى تفضيل الإمام علي (عليه السلام) على الخلفاء الثلاثة، الأمر الذي أثار حنق خصومة عليه فوصفوه بالباغي الفاسق والهالك في الجحيم ما لم يتب عن مقولته ويتراجع عنها. وله القصيدة العينية المشهورة التي أنشدها في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد خط بعض أبياتها على أطراف ضريح الإمام (عليه السلام) بماء الذهب، كما له شعر في واقعة الطف أيضاً.(المحقق)
(٣٥٥) يذكر انه في يوم ٥/١٠/١٩٦٥ انتقل الامام الخميني الراحل من تركيا الي منفاه الثاني بالعراق، ليقيم في مدينة النجف الأشرف. ومن منفاه في النجف واصل الامام القاء بحوثه لمرحلة البحث الخارج وعرضه للأسس النظرية لمبدأ الحكومة الإسلامية التي حملت عنوان ولاية الفقيه(المحقق)
(٣٥٦) الحكومة الاسلامية/ الامام الخميني/ ص١٦٥
(٣٥٧) مفاتيح الجنان / للشيخ القمي/ مناجاة امير المؤمنين (عليه السلام) في مسجد الكوفة
(٣٥٨) مفاتيح الجنان / للشيخ القمي/ مناجاة امير المؤمنين (عليه السلام) في مسجد الكوفة
(٣٥٩) مفاتيح الجنان / منظومة الامام علي (عليه السلام):

لَكَ الْحَمْدُ يا ذَا الْجُودِ وَالْمَجْدِ وَالْعُلى تَبارَكْتَ تُعْطي مَنْ تَشاءُ وَتَمْنَعُ
اِلـهي وَخَلاّقي وَحِرْزي وَمَوْئِلي * * * اِلَيْكَ لَدى الْاِعْسارِ وَالْيُسْرِ اَفْزَعُ
اِلـهي لَئِنْ جَلَّتْ وَجَمَّتْ خَطيئَتي * * * فَعَفْوُكَ عَنْ ذَنْبي اَجَلُّ وَاَوْسَعُ
اِلـهي تَرى حالي وَفَقْري وَفاقَتي * * * وَاَنْتَ مُناجاتي الخَفِيَّةَ تَسْمَعُ
اِلـهي فَلا تَقْطَعْ رَجائي وَلا تُزِغْ * * * فُؤادي فَلي في سَيْبِ جُودِكَ مَطْمَعٌ
اِلـهي لَئِنْ خَيَّبْتَني اَوْ طَرَدْتَني * * * فَمَنْ ذَا اَّلذي اَرْجُو وَمَنْ ذا اُشَفِّعُ
اِلـهي اَجِرْني مِنْ عَذابِكَ اِنَّني * * * اَسيرٌ ذَليلٌ خائِفٌ لَكَ اَخْضَعُ
اِلـهي فَآنِسْني بِتَلْقِينِ حُجَّتي * * * اِذا كانَ لي في الْقَبْرِ مَثْوَىً وَمَضْجَعٌ
اِلـهي لَئِنْ عَذَّبْتَني اَلْفَ حِجَّة * * * فَحَبْلُ رَجائي مِنْكَ لا يَتَقَطَّعُ
اِلـهي اَذِقْني طَعْمَ عَفْوِكَ يَوْمَ لا * * * بَنُونَ وَلا مالٌ هُنا لِكَ يَنْفَعُ
اِلـهي لَئِنْ لَمْ تَرْعَني كُنْتُ ضائِعاً * * * وَاِنْ كُنْتَ تَرْعاني فَلَسْتُ اُضَيَّعُ
اِلـهي إذا لَمْ تَعْفُ عَنْ غَيْرِ مُحْسِن * * * فَمَنْ لِمُسيء بِالهَوى يَتَمَتَّعُ
اِلـهي حَليفُ الْحُبِّ في اللَّيْلِ ساهِرٌ يُناجي وَيَدْعُو وَالْمُغَفَّلُ يَهْجَعُ
اِلـهي وَهذَا الْخَلْقُ ما بَيْنَ نائِم وَمُنْتَبه في لَيْلَهِ يَتَضَرَّعُ
اِلـهي لَئِنْ فَرَّطْتُ فِي طَلَبِ التُّقى فَها اَنَا اِثْرَ الْعَفْوِ اَقْفُو وَاَتْبَعُ

(٣٦٠) فيلسوف وعالم منطق ورياضي ومؤرخ وناقد اجتماعي بريطاني(المحقق)
(٣٦١) نقلا عن اصول الفلسفة والنهج الواقعي/ السيد محمد حسين الطباطبائي/ ج٢/ ص٥٧٢/ تعليقات الشيخ المطهري
(٣٦٢) للمزيد مراجعة كتاب دفاع عن العقيدة لمؤلفه سماحة السيد صدر الدين القبانجي (المحقق)
(٣٦٣) مقطع من دعاء الافتتاح
(٣٦٤) سورة البقرة الآية ١١٥
(٣٦٥) سورة الحديد الآية ٣
(٣٦٦) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٨٨
(٣٦٧) سورة الحشر الآية ٢٤
(٣٦٨) سورة الرحمن الآية من ١ الى ٤
(٣٦٩) سورة الشمس الآية ٧, ٨
(٣٧٠) سورة الاعلى الآية و٢١
(٣٧١) عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع الباهلي (١٢١ هـ - ٢١٦ هـ/ ٧٤٠ - ٨٣١ م) راوية العرب، وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان. كان كثير التطواف في البوادي، يقتبس علومها ويتلقى أخبارها، ويتحف بها الخلفاء، فيكافأ عليها بالعطايا الوافرة. أخباره كثيرة جداً. وكان الرشيد يسميه (شيطان الشعر). قال الأخفش: ما رأينا أحداً أعلم بالشعر من الأصمعي. وقال أبو الطيب اللغوي: كان أتقن القوم للغة، وأعلمهم بالشعر، وأحضرهم حفظاً. وكان الأصمعي يقول: أحفظ عشرة آلاف أرجوزة. وللمستشرق الألماني وليم أهلورد كتاب سماه (الأصمعيات) جمع فيه بعض القصائد التي تفرد الأصمعي بروايتها. (المحقق)
(٣٧٢) سورة الاحزاب الآية ٣٣
(٣٧٣) سورة المؤمنون الآية ١٠١ الى ١٠٣
(٣٧٤) شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ١٢ - الصفحة ٤٠
(٣٧٥) سورة عبس من الآية ٢٥ الى الآية ٣٢
(٣٧٦) سورة الملك الآية ١٥
(٣٧٧) سورة الذاريات الآية ٢٢
(٣٧٨) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٣٥
(٣٧٩) مفاتيح الجنان / للشيخ القمي/ دعاء الجوشن الكبير
(٣٨٠) سورة النبأ الآية ١٠,١١
(٣٨١) سورة الجاثية الآية ١٣
(٣٨٢) سورة الرحمن الآية ٣و٤
(٣٨٣) سورة الشمس الآية ٧ و٨
(٣٨٤) سورة لقمان الآية ٢٠
(٣٨٥) مفاتيح الجنان / للشيخ القمي/ دعاء ابي حمزة الثمالي
(٣٨٦) سورة ابراهيم الآية ٣٤
(٣٨٧) سورة الحديد الآية ٣
(٣٨٨) سورة ق الآية ١٦
(٣٨٩) سورة الاعلى الآية ٧
(٣٩٠) مفاتيح الجنان / الشيخ القمي/من ادعية شهر رجب يستحب ان يدعو به في كل يوم من شهر رجب
(٣٩١) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء ابو حمزة الثمالي - الامام السجاد (عليه السلام)
(٣٩٢) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء عرفة للإمام الحسين (عليه السلام)
(٣٩٣) الإقبال بالأعمال الحسنة - السيد بن طاووس الجزء: ١ صفحة: ٣٨٢(دعاء الامام الحسن بن علي (عليهما السلام) في ليلة القدر) وفي البحار مذكور رواه: علي بن الحسين (عليهما السلام))(المحقق)
(٣٩٤) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٩٨
(٣٩٥) سورة النور الآية ٣٥
(٣٩٦) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء الحزين: وهو دعاء شريف يدعى به بعد صلاة الليل, ينسب للإمام زين العابدين (عليه السلام) (المحقق)
(٣٩٧) رسالة الولاية/ العلامة الطباطبائي/ ص٢٥ وما بعدها.
(٣٩٨) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٣ - الصفحة ١٩١٠
(٣٩٩) الرسائل التوحيدية / العلامة الطباطائي /ص١٠
(٤٠٠) سور النور الآية ٣٥
(٤٠١) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٠
(٤٠٢) شرح أصول الكافي للمولي محمد صالح المازندراني ج ٤ ص ١٢٥
(٤٠٣) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ١١
(٤٠٤) مفاتيح الجنان / للشيخ القمي/ دعاء كميل بن زياد
(٤٠٥) سورة محمد الآية ٧
(٤٠٦) سورة الصف الآية ١٧
(٤٠٧) سورة الحشر الآية ٨
(٤٠٨) سورة الصف الآية ١٤
(٤٠٩) سورة الصف الآية ١٤
(٤١٠) السيد بن طاووس، اللهوف، ص ١١٦.
(٤١١) سورة يونس الآية ٩٩
(٤١٢) سورة الانسان الآية ٣
(٤١٣) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٥ - الصفحة ٧
(٤١٤) سورة المنافقون الآية ٨
(٤١٥) نهج البلاغة / من دعاء له (عليه السلام) في الفخر بعبوديته لله (عزَّ وجلَّ)
(٤١٦) الخصال: ١٦٩ / ٢٢٢, ايضا الحديث ورد عن الإمام علي (عليه السلام):من أراد الغنى بلا مال، والعز بلا عشيرة، والطاعة بلا سلطان، فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته، فإنه واجد ذلك كله(تنبيه الخواطر: ١ / ٥١).
وعن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): "من أراد عزاً بلا عشيرة وغنىً بلا مال وهيبة بلا سلطان فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته(بحار الأنوار، ج٧٨، ص١٩٢.(المحقق)
(٤١٧) سورة الإسراء (١٧)، الآية: ٧٩
(٤١٨) سورة السجدة (٣٢)، الآية: ١٦
(٤١٩) موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) - الشيخ هادي النجفي - ج ٦ - الصفحة ١٢٥
(٤٢٠) سورة الاسراء الآية ٤٤
(٤٢١) الصحيفة السجادية/ أدعية الايام/ دعاء يوم الاثنين
(٤٢٢) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء كميل بن زياد
(٤٢٣) الإمام الصادق (عليه السلام) المؤلف: الشيخ محمّد حسين المظفّرص٢٠٠
(٤٢٤) الزيارة الجامعة الكبيرة، هي إحدى أهم الزيارات الخاصة بالأئمة المعصومين (عليهم السلام) وأكملها، حيث لم تختص بإمام دون إمام، فيمكن زيارتهم (عليهم السلام) جميعاً من خلال هذه الزيارة، سواء حضر الزائر في مراقدهم الشريفة أم أراد زيارتهم عن بُعد. الزيارة مروية عن الإمام الهادي (عليه السلام) استجابة لطلب أحد الشيعة في زمانه. كما أنّ الزيارة تتضمن معتقدات الشيعة في الإمامة، ووظائف الاُمّة تجاه أهل بيت العصمة (عليهم السلام) (المحقق).
(٤٢٥) مفاتيح الجنان / للشيخ القمي/ الزيارة الجامعة الكبيرة
(٤٢٦) مفاتيح الجنان / للشيخ القمي/ الزيارة الجامعة الكبيرة
(٤٢٧) سورة ال عمران الآية ١٩
(٤٢٨) سورة النمل الآية ١٠
(٤٢٩) مصباح الهداية / الامام الخميني / ص ٥٣
(٤٣٠) سورة ال عمران الآية ١٩٣
(٤٣١) شجرة طوبى - الشيخ محمد مهدي الحائري - ج ١ - الصفحة ١٦
(٤٣٢) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٥ - الصفحة ٣٧٧
(٤٣٣) سورة الانبياء الآية ٨٣
(٤٣٤) سورة الانبياء الآية ٨٩
(٤٣٥) سورة البقرة الآية ١٨٦
(٤٣٦) سورة غافر الآية ٦٠
(٤٣٧) سورة الانبياء الآية ٨٨
(٤٣٨) مفاتيح الجنان / للشيخ القمي/ دعاء البهاء من ادعية السحر في شهر رمضان المبارك
(٤٣٩) سورة الانبياء الآية ٨٨
(٤٤٠) سورة ال عمران الآية ١٩٥
(٤٤١) سورة الانبياء الآية ٩٠
(٤٤٢) سورة البقرة الآية ١٨٦
(٤٤٣) وقد وردت روايات كثيرة في استجابة الدعاء, فعن الإمام زين العابدين (عليه السلام) قال: "...والذنوب التي تردُّ الدعاء وتُظلم الهواء عقوق الوالدين, وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): رحم الله عبدا طلب من الله عز وجل حاجة فألح في الدعاء استجيب له أو لم يستجب (للمزيد مراجعة كتاب الكافي للكليني الجزء الثاني ص ٤٧٥/ باب استجابة الدعاء(المحقق)
(٤٤٤) السيد محمد باقر الصدر، (١٣٥٣ - ١٤٠٠ هـ) فقيه ومفسر، ومفكر شيعي، وقائد عراقي. درس العلوم الدينية عند كبار علماء الحوزة العلمية في النجف من أمثال السيد الخوئي، والشيخ محمد رضا آل ياسين. واستطاع أن يصل إلى مرتبة الاجتهاد في سنين مبكرة، وبدأ بتدريس العلوم الدينية في حوزة النجف. وقد كان مؤلفاً في مجالات مختلفة، كالاقتصاد الإسلامي، والفلسفة الإسلامية، وتفسير القرآن، والفقه، وأصول الفقه، إضافة لكتابه في نظرية المعرفة وهو الأسس المنطقية للاستقراء. لم يكن الصدر غائباً عن الحياة السياسية، فقد أصدر فتواه الشهيرة بحرمة الانتماء لـحزب البعث البائد، كما أنّه أول من دعى إلى إسقاط نظام البعث(المحقق)
(٤٤٥) روي أن الامام الباقر (عليه السلام) كان يقول: «إن المؤمن ليسأل الله (عزَّ وجلَّ) حاجة، فيؤخر عنه تعجيل اجابته حباً لصوته واستماع نحيبه(قرب الاسناد: ١٧١، اصول الكافي: ٥٢٦.), وعن الامام الصادق (عليه السلام): «إن العبد ليدعو فيقول الله (عزَّ وجلَّ) للملكين: قد استجبت له، ولكن احبسوه بحاجته، فإني اُحب أن اسمع صوته، وإن العبد ليدعو فيقول الله تبارك وتعالى: عجلوا له حاجته فإني ابغض صوته(وسائل الشيعة ٤: ١١١٢، ح ٨٧٣١، اصول الكافي: ٥٢٦.), وعن الامام الصادق (عليه السلام): «إن العبد الولي لله ليدعو الله (عزَّ وجلَّ) في الامر ينوبه، فيقال للملك الموكل به: اقض لعبدي حاجته، ولا تعجلها فإني اشتهي أن اسمع صوته ونداءه، وإن العبد العدو لله (عزَّ وجلَّ) يدعو الله (عزَّ وجلَّ) في الامر ينوبه، فيقال للملك الموكل به: اقض حاجته، وعجلها فإني اكره أن اسمع صوته ونداءه»(اصول الكافي: ٥٢٧، وسائل الشيعة ٤: ١١١٢، ح ٨٧٣٢.)(المحقق)
(٤٤٦) وسائل الشيعة (الإسلامية) - الحر العاملي - ج ٤ - الصفحة ١٠٨٦
(٤٤٧) سورة الاسراء الآية ١١
(٤٤٨) اللهوف في قتلى الطفوف ـ السيد ابن طاووس الحسني ص ٣٩(عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: سار محمد بن الحنفية إلى الحسين في الليلة التي أراد الامام الحسين (عليه السلام) الخروج في صبيحتها عن مكة, فقال: يا أخي إن أهل الكوفة من قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى فإن رأيت أن تقيم فإنك أعز من في الحرم وأمنعه.
فقال: يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية في الحرم فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت.
فقال له ابن الحنفية: فإن خفت ذلك فصر إلى اليمن أو بعض نواحي البر فإنك أمنع الناس به ولا يقدر عليك أحد.
فقال (عليه السلام): أنظر فيما قلت.
فلما كان السحر ارتحل الحسين (عليه السلام) فبلغ ذلك ابن الحنفية فأتاه فأخذ زمام ناقته التي ركبها. فقال له: يا أخي ألم تعدني النظر فيما سألتك؟
قال بلى.
قال: فما حداك على الخروج عاجلا.
فقال: أتاني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بعد ما فارقتك، فقال: يا حسين أخرج فإن الله قد شاء أن يراك قتيلا)(المحقق)
(٤٤٩) عدة الداعي - ابن فهد الحلي - الصفحة ١٢٦
(٤٥٠) يذكر ان سماحة السيد صدر الدين القبانجي كان قد حكم عليه بالإعدام من قبل محكمة الثورة المنحلة عام ١٩٧٩ اثر نشاطه مع استاذه الشهيد السيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه, وقد كتب السيد القبانجي عن تلك الايام مذكرات اسماها(٧٥ يوما في انتظار الاعدام) وقد تم طبعها في كتاب تحت هذا العنوان (المحقق)
(٤٥١) الأمالي - الشيخ الصدوق - الصفحة ٥٣٩
(٤٥٢) سورة البقرة الآية٦٠
(٤٥٣) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ المناجاة الشعبانية المروية عن أمير المؤمنين (عليه السلام)
(٤٥٤) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ المناجاة الشعبانية.
(٤٥٥) الصحيفة السجادية - الإمام زين العابدين (عليه السلام) - الصفحة ١٧٦
(٤٥٦) جامع السعادات - محمد مهدي النراقي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٩ (إن الله تعالى إذا ستر على عبد عورته في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفها في الآخرة، وإن كشفها في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفها أخرى ". وورد أيضا: " إنه يؤتى يوم القيامة بعبد يبكي، فيقول الله سبحانه له: لم تبكي؟ فيقول: أبكي على ما سينكشف عني من عوراتي وعيوبي عند الناس والملائكة. فيقول الله: عبدي ما افتضحتك في الدنيا بكشف عيوبك وفواحشك، وأنت تعصيني وتضحك! فكيف أفضحك اليوم بكشفها وأنت تعصيني وتبكي! ". وفي خبر آخر: " إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يطلب يوم القيامة من الله سبحانه ألا يحاسب أمته بحضرة من الملائكة والرسل وسائر الأمم، لئلا تظهر عيوبهم عندهم، بل يحاسبهم بحيث لا يطلع على معاصيهم غيره سبحانه، وسواه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فيقول الله سبحانه: يا حبيبي، أنا أرأف بعبادي منك، فإذا كرهت كشف عيوبهم عند غيرك، فأنا أكره كشفها عندك أيضا، فأحاسبهم وحدي بحيث لا يطلع على عثراتهم غيري ") (المحقق)
(٤٥٧) سورة طه الآية ١١٠
(٤٥٨) بحار الأنوار: ١٨ / ٣٨٢
(٤٥٩) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء السمات
(٤٦٠) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ ص١٧٤ (دعاء عن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) رواه الكفعمي في (البلد الأمين) وقال: إنه دعاء عظيم الشأن سريع الإجابة)(المحقق).
(٤٦١) الطُّرَف للسيّد ابن طاووس:١٨، وبحار الأنوار ٤٧٦:٢٢، والخصال:٦٠٧(ن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (لَمّا حضَرَت رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) الوفاةُ دعا الأنصارَ وقال: يا معشرَ الأنصار، قد حان الفراق... ألا فاسمعوا ومَن حضر، ألا إنّ فاطمة بابُها بابي، وبيتها بيتي, وحجابها حجابي، فَمَن هتكه فقد هتك حجابَ الله!).(المحقق)
(٤٦٢) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ اعمال شهر رجب(وهو دعاء كان يدعو به الصّادق (عليه السلام) في كلّ يوم من رجَب(المحقق)
(٤٦٣) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ اعمال شهر رجب(وهو دعاء كان يدعو به الصّادق (عليه السلام) في كلّ يوم من رجَب (المحقق)
(٤٦٤) الصحيفة السجادية الكاملة - الإمام زين العابدين (عليه السلام) - الصفحة ٢٣٨/ الدعاء السادس والاربعون
(٤٦٥) الصحيفة السجادية/ المناجاة الرابعة/ مناجاة الراجين.
(٤٦٦) مفاتيح الجنان، للمحدث الشيخ عباس القمي (رحمه الله). هي الزّيارة المعروفة بأمين الله وهي في غاية الاعتبار ومرويّة في جميع كتب الزّيارات والمصابيح وقال العلامة المجلسي (رحمه الله) انّها أحسن الزّيارات متناً وسَنداً وينبغي المُواظبة عليها في جَميع الرّوضات المقدّسة وَهي كما روي بأسناد معتبرة عن جابر عَنِ الباقر (عليه السلام) انّه زار الامام زين العابدين (عليه السلام) أمير المؤمنين (عليه السلام) فوقف عند القبر وبكى(المحقق)
(٤٦٧) (٣٠٠) قصة تربوية للدكتورة حسناء القبانجي/ ص٢٧٦/ القصة ٢٧٣/ نقلا عن وسائل الشيعة ٧:٢٤
(٤٦٨) وسائل الشيعة ٤: ١٠٨٤، ح: ٨٦٠٨.(عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: اسألوا الله من فضله، وأجزلوا فإنه لا يتعاظمه شيء)(المحقق)
(٤٦٩) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٤٩٧(عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا بأس بذكر الله وأنت تبول فإن ذكر الله عز وجل حسن على كل حال فلا تسأم من ذكر الله)(المحقق)
(٤٧٠) دعاء الامام السجاد (عليه السلام) يوم الفطر إذا انصرف من صلاته بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٣ - الصفحة ٣٣٥
(٤٧١) الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين (عليه السلام), وكان من دعائه (عليه السلام) بخواتيم الخير
(٤٧٢) مفاتيح الجنان للقمي / دعاء ابي حمزة الثمالي
(٤٧٣) الصحيفة السجادية/الدعاء السادس والأربعون
(٤٧٤) الصحيفة السجادية الكاملة - الإمام زين العابدين (عليه السلام) - الصفحة ٢٣٨
(٤٧٥) الصحيفة السجادية الكاملة - الإمام زين العابدين (عليه السلام) دعاؤه (عليه السلام) في العيدين ويوم الجمعة
(٤٧٦) الصحيفة السجّاديّة/ الإمام السجاد (عليه السلام) الدعاء السادس والأربعون
(٤٧٧) مفاتيح الجنان / للشيخ القمي/ زيارة امين الله
(٤٧٨) مفاتيح الجنان / دعاء علقمة(هو دعاء يُقرأ بعد زيارة عاشوراء، رواه الشيخ الطوسي، وفيه بيان لمكانة وفضل الأئمة (عليه السلام) وفي هذا الدعاء يطلب الداعي من الله تعالى أن يقض حوائجه وأن يحفظه من شر الأعداء رواه علقمة بن محمد الحضرمي؛ ولذا فهو يُنسب إليه ويُسمى باسمه)(المحقق)
(٤٧٩) (المصباح - الكفعمي - الصفحة ١٨٠)عن الكاظم (عليه السلام) قال رأيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ليلة الأربعاء في النوم فقال لي يا موسى أنت محبوس مظلوم يكرر ذلك على ثلثا ثم قال لعله فتنة لهم ومتاع إلى حين أصبح غدا صائما واتبعه بصيام يوم الخميس والجمعة فإذا كان وقت العشاء من عشية الجمعة فصل بين العشائين اثنتي عشرة ركعة تقرأ في كل ركعة الحمد والتوحيد اثنتي عشرة مرة فإذا صليت أربع ركعات فاسجد وقل في سجودك: يا سامع كل صوت ويا مدرك كل فوت.(المحقق)
(٤٨٠) الصحيفة السجادية الكاملة - الإمام زين العابدين (عليه السلام) (رُوِيَ عن أبي حمزة الثمالي ١ أنهُ قال: سمعت علي بن الحسين ٢ (عليه السلام) يدعو في الحِجْرِ في غرة رجب في سنة ابن الزبير، فأنصَتُّ إليه، وكان يقول:
" يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السّائِلينَ، ويَعْلَمُ ضَميرَ الصّامِتينَ، لِكُلِّ مَسْأَلَة مِنْكَ سَمْعٌ حاضِرٌ وجَوابٌ عَتيدٌ، اللهمَّ ومَواعيدُكَ الصّادِقَةُ، واَياديكَ الفاضِلَةُ، ورَحْمَتُكَ الواسِعَةُ، فأسْألُكَ أن تٌصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وآلِ مُحَمَّد، وأنْ تَقْضِيَ حَوائِجي لِلدُّنْيا والآخِرَةِ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَدير)(المحقق)
(٤٨١) مقاتل بن سليمان (توفي: ١٥٠هـ / ٧٦٧م، بالبصرة) هو أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي البلخي من أعلام المفسرين صاحب التفسير المسمى "تفسير مقاتل". أصله من بلخ في أفغانستان "حاليا" وانتقل إلى البصرة، ودخل بغداد فحدث بها (المحقق)
(٤٨٢) الصحيفة السجادية - الإمام زين العابدين (عليه السلام) - الصفحة ٣٩٨
(٤٨٣) مفاتيح الجنان / للشيخ القمي/ دعاء المشلول (وهُو دُعـاء علّمه أمير المؤمِنين (عليه السلام) شابّاً مأخوذاً بِذنبه مشلولاً نتيجة ما عمله من الظّلم والإثم في حقّ والده، فدَعى بهـذا الّدعاء واضطَجع فرأى النّبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في مَنامه وقد مَسَح يَدَه عليه وقال: احتفظ بِاسم الله الأعظم فإنّ عملك يكون بخَير، فانتبه مَعافى)(المحقق)
(٤٨٤) الخصال - الشيخ الصدوق - الصفحة ٧٩
(٤٨٥) سورة النمل الآية٨٩
(٤٨٦) مقتل الحسين (عليه السلام) المؤلف: المقرّم، السيد عبد الرزاق ص ٢٨٢ (قال هلال بن نافع كنت واقفاً نحو الحسين وهو يجود بنفسه، فوالله ما رأيت قتيلاً قطّ مضمّخاً بدمه أحسن منه وجهاً ولا أنور، ولقد شغلني نور وجهه عن الفكرة في قتله)(المحقق)
(٤٨٧) سورة طه الآية ٤٥
(٤٨٨) سورة طه الآية ٤٦
(٤٨٩) مفاتيح الجنان للقمي /دعاء ليلة النصف من شعبان.
(٤٩٠) سورة الرعد الآية ٢٨
(٤٩١) سورة الانبياء الآية ٨٧و٨٨
(٤٩٢) سورة الانبياء الآية ١٠٧
(٤٩٣) سورة سبا الآية ٢٨
(٤٩٤) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣٦٢٩
(٤٩٥) سورة ص الآية ٧٤
(٤٩٦) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٩
(٤٩٧) سورة الاعراف الآية ١٥٠
(٤٩٨) سورة ال عمران الآية ١١٠
(٤٩٩) سورة ال عمران الآية ١٠٤
(٥٠٠) سورة البقرة الآية ٢٢١
(٥٠١) سورة الحجرات الآية ١٣
(٥٠٢) سورة محمد الآية ٣٨
(٥٠٣) مثير الأحزان - ابن نما الحلي - الصفحة ١٦
(٥٠٤) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٩ - الصفحة ٣٢٨
(٥٠٥) الدعاء يقرأ عقيب الفرائض في أيام شهر رمضان رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ غَفَرَ الله لَهُ ذُنُوبَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٥ - الصفحة ١٢٠)
(٥٠٦) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ١٦ - الصفحة ٣٣٧
(٥٠٧) سورة النساء الآية ٧٦
(٥٠٨) سورة النساء الآية ٩٧
(٥٠٩) راجع الخصال/ للشيخ الصدوق/ ص ٥٥٣/ح٣١
(٥١٠) إسماعيل بن محمّد بن يزيد الحِميري، المعروف بالسيّد الحميري، مع أنّه ليس علويّاً ولا هاشميّاً، وإنّما أُطلق عليه السيّد لقباً من أُمّه. كان من أئمّة اللغة والأدب، ومن المتبحّرين في علم التفسير والفقه والفضائل، ومن خبراء وقائع العرب وأيّامهم وأنسابهم ومحاسنهم ومساويهم، بالإضافة إلى ذلك كلّه وقوفه التام على التاريخ العام، وتاريخ الإسلام بالخصوص(المحقق)
(٥١١) غزوة بدر، أو غزوة بدر الكبرى، هي أولى معارك المسلمين ضد مشركي قريش بعد الهجرة إلى المدينة وبقيادة رسول الاسلام (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وكانت الوقعة في ١٧ من شهر رمضان للسنة الثانية للهجرة في منطقة بدر. وقد انتصر المسلمون في هذه الوقعة على خصومهم، بقتلهم وأسرهم عدداً من كبار جيش العدو. ولقد عزز هذا النصر من مكانة المسلمين في المدينة المنورة. ويذكر المؤرخون من أهم أسباب انتصار المسلمين هو البطولات والتضحيات التي قدمها المسلمون على رأسهم الإمام علي (عليه السلام) وحمزة سيد الشهداء. تعد هذه الغزوة إحدى الغزوات اللاتي ذُكرت في القرآن الكريم والتي اعتبرها نموذجا للإمدادات الإلهية.(المحقق)
(٥١٢) الغدير - الشيخ الأميني - ج ٢ - الصفحة ٢٦٩
(٥١٣) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٠٨ - الصفحة ٨٦
(٥١٤) زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، ربيب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ومن أوائل المسلمين، وهو الصحابي الوحيد الذي ذكره الله في القرآن الكريم، ومن المهاجرين إلى المدينة المنورة. روى الحديث عن رسول الله. آخى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بين زيد بن حارثة وحمزة بن عبد المطلب قبل الهجرة، وبينه وبين أسيد بن حضير بعد الهجرة، وتزوج من أم أيمن وأنجبت له أسامة، وشهد معركة بدر، وأحد، والخندق، وخيبر، وأمرّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) على مجموعة من السرايا، منها: سرية القردة، وسرية وادي القرى.(المحقق)
(٥١٥) عبد الله بن رواحة (المتوفى في جمادى الأولى سنة ٨ هـ) صحابي بدري وشاعر وقائد عسكري، وأحد نقباء الأنصار الاثنا عشر، شارك في غزوات النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، وكان أحد الشعراء الذين يدافعون بشعرهم عن النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم). استشهد في يوم مؤتة سنة ٨ هـ، وهو قائد المسلمين أمام الروم وحلفائهم الغساسنة(المحقق)
(٥١٦) قتادة بن النعمان (المتوفي سنة ٢٣ هـ) صحابي من الأنصار من بني ظفر من الأوس، بايع النبي محمد بيعة العقبة الثانية، وشهد معه المشاهد كلها، وتوفي في آخر خلافة عمر بن الخطاب(المحقق)
(٥١٧) قيس بن عاصم بن سنان المنقري التميمي صحابي جليل ومن سادات العرب وأشرافهم، وهو الذي قدم على رسول الله سنة ٩ هـ في وفد بني تميم فأكرمه وقال له: «هذا سيد أهل الوبر». وهو شاعرٌ فارسٌ شجاعٌ حليمٌ كثير الغارات، مظفرٌ في غزاوته، أدرك الجاهلية والإسلام فساد فيهما وأسلم وحسن إسلامه، وأتى (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وصحبه في حياته، وعمر بعده زماناً وروى عنه عدة أحاديث, عقد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وسلم له لواء معركة مؤتة في سنة ٨ هـ واستشهد فيها، ويقع قبره في الأردن، في بلدة المزار الجنوبي في محافظة الكرك.(المحقق)
(٥١٨) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٤ - الصفحة ٥٥
(٥١٩) سورة الانفال الآية ٦٠
(٥٢٠) حُمَيد بن قَحطَبة بن شبيب الطائي الأمير قائد من قادة الدولة العباسية. أبوه قحطبة وأخوه حسن من قادة الدولة العباسية أيضا. وقد دُفن الإمام الرضا (عليه السلام) بأمر من المأمون العباسي في قصر حُمَيد بن قَحطَبة، واشتهر بالبقعة الهارونية لدفن هارون العباسي فيها.(المحقق)
(٥٢١) بحار الانوار للمجلسي ج ٤٨ ص ١٧٦ - ١٧٧ - ١٧٨
(٥٢٢) سورة الشعراء الآية ١٧
(٥٢٣) سورة ص الآية ٢٦
(٥٢٤) سورة المؤمنون الآية ٤٤
(٥٢٥) نهج البلاغة للإمام السجاد (عليه السلام) الخطبة ١٧٣
(٥٢٦) سورة المائدة الآية ٥٥
(٥٢٧) عرض لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) رجل عند الجمرة الأولى، فقال: يا رسول الله! أي الجهاد أفضل؟ فسكت عنه، فلما رمى الجمرة الثانية سأله، فسكت عنه، فلما رمى جمرة العقبة وضع رجله في الغرز ليركب، قال: أين السائل؟ قال: أنا يا رسول الله، قال: كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر(ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٣ - الصفحة ١٩٤٤)
(٥٢٨) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٤ - الصفحة ٣٨٢
(٥٢٩) سورة الروم الآية ٢
(٥٣٠) سورة الروم الآية ٣
(٥٣١) سورة الروم الآية ٤
(٥٣٢) سورة الروم الآية ٥
(٥٣٣) سورة النور الآية ٥٥
(٥٣٤) سورة الفيل الآية ١
(٥٣٥) سورة الفيل الآية ٢و٣
(٥٣٦) سورة الفيل الآية٤
(٥٣٧) سورة الانفال الآية ٤٢
(٥٣٨) سورة الانفال الآية ٤٢
(٥٣٩) سورة الانفال الآية ٤٢
(٥٤٠) سورة الانفال الآية ٤٢
(٥٤١) سورة الانفال الآية ٤٢
(٥٤٢) سورة الانفال الآية ٤٣
(٥٤٣) سورة الانفال الآية ٤٤
(٥٤٤) سورة الانفال الآية ٤٤
(٥٤٥) سورة الانفال الآية ٤٤
(٥٤٦) الاحتجاج - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ١٦٧(وذلك في غزوة (أحد) ذكر الطبري في ج ٣ ص ١٧ عن عبيد الله بن أبي رافع قال: لما قتل علي بن أبي طالب أصحاب الألوية أبصر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) جماعة من مشركي قريش فقال لعلي: (احمل عليهم) فحمل عليهم ففرق جمعهم، وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي قال: ثم أبصر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) جماعة من مشركي قريش فقال لعلي: احمل عليهم، فحمل عليهم، ففرق جماعتهم، وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لؤي، فقال جبريل: يا رسول الله إن هذا للمواسات فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):
إنه مني وأنا منه فقال جبريل: وأنا منكما: قال: فسمعوا صوتا:
لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فتى إلا علي وأخرج ابن هشام في سيرته ج ٣ ص ٥٢ عن ابن أبي نجيح قال: نادى مناد من السماء لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فتى إلا علي قال حسان بن ثابت:
جبريل نادى معلنا * والنقع ليس بمنجلي والمسلمون قد أحدقوا * حول النبي المرسل لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فتى إلا علي)
(٥٤٧) الشيخ عبد الحسين الأميني ولد في مدينة تبريز سنة ١٣٢٠ هـ، وبدأ فيها دراسته، ثم هاجر لمواصلة الدراسة الدينية إلى الحوزة العلمية في النجف الأشرف، حتى منحه كبار العلماء إجازات في الفقاهة والاجتهاد, من أهم تأليفاته موسوعة الغدير في الكتاب والسنة والأدب، ومن آثاره انشاؤه مكتبة في النجف الأشرف سماها مكتبة أمير المؤمنين وجعلها مكتبة عامة. وتوفي الأميني سنة ١٣٩٠ هــ في طهران، ونقل جثمانه إلى النجف ودفن في غرفة بالقرب من مكتبته التي أسَّسها.(المحقق)
(٥٤٨) الغدير في الكتاب والسنة والأدب، كتاب حول حديث الغدير وأسانيده ورواته من الصحابة والتابعين، من تأليف الشيخ عبد الحسين الأميني، قدم المؤلف في هذا الكتاب بحثاً جامعاً وكاملاً، وأثبت أنّه أكثر الأحاديث تواتراً واعتباراً، ولا يمكن لأحد إنكاره حيث رواه ١١٠ من الصحابة و٨٤ من التابعين بطرق صحيحة، وذكر سلسلة رواته من زمن النبي (ص) إلى علماء القرن الرابع عشر الهجري معتمداً على مصادر السنة.
وأشار المؤلف فيه إلى مجموعة مباحث منها: الخلافة، والولاية، وفدك وتصرفات معاوية ابن أبي سفيان وغيرها من المباحث، كما يعتبر كتاب الغدير من أهم الكتب المؤلّفة حول واقعة الغدير، ويصل حجم الكتاب إلى ١١ مجلداً.(المحقق)
(٥٤٩) ورد في تذكرة سبط ابن الجوزي ص ١٦: ذكر أحمد في الفضائل إنهم سمعوا تكبيرا من السماء في ذلك اليوم (يوم خيبر) وقائلا يقول:
(لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فتى إلا علي فأستأذن حسان بن ثابت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن ينشد شعر فأذن له فقال: جبريل نادى معلنا * إلى آخر الأبيات المذكورة ثم قال ما ملخصه: يقال: إن الواقعة كانت يوم أحد كما رواه أحمد بن حنبل عن ابن عباس، وقيل: إن ذلك كان يوم بدر، والأصح أنه كان في يوم خيبر فلم يطعن فيه أحد من العلماء). انتهى.
قال الأميني: (إن الأحاديث تؤذننا بتعدد الواقعة وإن المنادي يوم أحد كان جبريل كما مر، والمنادي يوم بدر ملك يقال له: رضوان، قد أجمع أئمة الحديث على نقله كما قال الكنجي وأخرجه في كفايته ص ١٤٤)(المحقق)
(٥٥٠) بلاغة الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) - جعفر عباس الحائري - الصفحة ٣٣
(٥٥١) سورة المؤمنون الآية ١٠١
(٥٥٢) سورة الانبياء الآية ٢٨
(٥٥٣) سورة الاعراف الآية ٥٦
(٥٥٤) بحار الأنوار: ٤٦ / ١٠١
(٥٥٥) سورة النمل الآية ١٨
(٥٥٦) سورة النمل الآية ٢٠و٢١
(٥٥٧) سورة النمل الآية ٢٣,٢٤
(٥٥٨) سورة الاسراء الآية ٤٤
(٥٥٩) سورة الاسراء الآية ٤٤
(٥٦٠) سورة الاعراف الآية ٤٣
(٥٦١) سورة الاعراف الآية ٤٣
(٥٦٢) سورة الاعراف الآية ٤٣
(٥٦٣) سورة طه الآية ٥٠
(٥٦٤) سورة الانسان الآية ٣
(٥٦٥) سورة الانعام الآية ٩٠
(٥٦٦) سورة الاعراف الآية ١٧٨
(٥٦٧) مفاتيح الجنان للقمي/ دعاء ابي حمزة الثمالي
(٥٦٨) بشارة المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) لشيعة المرتضى (عليه السلام) - عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري ص٩٨
(٥٦٩) سورة النجم الآية ٤٣
(٥٧٠) تفسير القرطبي / سورة النجم الآية ٤٣
(٥٧١) مفاتيح الجنان للشيخ القمي / دعاء الجوشن الكبير
(٥٧٢) المحاضرة الثانية / ص ٤٣
(٥٧٣) سورة الفرقان الآية٥٥
(٥٧٤) سورة يس الآية ٧٤ و٧٥
(٥٧٥) سورة الزمر الآية ٦٢
(٥٧٦) سورة الحج الآية ٦
(٥٧٧) سورة النور الآية ٣٥
(٥٧٨) سورة فصلت الآية ٥٤
(٥٧٩) سورة الرعد الآية ١٦
(٥٨٠) فرضية السديم هي التي تنص على أن الكواكب تشكلت من سحابة من المواد المرتبطة بالشمس الفتية، التي كانت تدور ببطء, وأن الشمس محاطة بسديم شمسي يحتوي في معظمه على الهيدروجين والهيليوم بالإضافة إلى ما يمكن تسميته غبار. أدى احتكاك وتصادم الجزيئات إلى تشكل سحابة قرصية الشكل أما الكواكب فتشكلت عن طريق عملية التنامي.(المحقق)
(٥٨١) سورة الرعد الآية ١٦
(٥٨٢) سورة الانبياء الآية ٣٠
(٥٨٣) سورة الحج الآية ٣٧
(٥٨٤) سورة الملك الآية ٢
(٥٨٥) سورة الملك الآية ٢
(٥٨٦) سورة الشعراء الآية ٨١
(٥٨٧) سورة الملك الآية ٢
(٥٨٨) الصحيفة السجادية - الإمام زين العابدين (عليه السلام) - الصفحة ٢٤
(٥٨٩) سورة الحج الآية ٦١
(٥٩٠) سورة البقرة الآية ٢٦٠
(٥٩١) سورة البقرة الآية ٢٦٠
(٥٩٢) سورة البقرة الآية ٢٦٠
(٥٩٣) سورة البقرة الآية ٢٦٠
(٥٩٤) سورة ال عمران الآية ٥٠
(٥٩٥) سورة ال عمران الآية ٤٩
(٥٩٦) سورة الحج الآية ٥ و٦
(٥٩٧) مفاتيح الجنان للشيخ القمي / دعاء الصباح للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)
(٥٩٨) الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين (عليه السلام) / دعاء يوم الاربعاء
(٥٩٩) سورة الواقعة الآية ٦٣و٦٤
(٦٠٠) سورة الواقعة الآية ٥٨و٥٩
(٦٠١) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء ابي حمزة الثمالي/ للإمام زين العابدين (عليه السلام)
(٦٠٢) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء ابي حمزة الثمالي/ للإمام زين العابدين (عليه السلام)
(٦٠٣) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/دعاء الامام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة
(٦٠٤) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٩ - الصفحة ٣٢٣وكشف الغطاء - الشيخ جعفر كاشف الغطاء - ج ٢ - الصفحة ٣٠٦
(٦٠٥) الاحتجاج أو الاسم الآخر له الاحتجاج على أهل اللجاج كتاب كلامي عربي من تأليف أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، من علماء المذهب في القرن السادس الهجري. أُلّف الكتاب في جلدين، يحتوي على مناظرات النبي والائمة الاثني عشر وبعض العلماء مع مخالفيهم وعلماء الأديان غير الإسلامية في شتى المجالات، أورد الطبرسي أكثر هذه المناظرات بدون ذكر أسانيدها وهو من الإشكالات الواردة على الكتاب. للكتاب قيمة علمية عند الشيعة. (المحقق)
(٦٠٦) أبو منصور، أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، من علماء الإمامية، فقيه ومحدث وثقة. توفي نحو ٥٦٠ للهجرة. له أقوال وفتاوى نقلها الفقهاء في كتبهم. عاصر الخواجة نصير الدين الطوسي، والفضل بن الحسن الطبرسي، ومن أهم أساتذته مهدي بن أبي حرب المرعشي، والذي بواسطته روى الطبرسي عن الشيخ الصدوق. ومن أشهر طلابه ابن شهر آشوب المازندراني.(المحقق)
(٦٠٧) الإمام الصادق (عليه السلام) المؤلف: الشيخ محمّد حسين المظفّر: ص٢٠٠.
(٦٠٨) أصول الكافي - الجزء الثاني - بَابُ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ (عليهم السلام) - الحديث الاول ص٤٩٥
(٦٠٩) كتاب وسائل الشيعة ج ٧ ص٢٠١ ـ ص٢٢٥/الباب٤٢ باب وجوب الصلاة على النبي (عليهم السلام)
(٦١٠) محمد الغزالي عالم ومفكر إسلامي مصري، يعد أحد دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، عُرف عنه تجديده في الفكر الإسلامي وكونه من "المناهضين للتشدد والغلو في الدين" كما يقول أبو العلا ماضي، كما عُرف بأسلوبه الأدبي في الكتابة واشتهر بلقب أديب الدعوة. سببت انتقادات الغزالي للأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي العديد من المشاكل له سواء أثناء إقامته في مصر أو في السعودية(المحقق).
(٦١١) السيد روح الله الموسوي الخُمَيْني (١٣٢٠ - ١٤٠٩ هـ/١٩٠٢ - ١٩٨٩ م) الذي اشتهر بلقب الإمام الخميني. يُعَدُّ واحداً من كبار مراجع التقليد في القرن الرابع عشر والخامس عشر. انتصرت الثورة الإسلامية في إيران تحت قيادته سنة ١٩٧٩ م، فانهار الحكم البهلوي، وتم تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية في إيران.
بدأ معارضته للحكم البهلوي سنة ١٣٤١ هـ ش، فنُفي إلى تركيا، ثم إلى العراق، فكان ضمن التدريس والتأليف في حوزة النجف العلمية يقود الثائرين في إيران، وبعد أن شهدت البلاد احتجاجات شعبية واسعة نطاقا ضد النظام الملكي عاد إلى إيران في مطلع شهر شباط ١٩٧٩ م. (١٢ بهمن ١٣٥٧ هـ ش.) وبانتصار الثورة الإسلامية تصدى قيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية حتي نهاية عمره. ومن أهم آرائه نظرية ولاية الفقيه، وهي نظرية فقهية وسياسية، وبناء عليها أسس نظام الجمهورية الإسلامية، وكتب الدستور الإيراني، وله أيضا تأليفات متعددة في الفقه والأصول والفلسفة والعرفان، كما كان من علماء الأخلاق في عصره، وكان يعيش عيشة زاهدة. توفي يوم ٤ حزيران/يونيو سنة ١٩٨٩ م (١٤ خرداد سنة ١٣٦٨ هـ ش)، وصلّى عليه المرجع الديني السيد الكلبايكاني بعد ما حضر تشييعه الملايين، ويعدّ تشييعه أكبر تشييع على مستوى العالم، وتقام ذكرى وفاته سنويا عند مضجعه بحضور الشخصيات السياسية والدينية. وتم تعيين السيد علي الخامنئي بعد وفاته قائدا للثورة الإسلامية وخلفاً له(المحقق).
(٦١٢) هذا الكتاب هو عبارة عن بيان للحقيقة المحمدية والولاية العلوية، وقد طُبع مع الترجمة الفارسية بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران. تم الانتهاء من تأليفه سنة ١٣٤٩ هـ، ولا يمكن مطالعة هذا الكتاب وكتاب شرح دعاء السحر إلا لمن له معرفة بالعرفان واصطلاحاته.(المحقق)
(٦١٣) بحار الانوار /المجلسي / ج١٥/ص٢١
(٦١٤) قال الصادق (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام، فهي أرواحنا، فقيل له: يا ابن رسول الله ومن الاربعة عشر؟ فقال: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة من ولد الحسين، آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجال، ويطهر الارض من كل جور وظلم(بحار الانوار /المجلسي / ج١٥/ص٢١)(المحقق)
(٦١٥) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) - الشيخ الصدوق - ج ٢ - الصفحة ٢٣٧
(٦١٦) للمزيد مراجعة كتاب شرح الزيارة الجامعة لمؤلفه السيد صدر الدين القبانجي مطبوع في اربعة مجلدات
(٦١٧) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/زيارة النبي من البعد
(٦١٨) محمد حسن النجفي المعروف بصاحب الجواهر، (١٢٠٢ ــ ١٢٦٦ هـ) من الفقهاء الأصوليين الشيعة في القرن الثالث عشر، ولد في النجف واشتهر بها، وأهم أعماله هو كتاب جواهر الكلام؛ فعليه عرف بين أعلام الطائفة الشيعية بصاحب الجواهر. كان من تلامذة السيد محمد جواد العاملي (صاحب مفتاح الكرامة)، كما أنّه تتلمذ على يد الشيخ جعفر كاشف الغطاء، ولحلقة درسه الحظ الأوفى في النجف الأشرف بعد شريف العلماء المازندراني حتى حضرها الكثير من العلماء والفضلاء آنذاك، أوصى الشيخ بعده بالزعامة والمرجعية إلى الشيخ الأنصاري.(المحقق)
(٦١٩) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام أو جواهر الكلام، مصنَّف استدلالي ضخم في الفقه الشيعي الإمامي، قام بتأليفه محمد حسن النجفي في شرحه لكتاب شرائع الإسلام للمحقق الحلي. يتميّز الكتاب بتقديم موسّع للأبحاث الفقهية، وعرض وافٍ ومُسهَب لمختلف آراء الفقهاء الماضين بما قد يُغني الباحث من مراجعة غيره من الكتب والمصادر، ليزوِّده بالأبحاث والتدقيقات التي لا مناص لها في عملية الاستنباط. ذاع صيت الكتاب بحيث غلب عنوانه على اسم مؤلفه، فبات يُعرَف شخصيته بصاحب الجواهر، كما صار اصطلاح الفقه الجواهري بين كبار الفقهاء عنواناً سائداً للتعبير عن النمط الذي يفرضه متطلبات الاجتهاد الحقيقي في عصر النهضة الإسلامية، حيث كان عليهم ملئ الفراغ الذي أحدثه الفكر الأخباري في الجمود على واقع انقضى أمده ليُعطِّل من وجهة نظرهم كثيراً من الأحكام السياسية والاجتماعية للدين.(المحقق)
(٦٢٠) الأزرية - الشيخ الأزري - الصفحة ١١٧
(٦٢١) صحيح البخاري/ الصفحة أو الرقم: ٣٤٤٥
(٦٢٢) سورة مريم الآية ٩٣
(٦٢٣) سورة الذاريات الآية ٥٦
(٦٢٤) الخصال ٢/٤٥مناجاة أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد ذكرها الشيخ القمي ايضا في كتابه مفاتيح الجنان(المحقق)
(٦٢٥) سورة النجم الآية ٩
(٦٢٦) إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٢٠٦
(٦٢٧) سورة مريم الآية ٢٩
(٦٢٨) محمد تقي بهجت (أو محمد تقي بهجة) (١٣٣٤ - ١٤٣٠ هـ) يعدّ من مراجع تقليد الشيعة في حوزة قم العلمية، واشتهر بـالعرفان، والزهد والتقوى بين شيعة إيران. وكان يقصد مسجده الكثير للاقتداء به في صلاة الجماعة، كما وذاع صيت حالاته العرفانية وبكائه في الصلاة، بين الناس. توفي في مدينة قم، ودفن في حرم السيدة المعصومة (عليها السلام). (المحقق)
(٦٢٩) سورة الجن الآية ١ و٢
(٦٣٠) سورة الاحزاب الآية ٤٠
(٦٣١) سورة الانبياء الآية ١٠٧
(٦٣٢) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ زيارة امير المؤمنين (عليه السلام)
(٦٣٣) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ الاستئذان للدخول في زيارة امير المؤمنين (عليه السلام)
(٦٣٤) مفاتيح الجنان للقمي / في اعمال شهر شعبان (كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يدعو عند كل زوال من أيام شعبان وفي ليلة النصف منه ويصلي على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بهذه الصلوات: وهذا شهر نبيك سيد رسلك صلواتك عليه وآله، شعبان الذي حففته بالرحمة والرضوان)(إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس - ج ٣ - الصفحة ٣٠٠)(المحقق)
(٦٣٥) مفاتيح الجنان للشيخ القمي /الزيارة عند الاستئذان للدخول من باب الرواق
(٦٣٦) سورة الحاقة الآية ٤٤,٤٥,٤٦
(٦٣٧) الغدير - الشيخ الأميني - ج ٧ - الصفحة ٣٥٩/ السيرة النبوية (ابن هشام) - مباداة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)
(٦٣٨) مفاتيح الجنان / للقمي زيارة الرسول من البعد
(٦٣٩) رواه الطبراني، المعجم الأوسط، بَابُ الْأَلِفِ مَنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ، حديث رقم ٧٢.
(٦٤٠) سورة الانعام الآية ٥٠
(٦٤١) سورة القلم الآية ٤
(٦٤٢) سورة النجم الآية ٤
(٦٤٣) مفاتيح الجنان / للقمي/ الزيارة الجامعة الكبيرة
(٦٤٤) سورة ال عمران الآية ٣٣
(٦٤٥) سورة ال عمران الآية ٤٦
(٦٤٦) سورة طه الآية ١و٢
(٦٤٧) سورة الانعام الآية ١٢٤
(٦٤٨) سورة طه الآية ١٣
(٦٤٩) سورة طه الآية ٤١
(٦٥٠) سورة طه الآية ٣٩
(٦٥١) مفاتيح الجنان / للشيخ القمي / زيارة النبي من البعد
(٦٥٢) المزار - الشهيد الأول - الصفحة ١٤
(٦٥٣) مفاتيح الجنان / للشيخ القمي/ زيارة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)
(٦٥٤) سورة طه الآية ١٣
(٦٥٥) موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج ١٠ - ص ٦٤
(٦٥٦) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥١ - الصفحة ١٠٢
(٦٥٧) بصائر الدرجات: ١٢٧ / ١ عن أبي بصير، بحار الأنوار: ٢٦ / ١١٠ / ٦.(عن الإمام الباقر (عليه السلام):سئل علي (عليه السلام) عن علم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: علم النبي علم جميع النبيين، وعلم ما كان وعلم ما هو كائن إلى قيام الساعة. ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأعلم علم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وعلم ما كان وما هو كائن فيما بيني وبين قيام الساعة)
(٦٥٨) مفاتيح الجنان للقمي/ زيارة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) (وَأنَّ الأئِمَّةَ مِن أهلِ بَيتِهِ أولياؤُكَ وَأنصارُكَ وَحُجَجُكَ عَلى خَلقِكَ وَخُلَفاؤكَ في عِبادِكَ وَأعلامُكَ في بِلادِكَ وَخُزَّانُ عِلمِكَ وَحَفَظَةُ سِرِّكَ وَتَراجِمَةُ وَحيِكَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَلِّغ رُوحَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ في ساعَتي هذِهِ وَفي كُلِّ ساعَةٍ تَحِيَّةً وَسَلاماً، وَالسَّلامُ عَلَيكَ يا رَسُولَ اللهِ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ لا جَعَلَهُ اللهَ آخِرَ تَسلِيمي عَلَيكَ).
(٦٥٩) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء السمات.
(٦٦٠) الإمام الباقر (عليه السلام): سئل علي (عليه السلام) عن علم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: علم النبي علم جميع النبيين، وعلم ما كان وعلم ما هو كائن إلى قيام الساعة.
ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأعلم علم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وعلم ما كان وما هو كائن فيما بيني وبين قيام الساعة (بصائر الدرجات: ١٢٧ / ١ عن أبي بصير، بحار الأنوار: ٢٦ / ١١٠ / ٦)(المحقق)
(٦٦١) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٢٣٠
(٦٦٢) مفاتيح الجنان للشيخ القمي الزيارة المشهورة الرجيبية
(٦٦٣) الغدير - الشيخ الأميني - ج ٥ - الصفحة ١٣٨
(٦٦٤) سورة الشورى الآية ١٤
(٦٦٥) سورة المائدة الآية ٤٩
(٦٦٦) سورة الصف الآية ٩
(٦٦٧) سورة المائدة الآية ٦٨
(٦٦٨) سورة الحديد الآية ٢٥
(٦٦٩) سورة الاحزاب الآية ٤٥
(٦٧٠) سورة المائدة الآية ٥٥
(٦٧١) مفاتيح الجنان للقمي الفصل الرابع في دعوات مأثورة قبل الصلاة وفي أدبارها
(٦٧٢) سورة هود الآية ٨٨
(٦٧٣) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٤١٢
(٦٧٤) الخصال للشيخ الصدوق ص٥٨٠ ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) للميرجهاني ج٣ ص١٨٤ وبحار الأنوار ج٣١ ص٤٤٥ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ ج٢ ص١٨٢ وج٨ ص٢٤٦.(عن علي (عليه السلام): أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أمر أن أدعى بإمرة المؤمنين في حياته وبعد موته، ولم يطلق ذاك لأحد غيري.)(المحقق)
(٦٧٥) يُعتبر حديث الغدير من الأحاديث التاريخية الهامة والمصيرية التي أدلى بها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في السنة الأخيرة من حياته المباركة، وهي من الأحاديث التي تثبت إمامة الإمام امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وتوجب ولايته على جميع المؤمنين بعد ولاية الله تعالى وولاية رسوله المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بكل صراحة ووضوح. ثم إن حديث الغدير حديث متواتر رواه المحدثون عن أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وعن التابعين بصيغٍ مختلفة، تؤكد جميعها على إمامة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، لكون الجوهر الأصلي فيه واحد وإن اختلفت بعض العبارات (المحقق)
(٦٧٦) آيات الغدير - مركز المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) - الصفحة ٥٦
(٦٧٧) سورة المائدة الآية ٥٥
(٦٧٨) (الأمالي للشيخ الصدوق: ١٨٥)
قصّة التصدّق: قال الإمام الباقر (عليه السلام): إنّ رهطاً من اليهود أسلموا، منهم: عبد الله بن سلام، وأسد، وثعلبة، وابن يامين، وابن صوريا، فأتوا النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقالوا: يا نبيَّ الله، إنّ موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيُّك يا رسول الله؟ ومن وليّنا بعدك؟فنزلت هذه الآية: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ).
ثم قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (قوموا)، فقاموا فأتوا المسجد، فإذا سَائلٌ خارج، فقال: (يا سائل، أما أعطاكَ أحد شيئاً)؟ قال: نعم، هذا الخاتم.
قال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (مَنْ أعطَاك)؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلِّي، قال: (عَلى أيِّ حَالٍ أعطاك)؟ قال: كان راكعاً، فكبَّر النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، وكبَّر أهل المسجد.
فقال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): (عليٌّ وليُّكم بعدي)، قالوا: رضينا بالله ربَّاً، وبِمحمَّدٍ نبياً، وبعليٍّ بن أبي طالب ولياً، فأنزل الله (عزَّ وجلَّ): (وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)(المحقق)
(٦٧٩) عيون اخبار الرضا (عليه السلام) / الصدوق/ ج١/ ص٩
(٦٨٠) للمزيد من التفاصيل راجع كتاب (دور الشيعة في التاريخ) للسيد المؤلف
(٦٨١) كان عمر يقول فيما يسأله عن علي (عليه السلام) فيفرج عنه: لا أبقاني الله بعدك, وفي تاريخ البلاذري: لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو حسن, وفي الإبانة والفائق: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن(بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٠ - الصفحة ١٤٩)
(٦٨٢) موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) - لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (عليه السلام) - الصفحة ٣٨٣
(٦٨٣) أبو سعد، زيد بن أرقم الأنصاري الخزرجي. من أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام علي، والإمام الحسن، والإمام الحسين (عليهم السلام).
(٦٨٤) ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) - ابن عساكر - الصفحة ٣٨٢
(٦٨٥) ذكر ذلك ابن حمدون في التذكرة الحمدونية ج ٩ ص ٢٢٥حيث قال:
روي أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما استأذن على الحجاج ليلا فقال الحجاج: إحدى حمقات أبي عبد الرحمن. فدخل فقال له الحجاج: ما جاء بك؟ قال: ذكرت قول النبيّ صلَّى الله عليه وسلم: من مات وليس في عنقه بيعة لإمام مات ميتة جاهلية. فمدّ إليه رجله فقال: خذ فبايع. أراد بذلك الغضّ منه.
(٦٨٦) حديث يوم الدار، من الأحاديث الدالة على خلافة علي بن أبي طالب بعد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وقد رواه الشيعة والسنة. عندما أمر الله نبيه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بإعلان دعوته لعشيرته الاقربين، جمع رسول الله أقرباءه من بني عبدالمطلب وأمر علياً أن يصنع لهم طعاماً وشراباً، وبعد ذلك عرض عليهم الإسلام ونصب علياً وصياً وخليفة عليهم من بعده.(المحقق)
(٦٨٧) سورة الشعراء الآية ٢١٤
(٦٨٨) معالم التنزيل ٤ / ٢٧٨ - ٢٧٩ - طبعة دار الفكر - بيروت - ١٤٠٥ ه‍.
(٦٨٩) رواه السيد ابن طاووس في الإقبال، ومصباح الزائر، ورواه أيضاً ابن المشهدي في المزار الكبير.
قال السيد بن طاووس: ذكر بعض أصحابنا قال: قال محمد بن علي بن أبي قرة، نقلت من كتاب محمد بن الحسين بن سفيان البزوفري دعاء الندبة، وذكر أنه الدعاء لصاحب الزمان (عجَّل الله فرجه).(المحقق)
(٦٩٠) إقبال الأعمال (الإقبال بالأعمال الحسنة): ٢٩٥، للسيد رضي الدين بن طاووس،
(٦٩١) حديث المَنْزِلَة هو قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وقد أدلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) الحديث المذكور في المناسبات التالية:
١. يوم المؤاخاة.٢ يوم بدر.٣. يوم فتح خيبر.٤غزوة تبوك ٥. يوم المباهلة.٦. حجة الوداع.٧. يوم غدير خم.(المحقق)
(٦٩٢) الاحتجاج - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ١٦٢
(٦٩٣) الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٤، أنساب الأشراف: ٢ / ٣٤٩، المعجم الكبير: ٥ / ٢٠٣ / ٥٠٩٤ نحوه وراجع خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام) للنسائي: ١٠٦ / ٤٥.
(٦٩٤) سورة المائدة الآية ٥٥
(٦٩٥) خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام) النسائي ص ٩٨
(٦٩٦) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٧ - الصفحة ١٢٦
(٦٩٧) سورة يونس الآية ٦٢
(٦٩٨) وردت هذه العبارة في الزيارة الجامعة لأئمة البقيع (عليهم السلام) وقد ذكرها الفقهاء ضمن مناسك الحج, كما وردت في زيارة الأئمة الجامعة وقد رواها الصّدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه عن الامام الرّضا (عليه السلام) (المحقق)
(٦٩٩) مفاتيح الجنان للشيخ القمي / زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) المطلقة الخامسة
(٧٠٠) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ زيارة أخرى لأمير المؤمنين (عليه السلام)
(٧٠١) إحقاق الحق وازهاق الباطل؛ المشهور باحقاق الحق وهو كتاب كلامي صنّفه الشهيد القاضي نور الله الشوشتري من أبرز علماء الشيعة والمتوفى سنة ١٠١٩ هـ. يحتوي على مباحث تعزز عقائد الشيعة وتثبت ما تذهب إليه في الكثير من المباحث. ويعدّ الكتاب ردّاً على كتاب إبطال نهج الباطل وإهمال كشف العاطل من تأليف فضل الله أمين بن روزبهان بن فضل الله الخنجي الشيرازي الأصفهاني من علماء الشافعية، صاحب المؤلفات الكثيرة ومن أشهرها كتاب إبطال نهج الباطل الذي صنفه ابن روزبهان ردّاً على كتاب العلامة الحلي الموسوم بـنهج الحق الذي كتبه لاولجايتو سلطان محمد خدابنده يبين له فيه ملامح ومميزات المذهب الشيعي.(المحقق)
(٧٠٢) الخصال - الشيخ الصدوق - الصفحة ٦٣٨
(٧٠٣) عن أبي سعيد الخدري، قال: أتت فاطمة (عليها السلام) النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فذكرت عنده ضعف الحال، فقال لها: أما تدرين ما منزلة علي عندي؟ كفاني أمري وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وضرب بين يدي بالسيف وهو ابن ست عشرة سنة، وقتل الابطال وهو ابن تسع عشرة سنة، وفرج همومي وهو ابن عشرين سنة، ورفع باب خيبر وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، وكان لا يرفعه خمسون رجلا، قال: فأشرق لون فاطمة (عليها السلام) ولم تقر قدماها حتى أتت عليا (عليه السلام) فأخبرته، فقال: كيف لو حدثك بفضل الله علي كله (الأمالي الصدوق ص ٤٨٢)
(٧٠٤) قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) - بالإجماع -: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب(بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٠ - الصفحة ٢٠٥)
(٧٠٥) شهاب الدين أبو الفضل مُحدِّث وعالم مسلم، شافعي المذهب ,عمل بالحديث وشرح صحيح البخاري في كتابه فتح الباري، فاشتهر اسمه، وله العديد من المصنفات الأخرى، عدَّها السخاوي ٢٧٠ مصنفًا، وذكر السيوطي أنها ٢٠٠ مصنف. وقد تنوعت مصنفاته، فصنف في علوم القرآن، وعلوم الحديث، والفقه، والتاريخ، وغير ذلك.(المحقق)
(٧٠٦) الطبراني إمامًا كبيرًا ثقة عارفًا بالعلل والرجال، وكان حافظ عصره بدأ رحلته في طلب الحديث في سنة ٢٧٣هـ، وحينئذ كان عمره ثلاث عشرة سنة، فرحل إلى الشام وبغداد والكوفة والبصرة وأصبهان، والحجاز واليمن ومصر وبلاد الجزيرة وغير ذلك، وأقام في رحلته ثلاثًا وثلاثين سنة، سمع خلالها الكثير من الشيوخ والعلماء حتى وصل عدد شيوخه إلى ألف شيخ، منهم: أبو زرعة الدمشقي والنسائي، وقد سُئل الطبراني عن كثرة حديثه فقال: كنت أنام على البواري ثلاثين سنة.(المحقق)
(٧٠٧) أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري. من كبار المحدّثين ومن أصحاب الصحاح. اشتهر بكتابه المستدرك على الصحيحين ولد سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة من الهجرة في نيسابور. رحل إلى العراق سنة ٣٤١ هـ وحج، وجال في بلاد خراسان وما وراء النهر، وفي سنة ٣٥٩ هـ ولي قضاء نيسابور، ولُقّبَ بالحاكم لتوليه القضاء مرة بعد مرة، ثم اعتزل منصبه ليتفرغ للعلم والتصنيف، تولى السفارة بين ملوك بني بويه وبين السامانيين فأحسن السفارة.(المحقق)
(٧٠٨) السيد محمد هادي الميلاني، عالم دين، ومرجع شيعي، ولد في النجف الأشرف في عام ١٣١٣ هـ. كان والده من مراجع الدين البارزين في القرن الرابع عشر الهجري، وينتسب من ناحية الأم لعائلة المامقاني، فجده هو المرجع محمد حسن المامقاني. بلغ مرحلة الاجتهاد في العقد الثالث من عمره. كان مشتغلاً بالتدريس في النجف الأشرف، ثمّ هاجر إلى كربلاء، وفتح فيها باب التدريس أيضاً. وفي سنة ١٣٧٣ هـ تشرّف بزيارة الإمام الرضا، (عليه السلام) وبقي فيها بعد طلب أهل المدينة ذلك، فأقام فيها وتزعّم شؤون الحوزة وترأسها أصولاً وفقهاً. وله مؤلفات كثيرة وإنجازات كبيرة، كما كان له نشاط سياسي ضد النظام الملكي في إيران. وللميلاني أولاد، هم: نور الدين وعباس ومحمد علي. وتوفي الميلاني في آخر شهر رجب من عام ١٣٩٥ هـ، ودفن في الحضرة الرضوية المقدسة.(المحقق)
(٧٠٩) الإمام الصادق (عليه السلام):مكتوب على باب الجنة: الصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر(ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٣ - الصفحة ٢٥٤٨)
كما رواه اهل السنة أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: - المحدث: الألباني - المصدر: ابن ماجه - الصفحة: ٤٧٨ (رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوبا الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر، فقلت: يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال: لأن السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يستقرض إلّا من حاجة).
(٧١٠) سورة الزمر الآية ٧٢
(٧١١) قال الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): "إِنَّ لِلْجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ الْمَعْرُوفُ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا أَهْلُ الْمَعْرُوفِ، وأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ"(الكافي: ٤ / ٣٠)
(٧١٢) قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):إن للجنة بابا يدعى " الريان " لا يدخل منه إلا الصائمون(ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٤٣١)
(٧١٣) مدينة المعاجز - السيد هاشم البحراني - ج ٤ - الصفحة ٥٢
(٧١٤) سورة الاعراف الآية ٥٤
(٧١٥) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٤٤٢
(٧١٦) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٤٤٢
(٧١٧) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٦ - الصفحة ٣٣٨
(٧١٨) مصباح الهداية الى الخلافة والولاية / ص٨٤/ الطبعة الرابعة/ مؤسسة تنظيم ونشر اراء الامام الخميني
(٧١٩) مصباح الهداية الى الخلافة والولاية / ص٨٤/ الطبعة الرابعة/ مؤسسة تنظيم ونشر اراء الامام الخميني
(٧٢٠) العمدة - ابن البطريق - الصفحة ٣٦٤
(٧٢١) أخرجه الحاكم (٤٥٧٧)، والشجري في (ترتيب الأمالي) (٧١٢). (ميزان الاعتدال) للذهبي (٧٦١٤). (أيُّها الناس، إنِّي تاركٌ فيكم أمرينِ لن تضلُّوا إن اتَّبعتموهما، وهما: كتابُ الله، وأهلُ بيتي عِترتي)
(٧٢٢) سورة ال عمران الآية ٧
(٧٢٣) الكافي، ج١، ص٢٩٤., سنن النسائي الحديث ٨١٤٨., مسند أحمد، ٥، ٤٩٢ رقم ١٨٧٨٠.
(٧٢٤) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ١٧٨
(٧٢٥) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ١٧٨
(٧٢٦) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: والله ما ترك الله أرضا منذ قبض آدم (عليه السلام) إلا وفيها إمام يهتدي به إلى الله وهو حجته على عباده، ولا تبقى الأرض بغير إمام حجة لله على عباده. (الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ١٧٩)
(٧٢٧) هِشامُ بن الحَكَمِ الكِندِي البغدادي أحد كبار الشيعة الإمامية ومن وجوه أصحاب الإمامين الصادق والكاظم (عليهما السلام) في القرن الثاني الهجري، وأحد متكلمي الشيعة وبطائنهم الذي فتق الكلام في الإمامة وهذب المذهب وسهل طريق الحجاج فيه.
أثنى عليه وامتدح مكانته العلمية علماء الشيعة والكثير من علماء العامّة. وعُدّ من الملازمين ليحيى بن خالد البرمكيّ؛ إذ كان دائم الحضور في مجالس المناظرة التي يعقدها هذا الوزير في بغداد، وكان القيّم بمجالس نظره وكلامه. وقد حظي بهبات كثيرة وجوائز سنيّة من هارون الرشيد تكشف عن عظم مكانته العلمية.(المحقق)
(٧٢٨) علل الشرائع - الشيخ الصدوق - ج ١ - الصفحة ١٩٥
(٧٢٩) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) - الشيخ الصدوق - ج ١ - الصفحة ٩
(٧٣٠) سورة ال عمران الآية ١٩٠
(٧٣١) صحيفه الإمام الرضا (عليه السلام) ص ٥٦ و٥٧.
(٧٣٢) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٩ - الصفحة ٢٨٧
(٧٣٣) الكليني، الكافي، ج ١، ص ٢٩٤؛ الخزازي القمي، كفاية الأثر، ص ٢٠؛ القاضي المغربي، شرح الأخبار، ج ٢، ص ٦٠؛ المفيد، الفصول المختارة، ص ٩٧.
(٧٣٤) سورة النبأ الآيات ١و٢و٣
(٧٣٥) سورة النبأ الآية٢
(٧٣٦) سورة النبأ الآية٣
(٧٣٧) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٦ - الصفحة ٢
(٧٣٨) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٦ - الصفحة ٣
(٧٣٩) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٦ - الصفحة ٣
(٧٤٠) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٣ - الصفحة ١٧٢ كنز العمال: ١٢ / ٩٧، ومسند أحمد: ٦ / ٢٩٦ و٣٢٣، ومستدرك الصحيحين: ٣ / ١٥٨ ـ ١٨٥، وصحيح البخاري كتاب الاستئذان، وصحيح الترمذي ٥ / الحديث ٣٨٦٩، وحلية الأولياء: ٢ / ٤٢، والاستيعاب: ٢ / ٧٢٠ و٧٥٠.
(٧٤١) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٣ - الصفحة ١٠٧, مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٢ - الصفحة ٢٩ وكنوز الحقائق للمناوي ج٢ ص٧٥
(٧٤٢) الأسرار الفاطمية - الشيخ محمد فاضل المسعودي - الصفحة ١٧
(٧٤٣) قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): "إنّ خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثنا عشر، أولهم علي، وآخرهم ولدي المهدي (ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ج: ٣، الباب: السابع والسبعون، ص: ٤٤٧.)
(٧٤٤) الكافي ٢ / ٤٩٥
(٧٤٥) قال الامام الصادق (عليه السلام): لو أن عبدا عبد الله مائة عام ما بين الركن والمقام، يصوم النهار، ويقوم الليل حتى يسقط حاجباه على عينيه، ويلتقى تراقيه هرما جاهلا بحقنا لم يكن له ثواب. وقال (عليه السلام) ايضا: من لا يعرف الله، وما يعرف الإمام منا أهل البيت، فإنما يعرف ويعبد غير الله، هكذا والله ضلالا.(وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ١ - الصفحة ١٢١)(المحقق)
(٧٤٦) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٣٧٥
(٧٤٧) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٣ - الصفحة ٧٨, كما رواه أحمد في (مسنده ٤: ٩٦) وابن حبان في (صحيحه ٧: ٤٩) والأصفهاني في (حلية الأولياء ٣: ٢٢٤) قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم):(من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية).
(٧٤٨) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ١٩
(٧٤٩) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦٠ - الصفحة ١٩٨
(٧٥٠) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٠ - الصفحة ٢٠٥
(٧٥١) بحار الأنوار - ط مؤسسة الوفاء المؤلف: العلامة المجلسي الجزء: ٥٠ صفحة: ٨٨
(٧٥٢) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ١٧٩
(٧٥٣) تهذيب الأحكام هو كتاب جامع للأحاديث، وأحد الكتب الأربعة الشيعية، من تأليف أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (متوفى ٤٦٠ هـ/ ١٠٦٨ م) والمعروف بشيخ الطائفة، وقد ألفه قبل كتاب الاستبصار فيما اختلف من الأخبار.(المحقق)
(٧٥٤) كتاب الكافي ج٤ ص ١٦٢
(٧٥٥) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٩ - الصفحة ١١٠
(٧٥٦) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٥ - الصفحة ١٢٠
(٧٥٧) مفاتيح الجنان للقمي/دعاء ابي حمزة الثمالي
(٧٥٨) سورة النساء الآية ٥٩
(٧٥٩) سورة الاحزاب الآية ٦
(٧٦٠)مفاتيح الجنان للشيخ القمي / اعمال ليلة النصف من شعبان/ الدّعاء المروي وهو بمثابة زيارة للإمام الغائب (عجَّل الله فرجه) (المحقق)
(٧٦١) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ الزيارة الجامعة الكبيرة.
(٧٦٢) سورة الفتح الآية ٢٨
(٧٦٣) سورة القصص الآية ٥
(٧٦٤) ابن خلدون مؤرخ من شمال أفريقيا، تونسي المولد أندلسي حضرمي الأصل. عاش بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا، حيث رحل إلى بسكرة وغرناطة وبجاية وتلمسان وفاس، كما تَوَجَّه إلى مصر، حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق، ووَلِيَ فيها قضاء المالكية، وظلَّ بها ما يناهز ربع قرن (٧٨٤ - ٨٠٨ هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام ١٤٠٦ عن عمر بلغ ثلاث وسبعين عامًا ودُفِنَ قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركاً تراثاً ما زال تأثيره ممتداً حتى اليوم ويعتبر ابنُ خَلدون مؤسسَ علم الاجتماع الحديث ومن علماء التاريخ والاقتصاد(المحقق)
(٧٦٥) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٦ - الصفحة ٣٦٨
(٧٦٦) المعجم الكبير ١٠ / ١٦٦ رقم ١٠٢٢٢ باختلاف., عقد الدرر في أخبار المنتظر: ٥٦ ـ انتشارات نصايح ـ قم ـ ١٤١٦ ه‍., فرائد السمطين ٢ / ٣٢٥ رقم ٥٧٥ عن حذيفة بن اليمان ـ مؤسسة المحمودي ـ بيروت ـ ١٤٠٠ ه‍., ـ الصواعق المحرقة: ٢٤٩ وما بعدها.(المحقق)
(٧٦٧) مقتل الحسين للمقرم: ص٢١٥.
(٧٦٨) أن الحسين (عليه السلام) قال: يظهر الله قائمنا فينتقم من الظالمين.
فقيل له: يا ابن رسول الله! من قائمكم؟
قال: السابع من ولد ابني محمد بن علي، وهو الحجة بن الحسن بن على ابن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابني، وهو الذي يغيب مدة طويلة ثم يظهر، ويملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (إثبات الهداة ٧: ١٣٨ ح ٦٨١، معجم أحاديث الإمام المهدى (عليه السلام) ٣: ١٨١ ح ٧٠٤.)(المحقق)
(٧٦٩) السيد محمد محمد صادق الصدر مرجع ديني، بدأ دراسته الحوزوية في سن مُبكّر، ودرس العلوم الدينية عند كبار علماء الحوزة العلمية في النجف، منهم: السيد محمد باقر الصدر، والسيد روح الله الخميني، والسيد محسن الحكيم، والسيد الخوئي، وله إجازات في الرواية من عدّة مشايخ، منهم: آغا بزرك الطهراني، ووالده السيد محمد صادق الصدر، وخاله الشيخ مرتضى آل ياسين، والسيد عبد الرزاق المقرم. بدأ بتدريس العلوم الدينية في الحوزة العلمية، وأُجيز بالاجتهاد من قِبَل أُستاذه الشهيد محمّد باقر الصدر في سنة ١٣٩٨ هـ (وكان عمره آنذاك ٣٦ سنة).تصدى للمرجعية الدينية بعد وفاة السيد عبد الأعلى السبزواري، وذلك عام ١٩٩٣ م. له العديد من المؤلّفات أبرزها: موسوعة الإمام المهدي، وما وراء الفقه، وفقه الأخلاق، وأضواء على ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) اُستشهد هو ونجليه السيد مصطفى والسيد مؤمل، في يوم الجمعة ٤ ذي القعدة سنة ١٤١٩ هـ، على يد السلطة الحاكمة بالعراق(المحقق)
(٧٧٠) كتاب تاريخ الغيبة الكبرى لسماحة آية الله الشهيد محمد صادق الجزء ٢. ص١٣٣
(٧٧١) الميرزا حسين بن محمد تقي بن علي محمد النوري الطبرسي (١٢٥٤ ـ ١٣٢٠ هـ) المعروف بـالمحدث النوري من أبرز محدثي الشيعة في القرن الرابع عشر. أكثر شهرة المحدث النوري تعود إلى تأليف كتاب مستدرك الوسائل وبالخصوص إلى كتاب فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب. وجنة المأوى فيمن فاز بلقاء الحجة (عليه السلام) (المحقق)
(٧٧٢) سورة ق الآية ١٨
(٧٧٣) سورة الانفال الآية ٩
(٧٧٤) سورة ال عمران الآية ١٢٤
(٧٧٥) سورة ال عمران الآية ١٢٥
(٧٧٦) معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) - الشيخ علي الكوراني العاملي - ج ٥ - الصفحة ٦٣
(٧٧٧) العياشي: ج ١ ص ١٩٧ ح ١٣٨ - عن ضريس بن عبد الملك، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: - إن الملائكة الذين نصروا محمدا (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يوم بدر في الأرض، ما صعدوا بعد، ولا يصعدون حتى ينصروا صاحب هذا الامر، وهم خمسة آلاف
(٧٧٨) سورة ص الآية ٣٦
(٧٧٩) سورة البقرة الآية ٨٧
(٧٨٠) حسان بن ثابت الأنصاري، صحابي وشاعر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) عاش في الجاهلية والإسلام، مدح النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ودافع عن الإسلام بشعره وهجا المشركين وأعداء الإسلام، ومع ذلك لم يشارك في غزوات النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) والحروب التي حدثت في صدر الإسلام، ولم يبايع الإمام علي (عليه السلام) بالخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان. يحتوي ديوان حسان على قصائد عديدة رائعة وبليغة حتى قيل أنه أشعر العرب، كما أنه ذكر أحداث تاريخية عدة في شعره من أهمها واقعة الغدير وتنصيب الإمام علي (عليه السلام).(المحقق)
(٧٨١) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٧ - الصفحة ٣٢٤
(٧٨٢) دعبل بن علي الخزاعي، (١٤٨ - ٢٤٦ هـ) من أشهر شعراء الشيعة في القرن الثاني والثالث، كان من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) والإمام الرضا (عليه السلام)، وأدرك الإمام الجواد (عليه السلام) أيضاً، وعندما كان الإمام الرضا (عليه السلام) بمرو قصده، وقرأ قصيدته التائية عنده، وآل على نفسه أن لا يسمعها قبل الإمام الرضا (عليه السلام) أحداً. كان دعبل هجّاءً حاد اللسان، الأمر الذي جعله لا يستقر بمكان، فكان دائماً يطارد من قبل الحكام، وكانت هذه الصفة من الأسباب التي أدت إلى مقتله. لدعبل مؤلفات، منها: "الواحدة في مناقب العرب ومثالبها"، و"طبقات الشعراء"، وفضلاً عن ذلك فقد كان دعبل راوياً للحديث، فورد اسمه في كتب الحديث والروايات(المحقق)
(٧٨٣) كمال الدين ج٢ ص٣٧٢، إعلام الورى ص٣١٨، منتخب الأثر ص٢٢١، المهدي من المهد إلى الظهور ص٨٤، ديوان دعبل الخزاعي الدجيلي ص١٤٣، حوارات حول المنقذ
(٧٨٤) الكميت بن زيد الأسدي (٦٠ هـ - ١٢٦ هـ)، من أشهر شعراء أهل البيت (عليهم السلام) في أيام الحكم الأموي، وأدرك الإمام السجاد والباقر والصادق (عليه السلام) فكان مخلصاً وصادقاً في قصائده المعروفة بالهاشميات تجاههم، كما كان متعصباً للمضرية مخالفاً القحطانية، مما تسبب بتناقضات مع شعرائها. مدح بني أمية تقية وصوناً لدمه.(المحقق)
(٧٨٥) سورة النحل الآية ١٠٢
(٧٨٦) سورة الشعراء الآية ٩٣
(٧٨٧) سورة القدر الآية ٤
(٧٨٨) سورة الشورى الآية ٥٢
(٧٨٩) رسالة الولاية/ الطباطبائي/ ص٦٧
(٧٩٠) بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار - الصفحة ٤٦٧
(٧٩١) سورة المائدة الآية ٦٧
(٧٩٢) سورة الشورى الآية ١٣
(٧٩٣) سورة الشورى الآية ١٣
(٧٩٤) سورة المائدة الآية ٦٨
(٧٩٥) مفاتيح الجنان/ الشيخ القمي/ الزيارة الجامعة الكبيرة.
(٧٩٦) سورة ص الآية ٢٦
(٧٩٧) غاية المرام - السيد هاشم البحراني - ج ١ - الصفحة ١٠٨
(٧٩٨) سورة النور الآية ٥٥
(٧٩٩) بحار الأنوار: ص٣٥٤/ ح ١١٤(عن الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (محمّد بن عليّ): (يقوم بأمر جديد، وسنة جديدة وقضاء جديد، على العرب شديد، وليس شأنه إلا القتل، ولا يستنيب أحدا ولا تأخذه في الله لومة لائم))(المحقق)
(٨٠٠) كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ج ١ - الصفحة ١٦٦(سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: في صاحب هذا الأمر ذا قام سار بسيرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم))(المحقق)
(٨٠١) الغيبة للنعماني: ٢٣٣.(عن الإمام الباقر (عليه السلام):يقوم القائم بأمر جديد، وكتاب جديد، وقضاء جديد، على العرب شديد، ليس شأنه إلا السيف، لا يستتيب أحدا، ولا يأخذه في الله لومة لائم)(المحقق)
(٨٠٢) راجع للمزيد كتابنا (دفاع عن الشريعة)
(٨٠٣) علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن حريز عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحلال والحرام فقال: حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجئ غيره(الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٥٨)
(٨٠٤) سورة القصص الآية ٢١
(٨٠٥) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ١٨٤
(٨٠٦) راجع كتابنا (الامام المهدي (عليه السلام) بين العلم والدين والعقل)
(٨٠٧) راجع عصر الظهور - الشيخ علي الكوراني العاملي
(٨٠٨) الكافي ج١ص٢٥ح٢١, كمال الدين ج٢/ص٦٧٥/ب٥٨/ح٣٠
(٨٠٩) محمد بن عثمان بن سعيد العمري، (ت ٣٠٥ هـ) المعروف بـالخلّاني والمُكنّى بأبي جعفر، هو السفير أو النائب الثاني من النواب الأربعة للإمام الثاني عشر المهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه).. مكث أبو جعفر الفترة الأطول من بين هؤلاء النواب في سفارته التي ناهزت الأربعين عاماً (٢٦٥ - ٣٠٥ هـ)، خلف فيها والده المكنّى بأبي عمرو، بعد أن كان مساعداً له، في فترة الغيبة الصغرى للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه).. رغم التصريح الذي جاء في رواية الإمام العسكري (عليه السلام) وفي كتاب لصاحب العصر (عجَّل الله فرجه) قد شكك بعض وكلاء الإمام في نيابته وبعض آخر ادعاه لنفسه. كان حوله مساعدون ويمدّونه يد العون في إدارة الوكالة. وله مصنفات في الفقه ووردت عنه روايات حول المهدي (عجَّل الله فرجه) كما نقلت عنه أدعية مشهورة نحو: السمات، والافتتاح، وزيارة آل ياسين.(المحقق)
(٨١٠) كمال الدين ص ٣٥١ ح ٤٨، الكافي ج ١ ص ٢٧٢، دلائل الإمامة ص ٤٨٢
(٨١١) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٢ - الصفحة ١٥٢
(٨١٢) السيد شهاب الدين المرعشي النجفي (١٣١٥ ــ ١٤١١ هـ)، من مراجع التقليد في المدرسة الإمامية، وحصل على درجة الاجتهاد في السابعة والعشرين من عمره. تصدّى لمقام المرجعية بعد رحيل آية الله البروجردي. من أبرز الخدمات الثقافية التي قدّمها (قدس سره) تأسيس المكتبة العامّة المسمّاة باسمه والتي تحتوي على كم وافر من المخطوطات الإسلامية والكتب القيمة في شتى العلوم، وهي تتصدر قائمة المكتبات الإيرانية العامّة، وتقع في المرتبة الثالثة لأكبر المكتبات في العالم الإسلامي في هذا المجال، إضافة الى هذا فقد قام بتأسيس مدارس علمية كالمرعشية والشهابية والمهدوية والمؤمنية، فبذل جميع ما بوسعه في سبيل العلم والاحتفاظ بالتراث الإسلامي حتى أصبح غير مستطيع لأداء فريضة الحج. له الكثير من المؤلفات، منها: تعليقات على كتاب إحقاق الحق، مشجرات آل الرسول، طبقات النسابين وحاشية على عمدة الطالب. وكان قد تحمّل عناء السفر والترحال إلى بعض البلدان واللقاء بعلمائها لأجل تدوين بعض مؤلفاته.(المحقق)
(٨١٣) قبسٌ من كرامات سيّدنا الاُستاذ / السيد عادل العلوي /ص١١٧)(المحقق)
(٨١٤) راجع شرح رسالة الحقوق/ للشهيد السيد حسن القبانجي
(٨١٥) نهج البلاغة - خطب الإمام علي (عليه السلام) - ج ٣ - الصفحة ٨٤
(٨١٦) سورة الانبياء الآية ١٠٥
(٨١٧) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء مروي عن الامام المهدي (عجَّل الله فرجه)
(٨١٨) وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج ١٨ - الصفحة ٢/ باب القضاء/ ابواب صفات القاضي
(٨١٩) الخوارج، هي فرقة ظهرت في النصف الأول من القرن الأول الهجري، وبالتحديد في حرب صفين التي دارت رحاها بين أمير المؤمنين علي (عليه السلام) من جهة وبين معاوية بن أبي سفيان من جهة أخرى. وكان ظهورهم العلني بعد رفع المصاحف في تلك الحرب من قبل جيش معاوية بمشورة من عمرو بن العاص بعد أن اتضحت هزيمة جيش الشام لو استمرت الحرب. لقد سُمي الخوارج بعدة تسميات، منها: الحرورية، والشراة، والمارقة، وغيرها، ولهم عدّة فرق، وهي: الأزارقة، والنجدية، والصفرية، والإباضية.(المحقق)
(٨٢٠) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢ - الصفحة ٣٠٧(ومن كلام له (عليه السلام) للخوارج لما سمع قولهم: لا حكم إلا لله قال: كلمه حق يراد بها باطل، نعم إنه لا حكم إلا لله ولكن هؤلاء يقولون:
لا إمرة (١). وإنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر، يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الاجل، ويجمع به الفيء، ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القوى، حتى يستريح بر، ويستراح من فاجر وفى رواية أخرى أنه (عليه السلام) لما سمع تحكيمهم قال: حكم الله أنتظر فيكم.
وقال: أما الامرة البرة فيعمل فيها التقى، وأما الامرة الفاجرة فيتمتع فيها (٢) الشقي، إلى أن تنقطع مدته، وتدركه منيته..(المحقق))
(٨٢١) راجع لمزيد الاطلاع كتابنا (دفاع عن الشريعة)
(٨٢٢) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٩ - الصفحة ٣٢٨
(٨٢٣) العوالم، الإمام الحسين (عليه السلام) - الشيخ عبد الله البحراني - الصفحة ١٨٤
(٨٢٤) سورة السجدة الآية ٢٤
(٨٢٥) سورة السجدة الآية ٢٤
(٨٢٦) سورة الفرقان الآية ٧٤
(٨٢٧) سورة الفرقان الآية ٧٤
(٨٢٨) سورة السجدة الآية ٢٤
(٨٢٩) سورة الفرقان الآية ٧٤
(٨٣٠) سورة الاحزاب الآية ٧٢
(٨٣١) سورة الاعراف الآية ١٥٧
(٨٣٢) سورة الاعراف الآية ١٥٧
(٨٣٣) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٣١
(٨٣٤) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢ - الصفحة ١٨٤
(٨٣٥) فتح الباري لابن حجر (ج ١٢ / ص ٢٨٩ - ٣٠١).
(٨٣٦) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٥٥٠
(٨٣٧) شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ١٤
(٨٣٨) شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ١٤
(٨٣٩) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٣٤٦
(٨٤٠) سورة الجمعة الآية٥
(٨٤١) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٦ - الصفحة ٢٦١
(٨٤٢) نقل ابن أبي الحديد عن أبي جعفر هذا أحاديث مما رده عمر بن الخطاب على رسول قال: لما حضرت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، فقال عمر كلمة معناها أن الوجع قد غلب على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) ثم قال: عندنا القرآن حسبنا كتاب الله، فاختلف من في البيت واختصموا فمن قائل يقول: القول ما قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، ومن قائل يقول: القول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغط واللغو والاختلاف غضب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: قوموا إنه لا ينبغي لنبي أن يختلف عنده هكذا، فقاموا فمات رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في ذلك اليوم فكان ابن عباس يقول: الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يعني الاختلاف واللغط.
قال ابن أبي الحديد: قلت هذا الحديث قد خرجه الشيخان محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري في صحيحهما (١) واتفق المحدثون كافة على روايته.(غاية المرام - السيد هاشم البحراني - ج ٦ - الصفحة ٩٥)
(٨٤٣) غُرَرُ الحِكم ودُرَرُ الكلِم أبي الفتح الآمدي الإمامي.
(٨٤٤) سورة النور الآية ٣١
(٨٤٥) سورة النور الآية ٣١
(٨٤٦) المحاسن للبرقي ص١٥٧/ح٩٠
(٨٤٧) سورة النور الآية ٥٥
(٨٤٨) الخصال: ص٦٢٦ علم أمير المؤمنين (عليه السلام) أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ما يصلح للمسلم في دينه ودنياه، وتحف العقول: ص١١٥ آدابه (عليه السلام) لأصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدني (ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها، ولأخرجت الأرض نباتها، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم، حتى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام لا تضع قدميها إلا على النبات، وعلى رأسها زينتها لا يهيجها سبع ولا تخافه)(المحقق)
(٨٤٩) بحار الأنوار ج ٥٢ ص ٣١٩. (قال الامام (عليه السلام): «لو قد قام قائمنا... ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم)(المحقق)
(٨٥٠) سورة التوبة الآية ٣٤
(٨٥١) مفاتيح الجنان للقمي/ دعاء الندبة
(٨٥٢) مفاتيح الجنان للقمي/ دعاء التوسل
(٨٥٣) مفاتيح الجنان للقمي/ زيارة امير المؤمنين (عليه السلام) المعروفة بزيارة امين الله
(٨٥٤) سورة يوسف الآية ٩٧
(٨٥٥) سورة يوسف الآية ٩٩
(٨٥٦) سورة النساء الآية ٦٤
(٨٥٧) سورة النساء الآية ٦٤

(*) علل الشرائع: ٤٢٦ / ٨
(٨٥٨) الدعاء عند تقبيل الحجر
(٨٥٩) راجع المحاضرة العشرون
(٨٦٠) مصباح الهداية/ الامام الخميني/ ص٥٧ نقلا عن شيخ مشايخنا آقا محمد رضا القمشه اي
(٨٦١) سورة فصلت الآية ٣٧
(٨٦٢) سورة المجادلة الآية ١
(٨٦٣) الصحيفة السجادية - الإمام زين العابدين (عليه السلام) - الصفحة ٤٠٣
(٨٦٤) سورة يوسف الآية ٨٦
(٨٦٥) مفاتيح الجنان للشيخ القمي / دعاء عرفة
(٨٦٦) مفاتيح الجنان للقمي/دعاء ابي حمزة الثمالي عن الامام السجاد (عليه السلام)
(٨٦٧) حياة الإمام المهدي (عليه السلام) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ١٧٤
(٨٦٨) الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٣٣٦
(٨٦٩) سورة النساء الآية ٥٨
(٨٧٠) مفاتيح الجنان للشيخ القمي/ دعاء كميل المروي عن امير المؤمنين (عليه السلام)
(٨٧١) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٢٢٦
(٨٧٢) الحادثة وقعت بتاريخ ٩/٥/٢٠٢١ حيث وقع الحادث أثناء مغادرة الطلاب المدرسة راح ضحيته ٥٠ قتيلا، معظمهم فتيات، وأكثر من ١٠٠ مصاب (نقلا عن الوكالات الاخبارية في المواقع الالكترونية)
(٨٧٣) سورة ال عمران الآية ١٢٦
(٨٧٤) سورة التوبة الآية ٢٥
(٨٧٥) سورة التوبة الآية ٢٥
(٨٧٦) سورة التوبة الآية ٢٥
(٨٧٧) سورة التوبة الآية ٢٥.