التقويم المهدوي

التقويم المهدوي
يتضمن المناسبات والأحداث المهدوية بحسب الأشهر والسنين

السيد محمد القبانجي - الشيخ ياسر الصالحي
تقديم ونشر: مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
رقم الإصدار: 140
الطبعة الثانية 1442هـ

الفهرس

المقدّمة..................3
الفصل الأوَّل: وفيه ذكر المناسبات والأحداث المهدويَّة بحسب الأشهر الهجريَّة..................5
محرَّم الحرام..................7
(1 محرَّم الحرام) سنة (81هـ): وفاة محمّد بن الحنفيَّة، وفيها إبطال غيبته المزعومة..................9
(ليلة العاشر من محرَّم) سنة (61هـ): بشارة الإمام الحسين (عليه السلام) لأصحابه في ليلة شهادته برجعته مع أصحابه حين ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) للانتقام من الظالمين..................10
(10 محرَّم الحرام) 1 - دعاء الإمام الصادق (عليه السلام) للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في اليوم العاشر من المحرَّم..................13
2 - سنة (61هـ): بعد سقوط الحسين (عليه السلام) عن جواده يوم العاشر أظهر الله للملائكة مهدي آل محمّد (عجَّل الله فرجه) عن يمين العرش وهو قائم يُصلِّي..................17
3 - سنة (61هـ): في اليوم العاشر تجلَّى ظلُّ القائم (عجَّل الله فرجه) للملائكة للانتقام من قتلة الحسين (عليه السلام) بعد أنْ ضجُّوا بالبكاء عليه (عليه السلام)..................17
4 - سنة (61هـ): سبعون ألف مَلَك يدعون لزوَّار الحسين (عليه السلام) من يوم مقتله إلى يوم ظهور مهدي آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)..................18
5 - سنة (61هـ): عدم التوفيق في عيد أضحى أو فطر لهذه الأُمَّة بعد قتل الحسين إلى ظهور المهدي (عجَّل الله فرجه)..................19
6 - سنة الظهور: ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) يوم السبت العاشر من المحرَّم بين الركن والمقام..................19
7 - سنة الظهور: قدوم أصحاب المهدي (عجَّل الله فرجه) من أطراف الأرض لبيعته في مكَّة المكرَّمة في اليوم العاشر من المحرَّم..................20
8 - سنة الظهور: ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في مكَّة عند العشاء في يوم عاشوراء مع راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)..................21
9 - سنة الظهور: مبايعة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) من قِبَل أصحابه النجباء والأبدال والأخيار في اليوم العاشر من المحرَّم..................22
10 - سنة الظهور: نزول جبرئيل على الحطيم في اليوم العاشر من محرَّم ويكون أوَّل من يبايع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................22
11 - سنة الظهور: نداء جبرئيل بين يدي الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه): (البيعة لله) في اليوم العاشر من محرَّم..................23
12 - سنة الظهور: ينادي المنادي في يوم عاشوراء من السماء: (ألَا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا)..................23
13 - سنة الظهور: أوَّل خطبة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بعد ظهوره في يوم عاشوراء وقد أسند ظهره إلى البيت الحرام..................24
14 - سنة الظهور: خروج الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) يوم الجمعة في العاشر من المحرَّم على رواية..................25
15 - سنة الظهور: يقطع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في اليوم العاشر من المحرَّم أيدي بني شيبة سُرَّاق الكعبة..................26
(29 محرَّم الحرام) سنة (61هـ): خطبة الإمام السجَّاد (عليه السلام) في الشام وبشارته بالمهدي (عجَّل الله فرجه)..................26
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم..................27
سنة (317هـ): كرامة الشيخ الحسين بن روح وأبي عبد الله البزوفري في إثبات نسب جنين إلى أبيه بعد إنكار الأب في مدينة قمِّ المقدَّسة..................27
صفر الخير..................29
(1 صفر الخير) سنة (37هـ): معركة صفِّين، وفيها طلب المؤمنون من أمير المؤمنين (عليه السلام) نشر راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأبى عليهم ذلك، وادَّخرها لقائم آل محمّد (عليهم السلام)..................31
(9 صفر الخير) سنة (38هـ): معركة النهروان، وفيها أخبر أمير المؤمنين (عليه السلام) ببقاء الخوارج إلى ظهور مهدي آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)..................31
(بعد 9 صفر الخير) سنة (38هـ): لقاء أمير المؤمنين (عليه السلام) مع حباب النصراني وأمره ببناء مسجد (براثا) وإخباره بالكثير من المغيَّبات وما يفعله جيش السفياني بأهل الكوفة..................33
(10 صفر الخير) سنة (1384هـ): التاريخ السندي لنقل المرجع الكبير السيِّد محمود الشاهرودي (رحمه الله) لتفسير أمير المؤمنين (عليه السلام) لتوقيع السمري (رضي الله عنه) في تكذيب المشاهدة في المنام..................35
(بعد 13 صفر الخير) سنة (37هـ): لقاء أمير المؤمنين (عليه السلام) مع نصراني - بعد انتهائه من معركة صفِّين - وأخبره النصراني بوجود كُتُب وآثار من عيسى (عليه السلام) عنده تحكي وتُبشِّر برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمَّة الاثني عشر (عليهم السلام) من بعده ونزول عيسى (عليه السلام) آخر الزمان وصلاته خلف الثاني عشر..................36
(23 صفر الخير) سنة (260هـ): إرسال أبي الأديان من قِبَل الإمام العسكري (عليه السلام) في مهمَّة وإخباره بوفاته (عليه السلام) وبثلاث علامات لمعرفة خليفته الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بعد رجوع أبي الأديان من السفر..................38
(26 - 28 صفر الخير) سنة (11هـ): إخبار رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة (عليها السلام) وهو في مرضه الذي تُوفِّي فيه بأنَّ المهدي (عجَّل الله فرجه) من ولدها..................41
(28 صفر الخير) سنة (260هـ): خروج الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) من سامراء قبل شهادة أبيه (عليه السلام) بعشرة أيَّام على رواية..................45
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم..................45
1 - سنة (274هـ): التاريخ السندي لحديث عليِّ بن الحسن التيملي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تمنِّي نبيِّ الله موسى (عليه السلام) أنْ يكون هو قائم آل محمّد..................45
2 - سنة (274هـ): التاريخ السندي لحديث عليِّ بن الحسن التيملي عن الإمام الصادق (عليه السلام) يحكي مدَّة تسلُّط السفياني وهي تسعة أشهر..................46
3 - سنة (274هـ): التاريخ السندي لحديث عليِّ بن الحسن التيملي عن الإمام الباقر (عليه السلام) يحكي فيه حال المرجئة في زمن الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................46
4 - سنة (274هـ): التاريخ السندي لحديث عليِّ بن الحسن التيملي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في شرح حال المؤمن وكرامته عند الله والإخبار عن بعض تحرُّكات السفياني ومدَّة حكمه..................47
5 - سنة (381هـ): التاريخ السندي لحديث هارون بن موسى عن زيد ابن عليٍّ (عليه السلام)، وفيه بشارة أنَّ المهدي (عجَّل الله فرجه) من آل محمّد (عليهم السلام)..................48
6 - سنة (410هـ): وصول الرسالة الأُولى للشيخ المفيد (رحمه الله) من قِبَل الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في أيَّام بقيت من شهر صفر يُؤكِّد فيها على اهتمامه بشيعته بقوله: «إنَّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللَّأواء أو اصطلمكم الأعداء»..................49
7 - سنة (759هـ): شفاء ابن الشيخ نجم الدِّين الزهدري من الفالج - بعد عرضه على أطبَّاء كثر - ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في مقامه بالحلَّة..................51
ربيع الأوَّل..................53
(5 ربيع الأوَّل) سنة (260هـ): مكاتبة الإمام العسكري (عليه السلام) إلى محمّد بن عليِّ ابن بلال يُخبره بالخلف من بعده..................55
(1 - 8 ربيع الأوَّل) سنة (260هـ): الإمام العسكري (عليه السلام) يعرض ولده الحجَّة على أربعين رجلاً من أصحابه قبل أيَّام من شهادته..................55
(8 ربيع الأوَّل) 1 - سنة (260هـ): شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في صباح يوم الجمعة، وعمره (29) سنة، ودُفِنَ في سامرَّاء وانتقال الإمامة إلى صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه)..................57
2 - سنة (260هـ): افتراق الشيعة بعد شهادة الإمام العسكري (عليه السلام)، وقد تنبَّأ بذلك قبل وفاته..................58
3 - سنة (260هـ): حضور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في ساعة احتضار الإمام العسكري (عليه السلام) وإعانته في وضوءه وصلاته..................58
4 - سنة (260هـ): ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) أمام (39) شخصاً، وصلاته على جنازة أبيه جماعة..................59
5 - سنة (260هـ): إنباء الإمام الصادق (عليه السلام) للمفضَّل بن عمر بشهادة الإمام العسكري وغيبة الإمام المهدي (عليهما السلام)..................60
6 - سنة (260هـ): وصول وفد قمّ يوم شهادة الإمام العسكري (عليه السلام) ورفضهم إعطاء المال لجعفر وتشرُّفهم بمشاهدة صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) وإخباره إيَّاهم بما يحملون..................61
7 - سنة (260هـ): في الثامن من ربيع الأوَّل ابتداء الغيبة الصغرى وانتهاؤها بوفاة النائب الرابع السمري في (15/ شعبان/ 328 أو 329هـ)..................64
8 - سنة (260هـ): تأويل آية: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ﴾ ببداية غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) من قِبَل الإمام الباقر (عليه السلام)..................64
(9 ربيع الأوَّل) سنة (23هـ): محاججة ابن عبَّاس بعد وفاة عمر بن الخطَّاب في يوم الشورى السداسيَّة في أحقّيَّة عليٍّ (عليه السلام) وذكره الأئمَّة بأسمائهم وإخباره بغيبة الثاني عشر..................65
(10 ربيع الأوَّل) سنة (961هـ): تشرُّف الشهيد الثاني (قدّس سرّه) بلقاء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) قبل شهادته بخمس سنوات:..................66
(25 ربيع الأوَّل) سنة (41هـ): صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية (لعنه الله)، وفيه ذكر علَّة غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................68
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم..................70
1 - سنة (260هـ): ورود كتاب من الناحية المقدَّسة لمنع إجراء المال على الجنيد إشارةً إلى وفاته..................70
2 - سنة (302هـ): التاريخ السندي لحديث «خلفاء أُمَّتي اثنا عشر» عن ابن مسعود..................70
3 - سنة (304 أو 305هـ): علم النائب الثاني بوقت وفاته وقد حفر لنفسه قبراً قبل شهرين من وفاته..................71
4 - سنة (378هـ): التاريخ السندي لحديث الحسين بن عليِّ بن بابويه(رحمه الله) لحديث الوصيَّة إلى أبي القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه)..................72
5 - سنة (573هـ): التاريخ السندي لابن المشهدي صاحب كتاب (المزار) لزيارة آل ياسين..................72
ربيع الثاني..................77
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم..................79
1 - سنة (312هـ) وفاة محمّد بن جعفر الأسدي (رحمه الله) على رواية الشيخ الطوسي (رحمه الله)..................79
2 - سنة (671هـ): التاريخ السندي لحديث دخول يهودي على الإمام عليٍّ (عليه السلام)..................79
جمادى الأُولى..................81
(1 - 10 جمادى الأُولى) سنة الظهور: خروج الدجَّال من أصفهان على رواية (إلزام الناصب)..................83
(10 جمادى الأُولى) 1 - سنة (36هـ): معركة الجمل، وفيها نشر عليٌّ (عليه السلام) راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولا ينشرها بعده إلَّا القائم (عجَّل الله فرجه)..................83
2 - سنة (312هـ): وفاة محمّد بن جعفر الأسدي أحد وكلاء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................84
(15 جمادى الأُولى) سنة (36هـ): انتهت حرب الجمل في البصرة، وفيها خطب عليٌّ (عليه السلام) خطبة ذكر فيها ما يجري عليها من الأحداث في آخر الزمان..................86
(20 جمادى الأُولى) سنة الظهور: بداية هطول الأمطار الغزيرة والتي تستمرُّ أربعين يوماً على رواية (إلزام الناصب)..................88
(30 جمادى الأُولى) 1 - سنة (304 أو 305هـ): وفاة النائب الثاني أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه)..................88
2 - سنة (305هـ): شراء الشيخ الحسين بن روح ودائع الشيخ محمّد بن عثمان من ورثته، وفيها أدعية وقنوتات الأئمَّة، ومنها قنوتات الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................91
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم..................95
1 - سنة (410هـ): إخبار الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في رسالته للشيخ المفيد (رحمه الله) بحدوث آية جليَّة في جمادى الأُولى..................95
2 - سنة (1299هـ): ورود الحاجّ محمّد مهدي التاجر إلى العراق لغرض الاستشفاء بزيارة الأئمَّة (عليهم السلام)..................95
جمادى الآخرة..................97
(1 جمادى الآخرة) سنة الظهور: ابتداء المطر بشكل غزير واستمراره أربعين يوماً حتَّى تنبت لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم..................99
(10 جمادى الآخرة) سنة (1299هـ): شفاء أحد المؤمنين من الخرس في سامرَّاء ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................100
(17 جمادى الآخرة) سنة (641هـ): تشرُّف ابن طاوس بزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) وحصوله على مكاشفات عظيمة ولقاؤه برسول الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................105
(27 جمادى الآخرة) 1 - سنة (13هـ): ذكرى وفاة أبي بكر ودخول يهودي على الإمام عليٍّ (عليه السلام) وسؤاله عن سبع مسائل منها أوصياء النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعددهم..................111
2 - سنة (13هـ): امتناع الإمام عليٍّ (عليه السلام) من إعطاء القرآن الذي جمعه إلى عمر وظهوره على يد مهدي آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)..................114
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم..................115
سنة (36هـ): خطبة عليٍّ (عليه السلام) قبل خروجه من البصرة، وفيها ذكر المهدي (عجَّل الله فرجه) والعلامات قبله:..................115
رجب المرجَّب..................117
(1 رجب المرجَّب) 1 - سنة (641هـ): زيارة السيِّد ابن طاوس (رحمه الله) للإمام الحسين (عليه السلام) في أوَّل رجب..................119
2 - سنة الظهور: انتهاء هطول الأمطار في أوَّل شهر رجب..................119
(10 رجب المرجَّب) سنة الظهور: انتهاء مطر السماء في اليوم العاشر من رجب..................119
(13 رجب المرجَّب) وصول توقيع الإمام (عجَّل الله فرجه) لوكيله القاسم بن العلاء يُخبره بوفاته بعد أربعين يوماً من وصول التوقيع، وفي القصَّة عِبَر ومواعظ كثيرة..................119
(ليلة 16 رجب) سنة (256هـ): علم الإمام العسكري (عليه السلام) وهو في الحبس بقتل المهتدي العبَّاسي وإخباره (عليه السلام) لشخص بأنَّه سيُولَد له الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................124
(20 رجب المرجَّب) عودة بصر الوكيل القاسم بن العلاء بعد فقدانه (37) سنة..................125
(26 رجب المرجَّب) 1 - سنة (5 للبعثة): ليلة المعراج وفيها رأى النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ظلَّ القائم (عجَّل الله فرجه) بعد أنْ أخبره الله بما يجري على ابنته وبعلها وولديها من البلاء والقتل، ووعد الله له (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأنْ ينصره بالقائم (عجَّل الله فرجه)..................125
2 - سنة (5 للبعثة): رؤية النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المعراج تمثال القائم (عجَّل الله فرجه) وهو كالكوكب الدُّرِّي بين سائر الأئمَّة (عليهم السلام)..................127
3 - سنة (5 للبعثة): رؤية النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المعراج لأنوار الأئمَّة (عليهم السلام) عن يمين العرش مع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في ضحضاح من نور..................128
4 - سنة (5 للبعثة): رؤية النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المعراج مكتوب على ساق العرش اسم الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) يتلألأ من بين أسماء الأئمَّة (عليهم السلام)..................129
5 - سنة (5 للبعثة): إخبار الله تعالى لنبيِّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المعراج عن خروج المهدي (عجَّل الله فرجه) من ولده وذكر علامات ذلك..................129
6 - سنة (5 للبعثة): سماع النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المعراج حين وصوله إلى حُجُب النور بعد سدرة المنتهى نداء الله وإخباره بالمهدي (عجَّل الله فرجه) من ولده يعمر به الأرض بالعدل..................130
(29 رجب المرجَّب) سنة (635هـ): إخبار الرشيد بن ميمون الواسطي أحدَ المؤمنين باستجابة دعائه وتوسُّله لخدمة المولى صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه)..................131
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم..................132
1 - سنة (120هـ): خروج زيد بن عليٍّ (عليه السلام) إلى العراق وبشارته بأنَّ المهدي (عجَّل الله فرجه) من آل محمّد (عليهم السلام)..................132
2 - سنة (265هـ): التاريخ السندي لحديث الصادق (عليه السلام) عن ظهور السفياني في رجب..................134
3 - سنة (277هـ): التاريخ السندي لحديث عليِّ بن الحسن التيملي عن الإمام الصادق (عليه السلام) حول النداء السماوي للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................135
4 - سنة (788هـ): حكاية محمود الناصبي وكيفيَّة استبصاره ببركة مولانا صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه)..................135
5 - سنة (1093هـ): دعاء لدفع الشدائد علَّمه الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) للشيخ عليٍّ المكّي..................142
6 - سنة (1301هـ): تشرُّف الحاجِّ عليٍّ البغدادي بملاقاة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في قصَّة رائعة..................143
7 - لقاء محمّد بن أبي الرواد الرواسي بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في مسجد صعصعة وسماعه دعاء الحجَّة (عجَّل الله فرجه) في رجب: «اللَّهُمَّ يا ذا المنن السابقة...»..................151
8 - سنة الظهور: إخبار النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ولده المهدي (عجَّل الله فرجه) وأنَّه شبيه موسى بن عمران، عليه جلابيب النور، وسماع ثلاثة أصوات في رجب وبها يأتي الفرج..................154
9 - سنة الظهور: مدَّة حكم السفياني وخروجه في رجب..................155
10 - سنة الظهور: من علامات الظهور آية في رجب وجه يطلع في القمر ويد بارزة..................157
11 - زيارة المشاهد الشريفة في رجب عن النائب الثالث الحسين بن روح (رضي الله عنه)..................157
12 - دعاء في كلِّ يوم من رجب عن طريق النائب الثاني محمّد بن عثمان (رضي الله عنه) عن الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................158
13 - دعاء آخر في رجب صدر عن الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح والتوسُّل بالإمامين الجواد والهادي (عليهما السلام)..................160
شعبان المعظَّم..................161
(3 شعبان المعظَّم) 1 - سنة (4هـ): دخول جابر الأنصاري على الزهراء (عليها السلام) لتهنئتها بولادة الحسين (عليه السلام) ومشاهدته اللوح الأخضر بيدها وفيه أسماء الأئمَّة والإمام المهدي (عليهم السلام)..................163
2 - سنة (4هـ): قصَّة المَلَك دردائيل وتوسُّله بالحسين (عليه السلام) يوم ولادته، وإخبار رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة (عليها السلام) بشهادته وأنَّ الأئمَّة (عليهم السلام) من ولده آخرهم الحجَّة القائم (عجَّل الله فرجه)..................166
3 - سنة (4هـ): حين ولادة الحسين (عليه السلام) أخبر النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فاطمة الزهراء (عليها السلام) بأنَّه أبو تسعة أئمَّة تاسعهم قائمهم..................169
4 - الدعاء في اليوم الثالث من شهر شعبان الذي صدر من الناحية للوكيل القاسم بن العلاء..................170
(8 شعبان المعظَّم) 1 - سنة (257هـ): ذكر رواية عن حكيمة في ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في مثل هذا اليوم..................171
2 - سنة (257هـ): تهنئة (70) رجلاً للإمام العسكري (عليه السلام) بولادة المهدي (عجَّل الله فرجه) وبيان فضل الشيعة..................172
3 - سنة (256هـ): رواية الصدوق بسنده إلى غياث بن أسيد في ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في اليوم الثامن من شعبان..................174
4 - سنة (257هـ): ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على رواية المفضَّل..................174
(9 شعبان المعظَّم) 1 - سنة (329هـ): خروج توقيع للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لسفيره الرابع يُخبره فيه بموته بعد ستَّة أيَّام وانقطاع السفارة الخاصَّة وحصول الغيبة الكبرى..................175
2 - سنة (329هـ): آخر توقيع صدر من الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وهو دعاء الاستخارة لنائبه الرابع..................176
(11 شعبان المعظَّم) سنة (278هـ): تذاكر عظمة مقام الإمام الحسن العسكري والاعتراف بوجود ولد له (عليه السلام) في مجلس الناصبي أحمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان عامل السلطان على الخراج في قمّ..................177
(فجر 15 شعبان) 1 - سنة (255هـ): مولد الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في ليلة (15) شعبان على رأي مشهور الطائفة..................182
2 - سنة (255هـ): حكاية القابلة التي تولَّت ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................190
3 - سنة (255هـ): حمل الملائكة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) حين ولادته إلى سرادق العرش..................192
4 - سنة (255هـ): تسمية الإمام الحسن (عليه السلام) للمهدي (عجَّل الله فرجه) بـ (المؤمَّل)..................193
5 - سنة (255هـ): تكلُّم الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بعد عطاسه..................193
6 - سنة (255هـ): تغسيل المَلَك رضوان خازن الجنان للإمام المهدي(عجَّل الله فرجه) حين ولادته بماء الكوثر والسلسبيل..................194
7 - سنة (255هـ): سطوع النور من فوق رأس الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) إلى عنان السماء حين ولادته..................194
8 - دعاء ليلة النصف من شعبان والتوسُّل إلى الله بحقِّ الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................195
9 - دفاع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) عن زُوَّار جدِّه الحسين (عليه السلام)..................196
(15 شعبان المعظَّم) 1 - سنة (255هـ): كتابة التوقيع من قِبَل الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) إلى أحمد بن إسحاق بولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................199
2 - سنة (255هـ): مشاهدة جارية الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) لسطوع النور من الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) عند ولادته وبلوغه أُفُق السماء..................200
3 - سنة (256هـ): خروج توقيع العسكري (عليه السلام) بعد قتل الزبيري بولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................201
4 - سنة (256هـ): ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على رواية إسماعيل بن عليٍّ النوبختي..................201
5 - سنة (328 أو 329هـ): وفاة عليِّ بن محمّد السمري (رضي الله عنه) النائب الرابع للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................202
6 - زيارة الحليسي للإمام الحسين (عليه السلام) في (15) شعبان وإكرامه من قِبَل الناحية المقدَّسة..................204
(16 شعبان المعظَّم) 1 - سنة (255هـ): تسميت الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لنسيم حين عطاسها بعد مولده بليلة..................204
2 - سنة (255هـ): كرامة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وبركة كحل الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)....................................205
(17 شعبان المعظَّم) سنة (255هـ): عرض الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ولده المهدي(عليه السلام) على أصحابه في اليوم الثالث من ولادته..................207
(18 شعبان المعظَّم) سنة (326هـ): وفاة النائب الثالث للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) الحسين بن روح (رضي الله عنه)..................208
(21 شعبان المعظَّم) 1 - سنة (255هـ): توزيع الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) العقيقة في اليوم السابع لولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................210
2 - سنة (255هـ): رؤية السيِّدة حكيمة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في اليوم السابع من ولادته (عجَّل الله فرجه)..................212
(23 شعبان المعظَّم) وفاة وكيل الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) القاسم بن العلاء..................212
(25 شعبان المعظَّم) سنة (255هـ): تسميت الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لنسيم الخادم حين عطست بعد ولادته بعشرة أيَّام..................212
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم..................213
1 - سنة (273هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الصادق (عليه السلام) ضرورة معرفة الأئمَّة بأسمائهم وخصائصهم..................213
2 - سنة (329هـ): إخبار النائب الرابع عليِّ بن محمّد السمري (رضي الله عنه) بوفاة عليِّ بن بابويه القمِّي (رحمه الله)..................213
3 - سنة (859هـ): التاريخ السندي لمشاهدة المعمَّر ابن غوث السنبسي لولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................214
رمضان المبارك..................217
(1 رمضان المبارك) 1 - سنة (9هـ): نداء إبليس في ليلة العقبة هو نفس ندائه بعد ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................219
2 - سنة (145هـ): أمر الإمام الصادق (عليه السلام) لشيعته بعدم النهوض حتَّى قيام القائم (عجَّل الله فرجه)، وذلك في السنة التي خرج فيها إبراهيم بن عبد الله..................219
3 - سنة (254هـ): ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على رواية عقيد الخادم..................220
(3 رمضان المبارك) سنة (413هـ): وفاة الشيخ المفيد (رحمه الله) وكتابة أبيات في رثائه بخطِّ صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه)..................221
(5 رمضان المبارك) 1 - سنة الظهور: كسوف الشمس في الخامس من رمضان..................223
2 - سنة الظهور: حصول الخسوف والكسوف في رمضان على خلاف العادة..................223
(13 رمضان المبارك) دعاء الإمام السجَّاد (عليه السلام) في اليوم الثالث عشر من شهر رمضان وفيه يدعو إلى قائم آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)..................224
(15 رمضان المبارك) سنة الظهور: كسوف الشمس في الخامس عشر من شهر رمضان..................224
(17 رمضان المبارك) سنة (373هـ): حكاية بناء مسجد جمكران في قم بأمر الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................225
(23 رمضان المبارك) 1 - سنة (258هـ): ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على قول ابن طلحة الشافعي..................230
2 - سنة الظهور: نداء جبرئيل باسم الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في ليلة (23) رمضان..................230
3 - ليلة القدر: نزول الملائكة بأمر الله تعالى على الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................231
(24 رمضان المبارك) سنة الظهور: تلوُّن الشمس في الرابع والعشرين من شهر رمضان..................232
(25 رمضان المبارك) سنة (255هـ): مشاهدة السيِّدة حكيمة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بعد مرور أربعين يوماً على ولادته (عجَّل الله فرجه)..................233
(30 رمضان المبارك) سنة الظهور: خسوف القمر في آخر شهر رمضان..................233
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم..................233
1 - سنة (229هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الصادق (عليه السلام) حول تكذيب الموقِّتين للظهور..................233
2 - سنة (229هـ): التاريخ السندي لحديث عبد الله بن حمَّاد الأنصاري عن الإمام الصادق (عليه السلام) حول النداء في السماء باسم المهدي (عجَّل الله فرجه)..................234
3 - سنة (327هـ): التاريخ السندي لحديث أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ملك بني العبَّاس والإشارة إلى ظهور القائم (عجَّل الله فرجه)..................234
4 - وفاة الحسن بن النضر وكرامة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) عليه..................235
5 - سنة ما بعد الظهور: قتل السفياني في شهر رمضان على يد الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................236
6 - دعاء الافتتاح يُقرَأ في كلِّ ليلة من هذا الشهر بسند النائب الأوَّل عثمان بن سعيد (رضي الله عنه)..................236
7 - دعاء آخر يُقرَأ في كلِّ يوم وليلة من هذا الشهر، وهو دعاء الإمام الصادق (عليه السلام) لدولة صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) «اللَّهُمَّ إنَّا نرغب إليك في دولة كريمة...»..................240
شوَّال المكرَّم..................243
(1 شوَّال المكرَّم) 1 - سنة (412هـ): تاريخ كتابة رسالة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) الثانية للشيخ المفيد (رحمه الله)..................245
2 - الدعاء في اليوم الأوَّل من شهر شوَّال الوارد عن النائب الثاني محمّد ابن عثمان (رضي الله عنه)....................................245
(6 شوَّال المكرَّم) سنة (305هـ): أوَّل كتاب صدر من السفير الثالث عن الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، وفيه توثيقه..................248
(15 شوَّال المكرَّم) سنة (3هـ): إخبار رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعمَّار وهو في معركة أُحُد عن فضل عليٍّ (عليه السلام) والإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................249
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم..................251
1 - سنة (271هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الصادق (عليه السلام) في حتميَّة السفياني..................251
2 - سنة (322هـ): إلقاء القبض على الشلمغاني (لعنه الله) من قِبَل الوزير ابن مقلة..................251
3 - سنة الظهور: حصول مهمهة في شهر شوَّال..................255
ذي القعدة..................257
(5 ذي القعدة) سنة (356هـ): ذكر حديث لأبي غالب الزراري من القطيعة مع زوجته وأهلها ورجوع الصفاء والودِّ بينهما ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بتوسُّط النائب الحسين بن روح (رضي الله عنه)..................259
(10 ذي القعدة) سنة (263هـ): وفاة ابن خاقان والذي بسبب موته أُفرج عن أُمِّ الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................261
(13 ذي القعدة) سنة (638هـ): سماع السيِّد ابن طاوس دعاء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لشيعته في سامرَّاء عند السحر..................263
(23 ذي القعدة) سنة (309هـ): ضرب المدَّعي الحلَّاج الحسين بن منصور ألف سوط، وتقطيع أوصاله وأطراف جسده في عصر المقتدر..................263
(ليلة 25 ذي القعدة) سنة الظهور: يوم دحو الأرض وفيها قيام القائم على رواية السيِّد ابن طاوس (رحمه الله)..................266
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم..................267
1 - سنة (254هـ): انعقاد النطفة الطاهرة المطهَّرة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، وبداية حمل أُمِّه نرجس به (عجَّل الله فرجه)..................267
2 - سنة (322 أو 323هـ): قتل المدَّعي الشلمغاني بعد أنْ أفتى الفقهاء بإباحة دمه في عصر المقتدر العبَّاسي..................267
3 - سنة (339هـ): التاريخ السندي لحديث أبي الحسين صالح بن شعيب الطالقاني حول إخبار النائب الرابع بوفاة عليِّ بن بابويه (رحمه الله)..................267
4 - سنة (509هـ): التاريخ السندي لحديث الشيخ الأجلِّ السيِّد المفيد أبو عليٍّ الحسن بن محمّد الطوسي (رضي الله عنه) لزيارة آل ياسين..................267
5 - سنة الظهور: أحداث وقلاقل في ذي القعدة..................268
6 - سنة الظهور: في ذي القعدة تحازب القبائل..................268
ذي الحجَّة..................269
(6 ذي الحجَّة) سنة (293هـ): مشاهدة نعيم الأنصاري مع ثلاثين رجلاً الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في مكَّة عند المستجار وتعليمه لهم دعاء الإلحاح لجدِّه الحسين (عليه السلام) وغيره من الأدعية..................271
(7 ذي الحجَّة) سنة (114هـ): مجيء جابر الأنصاري عند احتضار الإمام الباقر (عليه السلام) ونقله لحديث الصحيفة الفاطميَّة وفيها أسماء الأئمَّة مع أُمَّهاتهم وخاتمهم الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وأُمُّه سيِّدة الإماء..................275
(9 ذي الحجَّة) 1 - سنة (10هـ): خطبة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حجَّة الوداع، وفيها ذكر لحديث الاثني عشر خليفة كلُّهم من قريش..................277
2 - رؤية أبي سورة الزيدي للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في يوم عرفة عند الحائر الحسيني..................278
3 - سنة (1365هـ): قراءة توقيع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) للمرجع الدِّيني السيِّد أبي الحسن الأصبهاني (رحمه الله) من قِبَل الشيخ الحلبي في يوم وفاة المرجع..................279
4 - دعاء الإمام السجَّاد (عليه السلام) يوم عرفة لحفظ الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) ونصره..................283
(10 ذي الحجَّة) سنة الظهور: أحداث وقلاقل في ذي الحجَّة..................284
(12 ذي الحجَّة) سنة (10هـ): خطبة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الكعبة المشرَّفة، وفيها ذكر حوادث آخر الزمان..................284
(18 ذي الحجَّة) سنة (10هـ): خطبة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم غدير خمٍّ في حجَّة الوداع وبشارته بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................289
(23 ذي الحجَّة) سنة (412هـ): تاريخ وصول رسالة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) الثانية إلى الشيخ المفيد (رحمه الله)..................291
(25 ذي الحجَّة) سنة الظهور: يوم (25) ذي الحجَّة من سنة الظهور يقتل النفس الزكيَّة..................293
(30 ذي الحجَّة) سنة (266هـ): حدوث الغيبة التامَّة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على رواية المفضَّل بن عمر..................294
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم..................295
1 - سنة (147هـ): إخبار الإمام الصادق (عليه السلام) لعبَّاد البصري بظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في آخر الزمان..................295
2 - سنة (147هـ): استشهاد الإمام الصادق (عليه السلام) بآية الاستخلاف على الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................295
3 - سنة (193هـ): تصحيح الإمام الرضا (عليه السلام) لحديث روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حقِّ الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................296
4 - سنة (259هـ): أوَّل حجَّة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) مع جدَّته أُمِّ الحسن العسكري (عليه السلام) وعمره (4) سنوات..................297
5 - سنة (281هـ): سفر يعقوب بن يوسف للحجِّ وسكنه في دار الرضا (عليه السلام) في مكَّة وملاقاته عجوزاً تلتقي بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وإعطائها له نسخة من توقيع يحوي دعاءً طويلاً..................298
6 - سنة (312هـ): خروج توقيع للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بلعن ابن أبي العزاقر على يد الشيخ الحسين بن روح (رضي الله عنه)..................303
7 - سنة (312هـ): خروج الحسين بن روح (رضي الله عنه) من السجن..................305
8 - سنة (339هـ): إرجاع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) الحجر الأسود في مكانه وإخباره ابن همَّام بوفاة ابن قولويه بعد ثلاثين عاماً..................305
9 - سنة (369هـ): وفاة جعفر بن محمّد بن قولويه كما أخبر الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بذلك قبل ثلاثين عاماً..................308
10 - سنة الظهور: استحواذ السفياني على تمام الكور الخمس..................308
11 - سنة الظهور: حصول الغارة على الحُجَّاج ونهبهم في ذي الحجَّة..................309
الفصل الثاني: وفيه ذكر المناسبات والأحداث المهدويَّة بحسب السنين الهجريَّة..................311
1 - سنة (70هـ): التوقيت الإلهي للدولة العالميَّة على يد أهل البيت (عليهم السلام) وحصول البداء منه تعالى بعد مقتل الحسين (عليه السلام)..................313
2 - سنة (102هـ): نفي الإمام الباقر (عليه السلام) أنْ يكون هو الذي يُظهر دين الله تعالى، وذلك لبلوغه (45) عاماً..................314
3 - سنة (133هـ): وفاة إسماعيل ابن الإمام الصادق (عليه السلام) وتفسير الصدوق (رحمه الله) لمعنى ظهور البداء في إمامته وغيبته ونفيها..................315
4 - سنة (140هـ): التوقيت الإلهي للدولة العالميَّة لأهل البيت (عليهم السلام) على يد الإمام الصادق (عليه السلام) وحصول البداء بسبب الإذاعة وعدم الكتمان..................317
5 - سنة (195 إلى 200هـ): تنبُّؤ الإمام الصادق (عليه السلام) بكثير من الأحداث والأُمور العظام التي تحدث في هذه الأعوام..................317
6 - سنة (200هـ): التاريخ السندي لخطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) المسمَّاة بالمخزون، وفيها يذكر (عليه السلام) الكثير من الملاحم والفتن وخروج الأموات من القبور، وبعض صفات القائم (عجَّل الله فرجه) ومقاماته..................318
7 - سنة (204هـ): التاريخ السندي لحديث الصادق (عليه السلام) في فضل أهل البيت (عليهم السلام) وفضل قائمهم..................324
8 - سنة (224هـ): وفاة الحسن بن محبوب الزرَّاد صاحب كتاب (المشيخة) حيث ذكر فيه أخبار الغيبة قبل وقوعها بأكثر من مائة عام..................325
9 - سنة (238هـ): التاريخ السندي لحديث إسحاق بن إبراهيم الحنظلي حول أنَّ الخلفاء اثنا عشر..................325
10 - سنة (243هـ): جلب المتوكِّل العبَّاسي للإمام الهادي (عليه السلام) إلى سامرَّاء وحبسه فيها، وإخباره (عليه السلام) للكرخي باختصاص يوم الجمعة بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................325
11 - سنة (255هـ): تعليم الإمام العسكري (عليه السلام) لعبد الله بن محمّد العابد كيفيَّة الصلاة على الإمام الحجَّة (عجَّل الله فرجه)..................327
12 - سنة (257هـ): مشاهدة رجل من أهل فارس للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وعمره سنتان..................328
13 - حدود سنة (256 إلى 258هـ): مشاهدة سعد بن عبد الله القمِّي مع أحمد ابن إسحاق للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وهو في حجر أبيه، وأخذه جواب مسائله منه (عجَّل الله فرجه)..................329
14 - سنة (258هـ): مشاهدة أحمد بن إسحاق الأشعري للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وعمره ثلاث سنوات والحديث معه..................331
15 - سنة (259هـ): مشاهدة كامل بن إبراهيم المدني للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وعمره أربع سنوات وردُّه (عجَّل الله فرجه) على المفوِّضة..................333
16 - سنة (257 إلى 260هـ) تقريباً: إخبار الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) - وهو غلام - إبراهيم بن محمّد النسابوري بهلاك الوالي عمرو بن عوف..................334
17 - سنة (260هـ): خروج التوقيع بتوثيق حاجز الوشَّا وإرجاع الأموال إليه..................335
18 - سنة (261هـ): إغارة جعفر الكذَّاب على بيت الإمام العسكري (عليه السلام) ونهب ما فيه ونجاة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) منهم وعمره (6) سنوات..................336
19 - سنة (261 أو 262هـ): قصَّة أحمد الدينوري وبحثه عن نائب الإمام (عجَّل الله فرجه) لتسليمه أموال الشيعة وظهور المعجزات والكرامات من الإمام (عجَّل الله فرجه)..................336
20 - سنة (262هـ): إخبار حكيمة أُخت الإمام الهادي (عليه السلام) أمام أحمد ابن إبراهيم بولادة المهدي (عجَّل الله فرجه) وإمامته ووصيَّته الظاهريَّة للجدَّة أُمِّ الإمام العسكري (عليه السلام)..................341
21 - سنة (263هـ): بحث أبي رجاء المصري عن الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لثلاث سنوات وسماعه هاتفاً يزيل عنه الشكَّ..................342
22 - حدود سنة (265هـ): صدور التوقيع الشريف من الناحية المقدَّسة للنائب الثاني يُعزِّيه فيها بوفاة أبيه عثمان بن سعيد..................343
23 - سنة (265هـ): التاريخ السندي لحديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حول الأئمَّة (عليهم السلام) والإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................345
24 - سنة (267هـ): وفاة المدَّعي للنيابة ابن هلال العبرتائي..................345
25 - سنة (268هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الباقر (عليه السلام) حول التمحيص والغربلة لشيعته قبل الظهور المبارك..................347
26 - سنة (268هـ): لقاء عيسى بن مهدي الجوهري بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وأكله من طعامه..................347
27 - سنة (273هـ): خروج التوقيع الشريف إلى محمّد بن عبَّاس القصيري، وفيه الجواب على مسائله الثلاث..................349
28 - سنة (273هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الباقر (عليه السلام) حول دوران الفلك ويأس الناس من ظهور المهدي (عجَّل الله فرجه)..................349
29 - سنة (273هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الباقر (عليه السلام) حول من لم يعرف الإمام يموت ميتة جاهليَّة..................350
30 - سنة (273هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الباقر (عليه السلام) حول خروج الشيصباني في الكوفة قبل السفياني..................350
31 - سنة (273هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الباقر (عليه السلام) حول اجتماع أصحاب المهدي (عجَّل الله فرجه) في مكَّة المكرَّمة..................351
32 - سنة (273هـ): التاريخ السندي لحديث الصادق (عليه السلام) حول مدَّة ملك المهدي (عجَّل الله فرجه) وهي تسعة عشر سنة وأشهراً..................351
33 - سنة (276هـ): غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) كما جاء في (الفصول المهمَّة) لابن الصبَّاغ المالكي..................351
34 - سنة (279هـ): التاريخ السندي لحديث محمّد والحسن ابني عليِّ بن إبراهيم حول مشاهدة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................352
35 - سنة (280هـ): التاريخ السندي لحديث ابن مهزيار عن خروج التوقيع الشريف بفضل محمّد بن عثمان بعد وفاة أبيه..................352
36 - سنة (280هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام عليٍّ (عليه السلام) حول لقاء جيش السفياني مع الرايات السود فتكون ملحمة عظيمة..................352

37 - سنة (280 أو 281هـ): وفاة عليِّ بن زياد الصيمري بعد أنْ أخبره الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بوفاته في تلك السنة:
38 - سنة (281هـ): التاريخ السندي لرواية أحمد بن بلال بن داود الكاتب ومشاهدته للقابلة التي تولَّت ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................354
39 - سنة (285هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام عليٍّ (عليه السلام) حول الحسن والحسين (عليهما السلام) إذ كان ينادي الحسين: بأبي يا أبا ابن خيرة الإماء..................354
40 - سنة (286هـ): قصَّة السيِّدة نرجس أُمُّ الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وما جرى عليها من محاولة زواجها إلى أسرها وبيعها ومن ثَمَّ زواجها بالإمام الحسن العسكري (عليه السلام) يرويها بشر بن سليمان النخَّاس إلى محمّد بن بحر الشيباني في مقابر قريش..................355
41 - سنة (288هـ): التاريخ السندي لحديث الحسين بن محمّد لرواية يعقوب بن يوسف وملاقاته مع العجوز..................361
42 - سنة (290هـ): خروج التوقيع الشريف بتوثيق وتوكيل محمّد بن جعفر العربي بالريِّ باستلام الأموال..................361
43 - سنة (293هـ): سياحة محمّد بن عبد الله القمِّي في الأرض طلباً للحقِّ وتشرُّفه باللقاء في مكَّة المكرَّمة..................362
44 - سنة (298هـ): حكاية العقيقي مع الوزير عليِّ بن عيسى بن الجرَّاح، وكرامات الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) عليه على يد الحسين بن روح..................364
45 - حدود سنة (300هـ): التاريخ السندي لحديث أحمد بن عليٍّ الرازي حول تحوُّل الحصى إلى ذهب بيد الأودي ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في مكَّة المكرَّمة..................367
46 - سنة (302 أو 303هـ): تنصيب محمّد بن عثمان للحسين بن روح للسفارة، واستلام الأموال قبل موت محمّد بن عثمان بسنتين..................369
47 - حدود سنة (306هـ): ولادة الشيخ الصدوق بدعاء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................369
48 - سنة (307هـ): ظهور كرامة للنائب الثالث الحسين بن روح لمحمّد ابن الفضل الموصلي بعد أنْ كان لا يؤمن بسفارته للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................372
49 - سنة (307هـ): وصول التوقيع الشريف إلى محمّد بن عبد الله الحميري جواباً على مسائله..................373
50 - سنة (308هـ): خروج التوقيع الشريف الثاني إلى محمّد بن عبد الله الحميري جواباً على مسائله..................376
51 - سنة (309هـ): إظهار المعجزة من قِبَل الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) إلى يوسف بن أحمد الجعفري..................382
52 - سنة (318هـ): التاريخ السندي لحديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن الأوصياء وغيبة الإمام المهدي الثاني عشر منهم (عليهم السلام)..................383
53 - سنة (329هـ): سلامة عليِّ بن بابويه القمِّي من قتل القرامطة ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................385
54 - سنة (352هـ): زيارة الشيخ الصدوق (رحمه الله) لمرقد الإمام الرضا (عليه السلام)، ثمّ رؤيته للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في المنام وأمره (عجَّل الله فرجه) له بكتابة كتاب (كمال الدِّين)..................385
55 - سنة (404هـ): التاريخ السندي لرواية محمّد بن عليِّ بن بابويه حول الصلاة ودعاء الاستغاثة بصاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه)..................387
56 - سنة (447هـ): وصف الشيخ الطوسي (رحمه الله) لضريح ومرقد النائب الأوَّل عثمان بن سعيد حينما زاره (رضي الله عنه)..................389
57 - سنة (635هـ): إيصال رقعة من الشيخ ورَّام إلى سامرَّاء على يد الرشيد ابن ميمون الواسطي في قضاء حاجته..................390
58 - سنة (720هـ): شفاء حسين المدلَّل من مرض الفالج ببركة صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه)..................391
59 - سنة (744هـ): استبصار رجل يُدعى عثمان مع أُمِّه في الحلَّة ببركة صاحب العصر (عجَّل الله فرجه) بعد أنْ أذهب عن الأُمِّ عماها..................392
60 - سنة (789هـ): التاريخ السندي لرواية السيِّد عليِّ بن عبد الحميد في كتاب (السلطان المفرِّج عن أهل الإيمان) حول شفاء حسين المدلَّل..................394
61 - قبل سنة (1011هـ): قصَّة وزير البحرين والرُّمَّانة ونجاة شيعة البحرين من كيده ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)..................394
62 - سنة (1049هـ): نقل الشيخ الحرِّ العاملي عن أحد أصدقائه واسمه محمّد أنَّه رأى الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في المنام وشافاه من المرض وأخبره أنَّه يعيش بعد هذا (26) سنة أُخرى..................398

63 - سنة (1269هـ): سؤال الحاجّ علي البغدادي للإمام المهدي (عليه السلام) عن قبول زيارته مع جماعة للإمام الرضا (عليه السلام):
64 - سنة (1275هـ): قصَّة البقَّال ولقاؤه مع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بعد عمل الاستجارة والدعاء بنيَّة اللقاء في مسجد السهلة مدَّة أربعين ثلاثاء..................399
65 - سنة (1280هـ): تشرُّف السيِّد أحمد الرشتي بلقاء الحجَّة (عجَّل الله فرجه) أثناء سفره لحجِّ بيت الله بعد افتراقه عن القافلة..................403
66 - سنة الظهور: خروج جيش السفياني من الكوفة لمحاربة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بعد وصوله إلى النجف الأشرف..................406
67 - (يوم النيروز): هو يوم ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على رواية المعلَّى بن خُنَيس عن الإمام الصادق (عليه السلام)..................407
المصادر والمراجع..................409

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمّد وآله الطيِّبين الطاهرين.
إنَّ نزعة الإنسان الفطريَّة منذ فجر التاريخ إلى توثيق الأحداث التي يواكبها عبر قنوات متنوِّعة وآليَّات مختلفة ترتبط بشكل موضوعي مع الزمان والمكان الذي يعيش فيه تكشف ربَّما عن إحساسه النفسي لإثبات دوره مع متغيِّرات التاريخ ومشاركته في صناعة القرار وتأثيره على مجتمعه من خلال ذلك. وبهذا الشعور الأيديولوجي عند الإنسان استطاع أنْ يحفظ لنا الكثير من الحضارات المختلفة عبر التاريخ، انطلاقاً من التوثيق الحجري ومروراً بالتوثيق الورقي والقلمي والضوئي ووصولاً إلى التوثيق الآلي والإلكتروني، ولا نعلم مديات ما سوف يصل إليه عبر التطوُّر الحضاري والقفزة العلميَّة في عصر المعلومات.
ولأهمّيَّة التوثيق وضرورته فقد أصبح علماً يُدرَّس في الكثير من الجامعات في العالم له أُسُسه وقواعده وتعريفه وموضوعه الخاصُّ الذي يبحث فيه عن العناصر المشتركة التي تساعد الباحثين للوصول إلى المعلومة بأيسر طريقة وبسلاسة بالغة وسرعة كبيرة.
ولم يكتفِ علم التوثيق بحفظ المعلومة وأرشفتها وإنَّما أصبح المحور والركيزة التي يدور حولها علم التحليل الوثائقي بقطع النظر عن تراتبيَّة أو عشوائيَّة موضوعاته من تأريخ الوثيقة أو مصدرها أو مستقبلها أو موضوعها. فإذا أمكن أنْ تكون عمليَّة التوثيق والأرشفة هي إحكام للمعلومة التاريخيَّة

(٣)

فلا شكَّ أنَّ تحليلها من خلال المعرفة الزمنيَّة للنصِّ الموروث بحسب الآليَّات والمناهج المتَّبعة يُشكِّل تفكيك ذلك الأحكام وربط المعلومة التاريخيَّة مع بعضها للوصول إلى استنتاج معيَّن يخدم قضيَّة البحث، ولهذا فإنَّ كلَّ باحث في التاريخ يحتاج إلى ثقافة مستوعبة وتتبُّع دقيق لحركة الزمن لما يترتَّب على ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة من فهم موسوعي للنصِّ التاريخي.
وهذا ما حاولنا إيجاده في هذا الكتاب وهو التوثيق الزمني للنصِّ المهدوي لكي يكون مساعداً للباحث على ترتيب معلوماته وتحليل رجاحة المعلومة المهدويَّة بعد توثيقها للوصول إلى النتيجة المرجوَّة، فالزمن دخيل وأساس في تحليل المفردة التاريخيَّة ودراستها، مضافاً إلى أنَّ الكتاب وبهذا النسق الزمني والذي جمعنا فيه أكثر من (250) معلومة مهدويَّة زمنيَّة يفتح آفاقاً رحبة للإخوة الأحبَّة من الخطباء والمبلِّغين، ويُعتَبر مادَّة زاخرة بالمعلومات المهدويَّة المرتَّبة بشكل زمني حيث يجد الخطيب أو المبلِّغ ضالَّته المنشودة في أيِّ وقتٍ رغب أنْ يتحدَّث حول القضيَّة المهدويَّة.
علماً أنَّ الكتاب يقع في فصلين: الأوَّل نذكر فيه الأحداث والمناسبات بحسب الأيَّام والأشهر الهجريَّة، والفصل الثاني ذكر الأحداث بحسب السنين فقط لعدم توفُّرنا على معلومات أكثر وضوحاً ودقَّةً لتعيين اليوم أو الشهر.
ولا يفوتني أنْ أتقدَّم بالشكر الوافر لابن أُختنا سماحة الشيخ ياسر كاظم الصالحي الذي واكب هذا الجهد من بدايته إلى نهايته، تخريجاً للروايات وتعليقاً لتعريف الشخصيَّات وغيرها.
وأخيراً أسأله تعالى أنْ يجعل هذا الجهد متقبِّلاً ميموناً نافعاً، وأنْ يُرضي إمام زماننا عنَّا، ويقرَّ عيوننا بطلعته الرشيدة وغرَّته الحميدة، إنَّه نعم المولى ونعم المجيب.

مدير المركز
السيِّد محمّد القبانچي

(٤)

1 محرَّم الحرام: سنة (81هـ): وفاة محمّد بن الحنفيَّة(1)، وفيها إبطال غيبته المزعومة:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن عصام (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدَّثنا القاسم بن العلاء، قال: حدَّثني إسماعيل بن عليٍّ القزويني، قال: حدَّثني عليُّ بن إسماعيل، عن حمَّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، قال: دخل حيَّان السرَّاج على الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، فقال له: «يا حيَّان، ما يقول أصحابك في محمّد بن الحنفيَّة؟»، قال: يقولون: إنَّه حيٌّ يُرزَق، فقال الصادق (عليه السلام): «حدَّثني أبي (عليه السلام) أنَّه كان فيمن عاده في مرضه وفيمن غمَّضه وأدخله حفرته وزوَّج نسائه وقسَّم ميراثه»، فقال: يا أبا عبد الله، إنَّما مثل محمّد بن الحنفيَّة في هذه الأُمَّة كمثل عيسى بن مريم شُبِّه أمره للناس، فقال الصادق (عليه السلام): «شُبِّه أمره على أوليائه أو على أعدائه؟»، قال: بل على أعدائه، فقال: «أتزعم أنَّ أبا جعفر محمّد بن عليٍّ الباقر (عليهما السلام) عدوُّ عمِّه محمّد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) اعتمدنا في إثبات وفاة محمّد بن الحنفيَّة (رحمه الله) بهذا التاريخ على ما ذكره النمازي (رحمه الله) في مستدرك سفينة البحار (ج 5/ ص 216)، وابن كثير في البداية والنهاية (ج 9/ ص 48)، وابن خلِّكان في وفيات الأعيان (ج 4/ ص 172)، والنوري في النجم الثاقب (ج 1/ ص 351).
وقد اختلف المؤرِّخون في تاريخ وفاته، فقيل: في سنة (80هـ)، قاله البخاري في التاريخ الصغير (ج 1/ ص 182)؛ وقيل: في ربيع الأوَّل سنة (81هـ)، قاله الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 4/ ص 128)، وأبي نصر البخاري في سرِّ السلسلة العلويَّة (ص 80)؛ وقيل: في سنة (83هـ)، قاله أحمد بن حسن الخطيب في الوفيات (ص 93/ الرقم 83)؛ وقيل: في سنة (84هـ)، قاله الصدوق في كمال الدِّين (ص 36).

(٩)

الحنفيَّة؟»، فقال: لا، فقال الصادق (عليه السلام): «يا حيَّان، إنَّكم صدفتم عن آيات الله، وقد قال الله تبار ك وتعالى: ﴿سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ﴾ [الأنعام: 157]»، وقال الصادق (عليه السلام): «ما مات محمّد ابن الحنفيَّة حتَّى أقرَّ لعليِّ بن الحسين (عليهما السلام)»(2).
ورواه الكشِّي (رحمه الله) عن الحسين بن الحسن بن بندار القمِّي، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمِّي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن عبد الجبَّار الذهلي، عن العبَّاس بن معروف، عن عبد الله بن الصلت أبي طالب، عن حمَّاد ابن عيسى. وعن الحسين بن الحسن بن بندار القمِّي، عن عليِّ بن إسماعيل ويعقوب بن يزيد، عن حمَّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار القلانسي، عن عبد الله بن مسكان(3).
ليلة العاشر من محرَّم: سنة (61هـ): بشارة الإمام الحسين (عليه السلام) لأصحابه في ليلة شهادته برجعته مع أصحابه حين ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) للانتقام من الظالمين:
روى الفضل بن شاذان (رحمه الله) عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيَّة، عن ثابت بن دينار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام) لأصحابه قبل أنْ يُقتَل بليلة واحدة: إنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لي: يا بنيَّ، إنَّك ستُساق إلى العراق، وتنزل في أرض يقال لها: (عمورا) و(كربلاء)، وإنَّك تستشهد بها ويستشهد معك جماعة. وقد قرب ما عهد إليَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وإنِّي راحل إليه غداً، فمن أحبَّ منكم الانصراف فلينصرف في هذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(2) كمال الدِّين (ص 36).
(3) اختيار معرفة الرجال (ج 2/ ص 602 - 604/ ح 570).

(١٠)

الليلة، فإنِّي قد أذنت له، وهو منِّي في حلٍّ. وأكَّد فيما قاله تأكيداً بليغاً، وقالوا: والله ما نفارقك أبداً حتَّى نرد موردك. فلمَّا رأى ذلك، قال: فأبشروا بالجنَّة، فوَالله إنَّما نمكث ما شاء الله تعالى بعدما يجري علينا، ثمّ يُخرجنا الله وإيَّاكم حين يظهر قائمنا فينتقم من الظالمين وإنَّا وأنتم نشاهدهم في السلاسل والأغلال وأنواع العذاب والنكال. فقيل له: مَنْ قائمكم يا ابن رسول الله؟ قال: السابع من ولد ابني محمّد بن عليٍّ الباقر، وهو الحجَّة بن الحسن بن عليِّ بن محمّد بن عليِّ ابن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليٍّ ابني، وهو الذي يغيب مدَّة طويلة ثمّ يظهر ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً»(4).
* وروى الراوندي (رحمه الله) عن أبي سعيد سهل بن زياد، قال: حدَّثنا الحسن ابن محبوب، قال: حدَّثنا ابن فضيل، قال: حدَّثنا سعد الجلَّاب، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام) لأصحابه قبل أنْ يُقتَل: إنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: يا بنيَّ، إنَّك ستُساق إلى العراق، وهي أرض قد التقى بها النبيُّون، وأوصياء النبيِّين، وهي أرض تُدعى: عمورا، وإنَّك تستشهد بها ويستشهد معك جماعة من أصحابك لا يجدون ألم مسِّ الحديد، وتلا: ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء: 69]، تكون الحرب عليك وعليهم برداً وسلاماً. فأبشروا فوَالله لئن قتلونا، فإنَّا نرد على نبيِّنا. ثمّ أمكث ما شاء الله، فأكون أوَّل من تنشقُّ عنه الأرض، فأخرج خرجة يوافق ذلك خرجة أمير المؤمنين (عليه السلام) وقيام قائمنا، وحياة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم). ثمّ لينزلنَّ عليَّ وفد من السماء من عند الله، لم ينزلوا إلى الأرض قطُّ. ولينزلنَّ إليَّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وجنود من الملائكة. ولينزلنَّ محمّد، وعليٌّ، وأنا، وأخي،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(4) راجع: مجلَّة تراثنا (العدد 15/ ص 208 و209/ كتاب مختصر إثبات الرجعة للفضل بن شاذان/ ح 7).

(١١)

وجميع من منَّ الله عليه في حمولات من حمولات الربِّ، خيل بلق من نور، لم يركبها مخلوق. ثمّ ليهزَّنَّ محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لواءه، وليدفعنَّه إلى قائمنا مع سيفه. ثمّ إنَّا نمكث من بعد ذلك ما شاء الله، ثمّ إنَّ الله يُخرج من مسجد الكوفة عيناً من دهن وعيناً من لبن وعيناً من ماء. ثمّ إنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) يدفع إليَّ سيف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيبعثني إلى الشرق والغرب ولا آتي على عدوٍّ إلَّا أهرقت دمه، ولا أدع صنماً إلَّا أحرقته حتَّى أقع إلى الهند فأفتحها. وإنَّ دانيال ويونس يخرجان إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) يقولان: صدق الله ورسوله. ويبعث معهما إلى البصرة سبعين رجلاً فيقتلون مقاتلتهم، ويبعث بعثاً إلى الروم فيفتح الله لهم. ثمّ لأقتلنَّ كلَّ دابَّة حرَّم الله لحمها حتَّى لا يكون على وجه الأرض إلَّا الطيِّب، وأعرض على اليهود والنصارى وسائر الملل، ولأُخيِّرنَّهم بين الإسلام والسيف، فمن أسلم مننت عليه، ومن كره الإسلام أهرق الله دمه. ولا يبقى رجل من شيعتنا إلَّا أنزل الله إليه مَلَكاً يمسح عن وجهه التراب ويُعرِّفه أزواجه ومنازله في الجنَّة، ولا يبقى على وجه الأرض أعمى ولا مقعد ولا مبتلى إلَّا كشف الله عنه بلاءه بنا أهل البيت. ولتنزلنَّ البركة من السماء إلى الأرض حتَّى إنَّ الشجرة لتقصف بما يريد الله فيها من الثمر، وليأكلنَّ ثمرة الشتاء في الصيف، وثمرة الصيف في الشتاء، وذلك قول الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا﴾ [الأعراف: 96]. ثمّ إنَّ الله ليهب لشيعتنا كرامة لا يخفى عليهم شيء في الأرض، وما كان فيها حتَّى إنَّ الرجل منهم يريد أنْ يعلم علم أهل بيته، فيُخبرهم بعلم ما يعملون»(5).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(5) الخرائج والجرائح (ج 2/ ص 848 - 850/ ح 63)، مختصر بصائر الدرجات (ص 36 - 38).

(١٢)

10 محرَّم الحرام: 1 - دعاء الإمام الصادق (عليه السلام) للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في اليوم العاشر من المحرَّم:
روى السيِّد ابن طاوس (رحمه الله)(6) عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدَّثنا الحسن بن عليٍّ الكوفي، عن الحسن بن محمّد الحضرمي، عن عبد الله بن سنان، قال: دخلت على مولاي أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) يوم عاشوراء وهو متغيِّر اللون ودموعه تنحدر على خدَّيه كاللؤلؤ، فقلت له: يا سيِّدي، ممَّا بكاؤك؟ لا أبكى الله عينيك، فقال لي: «أمَا علمت أنَّ في مثل هذا اليوم أُصيب الحسين (عليه السلام)؟»، فقلت: بلى يا سيِّدي، وإنَّما أتيتك مقتبس منك فيه علماً ومستفيد منك لتفيدني فيه، قال: «سَلْ عمَّا بدا لك وعمَّا شئت»، فقلت: ما تقول يا سيِّدي في صومه؟ قال: «صمه من غير تتبيت، وافطره من غير تشميت، ولا تجعله يوماً كاملاً، ولكن افطر بعد العصر بساعة ولو بشربة من ماء، فإنَّ في ذلك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(6) هو السيِّد عليُّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن إسحاق بن الحسن بن محمّد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنَّى بن الحسن بن عليِّ بن أبي طالب (عليهما السلام)، وُلِدَ في الحلَّة قبل ظهر يوم الخميس في منتصف محرَّم سنة (589هـ) ونشأ بها، ثمّ هاجر إلى بغداد وأقام فيها نحواً من (15) سنة في زمن العبَّاسيِّين، وعاد في أواخر عهد المستنصر المتوفَّى (640هـ)‍ إلى الحلَّة، فبقي هناك مدَّة من الزمن ثمّ انتقل إلى المشهد الغروي فبقي فيها ثلاث سنين، ثمّ انتقل إلى كربلاء فبقي هناك ثلاث سنين، ثمّ انتقل إلى الكاظمين فبقي فيها ثلاث سنين، ثمّ عاد إلى بغداد سنة (652هـ)‍ وبقي فيها إلى حين احتلال المغول بغداد، فشارك في أهوالها وشملته آلامها، وكُلِّف في زمن المستنصر بقبول منصب الافتاء تارةً ونقابة الطالبيِّين تارةً أُخرى، حتَّى وصل الأمر بأنْ عرض عليه الوزارة فرفضها، غير أنَّه ولي النقابة بالعراق من قِبَل هولاكو سنة (661هـ)، له آثار قيِّمة منها: إقبال الأعمال، وجمال الأُسبوع، ومهج الدعوات.
انظر: إقبال الأعمال (ج 1/ ص 7 و8/ حياة المؤلِّف).

(١٣)

الوقت من ذلك اليوم تجلَّت الهيجاء عن آل رسول (عليه وعليهم السلام)، وانكشفت الملحمة عنهم وفي الأرض منهم ثلاثون صريعاً يعزُّ على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مصرعهم». قال: ثمّ بكى بكاءً شديداً حتَّى اخضلَّت لحيته بالدموع، وقال: «أتدري أيَّ يوم كان ذلك اليوم؟»، قلت: أنت اعلم به منِّي يا مولاي، قال: «إنَّ الله (عزَّ وجلَّ) خلق النور يوم الجمعة في أوَّل يوم من شهر رمضان، وخلق الظلمة في يوم الأربعاء يوم عاشوراء، وجعل لكلٍّ منهما شرعةً ومنهاجاً، يا عبد الله بن سنان أفضل ما تأتي به هذا اليوم أنْ تعمد إلى ثياب طاهرة فتلبسها وتحلَّ أزرارك وتكشف عن ذراعيك وعن ساقيك، ثمّ تخرج إلى أرض مغفرة حيث لا يراك أحداً وفي دارك حين يرتفع النهار. وتُصلِّي أربع ركعات تُسلِّم بين كلِّ ركعتين، تقرأ في الركعة الأُولى سورة الحمد و﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾، وفي الثانية سورة الحمد و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾، وفي الثالثة سورة الحمد وسورة الأحزاب، وفي الرابعة الحمد والمنافقين. ثمّ تُسلِّم وتُحوِّل وجهك نحو قبر أبي عبد الله (عليه السلام) وتُمثِّل بين يديك مصرعه، وتُفرغ ذهنك وجميع بدنك وتجمع له عقلك، ثمّ تلعن قاتله ألف مرَّة يُكتَب لك بكلِّ لعنة ألف حسنة، ويُمحى عنك ألف سيِّئة، ويُرفَع لك ألف درجة في الجنَّة، ثمّ تسعى من الموضع الذي صلَّيت فيه سبع مرَّات، وأنت تقول في كلِّ مرَّة من سعيك: ﴿إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، رضاً بقضاء الله وتسليماً لأمره - سبع مرَّات -، وأنت في كلِّ ذلك عليك الكآبة والحزن ثاكلاً حزيناً متأسِّفاً. فإذا فرغت من ذلك وقفت في موضعك الذي صلَّيت فيه وقلت سبعين مرَّة: اَللَّهُمَّ عَذِّبِ اَلَّذِينَ حَارَبُوا رُسُلَكَ وَشَاقُّوكَ، وَعَبَدُوا غَيْرَكَ وَاِسْتَحَلُّوا مَحَارِمَكَ، وَاِلْعَنِ اَلْقَادَةَ وَاَلْأَتْبَاعَ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ وَمَنْ رَضِيَ بِفِعْلِهِمْ لَعْناً كَثِيراً. ثمّ تقول: اَللَّهُمَّ فَرِّجْ عَنْ أَهْلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)، وَاِسْتَنْقِذْهُمْ مِنْ أَيْدِي اَلمُنَافِقِينَ وَاَلْكُفَّارِ وَاَلْجَاحِدِينَ، وَاُمْنُنْ عَلَيْهِمْ، وَاِفْتَحْ لَهُمْ

(١٤)

فَتْحاً يَسِيراً، وَاِجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ سُلْطَاناً نَصِيراً. ثمّ اقنت بعد الدعاء وقل في قنوتك: اَللَّهُمَّ إِنَّ اَلْأُمَّةَ خَالَفَتِ اَلْأَئِمَّةَ وَكَفَرُوا بِالْكَلِمَةِ، وَأَقَامُوا عَلَى اَلضَّلَالَةِ وَاَلْكُفْرِ وَاَلرَّدَى وَاَلْجَهَالَةِ وَاَلْعَمَى، وَهَجَرُوا اَلْكِتَابَ اَلَّذِي أَمَرْتَ بِمَعْرِفَتِهِ، وَاَلْوَصِيَّ اَلَّذِي أَمَرْتَ بِطَاعَتِهِ، فَأَمَاتُوا اَلْحَقَّ وَعَدَلُوا عَنِ اَلْقِسْطِ، وَأَضَلُّوا اَلْأُمَّةَ عَنِ اَلْحَقِّ وَخَالَفُوا اَلسُّنَّةَ، وَبَدَّلُوا اَلْكِتَابَ وَمَلَكُوا اَلْأَحْزَابَ، وَكَفَرُوا بِالْحَقِّ لَـمَّا جَاءَهُمْ وَتَمَسَّكُوا بِالْبَاطِلِ، وَضَيَّعُوا اَلْحَقَّ وَأَضَلُّوا خَلْقَكَ، وَقَتَلُوا أَوْلَادَ نَبِيِّكَ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَخِيَرَةَ عِبَادِكَ وَأَصْفِيَاءَكَ، وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَخَزَنَةَ سِرِّكَ، وَمَنْ جَعَلْتَهُمُ اَلْحُكَّامَ فِي سَمَاوَاتِكَ وَأَرْضِكَ. اَللَّهُمَّ فَزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وَأَخْرِبْ دِيَارَهُمْ، وَاُكْفُفْ سِلَاحَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ، وَأَلْقِ اَلْاِخْتِلَافَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَأَوْهِنْ كَيْدَهُمْ، وَاِضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ اَلصَّارِمِ وَحَجَرِكَ اَلدَّامِغِ، وَطُمَّهُمْ بِالْبَلَاءِ طَمًّا، وَاِرْمِهِمْ بِالْبَلَاءِ رَمْياً، وَعَذِّبْهُمْ عَذَاباً شَدِيداً نُكْراً، وَاِرْمِهِمْ بِالْغَلَاءِ، وَخُذْهُمْ بِالسِّنِينَ اَلَّذِي أَخَذْتَ بِهَا أَعْدَاءَكَ، وَأَهْلِكْهُمْ بِمَا أَهْلَكْتَهُمْ بِهِ. اَللَّهُمَّ وَخُذْهُمْ أَخْذَ اَلْقُرى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ. اَللَّهُمَّ إِنَّ سُبُلَكَ ضَائِعَةٌ، وَأَحْكَامَكَ مُعَطَّلَةٌ، وَأَهْلَ نَبِيِّكَ فِي اَلْأَرْضِ هَائِمَةٌ كَالْوَحْشِ اَلسَّائِمَةِ. اَللَّهُمَّ أَعْلِ اَلْحَقَّ وَاِسْتَنْقِذِ اَلْخَلْقَ، وَاُمْنُنْ عَلَيْنَا بِالنَّجَاةِ وَاِهْدِنَا لِلْإِيمَانِ، وَعَجِّلْ فَرَجَنَا بِالْقَائِمِ (عليه السلام)، وَاِجْعَلْهُ لَنَا رِدْءاً، وَاِجْعَلْنَا لَهُ رِفْداً. اَللَّهُمَّ وَأَهْلِكْ مَنْ جَعَلَ قَتْلَ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ عِيداً، وَاِسْتَهَلَّ فَرَحاً وَسُرُوراً، وَخُذْ آخِرَهُمْ بِمَا أَخَذْتَ بِهِ أَوَّلَهُمْ. اَللَّهُمَّ أَضْعِفِ اَلْبَلَاءَ وَاَلْعَذَابَ وَاَلتَّنْكِيلَ عَلَى اَلظَّالِمِينَ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَاَلْآخِرِينَ، وَ عَلَى ظَالِمِي آلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَزِدْهُمْ نَكَالاً وَلَعْنَةً، وَأَهْلِكْ شِيعَتَهُمْ وَقَادَتَهُمْ وَجَمَاعَتَهُمْ. اَللَّهُمَّ اِرْحَمِ اَلْعِتْرَةَ اَلضَّائِعَةَ اَلمَقْتُولَةَ اَلذَّلِيلَةَ مِنَ اَلشَّجَرَةِ اَلطَّيِّبَةِ اَلمُبَارَكَةِ. اَللَّهُمَّ أَعْلِ كَلِمَتَهُمْ، وَأَفْلِجْ حُجَّتَهُمْ، وَثَبِّتْ قُلُوبَهُمْ وَقُلُوبَ شِيعَتِهِمْ عَلَى مُوَالَاتِهِمْ، وَاُنْصُرْهُمْ وَأَعِنْهُمْ وَصَبِّرْهُمْ عَلَى اَلْأَذَى فِي جَنْبِكَ، وَاِجْعَلْ لَهُمْ أَيَّاماً مَشْهُودَةً

(١٥)

وَأَيَّاماً مَعْلُومَةً، كَمَا ضَمِنْتَ لِأَوْلِيَائِكَ فِي كِتَابِكَ اَلمُنْزَلِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾ [النور: 55]. اَللَّهُمَّ أَعْلِ كَلِمَتَهُمْ يَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، يَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، يَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، فَإِنِّي عَبْدُكَ اَلْخَائِفُ مِنْكَ وَاَلرَّاجِعُ إِلَيْكَ وَاَلسَّائِلُ لَدَيْكَ وَاَلمُتَوَكِّلُ عَلَيْكَ، وَاَللَّاجِئُ بِفِنَائِكَ، فَتَقَبَّلْ دُعَائِي وَاِسْمَعْ نَجْوَايَ، وَاِجْعَلْنِي مِمَّنْ رَضِيتَ عَمَلَهُ وَهَدَيْتَهُ، وَقَبِلْتَ نُسُكَهُ وَاِنْتَجَبْتَهُ، بِرَحْمَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْوَهَّابُ. أَسْأَلُكَ يَا اَللهُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَلَّا تُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ اَلْأَئِمَّةِ (صَلَوَاتُ اَللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)، وَاِجْعَلْنِي مِنْ شِيعَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - وتذكرهم واحداً واحداً بأسمائهم إلى القائم (عليه السلام) -، وَأَدْخِلْنِي فِيمَا أَدْخَلْتَهُمْ فِيهِ وَأَخْرِجْنِي مِمَّا أَخْرَجْتَهُمْ مِنْهُ. ثمّ عفِّر خدَّيك على الأرض وقل: يَا مَنْ يَحْكُمُ بِمَا يَشَاءُ وَيَعْمَلُ مَا يُرِيدُ، أَنْتَ حَكَمْتَ فِي أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ مَا حَكَمْتَ، فَلَكَ اَلْحَمْدُ مَحْمُوداً مَشْكُوراً، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَفَرَجَنَا بِهِمْ، فَإِنَّكَ ضَمِنْتَ إِعْزَازَهُمْ بَعْدَ اَلذِّلَّةِ، وَتَكْثِيرَهُمْ بَعْدَ اَلْقِلَّةِ، وَإِظْهَارَهُمْ بَعْدَ اَلْخُمُولِ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ. أَسْأَلُكَ يَا إِلَهِي وَسَيِّدِي بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ أَنْ تُبَلِّغَنِي أَمَلِي وَتَشْكُرَ قَلِيلَ عَمَلِي، وَأَنْ تَزِيدَ فِي أَيَّامِي، وَتُبَلِّغَنِي ذَلِكَ اَلمَشْهَدَ، وَتَجْعَلَنِي مِنَ اَلَّذِينَ دُعِيَ فَأَجَابَ إِلَى طَاعَتِهِمْ وَمُوَالَاتِهِمْ، وَأَرِنِي ذَلِكَ قَرِيباً سَرِيعاً إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وارفع رأسك إلى السماء فإنَّ ذلك أفضل من حجَّة وعمرة، واعلم أنَّ الله (عزَّ وجلَّ) يُعطي من صلَّى هذه الصلاة في ذلك اليوم ودعا بهذا الدعاء عشر خصال، منها: أنَّ الله تعالى يوقيه من ميتة السوء، ولا يعاون عليه عدوًّا إلى أنْ يموته، ويوقيه من المكاره والفقر، ويؤمنه الله من الجنون والجذام، ويؤمن ولده من ذلك إلى أربع أعقاب، ولا يجعل للشيطان ولا لأوليائه عليه سبيلاً»، قال:

(١٦)

قلت: الحمد لله الذي منَّ عليَّ بمعرفتكم ومعرفة حقِّكم وأداء ما افترض لكم برحمته ومنِّه، وهو حسبي ونعم الوكيل(7).
2 - سنة (61هـ): بعد سقوط الحسين (عليه السلام) عن جواده يوم العاشر أظهر الله للملائكة مهدي آل محمّد (عجَّل الله فرجه) عن يمين العرش وهو قائم يُصلِّي:
روى البرسي (رحمه الله) عن ابن طاوس، قال: إنَّ الحسين لـمَّا سقط عن فرسه يوم الطفِّ قالت الملائكة: ربَّنا يُفعَل هذا بالحسين وأنت بالمرصاد؟ فقال الله لهم: انظروا إلى يمين العرش، فنظروا فإذا القائم قائماً يُصلِّي، فقال لهم: إنِّي أنتقم لهذا بهذا من هؤلاء(8).
3 - سنة (61هـ): في اليوم العاشر تجلَّى ظلُّ القائم (عجَّل الله فرجه) للملائكة للانتقام من قتلة الحسين (عليه السلام) بعد أنْ ضجُّوا بالبكاء عليه (عليه السلام):
روى الكليني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن عليِّ بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن حمران، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لـمَّا كان من أمر الحسين (عليه السلام) ما كان، ضجَّت الملائكة إلى الله بالبكاء وقالت: يُفعَل هذا بالحسين صفيِّك وابن نبيِّك؟» قال: «فأقام الله لهم ظلُّ القائم (عليه السلام) وقال: بهذا أنتقم لهذا»(9).
ورواه الطوسي (رحمه الله) في أماليه عن المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفَّار، عن محمّد بن عبيد، عن عليِّ بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمّد ابن حمران(10).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(7) إقبال الأعمال (ج 3/ ص 65 - 69).
(8) مشارق أنوار اليقين (ص 341).
(9) الكافي (ج 1/ ص 465/ باب مولد الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام)/ ح 6)، الملهوف على قتلى الطفوف (ص 74 و75).
(10) أمالي الطوسي (ص 418/ ح 941/89) بتفاوت يسير.

(١٧)

* وروى الصدوق (رحمه الله) عن عليِّ بن أحمد بن محمّد الدقَّاق ومحمّد بن محمّد ابن عصام (رضي الله عنهما)، قالا: حدَّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدَّثنا القاسم بن العلاء، قال: حدَّثنا إسماعيل الفزاري، قال: حدَّثنا محمّد بن جمهور العمِّي، عن ابن أبي نجران، عمَّن ذكره، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، قال: سألت أبا جعفر محمّد بن عليٍّ الباقر (عليه السلام): يا ابن رسول الله، لِـمَ سُمِّي عليٌّ (عليه السلام) أمير المؤمنين وهو اسم ما سُمِّي به أحد قبله ولا يحلُّ لأحد بعده؟ قال: «لأنَّه ميرة العلم يمتار منه ولا يمتار من أحد غيره»، قال: فقلت: يا ابن رسول الله، فلِمَ سُمِّي سيفه ذا الفقار؟ فقال (عليه السلام): «لأنَّه ما ضرب به أحد من خلق الله إلَّا أفقره من هذه الدنيا من أهله وولده، وأفقره في الآخرة من الجنَّة»، قال: فقلت: يا ابن رسول الله، فلستم كلُّكم قائمين بالحقِّ؟ قال: «بلى»، قلت: فلِمَ سُمِّي القائم قائماً؟ قال: «لـمَّا قُتِلَ جدِّي الحسين (عليه السلام) ضجَّت عليه الملائكة إلى الله تعالى بالبكاء والنحيب وقالوا: إلهنا وسيِّدنا أتغفل عمَّن قتل صفوتك وابن صفوتك، وخيرتك من خلقك؟ فأوحى الله (عزَّ وجلَّ) إليهم: قروا ملائكتي، فوَعزَّتي وجلالي لأنتقمنَّ منهم ولو بعد حين. ثمّ كشف الله (عزَّ وجلَّ) عن الأئمَّة من ولد الحسين (عليه السلام) للملائكة فسرَّت الملائكة بذلك، فإذا أحدهم قائم يُصلِّي، فقال الله (عزَّ وجلَّ): بذلك القائم أنتقم منهم»(11).
ورواه محمّد بن جرير الطبري الشيعي (رحمه الله) في (دلائل الإمامة) عن عليِّ بن هبة الله، عن أبو جعفر محمّد بن عليِّ بن الحسين بن موسى القمِّي...(12).
4 - سنة (61هـ): سبعون ألف مَلَك يدعون لزوَّار الحسين (عليه السلام) من يوم مقتله إلى يوم ظهور مهدي آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم):

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(11) علل الشرائع (ج 1/ ص 160/ باب 129/ ح 1).
(12) دلائل الإمامة (ص 451 و452/ ح 427/31).

(١٨)

روى ابن قولويه (رحمه الله) عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفَّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحَكَم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «وكَّل الله تعالى بقبر الحسين (عليه السلام) سبعين ألف مَلَك يُصَلُّون عليه كلَّ يوم، شعثاً غبراً من يوم قُتِلَ إلى ما شاء الله - يعني بذلك قيام القائم (عليه السلام) -، ويدعون لمن زاره ويقولون: يا ربِّ، هؤلاء زوَّار الحسين (عليه السلام) افعل بهم وافعل بهم»(13).
5 - سنة (61هـ): عدم التوفيق في عيد أضحى أو فطر لهذه الأُمَّة بعد قتل الحسين إلى ظهور المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الكليني (رحمه الله) عن عليِّ بن محمّد، عمَّن ذكره، عن محمّد بن سليمان، عن عبد الله بن لطيف التفليسي، عن رزين، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لـمَّا ضُرِبَ الحسين بن عليٍّ (عليه السلام) بالسيف فسقط رأسه، ثمّ ابتدر ليُقطَع رأسه، نادى منادٍ من بطنان العرش: ألَا أيَّتها الأُمَّة المتحيِّرة، الضالَّة بعد نبيِّها، لا وفَّقكم الله لأضحى ولا لفطر»، قال: ثمّ قال أبو عبد الله (عليه السلام): «فلا جرم والله ما وُفِّقوا ولا يُوفَّقون حتَّى يثأر ثائر الحسين (عليه السلام)»(14).
6 - سنة الظهور: ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) يوم السبت العاشر من المحرَّم بين الركن والمقام:
روى أبو بصير، عن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يخرج القائم إلَّا في وتر من السنين: سنة إحدى، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع، ويقوم في يوم عاشوراء، ويظهر يوم السبت العاشر من المحرَّم قائماً بين (الركن) و(المقام)، وشخص قائم على يديه ينادي: البيعة البيعة، فيسير إليه أنصاره من أطراف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(13) كامل الزيارات (ص 233/ باب 41/ ح 347/4).
(14) الكافي (ج 4/ ص 170/ باب النوادر/ ح 3).

(١٩)

الأرض يبايعونه، فيملأ الله تعالى به الأرض عدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً، ثمّ يسير من (مكَّة) حتَّى يأتي (الكوفة)، فينزل على نجفها، ثمّ يُفرِّق الجنود منها إلى جميع الأمصار»(15).
* وروى الطوسي (رحمه الله) عن الفضل، عن محمّد بن عليٍّ، عن محمّد بن سنان، عن حيِّ بن مروان، عن عليِّ بن مهزيار، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «كأنِّي بالقائم يوم عاشوراء يوم السبت قائماً بين الركن والمقام، بين يديه جبرئيل (عليه السلام) ينادي: البيعة لله، فيملأها عدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً»(16).
* وروى أيضاً عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن عليٍّ الكوفي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنَّ القائم (صلوات الله عليه) ينادي اسمه ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء يوم قُتِلَ فيه الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام)»(17).
* وروى الصدوق (رحمه الله) عن الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا أبي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يخرج القائم (عليه السلام) يوم السبت يوم عاشورا يوم الذي قُتِلَ فيه الحسين (عليه السلام)»(18).
7 - سنة الظهور: قدوم أصحاب المهدي (عجَّل الله فرجه) من أطراف الأرض لبيعته في مكَّة المكرَّمة في اليوم العاشر من المحرَّم:
روى المفيد (رحمه الله) عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن عليٍّ الكوفي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يُنادى باسم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(15) حياة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) (ص 283 و284/ ح 3).
(16) الغيبة للطوسي (ص 453/ ح 459)، الخرائج والجرائح (ج 3/ ص 1159).
(17) الغيبة للطوسي (ص 452/ ح 458).
(18) كمال الدِّين (ص 653 و654/ باب 57/ ح 19).

(٢٠)

القائم (عليه السلام) في ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قُتِلَ فيه الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام)، لكأنِّي به في يوم السبت العاشر من المحرَّم قائماً بين الركن والمقام، جبرئيل (عليه السلام) على (يده اليمنى) ينادي: البيعة لله، فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض تُطوى لهم طيًّا حتَّى يبايعوه، فيملأ الله به الأرض عدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً»(19).
8 - سنة الظهور: ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في مكَّة عند العشاء في يوم عاشوراء مع راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
روى نعيم بن حمَّاد المروزي، عن سعيد أبو عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: «ثمّ يظهر المهدي بمكَّة عند العشاء، ومعه راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقميصه وسيفه وعلامات ونور وبيان، فإذا صلَّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أُذكِّركم الله أيُّها الناس ومقامكم بين يدي ربِّكم، فقد اتَّخذ الحجَّة وبعث الأنبياء وأنزل الكتاب، وأمركم أنْ لا تُشركوا به شيئاً، وأنْ تُحافظوا على طاعته وطاعة رسوله، وأنْ تُحيوا ما أحيا القرآن وتُميتوا ما أمات، وتكونوا أعواناً على الهدى ووزراً على التقوى، فإنَّ الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها وأذنت بالوداع، فإنِّي أدعوكم إلى الله وإلى رسوله والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سُنَّته، فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدَّة أهل بدر على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف، رهبان بالليل أُسد بالنهار، فيفتح الله للمهدي أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فيُبعَث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده في الآفاق، ويُميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينيَّة»(20).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(19) الإرشاد (ج 2/ ص 379)، إعلام الورى (ج 2/ ص 286).
(20) كتاب الفتن للمروزي (ص 213).

(٢١)

9 - سنة الظهور: مبايعة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) من قِبَل أصحابه النجباء والأبدال والأخيار في اليوم العاشر من المحرَّم:
روى الطوسي (رحمه الله) عن الفضل بن شاذان، عن أحمد بن عمر بن مسلم، عن الحسن بن عقبة بن النهمي، عن أبي إسحاق البنَّاء، عن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيِّف عدَّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أنْ يقيم»(21).
10 - سنة الظهور: نزول جبرئيل على الحطيم في اليوم العاشر من محرَّم ويكون أوَّل من يبايع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى المفيد (رحمه الله) عن المفضَّل بن عمر الجعفي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا أذن الله (عزَّ اسمه) للقائم في الخروج صعد المنبر، فدعا الناس إلى نفسه، وناشدهم بالله، ودعاهم إلى حقِّه، وأنْ يسير فيهم بسيرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ويعمل فيهم بعمله، فيبعث الله (جلَّ جلاله) جبرئيل (عليه السلام) حتَّى يأتيه، فينزل على الحطيم(22)، يقول له: إلى أيِّ شيء تدعو؟ فيُخبره القائم (عليه السلام)، فيقول جبرئيل: أنا أوَّل من يبايعك، ابسط يدك، فيمسح على يده، وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيبايعوه، ويقيم بمكَّة حتَّى يتمَّ أصحابه عشرة آلاف نفس، ثمّ يسير منها إلى المدينة»(23).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(21) الغيبة للطوسي (ص 476 و477/ ح 502).
(22) قال الطريحي في مجمع البحرين (ج 6/ ص 42): (الحطيم هو ما بين الركن الذي فيه الحجر الأسود وبين الباب، كما جاءت به الرواية. سُمِّي حطيماً لأنَّ الناس يزدحمون فيه على الدعاء، ويحطم بعضهم بعضاً. وقيل: لأنَّ من حلف هناك عُجِّلت عقوبته. وتسمية الحجر بالحطيم من أوضاع الجاهليَّة، كان عادتهم أنَّهم إذا كانوا يتحالفون بينهم كانوا يحطمون أي يدفعون فعلاً أو سوطاً أو قوساً إلى الحجر، علامةً لعقد حلفهم، فسمُّوه به لذلك. وقيل: سُمِّي بذلك لما حُطِمَ من جداره فلم يسو ببناء البيت وتُرِكَ خارجاً).
(23) الإرشاد (ج 2/ ص 382 و383)، روضة الواعظين (ص 265)، إعلام الورى (ج 2/ ص 288).

(٢٢)

11 - سنة الظهور: نداء جبرئيل بين يدي الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه): (البيعة لله) في اليوم العاشر من محرَّم:
روي عن محمّد بن مسلم، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام): متى يظهر قائمكم؟ قال: «إذا كثرت الغواية وقلَّت الهداية، وكثر الجور والفساد وقلَّ الصلاح والسداد، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، ومال الفقهاء إلى الدنيا، وأكثر الناس إلى الأشعار والشعراء، ومُسِخَ قوم من أهل البدع حتَّى يصيروا قردة وخنازير، وقُتِلَ السفياني(24)، ثمّ خرج الدجَّال وبالغ في الإغواء والإضلال، فعند ذلك يُنادى باسم القائم (عليه السلام) في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، ويقوم في يوم عاشوراء، فكأنِّي أنظر إليه قائماً بين الركن والمقام وينادي جبرئيل بين يديه: البيعة لله، فتقبل إليه شيعته من أطراف الأرض تُطوى لهم طيًّا حتَّى يبايعوا، ثمّ يسير إلى الكوفة فينزل على نجفها، ثمّ يُفرِّق الجنود منها إلى الأمصار لدفع عُمَّال الدجَّال، فيملؤ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً»، قال: فقلت له: يا بن رسول الله فداك أبي وأُمِّي، أيعلم أحد من أهل مكَّة من أين يجيء قائمكم إليها؟ قال: «لا»، ثمّ قال: «لا يظهر إلَّا بغتةً بين الركن والمقام»(25).
12 - سنة الظهور: ينادي المنادي في يوم عاشوراء من السماء: (ألَا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا):
روى نعيم بن حمَّاد المروزي، عن الوليد، عن عنبسة القرشي، عن سَلَمة ابن أبي سَلَمة، عن شهر بن حوشب، قال: بلغني أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: «يكون في رمضان صوت، وفي شوَّال مهمهة، وفي ذي القعدة تحازب القبائل،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(24) اختُلِفَ في اسم السفياني، فمنها: عثمان بن عنبسة، ومنها: حرب بن عنبسة، ومنها: عنبسة بن مرَّة، كما ذُكِرَ في الروايات.
(25) معجم أحاديث الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) (ج 3/ ص 490 و491/ ح 1061).

(٢٣)

 وفي ذي الحجَّة ينتهب الحاجُّ، وفي المحرَّم ينادي منادي من السماء: ألَا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا»(26).
13 - سنة الظهور: أوَّل خطبة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بعد ظهوره في يوم عاشوراء وقد أسند ظهره إلى البيت الحرام:
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن هؤلاء الرجال الأربعة - أي محمّد بن المفضَّل، وسعدان بن إسحاق بن سعيد، وأحمد بن الحسين بن عبد المَلِك، ومحمّد بن أحمد بن الحسن -، عن ابن محبوب. وأخبرنا محمّد بن يعقوب الكليني أبو جعفر، قال: حدَّثني عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه. قال: وحدَّثني محمّد بن عمران، قال: حدَّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى. قال: وحدَّثنا عليُّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد جميعاً، عن الحسن بن محبوب. قال: وحدَّثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي، عن أبي عليٍّ أحمد بن محمّد بن أبي ناشر، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمّد بن عليٍّ الباقر(عليه السلام): «... ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة فينفر المهدي منها إلى مكَّة، فيبلغ أمير جيش السفياني أنَّ المهدي قد خرج إلى مكَّة، فيبعث جيشاً على أثره فلا يُدركه حتَّى يدخل مكَّة خائفاً يترقَّب على سُنَّة موسى بن عمران (عليه السلام)». وقال: «فينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي منادٍ من السماء: يا بيداء، بيدي القوم، فيُخسَف بهم، فلا يفلت منهم إلَّا ثلاثة نفر، يُحوِّل الله وجوههم إلى أقفيتهم، وهم من كلب، وفيهم نزلت هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلَى أَدْبَارِهَا...﴾ الآية [النساء: 47]». قال: «والقائم يومئذٍ بمكَّة، قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيراً به، فينادي: يا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(26) كتاب الفتن للمروزي (ص 131).

(٢٤)

أيُّها الناس، إنَّا نستنصر الله فمن أجابنا من الناس فإنَّا أهل بيت نبيِّكم محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ونحن أولى الناس بالله وبمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فمن حاجَّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجَّني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجَّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجَّني في محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأنا أولى الناس بمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ومن حاجَّني في النبيِّين فأنا أولى الناس بالنبيِّين، أليس الله يقول في محكم كتابه: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [آل عمران: 33 و34]؟ فأنا بقيَّة من آدم، وذخيرة من نوح، ومصطفى من إبراهيم، وصفوة من محمّد (صلَّى الله عليهم أجمعين). ألَا فمن حاجَّني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألَا ومن حاجَّني في سُنَّة رسول الله فأنا أولى الناس بسُنَّة رسول الله، فأُنشد الله من سمع كلامي اليوم لـمَّا أبلغ الشاهد منكم الغائب، وأسألكم بحقِّ الله وبحقِّ رسوله وبحقِّي، فإنَّ لي عليكم حقَّ القربى من رسول الله إلَّا أعنتمونا ومنعتمونا ممَّن يظلمنا، فقد أُخفنا وظُلمنا وطُردنا من ديارنا وأبنائنا وبُغِيَ علينا ودُفعنا عن حقِّنا وافترى أهل الباطل علينا، فالله الله فينا لا تخذلونا وانصرونا ينصركم الله تعالى...»(27).
14 - سنة الظهور: خروج الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) يوم الجمعة في العاشر من المحرَّم على رواية:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبيه، قال: حدَّثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «السبت لنا، والأحد لشيعتنا، والاثنين لأعدائنا، والثلاثاء لبني أُميَّة، والأربعاء يوم شرب الدواء، والخميس تُقضى فيه الحوائج، والجمعة للتنظُّف والتطيُّب،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(27) الغيبة للنعماني (ص 288 - 291/ باب 14/ ح 67).

(٢٥)

وهو عيد المسلمين، وهو أفضل من الفطر والأضحى، ويوم الغدير أفضل الأعياد، وهو ثامن عشر من ذي الحجَّة وكان يوم الجمعة، ويخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة، ويقوم القيامة يوم الجمعة، وما من عمل يوم الجمعة أفضل من الصلاة على محمّد وآله»(28).
15 - سنة الظهور: يقطع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في اليوم العاشر من المحرَّم أيدي بني شيبة سُرَّاق الكعبة:
روى الطوسي (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحَكَم، عن ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أبو جعفر(عليه السلام): «يخرج القائم (عليه السلام) يوم السبت يوم عاشورا اليوم الذي قُتِلَ فيه الحسين (عليه السلام) ويقطع أيدي بني شيبة(29) ويُعلِّقها في الكعبة»(30).
29 محرَّم الحرام: سنة (61هـ): خطبة الإمام السجَّاد (عليه السلام) في الشام وبشارته بالمهدي (عجَّل الله فرجه):
خطب الإمام زين العابدين (عليه السلام) خطبته المعروفة بدمشق جاء فيها: «إنَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(28) الخصال (ص 394/ ح 101)، روضة الواعظين (ص 392).
(29) هم بنو شيبة بن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزَّى بن عبد الدار بن قصي جدِّ النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، كانوا يسكنون على جبل شيبة المشرف على جبل مروة، وهم سدنة الكعبة، الذين كانت بأيديهم مفاتيح الكعبة، يتوارثونها خلفاً عن سلف، وكان هؤلاء يسرقون الأموال والذخائر المهداة إلى الكعبة، ويتصرَّفون بها كما تشتهيه أنفسهم، ولا يكتفي الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بقطع أيديهم، بل يأمر بأنْ يُطاف بهم، فقد ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أمَا إنَّ قائمنا لو قد قام لقد أخذهم - أي بني شيبة - وقطع أيديهم وطاف بهم، وقال: هؤلاء سُرَّاق الله». الكافي (ج 4/ ص 243/ ح 4).
ويمكن أنْ يقال: إنَّ المقصود هو الرمزيَّة بمعنى أنَّ المتولِّين على البيت الحرام تكون أعمالهم وأفعالهم شبيهة ببني شيبة في زمن الجاهليَّة.
(30) تهذيب الأحكام (ج 4/ ص 333/ ح 1044/112).

(٢٦)

الله تعالى أعطانا الحلم والعلم والشجاعة والسخاوة والمحبَّة في قلوب المؤمنين، ومنَّا رسول الله، ووصيُّه، وسيِّد الشهداء، وجعفر الطيَّار في الجنَّة، وسبطا هذه الأُمَّة، والمهدي الذي يقتل الدجَّال»(31).
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم:
سنة (317هـ): كرامة الشيخ الحسين بن روح وأبي عبد الله البزوفري في إثبات نسب جنين إلى أبيه بعد إنكار الأب في مدينة قمِّ المقدَّسة:
روى الطوسي (رحمه الله) عن ابن نوح، قال: ووجدت في أصل عتيق كُتِبَ بالأهواز في المحرَّم سنة سبع عشرة وثلاثمائة: أبو عبد الله، قال: حدَّثنا أبو محمّد الحسن بن عليِّ بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد بن عبد الله بن محمّد (بن عمر) بن عليِّ بن أبي طالب الجرجاني، قال: كنت بمدينة قمّ فجرى بين إخواننا كلام في أمر رجل أنكر ولده، فأنفذوا رجلاً إلى الشيخ (صانه الله). وكنت حاضراً عنده (أيَّده الله)، فدُفِعَ إليه الكتاب فلم يقرأه وأمره أنْ يذهب إلى أبي عبد الله البزوفري(32) (أعزَّه الله) ليجيب عن الكتاب، فصار إليه وأنا حاضر، فقال [له] أبو عبد الله: الولد ولده، وواقعها في يوم كذا وكذا في موضع كذا وكذا، فقل له: فيجعل اسمه محمّداً، فرجع الرسول إلى البلد وعرَّفهم ووضح عندهم القول، ووُلِدَ الولد وسُمِّي محمّداً(33).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(31) معجم أحاديث الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) (ج 3/ ص 200/ ح 722).
(32) قال المجلسي (رحمه الله) في البحار (ج 51/ ص 325): (يظهر منه أنَّ البزوفري (رحمه الله) كان من السفراء ولم يُنقَل، ويمكن أنْ يكون وصل ذلك إليه بتوسُّط أو بدون توسُّطهم في خصوص الواقعة).
(33) الغيبة للطوسي (ص 308/ ح 260).

(٢٧)

1 صفر الخير: سنة (37هـ): معركة صفِّين(34)، وفيها طلب المؤمنون من أمير المؤمنين (عليه السلام) نشر راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأبى عليهم ذلك، وادَّخرها لقائم آل محمّد (عليهم السلام):
سيأتي في (10/ جمادى الأُولى/ 36هـ) تحت عنوان (معركة الجمل، وفيها نشر عليٌّ (عليه السلام) راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولا ينشرها بعده إلَّا القائم (عجَّل الله فرجه)).
9 صفر الخير: سنة (38هـ): معركة النهروان، وفيها أخبر أمير المؤمنين (عليه السلام) ببقاء الخوارج إلى ظهور مهدي آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
روى المسعودي في (مروج الذهب) مرسَلاً عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في باب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(34) في (1/ صفر/ 37هـ) كانت وقعة صفِّين بين جيش أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين جيش القاسطين من أهل الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان. قال نصر بن مزاحم في وقعة صفِّين (ص 196): (تقاتلوا في تمام ذي الحجَّة، ثمّ تركوه في المحرَّم، ثمّ ابتدؤوا به في غرَّة صفر). وكان معاوية وأصحابه نزلوا صفِّين على شريعة الفرات ومنعوا عليًّا وأصحابه الماء، فأنفذ عليٌّ شبث بن ربيعي وصعصعة بن صوحان فقالا في ذلك لطفاً وعنفاً، فقالوا: أنتم قتلتم عثمان عطشاً. فقال (عليه السلام): «أرووا السيوف من الدماء ترووا من الماء، فالموت في حياتكم مقهورين، والحياة في موتكم قاهرين»، فحملا في سبعة عشر ألف رجل حملة رجل واحد، ففُرِّق بعضهم وانهزم الباقون، فأمر عليٌّ (عليه السلام) أنْ لا يمنعوهم الماء. وانتهت الوقعة بعد مائة وعشرة أيَّام، بحيلة رفع المصاحف وما تلاه من مسألة التحكيم. راجع: أعيان الشيعة (ج 1/ ص 466).

(٣١)

ذكر حروبه (عليه السلام) مع أهل النهروان(35):... ثمّ ركب ومرَّ بهم وهم صرعى، فقال: «لقد صرعكم من غرَّكم»، قيل: ومن غرَّهم؟ قال: «الشيطان وأنفس السوء»، فقال أصحابه: قد قطع الله دابرهم إلى آخر الدهر، فقال: «كلَّا والذي نفسي بيده، وإنَّهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء، لا تخرج خارجة إلَّا خرجت بعدها مثلها، حتَّى تخرج خارجة بين الفرات ودجلة مع رجل يقال له: الأشمط، يخرج إليه رجل منَّا أهل البيت فيقتله، ولا تخرج بعدها خارجة إلى يوم القيامة»(36).
* وروى ابن أبي شيبة الكوفي في (المصنَّف) عن محاضر، قال: وحدَّثنا أبو بكر، قال: حدَّثنا الفضل بن دكين، قال: حدَّثنا يونس بن أبي إسحاق، عن عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي، قال: قال عليٌّ: «إنَّ آخر خارجة تخرج في الإسلام بالرميلة رميلة الدسكرة، فيخرج إليهم ناس فيقتلون منهم ثلثاً، ويدخل ثلث، ويتحصَّن ثلث في الدير دير مرمار(37)، فمنهم الأشمط، فيحضرهم الناس فينزلونهم فيقتلونهم، فهي آخر خارجة تخرج في الإسلام»(38).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(35) في (9/ صفر/ 38هـ) كان فتح النهروان، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) سار إليهم بعد منصرفه من صفِّين عندما خرجوا عليه واجتمعوا في النهروان، وقد أخبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عنهم وسمَّاهم المارقين، وأمر أمير المؤمنين (عليه السلام) بقتالهم وحذَّر من فتنتهم.
وروي في ذلك أحاديث كثيرة، منها: أنَّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال له (عليه السلام): «تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين». الخرائج والجرائح (ج 1/ ص 123/ ح 201).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) مخاطباً لأصحابه: «لا ينفلت منهم عشرة ولا يهلك منَّا عشرة». مناقب آل أبي طالب (ج 2/ ص 99)، فقُتِلَ من أصحابه تسعة، وانفلت منهم تسعة.
(36) مروج الذهب (ج 2/ ص 407).
(37) دير مرمار ويُسمَّى الآن دير مارمتي من أشهر أديرة المسيحيَّة صيتاً ومكانةً، يقع على مسافة (35) كيلومتراً شمالي شرقي مدينة الموصل، أسَّسه القدِّيس مارمتي الناسك السرياني في غضون القرن الرابع الميلادي، وقد انعدمت معالم هذا الدير بسبب الغزوات والكوارث التي ألمَّت به ولم يبقَ منها إلَّا القليل، منها: المذبح وبيت القدِّيسين.
(38) المصنَّف (ج 8/ ص 673/ ح 168).

(٣٢)

بعد 9 صفر الخير: سنة (38هـ): لقاء أمير المؤمنين (عليه السلام) مع حباب النصراني وأمره ببناء مسجد (براثا) وإخباره بالكثير من المغيَّبات وما يفعله جيش السفياني بأهل الكوفة:
روى ابن طاوس (رحمه الله) عن محمّد بن المشهدي بإسناده عن محمّد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد، عن مشايخه، عن سليمان الأعمش، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: حدَّثني أنس بن مالك وكان خادم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قال: لـمَّا رجع أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام) من قتال أهل النهروان نزل (براثا)(39)، وكان بها راهب في قلايته، وكان اسمه الحباب، فلمَّا سمع الراهب الصيحة والعسكر أشرف من قلايته إلى الأرض، فنظر إلى عسكر أمير المؤمنين (عليه السلام)، فاستفظع ذلك ونزل مبادراً، قال: من هذا؟ ومن رئيس هذا العسكر؟ فقيل له: هذا أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد رجع من قتال أهل النهروان. فجاء الحباب مبادراً يتخطَّى الناس حتَّى وقف على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين حقًّا حقًّا. فقال له: «وما علمك بأنِّي أمير المؤمنين حقًّا حقًّا؟»، قال له:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(39) (براثا) قرية من القرى العامرة قبل تأسيس بغداد، وهو اسم سرياني معناه (ابن العجائب)، وفي اللغة العربيَّة تعني: (الأرض الرخوة الحمراء)، ومسجدها أقدم مسجد في بغداد حيث كان ديراً وصار مسجداً بعد إسلام حباب المسيحي الذي كان مسؤولاً عنه على يد أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويُعرَف قديماً بـ (جامع المنطقة) و(مشهد العتيقة). يقع المسجد في منطقة الكرخ من بغداد، مقابل المنطقة المعروفة بـ (العُطَيفيَّة)، على بُعد خمس كيلومترات من مرقد الإمامين موسى الكاظم ومحمّد الجواد (عليهما السلام). وذكر الشيخ عبَّاس القمّي (رحمه الله) في مفاتيح الجنان (ص 709) فضائل كثيرة لهذا المسجد، منها: أنَّ الله تعالى أقرَّ أنْ لا ينزله بجيشه إِلَّا نبيٌّ أو وصيُّ نبيٍّ، وأنَّه بيت مريم وأرض عيسى (عليهما السلام)، وأنَّه صلَّى فيه أمير المؤمنين والحسن والحسين والأنبياء (عليهم السلام) لاسيّما خليل الرحمن (عليه السلام).

(٣٣)

بذلك أخبرنا علماؤنا وأحبارنا. فقال له: «يا حباب»، فقال له الراهب: وما علمك باسمي؟ فقال: «أعلمني بذلك حبيبي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»، فقال له الحباب: مُدْ يدك [لأُبايعك]، فأنا أشهد أنْ لا إله إلَّا الله، وأنَّ محمّداً رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأنَّك عليُّ بن أبي طالب وصيُّه. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «وأين تأوي؟»، فقال: أكون في قلاية لي هاهنا. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «بعد يومك هذا لا تسكن فيها، ولكن ابنِ هاهنا مسجداً وسمِّه باسم بانيه»، فبناه رجل اسمه (براثا) فسُمِّي المسجد ببراثا باسم الباني له. ثمّ قال: «ومن أين تشرب يا حباب؟»، فقال: يا أمير المؤمنين، من دجلة هاهنا. قال: «فلِمَ لا تحفر هاهنا عيناً أو بئراً؟»، فقال له: يا أمير المؤمنين، كلَّما حفرنا بئراً وجدناها مالحة غير عذبة. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «احفر هاهنا بئراً»، فحفر، فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها، فقلعها أمير المؤمنين، فانقلعت عن عين أحلى من الشهد وألذُّ من الزبد. فقال له: «يا حباب، [يكون شربك من هذه العين، أمَا أنَّه يا حباب] ستُبنى إلى جنب مسجدك هذا مدينة، وتكثر الجبابرة فيها ويعظم البلاء حتَّى إنَّه ليركب فيها كلَّ ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام. فإذا عظم بلائهم سدُّوا على مسجدك بقنطرة، ثمّ وابنه مرَّتين، ثمّ وابنه لا يهدمه إلَّا كافر، فإذا فعلوا ذلك مُنعوا الحجَّ ثلاث سنين، واحترقت خضرهم، وسلَّط الله عليهم رجلاً من أهل السفح لا يدخل بلداً إلَّا أهلكه وأهلك أهله، ثمّ ليعد عليهم مرَّة أُخرى، ثمّ يأخذهم القحط والغلا ثلاث سنين حتَّى يبلغ بهم الجهد، ثمّ يعود عليهم، ثمّ يدخل البصرة فلا يدع فيها قائمة إلَّا سخطها وأهلكها وأهلك أهلها، وذلك إذا عمرت الخربة وبنى فيها مسجد جامع فعند ذلك يكون هلاك أهل البصرة. ثمّ يدخل مدينة بناها الحجَّاج يقال لها: (واسط) فيفعل مثل ذلك، ثمّ يتوجَّه نحو بغداد فيدخلها عفواً. ثمّ يلتجئ الناس إلى الكوفة، ولا يكون بلد من الكوفة إلَّا

(٣٤)

تشوَّش له الأمر. ثمّ يخرج هو والذي أدخله بغداد نحو قبري لينبشه فيتلقاهما السفياني فيهزمهما ثمّ يقتلهما. ويتوجَّه جيش نحو الكوفة فيستعبد بعض أهلها. ويجيء رجل من أهل الكوفة فيلجئهم إلى سور في من لجأ إليها أمن. ويدخل جيش السفياني إلى الكوفة فلا يدعون أحداً إلَّا قتلوه، وإنَّ الرجل منهم ليمرَّ بالدُّرَّة المطروحة العظيمة فلا يتعرَّض لها ويرى الصبي الصغير فيلحقه فيقتله. فعند ذلك يا حباب يتوقَّع بعدها، هيهاتَ هيهاتَ، وأُمور عظام وفتن كقطع الليل المظلم، فاحفظ عنِّي ما أقول لك يا حباب»(40).
10 صفر الخير: سنة (1384هـ): التاريخ السندي لنقل المرجع الكبير السيِّد محمود الشاهرودي (رحمه الله) لتفسير أمير المؤمنين (عليه السلام) لتوقيع السمري (رضي الله عنه) في تكذيب المشاهدة في المنام:
قال النمازي (رحمه الله) في (مستدرك سفينة البحار): نقل لي العلَّامة المرجع الدِّيني السيِّد محمود الشاهرودي(41) في (10/ صفر/ 1384هـ): كان العالم الجليل والثقة النبيل الشيخ أسد الله من تلاميذ العلم الكامل الحاجّ ميرزا حبيب الله الرشتي في النجف شاكًّا في الحديث المشهور: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) في أماكن متعدِّدة في ليلة واحدة. فرأى أمير المؤمنين (عليه السلام) في المنام وسأله عن هذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(40) اليقين لابن طاوس (ص 421 - 423).
(41) هو محمود بن عليِّ بن عبد الله الحسيني الشاهرودي النجفي، كان فقيهاً إماميًّا كبيراً، من مراجع التقليد والفتيا، وُلِدَ في إحدى قرى شاهرود سنة (1301هـ). حضر الأبحاث العالية على المجتهدين الشهيرين محمّد حسين النائيني، وضياء الدِّين العراقي، وكتب تقريراتهما، وألَّف كُتُباً ورسائل، منها: جامع المقاصد، حاشية على العروة الوثقى، حاشية على الرسائل...، تُوفِّي في النجف سنة (1394هـ). راجع: موسوعة طبقات الفقهاء (ج 14/ ص 814 و815/ الرقم 4912).

(٣٥)

الحديث، فقال: «إنَّك لا تعقل ذلك، فانظر إلى أطرافك». قال: فنظرت، فإذا في كلِّ الأطراف يرى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فارتفع الشكُّ عنِّي. ثمّ سأله عن الحديث المعروف: من ادَّعى الرؤية في زمن الغيبة فكذِّبوه، وما نُقِلَ من الحكايات في رؤيته. فقال: «كلُّ ذلك صحيح، لأنَّ الأوَّل محمول على الرؤية والمشاهدة مع العرفان، وفي الحكايات لم يعرفوه حين المشاهدة وبعده عرفوه، وعليه شواهد من الروايات الأُخر». ثمّ قال له: «أنت رأيته مرَّتين أو مرَّات، منها في حرمي في طرف زاوية الرجلين حين رأيت أمامك سيِّداً جليلاً يقرأ ويُصلِّي ويدعو، فرأيته في أحسن حالات، فنويت أنْ تعطيه جينة - فلوس زمانه - ثمّ بعده نويت أنْ تعطيه جينتين، ثمّ نويت ثلاثة لما رأيت من حسن قراءته ودعائه، فلمَّا أردت أنْ تُخرجها ولم يكن لك غيرها، توجَّه إليك فقال: أنت أحوج، ولم يقل لك شيئاً آخر»، قال الشيخ المذكور: وقع ذلك ونسيته(42).
بعد 13 صفر الخير: سنة (37هـ): لقاء أمير المؤمنين (عليه السلام) مع نصراني - بعد انتهائه من معركة صفِّين - وأخبره النصراني بوجود كُتُب وآثار من عيسى (عليه السلام) عنده تحكي وتُبشِّر برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمَّة الاثني عشر (عليهم السلام) من بعده ونزول عيسى (عليه السلام) آخر الزمان وصلاته خلف الثاني عشر:
روى سُلَيم بن قيس الهلالي الكوفي (رحمه الله) في كتابه، قال: أقبلنا من صفِّين مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، فنزل العسكر قريباً من دير نصراني. فخرج إلينا من الدير شيخ كبير جميل حسن الوجه حسن الهيأة والسمت ومعه كتاب في يده، حتَّى أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) فسلَّم عليه بالخلافة. فقال له عليٌّ (عليه السلام): «مرحباً يا أخي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(42) مستدرك سفينة البحار (ج 4/ ص 18).

(٣٦)

شمعون بن حمُّون، كيف حالك رحمك الله؟»، فقال: بخير يا أمير المؤمنين، وسيِّد المسلمين، ووصيَّ رسول ربِّ العالمين. إنِّي من نسل رجل من حواري أخيك عيسى بن مريم (عليه السلام)، وأنا من نسل شمعون بن يوحنَّا وصيِّ عيسى بن مريم. وكان من أفضل حواري عيسى بن مريم (عليه السلام) الاثني عشر وأحبّهم إليه وآثرهم عنده، وإليه أوصى عيسى بن مريم (عليه السلام)، وإليه دفع كُتُبه وعلمه وحكمته، فلم يزل أهل بيته على دينه متمسِّكين بملَّته فلم يكفروا ولم يُبدِّلوا ولم يُغيِّروا. وتلك الكُتُب عندي إملاء عيسى بن مريم وخطّ أبينا بيده، وفيها كلُّ شيء يفعل الناس من بعده مَلِك مَلِك، وكم يملك وما يكون في زمان كلِّ مَلِك منهم، حتَّى يبعث الله رجلاً من العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن من أرض تُدعى (تهامة) من قرية يقال لها: (مكَّة) يقال له: (أحمد)، الأنجل العينين، المقرون الحاجبين، صاحب الناقة والحمار والقضيب والتاج - يعني العمامة -، له اثنا عشر اسماً. ثمّ ذكر مبعثه ومولده وهجرته ومن يقاتله ومن ينصره ومن يعاديه وكم يعيش وما تلقى أُمَّته من بعده من الفرقة والاختلاف، وفيه تسمية كلِّ إمام هدى وإمام ضلالة إلى أنْ يُنزل الله عيسى بن مريم من السماء. فذكر في الكتاب ثلاثة عشر رجلاً من ولد إسماعيل ابن إبراهيم خليل الله، هم خير من خلق الله وأحبّ من خلق الله إلى الله. وأنَّ الله وليُّ من والاهم وعدوُّ من عاداهم، من أطاعهم اهتدى ومن عصاهم ضلَّ، طاعتهم لله طاعة ومعصيتهم لله معصية، مكتوبة فيه أسمائهم وأنسابهم ونعتهم وكم يعيش كلُّ رجل منهم واحداً بعد واحد، وكم رجل منهم يستسر بدينه ويكتمه من قومه، ومن يظهر منهم ومن يملك وينقاد له الناس حتَّى يُنزل الله عيسى بن مريم (عليه السلام) على آخرهم، فيُصلِّي عيسى خلفه ويقول: (إنَّكم أئمَّة لا ينبغي لأحد أنْ يتقدَّمكم)، فيتقدَّم فيُصلِّي بالناس وعيسى خلفه في الصفِّ

(٣٧)

الأوَّل. أوَّلهم أفضلهم، وآخرهم له مثل أجورهم وأجور من أطاعهم واهتدى بهداهم...(43).
ورواه النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ومحمّد بن همَّام بن سهيل وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد الله بن يونس الموصلي، عن رجالهم، عن عبد الرزَّاق بن همَّام، قال: حدَّثنا معمَّر بن راشد، عن أبان بن أبي عيَّاش، عن سُلَيم بن قيس الهلالي(44).
23 صفر الخير: سنة (260هـ): إرسال أبي الأديان من قِبَل الإمام العسكري (عليه السلام) في مهمَّة وإخباره بوفاته (عليه السلام) وبثلاث علامات لمعرفة خليفته الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بعد رجوع أبي الأديان من السفر:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبي الأديان، قال: كنت أخدم الحسن بن عليِّ بن محمّد بن عليِّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، وأحمل كُتُبه إلى الأمصار، فدخلت عليه في علَّته التي تُوفِّي فيها (صلوات الله عليه)، فكتب معي كُتُباً وقال: «امض بها إلى المدائن، فإنَّك ستغيب خمسة عشر يوماً، وتدخل إلى سُرَّ من رأى يوم الخامس عشر، وتسمع الواعية في داري، وتجدني على المغتسل»، قال أبو الأديان: فقلت: يا سيِّدي، فإذا كان ذلك فمَنْ؟ قال: «من طالبك بجوابات كُتُبي فهو القائم من بعدي»، فقلت: زدني، فقال: «من يُصلِّي عليَّ فهو القائم بعدي»، فقلت: زدني، فقال: «من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي»، ثمّ منعتني هيبته أنْ أسأله عمَّا في الهميان. وخرجت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(43) كتاب سُلَيم بن قيس (ص 252 و253/ ح 16).
(44) الغيبة للنعماني (ص 78 - 80/ باب 4/ ح 9).

(٣٨)

بالكُتُب إلى المدائن، وأخذت جواباتها، ودخلت سُرَّ من رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي (عليه السلام) فإذا أنا بالواعية في داره، وإذا به على المغتسل، وإذا أنا بجعفر بن عليٍّ أخيه بباب الدار والشيعة من حوله يُعَزُّونه ويُهَنُّونه، فقلت في نفسي: إنْ يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة، لأنِّي كنت أعرفه يشرب النبيذ ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور، فتقدَّمت فعزَّيت وهنَّيت فلم يسألني عن شيء. ثمّ خرج عقيد فقال: يا سيِّدي، قد كُفِّن أخوك فقم وصلِّ عليه، فدخل جعفر بن عليٍّ والشيعة من حوله يقدمهم السمَّان والحسن بن عليٍّ قتيل المعتصم المعروف بسَلَمة، فلمَّا صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن عليٍّ (صلوات الله عليه) على نعشه مكفَّناً، فتقدَّم جعفر بن عليٍّ ليُصلِّي على أخيه، فلمَّا همَّ بالتكبير خرج صبيٌّ بوجهه سمرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج، فجبذ برداء جعفر بن عليٍّ وقال: «تأخَّر يا عمّ، فأنا أحقُّ بالصلاة على أبي»، فتأخَّر جعفر، وقد أربد وجهه واصفرَّ، فتقدَّم الصبيُّ وصلَّى عليه، ودُفِنَ إلى جانب قبر أبيه (عليهما السلام). ثمّ قال: «يا بصري، هات جوابات الكُتُب التي معك»، فدفعتها إليه، فقلت في نفسي: هذه بيِّنتان، بقي الهميان. ثمّ خرجت إلى جعفر بن عليٍّ وهو يزفر، فقال له حاجز الوشَّاء: يا سيِّدي، من الصبيُّ؟ لنقيم الحجَّة عليه، فقال: والله ما رأيته قطُّ ولا أعرفه. فنحن جلوس إذ قَدِمَ نفر من قمّ، فسألوا عن الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام)، فعرفوا موته، فقالوا: فمن (نُعزِّي)؟ فأشار الناس إلى جعفر بن عليٍّ، فسلَّموا عليه وعزُّوه وهنُّوه وقالوا: إنَّ معنا كُتُباً ومالاً، فتقول ممَّن الكُتُب وكم المال، فقام ينفض أثوابه ويقول: تريدون منَّا أنْ نعلم الغيب. قال: فخرج الخادم فقال: معكم كُتُب فلان وفلان (وفلان)، وهميان فيه ألف دينار وعشرة دنانير منها مطليَّة، فدفعوا إليه الكُتُب والمال وقالوا: الذي وجَّه بك لأخذ ذلك هو الإمام، فدخل جعفر ابن عليٍّ على المعتمد وكشف له ذلك، فوجَّه المعتمد بخدمه فقبضوا على صقيل

(٣٩)

الجارية فطالبوها بالصبيِّ فأنكرته وادَّعت حبلاً بها لتُغطِّي حال الصبي، فسُلِّمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي(45)، وبغتهم موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان فجأةً، وخروج صاحب الزنج بالبصرة(46)، فشغلوا بذلك عن الجارية، فخرجت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(45) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 13/ ص 412 و413/ الرقم 200): (عليُّ بن محمّد بن عبد المَلِك ابن أبي الشوارب الحافظ، الإمام، قاضي القضاة، أبو الحسن الأُموي البصري...، مات في شوَّال سنة ثلاث وثمانين ومائتين).
(46) قال الزركلي في الأعلام (ج 4/ ص 324): (عليُّ بن محمّد الورزنيني العلوي، الملقَّب بصاحب الزنج: من كبار أصحاب الفتن في العهد العبَّاسي. وفتنته معروفة بفتنة الزنج لأنَّ أكثر أنصاره منهم. وُلِدَ ونشأ في (ورزنين) إحدى قرى الريِّ. وظهر في أيَّام المهتدي بالله العبَّاسي سنة (255هـ)...، والتفَّ حوله سودان أهل البصرة ورعاعها، فامتلكها واستولى على الأبلة، وتتابعت لقتاله الجيوش، فكان يظهر عليها ويُشتِّتها، ونزل البطائح، وامتلك الأهواز، وأغار على واسط، وجعل مقامه في قصر اتَّخذه بالمختار. وعجز عن قتاله الخلفاء، حتَّى ظفر به (الموفَّق بالله) في أيَّام المعتمد، فقتله وبعث برأسه إلى بغداد سنة (270هـ)).
وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (ج 8/ ص 126 و127): (فأمَّا صاحب الزنج هذا فإنَّه ظهر في فرات البصرة في سنة خمس وخمسين ومائتين، رجل زعم أنَّه عليُّ بن محمّد بن أحمد بن عيسى ابن زيد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فتبعه الزنج الذين كانوا يكسحون السباخ في البصرة. وأكثر الناس يقدحون في نسبه وخصوصاً الطالبيِّين. وجمهور النسَّابين اتَّفقوا على أنَّه من عبد القيس، وأنَّه عليُّ بن محمّد بن عبد الرحيم، وأُمُّه سنديَّة من أسد بن خزيمة، جدُّها محمّد بن حكيم الأسدي، من أهل الكوفة، أحد الخارجين مع زيد بن عليِّ بن الحسين(عليه السلام) على هشام بن عبد المَلِك، فلمَّا قُتِلَ زيد هرب فلحق بالريِّ وجاء إلى القرية التي يقال لها: ورزنين، فأقام بها مدَّة، وبهذه القرية وُلِدَ عليُّ بن محمّد صاحب الزنج، وبها منشؤه، وكان أبو أبيه المسمَّى عبد الرحيم رجلاً من عبد القيس، كان مولده بالطالقان، فقَدِمَ العراق، واشترى جارية سنديَّة، فأولدها محمّداً أباه).
وقال المسعودي في مروج الذهب (ج 4/ ص 108): (كان خروج صاحب الزنج بالبصرة في خلافة المهتدي، وذلك في سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان يزعم أنَّه عليُّ بن محمّد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، وأكثر الناس يقول: إنَّه دعيُّ آل أبي طالب يُنكِرونه، وكان من أهل قرية من أعمال الريِّ يقال لها: ورزنين، وظهر من فعله ما دلَّ على تصديق ما رُمِيَ به من أنَّه كان يرى رأي الأزارقة من الخوارج، لأنَّ أفعاله في قتل النساء والأطفال وغيرهم من الشيخ الفاني وغيره ممَّن لا يستحقُّ القتل يشهد بذلك عليه).

(٤٠)

عن أيديهم، والحمد لله ربِّ العالمين(47).
26 - 28 صفر الخير: سنة (11هـ): إخبار رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة (عليها السلام) وهو في مرضه الذي تُوفِّي فيه بأنَّ المهدي (عجَّل الله فرجه) من ولدها:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا محمّد بن الحسن الصفَّار، عن يعقوب بن يزيد، عن حمَّاد بن عيسى، عن عمر بن أُذينة، عن أبان بن أبي عيَّاش، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سُلَيم بن قيس الهلالي، قال: سمعت سلمان الفارسي (رضي الله عنه) يقول: كنت جالساً بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في مرضته التي قُبِضَ فيها، فدخلت فاطمة (عليها السلام)، فلمَّا رأت ما بأبيها من الضعف بكت حتَّى جرت دموعها على خدَّيها، فقال لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «ما يُبكيكِ يا فاطمة؟»، قالت: «يا رسول الله، أخشى على نفسي وولدي الضيعة بعدك»، فاغرورقت عينا رسول الله بالبكاء، ثمّ قال: «يا فاطمة، أمَا علمتِ أنَّا أهل بيت اختار الله (عزَّ وجلَّ) لنا الآخرة على الدنيا، وأنَّه حتم الفناء على جميع خلقه، وأنَّ الله تبارك وتعالى أطلع إلى الأرض إطلاعة فاختارني من خلقه فجعلني نبيًّا، ثم أطلع إلى الأرض إطلاعة ثانية فاختار منها زوجكِ، وأوحى إليَّ أنْ أُزوِّجكِ إيَّاه وأتَّخذه وليًّا ووزيراً، وأنْ أجعله خليفتي في أُمَّتي، فأبوكِ خير أنبياء الله ورُسُله، وبعلكِ خير الأوصياء، وأنتِ أوَّل من يلحق بي من أهلي، ثمّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(47) كمال الدِّين (ص 475 و476/ باب 43/ ذيل الحديث 25)، الثاقب في المناقب (ص 607 و608/ ح 554/2)، الخرائج والجرائح (ج 3/ ص 1101 - 1104/ ح 23).

(٤١)

أطلع إلى الأرض إطلاعة ثالثة فاختاركِ وولديكِ، فأنتِ سيَّدة نساء أهل الجنَّة، وابناكِ حسن وحسين سيِّدا شباب أهل الجنَّة، وأبناء بعلكِ أوصيائي إلى يوم القيامة، كلُّهم هادون مهديُّون، وأوَّل الأوصياء بعدي أخي عليٌّ، ثمّ حسن، ثمّ حسين، ثمّ تسعة من ولد الحسين في درجتي، وليس في الجنَّة درجة أقرب إلى الله من درجتي ودرجة أبي إبراهيم، أمَا تعلمين يا بنيَّة أنَّ من كرامة الله إيَّاكِ أنْ زوَّجكِ خير أُمَّتي، وخير أهل بيتي، أقدمهم سلماً، وأعظمهم حلماً، وأكثرهم علماً»، فاستبشرت فاطمة (عليها السلام) وفرحت بما قال لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثمّ قال: «يا بنيَّة، إنَّ لبعلكِ مناقب: إيمانه بالله ورسوله قبل كلِّ أحد، فلم يسبقه إلى ذلك أحد من أُمَّتي، وعلمه بكتاب الله (عزَّ وجلَّ) وسُنَّتي وليس أحداً من أُمَّتي يعلم جميع علمي غير عليٍّ (عليه السلام)، وإنَّ الله (عزَّ وجلَّ) علَّمني علماً لا يعلمه غيري وعلَّم ملائكته ورُسُله علماً، فكلَّما علَّمه ملائكته ورُسُله فأنا أعلمه وأمرني الله أنْ أُعلِّمه إيَّاه ففعلت، فليس أحد من أُمَّتي يعلم جميع علمي وفهمي وحكمتي غيره، وإنَّكِ يا بنيَّة زوجته، وابناه سبطاي حسن وحسين وهما سبطا أُمَّتي، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فإنَّ الله (جلَّ وعزَّ) آتاه الحكمة وفصل الخطاب، ويا بنيَّة إنَّا أهل بيت أعطانا الله (عزَّ وجلَّ) ستَّ خصال لم يُعطها أحداً من الأوَّلين كان قبلكم، ولم يُعطها أحداً من الآخرين غيرنا، نبيُّنا سيِّد الأنبياء والمرسَلين وهو أبوكِ، ووصيُّنا سيِّد الأوصياء وهو بعلكِ، وشهيدنا سيِّد الشهداء وهو حمزة بن عبد المطَّلب عمّ أبيكِ»، قالت: «يا رسول الله، هو سيِّد الشهداء الذين قتلوا معه؟»، قال: «لا، بل سيِّد شهداء الأوَّلين والآخرين ما خلا الأنبياء والأوصياء، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيَّار في الجنَّة مع الملائكة، وابناكِ حسن وحسين سبطا

(٤٢)

أُمَّتي وسيِّدا شباب أهل الجنَّة، ومنَّا والذي نفسي بيده مهدي هذه الأُمَّة الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً...»(48).
* وروى الطوسي (رحمه الله) عن الشيخ المفيد (رحمه الله)، قال: حدَّثنا أبو أحمد إسماعيل بن يحيى العبسي، قال: حدَّثنا أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، قال: حدَّثنا محمّد بن إسماعيل الضراري، قال: حدَّثني عبد السلام بن صالح الهروي، قال: حدَّثنا الحسين بن الحسن الأشقر، قال: حدَّثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي الأسدي، عن أبي أيُّوب الأنصاري، قال: مرض رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مرضة، فأتته فاطمة(عليها السلام) تعوده، فلمَّا رأت ما برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من المرض والجهد استعبرت وبكت حتَّى سالت دموعها على خدَّيها، فقال لها النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يا فاطمة، إنِّي لكرامة الله إيَّاكِ زوَّجتكِ أقدمهم سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً، إنَّ الله (تعالى) أطلع إلى أهل الأرض إطلاعة فاختارني منها فبعثني نبيًّا، وأطلع إليها ثانيةً فاختار بعلكِ فجعله وصيًّا». فسرَّت فاطمة (عليها السلام) فاستبشرت، فأراد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنْ يزيدها مزيد الخير، فقال: «يا فاطمة، إنَّا أهل بيت أُعطينا سبعاً لم يُعطها أحد قبلنا ولا يُعطاها أحد بعدنا: نبيُّنا أفضل الأنبياء وهو أبوكِ، ووصيُّنا أفضل الأوصياء وهو بعلكِ، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو عمُّكِ، ومنَّا من جعل الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة وهو ابن عمِّكِ، ومنَّا سبطا هذه الأُمَّة وهما ابناكِ، والذي نفسي بيده لا بدَّ لهذه الأُمَّة من مهدي، وهو والله من ولدكِ»(49).
* وروى الطبراني عن محمّد بن رزيق بن جامع المصري، قال: ثنا الهيثم بن حبيب، ثنا سفيان بن عيينة، عن عليِّ بن عليٍّ المكّي الهلالي، عن أبيه، قال: دخلت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(48) كمال الدِّين (ص 262 - 264/ باب 24/ ح 10).
(49) أمالي الطوسي (ص 154 و155/ ح 256/8).

(٤٣)

على رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في شكاته التي قُبِضَ فيها، فإذا فاطمة (رضي الله عنها) عند رأسه، قال: فبكت حتَّى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) طرفه إليها فقال: «حبيبتي فاطمة، ما الذي يُبكيكِ؟»، فقالت: «أخشى الضيعة من بعدك»، فقال: «يا حبيبتي، أمَا علمتِ أنَّ الله (عزَّ وجلَّ) أطلع إلى الأرض إطلاعة فاختار منها أباكِ عروبة برسالته، ثمّ أطلع إطلاعة فاختار منها بعلكِ، وأوحى إليَّ أنْ أُنكحكِ إيَّاه. يا فاطمة، ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم يُعط أحد قبلنا ولا يُعطى أحد بعدنا: أنا خاتم النبيِّين وأكرم النبيِّين على الله وأحبُّ المخلوقين إلى الله (عزَّ وجلَّ) وأنا أبوكِ، ووصيِّي خير الأوصياء وأحبّهم إلى الله وهو بعلكِ، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلى الله وهو عمُّكِ حمزة بن عبد المطَّلب وهو عمُّ أبيكِ وعمُّ بعلكِ، ومنَّا من له جناحان أخضران يطير في الجنَّة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عمِّ أبيك وأخو بعلكِ، ومنَّا سبطا هذه الأُمَّة وهما ابناكِ الحسن والحسين، وهما سيِّدا شباب أهل الجنَّة، وأبوهما والذي بعثني بالحقِّ خير منهما. يا فاطمة، والذي بعثني بالحقِّ إنَّ منهما مهدي هذه الأُمَّة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن، وتقطَّعت السُّبُل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يُوقِّر كبيراً، فيبعث الله (عزَّ وجلَّ) عند ذلك منهما من يفتتح حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً، يقوم بالدِّين في آخر الزمان كما قمت به في أوَّل الزمان ويملأ الدنيا عدلاً كما مُلِئَت جوراً. يا فاطمة، لا تحزني ولا تبكي فإنَّ الله (عزَّ وجلَّ) أرحم بكِ وأرأف عليكِ منِّي وذلك لمكانكِ منِّي وموضعكِ من قلبي، وزوَّجكِ الله زوجكِ وهو أشرف أهل بيتكِ حسباً وأكرمهم منصباً وأرحمهم بالرعيَّة وأعدلهم بالسويَّة وأبصرهم بالقضيَّة، وقد سألت ربِّي (عزَّ وجلَّ) أنْ تكوني أوَّل من يلحقني من أهل بيتي»، قال عليٌّ (رضي الله عنه):

(٤٤)

«فلمَّا قُبِضَ النبيُّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) لم تبقَ فاطمة (رضي الله عنها) بعده إلاَّ خمسة وسبعين يوماً حتَّى ألحقها الله به (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)»(50).
28 صفر الخير: سنة (260هـ): خروج الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) من سامراء قبل شهادة أبيه (عليه السلام) بعشرة أيَّام على رواية:
روى الكليني (رحمه الله) عن عليِّ بن محمّد، عن أبي محمّد الوجناني أنَّه أخبرني عمَّن رآه أنَّه خرج من الدار قبل الحادث بعشرة أيَّام وهو يقول: «اللَّهُمَّ إنَّك تعلم أنَّها من أحبّ البقاع لولا الطرد»، أو كلام هذا نحوه(51).
قال المجلسي (رحمه الله): (لعلَّ المراد بالحادث وفاة أبي محمّد (عليه السلام)، والضمير في (أنَّها) راجع إلى سامراء)(52).
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم:
1 - سنة (274هـ): التاريخ السندي لحديث عليِّ بن الحسن التيملي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تمنِّي نبيِّ الله موسى (عليه السلام) أنْ يكون هو قائم آل محمّد:
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدَّثنا عليُّ ابن الحسن التيملي في صفر سنة أربع وسبعين ومائتين، قال: حدَّثني محمّد بن عليٍّ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس بن بزرج، عن حمزة ابن حمران، عن سالم الأشل، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليٍّ الباقر (عليه السلام) يقول: «نظر موسى بن عمران في السِّفر الأوَّل إلى ما يُعطى قائم آل محمّد من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(50) المعجم الكبير للطبراني (ج 3/ ص 57 و58/ ح 2675).
(51) الكافي (ج 1/ ص 331/ باب في تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح 10).
(52) بحار الأنوار (ج 52/ ص 66/ ذيل الحديث 52).

(٤٥)

التمكين والفضل، فقال موسى: ربِّ اجعلني قائم آل محمّد. فقيل له: إنَّ ذاك من ذرّيَّة أحمد. ثمّ نظر في السِّفر الثاني فوجد فيه مثل ذلك، فقال مثله، فقيل له مثل ذلك، ثمّ نظر في السِّفر الثالث فرأى مثله، فقال مثله، فقيل له مثله»(53).
2 - سنة (274هـ): التاريخ السندي لحديث عليِّ بن الحسن التيملي عن الإمام الصادق (عليه السلام) يحكي مدَّة تسلُّط السفياني وهي تسعة أشهر:
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثنا عليُّ بن الحسن التيملي من كتابه في صفر سنة أربع وسبعين ومائتين، قال: حدَّثنا العبَّاس بن عامر بن رباح الثقفي، قال: حدَّثنا محمّد بن الربيع الأقرع، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) أنَّه قال: «إذا استولى السفياني على الكور الخمس فعدُّوا له تسعة أشهر»، وزعم هشام أنَّ الكور الخمس: دمشق وفلسطين والأُردن وحمص وحلب(54).
3 - سنة (274هـ): التاريخ السندي لحديث عليِّ بن الحسن التيملي عن الإمام الباقر (عليه السلام) يحكي فيه حال المرجئة في زمن الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدَّثنا عليُّ ابن الحسين التيملي من كتابه في صفر سنة أربع وسبعين ومائتين، قال: حدَّثنا العبَّاس بن عامر بن رباح الثقفي، عن موسى بن بكر، عن بشير النبَّال. قال: وأخبرنا عليُّ بن أحمد البندنيجي، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن أيُّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن بشير بن أبي أراكة النبَّال، ولفظ الحديث على رواية ابن عقدة، قال: لـمَّا قَدِمْتُ المدينة انتهيت إلى منزل أبي جعفر الباقر (عليه السلام) فإذا أنا ببغلته مسرجة بالباب، فجلست حيال الدار، فخرج فسلَّمت عليه، فنزل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(53) الغيبة للنعماني (ص 246 و247/ باب 13/ ح 34)، الصراط المستقيم (ج 2/ ص 257).
(54) الغيبة للنعماني (ص 316/ باب 18/ ح 13).

(٤٦)

عن البغلة وأقبل نحوي، فقال لي: «ممَّن الرجل؟»، فقلت: من أهل العراق، فقال: «من أيِّها؟»، قلت: من أهل الكوفة، فقال: «من صحبك في هذا الطريق؟»، قلت: قوم من المحدِثة، فقال: «وما المحدِثة؟»، قلت: المرجئة(55)، فقال: «ويح هذه المرجئة إلى من يلجؤون غداً إذا قام قائمنا؟»، قلت: إنَّهم يقولون: لو قد كان ذلك كنَّا نحن وأنتم في العدل سواء، فقال: «من تاب تاب الله عليه، ومن أسرَّ نفاقاً فلا يبعد الله غيره، ومن أظهر شيئاً أهرق الله دمه»، ثمّ قال: «يذبحهم والذي نفسي بيده كما يذبح القصَّاب شاته - وأومأ بيده إلى حلقه -»، قلت: إنَّهم يقولون: إنَّه إذا كان ذلك استقامت له الأُمور، فلا يهريق محجمة دم، فقال: «كلَّا والذي نفسي بيده، حتَّى نمسح وأنتم العرق والعلق - وأومأ بيده إلى جبهته -»(56).
4 - سنة (274هـ): التاريخ السندي لحديث عليِّ بن الحسن التيملي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في شرح حال المؤمن وكرامته عند الله والإخبار عن بعض تحرُّكات السفياني ومدَّة حكمه:
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدَّثنا عليُّ ابن الحسن التيملي في صفر سنة أربع وسبعين ومائتين، قال: حدَّثنا الحسن بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(55) قد اختُلِفَ في المرجئة، فقيل: هم فرقة من فِرَق الإسلام يعتقدون أنَّه لا يضرُّ مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، سمُّوا مرجئة لاعتقادهم أنَّ الله تعالى أرجأ تعذيبهم عن المعاصي، أي أخَّره عنهم. وعن ابن قتيبة أنَّه قال: (هم الذين يقولون الإيمان قولاً بلا عمل، لأنَّهم يُقدِّمون القول ويُؤخِّرون العمل). وقال بعض أهل المعرفة بالملل: (إنَّ المرجئة هم الفرقة الجبريَّة الذين يقولون: إنَّ العبد لا فعل له، وإضافة الفعل إليه بمنزلة إضافته إلى المجازات، كجري النهر ودارت الرحا، وإنَّما سُمِّيت المجبِّرة مرجئة لأنَّهم يُؤخِّرون أمر الله ويرتكبون الكبائر). وفي المغرب [للجواليقي اللغوي] نقلاً عنه: (سمُّوا بذلك لإرجائهم حكم أهل الكبائر إلى يوم القيامة). مجمع البحرين (ج 2/ ص 144 و145).
(56) الغيبة للنعماني (ص 293 و294/ باب 15/ ح 1).

(٤٧)

محبوب، عن أبي أيُّوب الخزَّاز، عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: «اتَّقوا الله واستعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد في طاعة الله، فإنَّ أشدَّ ما يكون أحدكم اغتباطاً بما هو فيه من الدِّين لو قد صار في حدِّ الآخرة وانقطعت الدنيا عنه، فإذا صار في ذلك الحدِّ عرف أنَّه قد استقبل النعيم والكرامة من الله والبشرى بالجنَّة، وأمن ممَّا كان يخاف، وأيقن أنَّ الذي كان عليه هو الحقُّ، وأنَّ من خالف دينه على باطل، وأنَّه هالك، فأبشروا ثمّ أبشروا بالذي تريدونه، ألستم ترون أعداءكم يقتتلون في معاصي الله، ويقتل بعضهم بعضاً على الدنيا دونكم وأنتم في بيوتكم آمنون في عزلة عنهم، وكفى بالسفياني نقمة لكم من عدوِّكم، وهو من العلامات لكم مع أنَّ الفاسق لو قد خرج لمكثتم شهراً أو شهرين بعد خروجه لم يكن عليكم بأس حتَّى يقتل خلقاً كثيراً دونكم». فقال له بعض أصحابه: فكيف نصنع بالعيال إذا كان ذلك؟ قال: «يتغيَّب الرجل منكم عنه، فإنَّ حنقه وشرهه فإنَّما هي على شيعتنا، وأمَّا النساء فليس عليهنَّ بأس إنْ شاء الله تعالى». قيل: فإلى أين يخرج الرجال ويهربون منه؟ فقال: «من أراد منهم أنْ يخرج يخرج إلى المدينة أو إلى مكَّة أو إلى بعض البلدان»، ثمّ قال: «ما تصنعون بالمدينة، وإنَّما يقصد جيش الفاسق إليها، ولكن عليكم بمكَّة فإنَّها مجمعكم، وإنَّما فتنته حمل امرأة تسعة أشهر، ولا يجوزها إنْ شاء الله»(57).
5 - سنة (381هـ): التاريخ السندي لحديث هارون بن موسى عن زيد ابن عليٍّ (عليه السلام)، وفيه بشارة أنَّ المهدي (عجَّل الله فرجه) من آل محمّد (عليهم السلام):
سيأتي في (رجب/ سنة 120هـ) تحت عنوان: (خروج زيد بن عليٍّ (عليه السلام) إلى العراق وبشارته بأنَّ المهدي (عجَّل الله فرجه) من آل محمّد (عليهم السلام)).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(57) الغيبة للنعماني (ص 311 و312/ باب 18/ ح 3).

(٤٨)

6 - سنة (410هـ): وصول الرسالة الأُولى للشيخ المفيد (رحمه الله) من قِبَل الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في أيَّام بقيت من شهر صفر يُؤكِّد فيها على اهتمامه بشيعته بقوله: «إنَّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللَّأواء أو اصطلمكم الأعداء»:
قال الطبرسي (رحمه الله) في (الاحتجاج): ذكر كتاب ورد من الناحية المقدَّسة حرسها الله ورعاها في أيَّام بقيت من صفر، سنة عشر وأربعمائة على الشيخ المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان (قدَّس الله روحه ونوَّر ضريحه)، ذكر موصله أنَّه يحمله من ناحية متَّصلة بالحجاز، نسخته: «للأخ السديد، والوليِّ الرشيد، الشيخ المفيد، أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله إعزازه، من مستودع العهد المأخوذ على العباد، بسم الله الرحمن الرحيم، أمَّا بعد: سلام عليك أيُّها الوليُّ المخلص في الدِّين، المخصوص فينا باليقين، فإنَّا نحمد إليك الله الذي لا إله إلَّا هو، ونسأله الصلاة على سيِّدنا ومولانا ونبيِّنا محمّد وآله الطاهرين، ونُعلِمك أدام الله توفيقك لنصرة الحقِّ، وأجزل مثوبتك على نطقك عنَّا بالصدق أنَّه قد أُذِنَ لنا في تشريفك بالمكاتبة، وتكليفك ما تُؤدِّيه عنَّا إلى موالينا قبلك، أعزَّهم الله بطاعته، وكفاهم المهمَّ برعايته لهم وحراسته، فقف أيَّدك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه على ما أذكره، واعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه إنْ شاء الله. نحن وإنْ كنَّا ناوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين، حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنَّا نحيط علماً بأنبائكم، ولا يعزب عنَّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالذلِّ الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً، ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنَّهم لا يعلمون. إنَّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم

(٤٩)

اللَّأواء أو اصطلمكم الأعداء، فاتَّقوا الله (جلَّ جلاله) وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم، يهلك فيها من حمَّ أجله، ويحمى عنها من أدرك أمله، وهي أمارة لأُزوف حركتنا ومباثتكم بأمرنا ونهينا، والله متمُّ نوره ولو كره المشركون. اعتصموا بالتقيَّة من شبِّ نار الجاهليَّة، يُحشِّشها عصب أُمويَّة، يهول بها فرقة مهديَّة، أنا زعيم بنجاة من لم يرم فيها المواطن، وسلك في الطعن منها السُّبُل المرضيَّة، إذا حلَّ جمادى الأُولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه، واستيقظوا من رقدتكم لما يكون في الذي يليه، ستظهر لكم من السماء آية جليَّة، ومن الأرض مثلها بالسويَّة، ويحدث في أرض المشرق ما يُحزن ويُقلق، ويغلب من بعد على العراق طوائف عن الإسلام مراق، تضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق، ثمّ تنفرج الغمَّة من بعد ببوار طاغوت من الأشرار، ثمّ يستر بهلاكه المتَّقون الأخيار، ويتَّفق لمريدي الحجِّ من الآفاق ما يُؤمِّلونه منه على توفير عليه منهم واتِّفاق، ولنا في تيسير حجِّهم على الاختيار منهم والوفاق شأن يظهر على نظام واتِّساق. فليعمل كلُّ امرءٍ منكم بما يقرب به من محبِّتنا، ويتجنَّب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فإنَّ أمرنا بغتة فجاءة حين لا تنفعه توبة ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة. والله يلهمكم الرشد، ويلطف لكم في التوفيق برحمته».
نسخة التوقيع باليد العليا على صاحبها السلام: «هذا كتابنا إليك أيُّها الأخ الوليُّ، والمخلص في ودِّنا الصفي، والناصر لنا الوفي، حرسك الله بعينه التي لا تنام، فاحتفظ به، ولا تُظهر على خطِّنا الذي سطرناه بما له ضمناه أحداً، وأدِّ ما فيه إلى من تسكن إليه، وأوص جماعتهم بالعمل عليه إنْ شاء الله، وصلَّى الله على محمّد وآله الطاهرين»(58).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(58) الاحتجاج (ج 2/ ص 318 - 324).

(٥٠)

7 - سنة (759هـ): شفاء ابن الشيخ نجم الدِّين الزهدري من الفالج - بعد عرضه على أطبَّاء كثر - ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في مقامه بالحلَّة:
روى المجلسي (رحمه الله) عن كتاب (السلطان المفرِّج عن أهل الإيمان) للسيِّد عليِّ بن عبد الحميد عند ذكر من رآى القائم (عليه السلام): ومن ذلك بتاريخ صفر لسنة سبعمائة وتسع وخمسين حكى لي المولى الأجلُّ الأمجد، العالم الفاضل، القدوة الكامل، المحقِّق المدقِّق، مجمع الفضائل، ومرجع الأفاضل، افتخار العلماء في العالمين، كمال الملَّة والدِّين، عبد الرحمن ابن العماني، وكتب بخطِّه الكريم عندي ما صورته، قال العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى عبد الرحمن بن إبراهيم القبائقي: إنِّي كنت أسمع في الحلَّة السيفيَّة (حماها الله تعالى) أنَّ المولى الكبير المعظَّم جمال الدِّين ابن الشيخ الأجلِّ الأوحد الفقيه القارئ نجم الدِّين جعفر بن الزهدري كان به فالج، فعالجته جدَّته لأبيه بعد موت أبيه بكلِّ علاج للفالج، فلم يبرأ. فأشار عليها بعض الأطبَّاء ببغداد فأحضرتهم فعالجوه زماناً طويلاً، فلم يبرأ. وقيل لها: ألَا تُبيِّتينه تحت القبَّة الشريفة بالحلَّة المعروفة بمقام صاحب الزمان (عليه السلام)(59)؟ لعلَّ الله تعالى يعافيه ويُبرئه. ففعلت وبيَّتته تحتها، وإنَّ صاحب الزمان (عليه السلام) أقامه وأزال عنه الفالج. ثمّ بعد ذلك حصل بيني وبينه صحبة حتَّى كنَّا لم نكد نفترق، وكان له دار المعشرة، يجتمع فيها وجوه أهل الحلَّة وشبابهم وأولاد الأماثل منهم، فاستحكيته عن هذه الحكاية، فقال لي: إنِّي كنت مفلوجاً وعجز الأطبَّاء عنِّي، وحكى لي ما كنت أسمعه مستفاضاً في الحلَّة من قضيَّته،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(59) يقع هذا المقام المبارك في مركز مدينة الحلَّة بالعراق، في منطقةٍ تُدعى (السَّنيَّة) في سوق الصفَّارين على يمين الداخل إلى هذا السوق، أو على يسار الداخل إلى السوق الكبير، وخلف جامع الحلَّة الكبير. وهو مشهورٌ عند أهل الحلَّة بـ (مقام الغيبة) نسبةً إلى الإمام الغائب (عليه السلام).
جاء ذكر هذا المقام في مخطوطة الشيخ ابن هيكل المتوفَّى سنة (636هـ)، فيقتضي وجود المقام قبل هذا التاريخ بسنوات عديدة.

(٥١)

وأنَّ الحجَّة صاحب الزمان (عليه السلام) قال لي وقد أباتتني جدَّتي تحت القبَّة: «قم»، فقلت: يا سيِّدي، لا أقدر على القيام منذ سنتي، فقال: «قم بإذن الله تعالى»، وأعانني على القيام، فقمت وزال عنِّي الفالج، وانطبق عليَّ الناس حتَّى كادوا يقتلونني، وأخذوا ما كان عليَّ من الثياب تقطيعاً وتنتيفاً يتبرَّكون فيها، وكساني الناس من ثيابهم، ورحت إلى البيت، وليس بي أثر الفالج، وبعثت إلى الناس ثيابهم، وكنت أسمعه يحكى ذلك للناس ولمن يستحكيه مراراً حتَّى مات (رحمه الله)(60).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(60) بحار الأنوار (ج 52/ ص 73).

(٥٢)

5 ربيع الأوَّل: سنة (260هـ): مكاتبة الإمام العسكري (عليه السلام) إلى محمّد بن عليِّ بن بلال يُخبره بالخلف من بعده:
روى الكليني (رحمه الله) عن عليِّ بن محمّد، عن محمّد بن عليِّ بن بلال، قال: خرج إليَّ من أبي محمّد قبل مضيِّه بسنتين يُخبرني بالخلف من بعده، ثمّ خرج إليَّ من قبل مضيِّه بثلاثة أيَّام يُخبرني بالخلف من بعده(61).
* وروى الصدوق (رحمه الله) عن أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل الكندي، قال: قال لي أبو طاهر البلالي: التوقيع الذي خرج إليَّ من أبي محمّد (عليه السلام) فعلَّقوه في الخلف بعده وديعة في بيتك، فقلت له: أُحِبُّ أنْ تنسخ لي من لفظ التوقيع ما فيه، فأخبر أبا طاهر بمقالتي فقال له: جئني به حتَّى يسقط الإسناد بيني وبينه، فخرج إليَّ من أبي محمّد (عليه السلام) قبل مضيِّه بسنتين يُخبرني بالخلف من بعده، ثمّ خرج إليَّ بعد(62) مضيِّه بثلاثة أيَّام يخبرني بذلك، فلعن الله من جحد أولياء الله حقوقهم، وحمل الناس على أكتافهم، والحمد لله كثيراً(63).
1 - 8 ربيع الأوَّل: سنة (260هـ): الإمام العسكري (عليه السلام) يعرض ولده الحجَّة على أربعين رجلاً من أصحابه قبل أيَّام من شهادته:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(61) الكافي (ج 1/ ص 328/ باب الإشارة والنصِّ إلى صاحب الدار (عليه السلام)/ ح 1).
(62) هكذا في المصدر، والصحيح: (قبل).
(63) كمال الدِّين (ص 499/ باب 45/ ح 24).

(٥٥)

روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن عليٍّ ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا محمّد ابن يحيى العطَّار، قال: حدَّثني جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، قال: حدَّثني معاوية بن حكيم ومحمّد بن أيُّوب بن نوح ومحمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه)، قالوا: عرض علينا أبو محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) ونحن في منزله وكنَّا أربعين رجلاً، فقال: «هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرَّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أمَا إنَّكم لا ترونه بعد يومكم هذا»، قالوا: فخرجنا من عنده، فما مضت إلَّا أيَّام قلائل حتَّى مضى أبو محمّد (عليه السلام)(64).
* وروى الطوسي (رحمه الله) عن أحمد بن عليِّ بن نوح أبو العبَّاس السيرافي، قال: وقال جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري البزَّاز، عن جماعة من الشيعة منهم عليِّ بن بلال وأحمد بن هلال ومحمّد بن معاوية بن حكيم والحسن بن أيُّوب بن نوح في خبر طويل مشهور، قالوا جميعاً: اجتمعنا إلى أبي محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) نسأله عن الحجَّة من بعده، وفي مجلسه (عليه السلام) أربعون رجلاً، فقام إليه عثمان بن سعيد بن عمرو العمري، فقال له: يا ابن رسول الله، أُريد أنْ أسألك عن أمر أنت أعلم به منِّي. فقال له: «اجلس يا عثمان»، فقام مغضباً(65) ليخرج، فقال: «لا يخرجنَّ أحد»، فلم يخرج منَّا أحد إلى (أنْ) كان بعد ساعة، فصاح (عليه السلام) بعثمان، فقام على قدميه، فقال: «أُخبركم بما جئتم؟»، قالوا : نعم، يا ابن رسول الله، قال: «جئتم تسألوني عن الحجَّة من بعدي؟»، قالوا: نعم، فإذا غلام كأنَّه قطع قمر أشبه الناس بأبي محمّد (عليه السلام)، فقال: «هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرَّقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، ألَا وإنَّكم لا ترونه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(64) كمال الديِّن (ص 435/ باب 43/ ح 2).
(65) من البعيد جدًّا أنَّ مثل عثمان وهو صاحب المقام السامي والنائب الأوَّل يغضب من سيِّده ومولاه لأجل كلمة أو أمر صدر منه، فالظاهر أنَّ الراوي تصوَّر محاولة خروج عثمان إنَّما هو لأجل غضبه وامتعاضه، وهو تصوُّر خاطئ من قِبَله.

(٥٦)

من بعد يومكم هذا حتَّى يتمَّ له عمر، فاقبلوا من عثمان ما يقوله، وانتهوا إلى أمره، واقبلوا قوله، فهو خليفة إمامكم والأمر إليه...» في حديث طويل(66).
8 ربيع الأوَّل: 1 - سنة (260هـ): شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في صباح يوم الجمعة، وعمره (29) سنة، ودُفِنَ في سامرَّاء وانتقال الإمامة إلى صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه):
قال الصدوق (رحمه الله) في كمال الدِّين: وجدت مثبتاً في بعض الكُتُب المصنَّفة في التواريخ ولم أسمعه إلَّا عن محمّد بن الحسين بن عبَّاد أنَّه قال: مات أبو محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) يوم جمعة مع صلاة الغداة، وكان في تلك الليلة قد كتب بيده كُتُباً كثيرة إلى المدينة، وذلك في شهر ربيع الأوَّل لثمان خلون منه سنة ستِّين ومائتين من الهجرة، ولم يحضره في ذلك الوقت إلَّا صقيل الجارية، وعقيد الخادم، ومن علم الله (عزَّ وجلَّ) غيرهما، قال عقيد: فدعا بماء قد أُغلي بالمصطكي فجئنا به إليه فقال: «أبدء بالصلاة، هيِّئوني»، فجئنا به وبسطنا في حجره المنديل فأخذ من صقيل الماء فغسل به وجهه وذراعيه مرَّة مرَّة ومسح على رأسه وقدميه مسحاً، وصلَّى صلاة الصبح على فراشه وأخذ القدح ليشرب فأقبل القدح يضرب ثناياه ويده ترتعد فأخذت صقيل القدح من يده. ومضى من ساعته (صلوات الله عليه)، ودُفن في داره بسُرَّ من رأى إلى جانب أبيه (صلوات الله عليهما)، فصار إلى كرامة الله (جلَّ جلاله) وقد كمل عمره تسعاً وعشرين سنة(67).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(66) الغيبة للطوسي (ص 357/ ح 319).
(67) كمال الدِّين (ص 473 و474/ باب 43/ ذيل الحديث 25).

(٥٧)

2 - سنة (260هـ): افتراق الشيعة بعد شهادة الإمام العسكري (عليه السلام)، وقد تنبَّأ بذلك قبل وفاته:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطَّار (رضي الله عنه)، قال: حدَّثني أبي، عن جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، قال: حدَّثني محمّد بن أحمد المدائني، عن أبي غانم، قال: سمعت أبا محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) يقول: «في سنة مائتين وستِّين تفترق شيعتي»، ففيها قُبِضَ أبو محمّد (عليه السلام) وتفرَّقت الشيعة وأنصاره، فمنهم من انتمى إلى جعفر، ومنهم من تاه، و[منهم من] شكَّ، ومنهم من وقف على تحيُّره، ومنهم من ثبت على دينه بتوفيق الله (عزَّ وجلَّ)(68).
3 - سنة (260هـ): حضور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في ساعة احتضار الإمام العسكري (عليه السلام) وإعانته في وضوءه وصلاته:
روى الطوسي (رحمه الله) عن إسماعيل بن عليٍّ، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) في المرضة التي مات فيها وأنا عنده، إذ قال لخادمه عقيد - وكان الخادم أسود نوبيًّا قد خدم من قبله عليَّ بن محمّد وهو ربَّى الحسن (عليه السلام) -، فقال [له]: «يا عقيد، اغل لي ماء بمصطكي(69)»، فأغلى له ثمّ جاءت به صقيل الجارية أُمُّ الخلف (عليه السلام). فلمَّا صار القدح في يديه وهمَّ بشربه فجعلت يده ترتعد حتَّى ضرب القدح ثنايا الحسن (عليه السلام)، فتركه من يده، وقال لعقيد: «ادخل البيت فإنَّك ترى صبيًّا ساجداً، فأتني به». قال أبو سهل: قال عقيد: فدخلت أتحرَّى فإذا أنا بصبيٍّ ساجد رافع سبَّابته نحو السماء، فسلَّمت عليه فأوجز في صلاته فقلت: إنَّ سيِّدي يأمرك بالخروج إليه، إذا جاءت أُمُّه صقيل فأخذت بيده

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(68) كمال الدِّين (ص 408/ باب 38/ ح 6).
(69) المصطكي والمصطكاء: علك رومي، أبيضه نافع للمعدة والمقعدة والأمعاء والكبد والسعال المزمن... القاموس المحيط (ج 3/ ص 319).

(٥٨)

وأخرجته إلى أبيه الحسن (عليه السلام). قال أبو سهل: فلمَّا مثل الصبيُّ بين يديه سلَّم وإذا هو دُرِّي اللون، وفي شعر رأسه قطط، مفلج الأسنان، فلمَّا رآه الحسن (عليه السلام) بكى وقال: «يا سيِّد أهل بيته، اسقني الماء، فإنِّي ذاهب إلى ربِّي»، وأخذ الصبيُّ القدح المغلي بالمصطكي بيده ثمّ حرَّك شفتيه ثمّ سقاه، فلمَّا شربه قال: «هيِّئوني للصلاة»، فطرح في حجره منديل فوضَّأه الصبيُّ واحدة واحدة ومسح على رأسه وقدميه. فقال له أبو محمّد (عليه السلام): «أبشر يا بنيَّ فأنت صاحب الزمان، وأنت المهدي، وأنت حجَّة الله على أرضه، وأنت ولدي ووصيِّي وأنا ولدتك، وأنت محمّد بن الحسن بن عليِّ بن محمّد بن عليِّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام). ولدك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأنت خاتم [الأوصياء] الأئمَّة الطاهرين، وبشَّر بك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وسمَّاك وكنَّاك، بذلك عهد إليَّ أبي عن آبائك الطاهرين صلَّى الله على أهل البيت، ربُّنا إنَّه حميد مجيد»، ومات الحسن بن عليٍّ من وقته (صلوات الله عليهم أجمعين)(70).
4 - سنة (260هـ): ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) أمام (39) شخصاً، وصلاته على جنازة أبيه جماعة:
روى الطوسي (رحمه الله) عن أحمد بن عليٍّ الرازي، عن محمّد بن عليٍّ، عن محمّد ابن عبد ربِّه الأنصاري الهمداني، عن أحمد بن عبد الله الهاشمي من ولد العبَّاس، قال: حضرت دار أبي محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) بسُرَّ من رأى يوم تُوفِّي، وأُخرجت جنازته ووُضِعَت، ونحن تسعة وثلاثون رجلاً قعود ننتظر، حتَّى خرج إلينا غلام عشاري حافٍ عليه رداء قد تقنَّع به. فلمَّا أنْ خرج قمنا هيبةً له من غير أنْ نعرفه، فتقدَّم وقام الناس فاصطفُّوا خلفه، فصلَّى عليه ومشى، فدخل بيتاً غير الذي خرج منه. قال أبو عبد الله الهمداني: فلقيت بالمراغة رجلاً من أهل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(70) الغيبة للطوسي (ص 271 - 273/ ح 237).

(٥٩)

تبريز يُعرَف بإبراهيم بن محمّد التبريزي، فحدَّثني بمثل حديث الهاشمي لم يخرم منه شيء، قال: فسألت الهمداني فقلت: غلام عشاري القدِّ أو عشاري السنِّ، لأنَّه روي أنَّ الولادة كانت سنة ستّ وخمسين ومائتين وكانت غيبة أبي محمّد (عليه السلام) سنة ستَّة(71) ومائتين بعد الولادة بأربع سنين. فقال: لا أدري هكذا سمعت، فقال لي شيخ معه حسن الفهم من أهل بلده له رواية وعلم: عشاري القدِّ(72).
5 - سنة (260هـ): إنباء الإمام الصادق (عليه السلام) للمفضَّل بن عمر بشهادة الإمام العسكري وغيبة الإمام المهدي (عليهما السلام):
جاء في حديث المفضَّل بن عمر، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام):... قال المفضَّل: يا سيِّدي، ففي أيِّ بقعة يظهر المهدي؟ قال (عليه السلام): «لا تراه عين في وقت ظهوره إلَّا رأته كلُّ عين، فمن قال لكم غير هذا فكذِّبوه». قال المفضَّل: يا سيِّدي، ولا يُرى وقت ولادته؟ قال: «بلى والله، ليُرى من ساعة ولادته إلى ساعة وفاة أبيه سنتين وتسعة أشهر، أوَّل ولادته وقت الفجر من ليلة الجمعة لثمان خلون من شعبان سنة سبع وخمسين ومائتين إلى يوم الجمعة لثمان ليال خلون من ربيع الأوَّل سنة ستِّين ومائتين وهو يوم وفاة أبيه بالمدينة التي بشاطئ دجلة، يبنيها المتكبِّر الجبَّار المسمَّى باسم جعفر، الضالُّ الملقَّب بالمتوكِّل وهو المتآكل (لعنه الله تعالى)، وهي مدينة تُدعى بسُرَّ من رأى(73) وهي ساء من رأى يرى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(71) هكذا في المصدر، والصحيح: (ستِّين).
(72) الغيبة للطوسي (ص 258 و259/ ح 226).
(73) من المُدُن العراقية المقدَّسة يعود اكتشافها إلى عصور قديمة، فقد ذكرها المؤرِّخ الروماني أميانس مرقلينس المتوفَّى سنة (390م) بصيغة (سومرا)، كلُّ ذلك قبل أنْ يُجدِّد بناءها الحاكم العبَّاسي المعتصم في سنة (221هـ)، تقع المدينة على الضفة الشرقيَّة لنهر دجلة، وتبعد نحو (118) كيلومتراً إلى الشمال من العاصمة بغداد. وفيها مرقد الإمامين العسكريَّين والسيِّدة نرجس أُمِّ الإمام المهدي والسيِّدة حكيمة بنت الإمام الجواد (عليهم السلام).

(٦٠)

شخصه المؤمن المحقُّ سنة ستِّين ومائتين ولا يراه المشكِّك المرتاب، وينفذ فيها أمره ونهيه ويغيب عنها فيظهر في القصر بصابر بجانب المدينة في حرم جدِّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيلقاه هناك من يُسعِده الله بالنظر إليه، ثمّ يغيب في آخر يوم من سنة ستٍّ وستِّين ومائتين(74) فلا تراه عين أحد حتَّى يراه كلُّ أحد وكلُّ عين»(75).
6 - سنة (260هـ): وصول وفد قمّ يوم شهادة الإمام العسكري (عليه السلام) ورفضهم إعطاء المال لجعفر وتشرُّفهم بمشاهدة صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه) وإخباره إيَّاهم بما يحملون:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبي العبَّاس أحمد بن الحسين بن عبد الله بن محمّد ابن مهران الآبي العروضي (رضي الله عنه) بمرو، قال: حدَّثنا (أبو) الحسين (بن) زيد بن عبد الله البغدادي، قال: حدَّثنا أبو الحسن عليُّ بن سنان الموصلي، قال: حدَّثني أبي، قال: لـمَّا قُبِضَ سيِّدنا أبو محمّد الحسن بن عليٍّ العسكري (صلوات الله عليهما) وفد من قمّ والجبال وفود بالأموال التي كانت تُحمَل على الرسم والعادة، ولم يكن عندهم خبر وفاة الحسن (عليه السلام)، فلمَّا أنْ وصلوا إلى سُرَّ من رأى سألوا عن سيِّدنا الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام)، فقيل لهم: إنَّه قد فُقِدَ، فقالوا: ومن وارثه؟ قالوا: أخوه جعفر بن عليٍّ، فسألوا عنه، فقيل لهم: إنَّه قد خرج متنزِّها وركب زورقاً في الدجلة يشرب ومعه المغنُّون، قال: فتشاور القوم فقالوا: هذه ليست من صفة الإمام، وقال بعضهم لبعض: امضوا بنا حتَّى نردَّ هذه الأموال على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(74) هكذا في المصادر، ويحتمل أنْ يكون هنالك تحريف من قِبَل النُّسَّاخ في هذا التاريخ، إذ من المعلوم أنَّ بداية الغيبة الصغرى كانت بشهادة الإمام العسكري (عليه السلام)، أي سنة (260هـ)، كما أنَّ بداية الغيبة الكبرى كان في (15/ شعبان/ 329هـ)، وهو تاريخ وفاة النائب الرابع عليِّ بن محمّد السمري.
(75) مختصر بصائر الدرجات (ص 181 و182).

(٦١)

أصحابها. فقال أبو العبَّاس محمّد بن جعفر الحميري القمِّي: قفوا بنا حتَّى ينصرف هذا الرجل ونختبر أمره بالصحَّة. قال: فلمَّا انصرف دخلوا عليه فسلَّموا عليه وقالوا: يا سيِّدنا، نحن من أهل قمّ ومعنا جماعة من الشيعة وغيرها وكنَّا نحمل إلى سيِّدنا أبي محمّد الحسن بن عليٍّ الأموال، فقال: وأين هي؟ قالوا: معنا، قال: احملوها إليَّ، قالوا: لا، إنَّ لهذه الأموال خبراً طريفاً، فقال: وما هو؟ قالوا: إنَّ هذه الأموال تُجمَع ويكون فيها من عامَّة الشيعة الدينار والديناران، ثمّ يجعلونها في كيس ويختمون عليه، وكنَّا إذا وردنا بالمال على سيِّدنا أبي محمّد (عليه السلام) يقول: جملة المال كذا وكذا ديناراً، من عند فلان كذا ومن عند فلان كذا، حتَّى يأتي على أسماء الناس كلِّهم، ويقول ما على الخواتيم من نقش، فقال جعفر: كذبتم، تقولون على أخي ما لا يفعله، هذا علم الغيب ولا يعلمه إلَّا الله. قال: فلمَّا سمع القوم كلام جعفر جعل بعضهم ينظر إلى بعض، فقال لهم: احملوا هذا المال إليَّ، قالوا: إنَّا قوم مستأجرون وكلاء لأرباب المال ولا نُسلِّم المال إلَّا بالعلامات التي كنَّا نعرفها من سيِّدنا الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) فإنْ كنت الإمام فبرهن لنا وإلَّا رددناها إلى أصحابها، يرون فيها رأيهم. قال: فدخل جعفر على الخليفة(76) - وكان بسُرَّ من رأى - فاستعدى عليهم، فلمَّا أُحضروا قال الخليفة: احملوا هذا المال إلى جعفر، قالوا: أصلح الله أمير المؤمنين إنَّا قوم مستأجرون وكلاء لأرباب هذه الأموال وهي وداعة لجماعة وأمرونا بأنْ لا نُسلِّمها إلَّا بعلامة ودلالة، وقد جرت بهذه العادة مع أبي محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام). فقال الخليفة: فما كانت العلامة التي كانت مع أبي محمّد؟ قال القوم: كان يصف لنا الدنانير وأصحابها والأموال وكم هي، فإذا فعل ذلك سلَّمناها إليه، وقد وفدنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(76) المراد المعتمد العبَّاسي.

(٦٢)

إليه مراراً فكانت هذه علامتنا معه ودلالتنا، وقد مات، فإنْ يكن هذا الرجل صاحب هذا الأمر فليقم لنا ما كان يقيمه لنا أخوه، وإلَّا رددناها إلى أصحابها. فقال جعفر: يا أمير المؤمنين، إنَّ هؤلاء قوم كذَّابون يكذبون على أخي، وهذا علم الغيب. فقال الخليفة: القوم رُسُل ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ [العنكبوت: 18]، قال: فبهت جعفر ولم يردّ جواباً، فقال القوم: يتطوَّل أمير المؤمنين بإخراج أمره إلى من يبدرقنا(77) حتَّى نخرج من هذه البلدة، قال: فأمر لهم بنقيب فأخرجهم منها، فلمَّا أنْ خرجوا من البلد خرج إليهم غلام أحسن الناس وجهاً، كأنَّه خادم، فنادى: يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أجيبوا مولاكم، قال: فقالوا: أنت مولانا؟ قال: معاذ الله، أنا عبد مولاكم، فسيروا إليه، قالوا: فسرنا معه حتَّى دخلنا دار مولانا الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام)، فإذا ولده القائم سيِّدنا (عليه السلام) قاعد على سرير كأنَّه فلقة قمر، عليه ثياب خضر، فسلَّمنا عليه، فردَّ علينا السلام، ثمّ قال: جملة المال كذا وكذا ديناراً، حمل فلان كذا، (وحمل) فلان كذا، ولم يزل يصف حتَّى وصف الجميع. ثمّ وصف ثيابنا ورحالنا وما كان معنا من الدوابِّ، فخررنا سُجَّداً لله (عزَّ وجلَّ) شكراً لما عرَّفنا، وقبَّلنا الأرض بين يديه، وسألناه عمَّا أردنا فأجاب، فحملنا إليه الأموال، وأمرنا القائم (عليه السلام) أنْ لا نحمل إلى سُرَّ من رأى بعدها شيئاً من المال، فإنَّه ينصب لنا ببغداد رجلاً يحمل إليه الأموال ويخرج من عنده التوقيعات، قالوا: فانصرفنا من عنده، ودفع إلى أبي العبَّاس محمّد بن جعفر القمِّي الحميري شيئاً من الحنوط والكفن فقال له: «أعظم الله أجرك في نفسك»، قال: فما بلغ أبو العبَّاس عقبة همدان حتَّى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(77) من البدرقة وهي الجماعة التي تتقدَّم القافلة وتكون معها، تحرسها وتمنعها من العدوِّ. مجمع البحرين (ج 5/ ص 137/ مادَّة بدرق).

(٦٣)

تُوفِّي (رحمه الله). وكنَّا بعد ذلك نحمل الأموال إلى بغداد إلى النوَّاب المنصوبين بها ويخرج من عندهم التوقيعات(78).
وراجع حديث أبي الأديان المذكور في (23/ صفر/ 260هـ) تحت عنوان: (إرسال أبي الأديان من قِبَل الإمام العسكري (عليه السلام) في مهمَّة...).
7 - سنة (260هـ): في الثامن من ربيع الأوَّل ابتداء الغيبة الصغرى وانتهاؤها بوفاة النائب الرابع السمري في (15/ شعبان/ 328 أو 329هـ):
قال المجلسي (رحمه الله) بعد نقل كلام الطبرسي (رحمه الله) في (إعلام الورى) من أنَّ مدَّة الغيبة الصغرى كانت أربعاً وسبعين سنة: (الظاهر أنَّ مدَّة زمان الغيبة من ابتداء إمامته (عليه السلام) إلى وفاة السمري وهي أقلُّ من سبعين سنة، لأنَّ ابتداء إمامته (عليه السلام) على المشهور لثمان خلون من ربيع الأوَّل سنة ستِّين ومائتين، ووفاة السمري في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وعلى ما ذكره في وفاة السمري تنقص سنة أيضاً حيث قال: تُوفِّي في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ولعلَّه جعل ابتداء الغيبة ولادته (عليه السلام) وذكر الولادة في سنة خمس وخمسين ومائتين فيستقيم على ما ذكره الشيخ من وفاة السمري، وعلى ما ذكره ينقص سنة أيضاً، ولعلَّ ما ذكره من تاريخ السمري سهو من قلمه)(79).
8 - سنة (260هـ): تأويل آية: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ﴾ ببداية غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) من قِبَل الإمام الباقر (عليه السلام):
روى الكليني (رحمه الله) عن عليِّ بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن وهب بن شاذان، عن الحسن بن أبي الربيع، عن محمّد بن إسحاق، عن أسيد بن ثعلبه، عن أُمِّ هانئ، قالت: سألت أبا جعفر محمّد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(78) كمال الدِّين (ص 476 - 479/ باب 43/ ح 26).
(79) بحار الأنوار (ج 51/ ص 366).

(٦٤)

عليٍّ (عليهما السلام)، عن قول الله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ﴾ [التكوير: 15 و16]، قالت: فقال: «إمام يخنس سنة ستِّين ومائتين، ثمّ يظهر كالشهاب يتوقَّد في الليلة الظلماء، فإن أدركتِ زمانه قرَّت عينكِ».
ورواه عن عدَّة من أصحابنا، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن الحسن، عن عمر بن يزيد، عن الحسن بن الربيع الهمداني، عن محمّد بن إسحاق، عن أسيد بن ثعلبة، عن أُمِّ هانئ(80).
ورواه النعماني (رحمه الله) عن سلامة بن محمّد، عن عليِّ بن داود، عن أحمد بن الحسن، عن عمران بن الحجَّاج، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد بن إسحاق، عن أسيد بن ثعلبة، عن أُمِّ هانئ(81).
9 ربيع الأوَّل: سنة (23هـ): محاججة ابن عبَّاس بعد وفاة عمر بن الخطَّاب(82) في يوم الشورى السداسيَّة في أحقّيَّة عليٍّ (عليه السلام) وذكره الأئمَّة بأسمائهم وإخباره بغيبة الثاني عشر:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(80) الكافي (ج 1/ ص 341/ باب في الغيبة/ ح 22 و23)، الإمامة والتبصرة (ص 119/ ح 113)، كمال الدِّين (ص 324 و325/ باب 32/ ح 1)، الغيبة للنعماني (ص 152/ باب 10/ ح 7)، الغيبة للطوسي (ص 159/ ح 116).
(81) الغيبة للنعماني (ص 151/ باب 10/ ح 6).
(82) هناك رأيان في تاريخ وفاة عمر بن الخطَّاب: الأوَّل: أنَّه تُوفِّي في (9/ ربيع الأوَّل)، والثاني: أنَّه تُوفِّي في (26/ ذي الحجَّة). والأوَّل هو المشهور، قال المجلسي (رحمه الله) في بحار الأنوار (ج 31/ ص 118 - 120) بعد نقله لما قاله المخالفون في تاريخ وفاة عمر: (المشهور بين الشيعة في الأمصار والأقطار في زماننا هذا هو أنَّه اليوم التاسع من ربيع الأوَّل...، ومستندهم في الأصل ما رواه خلف السيِّد النبيل عليُّ بن طاوس (رحمة الله عليهما) في كتاب (زوائد الفوائد)، والشيخ حسن بن سليمان في كتاب (المحتضر)).

(٦٥)

قال عليُّ بن يونس العاملي (رحمه الله) في (الصراط المستقيم): أسند الحاجب برجاله إلى ابن عبَّاس أنَّه قال يوم الشورى(83): كم تمنعون حقَّنا، وربِّ البيت إنَّ عليًّا هو الإمام والخليفة، وليملكنَّ من ولده أئمَّة إحدى عشر، يقضون بالحقِّ، أوَّلهم الحسن بوصيَّة أبيه إليه، ثمّ الحسين بوصيَّة أخيه إليه، ثمّ ابنه عليٌّ بوصيَّة أبيه إليه، ثمّ ابنه محمّد بوصيَّة أبيه إليه، ثمّ ابنه جعفر بوصيَّة أبيه إليه، ثمّ ابنه موسى بوصيَّة أبيه إليه، ثمّ ابنه عليٌّ بوصيَّة أبيه إليه، ثمّ ابنه محمّد بوصيَّة أبيه إليه، ثمّ ابنه عليٌّ بوصيَّة أبيه إليه، ثمّ ابنه الحسن بوصيَّة أبيه إليه، فإذا مضى فالمنتظر صاحب الغيبة. قال عليم لابن عبَّاس: من أين لك هذا؟ قال: وإنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) علَّم عليًّا ألف باب فتح له من كلِّ باب ألف باب، وإنَّ هذا من ثَمَّ(84).
10 ربيع الأوَّل: سنة (961هـ): تشرُّف الشهيد الثاني (قدّس سرّه) بلقاء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) قبل شهادته بخمس سنوات:
قال النوري (رحمه الله) في (جنَّة المأوى)(85): جاء في (بغية المريد في الكشف عن أحوال الشهيد)(86) للشيخ الفاضل الأجلّ تلميذه محمّد بن عليِّ بن الحسن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(83) أولى عمر بن الخطَّاب قبيل موته أمر الخلافة إلى الشورى، وعيَّن أسماء أعضاء هذه الشورى وهم: (عليٌّ (عليه السلام)، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقَّاص، وعبد الرحمن بن عوف)، والطريقة التي أمر بها عمر أنْ تُتَّبع في الشورى لاختيار خليفة منهم تدلُّ على أنَّها شورى ظاهريَّة ولكنَّها بالنتيجة تصير إلى عثمان بن عفَّان.
(84) الصراط المستقيم (ج 2/ ص 151 و152).
(85) طُبِعَ الكتاب من قِبَل مركزنا بشكل مستقلٍّ تحت رقم (37).
(86) هو زين الدِّين بن عليِّ بن أحمد بن جمال الدِّين الجبعي العاملي، المعروف بالشهيد الثاني، أحد أعيان الإماميَّة وكبار مجتهديهم. وُلِدَ في جبع بـ (لبنان) في شهر شوَّال سنة إحدى عشرة وتسعمائة. أحاط إحاطة واسعة بمختلف المذاهب الإسلاميَّة في الفقه والحديث والتفسير...، واستقرَّ في جبع، وعكف على التدريس والتأليف، والحكم بين المتخاصمين، واشتهرت فتاواه وآراؤه الفقهيَّة. صنَّف كُتُباً ورسائل كثيرة، وشرح بعض الكُتُب شرحاً مزجيًّا لم يسبقه إلى ذلك أحد من علماء الإماميَّة، له تآليف كثيرة منها: الروضة البهيَّة في شرح اللمعة الدمشقيَّة، روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان، المقاصد العليَّة في شرح الرسالة الألفيَّة، مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، وغيرها.
قُتِلَ المترجم شهيداً سنة ستّ وستِّين وتسعمائة، وكان قد أمضى السنوات العشر الأخيرة من عمره في خوف وترقُّب، فقد نشط أعداؤه وحُسَّاده في مراقبته ورصد تحرُّكاته بسبب المكانة المرموقة التي كان يحتلَّها الشهيد في أوساط الأُمَّة ودوره المتميِّز في توعيتها وتعريفها بمذهب أهل البيت (عليهم السلام)، فكتب قاضي صيدا إلى سلطان الروم أنَّه وجد ببلاد الشام مبدع خارج عن المذاهب الأربعة، فأرسل السلطان رجلاً يطلبه، فوجده في طريق الحجِّ، وبعد أداء الحجِّ أخذه إلى الروم ولكنَّه بعد الوصول إلى ساحل البحر قتله، وأخذ برأسه إلى السلطان، فأنكر عليه ذلك وقتل القاتل. راجع: موسوعة طبقات الفقهاء (ج 10/ ص 104 - 108/ الرقم 3145).

(٦٦)

العودي(87)، قال في ضمن وقائع سفر الشهيد (رحمه الله) من دمشق إلى مصر ما لفظه: واتَّفق له في الطريق ألطاف إلهيَّة، وكرامات جليَّة حكى لنا بعضها، منها ما أخبرني به ليلة الأربعاء عاشر ربيع الأوَّل سنة ستِّين وتسعمائة أنَّه في الرملة مضى إلى مسجدها المعروف بالجامع الأبيض(88) لزيارة الأنبياء والذين في الغار وحده،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(87) هو بهاء الملَّة والدِّين محمّد بن عليِّ بن الحسن العودي الجزيني تلميذ الشهيد الثاني الذي حاز على حظٍّ وافر من خدمته وتشرَّف مدَّة مديدة بملازمته، وكان وروده إلى خدمته في سنة (945هـ) وانفصاله عنه بالسفر إلى خراسان في سنة (962هـ) وكتب رسالة في أحوال شيخه الشهيد من حين ولادته إلى انقضاء عمره تأديةً لبعض شكره سمَّاها (بغية المريد في الكشف عن أحوال الشيخ زين الدِّين الشهيد). الكنى والألقاب (ج 1/ ص 368).
(88) الجامع الأبيض في الرملة أو المسجد الكبير مسجد أثري يعود بناؤه للعهد الأُموي في فلسطين، يقع في البلدة القديمة لمدينة الرملة الفلسطينيَّة، أمر ببناءه عمر بن عبد العزيز عام (720م) بعد فتح فلسطين وبلاد الشام كلِّها، وبعد أنْ أصبحت الرملة أحد المراكز المهمَّة للجيوش المسلمة الفاتحة والمتَّجهة إلى مصر. أُعيد بناء المسجد مرَّة أُخرى في عهد المماليك، ولم يبقَ اليوم من المسجد سوى المئذنة الكبيرة.

(٦٧)

فوجد الباب مقفولاً وليس في المسجد أحد، فوضع يده على القفل وجذبه فانفتح فنزل إلى الغار، واشتغل بالصلاة والدعاء، وحصل له إقبال على الله بحيث ذهل عن انتقال القافلة، فوجدها قد ارتحلت، ولم يبقَ منها أحد، فبقي متحيِّراً في أمره مفكِّراً في اللحاق مع عجزه عن المشي وأخذ أسبابه ومخافته، وأخذ يمشي على أثرها وحده فمشى حتَّى أعياه التعب، فلم يلحقها، ولم يَرَها من البعد، فبينما هو في هذا المضيق إذ أقبل عليه رجل لاحق به وهو راكب بغلاً، فلمَّا وصل إليه قال له: اركب خلفي، فردفه ومضى كالبرق، فما كان إلَّا قليلاً حتَّى لحق به القافلة وأنزله وقال له: اذهب إلى رفقتك، ودخل هو في القافلة، قال: فتحرَّيته مدَّة الطريق أنِّي أراه ثانياً فما رأيته أصلاً ولا قبل ذلك(89).
25 ربيع الأوَّل: سنة (41هـ): صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية (لعنه الله)، وفيه ذكر علَّة غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الصدوق (رحمه الله) عن المظفَّر بن جعفر بن المظفَّر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدَّثنا جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، قال: حدَّثني الحسن بن محمّد الصيرفي، عن حنان بن سدير، عن أبيه سدير بن حكيم، عن أبيه، عن أبي سعيد عقيصا، قال: لـمَّا صالح(90)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(89) جنَّة المأوى (ص 32/ الحكاية التاسعة والأربعون).
(90) كتب معاوية إلى الإمام الحسن (عليه السلام) في الهدنة والصلح، وأنفذ إليه بكُتُب أصحابه التي ضمنوا له فيها الفتك به وتسليمه إليه، واشترط له على نفسه في إجابته إلى صلحه شروطاً كثيرة، وعقد له عقوداً كان في الوفاء بها مصالح شاملة، فلم يثق به الحسن (عليه السلام) وعلم احتياله بذلك واغتياله، غير أنَّه لم يجد بُدًّا من إجابته إلى ما التمس من ترك الحرب وإنفاذ الهدنة، لما كان عليه أصحابه من ضعف البصائر في حقِّه والفساد عليه والخلف منهم له، وما انطوى كثير منهم عليه في استحلال دمه وتسليمه إلى خصمه، وما كان في خذلان ابن عمِّه له ومصيره إلى عدوِّه، وميل الجمهور منهم إلى العاجلة وزهدهم في الآجلة...؛ واشترط عليه:
1 - أنْ يعمل بكتاب الله وسُنَّة نبيِّه.
2 - ترك سبِّ أمير المؤمنين (عليه السلام) والعدول عن القنوت عليه في الصلاة.
3 - أنْ يؤمن شيعته ولا يتعرَّض لأحد منهم، وأنْ يوصل إلى كلِّ ذي حقٍّ منهم حقَّه.
4 - ليس لمعاوية أنْ يعهد إلى أحد من بعده.
5 - أنْ لا يبغي معاوية للحسن ولا لأخيه الحسين ولا لأحد من أهل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) غائلة سرًّا ولا جهراً، ولا يخيف أحداً منهم في أُفُق من الآفاق.
فأجابه معاوية إلى ذلك وعاهد عليه وحلف بالوفاء به، فلمَّا استتمَّت الهدنة على ذلك سار معاوية حتَّى نزل بالنخيلة، وكان ذلك يوم جمعة، فصلَّى بالناس ضحى النهار، فخطبهم وقال في خطبته: «إنِّي والله ما قاتلتكم لتصلُّوا ولا لتصوموا ولا لتحجُّوا ولا لتزكُّوا، إنَّكم لتفعلون ذلك، ولكنِّي قاتلتكم لأتأمَّر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون. ألَا وإنِّي كنت منَّيت الحسن وأعطيته أشياء، وجميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها له».

(٦٨)

الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته، فقال (عليه السلام): «ويحكم ما تدرون ما عملت، والله الذي عملت خير لشيعتي ممَّا طلعت عليه الشمس أو غربت، ألَا تعلمون أنَّني إمامكم مفترض الطاعة عليكم، وأحد سيِّدي شباب أهل الجنَّة بنصٍّ من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عليَّ؟»، قالوا: بلى، قال: «أمَا علمتم أنَّ الخضر (عليه السلام) لـمَّا خرق السفينة وأقام الجدار وقتل الغلام كان ذلك سخطاً لموسى بن عمران إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك، وكان ذلك عند الله تعالى ذكره حكمة وصواباً؟ أمَا علمتم أنَّه ما منَّا أحد إلَّا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلَّا القائم الذي يُصلِّي روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه؟ فإنَّ الله (عزَّ وجلَّ) يُخفي ولادته، ويُغيِّب شخصه، لئلَّا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، ذلك التاسع من ولد أخي الحسين، ابن سيِّدة الإماء، يطيل الله عمره في غيبته، ثمّ يُظهره بقدرته في صورة شابٍّ دون أربعين سنة، ذلك ليُعلَم أنَّ الله على كلِّ شيء قدير»(91).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(91) كمال الدِّين (ص 315 و316/ باب 29/ ح 2).

(٦٩)

أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم:
1 - سنة (260هـ): ورود كتاب من الناحية المقدَّسة لمنع إجراء المال على الجنيد إشارةً إلى وفاته:
روى الكليني (رحمه الله) عن الحسين بن محمّد الأشعري، قال: كان يرد كتاب أبي محمّد (عليه السلام) في الإجراء على الجنيد قاتل فارس(92) وأبي الحسن وآخر، فلمَّا مضى أبو محمّد (عليه السلام) ورد استيناف من الصاحب لإجراء أبي الحسن وصاحبه ولم يرد في أمر الجنيد بشيء، قال: فاغتممت لذلك، فورد نعي الجنيد بعد ذلك(93).
2 - سنة (302هـ): التاريخ السندي لحديث «خلفاء أُمَّتي اثنا عشر» عن ابن مسعود:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أحمد بن الحسن القطَّان، قال: حدَّثنا أبو يزيد محمّد ابن يحيى بن خالد بن يزيد المروزي بالريِّ في شهر ربيع الأوَّل سنة اثنتين وثلاثمائة، قال: حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في سنة ثمان وثلاثين ومائتين وهو المعروف بإسحاق بن راهويه، قال: حدَّثنا يحيى بن يحيى، قال: حدَّثنا هشام، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، قال: بينا نحن عند عبد الله بن مسعود نعرض مصاحفنا عليه، إذ يقول له فتى شابٌّ: هل عهد إليكم نبيُّكم كم يكون من بعده خليفة؟ قال: إنَّك لحدث السنِّ، وإنَّ هذا الشيء ما سألني عنه أحد قبلك، نعم عهد إلينا نبيُّنا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه يكون بعده اثنا عشر خليفة، بعدَّة نقباء بني إسرائيل(94).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(92) هو فارس بن حاتم بن ماهويه القزويني نزيل العسكر، من أصحاب الرضا (عليه السلام)، غال ملعون، أهدر أبو الحسن العسكري (عليه السلام) دمه وضمن لمن قتله الجنَّة، فقتله الجنيد.
(93) الكافي (ج 1/ ص 524/ باب مولد الصاحب (عليه السلام)/ ح 24)، الإرشاد (ج 2/ ص 365 و366).
(94) أمالي الصدوق (ص 385 و386/ ح 495/4).

(٧٠)

3 - سنة (304 أو 305هـ): علم النائب الثاني بوقت وفاته وقد حفر لنفسه قبراً قبل شهرين من وفاته:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبي جعفر محمّد بن عليٍّ الأسود (رضي الله عنه) أنَّ أبا جعفر العمري حفر لنفسه قبراً وسوَّاه بالساج، فسألته عن ذلك، فقال: للناس أسباب، ثمّ سألته بعد ذلك، فقال: قد أُمرت أنْ أجمع أمري. فمات بعد ذلك بشهرين (رضي الله عنه)(95).
* وروى الطوسي (رحمه الله) عن ابن نوح، قال: أخبرني أبو نصر هبة الله بن محمّد، قال: حدَّثني [أبو] عليّ بن أبي جيد القمِّي (رحمه الله)، قال: حدَّثنا أبو الحسن عليُّ ابن أحمد الدلَّال القمِّي، قال: دخلت على أبي جعفر محمّد بن عثمان (رضي الله عنه) يوماً لأُسلِّم عليه، فوجدته وبين يديه ساجة ونقَّاش ينقش عليها ويكتب آياً من القرآن وأسماء الأئمَّة (عليهم السلام) على حواشيها. فقلت له: يا سيِّدي، ما هذه الساجة؟ فقال لي: هذه لقبري تكون فيه أُوضَع عليها - أو قال: أُسنَد إليها - وقد عرفت منه، وأنا في كلِّ يوم أنزل فيه فأقرأ جزءاً من القرآن (فيه) فأصعد، وأظنُّه قال: فأخذ بيدي وأرانيه، فإذا كان يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا صرت إلى الله (عزَّ وجلَّ) ودُفِنْتُ فيه وهذه الساجة (معي). فلمَّا خرجت من عنده أثبت ما ذكره ولم أزل مترقِّباً به ذلك فما تأخَّر الأمر حتَّى اعتلَّ أبو جعفر، فمات في اليوم الذي ذكره من الشهر الذي قاله من السنة التي ذكرها، ودُفِنَ فيه. قال أبو نصر هبة الله: وقد سمعت هذا الحديث من غير [أبي] عليٍّ، وحدَّثتني به أيضاً أُمُّ كلثوم بنت أبي جعفر (رضي الله تعالى عنهما)(96).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(95) كمال الدِّين (ص 502/ باب 45/ ح 29)، الغيبة للطوسي (ص 365 و366/ ح 333)، وذلك أنَّ وفاته كانت في (30/ جمادى الأُولى/ 304 أو 305هـ).
(96) الغيبة للطوسي (ص 364 و365/ ح 332).

(٧١)

4 - سنة (378هـ): التاريخ السندي لحديث الحسين بن عليِّ بن بابويه(رحمه الله) لحديث الوصيَّة إلى أبي القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه):
سيأتي في (30/ جمادى الأُولى/ 304 أو 305هـ) تحت عنوان: (وفاة النائب الثاني أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري...)، عن جعفر بن محمّد بن متيل.
5 - سنة (573هـ): التاريخ السندي لابن المشهدي صاحب كتاب (المزار) لزيارة آل ياسين:
جاء في كتاب المزار لابن المشهدي (رحمه الله): زيارة مولانا الخلف اصالح صاحب الزمان (عليه وعلى آبائه السلام): حدَّثنا الشيخ الأجلُّ الفقيه العالم أبو محمّد عربي بن مسافر العبادلي (رضي الله عنه) قراءةً عليه بداره بالحلَّة السيفيَّة في شهر ربيع الأوَّل سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وحدَّثني الشيخ العفيف أبو البقاء هبة الله ابن نماء بن عليِّ بن حمدون (رحمه الله) قراءةً عليه أيضاً بالحلَّة السيفيَّة، قالا جميعاً: حدَّثنا الشيخ الأمين أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمّد بن عليِّ بن طحال المقدادي (رحمه الله) بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب (صلوات الله عليه) في الطرز الكبير الذي عند رأس الإمام (عليه السلام) في العشر الأواخر من ذي الحجَّة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، قال: حدَّثنا الشيخ الأجلُّ السيِّد المفيد أبو عليٍّ الحسن بن محمّد الطوسي (رضي الله عنه) بالمشهد المذكور في العشر الأواخر من ذي العقدة سنة تسع وخمسمائة، قال: حدَّثنا السيِّد السعيد الوالد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (رضي الله عنه)، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن أشناس البزَّاز، قال: أخبرنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن يحيى القمِّي، قال: حدَّثنا محمّد بن عليٍّ بن زنجويه القمِّي، قال: حدَّثنا أبو جعفر محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: قال أبو عليٍّ الحسن بن أشناس. وأخبرنا أبو المفضَّل محمّد بن عبد الله الشيباني أنَّ أبا

(٧٢)

جعفر محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري أخبره وأجاز له جميع ما رواه، أنَّه خرج إليه من الناحية (حرسها الله) بعد المسائل والصلاة والتوجُّه، أوَّله: «بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ، لَا لِأَمْرِ اَللهِ تَعْقِلُونَ، وَلَا مِنْ أَوْلِيَائِهِ تَقْبَلُونَ، حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اَللهِ اَلصَّالِحِينَ. فَإِذَا أَرَدْتُمُ اَلتَّوَجُّهَ بِنَا إِلَى اَللهِ تَعَالَى وَإِلَيْنَا، فَقُولُوا كَمَا قَالَ اَللهُ تَعَالَى: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾ [الصافَّات: 130]، ذَلِكَ هُوَ اَلْفَضْلُ اَلمُبِينُ، وَاَللهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ، لِمَنْ يَهْدِيهِ صِرَاطَهُ اَلمُسْتَقِيمَ. اَلتَّوَجُّهُ: قَدْ آتَاكُمُ اَللهُ يَا آلَ يس خِلَافَتَهُ وَعِلْمَ مَجَارِي أَمْرِهِ، فِيمَا قَضَاهُ وَدَبَّرَهُ، وَأَرَادَهُ فِي مَلَكُوتِهِ، وَكَشَفَ لَكُمُ اَلْغِطَاءَ، وَأَنْتُمْ خَزَنَتُهُ وَشُهَدَاؤُهُ، وَعُلَمَاؤُهُ وَأُمَنَاؤُهُ، وَسَاسَةُ اَلْعِبَادِ وَأَرْكَانُ اَلْبِلَادِ، وَقُضَاةُ اَلْأَحْكَامِ، وَأَبْوَابُ اَلْإِيمَانِ. وَمِنْ تَقْدِيرِهِ مَنَائِحَ اَلْعَطَاءِ بِكُمْ إِنْفَاذُهُ مَحْتُوماً مَقْرُوناً، فَمَا شَيْءٌ مِنْهُ إِلَّا وَأَنْتُمْ لَهُ اَلسَّبَبُ وَإِلَيْهِ اَلسَّبِيلُ، خِيَارُهُ لِوَلِيِّكُمْ نِعْمَةٌ، وَاِنْتِقَامُهُ مِنْ عَدُوِّكُمْ سَخْطَةٌ، فَلَا نَجَاةَ وَلَا مَفْزَعَ إِلَّا أَنْتُمْ، وَلَا مَذْهَبَ عَنْكُمْ، يَا أَعْيُنَ اَللهِ اَلنَّاظِرَةَ، وَحَمَلَةَ مَعْرِفَتِهِ، وَمَسَاكِنَ تَوْحِيدِهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ. وَأَنْتَ يَا حُجَّةَ اَللهِ وَبَقِيَّتَهُ، كَمَالُ نِعْمَتِهِ، وَوَارِثُ أَنْبِيَائِهِ وَخُلَفَائِهِ مَا بَلَغْنَاهُ مِنْ دَهْرِنَا، وَصَاحِبُ اَلرَّجْعَةِ لِوَعْدِ رَبِّنَا اَلَّتِي فِيهَا دَوْلَةُ اَلْحَقِّ وَفَرَجُنَا، وَنَصْرُ اَللهِ لَنَا وَعِزُّنَا. اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْعَلَمُ اَلمَنْصُوبُ، وَاَلْعِلْمُ اَلمَصْبُوبُ، وَاَلْغَوْثُ وَاَلرَّحْمَةُ اَلْوَاسِعَةُ، وَعْداً غَيْرَ مَكْذُوبٍ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ اَلمَرْأَى وَاَلمَسْمَعِ اَلَّذِي بِعَيْنِ اَللهِ مَوَاثِيقُهُ، وَبِيَدِ اَللهِ عُهُودُهُ، وَبِقُدْرَةِ اَللهِ سُلْطَانُهُ. أَنْتَ اَلْحَكِيمُ اَلَّذِي لاَ تُعَجِّلُهُ اَلْعَصَبِيَّةُ، وَاَلْكَرِيمُ اَلَّذِي لَا تُبَخِّلُهُ اَلْحَفِيظَةُ، وَاَلْعَالِمُ اَلَّذِي لَا تُجَهِّلُهُ اَلْحَمِيَّةُ، مُجَاهَدَتُكَ فِي اَللهِ ذَاتُ مَشِيَّةِ اَللهِ، وَمُقَارَعَتُكَ فِي اَللهِ ذَاتُ اِنْتِقَامِ اَللهِ، وَصَبْرُكَ فِي اَللهِ ذُو أَنَاةِ اَللهِ، وَشُكْرُكَ لِلهِ ذُو مَزِيدِ اَللهِ وَرَحْمَتِهِ. اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَحْفُوظاً بِاللهِ، اَللهُ نُورُ أَمَامِهِ وَوَرَائِهِ، وَيَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، وَفَوْقِهِ وَتَحْتِهِ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَخْزُوناً فِي قُدْرَةِ اَللهِ، اَللهُ نُورُ سَمْعِهِ

(٧٣)

وَبَصَرِهِ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَعْدَ اَللهِ اَلَّذِي ضَمِنَهُ، وَيَا مِيثَاقَ اَللهِ اَلَّذِي أَخَذَهُ وَوَكَّدَهُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا دَاعِيَ اَللهِ وَرَبَّانِيَّ آيَاتِهِ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اَللهِ وَدَيَّانَ دِينِهِ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اَللهِ وَنَاصِرَ حَقِّهِ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اَللهِ وَدَلِيلَ إِرَادَتِهِ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا تَالِيَ كِتَابِ اَللهِ وَتَرْجُمَانَهُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ فِي آنَاءِ لَيْلِكَ وَنَهَارِكَ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اَللهِ فِي أَرْضِهِ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقُومُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْعُدُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْرَأُ وَتُبَيِّنُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُصَلِّي وَتَقْنُتُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَرْكَعُ وَتَسْجُدُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُعَوِّذُ وَتُسَبِّحُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُهَلِّلُ وَتُكَبِّرُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُحَمِّدُ وَتَسْتَغْفِرُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُمَجِّدُ وَتَمْدَحُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ فِي اَللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَاَلنَّهَارِ إِذا تَجَلَّى، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ فِي اَلْآخِرَةِ وَاَلْأُولَى، اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا حُجَجَ اَللهِ وَرُعَاتَنَا، وَقَادَتَنَا وَأَئِمَّتَنَا، وَسَادَتَنَا وَمَوَالِيَنَا، اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَنْتُمْ نُورُنَا، وَأَنْتُمْ جَاهُنَا، أَوْقَاتَ صَلَوَاتِنَا، وَعِصْمَتُنَا لِدُعَائِنَا وَصَلَاتِنَا، وَصِيَامِنَا وَاِسْتِغْفَارِنَا، وَسَائِرِ أَعْمَالِنَا، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْإِمَامُ اَلمَأْمُولُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ بِجَوَامِعِ اَلسَّلَامِ، أُشْهِدُكَ يَا مَوْلَايَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، لَا حَبِيبَ إِلَّا هُوَ وَأَهْلُهُ، وَأَنَّ أَمِيرَ اَلمُؤْمِنِينَ حُجَّتُهُ، وَأَنَّ اَلْحَسَنَ حُجَّتُهُ، وَأَنَّ اَلْحُسَيْنَ حُجَّتُهُ، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ حُجَّتُهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ اِبْنَ عَلِيٍّ حِجَّتُهُ، وَأَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ، وَأَنَّ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى حُجَّتُهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ، وَأَنَّ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ، وَأَنْتَ حُجَّتُهُ، وَأَنَّ اَلْأَنْبِيَاءَ دُعَاةٌ وَهُدَاةُ رُشْدِكُمْ، أَنْتُمُ اَلْأَوَّلُ وَاَلْآخِرُ وَخَاتِمَتُهُ، وَأَنَّ رَجْعَتَكُمْ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهَا، يَوْمَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً، وَأَنَّ اَلمَوْتَ حَقٌّ، وَأَنَّ مُنْكَراً وَنَكِيراً حَقٌّ، وَأَنَّ اَلنَّشْرَ حَقٌّ، وَاَلْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ اَلصِّرَاطَ حَقٌّ وَاَلْمِرْصَادَ حَقٌّ، وَأَنَّ

(٧٤)

اَلْمِيزَانَ حَقٌّ، وَاَلْحِسَابَ حَقٌّ، وَأَنَّ اَلْجَنَّةَ وَاَلنَّارَ حَقٌّ، وَاَلْجَزَاءَ بِهِمَا لِلْوَعْدِ وَاَلْوَعِيدِ حَقٌّ، وَأَنَّكُمْ لِلشَّفَاعَةِ حَقٌّ، لَا تُرَدُّونَ، وَلَا تَسْبِقُونَ بِمَشِيَّةِ اَللهِ، وَبِأَمْرِهِ تَعْمَلُونَ، وَلِلهِ اَلرَّحْمَةُ وَاَلْكَلِمَةُ اَلْعُلْيَا، وَبِيَدِهِ اَلْحُسْنَى، وَحُجَّةُ اَللهِ اَلنُّعْمَى، خَلَقَ اَلْجِنَّ وَاَلْإِنسَ لِعِبَادَتِهِ، أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ عِبَادَتَهُ، فَشَقِيٌّ وَسَعِيدٌ، قَدْ شَقِيَ مَنْ خَالَفَكُمْ، وَسَعِدَ مَنْ أَطَاعَكُمْ، وَأَنْتَ يَا مَوْلَايَ فَاشْهَدْ بِمَا أَشْهَدْتُكَ عَلَيْهِ، تَخْزُنُهُ وَتَحْفَظُهُ لِي عِنْدَكَ، أَمُوتُ عَلَيْهِ وَأُنْشَرُ عَلَيْهِ، وَأَقِفُ بِهِ وَلِيًّا لَكَ، بَرِيئاً مِنْ عَدُوِّكَ، مَاقِتاً لِمَنْ أَبْغَضَكُمْ، وَادًّا لِمَنْ أَحَبَّكُمْ، فَالْحَقُّ مَا رَضِيتُمُوهُ، وَاَلْبَاطِلُ مَا أَسْخَطْتُمُوهُ، وَاَلمَعْرُوفُ مَا أَمَرْتُمْ بِهِ، وَاَلمُنْكَرُ مَا نَهَيْتُمْ عَنْهُ، وَاَلْقَضَاءُ اَلمُثْبَتُ مَا اِسْتَأْثَرَتْ بِهِ مَشِيَّتُكُمْ، وَاَلمَحوُّ مَا لَا اِسْتَأْثَرَتْ بِهِ سُنَّتُكُمْ، فَلَا إِلَهَ إِلَّا اَللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَمُحَمَّدٌ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، عَلِيٌّ أَمِيرُ اَلمُؤْمِنِينَ حُجَّتُهُ، اَلْحَسَنُ حُجَّتُهُ، اَلْحُسَيْنُ حُجَّتُهُ، عَلِيٌّ حُجَّتُهُ، مُحَمَّدٌ حُجَّتُهُ، جَعْفَرٌ حُجَّتُهُ، مُوسَى حُجَّتُهُ، عَلِيُّ حُجَّتُهُ، مُحَمَّدٌ حُجَّتُهُ، عَلِيُّ حُجَّتُهُ، اَلْحَسَنُ حُجَّتُهُ، وَأَنْتَ حُجَّتُهُ، وَأَنْتُمْ حُجَجُهُ وَبَرَاهِينُهُ. أَنَا يَا مَوْلَايَ مُسْتَبْشِرٌ بِالْبَيْعَةِ اَلَّتِي أَخَذَ اَللهُ عَلَيَّ، شَرْطَهُ قِتَالاً فِي سَبِيلِهِ، اِشْتَرَى بِهِ أَنْفُسَ اَلمُؤْمِنِينَ، فَنَفْسِي مُؤْمِنَةٌ بِاللهِ وَبِكُمْ يَا مَوْلَايَ، أَوَّلِكُمْ وَآخِرِكُمْ، وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، وَمَوَدَّتِي خَالِصَةٌ لَكُمْ، وَبَرَاءَتِي مِنْ أَعْدَائِكُمْ، أَهْلِ اَلْحَرْدَةِ وَاَلْجِدَالِ ثَابِتَةٌ لِثَارِكُمْ، أَنَا وَلِيٌّ وَحِيدٌ، وَاَللهُ إِلَهُ اَلْحَقِّ يَجْعَلُنِي كَذَلِكَ، آمِينَ آمِينَ، مَنْ لِي إِلَّا أَنْتَ فِيمَا دِنْتُ، وَاِعْتَصَمْتُ بِكَ فِيهِ، تَحْرُسُنِي فِيمَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ، يَا وِقَايَةَ اَللهِ وَسِتْرَهُ وَبَرَكَتَهُ، أَغِثْنِي أَدْرِكْنِي، صِلْنِي بِكَ وَلَا تَقْطَعْنِي، اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ بِهِمْ تَوَسُّلِي وَتَقَرُّبِي، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَصِلْنِي بِهِمْ وَلَا تَقْطَعْنِي، اَللَّهُمَّ بِحُجَّتِكَ اِعْصِمْنِي، وَسَلَامُكَ عَلَى آلِ يس مَوْلَايَ، أَنْتَ اَلْجَاهُ عِنْدَ اَللهِ رَبِّكَ وَرَبِّي». الدعاء بعقب القول: «اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي خَلَقْتَهُ مِنْ كُلِّكَ، فَاسْتَقَرَّ فِيكَ فَلَا يَخْرُجُ مِنْكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَداً، أَيَا كَيْنُونُ أَيَا مُكَوِّنُ، أَيَا مُتَعَالِ أَيَا مُتَقَدِّسُ، أَيَا مُتَرَحِّمُ أَيَا

(٧٥)

مُتَرَائِفُ، أَيَا مُتَحَنِّنُ. أَسْأَلُكَ كَمَا خَلَقْتَهُ غَضًّا أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ رَحْمَتِكَ، وَكَلِمَةِ نُورِكَ، وَوَالِدِ هُدَاةِ رَحْمَتِكَ، وَاِمْلَأْ قَلْبِي نُورَ اَلْيَقِينِ، وَصَدْرِي نُورَ اَلْإِيمَانِ، وَفِكْرِي نُورَ اَلثَّبَاتِ، وَعَزْمِي نُورَ اَلتَّوْفِيقِ، وَذَكَائِي نُورَ اَلْعِلْمِ، وَقُوَّتِي نُورَ اَلْعَمَلِ، وَلِسَانِي نُورَ اَلصِّدْقِ، وَدِينِي نُورَ اَلْبَصَائِرِ مِنْ عِنْدِكَ، وَبَصَرِي نُورَ اَلضِّيَاءِ، وَسَمْعِي نُورَ وَعْيِ اَلْحِكْمَةِ، وَمَوَدَّتِي نُورَ اَلمُوَالاَةِ لِمُحَمَّدِ وَآلِهِ (عليهم السلام)، وَنَفْسِي نُورَ قُوَّةِ اَلْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ. حَتَّى أَلْقَاكَ وَقَدْ وَفَيْتُ بِعَهْدِكَ وَمِيثَاقِكَ، فَلْتَسَعْنِي رَحْمَتُكَ يَا وَلِيُّ يَا حَمِيدُ، بِمَرْآكَ وَمَسْمَعِكَ يَا حُجَّةَ اَللهِ دُعَائِي، فَوَفِّنِي مُنَجِّزَاتِ إِجَابَتِي، أَعْتَصِمُ بِكَ، مَعَكَ مَعَكَ سَمْعِي وَرِضَايَ»(97).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(97) المزار لابن المشهدي (ص 566 - 573)، الاحتجاج (ج 2/ ص 315 - 318) بتفاوت.

(٧٦)

أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم:
1 - سنة (312هـ) وفاة محمّد بن جعفر الأسدي (رحمه الله) على رواية الشيخ الطوسي (رحمه الله):
سيأتي في (10/ جمادى الأُولى/ 312هـ) تحت عنوان: (وفاة محمّد بن جعفر الأسدي أحد وكلاء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)).
2 - سنة (671هـ): التاريخ السندي لحديث دخول يهودي على الإمام عليٍّ (عليه السلام):
سيأتي في (27/ جمادى الآخرة/ 13هـ) تحت عنوان: (ذكرى وفاة أبي بكر ودخول يهودي على الإمام عليٍّ (عليه السلام) وسؤاله عن سبع مسائل منها أوصياء النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعددهم)(98).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(98) لم نعثر خلال تتبُّعنا الكثير لمصادر علمائنا (رضوان الله عليهم) على أحداث ومناسبات مهدويَّة في هذا الشهر الكريم، ولعلَّ الله يمنُّ علينا في المستقبل بذلك.

(٧٩)

1 - 10 جمادى الأُولى: سنة الظهور: خروج الدجَّال من أصفهان على رواية (إلزام الناصب):
قال اليزدي (رحمه الله) في (إلزام الناصب):... وفي العشر الأُوَل منه - أي جمادى الأُولى - أيضاً يخرج الدجَّال من أصفهان(99).
10 جمادى الأُولى: 1 - سنة (36هـ): معركة الجمل، وفيها نشر عليٌّ (عليه السلام) راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولا ينشرها بعده إلَّا القائم (عجَّل الله فرجه):
روى النعماني (رحمه الله) عن محمّد بن همَّام، قال: حدَّثنا أحمد بن مابنداذ، قال: حدَّثنا أحمد بن هلال، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لـمَّا التقى أمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل البصرة نشر الراية راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فزلزلت أقدامهم، فما اصفرَّت الشمس حتَّى قالوا: آمنَّا يا ابن أبي طالب، فعند ذلك قال: لا تقتلوا الأسرى، ولا تجهزوا على الجرحى، ولا تتَّبعوا مولِّياً، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ولـمَّا كان يوم صفِّين سألوه نشر الراية فأبى عليهم فتحمَّلوا عليه بالحسن والحسين (عليهما السلام) وعمَّار ابن ياسر (رضي الله عنه)، فقال للحسن: يا بنيَّ، إنَّ للقوم مدَّة يبلغونها، وإنَّ هذه راية لا ينشرها بعدي إلاَّ القائم (صلوات الله عليه)»(100).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(99) إلزام الناصب (ج 2/ ص 144).
(100) الغيبة للنعماني (ص 319/ باب 19/ ح 1).

(٨٣)

2 - سنة (312هـ): وفاة محمّد بن جعفر الأسدي أحد وكلاء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدي، يُكنَّى أبا الحسين الكوفي من وكلاء الناحية المقدَّسة في زمن الغيبة الصغرى كان يسكن في الريِّ(101).
قال العلَّامة الحلِّي (رحمه الله): محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدي، أبو الحسين الكوفي، سكن الريَّ، يقال له: محمّد بن أبي عبد الله(102).
عدَّه الصدوق (رحمه الله) من وكلاء الناحية، فقال: عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفي أنَّه ذكر عدد من انتهى إليه ممَّن وقف على معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من الوكلاء... ومن أهل الريِّ: البسامي، والأسدي - يعني نفسه -(103).
وقال الطوسي (رحمه الله): محمّد بن جعفر الأسدي، يُكنَّى أبا الحسين الرازي، كان أحد الأبواب(104).
ولقَّبه الإمام الحجَّة (عجَّل الله فرجه) بالعربي فقد روى الطوسي (رحمه الله) عن أبي الحسين بن أبي جيد القمِّي عن محمّد بن الحسن بن الوليد عن محمّد بن يحيى العطَّار عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن صالح بن أبي صالح، قال: سألني بعض الناس في سنة تسعين ومائتين قبض شيء، فامتنعت من ذلك وكتبت - يعني إلى الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) - أستطلع الرأي فأتاني الجواب: «بالريِّ محمّد بن جعفر العربي فليدفع إليه فإنَّه من ثقاتنا»(105).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(101) انظر: رجال النجاشي (ص 373/ الرقم 1020).
(102) خلاصة الأقوال (ص 265/ الرقم 145).
(103) كمال الدِّين (ص 442/ باب 43/ ح 16).
(104) رجال الطوسي (ص 439/ الرقم 6278/28).
(105) الغيبة للطوسي (ص 415/ ح 391).

(٨٤)

وورد توثيقه في عدَّة روايات، منها ما رواه الطوسي (رحمه الله) عن أبي جعفر محمّد بن عليٍّ بن نوبخت، قال: عزمت على الحجِّ وتأهَّبت فورد عليَّ: «نحن لذلك كارهون» فضاق صدري واغتممت وكتبت: أنا مقيم بالسمع والطاعة غير أنِّي مغتمٌّ بتخلُّفي عن الحجِّ فوقَّع: «لا يضيقنَّ صدرك، فإنَّك تحجُّ من قابل فلمَّا كان من قابل استأذنت فورد الجواب، فكتبت: إنِّي عادلت محمّد بن العبَّاس وأنا واثق بديانته وصيانته فورد الجواب: «الأسدي نعم العديل فإنْ قَدِمَ فلا تختر عليه» قال: فقَدِمَ الأسدي فعادلته(106).
وعدَّه الطوسي (رحمه الله) من الأقوام الثقات التي كانت ترد عليهم التوقيعات من قِبَل المنصوبين للسفارة من الأصل، فقال: منهم أبو الحسين محمّد بن جعفر الأسدي (رحمه الله)(107).
ومدحه العلَّامة الحلِّي (رحمه الله) وقال: جعفر بن محمّد بن عون الأسدي وجه...(108).
وقال النجاشي (رحمه الله): مات أبو الحسين محمّد بن جعفر ليلة الخميس لعشر خلون من جمادى الأُولى سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة(109).
وقال الطوسي (رحمه الله): مات الأسدي على ظاهر العدالة لم يتغيَّر ولم يُطعَن عليه في شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة(110). أي إنَّه تُوفِّي في أثناء سفارة الشيخ الحسين بن روح النوبختي التي امتدَّت من سنة (305هـ) إلى (326هـ).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(106) الغيبة للطوسي (ص 416/ ح 393).
(107) الغيبة للطوسي (ص 415).
(108) خلاصة الأقوال (ص 92/ الرقم 25).
(109) رجال النجاشي (ص 373/ الرقم 1020).
(110) الغيبة للطوسي (ص 417).

(٨٥)

15 جمادى الأُولى: سنة (36هـ): انتهت حرب الجمل في البصرة، وفيها خطب عليٌّ (عليه السلام) خطبة ذكر فيها ما يجري عليها من الأحداث في آخر الزمان:
قال المجلسي (رحمه الله) في (البحار): روى كمال الدِّين ابن ميثم البحراني مرسَلاً أنَّه لـمَّا فرغ أمير المؤمنين من أمر الحرب لأهل الجمل أمر منادياً ينادي في أهل البصرة أنَّ الصلاة الجامعة لثلاثة أيَّام من غد إنْ شاء الله، ولا عذر لمن تخلَّف إلَّا من حجَّة أو علَّة، فلا تجعلوا على أنفسكم سبيلاً. فلمَّا كان اليوم الذي اجتمعوا فيه خرج (عليه السلام) فصلَّى بالناس الغداة في المسجد الجامع، فلمَّا قضى صلاته قام فأسند ظهره إلى حائط القبلة عن يمين المصلِّي، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلَّى على النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) واستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، ثمّ قال: «يا أهل البصرة...، كأنِّي أنظر إلى قريتكم هذه وقد طبقها الماء حتَّى ما يرى منها إلَّا شرف المسجد كأنَّه جؤجؤ طير في لجَّة بحر»، فقام إليه الأحنف بن قيس فقال له: يا أمير المؤمنين، ومتى يكون ذلك؟ قال: «يا أبا بحر، إنَّك لن تُدرك ذلك الزمان، وإنَّ بينك وبينه لقروناً، ولكن ليُبلِّغ الشاهد منكم الغائب عنكم، لكي يُبلِّغوا إخوانهم إذا هم رأوا البصرة قد تحولَّت أخصاصها دوراً وآجامها قصوراً، فالهرب الهرب فإنَّه لا بصيرة لكم يومئذٍ». ثمّ التفت عن يمينه فقال: «كم بينكم وبين الأبلة؟»، فقال له المنذر بن الجارود: فداك أبي وأُمِّي أربعة فراسخ، قال له: «صدقت، فوَالذي بعث محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأكرمه بالنبوَّة وخصَّه بالرسالة وعجَّل بروحه إلى الجنَّة لقد سمعت منه كما تسمعون منِّي أنْ قال لي: يا عليُّ، هل علمت أنَّ بين التي تُسمَّى البصرة

(٨٦)

والتي تُسمَّى الأبلة أربعة فراسخ، وسيكون التي تُسمَّى الأبلة موضع أصحاب العشور، ويُقتَل في ذلك الموضع من أُمَّتي سبعون ألفاً، شهيدهم يومئذٍ بمنزلة شهداء بدر». فقال له المنذر: يا أمير المؤمنين، ومن يقتلهم فداك أبي وأُمِّي؟ قال: «يقتلهم إخوان الجنِّ، وهم جيل كأنَّهم الشياطين، سود ألوانهم، منتنة أرواحهم، شديد كلبهم، قليل سلبهم، طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه، ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم هم أذلَّة عند المتكبِّرين من أهل الزمان، مجهولون في الأرض معروفون في السماء، تبكي السماء عليهم وسُكَّانها والأرض وسُكَّانها». ثمّ هملت عيناه بالبكاء، ثمّ قال: «ويحك يا بصرة، ويلك يا بصرة من جيش لا رهج له ولا حسَّ»، فقال له المنذر: يا أمير المؤمنين، وما الذي يصيبهم من قبل الغرق ممَّا ذكرت؟ وما الويح؟ وما الويل؟ فقال: «هما بابان، فالويح باب الرحمة، والويل باب العذاب، يا ابن الجارود نعم تارات عظيمة منها عصبة تقتل بعضها بعضاً، ومنها فتنة تكون بها أخراب منازل وخراب ديار وانتهاك أموال وقتل رجال وسباء نساء يذبحن ذبحاً، يا ويل أمرهنَّ حديث عجيب. ومنها أنْ يستحلَّ بها الدجَّال الأكبر الأعور الممسوخ العين اليمنى والأُخرى كأنَّها ممزوجة بالدم لكأنَّها في الحمرة علقة ناتئ الحدقة كهيأة حبَّة العنب الطافية على الماء فيتبعه من أهلها عدَّة من قتل بالأبلة من الشهداء أناجيلهم في صدورهم يُقتَل من يُقتَل ويهرب من يهرب. ثمّ رجف ثمّ قذف ثمّ خسف ثمّ مسخ ثمّ الجوع الأغبر ثمّ الموت الأحمر وهو الغرق. يا منذر، إنَّ للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة في الزبر الأوَّل لا يعلمها إلَّا العلماء، منها الخريبة، ومنها تدمر، ومنها المؤتفكة. يا منذر، والذي فلق الحبَّة وبرء النسمة لو أشاء لأخبرتكم بخراب العرصات عرصة عرصة متى تخرب ومتى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة، وإنَّ عندي من ذلك

(٨٧)

علماً جمًّا، وإنْ تسألوني تجدوني به عالماً لا أخطئ منه علماً ولا دافئاً، ولقد استودعت علم القرون الأُوَل وما هو كائن إلى يوم القيامة...»(111).
20 جمادى الأُولى: سنة الظهور: بداية هطول الأمطار الغزيرة والتي تستمرُّ أربعين يوماً على رواية (إلزام الناصب):
قال اليزدي (رحمه الله) في (إلزام الناصب):... فإذا كان العشرون من جمادى الأُولى وقع مطر شديد لا يوجد مثله منذ هبط آدم إلى الأرض متَّصل إلى أوَّل شهر رجب تنبت لحوم من يريد الله أنْ يرجع إلى الدنيا من الأموات(112).
وراجع ما سيأتي في (1/ جمادى الآخرة/ سنة الظهور) تحت عنوان: (ابتداء المطر بشكل غزير واستمراره أربعين يوماً حتَّى تنبت لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم)، وهو الأشهر.
30 جمادى الأُولى: 1 - سنة (304 أو 305هـ): وفاة النائب الثاني أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه):
هو محمّد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي، أبو جعفر العسكري، ثاني السفراء الأربعة، كان هو وأبوه سفيرين للإمام المهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه)، وكان لهما منزلة جليلة عند الطائفة. تولَّى السفارة زمناً طويلاً.
عدَّه الصدوق (رحمه الله) فيمن رآه (عليه السلام)، فقال: حدَّثنا محمّد بن موسى بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(111) بحار الأنوار (ج 32/ ص 253 - 258/ ح 199).
(112) إلزام الناصب (ج 2/ ص 144).

(٨٨)

المتوكِّل (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: سألت محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه)، فقلت له: أرأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال: نعم، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام، وهو يقول: «اللَّهُمَّ أنجز لي ما وعدتني»، وفي رواية أُخرى: رأيته (صلوات الله عليه) متعلِّقاً بأستار الكعبة في المستجار، وهو يقول: «اللَّهُمَّ انتقم لي من أعدائي»(113).
وقد تضافرت الروايات الدالَّة على جلالة شأنه وعظم مقامه، منها ما رواه الكليني (رحمه الله) عن أبي محمّد (عليه السلام)، قال: «العمري وابنه ثقتان، فما أدَّيا إليك عنِّي فعنِّي يُؤدِّيان، وما قالا لك فعنِّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما، فإنَّهما الثقتان المأمونان»(114).
ومنها ما رواه الطوسي (رحمه الله) عن عبد الله بن جعفر الحميري، خرج التوقيع إلى الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري (قدَّس الله روحه) في التعزية بأبيه (رضي الله تعالى عنه)، وفي فصل من الكتاب: «إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، تسليماً لأمره ورضًي بقضائه، عاش أبوك سعيداً ومات حميداً، فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه (عليهم السلام)، فلم يزل مجتهداً في أمرهم، ساعياً فيما يُقرِّبه إلى الله (عزَّ وجلَّ) وإليهم، نضَّر الله وجهه وأقاله عثرته»، وفي فصل آخر: «أجزل الله لك الثواب وأحسن لك العزاء، رُزئت ورُزئنا وأوحشك فراقه وأوحشنا، فسرَّه الله في منقلبه، وكان من كمال سعادته أنْ رزقه الله تعالى ولداً مثلك يخلفه من بعده، ويقوم مقامه بأمره، ويترحَّم عليه، وأقول: الحمد لله، فإنَّ الأنفس طيِّبة بمكانك وما جعله الله (عزَّ وجلَّ) فيك وعندك، أعانك الله وقوَّاك وعضدك ووفَّقك، وكان لك وليًّا وحافظاً وراعياً وكافياً»(115).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(113) كمال الدِّين (ص 440/ باب 43/ ح 9 و10).
(114) الكافي (ج 1/ ص 330/ باب في تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح 1).
(115) الغيبة للطوسي (ص 361/ ح 323).

(٨٩)

وكان له كُتُب مصنَّفة في الفقه، فقد روى الطوسي (رحمه الله) عن ابن نوح، قال: أخبرني أبو نصر هبة الله ابن بنت أُمِّ كلثوم بنت أبي جعفر العمري، قال: كان لأبي جعفر محمّد بن عثمان العمري كُتُب مصنَّفة في الفقه ممَّا سمعها من أبي محمّد الحسن (عليه السلام)، ومن الصاحب (عليه السلام)، ومن أبيه عثمان بن سعيد، عن أبي محمّد وعن أبيه عليِّ بن محمّد (عليهما السلام)(116).
وأوصى محمّد بن عثمان العمري بالسفارة إلى الحسين بن روح، فقد روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن عليِّ بن متيل، عن عمِّه جعفر بن محمّد بن متيل، قال: لـمَّا حضرت أبا جعفر محمّد بن عثمان العمري السمَّان (رضي الله عنه) الوفاة كنت جالساً عند رأسه أسأله وأُحدِّثه، وأبو القاسم الحسين بن روح [عند رجليه](117)، فالتفت إليَّ ثمّ قال لي: أُمرت أنْ أُوصي إلى أبي القاسم الحسين بن روح. قال: فقمت من عند رأسه وأخذت بيد أبي القاسم وأجلسته في مكاني وتحوَّلت عند رجليه(118).
ورواه الطوسي (رحمه الله) عن جماعة، عن أبي جعفر محمّد بن عليِّ بن الحسين بن بابويه، عن محمّد بن عليِّ بن الحسين، عن عليِّ بن محمّد بن متيل، عن عمِّه جعفر ابن أحمد بن متيل، وقال بعده: (قال ابن نوح: وحدَّثني أبو عبد الله الحسين بن عليِّ بن بابويه القمِّي قَدِمَ علينا البصرة في شهر ربيع الأوَّل سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، قال: سمعت علويَّة الصفَّار والحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنهما) يذكران هذا الحديث، وذكرا أنَّهما حضرا بغداد في ذلك الوقت وشاهدا ذلك)(119).
تُوفِّي (رضي الله عنه) في آخر جمادي الأُولى سنة خمس وثلاثمائة، فقد روى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(116) الغيبة للطوسي (ص 363/ ح 328).
(117) ما بين المعقوفتين أثبتناه من الغيبة للطوسي.
(118) كمال الدِّين (ص 503/ باب 45/ ح 33)، الخرائج والجرائح (ج 3/ ص 1120 و1121/ ح 37).
(119) الغيبة للطوسي (ص 370 و371/ ح 339 و340).

(٩٠)

الطوسي (رحمه الله) عن أبي نصر هبة الله، قال: وجدت بخطِّ أبي غالب الزراري (رحمه الله وغفر له) أنَّ أبا جعفر محمّد بن عثمان العمري (رحمه الله) مات في آخر جمادي الأُولى سنة خمس وثلاثمائة(120).
وقال الطوسي (رحمه الله) أيضاً: ذكر أبو نصر هبة الله [بن] محمّد بن أحمد أنَّ أبا جعفر العمري (رحمه الله) مات في سنة أربع وثلاثمائة، وأنَّه كان يتولَّى هذا الأمر نحواً من خمسين سنة، يحمل الناس إليه أموالهم، ويخرج إليهم التوقيعات بالخطِّ الذي كان يخرج في حياة الحسن (عليه السلام) إليهم بالمهمَّات في أمر الدِّين والدنيا وفيما يسألونه من المسائل بالأجوبة العجيبة (رضي الله عنه وأرضاه). قال أبو نصر هبة الله: إنَّ قبر أبي جعفر محمّد بن عثمان عند والدته في شارع باب الكوفة في الموضع الذي كانت دوره ومنازله (فيه)، وهو الآن في وسط الصحراء(121)(122).
2 - سنة (305هـ): شراء الشيخ الحسين بن روح ودائع الشيخ محمّد بن عثمان من ورثته، وفيها أدعية وقنوتات الأئمَّة، ومنها قنوتات الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
قال السيِّد ابن طاوس (رحمه الله) في (مهج الدعوات): وجدت في الأصل الذي نقلت منه هذه القنوتات، ما هذا لفظه: ممَّا يأتي ذكره بغير إسناد، ثمّ وجدت بعد سطر هذه القنوتات إسنادها في كتاب (عمل رجب وشعبان وشهر رمضان)، تأليف أحمد بن عبد الله ابن عبَّاس(123) (رحمه الله)، فقال: حدَّثني أبو الطيِّب الحسن بن أحمد بن محمّد بن عمر بن عبد الله بن الصباح القزويني وأبو الصباح محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن البغدادي الكاتبان، قالا: جرى بحضرة شيخنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(120) الغيبة للطوسي (ص 366/ ح 334).
(121) المصدر السابق.
(122) قبره الشريف الآن في المسجد الخلَّاني ببغداد بالقرب من سوق السنك وجامع عبد القادر الكيلاني ومسجد العيدروسي، وبجانبه مقبرة الفيل التي تُسمَّى اليوم بمقبرة الخلَّاني.
(123) في البحار: (ابن عيَّاش).

(٩١)

فقيه العصابة ذكر مولانا أبي محمّد الحسن ابن أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال رجل من الطالبيِّين: إنَّما ينقم منه الناس تسليم هذا الأمر إلى ابن أبي سفيان، فقال شيخنا: رأيت أيضاً مولانا أبا محمّد (عليه السلام) أعظم شأناً وأعلى مكاناً وأوضح برهاناً من أنْ يقدح في فعل له اعتبار المعتبرين، أو يعترضه شكُّ الشاكِّين وارتياب المرتابين.
ثمّ أنشأ يُحدِّث فقال: لـمَّا مضى سيِّدنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري (رضي الله عنه وأرضاه، وزاده علوًّا فيما أولاه)، ففُرِغَ من أمره، جلس الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر (زاد الله توفيقه) للناس في بقيَّة نهار يومه في دار الماضي (رضي الله عنه)، فأخرج إليه ذكاء الخادم الأبيض مدرجاً وعكَّازاً وحُقَّة خشب مدهونة، فأخذ العكَّاز فجعلها في حجره على فخذيه، وأخذ المدرج بيمينه، والحُقَّة بشماله، فقال الورثة: في هذا المدرج ذكر ودايع فنشره، فإذا هي أدعية وقنوت موالينا الأئمَّة من آل محمّد (عليهم السلام)، فأضربوا عنها، وقالوا: ففي الحُقَّة جوهر لا محالة، قال لهم: تبيعونها؟ فقالوا: بكم؟ قال: يا أبا الحسن - يعني ابن شبيب الكوثاري -، ادفع إليهم عشرة دنانير! فامتنعوا فلم يزل يزيدهم ويمتنعون إلى أنْ بلغ مائة دينار، فقال لهم: إنْ بعتم، وإلَّا ندمتم، فاستجابوا البيع، وقبضوا المائة الدينار، واستثنى عليهم المدرج والعكَّاز.
فلمَّا انفصل الأمر قال: هذه عكَّاز مولانا أبي محمّد الحسن بن عليِّ بن محمّد ابن عليٍّ الرضا (عليه السلام) التي كانت في يده يوم توكيله سيِّدنا الشيخ عثمان بن سعيد العمري (رحمه الله) ووصيَّته إليه وغيبته إلى يومنا هذا، وهذه الحُقَّة فيها خواتيم الأئمَّة، فأخرجها فكانت كما ذكر من جواهرها ونقوشها وعددها. وكان في المدرج قنوت موالينا الأئمَّة (عليهم السلام) وفيه قنوت مولانا أبي محمّد الحسن بن أمير المؤمنين (عليه السلام) وأملاها علينا من حفظه، فكتبناها على ما سطر في هذه المدرجة،

(٩٢)

وقال: احتفظوا بها كما تحتفظون بمهمَّات الدِّين، وعزمات ربِّ العالمين (جلَّ وعزَّ)، وفيها بلاغ إلى حين...
إلى أنْ قال: قنوت مولانا الحجَّة بن الحسن (عليهما السلام): «اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَكْرِمْ أَوْلِيَاءَكَ بِإِنْجَازِ وَعْدِكَ، وَبَلِّغْهُمْ دَرْكَ مَا يَأْمُلُونَهُ مِنْ نَصْرِكَ، وَاُكْفُفْ عَنْهُمْ بَأْسَ مَنْ نَصَبَ اَلْخِلَافَ عَلَيْكَ، وَتَمَرَّدَ بِمَنْعِكَ عَلَى رُكُوبِ مُخَالَفَتِكَ، وَاِسْتَعَانَ بِرِفْدِكَ عَلَى فَلِّ حَدِّكَ، وَقَصَدَ لِكَيْدِكَ بِأَيْدِكَ، وَوَسِعْتَهُ حِلْماً لِتَأْخُذَهُ عَلَى جَهْرَةٍ وَتَسْتَأْصِلَهُ عَلَى عِزَّةٍ(124)، فَإِنَّكَ اَللَّهُمَّ قُلْتَ وَقَوْلُكَ اَلْحَقُّ: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [يونس: 24]، وَقُلْتَ: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ [الزخرف: 55]، وَإِنَّ اَلْغَايَةَ عِنْدَنَا قَدْ تَنَاهَتْ، وَإِنَّا لِغَضَبِكِ غَاضِبُونَ، وَإِنَّا عَلَى نَصْرِ اَلْحَقِّ مُتَعَاصِبُونَ، وَإِلَى وُرُودِ أَمْرِكَ مُشْتَاقُونَ، وَلِإِنْجَازِ وَعْدِكَ مُرْتَقِبُونَ، وَلِحُلُولِ وَعِيدِكَ بِأَعْدَائِكَ مُتَوَقِّعُونَ. اَللَّهُمَّ فَأَذِّنْ بِذَلِكَ، وَاِفْتَحْ طُرُقَاتِهِ، وَسَهِّلْ خُرُوجَهُ، وَوَطِّئْ مَسَالِكَهُ، وَاِشْرَعْ شَرَائِعَهُ، وَأَيِّدْ جُنُودَهُ وَأَعْوَانَهُ، وَبَادِرْ بَأْسَكَ اَلْقَوْمَ اَلظَّالِمِينَ، وَاُبْسُطْ سَيْفَ نَقِمَتِكَ عَلَى أَعْدَائِكِ اَلمُعَانِدِينَ، وَخُذْ بِالثَّارِ، إِنَّكَ جَوَادٌ مَكَّارٌ».
ودعا في قنوته بهذا الدعاء: «اَللَّهُمَّ مَالِكَ اَلمُلْكِ، تُؤْتِي اَلمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ، وَتَنْزِعُ اَلمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ، بِيَدِكَ اَلْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يَا مَاجِدُ يَا جَوَادُ، يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَاَلْإِكْرَامِ، يَا بَطَّاشُ، يَا ذَا اَلْبَطْشِ اَلشَّدِيدِ، يَا فَعَّالاً لِمَا يُرِيدُ، يَا ذَا اَلْقُوَّةِ اَلمَتِينَ، يَا رَءُوفُ يَا رَحِيمُ، يَا لَطِيفُ يَا حَيُّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(124) في البحار: (غرَّة).

(٩٣)

حِينَ لَا حَيَّ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلمَخْزُونِ اَلمَكْنُونِ اَلْحَيِّ اَلْقَيُّومِ اَلَّذِي اِسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ اَلْغَيْبِ عِنْدَكَ، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي تُصَوِّرُ بِهِ خَلْقَكَ فِي اَلْأَرْحَامِ كَيْفَ تَشَاءُ، وَبِهِ تَسُوقُ إِلَيْهِمْ أَرْزَاقَهُمْ فِي أَطْبَاقِ اَلظُّلُمَاتِ، مِنْ بَيْنِ اَلْعُرُوقِ وَاَلْعِظَامِ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي أَلَّفْتَ بِهِ بَيْنَ قُلُوبِ أَوْلِيَائِكَ، وَأَلَّفْتَ بَيْنَ اَلثَّلْجِ وَاَلنَّارِ لَا هَذَا يُذِيبُ هَذَا وَلَا هَذَا يُطْفِئُ هَذَا. وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي كَوَّنْتَ بِهِ طَعْمَ اَلْمِيَاهِ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي أَجْرَيْتَ بِهِ اَلمَاءَ فِي عُرُوقِ اَلنَّبَاتِ بَيْنَ أَطْبَاقِ اَلثَّرَى، وَسُقْتَ اَلمَاءَ إِلَى عُرُوقِ اَلْأَشْجَارِ بَيْنَ اَلصَّخْرَةِ اَلصَّمَّاءِ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي كَوَّنْتَ بِهِ طَعْمَ اَلثِّمَارِ وَأَلْوَانَهَا، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي بِهِ تُبْدِئُ وَتُعِيدُ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلْفَرْدِ اَلْوَاحِدِ اَلمُتَفَرِّدِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ اَلمُتَوَحِّدِ بِالصَّمَدَانِيَّةِ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي فَجَّرْتَ بِهِ اَلمَاءَ مِنَ اَلصَّخْرَةِ اَلصَّمَّاءِ، وَسُقْتَهُ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي خَلَقْتَ بِهِ خَلْقَكَ وَرَزَقْتَهُمْ كَيْفَ شِئْتَ وَكَيْفَ شَاءُوا، يَا مَنْ لَا يُغَيِّرُهُ اَلْأَيَّامُ وَاَللَّيَالِي أَدْعُوكَ بِمَا دَعَاكَ بِهِ نُوحٌ حِينَ نَادَاكَ فَأَنْجَيْتَهُ وَمَنْ مَعَهُ وَأَهْلَكْتَ قَوْمَهُ، وَأَدْعُوكَ بِمَا دَعَاكَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُكَ حِينَ نَادَاكَ فَأَنْجَيْتَهُ وَجَعَلْتَ اَلنَّارَ عَلَيْهِ بَرْداً وَسَلَاماً، وَأَدْعُوكَ بِمَا دَعَاكَ بِهِ مُوسَى كَلِيمُكَ حِينَ نَادَاكَ فَفَلَقْتَ لَهُ اَلْبَحْرَ فَأَنْجَيْتَهُ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فِي اَلْيَمِّ، وَأَدْعُوكَ بِمَا دَعَاكَ بِهِ عِيسَى رُوحُكَ حِينَ نَادَاكَ فَنَجَّيْتَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ وَإِلَيْكَ رَفَعْتَهُ، وَأَدْعُوكَ بِمَا دَعَاكَ حَبِيبُكَ وَصَفِيُّكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَمِنَ اَلْأَحْزَابِ نَجَّيْتَهُ وَعَلَى أَعْدَائِكِ نَصَرْتَهُ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ، يَا مَنْ لَهُ اَلْخَلْقُ وَاَلْأَمْرُ، يَا مَنْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً، يَا مَنْ أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً، يَا مَنْ لَا تُغَيِّرُهُ اَلْأَيَّامُ وَاَللَّيَالِي، وَلَا تَتَشَابَهُ عَلَيْهِ اَلْأَصْوَاتُ، وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ اَللُّغَاتُ، وَلَا يُبْرِمُهُ إِلْحَاحُ اَلمُلِحِّينَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ

(٩٤)

خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، فَصَلِّ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ وَصَلِّ عَلَى جَمِيعِ اَلنَّبِيِّينَ وَاَلمُرْسَلِينَ اَلَّذِينَ بَلَّغُوا عَنْكَ اَلْهُدَى وَأَعْقَدُوا لَكَ اَلمَوَاثِيقَ بِالطَّاعَةِ، وَصَلِّ عَلَى عِبَادِكَ اَلصَّالِحِينَ، يَا مَنْ لَا يُخْلِفُ اَلْمِيعَادَ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي وَاِجْمَعْ لِي أَصْحَابِي وَصَبِّرْهُمْ، وَاُنْصُرْنِي عَلَى أَعْدَائِكَ وَأَعْدَاءِ رَسُولِكَ، وَلَا تُخَيِّبْ دَعْوَتِي فَإِنِّي عَبْدُكَ اِبْنُ عَبْدِكَ وَاِبْنُ أَمَتِكَ أَسِيرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، سَيِّدِي أَنْتَ اَلَّذِي مَنَنْتَ عَلَيَّ بِهَذَا اَلمَقَامِ وَتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَيَّ دُونَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُنْجِزَ لِي مَا وَعَدْتَنِي إِنَّكَ أَنْتَ اَلصَّادِقُ وَلَا تُخْلِفُ اَلْمِيعَادَ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(125).
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم:
1 - سنة (410هـ): إخبار الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في رسالته للشيخ المفيد (رحمه الله) بحدوث آية جليَّة في جمادى الأُولى:
راجع ما ذُكر في (صفر/ 410هـ) تحت عنوان: (وصول الرسالة الأُولى للشيخ المفيد (رحمه الله) من قِبَل الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)...).
2 - سنة (1299هـ): ورود الحاجّ محمّد مهدي التاجر إلى العراق لغرض الاستشفاء بزيارة الأئمَّة (عليهم السلام):
سيأتي ذكر تمام قصَّته في (10/ جمادى الآخرة/ 1299هـ) تحت عنوان (شفاء أحد المؤمنين من الخرس في سامرَّاء ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(125) انظر: مهج الدعوات (ص 45 - 69).

(٩٥)

1 جمادى الآخرة: سنة الظهور: ابتداء المطر بشكل غزير واستمراره أربعين يوماً حتَّى تنبت لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم:
روى المفيد (رحمه الله) عن عبد الكريم الخثعمي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كم يملك القائم (عليه السلام)؟ قال: «سبع سنين، تطول له الأيَّام والليالي حتَّى تكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم، فيكون سنو ملكه سبعين سنة من سنيكم هذه، وإذا آن قيامه مطر الناس جمادى الآخرة وعشرة أيَّام من رجب مطراً لم يرَ الخلائق مثله، فيُنبت الله به لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم، فكأنِّي أنظر إليهم مقبلين من قِبَل جهينة ينفضون شعورهم من التراب»(126).
* وروى المفيد (رحمه الله) أيضاً عن عبد الله بن بكير، عن عبد المَلِك بن إسماعيل، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، قال: إنَّ السنة التي يقوم فيها المهدي (عليه السلام) تمطر الأرض أربعاً وعشرين مطرة، ترى آثارها وبركاتها(127).
ورواه الطوسي (رحمه الله) عن أحمد بن عليٍّ الرازي، عن المقانعي، عن بكار بن أحمد، عن حسن بن حسين، عن عبد الله بن بكير، عن عبد المَلِك بن إسماعيل الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن جبير(128).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(126) الإرشاد (ج 2/ ص 381).
(127) الإرشاد (ج 2/ ص 373).
(128) الغيبة للطوسي (ص 443/ ح 435).

(٩٩)

10 جمادى الآخرة: سنة (1299هـ): شفاء أحد المؤمنين من الخرس في سامرَّاء ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
ورد الكاظمين في شهر جمادى الأُولى من سنة ألف ومائتين وتسعة وتسعين آقا محمّد مهدي التاجر، الشيرازي الأصل، وكان مولده ومنشؤه في ميناء (ملومين) من ممالك (ماچين)، بقصد الاستشفاء بزيارة أئمَّة العراق (عليهم السلام)، على بعض التُّجَّار المعروفين من أقربائه وبقي هناك عشرين يوماً، فعندما كان وقت حركة مركب الدخان إلى سُرَّ من رأى جاء به أقرباؤه إلى المركب، وسلَّموه إلى راكبيه من أهل بغداد وكربلاء لصممه وعجزه عن التفهيم لما يريده وما يحتاجه، وكتبوا إلى بعض المجاورين في سُرَّ من رأى رسائل في ذلك.
وبعد أنْ وصل هناك في يوم الجمعة العاشر من جمادى الآخرة ذهب إلى السرداب المقدَّس في جماعة من الثقات وخادم ليقرأ له الزيارة، إلى أنْ أتى إلى الصُّفَّة التي في السرداب، فوقف فوق البئر مدَّة يبكي ويتضرَّع ويكتب بالقلم على حائط السرداب يطلب من الحاضرين الدعاء لشفائه. فما تمَّ ابتهاله وتضرُّعه حتَّى فتح الله تعالى لسانه، وخرج من الناحية المقدَّسة بلسان فصيح، وبيان مليح!
وقد أحضره مرافقوه يوم السبت إلى مجلس تدريس جناب سيِّد الفقهاء العظام الأُستاذ الأكبر حجَّة الإسلام الميرزا محمّد حسن الشيرازي (متَّعنا الله ببقائه)، وبعد الحديث المناسب لذلك المقام قرأ عنده تبرُّكاً سورة الحمد المباركة، وكانت القراءة جيِّدة جدًّا بنحو أذعن الحاضرون بصحَّتها وحسنها.

(١٠٠)

قصيدة الشاعر عبَّاس الصفَّار بالمناسبة:
وفي ليلة الأحد والاثنين اجتمع العلماء والفضلاء في الصحن الشريف فرحين مسرورين، وأضاؤوا فضاءه من المصابيح والقناديل، ونظموا القصَّة ونشروها في البلاد، وكان معه في المركب مادح أهل البيت (عليهم السلام) الفاضل اللبيب الحاجّ ملَّا عبَّاس الصفَّار الزنوزي البغدادي، فقال - وهو من قصيدة طويلة ورآه مريضاً وصحيحاً -:

وفي عامها جئت والزائرين * * * إلى بلدة سرَّ من قد رآها
رأيت من الصين فيها فتى * * * وكان سميُّ إمام هداها
يشير إذا ما أراد الكلام * * * وللنفس منه ...(129) براها
وقد قيَّد السقم منه الكلام * * * وأطلق من مقلتيه دماها
فوافا إلى باب سرداب من * * * به الناس طرًّا ينال مناها
يروم بغير لسان يزور * * * وللنفس منه دهت بعناها
وقد صار يكتب فوق الجدار * * * ما فيه للروح منه شفاها

أروم الزيارة بعد الدعاء * * * ممَّن رأى أسطري وتلاها
لعلَّ لساني يعود الفصيح * * * وعلِّي أزور وأدعو الإلها
إذا هو في رجل مقبل * * * تراه ورى البعض من أتقياها
تأبَّط خير كتاب له * * * وقد جاء من حيث غاب ابن طاها
فأومى إليه ادع ما قد كتب * * * وجاء فلمَّا تلاه دعاها
وأوصى به سيِّداً جالساً * * * أنْ ادعو له بالشفاء شفاها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(129) كذا.

(١٠١)

فقام وأدخله غيبة الإ * * * مام المغيَّب من أوصياها
وجاء إلى حفرة الصفة * * * التي هي للعين نور ضياها
وأسرج آخر فيها السراج * * * وأدناه من فمه ليراها
هناك دعا الله مستغفراً * * * وعيناه مشغولة ببكاها
ومذ عاد منها يريد الصلاة * * * قد عاود النفس منه شفاها
وقد أطلق الله منه اللسان * * * وتلك الصلاة أتمّ أداها

قصيدة السيِّد حيدر الحلِّي بالمناسبة:
ولـمَّا بلغ الخبر إلى خرِّيت صناعة الشعر السيِّد المؤيَّد الأديب اللبيب فخر الطالبيِّين، وناموس العلويِّين، السيِّد حيدر بن السيِّد سليمان الحلِّي (أيَّده الله تعالى) بعث إلى سُرَّ من رأى كتاباً صورته:
بسم الله الرحمن الرحيم
لـمَّا هبَّت من الناحية المقدَّسة نسمات كرم الإمامة، فنشرت نفحات عبير هاتيك الكرامة، فأطلقت لسان زائرها من اعتقاله، عند ما قام عندها في تضرُّعه وابتهاله، أحببت أنْ أنتظم في سلك من خدم تلك الحضرة، في نظم قصيدة تتضمَّن بيان هذا المعجز العظيم ونشره، وأنْ أُهنِّئ علَّامة الزمن وغرَّة وجهه الحسن، فرع الأراكة المحمّديَّة، ومنار الملَّة الأحمديَّة، علم الشريعة، وإمام الشيعة، لأجمع بين العبادتين في خدمة هاتين الحضرتين، فنظمت هذه القصيدة الغرَّاء، وأهديتها إلى دار إقامته وهي سامرَّا، راجياً أنْ تقع موقع القبول، فقلت ومن الله بلوغ المأمول:

كذا يظهر المعجز الباهر * * * ويشهده البرُّ والفاجر
وتُروى الكرامة مأثورة * * * يُبلِّغها الغائب الحاضر

(١٠٢)

يقرُّ لقوم بها ناظر * * * ويقذي لقوم بها ناظر
فقلب لها ترحاً واقع * * * وقلب بها فرحاً طائر
أجل طرف فكرك يا مستدلُّ * * * وأنجد بطرفك يا غائر
تصفَّح مآثر آل الرسول * * * وحسبك ما نشر الناشر
ودونكه نباء صادقاً * * * لقلب العدوِّ هو الباقر
فمن صاحب الأمر أمس استبان * * * لنا معجز أمره باهر
بموضع غيبته مذ ألم * * * أخو علَّة داؤها ظاهر
رمى فمه باعتقال اللسان * * * رام هو الزمن الغادر
فأقبل ملتمساً للشفاء * * * لدى من هو الغائب الحاضر
ولقَّنه القول مستأجر * * * عن القصد في أمره جائر
فبيناه في تعب ناصب * * * ومن ضجر فكره حائر
إذ انحلَّ من ذلك الاعتقال * * * وبارحه ذلك الضائر
فراح لمولاه في الحامدين * * * وهو لآلائه ذاكر
لعمري لقد مسحت داءه * * * يد كلِّ خلق لها شاكر
يد لم تزل رحمة للعباد * * * لذلك أنشأها الفاطر
تحدر وإنْ كرهت أنفس * * * يضيق شجى صدرها الواغر
وقل إنَّ قائم آل النبيِّ * * * له النهي وهو هو الآمر
أيمنع زائره الاعتقال * * * ممَّا به ينطق الزائر

(١٠٣)

ويدعوه صدقاً إلى حلِّه * * * ويقضي على أنَّه القادر
ويكبو مرجيه دون الغياث * * * وهو يقال به العاثر
فحاشاه بل هو نعم المغيث * * * إذا نضنض الحارث الفاغر
فهذي الكرامة لا ما غدا * * * يُلفِّقه الفاسق الفاجر
أدم ذكرها يا لسان الزمان * * * وفي نشرها فمك العاطر
وهنِّ بها سُرَّ من را ومن * * * به ربعها آهل عامر
هو السيِّد الحسن المجتبى * * * خضم الندى غيثه الهامر
وقل يا تقدَّست من بقعة * * * بها يهب الزلَّة الغافر
كلا اسميك في الناس باد له * * * بأوجههم أثر ظاهر
فأنت لبعضهم سُرَّ من * * * رأى وهو نعت لهم ظاهر
وأنت لبعضهم ساء من * * * رأى وبه يُوصَف الخاسر
لقد أطلق الحسن المكرمات * * * مهياك فهو بهيٌّ سافر
فأنت حديقة زهو به * * * وأخلافه روضك الناضر
عليم تربَّى بحجر الهدى * * * ونسج التقى برده الطاهر

إلى أنْ قال (سلَّمه الله تعالى):

كذا فلتكن عترة المرسَلين * * * وإلَّا فما الفخر يا فاخر(130)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(130) انظر: جنَّة المأوى (ص 96 - 100/ الحكاية الثانية والثلاثون)، ديوان السيِّد حيدر الحلِّي (ج 1/ ص 24).

(١٠٤)

17 جمادى الآخرة: سنة (641هـ): تشرُّف ابن طاوس بزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) وحصوله على مكاشفات عظيمة ولقاؤه برسول الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
قال السيِّد الجليل صاحب المقامات الباهرة والكرامات الظاهرة رضي الدِّين عليُّ بن طاوس في كتاب (غياث سلطان الورى) على ما نقله عنه المحدِّث الأسترآبادي في (الفوائد المدنيَّة) في نسختين كانت إحداهما بخطِّ الفاضل الهندي، ما لفظه:
يقول عليُّ بن موسى بن جعفر بن طاوس: كنت قد توجَّهت أنا وأخي الصالح محمّد بن محمّد بن محمّد القاضي الآوي(131) (ضاعف الله سعادته، وشرَّف خاتمته) من الحلَّة إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه)، في يوم الثلاثاء سابع عشر شهر جمادي الأُخرى سنة إحدى وأربعين وستّمائة، فاختار الله لنا المبيت بالقرية التي تُسمَّى: دورة بن سنجار، وبات أصحابنا ودوابُّنا في القرية، وتوجَّهنا منها أوائل نهار يوم الأربعاء ثامن عشر الشهر المذكور، فوصلنا إلى مشهد مولانا عليٍّ (صلوات الله وسلامه عليه) قبل ظهر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(131) هو محمّد بن محمّد بن محمّد بن زيد بن الداعي بن زيد بن عليِّ بن الحسين بن الحسن بن عليِّ بن الحسن بن عليِّ بن محمّد بن عليِّ بن عليِّ بن الحسن الأفطس بن عليِّ بن عليٍّ زين العابدين بن الحسين الشهيد بن عليٍّ أمير المؤمنين، العالم الإمامي، السيِّد رضي الدين الحسيني الأفطسي، الآوي، المجاور بالمشهد المقدَّس الغروي، قال عنه صاحب (رياض العلماء): فاضل، جليل، فقيه، روى عن أبيه بسنده إلى جدِّ أبيه الداعي بن زيد جميع مصنَّفات الفقهاء...، روى عنه السيِّد عليُّ بن طاوس الحسني الحلِّي وكان صديقه وعبَّر عنه في كُتُبه بأخي، ووصفه بالقاضي، وروى عنه أيضاً سديد الدِّين يوسف بن المطهَّر والد العلَّامة الحلِّي، ومحمّد بن أحمد بن صالح القُسِّيني، وكان زاهداً، عابداً، صاحب كرامات، تُوفِّي سنة أربع وخمسين وستّمائة. راجع: موسوعة طبقات الفقهاء (ج 7/ ص 249 و250/ الرقم 2592).

(١٠٥)

يوم الأربعاء المذكور، فزرنا، وجاء الليل في ليلة الخميس تاسع عشر جمادي الأُخرى المذكورة، فوجدت من نفسي إقبالاً على الله، وحضوراً وخيراً كثيراً، فشاهدت ما يدلُّ على القبول والعناية والرأفة وبلوغ المأمول والضيافة، فحدَّثني أخي الصالح محمّد بن محمّد الآوي (ضاعف الله سعادته) أنَّه رأى في تلك الليلة في منامه كأنَّ في يدي لقمة وأنا أقول له: هذه من فم مولانا المهدي (عجَّل الله فرجه)، وقد أعطيته بعضها.
فلمَّا كان سحر تلك الليلة، كنت على ما تفضَّل الله به من نافلة الليل، فلمَّا أصبحنا به من نهار الخميس المذكور، دخلت الحضرة حضرة مولانا عليٍّ (صلوات الله عليه) على عادتي، فورد عليَّ من فضل الله وإقباله والمكاشفة ما كدت أسقط على الأرض، ورجفت أعضائي وأقدامي، وارتعدت رعدة هائلة، على عوائد فضله عندي وعنايته لي، وما أراني من برِّه لي ورفدي، وأشرفت على الفناء ومفارقة دار الفناء والانتقال إلى دار البقاء، حتَّى حضر الجمال محمّد بن كنيلة، وأنا في تلك الحال، فسلَّم عليَّ، فعجزت عن مشاهدته، وعن النظر إليه، وإلى غيره، وما تحقَّقته، بل سألت عنه بعد ذلك، فعرَّفوني به تحقيقاً، وتجدَّدت في تلك الزيارة مكاشفات جليلة، و بشارات جميلة.
وحدَّثني أخي الصالح محمّد بن محمّد بن محمّد الآوي (ضاعف الله سعادته) بعدَّة بشارات رواها لي، منها أنَّه رأى كأنَّ شخصاً يقصُّ عليه في المنام مناماً، ويقول له: قد رأيت كأنَّ فلاناً - يعني عنِّي، وكأنَّني كنت حاضراً لـمَّا كان المنام يُقَصُّ عليه - راكب فرساً، وأنت - يعني الأخ الصالح الآوي - وفارسان آخران قد صعدتم جميعاً إلى السماء.
قال: فقلت له: أنت تدري أحد الفارسين من هو؟
فقال صاحب المنام: في حال النوم لا أدري، فقلت أنت - يعني عنيِّ -: ذلك مولانا المهدي (صلوات الله وسلامه عليه).

(١٠٦)

وتوجَّهنا من هناك لزيارة أوَّل رجب بالحلَّة، فوصلنا ليلة الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة بحسب الاستخارة، فعرَّفني حسن بن البقلي يوم الجمعة المذكورة أنَّ شخصاً فيه صلاح يقال له: عبد المحسن، من أهل السواد قد حضر بالحلَّة، وذكر أنَّه قد لقيه مولانا المهدي (صلوات الله عليه) ظاهراً في اليقظة، وقد أرسله إلى عندي برسالة، فنفذت قاصداً وهو محفوظ بن قرا فحضرا ليلة السبت ثامن عشر من جمادي الآخرة المقدَّم ذكرها.
فخلوت بهذا الشيخ عبد المحسن فعرَّفته، فهو رجل صالح لا يشكُّ النفس في حديثه، ومستغنٍ عنَّا، وسألته، فذكر أنَّ أصله من حصن بشر، وأنَّه انتقل إلى الدولاب الذي بإزاء المحولة المعروفة بالمجاهديَّة، ويُعرَف الدولاب بابن أبي الحسن، وأنَّه مقيم هناك، وليس له عمل بالدولاب ولا زرع، ولكنَّه تاجر في شراء غليلات وغيرها، وأنَّه كان قد ابتاع غلَّة من ديوان السرائر وجاء ليقبضها، وبات عند المعيديَّة في المواضع المعروفة بالمحبر.
فلمَّا كان وقت السحر كره استعمال ماء المعيديَّة، فخرج بقصد النهر، والنهر في جهة المشرق، فما أحسَّ بنفسه إلَّا وهو في قل السلم، في طريق مشهد الحسين (عليه السلام)، في جهة المغرب، وكان ذلك ليلة الخميس تاسع عشر شهر جمادي الآخرة من سنة إحدى وأربعين وستّمائة التي تقدَّم شرح بعض ما تفضَّل الله عليَّ فيها وفي نهارها في خدمة مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام).
فجلست أُريق ماءً، وإذا فارس عندي ما سمعت له حسًّا، ولا وجدت لفرسه حركةً ولا صوتاً، وكان القمر طالعاً، ولكن كان الضباب كثيراً.
فسألته عن الفارس وفرسه، فقال: كان لون فرسه صدءاً، وعليه ثياب بيض، وهو متحنِّك بعمامة ومتقلِّد بسيف.
فقال الفارس لهذا الشيخ عبد المحسن: كيف وقت الناس؟

(١٠٧)

قال عبد المحسن: فظننت أنَّه يسأل عن ذلك الوقت، قال: فقلت: الدنيا عليه ضباب وغبرة.
فقال: ما سألتك عن هذا، أنا سألتك عن حال الناس.
قال: فقلت: الناس طيِّبين مرخَّصين آمنين في أوطانهم وعلى أموالهم.
فقال: تمضي إلى ابن طاوس، وتقول له كذا وكذا، وذكر لي ما قال (صلوات الله عليه)، ثمّ قال عنه (عليه السلام): فالوقت قد دنا، فالوقت قد دنا.
قال عبد المحسن: فوقع في قلبي وعرفت نفسي أنَّه مولانا صاحب الزمان (عليه السلام)، فوقعت على وجهي، وبقيت كذلك مغشيًّا عليَّ إلى أنْ طلع الصبح، قلت له: فمن أين عرفت أنَّه قصد ابن طاوس عنَّي؟
قال: ما أعرف من بني طاوس إلَّا أنت، وما في قلبي إلَّا أنَّه قصد بالرسالة إليك.
قلت: أيّ شيء فهمت بقوله (عليه السلام): فالوقت قد دنا فالوقت قد دنا؟ هل قصد وفاتي قد دنا، أم قد دنا وقت ظهوره (صلوات الله وسلامه عليه)؟
فقال: بل قد دنا وقت ظهوره (صلوات الله عليه).
قال: فتوجَّهت ذلك الوقت إلى مشهد الحسين (عليه السلام)، وعزمت أنَّني ألزم بيتي مدَّة حياتي أعبد الله تعالى، وندمت كيف ما سألته (صلوات الله عليه) عن أشياء كنت أشتهي أسأله فيها.
قلت له: هل عرَّفت بذلك أحداً؟
قال: نعم، عرَّفت بعض من كان عرف بخروجي من المعيديَّة، وتوهَّموا أنِّي قد ضللت وهلكت بتأخيري عنهم، واشتغالي بالغشية التي وجدتها، ولأنَّهم كانوا يروني طول ذلك النهار يوم الخميس في أثر الغشية التي لقيتها من خوفي منه (عليه السلام)، فوصَّيته أنْ لا يقول ذلك لأحد أبداً، وعرضت عليه شيئاً، فقال: أنا مستغنٍ عن الناس وبخير كثير.

(١٠٨)

فقمت أنا وهو، فلمَّا قام عنِّي نفذت له غطاءً، وبات عندنا في المجلس على باب الدار التي هي مسكني الآن بالحلَّة، فقمت وكنت أنا وهو في الروشن في خلوة، فنزلت لأنام، فسألت الله زيادة كشف في المنام في تلك الليلة أراه أنا، فرأيت كأنَّ مولانا الصادق (عليه السلام) قد جاءني بهديَّة عظيمة، وهي عندي وكأنَّني ما أعرف قدرها، فاستيقظت وحمدت الله، وصعدت الروشن لصلاة نافلة الليل، وهي ليلة السبت ثامن عشر جمادي الآخرة، فأصعد فتح الإبريق إلى عندي، فمددت يدي، فلزمت عروته لأُفرغ على كفِّي، فأمسك ماسك فم الإبريق وأداره عنِّي ومنعني من استعمال الماء في طهارة الصلاة، فقلت: لعلَّ الماء نجس، فأراد الله أنْ يصونني عنه، فإنَّ لله (عزَّ وجلَّ) عليَّ عوائد كثيرة أحدها مثل هذا وأعرفها، فناديت إلى فتح، وقلت: من أين ملأت الإبريق؟ فقال: من المصبَّة، فقلت: هذا لعلَّه نجس، فاقلبه وطهِّره واملأه من الشطِّ، فمضى وقلبه وأنا أسمع صوت الإبريق وشطفه، وملأه من الشطِّ وجاء به، فلزمت عروته وشرعت أقلب منه على كفِّي، فأمسك ماسك فم الإبريق وأداره عنِّي ومنعني منه.
فعدت وصبرت، ودعوت بدعوات، وعاودت الإبريق وجرى مثل ذلك، فعرفت أنَّ هذا منع لي من صلاة الليل تلك الليلة، وقلت في خاطري: لعلَّ الله يريد أنْ يجري عليَّ حكماً وابتلاءً غداً ولا يريد أنْ أدعو الليلة في السلامة من ذلك، وجلست لا يخطر بقلبي غير ذلك. فنمت وأنا جالس، وإذا برجل يقول لي - يعني عبد المحسن الذي جاء بالرسالة -: كأنَّه ينبغي أنْ تمشي بين يديه، فاستيقظت ووقع في خاطري أنَّني قد قصَّرت في احترامه وإكرامه، فتبت إلى الله (جلَّ جلاله)، واعتمدت ما يعتمد التائب من مثل ذلك، وشرعت في الطهارة، فلم يُمسَك أبداً [فم] الإبريق وتُرِكْتُ على عادتي، فتطهَّرت وصلَّيت ركعتين، فطلع

(١٠٩)

الفجر، فقضيت نافلة الليل، وفهمت أنَّني ما قمت بحقِّ هذه الرسالة. فنزلت إلى الشيخ عبد المحسن، وتلقَّيته وأكرمته، وأخذت له من خاصَّتي ستانير ومن غير خاصَّتي خمسة عشر ديناراً ممَّا كنت أحكم فيه كمالي، وخلوت به في الروشن، وعرضت ذلك عليه، واعتذرت إليه، فامتنع من قبول شيء أصلاً.
وقال: إنَّ معي نحو مائة دينار، وما آخذ شيئاً، اعطه لمن هو فقير، وامتنع غاية الامتناع.
فقلت: إنَّ رسول مثله (عليه الصلاة والسلام) يُعطى لأجل الإكرام لمن أرسله لا لأجل فقره وغناه، فامتنع، فقلت له: مبارك، أمَّا الخمسة عشر فهي من غير خاصَّتي، فلا أُكرهك على قبولها، وأمَّا هذه الستَّة دنانير فهي من خاصَّتي فلا بدَّ أنْ تقبلها منِّي، فكاد أنْ يؤيسني من قبولها، فألزمته فأخذها وعاد تركها، فألزمته فأخذها، وتغدَّيت أنا وهو، ومشيت بين يديه كما أُمرت في المنام إلى ظاهر الدار، وأوصيته بالكتمان.
والحمد لله، وصلَّى الله على سيِّد المرسَلين محمّد وآله الطاهرين.
ومن عجيب زيادة بيان هذا الحال: أنِّي توجَّهت في ذلك الأُسبوع يوم الاثنين الثالث من جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وستّمائة إلى مشهد الحسين (عليه السلام) لزيارة أوَّل رجب، أنا وأخي الصالح محمّد بن محمّد بن محمّد (ضاعف الله سعادته).
فحضر عندي سحر ليلة الثالث أوَّل رجب المبارك سنة إحدى وأربعين وستّمائة المقرئ محمّد بن سويد في بغداد، وذكر ابتداءً من نفسه أنَّه رأى ليلة السبت ثامن عشر من جمادى الآخرة المتقدِّم ذكرها كأنَّني في داري وقد جائني رسول إليك، وقالوا: هو من عند الصاحب.
قال محمّد بن سويد: فظنَّ بعض الجماعة أنَّه من عند أُستاد الدار قد جاء إليك برسالة.

(١١٠)

قال محمّد بن سويد: وأنا عرفت أنَّه من عند صاحب الزمان (عليه السلام).
قال: فغسل محمّد بن سويد يديه وطهَّرهما، وقام إلى رسول مولانا المهدي (عليه السلام)، فوجده قد أحضر معه كتاباً من مولانا المهدي (صلوات الله عليه) إلى عندي، وعلى الكتاب المذكور ثلاثة ختوم.
قال المقرئ محمّد بن سويد: فتسلَّمت الكتاب من رسول مولانا المهدي (عليه السلام) بيدي المشطوفة، قال: وسلَّمه إليك - يعني عنِّي -.
قال: وكان أخي الصالح محمّد بن محمّد الآوي (ضاعف الله سعادته) حاضراً فقال: ما هذا؟ فقلت: هو يقول لك.
قال عليُّ بن موسى بن طاوس: فتعجَّبت من أنَّ هذا محمّد بن سويد قد رأى المنام في الليلة التي حضر عندي فيها الرسول المذكور، وما كان عنده خبر من هذه الأُمور، والحمد لله(132).
27 جمادى الآخرة: 1 - سنة (13هـ): ذكرى وفاة أبي بكر ودخول يهودي على الإمام عليٍّ (عليه السلام) وسؤاله عن سبع مسائل منها أوصياء النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعددهم:
قال الحمويني في (فرائد السمطين): أخبرني الشيخ الإمام العلَّامة نجم الدِّين أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلِّي - كتابةً في شهر ربيع شهور سنة إحدى وسبعين وستّمائة - وأبيه، عن السيِّد النسَّابة فخار بن معد بن فخار الموسوي، عن شاذان بن جبرئيل، عن جعفر بن محمّد الدوري، عن أبيه، عن أبي جعفر محمّد بن عليِّ بن الحسين، قال: حدَّثني محمّد بن عليٍّ ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: نبَّأنا محمّد بن أبي القاسم، عن حبَّان السرَّاج، عن داود بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(132) جنَّة المأوى (ص 24 - 30/ الحكاية الثانية).

(١١١)

سليمان الكسائي، عن أبي الطفيل، قال: شهدت جنازة أبي بكر يوم مات وشهدت عمر حين بويع وعليٌّ جالس ناحية إذ أقبل غلام يهودي عليه ثياب حسان وهو من ولد هارون حتَّى قام على رأس عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، أنت أعلم هذه الأُمَّة بكتابهم وأمر نبيِّهم؟ قال: فطأطأ رأسه فقال: إيَّاك أعني، وأعاد عليه القول، فقال له عمر: ما ذاك؟ قال: إنِّي جئتك مرتاداً لنفسي شاكًّا في ديني، فقال: دونك هذا الشابّ، قال: ومن هذا الشابّ؟ قال: هذا عليُّ بن أبي طالب، ابن عمِّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهو أبو الحسن والحسين (عليهما السلام) ابني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهذا زوج فاطمة بنت رسول الله، فأقبل اليهودي على عليٍّ (عليه السلام)، قال: كذلك أنت؟ قال: «نعم». قال: إنِّي أُريد أنْ أسألك عن ثلاث، وثلاث، وواحدة، قال: فتبسَّم عليٌّ (عليه السلام) ثمّ قال: «يا هاروني، ما منعك أنْ تقول: سبعاً؟»، فقال: أسألك عن ثلاث فإنْ علمتهنَّ سألت عمَّا بعدهنَّ، وإنْ لم تعلمهنَّ علمت أنَّه ليس فيكم علم، قال عليٌّ: «فإنَّني أسألك بالإله الذي تعبد لئن أجبتك في كلِّ ما تريد لتدعنَّ دينك ولتدخلنَّ في ديني؟»، قال: ما جئت إلَّا لذاك، قال: «فاسأل»، قال: فأخبرني عن أوَّل قطرة دم قطرت على وجه الأرض أيّ قطرة هي؟ وأوَّل عين فاضت على وجه الأرض أيّ عين هي؟ وأوَّل شيء اهتزَّ على وجه الأرض أيّ شيء هو؟ فأجابه أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: فأخبر عن الثلاث الأُخَر، أخبرني عن محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كم بعده من إمام عدل؟ وفي أيِّ جنَّة يكون؟ ومن يساكنه معه في جنَّته؟ فقال: «يا هاروني، إنَّ لمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الخلفاء اثنا عشر إماماً عدلاً لا يضرُّهم من خذلهم، ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم، وأنَّهم أرسب في الدِّين من الجبال الرواسي في الأرض، ومسكن محمّد في جنَّته مع أُولئك الاثني عشر إماماً العدل»، قال: صدقت، والله الذي لا إله إلَّا هو إنِّي لأجدها في كُتُب أبي هارون كتبه بيده وإملاء موسى (عليه السلام)، قال: فأخبرني عن الواحدة، أخبرني

(١١٢)

عن وصيِّ محمّد كم يعيش من بعده؟ وهل يموت أو يُقتَل؟ قال: «يا هاروني، يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوماً ولا ينقص يوماً، ثمّ يُضرَب ضربة هنا يعني قرنه فتخضب هذه من هذا»، قال: فصاح الهاروني وقطع تسبيحه وهو يقول: أشهد أنْ لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله، وأنَّك وصيُّه، ينبغي تفوق ولا تفاق، وأنْ تُعظَّم ولا تُستَضعف، ثمّ مضى به عليٌّ (عليه السلام) إلى منزله فعلَّمه معالم الدِّين(133).
ورواه الكليني (رحمه الله) عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن حيَّان السرَّاج، عن داود بن سليمان الكسائي، عن أبي الطفيل(134).
وروى النعماني (رحمه الله) قريباً منها عن أبي العبَّاس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة الكوفي، قال: حدَّثنا محمّد بن المفضَّل بن إبراهيم بن قيس بن رُمَّانة الأشعري من كتابه، قال: حدَّثنا إبراهيم بن مهزم، قال: حدَّثنا خاقان بن سليمان الخزَّاز، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني، عن أبي هارون العبدي، عن عمر بن أبي سَلَمة ربيب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة(135).
وروى الصدوق (رحمه الله) أربع روايات بهذا المضمون في (كمال الدِّين): الأُولى عن أبيه ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله ومحمّد بن يحيى العطَّار وأحمد بن إدريس جميعاً، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ويعقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم جميعاً، عن ابن فضال، عن أيمن بن محرز الحضرمي، عن محمّد بن سماعة الكندي، عن إبراهيم بن يحيى المديني، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(133) انظر: شرح إحقاق الحقِّ (ج 8/ شرح صفحة 215 و216)، عن فرائد السمطين.
(134) الكافي (ج 1/ ص 529 و530/ باب فيما جاء في الاثني عشر.../ ح 5).
(135) الغيبة للنعماني (ص 97 - 100/ باب 4/ ح 29).

(١١٣)

والثانية عن محمّد بن عليٍّ ماجيلويه، عن محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن حيَّان السرَّاج، عن داود بن سليمان الغسَّاني، عن أبي الطفيل.
والثالثة عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي يحيى المديني، عن أبي عبد الله (عليه السلام).
والرابعة عن أبيه ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطَّاب، عن الحَكَم بن مسكين الثقفي، عن صالح بن عقبة، عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام)(136).
2 - سنة (13هـ): امتناع الإمام عليٍّ (عليه السلام) من إعطاء القرآن الذي جمعه إلى عمر وظهوره على يد مهدي آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
روى الطبرسي (رحمه الله) أنَّه لـمَّا استخلف عمر سأل عليًّا (عليه السلام) أنْ يدفع إليهم القرآن فيُحرِّفوه فيما بينهم، فقال: يا أبا الحسن، إنْ جئت بالقرآن الذي كنت قد جئت به إلى أبي بكر حتَّى نجتمع عليه، فقال (عليه السلام): «هيهاتَ ليس إلى ذلك سبيل، إنَّما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجَّة عليكم، ولا تقولوا يوم القيامة: ﴿إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 172]، أو تقولوا: ما جئتنا به، إنَّ القرآن الذي عندي لا يمسُّه إلَّا المطهَّرون والأوصياء من ولدي»، قال عمر: فهل لإظهاره وقت معلوم. فقال (عليه السلام): «نعم، إذا قام القائم من ولدي، يُظهره ويحمل الناس عليه، فتجري السُنَّة به (صلوات الله عليه)»(137).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(136) كمال الدِّين (ص 296 - 302/ باب 26/ ح 5 - 8).
(137) الاحتجاج (ج 1/ ص 225 - 228).

(١١٤)

أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم:
سنة (36هـ): خطبة عليٍّ (عليه السلام) قبل خروجه من البصرة، وفيها ذكر المهدي (عجَّل الله فرجه) والعلامات قبله:
قال السيِّد ابن طاوس في (الملاحم والفتن): الباب (58): فيما نذكره من خطبة مولانا عليٍّ (عليه السلام) المعروفة باللؤلؤة، ذكر السليلي أنَّه خطب بها قبل خروجه من البصرة بخمسة عشر يوماً يذكر فيها ملوك بني العبَّاس وما بعدهم، نقتصر منها على ما بعدهم، وفيه ذكر المهدي. فقال فيها بعد تسمية ملوك بني العبَّاس: «وثمَّت الفتنة الغبراء، والقلادة الحمراء، وفي عنقها قائم الحقِّ، ثمّ أسفر عن وجه بين أجنحة الأقاليم كالقمر المضيء بين الكواكب الدراري، ألَا وإنَّ لخروجه علامات عشرة، فأوَّلهنَّ طلوع الكوكب المذنب، ويقارب من المحاذي، وأيّ قرب، ويتبع به هرج وشغب، فتلك أوَّل علامات المغيب، ومن العلامة إلى العلامة عجب، فإذا انقضت العلامات العشر ظهر فيها القمر الأزهر، وتمَّت كلمة الإخلاص على التوحيد بالله ربِّ العالمين»(138).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(138) الملاحم والفتن (ص 270/ ح 392).

(١١٥)

1 رجب المرجَّب: 1 - سنة (641هـ): زيارة السيِّد ابن طاوس (رحمه الله) للإمام الحسين (عليه السلام) في أوَّل رجب:
راجع ما ذُكِرَ في (17/ جمادى الآخرة/ 641هـ) تحت عنوان: (تشرُّف ابن طاوس بزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) وحصوله على مكاشفات عظيمة ولقاؤه برسول الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)).
2 - سنة الظهور: انتهاء هطول الأمطار في أوَّل شهر رجب:
راجع ما ذُكِرَ في (20/ جمادى الأُولى/ سنة الظهور) تحت عنوان: (بداية هطول الأمطار الغزيرة والتي تستمرُّ أربعين يوماً على رواية (إلزام الناصب)).
10 رجب المرجَّب: سنة الظهور: انتهاء مطر السماء في اليوم العاشر من رجب:
راجع ما ذُكِرَ في (جمادى الآخرة/ سنة الظهور) تحت عنوان: (ابتداء المطر بشكل غزير واستمراره أربعين يوماً حتَّى تنبت لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم).
13 رجب المرجَّب: وصول توقيع الإمام (عجَّل الله فرجه) لوكيله القاسم بن العلاء يُخبره بوفاته بعد أربعين يوماً من وصول التوقيع، وفي القصَّة عِبَر ومواعظ كثيرة:
روى الطوسي (رحمه الله) عن محمّد بن محمّد بن النعمان والحسين بن عبيد الله،

(١١٩)

عن محمّد بن أحمد الصفواني (رحمه الله)، قال: رأيت القاسم بن العلاء(139) وقد عمَّر مائة سنة وسبع عشرة سنة، منها ثمانون سنة صحيح العينين، لقي مولانا أبا الحسن وأبا محمّد العسكريَّين (عليهما السلام). وحُجِبَ بعد الثمانين، ورُدَّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيَّام. وذلك أنِّي كنت مقيماً عنده بمدينة الران من أرض آذربايجان، وكان لا تنقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) على يد أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري وبعده على [يد] أبي القاسم [الحسين] بن روح (قدَّس الله روحهما)، فانقطعت عنه المكاتبة نحواً من شهرين، فقلق (رحمه الله) لذلك.
فبينا نحن عنده نأكل إذ دخل البوَّاب مستبشراً، فقال له: فيج العراق، لا يُسمَّى بغيره، فاستبشر القاسم وحوَّل وجهه إلى القبلة فسجد، ودخل كهل قصير يُرى أثر الفيوج عليه، وعليه جُبَّة مصريَّة، وفي رجله نعل محاملي، وعلى كتفه مخلاة، فقام القاسم فعانقه ووضع المخلاة عن عنقه، ودعا بطشت وماء فغسل يده وأجلسه إلى جانبه، فأكلنا وغسلنا أيدينا، فقام الرجل فأخرج كتاباً أفضل من النصف(140) المدرج، فناوله القاسم، فأخذه وقبَّله ودفعه إلى كاتب له يقال له: ابن أبي سَلَمة، فأخذه أبو عبد الله ففضَّه وقرأه حتَّى أحسَّ القاسم بنكاية. فقال: يا أبا عبد الله، خير؟ فقال: خير، فقال: ويحك خرج فيَّ شيء؟ فقال أبو عبد الله: ما تكره فلا، قال القاسم: فما هو؟ قال: نعي الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوماً، وقد حمل إليه سبعة أثواب، فقال القاسم: في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(139) هو القاسم بن العلاء الهمداني من أهالي مدينة آذربايجان، لم يرد تاريخ حياته في المصادر إلَّا أنَّه يُستفاد من الروايات أنَّه عاصر الإمام الرضا (عليه السلام) وكان حيًّا إلى أيَّام سفارة السفير الثالث حسين بن روح. عدَّه الصدوق (رحمه الله) من جملة وكلاء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وقال: (ومن أهل آذربيجان: القاسم بن العلاء). كمال الدِّين (ص 442/ باب 43/ ح 16).
(140) قال المجلسي (رحمه الله): (قوله: (أفضل من النصف): يصف كبره، أي كان أكبر من نصف ورق مدرج، أي مطوي). بحار الأنوار (ج 51/ ص 316/ ذيل الحديث 37).

(١٢٠)

سلامة من ديني؟ فقال: في سلامة من دينك، فضحك (رحمه الله) فقال: ما أُؤمِّل بعد هذا العمر؟
فقام الرجل الوارد فأخرج من مخلاته ثلاثة أُزُر وحبرة يمانيَّة حمراء وعمامة وثوبين ومنديلاً، فأخذه القاسم، وكان عنده قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبو الحسن (عليه السلام)، وكان له صديق يقال له: عبد الرحمن بن محمّد البدري(141)، وكان شديد النصب، وكان بينه وبين القاسم (نضَّر الله وجهه) مودَّة في أُمور الدنيا شديدة، وكان القاسم يودُّه، و(قد) كان عبد الرحمن وافى إلى الدار لإصلاح بين أبي جعفر بن حمدون الهمداني وبين ختنه ابن القاسم.
فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين معه أحدهما يقال له: أبو حامد عمران بن المفلس، والآخر أبو عليّ بن جحدر: أنْ اقرئا هذا الكتاب عبد الرحمن ابن محمّد فإنِّي أُحِبُّ هدايته وأرجو [أنْ] يهديه الله بقراءة هذا الكتاب، فقالا له: الله الله الله، فإنَّ هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة فكيف عبد الرحمن بن محمّد؟ فقال: أنا أعلم أنِّي مفشٍ لسرٍّ لا يجوز لي إعلانه، لكن من محبَّتي لعبد الرحمن بن محمّد وشهوتي أنْ يهديه الله (عزَّ وجلَّ) لهذا الأمر هو ذا، اقرأه الكتاب.
فلمَّا مرَّ [في] ذلك اليوم - وكان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب - دخل عبد الرحمن بن محمّد وسلَّم عليه، فأخرج القاسم الكتاب فقال له: اقرأ هذا الكتاب وانظر لنفسك، فقرأ عبد الرحمن الكتاب، فلمَّا بلغ إلى موضع النعي رمى الكتاب عن يده وقال للقاسم: يا با محمّد، اتَّق الله فإنَّك رجل فاضل في دينك، متمكِّن من عقلك، والله (عزَّ وجلَّ) يقول: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَا ذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ [لقمان: 34]، وقال: ﴿عَالِمُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(141) هو عبد الرحمن بن محمّد السنيزي، قال النمازي في مستدرك علم الرجال (ج 4/ ص 419/ الرقم 7773): (لم يذكروه، كان شديد النصب، فحسنت عاقبته ببركة توقيع وليِّ العصر (عليه السلام)).

(١٢١)

الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً﴾، فضحك القاسم وقال له: أتمَّ الآية: ﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ [الجنّ: 26 و27]، ومولاي (عليه السلام) هو الرضا من الرسول، وقال: قد علمت أنَّك تقول هذا، ولكن أرِّخ اليوم، فإنْ أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرَّخ في هذا الكتاب فاعلم أنِّي لست على شيء، وإنْ أنا متُّ فانظر لنفسك، فورَّخ عبد الرحمن اليوم وافترقوا.
وحمَّ القاسم يوم السابع من ورود الكتاب، واشتدَّت به في ذلك اليوم العلَّة، واستند في فراشه إلى الحائط، وكان ابنه الحسن بن القاسم مدمناً على شرب الخمر، وكان متزوِّجاً إلى أبي عبد الله بن حمدون الهمداني، وكان جالساً ورداؤه مستور على وجهه في ناحية من الدار، وأبو حامد في ناحية، وأبو عليّ بن جحدر وأنا وجماعة من أهل البلد نبكي، إذ اتَّكى القاسم على يديه إلى خلف وجعل يقول: يا محمّد، يا عليُّ، يا حسن، يا حسين، يا موالي كونوا شفعائي إلى الله (عزَّ وجلَّ)، وقالها الثانية، وقالها الثالثة. فلمَّا بلغ في الثالثة: يا موسى، يا عليُّ، تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان، وانتفخت حدقته، وجعل يمسح بكمِّه عينيه، وخرج من عينيه شبيه بماء اللحم مدَّ طرفه إلى ابنه، فقال: يا حسن إليَّ، يا با حامد [إليَّ]، يا با عليٍّ (إليَّ)، فاجتمعنا حوله ونظرنا إلى الحدقتين صحيحتين، فقال له أبو حامد: تراني؟ وجعل يده على كلِّ واحدٍ منَّا، وشاع الخبر في الناس والعامَّة، و(انتابه) الناس من العوامِّ ينظرون إليه.
وركب القاضي إليه وهو أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي وهو قاضي القضاة ببغداد(142)، فدخل عليه فقال له: يا با محمّد، ما هذا الذي بيدي؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(142) هو عتبة بن عبيد الله بن موسى الهمذاني الشافعي أبو السائب، تولَّى القضاء في مراغة وآذربايجان وهمذان، ثمّ قَدِمَ بغداد فكان أوَّل شافعي ولي قضاء بغداد، عاش ستًّا وثمانين سنة، وتُوفِّي في ربيع الآخر سنة خمسين أو إحدى وخمسين وثلاثمائة. راجع: سير أعلام النبلاء (ج 16: 47/ الرقم 32)، تاريخ بغداد (ج 12/ ص 316 - 318/ الرقم 6765).

(١٢٢)

وأراه خاتماً فصّه فيروزج، فقرَّبه منه فقال: عليه ثلاثة أسطر، فتناوله القاسم (رحمه الله) فلم يمكنه قراءته، وخرج الناس متعجِّبين يتحدَّثون بخبره، والتفت القاسم إلى ابنه الحسن فقال له: إنَّ الله منزِّلك منزلة ومرتِّبك مرتبة فاقبلها بشكر، فقال له الحسن: يا أبه، قد قبلتها، قال القاسم: على ماذا؟ قال: على ما تأمرني به يا أبه، قال: على أنْ ترجع عمَّا أنت عليه من شرب الخمر، قال الحسن: يا أبه، وحقِّ من أنت في ذكره لأرجعنَّ عن شرب الخمر، ومع الخمر أشياء لا تعرفها، فرفع القاسم يده إلى السماء وقال: اللَّهُمَّ ألهم الحسن طاعتك، وجنِّبه معصيتك ثلاث مرَّات، ثمّ دعا بدرج فكتب وصيَّته بيده (رحمه الله) وكانت الضياع التي في يده لمولانا وقف وقفه (أبوه). وكان فيما أوصى الحسن أنْ قال: يا بنيَّ، إنْ أُهِّلت لهذا الأمر - يعني الوكالة لمولانا - فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيذه، وسائرها ملك لمولاي، وإنْ لم تُؤهَّل له فاطلب خيرك من حيث يتقبَّل الله، وقبل الحسن وصيَّته على ذلك.
فلمَّا كان في يوم الأربعين وقد طلع الفجر مات القاسم (رحمه الله)، فوافاه عبد الرحمن يعدو في الأسواق حافياً حاسراً وهو يصيح: وا سيِّداه، فاستعظم الناس ذلك منه وجعل الناس يقولون: ما الذي تفعل بنفسك؟ فقال: اسكتوا فقد رأيت ما لم تروه، وتشيَّع ورجع عمَّا كان عليه، ووقف الكثير من ضياعه.
وتولَّى أبو عليّ بن جحدر غسل القاسم وأبو حامد يصبُّ عليه الماء، وكُفِّن في ثمانية أثواب على بدنه قميص مولاه أبي الحسن وما يليه السبعة الأثواب التي جاءته من العراق. فلمَّا كان بعد مدَّة يسيرة ورد كتاب تعزية على الحسن من مولانا (عليه السلام) في آخره دعاء: «ألهمك الله طاعته وجنَّبك معصيته»، وهو الدعاء الذي كان دعا به أبوه، وكان آخره: «قد جعلنا أباك إماماً لك، وفعاله لك مثالاً»(143).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(143) الغيبة للطوسي (ص 310 - 315/ ح 263)، الثاقب في المناقب (ص 590 - 593/ ح 536/2)، منتخب الأنوار المضيئة (ص 239 - 244).

(١٢٣)

ليلة 16 رجب: سنة (256هـ): علم الإمام العسكري (عليه السلام) وهو في الحبس بقتل المهتدي العبَّاسي وإخباره (عليه السلام) لشخص بأنَّه سيُولَد له الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)(144):
روى الطوسي (رحمه الله) عن سعد بن عبد الله، عن أبي هاشم الجعفري، قال: كنت محبوساً مع أبي محمّد (عليه السلام) في حبس المهتدي(145) بن الواثق، فقال لي: «يا با هاشم، إنَّ هذا الطاغي أراد أنْ يعبث بالله في هذه الليلة وقد بتر الله عمره وجعله للقائم من بعده، ولم يكن لي ولد، وسأُرزق ولداً. قال أبو هاشم: فلمَّا أصبحنا شغب الأتراك على المهتدي فقتلوه وولي المعتمد(146) مكانه، وسلَّمنا الله تعالى(147).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(144) هذا التأريخ وهو سنة (256هـ) يتعارض مع ما تضافرت عليه الروايات من أنَّ ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) كانت سنة (255هـ)، نعم يُعتَبر هذا التاريخ مؤيِّداً لبعض الروايات التي ذكرها الأعلام والتي تنصُّ على أنَّ ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) كانت في سنة (256هـ) في شهر شعبان، فلا تعارض من هذه الجهة.
(145) هو محمّد بن هارون الواثق بن محمّد المعتصم بن هارون الرشيد، أبو عبد الله، المهتدي بالله العبَّاسي، من خلفاء الدولة العبَّاسيَّة، وُلِدَ في القاطول (بسامرَّا) وبويع له بعد خلع المعتزِّ سنة (255هـ) ولم يلبث أنْ انتفض عليه الترك ببغداد، فخرج لقتالهم ونشبت الحرب فتفرَّق عنه من كان معه من جنده - وهم من الترك أيضاً - وانضمُّوا إلى صفوف أصحابهم، فبقي المهتدي في جماعة يسيرة من أنصاره فانهزم...، وأُصيب بطعنة مات على أثرها...، مدَّة خلافته أحد عشر شهراً وأيَّام. الأعلام للزركلي (ج 7/ ص 128).
(146) هو أحمد بن المتوكِّل على الله جعفر بن المعتصم، أبو العبَّاس، المعتمد على الله، خليفة عبَّاسي، وُلِدَ بسامرَّاء، وولي الخلافة سنة (256هـ)‍ بعد مقتل المهتدي بالله بيومين، وطالت أيَّام ملكه، وكانت مضطربة كثيرة العزل والتولية، بتدبير الموالي وغلبتهم عليه، فقام وليُّ عهده أخوه الموفَّق بالله (طلحة) فضبط الأُمور، وصلحت الدولة وانكفَّت يد المعتمد عن كلِّ عمل حتَّى إنَّه احتاج يوماً إلى ثلاث مائة دينار فلم ينلها...، وكان مقام الخلفاء قبله في سامرَّاء فانتقل المعتمد منها إلى بغداد، فلم يعد إليها أحد منهم بعده، ومات أخوه (الموفَّق) سنة (278هـ)‍ فأهمل أمر الرعيَّة، ومات مسموماً، وقيل: رُمِيَ في رصاص مذاب، وكان موته ببغداد، وحُمِلَ إلى سامرَّاء فدُفِنَ فيها. الأعلام للزركلي (ج 1/ ص 106 و107).
(147) الغيبة للطوسي (ص 205/ ح 173)، الخرائج والجرائح (ج 1/ ص 431/ ح 9)، مناقب آل أبي طالب (ج 3/ ص 530).

(١٢٤)

20 رجب المرجَّب: عودة بصر الوكيل القاسم بن العلاء بعد فقدانه (37) سنة:
راجع ما ذُكِرَ في (13/ رجب) تحت عنوان: (وصول توقيع الإمام (عجَّل الله فرجه) لوكيله القاسم بن العلاء يُخبره بوفاته بعد أربعين يوماً من وصول التوقيع، وفي القصَّة عِبَر ومواعظ كثيرة).
26 رجب المرجَّب: 1 - سنة (5 للبعثة): ليلة المعراج وفيها رأى النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ظلَّ القائم (عجَّل الله فرجه) بعد أنْ أخبره الله بما يجري على ابنته وبعلها وولديها من البلاء والقتل، ووعد الله له (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأنْ ينصره بالقائم (عجَّل الله فرجه):
روى ابن قولويه (رحمه الله) عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبد الله بن حمَّاد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن حمَّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لـمَّا أُسري بالنبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى السماء(148) قيل له: إنَّ الله تبارك وتعالى يختبرك في ثلاث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(148) تعتقد الإماميَّة بمعراج النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى السماء السابعة، ومنها إلى سدرة المنتهى، ومنها إلى حُجُب النور، وبمناجاة الله (عزَّ وجلَّ) إيَّاه، وأنَّه عُرِجَ به (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بجسمه وروحه على الصحَّة والحقيقة لا على الرؤيا والمنام، وعن ابن عبَّاس أنَّ المعراج كان مرَّتين: مرَّة من المسجد الحرام، ومرَّة من بيت أُمِّ هانئ ليلة الاثنين في شهر ربيع الأوَّل بعد النبوَّة بسنتين. راجع: جواهر التاريخ (ج 3/ ص 417 - 437/ ملحق رقم 2). وروى الصدوق (رحمه الله) في الخصال (ص 601/ ح 3) عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «عرج النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مائة وعشرين مرَّة، ما من مرَّة إلَّا وقد أوصى الله (عزَّ وجلَّ) فيها النبيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالولاية لعليٍّ والأئمَّة (عليهم السلام) أكثر ممَّا أوصاه بالفرائض.

(١٢٥)

لينظر كيف صبرك، قال: أسلم لأمرك يا ربِّ ولا قوَّة لي على الصبر إلَّا بك، فما هنَّ؟ قيل له: أوَّلهنَّ الجوع والإثرة على نفسك وعلى أهلك لأهل الحاجة، قال: قبلت يا ربِّ ورضيت وسلَّمت ومنك التوفيق والصبر. وأمَّا الثانية فالتكذيب والخوف الشديد وبذلك مهجتك في محاربة أهل الكفر بمالك ونفسك، والصبر على ما يصيبك منهم من الأذى ومن أهل النفاق والألم في الحرب والجراح، قال: قبلت يا ربِّ ورضيت وسلَّمت ومنك التوفيق والصبر. وأمَّا الثالثة فما يلقى أهل بيتك من بعدك من القتل، أمَّا أخوك عليٌّ فيلقى من أُمَّتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجحد والظلم وآخر ذلك القتل، فقال: يا ربِّ قبلت ورضيت ومنك التوفيق والصبر. وأمَّا ابنتك فتُظلَم وتُحرَم ويُؤخَذ حقُّها غصباً الذي تجعله لها، وتُضرَب وهي حامل، ويدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير إذن، ثمّ يمسُّها هوان وذلٌّ، ثمّ لا تجد مانعاً، وتطرح ما في بطنها من الضرب وتموت من ذلك الضرب. قلت: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، قبلت يا ربِّ وسلَّمت ومنك التوفيق للصبر. ويكون لها من أخيك ابنان، يُقتَل أحدهما غدراً ويُسلَب ويُطعَن تفعل به ذلك أُمَّتك، قلت: يا ربِّ قبلت وسلَّمت، إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، ومنك التوفيق للصبر. وأمَّا ابنها الآخر فتدعوه أُمَّتك للجهاد ثمّ يقتلونه صبراً ويقتلون ولده ومن معه من أهل بيته ثمّ يسلبون حرمه، فيستعين بي وقد مضى القضاء منِّي فيه بالشهادة له ولمن معه، ويكون قتله حجَّة على من بين

(١٢٦)

قطريها، فيبكيه أهل السماوات وأهل الأرضين جزعاً عليه، وتبكيه ملائكة لم يُدركوا نصرته، ثمّ أُخرج من صلبه ذَكَراً به أنصرك، وإنَّ شبحه عندي تحت العرش، يملأ الأرض بالعدل ويطبقها بالقسط، يسير معه الرعب، يقتل حتَّى يُشكَّ فيه، قلت: إنَّا لله. فقيل: ارفع رأسك، فنظرت إلى رجل أحسن الناس صورةً وأطيبهم ريحاً، والنور يسطع من بين عينيه ومن فوقه ومن تحته، فدعوته فأقبل إليَّ، وعليه ثياب النور وسيما كلِّ خير، حتَّى قبَّل بين عيني، ونظرت إلى الملائكة قد حفُّوا به لا يحصيهم إلَّا الله (عزَّ وجلَّ)...»(149).
2 - سنة (5 للبعثة): رؤية النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المعراج تمثال القائم (عجَّل الله فرجه) وهو كالكوكب الدُّرِّي بين سائر الأئمَّة (عليهم السلام):
روى النعماني (رحمه الله) عن أبي الحارث عبد الله بن عبد المَلِك بن سهل الطبراني، قال: حدَّثنا محمّد بن المثنَّى البغدادي، قال: حدَّثنا محمّد بن إسماعيل الرقِّي، قال: حدَّثنا موسى بن عيسى بن عبد الرحمن، قال: حدَّثنا هشام بن عبد الله الدستوائي، قال: حدَّثنا عليُّ بن محمّد، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن محمّد بن عليٍّ الباقر (عليهما السلام)، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إنَّ الله (عزَّ وجلَّ) أوحى إليَّ ليلة أُسري بي: يا محمّد، من خلَّفت في الأرض في أُمَّتك - وهو أعلم بذلك -؟ قلت: يا ربِّ، أخي. قال: يا محمّد، عليُّ بن أبي طالب؟ قلت: نعم، يا ربِّ. قال: يا محمّد، إنِّي أطلعت إلى الأرض إطلاعة فاخترتك منها، فلا أُذكر حتَّى تُذكر معي، فأنا المحمود وأنت محمّد، ثمّ إنِّي أطلعت إلى الأرض إطلاعة أُخرى فاخترت منها عليَّ بن أبي طالب فجعلته وصيَّك، فأنت سيِّد الأنبياء وعليٌّ سيِّد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(149) كامل الزيارات (ص 547 - 551/ باب 108/ ح 840/12).

(١٢٧)

الأوصياء، ثمّ شققت له اسماً من أسمائي، فأنا الأعلى وهو عليٌّ. يا محمّد، إنِّي خلقت عليًّا وفاطمة والحسن والحسين والأئمَّة من نور واحد، ثمّ عرضت ولايتهم على الملائكة، فمن قبلها كان من المقرَّبين، ومن جحدها كان من الكافرين. يا محمّد، لو أنَّ عبداً من عبادي عبدني حتَّى ينقطع ثمّ لقيني جاحداً لولايتهم أدخلته ناري. ثمّ قال: يا محمّد، أتُحِبّ أنْ تراهم؟ فقلت: نعم. فقال: تقدَّم أمامك، فتقدَّمت أمامي فإذا عليُّ بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وعليُّ ابن الحسين، ومحمّد بن عليٍّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليُّ بن موسى، ومحمّد بن عليٍّ، وعليُّ بن محمّد، والحسن بن عليٍّ، والحجَّة القائم كأنَّه الكوكب الدُّرِّي في وسطهم، فقلت: يا ربِّ، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمَّة، وهذا القائم، محلِّل حلالي، ومحرِّم حرامي، وينتقم من أعدائي. يا محمّد، أحببه فإنِّي أُحِبُّه وأُحِبُّ من يُحِبُّه»(150).
3 - سنة (5 للبعثة): رؤية النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المعراج لأنوار الأئمَّة (عليهم السلام) عن يمين العرش مع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في ضحضاح من نور:
روى الجوهري (رحمه الله) في (مقتضب الأثر) حديثاً طويلاً جاء فيه:... فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يا جارود، ليلة أُسري بي إلى السماء أوحى الله (عزَّ وجلَّ) إليَّ أنْ سَلْ من أرسلنا من قبلك من رُسُلنا على ما بُعثوا؟ فقلت: على ما بُعثتم؟ فقالوا: على نبوَّتك وولاية عليِّ بن أبي طالب والأئمَّة منكما، ثمّ أوحي إليَّ أنْ التفت عن يمين العرش، فالتفت فإذا عليٌّ، والحسن، والحسين، وعليُّ بن الحسين، ومحمّد بن عليٍّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليُّ بن موسى، ومحمّد بن عليٍّ، وعليُّ بن محمّد، والحسن بن عليٍّ، والمهدي في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(150) الغيبة للنعماني (ص 94 و95/ باب 4/ ح 24)، مقتضب الأثر (ص 23 و24).

(١٢٨)

ضحضاح من نور يُصَلُّون، فقال لي الربُّ تعالى: هؤلاء الحُجَج لأوليائي، هذا المنتقم من أعدائي»(151).
4 - سنة (5 للبعثة): رؤية النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المعراج مكتوب على ساق العرش اسم الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) يتلألأ من بين أسماء الأئمَّة (عليهم السلام):
روى الخزَّاز (رحمه الله) عن محمّد بن عبد الله الشيباني (رحمه الله)، قال: حدَّثنا رجا ابن يحيى العراني الكاتب، قال: حدَّثنا يعقوب بن إسحاق، عن محمّد بن بشَّار، قال: حدَّثنا محمّد بن جعفر، قال: حدَّثنا شعبة، عن هشام بن زيد، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لـمَّا عُرِجَ بي إلى السماء رأيت على ساق العرش مكتوباً: لا إله إلَّا الله، محمّد رسول الله، أيَّدته بعليٍّ ونصرته، ورأيت اثني عشر اسماً مكتوباً بالنور فيهم عليُّ بن أبي طالب وسبطي وبعدهما تسعة أسماء عليًّا عليًّا ثلاث مرَّات، ومحمّد ومحمّد مرَّتين، وجعفر وموسى والحسن والحجَّة يتلألأ من بينهم، فقلت: يا ربِّ، أسامي من هؤلاء؟ فناداني ربِّي (جلَّ جلاله): هم الأوصياء من ذرّيَّتك، بهم أُثيب وأُعاقب»(152).
5 - سنة (5 للبعثة): إخبار الله تعالى لنبيِّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المعراج عن خروج المهدي (عجَّل الله فرجه) من ولده وذكر علامات ذلك:
روى الصدوق (رحمه الله) عن الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا أبي قال: حدَّثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي، قال: حدَّثنا محمّد بن آدم الشيباني، عن أبيه آدم بن أبي إياس، قال: حدَّثنا المبارك بن فضالة، عن وهب بن منبه، رفعه عن ابن عبَّاس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لـمَّا عُرِجَ بي إلى ربِّي (جلَّ جلاله) أتاني النداء: يا محمّد...، وأعطيتك أنْ أُخرج من صلبه أحد عشر مهديًّا كلُّهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(151) مقتضب الأثر (ص 38)، كنز الفوائد (ص 258)، المحتضر (ص 266/ ح 352).
(152) كفاية الأثر (ص 74 و75).

(١٢٩)

من ذرّيَّتك من البكر البتول، وآخر رجل منهم يُصلِّي خلفه عيسى بن مريم، يملأ الأرض عدلاً كما مُلِئَت منهم ظلماً وجوراً، أُنجي به من الهلكة، وأهدي به من الضلالة، وأُبرئ به من العمى، وأشفي به المريض، فقلت: إلهي وسيِّدي، متى يكون ذلك؟ فأوحى الله (عزَّ وجلَّ): يكون ذلك إذا رُفِعَ العلم، وظهر الجهل، وكثر القُّرَّاء، وقلَّ العمل، وكثر القتل، وقلَّ الفقهاء الهادون، وكثر فقهاء الضلالة والخونة، وكثر الشعراء، واتَّخذ أُمَّتك قبورهم مساجد، وحُلِّيت المصاحف، وزُخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد، وظهر المنكر وأمر أُمَّتك به ونهوا عن المعروف، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وصارت الأُمراء كفرة، وأولياؤهم فجرة وأعوانهم ظلمة، وذوي الرأي منهم فسقة، وعند ذلك ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وخراب البصرة على يد رجل من ذرّيَّتك يتبعه الزنوج، وخروج رجل من ولد الحسين بن عليٍّ، وظهور الدجَّال يخرج بالمشرق من سجستان، وظهور السفياني، فقلت: إلهي، ومتى يكون بعدي من الفتن؟ فأوحى الله إليَّ وأخبرني ببلاء بني أُميَّة وفتنة ولد عمِّي، وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة، فأوصيت بذلك ابن عمِّي حين هبطت إلى الأرض وأدَّيت الرسالة، ولله الحمد على ذلك كما حمده النبيُّون، وكما حمده كلُّ شيء قبلي وما هو خالقه إلى يوم القيامة»(153).
6 - سنة (5 للبعثة): سماع النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المعراج حين وصوله إلى حُجُب النور بعد سدرة المنتهى نداء الله وإخباره بالمهدي (عجَّل الله فرجه) من ولده يعمر به الأرض بالعدل:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن موسى بن المتوكِّل (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمِّه الحسين بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(153) كمال الدِّين (ص 250 - 252/ باب 23/ ح 1).

(١٣٠)

يزيد النوفلي، عن عليِّ بن سالم، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن سعد الخفَّاف، عن الأصبغ بن نباتة، عن عبد الله بن عبَّاس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لـمَّا عُرِجَ بي إلى السماء السابعة ومنها إلى سدرة المنتهى، ومن السدرة إلى حُجُب النور، ناداني ربِّي (جلَّ جلاله): يا محمّد، أنت عبدي وأنا ربُّك، فلي فاخضع، وإيَّاي فاعبد، وعليَّ فتوكَّل، وبي فثق، فإنِّي قد رضيت بك عبداً وحبيباً ورسولاً ونبيًّا، وبأخيك عليٍّ خليفةً وباباً، فهو حجَّتي على عبادي، وإمام لخلقي، به يُعرَف أوليائي من أعدائي، وبه يُميَّز حزب الشيطان من حزبي، وبه يُقام ديني، وتُحفَظ حدودي، وتُنفَذ أحكامي، وبك وبه وبالأئمَّة من ولده أرحم عبادي وإمائي، وبالقائم منكم أُعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه أُطهِّر الأرض من أعدائي وأُورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا، وبه أُحيي عبادي وبلادي بعلمي، وله أُظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي، وإيَّاه أُظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي، وأمدُّه بملائكتي لتُؤيِّده على إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذلك وليِّي حقًّا، ومهدي عبادي صدقاً»(154).
29 رجب المرجَّب: سنة (635هـ): إخبار الرشيد بن ميمون الواسطي أحدَ المؤمنين باستجابة دعائه وتوسُّله لخدمة المولى صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه):
روى المجلسي (رحمه الله) عن كتاب (النجوم) للسيِّد ابن طاوس (رحمه الله)، قال:... ومن ذلك ما عرفته ممَّن تحقَّقت صدقه فيما ذكره، قال: كنت قد سألت مولانا المهدي (صلوات الله عليه) أنْ يأذن لي في أنْ أكون ممَّن يُشرَّف بصحبته وخدمته،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(154) أمالي الصدوق (ص 731/ ح 1002/4)، مشارق أنوار اليقين (ص 90).

(١٣١)

في وقت غيبته، أُسوةً بمن يخدمه من عبيده وخاصَّته، ولم أُطلع على هذا المراد أحداً من العباد، فحضر عندي الرشيد أبو العبَّاس الواسطي(155) يوم الخميس تاسع عشرين رجب سنة خمس وثلاثين وستّمائة، وقال لي ابتداءً من نفسه: قد قالوا لك: «ما قصدنا إلَّا الشفقة عليك، فإنْ كنت تُوطِّن نفسك على الصبر حصل المراد»، فقلت له: عمَّن تقول هذا؟ فقال: عن مولانا المهدي (صلوات الله عليه)(156).
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم:
1 - سنة (120هـ): خروج زيد بن عليٍّ (عليه السلام) إلى العراق وبشارته بأنَّ المهدي (عجَّل الله فرجه) من آل محمّد (عليهم السلام)(157):
روى الخزَّاز (رحمه الله) عن عليِّ بن الحسن بن محمّد، قال: حدَّثنا هارون بن موسى ببغداد في صفر سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، قال: حدَّثنا أحمد بن محمّد المقري مولى بني هاشم في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. قال أبو محمّد: وحدَّثنا أبو حفص عمر بن الفضل الطبري، قال: حدَّثنا محمّد بن الحسن الفرغاني، قال: حدَّثنا عبد الله بن محمّد بن عمرو البلوي. قال أبو محمّد: وحدَّثنا عبد الله بن الفضل بن هلال الطائي بمصر، قال: حدَّثنا عبد الله بن محمّد بن عمر بن محفوظ البلوي، قال: حدَّثني إبراهيم بن عبد الله بن العلا، قال: حدَّثني محمّد بن بكير، قال: دخلت على زيد بن عليٍّ (عليه السلام) وعنده صالح بن بشر، فسلَّمت عليه وهو يريد الخروج إلى العراق، فقلت له: يا ابن رسول الله، حدَّثني بشيء سمعته من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(155) بحار الأنوار (ج 52/ ص 53 و54/ ح 38).
(156) بحار الأنوار (ج 52/ ص 53 و54/ ضمن الحديث 38).
(157) ذكر السيِّد البراقي في تاريخ الكوفة (ص 384) أنَّ زيد بن عليٍّ (عليه السلام) دخل الكوفة في شوَّال سنة (120هـ)، وقبل ذلك كان في البصرة لمدَّة شهرين، فيكون خروجه إلى العراق في شهر رجب.

(١٣٢)

أبيك (عليه السلام). فقال: نعم، حدَّثني أبي عن جدِّه، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «من أنعم الله عليه بنعمة فليحمد الله (عزَّ وجلَّ)، ومن استبطأ الرزق فليستغفر الله، ومن حزنه أمر فليقل: لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله».
فقلت: زدني يا ابن رسول الله. قال: نعم، حدَّثني أبي، عن جدِّه، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أربعة أنا شفيع لهم يوم القيامة: المكرم لذرّيَّتي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أُمورهم عند اضطرارهم إليه، والمحبُّ لهم بقلبه ولسانه».
قال: فقلت: زدني يا ابن رسول الله من فضل ما أنعم الله (عزَّ وجلَّ) عليكم. قال: نعم، حدَّثني أبي، عن جدِّه، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «من أحبَّنا أهل البيت في الله حُشِرَ معنا وأدخلناه معنا الجنَّة». يا ابن بكير، من تمسَّك بنا فهو معنا في الدرجات العلى. يا ابن بكير، إنَّ الله تبارك وتعالى اصطفى محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) واختارنا له ذرّيَّة، فلولانا لم يخلق الله تعالى الدنيا والآخرة. يا ابن بكير، بنا عُرِفَ الله، وبنا عُبِدَ الله، ونحن السبيل إلى الله، ومنَّا المصطفى والمرتضى، ومنَّا يكون المهدي قائم هذه الأُمَّة.

قلت: يا ابن رسول الله، هل عهد إليكم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) متى يقوم قائمكم؟ قال: يا ابن بكير، إنَّك لن تلحقه، وإنَّ هذا الأمر يليه ستَّة من الأوصياء بعد هذا - أي الإمام الصادق (عليه السلام) -، ثمّ يجعل خروج قائمنا فيملأها قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً. فقلت: يا ابن رسول الله، ألست صاحب هذا الأمر؟ فقال: أنا من العترة، فعدت، فعاد إليَّ، فقلت: هذا الذي تقوله عنك أو عن رسول الله؟ فقال: ﴿لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾ [الأعراف: 188]، لا ولكن عهد عهده إلينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثمّ أنشأ يقول:

نحن سادات قريش * * * وقوام الحقِّ فينا

(١٣٣)

نحن أنوار التي من * * * قبل كون الخلق كنَّا
نحن منَّا المصطفى المختار * * * والمهدي منَّا
فينا قد عُرِفَ الله * * * وبالحقِّ أقمنا
سوف يصلاه سعيراً * * * من تولَّى اليوم عنَّا

قال عليُّ بن الحسين: وحدَّثنا محمّد بن الحسين البزوفري بهذا الحديث في مشهد مولانا الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام)، قال: حدَّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدَّثنا محمّد بن يحيى العطَّار. وعن سَلَمة بن الخطَّاب، عن محمّد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً، عن علقمة بن محمّد الحضرمي، عن صالح، قال: كنت عند زيد بن عليٍّ (عليه السلام) فدخل عليه محمّد بن بكير... وذكر الحديث(158).
2 - سنة (265هـ): التاريخ السندي لحديث الصادق (عليه السلام) عن ظهور السفياني في رجب:
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدَّثني محمّد بن المفضَّل بن إبراهيم بن قيس بن رُمَّانة من كتابه في رجب سنة خمس وستِّين ومائتين، قال: حدَّثنا الحسن بن عليِّ بن فضَّال، قال: حدَّثنا ثعلبة بن ميمون أبو إسحاق، عن عيسى بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال: «السفياني من المحتوم، وخروجه في رجب، ومن أوَّل خروجه إلى آخره خمسة عشر شهراً، ستَّة أشهر يقاتل فيها، فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر، ولم يزد عليها يوماً»(159).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(158) كفاية الأثر (ص 298 - 301).
(159) الغيبة للنعماني (ص 310/ باب 18/ ح 1).

(١٣٤)

3 - سنة (277هـ): التاريخ السندي لحديث عليِّ بن الحسن التيملي عن الإمام الصادق (عليه السلام) حول النداء السماوي للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد، قال: حدَّثنا عليُّ بن الحسن التيملي من كتابه في رجب سنة سبع وسبعين ومائتين، قال: حدَّثنا محمّد بن عمر بن يزيد بيَّاع السابري ومحمّد بن الوليد بن خالد الخزَّاز جميعاً، عن حمَّاد بن عثمان، عن عبد الله ابن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنَّه ينادى باسم صاحب هذا الأمر منادٍ من السماء: ألَا إنَّ الأمر لفلان بن فلان، ففيم القتال؟»(160).
4 - سنة (788هـ): حكاية محمود الناصبي وكيفيَّة استبصاره ببركة مولانا صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه):
قال النوري (رحمه الله) في (جنَّة المأوى): حدَّث السيِّد المعظَّم المبجَّل، بهاء الدِّين عليُّ بن عبد الحميد الحسيني النجفي النيلي المعاصر للشهيد الأوَّل في كتاب (الغيبة)، عن الشيخ العالم الكامل القدوة المقرئ الحافظ المحمود الحاجّ المعتمر شمس الحقِّ والدِّين محمّد بن قارون، قال: دُعيت إلى امرأة، فأتيتها وأنا أعلم أنَّها مؤمنة من أهل الخير والصلاح، فزوَّجها أهلها من محمود الفارسي المعروف بأخي بكر، ويقال له ولأقاربه: بنو بكر، وأهل فارس مشهورون بشدَّة التسنُّن والنصب والعداوة لأهل الإيمان، وكان محمود هذا أشدّهم في الباب، وقد وفَّقه الله تعالى للتشيُّع دون أصحابه.
فقلت لها: وا عجباه، كيف سمح أبوكِ بكِ وجعلك مع هؤلاء النواصب؟ وكيف اتَّفق لزوجكِ مخالفة أهله حتَّى يرفضهم؟
فقالت: يا أيُّها المقرئ إنَّ له حكاية عجيبة إذا سمعها أهل الأدب حكموا أنَّها من العجب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(160) الغيبة للنعماني (ص 274 و275/ باب 14/ ح 33).

(١٣٥)

قلت: وما هي؟
فقالت: سَلْه عنها سيُخبرك.
قال الشيخ: فلمَّا حضرنا عنده قلت له: يا محمود، ما الذي أخرجك عن ملَّة أهلك، وأدخلك مع الشيعة؟
فقال: يا شيخ، لـمَّا اتَّضح لي الحقُّ تبعته، اعلم أنَّه قد جرت عادة أهل الفرس أنَّهم إذا سمعوا بورود القوافل عليهم خرجوا يتلقَّونهم، فاتَّفق أنَّا سمعنا بورود قافلة كبيرة، فخرجت ومعي صبيان كثيرون وأنا إذ ذاك صبيٌّ مراهق، فاجتهدنا في طلب القافلة بجهلنا، ولم نُفكِّر في عاقبة الأمر، وصرنا كلَّما انقطع منَّا صبيٌّ من التعب خلُّوه إلى الضعف، فضللنا عن الطريق، ووقعنا في وادٍ لم نكن نعرفه، وفيه شوك، وشجر ودغل، لم نرَ مثله قطُّ، فأخذنا في السير حتَّى عجزنا وتدلَّت ألسنتنا على صدورنا من العطش، فأيقنَّا بالموت، وسقطنا لوجوهنا.
فبينما نحن كذلك إذا بفارس على فرس أبيض، قد نزل قريباً منَّا، وطرح مفرشاً لطيفاً لم نرَ مثله، تفوح منه رائحة طيِّبة، فالتفتنا إليه وإذا بفارس آخر على فرس أحمر عليه ثياب بيض، وعلى رأسه عمامة لها ذؤابتان، فنزل على ذلك المفرش، ثمّ قام فصلَّى بصاحبه، ثمّ جلس للتعقيب، فالتفت إليَّ وقال: يا محمود!
فقلت بصوت ضعيف: لبَّيك يا سيِّدي.
قال: ادن منِّي.
فقلت: لا أستطيع لما بي من العطش والتعب.
قال: لا بأس عليك.
فلمَّا قالها حسبت كأنْ قد حدث في نفسي روح متجدِّدة، فسعيت إليه حبواً، فمرَّ يده على وجهي وصدري ورفعها إلى حنكي فردَّه حتَّى لصق بالحنك الأعلى ودخل لساني في فمي، وذهب ما بي، وعدت كما كنت أوَّلاً.

(١٣٦)

فقال: قم وائتني بحنظلة من هذا الحنظل.
وكان في الوادي حنظل كثير، فأتيته بحنظلة كبيرة، فقسمها نصفين، وناولنيها، وقال: كُلْ منها، فأخذتها منه.
ولم أقدم على مخالفته، وعندي أمرني أنْ آكل الصَّبِر، لما أعهد من مرارة الحنظل، فلمَّا ذقتها فإذا هي أحلى من العسل، وأبرد من الثلج، وأطيب ريحاً من المسك، شبعت ورويت.
ثمّ قال لي: ادع صاحبك.
فدعوته، فقال بلسان مكسور ضعيف: لا أقدر على الحركة.
فقال له: قم لا بأس عليك.
فأقبل إليه حبواً، وفعل معه كما فعل معي، ثمّ نهض ليركب، فقلنا: بالله عليك يا سيِّدنا إلَّا ما أتممت علينا نعمتك وأوصلتنا إلى أهلنا.
فقال: لا تعجلوا، وخطَّ حولنا برمحه خطَّة، وذهب هو وصاحبه.
فقلت لصاحبي: قم بنا حتَّى نقف بإزاء الجبل ونقع على الطريق، فقمنا وسرنا وإذا بحائط في وجوهنا، فأخذنا في غير تلك الجهة فإذا بحائط آخر، وهكذا من أربع جوانبنا.
فجلسنا وجعلنا نبكي على أنفسنا، ثمّ قلت لصاحبي: ائتنا من هذا الحنظل لنأكله، فأتى به فإذا هو أمرُّ من كلِّ شيء، وأقبح، فرمينا به، ثمّ لبثنا هنيئة وإذا قد استدار من الوحش ما لا يعلم إلَّا الله عدده، وكلَّما أرادوا القرب منَّا منعهم ذلك الحائط، فإذا ذهبوا زال الحائط، وإذا عادوا عاد.
قال: فبتنا تلك الليلة آمنين حتَّى أصبحنا، وطلعت الشمس واشتدَّ الحرُّ وأخذنا العطش فجزعنا أشدّ الجزع، وإذا بالفارسين قد أقبلا وفعلا كما فعلا بالأمس، فلمَّا أرادا مفارقتنا قلنا له: بالله عليك إلَّا أوصلتنا إلى أهلنا.

(١٣٧)

فقال: أبشرا فسيأتيكما من يوصلكما إلى أهليكما.
ثمّ غابا. فلمَّا كان آخر النهار إذا برجل من فراسنا، ومعه ثلاث أحمرة، قد أقبل ليحتطب، فلما رآنا ارتاع منَّا وانهزم، وترك حميره، فصحنا إليه باسمه، وتسمَّينا له فرجع، وقال: يا ويلكما، إنَّ أهاليكما قد أقاموا عزاءكما، قوما لا حاجة لي في الحطب.
فقمنا وركبنا تلك الأحمرة، فلمَّا قربنا من البلد، دخل أمامنا، وأخبر أهلنا، ففرحوا فرحاً شديداً، وأكرموه وخلعوا عليه.
فلمَّا دخلنا إلى أهلنا سألونا عن حالنا، فحكينا لهم بما شاهدناه، فكذَّبونا، وقالوا: هو تخييل لكم من العطش.
قال محمود: ثمّ أنساني الدهر حتَّى كأنْ لم يكن، ولم يبقَ على خاطري شيء منه حتَّى بلغت عشرين سنة، وتزوَّجت وصرت أخرج في المكاراة، ولم يكن في أهلي أشدّ منِّي نصباً لأهل الإيمان، سيّما زوَّار الأئمَّة (عليهم السلام) بسُرَّ من رأى، فكنت أكريهم الدوابَّ بالقصد لأذيَّتهم بكلِّ ما أقدر عليه من السرقة وغيرها، وأعتقد أنَّ ذلك ممَّا يُقرِّبني إلى الله تعالى.
فاتَّفق أنِّي كريت دوابِّي مرَّة لقوم من أهل الحلَّة، وكانوا قادمين إلى الزيارة منهم ابن السهيلي وابن عرفة وابن حارب وابن الزهدري، وغيرهم من أهل الصلاح، ومضيت إلى بغداد، وهم يعرفون ما أنا عليه من العناد، فلمَّا خلوا بي من الطريق وقد امتلاؤا عليَّ غيظاً وحنقاً لم يتركوا شيئاً من القبيح إلَّا فعلوه بي وأنا ساكت لا أقدر عليهم لكثرتهم، فلمَّا دخلنا بغداد ذهبوا إلى الجانب الغربي فنزلوا هناك، وقد امتلأ فؤادي حنقاً.
فلمَّا جاء أصحابي قمت إليهم، ولطمت على وجهي وبكيت، فقالوا: ما لك؟ وما دهاك؟ فحكيت لهم ما جرى عليَّ من أُولئك القوم، فأخذوا في سبِّهم

(١٣٨)

ولعنهم، وقالوا: طب نفساً فإنَّا نجتمع معهم في الطريق إذا خرجوا، ونصنع بهم أعظم ممَّا صنعوا.
فلمَّا جنَّ الليل، أدركتني السعادة، فقلت في نفسي: إنَّ هؤلاء الرفضة لا يرجعون عن دينهم، بل غيرهم إذا زهد يرجع إليهم، فما ذلك إلَّا لأنَّ الحقَّ معهم، فبقيت مفكِّراً في ذلك، وسألت ربِّي بنبيِّه محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنْ يريني في ليلتي علامة أستدلُّ بها على الحقِّ الذي فرضه الله تعالى على عباده.
فأخذني النوم، فإذا أنا بالجنَّة قد زُخْرِفَت، فإذا فيها أشجار عظيمة، مختلفة الألوان والثمار، ليست مثل أشجار الدنيا، لأنَّ أغصانها مدلاة، وعروقها إلى فوق، ورأيت أربعة أنهار: من خمر، ولبن، وعسل، وماء، وهي تجري وليس لها جرف بحيث لو أرادت النملة أنْ تشرب منها لشربت، ورأيت نساء حسنة الأشكال، ورأيت قوماً يأكلون من تلك الثمار، ويشربون من تلك الأنهار، وأنا لا أقدر على ذلك، فكلَّما أردت أنْ أتناول من الثمار تصعد إلى فوق، وكلَّما هممت أنْ أشرب من تلك الأنهار تغور إلى تحت، فقلت للقوم: ما بالكم تأكلون وتشربون وأنا لا أُطيق ذلك؟
فقالوا: إنَّك لم تأتِ إلينا بعد.
فبينا أنا كذلك وإذا بفوج عظيم.
فقلت: ما الخبر؟
فقالوا: سيِّدتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) قد أقبلت، فنظرت فإذا بأفواج من الملائكة على أحسن هيأة، ينزلون من الهواء إلى الأرض، وهم حافُّون بها، فلمَّا دنت وإذا بالفارس الذي قد خلَّصنا من العطش بإطعامه لنا الحنظل قائماً بين يدي فاطمة (عليها السلام)، فلمَّا رأيته عرفته، وذكرت تلك الحكاية، وسمعت القوم يقولون: هذا (م ح م د) بن الحسن القائم المنتظر، فقام الناس وسلَّموا على فاطمة (عليها السلام).

(١٣٩)

فقمت أنا وقلت: السلام عليكِ يا بنتِ رسول الله.
فقالت: وعليك السلام يا محمود، أنت الذي خلَّصك ولدي هذا من العطش؟
فقلت: نعم، يا سيِّدتي.
فقالت: إنْ دخلت مع شيعتنا أفلحت.
فقلت: أنا داخل في دينكِ ودين شيعتكِ، مقرٌّ بإمامة من مضى من بنيكِ، ومن بقي منهم.
فقالت: أبشر فقد فزت.
قال محمود: فانتبهت وأنا أبكي، وقد ذهل عقلي ممَّا رأيت، فانزعج أصحابي لبكائي، وظنُّوا أنَّه ممَّا حكيت لهم، فقالوا: طب نفساً فوَالله لننتقمنَّ من الرفضة، فسكتُ عنهم حتَّى سكتوا، وسمعت المؤذِّن يُعلِن بالأذان، فقمت إلى الجانب الغربي ودخلت منزل أُولئك الزوَّار، فسلَّمت عليهم.
فقالوا: لا أهلاً ولا سهلاً، اخرج عنَّا لا بارك الله فيك.
فقلت: إنِّي قد عدت معكم، ودخلت عليكم لتُعلِّموني معالم ديني، فبهتوا من كلامي.
وقال بعضهم: كذب، وقال آخرون: جاز أنْ يصدق. فسألوني عن سبب ذلك، فحكيت لهم ما رأيت، فقالوا: إنْ صدقت فإنَّا ذاهبون إلى مشهد الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فامض معنا حتَّى نُشيِّعك هناك.
فقلت: سمعاً وطاعةً.
وجعلت أُقبِّل أيديهم وأقدامهم، وحملت أخراجهم وأنا أدعو لهم حتَّى وصلنا إلى الحضرة الشريفة، فاستقبلنا الخُدَّام، ومعهم رجل علوي كان أكبرهم، فسلَّموا على الزوَّار، فقالوا له: افتح لنا الباب حتَّى نزور سيِّدنا

(١٤٠)

ومولانا، فقال: حبًّا وكرامةً، ولكن معكم شخص يريد أنْ يتشيَّع، ورأيته في منامي واقفاً بين يدي سيِّدتي فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها)، فقالت لي: يأتيك غداً رجل يريد أنْ يتشيَّع، فافتح له الباب قبل كلِّ أحد، ولو رأيته الآن لعرفته.
فنظر القوم بعضهم إلى بعض متعجِّبين، فقالوا: فشرع ينظر إلى واحد واحد، فقال: الله أكبر، هذا والله هو الرجل الذي رأيته.
ثمّ أخذ بيدي، فقال القوم: صدقت يا سيِّد وبررت، وصدق هذا الرجل بما حكاه، واستبشروا بأجمعهم وحمدوا الله تعالى.
ثمّ إنَّه أدخلني الحضرة الشريفة، وشيَّعني، وتولَّيت وتبرَّيت.
فلمَّا تمَّ أمري قال العلوي: وسيِّدتك فاطمة تقول لك: سيلحقك بعض حطام الدنيا فلا تحفل به، وسيخلفه الله عليك، وستحصل في مضايق فاستغث بنا تنجُ.
فقلت: السمع والطاعة، وكان لي فرس قيمتها مائتا دينار فماتت وخلف الله عليَّ مثلها وأضعافها، وأصابني مضايق فندبتهم ونجوت، وفرَّج الله عنِّي بهم، وأنا اليوم أُوالي من والاهم، وأُعادي من عاداهم، وأرجو بهم حسن العاقبة.
ثمّ إنِّي سعيت إلى رجل من الشيعة، فزوَّجني هذه المرأة، وتركت أهلي، فما قبلت أتزوَّج منهم.
وهذا ما حكا لي في تاريخ شهر رجب [سنة] ثمان وثمانين وسبعمائة هجريَّة، والحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة على محمّد وآله (161).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(161) جنَّة المأوى (ص 17 - 24/ الحكاية الأُولى).

(١٤١)

5 - سنة (1093هـ): دعاء لدفع الشدائد علَّمه الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) للشيخ عليٍّ المكّي:
قال النوري (رحمه الله) في (جنَّة المأوى): في كتاب (الكَلِم الطيِّب والغيث الصيِّب) للسيِّد الأيد المتبحِّر السيِّد عليّ خان شارح الصحيفة ما لفظه:
رأيت بخطِّ بعض أصحابي من السادات الأجلَّاء الصلحاء الثقات ما صورته: سمعت في رجب سنة ثلاث وتسعين وألف الأخ العالم العامل جامع الكمالات الإنسيَّ والصفات القدسيَّة الأمير إسماعيل بن حسين بيك بن عليِّ بن سليمان الحائري الأنصاري أنار الله تعالى برهانه يقول: سمعت الشيخ الصالح التقي المتورِّع الشيخ الحاجّ عليًّا المكّي قال:
إنِّي ابتليت بضيق وشدَّة ومناقضة خصوم، حتَّى خفت على نفسي القتل والهلاك، فوجدت الدعاء المسطور بعد في جيبي من غير أنْ يعطينيه أحد، فتعجَّبت من ذلك، وكنت متحيِّراً، فرأيت في المنام أنَّ قائلاً في زيِّ الصلحاء والزُّهَّاد يقول لي: إنَّا أعطيناك الدعاء الفلاني فادع به تنج من الضيق والشدَّة، ولم يتبين لي من القائل، فزاد تعجُّبي، فرأيت مرَّة أُخرى الحجَّة المنتظر (عليه السلام)، فقال: ادع بالدعاء الذي أعطيتكه، وعلِّم من أردت.
قال: وقد جرَّبته مراراً عديدة، فرأيت فرجاً قريباً، وبعد مدَّة ضاع منِّي الدعاء برهة من الزمان، وكنت متأسِّفاً على فواته، مستغفراً من سوء العمل، فجاءني شخص وقال لي: إنَّ هذا الدعاء قد سقط منك في المكان الفلاني، وما كان في بالي أنْ رحت إلى ذلك المكان، فأخذت الدعاء، وسجدت لله شكراً، وهو:
بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
رَبِّ أَسْأَلُكَ مَدَداً رُوحَانِيًّا تُقَوِّي بِهِ قِوَايَ اَلْكُلِّيَّةِ وَاَلْجُزْئِيَّةِ، حَتَّى أَقْهِرَ بِمَبَادِئ نَفْسِي كُلَّ نَفْسٍ قَاهِرَة، فَتَنْقَبِضَ لِي إِشَارَةُ رَقَائِقِهَا اِنْقِبَاضاً تَسْقُطُ بِهِ قُوَاهَا حَتَّى لَا يَبْقَى فِي اَلْكَوْنِ ذُو رُوحٍ إِلَّا وَنَارُ قَهْرِي قَدْ أَحْرَقَتْ ظُهُورَهُ، يَا شَدِيدُ يَا

(١٤٢)

شَدِيدُ، يَا ذَا اَلْبَطْشِ اَلشَّدِيدِ، يَا قَهَّارُ، أَسْأَلُكَ بِمَا أَوْدَعْتَهُ عِزْرَائِيلَ مِنْ أَسْمَائِكَ اَلْقَهْرِيَّةِ، فَانْفَعَلَتْ لَهُ اَلنُّفُوسُ بِالْقَهْرِ، أَنْ تُودِعَنِي هَذَا اَلسِّرَّ فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ حَتَّى أُلَيِّنَ بِهِ كُلَّ صَعْبٍ، وَأُذَلِّلَ بِهِ كُلَّ مَنِيعٍ، بِقُوَّتِكَ يَا ذَا اَلْقُوَّةِ اَلمَتِينَ.
تقرأ ذلك سحراً ثلاثاً إنْ أمكن، وفي الصبح ثلاثاً، وفي المساء ثلاثاً، فإذا اشتدَّت الأمر على من يقرأه يقول بعد قراءته ثلاثين مرَّة: يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيمُ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، أَسْأَلُكَ اَللُّطْفَ بِمَا جَرَتْ بِهِ اَلمَقَادِيرُ(162).
6 - سنة (1301هـ): تشرُّف الحاجِّ عليٍّ البغدادي بملاقاة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في قصَّة رائعة:
ذكر النوري (رحمه الله) في (النجم الثاقب): قضيَّة الصالح الصفي التقي الحاجّ عليٍّ البغدادي الموجود حاليًّا في وقت تأليف هذا الكتاب (وفَّقه الله)...، ولو لم يكن في هذا الكتاب الشريف إلَّا هذه الحكاية المتقنة الصحيحة التي فيها فوائد كثيرة، وقد حدثت في وقت قريب، لكفت في شرفه ونفاسته، وتفصيلها كما يلي:
في شهر رجب السنة الماضية كنت مشغولاً بتأليف رسالة (جنَّة المأوى)، فعزمت على السفر إلى النجف الأشرف لزيارة المبعث، فجئت الكاظمين ووصلت بخدمة جناب العالم العامل والفقيه الكامل السيِّد السند والحبر المعتمد الآقا السيِّد محمّد ابن العالم الأوحد السيِّد أحمد ابن العالم الجليل والدوحة النبيل السيِّد حيدر الكاظميني(163) (أيَّده الله) وهو من تلامذة خاتم المجتهدين وفخر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(162) جنَّة المأوى (ص 49 و50/ الحكاية الخامسة).
(163) هو حيدر بن إبراهيم بن محمّد بن عليِّ بن سيف الدِّين الحسني البغدادي الكاظمي، ابن أخي الفقيه الشاعر السيِّد أحمد العطَّار وصهره على ابنته، وجدُّ الأُسرة المعروفة بـ (آل السيِّد حيدر) أو (الحيدري). كان فقيهاً إماميًّا محدِّثاً مناظراً، من مراجع الدِّين في عصره. وُلِدَ في الكاظميَّة سنة خمس ومائتين وألف. ويمَّم وجهه شطر الحوزة العلميَّة في النجف الأشرف، فأقام مدَّة طويلة متتلمذاً على أعلامها وكبار المدرِّسين بها. ثمّ عاد إلى الكاظميَّة، ودأب على البحث والتأليف والإرشاد، وقصده ذوي الحاجات والمهمَّات، ورجع إليه في التقليد أهالي الكاظميَّة وسائر مناطق بغداد وأطرافها، ولم يزل قائماً بوظائفه إلى أنْ قضى نحبه في سنة خمس وستِّين ومائتين وألف، فقام مقامه ابنه الفقيه أحمد. وقد ترك المترجم عدَّة مؤلَّفات، منها: المجالس الحيدريَّة في المراثي الحسينيَّة، عمدة الزائر وعدَّة المسافر، البوارق الحيدريَّة في الردِّ على الكشفيَّة. انظر: موسوعة طبقات الفقهاء (ج 13/ ص 249 و250/ الرقم 4087).

(١٤٣)

الإسلام والمسلمين الأُستاذ الأعظم الشيخ مرتضى (أعلى الله تعالى مقامه)، ومن أتقياء علماء تلك البلدة الشريفة، ومن صلحاء أئمَّة جماعة الصحن والحرم الشريف، وكان ملاذاً للطلَّاب والغرباء والزُّوَّار، وأبوه وجدُّه من العلماء المعروفين، وما زالت تصانيف جدِّه سيِّد حيدر في الأُصول والفقه وغيرهما موجودة.
فسألته إذا كان رأى أو سمع حكاية صحيحة في هذا الباب أنْ ينقلها، فنقل هذه القضيَّة، وكنت قد سبقتها سابقاً ولكنِّي لم أضبط أصلها وسندها فطلبت منه أنْ يكتبها بخطِّ يده.
فقال: سمعتها من مدَّة وأخاف أنْ أزيد فيها أو أنقص، فعليَّ أنْ ألتقي به وأسأله ومن ثَمَّ أكتبها، ولكن اللقاء به والأخذ منه صعب فإنَّه من حين وقوع هذه القضيَّة قلَّ أُنسه بالناس وسكناه في بغداد وعندما يأتي للتشرُّف بالزيارة فإنَّه لا يذهب إلى مكان ويرجع بعد أنْ يقضي وطراً من الزيارة، فيتَّفق أنْ لا أراه في السنة إلَّا مرَّة أو مرَّتين في الطريق، وعلى ذلك فإنَّ مبناه على الكتمان إلَّا على بعض الخواصِّ ممَّن يأمن منه الإفشاء والإذاعة خوف استهزاء المخالفين المجاورين المنكرين ولادة المهدي (عليه السلام) وغيبته، وخوفاً من أنْ ينسبه العوامُّ إلى الفخر وتنزيه النفس.
قلت: إنِّي أطلب منك أنْ تراه مهما كان وتسأله عن هذه القضيَّة إلى حين رجوعي من النجف، فالحاجة كبيرة والوقت ضيِّق.

(١٤٤)

ففارقته لساعتين أو ثلاث ثمّ رجع إليَّ وقال: من أعجب القضايا أنِّي عندما ذهبت إلى منزلي جائني شخص مباشرةً وقال: جاؤوا بجنازة من بغداد ووضعوها في الصحن الشريف وينتظرونك للصلاة عليها.
فقمت وذهبت وصلَّيت فرأيت الحاجَّ المذكور بين المشيِّعين فأخذته جانباً، وبعد امتناعه سمعت هذه القضيَّة، فشكرت الله على هذه النعمة السنيَّة، فكتبت القصَّة بكاملها وثبَّتها في (جنَّة المأوى).
وقد تشرَّفت بعد مدَّة مع جماعة من العلماء الكرام والسادات العظام بزيارة الكاظمين (عليهما السلام) وذهبت من هناك إلى بغداد لزيارة النوَّاب الأربعة (رضوان الله عليهم)، فبعد أداء الزيارة وصلت بخدمة جناب العالم العامل والسيِّد الفاضل الآقا سيِّد حسين الكاظميني، وهو أخ جناب الآقا السيِّد محمّد المذكور، وكان يسكن في بغداد وعليه مدار الأُمور الشرعيَّة لشيعة بغداد (أيَّدهم الله)، وطلبت منه أنْ يحضر الحاجَّ علي المذكور، وبعد أنْ حضر، طلبت منه أنْ ينقل القضيَّة في ذلك المجلس، فأبى، وبعد الإصرار رضي أنْ ينقلها ولكن في غير ذلك المجلس، وذلك بسبب حضور جماعة من أهل بغداد، فذهبنا إلى مكانٍ خالٍ ونقل القضيَّة، وكان الاختلاف في الجملة في موضعين أو ثلاثة وقد اعتذر عن ذلك بسبب طول المدَّة.
وكانت تظهر من سيمائه آثار الصدق والصلاح بنحو واضح، بحيث ظهر لجميع الحاضرين مع كثرة تدقيقهم في الأُمور الدِّينيَّة والدنيويَّة القطع بصدق الواقعة.
نقل الحاجُّ المذكور (أيَّده الله): اجتمع في ذمَّتي ثمانون توماناً من مال الإمام (عليه السلام)، فذهبت إلى النجف الأشرف، فأعطيت عشرين توماناً منه لجناب علم الهدى والتقى الشيخ مرتضى (أعلى الله مقامه)، وعشرين توماناً إلى جناب

(١٤٥)

الشيخ محمّد حسين المجتهد الكاظميني، وعشرين توماناً لجناب الشيخ محمّد حسن الشروقي، وبقي في ذمَّتي عشرون توماناً، كان في قصدي أنْ أُعطيها إلى جناب الشيخ محمّد حسن الكاظميني آل ياسيني (أيَّده الله) عند رجوعي. فعندما رجعت إلى بغداد كنت راغباً في التعجيل بأداء ما بقي في ذمَّتي، فتشرَّفت في يوم الخميس بزيارة الإمامين الهمامين الكاظمين (عليهما السلام)، وبعد ذلك ذهبت إلى خدمة جناب الشيخ (سلَّمه الله) وأعطيته مقداراً من العشرين توماناً وواعدته بأنِّي سوف أُعطي الباقي بعد ما أبيع بعض الأشياء تدريجيًّا، وأنْ يُجيزني أنْ أُوصله إلى أهله، وعزمت على الرجوع إلى بغداد في عصر ذلك اليوم، وطلب جناب الشيخ منِّي أنْ أتأخَّر فاعتذرت بأنَّ عليَّ أنْ أُوفي عُمَّال النسيج أُجورهم، فإنَّه كان من المرسوم أنْ أُسلِّم أُجرة الأُسبوع عصر الخميس، فرجعت وبعد أنْ قطعت ثلث الطريق تقريباً رأيت سيِّداً جليلاً قادماً من بغداد من أمامي، فعندما قرب منِّي سلَّم عليَّ وأخذ بيدي مصافحاً ومعانقاً وقال: أهلاً وسهلاً، وضمَّني إلى صدره وعانقني وقبَّلني وقبَّلته، وكانت على رأسه عمامة خضراء مضيئة مزهرة، وفي خدِّه المبارك خال أسود كبير، فوقف وقال: حاجّ عليّ على خير، على خير، أين تذهب؟ قلت: زرت الكاظمين (عليهما السلام) وأرجع إلى بغداد. قال: هذه الليلة ليلة الجمعة فارجع. قلت: يا سيِّدي، لا أتمكَّن. فقال: في وسعك ذلك، فارجع حتَّى أشهد لك بأنَّك من موالي جدِّي أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن موالينا، ويشهد لك الشيخ كذلك، فقد قال تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ﴾ [البقرة: 282].
وكان ذلك منه إشارة إلى مطلب كان في ذهني أنْ ألتمس من جناب الشيخ أنْ يكتب لي شهادة بأنِّي من موالي أهل البيت (عليهم السلام) لأضعها في كفني. فقلت: أيّ شيء تعرفه، وكيف تشهد لي؟ قال: من يوصل حقّه إليه، كيف لا يعرف من أوصله؟ قلت: أيُّ حقٍّ؟ قال: ذلك الذي أوصلته إلى وكيلي. قلت:

(١٤٦)

من هو وكيلك؟ قال: الشيخ محمّد حسن. قلت: وكيلك؟ قال: وكيلي. وكان قد قال لجناب الآقا السيِّد محمّد، وكان قد خطر في ذهني أنَّ هذا السيِّد الجليل يدعوني باسمي مع أنِّي لا أعرفه، فقلت في نفسي: لعلَّه يعرفني وأنا نسيته. ثمّ قلت في نفسي أيضاً: إنَّ هذا السيِّد يريد منِّي شيئاً من حقِّ السادة، وأحببت أنْ أُوصل إليه شيئاً من مال الإمام (عليه السلام) الذي عندي. فقلت: يا سيِّد، بقي عندي شيءٌ من حقِّكم فرجعت في أمره إلى جناب الشيخ محمّد حسن لأُؤدِّي حقّكم يعني السادات بإذنه. فتبسَّم في وجهي وقال: نعم قد أوصلت بعضاً من حقِّنا إلى وكلائنا في النجف الأشرف. فقلت: هل قُبِلَ ذلك الذي أدَّيته؟ فقال: نعم.
خطر في ذهني أنَّ هذا السيِّد يقول بالنسبة إلى العلماء الأعلام: (وكلائنا)، فاستعظمت ذلك، فقلت: العلماء وكلاء في قبض حقوق السادات وغفلت. ثمّ قال: ارجع زُر جدِّي. فرجعت وكانت يده اليمنى بيدي اليسرى فعندما سرنا رأيت في جانبنا الأيمن نهراً ماؤه أبيض صافٍ جارٍ، وأشجار الليمون والنارنج والرُّمَّان والعنب وغيرها كلُّها مثمرة في وقت واحد مع أنَّه لم يكن موسمها، وقد تدلَّت فوق رؤوسنا. قلت: ما هذا النهر؟ وما هذه الأشجار؟ قال: إنَّها تكون مع كلِّ من يزورنا ويزور جدَّنا من موالينا. فقلت: أُريد أنْ أسألك؟ قال: اسأل. قلت: كان الشيخ المرحوم عبد الرزَّاق رجلاً مدرِّساً فذهبت عنده يوماً فسمعته يقول: لو أنَّ أحداً كان عمره كلُّه صائماً نهاره قائماً ليله وحجَّ أربعين حجَّة وأربعين عمرة ومات بين الصفا والمروة ولم يكن من موالي أمير المؤمنين (عليه السلام)، فليس له شيء؟ قال: نعم، والله ليس له شيء. فسألته عن بعض أقربائي هل هو من موالي أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ قال: نعم، هو وكلُّ من يرتبط بك. فقلت: سيِّدنا، لي مسألة. قال: اسأل. قلت: يقرأ قُرَّاء تعزية الحسين (عليه السلام) أنَّ سليمان الأعمش جاء عند شخص وسأله عن زيارة سيِّد الشهداء (عليه السلام) فقال: بدعة. فرأى في المنام

(١٤٧)

هودجاً بين الأرض والسماء، فسأل: مَنْ في الهودج؟ فقيل له: فاطمة الزهراء وخديجة الكبرى (عليهما السلام). فقال: إلى أين تذهبان؟ فقيل: إلى زيارة الحسين (عليه السلام) في هذه الليلة فهي ليلة الجمعة، ورأى رقاعاً تتساقط من الهودج مكتوب فيها: (أمان من النار لزُوَّار الحسين (عليه السلام) في ليلة الجمعة أمان من النار يوم القيامة)، فهل هذا الحديث صحيح؟ قال: نعم، صحيح وتامٌّ.
قلت: سيِّدنا يقولون: من زار الحسين (عليه السلام) ليلة الجمعة فهي له أمان. قال: نعم والله - وجرت الدموع من عينيه المباركتين وبكى -. قلت: سيِّدنا مسألة. قال: اسأل. قلت: زرنا الإمام الرضا (عليه السلام) سنة تسع وستِّين ومائتين وألف والتقينا بأحد الأعراب الشروقيِّين من سُكَّان البادية في الجهة الشرقيَّة من النجف الأشرف في درود، واستضفناه وسألناه: كيف هي ولاية الرضا (عليه السلام)؟ قال: الجنَّة. ولي خمسة عشر يوماً آكل من مال مولاي الإمام الرضا (عليه السلام) فكيف يجرؤ منكر ونكير أنْ يدنيا منِّي في قبري وقد نبت لحمي ودمي من طعامه (عليه السلام) في مضيفه؟! فهل هذا صحيح أنَّ عليَّ بن موسى الرضا (عليه السلام) يأتي ويُخلِّصه من منكر ونكير؟ فقال: نعم والله، إنَّ جدِّي هو الضامن. قلت: سيِّدنا أُريد أنْ أسألك مسألة صغيرة. قال: اسأل. قلت: وهل زيارتي للإمام الرضا (عليه السلام) مقبولة؟ قال: مقبولة إنْ شاء الله.
قلت: سيِّدنا مسألة؟ قال: بسم الله. قلت: إنَّ الحاجَّ محمّد حسين القزَّاز (بزَّاز باشي) ابن المرحوم الحاجّ أحمد القزَّاز (بزَّاز باشي) هل زيارته مقبولة أم لا؟ - وقد كان رفيقنا في السفر وشريكنا في الصرف في طريق مشهد الرضا (عليه السلام) -. قال: العبد الصالح زيارته مقبولة.
قلت: سيِّدنا مسألة؟ قال: بسم الله. قلت: إنَّ فلاناً من أهل بغداد - وكان رفيقنا في السفر - هل زيارته مقبولة؟ فسكت.

(١٤٨)

قلت: سيِّدنا مسألة؟ قال: بسم الله. قلت: هل سمعت هذه الكلمة أم لا؟ فهل إنَّ زيارته مقبولة أم لا؟ فلم يجبني.
ونقل الحاجُّ المذكور أنَّه كان ذلك الشخص وعدَّة نفر من أهل بغداد المترفين قد انشغلوا في السفر باللهو واللعب، وكان ذلك الشخص قد قتل أُمَّه.
فوصلنا في الطريق إلى مكان واسع على طرفيه بساتين مقابل بلدة الكاظمين الشريفة، وكان موضع من ذلك الطريق متَّصلاً ببساتين من جهته اليمنى لمن يأتي من بغداد وهو ملك لبعض الأيتام السادة وقد أدخلته الحكومة ظلماً في الطريق، وكان أهل التقوى والورع من سكنة هاتين البلدتين يجتنبون دائماً المرور من تلك القطعة من الأرض. ورأيته (عليه السلام) يمشي في تلك القطعة فقلت: يا سيِّدي، هذا الموضع ملك لبعض الأيتام السادة ولا ينبغي التصرُّف فيه. قال: هذا الموضع ملك جدِّنا أمير المؤمنين (عليه السلام) وذرّيَّته وأولادنا ويحلُّ لموالينا التصرُّف فيه.
وكان في القرب من ذلك المكان على الجهة اليسرى بستان ملك لشخص يقال له: الحاجّ الميرزا هادي، وهو من أغنياء العجم المعروفين، وكان يسكن في بغداد، قلت: سيِّدنا، هل صحيح ما يقال بأنَّ أرض بستان الحاجّ ميرزا هادي ملك الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)؟ قال: ما شأنك بهذا؟ وأعرض عن الجواب.
فوصلنا إلى ساقية ماء فُرِّعت من شطِّ دجلة للمزارع والبساتين في تلك المنطقة، وهي تمرُّ في ذلك الطريق، وعندها يتشعَّب الطريق إلى فرعين باتِّجاه البلدة، أحد الطريقين سلطاني، والآخر طريق السادة، فاختار (عليه السلام) طريق السادة. فقلت: تعال نذهب من هذا الطريق، يعني الطريق السلطاني. قال: لا، نذهب من طريقنا. فما خطونا إلَّا عدَّة خطوات فوجدنا أنفسنا في الصحن المقدَّس عند موضع خلع الأحذية (كفش داري) من دون أنْ نمرَّ بزقاق

(١٤٩)

ولا سوق، فدخلنا الإيوان من جهة باب المراد التي هي الجهة الشرقية ممَّا يلي الرجل، ولم يمكث (عليه السلام) في الرواق المطهَّر، ولم يقرأ إذن الدخول، ودخل، ووقف على باب الحرم، فقال: زُر. قلت: إنِّي لا أعرف القراءة. قال: أقرأ لك؟ قلت: نعم. فقال: أأدخل يا الله، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين، وهكذا سلَّم على كلِّ إمام من الأئمَّة (عليهم السلام) حتَّى بلغ في السلام إلى الإمام العسكري (عليه السلام) وقال: السلام عليك يا أبا محمّد الحسن العسكري، ثمّ قال: تعرف إمام زمانك؟ قلت: وكيف لا أعرفه؟ قال: سلِّم على إمام زمانك. فقلت: السلام عليك يا حجَّة الله يا صاحب الزمان يا ابن الحسن، فتبسَّم، وقال: عليك السلام ورحمة الله وبركاته، فدخلنا في الحرم المطهَّر وانكببنا على الضريح المقدَّس، وقبَّلناه، فقال لي: زُر. قلت: لا أعرف القراءة. قال: أقرأ لك الزيارة؟ قلت: نعم. قال: أيّ زيارة تريد؟ قلت: زوِّرني بأفضل الزيارات. قال: زيارة أمين الله هي الأفضل، ثمّ أخذ بالقراءة وقال: «السلام عليكما يا أميني الله في أرضه وحجَّتيه على عباده...» إلخ.
وأُضيئت في هذه الأثناء مصابيح الحرم فرأيت الشموع مضاءة ولكن الحرم مضاء ومنوَّر بنور آخر مثل نور الشمس والشموع تضيء مثل المصباح في النهار في الشمس. وكنت قد أخذتني الغفلة بحيث لم أنتبه إلى هذه الآيات. فعندما انتهى من الزيارة جاء إلى الجهة التي تلي الرجل فوقف في الجانب الشرقي خلف الرأس، وقال: هل تزور جدِّي الحسين (عليه السلام)؟ قلت: نعم، أزوره فهذه ليلة الجمعة. فقرأ زيارة وارث، وقد فرغ المؤذِّنون من أذان المغرب، فقال لي: صلِّ والتحق بالجماعة، فجاء إلى المسجد الذي يقع خلف الحرم المطهَّر وكانت الجماعة قد انعقدت هناك، ووقف هو منفرداً في الجانب الأيمن لإمام الجماعة محاذياً له، ودخلت أنا في الصفِّ الأوَّل حيث وجدت مكاناً لي هناك.

(١٥٠)

فعندما انتهيت لم أجده، فخرجت من المسجد وفتَّشت في الحرم فلم أرَه، وكان قصدي أنْ أُلاقيه وأعطيه عدَّة قرانات وأستضيفه في تلك الليلة، ثمّ جاء بذهني: من يكون هذا السيِّد؟! وانتبهت للآيات والمعجزات المتقدِّمة ومن انقيادي لأمره في الرجوع مع ما كان لي من الشغل المهمِّ في بغداد، وتَسْمِيَتُهُ لي باسمي، مع أنِّي لم أكن قد رأيته من قبل، وقوله: (موالينا) وأنِّي أشهد، ورؤية النهر الجاري والأشجار المثمرة في غير الموسم، وغير ذلك ممَّا تقدَّم ممَّا كان سبباً ليقيني بأنَّه الإمام المهدي (عليه السلام)، وبالخصوص في فقرة إذن الدخول وسؤاله لي بعد السلام على الإمام العسكري (عليه السلام): هل تعرف إمام زمانك؟ فعندما قلت: أعرفه، قال: سلِّم، فعندما سلَّمت، تبسَّم وردَّ السلام.
فجئت عند حافظ الأحذية وسألت عنه، فقال: خرج، وسألني: هل كان هذا السيِّد رفيقك؟ قلت: نعم. فجئت إلى بيت مضيفي وقضيت الليلة، فعندما صار الصباح، ذهبت إلى جناب الشيخ محمّد حسن ونقلت له كلَّما رأيت. فوضع يده على فمي ونهاني عن إظهار هذه القصَّة وإفشاء هذا السرِّ، وقال: وفَّقك الله تعالى.
فأخفيت ذلك ولم أُظهره لأحد إلى أنْ مضى شهر من هذه القضيَّة، فكنت يوماً في الحرم المطهَّر، فرأيت سيِّداً جليلاً قد اقترب منِّي وسألني: ماذا رأيت؟ وأشار إلى قصَّة ذلك اليوم! قلت: لم أرَ شيئاً. فأعاد عليَّ ذلك الكلام، وأنكرت بشدَّة. فاختفى عن نظري ولم أرَهُ بعد ذلك(164).
7 - لقاء محمّد بن أبي الرواد الرواسي بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في مسجد صعصعة وسماعه دعاء الحجَّة (عجَّل الله فرجه) في رجب: «اللَّهُمَّ يا ذا المنن السابقة...»:
قال ابن طاوس (رحمه الله) في (الإقبال): ومن الدعوات كلَّ يوم من رجب ما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(164) النجم الثاقب (ص 150 - 160/ الحكاية الحادية والثلاثون).

(١٥١)

رويناه بإسنادنا إلى جدِّي أبي جعفر الطوسي (رحمه الله)، وهو ممَّا ذكره في (المصباح) بغير إسناد، ووجدته في أواخر كتاب (معالم الدِّين) مرويًّا عن مولانا الإمام الحجَّة المهدي (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين)، وفي هذه الرواية زيادة واختلاف في كلمات، فقال ما هذا لفظه: ذكر محمّد بن أبي الرواد الرواسي أنَّه خرج مع محمّد [بن] جعفر الدهَّان إلى مسجد السهلة في يوم من أيَّام رجب، فقال: قال: مل بنا إلى مسجد صعصعة(165) فهو مسجد مبارك وقد صلَّى به أمير المؤمنين (صلوات الله عليه وآله) ووطئه الحُجَج بأقدامهم، فملنا إليه، فبينا نحن نُصلِّي إذا برجل قد نزل عن ناقته وعقلها بالظلال، ثمّ دخل وصلَّى ركعتين أطال فيهما، ثمّ مدَّ يديه فقال: وذكر الدعاء الذي يأتي ذكره، ثمّ قام إلى راحلته وركبها. فقال لي أبو جعفر الدهَّان: ألَا نقوم إليه فنسأله من هو؟ فقمنا إليه فقلنا له: ناشدناك الله من أنت؟ فقال: «ناشدتكما الله من ترياني؟»، قال ابن جعفر الدهَّان: نظنُّك الخضر، فقال: «وأنت أيضاً؟»، فقلت: أظنُّك إيَّاه، فقال: «والله إنِّي لمن الخضر مفتقر إلى رؤيته، انصرفا فأنا إمام زمانكما»، وهذا لفظ دعائه(عليه السلام): «اَللَّهُمَّ يَا ذَا اَلْمِنَنِ اَلسَّابِغَةِ، وَاَلْآلاَءِ اَلْوَازِعَةِ، وَاَلرَّحْمَةِ اَلْوَاسِعَةِ، وَاَلْقُدْرَةِ اَلْجَامِعَةِ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(165) من المساجد الشريفة التي شوهد فيها الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، يقع بالقرب من مسجد الكوفة، وهو منسوب إلى صعصعة بن صوحان العبدي من قبيلة عبد قيس، من خواصِّ أمير المؤمنين عليٍّ (عليه السلام) ومن شيعته المقرَّبين، وقد شهد مع الإمام عليٍّ (عليه السلام) حروبه كلَّها، كان سيِّداً مطاعاً، وإماماً مقدَّماً في قومه، وكانت له مواقف مشرَّفة وشجاعة في الذود عن الحقِّ وأهله، وعُرِفَ بالفصاحة والرجاحة، فقد وصفه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالخطيب الشحشح، وقال عنه الصادق (عليه السلام): «ما كان مع أمير المؤمنين (عليه السلام) من يعرف حقَّه إلَّا صعصعة وأصحابه»، وكان ممَّن شيَّع جثمان أمير المؤمنين (عليه السلام) من الكوفة إلى النجف، وكان ضمن الرجال الذين أخذ الإمام الحسن (عليه السلام) الأمان لهم عند معاوية حين قدومه الكوفة، أمر معاوية واليه بالكوفة المغيرة بن شعبة بإبعاده عن الكوفة ونفيه إلى جزيرة أوال (البحرين الحاليَّة)، وتُوفِّي (رحمه الله) هناك عام (60هـ) في قرية تُسمَّى (عسكر).

(١٥٢)

وَاَلنِّعَمِ اَلْجَسِيمَةِ، وَاَلمَوَاهِبِ اَلْعَظِيمَةِ، وَاَلْأَيَادِي اَلْجَمِيلَةِ، وَاَلْعَطَايَا اَلْجَزِيلَةِ، يَا مَنْ لَا يُنْعَتُ بِتَمْثِيلٍ، وَلَا يُمَثَّلُ بِنَظِيرٍ، وَلَا يُغْلَبُ بِظَهِيرٍ، يَا مَنْ خَلَقَ فَرَزَقَ، وَأَلْهَمَ فَأَنْطَقَ، وَاِبْتَدَعَ فَشَرَعَ، وَعَلَا فَارْتَفَعَ، وَقَدَّرَ فَأَحْسَنَ، وَصَوَّرَ فَأَتْقَنَ، وَاِحْتَجَّ فَأَبْلَغَ، وَأَنْعَمَ فَأَسْبَغَ، وَأَعْطَى فَأَجْزَلَ، وَمَنَحَ فَأَفْضَلَ، يَا مَنْ سَمَا فِي اَلْعِزِّ فَفَاتَ نَوَاظِرَ اَلْأَبْصَارِ، وَدَنَا فِي اَللُّطْفِ فَجَازَ هَوَاجِسَ اَلْأَفْكَارِ، يَا مَنْ تَوَحَّدَ في بِالمُلْكِ فَلَا نِدَّ لَهُ فِي مَلَكُوتِ سُلْطَانِهِ، وَتَفَرَّدَ بِالْآلَاءِ وَالْكِبْرِيَاءِ، فَلَا ضِدَّ لَهُ فِي جَبَرُوتِ شَأْنِهِ، يَا مَنْ حَارَتْ فِي كِبْرِيَاءِ هَيْبَتِهِ دَقَائِقُ لَطَائِفِ اَلْأَوْهَامِ، وَاِنْحَسَرَتْ دُونَ إِدْرَاكِ عَظَمَتِهِ خَطَائِفُ أَبْصَارِ اَلْأَنَامِ، يَا مَنْ عَنَتِ اَلْوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ، وَخَضَعَتِ اَلرِّقَابُ لِعَظَمَتِهِ، وَوَجِلَتِ اَلْقُلُوبُ مِنْ خِيفَتِهِ، أَسْأَلُكَ بِهَذِهِ اَلْمِدْحَةِ اَلَّتِي لَا تَنْبَغِي إِلَّا لَكَ، وَبِمَا وَأَيْتَ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ لِدَاعِيكَ مِنَ اَلمُؤْمِنِينَ، وَبِمَا ضَمِنْتَ اَلْإِجَابَةَ فِيهِ عَلَى نَفْسِكَ لِلدَّاعِينَ، يَا أَسْمَعَ اَلسَّامِعِينَ، وَيَا أَبْصَرَ اَلمُبْصِرِينَ، وَيَا أَنْظَرَ اَلنَّاظِرِينَ، وَيَا أَسْرَعَ اَلْحَاسِبِينَ، وَيَا أَحْكَمَ اَلْحَاكِمِينَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ اَلطَّاهِرِينَ اَلْأَخْيَارِ، وَأَنْ تَقْسِمَ لِي فِي شَهْرِنَا هَذَا خَيْرَ مَا قَسَمْتَ، وَأَنْ تَحْتِمَ لِي فِي قَضَائِكَ خَيْرَ مَا حَتَمْتَ، وَتَخْتِمَ لِي بِالسَّعَادَةِ فِيمَنْ خَتَمْتَ، وَأَحْيِنِي مَا أَحْيَيْتَنِي مَوْفُوراً، وَأَمِتْنِي مَسْرُوراً وَمَغْفُوراً، وَتَوَلَّ أَنْتَ نَجَاتِي مِنْ مُسَاءَلَةِ اَلْبَرْزَخِ، وَاِدْرَأْ عَنِّي مُنْكَراً وَنَكِيراً، وَ[أَرِ عَيْنِي] مُبَشِّراً وَبَشِيراً، وَاِجْعَلْ لِي إِلَى رِضْوَانِكَ وَجِنَانِكَ مَصِيراً وَعَيْشاً قَرِيراً وَمُلْكاً كَبِيراً، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ». ثمّ تقول من غير تلك الرواية: «اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَقْدٍ عِزِّكَ عَلَى أَرْكَانِ عَرْشِكَ، وَمُنْتَهَى رَحْمَتِكَ مِنْ كِتَابِكَ، وَاِسْمِكَ اَلْأَعْظَمِ [اَلْأَعْظَمِ]، وَذِكْرِكَ اَلْأَعْلَى اَلْأَعْلَى، وَكَلِمَاتِكَ اَلتَّامَّاتِ كُلِّهَا أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَسْأَلُكَ مَا كَانَ أَوْفَى بِعَهْدِكَ، وَأَقْضَى لِحَقِّكَ وَأَرْضَى لِنَفْسِكَ، وَخَيْراً لِي فِي اَلمَعَادِ عِنْدَكَ، وَاَلمَعَادِ

(١٥٣)

إِلَيْكَ، أَنْ تُعْطِيَنِي جَمِيعَ مَا أُحِبُّ وَتَصْرِفَ عَنِّي جَمِيعَ مَا أَكْرَهُ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ»(166).
8 - سنة الظهور: إخبار النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ولده المهدي (عجَّل الله فرجه) وأنَّه شبيه موسى بن عمران، عليه جلابيب النور، وسماع ثلاثة أصوات في رجب وبها يأتي الفرج:
روى الخزَّاز (رحمه الله) عن أبي عبد الله أحمد بن [أبي عبد الله أحمد بن] محمّد بن عبيد الله، قال: حدَّثنا أبو طالب عبيد بن أحمد بن يعقوب بن نصر الأنباري، قال: حدَّثنا أحمد بن محمّد بن مسروق، قال: حدَّثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدَّثنا محمّد بن زياد الهاشمي، قال: حدَّثنا سفيان بن عتبة، [قال: حدَّثنا عمران ابن داود]، قال: حدَّثنا محمّد بن الحنفيَّة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول:... وسيكون بعدي فتنة صمَّاء صيلم يسقط فيها كلُّ وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من السابع من ولدك، يحزن لفقده أهل الأرض والسماء، فكم مؤمن ومؤمنة متأسِّف متلهِّف حيران عند فقده. ثمّ أطرق مليًّا، ثمّ رفع رأسه وقال: بأبي وأُمِّي سميِّ وشبيهي وشبيه موسى بن عمران، عليه جبوب النور - أو قال: جلابيب النور - يتوقَّد من شعاع القدس، كأنِّي بهم آيس من كانوا، ثمّ نودي بنداء يسمعه من البعد كما يسمعه من القرب يكون رحمةً على المؤمنين وعذاباً على المنافقين. قلت: وما ذلك النداء؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب: أوَّلها: ﴿أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود: 18]، الثاني: ﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ﴾ [النجم: 57]، والثالث ترون بدريًّا بارزاً مع قرن الشمس ينادي: الآن الله قد بعث فلان بن فلان - حتَّى ينسبه إلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(166) إقبال الأعمال (ج 3/ ص 212 - 214).

(١٥٤)

عليٍّ -، فيه هلاك الظالمين، فعند ذلك يأتي الفرج ويشفي الله صدورهم ويُذهِب غيظ قلوبهم. قلت: يا رسول الله، فكم يكون بعدي من الأئمَّة؟ قال: بعد الحسين تسعة، والتاسع قائمهم»(167).
ورواه الصدوق (رحمه الله) عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، عن أحمد بن هلال العبرتائي، عن الحسن بن المحبوب. ورواه الطوسي (رحمه الله) عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن عليٍّ الزيتوني وعبد الله بن جعفر الحميري معاً، عن أحمد بن هلال العبرتائي، عن الحسن بن المحبوب. ورواه الطبري الشيعي عن أبي المفضَّل محمّد بن عبد الله، عن محمّد بن همَّام، عن أحمد بن مابنداز والحميري، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن المحبوب(168).
وروى النعماني (رحمه الله) عن محمّد بن همَّام، قال: حدَّثنا أحمد بن مابنداذ وعبد الله بن جعفر الحميري، قالا: حدَّثنا أحمد بن هلال، قال: حدَّثنا الحسن بن محبوب الزرَّاد، عن الرضا (عليه السلام)، قريب منه(169).
9 - سنة الظهور: مدَّة حكم السفياني وخروجه في رجب:
روى نعيم بن حمَّاد المروزي عن سعيد أبو عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: «يملك السفياني حمل امرأة»(170).
* وروى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(167) كفاية الأثر (ص 156 - 159).
(168) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) (ج 1/ ص 9 و10/ ح 14)، كمال الدِّين (ص 371/ باب 35/ ح 3)، الغيبة للطوسي (ص 439 و440/ ح 431)، دلائل الإمامة (ص 460 و461/ ح 441/45)؛ الخرائج والجرائح (ج 3/ ص 1168 و1169/ ح 65)، مختصر البصائر (ص 157 و158/ ح 8).
(169) الغيبة للنعماني (ص 186/ باب 10/ ح 28).
(170) كتاب الفتن للمروزي (ص 165).

(١٥٥)

الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عيسى بن أعين، عن المعلَّى بن خُنَيس، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «إنَّ أمر السفياني من الأمر المحتوم، وخروجه في رجب»(171).
* وروى النعماني (رحمه الله) عن محمّد بن همَّام، قال: حدَّثني جعفر بن محمّد بن مالك، قال: حدَّثني عبَّاد بن يعقوب، قال: حدَّثنا خلَّاد الصائغ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال: «السفياني لا بدَّ منه، ولا يخرج إلَّا في رجب». فقال له رجل: يا أبا عبد الله، إذا خرج فما حالنا؟ قال: «إنْ كان ذلك فإلينا»(172).
وعن أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم، قال: حدَّثنا عبيس بن هشام، عن عبد الله بن جبلة، عن محمّد بن سليمان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر محمّد بن عليٍّ (عليه السلام) أنَّه قال: «السفياني والقائم في سنة واحدة»(173).
وعن عليِّ بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن عبد الله بن محمّد، قال: حدَّثنا محمّد بن خالد، عن الحسن بن المبارك، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه قال: «المهدي أقبل، جعد، بخدِّه خال، يكون من قبل المشرق، وإذا كان ذلك خرج السفياني، فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر، يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلَّا طوائف من المقيمين على الحقِّ، يعصمهم الله من الخروج معه، ويأتي المدينة بجيش جرَّار حتَّى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به، وذلك قول الله (عزَّ وجلَّ) في كتابه: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [سبأ: 51]»(174).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(171) كمال الدِّين (ص 650/ باب 57/ ح 5).
(172) الغيبة للنعماني (ص 313/ باب 18/ ح 7).
(173) الغيبة للنعماني (ص 275/ باب 14/ ح 36).
(174) الغيبة للنعماني (ص 316/ باب 18/ ح 14).

(١٥٦)

* وروى المفيد (رحمه الله) عن سيف بن عميرة، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «خروج الثلاثة: السفياني والخراساني واليماني، في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، وليس فيها راية أهدى من راية اليماني، لأنَّه يدعو إلى الحقِّ»(175).
وراجع ما ذُكِرَ في (رجب/ 265هـ) تحت عنوان: (التاريخ السندي لحديث الصادق (عليه السلام) عن ظهور السفياني في رجب)، وكذلك ما سيأتي في (ذي الحجَّة/ سنة الظهور) تحت عنوان: (استحواذ السفياني على تمام الكور الخمس).
10 - سنة الظهور: من علامات الظهور آية في رجب وجه يطلع في القمر ويد بارزة:
روى النعماني (رحمه الله) عن محمّد بن همَّام، قال: حدَّثني جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، قال: حدَّثني موسى بن جعفر بن وهب، قال: حدَّثني الحسن بن عليٍّ الوشَّاء، عن عبَّاس بن عبد الله، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال: «العام الذي فيه الصيحة قبله الآية في رجب»، قلت : وما هي؟ قال: «وجه يطلع في القمر، ويد بارزة»(176).
11 - زيارة المشاهد الشريفة في رجب عن النائب الثالث الحسين بن روح (رضي الله عنه):
روى الطوسي (رحمه الله) عن ابن عيَّاش، قال: حدَّثني خير بن عبد الله، عن مولاه يعني أبا القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه)، قال: زر أيَّ المشاهد كنت بحضرتها في رجب، تقول إذا دخلت: «اَلْحَمْدُ لِلهِ اَلَّذِي أَشْهَدَنَا مَشْهَدَ أَوْلِيَائِهِ فِي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(175) الإرشاد (ج 2/ ص 375)، إعلام الورى (ج 2/ ص 284)، كشف الغمَّة (ج 3/ ص 259).
(176) الغيبة للنعماني (ص 261/ باب 14/ ح 10).

(١٥٧)

رَجَبٍ، وَأَوْجَبَ عَلَيْنَا مِنْ حَقِّهِمْ مَا قَدْ وَجَبَ، وَصَلَّى اَللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ اَلمُنْتَجَبِ وَعَلَى أَوْصِيَائِهِ اَلْحُجُبِ، اَللَّهُمَّ فَكَمَا أَشْهَدْتَنَا مَشْهَدَهُمْ فَأَنْجِزْ لَنَا مَوْعِدَهُمْ، وَأَوْرِدْنَا مَوْرِدَهُمْ غَيْرَ مُحَلَّئِينَ عَنْ وِرْدٍ فِي دَارِ اَلمُقَامَةِ وَاَلْخُلْدِ، وَاَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ إِنِّي قَصَدْتُكُمْ وَاِعْتَمَدْتُكُمْ بِمَسْأَلَتِي وَحَاجَتِي وَهِيَ فَكَاكُ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، وَاَلمَقَرُّ مَعَكُمْ فِي دَارِ اَلْقَرَارِ مَعَ شِيعَتِكُمْ اَلْأَبْرَارِ، وَاَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى اَلدَّارِ، أَنَا سَائِلُكُمْ وَآمِلُكُمْ فِيمَا إِلَيْكُمْ اَلتَّفْوِيضُ وَعَلَيْكُمُ اَلتَّعْوِيضُ، فَبِكُمْ يُجْبَرُ اَلمَهِيضُ، وَيُشْفَى اَلمَرِيضُ، وَمَا تَزْدَادُ اَلْأَرْحَامُ وَمَا تَغِيضُ، إِنِّي بِسِرِّكُمْ مُؤْمِنٌ، وَلِقَوْلِكُمْ مُسَلِّمٌ، وَعَلَى اَللهِ بِكُمْ مُقْسِمٌ فِي رَجْعِي بِحَوَائِجِي وَقَضَائِهَا وَإِمْضَائِهَا وَإِنْجَاحِهَا وَإِبْرَاجِهَا، وَبِشُئُونِي لَدَيْكُمْ وَصَلَاحِهَا، وَاَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ سَلَامَ مُوَدِّعٍ وَلَكُمْ حَوَائِجَهُ مُوَدِّعٌ، يَسْأَلُ اَللهَ إِلَيْكُمْ اَلمَرْجِعَ، وَسَعْيُهُ إِلَيْكُمْ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ، وَأَنْ يُرْجِعَنِي مِنْ حَضْرَتِكُمْ خَيْرَ مَرْجِعٍ إِلَى جَنَابٍ مُمْرِعٍ، وَخَفْضٍ مُوَسَّعٍ وَدَعَةٍ وَمَهَلٍ إِلَى حِينِ اَلْأَجَلِ، وَخَيْرِ مَصِيرٍ وَمَحَلٍّ فِي اَلنَّعِيمِ اَلْأَزَلِ، وَاَلْعَيْشِ اَلمُقْتَبَلِ، وَدَوَامِ اَلْأُكُلِ، وَشُرْبِ اَلرَّحِيقِ وَاَلسَّلْسَلِ وَعَلٍّ وَنَهَلٍ، لَا سَأَمَ مِنْهُ وَلَا مَلَلَ، وَرَحْمَةُ اَللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ عَلَيْكُمْ، حَتَّى اَلْعَوْدِ إِلَى حَضْرَتِكُمْ وَاَلْفَوْزِ فِي كَرَّتِكُمْ وَاَلْحَشْرِ فِي زُمْرَتِكُمْ، وَاَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اَللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ وَصَلَوَاتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ اَلْوَكِيلُ»(177).
12 - دعاء في كلِّ يوم من رجب عن طريق النائب الثاني محمّد بن عثمان (رضي الله عنه) عن الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الطوسي (رحمه الله) عن جماعة، عن ابن عيَّاش، قال: ممَّا خرج على يد الشيخ الكبير أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد (رضي الله عنه)، من الناحية المقدَّسة ما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(177) مصباح المتهجِّد (ص 821 و822/ ح 885/28).

(١٥٨)

حدَّثني به جبير بن عبد الله، قال: كتبته من التوقيع الخارج إليه: «بسم الله الرحمن الرحيم، ادع في كلِّ يوم من أيَّام رجب: اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعَانِي جَمِيعِ مَا يَدْعُوكَ بِهِ وُلَاةُ أَمْرِكَ، اَلمَأْمُونُونَ عَلَى سِرِّكَ، اَلمُسْتَبْشِرُونَ بِأَمْرِكَ، اَلْوَاصِفُونَ لِقُدْرَتِكَ، اَلمُعْلِنُونَ لِعَظَمَتِكَ، أَسْأَلُكَ بِمَا نَطَقَ فِيهِمْ مِنْ مَشِيَّتِكَ، فَجَعَلْتَهُمْ مَعَادِنَ لِكَلِمَاتِكَ، وَأَرْكَاناً لِتَوْحِيدِكَ، وَآيَاتِكَ وَمَقَامَاتِكَ اَلَّتِي لَا تَعْطِيلَ لَهَا فِي كُلِّ مَكَانٍ، يَعْرِفُكَ بِهَا مَنْ عَرَفَكَ، لَا فَرْقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا إِلَّا أَنَّهُمْ عِبَادُكَ وَخَلْقُكَ فَتْقُهَا وَرَتْقُهَا بِيَدِكَ، بَدْؤُهَا مِنْكَ وَعَوْدُهَا إِلَيْكَ، أَعْضَادٌ وَأَشْهَادٌ وَمُنَاةٌ وَأَذْوَادٌ وَحَفَظَةٌ وَرُوَّادٌ، فَبِهِمْ مَلَأْتَ سَمَاءَكَ وَأَرْضَكَ حَتَّى ظَهَرَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، فَبِذَلِكَ أَسْأَلُكَ وَبِمَوَاقِعِ اَلْعِزِّ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَبِمَقَامَاتِكَ وَعَلَامَاتِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَنْ تَزِيدَنِي إِيمَاناً وَتَثْبِيتاً، يَا بَاطِناً فِي ظُهُورِهِ وَظَاهِراً فِي بُطُونِهِ وَمَكْنُونِهِ، يَا مُفَرِّقاً بَيْنَ اَلنُّورِ وَاَلدَّيْجُورِ، يَا مَوْصُوفاً بِغَيْرِ كُنْهٍ، وَمَعْرُوفاً بِغَيْرِ شِبْهٍ، حَادَّ كُلِّ مَحْدُودٍ، وَشَاهِدَ كُلِّ مَشْهُودٍ، وَمُوجِدَ كُلِّ مَوْجُودٍ، وَمُحْصِيَ كُلِّ مَعْدُودٍ، وَفَاقِدَ كُلِّ مَفْقُودٍ، لَيْسَ دُونَكَ مِنْ مَعْبُودٍ، أَهْلَ اَلْكِبْرِيَاءِ وَاَلْجُودِ، يَا مَنْ لَا يُكَيَّفُ بِكَيْفٍ، وَلَا يؤين بِأَيْنٍ، يَا مُحْتَجِباً عَنْ كُلِّ عَيْنٍ، يَا دَيْمُومُ يَا قَيُّومُ وَعَالِمُ كُلِّ مَعْلُومٍ، صَلِّ عَلَى عِبَادِكَ اَلمُنْتَجَبِينَ، وَبَشَرَكَ اَلمُحْتَجِبِينَ، وَمَلَائِكَتِكَ اَلمُقَرَّبِينَ، وَاَلْبُهْمِ اَلصَّافِّينَ اَلْحَافِّينَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي شَهْرِنَا هَذَا اَلمُرَجَّبِ اَلمُكَرَّمِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ اَلْأَشْهُرِ اَلْحُرُمِ، وَأَسْبِغْ عَلَيْنَا فِيهِ اَلنِّعَمَ، وَأَجْزِلْ لَنَا فِيهِ اَلْقِسَمَ، وَأَبْرِرْ لَنَا فِيهِ اَلْقَسَمَ، بِاسْمِكَ اَلْأَعْظَمِ اَلْأَعْظَمِ اَلْأَجَلِّ اَلْأَكْرَمِ اَلَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى اَلنَّهَارِ فَأَضَاءَ، وَعَلَى اَللَّيْلِ فَأَظْلَمَ، وَاِغْفِرْ لَنَا مَا تَعْلَمُ مِنَّا وَمَا لَا نَعْلَمُ، وَاِعْصِمْنَا مِنَ اَلذُّنُوبِ خَيْرَ اَلْعِصَمَ، وَاِكْفِنَا كَوَافِيَ قَدَرِكَ، وَاُمْنُنْ عَلَيْنَا بِحُسْنِ نَظَرِكَ، وَلَا تَكِلْنَا إِلَى غَيْرِكَ، وَلَا تَمْنَعْنَا مِنْ خَيْرِكَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا كَتَبْتَهُ لَنَا مِنْ أَعْمَارِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا خَبِيئَةَ أَسْرَارِنَا، وَأَعْطِنَا مِنْكَ اَلْأَمَانَ،

(١٥٩)

وَاِسْتَعْمِلْنَا بِحُسْنِ اَلْإِيمَانِ، وَبَلِّغْنَا شَهْرَ اَلصِّيَامِ، وَمَا بَعْدَهُ مِنَ اَلْأَيَّامِ وَاَلْأَعْوَامِ، يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَاَلْإِكْرَامِ»(178).
13 - دعاء آخر في رجب صدر عن الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح والتوسُّل بالإمامين الجواد والهادي (عليهما السلام):
روى الطوسي (رحمه الله) عن ابن عيَّاش، قال: وخرج إلى أهلي على يد الشيخ الكبير أبي القاسم (رضي الله عنه) في مقامه عندهم هذا الدعاء في أيَّام رجب: «اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالمَوْلُودَيْنِ فِي رَجَبٍ، مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلثَّانِي وَاِبْنِهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلمُنْتَجَبِ، وَأَتَقَرَّبُ بِهِمَا إِلَيْكَ خَيْرَ اَلْقُرْبِ، يَا مَنْ إِلَيْهِ اَلمَعْرُوفُ طُلِبَ، وَفِيمَا لَدَيْهِ رُغِبَ، أَسْأَلُكَ سُؤَالَ مُقْتَرِفٍ مُذْنِبٍ، قَدْ أَوْبَقَتْهُ ذُنُوبُهُ، وَأَوْثَقَتْهُ عُيُوبُهُ، فَطَالَ عَلَى اَلْخَطَايَا دُءُوبُهُ، وَمِنَ اَلرَّزَايَا خُطُوبُهُ، يَسْأَلُكَ اَلتَّوْبَةَ، وَحُسْنَ اَلْأَوْبَةِ، وَاَلنُّزُوعَ عَنِ اَلْحَوْبَةِ، وَمِنَ اَلنَّارِ فَكَاكَ رَقَبَتِهِ، وَاَلْعَفْوَ عَمَّا فِي رِبْقَتِهِ، فَأَنْتَ مَوْلَايَ أَعْظَمُ أَمَلِهِ وَثِقَتِهِ. اَللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ بِمَسَائِلِكَ اَلشَّرِيفَةِ، وَوَسَائِلِكَ اَلمُنِيفَةِ أَنْ تَتَغَمَّدَنِي فِي هَذَا اَلشَّهْرِ بِرَحْمَةٍ مِنْكَ وَاسِعَةٍ، وَنِعْمَةٍ وَازِعَةٍ، وَنَفْسٍ بِمَا رَزَقْتَهَا قَانِعَةٍ إِلَى نُزُولِ اَلْحَافِرَةِ، وَمَحَلِّ اَلْآخِرَةِ، وَمَا هِيَ إِلَيْهِ صَائِرَةٌ»(179).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(178) مصباح المتهجِّد (ص 803 و804/ ح 866/9).
(179) مصباح المتهجِّد (ص 804 و805/ ح 867/10).

(١٦٠)

3 شعبان المعظَّم: 1 - سنة (4هـ): دخول جابر الأنصاري على الزهراء (عليها السلام) لتهنئتها بولادة الحسين (عليه السلام) ومشاهدته اللوح الأخضر بيدها وفيه أسماء الأئمَّة والإمام المهدي (عليهم السلام):
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبيه ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قالا: حدَّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعاً، عن أبي الخير صالح ابن أبي حمَّاد والحسن بن ظريف جميعاً، عن بكر بن صالح. وحدَّثنا أبي ومحمّد بن موسى بن المتوكِّل ومحمّد بن عليٍّ ماجيلويه وأحمد بن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم والحسين بن إبراهيم بن تاتانه وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنهم)، قالوا: حدَّثنا عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن عبد الرحمن ابن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أبي (عليه السلام) لجابر بن عبد الله الأنصاري: إنَّ لي إليك حاجة، فمتى يخفُّ عليك أنْ أخلو بك فأسألك عنها؟ قال له جابر: في أيِّ الأوقات شئت. فخلا به أبي (عليه السلام) فقال له: يا جابر، أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أُمِّي فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وما أخبرتك به أُمِّي أنَّ في ذلك اللوح مكتوباً.
قال جابر: أشهد بالله أنِّي دخلت على أُمِّك فاطمة في حياة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأُهنِّئها بولادة الحسين (عليه السلام)(180)، فرأيت في يدها لوحاً أخضر ظننت أنَّه زمرُّد،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(180) قال المجلسي (رحمه الله) في البحار (ج 44/ ص 201 و202): (الأشهر في ولادته (صلوات الله عليه) أنَّه وُلِدَ لثلاث خلون من شعبان، لما رواه الشيخ في (المصباح) أنَّه خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمّد (عليه السلام) أنَّ مولانا الحسين (عليه السلام) وُلِدَ يوم الخميس، لثلاث خلون من شعبان، فصم وادع فيه بهذا الدعاء...) وذكر الدعاء. ثمّ قال (رحمه الله) بعد الدعاء الثاني المروي عن الحسين: (قال ابن عيّاش: سمعت الحسين بن عليِّ بن سفيان البزوفري يقول: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يدعو به في هذا اليوم، وقال: هو من أدعية اليوم الثالث من شعبان، وهو مولد الحسين (عليه السلام). وقيل: إنَّه (عليه السلام) وُلِدَ لخمس ليال خلون من شعبان، لما رواه الشيخ أيضاً في (المصباح) عن الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنَّه قال: «وُلِدَ الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام) لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع خلون من الهجرة». وقال (رحمه الله) في (التهذيب): وُلِدَ (عليه السلام) آخر شهر ربيع الأوَّل سنة ثلاث من الهجرة. وقال الكليني (قدَّس الله روحه): وُلِدَ (عليه السلام) سنة ثلاث. وقال الشهيد (رحمه الله) في (الدروس): وُلِدَ (عليه السلام) بالمدينة آخر شهر ربيع الأوَّل سنة ثلاث من الهجرة، وقيل: يوم الخميس ثلاث عشر شهر رمضان. وقال المفيد: لخمس خلون من شعبان سنة أربع. وقال الشيخ ابن نما في (مثير الأحزان): وُلِدَ (عليه السلام) لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وقيل: الثالث منه، وقيل: أواخر شهر ربيع الأوَّل سنة ثلاث، وقيل: لخمس خلون من جمادى الأُولى سنة أربع من الهجرة).

(١٦٣)

ورأيت فيه كتاباً أبيض شبه نور الشمس، فقلت: بأبي أنتِ وأُمِّي يا بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا اللوح أهداه الله (عزَّ وجلَّ) إلى رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني وأسماء الأوصياء من ولدي، فأعطانيه أبي (عليه السلام) ليسرَّني بذلك.
قال جابر: فأعطتنيه أُمُّك فاطمة فقرأته وانتسخته، فقال أبي (عليه السلام): فهل لك يا جابر أنْ تعرضه عليَّ؟ قال: نعم، فمشى معه أبي (عليه السلام) حتَّى انتهى إلى منزل جابر، فأخرج أبي (عليه السلام) صحيفة من رقٍّ.
قال جابر: فأشهد بالله أنِّي هكذا رأيته في اللوح مكتوباً:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمّد نوره وسفيره وحجابه ودليله،

(١٦٤)

نزل به الروح الأمين من عند ربِّ العالمين، عظِّم يا محمّد أسمائي، واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، إنِّي أنا الله لا إله إلَّا أنا، قاصم الجبَّارين، ومذلُّ الظالمين، وديَّان الدِّين، أنا الله لا إله إلَّا أنا، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عذابي عذَّبته عذاباً لا أُعذِّب أحداً من العالمين، فإيَّاي فاعبد وعليَّ فتوكَّل، إنِّي لم أبعث نبيًّا فأكملت أيَّامه وانقضت مدَّته إلَّا جعلت له وصيًّا، وإنِّي فضَّلتك على الأنبياء، وفضَّلت وصيَّك على الأوصياء، وأكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك الحسن والحسين، فجعلت حسناً معدن علمي [بعد] انقضاء مدَّة أبيه، وجعلت حسيناً خازن وحيي، وأكرمته بالشهادة، وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استُشهِدَ، وأرفع الشهداء درجةً عندي، وجعلت كلمتي التامَّة معه، والحجَّة البالغة عنده، بعترته أُثيب وأُعاقب.
أوَّلهم عليٌّ سيِّد العابدين وزين أوليائي الماضين، وابنه شبيه جدِّه المحمود محمّد الباقر لعلمي والمعدن لحكمي، سيهلك المرتابون في جعفر، الرادُّ عليه كالرادِّ عليَّ، حقَّ القول منِّي لأُكرمنَّ مثوى جعفر ولأُسرنَّه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، انتجبت بعده موسى وانتحبت(181) بعده فتنة عمياء حندس لأنَّ خيط فرضي لا ينقطع وحجَّتي لا تخفى، وإنَّ أوليائي لا يشقون، ألَا ومن جحد واحداً منهم فقد جحد نعمتي، ومن غيَّر آية من كتابي فقد افترى عليَّ، وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدَّة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي، إنَّ المكذِّب بالثامن مكذِّب بكلِّ أوليائي، وعليٌّ وليِّي وناصري ومن أضع عليه أعباء النبوَّة وأمنحه بالاضطلاع، يقتله عفريت مستكبر يُدفَن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شرِّ خلقي، حقَّ القول منِّي لأقرنَّ عينيه بمحمّد ابنه وخليفته من بعده،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(181) هكذا في المصدر، والظاهر أنَّها تصحيف: (أُتيحت).

(١٦٥)

فهو وارث علمي ومعدن حكمي، وموضع سرِّي، وحجَّتي على خلقي، جعلت الجنَّة مثواه، وشفَّعته في سبعين من أهل بيته كلُّهم قد استوجبوا النار، وأختم بالسعادة لابنه عليٍّ وليِّي وناصري، والشاهد في خلقي، وأميني على وحيي، أُخرج منه الداعي [إلى] سبيلي، والخازن لعلمي الحسن، ثمّ أُكمل ذلك بابنه رحمةً للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيُّوب، سيذلُّ في زمانه أوليائي وتتهادون رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم، فيُقتَلون ويُحرَقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تُصبَغ الأرض بدمائهم، ويفشو الويل والرنين في نسائهم، أُولئك أوليائي حقًّا، بهم أدفع كلَّ فتنة عمياء حندس، وبهم أكشف الزلازل وأرفع الآصار والأغلال، أُولئك عليهم صلوات من ربِّهم ورحمة، وأُولئك هم المهتدون»(182).
ورواه الطوسي (رحمه الله) عن جماعة، عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري، عن أبي عليٍّ أحمد بن إدريس وعبد الله بن جعفر الحميري، عن أبي الخير صالح ابن أبي حمَّاد الرازي والحسن بن ظريف جميعاً، عن بكر بن صالح، عن عبد الرحمن بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)(183).
2 - سنة (4هـ): قصَّة المَلَك دردائيل وتوسُّله بالحسين (عليه السلام) يوم ولادته، وإخبار رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة (عليها السلام) بشهادته وأنَّ الأئمَّة (عليهم السلام) من ولده آخرهم الحجَّة القائم (عجَّل الله فرجه):
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن عليٍّ ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدَّثني عمِّي محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدَّثني محمّد بن عليٍّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(182) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) (ج 2/ ص 48 - 50/ ح 2)، الهداية الكبرى (ص 364 - 366)، الاحتجاج (ج 1/ ص 84 - 86)، مناقب آل أبي طالب (ج 1/ ص 255 و256).
(183) الغيبة للطوسي (ص 143 - 146/ ح 108).

(١٦٦)

القرشي، قال: حدَّثني أبو الربيع الزهراني، قال: حدَّثنا جرير، عن ليث بن أبي سُلَيم، عن مجاهد، قال: قال ابن عبَّاس: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: «إنَّ لله تبارك وتعالى مَلَكاً يقال له: دردائيل، كان له ستَّة عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح هواء، والهواء كما بين السماء إلى الأرض، فجعل يوماً يقول في نفسه: أفوق ربِّنا (جلَّ جلاله) شيء؟ فعلم الله تبارك وتعالى ما قال، فزاده أجنحةً مثلها، فصار له اثنان وثلاثون ألف جناح، ثمّ أوحى الله (عزَّ وجلَّ) إليه أنْ طر، فطار مقدار خمسين عاماً فلم ينل رأس قائمة من قوام العرش، فلمَّا علم الله (عزَّ وجلَّ) إتعابه أوحى إليه: أيُّها المَلَك عد إلى مكانك، فأنا عظيم فوق كلِّ عظيم، وليس فوقي شيء، ولا أُوصف بمكان، فسلبه الله أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة، فلمَّا وُلِدَ الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام) وكان مولده عشيَّة الخميس ليلة الجمعة أوحى الله (عزَّ وجلَّ) إلى مالك خازن النار أنْ أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود وُلِدَ لمحمّد، وأوحى إلى رضوان خازن الجنان أنْ زخرف الجنان وطيِّبها لكرامة مولود وُلِدَ لمحمّد في دار الدنيا، وأوحى الله تبارك وتعالى إلى حور العين [أنْ] تزينَّ وتزاورن لكرامة مولود وُلِدَ لمحمّد في دار الدنيا، وأوحى الله (عزَّ وجلَّ) إلى الملائكة أنْ قوموا صفوفاً بالتسبيح والتحميد والتمجيد والتكبير لكرامة مولود وُلِدَ لمحمّد في دار الدنيا، وأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل (عليه السلام) أنْ اهبط إلى نبيِّي محمّد في ألف قبيل - والقبيل ألف ألف من الملائكة - على خيول بلق، مسرجة ملجمة، عليها قباب الدُّرِّ والياقوت، ومعهم ملائكة يقال لهم: الروحانيُّون، بأيديهم أطباق من نور أنْ هنِّئوا محمّداً بمولود، وأخبره يا جبرئيل أنِّي قد سمَّيته الحسين، وهنِّئه وعزِّه وقل له: يا محمّد، يقتله شرار أُمَّتك على شرار الدوابِّ، فويل للقاتل، وويل للسائق، وويل للقائد. قاتل الحسين أنا منه بريء وهو منِّي بريء، لأنَّه لا يأتي يوم القيامة أحد إلَّا وقاتل الحسين (عليه السلام) أعظم جرماً منه، قاتل الحسين يدخل النار يوم

(١٦٧)

القيامة مع الذين يزعمون أنَّ مع الله إلهاً آخر، والنار أشوق إلى قاتل الحسين ممَّن أطاع الله إلى الجنَّة». قال: «فبينا جبرئيل (عليه السلام) يهبط من السماء إلى الأرض إذ مرَّ بدردائيل، فقال له دردائيل: يا جبرئيل، ما هذه الليلة في السماء؟ هل قامت القيامة على أهل الدنيا؟ قال: لا، ولكن وُلِدَ لمحمّد مولود في دار الدنيا، وقد بعثني الله (عزَّ وجلَّ) إليه لأُهنِّئه بمولوده، فقال المَلَك: يا جبرئيل، بالذي خلقك وخلقني إذا هبطت إلى محمّد فاقرأه منِّي السلام، وقل له: بحقِّ هذا المولود عليك إلاَّ ما سألت ربَّك أنْ يرضى عنِّي فيردَّ عليَّ أجنحتي ومقامي من صفوف الملائكة»، فهبط جبرئيل (عليه السلام) على النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فهنَّأه كما أمره الله (عزَّ وجلَّ) وعزَّاه، فقال له النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «تقتله أُمَّتي؟»، فقال له: نعم يا محمّد، فقال النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «ما هؤلاء بأُمَّتي أنا بريء منهم، والله (عزَّ وجلَّ) بريء منهم»، قال جبرئيل: وأنا بريء منهم يا محمّد، فدخل النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على فاطمة (عليها السلام) فهنَّأها وعزَّاها، فبكت فاطمة (عليها السلام)، وقالت: «يا ليتني لم ألده، قاتل الحسين في النار»، فقال النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «وأنا أشهد بذلك يا فاطمة، ولكنَّه لا يُقتَل حتَّى يكون منه إمام يكون منه الأئمَّة الهادية بعده»، ثمّ قال (عليه السلام): «والأئمَّة بعدي الهادي عليٌّ، والمهتدي الحسن، والناصر الحسين، والمنصور عليُّ بن الحسين، والشافع محمّد بن عليٍّ، والنفَّاع جعفر ابن محمّد، والأمين موسى بن جعفر، والرضا عليُّ بن موسى، والفعَّال محمّد بن عليٍّ، والمؤتمن عليُّ بن محمّد، والعلَّام الحسن بن عليٍّ، ومن يُصلِّي خلفه عيسى بن مريم (عليه السلام) القائم (عليه السلام)». فسكتت فاطمة (عليها السلام) من البكاء. أخبر جبرئيل (عليه السلام) النبيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بقصَّة المَلَك وما أُصيب به، قال ابن عبَّاس: فأخذ النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الحسين (عليه السلام) وهو ملفوف في خرق من صوف فأشار به إلى السماء، ثمّ قال: «اللَّهُمَّ بحقِّ هذا المولود عليك، لا بل بحقِّك عليه وعلى جدِّه محمّد وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، إنْ كان للحسين بن عليِّ بن فاطمة عندك قدر فارضَ عن

(١٦٨)

دردائيل ورُدَّ عليه أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة»، فاستجاب الله دعاءه وغفر للمَلَك (وردَّ عليه أجنحته وردَّه إلى صفوف الملائكة)، فالمَلَك لا يُعرَف في الجنَّة إلَّا بأنْ يقال: هذا مولى الحسين بن عليٍّ وابن فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(184).
3 - سنة (4هـ): حين ولادة الحسين (عليه السلام) أخبر النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فاطمة الزهراء (عليها السلام) بأنَّه أبو تسعة أئمَّة تاسعهم قائمهم:
روى الخزَّاز (رحمه الله) عن أبي المفضَّل (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا أبو بكر محمّد بن مسعود النبلي، قال: حدَّثنا الحسين بن عقيل الأنصاري، قال: حدَّثني أبو إسماعيل إبراهيم ابن أحمد، قال: حدَّثنا عبد الله بن موسى، عن أبي خالد عمرو بن خالد، عن زيد بن عليٍّ، [عن أبيه عليِّ] بن الحسين، عن عمَّته زينب بنت عليٍّ (عليه السلام)، عن فاطمة (عليها السلام)، قالت: «كان دخل إليَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عند ولادتي الحسين (عليه السلام)، فناولته إيَّاه في خرقة صفراء، فرمى بها وأخذ خرقة بيضاء ولفَّه فيها، ثمّ قال: خذيه يا فاطمة فإنَّه إمام ابن إمام أبو الأئمَّة التسعة، من صلبه أئمَّة أبرار والتاسع قائمهم»(185).
* وروى عن عليِّ بن الحسن، عن محمّد، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثني عليُّ بن قابوس القمِّي بقمّ، قال: حدَّثني محمّد بن الحسن، عن يونس بن ظبيان، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليٍّ، عن أبيه عليِّ بن الحسين، عن أبيه الحسين، قال: «قالت لي أُمِّي فاطمة: لـمَّا ولدتك دخل إليَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فناولتك إيَّاه في خرقة صفراء فرمى بها وأخذ خرقة بيضاء لفَّك فيها وأذَّن في أُذُنك الأيمن وأقام في أُذُنك الأيسر، ثمّ قال: يا فاطمة، خذيه فإنَّه أبو الأئمَّة، تسعة من ولده أئمَّة أبرار والتاسع مهديُّهم»(186).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(184) كمال الدِّين (ص 282 - 284/ باب 24/ ح 36).
(185) كفاية الأثر (ص 44 و45).
(186) كفاية الأثر (ص 196 و197).

(١٦٩)

4 - الدعاء في اليوم الثالث من شهر شعبان الذي صدر من الناحية للوكيل القاسم بن العلاء(187):
قال الطوسي (رحمه الله) في (المصباح): خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمّد (عليه السلام): «أنَّ مولانا الحسين (عليه السلام) وُلِدَ يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان فصمه. وادع فيه بهذا الدعاء: اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ اَلمَوْلُودِ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ، اَلمَوْعُودِ بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ اِسْتِهْلَالِهِ وَوِلَادَتِهِ، بَكَتْهُ اَلسَّمَاءُ وَمَنْ فِيهَا وَاَلْأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَلَـمَّا يَطَأْ لاَبَتَيْهَا، قَتِيلِ اَلْعَبَرَةِ، وَسَيِّدِ اَلْأُسْرَةِ، اَلمَمْدُودِ بِالنُّصْرَةِ فِي يَوْمِ اَلْكَرَّةِ، اَلمُعَوَّضِ مِنْ قَتْلِهِ أَنَّ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ نَسْلِهِ، وَاَلشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ، وَاَلْفَوْزَ مَعَهُ فِي أَوْبَتِهِ، وَاَلْأَوْصِيَاءَ مِنْ عِتْرَتِهِ بَعْدَ قَائِمِهِمْ وَغَيْبَتِهِ، حَتَّى يُدْرِكُوا اَلْأَوْتَارَ، وَيَثْأَرُوا اَلثَّأرَ، وَيُرْضُوا اَلْجَبَّارَ، وَيَكُونُوا خَيْرَ أَنْصَارٍ، صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِمْ مَعَ اِخْتِلَافِ اَللَّيْلِ وَاَلنَّهَارِ. اَللَّهُمَّ فَبِحَقِّهِمْ إِلَيْكَ أَتَوَسَّلُ، وَأَسْأَلُ سُؤَالَ مُقْتَرِفٍ مُعْتَرِفٍ مُسِيءٍ إِلَى نَفْسِهِ مِمَّا فَرَّطَ فِي يَوْمِهِ وَأَمْسِهِ، يَسْأَلُكَ اَلْعِصْمَةَ إِلَى مَحَلِّ رَمْسِهِ. اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ، وَاُحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ، وَبَوِّئْنَا مَعَهُ دَارَ اَلْكَرَامَةِ وَمَحَلَّ اَلْإِقَامَةِ. اَللَّهُمَّ وَكَمَا كَرَّمْتَنَا بِمَعْرِفَتِهِ فَأَكْرِمْنَا بِزُلْفَتِهِ، وَاُرْزُقْنَا مُرَافَقَتَهُ وَسَابِقَتَهُ، وَاِجْعَلْنَا مِمَّنْ يُسَلِّمُ لِأَمْرِهِ، وَيُكْثِرُ اَلصَّلَاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَعَلَى جَمِيعِ أَوْصِيَائِهِ وَأَهْلِ أَصْفِيَائِهِ اَلمَمْدُودِينَ مِنْكَ بِالْعَدَدِ اَلْاِثْنَيْ عَشَرَ، اَلنُّجُومِ اَلزُّهَرِ، وَاَلْحُجَجِ عَلَى جَمِيعِ اَلْبَشَرِ. اَللَّهُمَّ وَهَبْ لَنَا فِي هَذَا اَلْيَوْمِ خَيْرَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(187) يحتمل أنْ يكون المقصود من الناحية الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، لأنَّ القاسم بن العلاء كان وكيلاً عنه (عجَّل الله فرجه) أيضاً، إلاَّ أنَّ الأرجح أنَّ المقصود هو الإمام العسكري (عليه السلام)، لإطلاق لفظ الناحية عليه (عليه السلام) أيضاً، مضافاً إلى وجود القرينة وهي نصُّهم في الدعاء على أنَّ القاسم بن العلاء وكيل أبي محمَّد (عليه السلام).

(١٧٠)

مَوْهِبَةٍ، وَأَنْجِحْ لَنَا فِيهِ كُلَّ طَلَبَةٍ كَمَا وَهَبْتَ اَلْحُسَيْنَ لِمُحَمَّدٍ جَدِّهِ، وَعَاذَ فُطْرُسَ بِمَهْدِهِ(188)، فَنَحْنُ عَائِذُونَ بِقَبْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ، نَشْهَدُ تُرْبَتَهُ، وَنَنْتَظِرُ أَوْبَتَهُ، آمِينَ رَبَّ اَلْعَالَمِينَ»(189).
8 شعبان المعظَّم: 1 - سنة (257هـ): ذكر رواية عن حكيمة(190) في ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(188) روى ابن قولويه (رحمه الله) عن محمّد بن جعفر القرشي الرزَّاز الكوفي، قال: حدَّثني خالي محمّد بن الحسين بن أبي الخطَّاب، قال: حدَّثني موسى بن سعدان الحنَّاط، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن إبراهيم بن شعيب الميثمي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنَّ الحسين بن علي (عليهما السلام) لـمَّا وُلِدَ أمر الله (عزَّ وجلَّ) جبرئيل (عليه السلام) أنْ يهبط في ألف من الملائكة فيُهنِّئ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الله ومن جبرئيل (عليه السلام)»، قال: «وكان مهبط جبرئيل (عليه السلام) على جزيرة في البحر فيها مَلَك يقال له: فطرس، كان من الحملة، فبُعِثَ في شيء فأبطا فيه، فكُسِرَ جناحه وأُلقي في تلك الجزيرة يعبد الله فيها ستّمائة عام حتَّى وُلِدَ الحسين (عليه السلام)، فقال المَلَك لجبرئيل (عليه السلام): أين تريد؟ قال: إنَّ الله تعالى أنعم على محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بنعمة فبُعِثْتُ أُهنِّيه من الله ومنِّي، فقال: يا جبرئيل، احملني معك لعلَّ محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يدعو الله لي». قال: «فحمله، فلمَّا دخل جبرئيل على النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهنَّأه من الله وهنَّأه منه وأخبره بحال فطرس، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يا جبرئيل، أدخله. فلمَّا أدخله أخبر فطرس النبيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بحاله، فدعا له النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقال له: تمسَّح بهذا المولود وعد إلى مكانك». قال: «فتمسَّح فطرس بالحسين (عليه السلام) وارتفع، وقال: يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أمَا إنَّ أُمَّتك ستقتله وله عليَّ مكافأة أنْ لا يزوره زائر إلَّا بلَّغته عنه، ولا يُسلِّم عليه مسلِّم إلَّا بلَّغته سلامه، ولا يُصلِّي عليه مصلٍّ إلَّا بلَّغته عليه صلاته»، قال: «ثمّ ارتفع». كامل الزيارات (ص 140 و141/ ح 165/1).
(189) مصباح المتهجِّد (ص 826 و827)، المزار لابن المشهدي (ص 397 - 399)، إقبال الأعمال (ج 3/ ص 303 - 304)، مختصر البصائر (ص 150 - 152/ ح 3)، المصباح للكفعمي (ص 543 و544).
(190) هي حكيمة بنت الإمام الجواد (عليه السلام)، قال المجلسي (رحمه الله) في بحار الأنوار (ج 99/ ص 79): (اعلم أنَّ في القبَّة الشريفة - يعني قبَّة العسكريَّين (عليهما السلام) - قبراً منسوباً إلى النجيبة الكريمة العالمة الفاضلة التقيَّة الرضيَّة حكيمة بنت أبي جعفر الجواد (عليه السلام)، وما أدري لِـمَ لم يتعرَّضوا لزيارتها مع ظهور فضلها وجلالتها وأنَّها كانت مخصوصة بالأئمَّة (عليهم السلام) ومودعة أسرارهم، وكانت أُمُّ القائم (عليه السلام) عندها، وكانت حاضرة عند ولادته، وكانت تراه حيناً بعد حين في حياة أبي محمّد العسكري (عليه السلام)، وكانت من السفراء والأبواب بعد وفاته، فينبغي زيارتها بما أجرى الله على اللسان ممَّا يناسب فضلها وشأنها)، قيل: إنَّها تُوفِّيت في سنة (274هـ).

(١٧١)

في مثل هذا اليوم:
روى الخصيبي (رحمه الله) في (الهداية الكبرى)، قال: قال أبو محمّد (عليه السلام): «إنِّي أدخلت عمَّاتي في داري، فرأيت جارية من جواريهنَّ قد زُيِّنت تُسمَّى نرجس، فنظرت إليها نظراً أطلته، فقالت عمَّتي حكيمة: أراك يا سيِّدي تنظر إلى هذه الجارية نظراً شديداً، فقلت: يا عمَّة، ما نظري إليها إلَّا أتعجب ممَّا لله فيها من إرادته وخيرته، فقالت: يا سيِّدي، أحسبك تريدها، قلت: بلى، فأمرتها تستأذن لي أبي عليِّ بن محمّد (عليهما السلام) في تسليمها إليَّ، ففعلت، فأمرها (عليه السلام) بذلك، فجاءتني بها».
قال الحسين بن حمدان: حدَّثني من زاد في أسماء من حدَّثني من هؤلاء الرجال الذين أُسمِّيهم، وهم: غيلان الكلابي، وموسى بن محمّد الرازي، وأحمد بن جعفر الطوسي، عن حكيمة ابنة محمّد بن عليٍّ الرضا (عليه السلام)، قال: كانت تدخل على أبي محمّد (عليه السلام) فتدعو له أنْ يرزقه الله ولداً، وأنَّها قالت: دخلت عليه فقلت له كما كنت أقول، ودعوت له كما كنت أدعو، فقال: «يا عمَّة، أمَّا الذي تدعين إلى الله أنْ يرزقنيه يُولَد في هذه الليلة» وكانت ليلة الجمعة لثمان ليال خلت من شهر شعبان سنة سبع وخمسين ومائتين من الهجرة...(191).
2 - سنة (257هـ): تهنئة (70) رجلاً للإمام العسكري (عليه السلام) بولادة المهدي (عجَّل الله فرجه) وبيان فضل الشيعة:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(191) الهداية الكبرى (ص 354 - 357).

(١٧٢)

روى الخصيبي (رحمه الله) في (الهداية الكبرى) عن الحسن بن محمّد بن يحيى الخرقي، عن عيسى بن مهدي الجوهري، قال: خرجت أنا والحسن بن مسعود والحسين بن إبراهيم وعتاب وطالب ابنا حاتم ومحمّد بن سعيد وأحمد ابن الخصيب وأحمد بن جنان من جنبلا إلى سامرَّا في سنة سبع وخمسين ومائتين، فعدلنا من المدائن إلى كربلاء، فرأينا أثر سيِّدنا أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ليلة النصف من شعبان، فلقينا إخواننا المجاورين بسامرَّا لمولانا أبي محمّد الحسن (عليه السلام) لنُهنِّئه بمولد مولانا المهدي (عليه السلام)، فبشَّرنا إخواننا أنَّ المولود كان طلوع الفجر من يوم الجمعة لثمان ليلاً خلت من شعبان، وهو ذلك الشهر، فقضينا زيارتنا ببغداد، فزرنا أبا الحسن موسى بن جعفر وأبا محمّد جعفر، ومحمّد بن عليٍّ (عليهم السلام) وصعدنا إلى سامرَّا، فلمَّا دخلنا على سيِّدنا أبي محمّد الحسن (عليه السلام) بدأنا بالبكاء قبل التهنئة، فجهرنا بالبكاء بين يديه ونحن ما ينيف عن سبعين رجلاً من أهل السواد، فقال: «إنَّ البكاء من السرور بنِعَم الله مثل الشكر لها فطيبوا نفساً وقرُّوا عيناً، فوَالله إنَّكم على دين الله الذي جاءت به ملائكته وكُتُبه ورُسُله، وإنَّكم كما قال جدِّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال: إيَّاكم أنْ تزهدوا في الشيعة، فإنَّ فقيرهم الممتحن المتَّقي عند الله يوم القيامة له شفاعة عند الله يدخل فيها مثل ربيعة ومضر، فإذا كان هذا لكم من فضل الله عليكم وعلينا فيكم، فأيّ شيء بقي لكم؟»، فقلنا بأجمعنا: الحمد لله، والشكر له، ولكم يا ساداتنا، فبكم بلغنا هذه المنزلة، فقال: «بلغتموها بالله وبطاعتكم إيَّاه، واجتهادكم بطاعته وعبادته وموالاتكم لأوليائه ومعاداتكم لأعدائه»، قال عيسى بن مهدي الجوهري: فأردنا الكلام والمسألة، فأجابنا قبل السؤال: «أمَّا فيكم من أظهر مسألتي عن

(١٧٣)

ولدي المهدي»، فقلنا: وأين هو؟ فقال: «قد استودعته لله كما استودعت أُمُّ موسى ابنها حيث ألقته في اليمِّ إلى أنْ ردَّه الله إليها»، فقالت طائفة منَّا: إي والله لقد كانت هذه المسألة في أنفسنا...(192).
3 - سنة (256هـ): رواية الصدوق بسنده إلى غياث بن أسيد في ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في اليوم الثامن من شعبان:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا الحسن بن عليِّ بن زكريا بمدينة السلام، قال: حدَّثنا أبو عبد الله محمّد ابن خليلان، قال: حدَّثني أبي، عن أبيه، عن جدِّه، عن غياث بن أسيد، قال: وُلِدَ الخلف المهدي (عجَّل الله فرجه) يوم الجمعة، وأُمُّه ريحانة، ويقال لها: نرجس، ويقال: صقيل، ويقال: سوسن، إلَّا أنَّه قيل لسبب الحمل: صقيل، وكان مولده (عليه السلام) لثمان ليال خلون من شعبان سنة ستٍّ وخمسين ومائتين، ووكيله عثمان بن سعيد، فلمَّا مات عثمان أوصى إلى ابنه أبي جعفر محمّد بن عثمان، وأوصى أبو جعفر إلى أبي القاسم الحسين بن روح، وأوصى أبو القاسم إلى أبي الحسن عليِّ بن محمّد السمري (رضي الله عنهم)، قال: فلمَّا حضرت السمري الوفاة سُئِلَ أنْ يوصي، فقال: لله أمر هو بالغه، فالغيبة التامَّة هي التي وقعت بعد مضيِّ السمري (رضي الله عنه)(193).
4 - سنة (257هـ): ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على رواية المفضَّل:
راجع ما ذُكِرَ في (8/ ربيع الأوَّل/ 260هـ) تحت عنوان: (إنباء الإمام الصادق (عليه السلام) للمفضَّل بن عمر بشهادة الإمام العسكري وغيبة الإمام المهدي (عليهما السلام)).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(192) الهداية الكبرى (ص 344 و345).
(193) كمال الدِّين (ص 432 و433/ باب 42/ ح 12).

(١٧٤)

9 شعبان المعظَّم: 1 - سنة (329هـ): خروج توقيع للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لسفيره الرابع يُخبره فيه بموته بعد ستَّة أيَّام وانقطاع السفارة الخاصَّة وحصول الغيبة الكبرى:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبي محمّد الحسن بن أحمد المكتَّب، قال: كنت بمدينة السلام في السنة التي تُوفِّي فيها الشيخ عليُّ بن محمّد السمري (قدَّس الله روحه)، فحضرته قبل وفاته بأيَّام، فأخرج إلى الناس توقيعاً نسخته: «بسم الله الرحمن الرحيم، يا عليُّ بن محمّد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنَّك ميِّت ما بينك وبين ستَّة أيَّام، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة الثانية، فلا ظهور إلَّا بعد إذن الله (عزَّ وجلَّ)، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي شيعتي من يدَّعي المشاهدة، ألَا فمن ادَّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العليِّ العظيم». قال: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده، فلمَّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيُّك من بعدك؟ فقال: (لله أمر هو بالغه)، ومضى (رضي الله عنه)، فهذا آخر كلام سُمِعَ منه(194).
قال المجلسي (رحمه الله): (لعلَّه محمول على من يدَّعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه (عليه السلام) إلى الشيعة، على مثال السفراء، لئلَّا ينافي الأخبار التي مضت وستأتي فيمن رآه (عليه السلام)، والله يعلم)(195).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(194) كمال الدِّين (ص 516/ باب 45/ ح 44)، الغيبة للطوسي (ص 395/ ح 365).
(195) بحار الأنوار (ج 52/ ص 151/ ذيل الحديث 1)، وهناك احتمالات أُخَر أشار إليها العلَّامة النوري (رحمه الله)، منها: أنَّه (عليه السلام) إنَّما قال ذلك في ذلك الزمان لكثرة أعدائه من أهل بيته وغيرهم من فراعنة بني العبَّاس، حتَّى إنَّ الشيعة يمنع بعضها بعضاً عن التحدُّث بذكره، وفي هذا الزمان تطاولت المدَّة وأيس منه الأعداء وبلادنا نائية عنهم وعن ظلمهم وعنائهم. ومنها: أنَّ المشاهدة المنفيَّة أنْ يشاهد الإمام ويعلم أنَّه الحجَّة (عليه السلام) حال مشاهدته له، ولم يعلم من المبلِّغ ادِّعاؤه لذلك. ومنها: أنَّ المخفي والمستور عن الأنام إنَّما هو مكانه ومستقرُّه (عليه السلام)، فلا طريق لأحد إليه ولا يصل إليه بشر، ولا يعرفه أحد حتَّى خواصّه، فلا ينافي لقائه ومشاهدته (عليه السلام) في أماكن ومقامات أُخَر. راجع: النجم الثاقب (ج 2/ ص 404 - 415).

(١٧٥)

2 - سنة (329هـ): آخر توقيع صدر من الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وهو دعاء الاستخارة لنائبه الرابع:
قال ابن طاووس (رحمه الله) في (فتح الأبواب): دعاء مولانا المهدي (صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين) في الاستخارات، وهو آخر ما خرج من مقدَّس حضرته أيَّام الوكالات: روى محمّد بن عليِّ بن محمّد في كتاب جامع له، ما هذا لفظه: استخارة الأسماء التي عليها العمل، ويدعو بها في صلاة الحاجة وغيرها، ذكر أبو دلف محمّد بن المظفَّر (رحمة الله عليه) أنَّها آخر ما خرج: «بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ، اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي عَزَمْتَ بِهِ عَلَى اَلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضِ، فَقُلْتَ لَهُمَا: ﴿ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فُصِّلت: 11]، وَبِاسْمِكَ اَلَّذِي عَزَمْتَ بِهِ عَلَى عَصَا مُوسَى فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي صَرَفْتَ بِهِ قُلُوبَ اَلسَّحَرَةِ إِلَيْكَ حَتَّى قَالُوا: ﴿آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الأعراف: 121 و122]، أَنْتَ اَللهُ رَبُّ اَلْعَالَمِينَ، وَأَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ اَلَّتِي تُبْلِي بِهَا كُلَّ جَدِيدٍ، وَتُجَدِّدُ بِهَا كُلَّ بَالٍ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَكَ، وَبِكُلِّ حَقٍّ جَعَلْتَهُ عَلَيْكَ، إِنْ كَانَ هَذَا اَلْأَمْرُ خَيْراً لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَآخِرَتِي أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ تَسْلِيماً، وَتُهَيِّئَهُ لِي وَتُسَهِّلَهُ عَلَيَّ، وَتَلْطُفَ لِي فِيهِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَآخِرَتِي، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ تَسْلِيماً، وَأَنْ

(١٧٦)

تَصْرِفَهُ عَنِّي بِمَا شِئْتَ، وَكَيْفَ شِئْتَ، (وَحَيْثُ شِئْتَ)، وَتُرْضِيَنِي بِقَضَائِكَ، وَتُبَارِكَ لِي فِي قَدَرِكَ، حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ شَيْءٍ أَخَّرْتَهُ، وَلَا تَأْخِيرَ شَيْءٍ عَجَّلْتَهُ، فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ، يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَاَلْإِكْرَامِ»(196).
11 شعبان المعظَّم: سنة (278هـ): تذاكر عظمة مقام الإمام الحسن العسكري والاعتراف بوجود ولد له (عليه السلام) في مجلس الناصبي أحمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان عامل السلطان على الخراج في قمّ:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبيه ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما)، قالا: حدَّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدَّثنا من حضر موت الحسن بن عليِّ بن محمّد العسكري (عليهم السلام) ودفنه ممَّن لا يوقف على إحصاء عددهم ولا يجوز على مثلهم التواطؤ بالكذب: وبعد فقد حضرنا في شعبان سنة ثمان وسبعين ومائتين، وذلك بعد مضيِّ أبي محمّد الحسن بن عليٍّ العسكري (عليهما السلام) بثمانية عشرة سنة أو أكثر مجلس أحمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وهو عامل السلطان يومئذٍ على الخراج والضياع بكورة قمّ، وكان من أنصب خلق الله وأشدّهم عداوةً لهم، فجرى ذكر المقيمين من آل أبي طالب بسُرَّ من رأى ومذاهبهم وصلاحهم وأقدارهم عند السلطان، فقال أحمد بن عبيد الله: ما رأيت ولا عرفت بسُرَّ من رأى رجلاً من العلويَّة مثل الحسن بن عليٍّ بن محمّد بن عليٍّ الرضا (عليهم السلام)، ولا سمعت به في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته والسلطان وجميع بني هاشم، وتقديمهم إيَّاه على ذوي السنِّ منهم والخطر، وكذلك القُوَّاد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(196) فتح الأبواب (ص 205 و206).

(١٧٧)

والوزراء والكُتَّاب وعوامِّ الناس، فإنِّي كنت قائماً ذات يوم على رأس أبي وهو يوم مجلسه للناس إذ دخل عليه حُجَّابه فقالوا له: إنَّ ابن الرضا على الباب، فقال بصوتٍ عالٍ: ائذنوا له، فدخل رجل أسمر، أعين، حسن القامة، جميل الوجه، جيِّد البدن، حدث السنِّ، له جلالة وهيبة، فلمَّا نظر إليه أبي قام فمشى إليه خطى ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هشام ولا بالقُوَّاد ولا بأولياء العهد، فلمَّا دنا منه عانقه وقبَّل وجهه ومنكبيه وأخذ بيده فأجلسه على مصلَّاه الذي كان عليه، وجلس إلى جنبه، مقبلاً عليه بوجهه، وجعل يُكلِّمه ويُكنِّيه، ويفديه بنفسه وبأبويه، وأنا متعجِّب ممَّا أرى منه إذ دخل عليه الحُجَّاب فقالوا: الموفَّق(197) قد جاء، وكان الموفَّق إذا جاء ودخل على أبي تقدَّم حُجَّابه وخاصَّة قُوَّاده، فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدار سماطين إلى أنْ يدخل ويخرج، فلم يزل أبي مقبلاً عليه يُحدِّثه حتَّى نظر إلى غلمان الخاصَّة فقال حينئذٍ: إذا شئت فقم جعلني الله فداك يا أبا محمّد، ثمّ قال لغلمانه: خذوا به خلف السماطين كيلا يراه الأمير - يعني الموفَّق -، فقام وقام أبي فعانقه وقبَّل وجهه ومضى، فقلت لحُجَّاب أبي وغلمانه: ويلكم من هذا الذي فعل به أبي هذا الذي فعل؟ فقالوا: هذا رجل من العلويَّة يقال له: الحسن بن عليٍّ يُعرَف بابن الرضا، فازددت تعجُّباً، فلم أزل يومي ذلك قلقاً متفكِّراً في أمره وأمر أبي وما رأيت منه حتَّى كان الليل وكانت عادته أنْ يُصلِّي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(197) قال الزركلي في الأعلام (ج 3/ ص 229/ الرقم 652): (طلحة (الموفَّق بالله) بن جعفر (المتوكِّل على الله) ابن المعتصم، العبَّاسي، أبو أحمد، أمير، من رجال السياسة والإدارة والحزم، لم يل الخلافة اسماً، ولكنَّه تولَّاها فعلاً. وُلِدَ ومات في بغداد. ابتدأت حياته العمليَّة بتولِّي أخيه (المعتمد على الله) الخلافة سنة (256هـ) وآلت إليه ولاية العهد. وظهر ضعف المعتمد عن القيام بأعباء الدولة، فنهض بها الموفَّق، وصدَّ عنه غارات الطامعين بالملك، ثمّ حجر عليه، حتَّى كان المعتمد يتمنَّى الشيء اليسير فلا يحصل عليه... تُوفِّي في أيَّام أخيه المعتمد).

(١٧٨)

العتمة، ثمّ يجلس فينظر فيما يحتاج إليه من المؤامرات وما يرفعه إلى السلطان، فلمَّا صلَّى وجلس جئت فجلست بين يديه، فقال: يا أحمد، ألك حاجة؟ فقلت: نعم يا أبة، إنْ أذنت سألتك عنها؟ فقال: قد أذنت لك يا بنيَّ فقل ما أحببت، فقلت له: يا أبة، من كان الرجل الذي أتاك بالغداة وفعلت به ما فعلت من الإجلال والإكرام والتبجيل، وفديته بنفسك وبأبويك؟ فقال: يا بنيَّ، ذاك إمام الرافضة، ذاك ابن الرضا، فسكت ساعة فقال: يا بنيَّ، لو زالت الخلافة عن خلفاء بني العبَّاس ما استحقَّها أحد من بني هاشم غير هذا، فإنَّ هذا يستحقُّها في فضله وعفافه وهديه وصيانة نفسه وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه، ولو رأيت أباه لرأيت رجلاً جليلاً نبيلاً خيِّراً فاضلاً، فازددت قلقاً وتفكُّراً وغيظاً على أبي ممَّا سمعت منه فيه، ولم يكن لي همَّة بعد ذلك إلَّا السؤال عن خبره، والبحث عن أمره، فما سألت عنه أحداً من بني هاشم ومن القُوَّاد والكُتَّاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلَّا وجدته عندهم في غاية الإجلال والإعظام والمحلِّ الرفيع والقول الجميل والتقديم له على جميع أهل بيته ومشايخه وغيرهم وكلٌّ يقول: هو إمام الرافضة، فعظم قدره عندي، إذ لم أرَ له وليًّا ولا عدوًّا إلَّا وهو يُحسِن القول فيه والثناء عليه. فقال له بعض أهل المجلس من الأشعريِّين: يا أبا بكر، فما خبر أخيه جعفر؟ فقال: ومن جعفر فيُسئَل عن خبره أو يُقرَن به؟ إنَّ جعفراً معلن بالفسق، ماجن، شرِّيب للخمور، وأقلّ من رأيته من الرجال وأهتكهم لستره، فَدْم(198)، خمَّار، قليل في نفسه، خفيف، والله لقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) ما تعجَّبت منه وما ظننت أنَّه يكون، وذلك أنَّه لـمَّا اعتلَّ بعث إلى أبي أنَّ ابن الرضا قد اعتلَّ، فركب من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(198) الفَدْم: الأحمق الجافي. راجع: لسان العرب (ج 12/ ص 450).

(١٧٩)

ساعته مبادراً إلى دار الخلافة، ثمّ رجع مستعجلاً ومعه خمسة نفر من خُدَّام أمير المؤمنين كلُّهم من ثقاته وخاصَّته، فمنهم نحرير(199)، وأمرهم بلزوم دار الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) وتعرُّف خبره وحاله، وبعث إلى نفر من المتطبِّبين فأمرهم بالاختلاف إليه وتعاهده صباحاً ومساءً، فلمَّا كان بعد ذلك بيومين جاءه من أخبره أنَّه قد ضعف، فركب حتَّى بكَّر إليه، ثمّ أمر المتطبِّبين بلزومه وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه وأمره أنْ يختار من أصحابه عشرة ممَّن يُوثَق به في دينه وأمانته وورعه، فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن (عليه السلام) وأمرهم بلزوم داره ليلاً ونهاراً، فلم يزالوا هناك حتَّى تُوفِّي (عليه السلام) لأيَّام مضت من شهر ربيع الأوَّل من سنة ستِّين ومائتين، فصارت سُرَّ من رأى ضجَّة واحدة: مات ابن الرضا، وبعث السلطان إلى داره من يُفتِّشها ويُفتِّش حُجَرها، وختم على جميع ما فيها وطلبوا أثر ولده وجاؤوا بنساء يعرفن بالحبل، فدخلن على جواريه فنظرن إليهنَّ فذكر بعضهنَّ أنَّ هناك جارية بها حمل، فأمر بها فجُعِلَت في حجرة، ووكَّل بها نحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم، ثمّ أخذوا بعد ذلك في تهيئته، وعُطِّلت الأسواق وركب أبي وبنو هاشم والقُوَّاد والكُتَّاب وسائر الناس إلى جنازته (عليه السلام)، فكانت سُرَّ من رأى يومئذٍ شبيهاً بالقيامة، فلمَّا فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكِّل فأمره بالصلاة عليه، فلمَّا وضعت الجنازة للصلاة دنا أبو عيسى منها فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلويَّة والعبَّاسيَّة والقُوَّاد والكُتَّاب والقضاة والفقهاء والمعدّلين، وقال: هذا الحسن بن عليِّ بن محمّد، ابن الرضا مات حتف أنفه على فراشه، حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان، ومن المتطبِّبين فلان وفلان، ومن القضاة فلان وفلان، ثمّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(199) من خواصِّ خدم بني العبَّاس، وحفظة أسرارهم، وكان شقيًّا من الأشقياء.

(١٨٠)

غطَّى وجهه وقام فصلَّى عليه وكبَّر عليه خمساً وأمر بحمله فحُمِلَ من وسط داره ودُفِنَ في البيت الذي دُفِنَ فيه أبوه (عليه السلام). فلمَّا دُفِنَ وتفرَّق الناس اضطرب السلطان وأصحابه في طلب ولده، وكثر التفتيش في المنازل والدور، وتوقَّفوا على قسمة ميراثه، ولم يزل الذين وُكِّلوا بحفظ الجارية التي توهَّموا عليها الحبل ملازمين لها سنتين وأكثر حتَّى تبيَّن لهم بطلان الحبل، فقسَّم ميراثه بين أُمِّه وأخيه جعفر، وادَّعت أُمُّه وصيَّته، وثبت ذلك عند القاضي. والسلطان على ذلك يطلب أثر ولده، فجاء جعفر بعد قسمة الميراث إلى أبي، وقال له: اجعل لي مرتبة أبي وأخي وأُوصل إليك في كلِّ سنة عشرين ألف دينار مسلَّمة، فزبره أبي وأسمعه وقال له: يا أحمق، إنَّ السلطان (أعزَّه الله) جرَّد سيفه وسوطه في الذين زعموا أنَّ أباك وأخاك أئمَّة ليردَّهم عن ذلك فلم يقدر عليه ولم يتهيَّأ له صرفهم عن هذا القول فيهما، وجهد أنْ يزيل أباك وأخاك عن تلك المرتبة فلم يتهيَّأ له ذلك، فإنْ كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماماً فلا حاجة بك إلى السلطان يُرتِّبك مراتبهم ولا غير السلطان، وإنْ لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا، واستقلَّه (أبي) عند ذلك واستضعفه وأمر أنْ يُحجَب عنه، فلم يأذن له بالدخول عليه حتَّى مات أبي وخرجنا والأمر على تلك الحال، والسلطان يطلب أثر ولد الحسن ابن عليٍّ (عليهما السلام) حتَّى اليوم(200).
قال الطوسي (رحمه الله): أحمد بن عبيد الله بين يحيى بن خاقان، له مجلس يصف فيه أبا محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام)، أخبرنا به ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حضرت وحضر جماعة من آل سعد بن مالك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(200) كمال الدِّين (ص 40 - 44)، الكافي (ج 1/ ص 503 - 506/ باب مولد أبي محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام)/ ح 1)، الإرشاد (ج 2/ ص 321 - 325).

(١٨١)

وآل طلحة وجماعة من التُّجَّار في شعبان لإحدى عشرة ليلة مضت منه سنة ثمان وسبعين ومائتين مجلس أحمد بن عبيد الله بكورة قمّ، فجرى ذكر من كان بسُرَّ من رأى من العلويَّة وآل أبي طالب، فقال أحمد بن عبيد الله: ما كان بسُرَّ من رأى رجل من العلويَّة مثل رجل رأيته يوماً عند أبي عبيد الله بن يحيى، يقال له: الحسن ابن عليٍّ (عليهما السلام)...، ثمّ وصفه وساق الحديث(201).
فجر 15 شعبان: 1 - سنة (255هـ): مولد الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في ليلة (15) شعبان على رأي مشهور الطائفة:
قال المفيد (رحمه الله) في الإرشاد: (كان مولده (عليه السلام) ليلة النصف من شعبان، سنة خمس وخمسين ومائتين. وأُمُّه أُمُّ ولد يقال لها: نرجس. وكان سنُّه عند وفاة أبي محمّد خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب، وجعله آية للعالمين، وآتاه الحكمة كما آتاها يحيى صبيًّا، وجعله إماماً في حال الطفوليَّة الظاهرة كما جعل عيسى بن مريم (عليه السلام) في المهد نبيًّا. وقد سبق النصُّ عليه في ملَّة الإسلام من نبيِّ الهدى (عليه السلام) ثمّ من أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب (عليهما السلام)، ونصَّ عليه الأئمَّة (عليهم السلام) واحداً بعد واحد إلى أبيه الحسن (عليه السلام)، ونصَّ أبوه عليه عند ثقاته وخاصَّة شيعته. وكان الخبر بغيبته ثابتاً قبل وجوده، وبدولته مستفيضاً قبل غيبته، وهو صاحب السيف من أئمَّة الهدى (عليهم السلام)، والقائم بالحقِّ، المنتظر لدولة الإيمان، وله قبل قيامه غيبتان، إحداهما أطول من الأُخرى، كما جاءت بذلك الأخبار، فأمَّا القصرى منهما فمنذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه وبين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(201) الفهرست للطوسي (ص 82/ الرقم 40).

(١٨٢)

شيعته وعدم السفراء بالوفاة. وأمَّا الطولى فهي بعد الأُولى وفي آخرها يقوم بالسيف)(202).
وقال الشهيد (رحمه الله) في (الدروس): (الإمام المهدي الحجَّة صاحب الزمان أبو القاسم محمّد ابن الإمام أبي محمّد بن الحسن العسكري (عجَّل الله فرجه)، وُلِدَ بسُرَّ من رأى يوم الجمعة ليلاً، وقيل: ضحى خامس عشر شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، أُمُّه صقيل، وقيل: نرجس، وقيل: مريم بنت زيد العلويَّة)(203).
وقال ابن الصبَّاغ المالكي في (الفصول المهمَّة): (وُلِدَ أبو القاسم محمّد الحجَّة ابن الحسن الخالص بسُرَّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة)(204).
وقال الكليني (رحمه الله) في (الكافي): (باب مولد الصاحب (عليه السلام): وُلِدَ (عليه السلام) للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين)(205).
* وروى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن الحسن بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا محمّد بن يحيى العطَّار، قال: حدَّثنا أبو عبد الله الحسين بن رزق الله، قال: حدَّثني موسى بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدَّثتني حكيمة بنت محمّد بن عليِّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، قالت: بعث إليَّ أبو محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام)، فقال: «يا عمَّة، اجعلي إفطارك [هذه] الليلة عندنا، فإنَّها ليلة النصف من شعبان، فإنَّ الله تبارك وتعالى سيُظهر في هذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(202) الإرشاد (ج 2/ ص 339 و340).
(203) الدروس الشرعيَّة (ج 2/ ص 16).
(204) الفصول المهمَّة (ج 2/ ص 1102).
(205) الكافي (ج 1/ ص 514/ باب مولد الصاحب (عليه السلام)).

(١٨٣)

الليلة الحجَّة، وهو حجَّته في أرضه»، قالت: فقلت له: ومن أُمُّه؟ قال لي: «نرجس»، قلت له: جعلني الله فداك ما بها أثر، فقال: «هو ما أقول لكِ»، قالت: فجئت، فلمَّا سلَّمت وجلست جاءت تنزع خفِّي وقالت لي: يا سيِّدتي [وسيِّدة أهلي]، كيف أمسيتِ؟ فقلت: «بل أنتِ سيِّدتي وسيِّدة أهلي»، قالت: فأنكرت قولي وقالت: ما هذا يا عمَّة؟ قالت: فقلت لها: يا بنيَّة، إنَّ الله تعالى سيهب لكِ في ليلتكِ هذه غلاماً سيِّداً في الدنيا والآخرة، قالت: فخجلت واستحيت. فلمَّا أنْ فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت، فلمَّا أنْ كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث، ثمّ جلست معقِّبة، ثمّ اضطجعت ثمّ انتبهت فزعة وهي راقدة، ثمّ قامت فصلَّت ونامت. قالت حكيمة: وخرجت أتفقَّد الفجر فإذا أنا بالفجر الأوَّل كذنب السرحان وهي نائمة فدخلني الشكوك، فصاح بي أبو محمّد(عليه السلام) من المجلس فقال: «لا تعجلي يا عمَّة فهاكِ الأمر قد قرب»، قالت: فجلست وقرأت ألم السجدة ويس، فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة فوثبت إليها، فقلت: اسم الله عليك، ثمّ قلت لها: أتحسِّين شيئاً؟ قالت: نعم يا عمَّة، فقلت لها: اجمعي نفسكِ واجمعي قلبكِ فهو ما قلت لكِ، قالت: فأخذتني فترة وأخذتها فترة، فانتبهت بحسِّ سيِّدي فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به (عليه السلام) ساجداً يتلقَّى الأرض بمساجده فضممته إليَّ فإذا أنا به نظيف متنظّف، فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام): «هلمِّي إليَّ ابني يا عمَّة»، فجئت به إليه فوضع يديه تحت أليتيه وظهره ووضع قدميه على صدره ثمّ أدلى لسانه في فيه وأمرَّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله، ثمّ قال: «تكلَّم يا بنيَّ»، فقال: «أشهد أنْ لا إله إلَّا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»، ثمّ صلَّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمَّة (عليهم السلام) إلى أنْ وقف على أبيه، ثمّ أحجم. ثمّ قال أبو محمّد (عليه السلام): «يا عمَّة، اذهبي به إلى أُمِّه

(١٨٤)

ليُسلِّم عليها وائتني به»، فذهبت به فسلَّم عليها ورددته فوضعته في المجلس، ثمّ قال: «يا عمَّة، إذا كان يوم السابع فأتينا»، قالت حكيمة: فلمَّا أصبحت جئت لأُسلِّم على أبي محمّد (عليه السلام) وكشفت الستر لأتفقَّد سيِّدي (عليه السلام) فلم أرَه، فقلت: جُعلت فداك، ما فعل سيِّدي؟ فقال: «يا عمَّة، استودعناه الذي استودعته أُمُّ موسى موسى(عليه السلام)». قالت حكيمة: فلمَّا كان في اليوم السابع جئت فسلَّمت وجلست، فقال: هلمِّي إليَّ ابني، فجئت بسيِّدي (عليه السلام) وهو في الخرقة ففعل به كفعلته الأُولى، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنَّه يُغذِّيه لبناً أو عسلاً، ثمّ قال: «تكلَّم يا بنيَّ»، فقال: «أشهد أنْ لا إلَّا إله الله»، وثنَّى بالصلاة على محمّد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمَّة الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) حتَّى وقف على أبيه (عليه السلام)، ثمّ تلا هذه الآية: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القَصص: 5 و6]. قال موسى: فسألت عقبة الخادم عن هذه، فقال: صدقت حكيمة(206).
* وروى الصدوق (رحمه الله) أيضاً عن الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا محمّد بن إسماعيل، قال: حدَّثني محمّد بن إبراهيم الكوفي، قال: حدَّثنا محمّد بن عبد الله الطهوي، قال: قصدت حكيمة بنت محمّد (عليه السلام) بعد مضيِّ أبو محمّد (عليه السلام) أسألها عن الحجَّة وما قد اختلف فيه الناس من الحيرة التي هم فيها، فقالت لي: اجلس، فجلست، ثمّ قالت: يا محمّد، إنَّ الله تبارك وتعالى لا يُخلي الأرض من حجَّة ناطقة أو صامتة، ولم يجعلها في أخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام) تفضيلاً للحسن والحسين وتنزيهاً لهما أنْ يكون في الأرض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(206) كمال الدِّين (ص 424 - 426/ باب 42/ ح 1).

(١٨٥)

عديلهما، إلَّا أنَّ الله تبارك وتعالى خصَّ ولد الحسين بالفضل على ولد الحسن (عليهما السلام) كما خصَّ ولد هارون على ولد موسى (عليه السلام) وإنْ كان موسى حجَّة على هارون، والفضل لولده إلى يوم القيامة، ولا بدَّ للأُمَّة من حيرة يرتاب فيها المبطلون ويخلص فيها المحقُّون، كيلا يكون للخلق على الله حجَّة، وإنَّ الحيرة لا بدَّ واقعة بعد مضيِّ أبي محمّد الحسن (عليه السلام).
فقلت: يا مولاتي، هل كان للحسن (عليه السلام) ولد؟ فتبسَّمت ثمّ قالت: إذا لم يكن للحسن (عليه السلام) عقب فمن الحجَّة من بعده وقد أخبرتك أنَّه لا إمامة لأخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام)؟
فقلت: يا سيِّدتي، حدِّثيني بولادة مولاي وغيبته (عليه السلام)، قالت: نعم، كانت لي جارية يقال لها: نرجس، فزارني ابن أخي فأقبل يحدق النظر إليها، فقلت له: يا سيِّدي، لعلَّك هويتها فأرسلها إليك؟ فقال لها: «لا يا عمَّة، ولكنِّي أتعجَّب منها»، فقلت: وما أعجبك [منها]؟ فقال (عليه السلام): «سيخرج منها ولد كريم على الله (عزَّ وجلَّ) الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً»، فقلت: فأرسلها إليك يا سيِّدي؟ فقال: «استأذني في ذلك أبي (عليه السلام)»، قالت: فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن (عليه السلام) فسلَّمت وجلست، فبدأني (عليه السلام) وقال: «يا حكيمة، ابعثي نرجس إلى ابني أبي محمّد»، قالت: فقلت: يا سيِّدي، على هذا قصدتك على أنْ أستأذنك في ذلك، فقال لي: «يا مباركة، إنَّ الله تبارك وتعالى أحبَّ أنْ يُشرككِ الأجر ويجعل لكِ في الخير نصيباً»، قالت حكيمة: فلم ألبث أنْ رجعت إلى منزلي وزيَّنتها ووهبتها لأبي محمّد (عليه السلام) وجمعت بينه وبينها في منزلي فأقام عندي أيَّاماً، ثمّ مضى إلى والده (عليهما السلام) ووجَّهت بها معه. قالت حكيمة: فمضى أبو الحسن (عليه السلام) وجلس أبو محمّد (عليه السلام) مكان والده، وكنت أزوره كما كنت أزور والده، فجاءتني نرجس يوماً تخلع خفِّي، فقالت: يا

(١٨٦)

مولاتي، ناوليني خفَّك، فقلت: بل أنتِ سيِّدتي ومولاتي، والله لا أدفع إليكِ خفِّي لتخلعيه ولا لتخدميني، بل أنا أخدمكِ على بصري، فسمع أبو محمّد (عليه السلام) ذلك فقال: «جزاكِ الله يا عمَّة خيراً»، فجلست عنده إلى وقت غروب الشمس فصحت بالجارية وقلت: ناوليني ثيابي لأنصرف، فقال (عليه السلام): «لا يا عمَّتا بيتي الليلة عندنا فإنَّه سيُولَد الليلة المولود الكريم على الله (عزَّ وجلَّ) الذي يُحيي الله (عزَّ وجلَّ) به الأرض بعد موتها»، فقلت: ممَّن يا سيِّدي؟ ولست أرى بنرجس شيئاً من أثر الحبل، فقال: «من نرجس لا من غيرها»، قالت: فوثبت إليها فقلَّبتها ظهراً لبطن فلم أرَ بها أثر حبل، فعدت إليه (عليه السلام) فأخبرته بما فعلت، فتبسَّم ثمّ قال لي: «إذا كان وقت الفجر يظهر لكِ بها الحبل، لأنَّ مثلها مثل أُمِّ موسى (عليه السلام) لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لأنَّ فرعون كان يشقُّ بطون الحبالى في طلب موسى (عليه السلام)، وهذا نظير موسى (عليه السلام)». قالت حكيمة: فعدت إليها فأخبرتها بما قال وسألتها عن حالها فقالت: يا مولاتي، ما أرى بي شيئاً من هذا، قالت حكيمة: فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر وهي نائمة بين يدي لا تُقلِّب جنباً إلى جنب حتَّى إذا كان آخر الليل وقت طلوع الفجر وثبت فزعة فضممتها إلى صدري وسمَّيت عليها، فصاح [إليَّ] أبو محمّد (عليه السلام) وقال: «اقرئي عليها: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾»، فأقبلت أقرأ عليها، وقلت لها: ما حالكِ؟ قالت: ظهر [بي] الأمر الذي أخبركِ به مولاي، فأقبلت أقرأ كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما أقرأ وسلَّم عليَّ. قالت حكيمة: ففزعت لما سمعت، فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام): «لا تعجبي من أمر الله (عزَّ وجلَّ)، إنَّ الله تبارك وتعالى يُنطِقنا بالحكمة صغاراً ويجعلنا حجَّة في أرضه كباراً»، فلم يستتمّ الكلام حتَّى غُيِّبت عنِّي نرجس فلم أرَها كأنَّه ضُرِبَ بيني وبينها حجاب، فعدوت نحو أبي محمّد (عليه السلام) وأنا صارخة، فقال لي: «ارجعي يا عمَّة فإنَّكِ ستجديها في مكانها».

(١٨٧)

قالت: فرجعت فلم ألبث أنْ كُشِفَ الغطاء الذي كان بيني وبينها وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشى بصري وإذا أنا بالصبيِّ (عليه السلام) ساجداً لوجهه، جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبَّابتيه، وهو يقول: «أشهد أنْ لا إله إلَّا الله، [وحده لا شريك له]، وأنَّ جدِّي محمّداً رسول الله، وأنَّ أبي أمير المؤمنين»، ثمّ عدَّ إماماً إماماً إلى أنْ بلغ إلى نفسه. ثمّ قال: «اللَّهُمَّ أنجز لي ما وعدتني، وأتمم لي أمري، وثبِّت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً...»(207).
* وروى الطوسي (رحمه الله) عن ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن الصفَّار محمّد بن الحسن القمِّي، عن أبي عبد الله المطهَّري، عن حكيمة بنت محمّد بن عليٍّ الرضا، قالت: بعث إليَّ أبو محمّد (عليه السلام) سنة خمس وخمسين ومائتين في النصف من شعبان وقال: «يا عمَّة، اجعلي الليلة إفطاركِ عندي فإنَّ الله (عزَّ وجلَّ) سيسرُّكِ بوليِّه وحجَّته على خلقه، خليفتي من بعدي». قالت حكيمة: فتداخلني لذلك سرور شديد، وأخذت ثيابي عليَّ وخرجت من ساعتي حتَّى انتهيت إلى أبي محمّد (عليه السلام)، وهو جالس في صحن داره، وجواريه حوله، فقلت: جُعلت فداك يا سيِّدي، الخلف ممَّن هو؟ قال: «من سوسن»، فأدرت طرفي فيهنَّ فلم أرَ جارية عليها أثر غير سوسن. قالت حكيمة: فلمَّا أنْ صلَّيت المغرب والعشاء الآخرة أتيت بالمائدة، فأفطرت أنا وسوسن وبايتها في بيت واحد، فغفوت غفوة ثمّ استيقظت، فلم أزل مفكِّرة فيما وعدني أبو محمّد (عليه السلام) من أمر وليِّ الله (عليه السلام)، فقمت قبل الوقت الذي كنت أقوم في كلِّ ليلة للصلاة، فصلَّيت صلاة الليل حتَّى بلغت إلى الوتر، فوثبت سوسن فزعة وخرجت (فزعة) [وخرجت]، وأسبغت الوضوء ثمّ عادت فصلَّت صلاة الليل وبلغت إلى الوتر، فوقع في قلبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(207) كمال الدِّين (ص 426 - 430/ باب 42/ ح 2).

(١٨٨)

أنَّ الفجر (قد) قرب، فقمت لأنظر فإذا بالفجر الأوَّل قد طلع، فتداخل قلبي الشكُّ من وعد أبي محمّد (عليه السلام)، فناداني من حجرته: «لا تشكِّي وكأنَّكِ بالأمر الساعة قد رأيتِه إنْ شاء الله تعالى». قالت حكيمة: فاستحييت من أبي محمّد (عليه السلام) وممَّا وقع في قلبي، ورجعت إلى البيت وأنا خجلة فإذا هي قد قطعت الصلاة وخرجت فزعة فلقيتها على باب البيت فقلت: بأبي أنتِ (وأُمِّي)، هل تحسِّين شيئاً؟ قالت: نعم يا عمَّة، إنِّي لأجد أمراً شديداً، قلت: لا خوف عليكِ إنْ شاء الله تعالى، وأخذت وسادة فألقيتها في وسط البيت، وأجلستها عليها وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة، فقبضت على كفِّي وغمزت غمزة شديدة ثمّ أنَّت أنَّة وتشهَّدت ونظرت تحتها، فإذا أنا بوليِّ الله (صلوات الله عليه) متلقّياً الأرض بمساجده. فأخذت بكتفيه فأجلسته في حجري، فإذا هو نظيف مفروغ منه، فناداني أبو محمّد (عليه السلام): «يا عمَّة، هلمِّي فأتيني بابني»، فأتيته به، فتناوله وأخرج لسانه فمسحه على عينيه ففتحها، ثمّ أدخله في فيه فحنَّكه ثمّ [أدخله] في أُذُنيه وأجلسه في راحته اليسرى، فاستوى وليُّ الله جالساً، فمسح يده على رأسه وقال له: «يا بنيَّ، انطق بقدرة الله»، فاستعاذ وليُّ الله (عليه السلام) من الشيطان الرجيم واستفتح: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القَصص: 5 و6]، وصلَّى على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعلى أمير المؤمنين والأئمَّة (عليهم السلام) واحداً واحداً حتَّى انتهى إلى أبيه، فناولنيه أبو محمّد (عليه السلام) وقال: «يا عمَّة، ردِّيه إلى أُمِّه حتَّى تقرَّ عينها ولا تحزن ولتعلم أنَّ وعد الله حقٌّ ولكن أكثر الناس لا يعلمون»، فرددته إلى أُمِّه وقد انفجر الفجر الثاني، فصلَّيت الفريضة وعقَّبت إلى

(١٨٩)

أنْ طلعت الشمس، ثمّ ودَّعت أبا محمّد (عليه السلام) وانصرفت إلى منزلي. فلمَّا كان بعد ثلاث اشتقت إلى وليِّ الله، فصرت إليهم فبدأت بالحجرة التي كانت سوسن فيها، فلم أرَ أثراً ولا سمعت ذكراً، فكرهت أنْ أسأل، فدخلت على أبي محمّد (عليه السلام) فاستحييت أنْ أبدأه بالسؤال، فبدأني فقال: «(هو) يا عمَّة في كنف الله وحرزه وستره وغيبه حتَّى يأذن الله له، فإذا غيَّب الله شخصي وتوفَّاني ورأيتِ شيعتي قد اختلفوا فأخبري الثقات منهم، وليكن عندكِ وعندهم مكتوماً، فإنَّ وليَّ الله يُغيِّبه الله عن خلقه ويحجبه عن عباده فلا يراه أحد حتَّى يُقدِّم له جبرئيل (عليه السلام) فرسه ﴿لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً﴾ [الأنفال: 42]»(208).
2 - سنة (255هـ): حكاية القابلة التي تولَّت ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الطوسي (رحمه الله) عن أحمد بن عليٍّ الرازي، عن محمّد بن عليٍّ، عن حنظلة ابن زكريا، قال: حدَّثني أحمد بن بلال بن داود الكاتب، وكان عامّيًّا بمحلٍّ من النصب لأهل البيت (عليهم السلام) يُظهر ذلك ولا يكتمه، وكان صديقاً لي يُظهر مودَّة بما فيه من طبع أهل العراق، فيقول - كلَّما لقيني -: لك عندي خبر تفرح به ولا أُخبرك به، فأتغافل عنه إلى أنْ جمعني وإيَّاه موضع خلوة، فاستقصيت عنه وسألته أنْ يُخبرني به، فقال: كانت دورنا بسُرَّ من رأى مقابل دار ابن الرضا - يعني أبا محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) -، فغبت عنها دهراً طويلاً إلى قزوين وغيرها، ثمّ قُضِيَ لي الرجوع إليها، فلمَّا وافيتها وقد كنت فقدت جميع من خلفته من أهلي وقراباتي إلَّا عجوزاً كانت ربَّتني ولها بنت معها وكانت من طبع الأوَّل مستورة صائنة لا تحسن الكذب وكذلك مواليات لنا بقين في الدار، فأقمت عندهنَّ أيَّاماً ثمّ عزمت الخروج، فقالت العجوزة: كيف تستعجل الانصراف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(208) الغيبة للطوسي (ص 234/ ح 204).

(١٩٠)

وقد غبت زماناً؟ فأقم عندنا لنفرح بمكانك، فقلت لها على جهة الهزء: أُريد أنْ أصير إلى كربلاء، وكان الناس للخروج في النصف من شعبان أو ليوم عرفة، فقالت: يا بنيَّ، أُعيذك بالله أنْ تستهين ما ذكرت أو تقوله على وجه الهزء فإنِّي أُحدِّثك بما رأيته يعني بعد خروجك من عندنا بسنتين. كنت في هذا البيت نائمة بالقرب من الدهليز ومعي ابنتي وأنا بين النائمة واليقظانة، إذ دخل رجل حسن الوجه نظيف الثياب طيِّب الرائحة، فقال: يا فلانة، يجيئكِ الساعة من يدعوكِ في الجيران، فلا تمتنعي من الذهاب معه ولا تخافي، ففزعت فناديت ابنتي، وقلت لها: هل شعرتِ بأحد دخل البيت؟ فقالت: لا، فذكرت الله وقرأت ونمت، فجاء الرجل بعينه وقال لي مثل قوله، ففزعت وصحت بابنتي، فقالت: لم يدخل البيت [أحد]، فاذكري الله ولا تفزعي فقرأت ونمت. فلمَّا كان في الثالثة جاء الرجل وقال: يا فلانة، قد جاءكِ من يدعوكِ ويقرع الباب فاذهبي معه، وسمعت دقَّ الباب، فقمت وراء الباب وقلت: من هذا؟ فقال: افتحي ولا تخافي، فعرفت كلامه وفتحت الباب فإذا خادم معه إزار، فقال: يحتاج إليكِ بعض الجيران لحاجة مهمَّة، فادخلي ولفَّ رأسي بالملاءة وأدخلني الدار وأنا أعرفها، فإذا بشقاق مشدودة وسط الدار ورجل قاعد بجنب الشقاق، فرفع الخادم طرفه فدخلت وإذا امرأة قد أخذها الطلق وامرأة قاعدة خلفها كأنَّها تُقبِّلها. فقالت المرأة: تعيننا فيما نحن فيه، فعالجتها بما يعالج به مثلها فما كان إلَّا قليلاً حتَّى سقط غلام فأخذته على كفِّي وصحت: غلام غلام، وأخرجت رأسي من طرف الشقاق أبشر الرجل القاعد، فقيل لي: لا تصيحي، فلمَّا رددت وجهي إلى الغلام قد كنت فقدته من كفِّي، فقالت لي المرأة القاعدة: لا تصيحي، وأخذ الخادم بيدي ولفَّ رأسي بالملاءة وأخرجني من الدار وردَّني إلى داري وناولني

(١٩١)

صُرَّة، وقال [لي]: لا تُخبري بما رأيتِ أحداً. فدخلت الدار ورجعت إلى فراشي في هذا البيت وابنتي نائمة [بعد]، فأنبهتها وسألتها: هل علمتِ بخروجي ورجوعي؟ فقالت: لا، وفتحت الصُرَّة في ذلك الوقت وإذا فيها عشرة دنانير عدداً، وما أخبرت بهذا أحداً إلَّا في هذا الوقت لـمَّا تكلَّمت بهذا الكلام على حدِّ الهزء، فحدَّثتك إشفاقاً عليك، فإنَّ لهؤلاء القوم عند الله (عزَّ وجلَّ) شأناً ومنزلةً، وكلُّ ما يدعونه حقٌّ، قال: فعجبت من قولها وصرفته إلى السخرية والهزء ولم أسألها عن الوقت غير أنِّي أعلم يقيناً أنِّي غبت عنهم في سنة نيِّف وخمسين ومائتين ورجعت إلى سُرَّ من رأى في وقت أخبرتني العجوزة بهذا الخبر في سنة إحدى وثمانين ومائتين في وزارة عبيد الله بن سليمان لـمَّا قصدته. قال حنظلة: فدعوت بأبي الفرج المظفَّر بن أحمد حتَّى سمع معي [منه] هذا الخبر(209).
وراجع كلام المجلسي (رحمه الله) المذكور في (8/ ربيع الأوَّل/ 260هـ)، تحت عنوان: (في الثامن من ربيع الأوَّل ابتداء الغيبة الصغرى وانتهاؤها بوفاة النائب الرابع السمري...).
3 - سنة (255هـ): حمل الملائكة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) حين ولادته إلى سرادق العرش:
روى الخصيبي (رحمه الله) في (الهداية الكبرى): عن موسى بن أحمد، عن أبي محمّد جعفر بن محمّد بن إسماعيل الحسني، عن أبي محمّد (عليه السلام)، قال: «لـمَّا وهب لي ربِّي مهدي هذه الأُمَّة أرسل مَلَكين فحملاه إلى سرادق العرش حتَّى وقف بين يدي الله فقال له: مرحباً بعبدي المختار لنصرة ديني وإظهار أمري ومهدي خلقي، آليت أنِّي بك آخذ وبك أُعطي وبك أغفر وبك أُعذِّب، أردداه أيُّها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(209) الغيبة للطوسي (ص 240 - 242/ ح 208).

(١٩٢)

الملكان على أبيه ردًّا رفيقاً، وبلِّغاه أنَّه في ضماني وكنفي وبعيني إلى أنْ أحقَّ به الحقَّ وأُزهق الباطل ويكون الدِّين لي واصباً»(210).
4 - سنة (255هـ): تسمية الإمام الحسن (عليه السلام) للمهدي (عجَّل الله فرجه) بـ (المؤمَّل):
روى الطوسي (رحمه الله) عن محمّد بن يعقوب الكليني رفعه، قال: قال أبو محمّد (عليه السلام) حين وُلِدَ الحجَّة (عليه السلام): «زعم الظلمة أنَّهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل، فكيف رأوا قدرة الله؟»، وسمَّاه المؤمَّل(211).
5 - سنة (255هـ): تكلُّم الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بعد عطاسه:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن عليٍّ ماجيلويه وأحمد بن محمّد بن يحيى العطَّار (رضي الله عنهما)، قال: حدَّثنا محمّد بن يحيى العطَّار، قال: حدَّثنا الحسين بن عليٍّ النيسابوري، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، عن السياري، قال: حدثتني نسيم ومارية قالتا: إنَّه لـمَّا سقط صاحب الزمان (عليه السلام) من بطن أُمِّه جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبَّابتيه إلى السماء، ثمّ عطس فقال: «الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمّد وآله، زعمت الظلمة أنَّ حجَّة الله داحضة، لو أُذِنَ لنا في الكلام لزال الشكُّ»(212).
ورواه الخصيبي (رحمه الله) عن موسى بن أحمد، عن غيلان الكلابي، عن محمّد ابن يحيى، عن الحسين بن عليٍّ النيسابوري الدقَّاق، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر (عليه السلام)(213).
ورواه الطوسي (رحمه الله) عن علَّان الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن الحسين بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(210) الهداية الكبرى (ص 357).
(211) الغيبة للطوسي (ص 223/ ح 186).
(212) كمال الدِّين (ص 430/ باب 42/ ح 5).
(213) الهداية الكبرى (ص 357 و358) بتفاوت.

(١٩٣)

عليٍّ النيسابوري الدقَّاق، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، عن السياري(214).
6 - سنة (255هـ): تغسيل المَلَك رضوان خازن الجنان للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) حين ولادته بماء الكوثر والسلسبيل:
روى النوري (رحمه الله) عن كتاب (الغيبة) لأبي محمّد بن شاذان (رحمه الله)، قال حدَّثنا محمّد بن حمزة بن الحسن بن عبد الله بن العبَّاس بن عليِّ بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، قال: سمعت أبا محمّد (عليه السلام) يقول: «قد وُلِدَ وليُّ الله وحجَّته على عباده وخليفتي من بعدي، مختوناً ليلة النصف من شعبان، سنة خمس وخمسين ومائتين عند طلوع الفجر، وكان أوَّل من غسَّله رضوان خازن الجنان مع جمع من الملائكة المقرَّبين بماء الكوثر والسلسبيل، ثمّ غسَّلته عمَّتي حكيمة بنت محمّد بن عليٍّ الرضا (عليهما السلام)»، ثمّ سأله الراوي عن أُمِّ صاحب الأمر (عليه السلام)، قال: «أُمُّه مليكة التي يقال لها بعض الأيَّام: سوسن، وفي بعضها: ريحانة، وكان صقيل ونرجس أيضاً من أسمائها»(215).
7 - سنة (255هـ): سطوع النور من فوق رأس الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) إلى عنان السماء حين ولادته:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا الحسن بن عليِّ بن زكريا بمدينة السلام، قال: حدَّثنا أبو عبد الله محمّد بن خليلان، قال: حدَّثني أبي، عن أبيه، عن جدِّه، عن غياث بن أسيد، قال: شهدت محمّد بن عثمان العمري (قدَّس الله روحه) يقول: لـمَّا وُلِدَ الخلف المهدي (عليه السلام) سطع نور من فوق رأسه إلى أعنان السماء، ثمّ سقط لوجهه ساجداً لربِّه تعالى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(214) الغيبة للطوسي (ص 244 و245/ ح 211) بتفاوت.
(215) النجم الثاقب (ج 1/ ص 135).

(١٩٤)

ذكره ثمّ رفع رأسه وهو يقول: ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: 18 و19]، قال: وكان مولده يوم الجمعة(216).
8 - دعاء ليلة النصف من شعبان والتوسُّل إلى الله بحقِّ الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الطوسي (رحمه الله) أنَّه يُستَحبُّ أنْ يُدعى في ليلة النصف من شعبان بهذا الدعاء: «اَللَّهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنَا وَمَوْلُودِهَا، وَحُجَّتِكَ وَمَوْعُودِهَا، اَلَّتِي قَرَنْتَ إِلَى فَضْلِهَا فَضْلَكَ، فَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ صِدْقاً وَعَدْلاً، لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِكَ، وَلَا مُعَقِّبَ لِآيَاتِكَ، نُورُكَ اَلمُتَأَلِّقُ، وَضِيَاؤُكَ اَلمُشْرِقُ، وَاَلْعَلَمُ اَلنُّورُ فِي طَخْيَاءِ اَلدَّيْجُورِ، اَلْغَائِبِ اَلمَسْتُورِ، جَلَّ مَوْلِدُهُ، وَكَرُمَ مَحْتِدُهُ، وَاَلمَلاَئِكَةُ شُهَّدُهُ، وَاَللهُ نَاصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ إِذَا آنَ مِيعَادُهُ، وَاَلمَلاَئِكَةُ أَمْدَادُهُ، سَيْفُ اَللهِ اَلَّذِي لَا يَنْبُو، وَنُورُهُ اَلَّذِي لَا يَخْبُو، وَذُو اَلْحِلْمِ اَلَّذِي لَا يَصْبُو، مَدَارُ اَلدَّهْرِ، وَنَوَامِيسُ اَلْعَصْرِ، وَوُلَاةُ اَلْأَمْرِ، وَاَلمُنْزَلِ عَلَيْهِمْ مَا يَتَنَزَّلُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ، وَأَصْحَابُ اَلْحَشْرِ وَاَلنَّشْرِ، تَرَاجِمَةُ وَحْيِهِ، وَوُلَاةُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى خَاتَمِهِمْ وَقَائِمِهِمْ اَلمَسْتُورِ عَنْ عَوَالِمِهِمْ، وَأَدْرِكْ بِنَا أَيَّامَهُ وَظُهُورَهُ وَقِيَامَهُ، وَاِجْعَلْنَا مِنْ أَنْصَارِهِ، وَاُقْرُنْ ثَأرَنَا بِثَأرِهِ، وَاُكْتُبْنَا فِي أَعْوَانِهِ وَخُلَصَائِهِ، وَأَحْيِنَا فِي دَوْلَتِهِ نَاعِمِينَ، وَبِصُحْبَتِهِ غَانِمِينَ، وَبِحَقِّهِ قَائِمِينَ، وَمِنَ اَلسُّوءِ سَالِمِينَ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ، وَاَلْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اَللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ وَاَلمُرْسَلِينَ، وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ اَلصَّادِقِينَ، وَعِتْرَتِهِ اَلنَّاطِقِينَ، وَاِلْعَنْ جَمِيعَ اَلظَّالِمِينَ، وَاُحْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ يَا أَحْكَمَ اَلْحَاكِمِينَ»(217).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(216) كمال الدِّين (ص 433/ باب 42/ ح 13).
(217) مصباح المتهجِّد (ص 842 و843/ ح 908/23)، المزار لابن المشهدي (ص 410 و411)، إقبال الأعمال (ج 3/ ص 330 و331)، المصباح للكفعمي (ص 545 و546).

(١٩٥)

9 - دفاع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) عن زُوَّار جدِّه الحسين (عليه السلام):
روى النوري (رحمه الله) في (جنَّة المأوى)، قال: قال صالح بن [محمّد] مهدي القزويني(218) (أيَّده الله): وحدَّثني الوالد (أعلى الله مقامه)، قال: خرجت يوم الرابع عشر من شهر شعبان من الحلَّة أُريد زيارة الحسين (عليه السلام) ليلة النصف منه، فلمَّا وصلت إلى شطِّ الهنديَّة، وعبرت إلى الجانب الغربي منه، وجدت الزوَّار الذاهبين من الحلَّة وأطرافها، والواردين من النجف ونواحيه، جميعاً محاصرين في بيوت عشيرة بني طرف من عشائر الهنديَّة، ولا طريق لهم إلى كربلاء، لأنَّ عشيرة عنزة قد نزلوا على الطريق، وقطعوه عن المارَّة، ولا يدعون أحداً يخرج من كربلا ولا أحداً يلج إلَّا انتهبوه.
قال: فنزلت على رجل من العرب، وصلَّيت صلاة الظهر والعصر، وجلست أنتظر ما يكون من أمر الزوَّار، وقد تغيَّمت السماء ومطرت مطراً يسيراً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(218) هو صالح بن محمّد مهدي بن حسن بن أحمد الحسيني، القزويني الأصل، الحلِّي، النجفي. كان فقيهاً إماميًّا، شاعراً، ناثراً، من الشخصيَّات البارزة في عصره. وُلِدَ في الحلَّة سنة سبع وخمسين ومائتين وألف. ودرس المبادئ من العربيَّة وغيرها على حسن الفلوجي الحلِّي وغيره. وقصد النجف الأشرف، فحضر على الفقيهين الكبيرين: مرتضى بن محمّد أمين الأنصاري، وخاله مهدي بن عليِّ بن جعفر كاشف الغطاء. وبعد أنْ استقرَّ والده الفقيه السيِّد محمّد مهدي المتوفَّى (1300هـ) بالنجف، تلقَّى أكثر الدروس عليه، وأُجيز منه ومن الميرزا عليٍّ الخليلي بالاجتهاد. وتصدَّى للبحث والتدريس بعد والده، فحضر عليه جمع من الطلَّاب. وقرَّض الشعر، وطارح به شعراء عصره، وساهم في بعث الحركة الأدبيَّة ودعمها، حتَّى عُدَّ أحد أركان النهضة الأدبيَّة في العراق في الشطر الأخير من القرن الثالث عشر. وللمترجم تآليف، منها: مقتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، ورسالة فتوائيَّة في العبادات ألَّفها نزولاً عند رغبة جماعة رجعوا إليه في التقليد بعد وفاة والده. وعني بإتمام ما كان ناقصاً من مؤلَّفات والده، ولكن الأجل لم يمهله، حيث أدركه وهو في النجف سنة أربع وثلاثمائة وألف. انظر: موسوعة طبقات الفقهاء (ج 14/ ص 280 و281/ الرقم 4583).

(١٩٦)

فبينما نحن جلوس إذ خرجت الزوَّار بأسرها من البيوت متوجِّهين نحو طريق كربلا، فقلت لبعض من معي: اخرج واسأل: ما الخبر؟
فخرج ورجع إليَّ وقال لي: إنَّ عشيرة بني طرف قد خرجوا بالأسلحة الناريَّة، وتجمَّعوا لإيصال الزوَّار إلى كربلا ولو آل الأمر إلى المحاربة مع عنزة.
فلمَّا سمعت قلت لمن معي: هذا الكلام لا أصل له، لأنَّ بني طرف لا قابليَّة لهم على مقابلة عنزة في البرِّ، وأظنُّ هذه مكيدة منهم لإخراج الزوَّار عن بيوتهم، لأنَّهم استثقلوا بقاءهم عندهم وفي ضيافتهم.
فبينما نحن كذلك إذ رجعت الزوَّار إلى البيوت، فتبيَّن الحال كما قلت، فلم تدخل الزوَّار إلى البيوت وجلسوا في ظلالها والسماء متغيِّمة، فأخذتني لهم رقَّة شديدة، وأصابني انكسار عظيم، وتوجَّهت إلى الله بالدعاء والتوسُّل بالنبيِّ وآله، وطلبت إغاثة الزوَّار ممَّا هم فيه، فبينما أنا على هذا الحال إذ أقبل فارس على فرس رابع كريم لم أرَ مثله، وبيده رمح طويل، وهو مشمر عن ذراعيه، فأقبل يخب به جواده حتَّى وقف على البيت الذي أنا فيه، وكان بيتاً من شعر مرفوع الجوانب، فسلَّم، فرددنا عليه السلام، ثمّ قال: يا مولانا - يُسمِّيني باسمي - بعثني من يُسلِّم عليك، وهم كنج محمّد آغا وصفر آغا، وكانا من قوَّاد العساكر العثمانيَّة، يقولان: فليأتِ بالزوَّار، فإنَّا قد طردنا عنزة عن الطريق، ونحن ننتظره مع عسكرنا في عرقوب السليمانيَّة على الجادَّة.
فقلت له: وأنت معنا إلى عرقوب السليمانيَّة؟
قال: نعم.
فأخرجت الساعة وإذا قد بقي من النهار ساعتان ونصف تقريباً، فأمرت بخيلنا، فقُدِّمت إلينا.
فتعلَّق بي ذلك البدوي الذي نحن عنده، وقال: يا مولاي، لا تخاطر بنفسك وبالزوَّار، وأقم الليلة حتَّى يتَّضح الأمر.

(١٩٧)

فقلت له: لا بدَّ من الركوب لإدراك الزيارة المخصوصة.
فلمَّا رأتنا الزوَّار قد ركبنا، تبعوا أثرنا بين ماشٍ وراكبٍ، فسرنا والفارس المذكور بين أيدينا كأنَّه الأسد الخادر، ونحن خلفه، حتَّى وصلنا إلى عرقوب السليمانيَّة، فصعد عليه وتبعناه في الصعود، ثمّ نزل وارتقينا على أعلى العرقوب، فنظرنا ولم نرَ له عيناً ولا أثراً، فكأنَّما صعد في السماء أو نزل في الأرض، ولم نرَ قائداً ولا عسكراً.
فقلت لمن معي: أبقي شكٌّ في أنَّه صاحب الأمر؟
فقالوا: لا والله.
وكنت وهو بين أيدينا أُطيل النظر إليه كأنِّي رأيته قبل ذلك، لكنَّني لا أذكر أين رأيته، فلما فارقنا تذكَّرت أنَّه هو الشخص الذي زارني بالحلَّة، وأخبرني بواقعة السليمانيَّة.
وأمَّا عشيرة عنزة، فلم نرَ لهم أثراً في منازلهم، ولم نرَ أحداً نسأله عنهم سوى أنَّا رأينا غبرة شديدة مرتفعة في كبد البرِّ، فوردنا كربلا تخب بنا خيولنا، فوصلنا إلى باب البلاد، وإذا بعسكر على سور البلد، فنادوا: من أين جئتم؟ وكيف وصلتم؟ ثمّ نظروا إلى سواد الزوَّار، ثمّ قالوا: سبحان الله هذه البرّيَّة قد امتلأت من الزوَّار، أجل أين صارت عنزة؟
فقلت لهم: اجلسوا في البلد وخذوا أرزاقكم ولمكَّة ربٌّ يرعاها.
ثمّ دخلنا البلد فإذا أنا بكنج محمّد آغا جالساً على تخت قريب من الباب، فسلَّمت عليه، فقام في وجهي، فقلت له: يكفيك فخراً أنَّك ذُكِرَت باللسان.
فقال: ما الخبر؟
فأخبرته بالقصَّة، فقال لي: يا مولاي، من أين لي علم بأنَّك زائر حتَّى

(١٩٨)

أُرسل لك رسولاً؟ وأنا وعسكري منذ خمسة عشر يوماً محاصرين في البلد لا نستطيع أنْ نخرج خوفاً من عنزة.
ثمّ قال: فأين صارت عنزة؟
قلت: لا علم لي سوى أنِّي رأيت غبرة شديدة في كبد البرِّ كأنَّها غبرة الظعائن، ثمّ أخرجت الساعة وإذا قد بقي من النهار ساعة ونصف، فكان مسيرنا كلُّه في ساعة، وبين منازل بني طرف وكربلا ثلاث ساعات، ثمّ بتنا تلك الليلة في كربلا.
فلمَّا أصبحنا سألنا عن خبر عنزة، فأخبر بعض الفلَّاحين الذين في بساتين كربلا قال: بينما عنزة جلوس في أنديتهم وبيوتهم إذا بفارس قد طلع عليهم على فرس مطهَّم، وبيده رمح طويل، فصرخ فيهم بأعلى صوته: يا معاشر عنزة قد جاء الموت الزؤام، عساكر الدولة العثمانيَّة تجبَّهت عليكم بخيلها ورجلها، وها هم على أثري مقبلون، فارحلوا، وما أظنُّكم تنجون منهم.
فألقى الله عليهم الخوف والذلَّ حتَّى إنَّ الرجل يترك بعض متاع بيته استعجالاً بالرحيل، فلم تمضِ ساعة حتَّى ارتحلوا بأجمعهم وتوجَّهوا نحو البرِّ.
فقلت له: صف لي الفارس، فوصف لي وإذا هو صاحبنا بعينه، وهو الفارس الذي جاءنا، والحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة على محمّد وآله الطاهرين(219).
15 شعبان المعظَّم: 1 - سنة (255هـ): كتابة التوقيع من قِبَل الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) إلى أحمد بن إسحاق بولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(219) جنَّة المأوى (ص 122 - 125/ الحكاية السادسة والأربعون).

(١٩٩)

روى الصدوق (رحمه الله) عن أبي العبَّاس أحمد بن الحسين بن عبد الله بن مهران الآبي الأزدي العروضي بمرو، قال: حدَّثنا أحمد بن الحسن بن إسحاق القمِّي، قال: لـمَّا وُلِدَ الخلف الصالح (عليه السلام) ورد عن مولانا أبي محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) إلى جدِّي أحمد بن إسحاق كتاب فإذا فيه مكتوب بخطِّ يده (عليه السلام) الذي كان ترد به التوقيعات عليه، وفيه: «وُلِدَ لنا مولود فليكن عندك مستوراً وعن جميع الناس مكتوماً، فإنَّا لم نُظهر عليه إلَّا الأقرب لقرابته والوليُّ لولايته، أحببنا إعلامك ليسرَّك الله به مثل ما سرَّنا به، والسلام»(220).
2 - سنة (255هـ): مشاهدة جارية الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) لسطوع النور من الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) عند ولادته وبلوغه أُفُق السماء:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن عليٍّ ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا محمّد ابن يحيى العطَّار، قال: حدَّثني أبو عليٍّ الخيزراني، عن جارية له كان أهداها لأبي محمّد (عليه السلام)، فلمَّا أغار جعفر الكذَّاب(221) على الدار جاءته فارَّة من جعفر، فتزوَّج بها. قال أبو عليٍّ: فحدَّثتني أنَّها حضرت ولادة السيِّد (عليه السلام)، وأنَّ اسم أُمِّ السيِّد صقيل، وأنَّ أبا محمّد (عليه السلام) حدَّثها بما يجري على عياله، فسألته أنْ يدعو الله (عزَّ وجلَّ) لها أنْ يجعل منيَّتها قبله، فماتت في حياة أبي محمّد (عليه السلام)، وعلى قبرها لوح مكتوب عليه: هذا قبر أُمِّ محمّد. قال أبو عليٍّ: وسمعت هذه الجارية تذكر أنَّه لـمَّا وُلِدَ السيِّد (عليه السلام) رأت لها نوراً ساطعاً قد ظهر منه وبلغ أُفُق السماء، ورأيت طيوراً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(220) كمال الدِّين (ص 433 و434/ باب 42/ ح 16).
(221) هو جعفر بن عليِّ بن محمّد بن عليِّ بن موسى بن جعفر الصادق، ادَّعى الإمامة بعد أخيه الحسن ابن عليٍّ (عليهما السلام) كذباً وزوراً، ولهذا سُمِّي الكذَّاب، كان يكيد لأخيه الحسن (عليه السلام) ويدسُّ عليه وعلى شيعته الدسائس، وقد لحق بالموالين الأذى والحبس والتشريد من وشايته وافتراءاته، وجرائمه أكثر من أنْ تُحصى، وورد فيه ذموم كثيرة عن الأئمَّة المعصومين (عليهم السلام) لا يسع المقام لذكرها، تُوفِّي سنة (281هـ).

(٢٠٠)

بيضاء تهبط من السماء وتمسح أجنحتها على رأسه ووجهه وسائر جسده، ثمّ تطير، فأخبرنا أبا محمّد (عليه السلام) بذلك فضحك، ثمّ قال: «تلك ملائكة، نزلت للتبرَّك بهذا المولود، وهي أنصاره إذا خرج»(222).
3 - سنة (256هـ): خروج توقيع العسكري (عليه السلام) بعد قتل الزبيري بولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الكليني (رحمه الله) عن الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلَّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، قال: خرج عن أبي محمّد (عليه السلام) حين قتل الزبيري(223): «هذا جزاء من افترى على الله في أوليائه، زعم أنَّه يقتلني وليس لي عقب فكيف رأى قدرة الله؟»، ووُلِدَ له ولد سمَّاه (م ح م د) سنة ستٍّ وخمسين ومائتين(224).
ورواه الصدوق (رحمه الله) عن جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد ابن عامر، عن معلَّى بن محمّد البصري(225).
4 - سنة (256هـ): ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على رواية إسماعيل بن عليٍّ النوبختي:
روى الطوسي (رحمه الله) عن أحمد بن عليٍّ الرازي، عن محمّد بن عليٍّ، عن عبد الله بن محمّد بن خاقان الدهقان، عن أبي سليمان داود بن غسَّان البحراني، قال: قرأت على أبي سهل إسماعيل بن عليٍّ النوبختي، [قال]: مولد محمّد بن الحسن بن عليِّ بن محمّد بن عليٍّ الرضا بن موسى بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليِّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(222) كمال الدِّين (ص 431/ باب 42/ ح 7).
(223) قال المجلسي (رحمه الله) في مرآة العقول (ج 4/ شرح صفحة 3): (الزبيري كان لقب بعض الأشقياء من ولد الزبير كان في زمانه (عليه السلام) فهدَّده، وقتله الله على يد الخليفة أو غيره، وصحَّف بعضهم وقرأ بفتح الزاء وكسر الباء من الزَّبِير بمعنى الداهية كناية عن المهتدي العبَّاسي حيث قتله الموالي).
(224) الكافي (ج 1/ ص 514/ باب مولد الصاحب (عليه السلام)/ ح 1)، الغيبة للطوسي (ص 231/ ح 198).
(225) كمال الدِّين (ص 430/ باب 42/ ح 3).

(٢٠١)

ابن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين): وُلِدَ (عليه السلام) بسامرَّاء سنة ستٍّ وخمسين ومائتين، أُمُّه صقيل، ويُكنَّى أبا القاسم(226).
* وروى عن علَّان بإسناده أنَّ السيِّد (عليه السلام) وُلِدَ في سنة ستٍّ وخمسين ومائتين من الهجرة بعد مضيِّ أبي الحسن (عليه السلام) بسنتين(227).
وراجع ما ذُكِرَ في (8/ ربيع الأوَّل/ 260هـ) تحت عنوان: (ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) أمام 39 شخصاً، وصلاته على جنازة أبيه جماعةً)، وكذلك راجع ما ذُكِرَ في (16/ رجب/ 256هـ) تحت عنوان: (علم الإمام العسكري (عليه السلام) وهو في الحبس بقتل المهتدي العبَّاسي وإخباره (عليه السلام) لشخص بأنَّه سيُولَد له الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)).
5 - سنة (328 أو 329هـ): وفاة عليِّ بن محمّد السمري (رضي الله عنه) النائب الرابع للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
هو عليُّ بن محمّد السمري الفقيه، أبو الحسن البغدادي، كان آخر السفراء والنوَّاب الأربعة للإمام المهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه)، كان من الأجلَّاء والعظماء الذين وثَّقهم الأئمَّة (عليهم السلام)، وأمروا بالرجوع إليهم. وبموته وقعت الغيبة الكبرى، وانسدَّ باب السفارة الخاصَّة.
قال الصدوق (رحمه الله) في (كمال الدِّين): حدَّثنا أبو الحسين صالح بن شعيب الطالقاني (رضي الله عنه) في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، قال: حدَّثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن مخلَّد، قال: حضرت بغداد عند المشايخ (رضي الله عنهم)، فقال الشيخ أبو الحسن عليُّ بن محمّد السمري (قدَّس الله روحه) ابتداءً منه: (رحم الله عليَّ ابن الحسين بن موسى بن بابويه القمِّي)، قال: فكتب المشايخ تاريخ ذلك اليوم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(226) الغيبة للطوسي (ص 271 و272/ ح 237).
(227) الغيبة للطوسي (ص 245/ ح 212).

(٢٠٢)

فورد الخبر أنَّه تُوفِّي ذلك اليوم، ومضى أبو الحسن السمري (رضي الله عنه) بعد ذلك في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة(228).
* وروى الطوسي (رحمه الله) عن الحسين بن إبراهيم، عن أبي العبَّاس بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمّد الكاتب أنَّ قبر أبي الحسن السمري (رضي الله عنه) في الشارع المعروف بشارع الخلنجي من ربع باب المحوّل قريب من شاطئ نهر أبي عتاب، وذكر أنَّه مات (رضي الله عنه) في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة(229).
والمشهور وفاته في (329هـ)، قال الشيخ عبَّاس القمِّي (رحمه الله) في (الكنى والألقاب): (الشيخ المعظَّم الجليل أبو الحسن عليُّ بن محمّد السمري (رضي الله تعالى عنه)، قام بأمر النيابة بعد أبي القاسم الحسين بن روح (رحمه الله)، ومضى في النصف من شهر شعبان سنة (329هـ)، وأخرج إلى الناس توقيعاً قبل وفاته بأيَّام: «بسم الله الرحم الرحيم، يا عليَّ بن محمّد السمري عظَّم الله أجر إخوانك فيك فإنَّك ميِّت ما بينك وبين ستَّة أيَّام، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحدٍ...» إلخ، فلمَّا كان اليوم السادس دخلوا عليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيُّك من بعدك؟ فقال: لله أمر هو بالغه، وقضى (رحمه الله). قبره ببغداد بقرب الشيخ الكليني (رحمه الله))(230).
وراجع كلام المجلسي (رحمه الله) المذكور في (8/ ربيع الأوَّل/ 260هـ)، تحت عنوان: (في الثامن من ربيع الأوَّل ابتداء الغيبة الصغرى وانتهاؤها بوفاة النائب الرابع السمري في 15/ شعبان/ 328 أو 329هـ).
وهكذا ما ذُكِرَ في (9/ شعبان/ 329هـ)، تحت عنوان: (خروج توقيع للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لسفيره الرابع يُخبره فيه بموته بعد ستَّة أيَّام وانقطاع السفارة الخاصَّة وحصول الغيبة الكبرى).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(228) كمال الدِّين (ص 503/ باب 45/ ح 32)، الخرائج والجرائح (ج 2/ ص 1128/ ح 45).
(229) الغيبة للطوسي (ص 396/ ح 367).
(230) الكنى والألقاب (ج 3/ ص 268).

(٢٠٣)

6 - زيارة الحليسي للإمام الحسين (عليه السلام) في (15) شعبان وإكرامه من قِبَل الناحية المقدَّسة:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، قال: حدَّثني أبو القاسم ابن أبي حليس(231)، قال: كنت أزور الحسين (عليه السلام) في النصف من شعبان، فلمَّا كان سنة من السنين وردت العسكر قبل شعبان، وهممت أنْ لا أزور في شعبان، فلمَّا دخل شعبان قلت: لا أدع زيارة كنت أزورها، فخرجت زائراً وكنت إذا وردت العسكر أعلمتهم برقعة أو برسالة، فلمَّا كان في هذه الدفعة قلت لأبي القاسم الحسن بن أحمد الوكيل: لا تُعلِمهم بقدومي فإنِّي أُريد أنْ أجعلها زورة خالصة، قال: فجاءني أبو القاسم وهو يتبسَّم وقال: بُعِثَ إليَّ بهذين الدينارين وقيل لي: «ادفعهما إلى الحليسي، وقل له: من كان في حاجة الله (عزَّ وجلَّ) كان الله في حاجته»(232).
16 شعبان المعظَّم: 1 - سنة (255هـ): تسميت الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لنسيم حين عطاسها بعد مولده بليلة:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبي طالب المظفَّر بن جعفر بن المظفَّر بن جعفر بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: حدَّثنا جعفر ابن محمّد بن مسعود، قال: حدَّثنا أبو النضر محمّد بن مسعود، قال: حدَّثنا آدم بن محمّد البلخي، قال: حدَّثنا عليُّ بن الحسن الدقَّاق، قال: حدَّثني إبراهيم بن محمّد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(231) عدَّه الصدوق (رحمه الله) ممَّن رأى الحجَّة من غير الوكلاء. راجع: كمال الدِّين (ص 442/ باب 43/ ح 16).
(232) كمال الدِّين (ص 493/ باب 45/ ح 18).

(٢٠٤)

العلوي، قال: حدَّثتني نسيم خادمة أبي محمّد (عليه السلام)، قالت: دخلت على صاحب هذا الأمر (عليه السلام) بعد مولده بليلة فعطست عنده، قال لي: «يرحمكِ الله»، قالت نسيم: ففرحت [بذلك]، فقال لي (عليه السلام): «ألَا أُبشِّركِ في العطاس؟»، قلت: بلى، قال: «هو أمان من الموت ثلاثة أيَّام»(233).
ورواه أيضاً عن محمّد بن عليٍّ ماجيلويه وأحمد بن يحيى العطَّار، عن محمّد ابن يحيى العطَّار، عن الحسين بن عليٍّ النيسابوري، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، عن نسيم(234).
2 - سنة (255هـ): كرامة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وبركة كحل الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبي جعفر محمّد بن عليِّ بن أحمد البزرجي، قال: رأيت بسُرَّ من رأى رجلاً شابًّا في المسجد المعروف بمسجد زبيدة في شارع السوق، وذكر أنَّه هاشمي من ولد موسى بن عيسى(235) لم يذكر أبو جعفر اسمه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(233) كمال الدِّين (ص 441/ باب 43/ ح 11).
(234) كمال الدِّين (ص 430/ باب 42/ ذيل الحديث 5).
(235) خبيث ناصب، روى الطوسي (رحمه الله) في أماليه (ص 320 و321/ ح 649/96) عن أبي موسى ابن عبد العزيز، قال: لقيني يوحنَّا بن سراقيون النصراني المتطبِّب في شارع أبي أحمد فاستوقفني، وقال لي: بحقِّ نبيِّك ودينك، من هذا الذي يزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة، من هو من أصحاب نبيِّكم؟ قلت: ليس هو من أصحابه هو ابن بنته، فما دعاك إلى المسألة عنه؟ فقال: له عندي حديث طريف، فقلت: حدِّثني به، فقال: وجَّه إليَّ سابور الكبير الخادم الرشيدي في الليل، فصرت إليه، فقال لي: تعال معي، فمضى وأنا معه حتَّى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي، فوجدناه زائل العقل متَّكئاً على وسادة، وإذا بين يديه طست فيها حشو جوفه، وكان الرشيد استحضره من الكوفة، فأقبل سابور على خادم كان من خاصَّة موسى، فقال له: ويحك ما خبره؟ فقال له: أخبرك أنَّه كان من ساعة جالساً وحوله ندماؤه، وهو من أصحّ الناس جسماً وأطيبهم نفساً، إذ جرى ذكر الحسين بن عليٍّ (عليه السلام)، قال يوحنَّا: هذا الذي سألتك عنه، فقال موسى: إنَّ الرافضة لتغلو فيه حتَّى إنَّهم فيما عرفت يجعلون تربته دواء يتداوون به، فقال له رجل من بني هاشم كان حاضراً: قد كانت بي علَّة غليظة فتعالجت لها بكلِّ علاج، فما نفعني، حتَّى وصف لي كاتبي أنْ آخذ من هذه التربة، فأخذتها فنفعني الله بها، وزال عنِّي ما كنت أجده، قال: فبقي عندك منها شيء؟ قال: نعم، فوجَّه فجاءوه منها بقطعة فناولها موسى بن عيسى، فأخذها موسى فاستدخلها دُبُره استهزاءً بمن تداوى بها واحتقاراً وتصغيراً لهذا الرجل الذي هذه تربته - يعني الحسين (عليه السلام) -، فما هو إلَّا أنْ استدخلها دُبُره حتَّى صاح: النار النار، الطست الطست، فجئناه بالطست فأخرج فيها ما ترى، فانصرف الندماء وصار المجلس مأتماً، فأقبل على سابور فقال: انظر هل لك فيه حيلة؟ فدعوت بشمعة، فنظرت فإذا كبده وطحاله ورئته وفؤاده خرج منه في الطست، فنظرت إلى أمر عظيم، فقلت: ما لأحد في هذا صنع إلَّا أنْ يكون لعيسى الذي كان يُحيي الموتى، فقال لي سابور: صدقت، ولكن كن هاهنا في الدار إلى أنْ يتبيَّن ما يكون من أمره، فبتُّ عندهم وهو بتلك الحال ما رفع رأسه، فمات وقت السحر.

(٢٠٥)

وكنت أُصلِّي، فلمَّا سلَّمت قال لي: أنت قمِّي أو رازي؟ فقلت: أنا قمِّي مجاور بالكوفة في مسجد أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال لي: أتعرف دار موسى بن عيسى التي بالكوفة؟ فقلت: نعم، فقال: أنا من ولده، قال: كان لي أب وله أخوان وكان أكبر الأخوين ذا مال ولم يكن للصغير مال، فدخل على أخيه الكبير فسرق منه ستّمائة دينار، فقال الأخ الكبير: أدخل على الحسن بن عليِّ بن محمّد بن الرضا (عليهم السلام) وأسأله أنْ يلطف للصغير لعلَّه يرد مالي فإنَّه حلو الكلام، فلمَّا كان وقت السحر بدا لي في الدخول على الحسن بن عليِّ بن محمّد بن الرضا (عليهم السلام)، قلت: أدخل على أشناس التركي صاحب السلطان فأشكو إليه، قال: فدخلت على أشناس التركي وبين يديه نرد يلعب به، فجلست أنتظر فراغه، فجاءني رسول الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) فقال لي: أجب، فقمت معه، فلمَّا دخلت على الحسن ابن عليٍّ (عليهما السلام) قال لي: «كان لك إلينا أوَّل الليل حاجة، ثمّ بدا لك عنها وقت السحر، اذهب فإنَّ الكيس الذي أخذ من مالك قد رُدَّ ولا تشك أخاك وأحسن

(٢٠٦)

إليه وأعطه فإنْ لم تفعل فابعثه إلينا لنعطيه»، فلمَّا خرج تلقَّاه غلامه يُخبره بوجود الكيس. قال أبو جعفر البزرجي: فلمَّا كان من الغد حملني الهاشمي إلى منزله وأضافني ثمّ صاح بجارية وقال: يا غزال - أو يا زلال -، فإذا أنا بجارية مسنَّة فقال لها: يا جارية، حدِّثي مولاكِ بحديث الميل والمولود، فقالت: كان لنا طفل وجع، فقالت لي مولاتي: امضي إلى دار الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) فقولي لحكيمة: تعطينا شيئاً نستشفي به لمولودنا هذا، فلمَّا مضيت وقلت كما قال لي مولاي قالت حكيمة: ايتوني بالميل الذي كُحِّل به المولود الذي وُلِدَ البارحة - تعني ابن الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) -، فأتيت بميل فدفعته إليَّ وحملته إلى مولاتي فكحَّلت به المولود فعوفي، وبقي عندنا وكنَّا نستشفي به ثمّ فقدناه. قال أبو جعفر البزرجي: فلقيت في مسجد الكوفة أبا الحسن بن برهون البرسي فحدَّثته بهذا الحديث عن هذا الهاشمي فقال: قد حدَّثني هذا الهاشمي بهذه الحكاية كما ذكرتها حذو النعل بالنعل سواء من غير زيادة ولا نقصان(236).
17 شعبان المعظَّم: سنة (255هـ): عرض الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ولده المهدي(عليه السلام) على أصحابه في اليوم الثالث من ولادته:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن موسى بن المتوكِّل (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدَّثنا محمّد بن أحمد العلوي، عن أبي غانم الخادم، قال: وُلِدَ لأبي محمّد (عليه السلام) ولد فسمَّاه محمّداً، فعرضه على أصحابه يوم الثالث، وقال: «هذا صاحبكم من بعدي، وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتدُّ إليه الأعناق بالانتظار، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً خرج فملأها قسطاً وعدلاً»(237).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(236) كمال الدِّين (ص 517 و518/ باب 45/ ح 46).
(237) كمال الدِّين (ص 431/ باب 42/ ح 8).

(٢٠٧)

18 شعبان المعظَّم: سنة (326هـ): وفاة النائب الثالث للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) الحسين بن روح (رضي الله عنه):
هو الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي، أبو القاسم البغدادي، شيخ الإماميَّة، وثالث السفراء الأربعة للإمام المهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه). كان فقيهاً، مفتياً، بليغاً، فصيحاً، وافر الحرمة، كثير الجلالة، ذا عقل وكياسة، تولَّى السفارة بعد وفاة أبي جعفر العمري سنة خمس وثلاثمائة، فقد روى الطوسي (رحمه الله) في (الغيبة) أنَّ أبا جعفر العمري لـمَّا اشتدَّت حاله اجتمع جماعة من وجوه الشيعة...، فدخلوا على أبي جعفر (رضي الله عنه)، فقالوا له: إنْ حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي القائم مقامي والسفير بينكم وبين صاحب الأمر والوكيل له والثقة الأمين فارجعوا إليه في أُموركم وعوِّلوا عليه في مهمَّاتكم فبذلك أُمرت وقد بلَّغت(238).
كان له احترام وهيبة وإجلال عند كبار رجال الدولة، ابتداءً من الخليفة إلى عامَّة الناس، حتَّى كان قاضي القضاة يزوره في بيته كغيره من الوزراء، فقد روى الذهبي في (سير أعلام النبلاء) عن عليِّ بن محمّد الأيادي، عن أبيه، قال: شاهدته يوماً، وقد دخل عليه أبو عمر القاضي، فقال له أبو القاسم: صواب الرأي عند المشفق عبرة عند المتورِّط، فلا يفعل القاضي ما عزم عليه، فرأيت أبا عمر قد نظر إليه، ثمّ قال: من أين لك هذا؟ فقال: إنْ كنت قلت لك ما عرفته، فمسألتي من أين لك فضول، وإنْ كنت لم تعرفه، فقد ظفرت بي. قال: فقبض أبو عمر على يديه، وقال: لا، بل والله أُؤخِّرك ليومي أو لغدي. فلمَّا خرج قال أبو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(238) الغيبة للطوسي (ص 371 و372/ ح 342).

(٢٠٨)

القاسم: ما رأيت محجوجاً قطُّ يلقى البرهان بنفاق مثل هذا. كاشفته بما لم أُكاشف به غيره(239).
وروى الصفدي في (الوافي بالوفيات): (ولم يزل أبو القاسم على مثل هذه الحال حتَّى ولي حامد بن العبَّاس الوزارة، فجرى له معه أُمور وخطوب يطول شرحها، وقُبِضَ عليه وسُجِنَ خمسة أعوام، وأُطلق من الحبس لـمَّا خُلِعَ المقتدر، فلمَّا أُعيد إلى الخلافة شاوروه فيه، قال: دعوه فبخطيئته جرى علينا ما جرى)(240)، وهذا يدلُّ على أنَّ المقتدر كان يعتقد بأنَّ الحسين بن روح (رضي الله عنه) رجل صالح، وأنَّ الثورة عليه وخلعه كانا عقوبةً له لأنَّه سجن وليًّا من أولياء الله.
أمَّا لماذا سُجِنَ الحسين بن روح (رضي الله عنه)، وما كانت تلك الأُمور والخطوب مع حامد بن العبَّاس، فلم نجد في المصادر ما يدلُّ عليه، قال الكوراني: (والسبب الذي توصَّلتُ إليه أنَّ المقتدر لم يكن يتبنَّى سياسة المتوكِّل في النصب لأهل البيت (عليهم السلام) والعداء لشيعتهم...، وكان يحترم الحسين بن روح احتراماً خاصًّا، لكن مجسِّمة الحنابلة استطاعوا أنْ يُحدِثوا موجة مضادَّة للشيعة في بغداد ويُؤثِّروا على المقتدر ويفرضوا عليه حامد بن العبَّاس...، وكان حامد بن العبَّاس فارسيًّا يتبنَّى أفكار المتوكِّل ومجسِّمة الحنابلة، وهو الذي سجن الحسين بن روح (رضي الله عنه))(241).
تُوفِّي (رحمه الله) في شعبان سنة ستٍّ وعشرين وثلاثمائة، فقد روى الطوسي (رحمه الله) عن الحسين بن إبراهيم، عن أبي العبَّاس أحمد بن عليِّ بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمّد الكاتب ابن بنت أُمِّ كلثوم بنت أبي جعفر العمري (رضي الله عنه) أنَّ قبر أبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(239) سير أعلام النبلاء (ج 15/ ص 223).
(240) الوافي بالوفيات (ج 12/ ص 227).
(241) المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) (ص 1035 و1036).

(٢٠٩)

القاسم الحسين بن روح في النوبختيَّة في الدرب الذي كانت فيه دار عليِّ بن أحمد النوبختي النافذ إلى التلِّ وإلى الدرب الآخر وإلى قنطرة الشوك (رضي الله عنه). قال: وقال لي أبو نصر: مات أبو القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه) في شعبان سنة ستٍّ وعشرين وثلاثمائة(242).
قال السيِّد محمّد صادق بحر العلوم (رحمه الله)(243) في مقدَّمة (علل الشرائع): (أبو القاسم الحسين بن روح ابن أبي بحر النوبختي (رحمه الله)، تشرَّف بالنيابة من سنة (305) إلى أنْ توفَّى سنة (326هـ) في (18/ شعبان)، وقبره ببغداد في الجانب الشرقي في سوق العطَّارين يُزار ويُتبرَّك به، وهو معروف)(244).
21 شعبان المعظَّم: 1 - سنة (255هـ): توزيع الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) العقيقة في اليوم السابع لولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن موسى بن المتوكِّل (رضي الله عنه)، قال: حدَّثني عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدَّثني محمّد بن إبراهيم الكوفي: إنَّ أبا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(242) الغيبة للطوسي (ص 386 و387/ ح 350).
(243) هو السيِّد محمّد صادق بن السيِّد حسن بحر العلوم الطباطبائي النجفي من علماء النجف البارزين في حقول الأدب والعلم وتحقيق التراث، وهو أقدم المحقِّقين عملاً، حيث أخرج العديد من ذخائر التراث الشيعي بأجود ما تيسَّر في عصره من أدوات وأساليب، مع المقدَّمات الضافية عن مؤلِّفيها وموضوعاتها، مضافاً إلى مؤلَّفاته الكثيرة، وأشهرها (دليل القضاء الشرعي) في ستَّة مجلَّد. وألَّف مجاميع بلغت (14) ضمَّنها ما اختاره من شعر ونثر ورسائل وتُحَف ونوادر، وله شعر كثير رائع في المناسبات والأحداث، تُوفِّي (رحمه الله) في (21/ رجب) سنة (1399هـ) ودُفِنَ في النجف.
(244) علل الشرائع (ج 1/ هامش صفحة 5/ كلمة المقدَّمة).

(٢١٠)

محمّد (عليه السلام) بعث إلى بعض من سمَّاه لي بشاة مذبوحة، وقال: «هذه من عقيقة ابني محمّد»(245).
* وروى أيضاً عن محمّد بن عليٍّ ماجيلويه ومحمّد بن موسى بن المتوكِّل وأحمد بن محمّد بن يحيى العطَّار (رضي الله عنهم)، قالوا: حدَّثنا محمّد بن يحيى العطَّار، قال: حدَّثني إسحاق بن رياح البصري، عن أبي جعفر العمري، قال: لـمَّا وُلِدَ السيِّد (عليه السلام) قال أبو محمّد (عليه السلام): «ابعثوا إلى أبي عمرو»، فبعث إليه فصار إليه فقال له: «اشتر عشرة آلاف رطل خبز، وعشرة آلاف رطل لحم وفرِّقه - أحسبه قال: على بني هاشم -، وعق عنه بكذا وكذا شاة»(246).
* وروى الطوسي (رحمه الله) عن محمّد بن عليٍّ الشلمغاني، قال: حدَّثني الثقة، عن إبراهيم بن إدريس، قال: وجَّه إليَّ مولاي أبو محمّد (عليه السلام) بكبش وقال: «عقه عن ابني فلان وكُلْ وأطعم أهلك»، ففعلت، ثمّ لقيته بعد ذلك فقال لي: «المولود الذي وُلِدَ لي مات»، ثمّ وجَّه إليَّ بكبشين وكتب: «بسم الله الرحمن الرحيم، عق هذين الكبشين عن مولاك وكُلْ هنَّأك الله وأطعم إخوانك»، ففعلت ولقيته بعد ذلك فما ذكر لي شيئاً(247).
* وروى الخصيبي (رحمه الله) في (الهداية الكبرى) عن موسى بن محمّد، عن الحسن بن محمّد بن جمهور، عن البشَّار بن إبراهيم بن إدريس صاحب ثقة أبي محمّد (عليه السلام)، قال: وجَّه إليَّ مولاي أبو محمّد كبشين وقال: «اعقرهما عن أبي الحسن (عليه السلام) وكُلْ وأطعم إخوانك»، ففعلت. ثمّ لقيته بعد ذلك فقال: «المولود الذي وُلِدَ لي مات»، ثمّ وجَّه لي بأربع أكبشة وكتب إليَّ: «بسم الله الرحمن الرحيم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(245) كمال الدِّين (ص 432/ باب 42/ ح 10).
(246) كمال الدِّين (ص 430 و431/ باب 42/ ح 6).
(247) الغيبة للطوسي (ص 245 و246/ ح 214).

(٢١١)

اعقر هذه الأربعة أكبشة عن مولاك وكُلْ هنَّاك الله»، ففعلت...(248).
2 - سنة (255هـ): رؤية السيِّدة حكيمة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في اليوم السابع من ولادته (عجَّل الله فرجه):
راجع ما ذُكِرَ في (فجر 15 شعبان/ 255هـ)، تحت عنوان: (مولد الإمام المهدي (عليه السلام) في ليلة (15) شعبان على رأي مشهور الطائفة).
23 شعبان المعظَّم: وفاة وكيل الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) القاسم بن العلاء:
راجع ما ذُكِرَ في (13/ رجب) تحت عنوان: (وصول توقيع الإمام (عجَّل الله فرجه) لوكيله القاسم بن العلاء يُخبره بوفاته بعد أربعين يوماً من وصول التوقيع، وفي القصَّة عِبَر ومواعظ كثيرة).
25 شعبان المعظَّم: سنة (255هـ): تسميت الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لنسيم الخادم حين عطست بعد ولادته بعشرة أيَّام:
روى الطوسي (رحمه الله) عن محمّد بن يعقوب رفعه، عن نسيم الخادم، قال: دخلت على صاحب الزمان (عليه السلام) بعد مولده بعشر ليال فعطست عنده، فقال: «يرحمك الله»، ففرحت بذلك، فقال: «ألَا أُبشِّرك في العطاس؟ هو أمان من الموت ثلاثة أيَّام»(249).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(248) الهداية الكبرى (ص 358).
(249) الغيبة للطوسي (ص 232/ ح 200).

(٢١٢)

أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم:
1 - سنة (273هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الصادق (عليه السلام) ضرورة معرفة الأئمَّة بأسمائهم وخصائصهم:
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثنا يحيى بن زكريا ابن شيبان في شعبان سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدَّثنا عليُّ بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن حمران بن أعين، أنَّه قال: وصفت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجلاً يتوالى أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويتبرَّأ من عدوِّه، ويقول كلَّ شيء يقول، إلَّا أنَّه يقول: إنَّهم اختلفوا فيما بينهم وهم الأئمَّة القادة ولست أدري أيُّهم الإمام، وإذا اجتمعوا على رجل واحد أخذنا بقوله، وقد عرفت أنَّ الأمر فيهم (رحمهم الله جميعاً). فقال: «إنْ مات هذا مات ميتة جاهليَّة»(250).
2 - سنة (329هـ): إخبار النائب الرابع عليِّ بن محمّد السمري (رضي الله عنه) بوفاة عليِّ بن بابويه القمِّي (رحمه الله):
قال الطوسي (رحمه الله) في (الغيبة): أخبرني جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن عليِّ بن بابويه القمِّي، قال: حدَّثني جماعة من أهل قمّ منهم عليُّ بن أحمد بن عمران الصفَّار وقريبه علويَّة الصفَّار والحسين بن أحمد بن إدريس (رحمهم الله)، قالوا: حضرنا بغداد في السنة التي تُوفِّي فيها أبي (عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه)، وكان أبو الحسن عليُّ بن محمّد السمري (قدّس سرّه) يسألنا كلَّ قريب عن خبر عليِّ بن الحسين (رحمه الله)، فنقول: قد ورد الكتاب باستقلاله حتَّى كان اليوم الذي قُبِضَ فيه، فسألنا عنه فذكرنا له مثل ذلك. فقال [لنا]: آجركم الله في عليِّ بن الحسين(251) فقد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(250) الغيبة للنعماني (ص 134/ باب 7/ ح 19).
(251) هو عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، والد الشيخ الصدوق (رحمه الله)، يُكنَّى أبا الحسن، شيخ القمِّيِّين في عصره ومتقدِّمهم، وفقيههم، وثقتهم، له تصانيف كثيرة، منها: الإمامة والتبصرة، تُوفِّي (رحمه الله) سنة (329هـ). راجع: معجم رجال الحديث (ج 12/ ص 398 - 400/ الرقم 8076).

(٢١٣)

قُبِضَ في هذه الساعة. قالوا: فأثبتنا تأريخ الساعة واليوم والشهر، فلمَّا كان بعد سبعة عشر يوماً أو ثمانية عشر يوماً ورد الخبر أنَّه قُبِضَ في تلك الساعة التي ذكرها الشيخ أبو الحسن (قدّس سرّه)(252).
3 - سنة (859هـ): التاريخ السندي لمشاهدة المعمَّر ابن غوث السنبسي لولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
قال النوري (رحمه الله) في (جنَّة المأوى): في مجموعة نفيسة عندي كلُّها بخطِّ العالم الجليل شمس الدِّين محمّد بن عليِّ بن الحسن الجباعي جدِّ شيخنا البهائي وهو الذي ينتهي نُسَخ الصحيفة الكاملة إلى الصحيفة التي كانت بخطِّه، وكتبها من نسخة الشهيد الأوَّل (رحمه الله)، وقد نقل عنه عن تلك المجموعة وغيرها العلَّامة المجلسي كثيراً في (البحار)، وربَّما عبَّر هو وغيره كالسيِّد نعمة الله الجزائري في أوَّل شرح الصحيفة عنه بصاحب الكرامات، ما لفظه: قال السيِّد تاج الدِّين محمّد بن معيَّة الحسني (أحسن الله إليه): حدَّثني والدي القاسم بن الحسن بن معيَّة الحسني (تجاوز الله عن سيِّئاته) أنَّ المعمَّر بن غوث السنبسي(253) ورد إلى الحلَّة مرَّتين إحداهما قديمة لا أُحقِّق تاريخها، والأُخرى قبل فتح بغداد بسنتين، قال والدي: وكنت حينئذٍ ابن ثمان سنوات، ونزل على الفقيه مفيد الدِّين ابن جهم، وتردَّد إليه الناس، وزاره خالي السعيد تاج الدِّين بن معيَّة، وأنا معه طفل ابن ثمان سنوات، ورأيته وكان شخصاً طوالاً من الرجال، يُعَدُّ في الكهول، وكان ذراعه كأنَّه الخشبة المجلَّدة، ويركب الخيل العتاق، وأقام أيَّاماً بالحلَّة، وكان يحكي أنَّه كان أحد غلمان الإمام أبي محمّد الحسن ابن عليٍّ العسكري (عليهما السلام)، وأنَّه شاهد ولادة القائم (عليه السلام).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(252) الغيبة للطوسي (ص 395 و396/ ح 366).
(253) من المعمَّرين من غلمان أبي محمّد العسكري (عليه السلام)، شاهد ولادة القائم (عجَّل الله فرجه)، ورد الحلَّة مرَّتين إحداهما قبل فتح بغداد بسنتين، وأخبر بزوال ملك بني العبَّاس قبل سنتين. انظر: مستدركات علم رجال الحديث (ج 7/ ص 466/ ح 15104).

(٢١٤)

قال والدي (رحمه الله): وسمعت الشيخ مفيد الدِّين بن جهم يحكي بعد مفارقته وسفره عن الحلَّة أنَّه قال: أخبرنا بسرٍّ لا يمكننا الآن إشاعته، وكانوا يقولون: إنَّه أخبره بزوال ملك بني العبَّاس، فلمَّا مضى لذلك سنتان أو ما يقاربهما أُخِذَت بغداد وقُتِلَ المستعصم(254)، وانقرض ملك بني العبَّاس، فسبحان من له الدوام والبقاء. وكتب ذلك محمّد بن عليٍّ الجباعي من خطِّ السيِّد تاج الدِّين يوم الثلاثاء في شعبان سنة تسع وخمسين وثمانمائة(255).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(254) قال الزركلي في الأعلام (ج 4/ ص 140): (عبد الله (المستعصم) بن منصور (المستنصر) بن محمّد (الظاهر) بن أحمد (الناصر) من سلالة هارون الرشيد العبَّاسي، وكنيته أبو أحمد، آخر خلفاء الدولة العبَّاسيَّة في العراق. وُلِدَ ببغداد، وولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة (640هـ) والدولة في شيخوختها، لم يبقَ منها للخلفاء غير دار الملك ببغداد، فألقى زمام الأُمور إلى الأُمراء والقُوَّاد. واعتمد على وزيره مؤيِّد الدِّين ابن العلقمي. وكان المغول قد استفحل أمرهم في أيَّام سلفه المستنصر، فكاتب ابن العلقمي قائدهم هولاكو (حفيد جنكيزخان) يشير عليه باحتلال بغداد، ويعده بالإعانة على الخليفة، فزحف هولاكو سنة (645هـ)، وخرجت إليه عساكر المستعصم فلم تثبت طويلاً، ودخل هولاكو بغداد، فجمع له ابن العلقمي ساداتها ومدرِّسيها وعلماءها فقتلهم عن آخرهم، وأبقى الخليفة حيًّا إلى أنْ دلَّ على مواضع الأموال والدفائن، ثمّ قتله. ومدَّة خلافته (15) سنة و(8) أشهر وأيَّام. وبموته انقرضت دولة بني العبَّاس في العراق. وعدَّة خلفائها (37) ملكوا مدَّة (524) سنة).
(255) جنَّة المأوى (ص 81 - 83/ الحكاية الثالثة والعشرون).

(٢١٥)

1 رمضان المبارك: 1 - سنة (9هـ): نداء إبليس في ليلة العقبة هو نفس ندائه بعد ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن الحارث بن المغيرة البصري، عن ميمون البان، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) في فسطاطه فرفع جانب الفسطاط فقال: «إنَّ أمرنا قد كان أبين من هذه الشمس»، ثمّ قال: «ينادي منادٍ من السماء: فلان بن فلان هو الإمام باسمه، وينادي إبليس (لعنه الله) من الأرض كما نادى برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليلة العقبة(256)»(257).
2 - سنة (145هـ): أمر الإمام الصادق (عليه السلام) لشيعته بعدم النهوض حتَّى قيام القائم (عجَّل الله فرجه)، وذلك في السنة التي خرج فيها إبراهيم بن عبد الله:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبيه، قال: حدَّثنا أحمد بن إدريس، قال: حدَّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(256) روي أنَّه لـمَّا بايع الأنصار السبعون ليلة العقبة، سمع من العقبة صوت عال في جوف الليل: يا أهل مكَّة، هذا مذمم والصباة معه قد أجمعوا على حربكم، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للأنصار: «ألَا تسمعون ما يقول هذا أزب العقبة» يعني شيطانها، ثمّ التفت إليه فقال: أتسمع يا عدوَّ الله؟ أمَا والله لأفرغنَّ لك». بحار الأنوار (ج 18/ ص 224)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 13/ ص 209).
(257) كمال الدِّين (ص 650/ باب 57/ ح 4).

(٢١٩)

سهل بن زياد، قال: حدَّثني عليُّ بن الريَّان، قال: حدَّثنا عبيد الله بن عبد الله الدهقان الواسطي، عن الحسين بن خالد الكوفي، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: قلت: جُعلت فداك، حديث كان يرويه عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة. قال: فقال لي: «وما هو؟»، قال: قلت: روي عن عبيد بن زرارة أنَّه لقي أبا عبد الله (عليه السلام) في السنة التي خرج فيها إبراهيم بن عبد الله بن الحسن(258)، فقال له: جُعلت فداك، إنَّ هذا قد ألف الكلام وسارع الناس إليه فما الذي تأمر به؟ قال: فقال: «اتَّقوا الله واسكنوا ما سكنت السماء والأرض». قال: وكان عبد الله ابن بكير يقول: والله لئن كان عبيد بن زرارة صادقاً فما من خروج وما من قائم. قال: فقال لي أبو الحسن (عليه السلام): «الحديث على ما رواه عبيد وليس على ما تأوَّله عبد الله بن بكير، إنَّما عنى أبو عبد الله (عليه السلام) بقوله: (ما سكنت السماء) من النداء باسم صاحبك، و(ما سكنت الأرض) من الخسف بالجيش»(259).
3 - سنة (254هـ): ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على رواية عقيد الخادم:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبي الحسن عليِّ بن محمّد بن حباب، قال: حدَّثني أبو الأديان، قال: قال عقيد الخادم، وقال أبو محمّد بن خيرويه التستري، وقال حاجز الوشَّاء كلُّهم حكوا عن عقيد الخادم. وقال أبو سهل بن نوبخت: قال عقيد الخادم: وُلِدَ وليُّ الله الحجَّة بن الحسن بن عليِّ بن محمّد بن عليِّ بن موسى ابن جعفر بن محمّد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين) ليلة الجمعة غرَّة شهر رمضان سنة أربع وخمسين ومائتين من الهجرة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(258) هو إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليِّ بن أبي طالب الهاشمي المدني، أخو محمّد بن الحسن الملقَّب بـ (النفس الزكيَّة)، خرج بعد أخيه وقُتِلَ بـ (باخمرى) على مسافة سبعة عشر فرسخاً من الكوفة، وذلك سنة (145هـ) لخمس بقين من ذي القعدة. راجع: معجم رجال الحديث (ج 1/ ص 226/ الرقم 199).
(259) معاني الأخبار (ص 266 و267/ ح 1).

(٢٢٠)

ويُكنَّى أبا القاسم ويقال: أبو جعفر، ولقبه المهدي، وهو حجَّة الله (عزَّ وجلَّ) في أرضه على جميع خلقه، وأُمُّه صقيل الجارية، ومولده بسُرَّ من رأى في درب الراضة، وقد اختلف الناس في ولادته، فمنهم من أظهر، ومنهم من كتم، ومنهم من نهى عن ذكر خبره، ومنهم من أبدى ذكره، والله أعلم به(260).
3 رمضان المبارك: سنة (413هـ): وفاة الشيخ المفيد (رحمه الله) وكتابة أبيات في رثائه بخطِّ صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه):
قال الشهيد الثالث القاضي نور الله الشوشتري (رحمه الله)(261) في (مجالس المؤمنين)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(260) كمال الدِّين (ص 474 و475/ باب 43/ ضمن الحديث 25).
(261) هو نور الله بن شريف الدِّين بن نور الدِّين بن محمّد شاه بن مبارز الدِّين مندة بن الحسين المرعشي الحسيني، التستري، القاضي ببلاد الهند، والشهيد بها، كان فقيهاً إماميًّا مجتهداً، محدِّثاً، متكلِّماً، مناظراً، عارفاً بفقه المذاهب الأربعة، ذا تصانيف كثيرة، وُلِدَ في تستر سنة ستٍّ وخمسين وتسعمائة، وأخذ بها عن والده السيِّد شريف الدِّين وعن غيره، وانتقل في سنة (979هـ) إلى المشهد المقدَّس الرضوي بخراسان، فأكمل به دراسته، وقرأ على عبد الواحد بن عليٍّ التستري ثمّ المشهدي، ولازمه مدَّة طويلة وأخذ عنه في الفقه وأُصوله، والحديث والتفسير وغيرها، وأكبَّ هناك على الاستفادة والإفادة، حتَّى برع وفاق ثمّ عزم بعد أنِ امتلأ وطابه على الارتحال إلى بلاد الهند، لنشر المذهب الإمامي، فورد بلدة لاهور سنة (993هـ)، واشتهر بها بين العلماء لسعة اطِّلاعه وتبحُّره في جلِّ العلوم، فلمَّا نُمِيَ خبره إلى السلطان جلال الدِّين أكبر شاه التيموري، استدعاه وقرَّبه إليه وأدناه، ثم قلَّده القضاء والإفتاء، فكان يقضي بما يوافق اجتهاده، ويُرجِّح من أقوال المذاهب الأربعة القولَ المطابق لمذهب الإماميَّة، واستمرَّ على ذلك إلى أنْ مات السلطان المذكور وخلفه من بعده ابنه جهانگير شاه، فسُعِيَ إليه بالمترجم، فقُتِلَ تحت السياط لأجل تشيُّعه سنة تسع عشرة وألف، ودُفِنَ في أكبرآباد، وقبره بها مشهور مزور. تلمَّذ على المترجم جماعة، منهم: ابناه شريف الدِّين ومحمّد يوسف، ومحمّد الهروي الخراساني، وغيرهم. وصنَّف كُتُباً ورسائل كثيرة، جنَّد نفسه من خلال طائفة منها لتبيان المذهب والتعريف برجاله والردِّ على الشُّبُهات المثارة حوله، ومن هذه المؤلَّفات: إحقاق الحقِّ، الصوارم المهرقة في جواب الصواعق المحرقة، تذهيب الأكمام في شرح تهذيب الأحكام، وغيرها. راجع: موسوعة طبقات الفقهاء (ج 11/ ص 366 - 368/ الرقم 3564).

(٢٢١)

ما معناه: إنَّه وجد هذه الأبيات بخطِّ صاحب الأمر (عليه السلام) مكتوباً على قبر الشيخ المفيد (رحمه الله)(262):

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(262) هو محمّد بن محمّد بن النعمان بن عبد السلام الحارثي، أبو عبد الله العكبري البغدادي، المعروف بابن المعلَّم، ثمّ اشتهر بالمفيد. وُلِدَ في سنة (336)، وقيل: (338هـ)، في قرية (سويقة ابن البصري)، التابعة لعكبرا على مقربة من بغداد، ثمّ انتقل به أبوه وهو صبيٌّ إلى بغداد للتحصيل، فاشتغل بالقراءة على أبي عبد الله الحسين بن عليٍّ المعروف بالجُعَل، ثمّ على أبي ياسر غلام أبي الجيش، الذي اقترح عليه أنْ يحضر درس المتكلِّم الشهير عليِّ بن عيسى الرُّمَّاني المعتزلي ففعل، وكان شيخ الفقهاء والمحدِّثين في عصره، مقدَّماً في علم الكلام، ماهراً في المناظرة والجدل، عارفاً بالأخبار والآثار، كثير الرواية والتصنيف. وكان له مجلس بداره بدرب رباح يحضره خلق كثير من العلماء من سائر الطوائف، فتخرَّج به جماعة وبرع في المقالة الإماميَّة حتَّى كان يقال: له على كلِّ إمامي مِنَّة، وقد برز المفيد من بين أعلام عصره بفنِّ (المناظرة) التي تعتمد الموضوعيَّة والمنهج والدليل المتَّفق عليه سبيلاً للإقناع، ووضوح النتائج، فخاض ميادين المناظرة في الإلهيَّات والمسائل الفقهيَّة، إلَّا أنَّ مناظراته كانت تنصبُّ في الدرجة الأُولى في المسائل الاعتقاديَّة للإماميَّة، فكان له الدور البارز في الذبِّ عنها وترويجها، ولهذا نال منه بعض المنساقين وراء عواطفهم مع إذعانهم لقدراته وقابليَّاته الفكريَّة والعلميَّة. ويُعَدُّ المفيد أوَّل مَنْ ألَّف من الإماميَّة في أُصول الفقه بشكل موسَّع، وصنَّف كُتُباً كثيرة، منها: المقنعة في الفقه، الإرشاد، العيون والمحاسن، إيمان أبي طالب. وقد جمع المفيد بالإضافة إلى علمه الجمِّ، فضائل نفسيَّة رفيعة، فكان قويّ النفس، كثير البِرِّ، عظيم الخشوع عند الصلاة والصوم، ما كان ينام من الليل إلَّا هجعة، ثمّ يقوم يُصلِّي أو يُطالع أو يدرس أو يتلو القرآن. تُوفِّي ببغداد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وكان يوم وفاته يوماً مشهوداً، ودُفِنَ في داره، ثمّ نُقِلَ إلى الكاظميَّة، فدُفِنَ بمقابر قريش، بالقرب من رجلي الإمام الجواد (عليه السلام). راجع: موسوعة طبقات الفقهاء (ج 5/ ص 334 - 337/ الرقم 2012).

(٢٢٢)

لا صوَّت الناعي بفقدك إنَّه * * * يوم على آل الرسول عظيمُ
إنْ كنت قد غُيِّبت في جدث الثرى * * * فالعدل والتوحيد فيك مقيمُ
والقائم المهدي يفرح كلَّما * * * تليت عليك من الدروس علومُ(263)

5 رمضان المبارك: 1 - سنة الظهور: كسوف الشمس في الخامس من رمضان:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن موسى بن المتوكِّل (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا عليُّ ابن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي أيُّوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تنكسف الشمس لخمس مضين من شهر رمضان قبل قيام القائم (عليه السلام)»(264).
2 - سنة الظهور: حصول الخسوف والكسوف في رمضان على خلاف العادة:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن الحكم الحنَّاط، عن محمّد بن همَّام، عن ورد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «اثنان بين يدي هذا الأمر: خسوف القمر لخمس، وكسوف الشمس لخمس عشرة ولم يكن ذلك منذ هبط آدم(عليه السلام) إلى الأرض، وعند ذلك يسقط حساب المنجِّمين»(265).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(263) جنَّة المأوى (ص 84/ الحكاية الخامسة والعشرون).
(264) كمال الدِّين (ص 655/ باب 57/ ح 28).
(265) كمال الدِّين (ص 655/ باب 57/ ح 25).

(٢٢٣)

13 رمضان المبارك: دعاء الإمام السجَّاد (عليه السلام) في اليوم الثالث عشر من شهر رمضان وفيه يدعو إلى قائم آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
جاء في دعاء الإمام السجَّاد (عليه السلام) في اليوم الثالث عشر من شهر رمضان المبارك: «... اَللَّهُمَّ إِنِّي أَدِينُكَ يَا رَبِّ بِطَاعَتِكَ وَوَلَايَتِكَ وَوَلَايَةِ رَسُولِكَ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَوَلَايَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب (عليه السلام)، وَوَلَايَةِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سِبْطَيْ نَبِيِّكَ وَوَلَدَي رَسُولِكَ (عليهما السلام)، وَوَلَايَةِ اَلطَّاهِرِينَ اَلمَعْصُومِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ اَلحُسَيْنِ: عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ اِبْنِ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى، وَمُحَمَّدِ اِبْنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، سَلَامُ اَللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَوَلَايَةِ اَلْقَائِمِ اَلسَّابِقِ مِنْهُم بِالْخَيْرَاتِ اَلمُفْتَرَضِ اَلطَّاعَةِ صَاحِبِ اَلزَّمَانِ سَلَامُ اَللهِ عَلَيْهِ»(266).
15 رمضان المبارك: سنة الظهور: كسوف الشمس في الخامس عشر من شهر رمضان:
روى الكليني (رحمه الله) في (الكافي) عن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون، عن بدر بن الخليل الأزدي قال: كنت جالساً عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال: «آيتان تكونان قبل قيام القائم (عليه السلام) لم تكونا منذ هبط آدم إلى الأرض: تنكسف الشمس في النصف من شهر رمضان والقمر في آخره»، فقال رجل: يا ابن رسول الله، تنكسف الشمس في آخر الشهر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(266) الصحيفة السجَّاديَّة (ص 243 - 248).

(٢٢٤)

والقمر في النصف؟! فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إنِّي أعلم ما تقول ولكنَّهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم (عليه السلام)»(267).
ورواه الطوسي (رحمه الله) في (الغيبة) عن الفضل بن شاذان، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن ثعلبة، عن بدر بن الخليل الأزدي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام)... الحديث(268).
وراجع ما ذُكِرَ في (5/ رمضان/ سنة الظهور)، تحت عنوان (حصول الخسوف والكسوف في رمضان على خلاف العادة).
17 رمضان المبارك: سنة (373هـ): حكاية بناء مسجد جمكران في قم بأمر الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
قال النوري (رحمه الله) في (جنَّة المأوى): جاء في (تاريخ قمّ) تأليف الشيخ الفاضل الحسن بن محمّد بن الحسن القمِّي من كتاب (مونس الحزين في معرفة الحقِّ واليقين)(269)، من مصنَّفات أبي جعفر محمّد ابن بابويه القمِّي ما لفظه بالعربيَّة:
باب ذكر بناء مسجد جمكران بأمر الإمام المهدي (عليه صلوات الله الرحمن وعلى آبائه المغفرة):
سبب بناء المسجد المقدَّس في جمكران بأمر الإمام (عليه السلام) على ما أخبر به الشيخ العفيف الصالح حسن بن مثلة الجمكراني، قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(267) الكافي (ج 8/ ص 212/ ح 258).
(268) الغيبة للطوسي (ص 444 و445/ ح 439).
(269) مفقود، ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة (ج 23/ ص 282/ الرقم 8986)، قائلاً: (مونس الحزين في معرفة الحقِّ واليقين للشيخ أبي جعفر محمّد بن بابويه القمِّي، كما ينقل عنه الشيخ حسن بن محمّد بن الحسن القمِّي في كتابه تاريخ قمّ ناسباً إلى الصدوق قضيَّة بناء مسجد جمكران).

(٢٢٥)

كنت ليلة الثلاثا السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث وتسعين(270) وثلاثمائة نائماً في بيتي، فلمَّا مضى نصف من الليل فإذا بجماعة من الناس على باب بيتي فأيقظوني، وقالوا: قم وأجب الإمام المهدي صاحب الزمان فإنَّه يدعوك.
قال: فقمت وتعبَّأت وتهيَّأت، فقلت: دعوني حتَّى ألبس قميصي، فإذا بنداء من جانب الباب: هو ما كان قميصك، فتركته وأخذت سراويلي، فنودي: ليس ذلك منك فخذ سراويلك، فألقيته وأخذت سراويلي ولبسته، فقمت إلى مفتاح الباب أطلبه فنودي: الباب مفتوح.
فلمَّا جئت إلى الباب رأيت قوماً من الأكابر، فسلَّمت عليهم، فردُّوا ورحَّبوا بي، وذهبوا بي إلى موضع هو المسجد الآن، فلمَّا أمعنت النظر رأيت أريكة فُرِشَت عليها فراش حسان، وعليها وسائد حسان، ورأيت فتى في زيِّ ابن ثلاثين متَّكئاً عليها، وبين يديه شيخ، وبيده كتاب يقرؤه عليه، وحوله أكثر من ستِّين رجلاً يُصَلُّون في تلك البقعة، وعلى بعضهم ثياب بيض، وعلى بعضهم ثياب خضر.
وكان ذلك الشيخ هو الخضر (عليه السلام)، فأجلسني ذلك الشيخ (عليه السلام)، ودعاني الإمام (عليه السلام) باسمي، وقال: اذهب إلى حسن بن مسلم، وقل له: إنَّك تعمر هذه الأرض منذ سنين وتزرعها، ونحن نخربها، زرعت خمس سنين، والعام أيضاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(270) هكذا في المصدر، والصحيح: (وسبعين)، قال الشيخ النوري (رحمه الله): (ولا يخفى أنَّ كلمة (التسعين) الواقعة في صدر الخبر بالمثنَّاة فوق ثمّ السين المهملة، كانت في الأصل سبعين مقدّم المهملة على الموحِّدة واشتبه على الناسخ، لأنَّ وفاة الشيخ الصدوق كانت قبل التسعين، ولذا نرى جمعاً من العلماء يكتبون في لفظ السبع أو السبعين: بتقديم السين أو التاء، حذراً عن التصحيف والتحريف، والله تعالى هو العالم).

(٢٢٦)

أنت على حالك من الزراعة والعمارة، ولا رخصة لك في العود إليها، وعليك ردَّ ما انتفعت به من غلَّات هذه الأرض ليُبنى فيها مسجد. وقل لحسن بن مسلم: إنَّ هذه أرض شريفة قد اختارها الله تعالى من غيرها من الأراضي وشرَّفها، وأنت قد أضفتها إلى أرضك، وقد جزاك الله بموت ولدين لك شابَّين فلم تنتبه من غفلتك، فإنْ لم تفعل ذلك لأصابك من نقمة الله من حيث لا تشعر.
قال حسن بن مثلة: [قلت]: يا سيِّدي، لا بدَّ لي في ذلك من علامة، فإنَّ القوم لا يقبلون ما لا علامة ولا حجَّة عليه، ولا يُصدِّقون قولي.
قال: إنَّا سنُعلِم هناك، فاذهب وبلِّغ رسالتنا، واذهب إلى السيِّد أبي الحسن وقل له: يجيء ويحضره ويطالبه بما أخذ من منافع تلك السنين، ويعطيه الناس حتَّى يبنوا المسجد، ويُتِمّ ما نقص منه من غلَّة رهق ملكنا بناحية أردهال(271) ويُتِمّ المسجد، وقد وقفنا نصف رهق على هذا المسجد ليُجلَب غلَّته كلَّ عام ويُصرَف إلى عمارته.
وقل للناس: ليرغبوا إلى هذا الموضع ويعزروه ويُصَلُّوا هنا أربع ركعات للتحيَّة في كلِّ ركعة يقرأ سورة الحمد مرَّة، وسورة الإخلاص سبع مرَّات ويُسبِّح في الركوع والسجود سبع مرَّات، وركعتان للإمام صاحب الزمان (عليه السلام) هكذا: يقرأ الفاتحة، فإذا وصل إلى ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ كرَّره مائة مرَّة، ثمّ يقرؤها إلى آخرها، وهكذا يصنع في الركعة الثانية، ويُسبِّح في الركوع والسجود سبع مرَّات، فإذا أتمَّ الصلاة يُهلِّل ويُسبِّح تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام)، فإذا فرغ من التسبيح يسجد ويُصلِّي على النبي وآله مائة مرَّة.
ثمّ قال (عليه السلام) ما هذه حكاية لفظه: فمن صلَّاها فكأنَّما في البيت العتيق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(271) مدينة قرب كاشان تبعد عنها (42) كيلومتراً، يقع فيها مشهد أبي الحسن عليِّ بن محمّد بن عليِّ ابن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام).

(٢٢٧)

قال حسن بن مثلة: قلت في نفسي: كأنَّ هذا موضع أنت تزعم أنَّما هذا المسجد للإمام صاحب الزمان مشيراً إلى ذلك الفتى المتَّكئ على الوسائد، فأشار ذلك الفتى إليَّ أنْ اذهب.
فرجعت فلمَّا سرت بعض الطريق دعاني ثانيةً، وقال: إنَّ في قطيع جعفر الكاشاني الراعي معزاً يجب أنْ تشتريه، فإنْ أعطاك أهل القرية الثمن تشتريه وإلَّا فتُعطي من مالك، وتجيء به إلى هذا الموضع، وتذبحه الليلة الآتية، ثمّ تُنفِق يوم الأربعاء الثامن عشر من شهر رمضان المبارك لحم ذلك المعز على المرضى، ومن به علَّة شديدة، فإنَّ الله يشفي جميعهم، وذلك المعز أبلق، كثير الشعر، وعليه سبع علامات سود وبيض: ثلاث على جانب وأربع على جانب، سود وبيض كالدراهم.
فذهبت، فأرجعوني ثالثةً، وقال (عليه السلام): تقيم بهذا المكان سبعين يوماً أو سبعاً، فإنْ حملت على السبع انطبق على ليلة القدر، وهو الثالث والعشرون، وإنْ حملت على السبعين انطبق على الخامس والعشرين من ذي القعدة، وكلاهما يوم مبارك.
قال حسن بن مثلة: فعدت حتَّى وصلت إلى داري، ولم أزل الليل متفكِّراً حتَّى أسفر الصبح، فأدَّيت الفريضة، وجئت إلى عليِّ بن المنذر، فقصصت عليه الحال، فجاء معي حتَّى بلغت المكان الذي ذهبوا بي إليه البارحة، فقال: والله إنَّ العلامة التي قال لي الإمام واحد منها أنَّ هذه السلاسل والأوتاد هاهنا.
فذهبنا إلى السيِّد الشريف أبي الحسن الرضا، فلمَّا وصلنا إلى باب داره رأينا خُدَّامه وغلمانه يقولون: إنَّ السيد أبا الحسن الرضا ينتظرك من سحر، أنت من جمكران؟

(٢٢٨)

قلت: نعم، فدخلت عليه الساعة، وسلَّمت عليه وخضعت، فأحسن في الجواب، وأكرمني ومكَّن لي في مجلسه، وسبقني قبل أنْ أُحدِّثه وقال: يا حسن بن مثلة، إنِّي كنت نائما فرأيت شخصاً يقول لي: إنَّ رجلاً من جمكران يقال له: حسن ابن مثلة يأتيك بالغدو، ولتُصدِّقنَّ ما يقول، واعتمد على قوله، فإنَّ قوله قولنا، فلا تردَّنَّ عليه قوله، فانتبهت من رقدتي، وكنت أنتظرك الآن.
فقصَّ عليه الحسن بن مثلة القَصص مشروحاً، فأمر بالخيول لتُسرَج، وتخرَّجوا فركبوا، فلمَّا قربوا من القرية رأوا جعفر الراعي وله قطيع على جانب الطريق، فدخل حسن بن مثلة بين القطيع، وكان ذلك المعز خلف القطيع، فأقبل المعز عادياً إلى الحسن بن مثلة، فأخذه الحسن ليُعطي ثمنه الراعي ويأتي به، فأقسم جعفر الراعي أنِّي ما رأيت هذا المعز قطُّ، ولم يكن في قطيعي إلَّا أنِّي رأيته وكلَّما أُريد أنْ آخذه لا يمكنني، والآن جاء إليكم، فأتوا بالمعز كما أمر به السيِّد إلى ذلك الموضع وذبحوه.
وجاء السيِّد أبو الحسن الرضا (رضي الله عنه) إلى ذلك الموضع، وأحضروا الحسن ابن مسلم واستردُّوا منه الغلَّات، وجاؤوا بغلَّات رهق، وسقَّفوا المسجد بالجزوع، وذهب السيِّد أبو الحسن الرضا (رضي الله عنه) بالسلاسل والأوتاد وأودعها في بيته، فكان يأتي المرضى والأعلَّاء ويمسُّون أبدانهم بالسلاسل فيشفيهم الله تعالى عاجلاً ويصحون.
قال أبو الحسن محمّد بن حيدر: سمعت بالاستفاضة أنَّ السيِّد أبا الحسن الرضا في المحلَّة المدعوَّة بموسويَّان من بلدة قمّ، فمرض بعد وفاته ولد له، فدخل بيته وفتح الصندوق الذي فيه السلاسل والأوتاد، فلم يجدها(272).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(272) جنَّة المأوى (ص 54 - 58/ الحكاية الثامنة).

(٢٢٩)

23 رمضان المبارك: 1 - سنة (258هـ): ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على قول ابن طلحة الشافعي:
قال ابن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول): (فأمَّا مولده - أي الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) -: فبسُرَّ من رأى في ثالث وعشرين رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين للهجرة)(273).
2 - سنة الظهور: نداء جبرئيل باسم الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في ليلة (23) رمضان:
روى النعماني (رحمه الله) عن عليِّ بن الحسين، قال: حدَّثنا محمّد بن يحيى العطَّار، قال: حدَّثنا محمّد بن حسَّان الرازي، قال: حدَّثنا محمّد بن عليٍّ الكوفي، قال: حدَّثنا عبد الله بن جبلة، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: جُعلت فداك، متى خروج القائم (عليه السلام)؟ فقال: «يا أبا محمّد، إنَّا أهل بيت لا نُوقِّت، وقد قال محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم): كذب الوقَّاتون. يا أبا محمّد، إنَّ قُدَّام هذا الأمر خمس علامات: أولاهنَّ النداء في شهر رمضان، وخروج السفياني، وخروج الخراساني، وقتل النفس الزكيَّة، وخسف بالبيداء». ثمّ قال: «يا أبا محمّد، إنَّه لا بدَّ أنْ يكون قُدَّام ذلك الطاعونان: الطاعون الأبيض، والطاعون الأحمر». قلت: جُعلت فداك، وأيُّ شيء هما؟ فقال: «أمَّا الطاعون الأبيض فالموت الجارف، وأمَّا الطاعون الأحمر فالسيف، ولا يخرج القائم حتَّى يُنادى باسمه من جوف السماء في ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان ليلة جمعة». قلت: بِمَ يُنادى؟ قال: «باسمه واسم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(273) مطالب السؤول (ص 480).

(٢٣٠)

أبيه: ألَا إنَّ فلان بن فلان قائم آل محمّد فاسمعوا له وأطيعوه، فلا يبقى شيء من خلق الله فيه الروح إلَّا يسمع الصيحة، فتُوقِظ النائم ويخرج إلى صحن داره، وتُخرج العذراء من خدرها، ويخرج القائم ممَّا يسمع، وهي صيحة جبرئيل (عليه السلام)»(274).
* وروى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي أيُّوب، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان»(275).
وراجع ما ذُكِرَ في (10/ محرَّم الحرام/ سنة الظهور) تحت عنوان: (نداء جبرئيل بين يدي الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)...)، وتحت عنوان: (ينادي المنادي من السماء: ألَا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان...).
3 - ليلة القدر: نزول الملائكة بأمر الله تعالى على الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الكليني (رحمه الله) عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد ابن أبي عبد الله ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد جميعاً، عن الحسن بن العبَّاس بن الجريش، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لابن عبَّاس: «إنَّ ليلة القدر في كلِّ سنة، وإنَّه ينزل في تلك الليلة أمر السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»، فقال ابن عبَّاس: من هم؟ قال: «أنا وأحد عشر من صلبي أئمَّة محدَّثون»(276).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(274) الغيبة للنعماني (ص 301 و302/ باب 16/ ح 6).
(275) كمال الدِّين (ص 650/ باب 57/ ح 6).
(276) الكافي (ج 1/ ص 532 و533/ باب فيما جاء في الاثني عشر.../ ح 11).

(٢٣١)

* وبهذا الإسناد، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأصحابه: «آمنوا بليلة القدر، إنَّها تكون لعليِّ بن أبي طالب ولولده الأحد عشر من بعدي»(277).
* وروى ابن شهر آشوب (رحمه الله) عن محمّد بن علي الباقر (عليه السلام)، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال: «آمنوا بليلة القدر، فإنَّه ينزل فيها أمر السنة، وإنَّ لذلك الأمر ولاة من بعدي، عليُّ بن أبي طالب وأحد عشر من ولده»(278).
24 رمضان المبارك: سنة الظهور: تلوُّن الشمس في الرابع والعشرين من شهر رمضان:
روى المجلسي (رحمه الله) عن السيِّد عليِّ بن عبد الحميد في كتابه (سرور أهل الإيمان) عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في رواية طويلة يذكر فيها (عليه السلام) الأحداث التي تقع إبَّان الظهور من خروج السفياني وتسابقه مع الخراساني إلى الكوفة كفرسي رهان، إلى أنْ يقول: «... وينادي منادٍ في شهر رمضان من ناحية المشرق عند الفجر: يا أهل الهدى اجتمعوا، وينادي منادٍ من قِبَل المغرب بعد ما يغيب الشفق: يا أهل الباطل اجتمعوا، ومن الغد عند الظهر تتلوَّن الشمس وتصفرُّ فتصير سوداء مظلمة، ويوم الثالث يُفرِّق الله بين الحقِّ والباطل، وتخرج دابَّة الأرض، وتقبل الروم إلى ساحل البحر عند كهف الفتية، فيبعث الله الفتية من كهفهم، مع كلبهم، منهم رجل يقال له: مليخا، وآخر خملاها، وهما الشاهدان المسلِّمان للقائم (عليه السلام)»(279).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(277) الكافي (ج 1/ ص 533/ باب فيما جاء في الاثني عشر.../ ح 12).
(278) مناقب آل أبي طالب (ج 1/ ص 257).
(279) وحيث إنَّ النداء يوم (23)، فإنَّ هذا الحدث يقع يوم (24) ظهراً.

(٢٣٢)

25 رمضان المبارك: سنة (255هـ): مشاهدة السيِّدة حكيمة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بعد مرور أربعين يوماً على ولادته (عجَّل الله فرجه):
راجع ما ذُكِرَ في (فجر 15 شعبان/ 255هـ)، تحت عنوان: (مولد الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في ليلة (15) شعبان على رأي مشهور الطائفة).
30 رمضان المبارك: سنة الظهور: خسوف القمر في آخر شهر رمضان:
راجع ما ذُكِرَ في (15/ رمضان/ سنة الظهور)، تحت عنوان (كسوف الشمس في الخامس عشر من شهر رمضان).
أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم:
1 - سنة (229هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الصادق (عليه السلام) حول تكذيب الموقِّتين للظهور:
روى النعماني (رحمه الله) عن أبي سليمان أحمد بن هوذة، قال: حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاث وستِّين ومائتين، قال: حدَّثنا عبد الله بن حمَّاد الأنصاري في شهر رمضان سنة تسع وعشرين ومائتين، قال: حدَّثنا عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) أنَّه قال: «أبى الله إلَّا أنْ يخلف وقت الموقِّتين»(280).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(280) الغيبة للنعماني (ص 300/ باب 16/ ح 4).

(٢٣٣)

2 - سنة (229هـ): التاريخ السندي لحديث عبد الله بن حمَّاد الأنصاري عن الإمام الصادق (عليه السلام) حول النداء في السماء باسم المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى المجلسي (رحمه الله) عن كتاب (الغيبة) للنعماني، عن أبي سليمان أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق بنهاوند سنة ثلاث وسبعين ومائتين، عن عبد الله بن حمَّاد الأنصاري في شهر رمضان سنة تسع وعشرين ومائتين، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: «لا يكون هذا الأمر الذي تمدُّون أعينكم إليه، حتَّى ينادي منادٍ من السماء: ألَا إنَّ فلاناً صاحب الأمر فعلامَ القتال؟»(281).
وراجع ما ذُكِرَ في (رجب/ سنة 277هـ) تحت عنوان: (التاريخ السندي لحديث عليِّ بن الحسن التيملي عن الإمام الصادق (عليه السلام) حول النداء السماوي للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)).
3 - سنة (327هـ): التاريخ السندي لحديث أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ملك بني العبَّاس والإشارة إلى ظهور القائم (عجَّل الله فرجه):
روى النعماني (رحمه الله)، قال: حدَّثنا محمّد بن همَّام في منزله ببغداد في شهر رمضان في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، قال: حدَّثني أحمد بن مابنداذ سنة سبع وثمانين ومائتين، قال: حدَّثنا أحمد بن هلال، قال: حدَّثني الحسن بن عليِّ بن فضَّال، قال: حدَّثنا سفيان بن إبراهيم الجريري، عن أبيه، عن أبي صادق، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه قال: «ملك بني العبَّاس يسر لا عسر فيه، لو اجتمع عليهم الترك والديلم والسند والهند والبربر والطيلسان لن يزيلوه، ولا يزالون في غضارة من ملكهم حتَّى يشذَّ عنهم مواليهم وأصحاب ألويتهم، ويُسلِّط الله عليهم علجاً يخرج من حيث بدأ ملكهم، لا يمرُّ بمدينة إلَّا فتحها، ولا ترفع له

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(281) بحار الأنوار (ج 52/ ص 296/ ح 52)، ولم نجده في المصدر المطبوع.

(٢٣٤)

راية إلَّا هدَّها، ولا نعمة إلَّا أزالها، الويل لمن ناواه، فلا يزال كذلك حتَّى يظفر ويدفع بظفره إلى رجل من عترتي، يقول بالحقِّ ويعمل به»(282).
4 - وفاة الحسن بن النضر وكرامة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) عليه:
روى الكليني (رحمه الله) عن عليِّ بن محمّد، عن سعيد بن عبد الله، قال: إنَّ الحسن بن النضر(283) وأبا صدام وجماعة تكلَّموا بعد مضيِّ أبي محمّد(عليه السلام) فيما في أيدي الوكلاء وأرادوا الفحص، فجاء الحسن بن النضر إلى أبي الصدام فقال: إنِّي أُريد الحجَّ، فقال له أبو صدام: أخِّره هذه السنة، فقال له الحسن [بن النضر]: إنِّي أفزع في المنام، ولا بدَّ من الخروج، وأوصى إلى أحمد بن يعلى بن حمَّاد، وأوصى للناحية بمال، وأمره أنْ لا يُخرج شيئاً إلَّا من يده إلى يده بعد ظهوره، قال: فقال الحسن: لـمَّا وافيت بغداد اكتريت داراً فنزلتها فجاءني بعض الوكلاء بثياب ودنانير وخلفها عندي، فقلت له: ما هذا؟ قال: هو ما ترى، ثمّ جاءني آخر بمثلها وآخر حتَّى كبسوا الدار، ثمّ جاءني أحمد بن إسحاق بجميع ما كان معه فتعجَّبت وبقيت متفكِّراً فوردت عليَّ رقعة الرجل (عليه السلام): «إذا مضى من النهار كذا وكذا فاحمل ما معك»، فرحلت وحملت ما معي وفي الطريق صعلوك يقطع الطريق في ستِّين رجلاً فاجتزت عليه وسلَّمني الله منه فوافيت العسكر ونزلت، فوردت عليَّ رقعة أنْ «احمل ما معك»، فعبَّيته في صنان الحمَّالين، فلمَّا بلغت الدهليز إذا فيه أسود قائم فقال: أنت الحسن بن النضر؟ قلت: نعم، قال: ادخل، فدخلت الدار ودخلت بيتاً وفرَّغت صنان الحمَّالين، وإذا في زاوية البيت خبز

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(282) الغيبة للنعماني (ص 257 و258/ باب 14/ ح 4).
(283) قال الكشِّي (رحمه الله) في رجاله (ج 2/ ص 815/ الرقم 1019): إنَّه من أجلَّة إخواننا. وعدَّه الصدوق (رحمه الله) في كمال الدِّين (ص 443/ باب 43/ ح 16) ممَّن وقف على معجزات صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه).

(٢٣٥)

كثير فأعطى كلَّ واحد من الحمَّالين رغيفين وأُخرجوا، وإذا بيت عليه ستر فنوديت منه: «يا حسن بن النضر، احمد الله على ما منَّ به عليك ولا تشكنَّ، فودَّ الشيطان أنَّك شككت»، وأخرج إليَّ ثوبين وقيل: «خذها فستحتاج إليهما»، فأخذتهما وخرجت. قال سعد: فانصرف الحسن بن النضر ومات في شهر رمضان وكُفِّن في الثوبين(284).
5 - سنة ما بعد الظهور: قتل السفياني في شهر رمضان على يد الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
راجع ما ذُكِرَ في (رجب/ سنة 265هـ) تحت عنوان: (التاريخ السندي لحديث الصادق (عليه السلام) عن ظهور السفياني في رجب).
6 - دعاء الافتتاح يُقرَأ في كلِّ ليلة من هذا الشهر بسند النائب الأوَّل عثمان بن سعيد (رضي الله عنه):
قال السيِّد ابن طاووس (رحمه الله) في (إقبال الأعمال): فصل فيما نذكره من دعاء الافتتاح وغيره من الدعوات التي تتكرَّر كلَّ ليلة إلى آخر شهر الفلاح، فمن ذلك الدعاء الذي ذكره محمّد بن أبي قرة بإسناده، فقال: حدَّثني أبو الغنائم محمّد ابن محمّد بن محمّد بن عبد الله الحسني، قال: أخبرنا أبو عمرو محمّد بن محمّد بن نصر السكوني (رضي الله عنه)، قال: سألت أبا بكر أحمد بن محمّد بن عثمان البغدادي (رحمه الله) أنْ يُخرج إليَّ أدعية شهر رمضان التي كان عمُّه أبو جعفر محمّد بن عثمان بن السعيد العمري (رضي الله عنه وأرضاه) يدعو بها، فأخرج إليَّ دفتراً مجلَّداً بأحمر، فنسخت منه أدعية كثيرة وكان من جملتها: وتدعو بهذا الدعاء في كلِّ ليلة من شهر رمضان، فإنَّ الدعاء في هذا الشهر تسمعه الملائكة وتستغفر لصاحبه، وهو:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(284) الكافي (ج 1/ ص 517 و518/ باب مولد الصاحب (عليه السلام)/ ح 4).

(٢٣٦)

«اَللَّهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ اَلثَّنَاءَ بِحَمْدِكَ، وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوَابِ بِمَنِّكَ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَرْحَمُ اَلرَّاحِمِينَ فِي مَوْضِعِ اَلْعَفْوِ وَاَلرَّحْمَةِ، وَأَشَدُّ اَلمُعَاقِبِينَ فِي مَوْضِعِ اَلنَّكَالِ وَاَلنَّقِمَةِ، وَأَعْظَمُ اَلمُتَجَبِّرِينَ فِي مَوْضِعِ اَلْكِبْرِيَاءِ وَاَلْعَظَمَةِ.
اَللَّهُمَّ أَذِنْتَ لِي فِي دُعَائِكَ وَمَسْأَلَتِكَ، فَاسْمَعْ يَا سَمِيعُ مِدْحَتِي، وَأَجِبْ يَا رَحِيمُ دَعْوَتِي، وَأَقِلْ يَا غَفُورُ عَثْرَتِي، فَكَمْ يَا إِلَهِي مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ فَرَّجْتَهَا، وَهُمُومِ قَدْ كَشَفْتَهَا، وَعَثْرَةٍ قَدْ أَقَلْتَهَا، وَرَحْمَةٍ قَدْ نَشَرْتَهَا، وَحَلْقَةِ بَلَاءٍ قَدْ فَكَكْتَهَا. اَلْحَمْدُ لِلهِ اَلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي اَلمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ اَلذُّلِّ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً. اَلْحَمْدُ لِلهِ بِجَمِيعِ مَحَامِدِهِ كُلِّهَا عَلَى جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّهَا، اَلْحَمْدُ لِلهِ اَلَّذِي لَا مُضَادَّ لَهُ فِي مِلْكِهِ، وَلَا مُنَازِعَ لَهُ فِي أَمْرِهِ، اَلْحَمْدُ لِلهِ اَلَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ، وَلَا شَبِيهَ لَهُ فِي عَظَمَتِهِ، اَلْحَمْدُ لِلهِ اَلْفَاشِي فِي اَلْخَلْقِ أَمْرُهُ وَحَمْدُهُ، اَلظَّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ، اَلْبَاسِطِ بِالْجُودِ يَدَهُ، اَلَّذِي لَا تَنْقُصُ خَزَائِنُهُ، وَلَا تَزِيدُهُ كَثْرَةُ اَلْعَطَاءِ إِلَّا جُوداً وَكَرَماً، إِنَّهُ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْوَهَّابُ.
اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ، مَعَ حَاجَةٍ بِي إِلَيْهِ عَظِيمَةٍ، وَغِنَاكَ عَنْهُ قَدِيمٌ، وَهُوَ عِنْدِي كَثِيرٌ، وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسِيرٌ.
اَللَّهُمَّ إِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبِي، وَتَجَاوُزَكَ عَنْ خَطِيئَتِي، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمِي، وَسَتْرَكَ عَلَى قَبِيحِ عَمَلِي، وَحِلْمَكَ عَنْ كَثِيرِ جُرْمِي، عِنْدَ مَا كَانَ مِنْ خَطَأي وَعَمْدِي، أَطْمَعَنِي فِي أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ اَلَّذِي رَزَقْتَنِي مِنْ رَحْمَتِكَ، وَأَرَيْتَنِي مِنْ قُدْرَتِكَ، وَعَرَّفْتَنِي مِنْ إِجَابَتِكَ، فَصِرْتُ أَدْعُوكَ آمِناً، وَأَسْأَلُكَ مُسْتَأْنِساً، لَا خَائِفاً وَلَا وَجِلاً، مُدِلاًّ عَلَيْكَ فِيمَا قَصَدْتُ فِيهِ إِلَيْكَ، فَإِنْ أَبْطَأَ عَنِّي عَتَبْتُ بِجَهْلِي عَلَيْكَ، وَلَعَلَّ اَلَّذِي أَبْطَأَ عَنِّي هُوَ خَيْرٌ لِي لِعِلْمِكَ بِعَاقِبَةِ اَلْأُمُورِ. فَلَمْ أَرَ مَوْلًى كَرِيماً أَصْبَرَ عَلَى عَبْدٍ لَئِيمٍ مِنْكَ عَلَيَّ يَا رَبِّ. إِنَّكَ تَدْعُونِي فَأُوَلِّي عَنْكَ، وَتَتَحَبَّبُ إِلَيَّ فَأَتَبَغَّضُ إِلَيْكَ، وَتَتَوَدَّدُ إِلَيَّ فَلَا أَقْبَلُ مِنْكَ، كَأَنَّ لِيَ اَلتَّطَوُّلَ عَلَيْكَ،

(٢٣٧)

فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذَلِكَ مِنَ اَلرَّحْمَةِ لِي وَاَلْإِحْسَانِ إِلَيَّ وَاَلتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ اَلْجَاهِلَ، وَجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ إِحْسَانِكَ، إِنَّكَ جَوَادٌ كَرِيمٌ.
اَلْحَمْدُ لِلهِ مَالِكِ اَلمُلْكِ، مُجْرِي اَلْفُلْكِ، مُسَخِّرِ اَلرِّيَاحِ، فَالِقِ اَلْإِصْبَاحِ، دَيَّانِ اَلدِّينِ، رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. اَلْحَمْدُ لِلهِ عَلَى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ، وَاَلْحَمْدُ لِلهِ عَلَى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ، وَاَلْحَمْدُ لِلهِ عَلَى طُولِ أَنَاتِهِ فِي غَضَبِهِ وَهُوَ اَلْقَادِرُ عَلَى مَا يُرِيدُ.
اَلْحَمْدُ لِلهِ خَالِقِ اَلْخَلْقِ، بَاسِطِ اَلرِّزْقِ، فَالِقِ اَلْإِصْبَاحِ، ذِي اَلْجَلَالِ وَاَلْإِكْرَامِ، وَاَلْفَضْلِ وَاَلْإِنْعَامِ، اَلَّذِي بَعُدَ فَلَا يُرَى، وَقَرُبَ فَشَهِدَ اَلنَّجْوَى، تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
اَلْحَمْدُ لِلهِ اَلَّذِي لَيْسَ لَهُ مُنَازِعٌ يُعَادِلُهُ، وَلَا شَبِيهٌ يُشَاكِلُهُ، وَلَا ظَهِيرٌ يُعَاضِدُهُ، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ اَلْأَعِزَّاءَ، وَتَوَاضَعَ لِعَظَمَتِهِ اَلْعُظَمَاءُ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ مَا يَشَاءُ.
اَلْحَمْدُ لِلهِ اَلَّذِي يُجِيبُنِي حِينَ أُنَادِيهِ، وَيَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَوْرَةٍ وَأَنَا أَعْصِيهِ، وَيُعَظِّمُ اَلنِّعْمَةَ عَلَيَّ فَلَا أُجَازِيهِ، فَكَمْ مِنْ مَوْهِبَةٍ هَنِيئَةٍ قَدْ أَعْطَانِي، وَعَظِيمَةٍ مَخُوفَةٍ قَدْ كَفَانِي، وَبَهْجَةٍ مُونِقَةٍ قَدْ أَرَانِي، فَأُثْنِي عَلَيْهِ حَامِداً، وَأَذْكُرُهُ مُسَبِّحاً.
اَلْحَمْدُ لِلهِ اَلَّذِي لَا يُهْتَكُ حِجَابُهُ، وَلاَ يُغْلَقُ بَابُهُ، وَلَا يُرَدُّ سَائِلُهُ، وَلَا يُخَيَّبُ آمِلُهُ.
اَلْحَمْدُ لِلهِ اَلَّذِي يُؤْمِنُ اَلْخَائِفِينَ، وَيُنَجِّي اَلصَّالِحِينَ، وَيَرْفَعُ اَلمُسْتَضْعَفِينَ، وَيَضَعُ اَلمُسْتَكْبِرِينَ، وَيُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرِينَ.
وَاَلْحَمْدُ لِلهِ قَاصِمِ اَلْجَبَّارِينَ، مُبِيرِ اَلظَّالِمِينَ، مُدْرِكِ اَلْهَارِبِينَ، نَكَالِ اَلظَّالِمِينَ، صَرِيخِ اَلمُسْتَصْرِخِينَ، مَوْضِعِ حَاجَاتِ اَلطَّالِبِينَ، مُعْتَمَدِ اَلمُؤْمِنِينَ.
اَلْحَمْدُ لِلهِ اَلَّذِي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعُدُ اَلسَّمَاءُ وَسُكَّانُهَا، وَتَرْجُفُ اَلْأَرْضُ وَعُمَّارُهَا، وَتَمُوجُ اَلْبِحَارُ وَمَنْ يَسْبَحُ فِي غَمَرَاتِهَا.
اَلْحَمْدُ لِلهِ اَلَّذِي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَقْ، وَيَرْزُقُ وَلَا يُرْزَقُ، وَيُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ،

(٢٣٨)

وَيُمِيتُ اَلْأَحْيَاءَ وَيُحْيِ اَلمَوْتى وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ اَلْخَيْرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَأَمِينِكَ وَصَفِيِّكَ، وَحَبِيبِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَحَافِظِ سِرِّكَ وَمُبَلِّغِ رِسَالَاتِكَ، أَفْضَلَ وَأَحْسَنَ وَأَجْمَلَ وَأَكْمَلَ وَأَزْكَى وَأَنْمَى وَأَطْيَبَ وَأَطْهَرَ وَأَسْنَى وَأَكْثَرَ مَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ عِبَادِكَ وَأَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ وَصَفْوَتِكَ وَأَهْلِ اَلْكَرَامَةِ عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِكَ.
اَللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى عَلِيٍّ أَمِيرِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، (عَبْدِكَ وَوَلِيِّكَ، وَأَخِي رَسُولِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَآيَتِكَ اَلْكُبْرَى، وَاَلنَّبَإِ اَلْعَظِيمِ)، وَصَلِّ عَلَى اَلصِّدِّيقَةِ اَلطَّاهِرَةِ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، وَصَلِّ عَلَى سِبْطَيِ اَلرَّحْمَةِ، وَإِمَامَيِ اَلْهُدَى، اَلْحَسَنِ وَاَلْحُسَيْنِ، سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ، وَصَلِّ عَلَى أَئِمَّةِ اَلمُسْلِمِينَ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَاَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَاَلْخَلَفِ اَلمَهْدِيِّ، حُجَجِكَ عَلَى عِبَادِكَ، وَأُمَنَائِكَ فِي بِلاَدِكَ صَلَاةً كَثِيرَةً دَائِمَةً.
اَللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى وَلِيِّ أَمْرِكَ، اَلْقَائِمِ اَلمُؤَمَّلِ وَاَلْعَدْلِ اَلمُنْتَظَرِ، وَحُفَّهُ بِمَلَائِكَتِكَ اَلمُقَرَّبِينَ، وَأَيِّدْهُ بِرُوحِ اَلْقُدُسِ يَا رَبَّ اَلْعَالَمِينَ.
اَللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ اَلدَّاعِيَ إِلَى كِتَابِكَ، وَاَلْقَائِمَ بِدِينِكَ، اِسْتَخْلِفْهُ فِي اَلْأَرْضِ كَمَا اِسْتَخْلَفْتَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِ، مَكِّنْ لَهُ دِينَهُ اَلَّذِي اِرْتَضَيْتَهُ لَهُ، أَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ أَمْناً، يَعْبُدُكَ لَا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً.
اَللَّهُمَّ أَعِزَّهُ وَأَعْزِزْ بِهِ، وَاُنْصُرْهُ وَاِنْتَصِرْ بِهِ، وَاُنْصُرْهُ نَصْراً عَزِيزاً.
اَللَّهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، حَتَّى لَا يَسْتَخْفِيَ بِشَيْءٍ مِنَ اَلْحَقِّ مَخَافَةَ أَحَدٍ مِنَ اَلْخَلْقِ.

(٢٣٩)

اَللَّهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ، تُعِزُّ بِهَا اَلْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا اَلنِّفَاقَ وَأَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنَا فِيهَا مِنَ اَلدُّعَاةِ إِلَى طَاعَتِكَ، وَاَلْقَادَةِ إِلَى سَبِيلِكَ، وَتَرْزُقُنَا بِهَا كَرَامَةَ اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ.
اَللَّهُمَّ مَا عَرَّفْتَنَا مِنَ اَلْحَقِّ فَحَمِّلْنَاهُ، وَمَا قَصُرْنَا عَنْهُ فَبَلِّغْنَاهُ.
اَللَّهُمَّ اُلمُمْ بِهِ شَعْثَنَا، وَاِشْعَبْ بِهِ صَدْعَنَا، وَاُرْتُقْ بِهِ فَتْقَنَا، وَكَثِّرْ بِهِ قِلَّتَنَا، وَأَعْزِزْ بِهِ ذِلَّتَنَا، وَأَغْنِ بِهِ عَائِلَنَا، وَاِقْضِ بِهِ عَنْ مُغْرَمِنَا، وَاُجْبُرْ بِهِ فَقْرَنَا، وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنَا، وَيَسِّرْ بِهِ عُسْرَنَا، وَبَيِّضْ بِهِ وُجُوهَنَا، وَفُكَّ بِهِ أَسْرَنَا، وَأَنْجِحْ بِهِ طَلِبَتَنَا، وَأَنْجِزْ بِهِ مَوَاعِيدَنَا، وَاِسْتَجِبْ بِهِ دَعْوَتَنَا، وَأَعْطِنَا بِهِ آمَالَنَا، وَأَعْطِنَا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنَا. يَا خَيْرَ اَلمَسْئُولِينَ، وَأَوْسَعَ اَلمُعْطِينَ، اِشْفِ بِهِ صُدُورَنَا، وَأَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنَا، وَاِهْدِنَا بِهِ لِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ اَلْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَاُنْصُرْنَا بِهِ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنَا، إِلَهَ اَلْحَقِّ آمِينَ.
اَللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنَا صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنَا، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنَا، وَقِلَّةَ عَدَدِنَا، وَشِدَّةَ اَلْفِتَنِ بِنَا، وَتَظَاهُرَ اَلزَّمَانِ عَلَيْنَا، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَعِنَّا عَلَى ذَلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وَبِضُرٍّ تَكْشِفُهُ، وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ، وَسُلْطَانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ، وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تُجَلِّلُنَاهَا، وَعَافِيَةٍ مِنْكَ تُلْبِسُنَاهَا، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ»(285).
7 - دعاء آخر يُقرَأ في كلِّ يوم وليلة من هذا الشهر، وهو دعاء الإمام الصادق (عليه السلام) لدولة صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه): «اللَّهُمَّ إنَّا نرغب إليك في دولة كريمة...»:
روى السيِّد ابن طاوس (رحمه الله) أيضاً بإسناده إلى أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «... اَللَّهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(285) إقبال الأعمال (ج 1/ ص 138 - 143).

(٢٤٠)

كَريمَةٍ تُعِزُّ بِهَا اَلْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا اَلنِّفَاقَ وَأَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فِيهَا مِنَ اَلدُّعَاةِ إِلَى طَاعَتِكَ، وَاَلْقَادَةِ إِلَى سَبِيلِكَ، وَتَرْزُقُنا بِهَا كَرَامَةَ اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.
اَللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ غَيْبَةَ نَبِيَّنَا عَنَّا، وَكَثْرَةَ عَدُوَّنَا، وَقِلَّةَ عَدَدِنَا، وَشِدَّةَ اَلْفِتَن بِنَا، وَتَظَاهُرَ اَلزَّمَانِ عَلَيْنَا، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعِنَّا عَلَى ذَلِكَ بِفَتْح مِنْكَ تُعَجَّلُهُ، وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ، وَسُلْطَانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ، وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تُجَلِّلُنَاهَا، وَعَافِيَتِكَ فَأَلْبِسْنَاهَا، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ...» الدعاء بطوله(286).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(286) إقبال الأعمال (ج 1/ ص 127).

(٢٤١)

1 شوَّال المكرَّم: 1 - سنة (412هـ): تاريخ كتابة رسالة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) الثانية للشيخ المفيد (رحمه الله):
سيأتي في (23/ ذي الحجَّة/ 412هـ) تحت عنوان: (تاريخ وصول رسالة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) الثانية إلى الشيخ المفيد (رحمه الله)).
2 - الدعاء في اليوم الأوَّل من شهر شوَّال الوارد عن النائب الثاني محمّد بن عثمان (رضي الله عنه):
قال السيِّد ابن طاوس (رحمه الله) في (الإقبال): ويدعو أيضاً فيقول ما رواه محمّد بن أبي قرة في كتابه بإسناده إلى أبي عمرو محمّد بن محمّد بن نصر السكوني (رضي الله عنه)، قال: سألت أبا بكر أحمد بن محمّد بن عثمان البغدادي (رحمه الله) أنْ يُخرج إليَّ دعاء شهر رمضان الذي كان عمُّه الشيخ أبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري (رضي الله عنه وأرضاه) يدعو به، فأخرج إليَّ دفتراً مجلَّداً بأحمر فيه أدعية شهر رمضان، من جملتها الدعاء بعد صلاة الفجر يوم الفطر: «اَللَّهُمَّ إِنِّي تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَمَامِي، وَعَلِيٍّ مِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي، وَأَئِمَّتِي عَنْ يَسَارِي، أَسْتَتِرُ بِهِمْ مِنْ عَذَابِكَ، وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ زُلْفَى، لَا أَجِدُ أَحَداً أَقْرَبَ إِلَيْكَ مِنْهُمْ، فَهُمْ أَئِمَّتِي، فَآمِنْ بِهِمْ خَوْفِي مِنْ عِقَابِكَ وَسَخَطِكَ، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ اَلصَّالِحِينَ. أَصْبَحْتُ بِاللهِ مُؤْمِناً مُخْلِصاً عَلَى دِينِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَسُنَّتِهِ، وَعَلَى دِينِ عَلِيٍّ وَسُنَّتِهِ، وَعَلَى دِينِ اَلْأَوْصِيَاءِ وَسُنَّتِهِمْ. آمَنْتُ بِسِرِّهِمْ وَعَلَانِيَتِهِمْ، وَأَرْغَبُ إِلَى

(٢٤٥)

اَللهِ تَعَالَى فِيمَا رَغِبَ فِيهِ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَاَلْأَوْصِيَاءُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، وَلَا عِزَّةَ وَلَا مَنَعَةَ وَلَا سُلْطَانَ إِلَّا لِلهِ اَلْوَاحِدِ اَلْقَهَّارِ، اَلْعَزِيزِ اَلْجَبَّارِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اَللهِ، ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ [الطلاق: 3].
اَللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُكَ فَأَرِدْنِي، وَأَطْلُبُ مَا عِنْدَكَ فَيَسِّرْهُ لِي، وَاِقْضِ لِي حَوَائِجِي، فَإِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ وَقَوْلُكَ اَلْحَقُّ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: 185]، فَعَظَّمْتَ حُرْمَةَ شَهْرِ رَمَضَانَ بِمَا أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ اَلْقُرْآنِ، وَخَصَصْتَهُ وَعَظَّمْتَهُ بِتَصْيِيرِكَ فِيهِ لَيْلَةَ اَلْقَدْرِ، فَقُلْتَ: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: 3 - 5].
اَللَّهُمَّ وَهَذِهِ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضَانَ قَدِ اِنْقَضَتْ، وَلَيَالِيهِ قَدْ تَصَرَّمَتْ، وَقَدْ صِرْتُ مِنْهُ يَا إِلَهِي إِلَى مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، وَأَحْصَى لِعَدَدِهِ مِنْ عَدَدِي، فَأَسْأَلُكَ يَا إِلَهِي بِمَا سَأَلَكَ بِهِ عِبَادُكَ اَلصَّالِحُونَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَتَقَبَّلَ مِنِّي مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ، وَتَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِتَضْعِيفِ عَمَلِي، وَقَبُولِ تَقَرُّبِي وَقُرُبَاتِي، وَاِسْتِجَابَةِ دُعَائِي، وَهَبْ لِي مِنْكَ عِتْقَ رَقَبَتِي مِنَ اَلنَّارِ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِالْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ، وَاَلْأَمْنِ يَوْمَ اَلْخَوْفِ مِنْ كُلِّ فَزَعٍ وَمِنْ كُلِّ هَوْلٍ أَعْدَدْتَهُ لِيَوْمِ اَلْقِيَامَةِ. أَعُوذُ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ، وَبِحُرْمَةِ نَبِيِّكَ، وَحُرْمَةِ اَلصَّالِحِينَ أَنْ يَنْصَرِمَ هَذَا اَلْيَوْمُ، وَلَكَ قِبَلِي تَبِعَةٌ تُرِيدُ أَنْ تُؤَاخِذَنِي بِهَا، أَوْ ذَنْبٌ تُرِيدُ أَنْ تُقَايِسَنِي بِهِ، وَيُشْقِيَنِي وَتَفْضَحَنِي بِهِ، أَوْ خَطِيئَةٌ تُرِيدُ أَنْ تُقَايِسَنِي بِهَا وَتَقْتَصَّهَا مِنِّي لَمْ تَغْفِرْهَا لِي. وَأَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ اَلْفَعَّالِ لِمَا تُرِيدُ، اَلَّذِي يَقُولُ لِلشَّيْءِ: كُنْ فَيَكُونُ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.
اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، إِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فِي هَذَا اَلشَّهْرِ أَنْ تَزِيدَنِي فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي رِضًا، وَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَرْضَ عَنِّي فِي هَذَا اَلشَّهْرِ فَمِنَ اَلْآنَ

(٢٤٦)

فَارْضَ عَنِّي، اَلسَّاعَةَ اَلسَّاعَةَ اَلسَّاعَةَ، وَاِجْعَلْنِي فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ وَفِي هَذَا اَلمَجْلِسِ مِنْ عُتَقَائِكَ مِنَ اَلنَّارِ، وَطُلَقَائِكَ مِنْ جَهَنَّمَ، وَسُعَدَاءِ خَلْقِكَ، بِمَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.
اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ اَلْكَرِيمِ، أَنْ تَجْعَلَ شَهْرِي هَذَا خَيْرَ شَهْرِ رَمَضَانٍ عَبَدْتُكَ فِيهِ، وَصُمْتُهُ لَكَ، وَتَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ، مُنْذُ أَسْكَنْتَنِي فِيهِ، أَعْظَمَهُ أَجْراً، وَأَتَمَّهُ نِعْمَةً، وَأَعَمَّهُ عَافِيَةً، وَأَوْسَعَهُ رِزْقاً، وَأَفْضَلَهُ عِتْقَاً مِنَ اَلنَّارِ، وَأَوْجَبَهُ رَحْمَةً، وَأَعْظَمَهُ مَغْفِرَةً، وَأَكْمَلَهُ رِضْوَاناً، وَأَقْرَبَهُ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى.
اَللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ شَهْرِ رَمَضَانٍ صُمْتُهُ لَكَ، وَاُرْزُقْنِي اَلْعَوْدَ ثُمَّ اَلْعَوْدَ، حَتَّى تَرْضَى وَبَعْدَ اَلرِّضَا، وَحَتَّى تُخْرِجَنِي مِنَ اَلدُّنْيَا سَالِماً، وَأَنْتَ عَنِّي رَاضٍ وَأَنَا لَكَ مَرْضِيٌّ.
اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ فِيمَا تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ اَلْأَمْرِ اَلمَحْتُومِ اَلَّذِي لَا يُرَدُّ وَلَا يُبَدَّلُ أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ اَلْحَرَامِ فِي هَذَا اَلْعَامِ وَفِي كُلِّ عَامٍ، اَلمَبْرُورِ حَجُّهُمُ، اَلمَشْكُورِ سَعْيُهُمُ، اَلمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمُ، اَلمُتَقَبَّلِ عَنْهُمْ مَنَاسِكُهُمُ، اَلمُعَافَيْنَ فِي أَسْفَارِهِمُ، اَلمُقْبِلِينَ عَلَى نُسُكِهِمُ، اَلمَحْفُوظِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ وَكُلِّ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِمْ.
اَللَّهُمَّ اِقْلِبْنِي مِنْ مَجْلِسِي هَذَا، فِي شَهْرِي هَذَا، فِي يَوْمِي هَذَا، فِي سَاعَتِي هَذِهِ، مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجَاباً لِي، مَغْفُوراً ذَنْبِي، مُعَافاً مِنَ اَلنَّارِ، وَمُعْتَقاً مِنْهَا، عِتْقاً لَا رِقَّ بَعْدَهُ أَبَداً وَلَا رَهْبَةَ، يَا رَبَّ اَلْأَرْبَابِ.
اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ فِيمَا شِئْتَ وَأَرَدْتَ، وَقَضَيْتَ وَقَدَّرْتَ، وَحَتَمْتَ وَأَنْفَذْتَ، أَنْ تُطِيلَ عُمُرِي، وَأَنْ تَنْسَأَنِي فِي أَجَلِي، وَأَنْ تُقَوِّيَ ضَعْفِي، وَأَنْ تُغْنِيَ فَقْرِي، وَأَنْ تَجْبُرَ فَاقَتِي، وَأَنْ تَرْحَمَ مَسْكَنَتِي، وَأَنْ تُعِزَّ ذُلِّي، وَأَنْ تَرْفَعَ ضَعَتِي، وَأَنْ تُغْنِيَ عَائِلَتِي، وَأَنْ تُؤْنِسَ وَحْشَتِي، وَأَنْ تُكْثِرَ قِلَّتِي، وَأَنْ تُدِرَّ رِزْقِي، فِي عَافِيَةٍ وَيُسْرٍ وَخَفْضٍ، وَأَنْ تَكْفِيَنِي مَا أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ دُنْيَايَ وَآخِرَتِي، وَلَا تَكِلَنِي

(٢٤٧)

إِلَى نَفْسِي فَأَعْجِزَ عَنْهَا، وَلَا إِلَى اَلنَّاسِ فَيَرْفُضُونِي، وَأَنْ تُعَافِيَنِي فِي دِينِي وَبَدَنِي، وَجَسَدِي وَرُوحِي، وَوُلْدِي وَأَهْلِي، وَأَهْلِ مَوَدَّتِي، وَإِخْوَانِي وَجِيرَانِي، مِنَ اَلمُؤْمِنِينَ وَاَلمُؤْمِنَاتِ، وَاَلمُسْلِمِينَ وَاَلمُسْلِمَاتِ، اَلْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَاَلْأَمْوَاتِ، وَأَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِالْأَمْنِ وَاَلْإِيمَانِ مَا أَبْقَيْتَنِي، فَإِنَّكَ وَلِيِّي وَمَوْلَايَ، وَثِقَتِي وَرَجَائِي، وَمَعْدِنُ مَسْأَلَتِي، وَمَوْضِعُ شَكْوَايَ، وَمُنْتَهَى رَغْبَتِي، فَلَا تُخَيِّبْنِي فِي رَجَائِي يَا سَيِّدِي وَمَوْلَايَ، وَلَا تُبْطِلْ طَمَعِي وَرَجَائِي، فَقَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَقَدَّمْتُهُمْ إِلَيْكَ أَمَامِي وَأَمَامَ حَاجَتِي وَطَلِبَتِي، وَتَضَرُّعِي وَمَسْأَلَتِي، فَاِجْعَلْنِي بِهِمْ وَجِيهاً فِي اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ، وَمِنَ اَلمُقَرَّبِينَ، فَإِنَّكَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ، فَاخْتِمْ لِي بِهِمُ اَلسَّعَادَةَ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(287).
6 شوَّال المكرَّم: سنة (305هـ): أوَّل كتاب صدر من السفير الثالث عن الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، وفيه توثيقه:
روى الشيخ الطوسي (رحمه الله) عن جماعة، عن أبي العبَّاس بن نوح، قال: وجدت بخطِّ محمّد بن نفيس فيما كتبه بالأهواز: أوَّل كتاب ورد من أبي القاسم (رضي الله عنه): «نعرفه عرَّفه الله الخير كلَّه ورضوانه وأسعده بالتوفيق، وقفنا على كتابه وثقتنا بما هو عليه وأنَّه عندنا بالمنزلة والمحلِّ اللذين يسرَّانه، زاد الله في إحسانه إليه إنَّه وليٌّ قدير، والحمد لله لا شريك له، وصلَّى الله على رسوله محمّد وآله وسلَّم تسليماً كثيراً». وردت هذه الرقعة يوم الأحد لستِّ ليال خلون من شوَّال سنة خمس وثلاثمائة(288).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(287) إقبال الأعمال (ج 1/ ص 468 - 472).
(288) الغيبة للطوسي (ص 372/ ح 344).

(٢٤٨)

15 شوَّال المكرَّم: سنة (3هـ): إخبار رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعمَّار وهو في معركة أُحُد عن فضل عليٍّ (عليه السلام) والإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الخزَّاز (رحمه الله) عن محمّد بن عبد الله بن المطَّلب الشيباني، قال: حدَّثنا محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي الكوفي، قال: حدَّثنا عبَّاد بن يعقوب، قال: حدَّثنا عليُّ بن هاشم، عن محمّد بن عبد الله، عن أبي عبيدة بن محمّد بن عمَّار، عن أبيه، عن جدِّه عمَّار، قال: كنت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في بعض غزواته(289)، وقتل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(289) المراد غزوة أُحُد. اتَّفق المؤرِّخون على أنَّها كانت في شوَّال من السنة الثالثة للهجرة، واختلفوا في اليوم الذي وقعت فيه، وأشهر الأقوال أنَّه السبت للنصف من شوَّال. وكان سبب وقوعها أنَّ قريشاً لـمَّا رجعت من بدر إلى مكَّة وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والأسر، قال أبو سفيان: يا معشر قريش، لا تدعو النساء تبكي على قتلاكم، فإنَّ البكاء والدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والحرقة والعداوة لمحمّد، ويشمت بنا أصحاب محمّد. فجمعت قريش ثلاثة آلاف مقاتل، ومائتا فارس، وسبعمائة دارع، وأخرجوا معهم النساء يُذكِّرنَّهم ويحثنَّهم على حرب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فلمَّا بلغ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذلك جمع أصحابه وأخبرهم أنَّ قريشاً تجمَّعت تريد المدينة، وحثَّ أصحابه على الجهاد والخروج. وعبَّأ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أصحابه وكانوا سبعمائة رجل، ووضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب، وأشفق أنْ يأتي كمينهم من ذلك المكان، وأمرهم بعدم مفارقة مراكزهم مهما حدث. ودفع الراية إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، وحمل الأنصار على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة، فنظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ينتهبون سواد القوم، فتركوا مراكزهم، فانحطَّ خالد بن الوليد على عبد الله بن جبير وقد فرَّ أصحابه وبقي في نفر قليل، فقتلهم على باب الشعب، ثمّ أتى المسلمين من أدبارهم، وانهزم أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هزيمة عظيمة، وأقبلوا يصعدون في الجبال وفي كلِّ وجه. وكان حمزة يحمل على القوم، فإذا رأوه انهزموا ولم يثبت له أحد، وكانت هند بنت عتبة (عليها اللعنة) قد أعطت وحشيًّا عهداً: لئن قتلت محمّداً أو عليًّا أو حمزة لأُعطينَّك رضاك، وكان وحشي عبداً لجبير بن مطعم، فقال وحشي: أمَّا محمّد فلا أقدر عليه، وأمَّا عليٌّ فرأيته رجلاً حذراً كثير الالتفات فلم أطمع فيه، فكمنت لحمزة فرأيته يهدُّ الناس هدًّا، فمرَّ بي فوطئ على جرف نهر، فسقط فأخذت حربتي فهززتها ورميته فوقعت في خاصرته، فأتيته فشققت بطنه، فأخذت كبده، وجئت بها إلى هند، فأخذتها في فمها فلاكتها، فجعلها الله في فيها مثل الداغصة، فلفظتها ورمت بها، فبعث الله مَلَكاً فحمله فردَّه إلى بدنه. وانجلت المعركة عن سبعين شهيداً من المسلمين، واثنين وعشرين قتيلاً من المشركين. راجع: تفسير القمِّي (ج 1/ ص 110)، تاريخ الطبري (ج 2/ ص 187).

(٢٤٩)

عليٌّ (عليه السلام) أصحاب الألوية وفرَّق جمعهم، وقتل عمرو بن عبد الله الجمحمي، وقتل شيبة بن نافع، أتيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقلت له: يا رسول الله صلَّى الله عليك، إنَّ عليًّا قد جاهد في الله حقَّ جهاده. فقال: «لأنَّه منِّي وأنا منه، وارث علمي، وقاضي ديني، ومنجز وعدي، والخليفة بعدي، ولولاه لم يُعرَف المؤمن المحض، حربه حربي وحربي حرب الله، وسلمه سلمي وسلمي سلم الله، ألَا إنَّه أبو سبطي والأئمَّة، من صلبه يُخرج الله تعالى الأئمَّة الراشدين، ومنهم مهدي هذه الأُمَّة». فقلت: بأبي أنت وأُمِّي يا رسول الله، ما هذا المهدي؟ قال: «يا عمَّار، إنَّ الله تبارك وتعالى عهد إليَّ أنَّه يُخرج من صلب الحسين تسعة، والتاسع من ولده يغيب عنهم، وذلك قوله (عزَّ وجلَّ): ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: 30]، يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وهو سميِّي وأشبه الناس بي. يا عمَّار، ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتَّبع عليًّا وحزبه، فإنَّه مع الحقِّ والحقُّ معه. يا عمَّار، إنَّك ستقاتل بعدي مع عليٍّ صنفين: الناكثين والقاسطين، ثمّ تقتلك الفئة الباغية». قلت: يا رسول الله، أليس ذلك على رضا الله ورضاك؟ قال: «نعم على رضا الله ورضاي، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه...»(290).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(290) كفاية الأثر (ص 120 - 122).

(٢٥٠)

أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم:
1 - سنة (271هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الصادق (عليه السلام) في حتميَّة السفياني:
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثنا محمّد بن سالم ابن عبد الرحمن الأزدي من كتابه في شوَّال سنة إحدى وسبعين ومائتين، قال: حدَّثني عثمان بن سعيد الطويل، عن أحمد بن سُلَيم، عن موسى بن بكر، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إنَّ من الأُمور أُموراً موقوفة وأُموراً محتومة، وإنَّ السفياني من المحتوم الذي لا بدَّ منه»(291).

* وروى عن أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثنا محمّد بن سالم بن عبد الرحمن الأزدي من كتابه في شوَّال سنة إحدى وسبعين ومائتين، قال: حدَّثنا عثمان بن سعيد الطويل، عن أحمد بن سليمان، عن موسى بن بكر الواسطي، عن بشير النبَّال، قال: قَدِمْتُ المدينة...، وذكر مثل الحديث المتقدَّم، إلَّا أنَّه قال: لـمَّا قَدِمْتُ المدينة قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إنَّهم يقولون: إنَّ المهدي لو قام لاستقامت له الأُمور عفواً، ولا يهريق محجمة دم، فقال: «كلَّا، والذي نفسي بيده لو استقامت لأحد عفواً لاستقامت لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حين أُدميت رباعيته، وشُجَّ في وجهه، كلَّا والذي نفسي بيده حتَّى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق» ثمّ مسح جبهته(292).
2 - سنة (322هـ): إلقاء القبض على الشلمغاني (لعنه الله) من قِبَل الوزير ابن مقلة:
قال ابن الأثير في (الكامل) في ذكر حوادث سنة (322هـ): ذكر قتل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(291) الغيبة للنعماني (ص 313/ باب 18/ ح 6).
(292) الغيبة للنعماني (ص 294 و295/ باب 15/ ح 2).

(٢٥١)

الشلمغاني وحكاية مذهبه: وفي هذه السنة قُتِلَ أبو جعفر محمّد بن عليٍّ الشلمغاني المعروف بابن أبي القراقر(293)، وشلمغان التي يُنسَب إليها قرية بنواحي واسط. وسبب ذلك أنَّه قد أحدث مذهباً غالياً في التشيُّع والتناسخ وحلول الإلهيَّة فيه إلى غير ذلك ممَّا يحكيه، وأظهر ذلك من فعله أبو القاسم الحسين بن روح الذي تُسمِّيه الإماميَّة الباب متداول وزارة حامد بن العبَّاس(294)، ثمّ اتَّصل أبو جعفر الشلمغاني بالمحسن بن أبي الحسن بن الفرات في وزارة أبيه الثالثة(295)، ثمّ إنَّه طُلِبَ في وزارة الخاقاني(296) فاستتر وهرب إلى الموصل فبقي سنين عند ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان(297) في حياة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(293) هكذا في المصدر، والصحيح: (ابن أبي العزاقر).
(294) هو حامد بن العبَّاس، أبو الفضل الخراساني ثمّ العراقي، وزر للمقتدر سنة (306هـ)، ولـمَّا بانت قلَّة خبرته ضمَّ إليه عليَّ بن عيسى ليُدبِّره، ثمّ عزله المقتدر وأعاد الوزير ابن الفرات، وسلَّم إليه حامداً فقتله سرًّا سنة (311هـ).
(295) هو ابن الوزير ابن الفرات المشهور، قال الزركلي في الأعلام (ج 4/ ص 324): عليُّ بن محمّد بن موسى، أبو الحسن، ابن الفرات: وزير، من الدهاة الفصحاء الأُدباء الأجواد. وهو ممهِّد الدولة للمقتدر العبَّاسي. وُلِدَ في النهروان الأعلى (بين بغداد وواسط)، واتَّصل بالمعتضد بالله، فولَّاه ديوان السواد. ثمّ بلغ رتبة الوزارة في أوائل أيَّام المقتدر، فتولَّاها ثلاث مرَّات، الأُولى سنة (296 - 299ه‍ـ) انتهت بقبض (المقتدر) عليه وسجنه خمس سنين. وأُخرج من السجن إلى الوزارة سنة وخمسة أشهر، ونُكِبَ سنة (306هـ) وسُجِنَ في قصر الخلافة نحو سنين، وأُخرج سنة (311هـ) فخُلِعَ عليه وأُعيد إلى الوزارة، فبطش بخصومه والكائدين له، واتَّسق له الأمر عشرة أشهر و(18) يوماً، وقُبِضَ عليه سنة (312هـ) فسُجِنَ (33) يوماً وضُرِبَ عنقه وطُرِحَت جثَّته في دجلة.
(296) قال الزركلي في الأعلام (ج 4/ ص 119): (عبد الله بن محمّد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، أبو القاسم: وزير من بيت وزارة...، استوزره المقتدر العبَّاسي سنة (312هـ)، واستمرَّ نحو (18) شهراً، وقبض عليه المقتدر وصادر أملاكه، ثمّ أطلقه، فاعتلَّ ومات).
(297) قال الزركلي في الأعلام (ج 2/ ص 195): (ناصر الدولة الحمداني، الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان التغلبي، من ملوك الدولة الحمدانيَّة. كان صاحب الموصل وما يليها. ولقَّبه المتَّقي العبَّاسي بناصر الدولة، وخلع عليه، وجعله أمير الأُمراء. وهو أخو سيف الدولة، وأكبر منه...، ولـمَّا تُوفِّي أخوه سنة (356هـ) أُصيب بالسويداء، فحجر عليه بنوه، وسيَّره ابنه فضل الله (الغضنفر) من الموصل إلى قلعة أردمشت مرفَّهاً، فتُوفِّي فيها، ونُقِلَ إلى الموصل. وكانت إمارته اثنتين وثلاثين سنة. وكان يداري بني بويه).

(٢٥٢)

أبيه عبد الله بن حمدان(298)، ثمّ انحدر إلى بغداد واستتر وظهر عنده ببغداد أنَّه يدَّعي لنفسه الربوبيَّة، وقيل: إنَّه اتَّبعه على ذلك الحسين بن القاسم بن عبد الله بن سليمان ابن وهب الذي وزر للمقتدر بالله(299)، وأبو جعفر وأبو عليٍّ ابنا بسطام، وإبراهيم بن محمّد بن أبي عون(300)، وابن شبيب الزيَّات، وأحمد بن محمّد بن عبدوس كانوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(298) قال الزركلي في الأعلام (ج 4/ ص 83): (أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي العدوي، أمير، من القادة المقدَّمين في العصر العبَّاسي. ولَّاه المكتفي بالله الموصل وأعمالها سنة (293هـ)، فأقام إلى أنْ عزله المقتدر سنة (301هـ)، فقَدِمَ بغداد، فخلع عليه المقتدر وأعاده. ثمّ قبض عليه سنة (303هـ) مع أخيه الحسين. وأطلقه سنة (305هـ). وقلَّده طريق خراسان والدينور سنة (308هـ)، فكان يتولَّى ذلك وهو ببغداد. وضمن أعمال الخراج والضياع بالموصل والبلاد المجاورة لها سنة (315هـ)، ثمّ قتله أحد رجال المقتدر، في فتنة خلعه والبيعة للقاهر).
(299) هو أبو عليٍّ الجمَّال، وزر للمقتدر سنة (319هـ)، ولقَّبوه عميد الدولة، وعُزِلَ بعد سبعة أشهر، وسُجِنَ وعقد له مجلس في كائنة الشلمغاني، ونوظر، فظهرت رقاعه يخاطب الشلمغاني فيها بالإلهيَّة، وأنَّه يحييه ويميته، ويسأله أنْ يغفر له ذنوبه. فأُخرجت تلك الرقاع، وشهد جماعة أنَّه خطُّه، فضُرِبَت عنقه، وطيف برأسه في ذي الحجَّة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وعاش ثمانياً وسبعين سنة. انظر: سير أعلام النبلاء (ج 14/ ص 569).
(300) قال الزركلي في الأعلام (ج 1/ ص 60): (إبراهيم بن محمّد بن أبي عون أحمد بن المنجم، أبو إسحاق، أديب، من أشياع الشلمغاني وثقاته ببغداد، له كتاب (النواحي) في أخبار البلدان...، قتله الراضي العبَّاسي صلباً مع الشلمغاني، بعد أنْ عرض عليه أنْ يتبرَّأ من الشلمغاني ولم يفعل).

(٢٥٣)

يعتقدون ذلك فيه، وظهر ذلك عنهم وطُلِبُوا أيَّام وزارة ابن مقلة(301) للمقتدر بالله فلم يوجدوا. فلمَّا كان في شوَّال سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ظهر الشلمغاني فقبض عليه الوزير ابن مقلة وسجنه وكبس داره، فوجد فيها رقاعاً وكُتُباً ممَّن يدَّعي عليه أنَّه على مذهبه يخاطبونه بما لا يخاطب به البشر بعضهم بعضاً، وفيها خطُّ الحسين بن القاسم، فعُرِضَت الخطوط فعرفها الناس وعُرِضَت على الشلمغاني فأقرَّ أنَّها خطوطهم وأنكر مذهبه وأظهر الإسلام وتبرَّأ ممَّا يقال فيه، وأُخِذَ ابن أبي عون وابن عبدوس معه وأُحضرا معه عند الخليفة وأمر بصفعه فامتنعا، فلمَّا أُكرها مدَّ ابن عبدوس يده وصفعه، وأمَّا ابن أبي عون فإنَّه مدَّ يده إلى لحيته ورأسه فارتعدت يده، فقبَّل لحية الشلمغاني ورأسه، ثمّ قال: إلهي وسيِّدي ورازقي، فقال له الراضي: قد زعمت أنَّك لا تدَّعي الإلهيَّة، فما هذا؟ فقال: وما عليَّ من قول ابن أبي عون، والله يعلم أنَّني لا قلت له: إنَّني إله قطُّ! فقال ابن عبدوس: إنَّه لم يدَّعِ الإلهيَّة وإنَّما ادَّعى أنَّه الباب إلى الإمام المنتظر مكان ابن روح، وكنت أظنُّ أنَّه يقول ذلك تقيَّةً، ثمّ أُحضروا عدَّة مرَّات ومعهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(301) قال الزركلي في الأعلام (ج 6/ ص 273): (محمّد بن عليِّ بن الحسين بن مقلة، أبو عليٍّ، وزير، من الشعراء الأُدباء، يُضرَب بحسن خطِّه المثل. وُلِدَ في بغداد، وولي جباية الخراج في بعض أعمال فارس. ثمّ استوزره المقتدر العبَّاسي سنة (316هـ)، ولم يلبث أنْ غضب عليه فصادره ونفاه إلى فارس سنة (318هـ)، واستوزره القاهر بالله سنة (320هـ) فجيء به من بلاد فارس، فلم يكد يتولَّى الأعمال حتَّى اتَّهمه القاهر بالمؤامرة على قتله، فاختبأ سنة (321هـ)، واستوزره الراضي بالله سنة (322هـ)، ثمّ نقم عليه سنة (324هـ) فسجنه مدَّة، وأخلى سبيله. ثمّ علم أنَّه كتب إلى أحد الخارجين عليه يطمعه بدخول بغداد، فقبض عليه وقطع يده اليمنى، فكان يشدُّ القلم على ساعده ويكتب به، فقطع لسانه سنة (326هـ) وسجنه، فلحقه في حبسه شقاء شديد حتَّى كان يستقي الماء بيده اليسرى ويمسك الحبل بفمه، ومات في سجنه. قال الثعالبي: من عجائبه أنَّه تقلَّد الوزارة ثلاث دفعات، لثلاثة من الخلفاء، وسافر في عمره ثلاث سفرات اثنتان في النفي إلى شيراز والثالثة إلى الموصل، ودُفِنَ بعد موته ثلاث مرَّات).

(٢٥٤)

الفقهاء والقضاة والكُتَّاب والقُوَّاد، وفي آخر الأيَّام أفتى الفقهاء بإباحة دمه، فصُلِبَ ابن الشلمغاني وابن أبي عون في ذي القعدة، وأُحرقا بالنار(302).
* وروى الطوسي (رحمه الله) عن الحسين بن عبيد الله، عن أبي الحسن محمّد بن أحمد ابن داود القمِّي (رحمه الله)، عن أبي عليّ بن همَّام، قال: أنفذ محمّد بن عليٍّ الشلمغاني العزاقري إلى الشيخ الحسين بن روح يسأله أنْ يباهله، وقال: أنا صاحب الرجل وقد أُمرت بإظهار العلم، وقد أظهرته باطناً وظاهراً، فباهلني. فأنفذ إليه الشيخ (رضي الله عنه) في جواب ذلك: أيُّنا تقدَّم صاحبه فهو المخصوم، فتقدَّم العزاقري فقُتِلَ وصُلِبَ وأُخِذَ معه ابن أبي عون، وذلك في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة(303).
* وقال النجاشي (رحمه الله): (محمّد بن عليٍّ الشلمغاني، أبو جعفر المعروف بابن أبي العزاقر، كان متقدِّماً في أصحابنا، فحمله الحسد لأبي القاسم الحسين بن روح على ترك المذهب، والدخول في المذاهب الرديئة حتَّى خرجت فيه التوقيعات، فأخذه السلطان، وقتله وصلبه)(304).
وسيأتي توقيع الإمام (عجَّل الله فرجه) في لعنه في (ذي الحجَّة/ 312هـ) تحت عنوان: (خروج توقيع لإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بلعن ابن أبي العزاقر على يد الشيخ الحسين بن روح).
3 - سنة الظهور: حصول مهمهة في شهر شوَّال:
راجع ما ذُكِرَ في (10/ محرَّم الحرام/ سنة الظهور) تحت عنوان: (ينادي المنادي من السماء: ألَا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان...).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(302) الكامل في التاريخ (ج 8/ ص 290 - 292).
(303) الغيبة للطوسي (ص 307/ ح 258).
(304) رجال النجاشي (ص 378/ الرقم 1029).

(٢٥٥)

5 ذي القعدة: سنة (356هـ): ذكر حديث لأبي غالب الزراري من القطيعة مع زوجته وأهلها ورجوع الصفاء والودِّ بينهما ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بتوسُّط النائب الحسين بن روح (رضي الله عنه):
روى الطوسي (رحمه الله) عن جماعة، عن أبي غالب أحمد بن محمّد بن سليمان الزراري (رحمه الله) إجازةً، وكتب عنه ببغداد أبو الفرج محمّد بن المظفَّر في منزله بسويقة غالب في يوم الأحد لخمس خلون من ذي القعدة سنة ستٍّ وخمسين وثلاثمائة، قال: كنت تزوَّجت بأُمِّ ولدي وهي أوَّل امرأة تزوَّجتها، وأنا حينئذٍ حدث السنِّ وسنِّي إذ ذاك دون العشرين سنة، فدخلت بها في منزل أبيها، فأقامت في منزل أبيها سنين وأنا أجتهد بهم في أنْ يُحوِّلوها إلى منزلي وهم لا يُجيبوني إلى ذلك، فحملت منِّي في هذه المدَّة وولدت بنتاً فعاشت مدَّة ثمّ ماتت ولم أحضر في ولادتها ولا في موتها ولم أرَها منذ وُلِدَت إلى أنْ تُوفّيت للشرور التي كانت بيني وبينهم. ثمّ اصطلحنا على أنَّهم يحملونها إلى منزلي، فدخلت إليهم في منزلهم ودافعوني في نقل المرأة إليَّ وقُدِّر أنْ حملت المرأة مع هذه الحال، ثمّ طالبتهم بنقلها إلى منزلي على ما اتَّفقنا عليه، فامتنعوا من ذلك، فعاد الشرُّ بيننا وانتقلت عنهم، وولدت وأنا غائب عنها بنتاً وبقينا على حال الشرِّ والمضارمة سنين لا آخذها. ثمّ دخلت بغداد وكان الصاحب بالكوفة في ذلك الوقت أبو جعفر محمّد بن أحمد الزجوزجي (رحمه الله)، وكان لي كالعمِّ أو الوالد، فنزلت عنده ببغداد وشكوت إليه ما أنا فيه من الشرور الواقعة بيني وبين الزوجة وبين

(٢٥٩)

الأحماء، فقال لي: تكتب رقعة وتسأل الدعاء فيها. فكتبت رقعة (و)ذكرت فيها حالي وما أنا فيه من خصومة القوم لي وامتناعهم من حمل المرأة إلى منزلي، ومضيت بها أنا وأبو جعفر (رحمه الله) إلى محمّد بن عليٍّ، وكان في ذلك الواسطة بيننا وبين الحسين بن روح (رضي الله عنه) وهو إذ ذاك الوكيل، فدفعناها إليه وسألناه إنفاذها، فأخذها منِّي وتأخَّر الجواب عنِّي أيَّاماً، فلقيته فقلت له: قد ساءني تأخُّر الجواب عنِّي، فقال (لي): لا يسؤوك (هذا)، فإنَّه أحبّ (لي ولك، وأومأ) إليَّ أنَّ الجواب إنْ قرب كان من جهة الحسين بن روح (رضي الله عنه)، وإنْ تأخَّر كان من جهة الصاحب (عليه السلام)، فانصرفت. فلمَّا كان بعد ذلك - ولا أحفظ المدَّة إلَّا أنَّها كانت قريبة - فوجَّه إليَّ أبو جعفر الزجوزجي (رحمه الله) يوماً من الأيَّام، فصرت إليه، فأخرج لي فصلاً من رقعة وقال لي: هذا جواب رقعتك فإنْ شئت أنْ تنسخه فانسخه وردَّه، فقرأته فإذا فيه: «والزوج والزوجة فأصلح الله ذات بينهما»، ونسخت اللفظ ورددت عليه الفصل، ودخلنا الكوفة، فسهَّل الله لي نقل المرأة بأيسر كلفة، وأقامت معي سنين كثيرة، ورُزِقَت منِّي أولاداً، وأسأت إليها إساءات واستعملت معها كلَّ ما لا تصبر النساء عليه، فما وقعت بيني وبينها لفظة شرٍّ ولا بين أحد من أهلها إلى أنْ فرَّق الزمان بيننا. قالوا: قال أبو غالب (رحمه الله): وكنت قديماً قبل هذه الحال قد كتبت رقعة أسأل فيها أنْ يقبل ضيعتي، ولم يكن اعتقادي في ذلك الوقت التقرُّب إلى الله (عزَّ وجلَّ) بهذه الحال، وإنَّما كان شهوة منِّي للاختلاط بالنوبختيِّين(305) والدخول معهم فيما كانوا (فيه) من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(305) بنو نوبخت بيت معروف من الشيعة منسوبون إلى نوبخت الفارسي المنجِّم، نبغ منهم كثير من أهل العلم والمعرفة بالكلام والفقه والأخبار والآداب، واشتهر منهم بعلم الكلام جماعة أشهرهم أبو سهل إسماعيل بن عليٍّ النوبختي وأبو محمّد الحسن بن موسى النوبختي، وكان لهم إلمام بالفلسفة وسائر علوم الأوائل ونظر في الأُصول واطِّلاع على الكُتُب الفلسفيَّة المترجمة إلى العربيَّة في عهد الدولة العبَّاسيَّة.

(٢٦٠)

الدنيا، فلم أجب إلى ذلك وألححت في ذلك، فكتب إليَّ: «أنْ اختر من تثق به فاكتب الضيعة باسمه فإنَّك تحتاج إليها»، فكتبتها باسم أبي القاسم موسى بن الحسن الزجوزجي ابن أخي أبي جعفر (رحمه الله) لثقتي به وموضعه من الديانة والنعمة. فلم تمضِ الأيَّام حتَّى أسروني الأعراب ونهبوا الضيعة التي كنت أملكها، وذهب منِّي فيها من غلَّاتي ودوابِّي وآلتي نحو من ألف دينار، وأقمت في أسرهم مدَّة إلى أنْ اشتريت نفسي بمائة دينار وألف وخمسمائة درهم، (و)لزمني في أُجرة الرُّسُل نحو من خمسمائة درهم، فخرجت واحتجت إلى الضيعة فبعتها(306).
10 ذي القعدة: سنة (263هـ): وفاة ابن خاقان والذي بسبب موته أُفرج عن أُمِّ الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء)(307): (ابن خاقان، الوزير الكبير، أبو الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان التركي ثمّ البغدادي، وزر للمتوكِّل وللمعتمد، وجرت له أُمور، وقد نفاه المستعين إلى برقة، ثمّ قَدِمَ بغداد بعد خمس سنين، ثمّ وزر سنة ستٍّ وخمسين...).
وقال ابن النجّار البغدادي في (ذيل تاريخ بغداد)(308): (... دخل إلى الميدان في داره يوم الجمعة لعشر خلون من ذي القعدة سنة ثلاث وستِّين ومائتين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(306) الغيبة للطوسي (ص 304 - 307/ ح 257).
(307) سير أعلام النبلاء (ج 13/ ص 9/ الرقم 5).
(308) ذيل تاريخ بغداد (ج 2/ ص 115).

(٢٦١)

يضرب بالصوالجة، فصدمه على ثلاث ساعات من النهار خادمه رشيق فسقط من دابَّته وبادره غلمانه فحملوه، فما نطق بحرف حتَّى مات بعد ثلاث ساعات من صدمته والناس في صلاة الجمعة).
قال الصدوق (رحمه الله) في (كمال الدِّين): قال محمّد بن الحسين بن عبَّاد: وقال لي عبَّاد في هذا الحديث: قَدِمَت أُمُّ أبي محمّد (عليه السلام) من المدينة واسمها (حُديْث)(309) حين اتَّصل بها الخبر إلى سُرَّ من رأى، فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع أخيه جعفر ومطالبته إيَّاها بميراثه وسعايته بها إلى السلطان وكشفه ما أمر الله (عزَّ وجلَّ) بستره، فادَّعت عند ذلك صقيل أنَّها حامل، فحُمِلَت إلى دار المعتمد، فجعل نساء المعتمد وخدمه، ونساء الموفَّق وخدمه، ونساء القاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدن أمرها في كلِّ وقت ويراعون إلى أنْ دهمهم أمر الصفَّار(310) وموت عبيد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(309) قال الشيخ عبَّاس القمّي (رحمه الله): (اسم والدته الماجدة - أي الإمام العسكري (عليه السلام) - حُدَيْث، وعلى قول: سليل، ويقال لها: الجدَّة، وكانت في غاية الصلاح والورع والتقوى، وفي جنَّات الخلود (ص 38): كانت في بلدها من الأشراف في مصافِّ الملوك، ويكفي في فضلها أنَّها كانت مفزعاً وملجأً للشيعة بعد وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام). قال المسعودي في إثبات الوصيَّة (ص207): وروي عن العالم (عليه السلام) أنَّه قال: لـمَّا أُدخلت سليل أُمُّ أبي محمّد (عليه السلام) على أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «سليل مسلولة من الآفات والعاهات والأرجاس والأنجاس»، ثمّ قال لها: «سيهب الله حجَّته على خلقه يملأ الأرض عدلاً كما مُلِئَت جوراً»). منتهى الآمال (ص 745 و746).
(310) هو يعقوب بن ليث الصفَّار المؤسِّس الحقيقي للدولة الصفَّاريَّة، كان والياً وقائداً للخليفة العبَّاسي، احتلَّ هرات وفارس وشيراز عام (254هـ)، ثمّ ضمَّ إليه بلخ وطخارستان، وفي سنة (259هـ) استولى على دولة الطاهريِّين في خراسان والذي كان يحكمها آنذاك الحسن بن زيد. ثمّ عظم أمر يعقوب حتَّى استولى على شيراز والأهواز، وسار إلى بغداد مهدِّداً قصر الخليفة، إلَّا أنَّه مات في الطريق وخلف أخاه عمر بن ليث، إذ دخل في طاعة الخليفة، واستقرَّ الذي كان بيده من الأماكن، حيث أقرَّه الخليفة العبَّاسي عليها، وضمَّ إليه فارس وأصفهان وسجستان وكرمان والهند، إلَّا أنَّ نفوذ عمرو بن ليث كان يقلق بال الخليفة، ممَّا جهَّز إليه جيشاً ليجتثَّ جذره وليُبعَد ثمّ يُقتَل وتنتهي الدولة الصفَّاريَّة في عام (296هـ).

(٢٦٢)

الله بن يحيى بن خاقان بغتةً، وخروجهم من سُرَّ من رأى وأمر صاحب الزنج بالبصرة وغير ذلك فشغلهم ذلك عنها(311).
وراجع ما ذُكِرَ في (23/ صفر/ 260هـ) تحت عنوان: (إرسال أبي الأديان من قِبَل الإمام العسكري (عليه السلام) في مهمَّة...).
13 ذي القعدة: سنة (638هـ): سماع السيِّد ابن طاوس دعاء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لشيعته في سامرَّاء عند السحر:
قال السيِّد ابن طاوس (رحمه الله) في (مهج الدعوات): كنت أنا بسُرَّ من رأى فسمعت سحراً دعاءه (عليه السلام)، فحفظت منه (عليه السلام) من الدعاء لمن ذكره من الأحياء والأموات: «وَأَبْقِهِمْ - أو قال: وَأَحْيِهِمْ - فِي عِزِّنَا [وَ]مُلْكِنَا وَسُلْطَانِنَا وَدَوْلَتِنَا»، وكان ذلك في ليلة الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وستّمائة(312).
23 ذي القعدة: سنة (309هـ): ضرب المدَّعي الحلَّاج الحسين بن منصور ألف سوط، وتقطيع أوصاله وأطراف جسده في عصر المقتدر:
روى الخطيب البغدادي في تاريخه عن إبراهيم بن مخلد، أنبأنا إسماعيل بن علي الخطبي في تاريخه، قال: وظهر أمر رجل يعرف بالحلَّاج(313) يقال له: الحسين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(311) كمال الدِّين (ص 474/ باب 43/ ضمن الحديث 25).
(312) مهج الدعوات (ص 296).
(313) هو أبو معتب الحسين بن منصور البيضاوي، نشأ بواسط أو بتستر وقَدِمَ بغداد فخالط الصوفيَّة وصحب من مشيختهم الجنيد بن محمّد وأبا الحسين النوري وعمرو المكّي، ذكره الشيخ (رحمه الله) من المذمومين الذين ادَّعوا النيابة (لعنهم الله).

(٢٦٣)

ابن منصور، وكان في حبس السلطان بسعاية وقعت به في وزارة عليِّ بن عيسى الأُولى، وذُكِرَ عنه ضروب من الزندقة، ووضع الحيل على تضليل الناس من جهات تشبه الشعوذة والسحر، وادِّعاء النبوَّة، فكشفه عليُّ بن عيسى عند قبضه عليه، وأنهى خبره إلى السلطان - يعني المقتدر بالله(314) - فلم يقرّ بما رُمِيَ به من ذلك، وعاقبه وصلبه حيًّا أيَّاماً متوالية في رحبة الجسر في كلِّ يوم غدوة، ويُنادى عليه بما ذُكِرَ عنه، ثمّ يُنزَل به ثمّ يُحبَس، فأقام في الحبس سنين كثيرة، يُنقَل من حبس إلى حبس حتَّى حُبِسَ بأُخرة في دار السلطان فاستغوى جماعة من غلمان السلطان وموَّه عليهم واستمالهم بضروب من حيله حتَّى صاروا يحمونه، ويدفعون عنه، ويُرفِّهونه، ثمّ راسل جماعة من الكُتَّاب وغيرهم ببغداد وغيرها، فاستجابوا له، وتراقى به الأمر حتَّى ذُكِرَ أنَّه ادَّعى الربوبيَّة، وسُعِيَ بجماعة من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(314) قال الزركلي في الأعلام (ج 2/ ص 121): (جعفر بن أحمد بن طلحة، أبو الفضل، المقتدر بالله ابن المعتضد ابن الموفَّق، خليفة عبَّاسي. وُلِدَ في بغداد وبويع بالخلافة بعد وفاة أخيه المكتفي سنة (295هـ)، فاستصغره الناس، فخلعوه سنة (296هـ) ونصبوا عبد الله بن المعتزِّ، ثمّ قتلوا ابن المعتزِّ وأُعيد المقتدر بعد يومين، فطالت أيَّامه، وكثرت فيها الفتن. وعصاه خادم له اسمه: مؤنس - كان يستعين به في أكثر شؤونه -، فاسترضاه المقتدر، فعاد إلى الطاعة، ثمّ لم يلبث أنْ جمع أنصاراً له ودخل بهم دار المقتدر فأخرجوه وأخرجوا معه أُمَّه وأولاده وخواصَّ جواريه واعتقلوهم في دار مؤنس سنة (317هـ) وبايعوا القاهر بالله أخا المقتدر فأقام يومين، وثارت فرقة من الجيش تدعى الرجَّالة، فقتلت بعض رؤساء الغلمان وأعادت المقتدر إلى الملك. وخرج مؤنس من بغداد في جمع من عصاة الجند والغلمان فقصد الموصل فاحتلَّها ثمّ عاد فهاجم بغداد، فبرز له المقتدر بعسكره، فانهزم أصحاب المقتدر وبقي منفرداً، فرآه جماعة من المغاربة فقتلوه. وكان ضعيفاً مبذِّراً استولى على الملك في عهده خدمه ونساؤه وخاصَّته. وفي أيَّامه قُتِلَ الحلَّاج، وقوي أبو طاهر القرمطي، قال ابن دحية: قتل القرمطي الخلق العظيم بالعراق والجزيرة والشام إلى أنْ عاد إلى الأحساء وملكها، ووزراء الخليفة في ذلك كلِّه يتنافسون في صيد الدرَّاج وينثرون على راميها المال الجزل ويُدخِلون في الشريعة اللعب والهزل).

(٢٦٤)

أصحابه إلى السلطان فقُبِضَ عليهم ووُجِدَ عند بعضهم كُتُباً له تدلُّ على تصديق ما ذُكِرَ عنه، وأقرَّ بعضهم بلسانه بذلك، وانتشر خبره، وتكلَّم الناس في قتله، فأمر أمير المؤمنين بتسليمه إلى حامد بن العبَّاس، وأمر أنْ يكشفه بحضرة القضاة، ويجمع بينه وبين أصحابه، فجرى في ذلك خطوب طوال، ثمّ استيقن السلطان أمره، ووقف على ما ذُكِرَ له عنه، فأمر بقتله وإحراقه بالنار. فأُحضر مجلس الشرطة بالجانب الغربي يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة، فضُرِبَ بالسياط نحواً من ألف سوط، وقُطِّعت يداه ورجلاه، وضُرِبَت عنقه، وحُرقت جثَّته بالنار، ونُصِبَ رأسه للناس على سور السجن الجديد، وعُلِّقت يداه ورجلاه إلى جانب رأسه(315).
* وروى الطوسي (رحمه الله) عن أبي نصر هبة الله بن محمّد الكاتب ابن بنت أُمِّ كلثوم بنت أبي جعفر العمري، قال: لـمَّا أراد الله تعالى أنْ يكشف أمر الحلَّاج ويُظهر فضيحته ويُخزيه، وقع له أنَّ أبا سهل إسماعيل بن عليٍّ النوبختي (رضي الله عنه) ممَّن تجوز عليه مخرقته وتتمُّ عليه حيلته، فوجَّه إليه يستدعيه، وظنَّ أنَّ أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الأمر بفرط جهله، وقدر أنْ يستجرَّه إليه فيتمخرق (به) ويتسوَّف بانقياده على غيره، فيستتبَّ له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة، لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحلِّه من العلم والأدب أيضاً عندهم، ويقول له في مراسلته إيَّاه: إنِّي وكيل صاحب الزمان (عليه السلام) - وبهذا أوَّلاً كان يستجرُّ الجُهَّال ثمّ يعلو منه إلى غيره - وقد أُمرت بمراسلتك وإظهار ما تريده من النصرة لك لتقوي نفسك، ولا ترتاب بهذا الأمر. فأرسل إليه أبو سهل (رضي الله عنه) يقول له: إنِّي أسألك أمراً يسيراً يخفُّ مثله عليك في جنب ما ظهر على يديك من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(315) تاريخ بغداد (ج 8/ ص 124)، سير أعلام النبلاء (ج 14/ ص 335 و336)، البداية والنهاية (ج 11/ ص 158).

(٢٦٥)

الدلائل والبراهين، وهو أنِّي رجل أُحِبُّ الجواري وأصبو إليهنَّ، ولي منهنَّ عدَّة أتحظَّاهنَّ، والشيب يُبعدني عنهنَّ ويُبغِّضني إليهنَّ، وأحتاج أنْ أخضبه في كلِّ جمعة، وأتحمَّل منه مشقَّة شديدة لأستر عنهنَّ ذلك، وإلَّا انكشف أمري عندهنَّ، فصار القرب بعداً والوصال هجراً، وأُريد أنْ تغنيني عن الخضاب وتكفيني مؤنته، وتجعل لحيتي سوداء، فإنِّي طوع يديك، وصائر إليك، وقائل بقولك، وداعٍ إلى مذهبك، مع ما لي في ذلك من البصيرة ولك من المعونة. فلمَّا سمع ذلك الحلَّاج من قوله وجوابه علم أنَّه قد أخطأ في مراسلته وجهل في الخروج إليه بمذهبه، وأمسك عنه ولم يرد إليه جواباً، ولم يُرسِل إليه رسولاً، وصيَّره أبو سهل (رضي الله عنه) أُحدوثة وضحكة ويطنز به عند كلِّ أحد، وشهر أمره عند الصغير والكبير، وكان هذا الفعل سبباً لكشف أمره وتنفير الجماعة عنه(316).
ليلة 25 ذي القعدة: سنة الظهور: يوم دحو الأرض وفيها قيام القائم على رواية السيِّد ابن طاوس (رحمه الله):
قال السيِّد ابن طاوس (رحمه الله) في (الإقبال): ومن كتاب (ثواب الأعمال)، فقال: روى الحسن بن الوشَّاء، قال: كنت مع أبي وأنا غلام، فتعشَّينا عند الرضا (عليه السلام) ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة، فقال له: «ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة وُلِدَ فيه إبراهيم (عليه السلام)، ووُلِدَ فيها عيسى بن مريم، وفيها دُحيت الأرض من تحت الكعبة، فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستِّين شهراً»، وفي روايته من كتاب (ثواب الأعمال) الذي نسخته عندنا الآن: «إنَّ فيه يقوم القائم (عليه السلام)»(317).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(316) الغيبة للطوسي (ص 401 و402/ ح 376).
(317) إقبال الأعمال (ج 2/ ص 24).

(٢٦٦)

أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم:
1 - سنة (254هـ): انعقاد النطفة الطاهرة المطهَّرة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، وبداية حمل أُمِّه نرجس به (عجَّل الله فرجه):
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن محمّد بن عصام (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا محمّد ابن يعقوب الكليني، قال: حدَّثني علَّان الرازي، قال: أخبرني بعض أصحابنا أنَّه لـمَّا حملت جارية أبي محمّد (عليه السلام)، قال: «ستحملين ذَكَراً، واسمه محمّد، وهو القائم من بعدي»(318).
ورواه الخزَّاز (رحمه الله) عن محمّد بن عبد الله الشيباني، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن علَّان الرازي، عن بعض أصحابنا(319).
2 - سنة (322 أو 323هـ): قتل المدَّعي الشلمغاني بعد أنْ أفتى الفقهاء بإباحة دمه في عصر المقتدر العبَّاسي:
راجع ما ذُكِرَ في (شوَّال/ 322هـ) تحت عنوان: (إلقاء القبض على الشلمغاني من قِبَل الوزير ابن مقلة).
3 - سنة (339هـ): التاريخ السندي لحديث أبي الحسين صالح بن شعيب الطالقاني حول إخبار النائب الرابع بوفاة عليِّ بن بابويه (رحمه الله):
راجع ما ذُكِرَ في (15/ شعبان/ 328 أو 329هـ) تحت عنوان: (وفاة عليِّ بن محمّد السمري (رضي الله عنه) النائب الرابع للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)).
4 - سنة (509هـ): التاريخ السندي لحديث الشيخ الأجلِّ السيِّد المفيد أبو عليٍّ الحسن بن محمّد الطوسي (رضي الله عنه) لزيارة آل ياسين:
راجع ما ذُكِرَ في (ربيع الأوَّل/ 573هـ) تحت عنوان: (التاريخ السندي لابن المشهدي صاحب كتاب (المزار) لزيارة آل ياسين).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(318) كمال الدِّين (ص 408/ باب 38/ ح 4).
(319) كفاية الأثر (ص 293 و294).

(٢٦٧)

5 - سنة الظهور: أحداث وقلاقل في ذي القعدة:
روى الحاكم في (المستدرك) عن محمّد بن المؤمَّل، قال: ثنا الفضل بن محمّد، ثنا نعيم بن حمَّاد، ثنا أبو يوسف المقدسي، عن عبد المَلِك بن أبي سليمان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «في ذي القعدة تجاذب القبائل وتغادر فيُنهَب الحاجُّ فتكون ملحمة بمنى يكثر فيها القتلى ويسيل فيها الدماء حتَّى تسيل دماؤهم على عقبة الجمرة وحتَّى يهرب صاحبهم فيأتي بين الركن والمقام فيُبايَع وهو كاره، يقال له: إنْ أبيت ضربنا عنقك(320)، يبايعه مثل عدَّة أهل بدر، يرضى عنهم ساكن السماء وساكن الأرض»(321).
6 - سنة الظهور: في ذي القعدة تحازب القبائل:
راجع ما ذُكِرَ في (10/ محرَّم الحرام/ سنة الظهور) تحت عنوان: (ينادي المنادي من السماء: ألَا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان...).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(320) نحتمل قريباً جدًّا وجود تحريف من الراوي أو الناسخ، وربَّما الأصل: (ضُرِبَت عنقك)، أي من قبل أعداء الإمام (عجَّل الله فرجه)، ولا يمكن تصوُّر صدور التهديد بالقتل في حقِّ أصحابه الذين وصلوا القمَّة في القرب والعشق المهدوي.
(321) مستدرك الحاكم (ج 4/ ص 503).

(٢٦٨)

6 ذي الحجَّة: سنة (293هـ): مشاهدة نعيم الأنصاري مع ثلاثين رجلاً الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في مكَّة عند المستجار وتعليمه لهم دعاء الإلحاح لجدِّه الحسين (عليه السلام) وغيره من الأدعية:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدَّثنا أبو القاسم جعفر بن أحمد العلوي الرقِّي العريضي، قال: حدَّثني أبو الحسن عليُّ بن أحمد العقيقي، قال: حدَّثني أبو نعيم الأنصاري الزيدي، قال: كنت بمكَّة عند المستجار وجماعة من المقصِّرة(322) وفيهم المحمودي وعلَّان الكليني وأبو الهيثم الديناري وأبو جعفر الأحول الهمداني، وكانوا زهاء ثلاثين رجلاً، ولم يكن منهم مخلص علمته غير محمّد بن القاسم العلوي العقيقي، فبينا نحن كذلك في اليوم السادس من ذي الحجَّة سنة ثلاث وتسعين ومائتين من الهجرة إذ خرج علينا شابٌّ من الطواف عليه إزاران محرم (بهما)، وفي يده نعلان، فلمَّا رأيناه قمنا جميعاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(322) سُئِلَ زين العابدين (عليه السلام) عن المقصِّرة، فقال: «الذين يقصرون عن معرفة الأئمَّة وعن معرفة ما فُوِّض إليهم من روحه». الهداية الكبرى (ص 230). وعن الصادق (عليه السلام) أنَّه قال: «المقصِّرة هم الذين هداهم الله إلى فضل علمنا وأفضى إليهم سرَّنا، فشكُّوا فينا وأنكروا فضلنا، وقالوا: لم يكن الله ليُعطيهم سلطانه ومعرفته». الهداية الكبرى (ص 431). أمَّا ما جاء في الرواية عن علَّان الكليني وأنَّه من المقصِّرة فنُرجِّح أنْ يكون ذلك اشتباهاً في التشخيص من قِبَل الراوي، إذ إنَّ علَّان هو عليُّ بن محمّد خال الشيخ الكليني (رحمه الله)، قال عنه النجاشي (رحمه الله) في رجاله (ص 260/ الرقم 682): (عليُّ بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني المعروف بعلَّان، يُكنَّى أبا الحسن، ثقة، عين).

(٢٧١)

هيبةً له، فلم يبقَ منَّا أحد إلَّا قام وسلَّم عليه، ثمّ قعد والتفت يميناً وشمالاً، ثمّ قال: «أتدرون ما كان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول في دعاء الإلحاح؟».
قلنا: وما كان يقول؟ قال: «كان يقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اَلَّذِي بـِهِ تَقُومُ اَلسَّمَاءُ، وَبِهِ تَقُومُ اَلْأَرْضُ، وَبِهِ تُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَاَلْبَاطِل، وَبِهِ تَجْمَعُ بَيْنَ اَلمُتَفَرَّقِ، وَبِهِ تُفَرَّقُ بَيْنَ المُجْتَمِع، وَبِهِ أَحْصَيْتَ عَدَدَ اَلرَّمَالِ، وَزنَةَ اَلْجِبَالِ، وَكَيْلَ اَلْبِحَارِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أَمْري فَرَجاً وَمَخْرَجَاً». ثمّ نهض فدخل الطواف، فقمنا لقيامه حين انصرف، وأُنسينا أنْ نقول له: من هو؟ فلمَّا كان من الغد في ذلك الوقت خرج علينا من الطواف فقمنا كقيامنا الأوَّل بالأمس، ثمّ جلس في مجلسه متوسِّطاً، ثمّ نظر يميناً وشمالاً، قال: «أتدرون ما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول بعد صلاة الفريضة؟».
قلنا: وما كان يقول؟ قال: «كان يقول: إِلَيْكَ رُفِعَتِ الْأَصْوَاتُ، و(دُعِيَتِ الدَّعَوَاتُ)، وَلَكَ عَنَتِ الْوُجُوهُ، وَلَكَ خَضَعَتِ الرِّقَابُ، وَإِلَيْكَ التَّحَاكُمُ فِي الْأَعْمَالِ، يَا خَيْرَ مَسْؤُولٍ وَخَيْرَ مَنْ أَعْطَى، يَا صَادِقُ يَا بَارِئُ، يَا مَنْ‏ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ، يَا مَنْ أَمَرَ بِالدُّعَاءِ وَتَكَفَّلَ بِالْإِجَابَةِ، يَا مَنْ قَالَ:‏ ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، يَا مَنْ قَالَ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186]، يَا مَنْ قَالَ: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]». ثمّ نظر يميناً وشمالاً بعد هذا الدعاء فقال: «أتدرون ما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في سجدة الشكر؟».
قلنا: وما كان يقول؟ قال: «كان يقول: يَا مَنْ لَا يَزِيدُهُ إِلْحَاحُ المُلِحِّينَ إِلَّا جُوداً وَكَرَماً، يَا مَنْ لَهُ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا مَنْ لَهُ خَزَائِنُ مَا دَقَّ وَجَلَّ،

(٢٧٢)

لَا تَمْنَعُكَ إِسَاءَتِي مِنْ إِحْسَانِكَ إِلَيَّ، إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَفْعَلَ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ وَالْعَفْوِ، يَا رَبَّاهْ يَا اللهُ افْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ فَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى الْعُقُوبَةِ وَقَدِ اسْتَحْقَقْتُهَا، لَا حُجَّةَ لِي وَلَا عُذْرَ لِي عِنْدَكَ، أَبُوءُ إِلَيْكَ بِذُنُوبِي كُلِّهَا، وأَعْتَرِفُ بِهَا كَيْ تَعْفُوَ عَنِّي، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهَا مِنِّي، بُؤْتُ إِلَيْكَ بِكُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَبِكُلِّ خَطِيئَةٍ أَخْطَأْتُهَا، وَبِكُلِّ سَيِّئَةٍ عَمِلْتُهَا، يَا رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ»، وقام فدخل الطواف، فقمنا لقيامه، وعاد من غد في ذلك الوقت، فقمنا لاستقباله كفعلنا فيما مضى، فجلس متوسِّطاً ونظر يميناً وشمالاً فقال: «كان عليُّ بن الحسين سيِّد العابدين (عليه السلام) يقول في سجوده في هذا الموضع - وأشار بيده إلى الحجر نحو الميزاب -: عُبَيْدُكَ بِفِنَائِكَ، مِسْكِينُكَ بِبَابِكَ، أَسْأَلُكَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلِيْه سِوَاكَ».
ثمّ نظر يميناً وشمالاً، ونظر إلى محمّد بن القاسم العلوي فقال: «يا محمّد بن القاسم، أنت على خير إنْ شاء الله»، وقام فدخل الطواف، فما بقي أحد منَّا إلَّا وقد تعلَّم ما ذكر من الدعاء و(أُ)نسينا أنْ نتذاكر أمره إلَّا في آخر يوم، فقال لنا المحمودي: يا قوم، أتعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا والله صاحب الزمان (عليه السلام)، فقلنا: وكيف ذاك يا أبا عليٍّ؟ فذكر أنَّه مكث يدعو ربَّه (عزَّ وجلَّ) ويسأله أنْ يريه صاحب الأمر سبع سنين، قال: فبينا أنا يوماً في عشيَّة عرفة فإذا بهذا الرجل بعينه، فدعا بدعاء وعيته فسألته ممَّن هو؟ فقال: «من الناس»، فقلت: من أيِّ الناس؟ من عربها أو مواليها؟ فقال: «من عربها»، فقلت: من أيِّ عربها؟ فقال: «من أشرفها وأشمخها»، فقلت: ومن هم؟ فقال: «بنو هاشم»، فقلت: من أيِّ بني هاشم؟ فقال: «من أعلاها ذروةً وأسناها رفعةً»، فقلت: وممَّن هم؟ فقال: «ممَّن فلق الهام، وأطعم الطعام، وصلَّى بالليل والناس نيام»، فقلت: إنَّه علوي، فأحببته على العلويَّة، ثمّ افتقدته من بين يدي، فلم أدرِ كيف مضى في السماء أم في

(٢٧٣)

الأرض، فسألت القوم الذين كانوا حوله: أتعرفون هذا العلوي؟ فقالوا: نعم، يحجُّ معنا كلَّ سنة ماشياً، فقلت: سبحان الله، والله ما أرى به أثر مشي، ثمّ انصرفت إلى المزدلفة كئيباً حزيناً على فراقه، وبتُّ في ليلتي تلك فإذا أنا برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال: يا محمّد، رأيت طلبتك؟ فقلت: ومن ذاك يا سيِّدي؟ فقال: الذي رأيته في عشيَّتك فهو صاحب زمانكم. فلمَّا سمعنا ذلك منه عاتبناه على ألَّا يكون أعلمنا ذلك، فذكر أنَّه كان ناسياً أمره إلى وقت ما حدَّثنا.
قال الصدوق (رحمه الله): وحدَّثنا بهذا الحديث عمَّار بن الحسين بن إسحاق الأسروشني (رضي الله عنه) بجبل بوتك من أرض فرغانة، قال: حدَّثني أبو العبَّاس أحمد ابن الخضر، قال: حدَّثني أبو الحسين محمّد بن عبد الله الإسكافي، قال: حدَّثني سُلَيم، عن أبي نعيم الأنصاري، قال: كنت بالمستجار بمكَّة أنا وجماعة من المقصِّرة فيهم المحمودي وعلَّان الكليني...، وذكر الحديث مثله سواء.
وحدَّثنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن عليِّ بن محمّد بن حاتم، قال: حدَّثنا أبو الحسين عبيد الله بن محمّد بن جعفر القصباني البغدادي، قال: حدَّثني أبو محمّد عليُّ بن محمّد بن أحمد بن الحسين الماذرائي، قال: حدَّثنا أبو جعفر محمّد بن عليٍّ المنقذي الحسني بمكَّة، قال: كنت جالساً بالمستجار وجماعة من المقصِّرة وفيهم المحمودي، وأبو الهيثم الديناري، وأبو جعفر الأحول، وعلَّان الكليني، والحسن ابن وجناء، وكانوا زهاء ثلاثين رجلاً...، وذكر الحديث مثله سواء(323).
ورواه الطوسي (رحمه الله) عن أحمد بن عليٍّ الرازي، عن عليِّ بن عائذ الرازي، عن الحسن بن وجناء النصيبي، عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري. ورواه بسند آخر عن جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي عليٍّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(323) كمال الدِّين (ص 470 - 473/ باب 43/ ح 24).

(٢٧٤)

محمّد بن همَّام، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن محمّد بن جعفر بن عبد الله، عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري(324).
ورواه الطبري الشيعي (رحمه الله) عن أبي الحسين محمّد بن هارون، عن أبيه، عن أبي عليٍّ محمّد بن همَّام، عن جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري الكوفي، عن محمّد ابن جعفر بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد بن أحمد الأنصاري(325).
7 ذي الحجَّة: سنة (114هـ): مجيء جابر الأنصاري عند احتضار الإمام الباقر (عليه السلام) ونقله لحديث الصحيفة الفاطميَّة وفيها أسماء الأئمَّة مع أُمَّهاتهم وخاتمهم الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وأُمُّه سيِّدة الإماء:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا الحسن بن إسماعيل، قال: حدَّثنا أبو عمرو سعيد بن محمّد بن نصر القطَّان، قال: حدَّثنا عبد الله بن محمّد السلمي، قال: حدَّثنا محمّد بن عبد الرحمن، قال: حدَّثنا محمّد بن سعيد بن محمّد، قال: حدَّثنا العبّاس بن أبي عمرو، عن صدقة بن أبي موسى، عن أبي نضرة، قال: لـمَّا احتضر أبو جعفر محمّد بن عليٍّ الباقر (عليهما السلام) عند الوفاة دعا بابنه الصادق (عليه السلام)، فعهد إليه عهداً، فقال له أخوه زيد بن عليِّ بن الحسين(326): لو امتثلت في تمثال الحسن والحسين (عليهما السلام) لرجوت أنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(324) الغيبة للطوسي (ص 259 - 263/ ح 227).
(325) دلائل الإمامة (ص 542 - 545/ ح 523/127).
(326) هو زيد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال الشيخ المفيد (رحمه الله) في الإرشاد (ج 2/ ص 171): (كان زيد بن عليِّ بن الحسين (عليهما السلام) عين إخوته بعد أبي جعفر (عليه السلام) وأفضلهم، وكان عابداً ورعاً فقيهاً سخيًّا شجاعاً، وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويطالب بثارات الحسين (عليه السلام)).

(٢٧٥)

لا تكون أتيت منكراً(327)، فقال: «يا أبا الحسن، إنَّ الأمانات ليست بالتمثال، ولا العهود بالرسوم، وإنَّما هي أُمور سابقة عن حُجَج الله تبارك وتعالى»، ثمّ دعا بجابر بن عبد الله فقال له: «يا جابر، حدِّثنا بما عاينت في الصحيفة»، فقال له جابر: نعم يا أبا جعفر، دخلت على مولاتي فاطمة (عليها السلام) لأُهنِّئها بمولود الحسن (عليه السلام)، فإذا هي بصحيفة بيدها من دُرَّة بيضاء، فقلت: يا سيِّدة النسوان، ما هذه الصحيفة التي أراها معكِ؟ قالت: «فيها أسماء الأئمَّة من ولدي»، فقلت لها: ناوليني لأنظر فيها، قالت: «يا جابر، لولا النهي أفعل لكنَّه نُهِيَ أنْ يمسَّها إلَّا نبيٌّ أو وصيُّ نبيٍّ أو أهل بيت نبيٍّ، ولكنَّه مأذون لك أنْ تنظر إلى باطنها من ظاهرها». قال جابر: فقرأت فإذا فيها:
(أبو القاسم محمّد بن عبد الله المصطفى، أُمُّه آمنة بنت وهب. أبو الحسن عليُّ بن أبي طالب المرتضى، أُمُّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. أبو محمّد الحسن بن عليٍّ البرِّ. أبو عبد الله الحسين بن عليٍّ التقي، أُمُّهما فاطمة بنت محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم). أبو محمّد عليُّ بن الحسين العدل، أُمُّه شهربانويه بنت يزدجرد ابن شاهنشاه. أبو جعفر محمّد بن عليٍّ الباقر، أُمُّه أُمُّ عبد الله بنت الحسن بن عليِّ بن أبي طالب. أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق، أُمُّه أُمُّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر. أبو إبراهيم موسى بن جعفر الثقة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(327) من المستبعد جدًّا صدور مثل هذا الكلام من زيد الشهيد مع ما صدر في حقِّه من المدح والثناء على لسان أئمَّة الهدى (عليهم السلام)، منها ما رواه الكشِّي (رحمه الله) (ج 2/ ص 570/ ح 505): عن فضيل الرسان، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) بعد ما قُتِلَ زيد بن عليٍّ (رحمة الله عليه)، فأُدخلت بيتاً جوف بيت، فقال لي: «يا فضيل، قُتِلَ عمِّي زيد؟»، قلت: نعم، جُعلت فداك. قال: «رحمه الله، إنَّه كان مؤمناً، وكان عارفاً، وكان عالماً، وكان صادقاً، أمَا إنَّه لو ظفر لوفى، أمَا إنَّه لو ملك لعرف كيف يضعها...»، إلَّا أنْ يكون من باب تعريف الأُمَّة بعدم انتقال الإمامة إلى الأخ إلَّا في الحسنين (عليهما السلام).

(٢٧٦)

أُمُّه جارية اسمها حميدة. أبو الحسن عليُّ بن موسى الرضا، أُمُّه جارية اسمها نجمة. أبو جعفر محمّد بن عليٍّ الزكي، أُمُّه جارية اسمها خيزران. أبو الحسن عليُّ بن محمّد الأمين، أُمُّه جارية اسمها سوسن. أبو محمّد الحسن بن عليٍّ الرفيق، أُمُّه جارية اسمها سمانة وتكنَّى بأُمِّ الحسن. أبو القاسم محمّد بن الحسن، هو حجَّة الله تعالى على خلقه القائم، أُمُّه جارية اسمها نرجس (صلوات الله عليهم أجمعين))(328).
9 ذي الحجَّة: 1 - سنة (10هـ): خطبة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حجَّة الوداع، وفيها ذكر لحديث الاثني عشر خليفة كلُّهم من قريش:
روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله، قال: حدَّثني أبي، ثنا يونس بن محمّد، ثنا حمَّاد يعني ابن زيد، ثنا مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن سمرة، قال: خطبنا رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) بعرفات، فقال: «لا يزال هذا الأمر عزيزاً منيعاً ظاهراً على من ناواه حتَّى يملك اثنا عشر كلُّهم»، قال: فلم أفهم ما بعد قال، فقلت لأبي: ما قال بعدما قال: كلُّهم؟ قال: «كلُّهم من قريش»(329).
* وروى عن عبد الله، قال: حدَّثني خلف بن هشام البزَّار المقرِّي، ثنا حمَّاد ابن زيد، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن سمرة، قال: خطبنا رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) بعرفة فقال: «لن يزال هذا الدِّين عزيزاً منيعاً ظاهراً على من ناواه، لا يضرُّه من فارقه أو خالفه، حتَّى يملك اثنا عشر كلُّهم من قريش - أو كما قال -»(330).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(328) كمال الدِّين (ص 306 و307/ باب 27/ ح 1).
(329) مسند أحمد (ج 5/ ص 93).
(330) مسند أحمد (ج 5/ ص 96).

(٢٧٧)

* وقال النعماني (رحمه الله) في (الغيبة): ومن حديث خلف بن هشام البزَّار، قال: حدَّثنا حمَّاد بن زيد، عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن جابر بن سمرة السوائي، قال: خطب بنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعرفة، فقال: «لا يزال هذا الدِّين قويًّا عزيزاً ظاهراً على من ناواه، لا يضرُّه من فارقه أو خالفه حتَّى يملك اثنا عشر»، قال: وتكلَّم الناس فلم أفهم، فقلت لأبي: يا أبت، أرأيت قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): كلُّهم، ما هو؟ قال: «كلُّهم من قريش»(331).
2 - رؤية أبي سورة الزيدي للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في يوم عرفة عند الحائر الحسيني:
روى الطوسي (رحمه الله) عن جماعة، عن أبي غالب أحمد بن محمّد الزراري، قال: حدَّثني أبو عبد الله محمّد بن زيد بن مروان، قال: حدَّثني أبو عيسى محمّد بن عليٍّ الجعفري وأبو الحسين محمّد بن عليّ بن الرقام، قالا: حدَّثنا أبو سورة(332) - قال أبو غالب: وقد رأيت ابناً لأبي سورة، وكان أبو سورة أحد مشايخ الزيديَّة المذكورين -. قال أبو سورة: خرجت إلى قبر أبي عبد الله (عليه السلام) أُريد يوم عرفة فعرَّفت يوم عرفة، فلمَّا كان وقت عشاء الآخرة صلَّيت وقمت فابتدأت أقرأ من الحمد، وإذا شابٌّ حسن الوجه عليه جُبَّة سيفي، فابتدأ أيضاً من الحمد وختم قبلي أو ختمت قبله، فلمَّا كان الغداة خرجنا جميعاً من باب الحائر، فلمَّا صرنا إلى شاطئ الفرات قال لي الشابُّ: «أنت تريد الكوفة فامض»، فمضيت طريق الفرات، وأخذ الشابُّ طريق البرِّ. قال أبو سورة: ثمّ أسفت على فراقه فاتَّبعته فقال لي: «تعالَ»، فجئنا جميعاً إلى أصل حصن المسناة فنمنا جميعاً وانتبهنا فإذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(331) مسند أحمد (ج 5/ ص 93).
(332) هو محمّد بن الحسن بن عبد الله التيمي، كان زيديًّا يُكنَّى بأبي سورة. راجع: مستدركات علم رجال الحديث (ج 7/ ص 34/ الرقم 13046).

(٢٧٨)

نحن على العوفي على جبل الخندق(333)، فقال لي: «أنت مضيَّق وعليك عيال، فامض إلى أبي طاهر الزراري(334) فيخرج إليك من منزله وفي يده الدم من الأُضحية، فقل له: شابٌّ من صفته كذا يقول: لك صُرَّة فيها عشرون ديناراً جاءك بها بعض إخوانك فخذها منه». قال أبو سورة: فصرت إلى أبي طاهر الزراري كما قال الشابُّ ووصفته له فقال: الحمد لله، ورأيته؟ فدخل وأخرج إليَّ الصُرَّة الدنانير فدفعها إليَّ وانصرفت(335).
3 - سنة (1365هـ): قراءة توقيع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) للمرجع الدِّيني السيِّد أبي الحسن الأصبهاني (رحمه الله) من قِبَل الشيخ الحلبي في يوم وفاة المرجع:
جاء في كتاب (موسوعة توقيعات الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)): عن خادم الحجَّة (عليه السلام) الحاجّ الشيخ محمود الحلبي الخراساني (أدام الله ظلَّه)(336)، نقل لنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(333) المقصود به خندق (كري سعده) حسب التسمية المتداولة الآن، وهو خندق سابور القديم، وهو قريب من مسجد السهلة وتلاله الحاليَّة تشرف على المسجد.
(334) قال النجاشي (رحمه الله) في رجاله (ص 347/ الرقم 937): (محمّد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين، أبو طاهر الزراري، حسن الطريقة، ثقة، عين، وله إلى مولانا أبي محمّد (عليه السلام) مسائل والجوابات. له كُتُب، منها: كتاب الآداب والمواعظ، كتاب الدعاء...، مات محمّد بن سليمان في سنة إحدى وثلاثمائة، وكان مولده سنة سبع وثلاثين ومائتين).
(335) الغيبة للطوسي (ص 299 و300/ ح 255).
(336) الشيخ محمود ذاكر زاده التولائي يُعرَف بالشيخ محمود الحلبي، وُلِدَ في (1318هـ)، شارك في الأُمور السياسيَّة من سنة (1328هـ) إلى (1332هـ) وكان من ذوي الخطابات الناريَّة في إثارة الشعب والدفاع عن آية الله الكاشاني (قدّس سرّه) أيَّام حركة تأميم شركة النفط الوطنيَّة في إيران، ولكنَّه وبسبب بروز الخلافات بين قادة هذه الحركة اعتزل السياسة وأسَّس جمعيَّة مكافحة البهائيَّة التي سُمّيت فيما بعد بفرقة الحجَّتيَّة، تتلمذ على أساتذة كبار ميرزا عبد الجواد النيشابوري وميرزا محمّد باقر المدرِّس الرضوي وميرزا جعفر الشهرستاني والشيخ محمّد النهاوندي وميرزا محمّد الكفائي ابن آخوند الخراساني وآية الله العظمى حسين القمِّي الطباطبائي والشيخ آغا بزرك الطهراني وميرزا محمّد مهدي الأصفهاني وحسنعلي النخودكي الأصفهاني. تُوِّفي في رمضان (1418هـ) ودُفِنَ عند مرقد الشيخ الصدوق (رحمه الله) في مدينة ريّ.

(٢٧٩)

حيث قال: بعدما انتهيت من أداء فريضة الحجِّ وذلك في سنة الستِّين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبويَّة، وبعد زيارة روضة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقبور الأئمَّة بالبقيع (عليهم السلام) وفي طريق العودة إلى إيران قصدت العراق لزيارة العتبات المقدَّسة. وكان آنذاك المرجع أبو الحسن الأصبهاني (رضوان الله عليه)(337) الذي كان متوطِّناً في النجف الأشرف، زارني سماحته وطلب منِّي بإلحاح أنْ أُقيم ضيفاً عنده حتَّى مغادرتي النجف الأشرف ودعاني لإيراد الخطابة والوعظ في النجف أربعة عشر ليلة. رفضت الطلب أوَّلاً ولكن بعد الإصرار والتأكيد وتكرار طلب سماحته منِّي لبَّيت له الطلب ولكن لمدَّة ستَّة أيَّام.
وفي إحدى تلك الليالي الستِّ اجتمعت بسماحته في داره وكان الاجتماع مغلقاً وفي تلك الخلوة التي رفض سماحته حضور أيِّ شخص في الجلسة حتَّى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(337) هو أبو الحسن بن محمّد بن عبد الحميد بن محمّد الموسوي، الأصفهاني، النجفي. كان من أعلام فقهاء الإماميَّة، ومن أشهر مراجع التقليد. وُلِدَ سنة أربع وثمانين ومائتين وألف في إحدى قرى أصفهان، وتعلَّم بها. وانتقل في شبابه الباكر إلى أصفهان، فدرس بها وأخذ عن محمّد الكاشي، وغيره. وارتحل إلى الحوزة العلميَّة الكبرى في النجف الأشرف سنة (1308هـ)، فحضر على الميرزا حبيب الله الرشتي المتوفَّى (1312هـ). ثمّ حضر بحث محمّد كاظم الخراساني النجفي في الفقه والأُصول، واختصَّ به، ولازمه إلى أنْ تُوفِّي الخراساني سنة (1329هـ). واستقلَّ بالبحث والتدريس، فحضر عليه كثيرون...، ونال حظًّا من الرئاسة الدِّينيَّة بعد وفاة أحمد كاشف الغطاء، وأخذ يشتهر في الأوساط شيئاً فشيئاً حتَّى انحصرت به المرجعيَّة التقليديَّة بعد وفاة الميرزا محمّد حسين النائيني سنة (1355هـ)، وطبقت شهرته الآفاق، وأصبح مفتي الشيعة في سائر الأقطار الإسلاميَّة...، تُوفِّي بالكاظمية في شهر ذي الحجة سنة خمس وستِّين وثلاثمائة وألف، وترك من المؤلَّفات: رسالة فتوائيَّة سمَّاها وسيلة النجاة (مطبوعة)، حاشية على العروة الوثقى في الفقه للسيِّد محمّد كاظم اليزدي (مطبوعة)، وشرح على الكفاية في أُصول الفقه لأُستاذه الخراساني. موسوعة طبقات الفقهاء (ج 14/ ص 31 - 33/ الرقم 4420).

(٢٨٠)

طلب من نجله أنْ يخرج من الغرفة ومنعه من الدخول. كنَّا نتحدَّث طوال ساعات ودار الحديث حول موضوعات مختلفة حتَّى وصلنا إلى ذكر مولانا الحجَّة (أرواحنا فداه)، والحديث حول وضع الشيعة، ونقلت له مشاهداتي من ضعف الشيعة في مكَّة والمدينة والعراق وعدم وجود مبلِّغين يُبلِّغونهم الاعتقادات الدِّينيَّة في طريق إحياء مكتب أهل البيت (عليهم السلام)، وبيَّنت لسماحته مدى حزني في هذا الشأن، وفي شدَّة الحزن قلت له: أنتم تعلمون أحسن منِّي أنَّ الشيعة يعتقدون ويُحِبُّون إمام زمانهم ومولاهم وكلُّ ما هو لدينا ولديكم من خير وبركة هي من بركات صاحب الزمان وبيمن وجوده (عجَّل الله تعالى فرجه)، إذ إنَّ الناس حينما يُقبِّلون أيديكم ليس إلَّا لأنَّكم نائب الإمام (عليه السلام)، وإذا يُقدِّمون لكم الأموال ليس إلَّا بسبب انتسابكم بصاحب العصر والزمان (عجَّل الله تعالى فرجه)، وإذا كان لكم الاحترام بالدنيا والآخرة ليس إلَّا بسبب أنَّكم وكيله (عليه السلام)، وأخيراً كلُّ ما كان علينا ويكون وكلُّ شيء كان لكم ويكون كلُّه بيمن وجوده (عليه السلام)، فلماذا لا تقومون لإعلاء كلمته وإحياء اسمه الشريف؟ وذلك لا يكون إلَّا بعد دراسة وضع الشيعة والقيام بنشاطات مفيدة، وليست هذه موجودة في الحال. ما هو السبب الذي جعل مجتمعنا في جهل اتِّجاه وجود إمام العصر (عليه السلام)؟ وما هو السبب في عدم تعزيز مواقف الشيعة في الحجاز (مكَّة والمدينة)، وكذلك في العراق (وخاصَّة سامرَّاء)؟ ألَا ترون أنَّ في سامرَّاء حتَّى البيت الذي هو ملك الإمام الحجَّة (عليه السلام) قد اغتُصِبَ والشيعة التي تُشكِّل الأقلّيَّة في كثب واضطهاد؟
في طوال هذه المدَّة التي كنت أُحدِّث ذلك المرجع الدِّيني كان سماحته ناصتاً بدقَّة إلى الحديث، وعندما انتهيت من الحديث بدأ متحدِّثاً وقال: هذه الأُمور التي ذكرتموها هي من الواجبات ونحن نهتمُّ بها في المستقبل أكثر ممَّا كنَّا

(٢٨١)

نهتمُّ بها في الماضي إنْ شاء الله، ونحن نُفكِّر في طريق تنفيذها، ولكن لا بدَّ أنْ نُذكِّركم أنَّنا كنَّا ملفتين النظر في هذه الأُمور إلى حدٍّ ما وكنَّا تحت رعاية شيء من لطفه (عليه السلام).
عندما وصل سماحته في الحديث إلى هنا قام من مكانه وفتح باب جارور كان يحتوي كثيراً من الرسائل والأوراق والمستندات، وبدأ بالتفتيش بين الرسائل التي كانت مع ظرفها حتَّى أخرج ظرفاً منها وكان الظرف مغبرًّا، وعندما نظَّف الظرف من الغبار قبَّل ذلك الظرف ووضعه على رأسه، ثمّ أقبل إليَّ قائلاً: هذه الرسالة سند وإشارة من لطف بقيَّة الله (روحي له الفداء) لنا، وأنا عملت ونفَّذت أمره (عليه السلام) في حدِّ الإمكان.
أخذت ذلك الظرف من سماحته، رأيت مكتوباً على ظهره: فرمانه (عليه السلام)، فتحت الظرف ورأيت فيه رسالة مرسَلة بواسطة ثقة الإسلام والمسلمين زين العلماء الصالحين الحاجّ الشيخ محمّد شريعة التستري، وهذه الرسالة كانت مرسَلة من قِبَله (عليه السلام)، رأيت في تلك الرسالة مكتوباً: «قل له: أرخص نفسك، واجعل مجلسك في الدهليز، واقض حوائج الناس، نحن ننصرك».
وبعد ذلك أدام قائلاً (ذلك النائب العظيم): وعلى أساس هذا الأمر اتِّصال الناس بي أمر سهل، وأنا جالس في دهليز بيتي وأقضي حوائج الشيعة في حدِّ الإمكان، وهو (عليه السلام) مراقبنا وكذلك مساعدنا في الماضي.
طلبت الإذن منه لاستنساخ الرسالة، أجاز لي ولكن طلب منِّي وقال: لن أسمح ما دمتُ حيًّا أنْ يعلم أحد بوجود هذه الرسالة. كتبت نسخة من تلك الرسالة وبعد فترة رجعت إلى إيران. وفي اليوم الثالث عشر من شهر آبان سنة ألف وثلاثمائة وخمسة وعشرين الشمسيَّة وكان مطابقاً لليوم التاسع من ذي الحجَّة سنة ألف وثلاثمائة وخمسة وستِّين قمريَّة من الهجرة النبويَّة وصل خبر وفاة ذلك

(٢٨٢)

المرجع الدِّيني إلى إيران وعُقِدَت حفلات ومجالس تأبينيَّة. وفي جامع (گوهرشاد) في مدينة مشهد عُقِدَ مجلس تأبين بهذه المناسبة، وكنت أنا خطيب ذلك المجلس، ولأوَّل مرَّة قرأت نصَّ هذا التوقيع الشريف الذي كان لبقيَّة الله (عليه السلام) مخاطباً نائبه العامّ آية الله العظمى السيِّد أبو الحسن الأصبهاني في ذلك المجلس.
4 - دعاء الإمام السجَّاد (عليه السلام) يوم عرفة لحفظ الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) ونصره:
جاء في دعائه (عليه السلام) في يوم عرفة: «اَللَّهُمَّ إِنَّكَ أَيَّدْتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أَوَانٍ بِإِمَامٍ أَقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبَادِكَ، وَمَنَاراً فِي بِلَادِكَ بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ، وَجَعَلْتَهُ اَلذَّرِيعَةَ إِلَى رِضْوَانِكَ، وَاِفْتَرَضْتَ طَاعَتَهُ، وَحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ، وَأَمَرْتَ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، وَاَلْاِنْتِهَاءِ عِنْدَ نَهْيِهِ، وَأَلَّا يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ، وَلَا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ، فَهُوَ عِصْمَةُ اَللَّائِذِينَ، وَكَهْفُ اَلمُؤْمِنِينَ، وَعُرْوَةُ اَلمُتَمَسِّكِينَ، وَبَهَاءُ اَلْعَالَمِينَ. اَللَّهُمَّ فَأَوْزِعْ لِوَلِيِّكَ شُكْرَ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَوْزِعْنَا مِثْلَهُ فِيهِ، وَآتِهِ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً ، وَاِفْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً، وَأَعِنْهُ بِرُكْنِكَ اَلْأَعَزِّ، وَاُشْدُدْ أَزْرَهُ، وَقَوِّ عَضُدَهُ، وَرَاعِهِ بِعَيْنِكَ، وَاِحْمِهِ بِحِفْظِكَ، وَاُنْصُرْهُ بِمَلَائِكَتِكَ، وَاُمْدُدْهُ بِجُنْدِكَ اَلْأَغْلَبِ، وَأَقِمْ بِهِ كِتَابَكَ وَحُدُودَكَ وَشَرَائِعَكَ وَسُنَنَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ اَللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَأَحْيِ بِهِ مَا أَمَاتَهُ اَلظَّالِمُونَ مِنْ مَعَالِمِ دِينِكَ، وَاُجْلُ بِهِ صَدَأَ اَلْجَوْرِ عَنْ طَرِيقَتِكَ، وَأَبِنْ بِهِ اَلضَّرَّاءَ مِنْ سَبِيلِكَ، وَأَزِلْ بِهِ اَلنَّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ، وَاِمْحَقْ بِهِ بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً، وَأَلِنْ جَانِبَهُ لِأَوْلِيَائِكَ، وَاُبْسُطْ يَدَهُ عَلَى أَعْدَائِكَ، وَهَبْ لَنَا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَتَعَطُّفَهُ وَتَحَنُّنَهُ، وَاِجْعَلْنَا لَهُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، وَفِي رِضَاهُ سَاعِينَ، وَإِلَى نُصْرَتِهِ وَاَلمُدَافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ، وَإِلَيْكَ وَإِلَى رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ اَللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ...» الدعاء(338).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(338) الصحيفة السجَّاديَّة (ص 322 و323).

(٢٨٣)

10 ذي الحجَّة: سنة الظهور: أحداث وقلاقل في ذي الحجَّة:
قال الحاكم في (المستدرك): قال أبو يوسف: فحدَّثني محمّد بن عبد الله، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما)، قال: «يحجُّ الناس معاً ويُعرَّفون معاً على غير إمام، فبينما هم نزول بمنى إذ أخذهم كالكلب فثارت القبائل بعضها إلى بعض واقتتلوا حتَّى تسيل العقبة دماً، فيفزعون إلى خيرهم فيأتونه وهو ملصق وجهه إلى الكعبة يبكي كأنِّي أنظر إلى دموعه، فيقولون: هلمَّ فلنبايعك، فيقول: ويحكم كم عهد قد نقضتموه؟ وكم دم قد سفكتموه؟ فيُبايَع كرهاً، فإذا أدركتموه فبايعوه فإنَّه المهدي في الأرض والمهدي في السماء»(339).
12 ذي الحجَّة: سنة (10هـ): خطبة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الكعبة المشرَّفة، وفيها ذكر حوادث آخر الزمان:
روى المجلسي (رحمه الله) عن (جامع الأخبار)، قال: روى جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: حججت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حجَّة الوداع، فلمَّا قضى النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما افتُرِضَ عليه من الحجِّ أتى مودِّع الكعبة فلزم حلقة الباب، ونادى برفيع صوته: «أيُّها الناس»، فاجتمع أهل المسجد وأهل السوق، فقال: «اسمعوا، إنِّي قائل ما هو بعدي كائن فليُبلِّغ شاهدكم غائبكم»، ثمّ بكى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتَّى بكى لبكائه الناس أجمعين، فلمَّا سكت من بكائه قال: «اعلموا رحمكم الله أنَّ مثلكم في هذا اليوم كمثل ورق لا شوك فيه إلى أربعين ومائة سنة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(339) مستدرك الحاكم (ج 4/ ص 503 و504).

(٢٨٤)

ثمّ يأتي من بعد ذلك شوك وورق إلى مائتي سنة، ثمّ يأتي من بعد ذلك شوك لا ورق فيه حتَّى لا يُرى فيه إلَّا سلطان جائر، أو غنيٌّ بخيل، أو عالم مراغب في المال، أو فقير كذَّاب، أو شيخ فاجر، أو صبيٌّ وقح، أو امرأة رعناء»، ثمّ بكى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقام إليه سلمان الفارسي وقال: يا رسول الله، أخبرنا متى يكون ذلك؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يا سلمان، إذا قلَّت علماؤكم، وذهبت قُرَّاؤكم، وقطعتم زكاتكم، وأظهرتم منكراتكم، وعلت أصواتكم في مساجدكم، وجعلتم الدنيا فوق رؤوسكم والعلم تحت أقدامكم، والكذب حديثكم، والغيبة فاكهتكم، والحرام غنيمتكم، ولا يرحم كبيركم صغيركم، ولا يُوقِّر صغيركم كبيركم. فعند ذلك تنزل اللعنة عليكم، ويُجعَل بأسكم بينكم، وبقي الدِّين بينكم لفظاً بألسنتكم. فإذا أُوتيتم هذه الخصال توقَّعوا الريح الحمراء أو مسخاً أو قذفاً بالحجارة، وتصديق ذلك في كتاب الله (عزَّ وجلَّ): ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾ [الأنعام: 65]».
فقام إليه جماعة من الصحابة، فقالوا: يا رسول الله، أخبرنا متى يكون ذلك؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «عند تأخير الصلوات، واتِّباع الشهوات، وشرب القهوات، وشتم الآباء والأُمَّهات. حتَّى ترون الحرام مغنماً، والزكاة مغرماً، وأطاع الرجل زوجته، وجفا جاره، وقطع رحمه، وذهبت رحمة الأكابر، وقلَّ حياء الأصاغر، وشيَّدوا البنيان، وظلموا العبيد والإماء، وشهدوا بالهوى، وحكموا بالجور، ويسبُّ الرجل أباه، ويحسد الرجل أخاه، ويعامل الشركاء بالخيانة، وقلَّ الوفاء، وشاع الزنا، وتزيَّن الرجال بثياب النساء، وسُلِبَ عنهنَّ قناع الحياء، ودبَّ الكبر في القلوب كدبيب السمِّ في الأبدان، وقلَّ المعروف، وظهرت الجرائم، وهُوِّنت

(٢٨٥)

العظائم، وطلبوا المدح بالمال، وأنفقوا المال للغناء، وشغلوا بالدنيا عن الآخرة، وقلَّ الورع، وكثر الطمع والهرج والمرج، وأصبح المؤمن ذليلاً والمنافق عزيزاً، مساجدهم معمورة بالأذان وقلوبهم خالية من الإيمان، واستخفُّوا بالقرآن، وبلغ المؤمن عنهم كلَّ هوان. فعند ذلك ترى وجوههم وجوه الآدميِّين، وقلوبهم قلوب الشياطين، كلامهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرُّ من الحنظل، فهم ذئاب وعليهم ثياب، ما من يوم إلَّا يقول الله تبارك وتعالى: أفبي تغترُّون أم عليَّ تجترؤون؟ ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ [المؤمنون: 115]، فوَعزَّتي وجلالي، لولا من يعبدني مخلصاً ما أمهلت من يعصيني طرفة عين، ولولا ورع الورعين من عبادي لما أنزلت من السماء قطرة، ولا أنبتُّ ورقة خضراء، فوا عجباه لقوم آلهتهم أموالهم، وطالت آمالهم، وقصرت آجالهم، وهم يطمعون في مجاورة مولاهم، ولا يصلون إلى ذلك إلَّا بالعمل، ولا يتمُّ العمل إلَّا بالعقل»(340).
* وروى القمِّي (رحمه الله) في تفسيره عن أبيه، عن سليمان بن مسلم الخشَّاب، عن عبد الله بن جريح المكِّي، عن عطا بن أبي رياح، عن عبد الله بن عبَّاس، قال: حججنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حجَّة الوداع، فأخذ بحلقة باب الكعبة ثمّ أقبل علينا بوجهه فقال: «ألَا أُخبركم بأشراط الساعة؟»، وكان أدنى الناس منه يومئذٍ سلمان (رحمة الله عليه)، فقال: بلى يا رسول الله، فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إنَّ من أشراط القيامة: إضاعة الصلوات، واتِّباع الشهوات، والميل إلى الأهواء، وتعظيم أصحاب المال، وبيع الدِّين بالدنيا، فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح في الماء ممَّا يرى من المنكر فلا يستطيع أنْ يُغيِّره»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، إنَّ عندها يليهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(340) بحار الأنوار (ج 52/ ص 262 - 264/ ح 148).

(٢٨٦)

أُمراء جورة، ووزراء فسقة، وعرفاء ظلمة، وأمناء خونة»، فقال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، إنَّ عندها يكون المنكر معروفاً والمعروف منكراً، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين، ويُصدَّق الكاذب ويُكذَّب الصادق»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، فعندها تكون إمارة النساء، ومشاورة الإماء، وقعود الصبيان على المنابر، ويكون الكذب طرفاً، والزكاة مغرماً، والفيء مغنماً، ويجفو الرجل والديه ويبرُّ صديقه، ويطلع الكوكب المذنب»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة، ويكون المطر قيظاً، ويغيظ الكرام غيظاً، ويحتقر الرجل المعسر، فعندها تقارب الأسواق إذ قال هذا: لم أبع شيئاً، وقال هذا: لم أربح شيئاً، فلا ترى إلَّا ذامًّا لله»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: «إي والذي نفسي بيده يا

(٢٨٧)

سلمان، فعندها يليهم أقوام إنْ تكلَّموا قتلوهم وإنْ سكتوا استباحوا حقَّهم ليستأثرون أنفسهم بفيئهم وليطؤن حرمتهم وليسفكنَّ دماءهم وليملأنَّ قلوبهم دغلاً ورعباً، فلا تراهم إلَّا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، إنَّ عندها يُؤتى بشيء من المشرق وشيء من المغرب يلون أُمَّتي، فالويل لضعفاء أُمَّتي منهم والويل لهم من الله، لا يرحمون صغيراً ولا يُوقِّرون كبيراً ولا يتجاوزون من مسيء، جثَّتهم جثَّة الآدميِّين وقلوبهم قلوب الشياطين»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء، ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، وتشبَّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، ولتركبنَّ ذوات الفروج السروج فعليهنَّ من أُمَّتي لعنة الله»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ فقال: «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، إنَّ عندها تُزخرَف المساجد كما تُزخرَف البيع والكنائس، وتُحلَّى المصاحف، وتطول المنارات، وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: «إي والذي نفسي بيده وعندها تُحلَّى ذكور أُمَّتي بالذهب، ويلبسون الحرير والديباج، ويتَّخذون جلود النمور صفافاً»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يظهر الربا، ويتعاملون بالعينة والرشى، ويُوضَع الدِّين وتُرفَع الدنيا»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يكثر الطلاق، فلا يقام لله حدٌّ ولن يضرُّوا الله شيئاً»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها تظهر القينات والمعازف ويليهم أشرار أُمَّتي»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها تحجُّ أغنياء أُمَّتي للنزهة، وتحجُّ أوساطها للتجارة، وتحجُّ فقراؤهم للرياء والسمعة، فعندها يكون أقوام يتَّعلمون القرآن لغير الله ويتَّخذونه مزامير، ويكون أقوام يتفقَّهون لغير الله، وتكثر أولاد الزنا، ويتغنَّون بالقرآن، ويتهافتون بالدنيا»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، ذاك إذا انتهكت المحارم، واكتسبت المآثم، وتسلَّط الأشرار على الأخيار، ويفشو الكذب، وتظهر اللجاجة، وتغشو الفاقة، ويتباهون في اللباس، ويُمطَرون في غير أوان المطر، ويستحسنون الكوبة والمعازف، ويُنكِرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتَّى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذلُّ من الأَمَة، ويُظهر قُرَّاؤهم وعُبَّادهم فيما بينهم التلاوم، فأُولئك يدعون في ملكوت السماوات: الأرجاس والأنجاس»، قال سلمان: وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، فعندها لا يخشى الغنيُّ على الفقير حتَّى إنَّ السائل يسأل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحداً يضع في كفِّه شيئاً»، قال سلمان:

(٢٨٨)

وإنَّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إي والذي نفسي بيده يا سلمان، عندها يتكلَّم الرويبضة»، فقال: وما الرويبضة يا رسول الله فداك أبي وأُمِّي؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يتكلَّم في أمر العامَّة من لم يكن يتكلَّم، فلم يلبثوا إلَّا قليلاً حتَّى تخور الأرض خورة، فلا يظنُّ كلُّ قوم إلَّا أنَّها خارت في ناحيتهم، فيمكثون ما شاء الله، ثمّ ينكتون في مكثهم فتلقى لهم الأرض أفلاذ كبدها ذهباً وفضَّةً - ثمّ أومأ بيده إلى الأساطين فقال - مثل هذا، فيومئذٍ لا ينفع ذهب ولا فضَّة، فهذا معنى قوله: ﴿فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾ [محمّد: 18]»(341).
18 ذي الحجَّة: سنة (10هـ): خطبة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم غدير خمٍّ في حجَّة الوداع وبشارته بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الطوسي (رحمه الله) في أماليه عن الحفَّار، قال: حدَّثنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي الحافظ، قال: حدَّثني أبو الحسن عليُّ بن موسى الخزَّاز من كتابه، قال: حدَّثنا الحسن بن عليٍّ الهاشمي، قال: حدَّثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدَّثنا أبو مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الراية يوم خيبر إلى عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ففتح الله عليه، وأوقفه يوم غدير خُمٍّ، فأعلم الناس أنَّه مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة... إلى أنْ قال: ثمّ بكى النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقيل: مِمَّ بكاؤك، يا رسول الله؟ قال: «أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أنَّهم يظلمونه ويمنعونه حقَّه، ويقاتلونه ويقتلون ولده، ويظلمونهم بعده، وأخبرني جبرئيل (عليه السلام) عن الله (عزَّ وجلَّ) أنَّ ذلك يزول إذا قام قائمهم، وعلت كلمتهم، واجتمعت الأُمَّة على محبَّتهم، وكان الشانئ لهم قليلاً، والكاره لهم ذليلاً، وكثر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(341) تفسير القمِّي (ج 2/ ص 303 - 307).

(٢٨٩)

المادح لهم، وذلك حين تغيُّر البلاد، وضعف العباد، والإياس من الفرج، وعند ذلك يظهر القائم منهم». فقيل له: ما اسمه؟ قال النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «اسمه كاسمي، واسم أبيه كاسم أبي(342)، هو من ولد ابنتي، يُظهر اللهُ الحقَّ بهم، ويُخمد الباطل بأسيافهم، ويتَّبعهم الناس بين راغب إليهم وخائف منهم». قال: وسكن البكاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(342) قال محمّد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول (ص 487 - 489): (إنْ قال المعترض:... إنَّ من جملة الصفات المجعولة علامة ودلالة أنْ يكون اسم أبيه مواطئاً لاسم أب النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، هكذا صرَّح به الحديث النبوي على ما أوردوه، وهذه الصفة لم توجد فيه...، فالجواب: لا بدَّ قبل الشروع في تفصيل الجواب من بيان أمرين يبتني عليهما الغرض:
[الأمر] الأوَّل: أنَّه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجدِّ الأعلى وقد نطق القرآن الكريم بذلك فقال تعالى: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الحجّ: 78]، وقال تعالى حكاية يوسف (عليه السلام): ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ﴾ [يوسف: 38]، ونطق بذلك النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حديث الإسراء أنَّه قال: «قلت: من هذا؟ قال: أبوك إبراهيم». فعُلِمَ أنَّ لفظة (الأب) تُطلَق على الجدِّ وإنْ علا، فهذا أحد الأمرين.
الأمر الثاني: أنَّ لفظة الاسم تُطلَق على الكنية وعلى الصفة، وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم ووردت في الأحاديث حتَّى ذكرها الإمامان البخاري ومسلم (رضي الله عنهما) كلٌّ منهما يرفعه إلى سهل بن سعد الساعدي، أنَّه قال عن عليٍّ (عليه السلام): أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سمَّاه بأبي تراب، ولم يكن له اسم أحبّ إليه منه. فأطلق لفظة الاسم على الكنية، ومثل ذلك قال الشاعر:

أجلّ قدرك أنْ تُسمَّى مؤبَّنة * * * ومن كنَّاك فقد سمَّاك للعرب

ويُروى: (من يصفك)، فأطلق التسمية على الكناية أو الصفة، وهذا شائع ذائع في لسان العرب.
فإذا وضح ما ذكرناه من الأمرين فاعلم أيَّدك الله بتوفيقه أنَّ النبيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان له سبطان: أبو محمّد الحسن وأبو عبد الله الحسين، ولـمَّا كان الحجَّة الخلف الصالح محمّد (عليه السلام) من ولد أبي عبد الله الحسين، ولم يكن من ولد أبي محمّد الحسن، وكانت كنية الحسين أبا عبد الله فأطلق النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على الكنية لفظ الاسم لأجل المقابلة بالاسم في حقِّ أبيه، وأطلق على الجدِّ لفظة الأب فكأنَّه قال: يواطئ اسمه اسمي، فهو محمّد وأنا محمّد وكنية جدِّه اسم أبي، إذ هو أبو عبد الله وأبي عبد الله لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته وإعلام أنَّه من ولد أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز، وحينئذٍ تنتظم الصفات وتوجد بأسرها مجتمعة للحجَّة الخلف الصالح محمّد (عليه السلام)، وهذا بيان شافٍ كافٍ في إزالة ذلك الإشكال، فافهمه).

(٢٩٠)

عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال: «معاشر المؤمنين، أبشروا بالفرج، فإنَّ وعد الله لا يخلف، وقضاءه لا يُرَدُّ، وهو الحكيم الخبير، فإنَّ فتح الله قريب. اللَّهُمَّ إنَّهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً، اللَّهُمَّ اكلأهم وارعهم وكن لهم، وانصرهم وأعنهم، وأعزَّهم ولا تذلَّهم، واخلفني فيهم، إنَّك على كلِّ شيء قدير»(343).
23 ذي الحجَّة: سنة (412هـ): تاريخ وصول رسالة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) الثانية إلى الشيخ المفيد (رحمه الله):
جاء في (الاحتجاج) للشيخ الطبرسي (رحمه الله): ورد على الشيخ المفيد (رحمه الله) كتاب آخر من قِبَل الإمام المهدي (صلوات الله عليه)، يوم الخميس الثالث والعشرين من ذي الحجَّة، سنة اثني عشر وأربعمائة، نسخته: «بسم الله الرحمن الرحيم، سلام الله عليك أيُّها الناصر للحقِّ، الداعي إليه بكلمة الصدق، فإنَّا نحمد الله إليك الذي لا إله إلَّا هو، إلهنا وإله آبائنا الأوَّلين، ونسأله الصلاة على سيِّدنا ومولانا محمّد خاتم النبيِّين، وعلى أهل بيته الطاهرين. وبعد: فقد كنَّا نظرنا مناجاتك عصمك الله بالسبب الذي وهبه الله لك من أوليائه، وحرسك به من كيد أعدائه، وشفعنا ذلك الآن من مستقرٍّ لنا ينصب في شمراخ، من بهماء صرنا إليه آنفاً من غماليل ألجأنا إليه السباريت من الإيمان، ويوشك أنْ يكون هبوطنا إلى صحصح من غير بعد من الدهر ولا تطاول من الزمان ويأتيك نبأ منَّا بما يتجدَّد لنا من حال، فتعرف بذلك ما نعتمده من الزلفة إلينا بالأعمال، والله موفِّقك لذلك برحمته، فلتكن حرسك الله بعينه التي لا تنام أنْ تقابل لذلك فتنة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(343) أمالي الطوسي (ص 351 و352/ ح 726/66).

(٢٩١)

تسبل نفوس قوم حرثت باطلاً لاسترهاب المبطلين، يبتهج لذمارها المؤمنون، ويحزن لذلك المجرمون، وآية حركتنا من هذه اللوثة حادثة بالجرم المعظم من رجس منافق مذمم، مستحلٍّ للدم المحرَّم، يعمد بكيده أهل الإيمان ولا يبلغ بذلك غرضه من الظلم والعدوان، لأنَّنا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يُحجَب عن مَلِك الأرض والسماء، فليطمئنَّ بذلك من أوليائنا القلوب، وليثقوا بالكفاية منه، وإنْ راعتهم بهم الخطوب، والعاقبة بجميل صنع الله سبحانه تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب. ونحن نعهد إليك أيُّها الوليُّ المخلص المجاهد فينا الظالمين أيَّدك الله بنصره الذي أيَّد به السلف من أوليائنا الصالحين، أنَّه من اتَّقى ربَّه من إخوانك في الدِّين وأخرج ممَّا عليه إلى مستحقِّيه، كان آمناً من الفتنة المبطلة، ومحنها المظلمة المظلَّة ومن بخل منهم بما أعاده الله من نعمته على من أمره بصلته، فإنَّه يكون خاسراً بذلك لأُولاه وآخرته، ولو أنَّ أشياعاً وفَّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخَّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجَّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقِّ المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلَّا ما يتَّصل بنا ممَّا نكرهه ولا نُؤثِره منهم، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلاته على سيِّدنا البشير النذير محمّد وآله الطاهرين وسلَّم».
كتب في غرَّة شوَّال من سنة اثني عشر وأربعمائة: نسخة التوقيع باليد العليا (صلوات الله على صاحبها): «هذا كتابنا إليك أيُّها الوليُّ الملهم للحقِّ العليِّ، بإملائنا وخطِّ ثقتنا، فاخفه عن كلِّ أحد، واطوه واجعل له نسخة يطَّلع عليها من تسكن إلى أمانته من أوليائنا شملهم الله ببركتنا إنْ شاء الله، الحمد لله والصلاة على سيِّدنا محمّد النبيِّ وآله الطاهرين»(344).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(344) الاحتجاج (ج 2/ ص 324 و325)؛ قال السيِّد بحر العلوم في الفوائد الرجاليَّة (ج 3/ ص 320): (وقد يشكل أمر هذا التوقيع بوقوعه في الغيبة الكبرى، مع جهالة المبلِّغ ودعواه المشاهدة المنافية بعد الغيبة الصغرى، ويمكن دفعه باحتمال حصول العلم بمقتضى القرائن، واشتمال التوقيع على الملاحم والإخبار عن الغيب الذي لا يطَّلع عليه إلَّا الله وأولياؤه بإظهاره لهم، وأنَّ المشاهدة المنفيَّة أنْ يشاهد الإمام ويعلم أنَّه الحجَّة (عليه السلام) حال مشاهدته له، ولم يعلم من المبلِّغ ادِّعاؤه لذلك، وقد يُمنَع أيضاً امتناعها في شأن الخواصِّ، وأنَّ اقتضاه ظاهر النصوص بشهادة الاعتبار ودلالة بعض الآثار).

(٢٩٢)

25 ذي الحجَّة: سنة الظهور: يوم (25) ذي الحجَّة من سنة الظهور يقتل النفس الزكيَّة:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا محمّد بن الحسن الصفَّار، عن العبَّاس بن معروف، عن عليِّ بن مهزيار، عن عبد الله بن محمّد الحجَّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن شعيب الحذَّاء، عن صالح مولى بني العذراء، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: «ليس بين قيام قائم آل محمّد وبين قتل النفس الزكيَّة إلَّا خمسة عشر ليلة»(345)(346).
* وروى المجلسي (رحمه الله) في (البحار) عن السيِّد عليِّ بن عبد الحميد بإسناده يرفعه إلى أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل إلى أنْ قال: «يقول القائم (عليه السلام) لأصحابه: يا قوم، إنَّ أهل مكَّة لا يريدونني، ولكنِّي مرسل إليهم لأحتجَّ عليهم بما ينبغي لمثلي أنْ يحتجَّ عليهم. فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له: امض إلى أهل مكَّة فقل: يا أهل مكَّة، أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم: إنَّا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرّيَّة محمّد وسلالة النبيِّين،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(345) كمال الدِّين (ص 649/ باب 57/ ح 2)، الإرشاد (ج 2/ ص 374)، الغيبة للطوسي (ص 445/ ح 440)، الخرائج والجرائح (ج 3/ ص 1162)، الصراط المستقيم (ج 2/ ص 249)، كشف الغمَّة (ج 3/ ص 259).
(346) قد مرَّ سابقاً أنَّ الظهور المقدَّس للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) يكون في اليوم العاشر من المحرَّم.

(٢٩٣)

وإنَّا قد ظُلمنا واضطُهدنا وقُهرنا وابتُزَّ منَّا حقُّنا منذ قُبِضَ نبيُّنا إلى يومنا هذا، فنحن نستنصركم فانصرونا. فإذا تكلَّم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام، وهي النفس الزكيَّة، فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألَا أخبرتكم أنَّ أهل مكَّة لا يريدوننا؟ فلا يدعونه حتَّى يخرج فيهبط من عقبة طوى(347) في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدَّة أهل بدر حتَّى يأتي المسجد الحرام، فيُصلِّي فيه عند مقام إبراهيم أربع ركعات، ويسند ظهره إلى الحجر الأسود، ثمّ يحمد الله ويثني عليه، ويذكر النبيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ويُصلِّي عليه، ويتكلَّم بكلام لم يتكلَّم به أحد من الناس. فيكون أوَّل من يضرب على يده ويبايعه جبرئيل وميكائيل، ويقوم معهما رسول الله وأمير المؤمنين فيدفعان إليه كتاباً جديداً هو على العرب شديد بخاتم رطب، فيقولون له: اعمل بما فيه، ويبايعه الثلاثمائة وقليل من أهل مكَّة. ثمّ يخرج من مكَّة حتَّى يكون في مثل الحلقة»، قلت: وما الحلقة؟ قال: «عشرة آلاف رجل، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، ثمّ يهزُّ الراية الجليَّة وينشرها وهي راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) السحابة ودرع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) السابغة، ويتقلَّد بسيف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذي الفقار»(348).
30 ذي الحجَّة: سنة (266هـ): حدوث الغيبة التامَّة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على رواية المفضَّل ابن عمر:
راجع ما ذُكِرَ في (8/ ربيع الأوَّل/ 260هـ) تحت عنوان: (إنباء الإمام الصادق (عليه السلام) للمفضَّل بن عمر بشهادة الإمام العسكري (عليه السلام)...).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(347) موضع قرب مكَّة. انظر: مجمع البحرين (ج 1/ ص 279).
(348) بحار الأنوار (ج 52/ ص 307/ ح 81).

(٢٩٤)

أحداث هذا الشهر بدون ذكر اليوم:
1 - سنة (147هـ): إخبار الإمام الصادق (عليه السلام) لعبَّاد البصري بظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في آخر الزمان:
روى السيِّد ابن طاوس (رحمه الله) عن جدِّه أبي جعفر الطوسي، عن جماعة، عن هارون بن موسى التلعكبري، عن ابن همَّام، عن جميل، عن القاسم بن إسماعيل، عن أحمد بن رياح، عن أبي الفرج أبان بن محمّد المعروف بالسندي نقلناه من أصله، قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) في الحجِّ - في السنة التي قَدِمَ فيها أبو عبد الله (عليه السلام) - تحت الميزاب وهو يدعو، وعن يمينه عبد الله بن الحسن، وعن يساره حسن بن حسن، وخلفه جعفر بن حسن، قال: فجائه عبَّاد بن كثير البصري، قال: فقال له: يا أبا عبد الله، قال: فسكت عنه حتَّى قالها ثلاثاً، قال: ثمّ قال له: يا جعفر، قال: فقال له: «قل ما تشاء يا أبا كثير»، قال: إنِّي وجدت في كتاب لي علم هذه البنية رجل ينقضها حجراً حجراً. قال: فقال له: «كذب كتابك يا أبا كثير، ولكن كأنِّي والله بأصفر القدمين، خمش الساقين، ضخم البطن، رقيق العنق، ضخم الرأس على هذا الركن - وأشار بيده إلى الركن اليماني - يمنع الناس من الطواف حتَّى يتذعَّروا منه»، قال: «ثمّ يبعث الله له رجلاً منِّي - وأشار بيده إلى صدره -، فيقتله قتل عاد وثمود وفرعون ذي الأوتاد»، قال: فقال له عند ذلك عبد الله بن الحسن: صدق والله أبو عبد الله (عليه السلام)، حتَّى صدَّقوه كلُّهم جميعاً(349).
2 - سنة (147هـ): استشهاد الإمام الصادق (عليه السلام) بآية الاستخلاف على الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
قال المجلسي (رحمه الله) في (البحار): وجدت بخطِّ الشيخ محمّد بن عليٍّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(349) إقبال الأعمال (ج 3/ ص 87 و88).

(٢٩٥)

الجباعي (رحمه الله)، قال: وجدت بخطِّ الشهيد (نوَّر الله ضريحه): روى الصفواني في كتابه عن صفوان أنَّه لـمَّا طلب المنصور أبا عبد الله (عليه السلام) توضَّأ وصلَّى ركعتين، ثمّ سجد سجدة الشكر، وقال: «اَللَّهُمَّ إِنَّكَ وَعَدْتَنَا عَلَى لِسَان نَبِيَّكَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَوَعْدُكَ اَلْحَقُّ أَنَّكَ تُبَدَّلُنَا مِنْ بَعْدِ خَوْفِنَا أَمْناً، اَللَّهُمَّ فَأَنْجِزْ لَنَا مَا وَعَدْتَنَا إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ اَلْمِيعادَ»، قال: قلت له: يا سيِّدي، فأين وعد الله لكم؟ فقال (عليه السلام): «قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ...﴾ الآية [النور: 55]»(350).
3 - سنة (193هـ): تصحيح الإمام الرضا (عليه السلام) لحديث روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حقِّ الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الكشِّي (رحمه الله) عن عليِّ بن محمّد بن قتيبة، قال: حدَّثني الفضل بن شاذان، قال: حدَّثنا محمّد بن الحسن الواسطي ومحمّد بن يونس، قالا: حدَّثنا الحسن بن قياما الصيرفي(351)، قال: حججت في سنة ثلاث وتسعين ومائة، وسألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام)، فقلت: جُعلت فداك، ما فعل أبوك؟ قال: «مضى كما مضى آباؤه».
قلت: فكيف أصنع بحديث حدَّثني به يعقوب بن شعيب، عن أبي بصير أنَّ أبا عبد الله (عليه السلام) قال: «إنْ جاءكم من يُخبركم أنَّ ابني هذا مات وكُفِّن ولُبن وقُبر ونفضوا أيديهم من تراب قبره فلا تُصدِّقوا به»؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(350) بحار الأنوار (ج 51/ ص 64).
(351) الظاهر أنَّ (الحسن) تصحيف (الحسين)، وهو الحسين بن قياما الصيرفي، عدَّه الطوسي (رحمه الله) في رجاله (ص 336/ الرقم 4997/28) من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام)، فقال: (الحسين بن قياما واقفي)، بل ورد في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) (ج 2/ ص 226/ ح 13) أنَّه كان من رؤساء الواقفة. وقد دعا عليه الإمام الكاظم (عليه السلام) مرَّتين، وبقي على وقفه إلى أنْ مات. راجع: تهذيب المقال (ج 2/ ص 436 - 438).

(٢٩٦)

فقال: «كذب أبو بصير(352)، ليس هكذا حدَّثه، إنَّما قال: إنْ جاءكم عن صاحب هذا الأمر»(353).
4 - سنة (259هـ): أوَّل حجَّة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) مع جدَّته أُمِّ الحسن العسكري (عليه السلام) وعمره (4) سنوات:
روى النوري (رحمه الله) نقلاً عن عليِّ بن الحسين المسعودي في كتابه (إثبات الوصيَّة)، عن الحميري، عن أحمد بن إسحاق، قال: دخلت على أبي محمّد (عليه السلام) فقال لي: «يا أحمد، ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشكِّ والارتياب؟»، قلت: يا سيِّدي، لـمَّا ورد الكتاب بخبر سيِّدنا ومولده، لم يبقَ منَّا رجل ولا امرأة ولا غلام بلغ الفهم إلَّا قال بالحقِّ، فقال: «أمَا علمتم أنَّ الأرض لا تخلو من حجَّة الله؟». ثمّ أمر أبو محمّد (عليه السلام) والدته بالحجِّ في سنة تسع وخمسين ومائتين، وعرَّفها ما يناله في سنة ستِّين، وأحضر الصاحب (عليه السلام) فأوصى إليه وسلَّم الاسم الأعظم والمواريث والسلاح إليه، وخرجت أُمُّ أبي محمّد (عليه السلام) مع الصاحب (عليه السلام) جميعاً إلى مكَّة، وكان أحمد بن محمّد بن مطهَّر أبو عليٍّ المتولِّي لما يحتاج إليه الوكيل، فلمَّا بلغوا بعض المنازل من طريق مكَّة، تلقَّى الأعراب القوافل، فأخبروهم بشدَّة الخوف، وقلَّة الماء، فرجع أكثر الناس إلَّا من كان في الناحية، فإنَّهم نفذوا وسلموا، وروي أنَّه ورد عليهم الأمر بالنفوذ(354).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(352) قال السيِّد الخوئي (رحمه الله) في معجم رجال الحديث (ج 21/ ص 86): (هذه الرواية ضعيفة السند، ولا أقلَّ من جهة الحسن بن قياما الصيرفي، على أنَّها معارضة بعدَّة روايات، منها: ما رواه الصفَّار، قال: حدَّثنا أبو طالب بن عثمان بن عيسى، قال: كنت أنا وأبو بصير ومحمّد بن عمران مولى أبي جعفر في منزله بمكَّة، قال: فقال محمّد بن عمران: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «نحن اثنا عشر محدَّثاً»، قال له أبو بصير: والله لسمعت من أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: فحلَّفه مرَّة واثنتين أنَّه سمعت، قال: فقال أبو بصير: كذا سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول).
(353) اختيار معرفة الرجال (ج 2/ ص 773/ ح 902).
(354) خاتمة المستدرك (ج 4/ ص 55 و56).

(٢٩٧)

5 - سنة (281هـ): سفر يعقوب بن يوسف للحجِّ وسكنه في دار الرضا (عليه السلام) في مكَّة وملاقاته عجوزاً تلتقي بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وإعطائها له نسخة من توقيع يحوي دعاءً طويلاً:
نقل الطبري الشيعي (رحمه الله) عن أصلٍ بخطِّ شيخنا أبي عبد الله الحسين الغضائري (رحمه الله)، قال: حدَّثني أبو الحسن عليُّ بن عبد الله القاساني، قال: حدَّثنا الحسين بن محمّد سنة ثمان وثمانين ومائتين بقاسان بعد منصرفه من أصبهان، قال: حدَّثني يعقوب بن يوسف بأصبهان، قال: حججت سنة إحدى وثمانين ومائتين، وكنت مع قوم مخالفين، فلمَّا دخلنا مكَّة تقدَّم بعضهم فاكترى لنا داراً في زقاق من سوق الليل في دار خديجة تُسمَّى دار الرضا (عليه السلام)، وفيها عجوز سمراء، فسألتها لـمَّا وقفت على أنَّها دار الرضا (عليه السلام): ما تكونين من أصحاب هذه الدار، ولِـمَ سُمِّيت دار الرضا؟ فقالت: أنا من مواليهم، وهذه دار الرضا عليِّ بن موسى (عليهما السلام)، وأسكننيها الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام)، فإنِّي كنت خادمة له. فلمَّا سمعت بذلك أنست بها، وأسررت الأمر عن رفقائي، وكنت إذا انصرفت من الطواف بالليل أنام مع رفقائي في رواق الدار ونغلق الباب، ونرمي خلف الباب حجراً كبيراً، فرأيت غير ليلة ضوء السراج في الرواق الذي كنَّا فيه شبيهاً بضوء المشعل، ورأيت الباب قد فُتِحَ، ولم أرَ أحداً فتحه من أهل الدار، ورأيت رجلاً ربعة، أسمر، يميل إلى الصفرة، في وجهه سجَّادة، عليه قميصان وإزار رقيق قد تقنَّع به، وفي رجله نعل طاق - وخبَّرني أنَّه رآه في غير صورة واحدة -، فصعد إلى الغرفة التي في الدار حيث كانت العجوز تسكن، وكانت تقول لنا: إنَّ لها في الغرفة بنتاً، ولا تدع أحداً يصعد إلى الغرفة. فكنت أرى الضوء الذي رأيته قبل في الزقاق على الدرجة عند صعود الرجل في الغرفة التي يصعدها من غير أنْ أرى السراج بعينه، وكان الذين معي يرون مثل ما أرى، فتوهَّموا أنْ يكون هذا

(٢٩٨)

الرجل يختلف إلى بنت هذه العجوز، وأنْ يكون قد تمتَّع بها، فقالوا: هؤلاء علويَّة، يرون هذا وهو حرام لا يحلُّ. وكنَّا نراه يدخل ويخرج ونجيء إلى الباب وإذا الحجر على حالته التي تركناه عليها، وكنَّا نتعهَّد الباب خوفاً على متاعنا، وكنَّا لا نرى أحداً يفتحه ولا يغلقه، والرجل يدخل ويخرج والحجر خلف الباب إلى أنْ حان وقت خروجنا. فلمَّا رأيت هذه الأسباب ضرب على قلبي، ووقعت الهيبة فيه، فتلطَّفت للمرأة، وقلت: أُحِبُّ أنْ أقف على خبر الرجل. فقلت لها: يا فلانة، إنِّي أُحِبُّ أنْ أسألكِ وأُفاوضكِ من غير حضور هؤلاء الذين معي، فلا أقدر عليه، فأنا أُحِبُّ إذا رأيتني وحدي في الدار أنْ تنزلي لأسألكِ عن شيء. فقالت لي مسرعة: وأنا أردت أنْ أسرَّ إليك شيئاً، فلم يتهيَّأ ذلك من أجل أصحابك. فقلت: ما أردتِ أنْ تقولي؟ فقالت: يقول لك - ولم تذكر أحداً -: «لا تخاشن أصحابك وشركاءك ولا تلاحهم فإنَّهم أعداؤك، ودارهم». فقلت لها: من يقول؟ فقالت: أنا أقول. فلم أجسر لما كان دخل قلبي من الهيبة أنْ أُراجعها، فقلت: أيُّ الأصحاب؟ وظننتها تعني رفقائي الذين كانوا حُجَّاجاً معي. فقالت: لا، ولكن شركاؤك الذين في بلدك، وفي الدار معك. وكان قد جرى بيني وبين الذين عنتهم أشياء في الدِّين فشنَّعوا عليَّ حتَّى هربت واستترت بذلك السبب، فوقفت على أنَّها إنَّما عنت أُولئك. فقلت لها: ما تكونين من الرضا (عليه السلام)؟ فقالت: كنت خادمة للحسن بن عليٍّ (عليهما السلام). فلمَّا قالت ذلك قلت: لأسألنَّها عن الغائب (عليه السلام)، فقلت: بالله عليكِ رأيتِه بعينكِ؟ فقالت: يا أخي، لم أرَه بعيني، فإنِّي خرجت وأُختي حبلى وأنا خالية، وبشَّرني الحسن (عليه السلام) بأنِّي سوف أراه آخر عمري، وقال: «تكونين له كما أنتِ لي». وأنا اليوم منذ كذا وكذا سنة بمصر، وإنَّما قَدِمْتُ الآن بكتابه ونفقة وجَّه بها إليَّ على يد رجل من أهل خراسان، لا يفصح بالعربيَّة، وهي ثلاثون دينار، وأمرني أنْ أحجَّ سنتي هذه،

(٢٩٩)

فخرجت رغبةً في أنْ أراه. فوقع في قلبي أنَّ الرجل الذي كنت أراه يدخل ويخرج هو هو، فأخذت عشرة دراهم رضويَّة، وكنت حملتها على أنْ ألقيها في مقام إبراهيم (عليه السلام) فقد كنت نذرت ذلك ونويته، فدفعتها إليها، وقلت في نفسي: أدفعها إلى قوم من ولد فاطمة (عليها السلام) أفضل ممَّا ألقيها في المقام وأعظم ثواباً، وقلت لها: ادفعي هذه الدراهم إلى من يستحقُّها من ولد فاطمة (عليها السلام)، وكان في نيَّتي أنَّ الرجل الذي رأيته هو، وإنَّما تدفعها إليه، فأخذت الدراهم وصعدت وبقيت ساعة ثمّ نزلت، وقالت: يقول لك: «ليس لنا فيها حقٌّ، فاجعلها في الموضع الذي نويت، ولكن هذه الرضويَّة خذ منها بدلها وألقها في الموضع الذي نويت»، ففعلت ما أمرت به عن الرجل. ثمّ كانت معي نسخة توقيع خرج إلى القاسم بن العلاء بآذربيجان، فقلت لها: تعرضين هذه النسخة على إنسان قد رأى توقيعات الغائب ويعرفها. فقالت: ناولني فإنِّي أعرفها. فأريتها النسخة، وظننت أنَّ المرأة تحسن أنْ تقرأ، فقالت: لا يمكن أنْ أقرأ في هذا المكان. فصعدت به إلى السطح، ثمّ أنزلته فقالت: صحيح. وفي التوقيع: إنِّي أُبشِّركم ما سررت به وغيره. ثمّ قالت: يقول لك: «إذا صلَّيت على نبيِّك (عليه السلام)، فكيف تُصلِّي عليه؟»، فقلت: أقول: (اللَّهُمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وبارك على محمّد وآل محمّد، وارحم محمّداً وآل محمّد، كأفضل ما صلَّيت وباركت وترحَّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد). فقالت: لا، إذا صلَّيت عليهم فصلِّ عليهم كلِّهم وسمِّهم. فقلت: نعم. فلمَّا كان من الغد نزلت ومعها دفتر صغير قد نسخناه، فقالت: يقول لك: «إذا صلَّيت على نبيِّك فصلِّ عليه وعلى أوصيائه على هذه النسخة». فأخذتها وكنت أعمل بها. ورأيته عدَّة ليال قد نزل من الغرفة وضوء السراج قائم وخرج، فكنت أفتح الباب وأخرج على أثر الضوء وأنا أراه - أعني الضوء - ولا أرى أحداً حتَّى يدخل المسجد، وأرى جماعة من الرجال

(٣٠٠)

من بلدان كثيرة يأتون باب هذه الدار، قوم عليهم ثياب رثَّة يدفعون إلى العجوز رقاعاً معهم، ورأيت العجوز تدفع إليهم كذلك الرقاع وتُكلِّمهم ويُكلِّمونها ولا أفهم عنهم، ورأيت منهم جماعة في طريقنا حتَّى قَدِمنا بغداد.
نسخة الدعاء: «اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ اَلمُرْسَلِينَ، وَخَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، اَلمُنْتَجَبِ فِي اَلْمِيثَاقِ، اَلمُصْطَفَى فِي اَلضَّلَالِ، اَلمُطَهَّرِ مِنْ كُلِّ آفَةٍ، اَلْبَرِيءِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، اَلمُؤَمِّلِ لِلنَّجَاةِ، اَلمُرْتَجَى لِلشَّفَاعَةِ، اَلمُفَوَّضِ إِلَيْهِ فِي دِينِ اَللهِ.
اَللَّهُمَّ شَرِّفْ بُنْيَانَهُ، وَعَظِّمْ بُرْهَانَهُ، وَأَفْلِجْ حُجَّتَهُ، وَاِرْفَعْ دَرَجَتَهُ، وَضَوِّءْ نُورَهُ، وَبَيِّضْ وَجْهَهُ، وَأَعْطِهِ اَلْفَضْلَ وَاَلْفَضِيلَةَ، وَاَلْوَسِيلَةَ وَاَلدَّرَجَةَ اَلرَّفِيعَةَ، وَاِبْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً، يَغْبِطُهُ بِهِ اَلْأَوَّلُونَ وَاَلْآخِرُونَ. وَصَلِّ عَلَى أَمِيرِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَقَائِدِ اَلْغُرِّ اَلمُحَجَّلِينَ، وَسَيِّدِ اَلمُؤْمِنِينَ. وَصَلِّ عَلَى اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمَامِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. وَصَلِّ عَلَى اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمَامِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. وَصَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ، إِمَامِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمَامِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. وَصَلِّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، إِمَامِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. وَصَلِّ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، إِمَامِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. وَصَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، إِمَامِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمَامِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. وَصَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، إِمَامِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. وَصَلِّ عَلَى اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمَامِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. وَصَلِّ عَلَى اَلْخَلَفِ اَلْهَادِي اَلمَهْدِيِّ، إِمَامِ اَلمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ.

(٣٠١)

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ اَلْهَادِينَ، اَلْأَئِمَّةِ اَلْعُلَمَاءِ وَاَلصَّادِقِينَ، اَلْأَوْصِيَاءِ اَلمَرْضِيِّينَ، دَعَائِمِ دِينِكَ، وَأَرْكَانِ تَوْحِيدِكَ، وَتَرَاجِمَةِ وَحْيِكَ، وَحُجَجِكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَخُلَفَائِكَ فِي أَرْضِكَ، اَلَّذِينَ اِخْتَرْتَهُمْ لِنَفْسِكَ، وَاِصْطَفَيْتَهُمْ عَلَى عَبِيدِكَ، وَاِرْتَضَيْتَهُمْ لِدِينِكَ، وَخَصَصْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ، وَجَلَلْتَهُمْ بِكَرَامَتِكَ، وَغَشِيتَهُمْ بِرَحْمَتِكَ، وَغَذَّيْتَهُمْ بِحِكْمَتِكَ، وَأَلْبَسْتَهُمْ مِنْ نُورِكَ، وَرَبَّيْتَهُمْ بِنِعْمَتِكَ، وَرَفَعْتَهُمْ فِي مَلَكُوتِكَ، وَحَفَفْتَهُمْ بِمَلَائِكَتِكَ، وَشَرَّفْتَهُمْ بِنَبِيِّكَ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِمْ صَلَاةً دَائِمَةً كَثِيرَةَ طَيِّبَةً، لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَلَا يَسَعُهَا إِلَّا عِلْمُكَ، وَلَا يُحْصِيهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ.
اَللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ اَلمُحْيِي سُنَّتَكَ، اَلْقَائِمِ بِأَمْرِكَ، اَلدَّاعِي إِلَيْكَ، اَلدَّلِيلِ عَلَيْكَ، حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَخَلِيفَتِكَ فِي أَرْضِكَ، وَشَاهِدِكَ عَلَى عِبَادِكَ.
اَللَّهُمَّ أَعْزِزْ نَصْرَهُ، وَمُدَّ فِي عُمُرِهِ، وَزَيِّنِ اَلْأَرْضَ بِطُولِ بَقَائِهِ.
اَللَّهُمَّ اِكْفِهِ بَغْيَ اَلْحَاسِدِينَ، وَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ اَلْكَائِدِينَ، وَاِدْحَرْ عَنْهُ إِرَادَةَ اَلظَّالِمِينَ، وَخَلِّصْهُ مِنْ أَيْدِي اَلْجَبَّارِينَ.
اَللَّهُمَّ أَرِهِ فِي ذُرِّيَّتِهِ وَشِيعَتِهِ وَرَعِيَّتِهِ وَخَاصَّتِهِ وَعَامَّتِهِ وَعَدُوِّهِ وَجَمِيعِ أَهْلِ اَلدُّنْيَا مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ، وَتُسِرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَبَلِّغْهُ أَفْضَلَ أَمَلِهِ فِي اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اَللَّهُمَّ جَدِّدْ بِهِ مَا مُحِيَ مِنْ دِينِكَ، وَأَحْيِ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ كِتَابِكَ، وَأَظْهِرْ بِهِ مَا غُيِّرَ مِنْ حُكْمِكَ، حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ غَضًّا جَدِيداً خَالِصاً مَحْضاً، لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا شُبْهَةَ مَعَهُ، وَلَا بَاطِلَ عِنْدَهُ، وَلَا بِدْعَةَ لَدَيْهِ.
اَللَّهُمَّ نَوِّرْ بِنُورِهِ كُلَّ ظُلْمَةٍ، وَهُدَّ بِرُكْنِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ، وَاِهْدِمْ بِقُوَّتِهِ كُلَّ ضَلَالٍ، وَاِقْصِمْ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ، وَاِخْمِدْ بِسَيْفِهِ كُلَّ نَارٍ، وَأَهْلِكْ بِعَدْلِهِ كُلَّ جَائِرٍ، وَأَجْرِ حُكْمَهُ عَلَى كُلِّ حُكْمِ، وَأَذِلَّ بِسُلْطَانِهِ كُلَّ سُلْطَانٍ.

(٣٠٢)

اَللَّهُمَّ أَذَلَّ مَنْ نَاوَاهُ، وَأَهْلِكْ مَنْ عَادَاهُ، وَاُمْكُرْ بِمَنْ كَادَهُ، وَاِسْتَأْصِلْ مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ وَاِسْتَهَانَ بِأَمْرِهِ، وَسَعَى فِي إِطْفَاءِ نُورِهِ، وَأَرَادَ إِخْمَادَ ذِكْرِهِ.
اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ اَلمُصْطَفَى، وَعَلَى عَلِيٍّ اَلمُرْتَضَى، وَعَلَى فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، وَعَلَى اَلْحَسَنِ اَلرَّضِيِّ، وَاَلْحُسَيْنِ اَلصَّفِيِّ، وَعَلَى جَمِيعِ اَلْأَوْصِيَاءِ، مَصَابِيحِ اَلدُّجَى، وَأَعْلَامِ اَلْهُدَى، وَمَنَارِ اَلتُّقَى، وَاَلْعُرْوَةِ اَلْوُثْقَى، وَاَلْحَبْلِ اَلمَتِينِ، وَاَلصِّرَاطِ اَلمُسْتَقِيمِ، وَصَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ وَوُلَاةِ عَهْدِكَ، وَاَلْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ اَلْقَائِمَيْنِ بِأَمْرِهِ، وَمُدَّ فِي أَعْمَارِهِمْ، وَزِدْ فِي آجَالِهِمْ، وَبَلِّغْهُمْ أَفْضَلَ آمَالِهِمْ»(355).
ورواه الطوسي (رحمه الله) عن أحمد بن عليٍّ الرازي، عن أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسدي، عن الحسين بن محمّد بن عامر الأشعري القمِّي، عن يعقوب بن يوسف الضرَّاب الغسَّاني(356).
6 - سنة (312هـ): خروج توقيع للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بلعن ابن أبي العزاقر على يد الشيخ الحسين بن روح (رضي الله عنه):
قال الطوسي (رحمه الله) في (الغيبة): أخبرنا جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى، قال: حدَّثنا محمّد بن همَّام، قال: خرج على يد الشيخ أبي القاسم الحسين ابن روح (رضي الله عنه) في ذي الحجَّة سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة في [لعن] ابن أبي العزاقر والمداد رطب لم يجفّ.
وأخبرنا جماعة، عن ابن داود، قال: خرج التوقيع من الحسين بن روح في الشلمغاني، وأنفذ نسخته إلى أبي عليّ بن همَّام في ذي الحجَّة سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة.
قال ابن نوح: وحدَّثنا أبو الفتح أحمد بن ذكا مولى عليِّ بن محمّد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(355) دلائل الإمامة (ص 545 - 551/ ح 524/128).
(356) الغيبة للطوسي (ص 273 - 280/ ح 238)، جمال الأُسبوع (ص 301 - 306).

(٣٠٣)

الفرات (رحمه الله)، قال: أخبرنا أبو عليّ بن همَّام بن سهيل بتوقيع خرج في ذي الحجَّة سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة.
قال محمّد بن الحسن بن جعفر بن (إسماعيل بن) صالح الصيمري: أنفذ الشيخ الحسين بن روح (رضي الله عنه) من محبسه في دار المقتدر إلى شيخنا أبي عليّ بن همَّام في ذي الحجَّة سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وأملاه أبو عليٍّ [عليَّ] وعرَّفني أنَّ أبا القاسم (رضي الله عنه) راجع في ترك إظهاره، فإنَّه في يد القوم وحبسهم، فأمر بإظهاره وأنْ لا يخشى ويأمن، فتخلَّص وخرج من الحبس بعد ذلك بمدَّة يسيرة، والحمد لله.
التوقيع: «عرِّف - قال الصيمري: عرَّفك الله الخير، أطال الله بقاءك وعرَّفك الخير كلَّه وختم به عملك - من تثق بدينه وتسكن إلى نيَّته من إخواننا أسعدكم الله - وقال ابن داود: أدام الله سعادتكم من تسكن إلى دينه وتثق بنيَّته - جميعاً بأنَّ محمّد بن عليٍّ المعروف بالشلمغاني - زاد ابن داود: وهو ممَّن عجَّل الله له النقمة ولا أمهله - قد ارتدَّ عن الإسلام وفارقه - اتَّفقوا - وألحد في دين الله وادَّعى ما كفر معه بالخالق - قال هارون: فيه بالخالق - جلَّ وتعالى، وافترى كذباً وزوراً، وقال بهتاناً وإثماً عظيماً - قال هارون: وأمراً عظيماً -، كذب العادلون بالله وضلُّوا ضلالاً بعيداً، وخسروا خسراناً مبيناً، وإنَّنا قد برئنا إلى الله تعالى وإلى رسوله وآله صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليهم بمنِّه، ولعنَّاه عليه لعائن الله - اتَّفقوا، زاد ابن داود: تترى - في الظاهر منَّا والباطن، في السرِّ والجهر، وفي كلِّ وقتٍ وعلى كلِّ حالٍ، وعلى من شايعه وتابعه أو بلغه هذا القول منَّا وأقام على تولِّيه بعده وأعلمهم - قال الصيمري: تولَّاكم الله. قال ابن ذكا: أعزَّكم الله - أنَّا من التوقِّي - وقال ابن داود: اعلم أنَّنا من التوقِّي له. قال هارون: وأعلمهم أنَّنا في التوقِّي. والمحاذرة منه. قال ابن داود وهارون: على مثل (ما كان) من تقدَّمنا لنظرائه، قال الصيمري: على ما كنَّا عليه ممَّن تقدَّمه من

(٣٠٤)

نظرائه. وقال ابن ذكا: على ما كان عليه من تقدَّمنا لنظرائه. اتَّفقوا - من الشريعي والنميري والهلالي والبلالي وغيرهم وعادة الله - قال ابن داود وهارون: جلَّ ثناؤه. واتَّفقوا - مع ذلك قبله وبعده عندنا جميلة، وبه نثق، وإيَّاه نستعين، وهو حسبنا في كلِّ أُمورنا ونعم الوكيل». قال هارون: وأخذ أبو عليٍّ هذا التوقيع ولم يدع أحداً من الشيوخ إلَّا وأقرأه إيَّاه، وكوتب من بعد منهم بنسخته في ساير الأمصار، فاشتهر ذلك في الطائفة، فاجتمعت على لعنه والبراءة منه. وقُتِلَ محمّد بن عليٍّ الشلمغاني في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة(357).
وراجع تاريخ قتل الشلمغاني في (شوَّال/ 322هـ) تحت عنوان: (إلقاء القبض على الشلمغاني من قِبَل الوزير ابن مقلة).
7 - سنة (312هـ): خروج الحسين بن روح (رضي الله عنه) من السجن:
راجع ما ذُكِرَ في (ذي الحجَّة/ 312هـ) تحت عنوان: (خروج توقيع للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بلعن ابن أبي العزاقر على يد الشيخ الحسين بن روح (رضي الله عنه)).
8 - سنة (339هـ): إرجاع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) الحجر الأسود في مكانه وإخباره ابن همَّام بوفاة ابن قولويه بعد ثلاثين عاماً:
روي عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: فلمَّا وصلت بغداد في سنة تسع وثلاثين [وثلاثمائة] للحجِّ، وهي السنة التي ردَّ القرامطة(358) فيها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(357) الغيبة للطوسي (ص 409 - 412/ ح 384).
(358) القرامطة: فرقة من الكيار إحدى عشائر الباب ومنبج، من أقضية محافظة حلب، وهم فرقة من الشيعة الإسماعيليَّة المباركيَّة، وإنَّما سمُّوا بهذا برئيس لهم من أهل السواد من الأنباط كان يُلقَّب (قرمطويه)، وقالوا بإمامة محمّد بن إسماعيل جعفر الصادق (عليه السلام) ظاهراً، وبالإلحاد وإبطال الشريعة باطناً، لأنَّهم يُحلِّلون أكثر المحرَّمات، ويعدُّون الصلاة عبارة عن طاعة الإمام، والزكاة عبارة عن أداء الخُمُس إلى الإمام، والصوم عبارة عن إخفاء الأسرار، والزنا عبارة عن إفشائها، أنشؤوا دولتهم في البحرين ثمّ توسَّعوا غرباً حتَّى وصلوا بلاد الشام.

(٣٠٥)

الحجر إلى مكانه من البيت(359)، كان أكبر همِّي الظفر بمن ينصب الحجر، لأنَّه يمضي في أثناء الكُتُب قصَّة أخذه وأنَّه ينصبه في مكانه الحجَّة في الزمان، كما في زمان الحجَّاج وضعه زين العابدين (عليه السلام) في مكانه فاستقرَّ(360). فاعتللت علَّة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(359) قال ابن كثير في البداية والنهاية (ج 11/ ص 252): (ثمّ دخلت سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، في هذه السنة المباركة في ذي القعدة منها رُدَّ الحجر الأسود المكّي إلى مكانه في البيت، وقد كان القرامطة أخذوه في سنة سبع عشرة وثلاثمائة كما تقدَّم، وكان مَلِكهم إذ ذاك أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الحسين الجنابي، ولـمَّا وقع هذا أعظم المسلمون ذلك، وقد بذل لهم الأمير بجكم التركي خمسين ألف دينار على أنْ يردُّوه إلى موضعه فلم يفعلوا، وقالوا: نحن أخذناه بأمر فلا نردُّه إلَّا بأمر من أخذناه بأمره. فلمَّا كان في هذا العام حملوه إلى الكوفة وعلَّقوه على الأُسطوانة السابعة من جامعها ليراه الناس، وكتب أخو أبي طاهر كتاباً فيه: إنَّا أخذنا هذا الحجر بأمر وقد رددناه بأمر من أمرنا بأخذه ليتمَّ حجَّ الناس ومناسكهم. ثمّ أرسلوه إلى مكَّة بغير شيء على قعود، فوصل في ذي القعدة من هذه السنة ولله الحمد والمنَّة، وكان مدَّة مغايبته عنده ثنتين وعشرين سنة، ففرح المسلمون لذلك فرحاً شديداً. وقد ذكر غير واحد أنَّ القرامطة لـمَّا أخذوه حملوه على عدَّة جمال فعطبت تحته واعترى أسنمتها القرح، ولـمَّا ردُّوه حمله قعود واحد ولم يصبه أذى).
(360) روى الكليني (رحمه الله) في الكافي (ج 4/ ص 222/ ح 8): عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن أبي عليٍّ صاحب الأنماط، عن أبان بن تغلب، قال: لـمَّا هدم الحجَّاج الكعبة فرَّق الناس ترابها، فلمَّا صاروا إلى بنائها فأرادوا أنْ يبنوها خرجت عليهم حيَّة فمنعت الناس البناء حتَّى هربوا، فأتوا الحجَّاج فأخبروه فخاف أنْ يكون قد مُنِعَ بناءها، فصعد المنبر ثمّ نشد الناس وقال: أنشد الله عبداً عنده ممَّا ابتلينا به علم لما أخبرنا به، قال: فقام إليه شيخ فقال: إنْ يكن عند أحد علم فعند رجل رأيته جاء إلى الكعبة فأخذ مقدارها ثمّ مضى، فقال الحجَّاج: من هو؟ قال: عليُّ بن الحسين (عليهما السلام)، فقال: معدن ذلك، فبعث إلى عليِّ بن الحسين (صلوات الله عليهما) فأتاه فأخبره ما كان من منع الله إيَّاه البناء، فقال له عليُّ بن الحسين (عليهما السلام): «يا حجَّاج، عمدت إلى بناء إبراهيم وإسماعيل فألقيته في الطريق وانتهبته كأنَّك ترى أنَّه تراث لك، اصعد المنبر وأنشد الناس أنْ لا يبقى أحد منهم أخذ منه شيئاً إلَّا ردَّه»، قال: ففعل فأنشد الناس أنْ لا يبقى منهم أحد عنده شيء إلَّا ردَّه، قال: فردُّوه، فلمَّا رأى جمع التراب أتى عليَّ بن الحسين (صلوات الله عليهما) فوضع الأساس وأمرهم أنْ يحفروا، قال: فتغيبَّت عنهم الحيَّة وحفروا حتَّى انتهوا إلى موضع القواعد، قال لهم عليُّ بن الحسين (عليهما السلام): «تنحَّوا»، فتنحَّوا، فدنا منها فغطَّاها بثوبه، ثمّ بكى، ثمّ غطَّاها بالتراب بيد نفسه، ثمّ دعا الفعلة، فقال: «ضعوا بناءكم»، فوضعوا البناء، فلمَّا ارتفعت حيطانها أمر بالتراب فقُلِبَ فأُلقي في جوفه، فلذلك صار البيت مرتفعاً يُصعَد إليه بالدرج.
وقال الراوندي (رحمه الله) في الخرائج والجرائح (ج 1/ ص 268/ ح 11): (إنَّ الحجَّاج بن يوسف لـمَّا خرب الكعبة بسبب مقاتلة عبد الله بن الزبير، ثمّ عمروها، فلمَّا أُعيد البيت وأرادوا أنْ ينصبوا الحجر الأسود، فكلَّما نصبه عالم من علمائهم، أو قاضٍ من قضاتهم، أو زاهد من زُهَّادهم يتزلزل ويقع ويضطرب، ولا يستقرُّ الحجر في مكانه. فجاءه عليُّ بن الحسين (عليهما السلام) وأخذه من أيديهم، وسمَّى الله، ثمّ نصبه، فاستقرَّ في مكانه، وكبَّر الناس).

(٣٠٦)

صعبة خفت منها على نفسي، ولم يتهيَّأ لي ما قصدت له، فاستنبت المعروف بابن هشام، وأعطيته رقعة مختومة، أسأل فيها عن مدَّة عمري، وهل تكون المنيَّة في هذه العلَّة أم لا؟ وقلت: همِّي إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه، وأخذ جوابه، وإنَّما أندبك لهذا.
قال: فقال المعروف بابن هشام: لـمَّا حصلت بمكَّة وعزم على إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكَّنت معها من الكون بحيث أرى واضع الحجر في مكانه، وأقمت معي منهم من يمنع عنِّي ازدحام الناس، فكلَّما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم، فأقبل غلام أسمر اللون، حسن الوجه، فتناوله ووضعه في مكانه فاستقام كأنَّه لم يزل عنه، وعلت لذلك الأصوات، وانصرف خارجاً من الباب، فنهضت من مكاني أتبعه، وأدفع الناس عنِّي يميناً وشمالاً، حتَّى ظُنَّ بي الاختلاط في العقل، والناس يفرجون لي، وعيني لا تفارقه، حتَّى انقطع عن الناس، فكنت أسرع السير خلفه، وهو يمشي على تؤدة ولا أُدركه.
فلمَّا حصل بحيث لا أحد يراه غيري، وقف والتفت إليَّ فقال: «هات ما معك»، فناولته الرقعة. فقال من غير أنْ ينظر فيها: «قل له: لا خوف عليك في

(٣٠٧)

هذه العلَّة، ويكون ما لا بدَّ منه بعد ثلاثين سنة». قال: فوقع عليَّ الزمع حتَّى لم أطق حراكاً، وتركني وانصرف. قال أبو القاسم: فأعلمني بهذه الجملة.
فلمَّا كان سنة تسع وستِّين اعتلَّ أبو القاسم فأخذ ينظر في أمره، وتحصيل جهازه إلى قبره، وكتب وصيَّته، واستعمل الجِدَّ في ذلك. فقيل له: ما هذا الخوف؟ ونرجو أنْ يتفضَّل الله تعالى بالسلامة، فما عليك مخوفة. فقال: هذه السنة التي خُوِّفت فيها، فمات في علَّته(361).
9 - سنة (369هـ): وفاة جعفر بن محمّد بن قولويه كما أخبر الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بذلك قبل ثلاثين عاماً:
راجع الرواية السابقة.
10 - سنة الظهور: استحواذ السفياني على تمام الكور الخمس:
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدَّثني محمّد بن المفضَّل بن إبراهيم بن قيس بن رُمَّانة من كتابه في رجب سنة خمس وستِّين ومائتين، قال: حدَّثنا الحسن بن عليِّ بن فضَّال، قال: حدَّثنا ثعلبة بن ميمون أبو إسحاق، عن عيسى بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال: «السفياني من المحتوم، وخروجه في رجب، ومن أوَّل خروجه إلى آخره خمسة عشر شهراً، ستَّة أشهر يقاتل فيها، فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر، ولم يزد عليها يوماً»(362).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(361) الخرائج والجرائح (ج 1/ ص 475 - 478/ باب 13/ ح 18)؛ وهناك رأيان في تاريخ وفاة ابن قولويه (رحمه الله):
الأوَّل: أنَّه تُوفِّي في سنة (368هـ)، قاله الطوسي (رحمه الله) في رجاله (418/ الرقم 6038/3)، وتبعه على ذلك ابن حجر في لسان الميزان (ج 2/ ص 125/ الرقم 536).
الثاني: أنَّه تُوفِّي في سنة (369هـ)، قاله العلَّامة في خلاصة الأقوال (88 و89/ باب 1/ الرقم 6)، والرواية المذكورة في المتن تدلُّ على ذلك.
(362) الغيبة للنعماني (ص 310/ باب 18/ ح 1).

(٣٠٨)

* وروى ابن بابويه (رحمه الله) عن محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمّد بن عليٍّ الكوفي، قال: حدَّثنا الحسين بن سفيان، عن قتيبة بن محمّد، عن عبد الله بن أبي منصور البجلي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اسم السفياني، فقال: «وما تصنع باسمه؟ إذا ملك كور الشام الخمس: دمشق، وحمص، وفلسطين، والأُردن، وقنسرين، فتوقَّعوا عند ذلك الفرج»، قلت: يملك تسعة أشهر؟ قال: «لا، ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوماً»(363).
ورواه الصدوق عن أبيه، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه...(364).
11 - سنة الظهور: حصول الغارة على الحُجَّاج ونهبهم في ذي الحجَّة:
راجع ما ذُكِرَ في (10/ محرَّم/ سنة الظهور) تحت عنوان: (ينادي المنادي من السماء: ألَا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان...).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(363) الإمامة والتبصرة (ص 130/ ح 134)، إعلام الورى (ج 2/ ص 282)، منتخب الأنوار المضيئة (ص 310 و311).
(364) كمال الدِّين (ص 651 و652/ باب 57/ ح 11).

(٣٠٩)

1 - سنة (70هـ): التوقيت الإلهي للدولة العالميَّة على يد أهل البيت (عليهم السلام) وحصول البداء(365) منه تعالى بعد مقتل الحسين (عليه السلام):
روى الطوسي (رحمه الله) عن الفضل بن شاذان، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إنَّ عليًّا (عليه السلام) كان يقول: «إلى السبعين بلاء»، وكان يقول: «بعد البلاء رخاء»، وقد مضت السبعون ولم نرَ رخاءً. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا ثابت، إنَّ الله تعالى كان وقَّت هذا الأمر في السبعين، فلمَّا قُتِلَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(365) قال الشيخ المظفَّر (رحمه الله) في عقائد الإماميَّة (ص 45 و46): (البداء في الإنسان أنْ يبدو له رأي في الشيء لم يكن له ذلك الرأي سابقاً، بأنْ يتبدَّل عزمه في العمل الذي كان يريد أنْ يصنعه، إذ يحدث عنده ما يُغيِّر رأيه وعلمه به، فيبدو له تركه بعد أنْ كان يريد فعله، وذلك عن جهل بالمصالح وندامة على ما سبق منه. والبداء بهذا المعنى يستحيل على الله تعالى لأنَّه من الجهل والنقص، وذلك محال عليه تعالى، ولا تقول به الإماميَّة. قال الصادق (عليه السلام): «من زعم أنَّ الله تعالى بدا له في شيء بداء ندامة، فهو عندنا كافر بالله العظيم»، وقال أيضاً: «من زعم أنَّ الله بدا له في شيء [اليوم] ولم يعلمه أمس فأبرؤوا منه». غير أنَّه وردت عن أئمَّتنا الأطهار (عليهم السلام) روايات توهم القول بصحَّة البداء بالمعنى المتقدِّم، كما ورد عن الصادق (عليه السلام): «ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني»، ولذلك نسب بعض المؤلِّفين في الفِرَق الإسلاميَّة إلى الطائفة الإماميَّة القول بالبداء طعناً في المذهب وطريق آل البيت، وجعلوا ذلك من جملة التشنيعات على الشيعة. والصحيح في ذلك أنْ نقول كما قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد: ﴿يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: 39]. ومعنى ذلك أنَّه تعالى قد يُظهر شيئاً على لسان نبيِّه أو وليِّه أو في ظاهر الحال لمصلحة تقتضي ذلك الإظهار، ثمّ يمحوه فيكون غير ما قد ظهر أوَّلاً، مع سبق علمه تعالى بذلك، كما في قصَّة إسماعيل لـمَّا رأى أبوه إبراهيم أنَّه يذبحه. فيكون معنى قول الإمام (عليه السلام) أنَّه ما ظهر لله سبحانه أمر في شيء كما ظهر له في إسماعيل ولده إذ اخترمه قبله ليعلم الناس أنَّه ليس بإمام، وقد كان ظاهر الحال أنَّه الإمام بعده لأنَّه أكبر ولده).

(٣١٣)

الحسين (عليه السلام) اشتدَّ غضب الله على أهل الأرض، فأخَّره إلى أربعين ومائة سنة، فحدَّثناكم فأذعتم الحديث، وكشفتم قناع السرِّ، فأخَّره الله ولم يجعل له بعد ذلك عندنا وقتاً، و﴿يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: 39]». قال أبو حمزة: وقلت ذلك لأبي عبد الله (عليه السلام) فقال: «قد كان ذاك»(366).
2 - سنة (102هـ): نفي الإمام الباقر (عليه السلام) أنْ يكون هو الذي يُظهر دين الله تعالى، وذلك لبلوغه (45) عاماً(367):
روى الكليني (رحمه الله) عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحَكَم، عن زيد أبي الحسن، عن الحَكَم بن أبي نعيم، قال: أتيت أبا جعفر (عليه السلام) وهو بالمدينة، فقلت له: عليَّ نذر بين الركن والمقام إنْ أنا لقيتك أنْ لا أخرج من المدينة حتَّى أعلم أنَّك قائم آل محمّد أم لا، فلم يجبني بشيء، فأقمت ثلاثين يوماً، ثمّ استقبلني في طريق فقال: «يا حَكَم، وإنَّك لهاهنا بعد»، فقلت: نعم، إنِّي أخبرتك بما جعلت لله عليَّ، فلم تأمرني ولم تنهني عن شيء ولم تجبني بشيء، فقال: «بكِّر عليَّ غدوة المنزل»، فغدوت عليه فقال (عليه السلام): «سَلْ عن حاجتك»، فقلت: إنِّي جعلت لله عليَّ نذراً وصياماً وصدقةً بين الركن والمقام إنْ أنا لقيتك أنْ لا أخرج من المدينة حتَّى أعلم أنَّك قائم آل محمّد أم لا ، فإنْ كنت أنت رابطتك وإنْ لم تكن أنت سرت في الأرض فطلبت المعاش، فقال: «يا حَكَم، كلُّنا قائم بأمر الله»، قلت: فأنت المهدي؟ قال: «كلُّنا نهدي إلى الله»، قلت: فأنت صاحب السيف؟ قال: «كلُّنا صاحب السيف ووارث السيف»، قلت: فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعزُّ بك أولياء الله ويظهر بك دين الله؟ فقال: «يا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(366) الغيبة للطوسي (ص 428/ ح 417)، الخرائج والجرائح (ج 1/ ص 178 و179/ ح 11).
(367) وُلِدَ (عليه السلام) في سنة (57هـ)، ومن خلال تعيين سنة ولادته (عليه السلام) يتَّضح أنَّ بلوغه (45) سنة كان في سنة (102هـ)، وهي سنة هذه الرواية.

(٣١٤)

حَكَم، كيف أكون أنا وقد بلغت خمساً وأربعين [سنة]؟ وإنَّ صاحب هذا الأمر أقرب عهداً باللبن(368) منِّي وأخفُّ على ظهر الدابَّة»(369).
3 - سنة (133هـ): وفاة إسماعيل ابن الإمام الصادق (عليه السلام) وتفسير الصدوق (رحمه الله) لمعنى ظهور البداء في إمامته وغيبته ونفيها:
قال الصدوق (رحمه الله) في (كمال الدِّين): اعتراض آخر للزيديَّة(370): قالت الزيديَّة: وممَّا تُكذَّب به دعوى الإماميَّة أنَّهم زعموا أنَّ جعفر بن محمّد (عليهما السلام) نصَّ لهم على إسماعيل وأشار إليه في حياته، ثمّ إنَّ إسماعيل مات في حياته(371) فقال: «ما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(368) قال المجلسي (رحمه الله) في البحار (ج 51/ ص 141/ ذيل الحديث 14): (أقرب عهداً باللبن: أي بحسب المرآى والمنظر، أي يحسبه الناس شابًّا لكمال قوَّته وعدم ظهور أثر الكهولة والشيخوخة فيه، وقيل: أي عند إمامته، فذكر الخمس والأربعين لبيان أنَّه كان عند الإمامة أسنّ، لعلم السائل أنَّه لم يمضِ من إمامته حينئذٍ إلَّا سبع سنين، فسنُّه عندها كانت ثماناً وثلاثين، والأوَّل أوفق بما سيأتي من الأخبار، فتفطَّن).
(369) الكافي (ج 1/ ص 536/ باب أنَّ الأئمَّة (عليهم السلام) كلَّهم قائمون بأمر الله.../ ح 1).
(370) الزيديَّة هم أتباع زيد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة (عليها السلام) ولم يُجوِّزا ثبوت الإمامة في غيرهم، إلَّا أنَّهم جوَّزوا أنْ يكون كلُّ فاطمي عالم شجاع سخي خرج بالإمامة أنْ يكون إماماً واجب الطاعة سواء كان من أولاد الحسن أو من أولاد الحسين (عليهما السلام)، وعن هذا جوَّز قوم منهم إمامة محمّد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن اللذين خرجا في أيَّام المنصور وقُتِلَا على ذلك، وجوَّزوا خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال ويكون كلُّ واحدٍ منهما واجب الطاعة. وتنقسم الزيديَّة إلى ثلاثة فِرَق: الجاروديَّة، والسليمانيَّة، والبتريَّة. أمَّا الجاروديَّة فهم المنسوبون إلى زياد بن المنذر بن الجارود الهمداني، وهم القائلون بالنصِّ على أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وكفر من أنكره، وكلّ من خرج من أولاد فاطمة (عليها السلام) وكان شجاعاً فهو الإمام بالحقِّ. وأمَّا السليمانيَّة فهم المنسوبون إلى سليمان بن جرير، القائلون بإمامة الشيخين وكفر عثمان. وأمَّا البتريَّة فهم المنسوبون إلى كثير النوَّاء، وهم كالسليمانيَّة اعتقاداً إلَّا في كفر عثمان.
(371) قال النمازي (رحمه الله) في مستدركات علم رجال الحديث (ج 1/ ص 629 و630/ الرقم 279/2021):
(إسماعيل بن جعفر بن محمّد الصادق (صلوات الله عليهما) أكبر إخوته، وكان أبوه شديد المحبَّة له والبرِّ والإشفاق عليه. مات في حياة أبيه سنة (133هـ) بالعريض، فحُمِلَ على رقاب الرجال إلى المدينة، ودُفِنَ بالبقيع، وكتب الصادق (عليه السلام) على كفنه: «إسماعيل يشهد أنْ لا إله إلَّا الله». وروى الصدوق بسند صحيح أنَّ الصادق (عليه السلام) قبَّل جبهته وذقنه ونحره مراراً قبل الغسل وبعده، وعوَّذه بالقرآن...، أُمُّه فاطمة بنت الحسين الأثرم بن مولانا الحسن بن عليٍّ (عليه السلام). وروى الكشِّي في ترجمة عبد الله بن شريك العامري، بسند صحيح عن أبي خديجة الجمَّال، قال: سمعت أبا عبد الله (صلوات الله عليه) يقول: «إنِّي سألت الله تعالى في إسماعيل أنْ يُبقيه بعدي فأبى، ولكنَّه قد أعطاني فيه منزلة أُخرى، إنَّه يكون أوَّل منشور في عشرة من أصحابه، ومنهم عبد الله ابن شريك، وهو صاحب لوائه»).
وقال السيِّد الأمين (رحمه الله) في أعيان الشيعة (ج 3/ ص 315): (قبره الآن خارج عن البقيع، بينهما الطريق بجانب سور المدينة المنوَّرة، ولعلَّه كان داخلاً فيه قبل جعل هذا الطريق، وهو مشيَّد معظَّم عليه قبَّة عظيمة هدمها الوهَّابيُّون في هذا العصر بعد استيلائهم على الحجاز).

(٣١٥)

بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني»، فإنْ كان الخبر الاثنا عشر صحيحاً فكان لا أقلَّ من أنْ يعرفه جعفر بن محمّد (عليهما السلام) ويُعرِّف خواصَّ شيعته لئلَّا يغلط هو وهم هذا الغلط العظيم. فقلنا لهم: بِمَ قلتم: إنَّ جعفر بن محمّد (عليهما السلام) نصَّ على إسماعيل بالإمامة؟ وما ذلك الخبر؟ ومن رواه؟ ومن تلقَّاه بالقبول؟ فلم يجدوا إلى ذلك سبيلاً، وإنَّما هذه حكاية ولَّدها قوم قالوا بإمامة إسماعيل، ليس لها أصل، لأنَّ الخبر بذكر الأئمَّة الاثنا عشر (عليهم السلام) قد رواه الخاصُّ والعامُّ، عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمَّة (عليهم السلام)، وقد أخرجت ما روي عنهم في ذلك في هذا الكتاب(372). فأمَّا قوله: «ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني»، فإنَّه يقول: ما ظهر لله أمر كما ظهر له في إسماعيل ابني إذ اخترمه في حياتي ليُعلَم بذلك أنَّه ليس بإمام بعدي. وعندنا من زعم أنَّ الله (عزَّ وجلَّ) يبدو له اليوم في شيء لم يعلمه أمس فهو كافر والبراءة منه واجبة، كما روي عن الصادق (عليه السلام)(373).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(372) أخرج الصدوق (رحمه الله) (6) أحاديث في أنَّ الأئمَّة (عليهم السلام) اثنا عشر كلُّهم من قريش، فراجع: كمال الدِّين (ص 256 - 279/ باب 24 ما روي عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في النصِّ على القائم (عليه السلام)...).
(373) كمال الدِّين (ص 69).

(٣١٦)

4 - سنة (140هـ): التوقيت الإلهي للدولة العالميَّة لأهل البيت (عليهم السلام) على يد الإمام الصادق (عليه السلام) وحصول البداء بسبب الإذاعة وعدم الكتمان:
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدَّثنا محمّد ابن المفضَّل بن إبراهيم بن قيس بن رُمَّانة الأشعري وسعدان بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسين بن عبد المَلِك ومحمّد بن أحمد بن الحسن القطواني، قالوا جميعاً: حدَّثنا الحسن بن محبوب الزرَّاد، عن إسحاق بن عمَّار الصيرفي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قد كان لهذا الأمر وقت، وكان في سنة أربعين ومائة، فحدَّثتم به وأذعتموه فأخَّره الله (عزَّ وجلَّ)»(374).
وراجع ما ذُكِرَ في سنة (70هـ) تحت عنوان: (التوقيت الإلهي للدولة العالميَّة على يد أهل البيت (عليهم السلام) وحصول البداء منه تعالى بعد مقتل الحسين (عليه السلام)).
5 - سنة (195 إلى 200هـ): تنبُّؤ الإمام الصادق (عليه السلام) بكثير من الأحداث والأُمور العظام التي تحدث في هذه الأعوام:
قال الحميري (رحمه الله) في (قرب الإسناد): سألت الرضا (عليه السلام) عن قرب هذا الأمر، فقال: «قال أبو عبد الله (عليه السلام)، حكاه عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: أوَّل علامات الفرج سنة خمس وتسعين ومائة، وفي سنة ستٍّ وتسعين ومائة تخلع العرب أعنَّتها، وفي سنة سبع وتسعين ومائة يكون الفناء، وفي سنة ثمان وتسعين ومائة يكون الجلاء». فقال: «أمَا ترى بني هاشم قد انقلعوا بأهليهم وأولادهم؟»، فقلت: فهم الجلاء؟ قال: «وغيرهم، وفي سنة تسع وتسعين ومائة يكشف الله البلاء إنْ شاء الله، وفي سنة مائتين يفعل الله ما يشاء». فقلنا له: جُعلنا فداك، أخبرنا بما يكون في سنة المائتين، قال: «لو أخبرت أحداً لأخبرتكم، ولقد خُبِّرت بمكانكم، ما كان هذا من رأيي أنْ يظهر هذا منِّي إليكم، ولكن إذا أراد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(374) الغيبة للنعماني (ص 303/ باب 16/ ح 8).

(٣١٧)

الله تبارك وتعالى إظهار شيء من الحقِّ لم يقدر العباد على ستره»، فقلت له: جُعلت فداك، إنَّك قلت لي في عامنا الأوَّل - حكيت عن أبيك -: «إنَّ انقضاء ملك آل فلان على رأس فلان وفلان، ليس لبني فلان سلطان بعدهما»، قال: «قد قلت ذاك لك»، فقلت: أصلحك الله، إذا انقضى ملكهم، يملك أحد من قريش يستقيم عليه الأمر؟ قال: «لا»، قلت: يكون ماذا؟ قال: «يكون الذي تقول أنت وأصحابك»، قلت: تعني خروج السفياني؟ فقال: «لا»، فقلت: قيام القائم؟ قال: «يفعل الله ما يشاء»، قلت: فأنت هو؟ قال: «لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله»، وقال: «إنَّ قُدَّام هذا الأمر علامات، حدث يكون بين الحرمين»، قلت: ما الحدث؟ قال: «عصبة تكون، ويقتل فلان من آل فلان خمسة عشر رجلاً»(375).
6 - سنة (200هـ): التاريخ السندي لخطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) المسمَّاة بالمخزون، وفيها يذكر (عليه السلام) الكثير من الملاحم والفتن وخروج الأموات من القبور، وبعض صفات القائم (عجَّل الله فرجه) ومقاماته:
قال الحسن بن سليمان الحلِّي (رحمه الله) في (مختصر بصائر الدرجات): وقفت على كتاب خُطَب لمولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) وعليه خطُّ السيِّد رضي الدِّين عليُّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاوس، ما صورته: هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصادق (صلوات الله عليه)، فيمكن أنْ يكون تاريخ كتابته بعد المائتين من الهجرة، لأنَّه (عليه السلام) انتقل بعد سنة مائة وأربعين من الهجرة، وقد روى بعض ما فيه عن أبي روح فرج بن فروة، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد (عليه السلام)، وبعض ما فيه عن غيرهما، ذكر في الكتاب المشار إليه خطبة لمولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) تُسمَّى المخزون، وهي: «... يَا عَجَباً كُلَّ اَلْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(375) قرب الإسناد (ص 370 - 372/ ح 1326).

(٣١٨)

فقال رجل من شرطة الخميس: ما هذا العجب يا أمير المؤمنين؟
قال: «وَمَا لِي لَا أَعْجَبُ وَقَدْ سَبَقَ اَلْقَضَاءُ فِيكُمْ وَمَا تَفْقَهُونَ اَلْحَدِيثَ، إِلَّا صَوْتَاتٍ بَيْنَهُنَّ مَوْتَاتٌ، حَصْدُ نَبَاتٍ، وَنَشْرُ أَمْوَاتٍ. يَا عَجَباً كُلَّ اَلْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ».
قال الرجل أيضاً: يا أمير المؤمنين، ما هذا العجب الذي لا تزال تعجبب منه؟
قال: «ثَكِلَتِ اَلْآخَرَ أُمُّهُ، وَأَيُّ عَجَبٍ يَكُونُ أَعْجَبَ مِنْ أَمْوَاتٍ يَضْرِبُونَ هَامَاتِ اَلْأَحْيَاءِ؟».
قال: أنَّى يكون ذلك يا أمير المؤمنين؟
قال: «وَاَلَّذِي فَلَقَ اَلْحَبَّةَ وَبَرَأَ اَلنَّسَمَةَ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ قَدْ تَخَلَّلُوا سِكَكَ اَلْكُوفَةِ وَقَدْ شَهَرُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى مَنَاكِبِهِمْ، يَضْرِبُونَ كُلَّ عَدُوٍّ لِلهِ وَلِرَسُولِهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ قَوْلُ اَللهِ تَعَاَلَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ [الممتحنة: 13]. أَيُّهَا اَلنَّاسُ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، لَأَنَا بِطُرُقِ اَلسَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنَ اَلْعَالِمِ بِطُرُقِ اَلْأَرْضِ. أَنَا يَعْسُوبُ اَلمُؤْمِنِينَ، وَغَايَةُ اَلسَّابِقِينَ، وَلِسَانُ اَلمُتَّقِينَ، وَخَاتَمُ اَلْوَصِيِّينَ، وَوَارِثُ اَلنَّبِيِّينَ، وَخَلِيفَةُ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ. أَنَا قَسِيمُ اَلنَّارِ، وَخَازِنُ اَلْجِنَانِ، وَصَاحِبُ اَلْحَوْضِ، وَصَاحِبُ اَلْأَعْرَافِ، فَلَيْسَ مِنَّا أَهْلَ اَلْبَيْتِ إِمَامٌ إِلَّا وَهُوَ عَارِفٌ بِجَمِيعِ أَهْلِ وَلَايَتِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اَللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: 7]. أَلَا يَا أَيُّهَا اَلنَّاسُ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَشْرَعَ بِرِجْلِهَا فِتْنَةٌ شَرْقِيَّةٌ، وَتَطَأُ فِي خِطَامِهَا بَعْدَ مَوْتٍ وَحَيَاةٍ، أَوْ تَشُبَّ نَارٌ بِالْحَطَبِ اَلْجَزْلِ غَرْبِيَّ اَلْأَرْضِ، وَرَافِعَةً ذَيْلَهَا تَدْعُو يَا وَيْلَهَا بِذَحْلِةٍ أَوْ مِثْلَهَا، فَإِذَا اِسْتَدَارَ اَلْفَلَكُ، قُلْتُ: مَاتَ أَوْ هَلَكَ، بِأَيِّ وَادٍ سَلَكَ؟ فَيَوْمَئِذٍ تَأْوِيلُ هَذِهِ اَلْآيَةِ: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ

(٣١٩)

عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾ [الإسراء: 6]. وَلِذَلِكَ آيَاتٌ وَعَلَامَاتٌ أَوَّلُهُنَّ: إِحْصَارُ اَلْكُوفَةِ بِالرَّصَدِ وَاَلْخَنْدَقِ، وَتَحْرِيقُ اَلزَّوَايَا فِي سِكَكِ اَلْكُوفَةِ، وَتَعْطِيلُ اَلمَسَاجِدِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَتَخْفِقُ رَايَاتٌ ثَلَاثٌ حَوْلَ اَلمَسْجِدِ اَلْأَكْبَرِ، يُشْبِهْنَ بِالْهَدي، اَلْقَاتِلُ وَاَلمَقْتُولُ فِي اَلنَّارِ، وَقَتْلٌ كَثِيرٌ وَمَوْتٌ ذَرِيعٌ، وَقَتْلُ اَلنَّفْسِ اَلزَّكِيَّةِ بِظَهْرِ اَلْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ، وَاَلمَذْبُوحُ بَيْنَ اَلرُّكْنِ وَاَلمَقَامِ، وَقَتْلُ اَلْأَسْبُعِ اَلمُظَفَّرِ صَبْراً فِي بِيعَةِ اَلْأَصْنَامِ، مَعَ كَثِيرٍ مِنْ شَيَاطِينِ اَلْإِنْسِ، وَخُرُوجُ اَلسُّفْيَانِيِّ بِرَايَةٍ خَضْرَاءَ، وَصَلِيبٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ، وَاِثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ عَنَانٍ مِنْ خَيْلٍ يَحْمِلُ اَلسُّفْيَانِيَّ مُتَوَجِّهاً إِلَى مَكَّةَ وَاَلمَدِينَةِ، أَمِيرُهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: خُزَيْمَةُ، أَطْمَسُ اَلْعَيْنِ اَلشِّمَالِ، عَلَى عَيْنِهِ طَرْفَةٌ، يَمِيلُ بِالدُّنْيَا، فَلَا تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ حَتَّى يَنْزِلَ اَلمَدِينَةَ، فَيَجْمَعَ رِجَالاً وَنِسَاءً مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فَيَحْبِسَهُمْ فِي دَارٍ بِالمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا: دَارُ أَبِي اَلْحَسَنِ اَلْأُمَوِيِّ. وَيَبْعَثُ خَيْلاً فِي طَلَبِ رَجُلٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَدِ اِجْتَمَعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنَ اَلمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ أَمِيرُهُمْ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ، حَتَّى إِذَا تَوَسَّطُوا اَلْصَفَائِحَ اَلْبِيضَ بِالْبَيْدَاءِ، يُخْسَفُ بِهِمْ، فَلَا يَنْجُو مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، يُحَوِّلُ اَللهُ وَجْهَهُ فِي قَفَاهُ لِيُنْذِرَهُمْ، وَلِيَكُونَ آيَةً لِمَنْ خَلْفَهُ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْوِيلُ هَذِهِ اَلْآيَةِ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [سبأ: 51]. وَيَبْعَثُ اَلسُّفْيَانِيُّ مِائَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفاً إِلَى اَلْكُوفَةِ، فَيَنْزِلُونَ بِالرَّوْحَاءِ وَفَارُوقَ، وَمَوْضِعِ مَرْيَمَ وَعِيسَى (عليهما السلام) بِالْقَادِسِيَّةِ، وَيَسِيرُ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ أَلْفاً حَتَّى يَنْزِلُوا اَلْكُوفَةَ، مَوْضِعَ قَبْرِ هُودٍ (عليه السلام) بِالنُّخَيْلَةِ، فَيَهْجَمُوا عَلَيْهِ يَوْمَ زِينَةٍ، وَأَمِيرُ اَلنَّاسِ جَبَّارٌ عَنِيدٌ يُقَالُ لَهُ: اَلْكَاهِنُ اَلسَّاحِرُ، فَيَخْرُجُ مِنْ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: اَلزَّوْرَاءُ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ اَلْكَهَنَةِ، وَيَقْتُلُ عَلَى جِسْرِهَا سَبْعِينَ أَلْفاً، حَتَّى يَحْتَمِيَ اَلنَّاسُ اَلْفُرَاتَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ اَلدِّمَاءِ، وَنَتْنِ اَلْأَجْسَامِ، وَيَسْبِي مِنَ اَلْكُوفَةِ أَبْكَاراً، لَا يُكْشَفُ عَنْهَا كَفٌّ وَلَا قِنَاعٌ، حَتَّى يُوضَعْنَ فِي اَلمَحَامِلِ، يُزْلِفُ

(٣٢٠)

بِهِنَّ اَلثَّوِيَّةَ وَهِيَ اَلْغَرِيَّيْنِ. ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ اَلْكُوفَةِ مِائَةُ أَلْفٍ بَيْنَ مُشْرِكٍ وَمُنَافِقٍ، حَتَّى يَضْرِبُوا دِمَشْقَ، لَا يَصُدُّهُمْ عَنْهَا صَادٌّ، وَهِيَ إِرَمَ ذَاتِ اَلْعِمَادِ، وَتُقْبِلُ رَايَاتُ شَرْقِيِّ اَلْأَرْضِ لَيْسَتْ بِقُطْنٍ وَلاَ كَتَّانٍ وَلَا حَرِيرٍ، مُخَتَّمَةً فِي رُءُوسِ اَلْقَنَا بِخَاتَمِ اَلسَّيِّدِ اَلْأَكْبَرِ، يَسُوقُهَا رَجُلٌ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عَلَيْهِم ، يَوْمَ تَطِيرُ بِالمَشْرِقِ يُوجَدُ رِيحُهَا بِالمَغْرِبِ كَالْمِسْكِ اَلْأَذْفَرِ، يَسِيرُ اَلرُّعْبُ أَمَامَهَا شَهْراً. وَيَخْلُفُ أَبْنَاءُ سَعْدٍ اَلسَّقَّاءِ بِالْكُوفَةِ طَالِبِينَ بِدِمَاءِ آبَائِهِمْ، وَهُمْ أَبْنَاءُ اَلْفَسَقَةِ، حَتَّى تَهْجُمَ عَلَيْهِمْ خَيْلُ اَلْحُسَيْنِ (عليه السلام)، يَسْتَبِقَانِ كَأَنَّهُمَا فَرَسَا رِهَانٍ، شُعْثٌ غُبْرٌ أَصْحَابُ بَوَاكِي وَقَوَارِحَ، إِذْ يَضْرِبُ أَحَدُهُمْ بِرِجْلِهِ بَاكِيَةً، يَقُولُ: لَا خَيْرَ فِي مَجْلِسٍ بَعْدَ يَوْمِنَا هَذَا، اَللَّهُمَّ فَإِنَّا اَلتَّائِبُونَ اَلْخَاشِعُونَ اَلرَّاكِعُونَ اَلسَّاجِدُونَ، فَهُمُ اَلْأَبْدَالُ اَلَّذِينَ وَصَفَهُمُ اَللهُ (عزَّ وجلَّ): ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222]. وَاَلمُطَهَّرُونَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم). وَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ رَاهِبٌ مُسْتَجِيبٌ لِلْإِمَامِ، فَيَكُونُ أَوَّلَ اَلنَّصَارَى إِجَابَةً، وَيَهْدِمُ صَوْمَعَتَهُ، وَيَدُقُّ صَلِيبَهَا، وَيَخْرُجُ بِالمَوَالِي وَضُعَفَاءِ اَلنَّاسِ وَاَلْخَيْلِ، فَيَسِيرُونَ إِلَى اَلنُّخَيْلَةِ بِأَعْلاَمٍ هُدًى، فَيَكُونُ مُجْتَمَعُ اَلنَّاسِ جَمِيعاً مِنَ اَلْأَرْضِ كُلِّهَا بِالْفَارُوقِ - وهي محجَّة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهي ما بين البُرْس والفرات -، فَيُقْتَلُ يَوْمَئِذٍ فِيمَا بَيْنَ اَلمَشْرِقِ وَاَلمَغْرِبِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ مِنَ اَلْيَهُودِ وَاَلنَّصَارَى، يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضَهَا، فَيَوْمَئِذٍ تَأْوِيلُ هَذِهِ اَلْآيَةِ: ﴿فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ﴾ [الأنبياء: 15] بِالسَّيْفِ وَتَحْتَ ظِلِّ اَلسَّيْفِ. وَيَخْلُفُ مِنْ بَنِي اَلْأَشْهَبِ اَلزَّاجِرُ اَللَّحْظِ، فِي أُنَاسٍ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ هُرَّاباً حَتَّى يَأْتُونَ سِبَطْرَى عُوَّذاً بِالشَّجَرِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْوِيلُ هَذِهِ اَلْآيَةِ: ﴿فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: 12 و13]، وَمَسَاكِنُهُمُ اَلْكُنُوزُ اَلَّتِي غَلَبُوا مِنْ أَمْوَالِ اَلمُسْلِمِينَ، وَيَأْتِيهِمْ يَوْمَئِذٍ

(٣٢١)

اَلْخَسْفُ وَاَلْقَذْفُ وَاَلمَسْخُ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْوِيلُ هَذِهِ اَلْآيَةِ: ﴿وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ [هود: 83].
وَيُنَادِي مُنَادٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ نَاحِيَةِ اَلمَشْرِقِ، عِنْدَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ: يَا أَهْلَ اَلْهُدَى اِجْتَمِعُوا، وَيُنَادِي مِنْ نَاحِيَةِ اَلمَغْرِبِ بَعْدَ مَا تَغِيبُ اَلشَّمْسُ: يَا أَهْلَ اَلضَّلَالَةِ اِجْتَمِعُوا، وَمِنَ اَلْغَدِ عِنْدَ اَلظُّهْرِ تَكَوَّرُ اَلشَّمْسُ، فَتَكُونُ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً، وَاَلْيَوْمَ اَلثَّالِثَ يُفَرَّقُ بَيْنَ اَلْحَقِّ وَاَلْبَاطِلِ بِخُرُوجِ دَابَّةِ اَلْأَرْضِ، وَتُقْبِلُ اَلرُّومُ إِلَى قَرْيَةٍ بِسَاحِلِ اَلْبَحْرِ، عِنْدَ كَهْفِ اَلْفِتْيَةِ، وَيَبْعَثُ اَللهُ اَلْفِتْيَةَ مِنْ كَهْفِهِمْ إِلَيْهِمْ [مِنْهُمْ] رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَلِيخَا، وَاَلْآخَرُ كمسلمينا، وَهُمَا اَلشَّاهِدَانِ اَلمُسَلِّمَانِ لِلْقَائِمِ. فَيَبْعَثُ أَحَدَ اَلْفِتْيَةِ إِلَى اَلرُّومِ، فَيَرْجِعُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَيَبْعَثُ اَلْآخَرَ، فَيَرْجِعُ بِالْفَتْحِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْوِيلُ هَذِهِ اَلْآيَةِ: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ طَوْعاً وَكَرْهاً﴾ [آل عمران: 83]. ثُمَّ يَبْعَثُ اَللهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً لِيُرِيَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْوِيلُ هَذِهِ اَلْآيَةِ: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ [النمل: 83]. وَاَلْوَزَعُ خَفَقَانُ أَفْئِدَتِهِمْ. وَيَسِيرُ اَلصِّدِّيقُ اَلْأَكْبَرُ بِرَايَةِ اَلْهُدَى، وَاَلسَّيْفِ ذُو اَلْفَقَارِ وَاَلْمِخْصَرَةِ، حَتَّى يَنْزِلَ أَرْضَ اَلْهِجْرَةِ مَرَّتَيْنِ وَهِيَ اَلْكُوفَةُ، فَيَهْدِمُ مَسْجِدَهَا وَيَبْنِيهِ عَلَى بِنَائِهِ اَلْأَوَّلِ، وَيَهْدِمُ مَا دُونَهُ مِنْ دُورِ اَلْجَبَابِرَةِ. وَيَسِيرُ إِلَى اَلْبَصْرَةِ حَتَّى يُشْرِفَ عَلَى بَحْرِهَا، وَمَعَهُ اَلتَّابُوتُ، وَعَصَا مُوسَى، فَيَعْزِمُ عَلَيْهِ فَيَزْفِرُ فِي اَلْبَصْرَةِ زَفْرَةً فَتَصِيرُ بَحْراً لُجِّيًّا، لَا يَبْقَى فِيهَا غَيْرُ مَسْجِدِهَا كَجُؤْجُؤِ اَلسَّفِينَةِ عَلَى ظَهْرِ اَلمَاءِ.
ثُمَّ يَسِيرُ إِلَى حَرُورَاءَ حَتَّى يُحْرِقَهَا، وَيَسِيرُ مِنْ بَابِ بَنِي أَسَدٍ حَتَّى يَزْفِرَ زَفْرَةً فِي ثَقِيفٍ، وَهُمْ زَرْعُ فِرْعَوْنَ. ثُمَّ يَسِيرُ إِلَى مِصْرَ فَيَعْلُو مِنْبَرَهُ، وَيَخْطُبُ اَلنَّاسَ فَتَسْتَبْشِرُ اَلْأَرْضُ بِالْعَدْلِ، وَتُعْطِي اَلسَّمَاءُ قَطْرَهَا، وَاَلشَّجَرُ ثَمَرَهَا، وَاَلْأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَتَتَزَيَّنُ اَلْأَرْضُ لِأَهْلِهَا، وَتَأْمَنُ اَلْوُحُوشُ حَتَّى تَرْتَعِيَ فِي طُرُقِ اَلْأَرْضِ

(٣٢٢)

كَأَنْعَامِهِمْ، وَيُقْذَفُ فِي قُلُوبِ اَلمُؤْمِنِينَ اَلْعِلْمَ، فَلَا يَحْتَاجُ مُؤْمِنٌ إِلَى مَا عِنْدَ أَخِيهِ مِنَ عِلْمٍ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْوِيلُ هَذِهِ اَلْآيَةِ: ﴿يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ﴾ [النساء: 130]. وَتُخْرِجُ لَهُمُ اَلْأَرْضُ كُنُوزَهَا، وَيَقُولُ اَلْقَائِمُ (عليه السلام): كُلُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي اَلْأَيَّامِ اَلْخَالِيَةِ، فَالمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ أَهْلُ اَلصَّوَابِ لِلدِّينِ، أُذِنَ لَهُمْ فِي اَلْكَلَامِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْوِيلُ هَذِهِ اَلْآيَةِ: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: 22]، فَلَا يَقْبَلُ اَللهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا دِينَهُ اَلْحَقَّ، أَلَا لِلهِ اَلدِّينُ اَلْخَالِصُ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْوِيلُ هَذِهِ اَلْآيَةِ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ﴾ [السجدة: 27 - 30]. فَيَمْكُثُ فِيمَا بَيْنَ خُرُوجِهِ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ وَنَيِّفاً، وَعِدَّةُ أَصْحَابِهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ، مِنْهُمْ: تِسْعَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَسَبْعُونَ مِنَ اَلْجِنِّ، وَمِائَتَانِ وَأَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ فِيهِمْ سَبْعُونَ اَلَّذِينَ غَضِبُوا لِلنَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِذْ هَجَتْهُ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ، فَطَلَبُوا إِلَى نَبِيِّ اَللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي إِجَابَتِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ حَيْثُ نَزَلَتْ هَذِهِ اَلْآيَةُ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: 227]. وَعِشْرُونَ مِنْ أَهْلِ اَلْيَمَنِ مِنْهُمُ اَلْمِقْدَادُ بْنُ اَلْأَسْوَدِ، وَمِائَتَانِ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ اَلَّذِينَ كَانُوا بِسَاحِلِ اَلْبَحْرِ مِمَّا يَلِي عَدَنَ، فَبَعَثَ اَللهُ إِلَيْهِمْ نَبِيَّ اللهِ بِرِسَالَةٍ فَأَتَوْا مُسْلِمِينَ، وَتِسْعَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمِنْ أَفْنَاءِ اَلنَّاسِ أَلْفَانِ وَثَمَانُمِائَةٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ، وَمِنَ اَلمَلَائِكَةِ أَرْبَعُونَ أَلْفاً، مِنْ ذَلِكَ مِنَ اَلمُسَوِّمِينَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَمِنَ اَلمُرْدِفِينَ خَمْسَةُ آلَافٍ. فَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ (عليه السلام) سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفاً وَمِائَةٌ وَثَلَاثُونَ، مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةُ رُءُوسٍ، مَعَ كُلِّ رَأْسٍ مِنَ اَلمَلاَئِكَةِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ

(٣٢٣)

مِنَ اَلْجِنِّ وَاَلْإِنْسِ، عِدَّةَ يَوْمِ بَدْرٍ، فَبِهِمْ يُقَاتِلُ، وَإِيَّاهُمْ يَنْصُرُ اَللهُ، وَبِهِمْ يَنْتَصِرُ، وَبِهِمْ يُقَدَّمُ اَلنَّصْرُ، وَمِنْهُمْ نَضْرَةُ اَلْأَرْضِ»(376).
7 - سنة (204هـ): التاريخ السندي لحديث الصادق (عليه السلام) في فضل أهل البيت (عليهم السلام) وفضل قائمهم:
روى النعماني (رحمه الله) عن محمّد بن همَّام، قال: حدَّثنا أبي وعبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدَّثنا أحمد بن هلال، قال: حدَّثنا محمّد بن أبي عمير سنة أربع ومائتين، قال: حدَّثني سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إنَّ الله (عزَّ وجلَّ) اختار من كلِّ شيء شيئاً، اختار من الأرض مكَّة، واختار من مكَّة المسجد، واختار من المسجد الموضع الذي فيه الكعبة، واختار من الأنعام إناثها، ومن الغنم الضأن، واختار من الأيَّام يوم الجمعة، واختار من الشهور شهر رمضان، ومن الليالي ليلة القدر، واختار من الناس بني هاشم، واختارني وعليًّا من بني هاشم، واختار منِّي ومن عليٍّ الحسن والحسين، وتكملة اثني عشر إماماً من ولد الحسين تاسعهم باطنهم، وهو ظاهرهم، وهو أفضلهم، وهو قائمهم».
قال عبد الله بن جعفر في حديثه: «ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين»(377).
ورواه الطبري الشيعي (رحمه الله) عن أبي الحسن عليِّ بن هبة الله، عن أبي جعفر محمّد بن عليِّ بن الحسين بن موسى القمِّي، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير(378).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(376) مختصر بصائر الدرجات (ص 195 - 202).
(377) الغيبة للنعماني (ص 73/ باب 4/ ح 7).
(378) دلائل الإمامة (ص 453 و454/ ح 432/36).

(٣٢٤)

8 - سنة (224هـ): وفاة الحسن بن محبوب الزرَّاد صاحب كتاب (المشيخة) حيث ذكر فيه أخبار الغيبة قبل وقوعها بأكثر من مائة عام:
قال الطبرسي (رحمه الله) في (إعلام الورى): (... ومن جملة ثقات المحدِّثين والمصنِّفين من الشيعة: الحسن بن محبوب الزرَّاد، وقد صنَّف كتاب المشيخة الذي هو في أُصول الشيعة أشهر من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة، فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة، فوافق الخبر المخبَر، وحصل كلُّ ما تضمَّنه الخبر بلا اختلاف)(379).
9 - سنة (238هـ): التاريخ السندي لحديث إسحاق بن إبراهيم الحنظلي حول أنَّ الخلفاء اثنا عشر:
راجع ما ذُكِرَ في (ربيع الأوَّل/ 302هـ) تحت عنوان: (التاريخ السندي لحديث «خلفاء أُمَّتي اثنا عشر» عن ابن مسعود).
10 - سنة (243هـ): جلب المتوكِّل العبَّاسي للإمام الهادي (عليه السلام) إلى سامرَّاء وحبسه فيها، وإخباره (عليه السلام) للكرخي باختصاص يوم الجمعة بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن موسى بن المتوكِّل (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا عليُّ ابن إبراهيم بن هاشم، قال: حدَّثنا عبد الله بن أحمد الموصلي، عن الصقر بن أبي دلف الكرخي، قال: لـمَّا حمل المتوكِّل سيِّدنا أبا الحسن العسكري (عليه السلام) جئت أسأل عن خبره، قال: فنظر إليَّ الرازقي وكان حاجباً للمتوكِّل فأمر أنْ أدخل إليه فأُدخلت إليه، فقال: يا صقر، ما شأنك؟ فقلت: خير أيُّها الأُستاذ، فقال: اقعد، فأخذني ما تقدَّم وما تأخَّر، وقلت: أخطأت في المجيء، قال: فوحى الناس عنه، ثمّ قال لي: ما شأنك، وفيم جئت؟ قلت: لخير ما، فقال: لعلَّك تسأل عن خبر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(379) إعلام الورى (ج 2/ ص 258).

(٣٢٥)

مولاك، فقلت له: ومن مولاي؟ مولاي أمير المؤمنين، فقال: اسكت، مولاك هو الحقُّ، فلا تحتشمني فإنِّي على مذهبك، فقلت: الحمد لله، قال: أتُحِبّ أنْ تراه؟ قلت: نعم، قال: اجلس حتَّى يخرج صاحب البريد من عنده، قال: فجلست فلمَّا خرج، قال لغلام له: خذ بيد الصقر وأدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس وخلِّ بينه وبينه، قال: فأدخلني إلى الحجرة [التي فيه العلوي] فأومأ إلى بيت فدخلت فإذا (عليه السلام) جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور، قال: فسلَّمت فردَّ، ثمّ أمرني بالجلوس، ثمّ قال لي: «يا صقر، ما أتى بك؟»، قلت: يا سيِّدي، جئت أتعرَّف خبرك، قال: ثمّ نظرت إلى القبر فبكيت، فنظر إليَّ فقال: «يا صقر، لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء الآن»، فقلت: الحمد لله، ثمّ قلت: يا سيِّدي، حديث يُروى عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا أعرف معناه، قال: «وما هو؟»، فقلت: قوله: «لا تعادوا الأيَّام فتعاديكم» ما معناه؟ فقال: «نعم، الأيَّام نحن ما قامت السماوات والأرض، فالسبت اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والأحد كناية عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، والاثنين الحسن والحسين، والثلاثاء عليُّ بن الحسين ومحمّد بن عليٍّ وجعفر بن محمّد، والأربعاء موسى بن جعفر وعليُّ بن موسى ومحمّد بن عليٍّ وأنا، والخميس ابني الحسن بن عليٍّ، والجمعة ابن ابني، وإليه تجتمع عصابة الحقِّ، وهو الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً، فهذا معنى الأيَّام فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة»، ثمّ قال (عليه السلام): «ودِّع واخرج فلا آمن عليك»(380).
ورواه الخزَّاز (رحمه الله) عن عليِّ بن محمّد بن منويه، عن أحمد بن زياد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(380) الخصال (ص 394 - 396/ ح 102)، كمال الدِّين (ص 382 و383/ باب 37/ ح 9)، معاني الأخبار (ص 123 و124/ ح 1)، جمال الأُسبوع (ص 35 و36)، إعلام الورى (ج 2/ ص 245 - 247).

(٣٢٦)

الهمداني، عن عليِّ بن إبراهيم، عن عبد الله بن أحمد الموصلي، عن الصقر بن أبي دلف(381).
11 - سنة (255هـ): تعليم الإمام العسكري (عليه السلام) لعبد الله بن محمّد العابد كيفيَّة الصلاة على الإمام الحجَّة (عجَّل الله فرجه):
روى الطوسي (رحمه الله) عن جماعة من أصحابنا، عن أبي المفضَّل الشيباني، قال: حدَّثنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد العابد بالدالية لفظاً، قال: سألت مولاي أبا محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) في منزله بسُرَّ من رأى سنة خمس وخمسين ومائتين أنْ يملئ عليَّ من الصلاة على النبيِّ وأوصيائه (عليه وعليهم السلام)، وأحضرت معي قرطاساً كثيراً، فأملى عليَّ لفظاً من غير كتاب:... الصلاة على وليِّ الأمر المنتظر (عليه السلام): «اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ وَاِبْنِ أَوْلِيَائِكَ اَلَّذِينَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ وَأَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ وَأَذْهَبْتَ عَنْهُمُ اَلرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً. اَللَّهُمَّ اِنْتَصِرْ بِهِ لِدِينِكَ، وَاُنْصُرْ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ وَأَوْلِيَاءَهُ وَشِيعَتَهُ وَأَنْصَارَهُ وَاِجْعَلْنَا مِنْهُمْ. اَللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ كُلِّ بَاغٍ وَطَاغٍ، وَمِنْ شَرِّ جَمِيعِ خَلْقِكَ، وَاِحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، وَاُحْرُسْهُ وَاِمْنَعْهُ أَنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ بِسُوءٍ، وَاِحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَآلَ رَسُولِكَ، وَأَظْهِرْ بِهِ اَلْعَدْلَ، وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَاُنْصُرْ نَاصِرِيهِ، وَاُخْذُلْ خَاذِلِيهِ، وَاِقْصِمْ بِهِ جَبَابِرَةَ اَلْكُفْرِ، وَاُقْتُلْ بِهِ اَلْكُفَّارَ وَاَلمُنَافِقِينَ وَجَمِيعَ اَلمُلْحِدِينَ حَيْثُ كَانُوا وَأَيْنَ كَانُوا مِنْ مَشَارِقِ اَلْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا وَبَرِّهَا وَبَحْرِهَا، وَاِمْلَأْ بِهِ اَلْأَرْضَ عَدْلاً، وَأَظْهِرْ بِهِ دِينَ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ اَلسَّلَامُ، وَاِجْعَلْنِي اَللَّهُمَّ مِنْ أَنْصَارِهِ وَأَعْوَانِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَشِيعَتِهِ، وَأَرِنِي فِي آلِ مُحَمَّدٍ مَا يَأْمُلُونَ، وَفِي عَدُوِّهِمْ مَا يَحْذَرُونَ، إِلَهَ اَلْحَقِّ آمِينَ»(382).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(381) كفاية الأثر (ص 289 - 292).
(382) مصباح المتهجِّد (ص 405/ ح 533/143).

(٣٢٧)

12 - سنة (257هـ): مشاهدة رجل من أهل فارس للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وعمره سنتان:
روى الصدوق (رحمه الله) عن عليِّ بن أحمد الدقَّاق ومحمّد بن محمّد بن عصام الكليني وعليِّ بن عبد الله الورَّاق (رضي الله عنهم)، قالوا: حدَّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدَّثني عليُّ بن محمّد، قال: حدَّثني محمّد والحسن ابنا عليِّ بن إبراهيم في سنة تسع وسبعين ومائتين، قالا: حدَّثنا محمّد بن عليِّ بن عبد الرحمن العبدي - من عبد قيس -، عن ضوء بن عليٍّ العجلي، عن رجل من أهل فارس سمَّاه، قال: أتيت سُرَّ من رأى فلزمت باب أبي محمّد (عليه السلام) فدعاني من غير أنْ أستأذن، فلمَّا دخلت وسلَّمت، قال لي: «يا أبا فلان، كيف حالك؟»، ثمّ قال لي: «اقعد يا فلان»، ثمّ سألني عن رجال ونساء من أهلي، ثمّ قال لي: «ما الذي أقدمك عليَّ؟»، قلت: رغبةً في خدمتك، قال: فقال لي: «ألزم الدار»، قال: فكنت في الدار مع الخدم، ثمّ صرت أشتري لهم الحوائج من السوق، وكنت أدخل عليه من غير إذن إذا كان في دار الرجال، فدخلت عليه يوماً وهو في دار الرجال فسمعت حركةً في البيت فناداني: «مكانك لا تبرح»، فلم أجسر أخرج ولا أدخل، فخرجت عليَّ جارية ومعها شيء مغطَّى، ثمّ ناداني: «ادخل»، فدخلت ونادى الجارية فرجعت فقال لها: «اكشفي عمَّا معك»، فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه، وكشفت عن بطنه فإذا شعر نابت من لبَّته إلى سرَّته، أخضر ليس بأسود، فقال: «هذا صاحبكم»، ثمّ أمرها فحملته، فما رأيته بعد ذلك حتَّى مضى أبو محمّد (عليه السلام).
قال ضوء بن عليٍّ: فقلت للفارسي: كم كنت تُقدِّر له من السنين؟ فقال: سنتين. قال العبدي: فقلت لضوء: كم تُقدِّر له الآن في وقتنا؟ قال: أربعة عشر سنة. قال أبو عليٍّ وأبو عبد الله: ونحن نُقدِّر له الآن إحدى وعشرين سنة(383).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(383) كمال الدِّين (ص 435 و436/ باب 43/ ح 4).

(٣٢٨)

ورواه الكليني (رحمه الله) عن عليِّ بن محمّد، عن محمّد والحسن ابنا عليِّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عليِّ بن عبد الرحمن العبدي، عن ضوء بن عليٍّ العجلي، عن رجل من أهل فارس(384).
13 - حدود سنة (256 إلى 258هـ): مشاهدة سعد بن عبد الله القمِّي مع أحمد بن إسحاق للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وهو في حجر أبيه، وأخذه جواب مسائله منه (عجَّل الله فرجه):
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن عليِّ بن محمّد بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني، قال: حدَّثنا أبو العبَّاس أحمد بن عيسى الوشَّاء البغدادي، قال: حدَّثنا أحمد بن طاهر القمِّي، قال: حدَّثنا محمّد بن بحر بن سهل الشيباني، قال: حدَّثنا أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله القمِّي، قال:... ثمّ قام مولانا الحسن بن عليٍّ الهادي (عليه السلام) للصلاة مع الغلام، فانصرفت عنهما وطلبت أثر أحمد بن إسحاق، فاستقبلني باكياً فقلت: ما أبطأك وأبكاك؟ قال: قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره، قلت: لا عليك فأخبره، فدخل عليه مسرعاً وانصرف من عنده متبسِّماً وهو يُصلِّي على محمّد وآل محمّد، فقلت: ما الخبر؟ قال: وجدت الثوب مبسوطاً تحت قدمي مولانا يُصلِّي عليه. قال سعد: فحمدنا الله تعالى على ذلك وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أيَّاماً، فلا نرى الغلام بين يديه، فلمَّا كان يوم الوداع دخلت أنا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا وانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائماً وقال: يا ابن رسول الله، قد دنت الرحلة واشتدَّ المحنة، فنحن نسأل الله تعالى أنْ يُصلِّي على المصطفى جدِّك وعلى المرتضى أبيك وعلى سيِّدة النساء أُمِّك وعلى سيِّدي شباب أهل الجنَّة عمِّك و أبيك وعلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(384) الكافي (ج 1/ ص 514/ باب مولد الصاحب (عليه السلام)/ ح 2)، الغيبة للطوسي (ص 233 و234/ ح 202).

(٣٢٩)

الأئمَّة الطاهرين من بعدهما آبائك، وأنْ يُصلِّي عليك وعلى ولدك ونرغب إلى الله أنْ يعلي كعبك ويكبت عدوّك، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك. قال: فلمَّا قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتَّى استهلَّت دموعه وتقاطرت عبراته، ثمّ قال: «يا ابن إسحاق، لا تُكلِّف في دعائك شططاً فإنَّك ملاق الله تعالى في صدرك هذا»، فخرَّ أحمد مغشيًّا عليه، فلمَّا أفاق قال: سألتك بالله وبحرمة جدِّك إلَّا شرَّفتني بخرقة أجعلها كفناً، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهماً فقال: «خذها ولا تنفق على نفسك غيرها، فإنَّك لن تُعدَم ما سألت، وإنَّ الله تبارك وتعالى لن يضيع أجر من أحسن عملاً»، قال سعد: فلمَّا انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ حمَّ أحمد بن إسحاق وثارت به علَّة صعبة أيس من حياته فيها، فلمَّا وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطناً بها، ثمّ قال: تفرَّقوا عنِّي هذه الليلة واتركوني وحدي، فانصرفنا عنه ورجع كلُّ واحدٍ منَّا إلى مرقده. قال سعد: فلمَّا حان أنْ ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا أنا بكافور الخادم - خادم مولانا أبي محمّد (عليه السلام) - وهو يقول: أحسن الله بالخير عزاكم، وجبر بالمحبوب رزيَّتكم، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه، فقوموا لدفنه فإنَّه من أكرمكم محلًّا عند سيِّدكم، ثمّ غاب عن أعيننا، فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتَّى قضينا حقَّه، وفرغنا من أمره (رحمه الله)(385).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(385) كمال الدِّين (ص 454 - 465/ باب 43/ ح 21)، الاحتجاج (ج 2/ ص 268 - 277)، الثاقب في المناقب (ص 585 - 589/ ح 534/1) مختصراً.
قال المجلسي (رحمه الله) بعد نقله لهذه الرواية: (أقول: قال النجاشي بعد توثيق سعد والحكم بجلالته: لقي مولانا أبا محمّد (عليه السلام)، ورأيت بعض أصحابنا يُضعِّفون لقاءه لأبي محمّد (عليه السلام) ويقولون: هذه حكاية موضوعة عليه. [رجال النجاشي (ص 177/ رقم 467)]. أقول: الصدوق أعرف بصدق الأخبار والوثوق عليها من ذلك البعض الذي لا يُعرَف حاله، وردُّ الأخبار التي تشهد متونها بصحَّتها بمحض الظنِّ والوهم مع إدراك سعد زمانه (عليه السلام) وإمكان ملاقاة سعد له (عليه السلام) إذ كان وفاته بعد وفاته (عليه السلام) بأربعين سنة تقريباً، ليس إلَّا للإزراء بالأخبار وعدم الوثوق بالأخيار والتقصير في معرفة شأن الأئمَّة الأطهار، إذ وجدنا أنَّ الأخبار المشتملة على المعجزات الغريبة إذا وصل إليهم، فهم إمَّا يقدحون فيها أو في راويها، بل ليس جرم أكثر المقدوحين من أصحاب الرجل إلَّا نقل مثل تلك الأخبار). بحار الأنوار (ج 52/ ص 88 و89).
قال السيِّد الخوئي (رحمه الله) في ترجمة أحمد بن إسحاق في المعجم (ج 2/ ص 52 - 55/ الرقم 435): (هو أحمد بن إسحاق ابن سعد بن عبد الله بن الأحوص الأشعري شيخ القمِّيِّين ووافدهم يُكنَّى أبا عليٍّ القمِّي عاصر الأئمَّة المعصومين الجواد والهادي (عليهما السلام)، وكان من خواصِّ أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السلام) له قَصص مع أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام) تثبت علوَّ منزلته وجلالة قدره لم يُعرَف تاريخ ولادته ولم يُضبَط تاريخ وفاته. وهناك رأيان في تاريخ وفاته: الأوَّل: أنَّه تُوفِّي في حياة الإمام العسكري (عليه السلام)، والرواية المذكورة أعلاه تدلُّ عليه. والثاني وهو الأرجح: أنَّه تُوفِّي بعد وفاة الإمام العسكري (عليه السلام)، وتدلُّ على ذلك روايات كثيرة، منها ما رواه الكشِّي (رحمه الله) في رجاله (ج 2/ ص 831/ ح 1052) عن جعفر بن معروف الكشِّي، قال: كتب أبو عبد الله البلخي إليَّ يذكر عن الحسين بن روح القمِّي أنَّ أحمد بن إسحاق كتب إليه يستأذنه في الحجِّ، فأذن له، وبعث إليه بثوب، فقال أحمد بن إسحاق: نعى إليَّ نفسي، فانصرف من الحجِّ فمات بحلوان. والحسين بن روح كانت وكالته للإمام المهدي (عليه السلام) من (305هـ) إلى (326هـ). ومنها ما ورد عن الإمام المهدي (عليه السلام) في توثيقه، روى الطوسي (رحمه الله) في الغيبة (ص 417/ ح 395) عن أبي محمّد الرازي، قال: كنت وأحمد بن أبي عبد الله بالعسكر، فورد علينا رسول من قِبَل الرجل، فقال: «أحمد بن إسحاق الأشعري، وإبراهيم بن محمّد الهمداني، وأحمد بن حمزة بن اليسع ثقات»).

(٣٣٠)

14 - سنة (258هـ): مشاهدة أحمد بن إسحاق الأشعري للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وعمره ثلاث سنوات والحديث معه:
روى الصدوق (رحمه الله) عن عليِّ بن عبد الله الورَّاق، قال: حدَّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن ابن عليٍّ (عليهما السلام) وأنا أُريد أنْ أسأله عن الخلف من بعده، فقال لي مبتدئاً: «يا أحمد ابن إسحاق، إنَّ الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم (عليه السلام) ولا يخليها

(٣٣١)

إلى أنْ تقوم الساعة من حجَّة لله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه يُنزِّل الغيث، وبه يُخرج بركات الأرض». قال: فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض (عليه السلام) مسرعاً فدخل البيت، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنَّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء الثلاث سنين، فقال: «يا أحمد بن إسحاق، لولا كرامتك على الله (عزَّ وجلَّ) وعلى حُجَجه ما عرضت عليك ابني هذا، إنَّه سميُّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكنيُّه، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً. يا أحمد بن إسحاق، مثله في هذه الأُمَّة مثل الخضر (عليه السلام)، ومثله مثل ذي القرنين، والله ليغيبنَّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلَّا من ثبَّته الله (عزَّ وجلَّ) على القول بإمامته ووفَّقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه»، فقال أحمد بن إسحاق: فقلت له: يا مولاي، فهل من علامة يطمئنُّ إليها قلبي؟ فنطق الغلام (عليه السلام) بلسان عربي فصيح، فقال: «أنا بقيَّة الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه، فلا تطلب أثراً بعد عين يا أحمد بن إسحاق»، فقال أحمد ابن إسحاق: فخرجت مسروراً فرحاً، فلمَّا كان من الغد عدت إليه فقلت له: يا ابن رسول الله، لقد عظم سروري بما مننت به عليَّ، فما السُّنَّة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال: «طول الغيبة يا أحمد»، قلت: يا ابن رسول الله، وإنَّ غيبته لتطول؟ قال: «إي وربِّي حتَّى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به، ولا يبقى إلَّا من أخذ الله (عزَّ وجلَّ) عهده لولايتنا، وكتب في قلبه الإيمان، وأيَّده بروح منه. يا أحمد بن إسحاق، هذا أمر من أمر الله، وسرٌّ من سرِّ الله، وغيب من غيب الله، فخذ ما آتيتك واكتمه وكن من الشاكرين تكن معنا غداً في علِّيِّين».
قال مصنِّف هذا الكتاب (رضي الله عنه): (لم أسمع بهذا الحديث إلَّا من عليِّ بن عبد الله الورَّاق وجدت بخطِّه مثبتاً، فسألته عنه فرواه لي عن سعد بن عبد الله، عن أحمد ابن إسحاق (رضي الله عنه) كما ذكرته)(386).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(386) كمال الدِّين (ص 384 و385/ باب 38/ ح 1).

(٣٣٢)

15 - سنة (259هـ): مشاهدة كامل بن إبراهيم المدني للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وعمره أربع سنوات وردُّه (عجَّل الله فرجه) على المفوِّضة:
روى الطوسي (رحمه الله) عن جعفر بن محمّد بن مالك، قال: حدَّثني محمّد بن جعفر بن عبد الله، عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري، قال: وجَّه قوم من المفوِّضة(387) والمقصِّرة(388) كامل بن إبراهيم المدني(389) إلى أبي محمّد (عليه السلام)، قال كامل: فقلت في نفسي: أسأله لا يدخل الجنَّة إلَّا من عرف معرفتي وقال بمقالتي.
قال: فلمَّا دخلت على سيِّدي أبي محمّد (عليه السلام) نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه، فقلت في نفسي: وليُّ الله وحجَّته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة الإخوان وينهانا عن لبس مثله. فقال متبسِّماً: «يا كامل»، وحسر عن ذراعيه فإذا مسح أسود خشن على جلده، فقال: «هذا لله، وهذا لكم»، فسلَّمت وجلست إلى باب عليه ستر مرخى، فجاءت الريح فكشفت طرفه فإذا أنا بفتى كأنَّه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها. فقال لي: «يا كامل بن إبراهيم»، فاقشعررت من ذلك وأُلهمت أنْ قلت: لبَّيك يا سيِّدي، فقال: «جئت إلى وليِّ الله وحجَّته وبابه تسأله هل يدخل الجنَّة إلَّا من عرف معرفتك وقال بمقالتك؟»، فقلت: إي والله، قال: «إذن والله يقلُّ داخلها، والله إنَّه ليدخلها قوم يقال لهم: الحقّيَّة»، قلت: يا سيِّدي، ومن هم؟ قال: «قوم من حُبِّهم لعليٍّ يحلفون بحقِّه ولا يدرون ما حقُّه وفضله». ثمّ سكت (صلوات الله عليه) عنِّي ساعة، ثمّ قال: «وجئت تسأله عن مقالة المفوِّضة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(387) المفوِّضة هم القائلون بأنَّ الله خلق محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثمّ فوَّض إليه أمر العالم، فهو الخلاق للدنيا وما فيها، وقيل: فوَّض ذلك إلى عليٍّ (عليه السلام)، وربَّما يقولون بالتفويض إلى سائر الأئمَّة (عليهم السلام). راجع: منتهى المقال (ج 7/ ص 444/ الرقم 4424).
(388) سبق تعريف المقصِّرة في (ص 281).
(389) ممَّن رأى صاحب الزمان (عليه السلام)، وروى عنه أخباراً بالمغيَّبات، وشاهد منه المعجزات، وسمع منه النصَّ عليه من أبيه (عليه السلام). راجع: معجم رجال الحديث (ج 15/ ص 105/ الرقم 9708).

(٣٣٣)

كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيَّة الله، فإذا شاء شئنا، والله يقول: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ﴾ [الإنسان: 30]»، ثمّ رجع الستر إلى حالته فلم أستطع كشفه، فنظر إليَّ أبو محمّد (عليه السلام) متبسِّماً فقال: «يا كامل، ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك الحجَّة من بعدي؟»، فقمت وخرجت ولم أُعاينه بعد ذلك.
قال أبو نعيم: فلقيت كاملاً فسألته عن هذا الحديث فحدَّثني به. وروى هذا الخبر أحمد بن عليٍّ الرازي، عن محمّد بن عليٍّ، عن عليِّ بن عبد الله بن عائذ الرازي، عن الحسن بن وجناء النصيبي، قال: سمعت أبا نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري، وذكر مثله(390).
ورواه الطبري الشيعي (رحمه الله) عن أبي الحسين محمّد بن هارون بن موسى بن أحمد، عن أبيه، عن محمّد بن همَّام، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن جعفر، عن أبي نعيم(391).
16 - سنة (257 إلى 260هـ) تقريباً: إخبار الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) - وهو غلام - إبراهيم بن محمّد النسابوري بهلاك الوالي عمرو بن عوف:
روى النوري (رحمه الله) في (النجم الثاقب) نقلاً عن كتاب (الغيبة) للفضل بن شاذان، قال: حدَّثنا إبراهيم بن محمّد بن فارس النيسابوري، قال: لـمَّا هَمَّ الوالي عمرو بن عوف بقتلي وهو رجل شديد النصب، وكان مولعاً بقتل الشيعة، فأُخبرت بذلك، وغلب عليَّ خوف عظيم، فودَّعت أهلي وأحبَّائي، وتوجَّهت إلى دار أبي محمّد (عليه السلام) لأُودِّعه وكنت أردت الهرب، فلمَّا دخلت عليه رأيت غلاماً جالساً في جنبه، وكان وجهه مضيئاً كالقمر ليلة البدر، فتحيَّرت من نوره وضيائه وكاد أنْ ينسيني ما كنت فيه من الخوف والهرب، فقال: «يا إبراهيم، لا تهرب فإنَّ الله تبارك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(390) الغيبة للطوسي (ص 246 - 248/ ح 216).
(391) دلائل الإمامة (ص 505 و506/ ح 491/95).

(٣٣٤)

وتعالى سيكفيك شرَّه»، فازداد تحيُّري، فقلت لأبي محمّد (عليه السلام): يا سيِّدي، جعلني الله فداك من هو فقد أخبرني عمَّا كان في ضميري؟ فقال: «هو ابني وخليفتي من بعدي، وهو الذي يغيب غيبة طويلة، ويظهر بعد امتلاء الأرض جوراً وظلماً فيملؤها عدلاً وقسطاً»، فسألته عن اسمه، قال: «هو سميُّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكنيُّه، ولا يحلُّ لأحد أنْ يُسمِّيه باسمه ويُكنِّيه بكنيته، إلى أنْ يُظهر الله دولته وسلطنته، فاكتم يا إبراهيم ما رأيت وسمعت منَّا اليوم إلاَّ عن أهله»، فصلَّيت عليهما وآبائهما وخرجت مستظهراً بفضل الله تعالى، واثقاً بما سمعته من الصاحب (عليه السلام)، فبشَّرني عليُّ بن فارس بأنَّ المعتمد قد أرسل أبا أحمد أخاه وأمره بقتل عمرو بن عوف، فأخذه أبو أحمد في ذلك اليوم وقطَّعه عضواً عضواً، والحمد لله ربِّ العالمين(392).
17 - سنة (260هـ): خروج التوقيع بتوثيق حاجز الوشَّا وإرجاع الأموال إليه:
روى الخصيبي (رحمه الله) في (الهداية الكبرى) عن موسى بن محمّد، عن محمّد بن الحسن بن عبد الحميد القطَّاني، قال: شكَّ الحسن بن عبد الحميد في أمر حاجز الوشَّا(393)، فجمع مالاً وخرج إليه الأمر في سنة ستِّين(394): «ليس فينا شكٌّ ولا في من يقوم بأمرنا، فاردد ما معك إلى حاجز بن يزيد»(395).
ورواه الكليني (رحمه الله) عن عليِّ بن محمّد، عن الحسن بن عبد الحميد(396).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(392) النجم الثاقب (ج 1/ ص 516 و517/ ح 27).
(393) هو حاجز بن يزيد الوشَّاء، عدَّه الصدوق (رحمه الله) في كمال الدِّين (ص 442/ باب 43/ ح 16) ممَّن وقف على معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) ورآه من الوكلاء.
(394) أي بعد المائتين.
(395) الهداية الكبرى (ص 369).
(396) الكافي (ج 1/ ص 521/ باب مولد الصاحب (عليه السلام)/ ح 14) بدون ذكر التاريخ، الإرشاد (ج 2/ ص 361 و362)، الصراط المستقيم (ج 2/ ص 247/ ح 8)، كشف الغمَّة (ج 3/ ص 252).

(٣٣٥)

18 - سنة (261هـ): إغارة جعفر الكذَّاب على بيت الإمام العسكري (عليه السلام) ونهب ما فيه ونجاة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) منهم وعمره (6) سنوات:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبي الحسن عليِّ بن الحسن بن (عليِّ بن) محمّد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: سمعت أبا الحسين الحسن بن وجناء يقول: حدَّثنا أبي، عن جدِّه أنَّه كان في دار الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) فكبستنا الخيل وفيهم جعفر بن عليٍّ الكذَّاب واشتغلوا بالنهب والغارة، وكانت همَّتي في مولاي القائم (عليه السلام). قال: فإذا (أنا) به (عليه السلام) قد أقبل وخرج عليهم من الباب وأنا أنظر إليه وهو (عليه السلام) ابن ستِّ سنين، فلم يرَه أحد حتَّى غاب(397).
وراجع ما ذُكِرَ في (15/ شعبان/ 255هـ) تحت عنوان: (مشاهدة جارية الإمام الحسن (عليه السلام) لسطوع النور من الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وبلوغه أُفُق السماء).
19 - سنة (261 أو 262هـ): قصَّة أحمد الدينوري وبحثه عن نائب الإمام (عجَّل الله فرجه) لتسليمه أموال الشيعة وظهور المعجزات والكرامات من الإمام (عجَّل الله فرجه):
روى الطبري الشيعي (رحمه الله) عن أبي المفضَّل محمّد بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن جعفر بن محمّد المقرئ، قال: حدَّثنا أبو العبَّاس محمّد بن سابور، قال: حدَّثني الحسن بن محمّد بن حيوان(398) السرَّاج القاسم، قال: حدَّثني أحمد بن [محمّد] الدينوري(399) السرَّاج المكنَّى بأبي العبَّاس، الملقَّب بآستاره، قال: انصرفت من أردبيل إلى الدينور أُريد الحجَّ، وذلك بعد مضيِّ أبي محمّد الحسن بن عليٍّ (عليه السلام) بسنة أو سنتين، وكان الناس في حيرة، فاستبشروا أهل الدينور

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(397) كمال الدِّين (ص 473/ باب 43/ ح 25).
(398) في مدينة المعاجز: (جيران).

(399) عدَّه الطوسي (رحمه الله) في رجاله (ص 407/ الرقم 5922/3) فيمن لم يرو عنهم (عليهم السلام)، فقال: (أحمد ابن محمّد الدينوري، يُكنَّى أبا العبَّاس، يُلقَّب باستونه).

(٣٣٦)

بموافاتي، واجتمع الشيعة عندي، فقالوا: قد اجتمع عندنا ستَّة عشر ألف دينار من مال الموالي، ونحتاج أنْ تحملها معك، وتُسلِّمها بحيث يجب تسليمها. قال: فقلت: يا قوم، هذه حيرة، ولا نعرف الباب في هذا الوقت. قال: فقالوا: إنَّما اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك وكرمك، فاحمله على ألَّا تُخرجه من يديك إلَّا بحجَّة.
قال: فحُمِلَ إليَّ ذلك المال في صُرَر باسم رجل رجل، فحملت ذلك المال وخرجت، فلمَّا وافيت قرميسين(400)، وكان أحمد بن الحسن مقيماً بها، فصرت إليه مسلِّماً، فلمَّا لقيني استبشر بي، ثمّ أعطاني ألف دينار في كيس، وتخوت ثياب من ألوان معتمة، لم أعرف ما فيها، ثمّ قال لي أحمد: احمل هذا معك، ولا تُخرجه عن يدك إلَّا بحجَّة.
قال: فقبضت منه المال والتخوت بما فيها من الثياب. فلمَّا وردت بغداد لم يكن لي همَّة غير البحث عمَّن أُشير إليه بالنيابة، فقيل لي: إنَّ هاهنا رجلاً يُعرَف بالباقطاني يدَّعي بالنيابة، وآخر يُعرَف بإسحاق الأحمر يدَّعي بالنيابة، وآخر يُعرَف بأبي جعفر العمري يدَّعي بالنيابة.
قال: فبدأت بالباقطاني، فصرت إليه، فوجدته شيخاً بهيًّا، له مروءة ظاهرة، وفرس عربي، وغلمان كثير، ويجتمع عنده الناس يتناظرون. قال: فدخلت إليه، وسلَّمت عليه، فرحَّب وقرَّب، وبرَّ وسرَّ. قال: فأطلت القعود إلى أنْ خرج أكثر الناس، قال: فسألني عن حاجتي، فعرَّفته أنِّي رجل من أهل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(400) هي كرمانشاه الحاليَّة، قال الحموي في معجم البلدان (ج 4/ ص 330): (قرميسين: بالفتح ثمّ السكون، وكسر الميم، وياء مثنَّاة من تحت، وسين مهملة مكسورة، وياء أُخرى ساكنة، ونون، وهو تعريب كرمان شاهان بلد معروف بينه وبين همذان ثلاثون فرسخاً قرب الدينور وهي بين همذان وحلوان على جادَّة الحاجِّ).

(٣٣٧)

الدينور، ومعي شيء من المال، أحتاج أنْ أُسلِّمه. قال: فقال لي: احمله. قال: فقلت: أُريد حجَّة. قال: تعود إليَّ في غد. قال: فعدت إليه من الغد، فلم يأتِ بحجَّة، وعدت إليه في اليوم الثالث فلم يأتِ بحجَّة.
قال: فصرت إلى إسحاق الأحمر، فوجدته شابًّا نظيفاً، منزله أكبر من منزل الباقطاني، وفرسه ولباسه ومروءته أسرى، وغلمانه أكثر من غلمانه، ويجتمع عنده من الناس أكثر ممَّا يجتمعون عند الباقطاني. قال: فدخلت وسلَّمت، فرحَّب وقرَّب، قال: فصبرت إلى أنْ خفَّ الناس، قال: فسألني عن حاجتي، فقلت له كما قلت للباقطاني، وعدت إليه بعد ثلاثة أيَّام، فلم يأتِ بحجَّة.
قال: فصرت إلى أبي جعفر العمري، فوجدته شيخاً متواضعاً، عليه مبطنة بيضاء، قاعد على لبد، في بيت صغير، ليس له غلمان، ولا له من المروَّة والفرس ما وجدت لغيره. قال: فسلَّمت، فردَّ جوابي، وأدناني، وبسط منِّي، ثمّ سألني عن حالي، فعرَّفته أنِّي وافيت من الجبل، وحملت مالاً. قال: فقال: إنْ أحببت أنْ تصل هذا الشيء إلى من يجب أنْ يصل إليه يجب أنْ تخرج إلى سُرَّ من رأى، وتسأل دار ابن الرضا، وعن فلان بن فلان الوكيل - وكانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها -، فإنَّك تجد هناك ما تريد.
قال: فخرجت من عنده، ومضيت نحو سُرَّ من رأى، وصرت إلى دار ابن الرضا، وسألت عن الوكيل، فذكر البوَّاب أنَّه مشتغل في الدار، وأنَّه يخرج آنفاً، فقعدت على الباب أنتظر خروجه، فخرج بعد ساعة، فقمت وسلَّمت عليه، وأخذ بيدي إلى بيت كان له، وسألني عن حالي، وعمَّا وردت له، فعرَّفته أنِّي حملت شيئاً من المال من ناحية الجبل، وأحتاج أنْ أُسلِّمه بحجَّة. قال: فقال: نعم. ثمّ قدَّم إليَّ طعاماً، وقال لي: تغدَّى بهذا واسترح، فإنَّك تعب، وإنَّ بيننا وبين صلاة الأُولى ساعة، فإنِّي أحمل إليك ما تريد. قال: فأكلت ونمت، فلمَّا كان وقت

(٣٣٨)

الصلاة نهضت وصلَّيت، وذهبت إلى المشرعة، فاغتسلت وانصرفت إلى بيت الرجل، ومكثت إلى أنْ مضى من الليل ربعه، فجاءني ومعه درج، فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم، وافى أحمد بن محمّد الدينوري، وحمل ستَّة عشر ألف دينار، وفي كذا وكذا صُرَّة، فيها صُرَّة فلان بن فلان كذا وكذا ديناراً، وصُرَّة فلان بن فلان كذا وكذا ديناراً - إلى أنْ عدَّ الصُّرَر كلَّها - وصُرَّة فلان بن فلان الذرَّاع ستَّة عشر ديناراً». قال: فوسوس لي الشيطان أنَّ سيِّدي أعلم بهذا منِّي، فما زلت أقرأ ذكر صُرَّة صُرَّة وذكر صاحبها، حتَّى أتيت عليها عند آخرها، ثمّ ذكر: «قد حمل من قرميسين من عند أحمد بن الحسن المادرائي أخي الصوَّاف كيساً فيه ألف دينار وكذا وكذا تختاً ثياباً، منها ثوب فلاني، وثوب لونه كذا» حتَّى نسب الثياب إلى آخرها بأنسابها وألوانها. قال: فحمدت الله وشكرته على ما منَّ به عليَّ من إزالة الشكِّ عن قلبي، وأمر بتسليم جميع ما حملته إلى حيث ما يأمرني أبو جعفر العمري.
قال: فانصرفت إلى بغداد وصرت إلى أبي جعفر العمري. قال: وكان خروجي وانصرافي في ثلاثة أيَّام. قال: فلمَّا بصر بي أبو جعفر العمري قال لي: لِـمَ لم تخرج؟ فقلت: يا سيِّدي، من سُرَّ من رأى انصرفت. قال: فأنا أُحدِّث أبا جعفر بهذا إذ وردت رقعة على أبي جعفر العمري من مولانا (صلوات الله عليه)، ومعها درج مثل الدرج الذي كان معي، فيه ذكر المال والثياب، وأمر أنْ يُسلِّم جميع ذلك إلى أبي جعفر محمّد بن أحمد بن جعفر القطَّان القمِّي(401)، فلبس أبو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(401) هو محمّد بن أحمد بن جعفر القمِّي العطَّار أو القطَّان، روى الكشِّي (رحمه الله) في رجاله (ج 2/ ص 815/ الرقم 1019) عن أحمد بن إبراهيم المراغي، قال: كتب أبو جعفر محمّد بن أحمد بن جعفر القمِّي العطَّار، وليس له ثالث في الأرض في القرب من الأصل، يصفنا لصاحب الناحية (عليه السلام)...، وعدَّه الطوسي (رحمه الله) في رجاله (ص 402/ الرقم 5899/17) من أصحاب العسكري(عليه السلام)، قائلاً: (محمّد بن أحمد بن جعفر القمِّي، وكيله (عليه السلام)، أدرك أبا الحسن (عليه السلام)).

(٣٣٩)

جعفر العمري ثيابه، وقال لي: احمل ما معك إلى منزل محمّد بن أحمد بن جعفر القطَّان القمِّي. قال: فحملت المال والثياب إلى منزل محمّد بن أحمد بن جعفر القطَّان، وسلَّمتها، وخرجت إلى الحجِّ. فلمَّا انصرفت إلى الدينور اجتمع عندي الناس، فأخرجت الدرج الذي أخرجه وكيل مولانا (صلوات الله عليه) إليَّ، وقرأته على القوم، فلمَّا سمع ذكر الصُّرَّة باسم الذرَّاع سقط مغشيًّا عليه، فما زلنا نُعلِّله حتَّى أفاق، فلمَّا أفاق سجد شكراً لله (عزَّ وجلَّ)، وقال: الحمد لله الذي منَّ علينا بالهداية، الآن علمت أنَّ الأرض لا تخلو من حجَّة، هذه الصُّرَّة دفعها - والله - إليَّ هذا الذرَّاع، ولم يقف على ذلك إلَّا الله (عزَّ وجلَّ).
قال: فخرجت ولقيت بعد ذلك بدهر أبا الحسن المادرائي، وعرَّفته الخبر، وقرأت عليه الدرج، قال: يا سبحان الله، ما شككت في شيء، فلا تشكَّنَّ في أنَّ الله (عزَّ وجلَّ) لا يخلي أرضه من حجَّة. اعلم أنَّه لـمَّا غزا أذكوتكين(402) يزيد بن عبد الله بسهرورد وظفر ببلاده، واحتوى على خزانته صار إليَّ رجل، وذكر أنَّ يزيد بن عبد الله جعل الفرس الفلاني والسيف الفلاني في باب مولانا (عليه السلام). قال: فجعلت أنقل خزائن يزيد بن عبد الله إلى أذكوتكين أوَّلاً فأوَّلاً، وكنت أُدافع بالفرس والسيف، إلى أنْ لم يبقَ شيء غيرهما، وكنت أرجو أنْ أُخلِّص ذلك لمولانا (عليه السلام)، فلمَّا اشتدَّ مطالبة أذكوتكين إيَّاي ولم يمكنني مدافعته، جعلت في السيف والفرس في نفسي ألف دينار ووزنتها ودفعتها إلى الخازن، وقلت له: ادفع هذه الدنانير في أوثق مكان، ولا تخرجنَّ إليَّ في حال من الأحوال ولو اشتدَّت الحاجة إليها، وسلَّمت الفرس والنصل. قال: فأنا قاعد في مجلسي بالريِّ أُبرم الأُمور، وأُوفي القَصص، وآمر وأنهى، إذ دخل أبو الحسن الأسدي(403)، وكان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(402) أذكوتكين بن أساتكين من أكابر قُوَّاد الترك في زمن المعتمد العبَّاسي، كان والياً على الريِّ. راجع: الكامل في التاريخ (ج 7/ ص 269).
(403) تقدَّمت ترجمته تحت عنوان: (وفاة محمّد بن جعفر الأسدي أحد وكلاء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)).

(٣٤٠)

يتعاهدني الوقت بعد الوقت، وكنت أقضي حوائجه، فلمَّا طال جلوسه وعليَّ بؤس كثير قلت له: ما حاجتك؟ قال: أحتاج منك إلى خلوة. فأمرت الخازن أنْ يُهيِّئ لنا مكاناً من الخزانة، فدخلنا الخزانة، فأخرج إليَّ رقعة صغيرة من مولانا (عليه السلام)، فيها: «يا أحمد بن الحسن، الألف دينار التي لنا عندك ثمن النصل والفرس سلِّمها إلى أبي الحسن الأسدي». قال: فخررت لله (عزَّ وجلَّ) ساجداً شاكراً لما منَّ به عليَّ، وعرفت أنَّه خليفة الله حقًّا، لأنَّه لم يقف على هذا أحد غيري، فأضفت إلى ذلك المال ثلاثة آلاف دينار أُخرى سروراً بما منَّ الله عليَّ بهذا الأمر»(404).
20 - سنة (262هـ): إخبار حكيمة أُخت الإمام الهادي (عليه السلام) أمام أحمد ابن إبراهيم بولادة المهدي (عجَّل الله فرجه) وإمامته ووصيَّته الظاهريَّة للجدَّة أُمِّ الإمام العسكري (عليه السلام):
روى الصدوق (رحمه الله) عن عليِّ بن الحسين بن شاذويه المؤدّب (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا محمّد بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدَّثني محمّد ابن جعفر، قال: حدَّثني أحمد بن إبراهيم(405)، قال: دخلت على حكيمة بنت محمّد ابن عليٍّ الرضا، أُخت أبي الحسن صاحب العسكر (عليهم السلام) في سنه اثنتين وستِّين ومائتين فكلَّمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها فسمَّت لي من تأتمُّ بهم، ثمّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(404) دلائل الإمامة (ص 519 - 524/ ح 493/97).
(405) هو أحمد بن إبراهيم أبو حامد المراغي، قال ابن داود (رحمه الله) في رجاله (ص 36/ الرقم 55): (ممدوح عظيم الشأن). وروى الكشِّي (رحمه الله) في رجاله (ج 2/ ص 815/ الرقم 1019) عن عليِّ بن محمّد بن قتيبة، قال: حدَّثني أبو حامد أحمد بن إبراهيم المراغي، قال: كتب أبو جعفر محمّد بن أحمد بن جعفر القمِّي العطَّار، وليس له ثالث في الأرض في القرب من الأصل، يصفنا لصاحب الناحية (عليه السلام)، فخرج: «وقفت على ما وصفت به أبا حامد أعزَّه الله بطاعته، وفهمت ما هو عليه تمَّم الله ذلك له بأحسنه، ولا أخلاه من تفضُّله عليه، وكان الله وليَّه، أكثر السلام وأخصُّه...».

(٣٤١)

قالت: والحجَّة ابن الحسن بن عليٍّ، فسمَّته، فقلت لها: جعلني الله فداك، معاينةً أو خبراً؟ فقالت: خبراً عن أبي محمّد (عليه السلام) كتب به إلى أُمِّه، فقلت لها: فأين الولد؟ فقالت: مستور، فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟ فقالت (لي): إلى الجدَّة أُمِّ أبي محمّد (عليه السلام)، فقلت لها: أقتدي بمن وصيَّته إلى امرأة؟ فقالت: اقتداء بالحسين ابن عليٍّ (عليهما السلام)، فإنَّ الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام) أوصى إلى أُخته زينب بنت عليٍّ في الظاهر، فكان ما يخرج عن عليِّ بن الحسين (عليهما السلام) من علم يُنسَب إلى زينب ستراً على عليِّ بن الحسين (عليهما السلام)، ثمّ قالت: إنَّكم قوم أصحاب أخبار، أمَا رويتم أنَّ التاسع من ولد الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام) يُقسَّم ميراثه وهو في الحياة(406)؟
ورواه أيضاً عن عليِّ بن أحمد بن مهزيار، عن أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسدي، عن أحمد بن إبراهيم، إلَّا أنَّ فيه: (دخلت على حكيمة بنت محمّد بن علي الرضا أُخت أبي الحسن العسكري (عليهم السلام) في سنة اثنين وثمانين بالمدينة...)(407).
ورواه الطوسي (رحمه الله) عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن محمّد بن جعفر الأسدي، عن أحمد بن إبراهيم. وعن التلعكبري، عن الحسن بن محمّد النهاوندي، عن الحسن بن جعفر بن مسلم الحنفي، عن أبي حامد المراغي، مثله(408).
21 - سنة (263هـ): بحث أبي رجاء المصري عن الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) لثلاث سنوات وسماعه هاتفاً يزيل عنه الشكَّ:
روى الصدوق (رحمه الله)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن علَّان الكليني، عن الأعلم المصري، عن أبي رجاء المصري، قال: خرجت في الطلب بعد مضيِّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(406) كمال الدِّين (ص 507/ باب 45/ ح 36)، الهداية الكبرى (ص 366 و367).
(407) كمال الدِّين (ص 501/ باب 45/ ح 27).
(408) الغيبة للطوسي (ص 230/ ح 196).

(٣٤٢)

أبي محمّد (عليه السلام) بسنتين لم أقف فيهما على شيء، فلمَّا كان في الثالثة كنت بالمدينة في طلب ولد لأبي محمّد (عليه السلام) بصرياء، وقد سألني أبو غانم أنْ أتعشَّى عنده، وأنا قاعد مفكِّر في نفسي وأقول: لو كان شيء لظهر بعد ثلاث سنين، فإذا هاتف أسمع صوته ولا أرى شخصه وهو يقول: «يا نصر بن عبد ربِّه قل لأهل مصر: آمنتم برسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) حيث رأيتموه؟»، قال نصر: ولم أكن أعرف اسم أبي، وذلك أنِّي وُلِدْتُ بالمدائن فحملني النوفلي وقد مات أبي، فنشأت بها، فلمَّا سمعت الصوت قمت مبادراً ولم أنصرف إلى أبي غانم وأخذت طريق مصر(409).
22 - حدود سنة (265هـ): صدور التوقيع الشريف من الناحية المقدَّسة للنائب الثاني يُعزِّيه فيها بوفاة أبيه عثمان بن سعيد:
هو عثمان بن سعيد العَمْري الأسدي، أبو عمرو السمَّان العسكري، أوَّل السفراء الأربعة، أدرك الإمام أبا الحسن الهادي (عليه السلام)، قال الطوسي (رحمه الله): (خدَمَهُ (عليه السلام) وله إحدى عشرة سنة)(410)، ثمّ لقي بعده الإمام أبا محمّد العسكري (عليه السلام)، وسمع منهما الحديث، وتوكَّل لهما، وكان ذا منزلة رفيعة عندهما، وكذا أدرك الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام)، وتولَّى السفارة له زمناً قصيراً، وكان جليلاً، عظيم الشأن.
وردت روايات متضافرة في مدحه والثناء عليه، منها ما رواه الطوسي (رحمه الله) بسند صحيح عن أحمد بن إسحاق بن سعد القمِّي، قال: دخلت على أبي الحسن عليِّ بن محمّد (صلوات الله عليه) في يوم من الأيَّام، فقلت: يا سيِّدي، أنا أغيب وأشهد ولا يتهيَّأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كلِّ وقتٍ، فقول من نقبل؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(409) كمال الدِّين (ص 491 و492/ باب 45/ ح 15)، الخرائج والجرائح (ج 2/ ص 698 و699/ ح 16).
(410) رجال الطوسي (ص 389/ الرقم 5741/36).

(٣٤٣)

وأمر من نمتثل؟ فقال لي (صلوات الله عليه): «هذا أبو عمرو الثقة الأمين ما قاله لكم فعنِّي يقوله، وما أدَّاه إليكم فعنِّي يُؤدِّيه، فلمَّا مضى أبو الحسن (عليه السلام)، وصلت إلى أبي محمّد ابنه الحسن العسكري (عليه السلام) ذات يوم، فقلت له (عليه السلام) مثل قولي لأبيه، فقال لي: «هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعنِّي يقوله، وما أدَّى إليكم فعنِّي يُؤدِّيه»(411).
ومنها ما رواه الكليني (رحمه الله) بسند صحيح عن أبي عليٍّ أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته، وقلت: من أُعامل أو عمَّن آخذ؟ وقول من أقبل؟ فقال له: «العمري ثقتي، فما أدَّى إليك عنِّي فعنِّي يُؤدِّي، وما قال لك عنِّي فعنِّي يقول، فاسمع له وأطع، فإنَّه الثقة المأمون»(412).
روى الصدوق (رحمه الله) عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: خرج التوقيع إلى الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري في التعزية بأبيه (رضي الله عنهما)، في فصل من الكتاب: «إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، تسليماً لأمره ورضاءً بقضائه، عاش أبوك سعيداً ومات حميداً، فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه (عليهم السلام)، فلم يزل مجتهداً في أمرهم، ساعياً فيما يُقرِّبه إلى الله (عزَّ وجلَّ) وإليهم، نضَّر الله وجهه وأقاله عثرته». وفي فصل آخر: «أجزل الله لك الثواب وأحسن لك العزاء، رزئت ورزئنا وأوحشك فراقه وأوحشنا، فسرَّه الله في منقلبه، وكان من كمال سعادته أنْ رزقه الله (عزَّ وجلَّ) ولداً مثلك يخلفه من بعده، ويقوم مقامه بأمره، ويترحَّم عليه، وأقول: الحمد لله، فإنَّ الأنفس طيِّبة بمكانك وما جعله الله (عزَّ وجلَّ) فيك وعندك، أعانك الله وقوَّاك وعضدك ووفَّقك، وكان الله لك وليًّا وحافظاً وراعياً وكافياً ومعيناً»(413).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(411) الغيبة للطوسي (ص 354 و355/ ح 315).
(412) الكافي (ج 1/ ص 330/ باب في تسمية من رآه (عليه السلام)/ ح 1).
(413) كمال الدِّين (ص 510/ باب 45/ ح 41)، الغيبة للطوسي (ص 361/ ح 323)، الاحتجاج (ج 2/ ص 300 و301)، الخرائج والجرائح (ج 3/ ص 1112/ ح 28) بعضه.

(٣٤٤)

تُوفِّي في حدود سنة خمس وستِّين ومائتين، ودُفِنَ في الجانب الغربي من مدينة بغداد، وقبره هناك إلى الآن.
23 - سنة (265هـ): التاريخ السندي لحديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حول الأئمَّة (عليهم السلام) والإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى النعماني (رحمه الله) عن محمّد بن همَّام، قال: حدَّثنا أبو عليٍّ الحسن بن عليِّ ابن عيسى القوهستاني، قال: حدَّثنا بدر بن إسحاق بن بدر الأنماطي في سوق الليل بمكَّة، وكان شيخاً نفيساً من إخواننا الفاضلين، وكان من أهل قزوين، في سنة خمس وستِّين ومائتين، قال: حدَّثني (أبي) إسحاق بن بدر، قال: حدَّثنا جدِّي بدر بن عيسى، قال: سألت (أبي) عيسى بن موسى وكان رجلاً مهيباً فقلت له: من أدركت من التابعين؟ فقال: ما أدري ما تقول لي، ولكنِّي كنت بالكوفة فسمعت شيخاً في جامعها يتحدَّث عن عبد خير، قال: سمعت أمير [المؤمنين] عليَّ بن أبي طالب (صلوات الله عليه) يقول: قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يا عليُّ، الأئمَّة الراشدون المهتدون المعصومون من ولدك أحد عشر إماماً، وأنت أوَّلهم، آخرهم اسمه اسمي يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً، يأتيه الرجل والمال كدس، فيقول: يا مهدي أعطني. فيقول: خذ»(414).
24 - سنة (267هـ): وفاة المدَّعي للنيابة ابن هلال العبرتائي:
روى الكشِّي (رحمه الله) عن عليِّ بن محمّد بن قتيبة، قال: حدَّثني أبو حامد أحمد ابن إبراهيم المراغي، قال: ورد على القاسم بن العلاء نسخة ما خرج من لعن ابن هلال(415) وكان ابتداء ذلك أنْ كتب (عليه السلام) إلى قوامه بالعراق: «احذروا الصوفي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(414) الغيبة للنعماني (ص 93 و94/ باب 4/ ح 23).
(415) هو أبو جعفر أحمد بن هلال العبرتائي، كان غالياً متَّهماً في دينه، وُلِدَ سنة ثمانين ومائة، ومات سنة سبع وستِّين ومائتين.

(٣٤٥)

المتصنِّع»، قال: وكان من شأن أحمد بن هلال أنَّه قد كان حجَّ أربعاً وخمسين حجَّة، عشرون منها على قدميه. قال: وكان رواة أصحابنا بالعراق لقوه وكتبوا منه، وأنكروا ما ورد في مذمَّته، فحملوا القاسم بن العلاء على أنْ يراجع في أمره. فخرج إليه: «قد كان أمرنا نفذ إليك في المتصنِّع ابن هلال لا رحمه الله، بما قد علمت، لم يزل لا غفر الله له ذنبه ولا أقاله عثرته يداخل في أمرنا بلا إذن منَّا ولا رضى يستبدٌّ برأيه، فيتحامي من ديوننا، لا يمضي من أمرنا إلَّا بما يهواه ويريد، أراده الله بذلك في نار جهنَّم، فصبرنا عليه حتَّى بتر الله بدعوتنا عمره. وكنَّا قد عرَّفنا خبره قوماً من موالينا في أيَّامه لا رحمه الله، وأمرناهم بإلقاء ذلك إلى الخاصِّ من موالينا، ونحن نبرأ إلى الله من ابن هلال لا رحمه الله، وممَّن لا يبرأ منه. واعلم الإسحاقي سلَّمه الله وأهل بيته ممَّا أعلمناك من حال هذا الفاجر، وجميع من كان سألك ويسألك عنه من أهل بلده والخارجين، ومن كان يستحقُّ أنْ يطَّلع على ذلك، فإنَّه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يُؤدِّيه عنَّا ثقاتنا، قد عرفوا بأنَّنا نفاوضهم سرَّنا، ونحمله إيَّاه إليهم وعرفنا ما يكون من ذلك إنْ شاء الله تعالى». وقال أبو حامد: فثبت قوم على إنكار ما خرج فيه، فعاودوه فيه فخرج: «لا شكر الله قدره، لم يدعُ المرء ربَّه بأنْ لا يزيغ قلبه بعد أنْ هداه وأنْ يجعل ما منَّ به عليه مستقرًّا ولا يجعله مستودعاً. وقد علمتم ما كان من أمر الدهقان عليه لعنة الله وخدمته وطول صحبته، فأبدله الله بالإيمان كفراً حين فعل ما فعل، فعاجله الله بالنقمة ولا يمهله، والحمد الله لا شريك له، وصلَّى الله على محمّد وآله وسلَّم»(416).
* وروى الصدوق (رحمه الله) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن الصالح، قال:... ولـمَّا ورد نعي ابن هلال (لعنه الله) جاءني الشيخ فقال لي: أخرج الكيس الذي عندك، فأخرجته إليه، فأخرج إليَّ رقعة فيها: «وأمَّا ما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(416) اختيار معرفة الرجال (ج 2/ ص 816 و817/ ح 1020).

(٣٤٦)

ذكرت من أمر الصوفي المتصنِّع - يعني الهلالي - فبتر الله عمره»، ثمّ خرج من بعد موته: «فقد قصدنا فصبرنا عليه فبتر الله تعالى عمره بدعوتنا»(417).
25 - سنة (268هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الباقر (عليه السلام) حول التمحيص والغربلة لشيعته قبل الظهور المبارك:
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثنا أبو عبد الله جعفر ابن عبد الله المحمّدي من كتابه في سنة ثمان وستِّين ومائتين، قال: حدَّثنا محمّد بن منصور الصيقل، عن أبيه، قال: دخلت على أبي جعفر الباقر (عليه السلام) وعنده جماعة، فبينا نحن نتحدَّث وهو على بعض أصحابه مقبل إذ التفت إلينا وقال: «في أيِّ شيء أنتم؟ هيهاتَ هيهاتَ لا يكون الذي تمدُّون إليه أعناقكم حتَّى تُمحَّصوا، هيهاتَ ولا يكون الذي تمدُّون إليه أعناقكم حتَّى تُميَّزوا، ولا يكون الذي تمدُّون إليه أعناقكم حتَّى تُغربَلوا، ولا يكون الذي تمدُّون إليه أعناقكم إلَّا بعد إياس، ولا يكون الذي تمدُّون إليه أعناقكم حتَّى يشقى من شقي، ويسعد من سعد»(418).
ورواه الطوسي (رحمه الله) عن الحسين بن عبيد الله، عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن عليِّ بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل ابن شاذان النيشابوري، عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن منصور، عن أبيه، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)(419).
26 - سنة (268هـ): لقاء عيسى بن مهدي الجوهري بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وأكله من طعامه:
روى الخصيبي (رحمه الله) في (الهداية الكبرى) عن موسى بن محمّد، عن أبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(417) كمال الدِّين (ص 489/ باب 45/ ذيل الحديث 12).
(418) الغيبة للنعماني (ص 216 و217/ باب 12/ ح 16).
(419) الغيبة للطوسي (ص 335 و336/ ح 281).

(٣٤٧)

محمّد عيسى بن مهدي الجوهري، قال: خرجت في سنة ثمانية وستِّين ومائتين إلى الحجِّ، وكان قصدي المدينة وصاريا(420) حتَّى صحَّ عندنا أنَّ صاحب الزمان (عليه السلام) رحل من العراق إلى المدينة، فجلست بالقصر بصاريا في ظلَّة أبي محمّد (عليه السلام)، ودخل عليه قوم من خاصَّة شيعته، فخرجت - بعد أنْ حجَّيت ثلاثين حجَّة - في تلك السنة حاجًّا مشتاقاً إلى لقائه (عليه السلام) بصاريا، فاعتللت وقد خرجنا من فيد(421)، فتعلَّقت نفسي بشهوة السمك واللبن والتمر، فلمَّا وردت المدينة الملاية وافيت فيها إخواننا فبشَّروني بظهوره (عليه السلام) بصاريا، فلمَّا أشرفت على الوادي رأيت عنيزات عجافاً تدخل القصر، فوقفت أرتقب الأمر إلى أنْ صلَّيت العشاءين وأنا أدعو وأتضرَّع وأسأل وإذا ببدر الخادم يصيح بي: يا عيسى بن مهدي الجوهري الجنبلاني ادخل، فكبَّرت وهلَّلت وأكثرت من حمد الله (عزَّ وجلَّ) والثناء عليه، فلمَّا صرت في صحن دار القصر فرأيت مائدة منصوبة فمرَّ بي الخادم وأجلسني عليها وقال لي: مولاك يأمرك أنْ تأكل ما اشتهيت بعلَّتك وأنت خارج من فيد، فقلت في نفسي: حسبي بهذا برهاناً، فكيف آكل ولم أرَ سيِّدي ومولاي، فصاح: «يا عيسى، كُلْ من طعامي فإنَّك تراني»، فجلست على المائدة ونظرت فإذا عليها سمك حار يفور وتمر إلى جانبه أشبه التمر بتمرنا بجنبلا، وجانب التمر لبن ولي، فقلت في نفسي: عليل وسمك ولبن وتمر، فصاح: «يا عيسى، لا تشكَّ في أمرنا، أنت أعلم بما ينفعك ويضرُّك؟»، فبكيت واستغفرت الله وأكلت من الجميع، وكلَّما رفعت يدي لم يبن فيه موضع، فوجدته أطيب ما ذقته في الدنيا، فأكلت منه كثيراً حتَّى استحييت، فصاح: «يا عيسى، لا تستحي فإنَّه من طعام الجنَّة لم تصنعه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(420) لعلَّ المراد صريا، قال ابن شهر آشوب في المناقب (ج 3/ ص 489): (هي قرية أسَّسها موسى ابن جعفر (عليه السلام) على ثلاثة أميال من المدينة).
(421) فيد: منزل بطريق مكَّة. انظر: معجم البلدان (ج 4/ ص 282).

(٣٤٨)

يد مخلوق»، فأكلت فرأيت نفسي لا تشتهي من أكله، فقلت: يا مولاي حسبي، فصاح بي: «أقبل إليَّ»، فقلت في نفسي: ألقى مولاي ولم أغسل يدي؟ فصاح بي: «يا عيسى، وهل لما أكلت غمر؟»، فشممت يدي فإذا هي أعطر من المسك والكافور، فدنوت منه (عليه السلام) فبدا لي شخص أغشى بصري ورهبت حتَّى ظننت أنَّ عقلي قد اختلط، فقال لي: «يا عيسى، ما كان لكم أنْ تروني، ولولا الملأ تقول: أين هو كان؟ متى يكون؟ وأين وُلِدَ؟ ومن رآه؟ وما الذي خرج إليكم منه؟ وبأيِّ شيء أنبأكم؟ وأيّ معجزة أراكم؟ أمَا والله لقد دفعوا أمير المؤمنين عمَّا أراده وقدَّموا عليه وكادوه وقتلوه، وكذلك فعلوا بآبائي (عليهم السلام)، ولم يُصدِّقوهم ونسبوهم إلى السحر والكهانة وخدمة الجنِّ، لما رأيتني يا عيسى. أخبِر أولياءنا بما رأيت وإيَّاك أنْ تُخبر عدوًّا لنا فتُسلَبه»، فقلت: يا مولاي، ادعُ لنا بالثبات. فقال لي: «لو لم يُثبِّتك الله لما رأيتني، فامض لحجِّك راشداً»، فخرجت من أكثر الناس حمداً وشكراً(422).
27 - سنة (273هـ): خروج التوقيع الشريف إلى محمّد بن عبَّاس القصيري، وفيه الجواب على مسائله الثلاث:
روى الخصيبي (رحمه الله) في (الهداية الكبرى) عن موسى بن محمّد، عن محمّد بن عبَّاس القصيري، قال: كتبت في سنة ثلاثة وسبعين إلى الناحية أسأل الدعاء بالحجِّ ولم يكن عندي ما يحملني، وأنْ أُرزق السلامة، وأنْ أُكفى أمر بناتي، فوقَّع تحت المسألة: «سألت بالدعاء عليها»، فرُزِقْتُ الحجَّ والسلامة، ومات لي ثلاث بنات من الستَّة(423).
28 - سنة (273هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الباقر (عليه السلام) حول دوران الفلك ويأس الناس من ظهور المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى النعماني (رحمه الله) عن أبي سليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدَّثنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(422) الهداية الكبرى (ص 373 و374).
(423) الهداية الكبرى (ص 371).

(٣٤٩)

إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدَّثنا عبد الله ابن حمَّاد الأنصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال لي: «يا أبا الجارود، إذا دار الفلك وقالوا: مات أو هلك، وبأيِّ وادٍ سلك؟ وقال الطالب له: أنَّى يكون ذلك وقد بُليت عظامه، فعند ذلك فارتجوه، وإذا سمعتم به فأتوه ولو حبواً على الثلج»(424).
29 - سنة (273هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الباقر (عليه السلام) حول من لم يعرف الإمام يموت ميتة جاهليَّة:
روى النعماني (رحمه الله) عن أحمد بن نصر بن هوذة الباهلي، قال: حدَّثنا إبراهيم ابن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدَّثنا عبد الله ابن حمَّاد الأنصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، قال: حدَّثنا يحيى بن عبد الله، قال: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمّد (عليهما السلام): «يا يحيى بن عبد الله، من بات ليلة لا يعرف فيها إمامه مات ميتة جاهليَّة»(425).
30 - سنة (273هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الباقر (عليه السلام) حول خروج الشيصباني في الكوفة قبل السفياني:
روى النعماني (رحمه الله) عن أبي سليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدَّثنا إبراهيم ابن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدَّثنا أبو محمّد عبد الله بن حمَّاد الأنصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) عن السفياني، فقال: «وأنَّى لكم بالسفياني حتَّى يخرج قبله الشيصباني، يخرج من أرض كوفان، ينبع كما ينبع الماء، فيقتل وفدكم، فتوقَّعوا بعد ذلك السفياني، وخروج القائم (عليه السلام)»(426).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(424) الغيبة للنعماني (ص 156/ باب 10/ ح 12).
(425) الغيبة للنعماني (ص 126/ باب 7/ ح 1).
(426) الغيبة للنعماني (ص 313 و314/ باب 18/ ح 8).

(٣٥٠)

31 - سنة (273هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام الباقر (عليه السلام) حول اجتماع أصحاب المهدي (عجَّل الله فرجه) في مكَّة المكرَّمة:
روى النعماني (رحمه الله) عن أبي سليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدَّثنا عبد الله بن حمَّاد الأنصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، عن عبد الله بن بكير، عن أبان بن تغلب، قال: كنت مع جعفر بن محمّد (عليه السلام) في مسجد بمكَّة وهو آخذ بيدي، فقال: «يا أبان، سيأتي الله بثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً في مسجدكم هذا، يعلم أهل مكَّة أنَّه لم يُخلَق آباءهم ولا أجدادهم بعد، عليهم السيوف مكتوب على كلِّ سيف اسم الرجل واسم أبيه وحليته ونسبه، ثمّ يأمر منادياً فينادي: هذا المهدي يقضي بقضاء داود وسليمان، لا يسأل على ذلك بيِّنة»(427).
32 - سنة (273هـ): التاريخ السندي لحديث الصادق (عليه السلام) حول مدَّة ملك المهدي (عجَّل الله فرجه) وهي تسعة عشر سنة وأشهراً:
روى النعماني (رحمه الله) عن أبي سليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدَّثنا أبو محمّد عبد الله بن حمَّاد الأنصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، قال: حدَّثني عبد الله بن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ملك القائم منَّا تسع عشرة سنة وأشهراً»(428).
33 - سنة (276هـ): غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) كما جاء في (الفصول المهمَّة) لابن الصبَّاغ المالكي:
قال ابن الصبَّاغ المالكي في (الفصول المهمَّة): (صفته - أي المهدي -(عليه السلام):

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(427) الغيبة للنعماني (ص 327 و328/ باب 20/ ح 7).
(428) الغيبة للنعماني (ص 353 و354/ باب 26/ ح 2).

(٣٥١)

شابٌّ مربوع القامة، حسن الوجه والشعر، يسيل شعره على منكبيه، أقنى الأنف، أجلى الجبهة، بابه: محمّد بن عثمان، معاصره: المعتمد، قيل: إنَّه غاب في السرداب والحرس عليه، وكان ذلك في سنة ستٍّ وسبعين ومائتين للهجرة)(429).
34 - سنة (279هـ): التاريخ السندي لحديث محمّد والحسن ابني عليِّ بن إبراهيم حول مشاهدة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
راجع ما ذُكِرَ في سنة (257هـ) تحت عنوان: (مشاهدة رجل من أهل فارس للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وعمره سنتان).
35 - سنة (280هـ): التاريخ السندي لحديث ابن مهزيار عن خروج التوقيع الشريف بفضل محمّد بن عثمان بعد وفاة أبيه:
روى الطوسي (رحمه الله) عن جماعة، عن هارون بن موسى، عن محمّد بن همَّام، قال: حدَّثني محمّد بن حمويه بن عبد العزيز الرازي في سنة ثمانين ومائتين، قال: حدَّثنا محمّد بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي أنَّه خرج إليه بعد وفاة أبي عمرو: «والابن وقاه الله لم يزل ثقتنا في حياة الأب رضي الله عنه وأرضاه ونضَّر وجهه، يجري عندنا مجراه، ويسدُّ مسدَّه، وعن أمرنا يأمر الابن وبه يعمل، تولَّاه الله، فانته إلى قوله، وعرِّف معاملينا ذلك»(430).
36 - سنة (280هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام عليٍّ (عليه السلام) حول لقاء جيش السفياني مع الرايات السود فتكون ملحمة عظيمة:
روى نعيم بن حمَّاد المروزي عن أبي بكر محمّد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة، أنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، أنا أبو زيد عبد الرحمن بن حاتم المرادي بمصر سنة ثمانين ومائتين، ثنا نعيم بن حمَّاد، ثنا الوليد ورشدين، عن ابن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(429) الفصول المهمَّة (ج 2/ ص 1105 و1106).
(430) الغيبة للطوسي (ص 362/ ح 325).

(٣٥٢)

لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن عليٍّ (رضي الله عنه)، قال: «يلتقي السفياني والرايات السود فيهم شابٌّ من بني هاشم في كفِّه اليسرى خال وعلى مقدَّمته رجل من بني تميم يقال له: شعيب بن صالح بباب إصطخر فتكون بينهم ملحمة عظيمة فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني فعند ذلك يتمنَّى الناس المهدي ويطلبونه»(431).
37 - سنة (280 أو 281هـ): وفاة عليِّ بن زياد الصيمري بعد أنْ أخبره الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بوفاته في تلك السنة:
روى الكليني (رحمه الله) عن عليِّ بن محمّد، عن أبي عقيل عيسى بن نصر، قال: كتب عليُّ بن زياد الصيمري(432) يسأل كفناً، فكتب إليه: «إنَّك تحتاج إليه في سنة ثمانين»، فمات في سنة ثمانين(433)، وبعث إليه بالكفن قبل موته بأيَّام(434).

(٣٥٣)

* وروى الطوسي (رحمه الله) عن جماعة، عن أبي محمّد الحسن بن حمزة بن عليِّ بن عبد الله بن محمّد بن الحسن بن الحسين بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدَّثنا عليُّ بن محمّد الكليني، قال: كتب محمّد بن زياد الصيمري يسأل صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه) كفناً يتيمَّن بما يكون من عنده، فورد: «إنَّك تحتاج إليه سنة إحدى وثمانين»، فمات (رحمه الله) في هذا الوقت الذي حدَّه، وبُعِثَ إليه بالكفن قبل موته بشهر(435).
* وقال الصدوق (رحمه الله) في (كمال الدِّين): كتب عليُّ بن محمّد الصيمري (رضي الله عنه) يسأل كفناً، فورد: «إنَّه يحتاج إليه سنة ثمانين أو إحدى وثمانين»، فمات (رحمه الله) في الوقت الذي حدَّه، وبُعِثَ إليه بالكفن قبل موته بشهر(436).
38 - سنة (281هـ): التاريخ السندي لرواية أحمد بن بلال بن داود الكاتب ومشاهدته للقابلة التي تولَّت ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
راجع ما ذُكِرَ في (15/ شعبان/ 255هـ) تحت عنوان: (حكاية القابلة التي تولَّت ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)).
39 - سنة (285هـ): التاريخ السندي لحديث الإمام عليٍّ (عليه السلام) حول الحسن والحسين (عليهما السلام) إذ كان ينادي الحسين: بأبي يا أبا ابن خيرة الإماء:
قال أحمد بن عيَّاش الجوهري في (مقتضب الأثر): وممَّا حدَّثني به هذا الشيخ الثقة أبو الحسين عبد الصمد بن عليٍّ وأخرجه إليَّ من أصل كتابه وتاريخه في سنة خمس وثمانين ومأتين سماعه من عبيد بن كثير أبي سعد العامري، قال: حدَّثني نوح بن درَّاج، عن يحيى بن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن ابن أبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(431) كتاب الفتن للمروزي (ص 197).
(432) قال النمازي (رحمه الله) في مستدركات علم الرجال (ج 5/ ص 448/ الرقم 10382): (عليُّ بن محمّد بن زياد الصيمري عدُّوه من أصحاب الهادي والعسكري (عليهما السلام)، خدمهما وكاتباه ووقَّعا إليه توقيعات كثيرة، وكان رجلاً من وجوه الشيعة وثقاتهم ومقدَّماً في الكتابة والعلم والأدب، وله كتاب الأوصياء. (انتهى كلام السيِّد ابن طاوس). وبالجملة هو ثقة معتمد بالاتِّفاق، وروى عنه السيِّد في كُتُبه. وهو صهر جعفر بن محمود الوزير على ابنته أُمِّ أحمد. وفي إثبات الوصيَّة للمسعودي (ص 209) قال في حقِّه: كان رجلاً من وجوه الشيعة وثقاتهم ومقدَّماً في الكتابة والعلم والأدب والمعرفة).
(433) قال المجلسي (رحمه الله) في البحار (ج 51/ ص 312): (في سنة ثمانين، أي من عمره، أو المراد سنة ثمانين بعد المائتين).
(434) الكافي (ج 1/ ص 524/ باب مولد الصاحب (عليه السلام)/ ح 27)، الإرشاد (ج 2/ ص 366)، الغيبة للطوسي (ص 283 و284/ ح 243)، الثاقب في المناقب (ص 590/ ح 535/1)، الخرائج والجرائح (ج 1/ ص 463 و464/ ح 8)، إعلام الورى (ج 2/ ص 266)، كشف الغمَّة (ج 3/ ص 254).
(435) الغيبة للطوسي (ص 297 و298/ ح 253)، دلائل الإمامة (ص 524/ ح 494/98) بتفاوت يسير.
(436) كمال الدِّين (ص 501/ باب 45/ ح 26).

(٣٥٤)

جحيفة السوائي - من سواءة بن عامر -، والحرث بن عبد الله الحارثي الهمداني، والحرث بن شرب، كلٌّ حدَّثنا: إنَّهم كانوا عند عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) فكان إذا أقبل ابنه الحسن (عليه السلام) يقول: «مرحباً يا ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»، وإذا أقبل الحسين يقول: «بأبى أنت وأُمِّي يا أبا ابن خير الإماء»، فقيل له: يا أمير المؤمنين، ما بالك تقول هذا للحسن وتقول هذا للحسين؟ ومن ابن خيرة الإماء؟ فقال: «ذلك الفقيد الطريد الشريد محمّد بن الحسن بن عليِّ بن محمّد بن عليِّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليِّ بن الحسين (عليهم السلام) هذا - ووضع يده على رأس الحسين -»(437).
40 - سنة (286هـ): قصَّة السيِّدة نرجس أُمُّ الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وما جرى عليها من محاولة زواجها إلى أسرها وبيعها ومن ثَمَّ زواجها بالإمام الحسن العسكري (عليه السلام) يرويها بشر بن سليمان النخَّاس إلى محمّد بن بحر الشيباني في مقابر قريش:
روى الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن عليِّ بن حاتم النوفلي، قال: حدَّثنا أبو العبَّاس أحمد بن عيسى الوشَّاء البغدادي، قال: حدَّثنا أحمد بن طاهر القمِّي، قال: حدَّثنا أبو الحسين محمّد بن بحر الشيباني، قال: وردت كربلا سنة ستٍّ وثمانين ومائتين، قال: وزرت قبر غريب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثمّ انكفأت إلى مدينة السلام متوجِّهاً إلى مقابر قريش في وقت قد تضرَّمت الهواجر وتوقَّدت السمائم، فلمَّا وصلت منها إلى مشهد الكاظم (عليه السلام) واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة، المحفوفة بحدائق الغفران، أكببت عليها بعبرات متقاطرة، وزفرات متتابعة، وقد حجب الدمع طرفي عن النظر، فلمَّا رقأت العبرة وانقطع النحيب فتحت بصري فإذا أنا بشيخ قد انحنى صلبه، وتقوَّس منكباه، وثفنت جبهته وراحتاه، وهو يقول لآخر معه عند القبر: يا ابن أخي، لقد نال عمُّك شرفاً بما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(437) مقتضب الأثر (ص 31).

(٣٥٥)

حمَّله السيِّدان من غوامض الغيوب وشرائف العلوم التي لم يحمل مثلها إلَّا سلمان، وقد أشرف عمُّك على استكمال المدَّة وانقضاء العمر، وليس يجد في أهل الولاية رجلاً يُفضي إليه بسرِّه، قلت: يا نفس، لا يزال العناء والمشقَّة ينالان منكِ بإتعابي الخفَّ والحافر في طلب العلم، وقد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدلُّ على علم جسيم وأثر عظيم، فقلت: أيُّها الشيخ، ومن السيِّدان؟ قال: النجمان المغيَّبان في الثرى بسُرَّ من رأى، فقلت: إنِّي أُقسم بالموالاة وشرف محلِّ هذين السيِّدين من الإمامة والوراثة أنِّي خاطب علمهما، وطالب آثارهما، وباذل من نفسي الأيمان المؤكَّدة على حفظ أسرارهما، قال: إنْ كنت صادقاً فيما تقول فأحضر ما صحبك من الآثار عن نقلة أخبارهم، فلمَّا فتَّش الكُتُب وتصفَّح الروايات منها قال: صدقت، أنا بشر بن سليمان النخَّاس من ولد أبي أيُّوب الأنصاري أحد موالي أبي الحسن وأبي محمّد (عليهما السلام) وجارهما بسُرَّ من رأى، قلت: فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما، قال: كان مولانا أبو الحسن عليُّ بن محمّد العسكري (عليهما السلام) فقَّهني في أمر الرقيق، فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلَّا بإذنه، فاجتنبت بذلك موارد الشُّبُهات حتَّى كملت معرفتي فيه فأحسنت الفرق [فيما] بين الحلال والحرام. فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسُرَّ من رآى وقد مضى هوي من الليل إذ قرع الباب قارع فعدوت مسرعاً فإذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن عليِّ بن محمّد (عليهما السلام) يدعوني إليه، فلبست ثيابي ودخلت عليه فرأيته يُحدِّث ابنه أبا محمّد وأُخته حكيمة من وراء الستر، فلمَّا جلست قال: «يا بشر، إنَّك من ولد الأنصار، وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإنِّي مزكِّيك ومشرِّفك بفضيلة تسبق بها شأو الشيعة في الموالاة بها بسرٍّ أُطلعك عليه وأُنفذك في ابتياع أَمَة»، فكتب كتاباً ملصقاً بخطٍّ رومي ولغة روميَّة، وطبع عليه بخاتمه، وأخرج شستقة صفراء فيها مائتان وعشرون ديناراً،

(٣٥٦)

فقال: «خذها وتوجَّه بها إلى بغداد، واحضر معبر الفرات ضحوة كذا، فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وبرزن الجواري منها فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قُوَّاد بني العبَّاس وشراذم من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمَّى عمر بن يزيد النخَّاس عامَّة نهارك إلى أنْ يُبرِز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا، لابسة حريرتين صفيقتين، تمتنع من السفور ولمس المعترض، والانقياد لمن يحاول لمسها ويشغل نظره بتأمُّل مكاشفها من وراء الستر الرقيق، فيضربها النخَّاس فتصرخ صرخة روميَّة، فاعلم أنَّها تقول: وا هتك ستراه، فيقول بعض المبتاعين: عليَّ بثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبةً، فتقول بالعربيَّة: لو برزت في زيِّ سليمان وعلى مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبةً، فأشفق على مالك، فيقول النخَّاس: فما الحيلة ولا بدَّ من بيعك، فتقول الجارية: وما العجلة؟ ولا بدَّ من اختيار مبتاع يسكن قلبي [إليه و]إلى أمانته وديانته، فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخَّاس وقل له: إنَّ معي كتاباً ملصقاً لبعض الأشراف كتبه بلغة روميَّة وخطٍّ رومي، ووصف فيه كرمه ووفاه ونبله وسخاءه، فناولها لتتأمَّل منه أخلاق صاحبه فإنْ مالت إليه ورضيته، فأنا وكيله في ابتياعها منك».
قال بشر بن سليمان النخَّاس: فامتثلت جميع ما حدَّه لي مولاي أبو الحسن (عليه السلام) في أمر الجارية، فلمَّا نظرت في الكتاب بكت بكاءً شديداً، وقالت لعمر بن يزيد النخَّاس: بعني من صاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرِّجة المغلَّظة إنَّه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها، فما زلت أُشاحُّه في ثمنها حتَّى استقرَّ الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي (عليه السلام) من الدنانير في الشستقة الصفراء، فاستوفاه منِّي وتسلَّمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة، وانصرفت بها إلى حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتَّى أخرجت كتاب

(٣٥٧)

مولاها (عليه السلام) من جيبها وهي تلثمه وتضعه على خدِّها وتطبقه على جفنها وتمسحه على بدنها.
فقلت تعجُّباً منها: أتلثمين كتاباً ولا تعرفين صاحبه؟ قالت: أيُّها العاجز الضعيف المعرفة بمحلِّ أولاد الأنبياء أعرني سمعك وفرِّغ لي قلبك، أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر مَلِك الروم، وأُمِّي من ولد الحواريِّين تُنسَب إلى وصيِّ المسيح شمعون، أُنبئك العجب العجيب، إنَّ جدِّي قيصر أراد أنْ يُزوِّجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريِّين ومن القسِّيسين والرهبان ثلاثمائة رجل، ومن ذوي الأخطار سبعمائة رجل، وجمع من أُمراء الأجناد وقُوَّاد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز من بهو ملكه عرشاً مسوغاً من أصناف الجواهر إلى صحن القصر، فرفعه فوق أربعين مرقاة، فلمَّا صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان وقامت الأساقفة عكفاً ونشرت أسفار الإنجيل تسافلت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض، وتقوَّضت الأعمدة فانهارت إلى القرار، وخرَّ الصاعد من العرش مغشيًّا عليه، فتغيَّرت ألوان الأساقفة، وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم لجدِّي: أيُّها المَلِك أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالَّة على زوال هذا الدِّين المسيحي والمذهب الملكاني، فتطيَّر جدِّي من ذلك تطيُّراً شديداً، وقال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة، وارفعوا الصلبان، واحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جدُّه لأُزوِّج منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده، فلمَّا فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الأوَّل، وتفرَّق الناس وقام جدِّي قيصر مغتمًّا ودخل قصره وأُرخيت الستور. فأُريت في تلك الليلة كأنَّ المسيح والشمعون وعدَّة من الحواريِّين قد اجتمعوا في قصر جدِّي ونصبوا فيه منبراً يباري السماء علوًّا وارتفاعاً في الموضع الذي كان جدِّي نصب فيه عرشه، فدخل عليهم محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

(٣٥٨)

مع فتية وعدَّة من بنيه، فيقوم إليه المسيح فيعتنقه فيقول: يا روح الله، إنِّي جئتك خاطباً من وصيِّك شمعون فتاته مليكة لابني هذا، وأومأ بيده إلى أبي محمّد صاحب هذا الكتاب، فنظر المسيح إلى شمعون فقال له: قد أتاك الشرف، فصِل رحمك برحم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قال: قد فعلت، فصعد ذلك المنبر وخطب محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وزوَّجني وشهد المسيح (عليه السلام) وشهد بنوا محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والحواريُّون، فلمَّا استيقظت من نومي أشفقت أنْ أقصَّ هذه الرؤيا على أبي وجدِّي مخافة القتل، فكنت أُسِرُّها في نفسي ولا أُبديها لهم، وضرب صدري بمحبَّة أبي محمّد حتَّى امتنعت من الطعام والشراب وضعفت نفسي ودقَّ شخصي ومرضت مرضاً شديداً، فما بقي من مدائن الروم طبيب إلَّا أحضره جدِّي وسأله عن دوائي، فلمَّا برح به اليأس قال: يا قرَّة عيني، فهل تخطر ببالك شهوة فأُزوِّدكها في هذه الدنيا؟ فقلت: يا جدِّي، أرى أبواب الفرج عليَّ مغلقة فلو كشفت العذاب عمَّن في سجنك من أُسارى المسلمين وفككت عنهم الأغلال وتصدَّقت عليهم ومننتهم بالخلاص لرجوت أنْ يهب المسيح وأُمُّه لي عافية وشفاء، فلمَّا فعل ذلك جدِّي تجلَّدت في إظهار الصحَّة في بدني وتناولت يسيراً من الطعام، فسرَّ بذلك جدِّي وأقبل على إكرام الأُسارى وإعزازهم، فرأيت أيضاً بعد أربع ليال كأنَّ سيِّدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف وصيفة من وصائف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيِّدة النساء أُمُّ زوجكِ أبي محمّد (عليه السلام)، فأتعلَّق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمّد من زيارتي، فقالت لي سيِّدة النساء (عليها السلام): إنَّ ابني أبا محمّد لا يزوركِ وأنتِ مشركة بالله وعلى مذهب النصارى، وهذه أُختي مريم تبرأ إلى تعالى من دينك، فإنْ ملتِ إلى رضا الله (عزَّ وجلَّ) ورضا المسيح ومريم عنكِ وزيارة أبي محمّد إيَّاكِ فتقولي: أشهد أنْ لا إله إلَّا الله، وأشهد أنَّ - أبي - محمّداً رسول الله، فلمَّا تكلَّمت بهذه الكلمة ضمَّتني سيِّدة النساء إلى صدرها

(٣٥٩)

فطيَّبت لي نفسي، وقالت: الآن توقَّعي زيارة أبي محمّد إيَّاكِ فإنِّي منفذه إليكِ، فانتبهت وأنا أقول: وا شوقاه إلى لقاء أبي محمّد، فلمَّا كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمّد (عليه السلام) في منامي فرأيته كأنِّي أقول له: جفوتني يا حبيبي بعد أنْ شغلت قلبي بجوامع حبِّك، قال: ما كان تأخيري عنكِ إلَّا لشرككِ، وإذ قد أسلمتِ فإنِّي زائركِ في كلِّ ليلة إلى أنْ يجمع الله شملنا في العيان، فما قطع عنِّي زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.
قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعتِ في الأسر؟ فقالت: أخبرني أبو محمّد ليلة من الليالي أنَّ جدَّكِ سيُسرِّب جيوشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا، ثمّ يتبعهم فعليكِ باللحاق بهم متنكِّرة في زيِّ الخدم مع عدَّة من الوصائف من طريق كذا، ففعلت فوقعت علينا طلائع المسلمين حتَّى كان من أمري ما رأيت وما شاهدت، وما شعر أحد بأنِّي ابنة مَلِك الروم إلى هذه الغاية سواك، وذلك باطِّلاعي إيَّاك عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت: نرجس، فقال: اسم الجواري.
فقلت: العجب أنَّكِ روميَّة ولسانكِ عربي؟ قالت: بلغ من ولوع جدِّي وحمله إيَّاي على تعلُّم الآداب أنْ أوعز إلى امرأة ترجمان له في الاختلاف إليَّ، فكانت تقصدني صباحاً ومساءً وتفيدني العربيَّة حتَّى استمرَّ عليها لساني واستقام.
قال بشر: فلمَّا انكفأت بها إلى سُرَّ من رأى دخلت على مولانا أبي الحسن العسكري (عليه السلام) فقال لها: «كيف أراكِ الله عزَّ الإسلام وذلَّ النصرانيَّة، وشرف أهل بيت محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟»، قالت: كيف أصف لك يا ابن رسول الله ما أنت أعلم به منِّي؟ قال: «فإنِّي أُريد أنْ أُكرمكِ، فأيّما أحبُّ إليكِ عشرة آلاف درهم، أم بشرى لكِ فيها شرف الأبد؟»، قالت: بل البشرى، قال (عليه السلام): «فأبشري بولد

(٣٦٠)

يملك الدنيا شرقاً وغرباً ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً»، قالت: ممَّن؟ قال (عليه السلام): «ممَّن خطبك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) له من ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا بالروميَّة»، قالت: من المسيح ووصيِّه، قال: «فممَّن زوَّجكِ المسيح ووصيُّه؟»، قالت: من ابنك أبي محمّد، قال: «فهل تعرفينه؟»، قالت: وهل خلوت ليلة من زيارته إيَّاي منذ الليلة التي أسلمت فيها على يد سيِّدة النساء أُمِّه. فقال أبو الحسن (عليه السلام): «يا كافور، ادعُ لي أُختي حكيمة»، فلمَّا دخلت عليه قال (عليه السلام) لها: «ها هيه»، فاعتنقتها طويلاً وسرَّت بها كثيراً، فقال لها مولانا: «يا بنت رسول الله، أخرجيها إلى منزلكِ وعلِّميها الفرائض والسُّنَن فإنَّها زوجة أبي محمّد وأُمُّ القائم (عليه السلام)»(438).
ورواه الطوسي (رحمه الله) عن جماعة، عن أبي المفضَّل الشيباني، عن أبي الحسين محمّد بن بحر بن سهل الشيباني الرهني، عن بشر بن سليمان النخَّاس(439).
41 - سنة (288هـ): التاريخ السندي لحديث الحسين بن محمّد لرواية يعقوب بن يوسف وملاقاته مع العجوز:
راجع ما ذُكِرَ في سنة (281هـ) تحت عنوان: (سفر يعقوب بن يوسف للحجِّ وسكنه في دار الرضا (عليه السلام) في مكَّة وملاقاته عجوزاً تلتقي بالإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وإعطائها له نسخة من توقيع يحوي دعاءً طويلاً).
42 - سنة (290هـ): خروج التوقيع الشريف بتوثيق وتوكيل محمّد بن جعفر العربي بالريِّ باستلام الأموال:
روى الطوسي (رحمه الله) عن أبي الحسين بن أبي جيد القمِّي، عن محمّد بن الحسن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(438) كمال الدِّين (ص 417 - 423/باب 41/ ح 1)، دلائل الإمامة (ص 489 - 496/ ح 488/92)، روضة الواعظين (ص 252 - 255)، مناقب آل أبي طالب (ج 3/ ص 538 - 540).
(439) الغيبة للطوسي (ص 208 - 214/ ح 178).

(٣٦١)

ابن الوليد، عن محمّد بن يحيى العطَّار، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن صالح بن أبي صالح، قال: سألني بعض الناس في سنة تسعين ومائتين قبض شيء، فامتنعت من ذلك وكتبت أستطلع الرأي، فأتاني الجواب: «بالريِّ محمّد بن جعفر العربي(440) فليدفع إليه، فإنَّه من ثقاتنا»(441).
43 - سنة (293هـ): سياحة محمّد بن عبد الله القمِّي في الأرض طلباً للحقِّ وتشرُّفه باللقاء في مكَّة المكرَّمة:
روى الطوسي (رحمه الله) عن جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري، عن أحمد بن عليٍّ الرازي، قال: حدَّثني محمّد بن عليٍّ، عن محمّد بن أحمد بن خلف، قال: نزلنا مسجداً في المنزل المعروف بالعبَّاسيَّة - على مرحلتين من فسطاط مصر -، وتفرَّق غلماني في النزول وبقي معي في المسجد غلام أعجمي، فرأيت في زاويته شيخاً كثير التسبيح، فلمَّا زالت الشمس ركعت وسجدت وصلَّيت الظهر في أوَّل وقتها، ودعوت بالطعام، وسألت الشيخ أنْ يأكل معي فأجابني. فلمَّا طعمنا سألت عن اسمه واسم أبيه وعن بلده وحرفته ومقصده، فذكر أنَّ اسمه محمّد بن عبد الله، وأنَّه من أهل قم، وذكر أنَّه يسيح منذ ثلاثين سنة في طلب الحقِّ ويتنقل في البلدان والسواحل، وأنَّه أوطن مكَّة والمدينة نحو عشرين سنة يبحث عن الأخبار ويتبع الآثار. فلمَّا كان في سنة ثلاث وتسعين ومائتين طاف بالبيت ثمّ صار إلى مقام إبراهيم (عليه السلام) فركع فيه وغلبته عينه فأنبهه صوت دعاء لم يجرِ في سمعه مثله، قال: فتأمَّلت الداعي فإذا هو شابٌّ أسمر لم أرَ قطُّ في حسن صورته واعتدال قامته، ثمّ صلَّى فخرج وسعى، فاتَّبعته وأوقع الله (عزَّ وجلَّ) في نفسي أنَّه صاحب الزمان (عليه السلام). فلمَّا فرغ من سعيه قصد بعض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(440) مرَّت ترجمته تحت عنوان (وفاة محمّد بن جعفر الأسدي أحد وكلاء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)).
(441) الغيبة للطوسي (ص 415/ ح 391).

(٣٦٢)

الشعاب فقصدت أثره فلمَّا قربت منه إذ أنا بأسود مثل الفنيق قد اعترضني فصاح بي بصوت لم أسمع أهول منه: ما تريد عافاك الله؟ فأرعدت ووقفت، وزال الشخص عن بصري وبقيت متحيِّراً. فلمَّا طال بي الوقوف والحيرة انصرفت ألوم نفسي وأعذلها بانصرافي بزجرة الأسود، فخلوت بربِّي (عزَّ وجلَّ) أدعوه وأسأله بحقِّ رسوله وآله (عليهم السلام) أنْ لا يُخيِّب سعيي وأنْ يُظهر لي ما يثبت به قلبي ويزيد في بصري. فلمَّا كان بعد سنين زرت قبر المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فبينا أنا أُصلِّي في الروضة التي بين القبر والمنبر إذ غلبتني عيني فإذا محرِّك يُحرِّكني فاستيقظت فإذا أنا بالأسود، فقال: ما خبرك؟ وكيف كنت؟ فقلت: الحمد الله وأذمُّك، فقال: لا تفعل، فإنِّي أُمرت بما خاطبتك به، وقد أدركت خيراً كثيراً، فطب نفساً وازدد من الشكر لله (عزَّ وجلَّ) ما أدركت وعاينت، ما فعل فلان؟ وسمَّى بعض إخواني المستبصرين، فقلت: ببرقة، فقال: صدقت، ففلان؟ وسمَّى رفيقاً لي مجتهداً في العبادة، مستبصراً في الديانة، فقلت: بالإسكندريَّة، حتَّى سمَّى لي عدَّة من إخواني. ثمّ ذكر اسماً غريباً فقال: ما فعل نقفور؟ قلت: لا أعرفه، فقال: كيف تعرفه وهو رومي؟ فيهديه الله فيخرج ناصراً من قسطنطينيَّة، ثمّ سألني عن رجل آخر فقلت: لا أعرفه، فقال: هذا رجل من أهل هيت من أنصار مولاي (عليه السلام)، امضِ إلى أصحابك فقل لهم: نرجو أنْ يكون قد أذن الله في الانتصار للمستضعفين وفي الانتقام من الظالمين، ولقد لقيت جماعة من أصحابي وأدَّيت إليهم وأبلغتهم ما حملت وأنا منصرف وأُشير عليك أنْ لا تتلبَّس بما يثقل به ظهرك، ويتعب به جسمك وأنْ تحبس نفسك على طاعة ربِّك، فإنَّ الأمر قريب إنْ شاء الله تعالى. فأمرت خازني فأحضر لي خمسين ديناراً وسألته قبولها، فقال: يا أخي قد حرَّم الله عليَّ أنْ آخذ منك ما أنا مستغنٍ عنه، كما أحلَّ لي أنْ آخذ منك الشيء إذا احتجت إليه، فقلت له: هل سمع هذا الكلام منك أحد

(٣٦٣)

غيري من أصحاب السلطان؟ فقال: نعم أخوك أحمد بن الحسين الهمداني المدفوع عن نعمته بآذربيجان، وقد استأذن للحجِّ تأميلاً أنْ يلقى من لقيت، فحجَّ أحمد بن الحسين الهمداني (رحمه الله) في تلك السنة فقتله ذكرويه بن مهرويه(442)، وافترقنا وانصرفت إلى الثغر. ثمّ حججت فلقيت بالمدينة رجلاً اسمه طاهر من ولد الحسين الأصغر، يقال: إنَّه يعلم من هذا الأمر شيئاً، فثابرت عليه حتَّى أنس بي، وسكن لي، ووقف على صحَّة عقيدتي، فقلت له: يا ابن رسول الله، بحقِّ آبائك الطاهرين (عليهم السلام) لـمَّا جعلتني مثلك في العلم بهذا الأمر، فقد شهد عندي من توثقه بقصد القاسم بن عبد الله بن سليمان بن وهب إيَّاي لمذهبي واعتقادي وأنَّه أغرى بدمي مراراً فسلَّمني الله منه. فقال: يا أخي، اكتم ما تسمع منِّي الخبر في هذه الجبال، وإنَّما يرى العجائب الذين يحملون الزاد في الليل ويقصدون به مواضع يعرفونها، وقد نُهينا عن الفحص والتفتيش، فودَّعته وانصرفت عنه(443).
44 - سنة (298هـ): حكاية العقيقي مع الوزير عليِّ بن عيسى بن الجرَّاح، وكرامات الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) عليه على يد الحسين بن روح:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبي محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي ابن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(442) قال الزركلي في الأعلام (ج 3/ ص 45): (زكوريه بن مهرويه القرمطي من زعماء القرامطة ومتألِّهيهم، من أهل القطيف، اختفى أربع سنين في أيَّام المعتضد العبَّاسي فلم يظفر به، ولـمَّا مات المعتضد أظهر نفسه، واستهوى طوائف من أهل بادية العراق وبثَّ الدعاة، وكان أتباعه يسجدون له، ويُسَمُّونه (السيِّد) و(المولى)، ولم يكن يظهر لعسكره، بل يسير وهو محجوب، ويتولَّى أُموره أحد ثقاته، وأرسل إلى الشام قائداً اسمه (عبد الله بن سعيد) فظفر به المكتفي العبَّاسي وقتله، وأغار زكرويه على حُجَّاج خراسان وكانوا نحو عشرين ألفاً فأفنى أكثرهم، وانتشرت جموعه بين زبالة وفيد، وأوقع بقافلة أُخرى كبيرة من الحُجَّاج، وتنقَّل بين فيد والنباج وحفير أبي موسى، وانتدب المكتفي الجيوش لقتاله، فأُصيب في معركة بين القادسية وخفان، فمات بعد أيَّام، وحُمِلَت جثَّته إلى بغداد فأُحرقت، وأُرسل رأسه إلى خراسان لئلَّا ينقطع أهلها عن الحجِّ).
(443) الغيبة للطوسي (ص 254 - 257/ ح 224).

(٣٦٤)

أخي طاهر ببغداد طرف سوق القطن في داره، قال: قَدِمَ أبو الحسن عليُّ بن أحمد ابن عليٍّ العقيقي(444) ببغداد في سنة ثمان وتسعين ومائتين إلى عليِّ بن عيسى بن الجرَّاح(445) وهو يومئذٍ وزير(446) في أمر ضيعة له، فسأله، فقال له: إنَّ أهل بيتك في هذا البلد كثير فإنْ ذهبنا نعطي كلَّما سألونا طال ذلك - أو كما قال -، فقال له العقيقي: فإنِّي أسأل من في يده قضاء حاجتي، فقال له عليُّ بن عيسى: من هو؟ فقال: الله (عزَّ وجلَّ)، وخرج مغضباً، قال: فخرجت وأنا أقول: في الله عزاء من كلِّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(444) عليُّ بن أحمد بن عليِّ بن محمّد بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، الشريف أبو الحسن العلوي العقيقي، كان حيًّا إلى سنة (305هـ)، وكان من فقهاء الإماميَّة ومصنِّفيهم، عارفاً بالرجال. روى عن أبي هاشم داود الجعفري، وأبي نعيم الأنصاري. وروى عنه الشريف أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى المعروف بابن أخي طاهر، المتوفَّى سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. وقد أكثر العلاَّمة الحلِّي من النقل عن كتابه في الرجال، واعتمد عليه. له كُتُب منها: المدينة، المسجد، ما بين المسجدين، النسب، والرجال. راجع: موسوعة طبقات الفقهاء (ج 4/ ص 272 و273/ الرقم 1478).
(445) قال الزركلي في الأعلام (ج 4/ ص 317): (عليُّ بن عيسى بن داود بن الجرَّاح، أبو الحسن البغدادي الحسني وزير المقتدر العبَّاسي والقاهر. وأحد العلماء الرؤساء من أهل بغداد، فارسي الأصل. نشأ كاتباً كأبيه، وولي مكَّة، واستقدمه المقتدر إلى بغداد سنة (300هـ)، فولَّاه الوزارة، فأصلح الأحوال وأحسن الإدارة وحُمِدَت سيرته، ثمّ عزله المقتدر سنة (304هـ) وحبسه ونفاه إلى مكَّة سنة (311هـ) ومنها إلى صنعاء، وأذن له بالعودة إلى مكَّة سنة (312هـ) فعاد. وولي فيها الاطِّلاع على أعمال مصر والشام، فكان يتردَّد إليهما. وأعاده المقتدر إلى الوزارة فرجع إلى بغداد سنة (314هـ) ونقم عليه سنة (316هـ) فعزله وقبض عليه، ثمّ جعل له النظر في الدواوين سنة (318هـ)، وهكذا كانت حياته ملؤها الاضطراب، وتُوفِّي ببغداد. له كُتُب منها: ديوان رسائل، ومعاني القرآن أعانه عليه ابن مجاهد المقري، وجامع الدعاء، وكتاب الكتاب وسياسة المملكة وسيرة الخلفاء).
(446) قد يتعارض تاريخ هذه الرواية وهي سنة (298هـ) مع ما مرَّ في الهامش السابق من ترجمة عليِّ ابن عيسى وأنَّه وزر للمقتدر سنة (300هـ)، فتأمَّل.

(٣٦٥)

هالك، ودرك من كلِّ مصيبة. قال: فانصرفت فجاءني الرسول من عند الحسين ابن روح (رضي الله عنه وأرضاه)، فشكوت إليه فذهب من عندي فأبلغه فجاءني الرسول بمائة درهم عدداً ووزناً ومنديل وشيء من حنوط وأكفان، وقال لي: مولاك يُقرئك السلام ويقول لك: «إذا أهمَّك أمر أو غمٌّ فامسح بهذا المنديل وجهك، فإنَّ هذا منديل مولاك (عليه السلام)، وخذ هذه الدراهم وهذا الحنوط وهذه الأكفان وستُقضى حاجتك في ليلتك هذه، وإذا قَدِمْتَ إلى مصر يموت محمّد بن إسماعيل من قبلك بعشرة أيَّام، ثمّ تموت بعده فيكون هذا كفنك وهذا حنوطك وهذا جهازك». قال: فأخذت ذلك وحفظته وانصرف الرسول وإذا أنا بالمشاعل على بابي والباب يُدَقُّ، فقلت لغلامي خير: يا خير، انظر أيّ شيء هو ذا؟ فقال خير: هذا غلام حميد بن محمّد الكاتب ابن عمِّ الوزير(447)، فأدخله إليَّ، فقال لي: قد طلبك الوزير ويقول لك مولاي حميد: اركب إليَّ، قال: فركبت وفتحت الشوارع والدروب وجئت إلى شارع الرزَّازين فإذا بحميد قاعد ينتظرني، فلمَّا رآني أخذ بيدي وركبنا فدخلنا على الوزير، فقال لي الوزير: يا شيخ، قد قضى الله حاجتك، واعتذر إليَّ ودفع إليَّ الكُتُب مكتوبة مختومة قد فرغ منها، قال: فأخذت ذلك وخرجت. قال أبو محمّد الحسن بن محمّد، فحدَّثنا أبو الحسن عليُّ بن أحمد العقيقي (رحمه الله) بنصيبين بهذا وقال لي: ما خرج هذا الحنوط إلَّا لعمَّتي فلانة لم يُسمِّها، وقد نعيت إليَّ نفسي ولقد قال لي الحسين بن روح (رضي الله عنه): إنِّي أملك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(447) هو ابن محمّد بن داود بن الجرَّاح عمُّ الوزير عليِّ بن عيسى بن داود الجرَّاح، قال الزركلي في الأعلام (ج 6/ ص 120): (محمّد بن داود بن الجرَّاح، أبو عبد الله، أديب، من علماء الكُتَّاب، من أهل بغداد. كان صديقاً لعبد الله بن المعتزِّ، ووزر له يوم خلافته، فلمَّا قامت الفتنة اختفى، ثمّ ظهر، فأشار أبو الحسن ابن الفرات، بقتله، فقُتِلَ ببغداد. له كُتُب، منها: الورقة في أخبار الشعراء، والشعر والشعراء، وكتاب الوزراء، وكتاب من سُمِّي عمراً من الشعراء في الجاهليَّة والإسلام).

(٣٦٦)

الضيعة وقد كتب لي بالذي أردت، فقمت إليه وقبَّلت رأسه وعينيه، وقلت: يا سيِّدي، أرني الأكفان والحنوط والدراهم، قال: فأخرج إليَّ الأكفان وإذا فيها برد حبرة مسهم من نسيج اليمن وثلاثة أثواب مروي وعمامة، وإذا الحنوط في خريطة، وأخرج إليَّ الدراهم فعددتها مائة درهم (و)وزنها مائة درهم، فقلت: يا سيِّدي، هب لي منها درهماً أصوغه خاتماً، قال: وكيف يكون ذلك؟ خذ من عندي ما شئت، فقلت: أُريد من هذه وألححت عليه، وقبَّلت رأسه وعينيه، فأعطاني درهماً فشددته في منديل وجعلته في كمِّي، فلمَّا صرت إلى الخان فتحت زنفيلجة معي وجعلت المنديل في الزنفيلجة وقيد الدرهم مشدود وجعلت كُتُبي ودفاتري فوقه، وأقمت أيَّاماً، ثمّ جئت أطلب الدرهم فإذا الصُّرَّة مصرورة بحالها ولا شيء فيها، فأخذني شبه الوسواس فصرت إلى باب العقيقي فقلت لغلامه خير: أُريد الدخول إلى الشيخ، فأدخلني إليه فقال لي: ما لك؟ فقلت: يا سيِّدي، الدرهم الذي أعطيتني إيَّاه ما أصبته في الصُّرَّة، فدعا بالزنفيلجة وأخرج الدراهم فإذا هي مائة درهم عدداً ووزناً، ولم يكن معي أحد أتَّهمته. فسألته في ردِّه إليَّ فأبى، ثمّ خرج إلى مصر وأخذ الضيعة، ثمّ مات قبله محمّد بن إسماعيل بعشرة أيَّام (كما قيل)، ثمّ تُوفِّي (رضي الله عنه) وكُفِّن في الأكفان الذي دُفِعَت إليه(448).
45 - حدود سنة (300هـ): التاريخ السندي لحديث أحمد بن عليٍّ الرازي حول تحوُّل الحصى إلى ذهب بيد الأودي ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في مكَّة المكرَّمة:
روى الطوسي (رحمه الله) عن جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري، عن أحمد بن عليٍّ الرازي، قال: حدَّثني شيخ ورد الريَّ على أبي الحسين محمّد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(448) كمال الدِّين (ص 505 و506/ باب 45/ ح 36)، الغيبة للطوسي (ص 317 - 319/ ح 265).

(٣٦٧)

جعفر الأسدي، فروى له حديثين في صاحب الزمان (عليه السلام) وسمعتهما منه كما سمع، وأظنُّ ذلك قبل سنة ثلاثمائة أو قريباً منها، قال: حدَّثني عليُّ بن إبراهيم الفدكي، قال: قال الأودي(449): بينا أنا في الطواف قد طفت ستَّة وأُريد أنْ أطوف السابعة فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة وشابٌّ حسن الوجه، طيِّب الرائحة، هيوب، ومع هيبته متقرِّب إلى الناس، فتكلَّم فلم أرَ أحسن من كلامه، ولا أعذب من منطقه في حسن جلوسه، فذهبت أُكلِّمه فزبرني الناس، فسألت بعضهم: من هذا؟ فقال: ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يظهر للناس في كلِّ سنة يوماً لخواصِّه، فيُحدِّثهم ويُحدِّثونه، فقلت: مسترشد أتاك فأرشدني هداك الله. قال: فناولني حصاة، فحوَّلت وجهي، فقال لي بعض جلسائه: ما الذي دفع إليك ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟ فقلت: حصاة، فكشفت عن يدي، فإذا أنا بسبيكة من ذهب، وإذا أنا به قد لحقني فقال: «ثبتت عليك الحجَّة، وظهر لك الحقُّ، وذهب عنك العمى، أتعرفني؟»، فقلت: اللَّهُمَّ لا. فقال: «أنا المهدي، أنا قائم الزمان، أنا الذي أملأها عدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً، إنَّ الأرض لا تخلو من حجَّة ولا يبقى الناس في فترة أكثر من تيه بني إسرائيل، وقد ظهر أيَّام خروجي، فهذه أمانة في رقبتك، فحدِّث بها إخوانك من أهل الحقِّ»(450).
ورواه الصدوق (رحمه الله) عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن أبي القاسم عليِّ بن أحمد الخديجي الكوفي، عن الأزدي(451).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(449) هو أبو جعفر أحمد بن الحسين بن عبد المَلِك الأزدي الأودي، قال عنه النجاشي (رحمه الله) في رجاله (ص 80/ الرقم 193): (كوفي، ثقة، مرجوع إليه، لا يُعرَف له مصنَّف، غير أنَّه جمع كتاب المشيخة وبوَّبه على أسماء الشيوخ).
(450) الغيبة للطوسي (ص 253 و254/ ح 223)، الخرائج والجرائح (ج 2/ ص 784 و785/ ح 110)، الثاقب في المناقب (ص 613 و614/ ح 559/7)، فرج المهموم (ص 258).
(451) كمال الدِّين (ص 444 و445/ باب 43/ ح 18) بتفاوت يسير.

(٣٦٨)

46 - سنة (302 أو 303هـ): تنصيب محمّد بن عثمان للحسين بن روح للسفارة، واستلام الأموال قبل موت محمّد بن عثمان بسنتين:
روى الصدوق (رحمه الله) عن أبي جعفر محمّد بن عليٍّ الأسود (رضي الله عنه)، قال: كنت أحمل الأموال التي تُجعَل في باب الوقف إلى أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) فيقبضها منِّي، فحملت إليه يوماً شيئاً من الأموال في آخر أيَّامه قبل موته بسنتين أو ثلاث سنين، فأمرني بتسليمه إلى أبي القاسم الروحي (رضي الله عنه)، وكنت أُطالبه بالقبوض فشكا ذلك إلى أبي جعفر العمري (رضي الله عنه)، فأمرني أنْ لا أُطالبه بالقبض، وقال: كلَّما وصل إلى أبي القاسم وصل إليَّ، قال: فكنت أحمل بعد ذلك الأموال إليه ولا أُطالبه بالقبوض(452).
47 - حدود سنة (306هـ): ولادة الشيخ الصدوق بدعاء الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
محمّد بن عليِّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، شيخ المشايخ، ورئيس المحدِّثين أبو جعفر القمِّي، نزيل الريِّ، المعروف بالصدوق، مصنِّف كتاب (مَنْ لا يحضره الفقيه) أحد الأُصول الأربعة التي يرجع إليها علماء الشيعة. وُلِدَ هو وأخوه بدعوة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على يد السفير الحسين بن روح (رضي الله عنه)، فقد روى الصدوق (رحمه الله) عن أبي جعفر محمّد بن عليٍّ الأسود (رضي الله عنه)، قال: سألني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه (رضي الله عنه) بعد موت محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) أنْ أسأل أبا القاسم الروحي أنْ يسأل مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) أنْ يدعو الله (عزَّ وجلَّ) أنْ يرزقه ولداً ذَكَراً، قال: فسألته فأنهى ذلك، ثمّ أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيَّام أنَّه قد دعا لعليِّ بن الحسين، وأنَّه سيُولَد له ولد مبارك ينفع الله به وبعده أولاد. قال أبو جعفر محمّد بن عليٍّ الأسود (رضي الله عنه): وسألته في أمر نفسي أنْ يدعو الله لي أنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(452) كمال الدِّين (ص 501 و502/ باب 45/ ح 28)، الغيبة للطوسي (ص 370/ ح 338).

(٣٦٩)

يرزقني ولداً ذَكَراً فلم يجبني إليه، وقال: ليس إلى هذا سبيل، قال: فوُلِدَ لعليِّ بن الحسين (رضي الله عنه) محمّد بن عليٍّ وبعده أولاد، ولم يُولَد لي شيء(453).
وأحبَّ العلم من الصبا وطلب الحديث، فنشأ برعاية والده وتتلمذ عليه وعلى شيوخ بلدته، ثمّ انتقل إلى الريِّ وأقام بها، ثمّ قام برحلة واسعة، وقطع المسافات البعيدة في سبيل خدمة الدِّين وإعلاء كلمته، وذاع صيته، وعظم شأنه، وعقد المجالس وصنَّف التصانيف الكثيرة.
سمع بقم من: أبيه وكان شيخ القمِّيِّين في عصره وفقيههم، ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، وأحمد بن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم القمِّي، وأحمد بن محمّد بن يحيى العطَّار الأشعري، وغيرهم. وبالريِّ من: محمّد بن أحمد بن عليٍّ الأسدي المعروف بابن جرادة البروعي، ومن أحمد بن محمّد بن الصقر الصائغ العدل، وأحمد بن محمّد بن الحسن القطَّان، وآخرين. وبنيسابور من: الحسين بن أحمد البيهقي، وأحمد بن إبراهيم بن بكر الخوزي، وغيرهما. وببلخ من: الحسين ابن محمّد الأشناني الرازي، ومحمّد بن سعيد بن عزيز السمرقندي. وببغداد من: عليِّ بن ثابت الدواليبي، والحسن بن محمّد بن يحيى العلوي المعروف بابن أبي طاهر، وغيرهما. وبالكوفة من: محمّد بن بكران النقَّاش، وأحمد بن إبراهيم بن هارون الفامي، والحسين بن محمّد بن الحسن بن إسماعيل السكوني، وآخرين. وبإيلاق من: الحسن بن محمّد بن عمرو البصري، ومحمّد بن الحسن بن إبراهيم الكرخي الكاتب، وبكر بن عليِّ بن محمّد بن الفضل الحنفي الشاشي الحاكم. وفي إيلاق كانت فكرة تصنيفه (من لا يحضره الفقيه)، وذلك بطلب من محمّد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(453) كمال الدِّين (ص 502 و503/ باب 45/ ح 31)، الغيبة للطوسي (ص 320/ ح 266)، الثاقب في المناقب (ص 614/ ح 560/8)، الخرائج والجرائح (ج 3/ ص 1124/ ح 43)، إعلام الورى (ج 2/ ص 268).

(٣٧٠)

الحسن العلوي المعروف بـ (نعمة) الذي اقترح عليه تصنيف هذا الكتاب على نسق كتاب (من لا يحضره الطبيب) للرازي. وسمع أيضاً بسمرقند وفرغانة وسرخس وفَيْد، وقد بلغ عدد مشايخه ممَّن ظفر بهم في كُتُبه المطبوعة (252) شيخاً.
حدَّث عنه: أخوه الحسين بن عليِّ بن موسى، وابن أخيه الحسن بن الحسين بن عليٍّ، وعليُّ بن أحمد بن العبَّاس والد النجاشي، وأبو القاسم عليُّ بن محمّد بن عليٍّ الخزَّاز، والحسين بن عبيد الله الغضائري، والمفيد محمّد بن محمّد بن النعمان، وهارون بن موسى التلعكبري، ومحمّد بن طلحة النعالي البغدادي من شيوخ الخطيب البغدادي، وأبو بكر محمّد بن أحمد بن عليٍّ، وآخرون.
وكان من كبار الفقهاء والمحدِّثين، متكلِّماً، مؤرِّخاً، جليل القدر، بصيراً بالرجال، ناقداً للأخبار، لم يُرَ في القمِّيِّين مثله في حفظه وكثرة علمه.
ورد بغداد سنة (352هـ) وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السنِّ، ثمّ زار الكوفة سنة (354هـ)، ثمّ حجَّ إلى مكَّة، ثمّ جاء همدان، ثمّ رحل إلى ما وراء النهر.
وكان مكرَّماً مبجَّلاً عند ركن الدولة البويهي، وقد جرت له مجالس ومناظرات بحضوره. وكان له في كلِّ أُسبوع مجلسان، يُملي فيهما أحاديث في مواضيع مختلفة، وكتابه (الأمالي) فيه (97) مجلساً، أوَّله في رجب سنة (367هـ)، وآخره في شعبان (368هـ).
وكان يرجع إليه كثير من البلدان في أخذ الأحكام، كأهل الكوفة والبصرة وبغداد وواسط، وأهل مصر، وأهل قم ونيسابور وقزوين.
وصنَّف نحواً من ثلاثمائة مصنَّف منها: المقنع في الفقه، علل الشرائع، صفات الشيعة، معاني الأخبار، عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، الخصال، التوحيد، إكمال الدِّين وإتمام النعمة، الهداية في الأُصول والفقه، كتاب الاعتقادات.

(٣٧١)

تُوفِّي سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، ودُفِنَ بالقرب من مرقد عبد العظيم الحسني في الريِّ، وقبره معروف يقصده الناس للزيارة والتبرُّك(454).
48 - سنة (307هـ): ظهور كرامة للنائب الثالث الحسين بن روح لمحمّد ابن الفضل الموصلي بعد أنْ كان لا يؤمن بسفارته للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الطوسي (رحمه الله) عن محمّد بن محمّد بن النعمان والحسين بن عبيد الله، عن الصفواني، قال: وافى الحسن بن عليٍّ الوجناء النصيبي سنة سبع وثلاثمائة ومعه محمّد بن الفضل الموصلي، وكان رجلاً شيعيًّا غير أنَّه يُنكِر وكالة أبي القاسم ابن روح (رضي الله عنه) ويقول: إنَّ هذه الأموال تخرج في غير حقوقها. فقال الحسن بن عليٍّ الوجناء لمحمّد بن الفضل: يا ذا الرجل، اتَّق الله فإنَّ صحَّة وكالة أبي القاسم كصحَّة وكالة أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري، وقد كانا نزلا ببغداد على الزاهر، وكنَّا حضرنا للسلام عليهما، وكان قد حضر هناك شيخ لنا يقال له: أبو الحسن بن ظفر وأبو القاسم بن الأزهر، فطال الخطاب بين محمّد بن الفضل وبين الحسن بن عليٍّ، فقال محمّد بن الفضل للحسن: من لي بصحَّة ما تقول وتثبت وكالة الحسين بن روح؟ فقال الحسن بن عليٍّ الوجناء: أُبيِّن لك ذلك بدليل يثبت في نفسك، وكان مع محمّد بن الفضل دفتر كبير فيه ورق طلحي مجلَّد بأسود فيه حسباناته، فتناول الدفتر الحسن وقطع منه نصف ورقة كان فيه بياض، وقال لمحمّد بن الفضل: أبروا لي قلماً، فبرى قلماً واتَّفقا على شيء بينهما لم أقف أنا عليه واطَّلع عليه أبا الحسن بن ظفر وتناول الحسن بن عليٍّ الوجناء القلم، وجعل يكتب ما اتَّفقا عليه في تلك الورقة بذلك القلم المبري بلا مداد، ولا يُؤثِّر فيه حتَّى ملا الورقة. ثمّ ختمه وأعطاه لشيخ كان مع محمّد بن الفضل أسود يخدمه، وأنفذ بها إلى أبي القاسم الحسين بن روح ومعنا ابن الوجناء لم يبرح، وحضرت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(454) راجع: موسوعة طبقات الفقهاء (ج 4/ ص 432 - 435/ الرقم 1616).

(٣٧٢)

صلاة الظهر فصلَّينا هناك، ورجع الرسول فقال: قال لي: امض فإنَّ الجواب يجيء، وقُدِّمت المائدة فنحن في الأكل إذ ورد الجواب في تلك الورقة مكتوب بمداد عن فصل فصل، فلطم محمّد بن الفضل وجهه ولم يتهنَّأ بطعامه، وقال لابن الوجناء: قم معي، فقام معه حتَّى دخل على أبي القاسم بن روح (رضي الله عنه) وبقي يبكي ويقول: يا سيِّدي، أقلني أقالك الله، فقال أبو القاسم: يغفر الله لنا ولك إنْ شاء الله(455).
49 - سنة (307هـ): وصول التوقيع الشريف إلى محمّد بن عبد الله الحميري جواباً على مسائله:
قال الطبرسي (رحمه الله) في (الاحتجاج): في كتاب آخر لمحمّد بن عبد الله الحميري(456) إلى صاحب الزمان (عليه السلام) من جواب مسائله التي سأله عنها، في سنة سبع وثلاثمائة، سأل عن المُحْرم: يجوز أنْ يشدَّ الميزر من خلفه على عقبه بالطول، ويرفع طرفيه إلى حقويه، ويجمعهما في خاصرته ويعقدهما، ويُخرج الطرفين الآخرين من بين رجليه ويرفعهما إلى خاصرته، ويشدَّ طرفيه إلى وركيه، فيكون مثل السراويل يستر ما هناك، فإنَّ الميزر الأوَّل كنَّا نتَّزر به إذا ركب الرجل جمله يكشف ما هناك، وهذا ستر؟ فأجاب (عليه السلام): «جاز أنْ يتَّزر الإنسان كيف شاء إذا لم يُحدِث في الميزر حدثاً بمقراظ ولا إبرة يُخرجه به عن حدِّ الميزر، وغزره غزراً ولم يعقده، ولم يشدّ بعضه ببعض، وإذا غطَّى سُرَّته وركبتيه كلاهما فإنَّ السُّنَّة المجمع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(455) الغيبة للطوسي (ص 315 و316/ ح 264).
(456) هو أبو جعفر القمِّي محمّد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جامع بن مالك الحميري، قال عنه النجاشي (رحمه الله) في رجاله (ص 354 و355/ الرقم 949): (كان ثقةً، وجهاً، كاتب صاحب الأمر (عليه السلام)، وسأله مسائل في أبواب الشريعة...، ولمحمّد كُتُب، منها: كتاب الحقوق، كتاب الأوائل، كتاب السماء، كتاب الأرض، كتاب المساحة والبلدان، كتاب إبليس وجنوده، كتاب الاحتجاج).

(٣٧٣)

عليها بغير خلاف تغطية السُرَّة والركبتين، والأحبُّ إلينا والأفضل لكلِّ أحد شدُّه على السبيل المألوفة المعروفة للناس جميعاً إنْ شاء الله». وسأل: هل يجوز أنْ يشدَّ عليه مكان العقد تكَّة؟ فأجاب: «لا يجوز شدُّ الميزر بشيء سواه من تكَّة ولا غيرها». وسأل عن التوجُّه للصلاة أنْ يقول: على ملَّة إبراهيم ودين محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فإنَّ بعض أصحابنا ذكر أنَّه إذا قال: على دين محمّد فقد أبدع، لأنَّا لم نجده في شيء من كُتُب الصلاة خلا حديثاً في كتاب القاسم بن محمّد، عن جدِّه، عن الحسن بن راشد أنَّ الصادق (عليه السلام) قال للحسن: «كيف تتوجَّه؟»، فقال: أقول: لبَّيك وسعديك. فقال له الصادق (عليه السلام): «ليس عن هذا أسألك، كيف تقول: وجَّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً؟»، قال الحسن: أقول، فقال الصادق (عليه السلام): «إذا قلت ذلك فقل: على ملَّة إبراهيم، ودين محمّد، ومنهاج عليِّ بن أبي طالب، والائتمام بآل محمّد، حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين». فأجاب (عليه السلام): «التوجُّه كلُّه ليس بفريضة، والسُّنَّة المؤكَّدة فيه التي هي كالإجماع الذي لا خلاف فيه: وجَّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، حنيفاً مسلماً على ملَّة إبراهيم ودين محمّد وهدي أمير المؤمنين، وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين، لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا من المسلمين. اللَّهُمَّ اجعلني من المسلمين، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ثمّ اقرأ الحمد. قال الفقيه الذي لا يُشَكُّ في علمه: إنَّ الدِّين لمحمّد والهداية لعليٍّ أمير المؤمنين، لأنَّها له (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وفي عقبه باقية إلى يوم القيامة، فمن كان كذلك فهو من المهتدين، ومن شكَّ فلا دين له، ونعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى». وسأله: عن القنوت في الفريضة إذا فرغ من دعائه، يجوز أنْ يردَّ يديه على وجهه وصدره للحديث الذي روي: «إنَّ الله (عزَّ وجلَّ) أجلُّ من أنْ يردَّ يدي عبده صفراً بل يملأها من رحمته» أم لا يجوز؟ فإنَّ

(٣٧٤)

بعض أصحابنا ذكر أنَّه عمل في الصلاة. فأجاب (عليه السلام): «ردُّ اليدين من القنوت على الرأس والوجه غير جائز في الفرائض، والذي عليه العمل فيه إذا رجع يده في قنوت الفريضة وفرغ من الدعاء أنْ يردَّ بطن راحتيه مع صدره تلقاء ركبتيه على تمهُّل، ويُكبِّر ويركع، والخبر صحيح وهو في نوافل النهار والليل دون الفرائض، والعمل به فيها أفضل». وسأل: عن سجدة الشكر بعد الفريضة، فإنَّ بعض أصحابنا ذكر أنَّها بدعة، فهل يجوز أنْ يسجدها الرجل بعد الفريضة؟ وإنْ جاز ففي صلاة المغرب هي بعد الفريضة أو بعد الأربع ركعات النافلة؟ فأجاب (عليه السلام): «سجدة الشكر من ألزم السُّنَن وأوجبها، ولم يقل: إنَّ هذه السجدة بدعة إلَّا من أراد أنْ يُحدِث بدعة في دين الله. فأمَّا الخبر المروي فيها بعد صلاة المغرب والاختلاف في أنَّها بعد الثلاث أو بعد الأربع فإنَّ فضل الدعاء والتسبيح بعد الفرائض على الدعاء بعقيب النوافل كفضل الفرائض على النوافل، والسجدة دعاء وتسبيح فالأفضل أنْ تكون بعد الفرض، فإنْ جعلت بعد النوافل أيضاً جاز». وسأل: إنَّ لبعض إخواننا من نعرفه ضيعة جديدة بجنب ضيعة خراب، للسلطان فيها حصَّة وأكرته ربَّما زرعوا حدودها وتوذيهم عُمَّال السلطان ويتعرَّضون في الكلِّ من غلَّات ضيعته، وليس لها قيمة لخرابها وإنَّما هي بائرة منذ عشرين سنة، وهو يتحرَّج من شرائها لأنَّه يقال: إنَّ هذه الحصَّة من هذه الضيعة كانت قبضت عن الوقف قديماً للسلطان، فإنْ جاز شراؤها من السلطان وكان ذلك صلاحاً له وعمارة لضيعته، وأنَّه يزرع هذه الحصَّة من القرية البائرة لفضل ماء ضيعته العامرة، وينحسم عنه طمع أولياء السلطان، وإنْ لم يجز ذلك عمل بما تأمره به إنْ شاء الله تعالى. فأجاب: «الضيعة لا يجوز ابتياعها إلَّا من مالكها أو بأمره أو رضاء منه»، وسأل: عن رجل استحلَّ امرأة خارجة من حجابها، وكان يحترز من أنْ يقع ولد فجاءت بابن، فتحرَّج

(٣٧٥)

الرجل ألَّا يقبله فقبله وهو شاكٌّ فيه، وجعل يجري النفقة على أُمِّه وعليه حتَّى ماتت الأُمُّ، وهو ذا يجري عليه غير أنَّه شاكٌّ فيه ليس يخلطه بنفسه، فإنْ كان ممَّن يجب أنْ يُخلَط بنفسه ويجعله كسائر ولده فعل ذلك وإنْ جاز أنْ يجعل له شيئاً من ماله دون حقِّه فعل. فأجاب (عليه السلام): «الاستحلال بالمرأة يقع على وجوه، والجواب يختلف فيها فليذكر الوجه الذي وقع الاستحلال به مشروحاً ليعرف الجواب فيما يسأل عنه من أمر الولد إنْ شاء الله». وسأله الدعاء له. فخرج الجواب: «جاد الله عليه بما هو جلَّ وتعالى أهله، إيجابنا لحقِّه، ورعايتنا لأبيه (رحمه الله) وقربه منَّا، وقد رضينا بما علمناه من جميل نيَّته، ووقفنا عليه من مخاطبته، المقرّ له من الله التي يرضى الله (عزَّ وجلَّ) ورسوله وأولياؤه (عليهم السلام) والرحمة بما بدأنا، نسأل الله بمسألته ما أمَّله من كلِّ خير عاجل وآجل، وأنْ يصلح له من أمر دينه ودنياه ما يجب صلاحه، إنَّه وليٌّ قدير»(457).
50 - سنة (308هـ): خروج التوقيع الشريف الثاني إلى محمّد بن عبد الله الحميري جواباً على مسائله:
قال الطبرسي (رحمه الله) في (الاحتجاج): كتب الحميري إلى الإمام المهدي (صلوات الله عليه) أيضاً في سنة ثمان وثلاثمائة كتاباً سأله فيه عن مسائل أُخرى، كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم، أطال الله بقاك وأدام عزَّك وكرامتك وسعادتك وسلامتك، وأتمَّ نعمته عليك وزاد في إحسانه إليك، وجميل مواهبه لديك، وفضله عليك، وجزيل قسمه لك، وجعلني من السوء كلِّه فداك، وقدَّمني قبلك. إنَّ قِبَلنا مشايخ وعجايز يصومون رجباً منذ ثلاثين سنة وأكثر، ويصلون بشعبان وشهر رمضان. وروى لهم بعض أصحابنا: أنَّ صومه معصية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(457) الاحتجاج (ج 2/ ص 306 - 309).

(٣٧٦)

فأجاب (عليه السلام): «قال الفقيه: يصوم منه أيَّاماً إلى خمسة عشر يوماً، إلَّا أنْ يصومه عن الثلاثة الأيَّام الفائتة، للحديث: إنَّ نعم شهر القضاء رجب». وسأل: عن رجل يكون في محمله والثلج كثير بقامة رجل، فيتخوَّف إنْ نزل الغوص فيه، وربَّما يسقط الثلج وهو على تلك الحال ولا يستوي له أنْ يلبد شيئاً منه لكثرته وتهافته، هل يجوز أنْ يُصلِّي في المحمل الفريضة؟ فقد فعلنا ذلك أيَّاماً، فهل علينا في ذلك إعادة أم لا؟ فأجاب: «لا بأس به عند الضرورة والشدَّة». وسأل: عن الرجل يلحق الإمام وهو راكع فيركع معه ويحتسب تلك الركعة. فإنَّ بعض أصحابنا قال: إنْ لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له أنْ يعتدَّ بتلك الركعة. فأجاب: «إذا لحق مع الإمام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتدَّ بتلك الركعة وإنْ لم يسمع تكبيرة الركوع». وسأل: عن رجل صلَّى الظهر ودخل في صلاة العصر، فلمَّا أنْ صلَّى من صلاة العصر ركعتين استيقن أنَّه صلَّى الظهر ركعتين، كيف يصنع؟ فأجاب: «إنْ كان أحدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين، وإنْ لم يكن أحدث حادثة جعل الركعتين الآخرتين تتمَّة لصلاة الظهر، وصلَّى العصر بعد ذلك». وسأل: عن أهل الجنَّة هل يتوالدون إذا دخلوها أم لا؟ فأجاب: «إنَّ الجنَّة لا حمل فيها للنساء ولا ولادة، ولا طمث ولا نفاس، ولا شقاء بالطفوليَّة. وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذُّ الأعين، كما قال سبحانه، فإذا اشتهى المؤمن ولداً خلقه الله بغير حمل ولا ولادة على الصورة التي يريد كما خلق آدم عبرة». وسأل: عن رجل تزوَّج امرأة بشيء معلوم إلى وقت معلوم، وبقي له عليها وقت، فجعلها في حلٍّ ممَّا بقي له عليها وقد كانت طمثت قبل أنْ يجعلها في حلٍّ من أيَّامها بثلاثة أيَّام، أيجوز أنْ يتزوَّجها رجل معلوم إلى وقت معلوم عند طهرها من هذه الحيضة أو يستقبل بها حيضة أُخرى؟ فأجاب: «يستقبل حيضة غير تلك الحيضة، لأنَّ أقلَّ تلك العدَّة حيضة وطهرة تامَّة».

(٣٧٧)

وسأل: عن الأبرص والمجذوم وصاحب الفالج هل يجوز شهادتهم، فقد روي لنا: أنَّهم لا يأمُّون الأصحَّاء. فأجاب: «إنْ كان ما بهم حادثاً جازت شهادتم، وإنْ كان ولادةً لم يجز». وسأل: هل يجوز للرجل أنْ يتزوَّج ابنة امرأته؟ فأجاب: «إنْ كانت ربيت في حجره فلا يجوز، وإنْ لم تكن ربيت في حجره وكانت أُمُّها في غير عياله فقد روي: أنَّه جائز». وسأل: هل يجوز أنْ يتزوَّج بنت ابنة امرأة ثمّ يتزوَّج جدَّتها بعد ذلك؟ فأجاب: «قد نُهِيَ عن ذلك». وسأل: عن رجل ادَّعى على رجل ألف درهم وأقام به البيِّنة العادلة، وادَّعى عليه أيضاً خمسمائة درهم في صكٍّ آخر، وله بذلك بيِّنة عادلة، وادَّعى عليه أيضاً ثلاثمائة درهم في صكٍّ آخر، ومائتي درهم في صكٍّ آخر، وله بذلك كلِّه بيِّنة عادلة، ويزعم المدَّعى عليه أنَّ هذه الصكاك كلُّها قد دخلت في الصكِّ الذي بألف درهم، والمدَّعي منكر أنْ يكون كما زعم، فهل يجب الألف الدرهم مرَّة واحدة أو يجب عليه كلَّما يقيم البيِّنة به؟ وليس في الصكاك استثناء إنَّما هي صكاك على وجهها. فأجاب: «يُؤخَذ من المدَّعى عليه ألف درهم مرَّة وهي التي لا شبهة فيها، ويُرَدُّ اليمين في الألف الباقي على المدَّعي فإنْ نكل فلا حقَّ له». وسأل: عن طين القبر يُوضَع مع الميِّت في قبره هل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب: «يُوضَع مع الميت في قبره، ويُخلَط بخيوطه إنْ شاء الله». وسأل فقال: روي لنا عن الصادق (عليه السلام): أنَّه كتب على إزار ابنه: «إسماعيل يشهد أنْ لا إله إلَّا الله»، فهل يجوز أنْ نكتب مثل ذلك بطين القبر أم غيره؟ فأجاب: «يجوز ذلك». وسأل: هل يجوز أنْ يُسبِّح الرجل بطين القبر؟ وهل فيه فضل؟ فأجاب: «يُسبِّح الرجل به فما من شيء من السبح أفضل منه، ومن فضله أنَّ الرجل ينسى التسبيح ويدير السبحة فيُكتَب له التسبيح». وسأل: عن السجدة على لوح من طين القبر، وهل فيه فضل؟ فأجاب: «يجوز ذلك، وفيه الفضل». وسأل: عن الرجل يزور قبور الأئمَّة (عليهم السلام)، هل يجوز أنْ

(٣٧٨)

يسجد على القبر أم لا؟ وهل يجوز لمن صلَّى عند بعض قبورهم (عليهم السلام) أنْ يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة، ويقوم عند رأسه ورجليه؟ وهل يجوز أنْ يتقدَّم القبر ويُصلِّي ويجعل القبر خلفه أم لا؟ فأجاب: «أمَّا السجود على القبر، فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة، والذي عليه العمل: أنْ يضع خدَّه الأيمن على القبر. وأمَّا الصلاة فإنَّها خلفه، ويجعل القبر أمامه، ولا يجوز أنْ يُصلِّي بين يديه ولا عن يمينه ولا عن يساره، لأنَّ الإمام (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا يُتقدَّم ولا يُساوى». وسأل فقال: يجوز للرجل إذا صلَّى الفريضة أو النافلة وبيده السبحة أنْ يديرها وهو في الصلاة؟ فأجاب: «يجوز ذلك إذا خاف السهو والغلط». وسأل: هل يجوز أنْ يدير السبحة بيده اليسار إذا سبَّح أو لا يجوز؟ فأجاب: «يجوز ذلك، والحمد لله ربِّ العالمين». وسأل فقال: روي عن الفقيه في بيع الوقف خبر مأثور: إذا كان الوقف على قوم بأعيانهم وأعقباهم، فاجتمع أهل الوقف على بيعه وكان ذلك أصلح لهم أنْ يبيعوه، فهل يجوز أنْ يُشترى من بعضهم إنْ لم يجتمعوا كلُّهم على البيع أم لا يجوز إلاَّ أنْ يجتمعوا كلُّهم على ذلك؟ وعن الوقف الذي لا يجوز بيعه. فأجاب: «إذا كان الوقف على إمام المسلمين فلا يجوز بيعه، وإنْ كان على قوم من المسلمين فليبع كلُّ قوم ما يقدرون على بيعه مجتمعين ومتفرِّقين إنْ شاء الله». وسأل: هل يجوز للمحرم أنْ يصير على إبطه المرتك والتوتيا لريح العرق أم لا يجوز؟ فأجاب: «يجوز ذلك، وبالله التوفيق». وسأل: عن الضرير إذا شهد في حال صحَّته على شهادة، ثمّ كفَّ بصره ولا يرى خطَّه فيعرفه، هل يجوز شهادته أم لا؟ وإنْ ذكر هذا الضرير الشهادة، هل يجوز أنْ يشهد على شهادته أم لا يجوز؟ فأجاب: «إذا حفظ الشهادة وحفظ الوقت، جازت شهادته». وسأل: عن الرجل يوقف ضيعة أو دابَّة ويشهد على نفسه باسم بعض وكلاء الوقف، ثمّ يموت هذا الوكيل أو يتغيَّر أمره ويتولَّى غيره، هل يجوز أنْ يشهد الشاهد لهذا

(٣٧٩)

الذي أُقيم مقامه إذا كان أصل الوقف لرجل واحد أم لا يجوز ذلك؟ فأجاب: «لا يجوز ذلك، لأنَّ الشهادة لم تقم للوكيل وإنَّما قامت للمالك، وقد قال الله: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ للهِ﴾ [الطلاق: 2]». وسأل: عن الركعتين الأُخراوين قد كثرت فيها الروايات فبعض يروي: أنَّ قراءة الحمد وحدها أفضل، وبعض يروي: أنَّ التسبيح فيهما أفضل، فالفضل لأيِّهما لنستعمله؟ فأجاب: «قد نسخت قراءة أُمِّ الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح، والذي نسخ التسبيح قول العالم (عليه السلام): كلُّ صلاة لا قراءة فيها فهو خداج إلَّا للعليل، أو يكثر عليه السهو فيتخوَّف بطلان الصلاة عليه». وسأل فقال: يُتَّخذ عندنا ربُّ الجوز لوجع الحلق والبحبحة، يُؤخَذ الجوز الرطب من قبل أنْ ينعقد ويُدَقُّ دقًّا ناعماً، ويُعصَر ماؤه ويُصفَّى ويُطبَخ على النصف ويُترَك يوماً وليلة ثمّ يُنصَب على النار، ويُلقى على كلِّ ستَّة أرطال منه رطل عسل ويُغلي رغوته، ويُسحَق من النوشادر والشب اليماني من كلِّ واحد نصف مثقال ويُداف بذلك الماء، ويُلقى فيه درهم زعفران المسحوق، ويُغلى ويُؤخَذ رغوته حتَّى يصير مثل العسل ثخيناً، ثمّ يُنزَل عن النار ويُبرَّد ويُشرَب منه، فهل يجوز شربه أم لا؟ فأجاب: «إذا كان كثيره يُسكر أو يُغيِّر، فقليله وكثيره حرام، وإنْ كان لا يُسكر فهو حلال».
وسأل: عن الرجل يعرض له الحاجة ممَّا لا يدري أنْ يفعلها أم لا، فيأخذ خاتمين فيكتب في أحدهما: (نعم افعل) وفي الآخر: (لا تفعل) فيستخير الله مراراً، ثمّ يرى فيهما، فيخرج أحدهما فيعمل بما يخرج، فهل يجوز ذلك أم لا؟ والعامل به والتارك له أهو مثل الاستخارة أم هو سوى ذلك؟ فأجاب: «الذي سنَّه العالم (عليه السلام) في هذه الاستخارة بالرقاع والصلاة». وسأل: عن صلاة جعفر ابن أبي طالب (رضي الله عنه) في أيِّ أوقاتها أفضل أنْ تُصلَّى فيه، وهل فيها قنوت؟ وإنْ كان ففي أيِّ ركعة منها؟ فأجاب: «أفضل أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة،

(٣٨٠)

ثمّ في أيِّ الأيَّام شئت، وأيّ وقت صلَّيتها من ليل أو نهار فهو جائز، والقنوت فيها مرَّتان: في الثانية قبل الركوع، وفي الرابعة بعد الركوع». وسأل: عن الرجل ينوي إخراج شيء من ماله وأنْ يدفعه إلى رجل من إخوانه ثمّ يجد في أقربائه محتاجاً، أيصرف ذلك عمَّن نواه له أو إلى قرابته؟ فأجاب: «يصرفه إلى أدناهما وأقربهما من مذهبه، فإنْ ذهب إلى قول العالم (عليه السلام): لا يقبل الله الصدقة وذو رحم محتاج. فليُقسِّم بين القرابة وبين الذي نوى حتَّى يكون قد أخذ بالفضل كلِّه». وسأل فقال: اختلفت أصحابنا في مهر المرأة. فقال بعضهم: إذا دخل بها سقط المهر ولا شيء لها. وقال بعضهم: هو لازم في الدنيا والآخرة، فكيف ذلك؟ وما الذي يجب فيه؟ فأجاب: «إنْ كان عليه بالمهر كتاب فيه ذكر دين فهو لازم له في الدنيا والآخرة، وإنْ كان عليه كتاب فيه ذكر الصداق سقط إذا دخل بها، وإنْ لم يكن عليه كتاب، فإذا دخل بها سقط باقي الصداق». وسأل فقال: روي لنا عن صاحب العسكر (عليه السلام) أنَّه سُئِلَ عن الصلاة في الخزِّ الذي يُغَشُّ بوبر الأرانب فوقَّع: «يجوز»، وروي عنه أيضاً: أنَّه لا يجوز. فأيّ الخبرين يُعمَل به؟ فأجاب: «إنَّ ما حُرِّم في هذه الأوبار والجلود، فأمَّا الأوبار وحدها فكلٌّ حلال. وقد سأل بعض العلماء عن معنى قول الصادق (عليه السلام): لا يُصلَّى في الثعلب ولا في الأرنب، ولا في الثوب الذي يليه، فقال: إنَّما عنى الجلود دون غيرها». وسأل فقال: يُتَّخذ بأصفهان ثياب عتابيَّة على عمل الوشا من قزٍّ أو إبريسم، هل يجوز الصلاة فيها أم لا؟ فأجاب: «لا يجوز الصلاة إلَّا في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتان». وسأل: عن المسح على الرجلين وبأيِّهما يبدأ باليمين أو يمسح عليهما جميعاً معاً؟ فأجاب (عليه السلام): «يمسح عليهما معاً فإنْ بدأ بإحداهما قبل الأُخرى فلا يبتدئ إلَّا باليمين». وسأل: عن صلاة جعفر في السفر هل يجوز أنْ تُصلِّى أم لا؟ فأجاب (عليه السلام): «يجوز ذلك». وسأل: عن تسبيح فاطمة (عليها السلام): من سهى فجاز

(٣٨١)

التكبير أكثر من أربع وثلاثين هل يرجع إلى أربع وثلاثين أو يستأنف؟ وإذا سبَّح تمام سبعة وستِّين هل يرجع إلى ستَّة وستِّين أو يستأنف؟ وما الذي يجب في ذلك؟ فأجاب: «إذا سهى في التكبير حتَّى يجوز أربعة وثلاثين عاد إلى ثلاثة وثلاثين وبنى عليها، وإذا سهى في التسبيح فتجاوز سبعاً وستِّين تسبيحة عاد إلى ستَّة وستِّين وبنى عليها، فإذا جاوز التحميد مائة فلا شيء عليه»(458).
51 - سنة (309هـ): إظهار المعجزة من قِبَل الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) إلى يوسف بن أحمد الجعفري:
روى الطوسي (رحمه الله) عن أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، عن أبي الحسن محمّد بن عليٍّ الشجاعي الكاتب، عن أبي عبد الله محمّد بن إبراهيم النعماني، عن يوسف بن أحمد الجعفري، قال: حججت سنة ستٍّ وثلاثمائة، وجاورت بمكَّة تلك السنة وما بعدها إلى سنة تسع وثلاثمائة، ثمّ خرجت عنها منصرفاً إلى الشام، فبينا أنا في بعض الطريق، وقد فاتتني صلاة الفجر، فنزلت من المحمل وتهيَّأت للصلاة، فرأيت أربعة نفر في محمل، فوقفت أعجب منهم، فقال أحدهم: مِمَ تعجب؟ تركت صلاتك وخالفت مذهبك. فقلت للذي يخاطبني: وما علمك بمذهبي؟ فقال: تُحِبُّ أنْ ترى صاحب زمانك؟ قلت: نعم، فأومأ إلى أحد الأربعة، فقلت له: إنَّ له دلائل وعلامات، فقال: أيّما أحبُّ إليك أنْ ترى: الجمل وما عليه صاعداً إلى السماء، أو ترى المحمل صاعداً إلى السماء؟ فقلت: أيّهما كان فهي دلالة، فرأيت الجمل وما عليه يرتفع إلى السماء، وكان الرجل أومأ إلى رجل به سمرة، وكان لونه الذهب، بين عينيه سجَّادة»(459).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(458) الاحتجاج (ج 2/ ص 309 - 315).
(459) الغيبة للطوسي (ص 257 و258/ ح 225)، الثاقب في المناقب (ص 614 و615/ ح 562/10)، الخرائج والجرائح (ج 1/ ص 466 و467/ ح 13).

(٣٨٢)

52 - سنة (318هـ): التاريخ السندي لحديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن الأوصياء وغيبة الإمام المهدي الثاني عشر منهم (عليهم السلام):
روى الخزَّاز (رحمه الله) عن عليٍّ بن الحسين بن محمّد، قال: حدَّثنا هارون بن موسى (رحمه الله)، قال: حدَّثنا أبو ذرٍّ أحمد بن محمّد بن سليمان الباغندي، قال: حدَّثنا محمّد بن حميد، قال: حدَّثنا إبراهيم بن المختار، عن نصر بن حميد، عن أبي إسحاق، عن الأصبغ بن نباتة، عن عليٍّ (عليه السلام).
قال هارون: وحدَّثنا أحمد بن موسى العبَّاس بن مجاهد في سنة ثمان عشر وثلاثمائة، قال: حدَّثني أبو عبد الله محمّد بن زيد، قال: حدَّثنا إسماعيل بن يونس الخزاعي البصري في داره، قال: حدَّثني هيثم بن بشر الواسطي قراءةً عليه من أصل كتابه، عن أبي المقدام شريح بن هاني بن شريح الصائغ المكّي، عن عليٍّ (عليه السلام).
وأخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الله الجوهري، قال: حدَّثنا محمّد بن عمر القاضي الجعابي، قال: حدَّثني محمّد بن عبد الله أبو جعفر، قال: حدَّثني محمّد بن حبيب الجند نيسابوري، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال عليٌّ (عليه السلام): «كنت عند النبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في بيت أُمِّ سَلَمة إذ دخل علينا جماعة من أصحابه منهم سلمان وأبو ذرٍّ والمقداد وعبد الرحمن بن عوف، فقال سلمان: يا رسول الله، إنَّ لكلِّ نبيٍّ وصيًّا وسبطين، فمن وصيُّك وسبطيك؟ فأطرق ساعة ثمّ قال: يا سلمان، إنَّ الله بعث أربعة ألف نبيٍّ وكان لهم أربعة ألف وصيٍّ وثمانية ألف سبط، فوَالذي نفسي بيده لأنا خير الأنبياء، ووصيِّي خير الأوصياء، وسبطاي خير الأسباط. ثمّ قال: يا سلمان، أتعرف من كان وصيُّ آدم؟ فقال: الله ورسوله أعلم. فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إنِّي أُعرِّفك يا با عبد الله وأنت منَّا أهل البيت، إنَّ آدم أوصى إلى ابنه ثيث، وأوصى ثيث إلى ابنه شبان، وأوصى شبان إلى مخلب، وأوصى مخلب إلى نحوق، وأوصى نحوق إلى عثمثا،

(٣٨٣)

وأوصى عثمثا إلى أخنوخ وهو إدريس النبيُّ (عليه السلام)، وأوصى إدريس إلى ناخورا، وأوصى ناخورا إلى نوح (عليه السلام)، وأوصى نوح إلى سام، وأوصى سام إلى عثام، وأوصى عثام إلى ترعشاثا وأوصى ترعشاثا إلى يافث، وأوصى يافث إلى برة، وأوصى برة إلى خفسية، وأوصى خفسية إلى عمران، وأوصى عمران إلى إبراهيم، وأوصى إبراهيم إلى ابنه إسماعيل، وأوصى إسماعيل إلى إسحاق، وأوصى إسحاق إلى يعقوب، وأوصى يعقوب إلى يوسف، وأوصى يوسف إلى برثيا، وأوصى برثيا إلى شعيب، وأوصى شعيب إلى موسى، وأوصى موسى إلى يوشع ابن نون، وأوصى يوشع إلى داود، وأوصى داود إلى سليمان، وأوصى سليمان إلى آصف بن برخيا، وأوصى آصف إلى زكريا، وأوصى زكريا إلى عيسى بن مريم، وأوصى عيسى بن مريم إلى شمعون بن حمون الصفا، وأوصى شمعون إلى يحيى ابن زكريا، وأوصى يحيى إلى منذر، وأوصى منذر إلى سَلَمة، وأوصى سَلَمة إلى بردة، وأوصى بردة إليَّ، وأنا أدفعها إلى عليٍّ. فقال: يا رسول الله، فهل بينهم أنبياء وأوصياء أخر؟ قال: نعم، أكثر من أنْ تُحصى. ثمّ قال (عليه السلام): وأنا أدفعها إليك يا عليُّ، وأنت تدفعها إلى ابنك الحسن، والحسن يدفعها إلى أخيه الحسين، والحسين يدفعها إلى ابنه عليٍّ، وعليٌّ يدفعها إلى ابنه محمّد، ومحمّد يدفعها إلى ابنه جعفر، وجعفر يدفعها إلى ابنه موسى، وموسى يدفعها إلى ابنه عليٍّ، وعليٌّ يدفعها إلى ابنه محمّد، ومحمّد يدفعها إلى ابنه عليٍّ، وعليٌّ يدفعها إلى ابنه الحسن، والحسن يدفع إلى ابنه القائم، ثمّ يغيب عنهم إمامهم ما شاء الله، ويكون له غيبتان أحدهما أطول من الأُخرى. ثمّ التفت إلينا رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال رافعاً صوته: الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي».
قال عليٌّ: «فقلت: يا رسول الله، فما تكون هذه الغيبة؟ قال: أصبت حتَّى يأذن الله له بالخروج، فيخرج من اليمن من قرية يقال لها: أكرعة، على رأسه

(٣٨٤)

عمامة متدرِّع بدرعي، متقلِّد بسيفي ذي الفقار، ومنادي ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتَّبعوه، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً، وذلك عندما يصير الدنيا هرجاً ومرجاً، ويغار بعضهم على بعض، فلا الكبير يرحم الصغير ولا القوي يرحم الضعيف، فحينئذٍ يأذن الله له بالخروج»(460).
53 - سنة (329هـ): سلامة عليِّ بن بابويه القمِّي من قتل القرامطة ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى الطوسي (رحمه الله) عن جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن عليِّ بن الحسين ابن موسى بن بابويه، قال: حدَّثني جماعة من أهل بلدنا القمِّيِّين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاجِّ، وهي سنة (تناثر) الكواكب(461) أنَّ والدي (رضي الله عنه) كتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه) يستأذن في الخروج إلى الحجِّ. فخرج في الجواب: «لا تخرج في هذه السنة»، فأعاد فقال: هو نذر واجب، أفيجوز لي القعود عنه؟ فخرج الجواب: «إنْ كان لا بدَّ فكن في القافلة الأخيرة»، فكان في القافلة الأخيرة فسلم بنفسه وقُتِلَ من تقدَّمه في القوافل الأُخَر(462).
54 - سنة (352هـ)(463): زيارة الشيخ الصدوق (رحمه الله) لمرقد الإمام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(460) كفاية الأثر (ص 146 - 151).
(461) المشهور بين المؤرِّخين أنَّ تناثر النجوم أو الكواكب كان في سنة (329هـ)، وقد تُوفِّي فيها جملة من العلماء منهم: عليُّ بن بابويه، ومحمّد بن يعقوب الكليني، وعليُّ بن محمّد السمري (رضي الله عنهم)، وهذا يخالف ما جاء في الرواية المذكورة في المتن.
(462) الغيبة للطوسي (ص 322/ ح 270).

(٣٨٥)

الرضا (عليه السلام)، ثمّ رؤيته للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في المنام وأمره (عجَّل الله فرجه) له بكتابة كتاب (كمال الدِّين):
قال الصدوق (رحمه الله) في (كمال الدِّين): إنَّ الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا: أنِّي لـمَّا قضيت وطري من زيارة عليِّ بن موسى الرضا (صلوات الله عليه) رجعت إلى نيسابور وأقمت بها، فوجدت أكثر المختلفين إليَّ من الشيعة قد حيَّرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم (عليه السلام) الشبهة، وعدلوا عن طريق التسليم إلى الآراء والمقائيس، فجعلت أبذل مجهودي في إرشادهم إلى الحقِّ وردِّهم إلى الصواب بالأخبار الواردة في ذلك عن النبيِّ والأئمَّة (صلوات الله عليهم)، حتَّى ورد إلينا من بخارا شيخ من أهل الفضل والعلم والنباهة ببلد قمّ، طال ما تمنَّيت لقاءه واشتقت إلى مشاهدته لدينه وسديد رأيه واستقامة طريقته، وهو الشيخ نجم الدِّين أبو سعيد محمّد بن الحسن بن محمّد بن أحمد بن عليِّ بن الصلت القمِّي (أدام الله توفيقه)، وكان أبي يروي عن جدِّه محمّد بن أحمد ابن عليِّ بن الصلت (قدَّس الله روحه) ويصف علمه وعمله وزهده وفضله وعبادته، وكان أحمد بن محمّد بن عيسى في فضله وجلالته يروي عن أبي طالب عبد الله ابن الصلت القمِّي (رضي الله عنه) وبقي حتَّى لقيه محمّد بن الحسن الصفَّار وروى عنه، فلمَّا أظفرني الله تعالى ذكره بهذا الشيخ الذي هو من أهل هذا البيت الرفيع شكرت الله تعالى ذكره على ما يسَّر لي من لقائه وأكرمني به من إخائه وحباني به من ودِّه وصفائه، فبينا هو يُحدِّثني ذات يوم إذ ذكر لي عن رجل قد لقيه ببخارا من كبار الفلاسفة والمنطقيِّين كلاماً في القائم (عليه السلام) قد حيَّره وشكَّكه في أمره لطول غيبته وانقطاع أخباره، فذكرت له فصولاً في إثبات كونه (عليه السلام) ورويت له أخباراً في غيبته عن النبيِّ والأئمَّة (عليهم السلام) سكنت إليها نفسه، وزال بها عن قلبه ما كان دخل عليه من الشكِّ والارتياب والشبهة، وتلقَّى ما سمعه من الآثار

(٣٨٦)

الصحيحة بالسمع والطاعة والقبول والتسليم، وسألني أنْ أُصنِّف له في هذا المعنى كتاباً، فأجبته إلى ملتمسه ووعدته جمع ما ابتغى إذا سهَّل الله لي العود إلى مستقرِّي ووطني بالريِّ. فبينا أنا ذات ليلة أُفكِّر فيما خلَّفت ورائي من أهل وولد وإخوان ونعمة إذ غلبني النوم فرأيت كأنِّي بمكَّة أطوف حول بيت الله الحرام وأنا في الشوط السابع عند الحجر الأسود أستلمه وأُقبِّله، وأقول: أمانتي أدَّيتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، فأرى مولانا القائم صاحب الزمان (صلوات الله عليه) واقفاً بباب الكعبة، فأدنو منه على شغل قلب وتقسُّم فكر، فعلم (عليه السلام) ما في نفسي بتفرُّسه في وجهي، فسلَّمت عليه فردَّ عليَّ السلام، ثمّ قال لي: «لِـمَ لا تُصنِّف كتاباً في الغيبة حتَّى تكفي ما قد همَّك؟»، فقلت له: يا ابن رسول الله، قد صنَّفت في الغيبة أشياء، فقال (عليه السلام): «ليس على ذلك السبيل، آمرك أنْ تُصنِّف، ولكن صنِّف الآن كتاباً في الغيبة واذكر فيه غيبات الأنبياء (عليهم السلام)». ثمّ مضى (صلوات الله عليه)، فانتبهت فزعاً إلى الدعاء والبكاء والبثِّ والشكوى إلى وقت طلوع الفجر، فلمَّا أصبحت ابتدأت في تأليف هذا الكتاب ممتثلاً لأمر وليِّ الله وحجَّته، مستعيناً بالله ومتوكِّلاً عليه ومستغفراً من التقصير، وما توفيقي إلَّا بالله عليه توكَّلت وإليه أُنيب(464).
55 - سنة (404هـ): التاريخ السندي لرواية محمّد بن عليِّ بن بابويه حول الصلاة ودعاء الاستغاثة بصاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه):
قال المجلسي (رحمه الله) في (البحار) نقلاً عن (قبس المصباح): استغاثة أُخرى لصاحب الزمان (عليه السلام): سمعت الشيخ أبا عبد الله الحسين بن الحسن بن بابويه (رضي الله عنه) بالريِّ سنة أربع وأربعمائة يروي عن عمِّه أبي جعفر محمّد بن عليِّ بن بابويه (رحمه الله)، قال: حدَّثني بعض مشايخي القمِّيِّين، قال: كربني أمر ضقت به ذرعاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(463) إنَّ للشيخ الصدوق (رحمه الله) ثلاث زيارات للإمام الرضا (عليه السلام)، وذلك في سنة (352هـ) و(367هـ) و(368هـ)، كما ذكر ذلك الأعلام في ترجمته (رحمه الله)، ونحتمل كثيراً أنْ تكون هذه الواقعة حدثت في الزيارة الأُولى له (رحمه الله).
(464) كمال الدِّين (ص 2 - 4).

(٣٨٧)

ولم يسهل في نفسي أنْ أُفشيه لأحد من أهلي وإخواني، فنمت وأنا به مغموم فرأيت في النوم رجلاً جميل الوجه، حسن اللباس، طيِّب الرائحة، خلته بعض مشايخنا القمِّيِّين الذين كنت أقرأ عليهم، فقلت في نفسي: إلى متى أُكابد همِّي وغمِّي ولا أُفشيه لأحد من إخواني، وهذا شيخ من مشايخنا العلماء، أذكر له ذلك فلعلِّي أجد لي عنده فرجاً. فابتدأني من قبل أنْ أبتدئه وقال لي: «ارجع فيما أنت بسبيله إلى الله تعالى واستعن بصاحب الزمان (عليه السلام)، واتَّخذه لك مفزعاً فإنَّه نعم المعين، وهو عصمة أوليائه المؤمنين»، ثمّ أخذ بيدي اليمنى ومسحها بكفِّه اليمنى، وقال: «زره وسلِّم عليه واسأله أنْ يشفع لك إلى الله تعالى في حاجتك»، فقلت له: علِّمني كيف أقول؟ فقد أنساني ما أهمَّني بما أنا فيه كلَّ زيارة ودعاء، فتنفَّس الصعداء وقال: «لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله»، ومسح صدري بيده، وقال: «حسبك الله لا بأس عليك، تطهَّر وصلِّ ركعتين ثمّ قم وأنت مستقبل القبلة تحت السماء وقل: سَلَامُ اَللهِ اَلْكَامِلُ اَلتَّامُّ اَلشَّامِلُ اَلْعَامُّ، وَصَلَوَاتُهُ اَلدَّائِمَةُ وَبَرَكَاتُهُ اَلْقَائِمَةُ عَلَى حُجَّةِ اَللهِ، وَوَلِيِّهِ فِي أَرْضِهِ وَبِلَادِهِ، وَخَلِيفَتِهِ عَلَى خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ، سُلَالَةِ اَلنُّبُوَّةِ وَبَقِيَّةِ اَلْعِتْرَةِ وَاَلصَّفْوَةِ، صَاحِبِ اَلزَّمَانِ، وَمُظْهِرِ اَلْإِيمَانِ، وَمُعْلِنِ أَحْكَامِ اَلْقُرْآنِ، مُطَهِّرِ اَلْأَرْضِ، وَنَاشِرِ اَلْعَدْلِ فِي اَلطُّولِ وَاَلْعَرْضِ، اَلْحُجَّةِ اَلْقَائِمِ اَلمَهْدِيِّ، وَاَلْإِمَامِ اَلمُنْتَظَرِ اَلمَرْضِيِّ، اَلطَّاهِرِ اِبْنِ اَلْأَئِمَّةِ اَلطَّاهِرِينَ، اَلْوَصِيِّ أَوْلَادِ اَلْأَوْصِيَاءِ اَلمَرْضِيِّينَ، اَلْهَادِي اَلمَعْصُومِ اِبْنِ اَلْهُدَاةِ اَلْمَعْصُومِينَ. اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ اَلمُسْلِمِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ اَلنَّبِيِّينَ، وَمُسْتَوْدَعِ حِكْمَةِ اَلْوَصِيِّينَ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عِصْمَةَ اَلدِّينِ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُعِزَّ اَلمُؤْمِنِينَ اَلمُسْتَضْعَفِينَ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ اَلْكَافِرِينَ اَلمُتَكَبِّرِينَ اَلظَّالِمِينَ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ يَا صَاحِبَ اَلزَّمَانِ يَا اِبْنَ أَمِيرِ اَلمُؤْمِنِينَ وَاِبْنَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ اَلْأَئِمَّةِ اَلْحُجَجِ عَلَى اَلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا

(٣٨٨)

مَوْلَايَ سَلَامَ مُخْلِصٍ لَكَ فِي اَلْوَلَاءِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ اَلْإِمَامُ اَلمَهْدِيُّ قَوْلاً وَفِعْلاً، وَأَنَّكَ اَلَّذِي تَمْلَأُ اَلْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً، فَعَجَّلَ اَللهُ فَرَجَكَ وَسَهَّلَ مَخْرَجَكَ وَقَرَّبَ زَمَانَكَ وَأَكْثَرَ أَنْصَارَكَ وَأَعْوَانَكَ، وَأَنْجَزَ لَكَ مَوْعِدَكَ، وَهُوَ أَصْدَقُ اَلْقَائِلِينَ: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القَصص: 5]، يَا مَوْلاَيَ حَاجَتِي كَذَا وَكَذَا فَاشْفَعْ لِي فِي نَجَاحِهَا، وتدعو بما أحببت». قال: فانتبهت وأنا موقن بالروح والفرج، وكان عليَّ بقيَّة من ليلي واسعة فقمت فبادرت فكتبت ما علَّمنيه خوفاً أنْ أنساه، ثمّ تطهَّرت وبرزت تحت السماء وصلَّيت ركعتين قرأت في الأُولى بعد الحمد كما عيَّن لي: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً﴾، وفي الثانية بعد الحمد: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ﴾، وأحسنت صلاتهما، فلمَّا سلَّمت قمت وأنا مستقبل القبلة وزرت ثمّ دعوت بحاجتي واستغثت بمولاي صاحب الزمان (صلوات الله عليه) ثمّ سجدت سجدة الشكر، وأطلت فيها الدعاء حتَّى خفت فوات صلاة الليل، ثمّ قمت وصلَّيت وعقَّبت بعد صلاة الفجر بفريضة الغداة وجلست في محرابي أدعو، فلا والله ما طلعت الشمس حتَّى جائني الفرج ممَّا كنت فيه، ولم يعد إليَّ مثل ذلك بقيَّة عمري، ولم يعلم أحد من الناس ما كان ذلك الأمر الذي أهمَّني وإلى يومي هذا، والمنَّة لله، وله الحمد كثيراً(465).
56 - سنة (447هـ): وصف الشيخ الطوسي (رحمه الله) لضريح ومرقد النائب الأوَّل عثمان بن سعيد حينما زاره (رضي الله عنه):
روى الطوسي (رحمه الله) عن هبة الله بن محمّد، قال: قبر عثمان بن سعيد بالجانب الغربي من مدينة السلام، في شارع الميدان، في أوَّل الموضع المعروف بدرب جبلة في مسجد الدرب يمنة الداخل إليه، والقبر في نفس قبلة المسجد (رحمه الله). قال محمّد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(465) بحار الأنوار (ج 91/ ص 31 و32/ ضمن الحديث 21).

(٣٨٩)

ابن الحسن مصنِّف هذا الكتاب: رأيت قبره في الموضع الذي ذكره وكان بُني في وجهه حائط وبه محراب المسجد، وإلى جنبه باب يدخل إلى موضع القبر في بيت ضيِّق مظلم، فكنَّا ندخل إليه ونزوره مشاهرةً، وكذلك من وقت دخولي إلى بغداد، وهي سنة ثمان وأربعمائة إلى سنة نيِّف وثلاثين وأربعمائة. ثمّ نقض ذلك الحائط الرئيس أبو منصور محمّد بن الفرج وأبرز القبر إلى برّ وعمل عليه صندوقاً وهو تحت سقف يدخل إليه من أراده ويزوره، ويتبرَّك جيران المحلَّة بزيارته ويقولون: هو رجل صالح، وربَّما قالوا: هو ابن داية الحسين (عليه السلام) ولا يعرفون حقيقة الحال فيه، وهو إلى يومنا هذا - وذلك سنة سبع وأربعين وأربعمائة - على ما هو عليه(466).
57 - سنة (635هـ): إيصال رقعة من الشيخ ورَّام إلى سامرَّاء على يد الرشيد ابن ميمون الواسطي في قضاء حاجته:
روى المجلسي (رحمه الله) عن كتاب (النجوم) للسيِّد ابن طاوس (رحمه الله)، قال:... حدَّثني الرشيد أبو العبَّاس بن ميمون الواسطي ونحن مصعدون إلى سامرَّاء، قال: لـمَّا توجَّه الشيخ يعني جدِّي ورَّام بن أبي فراس (قدَّس الله روحه)(467) من الحلَّة متألِّماً من المغازي وأقام بالمشهد المقدَّس بمقابر قريش شهرين إلَّا سبعة أيَّام، قال: فتوجَّهت من واسط إلى سُرَّ من رأى وكان البرد شديداً، فاجتمعت مع الشيخ بالمشهد الكاظمي وعرَّفته عزمي على الزيارة، فقال لي: أُريد أُنفذ إليك رقعة تشدُّها في تكَّة لباسك - فشددتها أنا في لباسي - فإذا وصلت إلى القبَّة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(466) الغيبة للطوسي (ص 358/ ح 320).
(467) هو الأمير الزاهد العالم الفقيه المحدِّث الجليل أبو الحسين ورَّام بن أبي فراس عيسى بن أبي النجم ابن ورَّام بن حمدان بن خولان بن إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان (رحمه الله) جدًّا للسيِّد رضي الدِّين عليِّ بن طاوس لأُمِّه، وقد أثنى عليه جمع من العلماء، تُوفِّي (رحمه الله) بالحلَّة في ثاني محرَّم الحرام سنة (605هـ). راجع: مجموعة ورَّام (ص 4 و5/ مقدَّمة الناشر).

(٣٩٠)

الشريفة، ويكون دخولك في أوَّل الليل ولم يبقَ عندك أحد، وكنت آخر من يخرج فاجعل الرقعة عند القبَّة، فإذا جئت بكرة ولم تجد الرقعة فلا تقل لأحد شيئاً. قال: ففعلت ما أمرني وجئت بكرة فلم أجد الرقعة وانحدرت إلى أهلي، وكان الشيخ قد سبقني إلى أهله على اختياره، فلمَّا جئت في أوان الزيارة ولقيته في منزله بالحلَّة قال لي: تلك الحاجة انقضت. قال أبو العبَّاس: ولم أُحدِّث بهذا الحديث قبلك أحداً منذ تُوفِّي الشيخ إلى الآن، وكان له منذ مات ثلاثون سنة تقريباً(468).
58 - سنة (720هـ): شفاء حسين المدلَّل من مرض الفالج ببركة صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه):
روى المجلسي (رحمه الله) عن السيِّد عليِّ بن عبد الحميد في كتاب (السلطان المفرِّج عن أهل الإيمان)(469)، قال: أخبرني من أثق به وهو خبر مشهور عند أكثر أهل المشهد الشريف الغرويِّ (سلَّم الله تعالى على مشرِّفه)، ما صورته: إنَّ الدَّار التي - هي الآن سنة سبعمائة وتسع وثمانين - أنا ساكنها كانت لرجل من أهل الخير والصلاح يُدعى حسين المدلَّل، وبه يُعرَف ساباط المدلَّل ملاصقة جدران الحضرة الشريفة، وهو مشهور بالمشهد الشريف الغروي (عليه السلام)، وكان الرجل له عيال وأطفال، فأصابه فالج، فمكث مدَّة لا يقدر على القيام وإنَّما يرفعه عياله عند حاجته وضروراته، ومكث على ذلك مدَّة مديدة، فدخل على عياله وأهله بذلك شدَّة شديدة واحتاجوا إلى الناس واشتدَّ عليهم الناس. فلمَّا كان سنة عشرين وسبع مائة هجريَّة في ليلة من لياليها بعد ربع الليل أنبه عياله، فانتبهوا في الدَّار، فإذا الدَّار والسطح قد امتلأ نوراً يأخذ بالأبصار، فقالوا: ما الخبر؟ فقال: إنَّ الإمام (عليه السلام) جاءَني وقال لي: «قم يا حسين»، فقلت: يا سيِّدي، أتراني أقدر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(468) بحار الأنوار (ج 52/ ص 54/ ضمن الحديث 38).
(469) طُبِعَ الكتاب من قِبَل مركزنا مستقلًّا في (جمادى الأُولى/ 1427هـ).

(٣٩١)

على القيام؟ فأخذ بيدي وأقامني، فذهب ما بي وها أنا صحيح على أتمّ ما ينبغي، وقال لي: «هذا الساباط دربي إلى زيارة جدِّي (عليه السلام) فأغلقه في كلِّ ليلة»، فقلت: سمعاً وطاعةً لله ولك يا مولاي. فقام الرجل وخرج إلى الحضرة الشريفة الغرويَّة وزار الإمام (عليه السلام) وحمد الله تعالى على ما حصل له من الإنعام، وصار هذا الساباط المذكور إلى الآن يُنذَر له عند الضرورات فلا يكاد يخيب ناذره من المراد ببركات الإمام القائم (عليه السلام)(470).
59 - سنة (744هـ): استبصار رجل يُدعى عثمان مع أُمِّه في الحلَّة ببركة صاحب العصر (عجَّل الله فرجه) بعد أنْ أذهب عن الأُمِّ عماها:
روى المجلسي (رحمه الله) عن السيِّد عليِّ بن عبد الحميد في كتاب (السلطان المفرِّج عن أهل الإيمان)، قال: حدَّثني الشيخ المحترم العالم الفاضل الحاجُّ القارئ شمس الدِّين محمّد بن قارون المذكور(471)، قال: كان رجل من أصحاب السلطان المعمَّر بن شمس يُسمَّى مذوَّر يضمن القرية المعروفة ببُرْس(472) ووقف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(470) بحار الأنوار (ج 52/ ص 73 و74).
(471) قال السيِّد بهاء الدِّين عليُّ بن عبد الحميد: (إنَّه من الأعيان ومن أهل الصدق الأفاضل، ووصفه بالشيخ الزاهد العابد المحقِّق شمس الدِّين). وفي موضع آخر: بالمحترم العامل الفاضل. وبموضع آخر من كُتُبه: بالعالم الكامل القدوة المقرئ الحافظ المحمود المعتمد شمس الدِّين محمّد ابن قارون السيبي، نسبة إلى (السيب) بكسر أوَّله وسكون ثانيه، هو نهر في ذنابة الفرات بقرب الحلَّة، وعليه بلد يُسمَّى باسمه، وهو من مشايخ السيِّد عليِّ بن عبد الحميد بالرواية، كان حيًّا سنة (744هـ)، فهو يُعَدُّ من طبقة الشهيد الأوَّل المتوفَّى (786هـ)، وهو غير الشيخ الفقيه الصالح شمس الدِّين محمّد بن أحمد بن صالح السيبي القسيني، تلميذ السيِّد فخار بن معد الموسوي المجاز منه سنة (630هـ)، وهي سنة وفاة السيِّد فخار، فإنَّ هذا الشيخ متقدِّم على الشيخ شمس الدِّين محمّد بن قارون السيبي.
(472) بُرْس - بضمِّ الباء وسكون الراء والسين المهملة -: ناحية بأرض بابل وهي بحضرة صرح نمرود بن كنعان. انظر: معجم البلدان (ج 1/ ص 103).

(٣٩٢)

العلويِّين وكان له نائب يقال له: ابن الخطيب، وغلام يتولَّى نفقاته يُدعى عثمان، وكان ابن الخطيب من أهل الصلاح والإيمان... بالضدِّ من عثمان، وكانا دائماً يتجادلان، فاتَّفق أنَّهما حضرا في مقام إبراهيم الخليل(473) بمحضر جماعة من الرعيَّة والقُوَّام، فقال ابن الخطيب لعثمان: الآن اتَّضح الحقُّ واستبان، أنا أكتب على يدي من أتولَّاه، وهم عليٌّ والحسن والحسين (عليهم السلام)، واكتب أنت من تتولَّاه أبو بكر وعمر وعثمان، ثمّ تشدُّ يدي ويدك بشدٍّ، وتوقد ناراً شديدة وتدخل يدي ويدك فأيّهما احترقت يداه بالنار كان على باطل، ومن سلمت يده كان على الحقِّ، فنكل عثمان، وأبى أنْ يفعل، فأخذ الحاضرون في العياط عليه، وكانت أُمُّ عثمان مشرفة عليهم تسمع حديثهم فلمَّا رأت ذلك لعنتهم وشتمتهم وتهدَّدتهم وبالغت في ذلك فعُمِيَت في الحال، فلمَّا أحسَّت بذلك نادت إلى رفيقاتها فصعدن إليها فإذا هي صحيحة العين لكن لا ترى بهما شيئاً، فقادوها وأنزلوها ومضوا بها إلى الحلَّة، وشاع خبرها بين أصحابها وأقاربها وأترابها، فأحضروا لها الأطبَّاء من بغداد والحلَّة، فلم يقدروا لها على شيء، فقالت لها نسوة مؤمنات كُنَّ أخدانها: إنَّ الذي أعماكِ هو القائم (عليه السلام) وإنْ تشيَّعتِ وتوليتِ وتبرَّأتِ ضمنَّا لكِ العافية على الله تعالى وبدون هذا لا يمكن الخلاص، فأذعنت لذلك ورضيت به، فلمَّا كانت ليلة الجمعة جيء بها حتَّى أدخلنها القبَّة الشريفة في مقام الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) وبتن بأجمعهنَّ في باب القبَّة. فلمَّا كان ربع من الليل فإذا هي قد خرجت عليهنَّ وقد ذهب العمى عن بصرها وهي تُقعِدهنَّ واحدة بعد واحدة وتصف ثيابهنَّ وحليَّهنَّ، فسررن بذلك، وحمدن الله على حسن العافية، وقلن لها: كيف كان ذلك؟ فقالت: لـمَّا جعلتننَّي في القبَّة وخرجتنَّ عنِّي أحسست بيد قد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(473) مقام إبراهيم الخليل (عليه السلام) المذكور في الحكاية موجود إلى زماننا هذا ويقع بالحلَّة في قرية بُرْس.

(٣٩٣)

وُضِعَت على وجهي وقائل يقول: «اخرجي فقد عافاكِ الله»، فانكشف العمى عنِّي ورأيت القبَّة قد امتلأت نوراً ورأيت رجلاً فقلت له: من أنت يا سيِّدي؟ فقال: «محمّد بن الحسن (عليه السلام)»، ثمَّ غاب عنِّي، فقمنَ وخرجنَ إلى بيوتهنَّ وتشيَّع ولدها عثمان وحَسُن اعتقاده واعتقاد أُمِّه المذكورة واشتهرت القصَّة بين أُولئك الأقوام ومن سمع هذا الكلام واعتقد وجود الإمام القائم (عليه السلام) وكان ذلك في سنة أربع وأربعين وسبعمائة، وصلَّى الله على محمّد وآله وسلَّم(474).
60 - سنة (789هـ): التاريخ السندي لرواية السيِّد عليِّ بن عبد الحميد في كتاب (السلطان المفرِّج عن أهل الإيمان) حول شفاء حسين المدلَّل:
راجع ما ذُكِرَ في سنة (720هـ) تحت عنوان: (شفاء حسين المدلَّل من مرض الفالج ببركة صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه)).
61 - قبل سنة (1011هـ)(475): قصَّة وزير البحرين والرُّمَّانة ونجاة شيعة البحرين من كيده ببركة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):
روى المجلسي (رحمه الله) عن بعض الأفاضل الكرام، والثقات الأعلام، قال: أخبرني بعض من أثق به، يرويه عمَّن يثق به ويطريه، أنَّه قال: لـمَّا كان بلدة البحرين تحت ولاية الإفرنج، جعلوا واليها رجلاً من المسلمين، ليكون أدعى إلى تعميرها وأصلح بحال أهلها، وكان هذا الوالي من النواصب، وله وزير أشدُّ نصباً منه يُظهر العداوة لأهل البحرين لحبِّهم لأهل البيت (عليهم السلام) ويحتال في إهلاكهم وإضرارهم بكلِّ حيلة.
فلمَّا كان في بعض الأيَّام دخل الوزير على الوالي وبيده رُمَّانة فأعطاها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(474) بحار الأنوار (ج 52/ ص 71 - 73).
(475) جعلنا هذه السنة تقريبيَّة لأنَّ انتهاء الاحتلال البرتغالي للبحرين كان في سنة (1011هـ)، والقصَّة كما جاء في المتن حدثت أثناء الاحتلال البرتغالي لها.

(٣٩٤)

الوالي فإذا كان مكتوباً عليها: (لا إله إلَّا الله، محمَّد رسول الله، أبو بكر وعمر وعثمان وعليٌّ خلفاء رسول الله)، فتأمَّل الوالي فرأى الكتابة من أصل الرُّمَّانة بحيث لا يحتمل عنده أنْ يكون من صناعة بشر، فتعجَّب من ذلك وقال للوزير: هذه آية بيِّنة، وحجَّة قويَّة، على إبطال مذهب الرافضة، فما رأيك في أهل البحرين؟ فقال له: أصلحك الله إنَّ هؤلاء جماعة متعصِّبون، يُنكِرون البراهين، وينبغي لك أنْ تُحضرهم وتُريهم هذه الرُّمَّانة، فإنْ قبلوا ورجعوا إلى مذهبنا كان لك الثواب الجزيل بذلك، وإنْ أبوا إلَّا المقام على ضلالتهم فخيِّرهم بين ثلاث: إمَّا أنْ يُؤدُّوا الجزية وهم صاغرون، أو يأتوا بجواب عن هذه الآية البينة التي لا محيص لهم عنها، أو تقتل رجالهم وتسبي نساءهم وأولادهم، وتأخذ بالغنيمة أموالهم.
فاستحسن الوالي رأيه، وأرسل إلى العلماء والأفاضل الأخيار، والنجباء والسادة الأبرار، من أهل البحرين وأحضرهم وأراهم الرُّمَّانة، وأخبرهم بما رأى فيهم إنْ لم يأتوا بجوابٍ شافٍ: من القتل والأسر وأخذ الأموال أو أخذ الجزية على وجه الصغار كالكُفَّار، فتحيَّروا في أمرها، ولم يقدروا على جواب، وتغيَّرت وجوههم وارتعدت فرائصهم.
فقال كبراؤهم: أمهلنا أيُّها الأمير ثلاثة أيَّام لعلَّنا نأتيك بجواب ترتضيه وإلَّا فاحكم فينا ما شئت، فأمهلهم، فخرجوا من عنده خائفين مرعوبين متحيِّرين.
فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلك، فاتَّفق رأيهم على أنْ يختاروا من صلحاء البحرين وزُهَّادهم عشرة، ففعلوا، ثُمَّ اختاروا من العشرة ثلاثة فقالوا لأحدهم: اخرج الليلة إلى الصحراء واعبد الله فيها، واستغث بإمام زماننا، وحجَّة الله علينا، لعلَّه يُبيِّن لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء.

(٣٩٥)

فخرج وبات طول ليلته متعبِّداً خاشعاً داعياً باكياً يدعو الله، ويستغيث بالإمام (عليه السلام)، حتَّى أصبح ولم يرَ شيئاً، فأتاهم وأخبرهم، فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم، فرجع كصاحبه ولم يأتِهم بخبر، فازداد قلقهم وجزعهم.
فأحضروا الثالث وكان تقيًّا فاضلاً اسمه محمّد بن عيسى(476)، فخرج الليلة الثالثة حافياً حاسر الرأس إلى الصحراء وكانت ليلة مظلمة فدعا وبكى، وتوسَّل إلى الله تعالى في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البليَّة عنهم واستغاث بصاحب الزمان.
فلمَّا كان آخر الليل، إذا هو برجل يخاطبه ويقول: «يا محمّد بن عيسى، ما لي أراك على هذه الحالة؟ ولماذا خرجت إلى هذه البرّيَّة؟»، فقال له: أيُّها الرجل دعني فإنِّي خرجت لأمر عظيم وخطب جسيم، لا أذكره إلَّا لإمامي ولا أشكوه إلَّا إلى من يقدر على كشفه عنِّي.
فقال: «يا محمّد بن عيسى، أنا صاحب الأمر فاذكر حاجتك»، فقال: إنْ كنت هو فأنت تعلم قصَّتي ولا تحتاج إلى أنْ أشرحها لك، فقال له: «نعم، خرجت لما دهمكم من أمر الرُّمَّانة، وما كُتِبَ عليها، وما أوعدكم الأمير به»، قال: فلمَّا سمعت ذلك توجَّهت إليه وقلت له: نعم يا مولاي، قد تعلم ما أصابنا، وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنَّا.
فقال (صلوات الله عليه): «يا محمّد بن عيسى، إنَّ الوزير (لعنه الله) في داره شجرة رُمَّان، فلمَّا حملت تلك الشجرة صنع شيئاً من الطين على هيأة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(476) هو الشيخ العابد الزاهد محمّد بن عيسى البحراني، والمعروف بأبي رُمَّانة نسبة إلى قصَّته المذكورة في المتن، عُرِفَ بين أهل البحرين بالورع والتقوى وقوَّة الإيمان بالله، وعُدَّ من الأولياء الصالحين، عاش أيَّام الاحتلال البرتغالي لجزيرة البحرين قبل هزيمتهم على يد الصفويِّين سنة (1011هـ)، يقع قبره الشريف في مسجد أبو الرُّمَّانة الواقع في قرية دمستان الواقعة في جنوب جزيرة البحرين على بعد (14) كيلومتراً عن المنامة العاصمة، تُوفِّي (رحمه الله) سنة (1031هـ).

(٣٩٦)

الرُّمَّانة، وجعلها نصفين وكتب في داخل كلِّ نصف بعض تلك الكتابة ثُمَّ وضعهما على الرُّمَّانة، وشدَّهما عليها وهي صغيرة فأثَّر فيها، وصارت هكذا.
فإذا مضيتم غداً إلى الوالي، فقل له: جئتك بالجواب ولكنِّي لا أُبديه إلَّا في دار الوزير، فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك، ترى فيها غرفة، فقل للوالي: لا أُجيبك إلَّا في تلك الغرفة، وسيأبى الوزير عن ذلك، وأنت بالغ في ذلك ولا ترضَ إلَّا بصعودها فإذا صعد فاصعد معه، ولا تتركه وحده يتقدَّم عليك، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها كيس أبيض، فانهض إليه وخذه فترى فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة، ثُمَّ ضعها أمام الوالي وضع الرُّمَّانة فيها لينكشف له جليَّة الحال.
وأيضاً يا محمّد بن عيسى قل للوالي: إنَّ لنا معجزة أُخرى وهي أنَّ هذه الرُّمَّانة ليس فيها إلَّا الرماد والدخان، وإنْ أردت صحَّة ذلك فاءمر الوزير بكسرها، فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته».
فلمَّا سمع محمّد بن عيسى ذلك من الإمام، فرح فرحاً شديداً وقبَّل بين يدي الإمام (صلوات الله عليه)، وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور.
فلمَّا أصبحوا مضوا إلى الوالي ففعل محمّد بن عيسى كلَّ ما أمره الإمام وظهر كلُّ ما أخبره، فالتفت الوالي إلى محمّد بن عيسى وقال له: من أخبرك بهذا؟ فقال: إمام زماننا، وحجَّة الله علينا، فقال: ومن إمامكم؟ فأخبره بالأئمَّة واحداً بعد واحد إلى أنْ انتهى إلى صاحب الأمر (صلوات الله عليهم).
فقال الوالي: مُدْ يدك فأنا أشهد أنْ لا إله إلَّا الله، وأنَّ محمّداً عبده ورسوله، وأنَّ الخليفة بعده بلا فصل أمير المؤمنين عليٌّ (عليه السلام)، ثُمَّ أقرَّ بالأئمَّة إلى آخرهم (عليهم السلام)، وحسن إيمانه، وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل البحرين وأحسن إليهم وأكرمهم.

(٣٩٧)

قال: وهذه القصَّة مشهورة عند أهل البحرين، وقبر محمّد بن عيسى عندهم معروف يزوره الناس(477).
62 - سنة (1049هـ): نقل الشيخ الحرِّ العاملي عن أحد أصدقائه واسمه محمّد أنَّه رأى الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في المنام وشافاه من المرض وأخبره أنَّه يعيش بعد هذا (26) سنة أُخرى:
قال النوري (رحمه الله) في (جنَّة المأوى): روى الحرُّ العاملي (رحمه الله) في (إثبات الهداة)، قال: قد أخبرني جماعة من ثقات الأصحاب أنَّهم رأوا صاحب الأمر (عليه السلام) في اليقظة، وشاهدوا منه معجزات متعدِّدات، وأخبرهم بعدَّة مغيَّبات، ودعا لهم بدعوات مستجابات، وأنجاهم من أخطار مهلكات.
قال (رحمه الله): وكنَّا جالسين في بلادنا في قرية مشغرا(478) في يوم عيد، ونحن جماعة من أهل العلم والصلحاء، فقلت لهم: ليت شعري في العيد المقبل من يكون من هؤلاء حيًّا ومن يكون قد مات؟
فقال لي رجل كان اسمه (الشيخ محمّد)، وكان شريكنا في الدروس: أنا أعلم أنِّي أكون في عيد آخر حيًّا، وفي عيد آخر حيًّا، وعيد آخر إلى ستَّة وعشرين سنة.
وظهر منه أنَّه جازم بذلك من غير مزاح.
فقلت له: أنت تعلم الغيب؟
قال: لا، ولكنِّي رأيت المهدي (عليه السلام) في النوم وأنا مريض شديد المرض، فقلت له: أنا مريض وأخاف أنْ أموت، وليس لي عمل صالح ألقى الله به.
فقال: لا تخف، فإنَّ الله تعالى يشفيك من هذا المرض، ولا تموت فيه بل تعيش ستًّا وعشرين سنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(477) بحار الأنوار (ج 52/ ص 178 - 180).
(478) قرية على سفح جبل لبنان. معجم البلدان (ج 5/ ص 134).

(٣٩٨)

ثمّ ناولني كأساً كان في يده، فشربت منه وزال عنِّي المرض وحصل لي الشفاء، وأنا أعلم أنَّ هذا ليس من الشيطان.
فلمَّا سمعت كلام الرجل كتبت التاريخ، وكان سنة ألف وتسعة وأربعين، ومضت لذلك مدَّة وانتقلت إلى المشهد المقدَّس سنة ألف واثنين وسبعين، فلمَّا كانت السنة الأخيرة وقع في قلبي أنَّ المدَّة قد انقضت، فرجعت إلى ذلك التاريخ وحسبته فرأيته قد مضى منه ستّ وعشرون سنة، فقلت: ينبغي أنْ يكون الرجل مات.
فما مضت مدَّة نحو شهر أو شهرين حتَّى جاءتني كتابة من أخي - وكان في البلاد - يُخبرني أنَّ الرجل المذكور مات(479).
63 - سنة (1269هـ): سؤال الحاجّ علي البغدادي للإمام المهدي (عليه السلام) عن قبول زيارته مع جماعة للإمام الرضا (عليه السلام):
راجع ما ذُكِرَ في (رجب/ 1301هـ) تحت عنوان: (تشرُّف الحاجِّ عليٍّ البغدادي بملاقاة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في قصَّة رائعة).
64 - سنة (1275هـ): قصَّة البقَّال ولقاؤه مع الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بعد عمل الاستجارة والدعاء بنيَّة اللقاء في مسجد السهلة مدَّة أربعين ثلاثاء:
قال النوري (رحمه الله) في (جنَّة المأوى): حدَّثني جماعة من الأتقياء الأبرار، منهم السيِّد السند، والحبر المعتمد، العالم العامل، والفقيه النبيه، الكامل المؤيَّد المسدَّد، السيِّد محمّد ابن العالم الأوحد السيِّد أحمد ابن العالم الجليل، والحبر المتوحِّد النبيل، السيِّد حيدر الكاظمي (أيَّده الله تعالى)، وهو من أجلَّاء تلامذة المحقِّق الأُستاذ الأعظم الأنصاري (طاب ثراه) وأحد أعيان أتقياء بلد الكاظمين (عليهما السلام) وملاذّ الطلَّاب والزوَّار والمجاورين، وهو وإخوته وآباؤه أهل بيت جليل،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(479) جنَّة المأوى (ص 146 - 150/ الحكاية الثامنة والخمسون).

(٣٩٩)

معروفون في العراق بالصلاح والسداد، والعلم والفضل والتقوى، يُعرَفون ببيت السيِّد حيدر جدِّه (سلَّمه الله تعالى).
قال فيما كتبه إليَّ وحدَّثني به شفاهاً أيضاً: قال محمّد بن أحمد بن حيدر الحسني الحسيني: لـمَّا كنت مجاوراً في النجف الأشرف لأجل تحصيل العلوم الدِّينيَّة وذلك في حدود السنة الخامسة والسبعين بعد المائتين والألف من الهجرة النبويَّة، كنت أسمع جماعة من أهل العلم وغيرهم من أهل الديانة يصفون رجلاً يبيع البقل وشبهه أنَّه رأى مولانا الإمام المنتظر (سلام الله عليه)، فطلبت معرفة شخصه حتَّى عرفته، فوجدته رجلاً صالحاً متديِّناً، وكنت أُحِبُّ الاجتماع معه في مكان خالٍ لأستفهم منه كيفيَّة رؤيته مولانا الحجَّة (روحي فداه)، فصرت كثيراً ما أُسلِّم عليه وأشتري منه ممَّا يتعاطى ببيعه، حتَّى صار بيني وبينه نوع مودَّة، كلُّ ذلك مقدَّمة لتعرُّف خبره المرغوب في سماعه عندي حتَّى اتَّفق لي أنِّي توجَّهت إلى مسجد السهلة للاستجارة فيه، والصلاة والدعاء في مقاماته الشريفة ليلة الأربعاء.
فلمَّا وصلت إلى باب المسجد رأيت الرجل المذكور على الباب، فاغتنمت الفرصة وكلَّفته المقام معي تلك الليلة، فأقام معي حتَّى فرغنا من العمل الموظَّف في مسجد سهيل وتوجَّهنا إلى المسجد الأعظم مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة في ذلك الزمان، حيث لم يكن في مسجد السهلة معظم الإضافات الجديدة من الخُدَّام والمساكن.
فلمَّا وصلنا إلى المسجد الشريف، واستقرَّ بنا المقام، وعملنا بعض الأعمال الموظَّفة فيه، سألته عن خبره والتمست منه أنْ يُحدِّثني بالقصَّة تفصيلاً، فقال ما معناه:
إنِّي كنت كثيراً ما أسمع من أهل المعرفة والديانة أنَّ مَنْ لازم عمل الاستجارة في مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء متوالية بنيَّة رؤية الإمام

(٤٠٠)

المنتظر (عليه السلام) وُفِّق لرؤيته، وأنَّ ذلك قد جُرِّبت مراراً، فاشتاقت نفسي إلى ذلك، ونويت ملازمة عمل الاستجارة في كلِّ ليلة أربعاء، ولم يمنعني من ذلك شدَّة حرٍّ ولا برد ولا مطر ولا غير ذلك، حتَّى مضى لي ما يقرب من مدَّة سنة، وأنا ملازم لعمل الاستجارة وأبات في مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة.
ثمّ إنِّي خرجت عشيَّة يوم الثلاثاء ماشياً على عادتي، وكان الزمان شتاءً، وكانت تلك العشيَّة مظلمة جدًّا لتراكم الغيوم مع قليل مطر، فتوجَّهت إلى المسجد وأنا مطمئنٌّ بمجيء الناس على العادة المستمرَّة، حتَّى وصلت إلى المسجد، وقد غربت الشمس واشتدَّ الظلام وكثر الرعد والبرق، فاشتدَّ بي الخوف وأخذني الرعب من الوحدة، لأنِّي لم أصادف في المسجد الشريف أحداً أصلاً، حتَّى إنَّ الخادم المقرَّر للمجيء ليلة الأربعاء لم يجئ تلك الليلة.
فاستوحشت لذلك للغاية، ثمّ قلت في نفسي: ينبغي أنْ أُصلِّي المغرب وأعمل عمل الاستجارة عجالةً وأمضي إلى مسجد الكوفة، فصبَّرت نفسي، وقمت إلى صلاة المغرب فصلَّيتها، ثمّ توجَّهت لعمل الاستجارة وصلاتها ودعائها، وكنت أحفظه.
فبينما أنا في صلاة الاستجارة إذ حانت منِّي التفاتة إلى المقام الشريف المعروف بمقام صاحب الزمان (عليه السلام)، وهو في قبلة مكان مصلَّاي، فرأيت فيه ضياءً كاملاً، وسمعت فيه قراءة مصلِّ، فطابت نفسي، وحصل كمال الأمن والاطمينان، وظننت أنَّ في المقام الشريف بعض الزوَّار وأنا لم أطَّلع عليهم وقت قدومي إلى المسجد، فأكملت عمل الاستجارة، وأنا مطمئنُّ القلب.
ثمّ توجَّهت نحو المقام الشريف ودخلته، فرأيت فيه ضياءً عظيماً لكنِّي

(٤٠١)

لم أرَ بعيني سراجاً، ولكنِّي في غفلة عن التفكُّر في ذلك، ورأيت فيه سيِّداً جليلاً مهاباً بصورة أهل العلم، وهو قائم يُصلِّي، فارتاحت نفسي إليه، وأنا أظنُّ أنَّه من الزوَّار الغرباء، لأنِّي تأمَّلته في الجملة فعلمت أنَّه من سكنة النجف الأشرف.
فشرعت في زيارة مولانا الحجَّة (سلام الله عليه) عملاً بوظيفة المقام، وصلَّيت صلاة الزيارة، فلمَّا فرغت أردت أُكلِّمه في المضيِّ إلى مسجد الكوفة، فهبته وأكبرته، وأنا أنظر إلى خارج المقام، فأرى شدَّة الظلام، وأسمع صوت الرعد والمطر، فالتفت إليَّ بوجهه الكريم برأفة وابتسام، وقال لي: تُحِبُّ أنْ تمضي إلى مسجد الكوفة؟
فقلت: نعم يا سيِّدنا، عادتنا أهل النجف إذا تشرَّفنا بعمل هذا المسجد نمضي إلى مسجد الكوفة، ونبات فيه، لأنَّ فيه سُكَّاناً وخُدَّاماً وماءً.
فقام، وقال: قم بنا نمضي إلى مسجد الكوفة.
فخرجت معه وأنا مسرور به وبحسن صحبته، فمشينا في ضياء وحسن هواء وأرض يابسة لا تعلق بالرجل وأنا غافل عن حال المطر والظلام الذي كنت أراه، حتَّى وصلنا إلى باب المسجد وهو (روحي فداه) معي وأنا في غاية السرور والأمن بصحبته، ولم أرَ ظلاماً ولا مطراً.
فطرقت باب الخارجة عن المسجد، وكانت مغلقة، فأجابني الخادم: مَن الطارق؟
فقلت: افتح الباب.
فقال: من أين أقبلت في هذه الظلمة والمطر الشديد؟
فقلت: من مسجد السهلة.
فلمَّا فتح الخادم الباب التفت إلى ذلك السيِّد الجليل فلم أرَه، وإذا بالدنيا

(٤٠٢)

مظلمة للغاية، وأصابني المطر، فجعلت أُنادي: يا سيِّدنا يا مولانا تفضل فقد فُتِحَت الباب.
ورجعت إلى ورائي أتفحَّص عنه وأُنادي، فلم أرَ أحداً أصلاً، وأضرَّ بي الهواء والمطر والبرد في ذلك الزمان القليل.
فدخلت المسجد وانتبهت من غفلتي وكأنِّي كنت نائماً فاستيقظت، وجعلت ألوم نفسي على عدم التنبُّه لما كنت أرى من الآيات الباهرة، وأتذكَّر ما شاهدته وأنا غافل من كراماته من الضياء العظيم في المقام الشريف مع أنِّي لم أرَ سراجاً، ولو كان في ذلك المقام عشرون سراجاً لما وفي بذلك الضياء، وذكرت أنَّ ذلك السيِّد الجليل سمَّاني باسمي مع أنِّي لم أعرفه ولم أرَه قبل ذلك.
وتذكَّرت أنِّي لـمَّا كنت في المقام كنت أنظر إلى فضاء المسجد، فأرى الظلام الشديد، وأسمع صوت المطر والرعد، وأنِّي لـمَّا خرجت من المقام مصاحباً له (سلام الله عليه) كنت أمشي في ضياء بحيث أرى موضع قدمي، والأرض يابسة والهواء عذب، حتَّى وصلنا إلى باب المسجد، ومنذ فارقني شاهدت الظلمة والمطر وصعوبة الهواء، إلى غير ذلك من الأُمور العجيبة التي أفادتني اليقين بأنَّه الحجَّة صاحب الزمان (عليه السلام) الذي كنت أتمنَّى من فضل الله التشرُّف برؤيته، وتحمَّلت مشاقَّ عمل الاستجارة عند قوَّة الحرِّ والبرد لمطالعة حضرته (سلام الله عليه)، فشكرت الله تعالى شأنه، والحمد لله(480).
65 - سنة (1280هـ): تشرُّف السيِّد أحمد الرشتي بلقاء الحجَّة (عجَّل الله فرجه) أثناء سفره لحجِّ بيت الله بعد افتراقه عن القافلة:
قال النوري (رحمه الله) في (النجم الثاقب): قد تشرَّف بزيارة النجف الأشرف جناب المستطاب التقي الصالح السيِّد أحمد بن السيِّد هاشم بن السيِّد حسن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(480) جنَّة المأوى (ص 145 - 149/ الحكاية الثامنة والخمسون).

(٤٠٣)

الرشتي ساكن رشت (أيَّده الله)، قبل سبعة عشر سنة تقريباً، وقد جائني إلى المنزل مع العالم الربَّاني والفاضل الصمداني الشيخ عليٍّ الرشتي (طاب ثراه)...، فلمَّا نهضنا للخروج نبَّهني الشيخ إلى أنَّ السيِّد أحمد من الصلحاء المسدَّدين ولـمَّح إليَّ أنَّ له قصَّة عجيبة ولم يسمح المجال حينها في بيانها، وبعد عدَّة أيَّام من اللقاء قال لي الشيخ: إنَّ السيِّد قد ذهب، ثمّ نقل لي جملة من حالات وأحوال السيِّد مع قصَّته، فتأسَّفت لذلك كثيراً لعدم سماعي القصَّة منه شخصاً، ولو أنَّ مقام الشيخ (رحمه الله) أجلّ من أنْ ينقل شيئاً خلاف ما نُقِلَ له. وبقي هذا الموضوع في ذهني من تلك السنة وحتَّى جُمادى الآخرة من هذه السنة حيث كنت راجعاً من النجف الأشرف إلى الكاظمين فالتقيت بالسيِّد الصالح المذكور وهو راجع من سامرَّاء وكان عازماً على السفر إلى بلاد العجم، فسألته عن ما سمعته من أحواله ومن جملتها القصَّة المعهودة، فنقل كلَّ ذلك ما طابق النقل للأوَّل، والقضيَّة بما يلي، قال:
عزمت على الحجِّ في سنة ألف ومائتين وثمانين، فجئت من حدود رشت إلى تبريز ونزلت في بيت الحاجِّ صفر عليّ التاجر التبريزي المعروف، ولعدم وجود قافلة فقد بقيت متحيِّراً إلى أنْ جهَّز الحاجُّ جبَّار جلودار السدهي الأصفهاني قافلة إلى (طربوزن)، فاكتريت منه مركباً لوحدي وسافرت، وعندما وصلت إلى أوَّل منزل التحق بي - وبترغيب الحاجِّ صفر عليّ - ثلاثةُ أشخاص آخرين، أحدهم الحاجُّ الملَّا باقر التبريزي الذي كان يحجُّ بالنيابة وكان معروفاً لدى العلماء، والحاجُّ السيِّد حسين التاجر التبريزي، ورجل يُسمَّى الحاجُّ عليّ وكان يشتغل بالخدمة. ثمّ ترافقنا بالسفر إلى أنْ وصلنا إلى (أرض الروم)، وكنَّا عازمين على الذهاب من هناك إلى (طربزون)، وفي أحد تلك المنازل التي تقع بين هاتين المدينتين جائني الحاجُّ جبَّار جلودار وقال بأنَّ هذا المنزل الذي قُدَّامنا

(٤٠٤)

مخيف فعجِّلوا حتَّى تكونوا مع القافلة دائماً، وذلك لأنَّنا كنَّا غالباً ما نتخلَّف عن القافلة بفاصلة في سائر المنازل، فتحرَّكنا سويَّةً بساعتين ونصف، أو ثلاث ساعات بقيت إلى الصبح - على التخمين - وابتعدنا عن المنزل الذي كنَّا فيه مقدار نصف أو ثلاثة أرباع الفرسخ فإذا بالهواء قد تغيَّر واظلمَّت الدنيا وابتدأ الوفر بالتساقط، فحينئذٍ غطَّى كلُّ واحد منَّا من الرفقاء رأسه وأسرع بالسير. وقد فعلت أنا كذلك لألتحق بهم ولكنِّي لم أتمكَّن على ذلك فذهبوا وبقيت وحدي. ثمّ نزلت بعد ذلك من فرسي وجلست على جانب الطريق، وقد اضطربت اضطراباً شديداً لأنَّه كان معي قرابة ستّمائة تومان لنفقة الطريق.
وبعد أنْ فكَّرت وتأمَّلت بأمري قرَّرت أنْ أبقى في هذا الموضع إلى أنْ يطلع الفجر، ثمّ أرجع إلى الموضع الذي جئت منه، وآخذ معي من ذلك الموضع عدَّة أشخاص من الحرس فألتحق بالقافلة مرَّة ثانية. وبهذه الأثناء رأيت بستاناً أمامي، وفي ذلك البستان فلَّاح بيده مسحاة يضرب بها الأشجار فيتساقط الوفر منها، فتقدَّم إليَّ بحيث بقيت فاصلة قليلة بينه وبيني، ثمّ قال: «من أنت؟»، قلت: ذهب أصدقائي وبقيت وحدي ولا أعرف الطريق فتهت. فقال باللغة الفارسيَّة: «نافله بخوان تا راه پيدا كنى» - أي صلِّي النافلة والمقصود منها صلاة الليل لتعرف الطريق -. فاشتغلت بصلاة النافلة وبعدما فرغت من التهجُّد، عاد إليَّ مرَّة أُخرى وقال: «ألم تذهب بعد؟!»، قلت: والله لا أعرف الطريق. قال: «اقرأ الجامعة». ولم أكن أحفظ الجامعة وما زلت غير حافظ لها مع أنِّي قد تشرَّفت بزيارة العتبات المقدَّسة مراراً. ولكنِّي وقفت مكاني وقرأت الجامعة كاملةً عن ظهر الغيب، ثمّ جاء وقال: «ألم تذهب بعد؟!»، فأخذتني العبرة بلا إرادة وبكيت وقلت: ما زلت موجوداً ولا أعرف الطريق. قال: «اقرأ عاشوراء». وكذلك أنِّي لم أكن أحفظ زيارة عاشوراء وما زلت غير حافظ لها، فقمت من

(٤٠٥)

مكاني واشتغلت بزيارة عاشوراء، من الحافظة عن ظهر غيب إلى أنْ قرأتها جميعاً وحتَّى اللعن والسلام ودعاء علقمة، فرأيته عاد إليَّ مرَّة أُخرى وقال: «ألم تذهب؟ بعدك؟!»، فقلت: لا، فإنِّي موجود وحتَّى الصباح. قال: «أنا أُوصلك إلى القافلة الآن»، ثمّ ذهب وركب على حمار ووضع مسحاته على عاتقه وجاء فقال: «اصعد خلفي على حماري»، فركبت وأخذت بعنان فرسي فلم يطاوعني ولم يتحرَّك، فقال: «ناولني لجام الفرس»، فناولته، فوضع المسحاة على عاتقه الأيسر وأخذ الفرس بيده اليمنى وأخذ بالسير، فطاوعه الفرس بشكل عجيب وتبعه. ثمّ وضع يده على ركبتي وقال: «لماذا لا تصلُّون النافلة؟ النافلة، النافلة، النافلة - قالها ثلاث مرَّات -»، ثمّ قال: «لماذا لا تقرأون عاشوراء؟ عاشوراء، عاشوراء، عاشوراء - ثلاث مرَّات -»، ثمّ قال: «لماذا لا تقرأون الجامعة؟ الجامعة، الجامعة، الجامعة»، وعندما كان يطوي المسافة كان يمشي بشكل مستدير، وفجأة رجع وقال: «هؤلاء أصحابك»، وكانوا قد نزلوا على حافَّة نهر فيه ماء يتوضَّؤون لصلاة الصبح. فنزلت من الحمار لأركب فرسي فلم أتمكَّن فنزل هو وضرب المسحاة في الوفر وأركبني وحوَّل رأس فرسي إلى جهة أصحابي وبهذه الأثناء وقع في نفسي: من يكون هذا الإنسان الذي يتكلَّم باللغة الفارسيَّة، علماً أنَّ أهل هذه المنطقة لا يتكلَّمون إلَّا باللغة التركيَّة، ولا يوجد بينهم غالباً إلَّا أصحاب المذهب العيسوي (المسيحيُّون)، وكيف أوصلني إلى أصحابي بهذه السرعة؟! فنظرت ورائي فلم أرَ أحداً ولم يظهر لي أثر منه، فالتحقت برفقائي(481).
66 - سنة الظهور: خروج جيش السفياني من الكوفة لمحاربة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بعد وصوله إلى النجف الأشرف:
روى المجلسي (رحمه الله) عن كتاب الفضل بن شاذان بإسناده رفعه إلى أبي عبد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(481) النجم الثاقب (ج 2/ ص 273 - 277/ الحكاية السبعون).

(٤٠٦)

الله (عليه السلام)، قال: «يقدم القائم (عليه السلام) حتَّى يأتي النجف فيخرج إليه من الكوفة جيش السفياني وأصحابه، والناس معه، وذلك يوم الأربعاء فيدعوهم ويناشدهم حقَّه ويُخبرهم أنَّه مظلوم مقهور ويقول: من حاجَّني في الله فأنا أولى الناس بالله...، فيقولون: ارجع من حيث شئت لا حاجة لنا فيك، قد خبَّرناكم واختبرناكم، فيتفرَّقون من غير قتال. فإذا كان يوم الجمعة يعاود فيجيء سهم فيصيب رجلاً من المسلمين فيقتله، فيقال: إنَّ فلاناً قد قُتِلَ فعند ذلك ينشر راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فإذا نشرها انحطَّت عليه ملائكة بدر فإذا زالت الشمس هبَّت الريح له فيحمل عليهم هو وأصحابه فيمنحهم الله أكتافهم ويولُّون، فيقتلهم حتَّى يُدخلهم أبيات الكوفة، وينادي مناديه: ألَا لا تتَّبعوا مولّياً ولا تجهزوا على جريح، ويسير بهم كما سار عليٌّ (عليه السلام) يوم البصرة»(482).
67 - (يوم النيروز): هو يوم ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) على رواية المعلَّى بن خُنَيس عن الإمام الصادق (عليه السلام):
روى ابن فهد الحلِّي عن المولى السيِّد المرتضى العلَّامة بهاء الدِّين عليِّ بن عبد الحميد النسَّابة (دامت فضائله)، ما رواه بإسناده إلى المعلَّى بن خُنَيس، عن الصادق (عليه السلام): «إنَّ يوم النوروز هو اليوم الذي أخذ فيه النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأمير المؤمنين (عليه السلام) العهد بغدير خُمٍّ، فأقرُّوا له بالولاية، فطوبى لمن ثبت عليها والويل لمن نكثها. وهو اليوم الذي وجَّه فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عليًّا (عليه السلام) إلى وادي الجنِّ، فأخذ عليهم العهود والمواثيق. وهو اليوم الذي ظفر فيه بأهل النهروان، وقتل ذا الثدية. وهو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت وولاة الأمر ويظفره الله تعالى بالدجَّال، فيصلبه على كناسة الكوفة. وما من يوم نوروز إلَّا ونحن نتوقَّع فيه الفرج، لأنَّه من أيَّامنا حفظه الفرس وضيَّعتموه. ثمّ إنَّ نبيًّا من أنبياء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(482) بحار الأنوار (ج 52/ ص 387 و388/ ح 205).

(٤٠٧)

بني إسرائيل سأل ربَّه أنْ يُحيي القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فأماتهم الله تعالى، فأوحى إليه أنْ صُبَّ عليهم الماء في مضاجعهم، فصبَّ عليهم الماء في هذا اليوم، فعاشوا وهم ثلاثون ألفاً، فصار صبُّ الماء في يوم النيروز سُنَّة ماضية لا يعرف سببها إلَّا الراسخون في العلم. وهو أوَّل يوم من سنة الفرس». قال المعلَّى: وأملى عليَّ ذلك، فكتبته من إملائه(483).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(483) المهذَّب البارع (ج 1/ شرح الصفحة 194 و195).

(٤٠٨)

المصادر والمراجع

1 - القرآن الكريم.
2 - الاحتجاج: أحمد بن عليٍّ الطبرسي/ تعليق وملاحظات: السيِّد محمّد باقر الخرسان/ 1386هـ/ دار النعمان/ النجف الأشرف.
3 - اختيار معرفة الرجال (رجال الكشِّي): الشيخ الطوسي/ تحقيق: السيِّد مهدي الرجائي/ 1404هـ/ مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث.
4 - الإرشاد: الشيخ المفيد/ تحقيق: مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام)/ ط 2/ 1414هـ/ دار المفيد/ بيروت.
5 - إعلام الورى بأعلام الهدى: الفضل بن الحسن الطبرسي/ ط 1/ 1417هـ/ مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث/ قم.
6 - الأعلام: خير الدين الزركلي/ ط5/ 1980م/ دار العلم للملايين/ بيروت.
7 - أعيان الشيعة: السيِّد محسن الأمين/ تحقيق وتخريج: حسن الأمين/ دار التعارف للمطبوعات/ بيروت.
8 - إقبال الأعمال: السيِّد عليُّ بن طاوس/ تحقيق: جواد القيُّومي الأصفهاني/ ط 1/ 1414هـ/ مكتب الإعلام الإسلامي.
9 - إلزام الناصب: الشيخ علي اليزدي الحائري/ تحقيق: السيِّد عليّ عاشور.

(٤٠٩)

10 - الأمالي: الشيخ الصدوق/ ط 1/ 1417هـ/ مركز الطباعة والنشر في مؤسَّسة البعثة/ قم.
11 - الأمالي: الشيخ الطوسي/ تحقيق: مؤسَّسة البعثة/ ط 1/ 1414هـ/ دار الثقافة/ قم.
12 - الإمامة والتبصرة: ابن بابويه/ ط 1/ 1404هـ/ مدرسة الإمام الهادي (عليه السلام)/ قم.
13 - بحار الأنوار الجامعة لدُرَر أخبار الأئمَّة الأطهار: العلَّامة المجلسي/ تحقيق: يحيى العابدي الزنجاني وعبد الرحيم الربَّاني الشيرازي/ ط 2/ 1403هـ/ مؤسَّسة الوفاء/ بيروت.
14 - البداية والنهاية: ابن كثير/ تحقيق وتدقيق وتعليق: عليّ شيري/ ط 1/ 1408هـ/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
15 - التاريخ الصغير: البخاري/ تحقيق: محمّد إبراهيم زايد/ ط 1/ 1406هـ/ دار المعرفة/ بيروت.
16 - تاريخ الطبري (تاريخ الأُمَم والملوك): محمّد بن جرير الطبري/ ط 4/ 1403هـ/ مؤسَّسة الأعلمي/ بيروت.
17 - تاريخ الكوفة: السيِّد البراقي/ تحقيق: ماجد أحمد العطيَّة/ ط1/ 1424هـ/ المكتبة الحيدريَّة.
18 - تاريخ بغداد أو مدينة السلام: الخطيب البغدادي/ دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا/ ط 1/ 1417هـ/ دار الكُتُب العلميَّة/ بيروت.
19 - تفسير القمّي: عليُّ بن إبراهيم القمّي/ تصحيح وتعليق وتقديم: السيِّد طيِّب الموسوي الجزائري/ ط 3/ 1404هـ/ مؤسَّسة دار الكتاب/ قم.

(٤١٠)

20 - تهذيب الأحكام: الشيخ الطوسي/ تحقيق وتعليق: السيِّد حسن الموسوي الخرسان/ ط 3/ 1364هـ/ دار الكتب الإسلاميَّة/ طهران.
21 - تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي: السيِّد محمّد عليّ الأبطحي/ ط 2/ 1417هـ/ مطبعة نگارش/ قم.
22 - الثاقب في المناقب: ابن حمزة الطوسي/ تحقيق: نبيل رضا علوان/ ط 2/ 1412هـ/ مؤسَّسة أنصاريان/ قم.
23 - جمال الأُسبوع: ابن طاوس/ تحقيق: جواد القيُّومي/ ط 1/ 1371ش/ مطبعة أختر شمال/ مؤسَّسة الآفاق.
24 - جنَّة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجَّة (عجَّل الله فرجه): الشيخ ميرزا حسين النوري/ ط 1/ 1427هـ/ مركز الدراسات التخصُّصيَّة في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه).
25 - جواهر التاريخ: الشيخ عليٌّ الكوراني/ ط 1/ 1425هـ/ مطبعة ظهور/ دار الهدى.
26 - حياة الإمام المهدي: الشيخ باقر شريف القرشي/ ط 1/ 1417هـ/ مطبعة أمير.
27 - خاتمة المستدرك: الميرزا حسين النوري/ ط 1/ 1415هـ/ مطبعة ستارة/ مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام)/ قم.
28 - الخرائج والجرائح: قطب الدِّين الراوندي/ بإشراف: السيِّد محمّد باقر الموحِّد الأبطحي/ ط 1/ 1409هـ/ مؤسَّسة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)/ قم.
29 - الخصال: الشيخ الصدوق/ تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفاري/ 1362ش/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.
30 - خلاصة الأقوال: العلاَّمة الحلِّي/ ط 1/ 1417هـ/ مؤسَّسة نشر الفقاهة.

(٤١١)

31 - الدروس الشرعيَّة: الشهيد الأوَّل/ ط 2/ 1417هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي/ قم.
32 - دلائل الإمامة: محمّد بن جرير الطبري الشيعي/ ط 1/ 1413هـ/ مؤسَّسة البعثة/ قم.
33 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة: آغا بزرك الطهراني/ ط 3/ 1403هـ/ دار الأضواء/ بيروت.
34 - رجال ابن داود: ابن داود الحلِّي/ تحقيق: محمّد صادق بحر العلوم/ 1392هـ/ منشورات المطبعة الحيدريَّة/ النجف الأشرف.
35 - رجال الطوسي: الشيخ الطوسي/ ط 1/ 1415هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي.
36 - رجال النجاشي (فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة): أبو العبَّاس أحمد ابن عليّ بن أحمد بن العبَّاس النجاشي الأسدي الكوفي/ ط 5/ 1416هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.
37 - روضة الواعظين: محمّد بن الفتَّال النيسابوري/ تقديم: السيِّد محمّد مهدي السيِّد حسن الخرسان/ منشورات الشريف الرضي/ قم.
38 - سرُّ السلسلة العلويَّة: أبو نصر البخاري/ ط 1/ 1413هـ/ انتشارات شريف الرضي.
39 - سير أعلام النبلاء: شمس الدِّين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي/ إشراف وتخريج: شعيب الأرنؤوط/ تحقيق: حسين الأسد/ ط 9/ مؤسَّسة الرسالة/ بيروت.
40 - شرح إحقاق الحقِّ: السيِّد شهاب الدِّين المرعشي النجفي/ تصحيح: السيِّد إبراهيم الميانجي/ منشورات مكتبة آية الله المرعشي/ قم.

(٤١٢)

41 - شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد المعتزلي/ تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم/ ط 1/ 1378هـ/ دار إحياء الكُتُب العربيَّة.
42 - الصحيفة السجَّاديَّة: تحقيق: محمّد باقر الأبطحي/ ط 1/ 1411هـ/ مطبعة نمونه/ مؤسَّسة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، ومؤسَّسة الأنصاريان/ قم.
43 - الصراط المستقيم إلى مستحقِّي التقديم: عليُّ بن يونس العاملي النباطي البياضي/ تصحيح وتعليق: محمّد باقر البهبودي/ ط 1/ 1384هـ/ المكتبة المرتضويَّة لإحياء الآثار الجعفريَّة.
44 - عقائد الإماميَّة: محمّد رضا المظفَّر/ انتشارات أنصاريان/ قم.
45 - علل الشرائع: الشيخ الصدوق/ تقديم: السيِّد محمّد صادق بحر العلوم/ 1385هـ/ منشورات المكتبة الحيدريَّة ومطبعتها/ النجف الأشرف.
46 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام): الشيخ الصدوق/ تصحيح وتعليق وتقديم: الشيخ حسين الأعلمي/ 1404هـ/ مؤسَّسة الأعلمي/ بيروت.
47 - الغيبة: ابن أبي زينب النعماني/ تحقيق: فارس حسُّون كريم/ ط 1/ 1422هـ/ أنوار الهدى.
48 - الغيبة: الشيخ الطوسي/ تحقيق: عبد الله الطهراني وعليّ أحمد ناصح/ ط 1/ 1411هـ/ مطبعة بهمن/ مؤسَّسة المعارف الإسلاميَّة/ قم.
49 - فتح الأبواب: ابن طاوس/ ط 1/ 1409هـ/ مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث/ بيروت.
50 - الفتن: أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد المروزي/ تحقيق وتقديم: سهيل زكار/ 1414هـ/ دار الفكر/ بيروت.
51 - فرج المهموم: ابن طاوس/ 1363ش/ مطبعة أمير/ منشورات الشريف الرضي/ قم.

(٤١٣)

52 - الفصول المهمَّة في معرفة الأئمَّة: عليُّ بن محمّد أحمد المالكي المكّي (ابن الصبَّاغ)/ تحقيق: سامي الغريري/ ط 1/ 1422هـ/ دار الحديث/ قم.
53 - الفهرست: الشيخ الطوسي/ تحقيق: جواد القيُّومي/ ط 1/ 1417هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي.
54 - الفوائد الرجاليَّة: السيِّد مهدي بحر العلوم/ ط 1/ 1363ش/ مكتبة الصادق/ طهران.
55 - قرب الإسناد: أبو العبَّاس عبد الله بن جعفر الحميري القمّي/ ط 1/ 1413هـ/ مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث/ قم.
56 - الكافي: الشيخ الكليني/ تحقيق: عليّ أكبر الغفاري/ ط 5/ 1363ش/ مطبعة حيدري/ دار الكُتُب الإسلاميَّة/ طهران.
57 - كامل الزيارات: جعفر بن محمّد بن قولويه/ تحقيق: الشيخ جواد القيُّومي/ ط 1/ 1417هـ/ مؤسَّسة نشر الفقاهة.
58 - الكامل في التاريخ: عزُّ الدِّين أبو الحسن عليُّ بن أبي الكرم محمّد بن محمّد الشيباني (ابن الأثير)/ 1385هـ/ دار الصادر/ بيروت.
59 - كتاب سُلَيم: سُلَيم بن قيس الهلالي الكوفي/ تحقيق: محمّد باقر الأنصاري الزنجاني/ ط 1/ 1422هـ/ دليل ما.
60 - كشف الغمَّة في معرفة الأئمَّة: عليُّ بن أبي الفتح الإربلي/ ط 2/ 1405هـ/ دار الأضواء/ بيروت.
61 - كفاية الأثر في النصِّ على الأئمَّة الاثني عشر: أبو القاسم عليُّ بن محمّد الخزَّاز القمّي الرازي/ تحقيق: السيِّد عبد اللطيف الحسيني الكوهكمري الخوئي/ 1401هـ/ انتشارات بيدار.
62 - كمال الدِّين وتمام النعمة: الشيخ الصدوق/ تصحيح وتعليق: عليّ

(٤١٤)

أكبر الغفاري/ 1405هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.
63 - كنز الفوائد: أبو الفتح محمّد بن عليٍّ الكراجكي/ ط 2/ 1369ش/ مكتبة المصطفوي/ قم.
64 - الكنى والألقاب: الشيخ عبَّاس القمِّي/ تقديم: محمّد هادي الأميني/ مكتبة الصدر/ طهران.
65 - لسان العرب: أبو الفضل جمال الدِّين محمّد بن مكرم الإفريقي المصري (ابن منظور)/ 1405هـ/ نشر أدب الحوزة/ قم.
66 - لسان الميزان: ابن حجر العسقلاني/ ط 2/ 1390هـ/ مؤسَّسة الأعلمي/ بيروت.
67 - مجمع البحرين: الشيخ فخر الدِّين الطريحي/ ط 2/ 1408هـ/ مكتب نشر الثقافة الإسلاميَّة.
68 - مجموعة ورَّام: ورَّام بن أبي فراس المالكي الأشتري/ ط 2/ 1368ش/ دار الكُتُب الإسلاميَّة/ طهران.
69 - المحتضر: حسن بن سليمان الحلّي/ تحقيق: سيِّد عليّ أشرف/ ط 1/ 1424هـ/ انتشارات المكتبة الحيدريَّة/ مطبعة شريعت.
70 - مختصر بصائر الدرجات: الحسن بن سليمان الحلِّي/ ط 1/ 1370هـ/ منشورات المطبعة الحيدريَّة/ النجف الأشرف.
71 - مرآة العقول: العلاَّمة المجلسي/ ط 2/ 1404هـ/ دار الكُتُب الإسلاميَّة.
72 - مروج الذهب ومعادن الجوهر: عليُّ بن الحسين بن عليٍّ المسعودي/ ط 2/ 1404هـ/ منشورات دار الهجرة/ قم.

(٤١٥)

73 - المزار الكبير: محمّد بن جعفر المشهدي/ تحقيق: جواد القيُّومي الأصفهاني/ ط 1/ 1919هـ/ نشر القيُّوم/ قم.
74 - مستدرك سفينة البحار: الشيخ عليٌّ النمازي الشاهرودي/ تحقيق وتصحيح: الشيخ حسن بن عليٍّ النمازي/ 1418هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.
75 - مستدرك علم رجال الحديث: الشيخ عليٌّ النمازي الشاهرودي/ ط 1/ 1412هـ/ مطبعة شفق/ طهران.
76 - المستدرك على الصحيحين: أبو عبد الله الحاكم النيسابوري/ إشراف: يوسف عبد الرحمن المرعشلي.
77 - مسند أحمد: أحمد بن حنبل/ دار الصادر/ بيروت.
78 - مشارق أنوار اليقين: الحافظ رجب البرسي/ تحقيق: السيِّد عليّ عاشور/ ط 1/ 1419هـ/ مؤسَّسة الأعلمي/ بيروت.
79 - مصباح المتهجِّد: الشيخ الطوسي/ ط 1/ 1411هـ/ مؤسَّسة فقه الشيعة/ بيروت.
80 - المصباح: الكفعمي/ ط3/ 1403هـ/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت.
81 - المصنَّف: ابن أبي شيبة/ تحقيق وتعليق: سعيد اللحَّام/ ط 1/ 1409هـ/ دار الفكر/ بيروت.
82 - مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (عليهم السلام): كمال الدِّين محمّد بن طلحة الشافعي/ تحقيق: ماجد بن أحمد العطيَّة.
83 - معاني الأخبار: الشيخ الصدوق/ تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفاري/ 1379هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.

(٤١٦)

84 - معجم أحاديث الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه): الشيخ عليٌّ الكوراني/ ط 1/ 1411هـ/ مؤسَّسة المعارف الإسلاميَّة/ قم.
85 - معجم البلدان: شهاب الدِّين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي/ 1399هـ/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
86 - المعجم الكبير: سليمان بن أحمد الطبراني/ تحقيق وتخريج: حمدي عبد المجيد السلفي/ ط 2/ دار إحياء التراث العربي.
87 - المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه): الشيخ عليٌّ الكوراني/ ط 1/ 1426هـ.
88 - معجم رجال الحديث: السيِّد الخوئي/ ط 5/ 1413هـ.
89 - مقتضب الأثر: ابن عيَّاش الجوهري/ مطبعة العلميَّة/ مكتبة الطباطبائي/ قم.
90 - الملاحم والفتن: ابن طاوس/ ط 1/ 1416هـ/ مؤسَّسة صاحب الأمر/ أصفهان.
91 - الملهوف على قتلى الطفوف: السيِّد عليُّ بن طاوس/ ط 1/ 1417هـ/ أنوار الهدى/ قم.
92 - مناقب آل أبي طالب: ابن شهرآشوب/ 1376هـ/ المكتبة الحيدريَّة/ النجف الأشرف.
93 - منتخب الأنوار المضيئة: السيِّد بهاء الدِّين عليُّ بن عبد الكريم النيلي النجفي/ ط 1/ 1420هـ/ مؤسَّسة الإمام الهادي (عليه السلام)/ قم.
94 - منتهى الآمال: الشيخ عبَّاس القمِّي/ تلخيص وتعريب: هاشم الميلاني/ ط 2/ 1427هـ/ منشورات دليل ما.
95 - منتهى المقال: الشيخ المازندراني/ ط 1/ 1416هـ/ مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام)/ قم.

(٤١٧)

96 - مهج الدعوات ومنهج العبادات: ابن طاوس/ كتابخانه سنائي.
97 - المهذَّب البارع: ابن فهد الحلِّي/ تحقيق: مجتبى العراقي/ 1407هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي/ قم.
98 - موسوعة طبقات الفقهاء: اللجنة العلميَّة في مؤسَّسة الإمام الصادق (عليه السلام)/ ط 1/ 1418هـ/ مطبعة اعتماد/ قم.
99 - النجم الثاقب في أحوال الإمام الحجَّة الغائب (عجَّل الله فرجه): ميرزا حسين الطبرسي النوري/ تقديم وترجمة وتحقيق وتعليق: السيِّد ياسين الموسوي/ ط 1/ 1415هـ/ أنوار الهدى.
100 - الهداية الكبرى: الحسين بن حمدان الخصيبي/ ط 4/ 1411هـ/ مؤسَّسة البلاغ/ بيروت.
101 - الوافي بالوفيات: الصفدي/ تحقيق: أحمد الأرنؤوط وتركي مصطفى/ 1420هـ/ دار إحياء التراث.
102 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ابن خلِّكان/ تحقيق: إحسان عبَّاس/ دار الثقافة.
103 - الوفيات: أحمد بن حسن الخطيب/ ط 2/ 1978م/ دار الإقامة الجديدة/ بيروت.
104 - وقعة صفِّين: ابن مزاحم المنقري/ ط 2/ 1382هـ/ مطبعة المدني/ مصر.

* * *

(٤١٨)