الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٦٠٠) القضية المهدوية بين التسامح والتشدّد السندي
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٦٠٠) القضية المهدوية بين التسامح والتشدّد السندي

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: مرتضى علي الحلي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٤/٠٦/٢٩ المشاهدات المشاهدات: ٤٢٥٣ التعليقات التعليقات: ٠

القضية المهدوية بين التسامح والتشدّد السندي

مرتضى علي الحلي

إنَّ القضية المهدوية هي قضية عَقديَّة، تُصنّف على موضوعات علم الكلام والأديان، لذا تتطلّب تكوين اليقين الشخصي الذي يجب توفّره عند الإنسان المؤمن والمُعتَقِد بإمامة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) خاصة وأنّ مسألة إمامة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وما يتعلق بها هي من أُمهات المسائل العقدية، كبقائه حيّاً، ووجوب وجوده، ولزوم ظهور وقيامه بالحق، فضلاً عن معرفة علامات الظهور الحتمية منها، وما يتعلق بوظيفة الإنسان تجاهها اعتقاداً وموقفاً، ذلك كون القضية العقدية هي من القضايا الحساسة والخطيرة والتي لا تُقبل إلّا بدليل وبرهان يقتنع به المُعتقد، إذ لا تقليد فيها أصلاً، وإنْ أمكن الاستعانة بأهل الخبرة والاختصاص بعلم الكلام في البرهنة وتوفير الدليل والحجّية على حقّانية وصدقيَّة العقيدة بصورة عامة وخاصة بملاك الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص. لا بملاك التقليد والاعتقاد من دون دليل، من هنا يكون التعاطي مع القضية المهدوية بمثابة التعاطي مع القضية الفقهية.
بل هو أشد وأخطر وأدقّ وأكبر، لما للعقيدة من أصالة دينية صياغية سبقتْ التشريع في رتبتها النظامية والبنيوية، تكوّناً وصيرورة ونتاجاً، وعلى هذا الأساس يجب الاهتمام بالتشدّد السندي والصدوري في كل الروايات التي تتحدّث عن مسائل العقيدة.
والتي من أهمها وثاقة الراوي، وسلامة عقيدته، وعدالته وضبطه، وفي إشارة من القرآن الكريم يتَّضح هذا المعنى قال تعالى:
﴿وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلّا مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ (البقرة: ١١١).
وطبقاً لأساس وجوب تحصيل اليقين في قبول العقيدة والتعاطي معها في علم الكلام يجب الاهتمام بالتشدّد السندي في سلسلة الرواة ووثاقتهم، حتى يمكن قبول دلالة الرواية ومفادها في البعد العقدي أو رفضها وعدم ترتيب أثر عليها، ولكنّ هذا لا يعني طرح التراث الديني الضعيف ورفضه بالمرة نتيجة معيارية تحصيل اليقين، ووثاقة الراوي والتشدّد السندي.
إذ ممكن لنا تكوين رؤية معرفية مُنتجة لتحديد موقف، أو أثر، أو دلالة من خلال تفحّص الكم والنوع معاً، ويتجلّى تكوين الرؤية المعرفية المنتجة في صورة التعاطي مع الروايات التي لم تتوفر فيها شرائط القبول، كوثاقة الراوي وغيرها في إمكان الوثوق بالظاهرة أو المفردة العقدية التي تناولتها الروايات الضعيفة سنداً من خلال توفّر القرائن التاريخية، والروائية، واللبيّة، والمنطقية عند المُتفحّص في الروايات الضعيفة للخروج بموقف ودلالة، وهذا هو مبنى الوثوق بصدور الرواية والذي لا يهتمّ بوثاقة الرواة، بقدر ما يهتم بالاطمئنان بصدور الرواية، وذلك ما يتطلّب جهداً مُضاعفاً ومُتمكناً حتى يتوفّر الوثوق والاطمئنان الشخصي عند من يتبنّى هذه النظرية، إذ إنَّ الأبحاث أو المقالات التي تتبنّى مفردة التسامح في المعايير العلمية والرجالية في التعاطي مع روايات القضية المهدوية لا تكون مُنتجة، ولا تستطيع توفير اليقين عند المُتلقي المُعتقد بقضية إمامه الحق، المهدي المنتظر، ولا تستطيع أنْ ترسم له معالم يقينية توصله إلى الموقف الحق والسلوك الصائب، كونها ترتكز على أرض هشة قابلة للنقد والرفض، منطقياً وعقلانياً، وربما تكون أغلب استظهاراتها ونتائجها غير مُطابقة للواقع، كما حصل عند البعض ممن أوقع نفسه في إشكالية التوقيت والتطبيق في علامات الظهور الحتمية منها وغير الحتمية، لذا يجب تجنب التسامح في أدلة العقيدة المهدوية، كون الأمر حساساً وخطيراً وينحى في قبوله أو رفضه منحى عقلانياً صرفاً، فضلاً عن تعبدياته الصحيحة.
هذا وقد أجمع علماء الإسلام كافة على أنَّ قبول العقيدة الإسلامية، عامة وخاصة، يجب أنْ يخضع للدليل العقلي والنقلي الصحيح، حتى يتكون اليقين عند المُعتقد تكوّناً مكيناً ومُبرهناً عليه، لا تكوّناً مُتسامحاً فيه ومتزلزلاً، ويجب على المُتلقّي المُعتقد بقضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وحقانيتها وضرورتها أنْ يتعاطى بحذر واعٍ ودقيق مع ما يُطرح من أبحاث، ويُكتبُ من مقالات، ويُنشر من آراء، ويصدر من دعاوى باسم المهدوية، لما في ذلك من تأثير كبير على البنية العقدية في ذهن المتلقي غير المُتخصص، ولما في التساهل والتسرع في قبول الفكرة العقدية من دون حجة وبرهان مكين من أثر سلبي يصل بصاحبه إلى حد الضلال والانحراف، فالإنسان المؤمن اليوم مُطالبٌ بتحصيل اليقين والرصد والتحليل وتحديد الموقف تجاه ما يجري من حوله، ليخرج بنتيجة مرضية وصالحة ومنتجة يقيناً.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016