الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٥١) الوكالة العامة والتسديد المهدوي
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٥١) الوكالة العامة والتسديد المهدوي

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ هاني الزويدي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٦/٠٢ المشاهدات المشاهدات: ٤٠٠٢ التعليقات التعليقات: ٠

الوكالة العامة والتسديد المهدوي

الشيخ هاني الزويدي

لا نجد قضية قد بلغت الروايات فيها حد التواتر المعنوي كما بلغت في قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ولا يخفى على المتتبع أن قضية الإمام الغائب (عجّل الله فرجه) هي من صميم القضية الإسلامية، ولم تكن مختصة بالشيعة أو المسلمين، بل المسألة أبعد من ذلك حيث إننا نجد كثير من الأديان قد بشرت بالمهدي (عجّل الله فرجه) الذي يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، نعم إنهم لم يطلقوا عليه اسم المهدي، فتارةً يطلق عليه المصلح، وأخرى المنقذ، وغير ذلك، إلّا أن النتيجة واحدة، وإذا رجعنا إلى مصادر المسلمين سنة وشيعة نجد أن الروايات التي بشرت بظهوره (عجّل الله فرجه) قد بلغت (٦٥٧) رواية، والروايات التي ذكرت أنه من أبناء علي (عليه السلام) قد بلغت (٢١٤) رواية، والروايات التي ذكرت أنه من أبناء الحسين (عليه السلام) قد بلغت (١٤٨) رواية، والروايات التي تدل على أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً (١٣٢) رواية.
وإن كان ثمة خلاف بين علماء الشيعة وبعض العامة أنه سيولد آخر الزمان وقال الشيعة إنه مولود وأنه ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، حيث نجد في المصادر الإسلامية ما يدل على ذلك (١٤٧) رواية.
لذا فإن الشيعة يؤمنون بأن الإمام الغائب (عجّل الله فرجه) ولد سنة (٢٥٥هـ) وكانت له غيبتان صغرى وكبرى، والصغرى بدأت باستشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) سنة (٢٦٠هـ) وانتهت سنة (٣٢٩هـ)، وخلال هذه الفترة كانت الصلة بينه وبين الناس مستمرة بواسطة وكلائه الأربعة وهم الشيخ عثمان بن سعيد العمري وولده محمد بن عثمان بن سعيد العمري والشيخ أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي والشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري، والتي بوفاته انتهت فترة الغيبة الصغرى والنيابة الخاصة وبدأت الغيبة الكبرى من ذلك الزمان وإلى زماننا هذا بانقطاع النيابة الخاصة جاء في التوقيع الشريف: «وأمّا الحوادث العامة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم» [كمال الدين: ب٤٥، ص١٨٤]، فأرجع الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الأُمة في غيبته الكبرى إلى العلماء والفقهاء العدول المأمونون على أمور الدين والدنيا، ولا يعني ذلك أن الإمام (عجّل الله فرجه) قد ترك الأُمة وفوَّض الأمر إليهم ولا فائدة من وجوده الشريف، كلا بل وردت روايات بهذا المعنى، منها ما خرج من آخر توقيع له (عجّل الله فرجه): «وأمّا ما وجه الانتفاع بي في غيبتي كالانتقاع بالشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب» [كمال الدين: ب٤٥، ح٤؛ وكذا في البحار: ج٥٢، ب٢٥]، إذن فالإمام (عجّل الله فرجه) أرجعنا في غيبته الكبرى إلى الفقهاء المأمونين على أمور الدين والدنيا ونصبهم وجعلهم حجة علينا لأنهم وكلاءه، ومن المعلوم أن منصب الإمامة منصب خطير لأنه امتداد لخط النبوة في الأرض.
ولذا نجد الفقهاء (أيدهم الله جميعاً وقدس أسرار الماضين منهم) جعلوا كتاب التقليد في أول الرسالة العملية، بل في الغالب نجد المسألة الأولى هي يجب على كل مكلف أن يكون مقلداً في عباداته ومعاملاته وسائر أفعاله وتروكه إن لم يبلغ رتبة الاجتهاد أو يكون محتاطاً.
إذن لابد من الالتزام والعمل وفق ما يراه ذلك المجتهد الذي يمثل النيابة العامة لإمام العصر (عجّل الله فرجه)، ولا ينبغي الترافع إلّا إليه حيث ورد في الروايات أن الترافع إلى غيره كالترافع إلى الجبت والطاغوت، والمال المأخوذ بحكم غيره سحت، كما قد ورد أيضاً أن الراد عليه كالراد على الإمام (عجّل الله فرجه) وإلى غير ذلك من الروايات.
إذن علينا أن نأخذ الحكم والموقف الشرعي في كل قضية منه، حيث إنه يفتي وفق ما يراه مناسباً من خلال الأدلة الشرعية، لا وفق ما نراه نحن، أمّا نحن فنأخذ تكليفنا منه فهو الحجة علينا ولسنا بحجة عليه.
كما أن هناك أمراً ينبغي أن نفهمه ونتيقَّنه وهو أن هؤلاء الفقهاء الذين جعلهم الإمام (عجّل الله فرجه) حجة علينا لم يتركوا وشأنهم أو بمفردهم في ساعات المحنة، بل إن الإمام (عجّل الله فرجه) يرعانا جميعاً ويرعاهم بالخصوص من خلال تسديدهم لما فيه الخير والصلاح، فكم مرة ومرة ترى الأُمة قد استحكمت الحلقة عليها وضاقت بها السبل ثم ترى الفرج يأتي على يد أولئك الفقهاء والمراجع، فهذا إن دلَّ على شيء إنما يدل على يد خفية تدخلت نشم منها لطف وأنفاس مولانا الغائب المهدي (عجّل الله فرجه).
وإذا رجعنا إلى كثير من المصادر والمراجع في المكتبة الإسلامية نجد المئات من الشواهد على ذلك، بل نجد بعض العلماء أقروا كتاباً بذلك يذكر فيه الكثير من المواقف لعلمائنا (قدس سرهم) وتشرفهم بلقاء مولانا صاحب العصر (عجّل الله فرجه).
ولعل من تلك ما نقل عن الشيخ المفيد محمد بن النعمان العكبري البغدادي (٣٣٦-٤١٣ هـ) وهو عالم جليل انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته، وكان كما وصفه تلميذه الشيخ الطوسي (قدس سره) (وكان مقدماً في العلم وصناعة الكلام، وكان فقيهاً متقدماً فيه حسن الخاطر دقيق الفطنة حاضر الجواب).
وقد تلمذ على يديه كبار علماء الإمامية كالشريفين الرضي والمرتضى والشيخ الطوسي وغيرهم (قدس سرهم).
وحصل الشيخ المفيد على هذا اللقب بعد مناظرات مع شيخ المعتزلة في عصره القاضي عبد الجبار المعتزلي وأبو بكر الباقلاني في بغداد في مجلس الشيخ علي بن عيسى الرماني، وقد نقل صاحب كتاب روضات الجنات في ترجمة الشيخ المفيد (قدس سره) أن له مع الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه) مقابلات ومكاشفات منها:
إنه سئل يوماً عن امرأة حبلى ماتت فهل تدفن مع ولدها أم يجب إخراجه منها؟ فظن الشيخ أن الولد ميت في بطنها، فقال لا حاجة لفصله عن أُمه، بل يجوز أن يدفن في بطنها، فلما حكمت إلى قبرها أتى النسوة آتٍ وقال: إن الشيخ المفيد يأمر بشق بطن الحبلى ويخرج الجنين إذا كان حياً منها، ثم يخاط الشق، ولا يحل أن يدفن معها، فعملت النسوة بما قيل لهن ثم أخبر الشيخ بما وقع فسقط في يده بأنه أخطأ في الفتوى وأخذ يفكر فيمن انتبه لهذا الخطأ فتداركه.
فسمع هاتفاً من خلفه يقول: أفد يا مفيد فإن أخطأت فعلينا التسديد، فالتفت فلم يبصر أحداً، فتيقن أن الهاتف والذي أوحى إلى النسوة هو الإمام الغائب (عجّل الله فرجه)، ومن هذه الشواهد الكثير التي تمر علينا أو نقرأ بعضها تجعلنا في طمأنينة نفس بأنا منظورين بعين الإمام الغائب (عجّل الله فرجه) الذي نتوسل إليه بأجداده أن يشملنا برعايته الشريفة وإن لم يكن لنا عمل نستحق به ذلك إلّا إننا ممن أحبهم ومن المنتظرين لفرجه الشريف وأن يمن على بلدنا بنظرة كريمةٍ ودعاء إلى الله بأن ينصر الإسلام والمسلمين في هذا البلد المبارك وأن يدعو لنا لوحدة الكلمة والصف لأن نكون صفاً كالبنيان المرصوص وأن يتلطف علينا بتسديد مراجعنا العظام العاملين (أيدهم الله وحفظهم من كل مكروه) بأيديهم لهداية البلاد والعباد وينقذ بلدنا من مواقف الاحتلال وأن يجعلنا قادرين على اجتياز هذه المحنة التي نمر بها وأن يرحم شهداءنا الأبرار شهداء العلمية المرجعية الدينية الشريفة.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016