الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٥٩) حقيقة المهدوية ودلائل الغيبة
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٥٩) حقيقة المهدوية ودلائل الغيبة

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: كريم الحسيني تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٦/٠٢ المشاهدات المشاهدات: ٤١١٠ التعليقات التعليقات: ٠

حقيقة المهدوية ودلائل الغيبة

كريم الحسيني

كثيراً ما تطرح أبحاث المهدوية والغيبة والتشكيك فيها، فلذا رأينا من المناسب البحث فيها في فصول:
المهدي في السنة:
لا يخفى على من طالع الأحاديث أن القضية المهدوية مطروحة في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ويذكر فيها تعيين نسبه، بل وحتى غيبته، ونشير إلى ذلك إشارة لوضوحه:
١- ذكر الحاكم في المستدرك ج٤ ص٥٨ بسنده عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: «تملأ الأرض ظلماً وجوراً، فيخرج رجل من عترتي يملك الأرض سبعاً أو تسعاً فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً».
وقريب منه مسند أحمد ج٣ ص١٧؛ وقريب منه أيضاً سنن أبي داود ج٤ ص١٥٢؛ وكذا في مجمع الزوائد ج٧، ص٣١٧؛ والتدوين ج٢، ص٨٤؛ وتذكرة الحفاظ، ج٣، ص٨٣٨؛ وفرائد السمطين، ج٢، ص٣٣٤.
٢- وجاء في الصواعق المحرقة ص٩٨: أخرج الروياني والطبراني وغيرهما - المهدي من ولدي وجهه كالكوكب الدري، اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يرضى بخلافته أهل السماء وأهل الأرض والطير في الجو يملك عشرين سنة.
٣ - وفي فرائد السمطين بسنده إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): المهدي من ولدي يكون له غيبة وحيرة تضل فيها الأُمم، يأتي بذخيرة الأنبياء فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً».
وهناك أخبار أُخر تبين أوصافه وصلاة عيسى بن مريم خلفه ومقامه في الآخرة.
ملاحظة: ولوضوح فكرة الاعتقاد بالمهدي فإن الأُمة منذ أيامها الأولى قد اعتقدت جماعة منها ببعض الأفراد ظناً منها أنه المهدي الذي ذكره النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولعل أول من اعتنق هذه الفكرة الكيسانية، ثم فرق أخرى، حتى أن بعض الحكام كان يسمون أبناءهم بالمهدي طمعاً بأنْ يكون هو الموعود، مع أن ذلك كان خطأ منهم، لأن النبي عرفهم نسبه، ولذا كان الحكام في أشد الحذر من أبناء الحسين حتى حاصروهم وضيقوا عليهم، إلى أن وصلت النوبة للرضا (عليه السلام) فأحضروه في خراسان، ثم ابنه في بغداد، ثم ابنه علي الهادي في العسكر في سامراء، ثم ابنه العسكري هناك أيضاً، لمعرفتهم بأنه يكون من هذا النسل الطاهر، ولكن مشيئة الله غلبت مشيئة الحكام الجائرين حتى حرسه عن أعينهم فأمر المهدوية ليس فكراً مبتكراً ومستحدثاً، بل هو من أعماق اعتقاد الأُمة وإن اختلف بعضهم في التطبيق وفكرة الغيبة قد ذكرت أيضاً في بعض الأحاديث كما نقلنا لك نموذجاً منها مع ما عرفت من الحكمة فيها.
وظائف الإمام:
إن وظيفة الإمام هي القيام بمهام الدين والقيام مقام النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في التبليغ وبيان الأحكام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحكومة الظاهرية لإقامة العدل حيث إنه الحامل للعلم الإلهي حتى يرجع إليه، وأنه يحكم بالقسط والعدل ويقوم بإقامة الحدود وإحياء الكتاب والسنة، وأن يصلح بين الناس، وأنه يهدي بأمر الله تعالى أي يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويدعو إلى الله ويعمل الخيرات، وأن ذلك لا يتم إلّا بالجعل الإلهي والتعيين من قبل الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإذا عرفت كل ذلك فكيف يمكن أن يغيب الإمام (عجّل الله فرجه) ويترك وظيفته؟
والجواب عن ذلك أنه لم يترك الوظيفة إذ إن بعض الوظائف قد تكون عينية، يعني لا يقوم بها إلّا الشخص نفسه كالصلاة والصيام والحج وبقية العبادات العينية.
وبعض الوظائف يمكن أن يكلف بها غيره فلا يعد حينئذٍ تاركاً لوظائفه مثل الرئيس أو المسؤول إذا أراد السفر يعيّن شخصاً ينوب عنه وهذا ما كان في سيرة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حيث كلما خرج في سفرٍ عين خليفة له يقوم بمهام الأمور نيابة عنه ونحن نذكر هذه الأمور باختصار:
أمّا الأول: بما أنه حامل للعلوم الإلهية حتى يرجع إليه فقد بث الأئمة (عليهم السلام) علومهم للرواة والعلماء وأمروهم بكتابتها وقالوا لهم سوف تحتاجون إليها، فهدوا العلماء للقيام بالوظيفة وهذا الأمر واضح إذ ليس كل الأُمة كانت تراجع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بل لابد أن يتعلم جماعة ويبلغوا الباقين كما قال تعالى: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (التوبة: ١٢٢).
وهكذا الناس في المدن والقرى لا يراجع كلهم العلماء، بل قد يستندون في أخذ العلم والفتوى إلى وسائط، وهذه طريقة عقلائية لا غبار عليها، فكذلك الأئمة (عليهم السلام) قاموا بتغذية الرواة بالعلوم وما يحتاجه الناس في عصر الغيبة وجمعت في ذلك أصول أربعمائة من كتب الرواة وجمعت بعد ذلك كتب الروايات الكثيرة، وهذه الوظيفة قد أرجعت إلى العلماء والرواة، فقد ورد في المكاتبة الشريفة: «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم».
وأمّا الثاني: (وهم حجتي) بالقسط والعدل، فهذا يشترط فيه التمكن إذ ربما يكون ظاهراً وغير متمكن كما كان الأئمة في عصرهم إذ لم يكونوا مبسوطي اليد، فهذا الأمر يرتبط بالإمكان حتى في جانب النبوة فالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في مكة ما كان مبسوط اليد وتمكن في المدينة فأقام الحكومة العادلة.
وأمّا الثالث: وهو الإصلاح وهو من مهام الأُمة كلها إلّا أنه أظهر الأفراد فيها، ويشترط فيها الظهور وفي الغيبة يقوم بها العلماء والقائمون بالأمور.
أمّا الرابع: الهداية والأمر بالمعروف فقد ألقي على عاتق العلماء إذ هو من مهام الأُمة كلها حيث قال تعالى ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ (آل عمران: ١١٠) ونسبة هذا الأمر للإمام باعتباره أظهر الأفراد ويقوم بذلك العلماء وبقية الأُمة.
وأمّا الخامس: فكما هو مجعول من قبل الرسالة ومن قبل الله تعالى، فكذلك أرجع الأُمة إلى نوابه بالنيابة العامة كما كان يرجع الأئمة من ذي قبل الناس إلى الثقات من الرواة، فقد ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) حين سأله أحدهم عن يونس بن عبد الرحمن: آخذ عنه معالم ديني؟ قال: «نعم ثقة، خذ عنه معالم دينك».
وكذا ورد عن غيره، فكذلك هنا أرجع الإمام إلى الرواة وقد ورد في حديث «من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فعلى العوام أن يقلدوه»، فيكون الرجوع في زمن الغيبة إلى أمثال هؤلاء الذين أوقفوا حياتهم على العلم لخدمة الدين وخدمة المسلمين وحل مشاكلهم والقيام بالمهام الظاهرية والوظائف الدينية.
وعلى هذا فالغيبة لا تنافي الإمامة كما لا تنافي النبوة حيث إن عيسى حينما رفع إلى السماء بقيت نبوته ودينه مستمرة حتى ظهر نبينا محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيما كان عيسى غائباً عن قومه ما يقارب ٥٣٠ سنة، ومع ذلك لم يشكك أحد في نبوته، فالذي يضر بالإمامة ترك الوظائف تماماً ولم يحصل هذا مضافاً إلى إمكان الالتقاء به لبعض مهام الأمور في الغيبة الصغرى مع أنه كان قد عين نواباً يرجع إليهم بالنيابة الخاصة.
وكان الأول منهم عثمان بن سعيد والثاني محمد بن عثمان والثالث حسين بن روح النوبختي والرابع محمد بن علي السمري، ثم جاءت الغيبة الكبرى وقد التقى به في الغيبة الكبرى في كل عصر عدد من العلماء وكثير من الناس ونقلت أخباره في كتبنا عن طريق ثقات العلماء الذين شاهدوا وعاصروا كثيراً من أصحاب القصص بما لا يمكن تكذيبه لأنه من المتواتر الموجب للقطع واليقين.
قيل في سبب تدرج الغيبة:
وإنما قد تدرجت الغيبة من الصغرى إلى الكبرى المستمرة إلى يومنا هذا لأن الناس كانوا قد اعتادوا اللقاء بالإمام وسماع الأحكام وخصوصاً اعتادوا خلال قرنين من سماع الإخبارات الغيبية والأحكام الشرعية، فلما قدرت الغيبة في الحكمة الإلهية جاءت التقادير الظاهرية جارية على عزل الإمام عن الناس ظاهراً، وبدأ ذلك من زمان الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) حيث سجن في بغداد وحصلت العزلة بينه وبين شيعته، إلّا أن الكتب ما كانت تنقطع وكان السجن في خلال سبع وقيل أربع عشرة سنة، وكذلك ما حصل للإمام الرضا (عليه السلام) وإحضاره في خراسان، وبعده الإمام الجواد (عليه السلام) في بغداد تحت نظر السلطة العباسية، وبعده الإمام الهادي (عليه السلام) في سامراء وكذا الإمام العسكري (عليه السلام)، ففي خلال قرابة ٨٥ سنة أي قرابة قرن، فإن الناس قلَّما كانوا يلتقون بالإمام، وكان بين فترة وأخرى يحصل بينهم وبين الإمام فراق، إلى أن حصلت الغيبة سنة (٢٦٠هـ) سنة وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، ولكن لم يكن الناس قد انقطعوا تمام الانقطاع، بل كان النواب يتحملون مسؤولية حل المشاكل المرتبطة بالشيعة لمراجعتهم للإمام، فكان الناس قد تهيئوا للفصل الظاهري عن الإمام (عجّل الله فرجه)، وبذلك لم تحصل الفجوة ولم يحصل ما يوجب اختلال الوضع المعتاد عليه، فجرت المقادير حسب تقديرات موافقة للحكمة الإلهية، فحصلت بعد ذلك الغيبة الكبرى، ولكن الناس لم ينقطعوا فيها تمام الانقطاع، بل كان يحصل الفوز باللقاء لبعضهم.
فلسفة لقائه (عجّل الله فرجه) مع الآخرين:
مما لا ريب فيه وجود التواتر الموجب للقطع واليقين في أنه قد حصل اللقاء بالإمام وفائدة ذلك اللقاء على وجوه:
١ - إنه (عجّل الله فرجه) أوصى جماعة بالالتزام بالدعاء له وللفرج العام.
٢ - دعاهم أن يوصلوا وصايا للناس بالالتزام بالنوافل والمواظبة على قراءة بعض الزيارات مثل الجامعة وآل يس وزيارة الحسين (عليه السلام).
٣ - أوجب الهداية لبعض العلماء الذين كانوا على مذاهب أخرى مثل لقاء بعض علماء الشافعية به ورجوعهم إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
٤ - حضهم على الإيمان حتى تطمئن القلوب بوجوده وبلطف نظره لهم.
٥ - كان لنجاة شعب كالبحرين في قضية الرمانة التي لبسها على الحاكم الوزير ضد الشيعة، فكشف الإمام له مكره وخديعته، وبذلك ارتفع العذاب عنهم.
٦ - لشفاء بعض المرضى والدعاء لهم، وكما عرفت قضية إسماعيل الهرقلي واشتهرت.
٧ - للدفاع عن الأشخاص في قضايا شخصية وخلاصهم من الخطر الذي هم فيه.
٨ - توجيهات لبعض العلماء في أعمالهم وتأييد لبعضهم الآخر.
٩) رفع اليأس والملل الحاصل في طول الغيبة بين فترة وأخرى.
١٠) اشتراكه في بعض الشعائر حتى يتم الحفاظ عليها لاهتمامه بها.
وبذلك يعلم اهتمامه بالناس وعدم إهماله لهم، وهذه من أهم الفوائد وأعظمها في زمن الغيبة، وهذه تعد من الوظائف الظاهرية، وهناك فوائد باطنية وغير ملموسة وقد أشار إليها هو (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حين سئل عن فائدة وجوده في الغيبة قال: «وأمّا فائدة وجوده في الغيبة فكالشمس من وراء الغيوم»، فكما أن الغيوم لابد أن تزال ولا تبقى فكذلك الغيبة، وكما أن الغيوم لا تؤثر على وجود النهار مع كون الشمس خلف الغيوم، فكذلك غيبته لا تؤثر في المؤمنين، بل يلتفتون إلى وجوده الشريف.
وكما أن الغيوم موجب لفصل الشمس عن أعين الناس مؤقتاً فكذلك الغيبة وكما أن الغيوم تنبه الغافلين على وجود الشمس فكذلك الغيبة تنبه الناس أن لهم إماماً ويلتفتون إلى قدره، فلربما يكون الإنسان في نهاره وهو غافل عن وجود الشمس وأهميتها فكذلك الغيبة.
وكما أن الغيوم قد توجب الغم لفقدان الشمس، فكذلك الغيبة قد توجب الغم لعدم اللقاء، وكما أن الشمس من وراء الغيوم يمكن الاستفادة منها، بل فائدتها عامة وشاملة فكذلك فائدة وجوده حتى في زمن الغيبة. وبذلك يظهر أن وجود الشمس لا يساوي العدم، فكذلك وجوده الشريف حتى مع الغيبة لا يساوي عدم وجوده لكثرة فوائد وجوده حتى مع الغيبة.
حقيقة الانتظار:
أن مسألة انتظار المصلح العام ليست مسألة مختصة بطائفة من المسلمين، بل هي عامة تهم المسلمين أولاً لأن مسألة المهدي في الفكر الإسلامي قضية مسلمة ومتفق عليها، وأنه هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً كما مرت علينا الأحاديث.
وثانياً أن هذه المسألة توجد في كل الأديان ولكنها تختلف في تطبيق المصلح على المصداق أو الشخص فالمسيحيون ينتظرون رجوع السيد المسيح (عليه السلام) ونحن أيضاً نقول برجوعه وأنه كما تقول أحاديث المسلمين يصلي خلف المهدي.
بل هذه العقيدة ليست من معتقدات الديانات السماوية فقط، بل حتى الأديان الأخرى كلها تعتقد أن يوماً من أيام الدهر سيكون منطلق الفرحة لتحقيق الأمل المتوقع من انتشار العدالة والحكومة الموحدة، بل إن بعض المذاهب الأيديولوجية مثل الاشتراكيين لهم أمنية يعتقدون بأنها ستحقق يوماً ما وهي أن تسود الأرض الاشتراكية وتكون الأرض كلها جنينة واحدة ولعل هذه الأمنيات البشرية تتماشى مع الفطرة السليمة والطباع المستقيمة حيث يشعر الإنسان بفطرته أن هناك أُمنية كبيرة لابد أن تتحقق يوماً ما ويسود السلام والسعادة على كل الأرض ويزول الظلم والفقر والجهل.
أمّا من هو المحقق لها فكل يذهب حسب ما تقتضيه عقيدته، ونحن نقول هو الخليفة الذي أعده الله تعالى لنصرة دينه مع ما له من أوصاف وارتباط بالله وقدرة وحكمة وإدارة لشؤون العباد والبلاد، فهو الذي يحقق الأماني، فلذا جاء في الحديث الشريف عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أفضل أعمال أُمتي انتظار الفرج» وورد حديث آخر عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أفضل العبادة انتظار الفرج».
ولعل الانتظار ليس هو الانتظار والجلوس، بل حقيقة الانتظار لتحقيق الأمنية تكون مصحوبة بإيجاد الأوصاف المساعدة للانتظار، فكما أن الإنسان الذي ينتظر ضيفه يتهيأ بإعداد ما تتطلبه الضيافة فكذلك انتظار الإمام لا يكون إلّا بإعداد النفس.
أولاً: بقبول أوامره والتسليم له.
وثانياً: إيجاد الأرضية المناسبة لذلك، أي يشترك بإعداد الآخرين لذلك.
وثالثاً: الجانب الإعلامي لذلك والتحدث عنه لئلا ينسى هذا الأمر.
ورابعاً: تفهم الناس خطط الإمام وما يريده من تحقيق العدالة غير المضرة بأحد، تنطلق من قاعدة لا ضرر ولا ضرار فهي تجري في حدود الحريات الإسلامية.
وخامساً: بيان الصورة الناصعة والصحيحة له ورفع التشويه الإعلامي المخادع بأنه سيقتل ويصلب ويسجن ويجلد، وغير ذلك، بل يعمل عمل الأنبياء لإصلاح النفوس ورفع الأمراض وإرجاع الصحة والأمان ونشر العدالة ورفع الظلم، فهو كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) واصفاً رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «كان طبيباً دواراً بطبه»، فإذا أراد قتل أحد فإنما يقطع الجراثيم المعدية من المجتمع لئلا يسري الفساد، فلم الخوف منه؟ بل لابد من التباشر به، وبهذا نعرف سر كون الانتظار من أفضل الأعمال، ولذا عبر عنه النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأفضل الأعمال لأن الانتظار عمل وليس جلوساً وسكوتاً، فلذا ورد: «من مات منتظراً لهذا الأمر كان كمن هو في فسطاط المهدي»، ولا يكون بهذه الدرجة في الفسطاط إلّا بالعمل والإعداد لا السكوت والجلوس.
بعض ما جاء عن المهدي في كتب أهل السنة:
وردت حول المهدي أحاديث كثيرة في كتب أهل السنة سواء في الصحاح أو غيرها، وقد جمع بعض ما جاء في الصحاح في كتاب (المهدي في السنة) لآية الله السيد صادق الشيرازي، وجاء مجموع خاص منها في (القول المختصر في الإمام المنتظر) لابن حجر طبع أخيراً، وكتاب (الملاحم والفتن) وغيرها من الكتب الكثيرة، وقد جمعت (موسوعة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)) أكثر الأحاديث في عدة مجلدات ووصلت الأحاديث عن الإمام (عجّل الله فرجه) إلى قرابة ستة آلاف حديث على ما قاله الشهيد السيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر في كتابه (بحث حول المهدي) وجمع كثيراً من هذه الأحاديث كتاب (من هو المهدي) لأبي طالب التجليلي في فصول خاصة عن كتب أهل السنة، وأشار المرحوم العلامة السيد كاظم القزويني إلى مجموعة من الكتب والأحاديث المعتبرة عند أهل السنة في كتابه (المهدي من المهد إلى الظهور). وهناك كتب أخرى في هذا الموضوع وقد نقل السيد الجلالي في كتابه (أحاديث المهدي في مسند أحمد) أكثر من مئة وثلاثين حديثاً عن المسند.
وإليك بعض النماذج المختلفة مبوّباً ذلك للتوضيح:
١- إنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً:
مستدرك الحاكم ج٤ص٥٥٨ بسنده عن سعيد الخدري أنه قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «تملأ الأرض جوراً وظلماً فيخرج رجل من عترتي يملك الأرض سبعاً أو تسعاً فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً»، وفيه أشار إلى أنه من العترة الذين قال عنهم «أنهما لن يفترقا، كتاب الله وعترتي» ونقل قريباً منه كل من مسند أحمد من ج٣ ص١٧ ومسند أبي داوود ج٤ ص١٥٢ وتذكرة الحفاظ ج٣ ص٨٣٨ وفرائد السمطين ج٢ ص٣٣٤ وغيرهم.
٢- إن له غيبة:
جاء في فرائد السمطين ج٢ص٣٣٥ بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): المهدي من ولدي يكون له غيبة وحيرة تضل فيها الأُمم، يأتي بذخيرة الأنبياء فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».
٣- في وصفه:
في الصواعق المحرقة ص٩٨ بسنده: المهدي من ولدي وجهه كالكوكب الدري اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً يرضى بخلافته أهل السماء والأرض والطير في الجو يملك عشرين سنة - انظر إلى الحديث أولاً إنه من ولد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وثانياً أنه خليفة (يرضى بخلافته) وفي بعض الأحاديث أنه من ولد فاطمة، وفي آخر أنه من ولد الحسين، وفي بعض أنه التاسع من ولد الحسين، وبذلك تعرف أن ذلك ينطبق على الإمام الحجة الذي نعتقد به تماماً دون شك ولا ريب.
٤- إنكاره موجب للكفر:
جاء في فرائد السمطين عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومن أنكر نزول عيسى فقد كفر... » إلخ، فلهذا ورد في بعض الأحاديث أن عيسى يصلي خلفه وفي آخر: «من أنكر المهدي فقد أنكرني».
٥- إنه طاووس أهل الجنة:
نقل ابن الصباغ في الفصول المهمة بإسناده عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «المهدي طاووس أهل الجنة»، والجنة مظهر جمال الله تعالى، والطاووس مظهر الجمال أيضاً، فيكون مظهر جمال الجنة وهي مظهر جمال الله تعالى ولا يتنافى ذلك مع كون النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أفضل منه إذ لكل منهم درجة ومظهر، وقد ذكر ذلك النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى بين مقامه عند الله تعالى وفي الآخرة والجنة.
٦- عناية الله بأمره:
(الحاوي للفتاوى ج٢ ص٧٨ ط مصر) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي يصلحه الله تعالى في ليلة واحدة»، ومعناه كما جاء في أحاديث أخرى يصلح الله أمر المهدي في ليلة أو في عشية بمعنى يهيئ له أسباب الظهور ولا يحتاج ذلك إلى وقت كثير عند الله تعالى، إذ هو الذي يتولى ذلك.
٧- صلاة عيسى بن مريم خلفه:
نفس المصدر السابق ص٨١ عن حذيفة قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يلتفت المهدي وقد نزل عيسى بن مريم كأنما يقطر من شعره الماء، فيقول المهدي تقدم صلِّ بالناس فيقول عيسى إنما أقيمت الصلاة لك فيصلي خلف رجل من ولدي».
٨- البركة والخير ورفع الفقر به وظهور الإسلام وتأييد الملائكة له:
مختصر تذكرة القرطبي ص١٢٧ ط مصر، «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يليهم رجل من أهل بيتي تكون الملائكة بين يديه ويظهر الإسلام ويكثر المال فيأتيه الرجل فيقول يا مهدي اعطني، فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله».
٩- احتوائه للمعارضات بأجمعها:
الصواعق ص٩٨ ومنتخب تاريخ دمشق ج٥ ص٢٨٤ ط روضة الشام بالسند المذكور عن أبي الطفيل قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول: «إذا قام قائم آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جمع الله له أهل الشرق والغرب فيجتمعون كما يجتمع فزع الخريف» - فيه إشارة إلى أن غيم الخريف متفرق فيجتمع فكذلك تجتمع الطوائف المتفرقة والمتشتتة تحت لوائه وطاعته لإدراكهم العدالة والرحمة وتحقيق الأماني به.
١٠- بعدله يُنزل الله المطر وتخرج الأرض بركاتها والجميع يتمنى زمانه:
تذكرة الحفاظ، ج٣، ص٨٣٨، بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: ذكر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «بلاء يصيب هذه الأُمة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم فيبعث الله رجلاً من عترتي أهل بيتي فيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدع السماء من قطرها شيئاً إلّا صبته مدراراً ولا تدع الأرض من نباتها شيئاً إلّا أخرجته حتى تتمنى الأحياء والأموات أن تعيش في ذلك...».
خاتمة المطاف إشكالات وردود:
هناك إشكالات قد تطرح، وحيث إن السائل لم يسمع لها جواباً فقد يتصور أنها إشكالات عميقة ولا جواب لها واقعاً فتضر بالاعتقاد بها، وفي النهاية لابد من الرجوع عنها، فنستعرض أهمها ونجيب عنها وإن كان قد يفهم جوابها من الأبحاث الماضية دون أن ينتبه لها القارئ فلنفردها بالجواب، منها:
الأول: إن مسألة السرداب وكون الإمام فيه من الأوهام والخرافات.
وجوابه أن السرداب هو المكان الذي يحفر تحت الأرض في الأماكن الحارة عادة يكون بعيداً عن الشمس وقريباً من الرطوبة يكون بارداً، وقد كان ذلك من القديم ولكن اعتقاد الشيعة به ليس لأجل أنه يسكن فيه الإمام حيث لم يتفوه بذلك أحد قط، بل لأجل أنه كان في بيت الإمام الهادي والإمام الحسن العسكري (عليهما السلام) وأن الإمام الحجة كان في أوائل عمره فيه لأجل كونه تراثاً فيه ذكريات الأئمة نحترمه، وأما كون الإمام يسكن فيه فهو تهمة مفتراة وهي ليست تهمة مستحدثة، بل كانت من القديم.
نعم هناك رواية واحدة تقول إن الإمام حينما هجموا عليه بعد الصلاة على أبيه التجأ إلى السرداب وغاب عن الأنظار، ولكن ليس معنى ذلك أنه مقيم فيه إلى الآن، يقول الشاعر:

عيسى اختشى شر النصارى فاختفى * * * وهو أخشى من شركم ما بانا
هذا كذاك وأنتم كأولئك * * * حرفاً بحرفٍ لا نزيد بيانا

ولم يقل أحد إنه سيظهر من السرداب، بل تردد في الأحاديث أنه يخرج في بيت الله الحرام، نعم قد وردت زيارة في السرداب كما وردت زيارات في أماكن أخرى، بل تستحب زيارته في كل مكان وفي كل زمان.
الثاني: أن مسألة الإمامة عقلية وطرحها بعض العلماء بعنوان اللطف والمسائل العقلية قابلة للخلاف.
وجوابه أن الذين بحثوا مسألة الإمامة من الناحية العقلية وقالوا لابد من وجودها في كل زمان لم يحصروها بالبحث العقلي، بل أرادوا تأييد الأدلة الشرعية النقلية بذلك حتى تكون المسألة أقوى عندهم والواقع أن المسألة ترتبط بالشارع المقدس وأنه قد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية»، وهو حديث معروف يروى في الصحاح والسنن عن عبد الله بن عمر ومعناه أن من مات لابد أن يكون له إمام يعرفه والحديث مطلق يشمل كل زمان ومكان، فكل إنسان يعيش في أيّ بقعة من بقاع الأرض لابد أن يكون يعترف بإمام زمانه ويعرفه، ومَنْ مِن أدوات العموم، كما قال أهل الأدب والأصول، يعني كل إنسان مكلف في كل زمان وفي أي مكان لابد أن يعرف إمام زمانه ونحن في هذا الزمان إن لم يكن لنا إمام زمان يكون موتنا على الجاهلية مع التزامنا بالأحكام الشرعية وهو باطل.
وبما أن الحديث صحيح نعرف من إطلاقه أنه لابد لكل زمان من إمام، وما زعمه البعض أنه إذا وجد الإمام فلابد من معرفته، وإن لم يوجد إمام فلا يلزم ذلك غير صحيح.
لأن الحديث عام مطلق ويفهم منه أهل اللسان بأنه عام ولكل فرد مكلف، ومطلق يشمل كل زمان مع ضميمة قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حديث الثقلين حيث قال فيه «كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض»، فنفى الافتراق، فلا يمكن أن يوجد الكتاب بدون العترة القرينة له، فالإمام الذي نتكلم عن وجوده في كل زمان هو الذي يكون من العترة وقريناً للكتاب، وهذا المعنى مردود قد فهمه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص ١٤٩ حيث يقول بعد إيراد الحديث: وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة كما أن الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض ويشهد بذلك الخبر السابق: في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي... إلخ.
الثالث: عدم وجود نصوص تدل على ولادته وأنه ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
وجوابه يعلم مما سبق وقد نقلنا النصوص المتعددة عن كتب أهل السنة القائلين بولادته سنة (٢٢٥هـ) مضافاً إلى مئات النصوص من طريق الإمامية الدالة على ذلك فراجع (من هو المهدي) في فصول نسبه حيث يبين أنه من ولد النبي ومن ولد فاطمة ومن ولد الحسين وأنه ابن الإمام الحسن العسكري، ففيها التواتر الذي لا شك فيه وبه تطرد الشكوك والشبهات عن ذهنك حول نسبه.
الرابع: لو قلنا بالمهدي لا نقول ولد، بل هو سيولد قبل ظهوره بما يقدر الله له من سنوات.
الجواب لابد من القول بولادته لأنه قد ثبت أنه ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) دون ريب، مع القول الصحيح بوفاة الإمام الحسن العسكري سنة (٢٦٠هـ)، مضافاً إلى أنه لابد من أن توجد فيه صفات الإمامة التي منها ميراث علم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كابراً عن كابر، فلابد أن يكون قد ولد وأخذ ذلك من والده لئلا يلزم أنه إمّا أن يكون جاهلاً غير ممتازٍ عن الناس أو يكون يتلقاه عن طريق جبرئيل، وحيث الأول باطل لأنه لابد أن يكون عالماً بالكتاب والسنة ويجيب عن كل ما يسأل عنه فلا يصح منه الجهل، وإمّا تلقيه عن طريق جبرئيل فهو طريق غير متعارف حيث إن جبرئيل يرتبط بجانب النبوة والوحي إلّا ما كان نادراً مثل نزوله على مريم وغير ذلك، وحيث هو غير متعارف فلا يصح الاعتماد عليه، فلابد أن يكون مولوداً وحياً حين وفاة والده. ولعل قائل يقول: مات والده وسوف يحيى ويرجع للدنيا وبعدها يولد، أو أن الإمام مات وسوف يرجع، يقال في كلا الفرضين: يلزم ما ذكر في الإشكال السابق من عدم وجود إمام زمان وهو باطل.
وأمّا القول بحياة والده لحد الآن فلم يقل به أحد مع أنه يلزم منه أن يقال ما الفرق بين حياة والده وحياته فليكن هو موجود وبالنتيجة ليكن الاعتراف بحياة والده وطول عمره مع كونه غائباً، وهذا ما أراد الفرار منه، فمن الأدلة الماضية تعرف أنه لابد من أن يكون موجوداً ولابد من الاعتراف به ومعرفته، وإلّا يكون الموت دون معرفته ميتة جاهلية.
الخامس: أن مسألة المهدي مختصة بالشيعة ولم يقل بها أحد:
وجوابه يعلم مما سبق بأن الأُمة الإسلامية كلها من القديم كانت على عقيدة المهدي حتى تواترت عنهم الروايات في ذلك، وأن إنكاره موجب لإنكار النبوة كما مضى في ذلك الحديث، بل قد كتبت الكتب الكثيرة في ذلك، وأشرنا إلى بعضها من كبار المحدثين والحفاظ حتى نقل أن عدد الأحاديث في المهدي بمختلف شؤونه من ولادته ونسبه إلى حكومته وعلامات ظهوره حتى سنين حكمه، بل حتى في الآخرة بلغت ستة آلاف حديث، فكيف يمكن إنكار ذلك؟
وفي نهاية المطاف نقول إن الاعتقاد بالمهدي وحياته وغيبته وطول عمره وانتظار ظهوره يعد من الإيمان بالغيب الذي هو من صفات المؤمنين المتقين الذين ذكرهم الله تعالى في أول كتابه الكريم بقوله تعالى: ﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ...﴾، وهذه من صفات المتقين، وذلك لأن الإيمان به وهو غائب إيمان به عن طريق الدليل الشرعي الذي تلقيناه من الشرع المقدس الذي أخبر به قبل ولادته وعن كل أطواره فهو إيمان بالغيب الذي أخبرنا به.
وبذلك ظهر لك أن هذه الفكرة من صميم الإسلام، بل من أصعب موارد الامتحان التي يمر بها الإنسان.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016