رجل يفكر بالمسير وآخر يفكر بالتفجير
سامي جواد كاظم
عدة نقاط للانطلاق، ونقطة واحدة للالتقاء، وللمنطلقين غايتان إحداهما الوصول إلى نقطة الانطلاق لإحياء شعيرة إسلامية ما.
وأخرى تكون نقطة الإلتقاء وهي تفجير جسد عفن لمنع الآخر من تحقيق غايته.
رجال.. نساء.. شباب.. أطفال.. عجزة يجمعهم حب الإمام الحسين (عليه السلام) والإيمان بالإمام الحجة (عجّل الله فرجه)، يأملون ظهوره لإنقاذ البشرية مما هي فيه من الباطل، ومجموعة أخرى تفكر كيف تمنع هؤلاء من الوصول إلى كربلاء المقدسة لا لشيء إلا لأنهم يحبون الإمام الحسين (عليه السلام) ويؤمنون بوجود ولده القائم (عجّل الله فرجه).
ولو تأملنا سبب البغض هذا -وأنه بلا شك يرجع إلى بغضهم للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)- فإننا سنصل إلى نتيجة مفادها أن هؤلاء الحاقدين يكشفون عن وجوههم الكالحة ويدينون أنفسهم والأجندة التي تمولهم وتسخرهم لهكذا أعمال بأنهم ظلمة الأرض الذين سيقضي عليهم الإمام (عجّل الله فرجه) ليملأ الأرض عدلاً وقسطا.
نقول ويقولون أيضا أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) سيخرج في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد ما ملئت ظلماً وجورا، والذي يملؤها ظلماً وجوراً هم الطواغيت ومستبدو العصر، فلو كنت أؤمن بهذا وأنت أيضاً تؤمن بهذا، فالذي لا يؤمن به ويحارب من يؤمن به، ألا يعدّ من جنود الطواغيت الذين يعلمون مصيرهم إذا ظهر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)؟
إذا شعار الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو القضاء على الطواغيت، وهو شعار علني وقد صرح به كل الأئمة (عليهم السلام)، فكيف بطواغيت بني أمية وبني العباس عندما اغتالوا وسجنوا الأئمة (عليهم السلام) خوفاً على عروشهم؟ فهل من المعقول أنهم سيتركون ولدهم -أي الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)- من غير مقاومة، وشعاره علنا هو القضاء عليهم؟ بل العدة حاضرة والتأهب في أوجه وكل الأساليب غير الشرعية مسموحة لديهم لقتل كل من يؤمن بفكرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
إن هذا الفكر المعادي وهو الفكر الوهابي لو آمن بالعدالة فهذا يلزمه الحثّ على استعجال ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) والدفاع عن فكرة المهدوية ومن يؤمن بها، ولكننا نرى العكس من ذلك فإنهم يحاربون الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من خلال النيل من الذين يؤمنون به (عجّل الله فرجه)، ويجندون فضائياتهم لبثّ سمومهم وشتائمهم وكيل سبابهم إلى من يؤمن بإنقاذ البشرية من الطواغيت.
وإن الخلاف الذي بيننا هو هل انه (عجّل الله فرجه) مولود أم سيولد؟ لا يستوجب العداوة والبغض والنيل من الآخر، فإن الصبح قريب وستنجلي الغمامة عن الحقيقة التي لا يراها فاقدو البصر والبصيرة.
إن الذي خالف وحارب وسلب حق الإمام علي (عليه السلام) هو نفسه صاحب المنهج الذي قتل الإمام الحسين (عليه السلام)، وهو نفسه الذي سجن الإمام الكاظم (عليه السلام)، ونفسه الذي جعل الإمامين العسكرين (عليهما السلام) تحت الإقامة الجبرية ومن ثم اغتالهما، وهو نفسه من يحارب فكرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ويقتل أتباعه اليوم.
إن من يسيرون اليوم على الأرض متجهين إلى كربلاء المقدسة أناس أبرياء لم يؤذوا أحداً ولا استخدموا العنف في ذلك، وهم يعلمون أن هناك من يتربّص بهم، ولكنهم يصرّون على مواصلة الدرب، أياً كان الآخر الذي يفكر بتفجيرهم وأي ثقافة يحمل.