ما هي علاقة نهر كربلاء بروايات ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وقيام دولته العادلة؟
الشيخ عقيل الحمداني
أُشير إلى نهر كربلاء أو نهري كربلاء في كتب التاريخ ومعاجم البلدان وكتب الجغرافيا وبالأخص في المرحلة الزمنية التي تؤرخ لنزول الإمام الحسين (عليه السلام) في أرض كربلاء ثائراً على حكم أبناء الطلقاء في أكبر معركة قيمية شهدتها الكرة الأرضية وأكثرها دموية .
فقد روي في كنز العمال عن محمد بن عمرو بن حسين قال (كنا مع الحسين (عليه السلام) بنهر كربلاء، فنظر إلى شمر ذي الجوشن، فقال: صدق الله ورسوله!. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كأني أنظر إلى كلب أبقع يلغ في دماء أهل بيتي! وكان شمر أبرص.
وقد ورد في النصوص الإشارة أيضاً إلى نهري كربلاء، فقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد والطبراني عن أبي هرثمة قال: كنت مع علي [عليه السلام] بنهري كربلاء فمر بشجرة تحتها بعر غزلان فأخذ منه قبضة فشمها ثم قال (يحشر من هذا الظهر سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب.
جاء ذكر النهرين في الكامل في التاريخ بالقول: تحرّك بسواد الكوفة قوم يعرفون بالقرامطة، وكان ابتداء أمرهم فيما ذكر أنّ رجلاً منهم قدم من ناحية خوزستان إلى سواد الكوفة بموضع يقال له النهرين يظهر الزهد والتقشف.(١)
والنهران اللّذان تقدّم ذكرهما عند المؤرخين العرب هما: العلقمي ونهر نينوى. يقول الباحث عدنان المسعودي في كتابه أضواء على تاريخ كربلاء: وهذان النهران يتفرعان عن الفرات فإمّا نهر العلقمي فإنّه يتفرع عن الفرات شمال جرف الصخر المعاصرة ثمّ يتجه جنوباً فيغذي هور حسين شمال المسيّب وغربها ومنه يبرق غرباً باتجاه مقاطعة الوند في ناحية الحسينية، فيدخلها شمالاً ثمّ ينحدر شمال مرقد إمام عون بموازاة الشارع العام. كربلاء – المسيّب، ثمّ ينعطف باتجاه كربلاء قرب شريعة الإمام الصادق (عليه السلام). وبعد أن يسير جنوباً يلتقي في نقطة عند مقاطعة الفريحة الجنوبية نهر نينوى فيسيران بمجرى واحد حتى الكوفة. في حين ينبع نهر نينوى من عمود نهر سورا الذي يسقي الحلة بعد أن يتفرع عن الفرات جنوب جرف الصخر فمنبعهُ جنوب نهر العلقمي، ويسير باتجاه جنوبي غربي ويقع صدر مجراه الآن جنوب نهر الحسينية الحديث وبموازاة معه حتى عرقوب نينوى، حيث يبرق جنوباً باتجاه جنوبي غربي فيغذي هور إمام – نوح، ويخترق هور اللّايح ثمّ هور السيب الأعلى ويلتقي بنهر العلقمي في مقاطعة الفريحة الجنوبية.
ونقرأ في علامات قيام الدولة العالمية التي يؤسسها الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) حديثا عن الترابط ما بين قيام الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وعن الازدهار العمراني في عاصمة الإمام الكوفة وجارتها كربلاء المقدسة، يقول الإمام الصادق (عليه السلام): إذا قام قائم آل محمد (صلوات اللّه عليهم)... اتّصلت بيوت الكوفة بنهر كربلاء. (٢)
وهذا ما نشاهده في اقتراب البناء والعمران على طريق كربلاء - النجف اليوم وامتداد رقعة السكن حتى وصلت إلى مشارف مدينة كربلاء وهذه من العلامات الغير محتومة التي تشير إلى قرب الدولة العالمية وعند قيام المهدي (عجّل الله فرجه) ستكتمل رقعة البناء السكاني ويزدهر العمران كثير بين عاصمة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وجارتها كربلاء ولا نستبعد أن تكون كربلاء المقدسة جزء من عاصمة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إدارياً.
وفي حديث آخر عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) يقول فيه: فيخرج إلى الغري فيخط مسجداً له ألف باب يسع الناس عليه أصيص. ويبعث فيحفر من خلف قبر الحسين (عليه السلام) لهم نهراً يجري إلى الغريين، حتى ينبذ في النجف، ويعمل على فوهته قناطر وارحاء على السبيل. وكأني بالعجوز وعلى رأسها مكتل فيه بر حتى تطحنه بكربلاء.
والنص يشير إلى التطور الاروائي في زمن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وكيف أنه يحفر نهراً من خلف مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) بكربلاء النور ويصب هذا النهر قرب حرم الإمام علي (عليه السلام) حيث الغريين، لكي يخلص مدينة النجف العاصمة من ما يلّم بها من آثار قلة الماء وشحة الموارد المائية التي تؤثر على السكان وعلى الواقع الزراعي في العاصمة يومها.
الهوامش:
(١) يُنْظَر: الكامل في التاريخ: ٦ / ٤٦١
(٢) أعلام الوری: ٢/ ٢٨٧ الفصل الثالث. وفي نص الارشاد للشيخ المفيد :(اتَّصلَتْ بُيوتُ أهل الكوفةِ بنَهْرَيْ كربلاء).