بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم ارزقني طلب ثاري مع إمامٍ هدىً ناطق بالحق
بلهجة الحزن تستغرق ذكرى الفاجعة في يومٍ عاشورائي، يرسلُ بصوره المتراكمة إلى أعماق النفس، فتستجيش هواجس الألم كما تستفز مشاعر الانكسار، فالألم تعبيرُ عن دواخل النفس عما تعتملها من ذكريات ماحل بآل الرسول، والانكسار شعور النفس حين تطاوع الانسان عوامل الشر، أو قل حين يطاوعها هو عند نزعات الانهماك في ممارسة الحيوانية بكل تفاصيلها وممارساتها.
كان اليوم العاشورائي يسجلُ ملحمة الانسان بكل دواعي الخير ونوازع الشر، فعاشوراء الملحمة غير عاشوراء الذكرى، فللملحمة شؤونها في تسجيل مآثر الفتوة لدى ثلة الشرف من آل الرسول، وللذكرى دواعيها في تحفيز النفس أن تحتفل بانتصار القيم عند انهزام الاهواء، فكان للحسين شرف الانتصار، وكان لأعدائه سُبةُ الانهزام، وبين الانتصار والانهزام تتداخل دواعي الخلود.
لم تكن عاشوراء الحسين ملحمة لذكرى الفاجعة أو فُسحة لاسترسال الذاكرة، أو نبرة لصدى الالتياع في زوايا تاريخ مقموع.. بقدر ما كانت عاشوراء محطة تتوقف فيها الروح لاستنشاق عبير الذكرى، أو محطة تستروح فيها النفوس الصادية لتعبَّ من نمير غيثٍ نبوي تعهده سبطه الشهيد ليحيل من دمائه وأهل بيته مُزن الحرية وغيث الأمل المفقود.
كانت كربلاء ـ ولا تزال ـ تسيّر ركب الزمان إلى حيث الخلود فينطلق من سنا ضوئها الحسيني طموح المستقبل بما يحمل معه من دواعي التحرر في الثورة على كل ظلمٍ وجورٍ وطغيان آملاً في تحقيق القسط والعدل والسلام، ولعل زيارة عاشوراء تنطلق منها دواعي الأمل في تكامل النفس ورقيّ الروح بما يأخذها إلى حيث الثأر والثورة والانتقام.
واذا كان في زيارة عاشوراء حضور المأساة فان للانتظار حضورٌ أكبر، واذا كانت للفاجعة دواعي الترسل في تحديد معالم المأساة، فان للثأر النصيب الأوفر في انشداد العزم لاطفاء سورة الغضب بأمل الانتظار لإمام هدى ظاهرٍ ناطق بالحق.. من آل الرسول.
رئيس التحرير