الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٣٢٠) الخروج من سجن الغيبة
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٣٢٠) الخروج من سجن الغيبة

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: السيد مرتضى المجتهدي السيستاني تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٦/٣٠ المشاهدات المشاهدات: ٤٠٥٨ التعليقات التعليقات: ٠

الخروج من سجن الغيبة

السيد مرتضى المجتهدي السيستاني

إنّ الاتجاه صوب العلوم الطبيعية والانبهار بها والتمرّغ على أعتاب القضايا المادية، تمنع الإنسان من درك الأمور المعنوية والإمدادات الغيبية، والتوجّه إلى الحقائق القيمة.
ولهذا السبب، فإنّ الشخص الذي ذهب وراء الأمور والقضايا الطبيعية و وقع في شباك القضايا المادية، سيضعف عنده الاعتقاد والتفكير بالمسائل المعنوية.
وعلى ما يبدو، فإنّ الكثير من الأشخاص ونتيجة تعاملهم واختلاطهم مع هكذا أُناس، فقد أصابتهم العدوى و وقعوا تحت تأثير تلك الأفكار والمعتقدات الخاطئة، والسبب هو ابتعاد هذه الشريحة عن حقائق عالم الوجود وعدم علمهم بالأمور المعنوية والإمدادت الغيبية العجيبة الموجودة لدى أهل البيت (عليهم السلام).
إذن؛ من المفروض عدم الانجراف وراء عالم ا لماديات، وذلك من أجل درك الحقائق وزيادة الإيمان والحصول على الأمور والقضايا المعنوية والإمدادات الغيبية، باعتبار الشخص الذي وضع على عينه نظارة الماديات، كيف له رؤية الكون وما به من عجائب على حقيقتها الواقعية؟
وهل يكون الشخص قادراً على أنْ يرى الألوان والأشياء على طبيعتها بعد أنْ وضع نظارة ملونة على عينيه؟ وهل يتمكن الإنسان الذي أحاط نفسه بسور حصين من الماديات الاطلاع على العالم الخارجي الذي يقع خلف ذلك السور؟ وهل أن الشخص الذي حبس نفسه في مكان مظلم يستطيع مشاهدة الأفراح والمسرات التي تقع في خارجه؟
إنّ مثل الناس الذين ولدوا في عصر الغيبة وعاشوا فيه وتأقلموا مع ظلمته وعتمته، مثل الذين حبسوا أنفسهم في مكان وعجزوا عن إيجاد منفذ للهروب؛ بل وإنّ هؤلاء أسوأ بمراتب عن الأشخاص الذي يتحملون عقوبة السجن؛ لأن السجين يعمل صباحاً ومساءً للخلاص منه والتفكير بالنجاة من قيوده.
ولكن للأسف نقول: إنّ الإنسانية في عصر الغيبة لم ترفع الحجب والغشاوة عن أبصارها وبصائره، فبقوا يعشون في مجهولات ما يدور وما يجري وراء زمانهم، لأنهم لم يتذوقوا المذاق الطيب لعصر الظهور، ولم يكن هناك شخص يخبرهم عن عظمته وحلاوته.
ولهذا تراهم قد انسجموا مع صعوبات وملائمات وظلمات عصر الغيبة، ولم يفكروا يوماً في الخروج من عنق الزجاجة والنجاة من معضلاته.
ومن الطبيعي أننا جميعاً سجناء في سجن الغيبة، نتيجة لغفلتنا عن عصر الظهور المشرق، وبقت هذه الحالة تتكرّر، إذن؛ فإن السجن الذي نحن فيه، هي غفلتنا التي لم نبرح لحظة واحد عن تركها.
ومهما يكن من أمر، فإنْ وقوع المجتمع في دائرة قيود الغيبة والغفلة، جاء بسبب نسيناهم وابتعادهم مسافات بعيدة عن القضايا المعنوية والروحية.
على العموم فإن الإنسانية لم تستفد في عصر الغيبة تلك الاستفادة المطلوبة من ناحية البعد المعنوي، ولكنها في عصر الظهور - الذي هو عصر التكامل الإنساني - ستصل إلى حالة التكامل في كلا البعدين المادي والمعنوي، وتستمر في مسيرتها الحياتية في فضاء عامر النور والعلم والمعرفة.
وفيه أيضاً تكون جميع القوى النظرية والعملية للإنسانية آنذاك ظاهرة؛ بحيث تكون أفكارها وأعمالها كلها مطابقة لمذهب أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، ولهذا سيكون وجودهم خيراً وصلاحاً.
إذن؛ على هذا الأساس فإنّ المشاعر والإدراكات الإنسانية ستكون خالية من كل الشوائب، وبالتالي لن توقعهم المكاشفات الشيطانية في حبائلها وشباكها.
فطوبى للأشخاص الذين يدركون ذلك الزمان وهم على بيّنة من أمرهم، ويطيعون أوامر الإمام صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)، كما كانوا يفعلون في زمان الغيبة.
وهذه حقيقة جاءت على لسان الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، حيث أنّ الروايات التي تبين وتوضح ملامح عصر الظهور، تحتوي على نقاط مهمة ودقيقة تعرّف الإنسان على أهم وظائفه في زمن الغيبة وترسم له منهاجاً علمي، وكذلك تبيّن حالة السرور والفرح التي تغمر أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
ينقل الإمام الصادق (عليه السلام) عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه، يتولى وليه ويتبرأ من عدوه، ويتولى الأئمة الهادية من قبله، أولئك رفقائي و ذو ودّي ومودتي، وأكرم أمتي عليّ.
وعلى هذا الأساس يجب أنْ يكون الدرك والفهم والمقدار المعرفي للإنسان، لحد يستطيع معه تشخيص محبي الإمام عن غيرهم الذين يدّعون محبتهم كذباً وبهتاناً، وعدم الانجراف وراء قطّاع الطرق واللصوص، على أنهم أتباعه وأنصاره (عجّل الله فرجه).
صحيح أنّ الرواية التي نقلناها تتعلق بزمن الظهور المشرق، ولكنها تبيّن أيضاً الكثير من الوظائف والبرامج العملية المهمة لعصر الغيبة، وللأسف نكرر قولنا فنقول: إنّ الكثير لم يعدّوها من التكاليف والوظائف الملقاة على عاتقهم، ولم يولوها أية أهمية تذكر.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016