الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٧٥١) الرجعة عند الإمامية
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٧٥١) الرجعة عند الإمامية

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ محمد صنقور تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠٢١/٠٥/٢٩ المشاهدات المشاهدات: ٥٨٠١ التعليقات التعليقات: ١

الرجعة عند الإمامية

الشيخ محمد صنقور

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد....
المراد من الرجعة لغوياً هو العودة، وهي بحسب مدلولها الاصطلاحي الكلامي تعني عودة الحياة لبعض من ماتوا، فهو بعث ولكنه محدود في مقابل البعث التام والذي يقع في يوم القيامة.
والإمامية الاثنا عشرية يعتقدون تبعاً لبعض الآيات والكثير من الروايات أن الله (عزَّ وجل) يبعث بعض الأموات في آخر الزمان وبعد ظهور الإمام الحجة (عجّل الله فرجه)، وبذلك تكون الرجعة بهذا المعنى من أشراط الساعة.
وهذا الأمر وإن لم يكن من أصول الاعتقاد وإن غير المعتقد به لا يخرج من مذهب الإمامية، فهو وإن لم يكن كذلك إلّا أنه لا ريب في ثبوته كما أكدت ذلك الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) والتي تفوق مستوى التواتر الإجمالي.
نعم بعض التفاصيل الواردة في الروايات لم تثبت بطريق قطعي فهي آحاد لا يجب الاعتقاد بمضمونها، أما أصل الرجعة بمعناه الذي ذكرناه فهو ثابت بطريق قطعي. فقد أفاد العلاّمة المجلسي: إن الروايات التي يمكن التمسك بها لإثبات أصل الرجعة تقرب من مائتي رواية رواها ما ينيف على الثلاثين من الثقات العظام في أكثر من خمسين من مؤلفاتهم كالشيخ الكليني والصدوق وغيرهما.
ولكي يتحدد مفهوم الرجعة الذي تعتقد به الإمامية ننقل بعض ما أفاده الشيخ المفيد والسيد المرتضى علم الهدى (عليهما الرحمة).
أما ما أفاده الشيخ المفيد فهو قوله: إن الله تعالى يحشر قوماً من أمة محمد (صلى الله وعليه وآله) بعد موتهم قبل يوم القيامة، وهذا مذهبٌ يختص به آل محمد (صلوات الله عليه وعليهم)، والقرآن به شاهد.
وأما ما أفاده السيد المرتضى: اعلم إن الذي تذهب الشيعة الإمامية إليه أن الله تعالى يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي (عليه السلام) قوماً ممن كان قد تقدم موته من شيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم.
وبعد أن اتضح المراد من معنى الرجعة التي يؤمن بها الشيعة الإمامية نشير هنا بنحو الايجاز إلى الدليل عليها ومن أراد التفصيل فليراجع المطولات، والبحث عن ذلك يقع في مقامين:
الأول: في إمكان الرجعة وبعث بعض الأموات قبل يوم القيامة.
أقول: لا أعتقد أن أحداً من المسلمين ممن يعتقد بيوم القيامة يتمكن من إنكار القدرة الإلهية على بعث بعض الأموات قبل يوم البعث الأكبر، فالله (عزَّ وجل) هو محيي الموتى وهو على كل شيء قدير، فالإيمان بذلك يقتضي الإيمان بإمكانية الرجعة، والظاهر أن ذلك ليس محلاً للنزاع بين المسلمين.
عل أنه يمكن رفع الإستيحاش عن ذلك بواسطة ملاحظة ما أفاده القرآن الكريم والسنة الشريفة حيث ورد فيهما الحكاية عن بعث الله (عزَّ وجل) أقواماً بعد موتهم.
منها قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، هاتان الآيتان صريحتان في أن الله تعالى بعث أقواماً من بني إسرائيل بعد أن أماتهم.
و منها: قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، هذه الآية تحكي واقعة حدثت أيام نبي الله موسى (عليه السلام) حيث أن رجلاً قتل آخر فأمر الله موسى أن يأمر بني إسرائيل بذبح بقرة ثم ضرب الميت بأحد أعضائها، وعندها أحيا الله تعالى ذلك المقتول.
و منها: قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ﴾، وهذه الآية صريحة في أن الله تعالى أحيا هؤلاء الألوف بعد أن أماتهم.
ومنها: قوله تعالى: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ...﴾، وهذه الآية تحكي لنا بعث عزير بعد أن أماته الله مائة سنة، كل هذه الآيات توكد أنَّ بعث الأموات في الحياة الدنيا أمر ممكن، إذ لا شيء أدلُّ على الإمكان من الوقوع.
الثاني: في الأدلة على أنَّ الرجعة التي أوضحنا المراد منها ستقع قبل يوم القيامة:
الدليل على ذلك هو القرآن والسنة والشريفة:
أما القرآن فنكتفي بقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِـَٔايَتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾.
تقريب الاستدلال بالآية هو أنها أفادت أن الله سيبعث فوجاً ممن يكذب بآيات الله، وذلك لا يناسب يوم القيامة لأن ما هو ثابت بالضرورة أن الله (عزَّ وجل) سيبعث يوم القيامة كل الناس، قال الله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾، ويقول تعالى: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ﴾.
إذن البعث الذي يقع يوم القيامة هو البعث التام، وهذا ما يعبِّر عن أن الحشر الذي تشير إليه الآية المباركة هو ليس الحشر ليوم القيامة وهو ما يؤكد دعوانا في الرجعة.
وأما السُنة فيمكن أن نستدل بها من طريقين:
الطريق الأول: ما ورد في روايات كثيرة من طرق الشيعة والسنة أن كل ما وقع في الأمم السابقة سوف يقع في أمة محمد (صلى الله وعليه وآله)، ولأن إحياء الأموات قد وقع في الأمم السابقة – كما دلت على ذلك الآيات التي نقلنا بعضها - إذن لا بد أن يقع ذلك في أمة محمد (صلى الله وعليه وآله).
روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله وعليه وآله) قال: لا تقوم الساعة حتى تؤخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع، فقيل: كفارس والروم، قال: ومن الناس إلّا أولئك.
وروى البخاري أيضاً عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله وعليه وآله) قال: لتتبعُّن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا حجر ضبٍ لتبعتموه، قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟
وأما من طرقنا فقد وردت روايات بهذه المعنى كثيرة منها:
ما ورد في البحار أن المأمون العباسي سأل الإمام الرضا (عليه السلام) عن الرجعة فأجابه بقوله: إنها حق قد كانت في الأمم السابقة ونطق بها القرآن، وقد قال رسول الله (صلى الله وعليه وآله): يكون في هذه الأمّة كل ما كان في الأمم السابقة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.
الطريق الثاني: هو الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) والتي تفوق مستوى التواتر المعنوي والاجمالي حتى أنَّ المحدِّث الكبير الشيخ الحر العاملي أفاد أنَّ الروايات الواردة في الرجعة عن أهل البيت (عليهم السلام) أكثر من أن تعدُّ وتحصى.
منها: ما رويَّ عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنه قال: أيام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم، ويوم الكرة، ويوم القيامة.
ومنها: ما روي عن أبي بصير أنّه قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): ينكر أهل العراق الرجعة؟ قلت: نعم. قال: أما يقرأون القرآن ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً﴾.
ومنها: ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره بالإسناد عن حمّاد، عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: ما يقول الناس في هذه الآية ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً﴾؟ قلت: يقولون إنّها في القيامة. قال (عليه السلام): ليس كما يقولون، إنَّ ذلك في الرجعة، أيحشر الله في القيامة من كلِّ أمةٍ فوجاً ويدع الباقين؟ إنّما آية القيامة قوله: ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً﴾.
وهناك روايات كثيرة حول الرجعة وحتميّة وقوعها أعرضنا عن نقلها خشية الإطالة.
والحمد لله ربِّ العالمين

التقييم التقييم:
  ٢ / ٥.٠
 التعليقات
الدولة:
الإسم: حيدر
بريظانيه
النص: لكم جزيل الشكر على هذا المقال الجميل والمفيد في تعريف حركة الامام المهدي عح
تاريخ الإضافة: ٢٠١٥/١١/١٠ ١٠:٢٠ م
إجابة التعليق

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016