الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٧٦٠) المهدي (عجّل الله فرجه) بيان لإحسان الله تعالى المستديم الذي لا ينقطع
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٧٦٠) المهدي (عجّل الله فرجه) بيان لإحسان الله تعالى المستديم الذي لا ينقطع

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: محمد محسن العيد تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠٢١/٠٦/٠١ المشاهدات المشاهدات: ٥٣٤٧ التعليقات التعليقات: ٠

المهدي (عجّل الله فرجه) بيان لإحسان الله تعالى المستديم الذي لا ينقطع

محمد محسن العيد

كان الحجاج بن يوسف الثقفي، يدعي، أنه ضليع في علوم القرآن، وكان في مجالسه كثير التبجح بذلك، ولكنه كان يقول، لا زلت لم أفهم معنى قوله تعالى: ﴿وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً﴾ [النساء، ١٥٩]
فرد عليه أحد الجالسين قائلاً، أتعطيني الأمان وأهديك معناها؟ قال له الحجاج لك الأمان فهات ما عندك.
قال: إن أهل الكتاب (النصارى) سيؤمنون بالمسيح (عليه السلام) عند عودته للخروج مع المهدي (عجّل الله فرجه)، فإن الله سبحانه وتعالى يقول فيما تقدم هذه الآية: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً * بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ [النساء، ١٥٨]
وإنه (عليه السلام) بعد ظهوره يلتحق بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ويدعو النصارى للإيمان به فيؤمنون به على دين الله والإسلام.
وقد قال الحجاج - وكأنه ألفت إلى علم جم - أصبت حقاً ولكن من أين لك هذا.. قال إني علمته من محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال لقد أخذته من عينه.
وقد اعترض الغافلون على القول بتبعية عيسى النبي (عليه السلام) وهو من اولي العزم للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وهو ليس بنبي، ذلك لأنهم لم يلتفتوا إلى آيات من سورة الكهف تقص اتّباع موسى النبي (عليه السلام) وهو من أولي العزم كذلك إلى الخضر (عليه السلام) لأمر الله تعالى ومشيئته، فليلتفت الغافلون.
فكرة المهدي وحقيقة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه):
ابتدءاً فكرة المهدي المنتظر ليست ابتداع المسلمين فقط أو طائفة منهم بل إنها عقيدة كل الأديان السماوية، وحتى إن وجدت في غيرها فإنها أصلاً جاءت من الدين والدين عند الله تعالى واحد والخبر الذي يصل من الله تعالى إلى الأنبياء واحد، ثم إننا على مر تاريخ الإنسان على هذه الأرض لم نجد فكراً على الإطلاق رافق الإنسان كالفكر الديني، وإن كان للإنسان أن ينكر سلطان أية فكرة، فإنه لا يستطيع على الواقع أن ينكر سلطان فكر الدين على الناس ذلك لأن العقيدة فطرة الإنسان، تبرز من تكوينه وأصل خلقته. ولا تتلبس تماماً إلّا مع الدين باعتباره من خالق الإنسان والعالم بخلقته المستجيب لحاجته الحق والمجيب لتساؤلاته الصدق.
عقيدة الإيمان بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) تمثل تجسيداً لسنة كونية هي الإمامة - نشرت في العدد السابق تفاصيل علمية عن معاني السنة الكونية للإمامة - حيث الإمام في خلق الناس هو معنى الحسن في خلق الإنسان، ولا يمكن بحال من الأحوال فصل هذا المعنى الحسن عن إحسان الله تعالى المحفوظ في كتابه. وذلك ما يشير إليه قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في حديث الثقلين:
عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي، كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. [(السنة) لابن أبي عاصم، تخريج الألباني وصححه، ص٣٣٧، رقم الحديث ٧٥٤، ومسند احمد ٥/١٨٢، وصحيح الترمذي، كتاب المناقب ج٦٣٣، ص٣٧٨٨ والمستدرك، ج٣، ص١٤٨، وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، بمن فضائل علي بن أبي طالب، مروياً عن زيد بن أرقم بلفظ مختلف.]
وقد ورد الحديث مروياً من قبل خمسة وثلاثين صحابياً وتسعة عشر تابعياً. [راجع رواياتهم في (عبقات الأنوار)، ج١، وج٢]
وقد صححه كثير من العلماء منهم الطبري، الحاكم في المستدرك، الذهبي في تلخيص المستدرك، الهيثمي في مجمع الزوائد، ابن كثير في تفسيره، السيوطي في الجامع الصغير، المناوي، محمد بن إسحاق [راجع (حديث الثقلين) تواتره، فقهه، علي الحسيني الميلاني، (الصواعق المحرمة) لابن حجر، ج٢، ص٤٤٠، (سلسلة الأحاديث الصحيحة) ج٢، ص٣٥٥-٣٥٨، (سنن الدارمي) ج٢، ص٤٣١-٤٣٢]
ففكرة المهدي (عجّل الله فرجه) وعقيدته هي مصداق لمعاني السنة ومعاني قول النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلم) في الثقلين وعدم افتراقهما حتى يردا عليه الحوض، وإلّا فبدون الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كيف نتصور عدم الافتراق!!
لا يمكن بيان معاني السنن الكونية والسنن التكوينية بشكل واضح إلّا من خلال حقيقة وجود المهدي (عجّل الله فرجه)، بل لا يمكن فهمها.
سنة الطاعة:
مثلما تكون الطاعة صحيحة قائمة على الصدق في زمن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم)، باعتباره مصدرها ومشرعها المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وأن كل ما دونها بدعة وضلالة، كذلك لا تأتي الطاعة بتمام وكمال معناها إلّا مع وجود المعصوم الذي لا يصدر عنه الخطل والخطأ فأين هو؟!
سنة الرحمة:
قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء، ١٠٧]
إذا كانت رحمة الله تعالى متصلة وغير منقطعة، فقد أرسل سبحانه الرسل تترا رحمة للعالمين منذ آدم (عليه السلام) حتى الختم بمحمد(صلّى الله عليه وآله وسلم)، فهل انقطعت الرحمة المتجسدة بإرسال الرسل بموت الحبيب (صلّى الله عليه وآله وسلم) في خيار الله تعالى لعباده!!
إن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو الرحمة المتجسدة لامتداد الرسل، وهو (عجّل الله فرجه) كالشمس ينتفع بها وإن حجبتها السحب، فإن عملية التركيب الضوئي التي هي أساس الحياة على الأرض والتي بدونها لا حياة، إنما مصدرها الشمس، وهي تجري لمجرد وجود الشمس وإن حجبها السحاب، وكذا الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فإن مجرد وجوده وإن احتجب رحمة للعالمين وهداية للخلق.
الحق والعدل:
الحق، هو الصدق الثابت المنقول عن الواقع، والعدل هو تجسيد الحق في الواقع أيضاً، وإن الحق معرفة تحتاج إلى رفع القصور عن العقل البشري لتدرك، والعدل فعل يحتاج إلى معرفة الحق ومعرفة في تجسيده في الواقع.
قال تعالى في ذلك:
﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف، ١٨١]
﴿وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف، ١٥٩]
فالحق علم والعدل عمل بالحق، وهذا لا يتوفر لكل من كان مع القصورات الذاتية والحيوية والعقلية التي تشمل تكوين الخلقة الإنسانية إلّا أن الإمام (عجّل الله فرجه) له مهمة ربانية ومنصب عقائدي مؤثر، مصمم بمشيئة الله تعالى لكل زمان ومكان مهمته الهداية بالحق والعدل به وتجسيده.
فالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو من سلالة اختارها الله تعالى واصطفاها لمشيئته: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [آل عمران، ٣٣]
وروي عن النبي المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلم) في ذلك بأكثر من (٣٠٠) حديث أشارت إليها كتب الصحاح في مواضعها.
القيامة والآخرة:
ينتقل الإنسان من عالم إلى عالم آخر في خلق من بعد خلق باتجاه الكمال والاستقرار والخلود في معاني وجوده، ابتداءً من عالم الذر إلى عالم الأصلاب حينماً ثم إلى عالم الأرحام جنيناً ثم إلى عالم الأرض إنساناً، ثم إلى عالم الموت جنازة ثم إلى عالم البرزخ في القبر ثم إلى عالم النشور والحشر والقيامة والحساب ثم إلى عالم الجزاء أما ثواباً في الجنة أو عقاباً في النار.
ذلك هو الانتقال حتم مقضي على كل آدمي لابد منه وان مسيرة الآدمي في تلك النقلات إلى حيث الثواب كما يرغب فيه كل ذي لب، لا يتم إلّا من خلال نموذج أحسن للكمال، لأن السير في لجج الظلمات ولمام النفاق ومجامع الشرك لا يوصل إلّا للعقاب، فأين هو النموذج الأحسن للكمال الإنساني الأجدر بالإتباع للفوز بثواب الله الحتمي؟! وهل هو إلّا الإمام المهدي المعصوم!!
إن عدم الإيمان بالإمام المعصوم قيّماً وهادياً يعني الضياع لأنه يعني عدم الاكتراث بمعاني القيامة وما يسبقها وما يعقبها، وإن صدق الإيمان بالمهدي (عجّل الله فرجه) ومعاني وجوده وقيامه على الأمر في هذا الزمان يحيي سنة القيامة ومعانيها في النفوس.
سنة البلاء:
كل شيء مبتلى ومبتلى به، وكل لحظة من الزمن في عمر الإنسان هي حيز بلاء لابد منه، والصبر هو التزام الدين في حسن البلاء وسوؤه، أما صبراً على الطاعة في جنب الله تعالى، أو صبراً عن المعصية لأمر الله تعالى.
والناس يختلفون في رؤية البلاء بما عندهم من دين، ثم أن نسبية المصائب عندهم هي التي ترفع الإنسان وتخفضه عند الله تعالى.
وقد ذكر ذلك في مقالة سابقة من هذه المجلة ضمن معاني البلاء كسنة لتجلي الحسن الرباني [العدد ٤٧، ص١٢١]، والآن جاء بيان معاني بلاء المهدي (عجّل الله فرجه) في غيبته للأمة وبلاء الأمة به.
والله سبحانه وتعالى يمنح عبده ثواباً عظيماً لا حدود له بما يصبر على بلائه، ومن هنا لننظر مقدار الحسن والرحمة في بلاء المهدي (عجّل الله فرجه) والأمة.
فلابد للإنسان ذي الدين أن يكون في موقع هم وغم من أمر الأمة وما صارت إليه من تفتت وضياع، وتسلط الصهاينة على مقدساتهم، وكل مظاهر الظلم والجور والفساد التي لا تليق بمعاني الإسلام العظيم، منتظراً لفرج الإمام (عجّل الله فرجه)، حتى تكون العقيدة الإسلامية، هي مفتاح كل فكرة يحملها في حياته ولا بلاء له سوى دينه، فقد روى الصيرفي قال:
دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وإبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، فرأيناه جالساً على التراب وعليه مسح، - والمسح، الكساء من الشعر - خيبري مطوق بلا جيب مقصّر الكمين وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ذات الكبد الحرى، قد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغيير في عارضيه وابلى الدمع محجريه وهو يقول:
سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجايع الأبد وفقد الواحد بعد الواحد، يفني الجمع والعدد، فما أحس بدمعة ترقى من عيني وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا إلّا مثل بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها بواقي أشدها وأنكرها ونوائب مخلوطة بغضبك ونوازل معجونة بسخطك. قال الصيرفي: فاستطارت عقولنا ولهاً وتصدعت قلوبنا جزعاً من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل، وظننا انه سمت لمكروهة قارعة أو حلت به من الدهر بائقة فقلنا: لا أبكى الله يا ابن خير الورى عينيك، من أية حادثة تستنزف دمعتك وتستمطر عبرتك؟ وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم؟
قال: فزفر الإمام الصادق (عليه السلام) زفرة انفتح منها جوفه واشتد عنها خوفه وقال ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله به محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من بعده، وتأملت منه مولد قائمنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم التي قال الله (تقدس ذكره): ﴿وَكُلّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾ يعني الولاية فأخذتني الرقة واستولت علي الأحزان. [كمال الدين: ص٣٥٤]
من خلال هذه القصة نجد أن بلوى الغيبة بلوى عظيمة، وبذلك يصبح لانتظار الفرج معاني الثبات والصبر على الإيمان ومعاني العمل والاستعداد لاستقبال الثائر المصلح العظيم المنتظر في إعداد النفس والمجتمع والأمة، وبذلك يكون أحب الأعمال إلى الله تعالى انتظار الفرج.
قال الإمام (عليه السلام): أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج. [كمال الدين: بما اخبر به النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ص٢٨٧]
وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج من الله (عزَّ وجل). [كمال الدين، بما روي في ثواب المنتظر للفرج، ص٦٤٤]
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً: المنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله. [كمال الدين، بالمنتظر للفرج، ص٦٤٥]
إن انتظار الفرج في حقيقته هو عبادة الصبر، الذي هو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد وهو صك اجتياز البلاء بنجاح إلى حيث رضا الله تعالى.
سنة الإمامة:
كيف تبدو هذه السنة في الإنسان؟ وكيف تبرز؟ ومتى تصح؟
إن السعي للإمامة والسيادة سنة تكوينية في خلق كل آدمي، تبرز واضحة في طلب السيادة لنفسه ومجتمعه ووطنه، وفي سعيه للانقياد نحو الأحسن منه ولذا فالإمامة لا تصح إلّا مع الإمام المعصوم المختار من قبل الله تعالى الذي يمثل امتداداً لمعاني رسالة الرسول في الناس وبكل معاني الحسن الرباني، وهذا المعنى لا يتحقق الآن إلّا مع المهدي (عجّل الله فرجه) وفيه.
ولذا فإن حرباً تشن ضد أئمة الحق (عليهم السلام) منذ استلاب موقع الإمامة في الدين من قبل أشخاص غير مؤهلين لها، بل بالخصوص عند وقوعها في بني أمية، فصاروا مصداقاً لقوله تعالى: ﴿أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ...﴾ نعم منذ استلام بني أمية مواقع الإمامة في الناس بدأ سب الإمام علي (عليه السلام) على مدى ستين سنة وعلى عشرات الآلاف من المنابر وفي مساجدهم ومع صلاتهم، ومن ذلك الحين إلى الآن تشن الأباطيل والأقاويل ضد معاني وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وقد ورد على لسان أئمة الحق (عليهم السلام) بيان هذا الوضع:
روى الكليني عن زرارة انه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن للغلام غيبة قبل أن يقوم، قال: قلت؟ ولم؟ قال يخاف. وأومأ بيده إلى بطنه ثم قال: يا زرارة وهو المنتظر وهو الذي يُشك في ولادته، منهم من يقول مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول حمل، ومنهم من يقول انه ولد قبل موت أبيه بسنتين، وهو المنتظر غير أن الله (عزَّ وجل) يجب أن يمتحن الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة، قال: قلت: جعلت فداك، إذا أدركت ذلك الزمان فأي شيء أعمل؟ قال: يا زرارة إذا أدركت ذلك الزمان فادع بهذا الدعاء:
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعلمني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ظللت عن ديني. [جمال الأسبوع، ص٥٢٠، وغيبة الطوسي، ص٣٣٣]
وعن عبد الله بن سنان انه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ستصيبكم شبهة فتبقون بلا عَلَمٍ يرى، ولا إمام هدى، ولا ينجو منها إلّا من دعا بدعاء الغريق، قلت: كيف دعاء الغريق؟ قال: تقول: يا الله يا رحمن يا رحيم، يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك. [أعلام الورى، ص٤٣٢، ومنتخب الأنوار المضيئة، ص٨٠]
إن مجرد الإيمان بمعاني إمامة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) للعصر، وترقبه وانتظار الفرج على يديه، إنما يضع النفس على مسار سنتها التكوينية الصحيحة في طلب السيادة كما أن تأمل وتوقع الإمامة في مضانها الصادقة إنما هو طاعة ورحمة وعدل وحق مع صبرٍ على كل هذه المعاني.
التوحيد:
الناس كلهم موحدون بالفطرة طبقاً للخطاب التكويني الرباني في أصل الخلقة الإنسانية، إذ يقول تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف، ١٧٢]
حتى كلمة الكفر تتضمن معاني الإيمان، لأن الكفر معناه إخفاء بواعث الفطرة من الإيمان، والشرك هو جعل شريك لمعاني الوحدانية والربوبية فهم يقولون عن الأصنام: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر، ٣]
ولذا جاء وصف الشرك بأنه ظلم عظيم: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان، ٥]
إن التوحيد هو صفاء الفطرة في النفس وسلامتها، ليبدو ميثاقها مع خالقها، وإلّا فإن انحراف الفطرة وسقمها بأمراض المعصية والفساد يبدي الشرك ولذا قال تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ﴾ [يوسف، ١٠٦]
وهذا كله يعني أن خلوص التوحيد لله تعالى لا يبرز إلّا من خلال تطابق كامل سعي الإنسان بسننه التكوينية في الطاعة والرحمة والحق والعدل والإمامة والصبر على التزام الكتاب والعترة (عليهم السلام) معاً مع السنن الكونية في تلك المعاني.
فلا توحيد خالص مع المعصية ولا توجه خالص مع القسوة والبغض ولا توحيد خالص مع الظلم والباطل ولا توحيد خالص مع عدم الصبر على البلاء ولا توحيد خالص مع الإمامة الظالمة ولا توحيد خالص مع عدم التسمك بالثقلين أو مع التفريق بينهما.
ولذا فإن إنكار الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، هو خلل في معاني التوحيد الخالص لله تعالى، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، هو سيد الموحدين بتمام طاعته لله تعالى مع كونه رحمة للعالمين يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، يجسد صدق الإمامة وعظيم البلاء، ويبسط مشيئة الله تعالى فهو مضمون الحسن وبيان الكتاب.
الدعوة للأحسن:
حدد النبي الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلم)، أصول الاستقامة وعدم الضلال من خلال امره العظيم بالتمسك بالثقلين اللذين لا يفترقان حتى يردا عليه الحوض، وهما كتاب الله العظيم وعترته الأطهار (عليهم السلام) - وقد مر معنا الحديث -.
إن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) تجسيد واقعي حي لعدم الافتراق هذا بمعاني وجوده وإن كان غائباً وبمعاني عصمته، فلا يصدر عنه الظلم والقبح، إذ هو تجسيد واقعي لمعاني كتاب الله (جلّ وعلا).
ولا يستطيع أحد على وجه الأرض أن يضع بديلاً لمعاني الدعوة للأحسن كسنة كونية تمضي في كل مفردات الوجود، إلّا الإمام المهدي المعصوم المنتظر (عجّل الله فرجه)، ولا يستطيع أحد يدعي الإيمان أن يعطي تفسيراً مجسداً وواقعياً لمعاني أقواله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا﴾ [الإسراء، ١٥]
﴿وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر، ٤]
﴿سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا...﴾ [تبارك، ٨-٩]
﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد، ٧]
إذن أين النذير في الأمم قديمها وحديثها بعد الختم بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلم)؟
وأين الهادي بمعناه الحجة الرباني بعد المنذر (عجّل الله فرجه)؟
فالأرض في كل صقع من أصقاعها وفي كل زمن من دهورها لا تخلو من حجة لله على الناس، وحجة الله تعالى على الخلق إنما يغدو حجة بسلطان من الله سبحانه وتعالى وطهارة في ذاته، وإلا فانه لن يرقى لمعاني النذير والهادي الرباني.
ومما تقدم نجد أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو موضع الإجابة لكل ما تقدم من الأسئلة.
الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) تجسيد لمعاني الحسن الرباني:
الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو وريث الأنبياء في مهامهم، وهو (عجّل الله فرجه) كمال التجسيد لسنن الله تعالى الحسنة في الخلق، طاعة ورحمة وحقاً وعدلاً وصبراً على البلاء ويقيناً وتوحيداً ودعوة صادقة لله تعالى، كلها متداخلة في شخصه الشريف وبلا تكلف أو تصنع.
به ومنه (عجّل الله فرجه) تعرف الطاعة لله تعالى وهو مصدر الرحمة وشيوع الألفة والمحبة وعلى يديه يتحقق العدل والقسط ويملأ الأرض بهما ويمحق الظلم والجور وأهلهما وتصلح به (عجّل الله فرجه) البلاد وأحوال العباد، وإن ثورته تستهدف القضاء على الشرك والظلم والجهل، ذلك الثالوث المقيت الذي هو علة آثام الناس كلها، وإن بمقدار تحرّر الإنسان من مؤسسات الشرك والظلم، وتنور قلبه بنور علم آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) يكون قد امتلك حريته وسيادته ومارس رسالته التي خلقه الله تعالى لها على سطح هذا الكوكب.
دولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) العالمية:
إنها وعد الله تعالى، والله تعالى لا يخلف وعده، قال الإمام علي (عليه السلام) في الجزء الثالث من نهج البلاغة: لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها. ثم تلا الآية: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القصص، ٥-٦]
ويقول ابن أبي الحديد في هذا: إن أصحابنا يقولون أنه وعد بإمام يملك الأرض ويستولي على الممالك. [الإمام المهدي (عليه السلام) من المهد إلى الظهور، محمد كاظم القزويني]
وقال الإمام الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾، إن ذلك وعد الله للمؤمنين بأنهم يرثون جميع الأرض.
وهو أيضاً وعد رسوله للمؤمنين، عن ابن عباس عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي لإثنا عشر، أولهم، أخي وآخرهم ولدي، قيل يا رسول الله من أخوك؟ فقال علي بن أبي طالب، قيل ومن ولدك؟ قال المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً والذي بعثني بالحق بشيراً لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنور ربها ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب. [فرائد السمطين، للجويني، ج٢]
إذن فهي دولة لأمر الله ومشيئته، ومثلما نؤمن بأن مشيئة الله تعالى نافذة حتماً، فإننا نؤمن أن مشيئته تعالى محض حسن وخير، ولذا يبدو هذا البيان في غاية الجمال وهو يوضح لنا كيفية سيطرة الإمام (عجّل الله فرجه) على الأرض، فإن بداية عيسى (عليه السلام) بالصلاة خلف المهدي يدعو لاجتماع الأديان في دين واحد ولحيازة ولاء النصارى في الدول الغربية لدولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وبما هو عليه (عجّل الله فرجه) من نصر الله وتأييده في تجسيد الحق عدلاً وقسطاً يملأ الأرض من بعد جور وظلم، إنما يزيد الالتصاق بسلطانه والالتفاف حول دولته دون غيره من الظلمة والمفسدين، أنه (عجّل الله فرجه) يمثل معاني الحسن متجسدة بما يأتي به من مضمون مشيئة الله تعالى وبهذا، فهو مصدر جاذبية مسرة ومبهجة لكل أبناء عصره، والحقيقة أن العلم برب واحد خالق للكون والناس وجوهر واحد للكيان الإنساني له حقوق واحدة وعليه واجبات متماثلة، واجتماع الكل على بغض الظلم ومقت القبح وطلب العلم وإفشاء المحبة والسلام ونبذ السوء بكل إشكاله، وتوحد المصالح فيما أراد الله تعالى بالبشر، كل هذا يبرز من خلال قيادة المهدي (عجّل الله فرجه) لدولة العدل الإلهي، فالأرض تصبح موطنا لكل إنسان، يقول الإمام الصادق (عليه السلام): إن القائم منا منصور بالرعب مؤيد بالنصر تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز، إن المؤمن في زمانه (عجّل الله فرجه) وهو بالمشرق يرى أخاه الذي في المغرب وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق. [الإمام المهدي من المهد إلى الظهور، السيد محمد كاظم القزويني]
أنه (عجّل الله فرجه) يمتلك كل المفاتيح من ربه: النصر والتأييد والمدد الروحي والمادي، تظهر له كنوز الأرض ويتبعه عيسى (عليه السلام) الذي يدين له الغرب كله مع ممانعة الحكومات هناك في بداية الأمر.
وهناك عوامل حاسمة في قيام دولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الإلهية على الأرض.
إن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لا يظهر إلّا إذا برز في الأرض الظلم والجور، ومعاني الظلم والجور في بيانهما وبروزهما مطلبان، أولهما وجود النفوس العالمة بمواضع الظلم والجور وثانيهما أن تكون تلك النفوس متعطشة للخلاص مستعدة للتلبس بالدعوة الصادقة والثورة الموجهة والعقل التغييري الموجه لتحطيم قوى الظلم والجور وإفشاء العدل والقسط.
وجدير بالإشارة إلى أن التفاوت والنسبية في معاني الظلم والجور يكون بمقدار الإحساس بهما، وبمقدار الصحة في تشخيص مواقعهما وعلل بروزهما.
ففي مثل طريف على ذلك، قال أحدهم لصديقه وهو يناوله لفافة تبغ، أحسنت وقال ثالث يراقبهما للمستحسن وهو يعلم أن الطبيب حذره من التدخين، كيف تصفه بالإحسان وهو يقدم لك سماً؟!
المهم، أن وضوح الظلم والجور وبيانهما وتشخيص مواقعهما بدقة ووجود الثلة المهدوية المتعطشة للتلبس بسنن الله تعالى الحسنة فيما يوجه به المعصوم من مضامينها، يضمن الصدق في القضاء على الظلم والجور في الأرض.
إن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يمتلك السلطان كله بما هو العلم والقوة بتأييد الله تعالى وتسديده، بما لا يبقى معه قصور أو خطل في فعل أو توجيه، مع ما عنده من ثلة متلبسة بالحق والصدق متعطشة لمضاء مشيئة الله تعالى.
إن الزيغ يولد زيغاً، وإن القسوة تولد قسوة، وان لكل معصية وزراً، وان كل مفسدة إنما تخرج صاحبها من جنته، أما الطاعة لله تعالى حقاً وبقصد القربى إليه خالصة، إنما تولد حسناً جذاباً، وإن الرحمة لتشيع المحبة، وإن الصلاح ليولد في الأرض الخصب ويستدر من السماء بركاتها، وإننا برضا الله تعالى عنا نصيب كنوز الأرض وظلل السماء باللطف.
وإن قيام دولة المعصوم، بالطاعة لله تعالى وبالرحمة بالناس وتحريرهم من استغلال بعضهم لبعض، وقطع دابر الظلم وقيام العدل، يعني إننا بإزاء حالة للأرض وأهلها لا نستطيع وصفها.
عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): أبشروا بالمهدي.. ويقسم المال صحاحاً بالسوية ويملأ قلوب أمة محمد غنى ويسعهم عدالة حتى أنه يأمر منادياً ينادي من له حاجة الي، وتكثر الماشية وتعظم الأمة، وتزيد المياه في دولته وتمتد الأنهار وتضاعف الأرض أكلها. [الإمام المهدي (عليه السلام) من المهد إلى الظهور، السيد محمد كاظم القزويني]
وعن الأمان في دولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، يقول الإمام الباقر(عليه السلام): وتخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب لا يؤذيها أحد.
الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يأتي بأمر جديد:
ينكشف إزاء حقيقة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وصدقه زيف المفاهيم التي تدعي الصدق والحق في كل مجالات الحياة، لأن بروز الحق قوياً واضحاً جلياً يقضي على مبررات الخلاف بين الأحزاب والدول، فالإنسان كيان واحد وفطرته واحدة وأهدافه السامية واحدة وأنماط تعلمه واحدة ورسالته واحدة، وإن كل كوارث الإنسانية ومصائبها من باطل اللمة ولمة الباطل، حتى الحق الذي يرفعونه شعاراً لا يراد به الحق، بل الحق الذي يراد به الباطل كما يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف شعارات القوم.
فإذا برز الحق قوياً واضحاً جلياً، وجاء الذين يحسنون تجسيده عدلاً ينظر ويلمس في الواقع من قبل إتباع الإمام وتلاميذه، عندها يحس الناس بالجمال، بل ويتأسفون للضياع الذي خسروا أعمارهم فيه في لمة الباطل والظلم تحت سلطة الشرك وديجور الجهل، وهم يرون وقت الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) مجتمعاً تسوده الحرية والقناعة والصدق والأمان والتوحيد بمعانيه المبهجة الجميلة المسرة، ويرون قيادة محبة رحيمة ودودة عادلة تطال الباطل أين ما كان وأنى كان وتسحق الظلم والظلمة وتحيي البلاد والعباد بالعدل والقسط والرحمة والمحبة وكل معاني الحسن الرباني.
أمام هذا الواقع الرباني المبهج الجذاب الجميل الصادق تختفي كل أيديولوجيات الخطل والكذب والنفاق والشرك والظلم، ويتقدم أصحاب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إلى كل الأصقاع وهي منقادة إليهم انقياد محبة وإذعان واعتراف بالجميل.
وليس من الثابت تماماً كم سيدوم حكم دولة الإمام (عجّل الله فرجه) العالمية وهل يستمر؟
إن الله سبحانه وتعالى إنما يرسل الرسل وينزل الكتب ويقيم المعجزات رحمة منه ولطفاً، بل حتى خلق الخلق أصلاً، ليس لحاجة منه سبحانه وتعالى إليهم، إنما تفضلاً، وإحساناً فلطف الله وإحسانه سنة في أصل الخلق وبقائه ودوامه واستمراره، وإن قيام دولة المهدي (عجّل الله فرجه) الربانية، كمثال لدولة الله (جلَّ وعلا) في اللطف والحسن والرحمة تجسيداً لمضامين مشيئة الله تعالى، وهي في كل الأحوال حجة كحجج الرسل (عليهم السلام) والكتب والمعجزات على الناس، فإن شاءوا أطاعوا وان شاءوا عصوا.
إن بلوغ الإنسان غايته في الاستقرار وتوفر الوقت والجهد والمال والسلطان والجاه لديه يضعه في قمة البلاء وغايته، ويبقى الإنسان ابن آدم...وآدم في الجنة ماذا صنع؟!
يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.

التقييم التقييم:
  ٢ / ٥.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016