الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٥٥٨) في رحاب ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٥٥٨) في رحاب ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: السيد علي محمد الحسيني الصدر تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٤/٠٥/٠٨ المشاهدات المشاهدات: ٤١١٥ التعليقات التعليقات: ٠

في رحاب ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)

السيد علي محمد الحسيني الصدر

حينما يظهر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من غيبته الحكيمة.
حينما تخرج الشمس الساطعة من وراء السحاب المجلل.
حينما يتجلى نور الله في أرضه وسمائه.
حينما يأتي بقية الله وخليفة رسول الله.
حينما يجيء صاحب العصر وناموس الدهر.
تكون تلك البشرى السارة إيذاناً بنهاية دور الغيبة, وبداية الدولة الحقّة التي بشر بها الأنبياء, ووعدتها كتب السماء.
ويكون ذلك الظهور المشرق إعلاناً لانتهاء الظلم والفساد, وانتشار العدل والرشاد.
ويكون قدومه المبارك إقامة لأسعد الحياة, وأزهى الحضارات, في خير الدنيا وفوز الأخرى.
فلنقتبس من أنوار معرفته, ونلقي الأضواء على ملامح من ظهوره, وقيامه, ودولته.
متى يظهر؟
اقتضت الحكمة الإلهية البارعة أن يكون وقت ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) مخفياً عند الناس كخفاء ليلة القدر.
ولم يوقته نفس أهل البيت (عليهم السلام), بل منعوا عن التوقيت.
ولذلك ورد في حديث منذر الجواز عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (كذب الموقتون, ما وقتنا فيما مضى, ولا نوقت فيما يستقيل).
ولعل من حكم ومصالح خفاء وقت ظهوره (عجّل الله فرجه) ما يلي:
الأول: إدراك فضيلة انتظار الفرج, الذي هو من أفضل الأعمال وأهم الخصال.
إذ لو كان وقت ظهوره المبارك مؤقتاً محدداً معلوماً, لكان الانتظار مبدلاً إلى اليأس في الملايين من المؤمنين الماضين والحاضرين, ممن لم يكونوا قريبي العصر من وقت الظهور.
فلم تحصل لهم حالة الانتظار, ولم يفوزوا بفضيلته التي نصت وحثت عليه الأحاديث المتظافرة مثل:
١- حديث أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال ذات يوم: ألا أخبركم لما لا يقبل الله عز وجل من العباد عملاُ إلا به؟ فقلت: بلى. فقال (عليه السلام): شهادة أن لا إله إلا الله, وأن محمداً عبده (ورسوله), والإقرار بما أمر الله, والولاية لنا (يعني الأئمة خاصة), والبراءة من أعدائنا والتسليم لهم, والورع, والاجتهاد, والطمأنينة, والانتظار للقائم (عليه السلام).
ثم قال (عليه السلام): من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق, وهو منتظر. فان مات وقام القائم بعده, كان له من الأجر مثل اجر من ادركه.
فجدوا وانتظروا, هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة.
٢- حديث أبي الجارود, عن الإمام الباقر (عليه السلام), قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): يا ابن رسول الله, هل تعرف مودتي لكم وانقطاعي إليكم وموالاتي إياكم؟
قال: فقال (عليه السلام): (نعم). قال:
قال: فإني أسالك مسألة تجيبني فيها, فإني مكفوف البصر, قليل المشي, ولا أستطيع زيارتكم كل حين.
قال (عليه السلام): (هات حاجتك).
قلت: أخبرني بدينك الذي تدين الله (عزَّ وجل) به أنت وأهل بيتك, لأدين الله (عزَّ وجل) به.
قال (عليه السلام): إن كنت أقصرت الخطبة فقد أعظمت المسألة. والله لأعطينك ديني ودين آبائي الذي ندين الله (عزَّ وجل) به.
شهادة أن لا إله إلا الله, وأن محمداً رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم), والإقرار بما جاء به من عند الله, والولاية لولينا, والبراءة من عدونا, والتسليم لأمرنا, وانتصار قائمنا, والاجتهاد والورع.
فنلاحظ ونعرف من خلال هذه الأحاديث الشريفة أنّ انتظار الفرج الإلهي من الأسس الدينية التي جعلها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أفضل أعمال أمته.
إذ به فاز الإسلام منذ بدئه, حينما لم يكن إلا هو (صلّى الله عليه وآله وسلم) وابن عمه (عليه السلام) وناصراه سيدنا أبو طالب, والسيدة خديجة.
وبه دام الإسلام ببركة جهاد وجهود أوصيائه وعترته.
وبه يظهر الإسلام على الدين كله والكون جميعه بظهور مصلحه وصاحبه.
فانتظار الفرج الحقيقي هي العدة والعدد والحفاظ, في قبال الصدمات والكوارث والمخططات, التي يريد بها الأعداء أن يطفئوا نور الله: ﴿وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
لذلك يحق أن يكون انتظار الفرج وعدم اليأس هو الأصل الأصيل لبقاء العقيدة الإسلامية الخالصة, المتجسدة في ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ودولته الحقة.
الثاني: التهيؤ لمقدمه الشريف, وإصلاح النفس لقدومه المبارك, فإن هذا الانتظار يسنح الفرصة المناسبة والوازع الأكيد لإصلاح النفس, وتزكية الروح, وقابلية الشخص, بل تحصيل درجات الفضل والكمال.
كما نلاحظه ونلمسه فيمن اتصف بها من المؤمنين المنتظرين الذي حازوا فائق الكرامات, ونالوا رائق المكرمات, من كبار العلماء والصالحين.
الثالث: حكمة الامتحان واختبار الخلق.
فإن مما تقتضيه الحكمة الإلهية, إتماماً للحجة وكشفا للمحجة, اختبار الناس ليتضح مدى تصديقهم وتسليمهم لظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الذي لم يعرفوا وقته, ولم يعلموا زمانه.
وكيف يكون ثباتهم وصبرهم على أمر لم يطلعوا على حيثيّة تحققه, فيمتحنون بذلك, وتتم عليهم الحجة هنالك.
قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَايُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾.
وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان.
وبالامتحان يتبين الحال وحقائق الرجال.
فالحكمة البالغة إذن تقتضي خفاء زمان ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وعدم توقيته, رعاية لهذه المصالح العامة, والدواعي التامة.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016