فهرس المكتبة التخصصية
 كتاب مختار:
 البحث في المكتبة:
 الصفحة الرئيسية » المكتبة التخصصية المهدوية » كتب أخرى » المرابطة في زمن الغيبة الكبرى
 كتب أخرى

الكتب المرابطة في زمن الغيبة الكبرى

القسم القسم: كتب أخرى الشخص المؤلف: السيد مرتضى الشيرازي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٦/٠٧/٢٤ المشاهدات المشاهدات: ١٩٧٥٠ التعليقات التعليقات: ٠

المرابطة في زمن الغيبة الكبرى
(المقدِّمات، المتقدِّمات، الممهِّدات، والمسؤوليات)

تقريرا لمحاضرات السيد مرتضى الحسيني الشيرازي
المقرِّر: الشيخ هادي الاسماعيلي
الطبعة الأولى (١٤٣٥هـ‍ - ٢٠١٤م)
مؤسسة التقى الثقافية – النجف الاشرف
http://www.m-alshirazi.org

الفهرس

المقدمة
الفصل الأول: الإعجاز في عصر الظهور المقدس
الاعجاز في عصر الظهور المقدس
لماذا وردت (أشرقت) بصيغة الماضي؟
١- لأن المجرد من الزمان محيط بالأزمنة الثلاثة
مناقشات للوجه الأول
٢- لأنه مستقبل محقق الوقوع
نظريتان حول عصر الظهور المبارك:
النظرية الأولى: عصر الظهور هو عصر الأسباب والمسببات، كأصل عام
النظرية الثانية: عصر الظهور هو عصر الإعجاز، كأصل عام
شواهد على نظرية الإعجاز المطلق
الأثر التربوي لنظرية الأسباب والمسببات
النظرية الثالثة: كلاهما الأصل: ١- الأسباب والمسببات ٢- وأنواع الإعجاز
كل تطور علمي وإنجاز وعمل صالح هو مقدمة
الفصل الثاني: مسؤولية (المرابطة في الثغور) في زمن الغيبة الكبرى
المسؤولية الكبرى في زمن الغيبة هي (المرابطة)
تفسيران لاستخدام فعل الماضي في الحديث عن المستقبل
التفسير الثالث: فرضية: المتفرقات في وعاء الزمن مجتمعات في وعاء الدهر
من وجوه مناقشة هذه الفرضية
المرابطة في الثغر الديني والعلمي والاقتصادي و...
ماذا تعني المرابطة؟
معاني المرابطة على ضوء الروايات الشريفة
١- المرابطة على الأئمة (عليهم السلام)
٢- المرابطة على أوامراهم (عليهم السلام)
٣- المرابطة على الاقتداء بهم
٤- المرابطة في سبيل الله
٥- المرابطة أبد الدهر
٦- الرباط ولو بجوادٍ: واقعي ورمزي
من أهداف المرابطة وفوائدها
الأعداء الأربعة لكل بشريّ
إعلان الحرب على أربع قوى كبرى
السقوط الخفي والسقوط المدوّي
شاه إيران والسقوط المدوي
السقوط في امتحان الرياسة أو المال والشهرة أو...
انتصار الشيخ الانصاري على أقوى أسلحة إبليس
الفصل الثالث: المرابطة في ثغري التصور والتصديق في زمن الغيبة
المرابطة في ثغر (التصور والتصديق) في زمن الغيبة
العنوان الأول: التصور والتصديق ودورهما في بناء شخصية الانسان
أنواع التصور الأربعة
التصور قد يصنع التصديق وقد ينتج العمل
نماذج من شياطين التصور
التصورات الرحمانية
من خطط الغرب لصناعة التصورات الآثمة
(رابطوا على ما تقتدون به) حتى في خطرات القلوب
التصور كثيراً ما يستلزم التصديق
التصور المجسّم لفداحة المعاصي من أفضل طرق الردع عنها
من أروع قصص المرابطة في ثغر الفضائل
في ثانية واحدة ضاعت جهود سنوات طويلة!

وَالله لَتُكْسَرُنَّ كَسْرَ الزُّجَاجِ
الفصل الرابع: من هو رب الأرض؟ من وظائفنا في عصر الغيبة
من هو رب الأرض؟
التأويل مكمّل للتفسير ولا تضاد بينهما
من وظائفنا في عصر الغيبة
أولاً: التمسك بالأمر الأول
فماذا يعني الأمر الأول؟
التجديد في الآليات
ثانياً: الدعوة والدلالة والذبّ عنه (صلوات الله عليه)
ثالثاً: أن نبقى سبّاقين
الفصل الخامس: (المتقدِّمات) على الظهور المبارك للإمام القائم المنتظر محذرات ومنبهات
(المتقدمات) على الظهور المبارك محذِّرات ومنبِّهات
المتقدِّمات والمقدِّمات والممهِّدات
الفرق بين (المتقدمة) و(المقدمة) و(الممهدة)
من (المتقدمات) على الظهور المبارك
يبخل بألفين فيخسر الملايين
حاكم إسلامي معاصر يستنسخ تجربة معاوية!
الثمرة في المتقدمات: انها محذِّرات
إتهام احد العلماء العاملين بأنه يرى الإفساد مقدمة لتعجيل الظهور!
مسؤولية (المرابطة) في زمن الغيبة
وضوح الرؤية يضاعف الحافز
الفصل السادس: المقدِّمات والمتقدِّمات والممهِّدات والمسؤوليات في زمن الغيبة الكبرى
المقدِّمات والمتقدِّمات والممهِّدات والمسؤوليات في زمن الغيبة الكبرى
١) المقدِّمات:
من المقدمات: قراءة المسبِّحات
تأثير الالتزام بالمسبحات ونظائرها في البركة والتسديد
٢) المتقدِّمات
(اختلاف الشيعة) من المتقدمات على الظهور المبارك
مناشئ الاختلاف والنزاع الأربعة
لا تزعزعنّ الاختلافاتُ إيمانكم مهما اشتدت!
قلق (الحارث) من اختلاف الشيعة وجواب امير المؤمنين (عليه السلام)
الاختلاف هو سنة الله في الحياة
٣) الممهِّدات
١ - التضرع والدعاء والبكاء والالتجاء الى الله
من نتائج الرد على الله تعالى
٢ - الوفاء بالعهد الالهي
الفصل السابع: أعلى درجات التواتر لأخبار مولد الإمام القائم
أعلى درجات التواتر لإخبار مولد الامام القائم المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)
عدم حجية الاستقراء الناقص
١- لم يكن الكليني ولا المجلسي في مقام الحصر ولا...
٤- أعلى درجات التواتر عبر المئات من الروايات
أقسام التواتر:
تواتر روايات (مهدينا التاسع من صلب الحسين) ونظائرها
من طوائف الروايات المتواترة
حديث الثقلين
اعتراف ابن حجر في الصواعق بعدم انقطاع الثقلين إلى القيامة
حديث اللوح
حديث الأنوار
من الروايات المعتبرة الواردة عن جميع المعصومين (عليهم السلام)
من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)
من أحاديث أمير المؤمنين علي (عليه السلام)
من أحاديث الإمام الحسن (عليه السلام)
من أحاديث الإمام الحسين (عليه السلام)
من أحاديث الإمام السجاد (عليه السلام)
من أحاديث الإمام الباقر (عليه السلام)
من أحاديث الإمام الصادق (عليه السلام)
من أحاديث الإمام الكاظم (عليه السلام)
من أحاديث الإمام الرضا (عليه السلام)
من أحاديث الإمام الجواد (عليه السلام)
من أحاديث الإمام الهادي (عليه السلام)
من أحاديث الإمام العسكري (عليه السلام)
٥- المتظافِر والمتسامَع
٦- الأخبار محفوفة بالقرائن القطعية:
من كلمات النسابة
من كلمات المؤرخين:
من كلمات بعض العرفاء المخالفين:
من كلمات بعض المتعصبين:
خلاصة البحث:
إشارة إلى الآيات القرآنية
الملحق رقم ١ (تصريحات علماء النسب)
الملحق رقم ٢ (بعض كلمات المؤرخين)
الملحق رقم ٣ (مجموعة روايات معتبرة)
من روايات الإمام الصادق (عليه السلام)
من روايات الإمامين الكاظم والرضا (عليهما السلام)
من روايات الإمام العسكري (عليه السلام)
من روايات الثقات
كتب أخرى للمؤلف

بسم الله الرّحمن الرّحيم
اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وناصراً ودَليلاً وَعَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً.

اللهُمَّ ارْزُقْني شَفاعَةَ الحُسَيْن يَوْمَ الوُرُودِ، وَثَبِّتْ لي قَدَمَ صِدْق عِنْدَكَ مَعَ الحُسَيْنِ وَأصْحابِ الحُسَيْن الّذِينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ الْحُسَيْن (عَلَيْهِ السَلام).

المقدمة
بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, وصَلى اللهُ على سيدِنا ونبيِنا أبي القاسمِ محمدٍ وعلى ألهِ الطيبينَ الطاهرينَ.
اَللَّهْمَّ وَصَلِّ عَلى وَليّ أمرِكَ القائِم المُؤَمَل، والعَدلِ المُنتظَر، وحُفّهُ بملائكَتِك المُقَربين، وأَيّدهُ بِرُوح القدُسِ يا ربَ اْلعالمينَ, اللَّهْمَّ اجْعَلْهُ الداعِيَ إلى كتابِك، والقائَمِ بديِنِك، اِسْتَخْلفهُ في الأرضِ كما استَخْلَفْتَ الذينَ مِن قَبله، مَكِّن له دينه الذي ارتضْيتَه له، اَبْدِلهُ من بَعدِ خوفه اَمناً، يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بكَ شيئاً.
قالَ عزَ من قائِل:
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)(١).
إن دراسة قضية الإمام المهدي (عليه السلام) والتعريف بها وبحثها بحثاً علمياً، ومناقشة الشبهات المثارة حولها، تعدّ من أهم المباحث الفكرية التي تشغل اهتمام المثقفين والواعين من أتباع أهل البيت بل ومن أهل العامة بل ومن سائر الأديان أيضاً.
ولقد كتب العلماء والمفكرون والباحثون والمحققون الكتب والدراسات الجادة والمتميزة حول هذا الموضوع الحيوي والخطير، ولا زالت المؤلفات والدراسات القيّمة مستمرة ولله الحمد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وقد توزعت الدراسات والتحقيقات في القضية المهدوية الى دراساتٍ عقديةٍ وأخرى فكريةٍ، وثالثة سياسيةٍ، ورابعة أخلاقيةٍ وغير ذلك، الأمر الذي يعبر عن شمولية هذه القضية واستيعابها لكل جوانب الحياة.
بل انه يمكن القول:
أن جهود جميع الأنبياء والمرسلين وأتباعهم من الصالحين والمؤمنين، معلقةٌ على ظهور هذا المصلح العالمي الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ورحمةً وطمأنينةً بعد أن عاث المفسدون في الأرض حتى ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيديهم، وما الله بغافلٍ عما يعملون.
فلابد أن يأتي يومٌ على الإنسانية المعذّبة تتحقق فيه رسالات السماء بمغزاها الكبير وهدفها النهائي، وتجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مر التاريخ إستقرارها وطمأنينتها؛ فقد أرتكز في ضمير الإنسانية شعورٌ قويٌ يخالجُ وجدان كل إنسان بظهور المنقذ، ويتجلى هذا الشعور أكثر عندما تتعاظم الأمور وتتفاقم المحن وتدلهم الخطوب، ويُطبقُ الظلم، وهو ما تبشر به الأديان ويحكيه تاريخ الحضارات الإنسانية.
ومن المحققين الذين تناولوا القضية المهدوية الكبرى بالدراسة والتحليل سماحة آية الله السيد الأستاذ مرتضى الحسيني الشيرازي (حفظه الله تعالى) وضمن سلسلة الدروس والأبحاث التفسيرية، التي كان يلقيها علينا في حاضرة العلم والعلماء مدينة النجف الأشرف، فقد تناول سماحته مواضيع فكرية وأخرى تربوية أخلاقية هامة في زمن الغيبة الكبرى للإمام المنتظر (عليه السلام) ومن تلك المواضيع الرئيسية:
١- ** الأعجاز في عصر الظهور المقدس.
٢- ** المسؤولية الكبرى في زمن الغيبة هي (المرابطة).
٣- ** المرابطة في ثغري (التصور والتصديق) في زمن الغيبة.
٤- ** من وظائفنا في عصر الغيبة.
٥- ** (المتقدمات) على الظهور المبارك للإمام القائم المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
٦- ** المقدِّمات والمتقدِّمات والممهِّدات والمسؤوليات في زمن الغيبة الكبرى.
٧- ** أعلى درجات التواتر لإخبار مولد الإمام القائم المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
 وتعد هذه المباحث من المباحث الحيوية التي تشغل بال الكثير من المؤمنين التواقين الى الطلعة البهية، والغرة الحميدة، لإمامنا الغائب الحاضر (روحي فداه).
 وقد أبدع السيد الأستاذ (حفظه الله) في الإجابة على الكثير من التساؤلات المشروعة، والشبهات المغرضة، التي تثار من المؤمنين او المخالفين، ببيانٍ سلس هادفٍ جمع بين الخطاب الجماهيري والبعد التخصصي.
وقد مَن الله تعالى عليّ بان وفقني لكتابة وتقرير المباحث التفسيرية القيمة لسماحته (حفظه الله)، حتى خرجت مجموعة منها الى النور ككتاب (توبوا الى الله) و(الإمام الحسين وفروع الدين) ليأتي هذه الكتاب (المرابطة في زمن الغيبة الكبرى المقدمات والمتقدمات والممهدات والمسؤوليات في زمن الغيبة الكبرى) ثالثاً، مكملا لما ألقاءها في مدينة النجف الاشرف على ساكنها ألاف التحية والسلام؛ لان سماحته كان ولايزال يلقي الكثير من الدروس والمحاضرات الهادفة في العديد من الدول والمدن في مختلف القضايا الفكرية والثقافية والأخلاقية.
وختاما نسال الله سبحانه وتعالى أن يتقبل عملنا هذا بأحسن القبول وان يجعلنا من شيعة إمامنا المهدي المنتظر وأنصاره وأعوانه، ويهب لنا رحمته ورأفته، انه حسبنا ونعم الوكيل.
"اللهمُ إِنا نَرْغَبُ إليكَ في دولةٍ كريمةٍ تُعِزُّ بها الإسلامَ وأَهلَه، وتُذِلً بِها النِفاقَ وأهلَه، وتَجْعَلُنا فيها من الدُعاةِ إلى طاعَتِك، والقادَةِ إلى سَبيِلِك، وترزُقُنا بها كرامةَ الدنيا والآخرةِ".

أبو الحسن هادي الاسماعيلي
النجف الاشرف
١رجب الأصب ١٤٣٥هـ /٢٠١٤ م

الفصل الأول: الاعجاز في عصر الظهور المقدس
بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)(٢).
الاعجاز في عصر الظهور المقدس
في هذه الآية الشريفة هناك مواطن كثيرة للتوقف والتدبر والإستضائة، وفي كلمة (أشرقت) هناك إضاءات عديدية، نذكر إحدى تلك الإضاءات في هذه المحاضرة ثم ننطلق إلى صلب البحث إن شاء الله.
لماذا وردت (أشرقت) بصيغة الماضي؟
إن (أشرقت) كما هو واضح فعل ماضٍ وكذلك الأمر في سائر الأفعال الواردة في الآية الكريمة: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ) ففي كافة هذه الأفعال نجد أن الحديث كله جرى بصيغة الماضي عن أمر مستقبلي, وهناك بحث عام في سر أو علة استخدام القرآن الكريم في مواطن عديدة الفعل الماضي فيما يرتبط بالمستقبل.
وهذه الآية الشريفة تتحدث في ظاهرها وفي التنزيل عن القيامة، لكنها تتحدث في باطنها وفي التأويل عن زمن الظهور المبارك. (وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا) أي في يوم القيامة كظاهر وفي يوم الظهور المبارك كباطن، وكلاهما من المستقبل.
هنالك وجهان قد يعلّل بهما ذلك، أحدهما بلاغي والآخر فلسفي(٣):
١- لأن المجرد من الزمان محيط بالأزمنة الثلاثة
أما الوجه الفلسفي لتوجيه استخدام الله سبحانه وتعالى لما يقع في المستقبل بصيغة الماضي كما في هذه الآية الشريفة، وكما في (أَتَى أَمْرُ الله فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ), وكما في (غُلِبَتْ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ)، فانه يشير إلى أن الله سبحانه وتعالى حيث أنه مجرد عن الماضي والحاضر والمضارع، أي انه مجرد من الزمان، فهو المحيط بالأزمنة الثلاثة، فهو المهيمن عليها بأجمعها، إنما (الزماني) هو الذي تقيّده تصاريف الأفعال.
فكل منا كممكن مادي حيث انه محدود الآن في هذا الزمن، أي أن وجوده متحدد الآن في اللحظة الحاضرة، فليس موجودا الآن في الزمن الماضي، لذا الماضي بالنسبة لكل إنسان هو ماض، وكذلك ليس كل منا موجودا في الزمن الآتي ولذا المستقبل بالنسبة لكل فرد فرد هو مستقبل، ولذا فإن الأفعال بالقياس إلى آحاد الناس ستكون هي الحاكمة في عالم الإثبات ايضا، فكما أن الماضي والحاضر حددني وأطّرني ثبوتا، فإنه يحدد تعبيري عن أفعالي ايضا إثباتا، فأقول: جاء، يجيء، أو هو جاءٍ وأقول: جئت، أجيء، أنا جاءٍ.
أما لو فرض وجودي ممتداً، يعني كان وجودي – وكذلك وجود آحادكم – ممتداً على امتداد الزمن، يعني كنت أنا الآن في الماضي موجودا فرضا أيضاً - وفرض المحال- (أي المحال بالنسبة للمادي، وإلا فان المجرد مجرد) ليس بمحال - فان الأمر يختلف.
فلو فرض وجودي الآن في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل جميعاً، بان كان وجوداً منبسطاً في وقت واحد على الأزمنة ممتداً عليها، كما أنه في بُعد المكان نجد ان وجوداتنا ممتدة حسب الرقعة التي حزناها من دون تدافع، فكذلك لو كنا كذلك بالنسبة إلى الزمان، فان استخدامات الفعل ايضا كانت مطواعة بأيدينا تماما.
اما الله سبحانه وتعالى فحيث أنه محيط بالأزمنة كلها، فان المستقبل له كالحاضر وكالماضي، بوزان واحد، فمن الممكن أن يستخدم فعل الماضي للمستقبل، وفعل المستقبل للماضي، إذ كلها حاضرة لديه، وهو مهيمن عليها جميعاً بنحو واحد، إذ كلها بوزان واحد في شأنه.
والحاصل: أن الله لأنه مجرد عن الزمان ثبوتاً فله تعالى أن يعبر إثباتاً باي زمن شاء.
وهذه لفتة قرآنية بديعة، إذ عادة تجد الإنسان لا يستخدم هذه الطريقة لأنه متأطر بالزمان، فكيف يستطيع أن يتخلص من هذه العقدة؟ ولو تخلص فبتعمل وتمعن.
مناقشات للوجه الأول
لكن هذا الوجه ترد عليه مناقشات عديدة..
منها: أن المستقبل لا شك انه معدوم فكيف يكون حاضراً بنفسه قبل وجوده، لدى الله تعالى فهو تناقض لا يدفعه توهم اختلاف الرتبة.
ومنها: ان تجرد الفاعل عن الزمان لا يكفي مصححاً لتجريد ما يرتبط بالقابل غير المجرد عنه، عن الزمان.
ومنها: انه يلزم منه تحصيل الحاصل عند وجوده في المستقبل. وتفصيل هذا النقاش وغيره يترك للمباحث الكلامية التخصصية.
٢- لأنه مستقبل محقق الوقوع
الوجه الثاني وجه بلاغي معروف وواضح، وهو أن المستقبل المحقق الوقوع لأنه محقق الوقوع فانه يُنزّل منزلة الماضي، ولذلك فائدتان مزدوجتان:
الفائدة الأولى: هي للمتكلم؛ حيث إنه يريد أن يؤكد كلامه بأعلى درجات التأكيد بل بما يفوق قوله انه متيقن من وقوع هذا الحدث.
الفائدة الثانية: وهي للسامع؛ لكي تطمئن نفسه وتستقر. اذ تارة تعد الشخص بأن تبذل له شيئا،وهو وعد مستقبلي قد لا تفي به، لكنك لو صغته - ملتفِتا - بصيغة ماضية، فكأنه قد وقع، والماضي لا ينقلب عن ما وقع عليه فهل يمكن أن ينقلب الماضي عن ما وقع عليه؟ كلا. وكذلك ما نُزّل منزلته..
فلو كان المتكلم حكيما ملتفتا لما أمكن أن يتوهم الطرف في ذلك الخُلف، كما لا يمكن أن يتوهم في الماضي الانقلاب.
وهنا تتمات لهذا البحث نتركها للمستقبل إن شاء الله.
نظريتان حول عصر الظهور المبارك
في مبحث عصر الظهور هناك جوانب عديدة يمكن أن تدرس وتحلّل، إلا ان من الزوايا التي قلّ ان تطرق هي القضية التالية والتي لها بعدان: بعد علمي معرفي، ثم بعد تربوي عملي. فنقول:
هناك نظريتان حول عصر الظهور:
النظرية الأولى: ترى بأن ما بعد الظهور سيبقى عالم الأسباب والمسببات على حاله وكما هو، والإعجاز إنما هو ظاهرة استثنائية في هذا العالم وليست هي الأصل نعم ستتوسع رقعته وتتضمن مفاجآت مذهلة للبشرية.
النظرية الثانية: ولعلها هي المرتكزة في الأذهان أكثر: أن عصر الظهور أي ما بعد الظهور، هو عصر الإعجاز الإلهي بكل المقاييس، فهو عالم الإعجاز. فهو عالم من نمط آخر، ليس مطابقاً لهذا العالم الذي نراه؛ بل هو عالم مختلف بكل المقاييس: نفسيا، روحيا، عقليا، فكريا، ماديا، فيزيائيا، كمياويا، وغير ذلك، كل شيء فيه يختلف.
والسؤال الآن هو:
هل الأصل في زمن ما بعد الغيبة هو الإعجاز؟ أم ان الأصل هو الأسباب والمسببات قد طعّمت أحيانا بلفتات إعجازية؟ أم أن الأمر غير ذلك، فتوجد هناك نظرية ثالثة، أو رأي ثالث؟.
سوف نجد ان لكلتا النظريتين أدلة وشواهد، وسوف نشير إلى بعض ما يمكن أن ينصر به هذا الرأي أو ذاك الرأي او الرأي الثالث، وبعد ذلك سوف نبحث الأثر التربوي لهذه النظريات.
النظرية الأولى: عصر الظهور هو عصر الأسباب والمسببات، كأصل عام
النظرية الأولى: تقول بأن كل ما يحدث في عصر الظهور فإنه مفسَّر ومبرَّر ومعلَّل علميا، وان كل قضية يمكن أن تدرس من زاوية علمية وتبرهن وتوضح بحسب أدلتها ومعطياتها، فلماذا نلجأ للإعجاز؟ من غير إنكار للإعجاز، لكن هذه القضايا التي قد أشير لها في الروايات هي مما سيحدث في عصر الظهور سيصل لها التطور العلمي الطبيعي، إنما الإعجاز استثناء، كما كان في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ كان الإعجاز موجوداً، لكن القاعدة العامة هي نظام الأسباب والمسببات.
فمثلا: قول الإمام الباقر عليه الصلاة وأزكى السلام: «إذا قام قائمنا وضع الله يده(٤) على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم»(٥).
هذه الرواية يمكن أن تفسر على حسب التحليل الأول بالتفسير الطبيعي، لأن اليد كناية عن يد القدرة وليست هذه اليد المادية كما هو واضح، وقدرة الله سبحانه وتعالى في مخلوقاته - عادةً - تجلت عبر الأسباب والمسببات، فهناك تطور طبيعي تدريجي، وتكامل معرفي تدريجي، ونضج عقلي، ولا شك ان الله سبحانه وتعالى بيده أسباب هذا التطور وهو المهيمن عليه وهو الذي اذن به وسبّب له الأسباب من قسرية واختيارية. لكن سنة التطور جارية سيالة حسب القوانين الطبيعية التي أودعها الله في الكون والمجتمع.
الرواية الثانية عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ان قائمنا اذا قام مدَّ الله (عزّ وجلّ) لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد(٦) يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه»(٧).
وهذه الرواية يمكن أيضاً أن تفسر علمياً، وقد توصل العلم الحديث إلى نوع من أنواع ذلك، فان الإنسان يمكنه ان يرى صاحبه وهو في الغرب أو في الشرق ويسمع كلامه أيضاً، عبر أجهزة بحجم الكف(٨).
إذن هذه الروايات يمكن أن تفسر وتحلل بتفسير علمي، فهذه الروايات – حسب هذه النظرية – تشير إلى أن عصر الظهور هو قمة في العلم والمعرفة، والإمام سوف يظهر في هذا الزمان ويكون المهيمن عليه والقائد والإمام بقول مطلق، كما أن النبي (صلى الله عليه وآله) ظهر في زمن كان العرب فيه القمة في البلاغة فأكمل المسيرة وأضاف إليها ما أضاف مما أعجزهم وهيمن عليهم، كما هو أشهر من ان يسطر.
النظرية الثانية: عصر الظهور هو عصر الإعجاز، كأصل عام
الرأي الآخر يرى بأن كل تلك المذكورات هي جوانب إعجازية، كبقية الجوانب، فكل ما في الكون سيكون بإعجاز كقاعدة عامة.
وهذه النظرية الثانية تفسر مثل هذه الروايات كما هو واضح بتفسير غيبي، وتستدل على ذلك بروايات أخرى لا يمكن أن تفسر علميا، وهنا أقول: اننا عند استعراضنا لبعض الروايات فان من الحسن جداً أن نجعل أنفسنا في تلك الأجواء: اجواء جنة الأرض كي نزداد إليها شوقا وبذلك سوف نربح فائدة كبيرة أخرى إضافة إلى فائدة البحث العلمي والتربوي.
شواهد على نظرية الإعجاز المطلق
فمن الروايات الشريفة، وما أكثرها والتي يعسر بل قد لا يمكن في بعض بنودها أن تُفسر تفسيرا علميا الرواية التالية:
يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «إذا قام القائم استنزل المؤمنُ الطير من الهواء، فيذبحه فيشويه ويأكل لحمه ولايكسر عظمه، ثم يقول له: إحيَ بإذن الله فيحيى ويطير، وكذلك الضباء من الصحاري، ويكون (أي الامام (عليه السلام)) ضوءَ البلاد ونورَهَا، ولا يحتاجون إلى شمس ولا قمر، ولا يكون على وجه الأرض مؤذٍ ولا شر ولا اثم ولا فساد أصلا، لان الدعوة سماوية، وليست بأرضية، ولا يكون للشيطان فيها وسوسة، ولا عمل ولا حسد ولا شيء من الفساد».
ثم يقول الإمام (عليه السلام): «وإن الرجل ليكسو ابنه الثوب فيطول معه كلما طال ويتلون بأي لون أحب وشاء»(٩).
وذلك كله إعجاز دون شك فان قوله (وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ)، ليس تطورا علميا حتى يفسر البعض مثل هذه الرواية أيضا بأنه نتيجة تطور علم الاستنساخ وعلم الهندسة الوراثية، فهما وان كانا يتطوران في تسريع حركة الجينات فيحتمل – عقلاً - ان ينمو الشيء دفعة واحدة، فيقطع مسافة سنة في دقيقة واحدة مثلاً، الا ان الرواية صريحة في نهايتها: «ثم يقول له احيَ بإذن الله فيحيى ويطير».
وكذلك قوله (عليه السلام) «ولا يحتاجون إلى شمس ولا قمر...» فان هذه المنظومة ليست منظومة الأسباب الطبيعية التي نعهدها، لأن الكرة الأرضية قائمة بالشمس والقمر: في ضيائها، في حرارتها، في جاذبيتها وانجذابها وكونها في المدار الطبيعي(١٠)، في مدها وجزرها، وغير ذلك.
وكذلك قوله (عليه السلام) «فإن الدعوة سماوية وليست بأرضية» فان هذا التعليل أيضا صريح في ان هذا العالم استثنائي وانه عالم آخر، وليس العالم المعهود الذي نعرفه من عالم الأسباب والمسببات.
نعم قوله (عليه السلام): «فيطول معه كلما طال ويتلون بأي لون أحب وشاء» قد يفسر علميا؛ فقد اقترب العلم الحديث لهذه النقطة الأخيرة بصناعة ملابس تتلون طبيعيا آلياً وتطول وتقصر طبيعيا.
حسنا فلنفترض ذلك، لكن هناك مقاطع اخرى لا يمكن أن تفسر علميا أبداً فان الإمام يقول:
«ويصافح المؤمنون الملائكة، ويوحى إليهم، ويحيون (ويجتمعون مع) الموتى بإذن الله...».
وهذا عالم غيبي، وهو عالم آخر بلا شك؛ فانه عالم يتداخل فيه عالم الغيب وعالم الشهود، وهذا العالم لا يستطيع العلم البشري أن يصل إليه مهما حلَّق.
إذن النظرية الأولى ترى بأن عالم الظهور هو عالم الأسباب والمسببات في البعد العملي وفي البعد المعرفي، بينما النظرية الثانية تذهب الى ان عالم الظهور هو عالم الإعجاز المطلق.
وقد يستشهد للنظرية الاولى بسنة الله في الكون؛ لأن الله سبحانه وتعالى جرت سنتَّه على التكامل الطبيعي التدريجي، ثم على ضوء الكمال البشري كانت تحدث ألطاف إلهية كبرى، وكان كل لطف إلهي كبير بإرسال نبي أو نصب إمام مرتهناً بالوضع العام للبشرية في ذلك الزمن.
فمثلا: نبي الله موسى (عليه السلام)، بعث بالعصى وغيرها، أي ان إعجازه كان العصى التي تأكل وتلقف ما يافكون؛ لأن التطور العملي في ذلك الوقت أو التميز كان في حقل السحر، فكانت العصى هي المعجزة المناسبة لهذا الجو والمهيمنة عليه بحق.
وفي زمن نبي الله عيسى (عليه السلام) كان الطب في قمته، فبُعِث عيسى (عليه السلام) بمعجزة إبراء الأكمه والأبرص بإذن الله وإحياء الموتى بإذنه تعالى.
وفي زمن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) كان العرب الذين بعث النبي بلغتهم وفيهم، قمة في البلاغة والفصاحة، لذلك نزل القرآن قمة في الإعجاز البلاغي إضافة لسائر أنحاء إعجازه.
ومن نافلة القول ان نشير إلى انه حتى الآن ورغم تطور العلم الحديث اللغوي والأدبي، أي تطور اللغة الانجليزية وغيرها، وامتلائها بالكلمات والمفردات المستحدثة، ورغم تطور الأدب الانجليزي والفرنسي وغيرهما، فانه لاتزال اللغة العربية أقوى اللغات على الإطلاق في إعجازها البلاغي بإذعان كثير منهم ايضا.
والمستظهر ان اللغة العربية كانت ولا زالت وستبقى اللغة الوحيدة المؤهلة لكي تحمل رسالة السماء، لذا نزلت الآيات القرآنية بهذه اللغة.
اما زمان الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف فانه سيكون القمة في التطور العلمي وفي التطور المعرفي، فسيكون ظهور الإمام عليه الصلاة وأزكى السلام في هذا الجو، ويطعّم ذلك بالمعاجز بدون كلام، إلا ان الأصل في هذا العالم سيبقى كونه عالم الأسباب والمسببات حسب هذه النظرية.
ثم ان هذه النظرية ترى أن عالم الأسباب والمسببات يقود إلى عهد الظهور ويسوق إليه، إنما الأمر في التقديم والتأخير منوط بمقدمات آخرى وسيأتي بحث ذلك بإذن الله تعالى.
الأثر التربوي لنظرية الأسباب والمسببات
ان الأثر التربوي للنظرية الاولى واضح، لكن ماذا عن النظرية الثانية؟ ثم ما هو المستظهر في المقام؟.
ان الأثر التربوي لنظرية الاسباب والمسببات واضح، فإذا كان العالم عالم الأسباب والمسببات فان كل خطوة تقوم بها، معرفيا أو علميا، فإنها تمهد للظهور سواء أقصدها الإنسان أم لم يقصد(١١).
فعلى ضوء هذه النظرية فإن كل تطور علمي يحدث في الكون: في الأرض أو في السماء، سواء أقام به مسلم ام غيره، فإنه شاء أم أبى، قصد أم لم يقصد، يقع في عجلة تسريع الظهور المبارك، بنحو الاقتضاء لا العِلّية.
وهنا تتجلى لنا ثمرة هامة جداً لهذه النظرية: هي اننا سنمتلك بذلك لغة خطاب جديدة مع علماء العصر الحديث, اذ اننا عادة ننطلق في قضية الظهور من منطلق ديني أو مذهبي، وذلك ضروري ولازم، لكنه قد يوجِد حاجزاً نفسياً بيننا وبين بعض المسيحيين وكذا البوذيين وغيرهم؛ اذ يرى ان هذا الشخص مسلم من دين آخر ويتحدث بلغة أخرى، إلا لو هداه الله سبحانه وتعالى للجادة وللطريق الصحيح، لكن لو سلكنا هذا الطريق الجديد – أيضاً - في خطاب الطرف الآخر واستطعنا أن ننضجه ونبرهنه، لحققّ ذلك مكسباً جديداً وطريقاً حديثاً للهداية، والبراهين على ذلك موجودة في بطون الروايات، بمعنى أن هذه المؤشرات المذكورة في الروايات عن زمن الظهور وبعده - لو فسرناها بكونها مندرجة تحت التطور العلمي وطبق نظام الاسباب والمسببات - كلها تكشف عن أن المتكلم بها يعرف المستقبل كما نعرفه نحن، ويعرف الحاضر كما نعرفه نحن، بل أفضل مما نعرفه؛ ذلك ان كثيراً من المكتشفات العلمية الغريبة يجدها المتتبع بجذورها او نتائجها مذكورة في الروايات، بل الأغرب منها مذكور فيها، مما لعله سيصل له العلم، فإذا تسلحنا بهذه اللغة من الخطاب، فانه خطاب علمي ينفع لهداية الكثير من العلماء: أن الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه سيأتي في مثل هذا العصر وسيكون قمة القمة في التطور العلمي والمعرفي الذي أنت - ايها العالم الغربي او الشرقي - ايضا من الممهدين(١٢) له، وان كان ذلك من حيث لا تدري، فلمَ لا تكون من المنتفعين به؟ فانه قد يمهِّد شخص لظهور شخص آخر أو لمجيئه، لكنه يستقر بعد ذلك في الجبهة المقابلة، فيكون هو الخاسر الأكبر، لكنه قد يكون من الممهدين ثم من المنتفعين أيضا، وهذا البحث يحتاج إلى مزيد من البحث والتأمل والنقاش وسيأتي لاحقاً بإذن الله تعالى.
والامر شبيه إلى حد كبير باستدلالنا على التوحيد: حيث ان أدلتنا على توحيد الله سبحانه وتعالى، قد نسلك فيها مسلك الفطرة، وتارة نسلك مسلك العلم فنستند إلى برهان النظم مثلاً، وأن النظم الحاكم على الذرة هي بنفسها الحاكمة على المجرة وعلى كل أجزاء الكون، فالخالق واحد إذاً، وهذا طريق علمي ولغة خطاب أخرى.
والحاصل: اننا عندما نخاطب الطرف الآخر، فتارة نخاطبه بمصطلحات دينية ومنطلق ديني، وتارة اخرى نخاطبه بمصطلحات علمية ومنطلقات علمية.
فهذا إذن مدخل للحديث مع الآخرين في قضية عصر الظهور المبارك، على حسب الرأي الثاني.
النظرية الثالثة: كلاهما الأصل: ١- الأسباب والمسببات ٢- وأنواع الإعجاز
الرأي الثالث يرى أمرا وسطا بين الأمرين إذ يجمع هذا الرأي بين الرأيين فيراهما مجموعاً أصليين، أي يجمع بين سنة الله في الكون من جهة، وانها على التطور التدريجي المعرفي والعلمي، وبين الفيض الإلهي واللطف الإلهي الإعجازي الكبير المهيمن على مستوى تطور البشرية، فالمجموع هو الأصل وليس احدهما أصلاً والآخر استثناءاً.
فالنظرية الثالثة وجه جمع بين ملاحظة سنة الله في الكون، وبين ملاحظة الروايات الكثيرة التي لا شك في أنها تشير إلى اعجازات كثيرة كبيرة ومتنوعة.
وذلك يعني انها ليست قضية تطعيم ببعض مظاهر الإعجاز، وإنما ستكون البشرية في القمة العلمية والمعرفية بما يؤهلها لحدوث قفزات إعجازية لا تتصور.
وبكلمة: فانه سيكون عصر الظهور المبارك هو مجمع الاثنين معا، فمن جهة فان البشر سيكونون قمة القمة في العلم وقمة القمة في المعرفة: إما كلهم او النخبة منهم، وهذا بحث قد سنشير له لاحقاً بإذن الله تعالى: هل ان كل البشر سيكونون القمة المعرفية والعلمية والعملية، أم أن نخبة النخبة – يعني الـ ٣١٣ والـ ١٠.٠٠٠ - سيكونون هم قمة القمة؟ ايهما؟
وسنذكر لاحقاً أنه لا شك في أن القمة ونخبة النخبة سيكونون هم القمة، لكن هناك إشارات عديدة في الروايات قد يستفاد منها أن البشر ايضا بشكل عام سيكونون كأشد ما يكونون من التهيؤ ومن النمو لاستقبال هذا الحدث العظيم.
ولعل الأظهر – والله العالم - على حسب ملاحظة سنة الله سبحانه وتعالى ومجموعة الروايات هو هذا الرأي الثالث وهو: أن كلا الأمرين سيكون في أعلى درجاته، يعني: عالم الاسباب والمسببات سيبلغ أقصى مدياته، وعالم الإعجاز ايضا متناسبا(١٣) مع عالم الاسباب والمسببات سيبلغ أقصى مدياته ايضا.
كل تطور علمي وإنجاز وعمل صالح هو مقدمة
وإذا كان الأمر كذلك فإن المعادلة التربوية ستتجلى بشكل شامل عميق أيضاً، وسنستنتج من ذلك أن أي واحد منا – وسنفصله في بحثٍ قادمٍ أكثر إن شاء الله - لو أسس مكتبة أو حسينية أو صندوقاً للإقراض الخيري، فإن هذه الحسينية أو المكتبة أو الصندوق يحتمل ان تكون خطوة من مليار أو ترليون – أو أكثر أو أقل - خطوة مما يقرب عصر الظهور بنحو الاقتضاء(١٤).
وكذلك إذا أسس الإنسان مدرسة علمية أو ميتماً أو مسجدا واحدا، فإن تلك المدرسة أو ذلك الميتم أو هذا المسجد قد يكون خطوة من مليار خطوة مما يقرب عصر الظهور.
وكذلك لو أسس جامعة أيضا على الطريق الصحيح أو فضائية ملتزمة، فإن هذه الجامعة أو الفضائية التي تسهم في رقي البشرية علميا أو معرفيا، فإنها ايضا يحتمل ان تكون خطوة من خطوات تقريب عصر الظهور.
فليست إذن تصفية الانفس وتهذيبها هي العامل الوحيد المقرب لعصر الظهور، وإن كان عاملا أساسياً جوهرياً أكيدا حقيقيا لا شك فيه، بل ان أي إنجاز علمي او معرفي يحتمل ايضاً ان يكون مما يقدم(١٥) عصر الظهور أكثر أيضا.
وكذلك أي إنجاز صناعي، فلو أن البشرية تطورت صناعياً، وكذا لو أننا في العراق مثلاً زراعياً تطورنا أو صناعياً أو طبياً، فإن ذلك قد يكون من الممهدات للظهور المبارك، فلننظر للقضية إذاً من هذه الزاوية أيضاً:
 أن هذا التطوير الصناعي، الزراعي، الفكري، العلمي، على مستوى هذا البلد أو أي بلد آخر، وكذلك التطور في النظافة، النظام، الأمن، الاستقرار، الازدهار، وكل خطوة أخرى فانها يحتمل ان تكون علة معدة من سلسلة ترليون خطوة مقربة من عصر الظهور.
اننا إذا نظرنا للقضية من هذه الزاوية، فإن أي عمل نقوم به علمياً كان أو معرفياً أو صناعيا أو زراعيا أو تربوياً، سيكون عندئذ – لو قمنا به من هذا المنظور - متلونا بلون السماء، وسيكون عندئذ مباركاً، وسيكون الاجر عندئذٍ فيه أعظم، وسيدفعنا ذلك لنكون نحن المبادرين والسباقّين في كلا الحقلين بدل أن يكون الآخرون السباقين في أحد الحقلين.
إذن كل خطوة علمية أو معرفية، كل كتاب يكتب شرط استقامته؛ اذ لولا استقامته لشكل عقبة وعثرة في طريق الظهور، كل محاضرة تلقى، كل شخص يُربى، كل طفل يُنمّى ويزكى، وكل مدرسة او ميتم او حسينية أو مكتبة او صندوق للإقراض الخيري يؤسس، فإنه يحتمل ان يكون – بلطف الله تعالى - من العوامل الممهدة للظهور المبارك.
وعند ظهوره ستشرق الأرض بنور الله سبحانه وتعالى أو بنور رب الأرض وندعو الله جميعا ان نكون بلطف مولى الكونين أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ودعائه، من أعوانه وأنصاره والمجاهدين تحت لوائه والمستشهدين بين يديه، إن شاء الله.

الفصل الثاني: مسؤولية (المرابطة في الثغور) في زمن الغيبة الكبرى

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا)(١٦).
ويقول جل اسمه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(١٧).
المسؤولية الكبرى في زمن الغيبة هي (المرابطة)
الكلام في هذا الفصل يدور بحول الله تعالى حول مبحثين يتعلقان بكلمتين في هاتين الآيتين المباركتين المترابطتين.
المبحث الأول: حول كلمة (أشرقت)، ويعدُّ تتمةً للبحث الماضي.
المبحث الثاني: حول كلمة المرابطة في قوله تعالى: (وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ) والتي ترتبط جوهريا بكلمة (أشرقت) في تلك الآية الأخرى.
تفسيران لاستخدام فعل الماضي عند الحديث عن المستقبل
المبحث الأول:
أما كلمة أشرقت في قوله تعالى: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا) فقد مضى في الفصل السابق أن هذه الآية ظاهرها هو يوم القيامة، لكن تأويلها وباطنها هو يوم الظهور المبارك. (رزقنا الله وإياكم أن نكون ممن يشهد هذا الظهور المبارك الميمون وممن يكون من خلّص خدمه وأنصاره وشيعته والمجاهدين بين يديه والمستشهدين في سبيله وطريقه إن شاء الله).
وقد ذكرنا أن صيغة الماضي عندما تستخدم في المستقبل، فان لها تفسيرين من جملة تفسيرات اخرى؛ تفسيراً أدبياً بلاغياً لنا عليه تتمة اتية، وتفسيراً فلسفياً.
التفسير الثالث: فرضية: المتفرقات في وعاء الزمن مجتمعات في وعاء الدهر
وأما التفسير الآخر فهو فلسفي عرفاني، نوضحه ثم نناقشه بإيجاز.
فقد سبق الوجه الفلسفي الذي يرى بأن الله سبحانه وتعالى حيث أنه مجرد من الزمان ومهيمن عليه ومحيط به؛ ولذا تتساوى بالنسبة له الأزمنة الثلاثة؛ الماضي والحاضر والمستقبل، فلذا من الممكن أن يعبر عن كل زمن باي فعل من الأفعال الثلاثة، حيث أنه مهيمن على الزمان وعلى الأفعال، وغير متأطر بها.
واما الوجه العرفاني: فان بعض الفلاسفة العرفاء ذهبوا إلى ان المتفرقات في وعاء الزمان مجتمعات في وعاء الدهر، لتبرير مثل هذه القضية.
ويعنون بذلك انه يوجد ههنا ظرفان ووعاءان؛ الظرف الأول: هو ظرف الزمان، الظرف الثاني: هو ظرف الدهر.
وكما يقول السبزواري في حاشيته على الأسفار أن الدهر هو روح الزمان أو هو المحيط بالزمان، في تعبيرين.
والمنسوب إلى المعلم الأول في كتاب أثولوجيا هو أن الأشياء كلها حاضرة لدى الله، فالماضي حاضر لدى الله الآن، والحاضر حاضر لدى الله الآن، والمستقبل حاضر لدى الله الآن.
ولكن كيف؟ يفسرون ذلك بفرضية وعاء الدهر، إذ من الواضح أن الماضي قد مضى وقته ولزم أجله، فقد كان لكنه الآن ليس بكائن، ولا وجود له بالفعل وقد انقضى، وأما المستقبل فهو مستقبل ولم يأتِ، فكيف يكون حاضرا بالفعل؟ فيفسرون ذلك بأن لنا وعائين، وعاء الزمان وهو المتصرّم التدريجي بين الماضي والحاضر والمستقبل، أما وعاء الدهر فهو محيط بهذه الأزمنة الثلاثة.
فالماضي موجود الآن في وعاء الدهر، والمستقبل الآن موجود في وعاء الدهر، بل يرون للحركة ايضاً وجودين؛ وجوداً متدرجاً متصرماً ووجوداً آخر ثابتاً!.
كما جاء ذلك في الفتوحات المكية وفي الأسفار وغيرها.
من وجوه مناقشة هذه الفرضية
هذا البحث كما هو واضح هو بحث تخصصي، لكننا نشير إلى بعض وجوه النقاش فيه إشارة عابرة.
نقول وبإيجاز:
أولاً: هذه الدعوى دعوى بلا دليل، لأن كل مدّعٍ يحتاج إلى دليل، فأين الدليل؟ انهم لم يقيموا أي دليل سوى تكرار الإدعاء بعبارات أخرى.
ثانياً: بل نقول: ان هذا في الواقع لا يعدو ان يكون نوعاً من الخيال العلمي، او الخيال الشعري أو ما أشبه؛ فان البديهة والوجدان يشهدان على أنه ليس لكل واحد منا وجودان في وعائين: ١- وجود في وعاء الزمن وهو متدرج متصرّم - حسب كلامه المنسوب إليه في آثولوجيا - وهذا التصرم وهذه التدريجية إنما هي في وعاء الزمان، ٢- ووجود آخر في وعاء الدهر ثابت ولا يعتريه التغير والنقصان والزيادة والتحولات.
فان ذلك خلاف الضرورة والوجدان
والحاصل: ان نتيجة كلامهم هي: أن هاهنا زمانين: الزمان المعهود المتصرم التدريجي الذي ينقضي آنا فآناً، وزماناً آخر يسمى بالدهر، وهو ظرف أيضا، لكنه ليس بمعنى الزمان، وكل الأشياء المتصرمة فيه غير متصرمة!.
لكن الفطرة تشهد بخلاف ذلك؛ اذ من البديهي أن لك وجودا واحدا وليس وجودان. وان الحركة متدرجة متصرمة وليست ثابتة بأي معنى حقيقي يراد، نعم إذا كان المراد مجرد معنى مجازي، فلا بأس، لكنه في حقيقته مجرد خيال علمي أو توهم شعري. الا ان كلامهم بحسب الظاهر ليس عن عالم الخيال والتخيل بل يرون انها حقيقة بل هي حقيقة أسمى من حقيقة الزمان!.
ثالثاً: ثم إن ذلك يلزم منه التناقض، لأن الوجود المستقبلي ليس متحققا في الحال وإنما سيتحقق، مثلا: غدا سيصبح فلان ثريا، وغدا ستشرق شمس غد، وهكذا. ولكن - وحسب هذا الكلام - فإن شمس غد ليست بمشرقة وهي مشرقة أيضا، اما ليست بمشرقة فلأنها زمانية وهي في الزمان، والزمان لمّا يأتِ بعد، واما هي مشرقة الآن؛ فلأنها في وعاء الدهر متحققة(١٨) ووعاء الدهر موجود الآن، ومحيط بالفعل - (الآن) استخدمناها لا بالمعنى الزماني وإنما بالمعنى الفعلي - فيلزم جمع النقيضين، وهو محال بل إليه مرجع المحالات كلها.
ورابعاً: أنه يلزم منه تحصيل الحاصل، لأننا نتساءل ما الذي سيوجد غدا؟ إما نفسه(١٩) او غيره، وعلى الثاني يلزم ان لا يكون موجودا الآن بل الموجود غيره، وعلى الأول يلزم تحصيل الحاصل، وهو محال كما أقروا.
ولهذا الكلام تتمة بل تتمات، نتركها للبحث المتخصص بإذن الله تعالى.
الوجه الادبي: ان المستقبل المحقق الوقوع ينزل منزلة الماضي لإفادة القطع به، إذ كما ان الماضي لا يمكن أن ينقلب عما وقع عليه، ايضا لو كان المستقبل مقطوع الوقوع فهو يشترك مع الماضي في هذه الجهة، فلذا نعبر عنه بالفعل الماضي لإفادة هذا المعنى.
المرابطة في الثغر الديني والعلمي والاقتصادي و...
المبحث الثاني:
والحديث هنا يدور حول كلمة (المرابطة)، والتي سيتضح أنها مرتبطة ارتباطا جوهريا بكلمة (اشرقت) في تلك الآية الكريمة.
يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ).
ماذا تعني المرابطة؟
المرابطة: تعني ملازمة الثغر، فإذا كان الإنسان في الثغر الذي يلي حدود العدو فهو مرابط، أي: ملازم للثغر، والثغر يعني الموضع الذي يُخاف ان يتسلل العدو منه أو يهاجمنا من خلاله.
فملازمة الثغر تسمى المرابطة لديه.
وهناك تفسير أخر للمرابطة مذكور في كتب اللغة(٢٠) وهو: (المرابطة: المواظبة على الأمر).
وعليه: فان الأم مثلاً عندما تدبر أمر أطفالها ليلا ونهاراً، وتقوم بالمواظبة عليهم جيدا، فانه يقال عنها: إنها مرابطة في ثغر المنزل، فقد اختلف نوع الثغر هاهنا، لكن المرابطة كجنس وجوهر وجامع، موجودة متحققة فهي إذن مرابِطة على تربية أبناءها.
مثال ثان: طالب العلم الذي يواظب على درسه ودراسته نقول عنه انه: مرابط على طلب العلم، وهكذا وهلم جرى.
والجامع هو: ان (المرابطة) لا تختص بالثغر العسكري، وإنما تشمل الثغر الاقتصادي، والثغر الاجتماعي. فإن الذين يحافظون على اقتصاد البلد من أن تحطمه السياسات أو التشريعات الخاطئة، هم مرابطون في هذا الثغر، كي لا تعصف رياح الفقر بالبلاد، أو التضخم أو غير ذلك.
كما انه قد يكون الإنسان مرابطا في الثغر العلمي، أو في الثغر المعرفي، أو في الثغر الأصولي أو الفقهي أو الكلامي أو غير ذلك.
فالمرابطة بتفسيرها الثاني: تعني المواظبة على الأمر، فإن كان مواظبا حقا فهو مرابط حقا، كما أنها بتفسيرها الأول شاملة لكل ذلك أيضاً لو عمّمنا الثغر.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا) وفي كلمتي اصبروا وصابروا كلام طويل ليس مجال ذكرهما هنا (وَرَابِطُوا)، فالمرابطة هنا تعني ملازمة الثغر بالمعنى الأعم، لا بالمعنى الأخص كما تدل عليه الروايات ايضا.
وتعني: واظبوا على الأمر؛ على أمر الدين، أمر العقيدة والشريعة، وبكلمة دقيقة: رابطوا على أمر الأئمة الأطهار (صلوات الله وسلامه عليهم).
معاني المرابطة على ضوء الروايات الشريفة
ان هذه الآية الشريفة فُسِّرت بالمصداق الأجلى لها في زمن الغيبة، فقد ورد في بعض الروايات:
١- المرابطة على الأئمة (عليهم السلام)
الرواية الأولى:
فقد جاء في تفسير البرهان - وهو أجمع التفاسير للروايات المتعلقة بتأويل الآيات(٢١) - عن تفسير علي بن إبراهيم القمي، في تفسير هذه الآية الشريفة، قال الامام الصادق (عليه السلام): «اصبروا على المصائب، وصابروا على الفرائض، ورابطوا على الأئمة»(٢٢).
وبناءاً على ذلك فان وظيفتنا الأساسية الأولى الكبرى الجوهرية في زمن الغيبة هي أن نرابط على الأئمة، ولكن كيف؟ هذا ما سيتبين بعد قليل بإذن الله تعالى.
٢- المرابطة على أوامرهم (عليهم السلام)
الرواية الثانية: ينقلها البرهان عن مختصر بصائر الدرجات في هذه الآية الشريفة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا) قال الامام الصادق (عليه السلام): «اصبروا على دينكم، وصابروا على عدوكم، ورابطوا إمامكم فيما أمركم»(٢٣).
هذه الرواية توضح بعض أبعاد تلك الرواية الأولى. ذلك ان الرواية الأولى تقول رابطوا على الأئمة، لكن ماذا يعني ان نرابط على الأئمة؟ يعني فيما يعني: واظبوا على أوامر الأئمة ولازموها، فان هذا الثغر هو الذي يدخل منه عليكم إبليس والنفس الأمارة بالسوء، كي تتهاونوا عنه وتتكاسلوا أو تعرضوا عنه – لا سمح الله – أو تعادوا.
وأوامر الأئمة وما أكثرها هي المتطابقة للقرآن الكريم في مختلف الحقول، كما انها المفسرة للقران الكريم والشارحة أو المأولة، ظهراً وبطناً له، ومن تلك الاوامر: لزوم المواظبة على المعروف، وعلى الأمر به؛ فان الذي يأمر بالمعروف مرابطاً في هذا الثغر ليل نهار في مختلف الجهات، يكون هو الذي قد عمل بهذه الآية القرآنية الشريفة.
وبذلك يتضح الجواب عن السؤال التالي رابطوا إمامكم في ماذا وكيف؟ مع أن الإمام غائب الآن؟ فالاجابة هي المرابطة فيما أمركم به وفرضه عليكم.
٣- المرابطة على الاقتداء بهم
الرواية الثالثة: وهذه الروايات يكمل بعضها الآخر، قال الامام الصادق (عليه السلام) لابي بصير: «اصبروا على المصائب، وصابروهم على التقية، ورابطوا على من تقتدون به، واتقوا الله لعلكم تفلحون»(٢٤).
فالأئمة هم قدوة في كل الجهات من الفضائل والواجبات، وليسوا قدوة في فعل الواجبات وفي ترك المحرمات فقط، بل هم قدوة في الفضائل ايضا: أ- في الشجاعة مثلاً فان المؤمن ينبغي أن يكون شجاعا غير جبان يفر عند أدنى مواجهة مع جبهة الباطل. ب- وفي الكرم أيضاً فان المؤمن ينبغي أن يكون كريما، ج- كما ينبغي أن يكون بشوشا حسن الخلق، د- وينبغي أن يكون متواضعا فيرابط عند ثغر التواضع، إذ أن التواضع يحتاج إلى مرابطة دائمة، ذلك ان الإنسان عندما يترقى في الأسباب، ويحصل على مال أو علم أو جمال أو كمال أو أي شيء آخر، فانه عادة يفقد دفعة أو تدريجاً ميزة التواضع، فلا بد أن نرابط على التواضع والكرم والشجاعة وحسن الخلق، وعلى كل ما يجب ان نقتدي به في الأئمة الأطهار (عليهم السلام).
إن الفضائل كلها تحتاج إلى مرابطة، فاللازم على الإنسان ان يرابط عند قلبه وصفاته النفسية، كما يرابط الجندي في الثغر على حدود البلاد، كي لا تتسلل إليه رذائل الأخلاق، كالحسد؛ فان الإنسان من طبيعته الابتلاء بالحسد، فهو بذرة موجودة في النفس تنمو وتنمو لو اهمل المواظبة عليها والمرابطة عليها.
كذلك الحقد، الكبرياء، التكبر، العجب، فان الإنسان قد يلقي محاضرة جيدة أو يكتب كتابا يلقى رواجا واسعاً أو يؤسس مؤسسة ضخمة أو يحقق إنجازاً كبيراً فيسمع الناس يمدحونه من هنا وهناك، فيأخذه بعض العجب، فيحبط بذلك عمله.
وكذلك الظلم، فان من يظلم زوجته مثلاً فانه بذلك يحبط عمله، وكذلك من يظلم أخاه أو شريكه أو حتى منافسه، فكيف بمن يظلم إمامه أو مذهبه فيكون لا سمح الله كما قال تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً).
إذاً: رابطوا على صالح أعمالكم، وعلى من تقتدون به، كي لا تنسفها رياح الرذائل الاخلاقية من عجب وغرور وتكبر وظلم وخيانة وغيرها نسفاً.
٤- المرابطة في سبيل الله
الرواية الرابعة: وهي تكمّل الصورة أكثر، فقد ورد في تفسير العياشي عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال لمسعدة بن صدقة: (اصْبِرُوا) عن المعاصي (وَصَابِرُوا) على الفرائض (وَاتَّقُوا اللهَ) يقول: مروا، بالمعروف وانهوا عن المنكر ثم قال: وأي منكر أنكر من ظلم الأمة لنا، وقتلهم إيانا (وَرَابِطُوا) يقول في سبيل الله، ونحن السبيل فيما بين الله وخلقه، ونحن الرباط الأدنى، فمن جاهد عنا فقد جاهد عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وما جاء به من عند الله)(٢٥).
 فالمرابط في سبيل الله هو العامل بهذا الآية الشريفة؛ في صدقه، في وفاءه، في هدايته للناس، وفي سمته، في هديه، في مشيته، في تأليفه، في محاضراته، في تنظيمه وتربيته، في كل ذلك يرابط في سبيل الله.
فهل نحن حقا مرابطون في سبيل الله؟ أو أننا أحيانا نقوم بالوظيفة، ولعدة ساعات باليوم فقط؟
فقوله (عليه السلام) ((وَرَابِطُوا) يقول في سبيل الله)، دليل على ان المرابطة أعم من المرابطة العسكرية في الثغر.
اما قوله (عليه السلام): (ونحن الرباط الأدنى) فلأنه يوجد رباط أبعد مثلا، الرباط عند الروم او غيرها وهو الرباط السلبي، لكن الرباط الأدنى وهو الرباط الإيجابي هو الرباط عند الأئمة (عليهم السلام)، أي الرباط عند تعاليمهم، وعندما ينبغى أن نتأسى فيه بهم، كحماية شيعتهم، ورفع ظلامتهم، فهذا رباط أدنى ملاصق لك.
٥- المرابطة أبد الدهر
الرواية الخامسة: وهي رواية رائعة حقاً – ككل الروايات – وبمجموع هذه الروايات تتضح الصورة الكلية الشاملة:
قال لي ابو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما صلوات الله وسلامه: كم الرباط عندكم؟ - اي الرباط العسكري - قلت: أربعون. قال (عليه السلام): لكن رباطنا رباط الدهر)(٢٦).
إن المؤمن عليه أبد الدهر أن يكون مرابطا على الاقتداء بأهل البيت (عليهم السلام)، أن يكون أبد الدهر آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر فان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتحددان بليل أو نهار أو بسرّ أو بجهار، أو بغير ذلك، بل هما وظيفة دائمة ومسؤولية لازمة.
٦- الرباط ولو بجوادٍ: واقعي ورمزي
الرواية السادسة: وفيها من اللطافة الشيء الكثير، كما انها تحدد أحد مصاديق المرابطة لننطلق منها إلى المعنى الأوسع الأرحب.
ففي الكافي بإسناده عن ابن طيفور المتطبب، قال سألني أبو الحسن (عليه السلام): أي شيء تركب؟ قلت: حمارا. فقال (عليه السلام): بكم ابتعته؟ قلت: بثلاثة عشر دينارا، فقال (عليه السلام): إن هذا هو السرف ان تشتري حمارا بثلاثة عشر دينارا وتدع برذونا(٢٧) – قلت: يا سيدي إن مؤونة البرذون أكثر من مؤونة الحمار(٢٨) فقال: الذي يموّن الحمار هو يمون البرذون).
من أهداف المرابطة وفوائدها
ثم ذكر الامام وجه الحكمة في المرابطة والارتباط، اعقبها بذكر بعض فوائدها: (أما تعلم أنه من ارتبط دابة:
أ: متوقعاً به(٢٩) أمرنا(٣٠) - وهنا الرمزية وهنا وجهة الحكمة، فان الإنسان لا يستطيع أن يقاتل بالحمار، اما الجواد فانه يمكنه ان يقاتل به(٣١)، وهذا المعنى - الاستعداد لنصرة الامام (عليه السلام) - بنوعيه: الواقعي(٣٢) والرمزي، هو الذي ينبغي أن يكون حاضرا نصب العين دائماً وأبداً.
إن الإمام (عليه السلام) يذكر بذلك مصداقا من مصاديق الاستعداد للظهور، ولا يريد الحصر به كما هو واضح فان إثبات الشيء لا ينفي ما عداه.
والنقطة الهامة هي ان الرواية صدرت في زمان الامام الهادي (عليه السلام)، ومن الواضح أن المكتوب في اللوح المحفوظ هو أن الإمام الثاني عشر هو الذي سيظهر، وإن كان في عالم البداء ولوح المحو والاثبات، كان قد ذكر اسم عدد من الأئمة(٣٣).
والظاهر من كلام الإمام ان القضية حقيقية وليست خارجية(٣٤)
إن الإمام (عليه السلام) يعلم بأن زمانه ليس زمن الظهور، لكنه مع ذلك يوجّهه بأن يكون مستعدا للظهور، ذلك إن الإنسان الذي يمتلك جواداً أو سيفاً، كما في رواية أخرى، متوقعاً ظهور الإمام (عجل الله فرجه الشريف)، فان ذلك يلهمه دوماً، ويلقنه، ويوحي إليه بأنه جندي تحت الطلب، وهذا الامر بحد ذاته يمنحه من المعنوية الشيء الكثير، ويوثق علاقته بالإمام (عليه السلام)، ويعطيه من الاستعداد الأكثر فالأكثر؛ أني جندي تحت الطلب فكيف يشغل فكري وقلبي غيرهم؟ وكيف تشط جوارحي عن الاقتداء بأهل البيت (عليهم السلام)؟ كيف أحب المال؟ وحبّ المال يودي إلى المهالك، وقد يؤدي به حبه للمال عند ظهور الامام (عليه السلام) الى ان يتخندق في الجبهة الأخرى المعادية للإمام إذا ما وجد مصالحه المالية مهددة، وكذلك الذي يحب الشهرة أو المنصب والرياسة، فكم من المعارك في العالم قد حدثت وتحدث جراء حب الرياسة والعلو والاستعلاء والنفوذ، سواءا على مستوى المؤسسات أم الشركات أم الحكومات.
إن الذي وقع أسير حب الرياسة فانه عندما يظهر الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) قد لا يستطيع التخلص من حبها المستمكن من قلبه، فيتخندق في الجبهة الأخرى فيكون من أهل النار لا سمح الله.
وبكلمة واحدة: ان الانسان عندما يمتلك شيئاً رمزياً تذكيرياً كسلاح أو دابة أو كتاب مثل كتاب مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم، فيتصفحه يوميا، ويتذكر بأنه جندي، له صاحب وولي ينتظره، فان هذا الإنسان من خلال هذه التذكرات اليومية لنفسه يتحول إلى إنسان آخر؛ إنسانٍ ملائكي طاهر رباني، ويكون عندئذ بإذن الله تعالى مرابطا حقا في ثغر أهل البيت (عليهم السلام) ومرابطا في سبيلهم.
ثم يقول الإمام (عليه السلام) شارحاً الغاية الثانية(٣٥) المقصودة والهدف المنشود من (الارتباط):
ب: ويغيظ به عدونا وهو منسوب إلينا. – فهذه إذاً حرب نفسية: أن تغيظ العدو، عندما يرى استعداد المؤمن للظهور بكل انحاء الاستعداد، وهو مطلوب في حد ذاته، وليس المطلوب أن يتملق الإنسان الأعداءَ أو يتنازل لهم.
من فوائد المرابطة
ثم بدا الامام (عليه السلام) بذكر بعض الآثار الإيجابية والفوائد والثمرات لهذا النحو من المرابطة والارتباط:
أ - أدرّ الله رزقه
ب - وشرح صدره أي للإيمان ولعلّه وللعلم أيضاً، ومن ذلك ان ذلك يلوّن نيته بلون سماوي، فتكون خالصة لله تعالى، فلا يتعلم العلوم ولا يقرأ الروايات، إلا بهذه النية؛ أنني أعد نفسي لكي أكون من أعوان الإمام صلوات الله وسلامه عليه قدر ما يمكنني من الإعداد والاستعداد.
ومنها:
ج- وبلّغه أمله- فان الله يبلغه عندئذٍ كل ما يأمله، كأن تكون ذريته من الصالحين، فإن الله يبلغه ذلك كأجر على أنه ارتبط ولو دابةً متوقعاً أمرهم (صلوات الله عليهم)، فان الله يجعل عندئذٍ البركة في ذريته فيكونون علماء صالحين أو أبراراً متقين.
د- وكان عونا على حوائجه(٣٦))
والخلاصة: ان المصداق الأجلى للمرابطة المأمور بها في الآية الشريفة، في زمن الغيبة هو المرابطة في سبيل الله وهو طريق أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم؛ إذ هم السبيل الأقوم والصراط الأوضح الأبلج كما هو واضح ومبيّن ومبرهن.
الأعداء الأربعة لكل بشريّ
ثم ان الخطير في هذا الثغر الذي يجب علينا ملازمته والمرابطة فيه، هو انه تهاجمه ليل نهار أربعة أعداء أشداء أقوياء.
فاننا تارة تهاجمنا دولة من الشرق مثلاً فالأمر قد يكون سهلاً نسبياً، لكن تصوروا لو أن أربع دول من الأطراف الأربعة هاجمتنا في وقت واحد عسكريا، فان البلية سوف تكون عظيمة جدا، ذلك أن الدولة تستطيع عادة أن تكافح دولة أخرى مقاربة لها في القوة لو نزلت بكل قواها العسكرية، لكن ماذا لو هاجمتها أربع دول؟
إعلان الحرب على أربع قوى كبرى
أننا الآن حقيقةً في ساحة حرب مفتوحة، لكننا عنها غافلون، فما هي هذه الحرب؟ ومن هم الأعداء والمهاجمون؟
والجواب:
العدو الأول: الشيطان، والشيطان قوي جدا فانه أقوى من كل دول العالم، لأنه يخدع الجميع بل قد يخدع حتى المخلصين؛ إذ المخلصون على خطر عظيم أيضاً، وهذه ساحة حرب مفتوحة ليل نهار، وفي كل آن، وهذا العدو موجود ومرابط على أطراف هذا الثغر، بل في داخله أيضاً لكن الانسان المسكين غافل عن ذلك أو متغافل!.
العدو الثاني: النفس، فان النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي.
العدو الثالث: الدنيا، والدنيا عدو قوي، فهي حلوة خداعة غرارة بما تحتضنه من: المال، والجمال والرياسة. وغير ذلك.
العدو الرابع: الهوى.
السقوط الخفي والسقوط المدوّي
ثم إن الإنسان أحياناً يسقط سقوطا مدويا في الامتحان، وقد يسقط سقوطاً خفياً لا يظهر للعلن!
ونحن جميعا في معرض الخطر ولا يوجد ضمان نهائي محرز، فعلى كل منا أن يخاطب نفسه دوماً: أنني إنسان صالح الآن، لكني غدا في امتحان رياسةٍ قد اقتل أحدا، أو في امتحان مالٍ قد اغصب مالاً بغير حق، أو في امتحان امرأة أو شهرة أو غير ذلك فقد يسقط الإنسان في الامتحان سقوطاً مدوياً، وقد يسقط سقوطاً خفياً...
وإذا كان يوسف النبي احتاج إلى عصمة من الله، فكيف بزيد من الناس لو كان في جامعة او سوق أو منزل في غرب أو شرق؟
شاه إيران والسقوط المدوي
إن السقوط يكون أحيانا مدويا، وتارة يكون خفيا، مثلا: شاه إيران الأسبق، الأول، كان في البدايات يشترك في المواكب الحسينية وكان على حسب قول الشاعر – بالفارسية -:

اولّش او در عزاها ميدويد * * * عاقبت جشني به پا در ليلهء عاشور كرد

لقد كان البهلوي الأول ككثير من الناس يشارك في المواكب بل كان يهرول ويركض في الموكب حاسر الرأس لكنه عندما وصل للسلطة انقلب رأسا على عقب،حتى وصل به الأمر أن أقام حفلا ماجنا فيه عربدة ومجون في ليلة عاشوراء!!
تصوروا!! إلى هذه الدرجة! لقد انحرفت أيها الطاغية على أية حال وقد تقيم ليلة مجون لا سمح الله، لكن لِمَ في ليلة عاشوراء؟
السقوط في امتحان الرياسة أو المال والشهرة أو...
نعم.. هكذا تصنع السلطة بالانسان! فما هو الضمان الذي يمتلكه أي واحد منا ان لا يكون كذلك؟
إننا الآن نتكلم عن شاه إيران، ونشير إليه كحاكم طاغية منحرف أشد الانحراف، لكن الكلام في حقيقته هو حول كل واحد واحد منا، فما الذي سنكون عليه في المستقبل؟ فقد يسقط أحدنا - لا سمح الله - فجأة ودون سابق إنذار في إمتحان رياسة أو شهرة أو مال أو جمال، او حسد أو حقد، أو كبرياء أو نظرة أو غيبة أو تهمة.. فان (الغيبة) مثلاً منتشرة – أعاذنا الله منها - كالنار في الهشيم في مجتمعاتنا، وهي مبررة أيضاً مع الأسف، فكل جهة تبرر اغتيابها للطرف الآخر بتبرير ما، وخاصة في المتدينين، حيث نجد أن تبرير الغيبة قائم على قدم وساق، بل كثيراً ما تجده يفسّق الطرف الآخر ثم يغتابه! مع أنها كثيراً ما تكون على الأقل شبهة، ينبغي اجتنابها.
إن على الإنسان في زمن الغيبة الكبرى أن يرابط على التقوى في هذا الثغر؛ ثغر الغيبة، ثغر التهمة، ثغر النميمة، فان بعض الناس همّه أن يوقع بين الناس!، فقد توجد مشكلة بين هذه الجهة وتلك الجهة، حزبا كانت أم مرجعية أم عشيرة وقبيلة أم عائلتين، فبينما تجد بعض الناس دأبه الإصلاح، ترى البعض الآخر ديدنه النميمة فينقل خبراً سلبياً من هذه الجهة إلى تلك الجهة وبالعكس!.
ألم يرو امير المؤمنين علي (عليه السلام) عن النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله) أن: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام(٣٧)؟ ام انه قال: إفساد ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام؟.
فلتكن هذه الجهة هي الجهة المخطئة أو المجرمة أو ما شئت فقل، لكن: أما أنت فأصلح وكن من المصلحين!، تكلم مع هذا الطرف لكي يتنازل قليلا ومع ذلك الطرف كي يتنازل قليلاً، فيلتقيان في منتصف الطريق، أو ليتنازل أحدهما تماماً، رغبة في الصلاح والإصلاح وإن ضاع بعض حقه الشخصي أو كله!.
وفي الرواية «سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ لَا يَفْتَرِقُ رَجُلَانِ عَلَى الْهِجْرَانِ إِلَّا اسْتَوْجَبَ أَحَدُهُمَا الْبَرَاءَةَ واللَّعْنَةَ ورُبَّمَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ كِلَاهُمَا، فَقَالَ لَهُ مُعَتِّبٌ جَعَلَنِيَ الله فِدَاكَ هَذَا الظَّالِمُ فَمَا بَالُ الْمَظْلُومِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَدْعُو أَخَاهُ إِلَى صِلَتِهِ ولَا يَتَغَامَسُ لَهُ عَنْ كَلَامِهِ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إِذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فَعَازَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلْيَرْجِعِ الْمَظْلُومُ إِلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَقُولَ لِصَاحِبِهِ أَيْ أَخِي أَنَا الظَّالِمُ حَتَّى يَقْطَعَ الْهِجْرَانَ بَيْنَهُ وبَيْنَ صَاحِبِهِ، فَإِنَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى حَكَمٌ عَدْلٌ يَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ»(٣٨).
وهذا الأمر – تنازل المظلوم – صعب جداً بل هو غريب حقاً فمن هو المستعد لذلك؟ فكثيرا ما يكون الأمر مختلطاً، ولا يكون معلوماً من هو الظالم ومن هو المظلوم! أو قد يكون الأمر متشابكاً فهذا ظلمه بعض الظلم وذاك ظلمه بعض الظلم، لكن لنفرض أنه من الثابت المطابق للواقع أن ذاك هو الظالم كما لو غصبه ماله أو ضربه عدواناً، إلخ، فما بال المظلوم لا يذهب إلى الظالم ويقول له: أنا الظالم وأنت المظلوم كي يصطلحا؟
(إن صلاح ذات البين هو أفضل من عامة الصلاة والصيام) أفلا يجدر بنا التنازل عن حقوقنا الشخصية لننال هذه المثوبة العظيمة؟.
وصفوة القول: ان الواجب في زمن الغيبة هو المرابطة على هذا الثغر؛ ثغر الاقتداء بالأئمة الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم في جميع اوامرهم ونواهيهم، في الفضائل واجتناب الرذائل، فضلاً عن الواجبات والمحرمات.
انتصار الشيخ الانصاري على أقوى أسلحة إبليس:
وكلكم تتذكرون قضية الشيخ الأنصاري حيث رأى أحدهم الشيطان في المنام وبيده بعض الخيوط الملونة والحبال الغليظة وسلسلة مقطعة سبع قطع، فسأل الشيطان عن معنى ذلك، فقال له: هذه الخيوط والحبال اصطاد بها بني آدم: ألوانها كثيرة منها حب الرياسة، حب المال، حب الجمال، حب الشهرة، إلخ، وأما الأحجام المختلفة فلأن بعض الناس ضعاف فأسحبهم بخيط – والعياذ بالله- (فان بعضهم ما إن يسمع برياسة فانه يركض إليها، وما ان يسمع بقليل من المال حتى يبيع دينه، وقد حدث قبل فترة أن شخصاً قتل سائق تكسي على مائة دولار فقط(٣٩)!. كل إنسان منا معرض لهذا الامتحان ليل – نهار).
فقال له: والذي هو أقوى منه اسحبه بحبل، والأقوى بحبل غليظ وهكذا. فسأله عن السلسلة، فقال الشيطان: هذه السلسلة رميتها على عنق الشيخ الأنصاري سبع مرات، فقطعها في كل مرة.
ولذلك تجدون الشيخ الأنصاري أصبح الشيخ الأنصاري!، لذا بارك الله في مكاسبه وفي رسائله(٤٠)، فان كثيراً من الناس يكتبون كتبا، والكثير من الناس ينجزون، ويؤسسون، لكن البركة الإلهية أمر آخر.
إذا كان الإنسان مرابطا في هذا الثغر، ثغر الشيطان، ثغر النفس، ثغر الهوى، ثغر الدنيا، فعندئذ يكون مصداقا لهذه الروايات الشريفة، ولتلك الآية الكريمة: حيث يكون مرابطا في سبيل الله.

الفصل الثالث: المرابطة في ثغري التصور والتصديق في زمن الغيبة

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)(٤١).
ويقول جل اسمه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(٤٢).
المرابطة في ثغر (التصور والتصديق) في زمن الغيبة
الحديث في هذا الفصل يتمحور حول المرابطة في زمن الغيبة، وسيكون الكلام بإذنه تعالى حول عنوانين:
العنوان الأول: هو العنوان المنطقي الشهير وهوالتصور والتصديق، ودورهما في بناء الإنسان.
العنوان الثاني: هو عنوان (المرابطة) والذي ورد في هذه الآية القرآنية الكريمة بصيغة الأمر (وَرَابِطُوا).
العنوان الأول: التصور والتصديق ودورهما في بناء شخصية الإنسان
إحدى بحوث المنطق الشهيرة هو مبحث التصور والتصديق، والذي نريد ان نسلط الأضواء عليه هو اننا ندرس المنطق بشكل عام من زاوية علمية بحتة، حيث نريد أن نحفظ الفكر عن الخطأ الناتج من العلة الصورية للاستدلال والبحث.
لكن منطقة الفراغ ونقطة الضعف هي أننا لا ندرس علم المنطق من زاوية علم النفس الاجتماعي كما لا ندرس المنطق من زاوية علم الأخلاق، وهذا ما نريد أن نشير له بإيجاز في هذه الفصل الأول من الكلام.
وسنجد فيما يرتبط بإطار حديثنا الثاني وهو المرابطة، ذلك الترابط الجوهري بين مبحث التصور والتصديق وبين علم النفس وعلم النفس الاجتماعي، وبذلك سيظهر لنا أيضاً الرابط بين (التصور والتصديق المنطقي) وبين (المرابطة) في الآية القرآنية الكريمة.
أنواع التصور الأربعة
إننا عندما نقوم بدراسة التصور والتصديق من زاوية علم النفس، ومن زاوية علم النفس الاجتماعي، ومن زاوية علم الأخلاق، فستفتح لنا نافذة معرفية جديدة:
إن التصور - بإيجاز - يتعلق بأحد أمور أربعة؛ اذ ان متعلَّق التصور:
١- تارة يكون المفردات، كما لو تصورت جبلاً أو ذهباً أو تصورت الأبيض أو الأسود أو العادل أو الفاسق أي: ما تعقّله الإنسان، وما حصل في ذهنه من المفردات فهو تصور.
٢- وتارة يتعلق بالمركبات الناقصة، مثل المضاف والمضاف إليه مثل: غلامُ زيدٍ، إذ انه لا تصديق فيه، كذلك الصفة والموصوف مثل: الرجل العادل.. كذلك الصلة والموصول مثل: الرجل الذي...
٣- كما إن التصور ايضا يتعلق بالانشائيات مثل: اذهب، وهو فعل أمر، ليس فيه تصديق بأمر موجود في الخارج يحكيه هذا لكي تصدِّق به، وإنما هو إنشاء وإيجاد، كذلك الاستفهام: هل ذهبتَ؟ فانه لا يخلو عن تصديق، بل هو إنشاءُ استفهامٍ عن تحقق هذا الأمر.
٤- ويتعلق ايضا بالجملة الخبرية المشكوك فيها إذ لا تصديق حينئذٍ، كما لو بلغك خبر فشككت في صدقه وكذبه، فأنت متصور للموضوع والمحمول والنسبة الحكمية بينهما. أما التصديق: فان متعلقه هو النسبة الحكمية مع الإذعان بها.
وهذا هو البحث المنطقي الشهير وبإيجاز، وتوجد هناك بحوث أكثر تخصصا وعمقاً لكننا نكتفي هنا بهذا المقدار لموضع الحاجة.
والذي نريد أن نضيفه: أن التصور له دور أساسي في صناعة شخصية الإنسان، وهنا موطن من مواطن المرابطة المأمور بها في الآية القرآنية الكريمة، فانه صغرى من صغرياتها.
بل قد يقال: ان أول موطن للمرابطة هو المرابطة في مقابل (شيطان التصور) في بعض أنواعه.
التصور قد يصنع التصديق وقد ينتج العمل
ثم أن التصور يصنع التصديق وينتجه في بعض الحالات، ومن المعروف أن التصور لا يستلزم التصديق، لكن يستثنى من ذلك بعض العناوين الرئيسية التي قد نتحدث في المستقبل عنها، وسوف يتبين أن التصور يوجد التصديق في بعض الحالات كما سنشير الآن إلى بعض مصاديق موطن الشاهد من ذلك على ضوء آية المرابطة.
بل إننا نذهب الى أبعد من ذلك فنقول: إن التصور قد ينتج العمل، أي أن التصور بنفسه قد يثمر السلوك والعمل الخارجي، وذلك على عكس المعروف عادة من أن التصديق يستتبع العمل فانه وإن صح في أحيان كثيرة، إلا أننا عندما ندرس القضية من زاوية علم النفس وعلى ضوء التجربة الواقعية والوجدانية، سنكتشف أن التصور في أحيان كثيرة أخرى هو الذي يصنع السلوك، وإن كان التصديق على النقيض تماماً.
نماذج من شياطين التصور
فمثلاً: قد يتصور الإنسان إمرأة أجنبية متبرجة، فان هذا التصور هو تصور شيطاني وعلى الإنسان إن يرابط دون وجوده وتسرُّبِهِ إلى منطقة النفس والخيال، فان هذه أول محطات المرابطة، أي أن نفس التصور لامرأة أجنبية متبرجة، هو شيطان بعينه ينبغي أن يُبعد عن صفحة سريرة الإنسان.
وقد يتصور الإنسان المعصية، فيكون نفس تصوره هذا شيطاناً يغويه ويغريه على الاقتراب منها، فيكون عليه أن يطهر نفسه وقلبه منه.
وقد ورد في الدعاء الذي يقرأ عند الاغتسال أن يقول الإنسان عنده: اللهم طهر قلبي)(٤٣) من ماذا؟ من وساوس الشيطان ومن التصورات الشيطانية أيضاً.
فلو أن الإنسان نظر الى إمرأة أجنبية في الشبكة العنكبوتية أو التلفزيون، فحتى لو كانت هذه النظرة مجردة من الريبة وخوف الافتتان، وحتى لو أن مرجع التقليد الذي قلده الإنسان لم يحرِّم النظر إلى هذه الصورة، فان ما ينبغي للمؤمن هو أن لا ينظر إليها، لأن هذه الصورة عندما تنعكس في داخل الإنسان تقرِّب الإنسان إلى المعصية عند المحطة الفارقة بين الحق والباطل، فتغريه بالمعصية حيث يقع في امتحان حقيقي؛ وذلك لأن الصور تبدأ في اللاوعي تتراكم فتجره للمعصية، فهذه الصورة إذن هي من شياطين التصور.
ولا يقولنّ أحدنا أن هذا أو ذاك مكروه! وذلك لأن المكروه مكروه ومبغوض، ولا يصح للحكيم ان يتسلح بسلاح أنه مكروه فيفعله! فإن من الصحيح أن الله تعالى أراد أن يسهل علينا فلم يحرم كثيراً من الأمور، لكن لم لا يكون الإنسان محتاطاً حكيما، لأنه وعند ساعة الصفر فان هذه الصور المتراكمة ستؤثر قطعا بدرجة أو أخرى في الانشداد للمعصية.
وفي حزمة أمثلة أخرى: فان الإنسان قد يتصور بينه وبين نفسه: هل أدفع الخمس أم لا أدفع؟ أقوم لأصلي صلاة الليل ام لا؟ هنالك دين علي فهل أسدده في وقته ام لا؟ فهذه من شياطين التصور، فانه من مقولة الإنشاء التي ذكرنا أنها من أقسام التصور، وكان ينبغي عليه أن لا يتصور ويفكر ويتردد، بل عليه أن يقرر، وأن يقوم لصلاة الليل ويدفع ما بذمته فوراً فيرضي ربه ويقضي فرضه.
كذلك هل أسترضي فلانا حيث اغتبته(٤٤)؟ أقول: لماذا تفكر وتبقى في دائرة التصور؟ اذهب واسترضه، واكسر غرورك فما الإشكال في ذلك؟ بل انه هو عين السمو الروحي والعزة؛ أن تتعزز بطاعة الله، وبالفرار عن معصيته.
إن المشكلة الكبرى هي أننا لا نرابط عند الثغر الأول الذي يدخل منه إبليس، وأول ثغر هو التصورات الشيطانية، وثاني ثغر هو التصديقات الضالة والباطلة والمنحرفة، وثالث ثغر هو العمل والسلوك الخارجي.
التصورات الرحمانية
إن التصور يسهم في صناعة شخصية الإنسان ان سلباً من خلال تصورات شيطانية، او ايجاباً في جهة معاكسة للتصورات الشيطانية، فلو تصور الإنسان مثلاً أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) بتلك الطلعة النورانية وذلك السيماء الملائكي، لو انه تجسده في ذهنه وتصوره فقط, فان هذا بنفسه يوجد نورا في قلبه وجوانحه، ويصوغ شخصيته الإيمانية بنحو أفضل.
ولو أن الإنسان تصور الإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وتذّكره في الصباح والمساء، وحاول أن يتخيله، يتمثله، يتجسده، ولو بصورة نورانية بشكل هالة من النور، فان هذا بنفسه يسهم في صناعة شخصية الإنسان المعنوية، وسوف يمنعه ذلك من المعصية إذا كاد أن يقترب منها.
وكذلك لو عايش الإنسان في ضميره ووجدانه وداخله صور ضريح الإمام الحسين (عليه السلام) او الكعبة المنورة، او كتاب الكافي الشريف او تحف العقول او نهج البلاغة او الاحتجاج او بحار الأنوار، فان نفس هذا التصور يسهم في صناعة شخصية الإنسان الروحية والمعنوية بل والفكرية أيضاً.
وبالعكس من ذلك: أن يتصور كتاب فسق والعياذ بالله، او حتى في متابعة نشرات الأخبار ومشاهدتها، فيما تتضمن من لقطات غير نزيهة أو أخبار غير أخلاقية، فان لكل ذلك تأثيرا عكسيا على روحية ومعنوية الإنسان في الغالب.
من خطط الغرب لصناعة التصورات الآثمة:
والمتتبع يلاحظ بوضوح أن الغرب له منهجية خطيرة في هذا الحقل، فانهم يدرسون المنطق من زاوية علم النفس، وانتم تلاحظون الآن كيف أن وسائل الأعلام مشحونة بأخبار الجرائم وسفك الدماء والمشاهد المؤلمة والمروعة، كما هي مليئة بالمشاهد أو الأخبار غير الأخلاقية!!
إن وراء ذلك تخطيطا ودراسات نفسية وتحليلات دقيقة عن مدى تأثير ذلك على ملايين المشاهدين من المسلمين وغيرهم.
فان الإنسان عندما يقرأ في الجرائد او الإذاعات او الشبكة العنكبوتية او غير ذلك، عن حالات كثيرة من جرائم القتل، او جرائم الاغتصاب، فانه يتعوّد على سماع ذلك وتتشبع نفسه بهذا اللون من المشاهد والأخبار، فلا يستعظم المنكر ولا يستقبح الظلم، بل قد تجده شيئا فشيئا ينسلخ عن ضميره وإنسانيته، ثم قد تجده يتقبل القوانين المتهتكة والأساليب الشاذة وهو لا يبالي(٤٥).
إن نفس هذا التصور يصنع شخصية اؤلئك الشباب أو جوانب منها، لأن قبح العمل يرتفع بالتدريج عن أذهانهم ويصبح شيئاً عادياً روتينياً.
أما إذا لم يتصور الإنسان إلا المسجد، إلا الحسينية، إلا الطهر، إلا العفاف، إلا الورع، إلا التقوى، إلا الأولياء، فان هذا الإنسان يسمو ويحلّق في أفق النزاهة والمعنويات طبيعيا.
إذن: الثغر الأول الذي ينبغي أن يُرابَطَ عنده هو شيطان التصور في مقابل نزاهة التصور، ولذا تجدون ان أولياء الله لا يفكرون في المعصية... فان الإنسان أحيانا تخطر بباله المعصية فيفكر أن يعمل بها او لا يعمل، ثم انه بعد ذلك لا يعمل، لكن نفس هذا التفكير هو منقصة ورذيلة، تؤثر في نفس الإنسان وتنخر من كمال إيمانه.
فان هذه التصورات سواء أكانت في حقل الإنشاء أم في المركّب الناقص أم غير ذلك من التصورات فإنها تؤثر سلبا او إيجابا على نفس الإنسان.
(رابطوا على من تقتدون به) حتى في خطرات القلوب
وقد أبدعت الرواية الشريفة في التعبير بـ: «رابطوا على من تقتدون به...» أي أن يرابط الإنسان على الاقتداء وبرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وبالأئمة الأطهار (عليهم السلام)، حيث كانوا منزهين حتى عن خطرات القلوب، وحتى عن وساوس النفوس، وذلك بالمقدار الذي نستطيع فإننا وان كنا لا نستطيع أن نحلّق إلى مستوى تلك العلياء كما هو واضح، ولكن يمكن أن نسعى لنصل إلى ما يمكن أن نصل إليه كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) «ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد»(٤٦).
فعلى الإنسان دوماً أن يملئ ذهنه ومحيط قوته المتخيلة والمتوهمة بالصور المشرقة الإيجابية، وبالمعاني السامية الربانية مثل الوفاء، الصفاء، الصدق، المحبة في الله وبالله ولله، التوسل والتوكل، فان هذه المعاني عندما يستحضرها الإنسان في ذهنه دائماً فانه سوف تتغير نفسه وتسمو، ويتحول إلى شخص آخر أكثر كمالاً وفضيلة وتقوى بإذن الله تعالى.
فهذه – إذن - هي الحقيقة الأولى وهذا هو موطن المرابطة الأول.
التصور كثيراً ما يستلزم التصديق
الحقيقة الثانية: إن التصور يسهم في صناعة التصديق في أحيان كثيرة.
وتوضيح ذلك: إن التصور كثيراً ما لا يكون له أي ارتباط بالتصديق، مثلاً مفهوم جبل من ذهب، فهل نصدق بوجوده أو لا نصدق به؟، ان هذا التصور هو لا بشرط بالقياس إلى التصديق أي انه حياد فلا ينطق: بانني موجود كما لا يقول أنا لست موجوداً، لكن – وفي الاتجاه المقابل – فان بعض التصورات تسهم في صناعة التصديق.
وذلك مثل كافة الممتنعات وكافة الواجبات بالذات، ولذا يقال: تصوره مساوق لتصديقه. فمثلا: الدور ممتنع، فان الإنسان إذا فهم معنى الدور حقيقة، فحينها يقطع بأنه ممتنع ولا يحتاج مع ذلك إلى استدلال(٤٧).
وان مشكلتنا مع بعض العلمانيين ومع غيرهم ممن ينكر بعض البديهات، هو أنهم لا يتصورون هذا المفهوم جيدا، ولذا يبدأ يناقش ويجادل وقد يرفض، لكنه لو خلى مع نفسه، وأمكنه ان يتصور ما هو (الدور) لأذعن بامتناعه فوراً، والدور هو توقف الشيء على ما يتوقف عليه، وكذلك قضية ان يكون الشيء أسفل في نفس الوقت الذي هو فيه فوق من جهة واحدة؟ وكذا قضية ان يكون الشيء علة لما هو علة له من جهة واحدة؟ فان كل ذلك غير معقول، يكفي تصوره في الحكم بامتناعه.
والمشكلة الأساسية في المحاورات العلمية أنه كثيراً ما لا يوجد لدى الطرف الآخر تصور عن الموضوع، وبالتالي فلا يمكنه ابصار الحقيقة، بينما لو تصور الموضوع لشاهدها بوضوح وخضع لها واعترف بها، ونحن في مباحثاتنا الكلامية مع الآخرين، نجد أن شيطان التصور هو السبب في ضلال الكثيرين، فحيث تصور البعض أبا بكر على غير صورته، او تصور أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على غير صورته، فان ذلك هو الذي جرّه إلى ذلك الوادي السحيق، فلم يدرك الحقيقة الناصعة والمحجة الواضحة، بل مرد ذلك الى انه لم يتصور النبي (صلى الله عليه وآله) على حقيقته وصورته، اذ كيف يمكن لقائد اعلى ومؤسس امة وحضارة ان يترك امته بلا راعي ولا نذير ولا وصي يولي شئونهم.؟؟
فالمشكلة الأولى إذن هي في التصور، واما المشكلة الثانية فهي في أن التصور قد يصنع التصديق.
ففي الواجب الوجود الامر كذلك ايضاً، وكذا في مطلق الفطريات والأوليات والبديهيات، فمثلاً فان تصور الله تعالى يغني عن كل شيء آخر، أي تصور الذات المستجمعة لجهات الكمال كلها، فانه يستلزم التصديق بوجوده ووحدانيته وخالقيته، ولذا يقول تعالى: (أَفِي الله شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) فانه يريد أن يقول: انه لا شك فيه ولا مجال للشك فيه، فانه فطري وبمجرد الرجوع للفطرة يكشف لك الأمر، وبمجرد تصور المراد بـ(الله) جيدا فانك ستصدق، وليس هناك شك، ولا يحتاج ذلك لاستدلال فان نفس تصوره مستلزم لتصديقه.
التصور المجسّم لفداحة المعاصي من أفضل طرق الردع عنها
وعوداً إلى المعاصي – وكذلك الرذائل الأخلاقية - نجد أن مشكلة الكثير منّا أنه لا تصور حقيقي له عن فداحة هذه المعصية والجريمة، فنتصورها مثلاً كذبة بيضاء، ولا يوجد لدينا تصور واضح عن واقع الكذبة؛ إن الكذب هو عقرب سوداء، وليست كذبة بيضاء، لكن عندما يكون التصور مشوهاً وساذجاً، حينها يقول الإنسان أنها مجرد كذبة عادية لا ضرر فيها!! لو كان التصور حقيقياً لاستتبع التصديق والعمل ايضا.
ففي قوله تعالى: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) لو تجسّد الإنسان هذا المعنى حقيقةً وتصوره جيدا، تصور قطعاً وأجزاء مدميّة من لحم أخيه عنده وهو يأكل منها، فكم يتقزز الإنسان حينها إذا تصور ذلك حقيقة؟ كما انه سيصدق قطعا بأن هذا العمل – أي الغيبة – من أقبح الأعمال.
كذلك لو تصور بأن شخصية أخيه الاعتبارية، هي أهم من هذه الشخصية الجسدية، وتصور نفسه هو ينهش من لحمه ومن سمعته، إذا تصور ذلك حقيقة فانه لا يحتاج إلى استدلال على انه قبيح وحرام، كما لا يحتاج إلى رادع آخر، بل سيكون واضحاً لديه وضوح الشمس بان ذلك قبيح أشد القبح،وحرام أكيد، فيمتنع طوعياً دون شك.
فالإنسان المبتلى بالغيبة لا سمح الله، عليه أن يذهب إلى المقبرة ويتصور أحد الأموات هناك وهو في قبره ثم يتصور نفسه وهو ينهش من لحمه، فكم هو مقزز؟ كم هو منفر؟.
وكذلك الحال في تصور حقيقة قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً).
ولكي يتصور الإنسان فداحة الأمر فعلى ذلك المبتلى بالربا أن يقصد ناراً مشتعلة، ويقرب يده إليها ليحس ببعض الحرارة، ثم يتذكر بها بالنار التي ابتلعها في بطنه، فيتجسد هذا المعنى في ذهنه.
فالتجسيد الحسي والتصور المجسّد، يعدّ نوعاً من أنواع الإيحاء القوي المؤثر في صناعة شخصية الإنسان؛ في التصديق بقبح الشيء، وفي الأثر الخارجي الذي يمكن أن يترتب على ذلك.
ولذا فان من الأساليب النفسية المهمة لكي يرتدع الإنسان عن المعاصي، ولكي يكون مرابطاً في هذا الثغر، وهو أول ثغر، هو أن القيام بعملية تشبيه المعقول في ذهنه بالمحسوس بشكل أفضل.
من أروع قصص المرابطة في ثغر الفضائل
وهنا أنقل لكم قصة لطيفة – وهي قصتان في الحقيقة في قصة واحدة -:
القصة الأولى وهي تمهيد للقصة الثانية مع أن لها الموضوعية أيضاً: احد العلماء وهو من الخطباء ايضا، دُعي إلى مجلس في إحدى البلاد المعروفة بأنها تعطي أموالا جيدة للخطيب، إضافة إلى أن أهالي ذلك البلد الكرام لا يقصرون في إعطاء الخطيب بل إنهم أيضاً يهدونه الهدايا والنذورات، خاصة انه إنسان ورع صالح – كما أعرفه - والناس يحبون بطبعهم المتقي الورع، فيعطوه هدايا ويعطوه أيضا نذورات, وما أشبه ومنهم من يدفع النذورات مسبقا...(٤٨)
ففي ذلك البلد المعروف، يحصل الخطيب على مبلغ جيد من النقود، وذات يوم دعى بالهاتف بعض أرباب المجالس في ذلك البلد هذا الخطيب إلى مجلس في شهر محرم لكنه اعتذر, وقال لهم أني التزمت قبل أن تتصلوا بي مع مجلس أخر في إحدى القرى النائية، لذلك اعتذر منكم، - وكانت القرية تخصص للخطيب مبلغاً ضئيلا جداً- فقالوا له: أنه يمكن أن تبعث نائبا أو تتصل بهم لتعتذر منهم وترضيهم بنحو ما، فقال: كلا، لأني أعطيت كلمة، وأنا عند كلمتي!.
لاحظوا الوفاء، رغم عدم وجوب الوفاء بالوعد على حسب رأي المشهور(٤٩)، فكم لهذا الإنسان من قيمة؟ كم له من القيمة عند نفسه؟ وعند الناس؟، وقبل ذلك كم له من القيمة عند الله سبحانه وتعالى؟ وهذا نموذج واحد من الإنسان المرابط عند هذا الثغر، اعني ثغر هذه الفضيلة؛ فضيلة الوفاء.
ولو أن كل إنسان متدين من طبيب او مهندس أو رجل دين أو غيره عُرف بالوفاء، فكم سيكون ذلك عزة للدين؟ وكم سيشكل ذلك دعوة للدين؟ فهنا إذن موطن مرابطة: المرابطة على فضائل الأخلاق.
في ثانية واحدة ضاعت جهود سنوات طويلة!
ثم ان هذا العالم الخطيب ينقل قضية هامة يقول: اعرف فلانا من العلماء الأولياء، منذ سنوات طوال، كان يجاهد نفسه بشكل غريب، ولذا فانه بعد طول جهاد للنفس حصل على كرامات، لكنه كان يتكتم عليها بشكل شديد فلم يعرفه إلا الأوحدي، وهو منهم.
يقول بين فترة وأخرى كنت أزوره، وفي إحدى المرات طلبت منه موعداً فرفض، وكررت الطلب مرة ثانية، وثالثة، ورابعة، لكنه كان يرفض، ثم بعد إصرار سمح باللقاء، فدخلت عليه فرأيته حزينا كئيبا فقلت له: مولانا ما الذي حصل؟ قال لي: أنت لا تدري ما الذي حدث! إن جهود سنين طويلة جداً من جهاد النفس تحطمت كلها في ثانية واحدة!! والآن مهما بكيت وتوسلت وتضرعت، كي تعود لي حالتي السابقة إلا أنها لم تعد!
يقول هذا العالم: القضية كانت هي أنني لسنين طوالاً كنت أجاهد نفسي حتى وصلت إلى بعض المراتب المعنوية، ثم انني في إحدى الأيام زرت ابني في بيته، ولم يكن لدينا في البيت تلفاز(٥٠) فأراد الله امتحاني والله محيط بأعمق أعماق النفس، فدخلت في البيت وإذا التلفاز مفتوح، وكان في نفس اللحظة يبث مشهدا لنساء متبرجات ينزلن من سلم الطائرة وبعض أجزاء جسدهن مكشف، فيقول:
لجزء من الثانية نظرت إليهن أكثر من النظرة الأولى - فان النظرة الأولى التي هي غير اختيارية ليس فيها إشكال - يقول: فجأة رأيت الظلام خيم على قلبي، وسُلِبتُ كل ما أعطيت، وتحطمت في ثانية واحدة جهود وجهاد سنين طويلة!!.. نعم هكذا يمتحن الله تعالى عبيده أفلا يجب أن نكون جميعاً على حذر؟
يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم): «يَا حُمَيْرَاءُ أَكْرِمِي جِوَارَ نِعَمِ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكِ فَإِنَّهَا لَمْ تَنْفِرْ مِنْ قَوْمٍ فَكَادَتْ تَعُودُ إِلَيْهِمْ»(٥١) إن النعمة إذا ذهبت فمن النادر أو الصعب جداً أن تعود وترجع.
فقد يكون للإنسان ماء وجه في المجتمع، فلماذا يبيع ماء وجهه لأجل مالٍ فانه مهما كثر فهو قليل، أو لأجل رياسة او لأجل أي شيء آخر، فان النعمة إذا ذهبت فقد لا تعود: الصحة والمال والعلم والفضائل و...
يجب علينا إذاً أن نرابط في الثغر الذي يلي إبليس ليل نهار وفي ثغر النفس الأمارة بالسوء وثغر الهوى والدنيا.
وَالله لَتُكْسَرُنَّ كَسْرَ الزُّجَاجِ
لنقرأ ولنمرر معاً هذه الرواية عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): «وَالله لَتُكْسَرُنَّ كَسْرَ الزُّجَاجِ وَإِنَّ الزُّجَاجَ يُعَادُ فَيَعُودُ كَمَا كَانَ وَالله لَتُكْسَرُنَّ كَسْرَ الْفَخَّارِ وَإِنَّ الْفَخَّارَ لَا يَعُودُ كَمَا كَانَ وَالله لَتُمَحَّصُنَّ وَالله لَتُغَرْبَلُنَّ كَمَا يُغَرْبَلُ الزُّؤَانُ مِنَ الْقَمْحِ»(٥٢).
وذلك يعني أن الإيمان فجأة يتفتت ويتحطم، وقد يكون ذلك في امتحان رياسة أو امتحان شهرة أو امتحان غيبة مؤمنين أو تيارات من المؤمنين، إذ قد يكون لهم عذرهم، وقد يكون لهم اجتهادهم الشرعي، فناقشهم نقاشا اجتهادياً، اما الغيبة والتهمة والنميمة والتي أصبحت سوقاً رائجة، فان كل ذلك مما يكسر الإيمان ويفتته، كما يُكسر الزجاج ويتفتت.
والملاحظ هو أن الإمام (عليه السلام) يقسم على ذلك، أفلا يجب على الإنسان على الأقل أن يحتاط؟ وألا يجب أن تكون مرابطته بأشد أنواع المرابطة عند ثغر المعاصي؟.
ثم ان هذه الرواية تفيد التشجيع على الاحتياط، وليست للتحريض على الاستسلام وذلك كما لو قال الخبير: والله إن اللصوص محيطون بالدار وسيقتحمونها غداً مثلاً، فان ذلك دعوة لاتخاذ الحائطة والحذر والإعداد والاستعداد قدر المستطاع، أو المحاولة للتخفيف من الخسائر، لا للاستسلام لهم وفتح الطريق أمامهم!
ثم إن من الممكن أن يتوب الإنسان، ويستغفر الله سبحانه وتعالى من غيبة أو تهمة أو نظرة أو حسد أو حقد مُظهَر، فيعود كما كان إلا أن الإمام يزيد من حدة الوتيرة بقوله: والله لتكسرن كسر الفخار(٥٣) وإن الفخار لا يعود كما كان.. فان الفخار إذا كسر فانه لا يعود كما كان، أفلا يستدعي ذلك أعظم المرابطة؟
فعلينا إذن أن نحتاط أشد الاحتياط وأن ندقق كي لا تصدر منا حتى معصية واحدة، لأن هذه المعصية قد تجر إلى معاصي أخرى وقد تحطم كل إيمان الإنسان، وذلك الاحتياط والورع هو المطلوب منا لسبعين سنة – أو أقل أو أكثر – فقط ثم لننعم لملايين السنين بل إلى ما لا يتناهى من السنين بإذن الله تعالى.
فلنتصور هذا حقا: نتصور الزجاج ونتصور تفتته، فان هذا التصور إذا كان واضحا قويا فإنه يقود للعمل، يقود للاحتياط، ويقود للنزاهة حقا.
ثم يكمل الإمام (عليه السلام): "... والله لتميزن..." فان سنة الله سبحانه وتعالى أن يميز الخبيث من الطيب "...والله لتمحصن..." وهذا ابتلاء إلهي بأعلى درجاته، ولا يستثني الله من ذلك عالما ولا جاهلا ولا مرجعا ولا مقلدا ولا مهندسا ولا طبيبا ولا غير ذلك. "...والله لتغربلن.." فكما أن المصفاة تغربل الحبوب كذلك الناس يغربلون، وبعضهم يسقطون كما تسقط حبات الرمل الناعمة من الغربال!!!.
ففي الامتحان الإلهي يسقط حتى بلعم بن باعورا رغم انه كان الذي آتاه الله الاسم الأعظم، فليست لأحد ضمانة إلا الإلحاح في الدعاء، والتمسك الشديد بحبل التوسل والمرابطة الدائمة والاحتياط الشديد الشديد.
"...والله لتغربلن كما يغربل الزؤان من القمح..."
فهذه إذن هي نقطة مرابطة جوهرية، نقطة مرابطة حقيقية، وهي أن يرابط الإنسان عند كل تلك الثغور: ثغر الشيطان، ثغر النفس، ثغر الأهواء، ثغر الشهوات، ثغر التصور الذي يجر إلى التصديق، وعلى الإنسان دائماً أن يتصور بتصور واضح أن شخصيته مهددة في كل لحظة من أربعة أعداء أقوياء جداً!!

الفصل الرابع: من هو رب الأرض؟ من وظائفنا في عصر الغيبة

بسم الله الرحمن الرحيم
(وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)
من هو رب الأرض؟
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا).
هل المراد بالرب، في هذه الآية الشريفة، هو الله تعالى؟
لا شك في أن الله سبحانه وتعالى هو الرب للأرض والسماء وما فيهن وما بينهن، فان الله سبحانه وتعالى هو رب العالمين وليس رب الأرض فقط، إذن: فلمَ هذا التخصيص؟
نقول: هنا نكته دقيقة وهنا وجه مهم: وذلك انه لا يصح إطلاق الرب بقول مطلق إلا على الله تعالى. كما لا يصح إطلاق الرب المضاف إلى كل الأشياء إلا على الله تعالى، أما غير ذلك فالاطلاق صحيح فمثلا يقال: رب البيت، يعني الزوج أو الأب، وفي اللغة العربية ذلك دارج وكثير.
كما نجد في الآيات القرآنية الكريمة انه قد استخدمت هذه المفردة على لسان يوسف النبي: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا)(٥٤). ومعنى ذلك أن الرب المضاف لشيء خاص يطلق على غير الله تعالى أيضاً، والسبب في ذلك هو: إن (رب) في اللغة قد يراد بها (السيد)، فعندما نسأل: من هو سيد الأرض؟ فلا شك أن السيد المطلق هو الله تعالى، لكن هناك سيداً للأرض بإذن الله، أي في طول ربوبية الله سبحانه وتعالى وبإذنه، فمن هو؟
كما أن من معاني الرب ايضاً: (المنعم) وهنا نسأل ايضا: من هو المنعم وواسطة الفيض على البشرية؟ المنعم بالذات هو الله بلا شك، لكن المنعم بالعرض أي بمنحةٍ من الله سبحانه وتعالى له وبما أعطاه جل اسمه وحباه، من هو؟
كما أن من معاني الرب: (الصاحب) فيكون معنى الآية على هذه المعاني: (وَأَشْرَقَتْ الْأَرْض بِنُورِ رَبّهَا). (وسيدها) و(المنعم عليها) (وصاحبها).
وهنا يأتي السؤال المهم: من هو صاحب الأرض وسيدها وواسطة الفيض عليها؟
الجواب: هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ثم أمير المؤمنين ثم الأئمة واحداً بعد آخر وصولاً إلى الإمام الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف زمناً إثر آخر، حيث ان رب الأرض في هذا الزمن – زمن الغيبة – هو الإمام الثاني عشر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) الذي تشرق الأرض (بنوره) إذ جعله الله سيدا للأرض.
فإذا عرفنا ذلك فلا وجه لاستغراب بعض الروايات التي تفسر المراد من هذه الآية الشريفة، ومنها ما في تفسير القمي - المعروف بوثاقته وجلالته ومنزلته ومكانته -. فقد روى عن الإمام الصادق(عليه السلام) في هذه الآية، قال: «رب الأرض إمام الأرض قيل فإذا خرج يكون ماذا؟ قال: إذن يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزئون بنور الإمام»(٥٥).
وقد نقل هذه الرواية ايضاً الشيخ المفيد في الإرشاد، وآخرون ايضا من علماءنا الأبرار(٥٦).
التأويل مكمّل للتفسير ولا تضاد بينهما
ولكن هل يتنافى هذا المعنى مع المعنى الظاهر من الآية الشريفة؟
الجواب: كلا وذلك لأن هذا المعنى المذكور في الرواية هو من عالم الحجج الخفية ومعاريض الكلام، أو من عالم البطون وطريقة التورية وبيان ما وراء الظاهر، فلا يستشكل: أن ذلك خلاف قرينة السياق بدعوى ان سياق الآية هو عن يوم القيامة اذ يُجاب:
أولاً: ما هو مقرر في محله من أن السياق ليس حجة وانه لا يخصص ولا يقيد..
وثانياً: على فرض أن السياق حجة، فإنه حجة في عالم الحجج الظاهرية، فيقيد أو يخصص المراد من المطلقات والعمومات مثلاً، لكنه لا شأن له بعالم الحجج الأخرى، فانه ليس من عالمها ولا هو في مدارها، وبعبارة أخرى: إن الظاهر لا يتنافى مع الباطن كما أوضحنا ذلك في بحث التورية والمعاريض(٥٧).
وثالثاً: أن مبنى القرآن الكريم على الظاهر والبطون معاً، وذلك من البديهيات كما انه أحد أوجه المراد من أنه على سبعة أحرف أو أوجه بل أكثر، لأن (سبعة) هي كناية عن الكثرة وليست للحصر.
والحاصل: ان كل بطن وتأويل صدر من منبع الوحي فهو صحيح، لكن التأويل لا يؤخذ إلا منهم (صلوات الله تعالى عليهم) حصراً؛ وذلك لأن علم التأويل ليس متاحا لكل شخص، وإنما هو علم يلهمه الله سبحانه وتعالى أنبياءه، وانما سمي النبي نبيا لأنه يُنبَأ بالغيب، وهكذا اوصياؤه بالحق كما ثبت ذلك بالدليل العقلي والنقلي في محله(٥٨)، وهذا البحث له تفصيل نكتفي من ذلك بهذا المقدار.
إذن (وَأَشْرَقَتْ الْأَرْض بِنُورِ رَبّهَا) تفسيرها في يوم القيامة، وأما تأويلها ففي يوم ظهور الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
من وظائفنا في عصر الغيبة (٥٩)
وظائفنا في زمن الغيبة الكبرى كثيرة وقد سبق بعضها ونشير الآن إلى بعضها وعلى ضوء الروايات الشريفة:
أولاً: التمسك بالأمر الأول
الوظيفة الأولى على حسب الروايات الشريفة هي: التمسك بالأمر الأول، فقد ورد في غيبة النعماني، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: (إذا كان ذلك فتمسكوا بالأمر الأول)(٦٠) إذن هذه هي الوظيفة الأولى.
فماذا يعني الأمر الأول؟
الأمر الأول له حديث طويل لكن نقول كإشارة: إن الأمر الأول هو أمرهم (عليهم الصلاة والسلام)، فإن الأمور فيها محدثات وفيها بدع، والإنسان عليه أن يتمسك بالأمر الأول(٦١)، فان تطور الزمان وتوالي الأحداث وتجدد الأفكار قد تزعزع البُنى العقدية والفكرية الأساسية الدينية أو المذهبية للأفراد، فيجب عندئذٍ أن يتمسك الإنسان بالأمر الأول، وإن أسموه رجعيا، فانه لايصلح للمؤمن أن يخاف من أن تلصق به تهمة من التهم، فليُسَمَّ رجعياً! أو فليُستهزئ به! وليقولوا عنه أنه إقطاعي او برجوازي أو انه متحجر أو كذا وكذا. لا عليه بكل ذلك بل عليه أن يتمسك بالأمر الأول.
ولعل من مصاديق ذلك ما نشهده من أن البعض قد يتبجح بأنه خالف الإجماع أو المشهور وكأنّ لمخالفتهم الموضوعية والقيمة الذاتية!
وهذا خطأ كبير فان العقلاء بما هم عقلاء لا يرون من الصحيح مخالفة المشهور لمجرد انه مشهور أو لمجرد الرغبة في المخالفة واكتساب الشهرة، بل نقول: ان بناءهم على (مرجّحية) الشهرة إذا كانت من أهل الخبرة الثقات (أو العدول)، كما استدل البعض على ذلك بقوله تعالى (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) فتأمل، كما ورد عنهم (عليهم السلام): «خذ بما أشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر فإن المجمع عليه لا ريب فيه». بناء على ان الموصول يراد به الأعم من الحكم والفتوى والرواية بقرينة التعليل وان اللام في (المجمع) للجنس لا للعهد، على كلام مفصل في ذلك.
نعم يستثنى من ذلك ما لو قامت أدلة قطعية على خلاف رأي المشهور، أما إن يرى البعض في مخالفة المشهور سبقاً صحفياً، ويرى الكرامة في أن يشتهر بانه يسبح خلاف الموج، فهذه ليست فضيلة، وإنما الفضيلة كل الفضيلة أن يكون الإنسان على الأمر الأول المعهود من الذين كانوا في زمن الأئمة (عليه السلام) وتلقوا العلوم منهم.
هذا مع قيام الدليل من إطلاق أو عموم، واما عروض الاحتمالات فانها غير مسقطة للحجج عن الحجية، واما مع فقد الأدلة، فالاستصحاب محكم ما لم يدل دليل على الخلاف، ولعل الرواية تشير إليه.
والحاصل: ان مخالفة المشهور رغبة في الشهرة أو تحديا للمشهور أو حسب تعبير البعض: انه لمجرد كسر لهذه الصنمية(٦٢). فذلك هو الخطأ الفاحش ذلك أن هذه ليست صنمية، وإنما هذه هي النبع الصافية فإن احتمال التلوث والتلون في تلك المعرفة التي وصلت الى المحيطين بتلك النبع الصافية أقل بكثير ممن يتشبث بكل محدث حداثوي أو هرمنيوطيقي او غير ذلك.
ولذا ترون أن الشهرة الفتوائية على مر التاريخ لم تنقلب إلا في مواطن نادرة جدا، لعلها تعد على الأصابع وأقصد: ماثبت أن الشهرة القدمائية كانت عليه ثم ما ثبت أن الشهرة المتاخرية كانت على عكسه، فان هذه قليلة جداً إن لم تكن نادرة، وما عدا ذلك فإما انه لم تكن هنالك شهرة او أن الشهرة حقاً على الخلاف لم تنعقد.
إذن هذا هو الأصل الأول؛ وهو أن نتمسك بالأمر الأول كأصل، ولا نقول أن هذه القاعدة سيالة مئة في المئة لا استثناء لها، إنما نقول: ان الاستثناء يحتاج الى تثبّت واحتياط ومراجعة ثم مراجعة وتفاوض مع العلماء وتشاور ثم تأمل وتدبر وتفكر...
إذن تمسكوا بالأمر الأول ,وعلى الإنسان ينبغي أن لا تميله الرياح الحداثوية من شرقية أو غربية.
ولنضرب لذلك مثلاً آخر: فلقد اصبحت حقوق الإنسان(٦٣) مثلاً صنماً! ان حقوق الخالق هي التي لها الموضوعية، فانه هو الخالق والرازق والمنعم، فحقوقه علينا هي المحور، أما أن تكون (حقوق الإنسان) بالمفهوم الغربي أو الشرقي هي المحور ثم بعد ذلك الإسلام، فذلك خطأ، والغريب ان تجد هذا المثقف أو المتأثر الحداثوي، يحاول أن يزيح مبدءاً إسلاميا مسلّما في حدود ومساحات حقوق الإنسان، لأن الموجة العالمية تدعو إلى حقوق البشر بما لها من الموضوعية، وكأنها هي المنبع الأول للتشريع.
كلا بل المنبع الأول للتشريع هو الخالق جل اسمه، فما أفاض على البشر من حقوق فلهم، وما وضع عليهم من تكاليف فعليهم، قال تعالى: (خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) وقال: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤولُونَ).
التجديد في الآليات
ثم إننا لا ننكر التجديد في الآليات وفي الوسائل لكننا نرفض التجديد في مبادئ العقيدة، او التجديد في القيم والأخلاق أو التجديد في الفطريات والمستقلات العقلية، كما قال الشيوعيون بـ(اللاءات الخمسة): لا لله لا للدين لا للأخلاق لا لرأس المال لا للعائلة، مع أن الصحيح أن الأخلاق هي الأخلاق كما كانت؛ ذات القيمة الجوهرية العليا، فالتواضع مثلا يبقى في حد ذاته حسنا،وإن تغير العالم وتطور بالطائرات والصواريخ والقنابل الذرية وغيرها، والتكبر مذموم وإن حدث ما حدث، وكذلك البخل والكرم والعدل والإحسان والدين والإلحاد..
وبالتالي فالتجديد هو في الآليات والسبل، لا في المبادئ، لا في القيم، لا في الأسس، فالتجديد مؤطر بإطار الأصالة، يدور في فلكها ويتمحور حولها.
ثانياً: الدعوة والدلالة والذبّ عنه (صلوات الله عليه)
الوظيفة الثانية على ضوء الروايات ايضا: وظيفة الدلالة والدعوة والذبّ عن الامام المنتظر (صلوات الله تعالى عليه). يقول الإمام الهادي صلوات الله وسلامه عليه - كما في تفسير الإمام (عليه السلام) -:
«لَوْ لَا مَنْ يَبْقَى بَعْدَ غَيْبَةِ قائمكم (عليه السلام) مِنَ الْعُلَمَاءِ الدَّاعِينَ إِلَيْهِ وَالدَّالِّينَ عَلَيْهِ وَالذَّابِّينَ عَنْ دِينِهِ بِحُجَجِ اللهِ، وَالْمُنْقِذِينَ لِضُعَفَاءِ عِبَادِ الله مِنْ شِبَاكِ إِبْلِيسَ وَمَرَدَتِهِ وَمِنْ فِخَاخِ النَّوَاصِبِ لَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلَّا ارْتَدَّ عَنْ دِينِ اللهِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يُمْسِكُونَ أَزِمَّةَ قُلُوبِ ضُعَفَاءِ الشِّيعَةِ كَمَا يُمْسِكُ صَاحِبُ السَّفِينَةِ سُكَّانَهَا أُولَئِكَ هُمُ الْأَفْضَلُونَ عِنْدَ الله عَزَّ وجَلَّ»(٦٤).
هذه العناوين الثلاثة يجب ان نتدبر فيها جيداً: العلماء الداعين إليه، والدالين عليه، والذابين عن دينه؛ ذلك أن الدعوة للشيء أمر، والدلالة عليه أمر آخر، والذب عنه أمر ثالث.
فأن تدعو إلى بيتك شخصا، هذه دعوة، لكن ان تدله على طريق بيتك هو أمر آخر، فقد تدعو ولا تدل، وقد تعكس: اي تدله على المكان لكن لا تدعوه إليه.
فالوظيفة إذاً هي الدعوة من جهة، والدلالة من جهة ثانية، والذب والدفاع ثالثاً.
وهنا نسال: هل نحن بشكل عام سواء أكنا علماء أم كنا خطباء أم كنا أطباء ومهندسين، هل نحن ندعو إلى ولي الله الأعظم عجل الله تعالى فرجه الشريف أم ندعو إلى أنفسنا؟ وهل ندل عليه أم ندل على أنفسنا؟ وهل ندافع عنه أو ندافع عن أنفسنا؟
إن على كل واحد منا أن يزن عمله بهذا الميزان يومياً، فهل الطريق أصبح هو ذا الطريق؟ كثيرا ما يكون هكذا الأمر، ويا للأسف، فقد يغرق الإنسان في يومياته من درس او بحث أو تربية أو عمل اجتماعي أو سياسي أو غير ذلك، وقليلا قليلا من حيث يشعر أو لا يشعر تتحول نفسه إلى المحور، فتكون لها الموضوعية لا الطريقية، وهذا خطر حقيقي لأن الإنسان بذاته يحب ذاته فلو لم يراقبها لتحولت ذاته إلى صنم، وذلك من أعظم ابتلاءات الله للإنسان: اي حب الإنسان لنفسه فان حبه لنفسه لا يضارعه عادة شيء، لكن الآية تقول: (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ) وهذا هو المؤمن الحقيقي.
إن الإنسان عادة يحب الراحة فإذا أخل شيء براحته فسترى أعصابه تتوتر بل تختل، كذلك يحب الشهرة، يحب الرياسة، يحب المال، يحب الدار والمقتنيات، اذ انه تعب على داره لمدة عشرين سنة مثلاً!
ان علينا أن نضع هذا المقياس أمام أعيننا يوميا، عندما أدرس، لماذا؟ هل لكي يمدحني الناس ويثنون عليّ ويقدمون لي ما يقدمون، او لا، بل إنما أدرس وأطالع وأؤسس وأكتب وأتاجر وأتصدى، لكي أدعو لولي الله الأعظم ولكي أرشدهم إلى السبيل الأقوم؟
ان هذا المقياس يحتاج إلى رقابة نفسية دائمة، لأن النفسَ لأمارة بالسوء (إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي).
اذن: واجبنا هو الدعوة إليه (صلوات الله عليه) أولاً، والدلالة عليه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ثانيا، والذب عنه ثالثاً والذبّ يعني الدفاع، والدفاع ايضاً قد يكون لا بالحجج فحسب، بل يقرنها بالأعمال والأنشطة والبرامج والمؤسسات الدينية والفكرية وغيرها.
ثم ان (الذبّ) لعله إشارة للجانب السلبي، وأما ذانك الأمران فإشارة للجانب الإيجابي.
ثالثاً: أن نبقى سبّاقين
وأما الوظيفة الثالثة فهي أصعب: وهي أن نبقى سبّاقين.
فان الإنسان تارة يكون داعية، ودالا وذابا عن دين لله بحجج الله، لكنه تارة يكون سباقا ويكون قمة القمة في ذلك، فان ذلك ايضاً من وظائف المنتظِر الحقيقي.
ومما يلفت النظر: انكم كثيرا ما ترون بعض الطلاب أو المؤمنين في بداية الطريق مجّداً مجتهداً مجاهداً في تهذيب نفسه، يراقب نفسه حقيقة، كي لا يخالطها نوع من الرياء أو العجب أو الغرور أو الكبر والكبرياء أو غير ذلك، لكنه بمرور الزمن يتضاءل ذلك حتى ينسى أو يكاد.
إن الإنسان يجب عليه أن يكون سبّاقا، وان يكون يومه أفضل من أمسه، وان يكون غده أفضل من يومه وهكذا، فهذه أيضا وظيفة؛ أن تكون سباقا إلى الخيرات والصالحات وإلى تهذيب النفس وإصلاحها.
وهذه السباقية مما تدل عليه بعض الروايات يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) - «أَلَا إِنَّ بَلِيَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَيْئَتِهَا يَوْمَ بَعَثَ الله نَبِيَّهُ (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً، وَلَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وَأَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ، وَلَيَسْبِقَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا، وَلَيُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا سَبَقُوا، وَالله مَا كَتَمْتُ وَسْمَةً وَلَا كَذَبْتُ كَذِبَةً، وَلَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَهَذَا الْيَوْمِ»(٦٥).
ان هذا الانذار وهذا التحذير موجه إلينا جميعا، فان الإنسان قد ينقلب على عقبيه في امتحان الشهرة، امتحان الرياسة، امتحان المال، امتحان المرأة، امتحان المنصب وغير ذلك. فتجده بعد أن جاهد نفسه لخمسين سنة مثلاً يقع - لا سمح الله - في شباك إبليس، فيصبح مطية له ولأهواء نفسه.
فقوله صلوات الله تعالى عليه: «وليسبقن سباقون كانوا قصروا، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا...» يكشف عن أن بعض الناس في البداية قد يكون مقصرا، لكنه بعد ذلك يشمله لطف من الله سبحانه وتعالى وواعظ من نفسه، فيكون هو السباق إلى الخيرات.
كما أن بعض الناس قد ينطلق بقوة في ميادين الإرشاد والتوعية والتربية وفي ميادين تهذيب نفسه وتطويرها وتزكيتها، ولكنه بعد ذلك يقصّر ويتراجع لا سمح الله تعالى.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا).
نسأل الله سبحانه ان نكون ممن يتنعم بتلك الإشراقة الربانية وممن ينتصر بهم لدينه انه سميع مجيب.

الفصل الخامس: (المتقدِّمات) على الظهور المبارك للإمام القائم المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) محذرات ومنبهات

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا)(٦٦).
ويقول جل اسمه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(٦٧).
(المتقدمات) على الظهور المبارك محذِّرات ومنبِّهات
البحث يدور باذن الله سبحانه وتعالى حول العناوين التالية:
أ - (المتقدِّمات).
ب- (المقدِّمات).
ت- (المممهِّدات)
وبعض العناوين الاخرى المشابهة لذلك في إطار العنوان الرئيسي وهو المرابطة.
المتقدِّمات والمقدِّمات والممهِّدات
ان من المعروف أن لظهور سيد الكائنات الحجة المنتظر (صلوات الله وسلامه عليه) علامات عديدة بين حتمية وغيرها، وان مبحث العلامات يحتاج الى بسط من الكلام لا ندخل فيه الان، لكن سوف نتحدث بايجاز عن ثلاثة عناوين اخرى اصطلحنا في بعضها على ذلك العنوان كي تكون هذه العناوين حاكية عن الواقع كما هو.
إن عنوان المقدمة والمقدمات والمقدّمية، عنوان معروف، أما عنوان (المتقدمات) فهو عنوان آخر نجد ان من الضروري ان ننحت له هذا المصطلح الى جوار عنوان المقدمات، ثم ان هناك عنوانا اخر وهو (الممهدات) فما هو الفرق بين (الممهدة) و(المقدمة) و(المتقدمة)؟ وما هي الثمار التي تترتب على ذلك؟
هذه العناوين الثلاثة ستكون المحور في هذا البحث ان شاء الله تعالى.
الفرق بين (المتقدمة) و(المقدمة) و(الممهدة)
هناك أمور كثيرة ينطبق عليها عنوان المقدمة، اذا ان الكثير من الاشياء هي مقدمة للوصول لاشياء اخرى، كما في المشي الى المسجد أو إلى السوق، حيث انه مقدمة للوصول إليه, لكن هناك أشياء أخرى هي(متقدمة) وليست بـ(المقدمة) والفرق بينهما كبير؛ اذ تارة يكون بين الشيئين تعاقب بدون اقتضاءٍ ولا علّية ولا سببية او مسببية، وعندها يكون ههنا (تقدُّم)، بحيث لا يكون (المتقدم) مقدمة للمتأخر منهما، بل هو صِرف التقدم، وذلك نظير المتقارنين اذ قد يكونان متلازمين، وقد تكون المقارنة اتفاقية.
ثم أن التقدم قد يكون زمانيا او مكانيا او كليهما، وقد يكون في المتقدم الاقتضاء للاخر فهو المقدمة، وقد لايكون كذلك فهو المتقدّم. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فان (المقدمة) تختلف عن (الممهِّدة) اذ الاولى هي ما توصلك الى الشيء من غير ان يكون لها دور في وجوده، اما الثانية - الممهدة فهي ما تصنع الشيء ويكون لها التأثير ولو بنحو جزء العلة في وجوده وتحققه.
كمثال لتوضيح الفكرة: اذا خرجتم من داركم قاصدين المسجد، فأعترضكم جبّار وصفعكم، فان هذه الصفعة (متقدّمة) على وصولكم الى المسجد، وليست بمقدمة له(٦٨)، بينما مشيكم نحو المسجد (مقدمة) لذلك، أي ان مشيكم علة معدة للوصول الى المسجد.
ثم ان مشيكم لما كان (مقدمة) للوصول فانه يختلف عن (الممهِّدة) وهي العوامل والأشخاص والعلل التي سببت وجود المسجد وإنشاءه كالبنّاء والمهندس والعمال وحفر الارض وتعبيدها وغير ذلك.
بعد هذا التوضيح يقع كلامنا في (المتقدمات) على الظهور المبارك لولي الله الاعظم (صلوات الله تعالى عليه) وهي كثيرة جدا لكنها ليست (مقدمات) كما قد يتصور البعض خطأً، كما أنها ليست بـ(ممهدات) للظهور المبارك.
ومن هذه (المتقدمات) والتي ليست بمقدمات أو ممهدات للظهور او لم يدل دليل على ذلك في بعضها على الأقل، ما جاء في: الكافي الشريف بسندين، ومع قطع النظر عن القول بحجية روايات الكافي بشكل عام(٦٩)، فان هذه الروايات بعضها معتبر إسناداً بشكل خاص.
من (المتقدمات) على الظهور المبارك
فقد روى الشيخ الكليني(٧٠) طاب ثراه حديث الإمام الصادق (عليه السلام)(٧١) مع حمران وقد جاء فيه قوله (عليه السلام):
(فإذا رأيت الحقّ قد مات وذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد).
فانه أحيانا يغزو الجور بعض أرجاء البلاد، لكنه في أحيان اخرى يدخل في كل بيت بيت وفي كل حجر حجر، وفي كل عشيرة وأسرة وشخص، وهذه من المتقدمات لا المقدمات، وسوف نشير الى الثمرة في فرقها عن المقدمات ان شاء الله تعالى.
(ورأيت القرآن قد خلق، واُحدث فيه ما ليس فيه، ووُجِّه على الأهواء، ورأيت الدين قد انكفأ كما ينكفىء الماء)
فان الانسان قد يصب الماء شيئا فشيئا، لكنه أحيانا اخرى يقلب الإناء على وجهه تماما، فهل يبقى من الدين عندئذٍ شيء؟ وألا يحيق بكل واحد منا هذا الخطر؟
ثم يقول الامام:
(ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحق) وهذا ما نجده الان كذلك،من الشرق الى الغرب ومن العام الى الخاص.
(ورأيت الشرّ ظاهراً لا يُنهى عنه، ويُعذر أصحابه، ورأيت الفسق قد ظهر، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء)
(ورأيت المؤمن صامتاً لا يُقبَل قوله ,ورأيت الفاسق يكذب ولا يُردّ عليه كذبه وفريته)
(ورأيت الصغير يستحقر الكبير، ورأيت الأرحام قد تقطعت، ورأيت من يُمتدح بالفسق يضحك منه ولا يردّ عليه قوله، ورأيت الغلام يعطي ما تعطي المرأة، ورأيت النساء يتزوجنّ بالنساء)
(ورأيت الثناء قد كثر) كما تجدون الآن ان كثيراً من الناس يتغنَّون بامجاد عائلتهم أو سياسييهم أو عالم منطقتهم أو مرجعيتهم او غير ذلك، مع ان الثناء المذموم يراد به - ولو بمناسبات الحكم والموضوع - الثناء بالباطل عادة، إلا أن الأغلب لعله جرى على ان فضيلة الغير تطمس، بينما فضيلة المتكلم او من يحبه يُروَّج لها اكثر مما ينبغي.
(ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا يُنهى عنه ولا يؤخذ على يديه) فانك ترى الملايين بل المليارات تنفق في تشييد السينماءات الفاسدة او المخامر او المقامر او الفضائيات او مدارس الضلال او الاحزاب الضالة المضلة، ولا يوجد احد ينهى عن ذلك، مع أن المطلوب النهي عن المنكر باستمرار ودون كلل أو ملل، بل المطلوب ان يؤخذ على يديه ويمنع بالقوة حسب مراتب النهي عن المنكر وحسب شروطه وضوابطه، درءأ للفساد والافساد.
(ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع)
ولعل إطلاق هذا الكلام وإلا فملاكه، يشمل الدولة الجارة التي تؤذي الدولة الثانية فتتدخل في شؤونها،وتؤوي الإرهابيين وتقود التفجيرات الإرهابية، أو تحاول زعزعة وضعها الاقتصادي أو الاجتماعي وغير ذلك.
(ورأيت الكافر فرحاً لِما يُرى في المؤمن، مَرِحاً لِما يرى في الأرض من الفساد)، ومن المشهود جلياً الآن ان الكفار فرحون بما يجري في بلادنا؛ من حروب داخلية وسفك دماء وظلم الحكام لشعوبهم وثورة الشعوب على حكامهم، والاستبداد والتخلف والأثرة وتحطم الزراعة والصناعة.. ويكفي فرحهم بما يجري في دول الخريف العربي!
(ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله تعالى)
(ورأيت الآمر بالمعروف ذليلاً) فمن يستطيع ان يتجرأ ويخاطب الحاكم او الرئيس او غيرهما ويأمره بالمعروف؟ وان تجرأ فانهم يسعون بمختلف الطرق لإذلاله أو تحطيمه أو تحجيمه.
(ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قوياً محموداً، ورأيت أصحاب الآيات يحتقرون ويحتقر من يحبّهم، ورأيت سبيل الخير منقطعاً، وسبيل الشر مسلوكا)
(ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله) إذ تجد بعضهم يتكلم مع الناس عن الصبر، ثم تجده جازعا في أدنى مصيبة، او يتكلم عن الورع او الحلم فلا تجده في مظان الشبهة أو غيرها ورعا ولا حليما.
(ورأيت الرجال يتسمّنون للرجال، والنساء للنساء، ورأيت الرجل معيشته من دبره، ومعيشة المرأة من فرجها ,ورأيت النساء يتّخذن المجالس كما يتّخذها الرجال، وتُنُوفس في الرجل ويغار عليه الرجال).
(وكان صاحب المال أعزّ من المؤمن، وكان الربا ظاهراً لا يعيّر, وكان الزنا تُمتدح به النساء، ورأيت المؤمن محزوناً محتقراً ذليلاً، ورأيت البدع والزنا قد ظهر، ورأيت الناس يعتدون بشهادة الزور، ورأيت الحرام يحلّل).
(ورأيت الدين بالرأي) كما نجده في القياس الذي أضحى سيد المواقف، والذي اصطلحوا عليه الآن بمصطلح برَّاق: (تاريخية الأحكام) و(نسبية النصوص والمعرفة) وغير ذلك.
(وعطّل الكتاب وأحكامه) بعناوين شتى ومنها عنوان الأهم والمهم المتوهَّم! ومنها عنوان تعدد القراءات، وغيرها.
(ورأيت الليل لا يُستخفى به من الجرأة على الله) فقد أصبح الليل الوقت المفضل للفساد والإفساد في كل العالم، كما تجد الأفلام الفاسدة تبث ليلا بعد منتصفه بل وفي كل الأوقات، ومن الغريب ان بعض الدول الاسلامية تعتبر شهر رمضان ولياليه، موسم الأفلام والمسلسلات بما تتضمنه من انحلال وميوعة.
(ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلا بقلبه، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله (عزّ وجلّ)، ورأيت الولاة يقرّبون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير) فتجد أبرز مستشاري حكومات الدول الاسلامية وشركاتها هم من المؤسسات أو الشخصيات الغربية الكافرة وفي مختلف الاختصاصات!
(ورأيت الولاة يرتشون في الحكم، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد) وقد تعارف مؤخرا بيع وشراء المناصب في الصفقات السياسية.
(ورأيت ذوات الأرحام ينكحن ويكتفى بهنّ، ورأيت الرجل يُقتل على التهمة وعلى الظنّة، ويُتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله، ويأكل الرجل من كسب امرأته من الفجور، يعلم ذلك ويقيم عليه، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها).
(ورأيت الأَيمان بالله كثيرة على الزور، ورأيت القمار قد ظهر، ورأيت الشراب يباع ظاهراً ليس له مانع).
(ورأيت النساء يبذلن أنفسهنّ لأهل الكفر، ورأيت الملاهي قد ظهرت يُمرّ بها لا يجتري أحد على منعها).
(ورأيت الشريف يستذلّه الذي يُخاف سلطانه، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبّنا يزوّر ولا تقبل شهادته، ورأيت الزور من القول يُتنافس فيه).
(ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه، وخفّ على الناس استماع الباطل).
(ورأيت الجار يكرم جاره خوفاً من لسانه).
(ورأيت الحدود قد عُطِّلت وعمل فيها بالأهواء، ورأيت المساجد قد زخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب، ورأيت الشرّ قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت البغي قد فشا)(٧٢).
فترى البغي منتشرا في كل مكان: في الأسواق والعشائر والجامعات الا من عصم الله. ثم ان البغي تارة يكون من الأعلى للأدنى، وأخرى من الأدنى للأعلى، والثالثة من المساوي للمساوي!
(ورأيت الغيبة تُستَملَح ويبشّر بها الناس بعضهم بعضاً، ورأيت طلب الحج والجهاد لغير الله، ورأيت السلطان يُذِلّ للكافر المؤمنَ) أي يذل المؤمن لأجل رضا الكافر! وما أكثر ذلك في حكومات بلاد الإسلام اليوم!
(ورأيت الخراب قد اُدِيلَ من العمران)، ألا ترى كثرة الأراضي اليباب البائرة في بلاد الإسلام وألم تكن العراق مثلاً أرض السواد سابقاً؟ فما بالها اليوم؟
(ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان)
(ورأيت سفك الدماء يُستخفّ بها)
وهذا ما نشاهده بوضوح في عصرنا الحاضر، بل لعله لا يوجد له في التاريخ نظير، فتجد أمراء الحروب وملوك التفجيرات ومن ورائهم الديمقراطيات الزائفة يقتلون الألوف ومئات الألوف بل بعضهم يلتذ بسفك الدماء أيَّ التذاذ خصوصا دماء أتباع اهل البيت (عليهم السلام)، ومن ذلك ما ينقل عن ذلك الارهابي الهارب: ان شهيته كانت مسدودة عن الطعام لمدة ثلاثة أيام فلما بلغه نجاح العملية الإرهابية التفجيرية التي اعد لها وقتل جماعة وجرح العشرات قال: ألان انفتحت شهيتي! هلموا بالطعام!!!
(ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لغرض الدنيا) فعلى الانسان ان يراقب ذاته في كل ذلك
(ويشهر نفسه بخبث اللسان ليُتّقى، وتُسنَد إليه الاُمور، ورأيت الصلاة قد استُخِفّ بها)
(ورأيت الرجل عنده المال الكثير لم يزكّه منذ ملكه).
يبخل بألفين فيخسر الملايين
وفي الحادثة التالية عِبرة: فقد زار أحد العلماء تاجراً في إحدى البلاد الإسلامية وطلب منه المساهمة في مشروع خيري فوعد بما يعادل حوالي ألفي دولار، ثم اخذ يماطل الى ستة أشهر مع انه تاجر كبير، فما قيمة ألفي دولار في بحر أمواله، لكن الله يمهل ولا يهمل؟! واذا به بعد مدة يخسر في صفقة تجارية ضخمة بما يعادل اربعة وعشرين مليون دولار، فالمعاصي تجر البلايا والخسائر.
(رَأَيْتَ الْهَرْجَ قَدْ كَثُرَ، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُمْسِي نَشْوَانَ وَيُصْبِحُ سَكْرَانَ لَا يَهْتَمُّ بِمَا النَّاسُ فِيهِ، وَرَأَيْتَ الْبَهَائِمَ تُنْكَحُ، وَرَأَيْتَ الْبَهَائِمَ يَفْرِسُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَرَأَيْتَ قُلُوبَ النَّاسِ قَدْ قَسَتْ وجَمَدَتْ أَعْيُنُهُمْ).
وما أكثر من يرى المعاصي فلا يهتم ولا يبالي!، وفي السابق كنا اذا سمعنا عن سرقة او ظلامة فان قلوبنا كانت تنكسر وكان يعتصرها الألم، لكنها ألان نسمع ونرى أمواجاً من المعاصي والجرائم المهولة خاصة تفجيرات الإرهابيين وجرائمهم فلا نبالي بل نمر عليها مرور الكرام، فالقلوب أضحت قاسية بشكل عجيب.
وقد قال أمير المؤمنين صلوات الله تعالى عليه:
(... وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ، وَالاْخْرَى المُعَاهَدَةِ، فيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَقُلْبَهَا وَقَلاَئِدَهَا، وَرِعَاثَهَا، ما تَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلاَّ بِالاسْتِرْجَاعِ وَالاِسْتِرْحَامِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ، مَا نَالَ رَجُلاً مِنْهُمْ كَلْمٌ، وَلاَ أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ، فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِن بَعْدِ هَذا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً، بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً)(٧٣)
إن القلوب أصبحت ألان قاسية حقاً فكيف يرحمنا الله تعالى؟ وهل نحن مأهّلون لظهور الإمام (عليه السلام)؟ كلا، إذ أين مظهر النور ومعدن القداسة والطهارة والكمال، من هذا البشر نازل المستوى في اقل التعابير؟
(وثقل الذكر عليهم) تقول لهذا أو ذاك: اذكر الله وأنت في الطريق أو السوق أو الجامعة أو الوزارة، فيثقل عليه ذلك!!
(ورأيت السُحتَ قد ظهر يُتنافس فيه، ورأيت المصلّي إنّما يُصلّي ليراه الناس)
(ورأيت الفقيه يتفقّه لغير الدين يطلب الدنيا والرئاسة، ورأيت الناس مع من غلب) ففي كل مكان تجد الناس مع من غلب، الا من عصمه الله.
(ورأيت طالب الحلال يُذمّ ويُعيّر، وطالب الحرام يمدح ويعظّم، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحب الله لا يمنعهم مانع، ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد).
(ورأيت الرجل يتكلّم بشيء من الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه، فيقول: هذا عنك موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ويقتدون بأهل الشرور).
(ورأيت مسلك الخير وطريقه خالياً لا يسلكه أحد)...
(ورأيت كلّ عام يحدث فيه من الشرّ والبدعة أكثر ممّا كان).
(ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلّا الأغنياء، ورأيت المحتاج يُعطى على الضحك به ويرحم لغير وجه الله، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم لا ينكر أحد منكراً تخوّفاً من الناس، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله، ويمنع اليسير في طاعة الله)
(ورأيت العقوق قد ظهر واستُخِفّ بالوالدين، وكانا من أسوء الناس حالاً عند الولد، ويفرح بأن يُفترى عليهما)
(ورأيت النساء قد غلبن على الملك، وغلبن على كلّ أمرٍ لا يؤتى إلّا مالهنّ فيه هوى)
(ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على والديه ويفرح بموتهما)
(ورأيت الرجل إذا مرّ به يوم ولم يكتسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر، كئيباً حزيناً يحسب أنّ ذلك اليوم وضيعة من عمره)
(ورأيت السلطان يحتكر الطعام)
(ورأيت أموال ذوي القربى تُقسَّم في الزور ويُتقامَر بها وتشرب بها الخمور)
(ورأيت الخمر يتداوى بها وتوصف للمريض ويستشفى بها)
(ورأيت الناس قد استَوَوا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التدين به)
(ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق قائمة ورياح أهل الحق لا تحرّك)
(ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر)
(ورأيت المساجد محتشية ممّن لا يخاف الله، يجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحق، ويتواصفون فيها شراب المسكر، ورأيت السكران يصلّي بالناس وهو لا يعقل ولا يُشان بالسكر، وإذا سكر اُكرم واتُّقي وخِيف وتُرك، لا يعاقب ويعذر بسكره)
(ورأيت من يأكل أموال اليتامى يُحمد بصلاحه)
(ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع)
(ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسق والجرأة على الله، يأخذون منهم ويخلّونهم وما يشتهون)
(ورأيت المنابر يُؤمَر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر)
(ورأيت الصلاة قد استُخِفّ بأوقاتها)
(ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله، وتُعطى لطلب الناس)
(ورأيت الناس همّهم بطونهم وفروجهم لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم، ورأيت أعلام الحق قد دُرِست)
(فكن على حذر، واطلبْ إلى الله تعالى النجاة، واعلم أنّ الناس في سخط الله تعالى، وإنّما يُمهلهم لأمر يُراد بهم، فكن مترقّباً، واجتهد ليراك الله تعالى في خلاف ما هم عليه، فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجّلت إلى رحمة الله، وإن أخّرت ابتلوا وقد كنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرأة على الله تعالى. واعلم أنّ الله لا يضيع أجر المحسنين، وأنّ رحمة الله قريب من المحسنين).
وفي رواية أخرى عن الامام (عليه السلام) في نهج البلاغة: (ولُبِس الإسلام لبس الفرو مقلوبا)(٧٤)
فتراه يعمل بالمنكر، فاذا أنكرت عليه بادرك إن هذا هو المعروف!! وهذه هي الشريعة وهذه هي الأدلة!! كذبا وزورا.
ولذا يقول الامام (عليه السلام) كما في إكمال الدين: "إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ"(٧٥)
وفي رواية أخرى في مكارم الأخلاق: "سيأتي من بعدي أقوام يأكلون طيبات الطعام وألوانها ويركبون الدواب ويتزينون بزينة المرأة لزوجها ويتبرجون تبرج النساء وزيهم مثل زي الملوك الجبابرة هم منافقوا هذه الأمة في آخر الزمان شاربوا القهوات لاعبون بالكعاب راكبون الشهوات تاركون الجماعات راقدون عن العتمات مفرطون في الغدوات يقول الله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) يا ابن مسعود مثلهم مثل الدفلى زهرتها حسنة وطعمها مر، كلامهم الحكمة وأعمالهم داء لا تقبل الدواء"(٧٦)
وكم تجد الآن من أشخاص ظلمه متسلطين عملهم عمل الحاسد الحاقد الظالم الجائر، لكن كلامهم معسول منمّق؟!
وفي رواية اخرى: "يَظْهَرُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَقْوَامٌ وُجُوهُهُمْ وُجُوهُ الْآدَمِيِّينَ وقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِين..."(٧٧)
فتجده أستاذا في المكر والتدليس والحيلة، الى درجة ان الشيطان قد يتعلم منه!!.
حاكم إسلامي معاصر يستنسخ تجربة معاوية!
وقد نقل لي بعض أهل الخبرة والتتبع والإطلاع عن احد حكام بلاد الإسلام انه قبل فترة شكل لجنة لدراسة كيفية سيطرة معاوية بن ابي سفيان على البلدان الإسلامية تلك المدة الطويلة؟ وماهي الحيل السياسية التي استعملها معاوية في ذلك؟ وما هي أساليبه في القتل غيلة؟ وكيف أدار البلاد بالمكر والخديعة حتى خضعت لحكمه وجوره؟
وقد تتبعت شخصيا سياسة ذلك الحاكم ومنهجيته وأنواع قراراته، فرأيت أن بعض أساليبه الآن مقتبسة بالفعل من سياسة معاوية بن ابي سفيان: نفس الأسلوب ونفس المنهج!!.
الثمرة في المتقدمات: انها محذِّرات
وصفوة القول: إن هذه الأمور(٧٨) هي من (المتقدمات)، وليست من (المقدمات)، فما هو الفرق؟ وما هي الثمرة من هذا التفريق؟
إن هذه (المتقدمات) ليست لها عِلِّيه للظهور المبارك بل وليس لها اقتضاء ولا أية جهة إعدادية أبداً، فلا هي علة موصلة ولا هي من الممهدات، بل هي (متقدمات) فقط، أي: أمر يحدث قبل أمر أخر فهو كالتقدم المكاني.
وتظهر الفائدة في ذكرها انها (محذِّرات) فعلى الانسان ان يحذر مما ذكر فيها من الأهاويل والفدائح والمعاصي، والملفت ان من يطالعها فانه يشعر في عمقه ان الإمام (عليه السلام) لم يأتِ بها لمجرد الأخبار الغيبي الصرف، بل يشعر انها تحذّره وتشير - بدلالة الإيماء والتنبيه أو غيرها - الى انه يجب ان لا يكون كذلك: ان يحذر من ان يكون قلبه قاسيا، او كقلوب الشياطين او ان يمر على المعصية ولا ينقلع قلبه لها!
اننا نسمع في الفضائيات أو نقرأ في الجرائد والمجلات الكثير الكثير من مصاديق هتك المقدسات، من قبيل هتك حرمة بعض أهل البيت سلام الله عليهم، ولكننا نمر على ذلك مرور الكرام.
وإنني شخصياً اعرف احد العلماء سمع ذات مرة أن احدهم قال كلمة غير مهذبة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فبقي هذا العالم الموالي أياما متألما قَلِقا مضطرباً، كيف أن شخصا يتكلم عن الأمير (صلوات الله تعالى عليه) بهذا الكلام؟!! ثم اتخذ سلسلة من الاجراءات والخطوات لمنع تكرار مثل تلك الاساءات...
إن الكثير منا قد يسمع شخصا يتكلم بكلام يجترئ به على مقدساتنا وحرماتنا ومحرماتنا، لكن يمرّ عليها مروراً عابراً... وما ذلك إلا لقسوة القلوب(٧٩) والعياذ بالله.
والحاصل: إن هذه المتقدمات محذِّرات... فهل من معتبر؟!.
إتهام احد العلماء العاملين بأنه يرى الإفساد مقدمة لتعجيل الظهور!
ثم ان بعض الجهلة تصوروا، كما ان بعض المغرضين اتهموا بعض العلماء العاملين: بأن الظهور المبارك متوقف على هذه العلامات.

فتصور البعض ان (المتقدمات) هي (مقدمات) بل (ممهدات) للظهور، كما اتهم زورا البعض الآخر بعضَ العلماء العاملين بانه ممن يذهب الى هذا الراي اعني ان المتقدمات هي مقدمات وممهدات.
فهؤلاء الجهلة والمغرضون اتهموا أولئك العلماء؛ بانهم يقولون: أن عليهم ان يكثروا من المعاصي والموبقات والظلم وكل ما ذكر في تلك الروايات حتى يعجلوا الظهور للامام (عليه السلام)!! وبذلك فقد صوروا - خطأ منهم أو عمداً وعناداً - المتقدِّمات كمقدِّمات بل كممهِّدات.
وممن أُتّهم بذلك المرحوم الشيخ محمود الحلبي وهو احد كبار العلماء العاملين الأبرار الذين ربوا عشرات الآلاف من خيرة الشباب الجامعيين وغيرهم، وقد رأيت الكثير ممن رباهم هذا الشيخ الرباني الكبير في دول عديدة وقد وجدتهم من خيرة المتدينين.
لكن بعض المغرضين اتهموه انه يدعو إلى نشر الفساد والظلم والرذيلة، وكالوا له نظائر ذلك من الكذب والاتهام وانه يدعو للفساد، لكي يكون ذلك سبباً لتعجيل الظهور المبارك!.
وكلامنا فعلا ليس عن ذلك العالم - وان كان إحقاق الحق والدفاع عن المظلوم مطلوبا لازماً - إلا أن كلامنا عن أصل الشبهة القائلة: إن الظهور يتوقف على نشر الفساد والإفساد فعلينا أن نقوم بذلك لتعجيله وتقريبه!! ومن البديهي أنها شبهة باطلة واهية مخالفة لضروريات الدين ومعارضة لمسلمات الكتاب والسنة..
وعليه: فلا مجال ابداً للخلط بين (المتقدمات) و(المقدمات)، فالمتقدمات ليست مقدمات ولا هي ممهدات ان لم تكن معوقات!.
مسؤولية (المرابطة) في زمن الغيبة
لقد ظهر إذن بجلاء: ان عالم ما قبل الظهور فيه متقدمات، لكن السؤال المهم هو: ما هي المسؤولية الملقاة على عواتقنا في عصر الغيبة وعالم ما قبل الظهور؟
نقول: المسؤولية هي (المرابطة)، وقد تناولنا الحديث عن جوانب موجزة منها في هذا الكتاب، لكننا نشير هنا الى قاعدة مهمة:
وضوح الرؤية يضاعف الحافز
وهذه القاعدة تقول: "كلما كانت الرؤية تجاه خطر من الأخطار أوضح, كان الحافز للتصدي له اكبر"
وهذا أمر فطري وجداني، فلو أن الإنسان كانت رويته واضحة اتجاه خطر الأفعى الرقطاء وان سمها قاتل له على الفور فانه سوف يحذرها ويتجنبها بكل ما يستطيع.
والمشكلة الأساسية هي أننا لا ندرك مخاطر عصر الغيبة جيدا، نعم قد ندرك بعض المخاطر أو بعض أبعادها ثم نتناساها في زحمة العمل والالتهاء الروتيني في مشاغل الحياة اليومية، لذا فان من النافع والضروري ان يطلع الانسان على مختلف المتقدمات التي اشرنا اليها وغيرها، وبشكل مستوعب وان يقرأ على الاقل رواية واحدة عن ذلك كل يوم، فان استعداده عندئذٍ سوف يكون اكثر واكبر.
وسوف نذكر رواية من هذه الروايات ونختم بها الكلام: فقد أورد صاحب كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال:
«عن الامام الباقر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذَاتَ يَوْمٍ وعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: اللَّهُمَّ لَقِّنِي إِخْوَانِي مَرَّتَيْنِ فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ: أَمَا نَحْنُ إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: لَا، إِنَّكُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانِي قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ آمَنُوا بي وَلَمْ يَرَوْنِي لَقَدْ عَرَّفَنِيهِمُ الله بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَأَرْحَامِ أُمَّهَاتِهِمْ، لَأَحَدُهُمْ أَشَدُّ بَقِيَّةً عَلَى دِينِهِ مِنْ خَرْطِ الْقَتَادِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، أَوْ كَالْقَابِضِ عَلَى جَمْرِ الْغَضَا، أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الدُّجَى يُنْجِيهِمُ الله مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ)(٨٠).
و(خرط القتاد) مثل يضرب لشدة مقاساة الألم في مواجهة المخاطر الكبيرة فان دخول الشوكة الواحدة في يد الإنسان مؤلم جداً، فكيف بان يمسك الإنسان بيده غصناً مليئاً بالأشواك المدبّبة ثم يخرطها بقوة من أعلى إلى أسفل! كم ذلك مؤلم؟ وكم انه يحتاج إلى صبر دؤوب حتى انتهاء العملية بأكملها! وقد جاء في (مجمع البحرين): القتاد كسحاب شجر صلب شوكه كالأبر تضرب فيه الأمثال.
ولا شك أن مواجهة الابتلاءات الدنيوية التي تنازع المؤمن على دينه كالظلم وحب الدنيا والرياسة والأموال وغير ذلك من الخطورة بمكان بحيث كأنها كخرط القتاد
و(جَمْرِ الْغَضَا) هو نوع من الشجر، حطبه يستمر كثيرا في الاشتعال والاستعار حتى ينطفئ.
نسال الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا واياكم ممن اشار اليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بهذه الكلمات بان نكون ممن يتصفون بهذه المواصفات كي نكون ممن يرقى بجدارة إلى مقام أخوّة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
اللهم ارني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة، وأكحل ناظري بنظرة مني اليه، وعجل فرجه وسهل مخرجه وأوسع منهجه واسلك بي محجته.. آمين رب العالمين.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.

الفصل السادس: المقدِّمات والمتقدِّمات والممهِّدات والمسؤوليات في زمن الغيبة الكبرى

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدِّمات والمتقدِّمات والممهِّدات والمسؤوليات في زمن الغيبة الكبرى
سوف يتمحور الحديث حول (الميمات الأربع) التي تسبق الظهور المبارك في زمن الغيبة الكبرى:
١) المقدِّمات.
٢) المتقدِّمات.
٣) الممهِّدات.
٤) المسؤوليات والوظائف.
وهذه الأمور الأربعة التي وردت حول مضامينها روايات كثيرة والتي يلزم ان نكون مرابطين عند ثغرها دائما.
١) المقدِّمات:
 (المقدمات) هي أعلى رتبة من (المتقدمات)، لكنها لا ترقى الى مستوى (الممهِّدات) بل تبقى مقدمات في المرتبة المتوسطة، وقد بينا سابقا أن المقدمة: هي التي توصل الى الشيء لكنها لا تصنع الشيء ولا تسهم في تكوينه.
والمستفاد من الروايات:
أ - ان هناك اشياءاً تسهم في تعجيل الظهور المبارك والتي عبرنا عنها بـ(الممهِّدات) كما سيأتي في نهاية المطاف ان شاء الله تعالى.
ب - وان هناك اشياءاً هي متقدمة على الظهور المبارك، لكن من دون علِّية أو اقتضاء فيها للايصال ولا تأثير لها في صناعة ذلك الحادث العظيم القادم، فلا هي جزء العلة ولا شرط تأثيرها ولا هي حلقة من حلقات العلة المعدة, وهي ما أسميناه بـ(المتقدمات).
ج - وهناك أمور توصل الإنسان لأدراك عهد الظهور وان لم تكن من صنّاع تعجيل الظهور وأسبابه، بمعنى أن الشخص اذا أراد ان يكون من أنصار الامام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، او ان يحيى الى ان يظهر عجّل الله تعالى فرجه الشريف , او ان يُحيى بعد الموت ليشهد زمن الظهور، فان هناك طرقا ذكرتها الروايات, توصل الانسان العامل بها الى عصر الظهور، لكنها لا تعجل بالظهور, وعلى الأقل يمكن القول: انه لا يظهر من الروايات أنها من الممهدات.
من المقدمات: قراءة المسبِّحات (٨١)
والمقدمات عديدة، ومنها:
التزام الانسان بقراءة المسبحات(٨٢) كل ليلة قبل المنام فان ذلك سيكون سبباً لكي يدرك الشخصُ الامام المهدي المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف بنحو الاقتضاء - وهو أمر هام جداً – وإن لم يكن بنحو العلية التامة، وسيتضح ذلك عندما نقرأ الرواية الشريفة:
فقد نقل كتاب العوالم عن الكافي الشريف باسناده الى جابر قال: (سمعت أبا جعفر (صلوات الله وسلامه عليه) يقول: من قرأ المسبحات كلها قبل أن ينام لم يمت حتى يدرك القائم عجّل الله تعالى فرجه الشريف وإن مات كان في جوار محمد النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم))(٨٣).
فهذه وسيلة وطريقة مهمة جداً عرفّنا عليها الأئمة الأطهار، فلماذا نغفل عنها وعن أمثالها؟؟
ان كل مؤمن لا ريب انه يتمنى ان يتشرف برؤية وخدمة الامام المعصوم ولو لحظة واحدة، فكيف بان يدركه ويكون من جنوده وأعوانه؟!
نعم يظهر من الرواية ان ذلك بنحو المقتضي وليس بنحو العلة التامة، فقد يقوم بالقراءة بعض الأفراد لكنهم لا يدركونه (صلوات الله وسلامه عليه), إلا أن الله تعالى يعوضهم بشي آخر له أهميته القصوى بدوره، وهو ما تصرح به تتمة الرواية اذ تقول: (وان مات كان في جوار محمد النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم))(٨٤). نعم يحتمل ان يكون (وإن مات...) تتمة لا بديلاً فلا بد ان يكون المراد من الإدراك الإدراك الشخصي لا إدراك عهد الظهور مطلقاً. فتأمل
تأثير الالتزام بالمسبحات ونظائرها في البركة والتسديد:
وهذه المقدمة وسائر المقدمات علينا ان نتعرف عليها باجمعها في عهد الغيبة جيداً وان نلتزم بها ايضاً ففي ذلك سعادة الدارين، اذ كم لها من الاثر في تهذيب النفس، وكم لها من الاثر في البركة والتسديد للافكار والتصرفات والاعمال, فاننا عادة نعيش في ضمن دائرة تفكير وتخطيط الغير لنا او انهم يعيشون في ضمن دائرة تخطيطنا، وهذا التخطيط هو الذي يحيي الامم وينقذها او يدمرها سلباً او ايجاباً، وقد قيل: ان ٢% من البشر يخططون في مستويات عليا او دنيا، بينما ٩٨% من البشر يعيشون في دائرة تخطيط الآخرين.
فالانسان اما مخطِّط واما مخطَّط له، او هو مزيج: يخطط من جهة لجماعة وهناك جماعة تخطط له، فاذا اردت التسديد في تخطيطك وفيما يُخَطَّط لك فالتزم بمثل تلك المقدمة (قراءة المسبِّحات)، فان ذلك مؤثر بلا شك لان الأمور كلها بيد الله سبحانه وتعالى. فإذا التجأت اليه أنجدك وأعانك وسددك في أفكارك وفي خطواتك وأعمالك.
اذن هناك مقدمات لإدراك الظهور المبارك بالمعنى الذي شرحناه، ولذلك حديث طويل نوكله الى وقت اخر ان شاء الله تعالى.
٢) المتقدِّمات
وهناك متقدمات على الظهور المبارك وقد سبق ان التقدم يعني التعاقب وليس الترابط العلِّي والمعلولي او الاقتضائي، فالمتقدم: مجردُ حَدَثٍ يسبق الظهور المبارك من غير تاثير له فيه بالمرة، إلا أنها قضايا مهمة لأنها تتضمن طابع التحذير، ومنها ما ورد في بعض الروايات وهي كثيرة ينبغي ان يلتفت لها ومنها:
(اختلاف الشيعة) من المتقدمات على الظهور المبارك
اختلاف الشيعة الى حد ان يبصق ويتفل - بحسب تعبير الرواية بعضهم في وجه بعض.
وهذه (المتقدمة) هي رذيلة في حد ذاتها، وليست (مقدمة) حتى يتوهم البعض ان القيام بها مما يقرب الظهور المبارك.
مناشئ الاختلاف والنزاع الأربعة
ومناشئ الاختلاف والنزاع هي أربعة أمور:
أ - فقد يكون الخلاف والاختلاف والتنازع وليدَ اختلاف المصالح وتضاربها، وهذا النوع له طرق معينة لمعالجته.
ب - وقد يكون النزاع ناشئا من اختلاف الاجتهادات، وهذا ايضا له طرق معالجة من نوع اخر.
ج - وقد يكون التنازع ناشئا عن اختلاف الأذواق والسلائق والطبائع والعادات والتقاليد، وهذا ايضا له نحوٌ من المعالجة.
د - وقد يكون الاختلاف ناجما ومتولدا من الاختلاف في القيم والمبادئ كالدين والمذهب، وهذا ايضا له طرق علاج اخرى.
وهذا البحث بحد ذاته يستدعي أياما من الحديث، لكن كلامنا ألان ليس حول الاختلاف، وما هو موقفنا الذي يجب ان يكون من:
١ - الاختلاف نفسه.
٢ - المتخالفين كشخصين او جهتين.
٣ - ماهية القضية المختلف فيها، وغير ذلك مما يستدعي بحثا مفصلا.
انما كلامنا يدور حول أصل تقدم هذه الظاهرة (الاختلاف) أي اختلاف الشيعة بشكل شديد، على الظهور المبارك.
وسوف نعلق بكلمة واحدة مهمة جدا لله فيها رضا ولكم اجر وثواب: (يقول الإمام الصادق (عليه السلام) كما في الكافي الشريف: كيف أنت اذا وقعت السبطة(٨٥) بين المسجدين(٨٦) فيأرِز(٨٧) العلم كما تأرز الحية في جحرها، واختلفت الشيعة وسمّى بعضهم بعضاً كذابين وتفل بعضهم في وجوه بعضٍ قلت جعلت فداك ماعند ذلك من خير فقال: لي الخير كله عند ذلك ثلاثاً)(٨٨).
وهنا نقول: إن الكلام حول (فقه الاختلاف) و(أخلاقيات الاختلاف) يستدعي مباحث مستوعبة، والاول يرجع الى المسائل الشرعية الفقهية، اما الثاني فهو من خانة المسائل الأخلاقية.
لا تزعزعنّ الاختلافاتُ إيمانكم مهما اشتدت!
لكن كلامنا الان يدور حول بُعده الكلامي أي في جهة الإيمان وما يتعلق بآخرتنا.
ولابد ان نسأل أنفسنا ألان: هل اختلاف الشيعة كظاهرة حصلت بالفعل الان؟ قد يقال انه توجد الان درجة شديدة من درجات الاختلاف حاصلة بالفعل، ومن مظاهره ما يحصل من تراشق أو تسقيط في الكثير من الفضائيات والجرائد وفي الكثير من المجالس وبعض البرلمانات، بل ينقل عن رمي بعضهم للاخرين بالكراسي او كاسات الماء او بصاق بعضهم على البعض الاخر، الى غير ذلك.
ان المؤلم ان هذا الاختلاف أضحى بدرجة يزعزع ايمان الكثيرين، ولكن مثل هذه الرواية تعدّ من المحذِّرات ببيانها بعض المتقدمات؛ فإن من اكبر الاخطاء ان يرتهن ايماننا بالاشخاص؛ لان الاشخاص قد يختلفون، والجهات الدينية قد تختلف، فقد يختلف حزبان دينيان او حسينيتان او حتى مرجعيتان او غير ذلك، لكن ذلك يجب ان لا يتسبب في زعزعة ايمان الشخص وعلاقته بربه وامامه (صلوات الله وسلامه عليه) ابداً، إنَّ الاختلاف امر واقع, ولكن: (اعرف الحق تعرف أهله) فاذا انطلق الإنسان في ايمانه بالله وبرسوله وبالأئمة الأطهار (عليهم السلام) من الأدلة والعقل والبداهة والفطرة والوجدان لا التقليد الاعمى لزيد او عمرو مهما كان زيد او غيره؛ لانه بالتالي لايمثل الحق المطلق، فانه سيثبت على الحق مهما اختلف الناس وتنازعوا.
قلق (الحارث) من اختلاف الشيعة وجواب امير المؤمنين (عليه السلام):
كان الحارث الهمداني من خُلَّص شيعة امير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه، وقد رأى اختلافا كبيرا بين الشيعة في زمن خلافة الامام (صلوات الله وسلامه عليه) فتحسر على ما رأى، فدخل على امير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: كيف أنت ياحارث؟ قال: نال الدهر منّي (أي انني مريض) إلا أن ما يؤلمني اكثر اختلاف الشيعة ببابك، بين مفرط غال، ومقتصد تال، ومتردد مرتاب لايدري أيحجم أم يقدم؟ فاجابه الامام بجواب طويل.. جاء فيه (اعرف الحق تعرف أهله).
واليكم نص الرواية لروعتها وجمالها:
دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين (عليه السلام) في نفر من الشيعة، وكنت فيهم، فجعل الحارث يتأوّد في مشيته ويخبط الأرض بمحجنه(٨٩)، وكان مريضاً فأقبل عليه أمير المؤمنين، وكانت له منه منزلة فقال: كيف تجدك يا حارث؟
قال: نال الدهر منّي يا أمير المؤمنين، وزادني أواراً وغليلاً اختصام أصحابك ببابك، قال: وفيم خصومتهم؟ قال: في شأنك، والثلاثة من قبلك، فمن مفرطٍ غال، ومقتصدٍ تال، ومن متردّدٍ مرتاب لا يدري أيقدم أم يحجم؟
قال (عليه السلام): فحسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط إليهم يرجع الغالي وبهم يلحق التالي.
قال: فقال له الحارث: لو كشفت فداك أبي وأُمّي الريب عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا.
قال (عليه السلام): قدك(٩٠) فإنّك امرء ملبوس عليه، إنّ دين الله لا يُعرف بالرجال بل بآية الحق فاعرف الحقّ تعرف أهله، يا حارث إنّ الحقّ أحسن الحديث، والصادع به مجاهد، وبالحقّ أخبرك فارعني سمعك، ثمّ خبّر به مَن كانت له حصافة من أصحابك.
ألا إنّي عبد الله، وأخو رسول الله، وصدّيقه الأكبر: صدّقته وآدم بين الروح والجسد...)(٩١).
والجدير ذكره: ان احد الحكماء المعاصرين وهو من دين اخر ولايعرف التشيع ولا الائمة (سلام الله عليهم) عندما وصلته كلمة الامير (صلوات الله وسلامه عليه) هذه (اعرف الحق تعرف اهله)، قال: ان هذه الكلمة بمفردها تصلح منهاجا لسعادة البشرية!
وبالفعل اذا عملت الانسانية بهذه الكلمة الرائعة والقيِّمة فسوف تسعد البشرية ايما سعادة!!
ومعنى الكلمة ظاهرا: اعرف الحق عبر الادلة والبراهين والضوابط والمحددات للحق، ثم انظر الى درجة انطباقها على زيد او عمرو او غيرهما، فان انطبقت على شخص فإنه محق، وإلا فلا.
لكن من الغريب جداً ان نجد بعض الناس عندما يرى اختلافاً في المدارس او المساجد والحسينيات او في السوق او الجامعة او غيرها، بين الشيعة تراه يضعف إيمانه أو ينهار، والبعض الاخر قد يرى اختلافا بين مذهبين او بين عالمين معينين فيعتقد ان الدين باكمله كذب وافتراء - والعياذ بالله -.
الاختلاف هو سنة الله في الحياة
والحاصل: ان اختلاف الشيعة فيما بينهم وتصاعد وتيرة الخلافات هي من المتقدمات، لكنه لا يصح ان يصاب الانسان باليأس اذ (إِنَّهُ لا يَاْيئَسُ مِنْ رَوْحِ الله إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ).
بل ان الاختلاف هو سنة الله في الحياة (لِيَمِيزَ الله الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)(٩٢)، وعلى مر التاريخ نجد ان كل الامم اختلفت، (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ الله النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى الله الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَالله يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(٩٣) فلا ينبغي ان يرتهن الانسان ايمانه بحدوث الاختلاف وعدمه بل ينبغي ان يزداد ايمانه ويشتد كلما حصل الاختلاف؛ لانه يعرف الحق, بمقاييس الحق، فلا تزعزعه هذه الاختلافات ابداً؛ لأنه على بصيرة من أمره.
ان الروايات الشريفة تؤكد على ان الكثير من الناس يرتدون وينحرفون في زمن الغيبة وتؤكد على لزوم الثبات والاستقامة وعلى ان ذلك محنة وابتلاء فقد ورد في غيبة الشيخ الطوسي عن الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) «اذا فقد الخامس من ولد السابع من الائمة فالله الله في اديانكم لايزيلنَّكم عنها احد، يابني انه لابد لصاحب هذا الامر من غيبة، حتى يرجع عن هذا الامر (أي التشيع) من كان يقول به (أي كثير ممن يقول به)، انما هي محنة من الله(٩٤) امتحن الله تعالى بها خلقه»(٩٥).
الم يقل تعالى: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)(٩٦).
فكلما راى الانسان شخصا او اشخاصاً او مجاميع انحرفت عن الحق فإنه ينبغي ان يزداد تمسكا بدينه واحتياطاً على مستقبله وإلحاحاً في الدعاء والتضرع والتوسل كي يقيه الله تعالى من سوء العاقبة، أعاذنا الله وإياكم منها.
٣) الممهِّدات
ان العديد من الروايات صريحة في أن هنالك مجموعة من الممهِّدات للظهور المبارك والمقرِّبات له(٩٧) كما ان هنالك مبعِّدات، أي ان هنالك أفعالا نقوم بها تتسبب في لطف الله تعالى بنا فيقرّب الظهور، او نقوم - لاسمح الله - بافعال او نجترح معاصي تبعد زمن الظهور الميمون, ومن هذه الممهدات:
١ - التضرع والدعاء والبكاء والالتجاء الى الله
ان الكثير منا يدعو لتعجيل فرج ولي الله الاعظم عجّل الله تعالى فرجه الشريف الا ان دعاءه دعاء عادي لاتهتز له اعماق قلبه ومشاعره فقد يقرأ دعاء الفرج ثم يمضي لشأنه وينسى امام زمانه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لساعات او اكثر.. بينما نجده اذا اصيب بعزيز من اولاده، او كان أحد أبويه في المستشفى او غير ذلك, فانه سيكون قلقا على طول الخط وتراه يدعو بكل لهفة وتضرع وانقطاع وخشوع وخضوع..
 فكم منا ومن هذه الملايين من المسلمين، يدعو الله سبحانه وتعالى لتعجيل الظهور الميمون بلهفة ولوعة وانقطاع على امتداد ساعات النهار والليل؟ بل حتى خمس مرات يومياً بانقطاع حقيقي؟!
وقد ورد صريحا عن الامام كما في تفسير العياشي عن الفضل بن ابي قرة:" سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول: اوحى الله الى ابراهيم (عليه السلام) انه سيولد لك.
فقال لساره، فقالت: أألد وانا عجوز؟!
فاوحى الله اليه انها ستلد ويعذب اولادها اربعمئة سنة بردها الكلام عليّ!
 قال: فلما طال على بني اسرائيل العذاب ضجوا وبكوا الى الله اربعين صباحا، فاوحى الله الى موسى وهارون ان يخلصهم من فرعون، فحط عنهم سبعين ومئة سنة.
 قال: وقال: ابو عبد الله (عليه السلام): هكذا انتم لو فعلتم لفرّج الله عنا، فاما اذا لم تكونوا فان الامر ينتهي الى منتهاه)(٩٨).
ولاحظوا قوله (عليه السلام) (عنا) ولم يقل (عنكم)... ولهذه الكلمة دلالة مؤلمة حقاً فإن تخاذلنا عن الدعاء والبكاء والضجيج، سبب لاستمرار الغيبة وتأخير فرجهم (عليهم السلام) وفي تأخير فرجهم تأخير لفرجنا ايضاً.
من نتائج الرد على الله تعالى
كلمة واحدة قالتها سارة فعوقبت باربعمائة عام من العذاب يصب على ابنائها واحفادها صباً صبا، اذن كيف حالنا ونحن نرد دائما على الله تعالى؟ وكم يوجد في الواقع الخارجي من أنماط الرد على الله تعالى, اليست الضرائب والكمارك والمكوس من انواع الرد على الله تعالى؟ كيف وقد وردت روايات شديدة اللهجة بالنهي عنها والتحذير منها وكون فاعلها ملعوناً؟، وكذلك الربا المسيطر على كل التعاملات التجارية والاقتصادية في كل البنوك التابعة للدول الاسلامية وغير الاسلامية الا يعد من الرد على الله تعالى؟ وكذلك الحدود الجغرافية، واقرار مختلف القوانين التي لم ينزل الله تعالى بها من سلطان كمصادرة اموال الناس وسحق حقوقهم... وغير ذلك اليس كل ذلك ردّاً على الله تعالى؟
إن هذه المرأة قالت كلمة واحدة وهي في حالة استغراب ودهشة فأستوجبت غضب الله تعالى وعقوبته جلّ جلاله , فكيف بنا وحياتنا كلها رد على الله تعالى، فخذ مثلا القياس وما اكثره! وخذ مثلاً دعاوى نسبية المعرفة! وخذ مثلاً القول بان القران نزل لزمان خاص ولمكان خاص!! وخذ مثلاً ازدياد معارضة النصوص بالاجتهادات! وخذ مثلاً الركون الى الظالمين والاستنجاد بل الاعتماد على الدول الكافرة الشرقية والغربية! وخذ مثلاً الضرائب! وخذ مثلاً الحدود الجغرافية والجواز والجنسية! وخذ مثلاً الربا والرشوة! وخذ مثلاً الفساد المنتشر! وخذ مثلاً الغيبة والتهمة والنميمة!
وبذلك كله يظهر ان القابلية فينا لظهور الامام (صلوات الله وسلامه عليه) غير موجودة، ويظهر اننا, لسنا عباداً حقيقين لله تعالى عزّ وجلّ , بل نحن – الكثرة الكاثرة منا - نتصرف وكأننا سادة ومجتهدون في كل شيء وفي مقابل الائمة والرسول (صلوات الله عليهم اجمعين) وفي مقابل الله تعالى!!
وذلك كله رغم اننا جميعاً نعرف ان كل الامور بيد الله تعالى، وليست بيد فلان الوجيه ذي النفوذ او بيد الجهة الفلانية او الدولة العظمى الكذائية بزعمهم، ومن يعتقد ذلك او يعمل على طبق ذلك فان الله يَكِل امره اليه كما هو المشاهد الان في بلداننا الاسلامية اذ تبع الكثير منهم الغرب او الشرق.
ان الامر سهل وقد وضع الله تعالى مفاتيحه بايدينا وهو ان نتضرع الى الله تعالى بانقطاع ورجاء حقاً ليلاً ونهاراً وان نجتهد في ربط سفينتنا بسفينة اهل البيت (عليهم السلام) وعندها ستتغير المعادلات الكونية والسياسية والاجتماعية وغيرها بإذن الله تعالى عزّ وجلّ حتى يقترب الظهور وتسعد الارض ومن عليها بوجود ولي الله الاعظم (صلوات الله وسلامه عليه).
٢ - الوفاء بالعهد الالهي
٢ - فقد ورد في كتاب الاحتجاج ج ٣ ص ٣٢٥: ان الامام المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) وجه رسالة الى الشيخ المفيد (رضوان الله تعالى عليه) في العام٤١٢ هـ ومما جاء فيها: (... ونحن نعهد اليك ايها الولي المخلص المجاهد فينا الظالمين (وكل كلمة وصفة في هذه الرسالة تعدل الدنيا وما فيها ((الولي... المخلص... المجاهد)) ولذا كان الشيخ المفيد علما وركنا من اهم اركان الدين أيدك الله بنصره الذي أيد به السلف من أوليائنا الصالحين، أنه من اتقى ربه من إخوانك في الدين وأخرج ما عليه إلى مستحقيه، كان آمنا من الفتنة المطلّة ومحنها المظلمة المضلة ومن بخل منهم بما أعاره الله من نعمته على من أمره بصلته، فإنه يكون خاسرا بذلك لأولاه وآخرته، ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا(٩٩)، ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلاته على سيدنا البشير النذير محمد وآله الطاهرين وسلم وكتب في غرة شوال من سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. نسخة التوقيع باليد العليا صلوات الله على صاحبها).
وفي قوله (عليه السلام) (ولو ان اشياعناً...) دلالة واضحة على ان اجتماع قلوب اشياعهم (عليهم السلام) على الوفاء بالعهد سبب تعجيل اليمن بلقائهم والسعادة بمشاهدتهم...
ومن الواضح ان (أشياعنا) جمع وان فسح المجال لكل الأشياع – اذا التزموا بالعهد – للقائه ومشاهدته (عليه السلام) يعني انتهاء الغيبة الكبرى وبداية الظهور المبارك؛ لان الغيبة الكبرى لا يمكن فيها اللقاء به ومشاهدته إلا استثناءاً للاوحديّ من الناس، أما التقاء كل الأشياع به ومشاهدته فلا يمكن – حسب التقدير الإلهي – الا بعد الظهور المبارك.
ثم انه يصرح (عليه السلام) ايضاً (فما يحبسنا عنهم) وهذا يعني أن الوفاء بالعهد مقرّب للظهور المبارك وفي المقابل: فان أعمالنا الطالحة مما يؤخر الظهور الميمون؛ وذلك أن كل أعمالنا تصل الى الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف وتعرض عليه مرتين في اليوم على الأقل فيصل اليه أن فلاناً اغتاب او كذب او نظر الى امرأة أجنبية او ان فلاناً حسد او حقد او تكبر او أعجب بعبادته وغير ذلك وكلها مما يحبس ظهوره عنا. كما أن التحابب في الله ومودة أهل البيت (عليهم السلام) والأعمال الصالحة الخيرة من التصدق والدعاء والورع والتقوى لهي من الممهّدات والمقربات للظهور المبارك بإذن الله تعالى.
وأخيراً: فـ((وان الله تبارك وتعالى يصلح أمره – أي الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف - في ليلة))(١٠٠) و((يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيه موسى (عليه السلام)))(١٠١).
 وقد قال تعالى: (إِنَّ الله لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)(١٠٢).
فلنغير ما بأنفسنا كي يغير الله تعالى ما بنا من ضرّ وبلاء انه سميع الدعاء
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.

الفصل السابع: أعلى درجات التواتر لأخبار مولد الإمام القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا)(١٠٣).
ويقول جل اسمه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(١٠٤).
أعلى درجات التواتر لإخبار مولد الامام القائم المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)
حديثنا يتمحور حول المرابطة في زمن الغيبة، وقد سبق ان نقلنا بعض الروايات الشريفة حول معنى المرابطة، حيث ورد في بعضها (ورابطوا على الأئمة..) وورد في بعضها الأخر (ورابطوا على من تقتدون به..) وورد في بعضها (ورابطوا في سبيل الله، ونحن السبيل فيما بين الله وخلقه ونحن الرباط، ألا فمن جاهد عنا فقد جاهد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وما جاء به من عند الله).
كما مضى شطر من الحديث حول المرابطة عند ثغر شياطين التصور وفخاخ التصديقات، وأما المبحث في هذا الفصل فسوف يكون بإذن الله تعالى مصداقا من مصاديق المرابطة في ثغر الغيبة، إذ سوف يكون حول إثبات تواتر الروايات الدالة على (ولادة) الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجة الشريف)، وانه قد ولد (صلوات الله عليه) حيث أن البعض أثار شبهة مفادها:
إن الروايات من كتب الشيعة التي تتحدث عن ولادة الإمام المهدي غير متواترة على مباني بعض أعلام الطائفة وان الأخبار الواردة في هذا الحقل أخبار آحاد لا تفيد علما، بل تفيد الظن فقط وان كانت صحاحا، وان الظن في أصول الدين غير مجدي؟.
ولذا سيكون محور الحديث هو إثبات التواتر القطعي بأعلى درجات التواتر بأنواعه لمولد الإمام المهدي (صلوات الله وسلامه عليه)(١٠٥).
وسنثبت بعد ذلك انه لو فرض عدم تحقق التواتر فان الروايات محتفة بقرائن قطعية تفيد الصدور قطعاً والتي تنفي أية شبهة يمكن أن تطرح في المقام.
عدم حجية الاستقراء الناقص (١٠٦)
وبداية نقول: ينبغي للباحث الذي يريد أن يشيّد نظرية، او يهدم مبنى من المباني او أن ينقد فكرا او مفكرا او عالما، ينبغي أن يكون استقراؤه استقراءا تاما او شبه تام، لان الاستقراء الناقص ليس بحجة، ولايصح من أي باحث أن يعتمد عليه لتشييد نظرية او لنسف فكرة.
فمثلا الكافي الشريف ذكر واحداً وثلاثين روايةً في باب مولد الصاحب (صلوات الله وسلامه عليه).
وهنا نجد ان البعض قد توهم نتيجة لاستقرائه الناقص: أن هذه هي الروايات المعتمدة في إثبات مولد صاحب الأمر (صلوات الله وسلامه عليه) فقط، وان صاحب البحار أضاف لها بعض الروايات فصارت حوالي أربعين رواية، وان المجلسي ذكر في مرآة العقول: أن بعضها صحاح فقط، فليست إذن الروايات على بعض المباني متواترة.
فنقول في جواب هذه الشبهة: إن هذا الاستقراء استقراء ناقص، لا ينبغي ان تشيد عليه نظرية او ينقد بسببه منهج، بدون إستفراغ الوسع والجهد في البحث عن الروايات الأخرى: ويتجلى ذلك بوضوح عبر ملاحظة:
١- لم يكن الكليني ولا المجلسي في مقام الحصر ولا...
١- ان الشيخ الكليني (اعلى الله مقامه) لم يدَّعِ ان الروايات منحصرة في هذه الـ(٣١) رواية، ولم يكن من وارده وشأنه الاستقراء التام، بل لعله لم يكن ذلك مقدورا له، كما أن العلامة المجلسي اعلى الله مقامه لم يدّعِ ذلك ايضا.
٢- إضافة إلى انه توجد في نفس الكافي روايات أخرى في أبواب أخرى تدل على مولد الصاحب (صلوات الله وسلامه عليه):
فقد روى الكليني روايات عديدة بعضها صحاح، في أبواب أخرى مثل: باب تسمية من رآه، وفي باب: الغيبة، وفي باب: من مات وليس له إمام من أئمة الهدى، وفي باب: ما يجب على الناس عند مضي الإمام(١٠٧).
فعلى الباحث أن يستفرغ الوسع في تحصيل الحجة منجِّزةً او معذِّرةً، أما الاستقراء الناقص فليس من شان الباحث العلمي أو الموضوعي.
٣- أن التواتر لا يتوقف على كون كل واحد من الرواة عدلا أماميا، بل لا يتوقف حتى على الوثاقة، فان التواتر حسب ما يعرِّفه الشيخ البهائي في الزبدة وتبعه آخرون هو:
(خبر جماعة يفيد بنفسه العلم بصدقه) الأمر الذي قد يحصل من إخبار حتى مجموعة من الفسّاق، فاذا جاء فرضاً خمسون فاسقا مختلفاً واخبروا في حالات شتى وظروف شتى: بان حريقا قد شبّ أو أن زيداً قد مات أو أن عمرواً وُلِد له ولد، فان الإنسان السويّ عادة يقطع بصحة خبرهم هذا.
المتواتر: خبر يفيد (بنفسه) - وليس بالقرائن الخارجية - العلم بصدقه.
٤- أعلى درجات التواتر عبر المئات من الروايات
٤- بل إن العبد الفقير قام باستقراء بسيط فوجدت بان المئات من الروايات تدل على مولده (صلوات الله وسلامه عليه) بأعلى درجات التواتر، وهذه الروايات تدل بالدلالة المطابقية أو التضمنية، او الدلالة الالتزامية، او بدلالة الاقتضاء (وهي ما يتوقف صحة او صدق الكلام عليه)، او بدلالة التنبيه او الإيماء (وهي ما أفاد اقتران شيء بشيء عليته للحكم او للشيء او أفاد أصل وجوده او أفاد وجهه او أفاد مطلبا أخر كما فصلناه في بحوث الاجتهاد والتقليد)، وهذه الروايات هي بالمئات وفي أعلى درجات التواتر، والصحاح فيها بالعشرات فهي جامعة لأعلى مواصفات المتواتر: كون الرواة في كل الطبقات عدولاً إماميين ضابطين.
أقسام التواتر:
١- التواتر الإجمالي.
٢- التواتر المضموني.
٣- التواتر المعنوي.
٤- التواتر اللفظي.
وهذا التقسيم وبعض التعريفات، هو جرياً على حسب تصنيفنا، وإلا فان التواتر على المشهور على ثلاثة أقسام فقط.
فالتواتر الإجمالي يراد به: خبر جماعة يقطع بصدق احدهم او صحة احدها.
فلو وردتنا أربعون رواية مثلاً ثم قطعنا بان احدها على سبيل البدل مطابق للواقع، فان ذلك يعد تواترا إجماليا، ولعل هذا التفسير هو ما يلوح من بعض كلمات الشيخ الخراساني في الكفاية.
أما التواتر المضموني: فهو ان يكون المضمون متواترا وان كانت الألفاظ والتعبيرات مختلفة.
وأما التواتر المعنوي: فهو أن تكون المضامين مختلفة لكن يوجد جامع مشترك، كأنباء شجاعة أمير المؤمنين أسد الله وأسد رسوله علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه) وان تعددت الوقائع والحوادث(١٠٨).
والتواتر اللفظي: ان يكون اللفظ منقولا بعينه، ومتفقا على نقله.
وهنا نقول: إن أخبار مولد الإمام المهدي (صلوات الله وسلامه عليه) متواترة قطعا تواترا إجماليا ومتواترة قطعا تواترا مضمونيا، ومتواترة قطعا تواترا معنويا، كما انها بالدرجة الرابعة والأخيرة متواترة تواترا لفظيا ظاهرا.
تواتر روايات (مهدينا التاسع من صلب الحسين) ونظائرها
وسوف نذكر نموذجا من النماذج، علما أننا لاحظنا ما يقرب من ستين رواية بهذا المضمون وبهذه الدلالة في عدد من الأبواب فقط، فاستقراؤنا استقراء ناقص جداً، وهناك العشرات من الروايات التي ذكرتها مختلف كتبنا المصدرية المهمة كالغيبة وكشف الغمة واثبات الرجعة وكفاية الأثر والاختصاص وغيبة النعماني والكافي وعقد الدرر وعيون أخبار الرضا وكمال الدين والغيبة للطوسي ورجال الكشي وعلل الشرائع ومقتضب الأثر وفرائد السمطين وإرشاد المفيد وأعلام الورى والمناقب وغيرها.
ومن الكتب القيمة جداً في هذا الحقل كتاب (عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال) للمحدث الكبير والمتتبع الخبير الشيخ عبد الله البحراني الأصفهاني مع مستدركاتها للسيد محمد باقر المرتضوي الموسوي الموحد الابطحي الأصفهاني (رضوان الله تعالى عليهما) فقد نقل روايات كثيرة جداً(١٠٩) في أبواب مختلفة(١١٠):
منها: باب ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فعن كمال الدين بعدة أسانيد(١١١) يقول أمير المؤمنين "... ولكني فكرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي وهو المهدي يملأها عدلاً..."(١١٢).
ومنها: انه (عجل الله فرجه الشريف) من ولد الحسن والحسين (عليهما السلام)، ومنها كما في كتاب إثبات الوصية حديث الإمام الكاظم (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: «اختار من الحسين تسعة تاسعهم قائمهم...»(١١٣).
وفي باب انه (عجل الله فرجه الشريف) من ولد الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) جاء فيه من الروايات: «مهدينا التاسع من صلب الحسين...»(١١٤) وفي رواية أخرى: «وهو التاسع من صلب الحسين...»(١١٥) وقد ورد ذلك بأسانيد عديدة.
 وفي رواية أخرى: «منا اثنا عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأخرهم التاسع من ولدي..»(١١٦) وفي رواية عن الإمام الحسين (عليه السلام): «في التاسع من ولدي سنة من يوسف» وغيرها كثير جداً(١١٧).
وفي باب أخر بعنوان: انه (عجل الله فرجه الشريف) من ولد محمد بن علي الباقر يقول الإمام الباقر (عليه السلام) عن الإمام الحسين (عليه السلام): السابع من ولد ابني محمد بن علي، وهو الحجة بن الحسن (عليه السلام)(١١٨): «سابعنا قائمنا...»(١١٩) وفي رواية أخرى يقول: «السابع من بعدي بأبي من يملأ الارض عدلا»(١٢٠) وغيرها(١٢١).
وفي باب انه (عجل الله فرجه الشريف) من ولد جعفر بن محمد (عليه السلام): يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «المهدي من ولدي الخامس من ولد السابع(١٢٢)...»(١٢٣) وفي رواية أخرى: «على رأس السابع منا الفرج...»(١٢٤) وفي رواية أخرى: «منا اثنا عشر مهديا مضى ستة وبقي ستة»(١٢٥) وغيرها(١٢٦).
وفي باب انه (عجل الله فرجه الشريف) من ولد موسى بن جعفر الكاظم: عن علي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) «وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من السابع من ولدك...»(١٢٧) وغيرها(١٢٨).
وفي باب انه من ولد علي بن موسى الرضا (عليه السلام) نقرأ: «لابد من فتنة صماء وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي(١٢٩)»(١٣٠).
وفي عيون أخبار الرضا عنه (صلوات الله وسلامه عليه): «كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي يطلبون المرعى فلا يجدونه(١٣١)».(١٣٢) وغيرها(١٣٣).
وكذلك في باب انه من ولد محمد بن العلي التقي (عليه السلام) روايات أخرى(١٣٤).
وفي باب انه من ولد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) والتي يصرح فيها الامام بكلمة (أبني) أو (ابنه) أو (ولدي) أو ما أشبه
ومنها: (إثبات الرجعة) حدثنا محمد بن عبد الجبار قال قلت لسيدي الحسن بن علي (العسكري)... قال «إن الإمام من بعدي ابني سمي رسول الله وكنيّه... من ابنة قيصر ملك الروم إلا انه سيولد فيغيب عن الناس غيبة طويلة...»(١٣٥).
ومنها: (كفاية الأثر) عن جابر عن النبي (صلوات الله وسلامه عليه واله) قال: «هو الحسن؟ قال: لا، ولكن ابنه الحجة»(١٣٦).
ومنها: (أعلام الورى) عن المفضل عن الإمام الصادق (عليه السلام): «يامفضل الإمام من بعدي موسى والخلف المنتظر (م ح م د) بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى».
وهكذا روايات(١٣٧) الى ما شاء الله تعالى(١٣٨).
علما بان كتاب عوالم العلوم ومستدركاته لم يذكر كل الروايات ولم يدّعِ انه استقرء الجميع(١٣٩).
من طوائف الروايات المتواترة (١٤٠)
وأما الروايات التي تدل على ولادة الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بدلالة الاقتضاء او التنبيه والإيماء أو الإشارة القطعية او الدلالة الألتزامية او التضمن فهي بالمئات وهي على طوائف:
حديث الثقلين
فمنها حديث الثقلين الشهير والمعروف وقد إستقرأ بعض الباحثين مصادر هذه الرواية (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي) فوجد ٢٦٠ رواية من روايات أهل العامة تصرح بذلك وقد وردت في أهم كتبهم كصحيح مسلم والنسائي والترمذي وكتب أحمد بن حنبل، وقد نقلها الطبراني والطبري وغيرهم وهذا جدول بتلك الروايات:

m-mahdi.com

كما أن عدداً من كبار علمائهم حتى المتعصبين منهم كابن الحجر يعترف بان العترة مع القران الى يوم القيامة. وهذا نص عبارة ابن حجر:
اعتراف ابن حجر في الصواعق بعدم انقطاع الثقلين إلى القيامة
قال ابن حجر في الصواعق المحرقة(١٤١):
(والحاصل ان الحث وقع على التمسك بالكتاب وبالسنة وبالعلماء بهما من أهل البيت ويستفاد من مجموع ذلك بقاء الأمور الثلاثة إلى قيام الساعة).
وقال أيضاً ص١٥١: (وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهِّلٍ منهم للتمسك به إلى يوم القيامة كما أن الكتاب العزيز كذلك ولهذا كانوا أمانا لأهل الأرض كما يأتي، ويشهد لذلك الخبر السابق في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي إلى آخره ثم أحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما قدمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته).
حديث اللوح
ومن طوائف الروايات: حديث اللوح وقد رواه أعلام الطائفة بأسانيد وطرق متعددة بل قد يكون متواتراً. وهذا أحد أسانيده:
حدثنا صفوان بن يحيى عن أبي أيوب ابراهيم بن زياد الخراز عن أبي حمزة الثمالي عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت على مولاي علي بن الحسين (عليه السلام) وفي يده صحيفة كان ينظر إليها ويبكي بكاء شديدا، فقلت: ما هذه الصحيفة؟ قال: هذه نسخة اللوح الذي أهداه الله تعالى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيه اسم الله تعالى ورسول الله وأمير المؤمنين علي، وعمي الحسن بن علي، وأبي واسمي واسم ابني محمد الباقر، وابنه جعفر الصادق، وابنه موسى الكاظم، وابنه علي الرضا، وابنه محمد التقي، وابنه علي النقي، وابنه حسن العسكري، وابنه الحجة القائم بأمر الله المنتقم من أعداء الله الذي يغيب غيبة طويلة ثم يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما(١٤٢).
ورواة الحديث كلهم من عيون الطائفة وثقاتها
حديث الأنوار
ومن طوائف الروايات: (خلقكم الله انواراً فجعلكم بعرشه محدقين)
وقد ورد بطرق كثيرة جداً، والظاهر انه متواتر تواتراً مضمونياً. ومن طرقه:
(الصدوق) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَابُنْدَاذَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام) عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) قَالَ:
«قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ أَوْحَى إِلَيَّ رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي اطَّلَعْتُ عَلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَرْتُكَ مِنْهَا فَجَعَلْتُكَ نَبِيّاً وَشَقَقْتُ لَكَ مِنِ اسْمِي اسْماً فَأَنَا الْمَحْمُودُ وَأَنْتَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ اطَّلَعْتُ الثَّانِيَةَ فَاخْتَرْتُ مِنْهَا عَلِيّاً وَجَعَلْتُهُ وَصِيَّكَ وَخَلِيفَتَكَ وَزَوْجَ ابْنَتِكَ وَأَبَا ذُرِّيَّتِكَ وَشَقَقْتُ لَهُ اسْماً مِنْ أَسْمَائِي فَأَنَا الْعَلِيُّ الْأَعْلَى وَهُوَ عَلِيٌّ وَخَلَقْتُ فَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ مِنْ نُورِكُمَا ثُمَّ عَرَضْتُ وَلَايَتَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَمَنْ قَبِلَهَا كَانَ عِنْدِي مِنَ الْمُقَرَّبِينَ يَا مُحَمَّدُ لَوْ أَنَّ عَبْداً عَبَدَنِي حَتَّى يَنْقَطِعَ وَيَصِيرَ كَالشَّنِّ الْبَالِي ثُمَّ أَتَانِي جَاحِداً لِوَلَايَتِهِمْ فَمَا أَسْكَنْتُهُ جَنَّتِي وَلَا أَظْلَلْتُهُ تَحْتَ عَرْشِي يَا مُحَمَّدُ تُحِبُّ أَنْ تَرَاهُمْ قُلْتُ نَعَمْ يَا رَبِّ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَرَفَعْتُ رَأْسِي وَإِذَا أَنَا بِأَنْوَارِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وم ح م د بْنِ الْحَسَنِ الْقَائِمِ فِي وَسْطِهِمْ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ-قُلْتُ يَا رَبِّ وَمَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ وَهَذَا الْقَائِمُ الَّذِي يُحَلِّلُ حَلَالِي وَيُحَرِّمُ حَرَامِي وَبِهِ أَنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِي وَهُوَ رَاحَةٌ لِأَوْلِيَائِي وَهُوَ الَّذِي يَشْفِي قُلُوبَ شِيعَتِكَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَالْجَاحِدِينَ وَالْكَافِرِين»(١٤٣).
والحديث صحيح عن طريق تبديل الاسناد، على اننا في غنى عن ذلك لتواتره.
ومن طوائف الروايات: «لا تخلو الأرض من حجة»(١٤٤)
ومن طوائف الروايات: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية».
فلو لم يكن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) مولوداً متصلاً زمانه بزمان الإمام الحادي عشر (العسكري) لخلت الأرض من حجة، ولما وُجِد لفترةٍ إمامٌ للزمان، أفيموت الناس كلهم ميتة جاهلية لأنهم لم يعرفوا إمام زمانهم لأنه غير موجود؟
ومن طوائف الروايات طائفة روايات: «الأئمة من بعدي اثنا عشر» ومنها.
(كفاية الأثر): الخزار القمي: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ النَّجَّارِ النَّحْوِيِّ الْكُوفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمُحَارِبِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي ع عَنِ الْأَئِمَّةِ فَقَالَ الْأَئِمَّةُ اثْنَا عَشَرَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَاضِينَ وثَمَانِيَةٌ مِنَ الْبَاقِينَ قُلْتُ فَسَمِّهِمْ يَا أَبَهْ فَقَالَ أَمَّا الْمَاضِينَ فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ والْحَسَنُ والْحُسَيْنُ وعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ومِنَ الْبَاقِينَ أَخِيَ الْبَاقِرُ وجَعْفَرٌ الصَّادِقُ ابْنُهُ وبَعْدَهُ مُوسَى ابْنُهُ وبَعْدَهُ عَلِيٌّ ابْنُهُ وبَعْدَهُ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ وبَعْدَهُ عَلِيٌّ ابْنُهُ وبَعْدَهُ الْحَسَنُ ابْنُهُ وبَعْدَهُ الْمَهْدِيُّ فَقُلْتُ يَا أَبَهْ أَ لَسْتَ مِنْهُمْ قَالَ لَا ولَكِنِّي مِنَ الْعِتْرَةِ قُلْتُ فَمِنْ أَيْنَ عَرَفْتَ أَسَامِيَهُمْ قَالَ عَهْدٌ مَعْهُودٌ عَهِدَهُ إِلَيْنَا رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله)(١٤٥).
والحديث صحيح رجاله ثقات أجلاء
كما أن من طوائف الروايات الدالة على وجوده الشريف: المئات من كلمات وأقوال الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) والتي نقلها العدول والثقات وغيرهم، ولعلها بمفردها تصلح دليلاً على التواتر بأعلى درجاته، فراجع مثلاً الروايات التي جمعها السيد العم الشهيد في (كلمة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف)(١٤٦).
والحاصل: أن الروايات بالمئات وفيها العشرات من الروايات الصحاح والمعتبرات بلا ريب، بل لو لم يكن فيها حتى رواية واحدة صحيحة لما اضرّ لأن ضابط التواتر متحققا كما أوضحنا ذلك.
من الروايات المعتبرة الواردة عن جميع المعصومين (عليهم السلام)
ولنختم فصل الروايات بذكر روايتين أو ثلاثة عن كل معصوم على حسب التسلسل مع الإشارة إلى مدى وثاقة الحديث إجمالاً:
من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)
(كفاية الأثر) للخزاز القمي: حدثنا محمد بن وهبان، قال حدثنا علي بن الحسين الهمداني، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي في مطين قال حدثنا الحسن بن سهل الخياط، قال: حدثنا سفيان بن عيينه، عن جعفر بن محمد، عن ابيه (عليهما السلام)، عن جابر بن عبدالله الانصاري:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَنِ بْنِ مَنْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ وَصَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ جَمِيعاً عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ الْخَيَّاطُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وال لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليه السلام) يَا حُسَيْنُ يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِكَ تِسْعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِذَا اسْتُشْهِدَ أَبُوكَ فَالْحَسَنُ بَعْدَهُ فَإِذَا سُمَّ الْحَسَنُ فَأَنْتَ فَإِذَا اسْتُشْهِدْتَ فَعَلِيٌّ ابْنُكَ فَإِذَا مَضَى عَلِيٌّ فَمُحَمَّدٌ ابْنُهُ فَإِذَا مَضَى مُحَمَّدٌ فَجَعْفَرٌ ابْنُهُ فَإِذَا مَضَى جَعْفَرٌ فَمُوسَى ابْنُهُ فَإِذَا مَضَى مُوسَى فَعَلِيٌّ ابْنُهُ فَإِذَا مَضَى عَلِيٌّ فَمُحَمَّدٌ ابْنُهُ فَإِذَا مَضَى مُحَمَّدٌ فَعَلِيٌّ ابْنُهُ فَإِذَا مَضَى عَلِيٌّ فَالْحَسَنُ ابْنُهُ فَإِذَا مَضَى الْحَسَنُ فَالْحُجَّةُ بَعْدَ الْحَسَنِ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً».(١٤٧)
الحديث: صحيح رجاله ثقات.
(الغيبة) للشَّيْخُ الثِّقَةُ الْجَلِيلُ فَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَاسِطِيُّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنَا مُوَرِّقٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ الله الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: «دَخَلَ جَنْدَلُ بْنُ جُنَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَلَى رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَمَّا لَيْسَ لِلَّهِ وَعَمَّا لَيْسَ عِنْدَ الله إِلَى أَنْ قَالَ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِي النَّوْمِ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ (عليه السلام) فَقَالَ لِي يَا جَنْدَلُ أَسْلِمْ عَلَى يَدِ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله وسلّم) وَاسْتَمْسِكْ بِالْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ فَقَدْ أَسْلَمْتُ وَرَزَقَنِيَ الله ذَلِكَ فَأَخْبِرْنِي بِالْأَوْصِيَاءِ بَعْدَكَ لَأَسْتَمْسِكَ بِهِمْ فَقَالَ (صلى الله عليه وآله وسلّم) يَا جَنْدَلُ أَوْصِيَائِي مِنْ بَعْدِي بِعَدَدِ نُقْبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَسَاقَ (صلى الله عليه وآله وسلّم) الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ عَلِيٍّ (عليه السلام) قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ الْحَسَنُ (عليه السلام) يُدْعَى بِالزَّكِيِّ ثُمَّ يَغِيبُ عَنِ النَّاسِ إِمَامُهُمْ قَالَ يَا رَسُولَ الله يَغِيبُ الْحَسَنُ مِنْهُمْ قَالَ لَا وَلَكِنِ ابْنُهُ الْحُجَّةُ يَغِيبُ عَنْهُمْ غَيْبَةً طَوِيلَةً قَالَ يَا رَسُولَ الله فَمَا اسْمُهُ قَالَ لَا يُسَمَّى حَتَّى يُظْهِرَهُ الله تَعَالَى الْخَبَرَ»(١٤٨).
الحديث موثق. وله سند آخر موثق أيضاً فراجع كفاية الأثر.
(كفاية الأثر): أَخْبَرَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطْرِقِ بْنِ سَوَادِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْقَاضِي الْبُسْتِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيُّ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَلَّبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ كَثِيرٍ الْكُوفِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَدِمَ يَهُودِيٌ عَلَى رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يُقَالُ لَهُ نَعْثَلٌ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ أَشْيَاءَ تَلَجْلَجُ فِي صَدْرِي مُنْذُ حِينٍ فَإِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنِي عَنْهَا أَسْلَمَتُ عَلَى يَدِكَ قَالَ سَلْ يَا أَبَا عُمَارَةَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ صِفْ لِي رَبَّكَ فَقَالَ (صلى الله عليه وآله وسلّم) إِنَّ الْخَالِقَ لَا يُوصَفُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَكَيْفَ يُوصَفُ الْخَالِقُ الَّذِي تَعْجِزُ الْحَوَاسُّ أَنْ تُدْرِكَهُ وَالْأَوْهَامُ أَنْ تَنَالَهُ وَالْخَطَرَاتُ أَنْ تَحُدَّهُ وَالْأَبْصَارُ عَنِ الْإِحَاطَةِ بِهِ جَلَّ عَمَّا يَصِفُهُ الْوَاصِفُونَ نَأَى فِي قُرْبِهِ وَقَرُبَ فِي نَأْيِهِ كَيَّفَ الْكَيْفِيَّةَ فَلَا يُقَالُ لَهُ كَيْفَ وَأَيَّنَ الْأَيْنَ فَلَا يُقَالُ لَهُ أَيْنَ هُوَ مُنْقَطِعُ الْكَيْفِيَّةِ فِيهِ وَالْأَيْنُونِيَّةِ فَهُوَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ وَالْوَاصِفُونَ لَا يَبْلُغُونَ نَعْتَهُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ قَالَ صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِكَ إِنَّهُ وَاحِدٌ لَا شَبِيهَ لَهُ أَلَيْسَ الله وَاحِداً وَالْإِنْسَانُ وَاحِداً فَوَحْدَانِيَّتُهُ أَشْبَهَتْ وَحْدَانِيَّةَ الْإِنْسَانِ فَقَالَ (صلى الله عليه وآله وسلّم) الله وَاحِدٌ وَاحِدِيُّ الْمَعْنَى وَالْإِنْسَانُ وَاحِدٌ ثَنَوِيُّ الْمَعْنَى جِسْمٌ وَعَرَضٌ وَبَدَنٌ وَرُوحٌ وإِنَّمَا التَّشْبِيهُ فِي الْمَعَانِي لَا غَيْرُ قَالَ صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِي عَنْ وَصِيِّكَ مَنْ هُوَ فَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَلَهُ وَصِيٌّ وَإِنَّ نَبِيَّنَا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ أَوْصَى إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّ وَصِيِّي وَالْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) وبَعْدَهُ سِبْطَايَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ تَتْلُوهُ تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ أَئِمَّةٌ أَبْرَارٌ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَسَمِّهِمْ لِي قَالَ نَعَمْ إِذَا مَضَى الْحُسَيْنُ فَابْنُهُ عَلِيٌّ فَإِذَا مَضَى فَابْنُهُ مُحَمَّدٌ فَإِذَا مَضَى فَابْنُهُ جَعْفَرٌ فَإِذَا مَضَى جَعْفَرٌ فَابْنُهُ مُوسَى فَإِذَا مَضَى مُوسَى فَابْنُهُ عَلِيٌّ فَإِذَا مَضَى عَلِيٌّ فَابْنُهُ مُحَمَّدٌ فَإِذَا مَضَى مُحَمَّدٌ فَابْنُهُ عَلِيٌّ فَإِذَا مَضَى عَلِيٌّ فَابْنُهُ الْحَسَنُ فَإِذَا مَضَى الْحَسَنُ فَبَعْدَهُ ابْنُهُ الْحُجَّةُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهم السلام) فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً عَلَى عَدَدِ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ فَأَيْنَ مَكَانُهُمْ فِي الْجَنَّةِ قَالَ مَعِي فِي دَرَجَتِي قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَنَّكَ رَسُولُ الله وَأَشْهَدُ أَنَّهُمْ الْأَوْصِيَاءُ بَعْدَكَ وَلَقَدْ وَجَدْتُ هَذَا فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَفِيمَا عَهِدَ إِلَيْنَا مُوسَى (عليه السلام) إِذَا كَانَ آخِرُ الزَّمَانِ يَخْرُجُ نَبِيٌّ يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ أَئِمَّةٌ أَبْرَارٌ عَدَدَ الْأَسْبَاط»(١٤٩).
وقد رواه الفضل بن شاذان عن محمد بن ابي عمير واحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن ابان بن عثمان الاحمر عن ابان بن تغلب عن عكرمة عن عبد الله بن عباس – والسند موثق دون شك.
وفي (الغيبة) للشيخ الجليل الفضل بن شاذان، بسندين(١٥٠) عن عبد الله بن عباس:
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): «لما عرج بي الى السماء بلغت سدرة المنتهى، ناداني ربي جلّ جلاله، فقال: يا محمد: فقلت: لبيك لبيك يا رب.
قال: ما أرسلت رسولا فانقضتْ أيّامه الّا أقام بالأمر بعده وصيّه; فأنا جعلت عليّ بن أبي طالب خليفتك وامام أمّتك، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم الحجة بن الحسن.
يا محمد! ارفع رأسك.
فرفعت رأسي فاذا بأنوار علي والحسن والحسين وتسعة أولاد الحسين، والحجة وسطهم يتلألأ كأنّه كوكب درّي.
فقال الله تعالى: يا محمد! هؤلاء خلفائي وحججي في الأرض، وخلفاؤك وأوصياؤك من بعدك، فطوبى لمن أحبّهم، والويل لمن أبغضهم»
والحديث: صحيح رجاله ثقات عيون
من أحاديث أمير المؤمنين علي (عليه السلام)
(مختصر اثبات الرجعة) عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «قلت: سمّهم لي يا رسول الله، قال: أنت يا علي أوّلهم، ثمّ ابني هذا- ووضع يده على رأس الحسن (عليه السلام)- ثمّ ابني هذا- ووضع يده على رأس الحسين (عليه السلام)- ثمّ سميّك عليّ ابنه زين العابدين، وسيولد في زمانك يا أخي فاقراه منّي السلام. ثمّ ابنه محمّد الباقر، باقر علمي وخازن وحي الله تعالى. ثمّ ابنه جعفر الصادق، ثمّ ابنه موسى الكاظم، ثمّ ابنه علي الرضا، ثمّ ابنه محمّد التقيّ، ثمّ ابنه عليّ النقيّ، ثمّ ابنه الحسن الزكيّ، ثمّ ابنه الحجّة القائم، خاتم أوصيائي وخلفائي والمنتقم من أعدائي الّذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. ثمّ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): والله إنّي لأعرف جميع من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء أنصاره وأعرف قبائلهم» وورد نحوه في (إثبات الهداة): الفضل بن شاذان عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن حماد بن عيسى عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) – والسند صحيح قوي جداً.
كما مضى قوله الإمام علي (عليه السلام): «ولكني فكرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي وهو المهدي يملأها عدلاً...» وهو في أعلى درجات الصحة.
من أحاديث الإمام الحسن (عليه السلام)
كمال الدين: المظفر العلوي(١٥١)، عن ابن العيّاشي، عن أبيه، عن جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن الحسن بن محمد الصيرفي، عن حنّان ابن سدير، عن أبيه سدير بن حكيم، عن أبيه، عن أبي سعيد عقيصا، قال: «لما صالح الحسن بن علي (عليهما السلام) معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته! فقال (عليه السلام): ويحكم ما تدرون ما عملت؟!
والله، الذي عملت خير لشيعتي ممّا طلعت عليه الشمس أو غربت، ألا تعلمون أنّني إمامكم مفترض الطاعة عليكم، وأحد سيدي شباب أهل الجنة بنصّ من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) [عليّ]؟ قالوا: بلى. قال: أما علمتم أنّ الخضر (عليه السلام) لمّا خرق السفينة، وقتل الغلام، وأقام الجدار كان ذلك سخطاً لموسى بن عمران (عليه السلام) إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك؛ وكان ذلك عند الله (تعالى ذكره) حكمة وصواباً.
أما علمتم أنّه ما منّا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلّي روح الله عيسى بن مريم (عليهما السلام) خلفه، فإنّ الله عز وجل يخفي ولادته، ويغيّب شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، ذلك التاسع من ولد أخي الحسين، ابن سيدة الإماء يطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة، ذلك ليعلم ان الله على كل شيء قدير».
الإحتجاج: عن حنّان بن سدير (مثله)(١٥٢)
من أحاديث الإمام الحسين (عليه السلام)
(كمال الدين) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمَدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلِيطٍ قَالَ قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليهم السلام) «مِنَّا اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً أَوَّلُهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَآخِرُهُمُ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِي وَهُوَ الْإِمَامُ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ يُحْيِي الله بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَيُظْهِرُ بِهِ دِيْنَ الْحَقِّ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ لَهُ غَيْبَةٌ يَرْتَدُّ فِيهَا أَقْوَامٌ وَيَثْبُتُ فِيهَا عَلَى الدِّينِ آخَرُونَ فَيُؤْذَوْنَ وَيُقَالُ لَهُمْ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أَمَا إِنَّ الصَّابِرَ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى الْأَذَى وَالتَّكْذِيبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)»(١٥٣).
وروى الحديث بنفس هذا السند الخزاز وابن عياش والحديث معتبر
من أحاديث الإمام السجاد (عليه السلام)
الفضل بن شاذان: عن صفوان بن يحيى، عن ابراهيم بن ابي زياد، عن ابي حمزة الثمالي، عن ابي خالد الكابلي:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الصُّوفِيُّ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُوسَى عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ الله الْحَسَنِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ قَالَ:
«دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ (عليه السلام) فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ الله أَخْبِرْنِي بِالَّذِينَ فَرَضَ الله عَزَّ وَجَلَّ طَاعَتَهُمْ وَمَوَدَّتَهُمْ وَأَوْجَبَ عَلَى عِبَادِهِ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ بَعْدَ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فَقَالَ لِي يَا كَنْكَرُ إِنَّ أُولِي الْأَمْرِ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ الله عَزَّ وَجَلَّ أَئِمَّةً لِلنَّاسِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمْ طَاعَتَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليهم السلام) ثُمَّ الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَيْنُ ابْنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَيْنَا ثُمَّ سَكَتَ فَقُلْتُ لَهُ يَا سَيِّدِي رُوِيَ لَنَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (عليه السلام) أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ لِلَّهِ جَلَّ وَعَزَّ عَلَى عِبَادِهِ فَمَنِ الْحُجَّةُ وَالْإِمَامُ بَعْدَكَ قَالَ ابْنِي مُحَمَّدٌ وَاسْمُهُ فِي التَّوْرَاةِ بَاقِرٌ يَبْقُرُ الْعِلْمَ بَقْراً هُوَ الْحُجَّةُ وَالْإِمَامُ بَعْدِي وَمِنْ بَعْدِ مُحَمَّدٍ ابْنُهُ جَعْفَرٌ وَاسْمُهُ عِنْدَ أَهْلِ السَّمَاءِ الصَّادِقُ فَقُلْتُ لَهُ يَا سَيِّدِي فَكَيْفَ صَارَ اسْمُهُ الصَّادِقَ وَكُلُّكُمْ صَادِقُونَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ (عليهما السلام) أَنَّ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ إِذَا وُلِدَ ابْنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليهم السلام) فَسَمُّوهُ الصَّادِقَ فَإِنَّ لِلْخَامِسِ مِنْ وُلْدِهِ وَلَداً اسْمُهُ جَعْفَرٌ يَدَّعِي الْإِمَامَةَ اجْتِرَاءً عَلَى الله وَكَذِباً عَلَيْهِ فَهُوَ عِنْدَ الله جَعْفَرٌ الْكَذَّابُ الْمُفْتَرِي عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُدَّعِي لِمَا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ الْمُخَالِفُ عَلَى أَبِيهِ وَالْحَاسِدُ لِأَخِيهِ ذَلِكَ الَّذِي يَرُومُ كَشْفَ سَتْرِ الله عِنْدَ غَيْبَةِ وَلِيِّ الله عَزَّ وَجَلَّ ثُمَ بَكَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) بُكَاءً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ كَأَنِّي بِجَعْفَرٍ الْكَذَّابِ وَقَدْ حَمَلَ طَاغِيَةَ زَمَانِهِ عَلَى تَفْتِيشِ أَمْرِ وَلِيِّ الله وَالْمُغَيَّبِ فِي حِفْظِ الله وَالتَّوْكِيلِ بِحَرَمِ أَبِيهِ جَهْلًا مِنْهُ بِوِلَادَتِهِ وَحِرْصاً مِنْهُ عَلَى قَتْلِهِ إِنْ ظَفِرَ بِهِ وَطَمَعاً فِي مِيرَاثِهِ حَتَّى يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ قَالَ أَبُو خَالِدٍ فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ الله وَإِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ فَقَالَ إِي ورَبِّي إِنَّ ذَلِكَ لَمَكْتُوبٌ عِنْدَنَا فِي الصَّحِيفَةِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْمِحَنِ الَّتِي تَجْرِي عَلَيْنَا بَعْدَ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ أَبُو خَالِدٍ فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ الله ثُمَّ يَكُونُ مَاذَا قَالَ ثُمَّ تَمْتَدُّ الْغَيْبَةُ بِوَلِيِّ الله عَزَّ وَجَلَّ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ أَوْصِيَاءِ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وَالْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ يَا أَبَا خَالِدٍ إِنَّ أَهْلَ زَمَانِ غَيْبَتِهِ الْقَائِلِينَ بِإِمَامَتِهِ وَالْمُنْتَظِرِينَ لِظُهُورِهِ أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ لِأَنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَعْطَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ وَالْأَفْهَامِ وَالْمَعْرِفَةِ مَا صَارَتْ بِهِ الْغَيْبَةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاهَدَةِ وَجَعَلَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِينَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بِالسَّيْفِ أُولَئِكَ الْمُخْلَصُونَ حَقّاً وَشِيعَتُنَا صِدْقاً وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِ الله عَزَّ وَجَلَّ سِرّاً وَجَهْراً وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) انْتِظَارُ الْفَرَجِ مِنْ أَعْظَمِ الْفَرَج»(١٥٤).
الحديث: الظاهر ان سند الفضل بن شاذان صحيح، وكذلك سند الصدوق بعد تبديل الإسناد.
من أحاديث الإمام الباقر (عليه السلام)
الفضل بن شاذان:
حدثنا الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن ثابت بن أبي صفية دينار عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث أن الحسين (عليه السلام) قال: «يظهر الله قائمنا فينتقم من الظالمين، فقيل له: يا ابن رسول الله من قائمكم؟ قال: السابع من ولد ابني محمّد بن علي، وهو الحجة بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابني، وهو الذي يغيب مدة طويلة ثم يظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما»(١٥٥).
والحديث صحيح وكل رواته عيون أجلاء.
الفضل بن شاذان:
وقال: حدثنا الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن ثابت بن أبي صفية دينار عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث أن الحسين (عليه السلام) قال: «يظهر الله قائمنا فينتقم من الظالمين، فقيل له: يا ابن رسول الله من قائمكم؟ قال: السابع من ولد ابني محمّد بن علي، وهو الحجة بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابني، وهو الذي يغيب مدة طويلة ثم يظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما»(١٥٦).
الحديث: صحيح، رجاله ثقات من عيون الطائفة.
(إثبات الرجعة):
الفضل بن شاذان: قال: حدثنا فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): «يا علي أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم أنت يا علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم الحجة بن الحسن الذي تنتهي إليه الخلافة والوصاية ويغيب مدة طويلة، ثم يظهر ويملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما».(١٥٧)
الحديث: صحيح قوي
من أحاديث الإمام الصادق (عليه السلام)
روى الثقة الصدوق الفضل بن شاذان في كتاب (إثبات الرجعة) قال:
حدثنا عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في حديث أنه قال لعلي (عليه السلام): «اعلم أن ابني منتقم من ظالميك وظالمي شيعتك في الدنيا ويعذبهم الله في الآخرة فقال سلمان:
من هو يا رسول الله؟ قال: التاسع من ولد ابني الحسين الذي يظهر بعد غيبته الطويلة فيعلن أمر الله ويظهر دين الله، وينتقم من أعداء الله، ويملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا»(١٥٨).
والسند معتبر دون شك.
(الصدوق):
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ (عليهم السلام) قَالَ: «سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) عَنْ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ الله وَعِتْرَتِي مَنِ الْعِتْرَةُ فَقَالَ أَنَا وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالْأَئِمَّةُ التِّسْعَةُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ تَاسِعُهُمْ مَهْدِيُّهُمْ وَقَائِمُهُمْ لَا يُفَارِقُونَ كِتَابَ الله وَلَا يُفَارِقُهُمْ حَتَّى يَرِدُوا عَلَى رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حَوْضَهُ»(١٥٩).
والسند معتبر بل لعله صحيح
(مصباح المتهجد)
رَوَى عَاصِمُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) «إِذَا حَضَرَتْ أَحَدَكُمُ الْحَاجَةُ فَلْيَصُمْ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ويَوْمَ الْخَمِيسِ ويَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ اغْتَسَلَ وَلَبِسَ ثَوْباً نَظِيفاً ثُمَّ يَصْعَدُ إِلَى أَعْلَى مَوْضِعٍ فِي دَارِهِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَقُولُ- اللَّهُمَّ إِنِّي حَلَلْتُ بِسَاحَتِكَ لِمَعْرِفَتِي بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَصَمَدَانِيَّتِكَ وَإِنَّهُ لَا قَادِرَ عَلَى قَضَاءِ حَاجَتِي غَيْرُكَ وَقَدْ عَلِمْتَ يَا رَبِّ أَنَّهُ كُلُّ مَا شَاهَدْتُ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ اشْتَدَّتْ فَاقَتِي إِلَيْكَ وَقَدْ طَرَقَنِي يَا رَبِّ مِنْ مُهِمِّ أَمْرِي مَا قَدْ عَرَفْتَهُ قَبْلَ مَعْرِفَتِي لِأَنَّكَ عَالِمٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ فَأَسْأَلُكَ بِالاسْمِ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى السَّمَاوَاتِ فَانْشَقَّتْ وَعَلَى الْأَرَضِينَ فَانْبَسَطَتْ وَعَلَى النُّجُومِ فَانْتَثَرَتْ وَعَلَى الْجِبَالِ فَاسْتَقَرَّتْ وَأَسْأَلُكَ بِالاسْمِ الَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ عَلِيٍّ وَعِنْدَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ كُلِّهِمْ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَقْضِيَ لِي يَا رَبِّ حَاجَتِي وَتُيَسِّرَ لِي عَسِيرَهَا وَتَكْفِيَنِي مُهِمَّهَا وَتُفَتِّحَ لِي قُفْلَهَا فَإِنْ فَعَلْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَكَ الْحَمْدُ غَيْرَ جَائِرٍ فِي حُكْمِكَ وَلَا مُتَّهَمٍ فِي قَضَائِكَ وَلَا حَائِفٍ فِي عَدْلِكَ.... اللَّهُمَّ وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِوَلِيِّكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَوَصِيِّ نَبِيِّكَ مَوْلَايَ وَمَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ قَسِيمِ النَّارِ وَقَائِدِ الْأَبْرَارِ وَقَاتِلِ....
اللَّهُمَّ وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالْوَلِيِّ الْبَارِّ التَّقِيِّ الطَّيِّبِ الزَّكِيِّ الْإِمَامِ بْنِ الْإِمَامِ السَّيِّدِ بْنِ السَّيِّدُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ
وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالْقَتِيلِ الْمَسْلُوبِ قَتِيلِ كَرْبَلَاءَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ
وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِسَيِّدِ الْعَابِدِينَ وَقُرَّةِ عَيْنِ الصَّالِحِينَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ
وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِبَاقِرِ الْعِلْمِ صَاحِبِ الْحِكْمَةِ وَالْبَيَانِ ووَارِثِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالصَّادِقِ الْخَيِّرِ الْفَاضِلِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالْكَرِيمِ الشَّهِيدِ الْهَادِي الْمَوْلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ
وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالشَّهِيدِ الْغَرِيبِ الْحَبِيبِ الْمَدْفُونِ بِطُوسَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى
وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالزَّكِيِّ التَّقِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالطُّهْرِ الطَّاهِرِ النَّقِيِّ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ
وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِوَلِيِّكَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ
وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالْبَقِيَّةِ الْبَاقِي الْمُقِيمِ بَيْنَ أَوْلِيَائِهِ الَّذِي رَضِيتَهُ لِنَفْسِك»
والحديث صحيح، إذ للشيخ الطوسي عدة طرق إلى العاصم بن حميد كما ان الشيخ الصدوق رواه بسنده عن عاصم، والشيخ الطوسي يروي كل كتب الصدوق.
(كفاية الأثر):
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ وَهْبٍ وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ وَهْبٍ يَا ابْنَ رَسُولِ الله مَا تَقُولُ فِي الْخَبَرِ....
 ثُمَّ قَالَ (عليه السلام) «إِنَّ أَفْضَلَ الْفَرَائِضِ وَأَوْجَبَهَا عَلَى الْإِنْسَانِ مَعْرِفَةُ الرَّبِّ وَالْإِقْرَارُ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ وَحَدُّ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَلَا شَبِيهَ لَهُ وَلَا نَظِيرَ لَهُ وَأَنَّهُ يَعْرِفُ أَنَّهُ قَدِيمٌ مُثْبَتٌ بِوُجُودٍ غَيْرُ فَقِيدٍ مَوْصُوفٌ مِنْ غَيْرِ شَبِيهٍ وَلَا مُبْطِلٍ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وَبَعْدَهُ مَعْرِفَةُ الرَّسُولِ وَالشَّهَادَةُ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَأَدْنَى مَعْرِفَةِ الرَّسُولِ الْإِقْرَارُ بِهِ بِنُبُوَّتِهِ وَأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ فَذَلِكَ عَنِ الله عَزَّ وَجَلَّ وَبَعْدَهُ مَعْرِفَةُ الْإِمَامِ الَّذِي بِهِ يَأْتَمُّ بِنَعْتِهِ وَصِفَتِهِ وَاسْمِهِ فِي حَالِ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَأَدْنَى مَعْرِفَةِ الْإِمَامِ أَنَّهُ عِدْلُ النَّبِيِّ إِلَّا دَرَجَةَ النُّبُوَّةِ وَوَارِثُهُ وَأَنَّ طَاعَتَهُ طَاعَةُ الله وَطَاعَةُ رَسُولِ الله وَالتَّسْلِيمُ لَهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ وَالرَّدُّ إِلَيْهِ وَالْأَخْذُ بِقَوْلِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّ الْإِمَامَ بَعْدَ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَيْنُ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثُمَّ أَنَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِي مُوسَى ابْنِي ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ عَلِيٌّ وَبَعْدَ عَلِيٍّ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ وَبَعْدَ مُحَمَّدٍ عَلِيٌّ ابْنُهُ وَبَعْدَ عَلِيٍّ الْحَسَنُ ابْنُهُ وَالْحُجَّةُ مِنْ وُلْدِ الْحَسَن»
الحديث: حسن معتبر.
من أحاديث الإمام الكاظم (عليه السلام)
(الصدوق):
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ(١٦٠) عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (علیهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «تَقُولُ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ مَلَائِكَتَكَ وَأَنْبِيَاءَكَ وَرُسُلَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ الله رَبِّي وَالْإِسْلَامَ دِينِي وَمُحَمَّداً نَبِيِّي وَعَلِيّاً وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ- وَعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ- وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَمُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ- وَعَلِيَّ بْنَ مُوسَى وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ- وَعَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ- وَالْحُجَّةَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَئِمَّتِي بِهِمْ أَتَوَلَّى وَمِنْ أَعْدَائِهِمْ أَتَبَرَّأُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ دَمَ الْمَظْلُومِ ثَلَاثاً اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ بِإِيوَائِكَ عَلَى نَفْسِكَ لِأَعْدَائِكَ لَتُهْلِكَنَّهُمْ بِأَيْدِينَا وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ بِإِيوَائِكَ عَلَى نَفْسِكَ لِأَوْلِيَائِكَ لَتُظْفِرَنَّهُمْ بِعَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ- وَعَلَى الْمُسْتَحْفَظِينَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ثَلَاثاً اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْيُسْرَ بَعْدَ الْعُسْرِ ثَلَاثاً ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَرْضِ وَتَقُولُ يَا كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذَاهِبُ وَتَضِيقُ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ يَا بَارِئَ خَلْقِي رَحْمَةً بِي وَكُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ- وعَلَى الْمُسْتَحْفَظِينَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ثَلَاثاً ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ الْأَيْسَرَ عَلَى الْأَرْضِ وَتَقُولُ يَا مُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ وَيَا مُعِزَّ كُلِّ ذَلِيلٍ قَدْ وَعِزَّتِكَ بَلَغَ مَجْهُودِي ثَلَاثاً ثُمَّ تَعُودُ لِلسُّجُودِ وَتَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ شُكْراً شُكْراً ثُمَّ تَسْأَلُ حَاجَتَكَ إِنْ شَاءَ اللهُ»(١٦١)
وَرَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جُنْدَبٍ نَحْوَهُ ورَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ مِثْلَهُ.
الحديث: صحيح على المنصور، رجاله ثقات من عيون الطائفة ومعتبر على المشهور.
(كفاية الأثر)
حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) «قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْأَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله ص لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ رَأَيْتُ مَكْتُوباً عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ بِالنُّورِ لَا إِلَهَ إِلَّا الله مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله أَيَّدْتُهُ بِعَلِيٍّ ونَصَرْتُهُ بِعَلِيٍّ ورَأَيْتُ عَلِيّاً عَلِيّاً عَلِيّاً ومُحَمَّداً مُحَمَّداً مَرَّتَيْنِ وجَعْفَراً ومُوسَى والْحَسَنَ والْحُجَّةَ اثْنَيْ عَشَرَ اسْماً مَكْتُوباً بِالنُّورِ فَقُلْتُ يَا رَبِّ أَسَامِي مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَدْ قَرَنْتَهُمْ بِي فَنُودِيتُ يَا مُحَمَّدُ هُمُ الْأَئِمَّةُ بَعْدَكَ والْأَخْيَارُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ».(١٦٢)
والحديث: حسنٌ
من أحاديث الإمام الرضا (عليه السلام)
(الصدوق)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْعَطَّارُ رَضِيَ الله عَنْهُ بِنَيْسَابُورَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ النَّيْسَابُورِيُّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ قَالَ: «سَأَلَ الْمَأْمُونُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا (عليه السلام) أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مَحْضَ الْإِسْلَامِ عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَازِ وَالِاخْتِصَارِ فَكَتَبَ (عليه السلام) لَهُ أَنَّ مَحْضَ الْإِسْلَامِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.... وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَمِينُهُ وَصَفِيُّهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَسَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَأَفْضَلُ الْعَالَمِينَ.... وَأَنَّ الدَّلِيلَ بَعْدَهُ وَالْحُجَّةَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْقَائِمَ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّاطِقَ عَنِ الْقُرْآنِ وَالْعَالِمَ بِأَحْكَامِهِ أَخُوهُ وَخَلِيفَتُهُ وَوَصِيُّهُ وَوَلِيُّهُ وَالَّذِي كَانَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَأَفْضَلُ الْوَصِيِّينَ وَوَارِثُ عِلْمِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَبَعْدَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بَاقِرُ عِلْمِ النَّبِيِّينَ ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ وَارِثُ عِلْمِ الْوَصِيِّينَ ثُمَّ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاظِمُ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ثُمَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ثُمَّ الْحُجَّةُ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَشْهَدُ لَهُمْ بِالْوَصِيَّةِ وَالْإِمَامَةِ وَأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةِ الله تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَأَوَانٍ وَأَنَّهُمُ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى وَأَئِمَّةُ الْهُدَى وَالْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَى أَنْ يَرِثَ الله الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَأَنَّ كُلَّ مَنْ خَالَفَهُمْ ضَالٌّ مُضِلٌّ بَاطِلٌ تَارِكٌ لِلْحَقِّ وَالْهُدَى».(١٦٣)
الحديث: حسنٌ رجاله ممدوحون
(الصدوق)
حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني عن عليّ بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال: «كأني بالشيعة عند فقدانهم الثالث من ولدي، يطلبون المرعى فلا يجدونه قلت: ولم ذاك يا ابن رسول الله؟ قال: لأن إمامهم يغيب عنهم، قلت: ولم؟ قال: لئلا يكون في عنقه بيعة إذا قام بالسيف».(١٦٤)
الحديث: معتبر
(كفاية الأثر):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي الْحَسَنُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِيِّ قَالَ:
«سَمِعْتُ دِعْبِلَ بْنَ عَلِيٍّ الْخُزَاعِيَّ رَحْمَةُ الله عَلَيْهِ يَقُولُ:

مَدَارِسُ آيَاتٍ عَفَتْ مِنْ تِلَاوَةٍ * * * ومَهْبِطُ وَحْيٍ مُقْفِرُ الْعَرَصَاتِ

فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى قَوْلِي:

خُرُوجُ الْإِمَامِ لَا مَحَالَةَ خَارِجٌ * * * يَقُومُ عَلَى اسْمِ الله والْبَرَكَاتِ
يُمَيِّزُ فِينَا كُلَّ حَقٍّ وبَاطِلٍ * * * ويُجْزِي عَلَى النَّعْمَاءِ والنَّقِمَاتِ

بَكَى الرِّضَا (عليه السلام) بُكَاءً شَدِيداً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ الشَّرِيفَ إِلَيَّ وَقَالَ يَا خُزَاعِيُّ نَطَقَ رُوحُ الْقُدُسِ عَلَى لِسَانِكَ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ فَهَلْ تَدْرِي مَنْ هَذَا الْإِمَامُ وَمَتَى يَقُومُ قُلْتُ لَا يَا مَوْلَايَ إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ بِخُرُوجِ إِمَامٍ مِنْكُمْ وَيُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنَ الْفَسَادِ وَيَمْلَأُهَا عَدْلًا فَقَالَ يَا دِعْبِلُ الْإِمَامُ بَعْدِي مُحَمَّدٌ ابْنِي وَبَعْدَ مُحَمَّدٍ ابْنُهُ عَلِيٌّ وَبَعْدَ عَلِيٍّ ابْنُهُ الْحَسَنُ وَبَعْدَ الْحَسَنِ ابْنُهُ الْحُجَّةُ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ فِي غَيْبَتِهِ الْمُطَاعُ فِي ظُهُورِهِ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ الله لَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَمْلَأَهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَأَمَّا مَتَى فَإِخْبَارٌ عَنِ الْوَقْتِ وَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام) أَنَّ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وآله وسلّم) قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ الله مَتَى يَخْرُجُ الْقَائِمُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ قَالَ مَثَلُهُ مَثَلُ السَّاعَةِ لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ الله عَزَّ وَجَلَّ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً».
ورواه الصدوق عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي الصلت الهروي.
والسند صحيح عندنا ومعتبر عند المشهور (بإبراهيم بن هاشم).
من أحاديث الإمام الجواد (عليه السلام)
(الكافي)
١٣٨٨/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (عليه السلام) ، قَالَ: «أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) ومَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عليه السلام) وهُوَ مُتَّكِئٌ عَلى يَدِ سَلْمَانَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَجَلَسَ ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ واللِّبَاسِ، فَسَلَّمَ عَلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، فَجَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ إِنْ أَخْبَرْتَنِي بِهِنَّ، عَلِمْتُ أَنَّ الْقَوْمَ رَكِبُوا مِنْ أَمْرِكَ مَا قُضِيَ عَلَيْهِمْ، وأَنْ لَيْسُوا بِمَأْمُونِينَ فِي دُنْيَاهُمْ وآخِرَتِهِمْ؛ وإِنْ تَكُنِ الْأُخْرى ، عَلِمْتُ أَنَّكَ وهُمْ شَرَعٌ سَوَاءٌ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام): سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ. قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الرَّجُلِ إِذَا نَامَ أَيْنَ تَذْهَبُ رُوحُهُ؟ وعَنِ الرَّجُلِ كَيْفَ يَذْكُرُ وَيَنْسى ؟ وعَنِ الرَّجُلِ كَيْفَ يُشْبِهُ ولَدُهُ الْأَعْمَامَ والْأَخْوَالَ؟ فَالْتَفَتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) إِلَى الْحَسَنِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَجِبْهُ». قَالَ: «فَأَجَابَهُ الْحَسَنُ (عليه السلام)، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَشْهَدُ أَنْ لَاإِلهَ إِلَّا اللهُ، ولَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، ولَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِذلِكَ، وأَشْهَدُ أَنَّكَ وصِيُّ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله) والْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ- وأَشَارَ إِلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام)- ولَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا، وأَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّهُ والْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ - وأَشَارَ إِلَى الْحَسَنِ (عليه السلام)- وأَشْهَدُ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وصِيُ أَخِيهِ والْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ بَعْدَهُ ، وأَشْهَدُ عَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ الْحُسَيْنِ بَعْدَهُ، وأَشْهَدُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وأَشْهَدُ عَلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِأَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ، وأَشْهَدُ عَلى مُوسى أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وأَشْهَدُ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُوسى أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وأَشْهَدُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ مُوسى ، وأَشْهَدُ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ بِأَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وأَشْهَدُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بِأَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَأَشْهَدُ عَلى رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ الْحَسَنِ لَا يُكَنّى ولَا يُسَمّى حَتّى يَظْهَرَ أَمْرُهُ، فَيَمْلَأَهَا عَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً، والسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ورَحْمَةُ الله وبَرَكَاتُهُ. ثُمَّ قَامَ فَمَضى ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، اتْبَعْهُ، فَانْظُرْ أَيْنَ يَقْصِدُ، فَخَرَجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عليهما السلام)، فَقَالَ: مَا كَانَ إِلَّا أَنْ وضَعَ رِجْلَهُ خَارِجاً مِنَ الْمَسْجِدِ، فَمَا دَرَيْتُ أَيْنَ أَخَذَ مِنْ أَرْضِ اللهِ، فَرَجَعْتُ إِلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَأَعْلَمْتُهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَتَعْرِفُهُ؟ قُلْتُ: الله ورَسُولُهُ وأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ. قَالَ: هُوَ الْخَضِرُ (عليه السلام)».(١٦٥)
الحديث: صحيح رجاله ثقات من عيون الطائفة، ولم ينفرد البرقي بروايته إضافة إلى انه ليس من مراسيله، كما اعتمد الرواية الصدوق والطوسي كما رواه في تفسير القمي بسند آخر فراجع.
من أحاديث الإمام الهادي (عليه السلام)
روى هذا الفضل العظيم الشأن (الفضل بن شاذان) في كتابه في الغيبة: عن سهل ابن زياد الآدمي، عن عبد العظيم، قال: «دخلت على سيدي علي بن محمّد (عليهما السلام) فلما بصر بي، قال لي: مرحبا بك يا أبا القاسم أنت وليّنا حقا، فقلت له: يا ابن رسول الله انّي أريد ان اعرض عليك ديني فإن كان مرضيّا ثبتّ عليه حتى القى الله عزّ وجلّ؟ فقال: هات يا أبا القاسم، فقلت،
اني اقول: ان الله تبارك وتعالى واحد، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، خارج عن الحدّين، حدّ الابطال وحدّ التشبيه، وانه ليس بجسم، ولا صورة، ولا عرض، ولا جوهر، بل هو مجسّم الأجسام، ومصوّر الصور، وخالق الاعراض والجواهر، وربّ كلّ شي ء ومالكه وجاعله ومحدثة، وان محمّدا عبده ورسوله خاتم النبيين فلا نبيّ بعده إلى يوم القيامة.
وأقول: ان الامام والخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ثم من بعده ولده الحسن والحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمّد بن علي الباقر، ثم جعفر بن محمّد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمّد بن علي، ثم أنت يا مولاي، فقال (عليه السلام): ومن بعدي الحسن ابني، فكيف للناس بالخلف من بعده؟ قال: فقلت: فكيف ذاك يا مولاي؟
قال: لانه لا يرى شخصه ولا يحلّ ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، قال: فقلت: أقررت.
وأقول: ان وليّهم ولي الله، وعدوّهم عدوّ الله، وطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله.
وأقول: ان المعراج حقّ، والمسائلة في القبر حقّ، وان الجنّة حق، والنار حق، والصراط حق، والميزان حقّ، وان الساعة آتية لا ريب فيها، وان الله يبعث من في القبور.
وأقول: أن الفرائض الواجبة بعد الولاية: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحجّ، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فقال علي ابن محمّد (عليهما السلام): يا أبا القاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه، ثبّتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة».(١٦٦)
وقد روى الصدوق في كمال الدين هذا الحديث بسند آخر.
والحديث حسن ظاهراً.
(الصدوق):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الله قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ(١٦٧) عَنْ أَبِي هَاشِمٍ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ «سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ صَاحِبَ الْعَسْكَرِ (عليه السلام) يَقُولُ الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِي ابْنِيَ الْحَسَنُ فَكَيْفَ لَكُمْ بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِ الْخَلَفِ فَقُلْتُ وَلِمَ جَعَلَنِيَ الله فِدَاكَ فَقَالَ لِأَنَّكُمْ لَا تَرَوْنَ شَخْصَهُ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ قُلْتُ فَكَيْفَ نَذْكُرُهُ قَالَ قُولُوا الْحُجَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله وسلّم)».(١٦٨)
والسند معتبر
من أحاديث الإمام العسكري (عليه السلام)
الفضل بن شاذان:
حدثنا محمّد بن علي بن حمزة العلوي قال: «سمعت أبا محمّد (عليه السلام) يقول: قد ولد وليّ الله وحجته على عباده وخليفتي من بعدي مختونا، ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين عند طلوع الفجر «الحديث» وفيه جملة من أحواله»(١٦٩).
والسند صحيح مع لحاظ ان للحر العاملي طريقاً صحيحاً إلى كتاب الفضل بن شاذان.
(كمال الدين):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيِّ بْنِ هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْرِيَّ قَدَّسَ الله رُوحَهُ يَقُولُ: «سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عليه السلام) وَأَنَا عِنْدَهُ عَنِ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام) أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ لِلَّهِ عَلَى خَلْقِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرِفْ إِمَامَ زَمَانِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً فَقَالَ (عليه السلام) إِنَّ هَذَا حَقٌّ كَمَا أَنَّ النَّهَارَ حَقٌّ فَقِيلَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ الله فَمَنِ الْحُجَّةُ وَالْإِمَامُ بَعْدَكَ فَقَالَ ابْنِي مُحَمَّدٌ هُوَ الْإِمَامُ وَالْحُجَّةُ بَعْدِي مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرِفْهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً أَمَا إِنَّ لَهُ غَيْبَةً يَحَارُ فِيهَا الْجَاهِلُونَ وَيَهْلِكُ فِيهَا الْمُبْطِلُونَ وَيَكْذِبُ فِيهَا الْوَقَّاتُونَ ثُمَّ يَخْرُجُ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْأَعْلَامِ الْبِيضِ تَخْفِقُ فَوْقَ رَأْسِهِ بِنَجَفِ الْكُوفَةِ».(١٧٠)
والسند معتبر
(كمال الدين):
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الله عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليه السلام) وأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنِ الْخَلَفِ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ لِي مُبْتَدِئاً يَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُخَلِّ الْأَرْضَ مُنْذُ خَلَقَ آدَمَ (عليه السلام) وَلَا يُخَلِّيهَا إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ مِنْ حُجَّةٍ لِلَّهِ عَلَى خَلْقِهِ بِهِ يَدْفَعُ الْبَلَاءَ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَبِهِ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَبِهِ يُخْرِجُ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ الله فَمَنِ الْإِمَامُ وَالْخَلِيفَةُ بَعْدَكَ فَنَهَضَ (عليه السلام) مُسْرِعاً فَدَخَلَ الْبَيْتَ ثُمَّ خَرَجَ وَعَلَى عَاتِقِهِ غُلَامٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّلَاثِ سِنِينَ فَقَالَ يَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ لَوْ لَا كَرَامَتُكَ عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَى حُجَجِهِ مَا عَرَضْتُ عَلَيْكَ ابْنِي هَذَا إِنَّهُ سَمِيُّ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وكَنِيُّهُ الَّذِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً يَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ مَثَلُهُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَثَلُ الْخَضِرِ (عليه السلام) وَمَثَلُهُ مَثَلُ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَالله لَيَغِيبَنَّ غَيْبَةً لَا يَنْجُو فِيهَا مِنَ الْهَلَكَةِ إِلَّا مَنْ ثَبَّتَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْقَوْلِ بِإِمَامَتِهِ وَوَفَّقَهُ فِيهَا لِلدُّعَاءِ بِتَعْجِيلِ فَرَجِهِ فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَقُلْتُ لَهُ يَا مَوْلَايَ فَهَلْ مِنْ عَلَامَةٍ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا قَلْبِي فَنَطَقَ الْغُلَامُ (عليه السلام) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ فَصِيحٍ فَقَالَ أَنَا بَقِيَّةُ الله فِي أَرْضِهِ وَالْمُنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِهِ فَلَا تَطْلُبْ أَثَراً بَعْدَ عَيْنٍ يَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَخَرَجْتُ مَسْرُوراً فَرِحاً فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ عُدْتُ إِلَيْهِ-فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ الله لَقَدْ عَظُمَ سُرُورِي بِمَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَيَّ فَمَا السُّنَّةُ الْجَارِيَةُ فِيهِ مِنَ الْخَضِرِ وَذِي الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ طُولُ الْغَيْبَةِ يَا أَحْمَدُ قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ الله وَإِنَّ غَيْبَتَهُ لَتَطُولُ قَالَ إِي وَرَبِّي حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ أَكْثَرُ الْقَائِلِينَ بِهِ وَلَا يَبْقَى إِلَّا مَنْ أَخَذَ الله عَزَّ وَجَلَّ عَهْدَهُ لِوَلَايَتِنَا وَكَتَبَ فِي قَلْبِهِ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ يَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ هَذَا أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ الله وَسِرٌّ مِنْ سِرِّ الله وَغَيْبٌ مِنْ غَيْبِ الله فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَاكْتُمْهُ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ تَكُنْ مَعَنَا غَداً فِي عِلِّيِّينَ».(١٧١)
والحديث معتبر ورجال السند أجلاء ثقات.
الفضل بن شاذان:
حدثنا إبراهيم بن محمّد بن فارس النيسابوري عن أبي محمّد (عليه السلام) وذكر حديثا فيه أنه «دخل عليه وعنده غلام فسأله عنه، فقال: هو ابني وخليفتي من بعدي، وهو الذي يغيب غيبة طويلة ويظهر بعد امتلاء الأرض جورا وظلما فيملأها عدلا وقسطا»(١٧٢)
والحديث صحيح
٥- المتظافِر والمتسامَع
٥- هناك مصطلح ذكره بعض علماء الأصول والدراية(١٧٣) وهو (المتضافر) ومصطلح (المتسامَع) فلو تنزلنا وقلنا أن خبر الولادة غير متواتر، فانه متضافر ومتسامع وهو حجة بلا شك.. ولا يشترط في المتضافر والمتسامع شروط التواتر ومنها الاتصال في كل الطبقات ولا كونهم عدولاً أو ثقاة(١٧٤).
وللتوضيح نقول: المتضافر والمتسامع مثل أخبار البلدان وأخبار الشخصيات. فان أخبار البلدان والشخصيات لو اخبر بها جماعة معتد بها فإنها تورث القطع عادة مع انه لا تجتمع فيهم شروط التواتر.. والعقلاء من الأمم ببابك. قال المحقق القمي في القوانين (إن الضرورة إمّا تحصل بتواتر الأخبار إلى ان يحصل بالبداهة، أو يحصل بالتسامع والتظافر، وأكثر أخبار البلدان والسّلف من قبيل الثاني، كما أشرنا إليه في بحث الخبر المتواتر، وما بلغ إلينا بالبديهة من دين نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) أكثرها من باب القرائن والتسامع والتظافر، فإن علمنا بوجوب الصلاة الخَمس في ديننا يحصل بملاحظة فعل الناس ونسبتهم ذلك إلى الدين، وإن لم ينقل هذه الطبقة من سلفهم وهكذا إلى زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) على شرائط التواتر، بل وإن لم ينقله واحد بطريق واحد إليه أيضاً، فضلاً عن التواتر. فكما إن الأفعال قد تصير ضرورياً، فقد تصير العقائد أيضاً ضرورياً).(١٧٥)
٦- الأخبار محفوفة بالقرائن القطعية:
٦- لو فرض أن الأخبار ليست متواترة، لكنها أخبار محفوفة بالقرائن القطعية والخبر المحفوف بها حجة قطعا؛ لأنه يدخل في دائرة القطع واليقين، وحجيته ذاتية. فليست أخبار آحاد لا تفيد إلا ظناً حتى يقال: أن الظن لا يصح التمسك به في الاعتقاديات(١٧٦).
وعليه: فلو وجدت رواية واحدة ضعيفة لكنها كانت محتفة بما يفيد القطع فهي حجة؛ لأنها أفادت القطع ومثال ذلك: لو أن شخصا كان معروفاً بأنه ليس بالعادل أخبر أن العدوّ داهم المدينة فإننا قد لا نصدقه، لكننا لو رأينا قرائن أخرى إضافة الى إخباره كما لو كان يركض مذعوراً وملامح الخوف بادية على وجهه أو سمعنا بأصوات وجلبة شديدة متصاعدة، فإننا نطمئن بل نقطع عادة بهجوم العدو في تلك المنطقة.
وروايات مولد الصاحب (صلوات الله وسلامه عليه) لو لم تكن متواترة ولم تكن متضافرة تنزلا فإنها محتفة بقرائن قطعية عديدة ومتنوعة، ومن هذه القرائن(١٧٧):
من كلمات النسابة في ولادة الإمام المهدي (عج الله تعالى فرجه الشريف) من الإمام العسكري (عليه السلام)
١- أخبار النسّابة الذين يذكرون مشجرات النسب، فان قولهم حجة بلا شك(١٧٨)؛ لأنهم أهل خبرة وعلى ذلك بناء العقلاء.
فمثلا الأشراف الذين يسكنون المغرب العربي أو في مصر أو الهاشميون في الأردن أو السادة في العراق وإيران والخليج والهند والباكستان وأفغانستان وغيرها فأنهم ينتسبون الى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم). وقد عرفنا ذلك وقطعنا به من خلال النسّابة(١٧٩).
ثم ان النسّابة هؤلاء ليسوا من مذهب معين بل هم من فرق شتى، وقد ذكروا أن الحسن بن علي العسكري ولد له ولد واسمه (محمد) صلوات الله وسلامه عليهما، وبعضهم صرح بالقول: انه هو الإمام الذي تقول الشيعة بإمامته.
ومن هؤلاء النسابة من كان معاصرا لزمن الغيبة الصغرى(١٨٠)، وقد جمع بعض الباحثين من أصدقائنا الكرام جزاه الله خيرا بعض أقوال النسابة في دراسة قيمة، جاء فيها:
- ما صرح به في كتاب سر السلسلة العلوية ص ٣٩ للنسابة الشهير سهل بن نصر بن عبد الله بن داوود بن سليمان البخاري وهو من أعلام القرن الرابع الهجري وقد كان حيا سنة ٣٤١هـ وهو من أشهر الأعلام المعاصرين لغيبة الامام المهدي (صلوات الله وسلامه عليه) الصغرى والتي انتهت سنة ٣٢٩هـ وهو يقول: وَوَلَد عليُّ بن محمد التقي الحسنَ بن علي العسكري من ام ولد نوبية تدعى ريحانة وولد سنة ٢٣١هـ وقبض سنة ٢٦٠ هـ بسامراء... الى أن يقول:... وإنما تُسمّيه الإمامية بذلك - أي جعفر اخو الإمام العسكري - لادعاءه ميراث أخيه الحسن دون ابنه القائم الحجة. لاطعن في نسبه).
- وما ذكره في كتاب (سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب)(١٨١) للنسابة الشيخ محمد أمين البغدادي إذ يقول (الحسن العسكري – محمد المهدي: وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين وكان مربوع القامة حَسَن الوجه والشعر أقنى الأنف صبيح الجبهة، وزعم الشيعة انه غاب في السرداب بسر من رأى والحرس عليه سنة مائتين وأثنين وستين وانه صاحب السيف القائم المنتظر و.. والذي اتفقت عليه العلماء على أن المهدي هو القائم في آخر الوقت وانه يملأ الأرض عدلاً والأحاديث فيه وفي ظهوره كثيرة ليس هذا الموضع محل ذكرها).
- وما جاء في كتاب (الشجرة المباركة في انساب الطالبية) للفخر الرازي وهو المعروف بتعصبه ومع ذلك نجده يقر بولادة الإمام (صلوات الله وسلامه عليه) حيث يقول: أما الحسن العسكري فله ابنان وبنتان.. ثم يصرح باسم الإمام (صلوات الله وسلامه عليه).
وهناك كتب أخرى لنسابة آخرين من مختلف القرون سنذكر بعضهم بإذن الله تعالى في الملحق رقم ١ فلاحظ.
وهؤلاء النسابة وغيرهم ممن ذكرنا بعضهم في الملحق وممن لم نذكرهم، هم من أهل الخبرة بلا ريب، ولا ريب ان أخبار هؤلاء النسابة بنفسها – لمن لم يبتلِ بالوسوسة أو السفسطة – تورث القطع واليقين في كل الملل والنحل، ولو تنزلنا فإنها تصلح قرينة على صحة الروايات المصرحة بمولده الشريف.
وبالتالي فقرينة أقوال النسابة متحققة ووافية بالمقصود والمقام لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
من كلمات المؤرخين:
٢- أقوال المؤرخين وهم من أهل العامة والخاصة، نعم ربما لا يصدّق بقول المؤرخ الواحد اذا انفرد بخبر ما، لكن لو كانت عندنا روايات كثيرة بل كثيرة جداً وكان بعضها صحاحاً ووجدنا مؤرخي السنة مع الشيعة يؤكدون هذا المعنى ويذعنون به مع أن ذلك ليس في صالح معتقدهم ومذهبهم، فان ذلك مما يورث القطع عادة.
ومن اولئك المؤرخين:
- الذهبي في (العبر في خير من غبر) حيث يذكر حوادث سنة ٢٦٠ ويقول: وفيها توفي الحسن بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني احد الأئمة الاثني عشر الذي تعتقد الرافضة فيهم العصمة وهو والد المنتظر محمد صاحب السرداب).
- ومنهم: أبو الفداء في (المختصر في أخبار البشر) ج١ ص٣٦١ حوادث سنة ٢٥٤، ط. دار الكتب العلمية. قال:
(والحسن العسكري المذكور هو والد محمد المنتظر صاحب السرداب ومحمد المنتظر المذكور هو ثاني عشر الأئمة الاثني عشر على رأي الإمامية ويقال له القائم والمهدي والحجة. وولد المنتظر المذكور في سنة خمس وخمسين ومائتين والشيعة يقولون: دخل السرداب...).
- ومن المؤرخين: ابن الأثير في (الكامل في التاريخ) مجلد ٧ ص ٢٧٤ حوادث سنة ٢٦٠هـ حيث يذكر الإمام الحسن العسكري ويقول: وفيها توفي الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو أبو محمد العلوي العسكري، وهو أحد الأئمة الاثني عشر، على مذهب الإمامية، وهو والد محمد الذي يعتقدونه المنتظر بسرداب سامراء وكان مولده سنة اثنتين وثلاثين ومائتين).
- ومن المؤرخين: الصفدي في (الوافي بالوفيات) ج٢ ص٣٣٦-٣٣٧ قال:
(محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي ابن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم الحجة المنتظر ثاني عشر الأئمة الاثني عشر، هو الذي تزعم الشيعة انه المنتظر القائم المهدي وهو صاحب السرداب عندهم وأقاويلهم فيه كثيرة ينتظرون ظهوره آخر الزمان من السرداب بسر من رأى ولهم إلى حين تعليق هذا التاريخ أربع مائة وسبعة وسبعين سنة ينتظرونه ولم يخرج).
- ومن المؤرخين: ابن العماد الحنبلي في (شذرات الذهب) ج٣ ص٢٦٥ حوادث سنة ٢٦٠ دار ابن كثير. قال:
وفيها: الحسن بن علي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني أحد الإثني عشر الذين تعتقد الرافضة فيهم العصمة، وهو والد المنتظر محمد صاحب السرداب).
- ومن المؤرخين: ابن خلكان في (وفيات الاعيان) ج٤ ص١٧٦ رقم ٥٦٢. دار صادر. قال:
(أبو القاسم المنتظر: أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية، المعروف بالحجة، وهو الذي تزعم الشيعة انه المنتظر والقائم والمهدي... كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، ولما توفي أبوه – وقد سبق ذكره – كان عمره خمس سنين).
وهناك مؤرخون آخرون كثيرون ذكرنا بعضهم في الملحق رقم اثنين فراجع.
من كلمات بعض العرفاء المخالفين:
٣- وممن شهد بذلك أيضاً: ابن عربي في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الفتوحات قال: واعلموا انه لا بد من خروج المهدي (عليه السلام) لكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً، فيملؤها قسطاً وعدلاً ولو لم يكن من الدنيا إلا يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة وهو من عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من ولد فاطمة رضي الله عنها جده الحسين بن علي بن أبي طالب ووالده الحسن العسكري ابن الإمام علي النقي بالنون ابن محمد التقي بالتاء ابن الإمام الرضا بن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام زين العابدين علي بن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يواطئ اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يبايعه المسلمون بين الركن والمقام يشبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في الخلق بفتح الخاء وينزل عنه في الخلق بضمها إذ لا يكون أحد مثل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في أخلاقه والله تعالى يقول: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) هو أجل الجبهة أقنى الأنف).(١٨٢)
من كلمات بعض المتعصبين:
٤- ومن كلمات أحد أشهر المتعصبين: بن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة الذي حاول أن ينقض عقيدة الشيعة حجرا حجرا، ففشل واخزاه الله، فمع أن التعصب يقطر من كتبه بل يسيل ويجري، فانك تجده عندما يصل الى الإمام المهدي المنتظر(صلوات الله وسلامه عليه) تأخذ الروايات بتلابيبه وبعنقه فيبهت ويخشع لها صاغرا مقرا مذعنا. فلنلاحظ مجموع كلماته:
يقول: أ- واخرج الماوردي: «ابشروا بالمهدي رجل من قريش من عترتي يخرج في اختلاف من الناس وزلزال فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الارض ويقسم المال صحاحا بالسوية ويملا قلوب امة محمد (صلوات الله وسلامه عليه) غنى ويسعهم عدله»(١٨٣).
ب- وفي مكان اخر يقول: الاحاديث الصحيحة السابقة: (ان المهدي من ولد فاطمة)(١٨٤) وبهذا فهو يضيق الدائرة ويحددها أكثر فيما كانت الدائرة السابقة انه من قريش.
ج- وفي موضع اخر يقول: ولم يخلف - الامام العسكري - غير ولده ابي القاسم محمد الحجة(١٨٥).
كما صرح: (وعمره عند وفاة ابيه خمس سنين لكن اتاه الله فيها الحكمة ويسمى القائم المنتظر لأنه ستر بالمدينة فغاب فلم يعرف اين ذهب...
وقال: ومرّ في الاية الثانية عشر قول الرافضة فيه انه المهدي وأوردت ذلك مبسوطا؛ لأنه مهم).
د- ويقول: قال أبو الحسن الابري: تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى بخروجه «وانه من أهل بيته وانه يملا الأرض عدلا وانه يخرج مع عيسى فيساعده على قتل الدجال»(١٨٦).
وفي نفس الوقت الذي يهاجم فيه ابن حجر الشيعة ويستهزأ بهم في قضية الامام المهدي وقضية السرداب ويذكر عبارات لا تليق حتى بالانسان العادي فكيف بمن يدعي العلم، لكن مع ذلك فان الحق فرض نفسه، ولم يستطع ان ينكره.
خلاصة البحث:
نقول: فالأخبار متواترة بكل أنواع التواتر، ولو تنزلنا فرضاً وقلنا أنها ليست متواترة فهي متضافرة قطعاً، ولو لم تكن كذلك فهي محتفة بالقرائن القطعية المتنوعة التي ذكرنا بعضها فقط.
كما توجد آيات عديدة دالة بدلالة التنبيه والإيماء أو بدلالة الاقتضاء أو غيرهما على استمرارية وجوده صلوات الله عليه، ولعلنا نوفق لاستكمال البحث لاحقاً بإذن الله تعالى(١٨٧).
وبعبارة أخرى: لو تنزلنا حتى عن إفادة تلك الروايات القطع فانها بمفردها أو بمعونة القرائن السابقة وغيرها لا شك في انها تورث الاطمئنان وبحسب حساب الاحتمالات فان احتمال الخلاف في نظر العقلاء ملغى لا يلتفت إليه أبداً(١٨٨).
إشارة إلى الآيات القرآنية
واما الآيات القرآنية الدالة على استمرار وجود إمام حيّ(١٨٩) فمتعددة وهي بحاجة إلى فصل خاص وقد نوفق لذلك في المستقبل، وتكفي هنا الإشارة إلى احدى الآيات الكريمة منها: سورة (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) ومن الواضح أن ليلة القدر تتكرر كل سنة.. والفعل المضارع (تتنزل) يدل على الاستمرار فما دامت ليلة القدر موجودة فان الملائكة تتنزل على النبي او الإمام المنصوب من قبله، والروايات عديدة في هذا الحقل، وقد نقل بعضها تفسير البرهان عن الكافي الشريف وعن كتاب تأويل الآيات الظاهرة فراجع والبحث عن الآيات القرآنية طويل ويكفي إلقاء نظرة على كتاب (المهدي في القرآن) للسيد العم (دام ظله).
واخيرا نتوجه الى الله تعالى بالدعاء الشهير والمعروف:
يَا ابْنَ الْأَطَايِبِ الْمُسْتَظْهَرِينَ يَا ابْنَ الْخَضَارِمَةِ الْمُنْتَجَبِينَ يَا ابْنَ الْقَمَاقِمَةِ الْأَكْبَرِينَ يَا ابْنَ الْبُدُورِ الْمُنِيرَةِ يَا ابْنَ السُّرُجِ الْمُضِيئَةِ يَا ابْنَ الشُّهُبِ الثَّاقِبَةِ يَا ابْنَ الْأَنْجُمِ الزَّاهِرَةِ يَا ابْنَ السُّبُلِ الْوَاضِحَةِ يَا ابْنَ الْأَعْلَامِ اللَّائِحَةِ يَا ابْنَ الْعُلُومِ الْكَامِلَةِ يَا ابْنَ السُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ يَا ابْنَ الْمَعَالِمِ الْمَأْثُورَةِ يَا ابْنَ الْمُعْجِزَاتِ الْمَوْجُودَةِ يَا ابْنَ الدَّلَائِلِ الْمَشْهُودَةِ يَا ابْنَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ يَا ابْنَ النَّبَإِ الْعَظِيمِ يَا ابْنَ مَنْ هُوَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَى الله عَلِيٌّ حَكِيمٌ يَا ابْنَ الْآيَاتِ والْبَيِّنَاتِ يَا ابْنَ الدَّلَائِلِ الظَّاهِرَاتِ يَا ابْنَ الْبَرَاهِينِ الْبَاهِرَاتِ يَا ابْنَ الْحُجَجِ الْبَالِغَاتِ يَا ابْنَ النِّعَمِ السَّابِغَاتِ يَا ابْنَ طَهَ والْمُحْكَمَاتِ يَا ابْنَ يس والذَّارِيَاتِ يَا ابْنَ الطُّورِ والْعَادِيَاتِ يَا ابْنَ مَنْ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى دُنُوّاً واقْتِرَاباً مِنَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى لَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوَى بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَرَى أَ بِرَضْوَى أَمْ غَيْرِهَا أَمْ ذِي طُوًى عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرَى الْخَلْقَ ولَا تُرَى ولَا أَسْمَعَ لَكَ حَسِيساً ولَا نَجْوَى عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ تُحِيطَ بِكَ دُونِيَ الْبَلْوَى ولَا يَنَالَكَ مِنِّي ضَجِيجٌ ولَا شَكْوَى بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنَّا بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نَازِحٍ مَا نَزَحَ عَنَّا بِنَفْسِي أَنْتَ أُمْنِيَّةُ شَائِقٍ يَتَمَنَّى مِنْ مُؤْمِنٍ ومُؤْمِنَةٍ ذَكَرَا فَحَنَّا بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ عَقِيدِ عِزٍّ لَا يُسَامَى بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ أَثِيلِ مَجْدٍ لَا يُجَارى بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ تِلَادِ نِعَمٍ لَا تُضَاهَى بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نَصِيفِ شَرَفٍ لَا يُسَاوَى إِلَى مَتَى أَحَارُ فِيكَ يَا مَوْلَايَ وإِلَى مَتَى وأَيَّ خِطَابٍ أَصِفُ فِيكَ وأَيَّ نَجْوَى عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أُجَابَ دُونَكَ وأُنَاغَى عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَبْكِيَكَ ويَخْذُلَكَ الْوَرَى عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْكَ دُونَهُمْ مَا جَرَى هَلْ مِنْ مُعِينٍ فَأُطِيلَ مَعَهُ الْعَوِيلَ والْبُكَاءَ هَلْ مِنْ جَزُوعٍ فَأُسَاعِدَ جَزَعَهُ إِذَا خَلَا هَلْ قَذِيَتْ عَيْنٌ فَسَاعَدَتْهَا عَيْنِي عَلَى الْقَذَى هَلْ إِلَيْكَ يَا ابْنَ أَحْمَدَ سَبِيلٌ فَتُلْقَى هَلْ يَتَّصِلُ يَوْمُنَا مِنْكَ بِغَدِهِ فَنَحْظَى مَتَى نَرِدُ مَنَاهِلَكَ الرَّوِيَّةَ فَنَرْوَى مَتَى نَنْتَفِعُ مِنْ عَذْبِ مَائِكَ فَقَدْ طَالَ الصَّدَى مَتَى نُغَادِيكَ ونُرَاوِحُكَ فَنُقِرَّ مِنْهَا عَيْناً مَتَى تَرَانَا ونَرَاكَ وقَدْ نَشَرْتَ لِوَاءَ النَّصْرِ تُرَى أَ تَرَانَا نَحُفُّ بِكَ وأَنْتَ تَؤُمُّ الْمَلَأَ وقَدْ مَلَأْتَ الْأَرْضَ عَدْلًا وأَذَقْتَ أَعْدَاءَكَ هَوَاناً وعِقَاباً وأَبَرْتَ الْعُتَاةَ وجَحَدَةَ الْحَقِّ وقَطَعْتَ دَابِرَ الْمُتَكَبِّرِينَ واجْتَثَثْتَ أُصُولَ الظَّالِمِينَ ونَحْنُ نَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ أَنْتَ كَشَّافُ الْكُرَبِ والْبَلْوَى وإِلَيْكَ أَسْتَعْدِي فَعِنْدَكَ الْعَدْوَى وأَنْتَ رَبُّ الْآخِرَةِ والْأُولَى فَأَغِثْ يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ عُبَيْدَكَ الْمُبْتَلَى وأَرِهِ سَيِّدَهُ يَا شَدِيدَ الْقُوَى وأَزِلْ عَنْهُ بِهِ الْأَسَى والْجَوَى وبَرِّدْ غَلِيلَهُ يَا مَنْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ومَنْ إِلَيْهِ الرُّجْعَى والْمُنْتَهَى اللَّهُمَّ ونَحْنُ عَبِيدُكَ الشَّائِقُونَ إِلَى وَلِيِّكَ الْمُذَكِّرِ بِكَ وبِنَبِيِّكَ خَلَقْتَهُ لَنَا عِصْمَةً ومَلَاذاً وأَقَمْتَهُ لَنَا قِوَاماً ومَعَاذاً وجَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَّا إِمَاماً فَبَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وسَلَاماً وزِدْنَا بِذَلِكَ يَا رَبِّ إِكْرَاماً واجْعَلْ مُسْتَقَرَّهُ لَنَا مُسْتَقَرّاً ومُقَاماً وأَتْمِمْ نِعْمَتَكَ بِتَقْدِيمِكَ إِيَّاهُ أَمَامَنَا حَتَّى تُورِدَنَا جِنَانَكَ ومُرَافَقَةَ الشُّهَدَاءِ مِنْ خُلَصَائِكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ جَدِّهِ ورَسُولِكَ السَّيِّدِ الْأَكْبَرِ وعَلَى أَبِيهِ السَّيِّدِ الْأَصْغَرِ وجَدَّتِهِ الصِّدِّيقَةِ الْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ وعَلَى مَنِ اصْطَفَيْتَ مِنْ آبَائِهِ الْبَرَرَةِ وعَلَيْهِ أَفْضَلَ وأَكْمَلَ وأَتَمَّ وأَدْوَمَ وأَكْبَرَ وأَوْفَرَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيَائِكَ وخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وصَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً لَا غَايَةَ لِعَدَدِهَا ولَا نِهَايَةَ لِمَدَدِهَا ولَا نَفَادَ لِأَمَدِهَا اللَّهُمَّ وأَقِمْ بِهِ الْحَقَّ وأَدْحِضْ بِهِ الْبَاطِلَ وأَدِلْ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ وأَذْلِلْ بِهِ أَعْدَاءَكَ وصِلِ اللَّهُمَّ بَيْنَنَا وبَيْنَهُ وُصْلَةً تُؤَدِّي إِلَى مُرَافَقَةِ سَلَفِهِ واجْعَلْنَا مِمَّنْ يَأْخُذُ بِحُجْزَتِهِمْ ويَمْكُثُ فِي ظِلِّهِمْ وأَعِنَّا عَلَى تَأْدِيَةِ حُقُوقِهِ إِلَيْهِ والِاجْتِهَادِ فِي طَاعَتِهِ والِاجْتِنَابِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ وامْنُنْ عَلَيْنَا بِرِضَاهُ وهَبْ لَنَا رَأْفَتَهُ ورَحْمَتَهُ ودُعَاءَهُ وخَيْرَهُ مَا نَنَالُ بِهِ سَعَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وفَوْزاً عِنْدَكَ واجْعَلْ صَلَاتَنَا بِهِ مَقْبُولَةً وذُنُوبَنَا بِهِ مَغْفُورَةً ودُعَاءَنَا بِهِ مُسْتَجَاباً واجْعَلْ أَرْزَاقَنَا بِهِ مَبْسُوطَةً وهُمُومَنَا بِهِ مَكْفِيَّةً وحَوَائِجَنَا بِهِ مَقْضِيَّةً وأَقْبِلْ إِلَيْنَا بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ واقْبَلْ تَقَرُّبَنَا إِلَيْكَ وانْظُرْ إِلَيْنَا نَظْرَةً رَحِيمَةً نَسْتَكْمِلُ بِهَا الْكَرَامَةَ عِنْدَكَ ثُمَّ لَا تَصْرِفْهَا عَنَّا بِجُودِكَ واسْقِنَا مِنْ حَوْضِ جَدِّهِ ص بِكَأْسِهِ وبِيَدِهِ رَيّاً رَوِيّاً هَنِيئاً سَائِغاً لَا ظَمَأَ بَعْدَهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.

الملحق رقم ١ (تصريحات علماء النسب) (١٩٠)

ومن الكتب: (الجوهر الشفاف في أنساب السادة الأشراف) ج١ ص١٦٠-١٦١ لـ: (عارف أحمد عبد الغني) دار كنان قال:
الحسن بن علي (الهادي العسكري) بن محمد (الجواد) بن علي (الرضا) بن موسى (الكاظم) بن جعفر (الصادق) بن محمد (الباقر) بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الحسيني. يكنى أبا محمد من أم ولد أسمها نرجس كان من الزهد والعلم على أمر عظيم وهو والد الإمام المهدي ثاني عشر الأئمة عند الإمامية وهو القائم المنتظر عندهم).
ومن الكتب: (قلائد الذهب في أنساب قبائل العرب) ص٧٨-٧٩ لـ: (مصطفى حمدي بن أحمد الكردي البالوي الدمشقي) تقديم وتعليق وشرح كامل سلمان الجبوري منشورات دار ومكتبة الهلال بيروت، قال:
(الحسن العسكري – محمد المهدي: وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين وكان مربوع القامة حسن الوجه اقنى الأنف صبيح الجبهة).
ومن الكتب: (الدرر البهية في الأنساب الحيدرية والأويسية) ص ٧٣ للنسابة المعاصر محمد أويس الحيدري السوري قال في بيان أولاد الإمام الهادي (عليه السلام):
(أعقب خمسة أولاد: محمد وجعفر والحسين والإمام الحسن العسكري وعائشة. فالحسن العسكري أعقب محمداً المهدي صاحب السرداب. ثم قال بعد ذلك مباشرة وتحت عنوان): (الإمامان محمد المهدي والحسن العسكري):
الإمام الحسن العسكري: ولد بالمدينة سنة ٢٣١هـ وتوفي بسامراء سنة ٢٦٠هـ.
الإمام محمد المهدي: لم يذكر له ذرية ولا أولاد له أبدا.
ثم علق في هامش العبارة الأخيرة بما هذا نصه: ولد في النصف من شعبان سنة ٢٥٥هـ، وأمه نرجس، وُصِف فقالوا عنه: ناصع اللون، واضح الجبين، أبلج الحاجب، مسنون الخد، أقنى الأنف، أشم، أروع، كأنه غصن بان، وكأن غرته كوكب دري، في خده الأيمن خال كأنه فتات مسك على بياض الفضة، وله وفرة سمحاء تطالع شحمة أذنه، ما رأت العيون أقصد منه ولا أكثر حسناً وسكينة وحياء).
ومن الكتب: (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب) ص١٨٠ لـ: (جمال الدين أحمد بن علي الحسيني) المعروف بابن عنبة المتوفي سنة ٨٣٨هـ. قال:
(في ذكر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) كان من الزهد والعلم على أمر عظيم وهو والد الإمام محمد المهدي ثاني عشر الأئمة عند الإمامية وهو القائم المنتظر عندهم من أم ولد أسمها نرجس واسم أخيه أبو عبد الله جعفر)
ومن الكتب: (المجدي في أنساب الطالبيين) ص٣٢٥-٣٢٦ للنسابة أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد العلوي العمري من أعلام القرن الخامس قال: (ومات أبو محمد (عليه السلام) وولده من نرجس (عليها السلام) معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله وسنذكر حال ولادته والأخبار التي سمعها في ذلك. وأمتحن المؤمنون بل كافة الناس بغيبته. وشَرِه جعفر على مال أخيه وحاله فدَفَعَ ان يكون له ولد وأعانه بعض الفراعنة على قبض جواري أخيه).
ومن الكتب: (الأصيلي في أنساب الطالبيين) ص١٦١-١٦٢ للنسابة صفي الدين محمد بن تاج الدين علي المعروف بابن الطقطقي الحسني المتوفي سنة ٧٠٩ تحقيق مهدي الطائي قال:
(واما الإمام الحسن بن علي الزكي العسكري فولد بالمدينة في يوم العاشر من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين ومائتين من الهجرة. ولم يذكر للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ولد إلا ولده الإمام أبو القاسم محمد المهدي صاحب الزمان (عج) وهو الذي ذهبت الشيعة الإمامية الاثنا عشرية إلى بقائه وانه المهدي الذي يظهر في آخر الزمان حسب ما بشّر به جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) مولده ليلة النصف من شعبان سنة ست وخمسين ومائتين، هذا هو الصحيح وقيل غير ذلك، أمه أم ولد تدعى نرجس وقيل: صفية ولد بسر من رأى.
قال العمري النسابة ومن خط يده نقلت: رويته عن والدي شيخ الشرف أبي الحسن بن أبي جعفر).
ومن الكتب: (نخبة الزهرة الثمينة في نسب أشراف المدينة) ص١٦٤ للنقيب الشدقمي قال:
(الثمرة الثانية: عقب الحسن العسكري (عليه السلام) وكان إماماً هادياً وسيداً عالياً ومولى زاكيا أمه أم ولد قاله المجدي، توفي لثمان خلون من ربيع الأول قاله في العمدة، فالحسن لم يعرف له ولد ظاهر، والمتواتر انه خلف محمدا قال في العمدة ما لفظه: محمد بن الحسن القائم المنتظر عند الإمامية وقد أكثرت من الروايات في ولادته وغيبته وذكر مؤرخو الزيدية وأهل السنة شيئاً من ذلك).
ومن الكتب: (النفحات العنبرية في أنساب خير البرية) للنسابة محمد كاظم بن أبي الفتوح بن سليمان اليماني الموسوي من أعلام القرن التاسع، تحقيق مهدي الرجائي. قال:
(ذكر ولد الحسن بن العسكري (عليه السلام)
وله من الولد: المنتظر عند الإمامية أو هو المنتظر أو غيره وسنورد من ذلك ما بلغ إليه الاجتهاد وعلى الله الاعتماد
ذكر محمد بن الحسن العسكري الملقب المهدي عند الإمامية من أم ولد اسمها نرجس بفتح النون وسكون الراء وسين مهملة بعد الميم المكسورة وهو تاسع سبط وثاني عشر إمام عند الاثنا عشرية.
وقد أكثر الناس في ذلك وقد روت الإمامية في ولادته وتربيته وكيفية أمره روايات وذكر مؤرخو أهل السنة نحواً من ذلك، وهو صاحب السرداب عند الإمامية وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان من السرداب بسامراء(١٩١) وكانت ولادته يوم الجمعة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وتوفي أبوه وهو ابن خمس سنوات).
ومن الكتب: (تحفة الأزهار في نسب أبناء الأئمة الأطهار) ج٢ ص٤٩٥ ل: (ضامن بن شدقم الحسيني المدني) كان حيا سنة ١٠٩٠هـ تحقيق وتعليق كامل سلمان الجبوري. قال:
(الباب الحادي عشر فيما يختص بالإمام القائم المنتظر المهدي محمد بن الحسن العسكري صاحب الزمان (عليهما السلام):...
- الفصل الأول: يتضمن ذكر مختصر حال والدته نرجس اسمها مليكة بنت قيصر ملك الروم...
الفصل الثاني: يتضمن مولد الإمام صاحب الزمان (عج) روت حكيمة بنت محمد الجواد (عليه السلام) - وذكر قصة ولادته ثم قال –:
وغاب في زمن المعتمد من بني العباس لما سعى به عمه جعفر الكذاب وذلك بإذن الله عز وجل يوم الاحد ثامن شهر رمضان سنة إحدى وستين ومائتين هجرية وعمره ثلاث سنين وأيام... قال السيد حسين السمرقندي: لما توفي والده كان عمره الشريف خمس سنين ولما دخل السرداب في دار أبيه وأمه تنظر إليه سنة ٢٦٨ وقيل ٢٦٥ وعمره يومئذ تسع سنين وقيل: سبع عشرة سنة والله أعلم).
ومن الكتب: (روضة الألباب لمعرفة الأنساب) ص١٠٥ للنسابة الزيدي السيد أبو الحسن محمد الحسيني اليماني الصنعاني) من أعيان القرن الحادي عشر. ذكر في المشجرة التي رسمها لبيان نسب أولاد أبي جعفر محمد بن علي الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) تحت اسم الإمام علي النقي المعروف بالهادي (عليه السلام) خمسة من البنين وهم: الإمام العسكري، الحسين، موسى، محمد، علي. وتحت اسم الإمام العسكري (عليه السلام) مباشرة كتب: (محمد بن الحسن) وبإزائه: (منتظر الإمامية).

الملحق رقم ٢ (بعض كلمات المؤرخين)

ومن المؤرخين: خير الدين الزركلي في (الاعلام) ج٦ ص٨٠ ط دار العلم للملايين. قال:
(المهدي المنتظر (٢٥٦-٢٧٥هـ= ٨٧٠-٨٨٨م) محمد بن الحسن العسكري (الخالص) بن علي الهادي، أبو القاسم: آخر الأئمة الاثني عشر عند الإمامية.
وهو المعروف عندهم بالمهدي، وصاحب الزمان، والمنتظر، والحجة، وصاحب السرداب. ولد في سامراء. ومات أبوه وله من العمر نحو خمس سنين).
ومن المؤرخين: ابن الوردي في تاريخه حوادث سنة ٢٥٤.
ومنهم: العصامي في (سمط النجوم العوالي) ج٢ ص٣٥٢ وهو يتحدث عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) قال:
(مات في أوائل خلافة المعتمد مسموماً في يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين بـ(سر من رأى) ودفن عند قبر أبيه الهادي، خلَّف ولده محمداً أوحده. وهو الإمام محمد المهدي بن الحسن العسكري بن علي التقي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم أجمعين. ولد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وقيل: سنة ست وهو الصحيح.
وأمه أم ولد: اسمها صقيل، وقيل سوسن، وقيل نرجس. كنيته: أبو القاسم.
ألقابه: الحجة، والخلف الصالح، والقائم، والمنتظر، وصاحب الزمان، المهدي وهو أشهرها).
ومن المؤرخين: المسعودي في (مروج الذهب)، ج٤ ص٢٢٧ حوادث سنة ٢٦٠ ط: دار الكتب العلمية. قال:
(وفي سنة ستين ومائتين قبض أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) في خلافة المعتمد، وهو ابن تسع وعشرين سنة، وهو أبو المهدي المنتظر، والإمام الثاني عشر عند القطعيَّة من الإمامية، وهم جمهور الشيعة)
ومن المؤرخين: بن طولون في (الائمة الاثني عشر), ص١١٥ وما بعد. منشورات الشريف الرضي. قال:
(الحجة المهدي ٢٦٥هـ - ٨٧٨م وثاني عشرهم ابنه محمد بن الحسن، وهو أبو القاسم محمد بن الحسن ابن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا... ولما توفي أبوه المتقدم ذكره رضي الله عنهما، كان عمره خمس سنين. واسم أمه: خمط، وقيل نرجس...).
ومن المؤرخين: العارف شرف الدين الموصلي الشافعي في (مناقب آل محمد) ص١٥٧ وما بعد. قال:
الفصل الثاني عشر: في الإمام محمد المنتظر ابن الإمام الحسن العسكري، ابن الإمام علي الهادي... وهو الإمام الثاني عشر، لقبه: الحجة والمنتظر والقائم، وهو الخلف الصالح، الأمين المكين، من سلالة الأنبياء، وحجة الأولياء، إمام المؤمنين، وبقية الطاهرين، لم يُرَ أوقر، ولا أطهر، ولا أظهر، ولا أعطر، ولا أفخر، ولا أزهد، ولا أعبد ولا أتم، ولا أعلم، ولا أكمل، ولا أجمل، ولا أشجع، ولا أورع منه).
ومن المؤرخين: سبط بن الجوزي في (تذكرة الخواص) ص٣٢٥. منشورات الشريف الرضي. قال:
(فصل في ذكر الحجة المهدي: هو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وكنيته أبو عبد الله وأبو القاسم، وهو الخلف الحجة صاحب الزمان، القائم والمنتظر والتالي، وهو آخر الأئمة).
ومن المؤرخين: ابن صباغ المالكي في (الفصول المهمة) ص٢٨١ وما بعد. دار الأضواء. قال:
(الفصل الثاني عشر: في ذكر أبي القاسم محمد الحجة الخلف الصالح بن أبي محمد الحسن الخالص)
ومن المؤرخين: محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول) ص٣١١ وما بعد. مؤسسة البلاغ. قال:
(الباب الثاني عشر: في أبي القاسم محمد بن الحسن الخالص بن علي المتوكل بن محمد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق...).
ومن المؤرخين: الشيخ مؤمن الشبلنجي في (نور الأبصار) ص١٨٥ – ١٨٦-١٨٧. دار الفكر. قال:
في آخر ترجمة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): (وخلف من الولد ابنه محمد...
فصل: في ذكر مناقب محمد بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا ابن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.
أمه: أم ولد يقال لها نرجس وقيل: صقيل وقيل: سوسن(١٩٢). وكنيته: أبو القاسم، ولقَّبه الإمامية بالحجة والمهدي والخلف الصالح والقائم والمنتظر وصاحب الزمان وأشهرها المهدي).
ومن المؤرخين أيضاً: القندوزي الحنفي في ينابيع المودة.
ومنهم: الشيخ محمد بن يوسف الكنجي في (البيان في أخبار صاحب الزمان)
ومنهم: الديار بكري في (تاريخ الخميس)
ومنهم: الشبراوي في (الاتحاف بحب الاشراف)
ومنهم: الشعراني في (اليواقيت والجواهر) وغيرهم كثير كثير.

الملحق رقم ٣ (مجموعة روايات معتبرة) (١٩٣)

من روايات الإمام الصادق (عليه السلام)
(الكليني):
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ(١٩٤) عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ «قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) لِلْقَائِمِ غَيْبَتَانِ إِحْدَاهُمَا قَصِيرَةٌ وَالْأُخْرَى طَوِيلَةٌ الْغَيْبَةُ الْأُولَى لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا إِلَّا خَاصَّةُ شِيعَتِهِ وَالْأُخْرَى لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا إِلَّا خَاصَّةُ مَوَالِيهِ».(١٩٥)
الحديث معتبر
(الصدوق)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارُ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْجَمَّالِ قَالَ قَال الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) «أَمَا وَالله لَيَغِيبَنَّ عَنْكُمْ مَهْدِيُّكُمْ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ مِنْكُمْ مَا للهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ ثُمَّ يُقْبِلُ كَالشِّهَابِ الثَّاقِبِ فَيَمْلَؤُهَا عَدْلًا وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً».(١٩٦)
الحديث صحيح
(الصدوق)
حَدَّثَنَا أَبِي ومُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالا حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ سَدِيرٍ قَالَ «سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ إِنَّ فِي الْقَائِمِ سُنَّةً مِنْ يُوسُفَ قُلْتُ كَأَنَّكَ تَذْكُرُ خَبَرَهُ أَوْ غَيْبَتَهُ فَقَالَ لِي وَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَشْبَاهُ الْخَنَازِيرِ أَنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَانُوا أَسْبَاطاً أَوْلَادَ أَنْبِيَاءَ تَاجَرُوا يُوسُفَ وَبَايَعُوهُ وَهُمْ إِخْوَتُهُ وَهُوَ أَخُوهُمْ فَلَمْ يَعْرِفُوهُ حَتَّى قَالَ لَهُمْ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ يَكُونَ الله عَزَّ وَجَلَّ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ يُرِيدُ أَنْ يَسْتُرَ حُجَّتَهُ عَنْهُمْ لَقَدْ كَانَ يُوسُفُ يَوْماً مَلِكَ مِصْرَ وَكَانَ بَيْنَهُ وبَيْنَ وَالِدِهِ مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً فَلَوْ أَرَادَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُعَرِّفَهُ مَكَانَهُ لَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَالله لَقَدْ سَارَ يَعْقُوبُ وَوُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ فِي تِسْعَةِ أَيَّامٍ إِلَى مِصْرَ فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ يَكُونَ الله عَزَّ وَجَلَّ يَفْعَلُ بِحُجَّتِهِ مَا فَعَلَ بِيُوسُفَ أَنْ يَكُونَ يَسِيرُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَمْشِي فِي أَسْوَاقِهِمْ وَيَطَأُ بُسُطَهُمْ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ حَتَّى يَأْذَنَ الله عَزَّ وَجَلَّ لَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ نَفْسَهُ كَمَا أَذِنَ لِيُوسُفَ (عليه السلام) حِينَ قَالَ لَهُمْ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي»(١٩٧).
الحديث معتبر
(الصدوق):
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارُ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الله عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى الْكِلَابِيِّ عَنْ خَالِدِ بْنِ نَجِيحٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: «سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ إِنَّ لِلْقَائِمِ غَيْبَةً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ قُلْتُ لَهُ وَلِمَ قَالَ يَخَافُ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ ثُمَّ قَالَ يَا زُرَارَةُ وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ وَهُوَ الَّذِي يَشُكُّ النَّاسُ فِي وِلَادَتِهِ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هُوَ حَمْلٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هُوَ غَائِبٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا وُلِدَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ أَبِيهِ بِسَنَتَيْنِ غَيْرَ أَنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَمْتَحِنَ الشِّيعَةَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ قَالَ زُرَارَةُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَأَيَّ شَيْ ءٍ أَعْمَلُ قَالَ يَا زُرَارَةُ إِنْ أَدْرَكْتَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَأَدِمْ هَذَا الدُّعَاءَ اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي ثُمَّ قَالَ يَا زُرَارَةُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِ غُلَامٍ بِالْمَدِينَةِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَلَيْسَ يَقْتُلُهُ جَيْشُ السُّفْيَانِيِّ قَالَ لَا وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ جَيْشُ بَنِي فُلَانٍ يَخْرُجُ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ فَلَا يَدْرِي النَّاسُ فِي أَيِّ شَيْ ءٍ دَخَلَ فَيَأْخُذُ الْغُلَامَ فَيَقْتُلُهُ فَإِذَا قَتَلَهُ بَغْياً وَعُدْوَاناً وَظُلْماً لَمْ يُمْهِلْهُمُ الله عَزَّ وَجَلَّ فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ»(١٩٨).
والسند معتبر
(الصدوق):
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ النَّيْسَابُورِيُّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ [بْنِ] قُتَيْبَةَ النَّيْسَابُورِيُّ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ حَيَّانَ السَّرَّاجِ قَالَ «سَمِعْتُ السَّيِّدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيَّ يَقُولُ كُنْتُ أَقُولُ بِالْغُلُوِّ وَأَعْتَقِدُ غَيْبَةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَدْ ضَلَلْتُ فِي ذَلِكَ زَمَاناً فَمَنَّ الله عَلَيَّ بِالصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) وَأَنْقَذَنِي بِهِ مِنَ النَّارِ وَهَدَانِي إِلى سَواءِ الصِّراطِ فَسَأَلْتُهُ بَعْدَ مَا صَحَّ عِنْدِي بِالدَّلَائِلِ الَّتِي شَاهَدْتُهَا مِنْهُ أَنَّهُ حُجَّةُ الله عَلَيَّ وَعَلَى جَمِيعِ أَهْلِ زَمَانِهِ وَأَنَّهُ الْإِمَامُ الَّذِي فَرَضَ الله طَاعَتَهُ وَأَوْجَبَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ الله قَدْ رُوِيَ لَنَا أَخْبَارٌ عَنْ آبَائِكَ (عليهم السلام) فِي الْغَيْبَةِ وَصِحَّةِ كَوْنِهَا فَأَخْبِرْنِي بِمَنْ تَقَعُ فَقَالَ (عليه السلام) إِنَّ الْغَيْبَةَ سَتَقَعُ بِالسَّادِسِ مِنْ وُلْدِي وَهُوَ الثَّانِي عَشَرَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ بَعْدَ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أَوَّلُهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَآخِرُهُمُ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ بَقِيَّةُ الله فِي الْأَرْضِ وَصَاحِبُ الزَّمَانِ وَالله لَوْ بَقِيَ فِي غَيْبَتِهِ مَا بَقِيَ نُوحٌ فِي قَوْمِهِ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَظْهَرَ فَيَمْلَأَ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وظُلْماً- قَالَ السَّيِّدُ فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ مَوْلَايَ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) تُبْتُ إِلَى الله تَعَالَى ذِكْرُهُ عَلَى يَدَيْهِ وقُلْتُ قَصِيدَتِيَ الَّتِي أَوَّلُهَا:

فَلَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ فِي الدِّينِ قَدْ غَوَوْا * * * تَجَعْفَرْتُ بِاسْمِ الله فِيمَنْ تَجَعْفَرُوا

وقال في آخر قصيدة أخرى:

بِذَاكَ أَدِينُ الله سِرّاً وجَهْرَةً * * * وَلَسْتُ وإِنْ عُوتِبْتُ فِيهِ بِمُعْتِبٍ(١٩٩)

قال الصدوق: وكان حيان السراج الراوي لهذا الحديث من الكيسانية
والسند معتبر ويؤكده كون الراوي واقفياً مخالفاً.
(الصدوق) قَالَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ الْفَقِيهُ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ الله حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ الْأَئِمَّةِ وجَحَدَ الْمَهْدِيَّ كَانَ كَمَنْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وجَحَدَ مُحَمَّداً ص نُبُوَّتَهُ فَقِيلَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ الله فَمَنِ الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكَ قَالَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِعِ يَغِيبُ عَنْكُمْ شَخْصُهُ ولَا يَحِلُّ لَكُمْ تَسْمِيَتُهُ».(٢٠٠)
والسند حسن معتبر
من روايات الإمامين الكاظم والرضا (عليهما السلام)
(الصدوق):
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمَدَانِيُّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ(٢٠١) عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عليه السلام) فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ الله أَنْتَ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ فَقَالَ أَنَا الْقَائِمُ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنْ أَعْدَاءِ الله عَزَّ وَجَلَّ وَيَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً هُوَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِي لَهُ غَيْبَةٌ يَطُولُ أَمَدُهَا خَوْفاً عَلَى نَفْسِهِ يَرْتَدُّ فِيهَا أَقْوَامٌ وَيَثْبُتُ فِيهَا آخَرُونَ ثُمَّ قَالَ (عليه السلام) طُوبَى لِشِيعَتِنَا الْمُتَمَسِّكِينَ بِحَبْلِنَا فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا الثَّابِتِينَ عَلَى مُوَالاتِنَا وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِنَا أُولَئِكَ مِنَّا وَنَحْنُ مِنْهُمْ قَدْ رَضُوا بِنَا أَئِمَّةً وَرَضِينَا بِهِمْ شِيعَةً فَطُوبَى لَهُمْ ثُمَّ طُوبَى لَهُمْ وَهُمْ وَالله مَعَنَا فِي دَرَجَاتِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».(٢٠٢)
والسند صحيح على المنصور ومعتبر على القاعدة
(الصدوق).
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمَدَانِيُّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ: «قُلْتُ لِلرِّضَا (عليه السلام) أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ أَنَا صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ ولَكِنِّي لَسْتُ بِالَّذِي أَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وكَيْفَ أَكُونُ ذَلِكَ عَلَى مَا تَرَى مِنْ ضَعْفِ بَدَنِي وإِنَّ الْقَائِمَ هُوَ الَّذِي إِذَا خَرَجَ كَانَ فِي سِنِّ الشُّيُوخِ ومَنْظَرِ الشُّبَّانِ قَوِيّاً فِي بَدَنِهِ حَتَّى لَوْ مَدَّ يَدَهُ إِلَى أَعْظَمِ شَجَرَةٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَقَلَعَهَا ولَوْ صَاحَ بَيْنَ الْجِبَالِ لَتَدَكْدَكَتْ صُخُورُهَا يَكُونُ مَعَهُ عَصَا مُوسَى وخَاتَمُ سُلَيْمَانَ ع ذَاكَ الرَّابِعُ مِنْ وُلْدِي يُغَيِّبُهُ الله فِي سِتْرِهِ مَا شَاءَ ثُمَّ يُظْهِرُهُ فَيَمْلَأُ بِهِ الْأَرْضَ قِسْطاً وعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وظُلْماً».(٢٠٣)
الحديث صحيح على المنصور ومعتبر على القاعدة
(الصدوق):
حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني عن عليّ بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال: «كأني بالشيعة عند فقدانهم الثالث من ولدي، يطلبون المرعى فلا يجدونه قلت: ولم ذاك يا ابن رسول الله؟ قال: لأن إمامهم يغيب عنهم، قلت: ولم؟ قال: لئلا يكون في عنقه بيعة إذا قام بالسيف»(٢٠٤)
والسند معتبر
(الصدوق):
 حَدَّثَنَا أَبِي رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ الْعَبَرْتَائِيِّ(٢٠٥) عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عليه السلام) قَالَ: «قَالَ لِي لَا بُدَّ مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ صَيْلَمٍ يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ بِطَانَةٍ ووَلِيجَةٍ وذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَانِ الشِّيعَةِ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي يَبْكِي عَلَيْهِ أَهْلُ السَّمَاءِ وأَهْلُ الْأَرْضِ وَكُلُّ حَرَّى وَحَرَّانَ وَكُلُّ حَزِينٍ وَلَهْفَانَ ثُمَّ قَالَ (عليه السلام) بِأَبِي وَأُمِّي سَمِيُّ جَدِّي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وَشَبِيهِي وَشَبِيهُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ (عليه السلام) عَلَيْهِ جُيُوبُ النُّورِ يَتَوَقَّدُ مِنْ شُعَاعِ ضِيَاءِ الْقُدْسِ يَحْزَنُ لِمَوْتِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ كَمْ مِنْ حَرَّى مُؤْمِنَةٍ وَكَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ مُتَأَسِّفٍ حَرَّانَ حَزِينٍ عِنْدَ فِقْدَانِ الْمَاءِ الْمَعِين»(٢٠٦).
والسند معتبر
من روايات الإمام العسكري (عليه السلام)
(الفضل بن شاذان):
حدثنا محمّد بن عبد الجبار قال: «قلت لسيدي الحسن بن علي (عليه السلام) يا ابن رسول الله جعلني الله فداك أحب أن أعلم من الإمام وحجة الله على عباده من بعدك؟ فقال (عليه السلام): إن الإمام وحجة الله من بعدي ابني سميّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وكنيّه الذي هو خاتم حجج الله وآخر خلفائه، قال: ممن هو يا ابن رسول الله؟ قال: من ابنة ابن قيصر ملك الروم ألا إنه سيولد ويغيب عن الناس غيبة طويلة ثم يظهر»(٢٠٧).
والسند معتبر
(كمال الدين):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ حُكَيْمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْرِيُّ رَضِيَ الله عَنْهُ «قَالُوا عَرَضَ عَلَيْنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عليه السلام) وَنَحْنُ فِي مَنْزِلِهِ وَكُنَّا أَرْبَعِينَ رَجُلًا فَقَالَ هَذَا إِمَامُكُمْ مِنْ بَعْدِي وَخَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ أَطِيعُوهُ وَلَا تَتَفَرَّقُوا مِنْ بَعْدِي فِي أَدْيَانِكُمْ فَتَهْلِكُوا أَمَا إِنَّكُمْ لَا تَرَوْنَهُ بَعْدَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَمَا مَضَتْ إِلَّا أَيَّامٌ قَلَائِلُ حَتَّى مَضَى أَبُو مُحَمَّدٍ (عليه السلام)»(٢٠٨).
والسند معتبر
(كمال الدين):
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارُ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الله قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ وَهْبٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عليه السلام) يَقُولُ: «كَأَنِّي بِكُمْ وَقَدِ اخْتَلَفْتُمْ بَعْدِي فِي الْخَلَفِ مِنِّي أَمَا إِنَّ الْمُقِرَّ بِالْأَئِمَّةِ بَعْدَ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) الْمُنْكِرَ لِوَلَدِي كَمَنْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ أَنْبِيَاءِ الله وَرُسُلِهِ ثُمَّ أَنْكَرَ نُبُوَّةَ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وَالْمُنْكِرُ لِرَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) كَمَنْ أَنْكَرَ جَمِيعَ أَنْبِيَاءِ الله لِأَنَّ طَاعَةَ آخِرِنَا كَطَاعَةِ أَوَّلِنَا وَالْمُنْكِرَ لِآخِرِنَا كَالْمُنْكِرِ لِأَوَّلِنَا أَمَا إِنَّ لِوَلَدِي غَيْبَةً يَرْتَابُ فِيهَا النَّاسُ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ».(٢٠٩)
والسند معتبر
(الفضل بن شاذان):
حدثنا محمّد بن علي بن حمزة العلوي(٢١٠) قال: «سمعت أبا محمّد (عليه السلام) يقول: قد ولد وليّ الله وحجته على عباده وخليفتي من بعدي مختونا، ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين عند طلوع الفجر»(٢١١).
الحديث صحيح
(المسعودي):
الحميري عن أحمد بن اسحاق قال: «دخلت على أبي محمّد (عليه السلام) فقال لي: يا أحمد ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشكّ والارتياب؟ قلت: يا سيدي لما ورد الكتاب بخبر سيّدنا ومولده لم يبق منّا رجل ولا امرأة ولا غلام بلغ الفهم إلّا قال بالحقّ. فقال: أما علمتم ان الأرض لا تخلو من حجّة الله. ثم أمر أبو محمّد (عليه السلام) والدته بالحجّ في سنة تسع وخمسين ومائتين وعرّفها ما يناله في سنة الستين وأحضر الصاحب (عليه السلام) فأوصى إليه وسلّم الاسم الأعظم والمواريث والسلاح إليه. وخرجت أم أبي محمد مع الصاحب (عليهم السلام) جميعا الى مكّة، وكان أحمد بن محمد ابن مطهر أبو علي المتولي لما يحتاج إليه الوكيل»(٢١٢).
ورواه في كمال الدين بسند آخر
الحديث صحيح
(الطوسي):
سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الله عَنْ أَبِي هَاشِمٍ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ: «كُنْتُ مَحْبُوساً مَعَ أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السلام) فِي حَبْسِ الْمُهْتَدِي بْنِ الْوَاثِقِ فَقَالَ لِي يَا أَبَا هَاشِمٍ إِنَّ هَذَا الطَّاغِيَ أَرَادَ أَنْ يَعْبَثَ بِالله فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَقَدْ بَتَرَ الله تَعَالَى عُمُرَهُ وَقَدْ جَعَلَهُ الله لِلْقَائِمِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِي وَلَدٌ وَسَأُرْزَقُ وَلَداً. قَالَ أَبُو هَاشِمٍ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا وَطَلَعَتِ الشَّمْسُ شَغَبَ الْأَتْرَاكُ عَلَى الْمُهْتَدِي فَقَتَلُوهُ ووُلِّيَ الْمُعْتَمِدُ مَكَانَهُ وَسَلَّمَنَا الله»(٢١٣).
الحديث صحيح.
(الكليني):
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: «خَرَجَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السلام) حِينَ قُتِلَ الزُّبَيْرِيُّ لَعَنَهُ الله هَذَا جَزَاءُ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى الله فِي أَوْلِيَائِهِ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَقْتُلُنِي وَلَيْسَ لِي عَقِبٌ فَكَيْفَ رَأَى قُدْرَةَ الله فِيهِ ووُلِدَ لَهُ وَلَدٌ سَمَّاهُ م ح م د فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن»(٢١٤).
الحديث حسن.
(المفيد):
أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَكْفُوفِ عَنْ عَمْرٍو الْأَهْوَازِيِّ قَالَ «أَرَانِي أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنَهُ (عليه السلام) وَقَالَ هَذَا صَاحِبُكُمْ بَعْدِي»(٢١٥).
الحديث معتبر.
من روايات الثقات
(الصدوق):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَمْرِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ «سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَالله إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ لَيَحْضُرُ الْمَوْسِمَ كُلَّ سَنَةٍ فَيَرَى النَّاسَ وَيَعْرِفُهُمْ وَيَرَوْنَهُ وَلَا يَعْرِفُونَهُ».(٢١٦)
الحديث صحيح
(المفيد):
أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله بْنِ صَالِحٍ: «أَنَّهُ رَآهُ بِحِذَاءِ الْحَجَر والنَّاسُ يَتَجَاذَبُونَ عَلَيْهِ وهُوَ يَقُولُ مَا بِهَذَا أُمِرُوا»(٢١٧)
والحديث صحيح
(الصدوق):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ(٢١٨) رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ قَالَ: «سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْرِيَّ رَضِيَ الله عَنْهُ فَقُلْتُ لَهُ أَ رَأَيْتَ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ نَعَمْ وَآخِرُ عَهْدِي بِهِ عِنْدَ بَيْتِ الله الْحَرَامِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ورَأَيْتُهُ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ مُتَعَلِّقاً بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فِي الْمُسْتَجَارِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ انْتَقِمْ لِي مِنْ أَعْدَائِي).(٢١٩)
الحديث صحيح.
(الطوسي):
جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ «حَجَجْنَا فِي بَعْضِ السِّنِينَ بَعْدَ مُضِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السلام) فَدَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ فَرَأَيْتُ أَبَا عَمْرٍو عِنْدَهُ فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا الشَّيْخَ وَأَشَرْتُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ وَهُوَ عِنْدَنَا الثِّقَةُ الْمَرْضِيُّ حَدَّثَنَا فِيكَ بِكَيْتَ وَكَيْتَ وَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ يَعْنِي مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنْ فَضْلِ أَبِي عَمْرٍو وَمَحَلِّهِ وَقُلْتُ أَنْتَ الْآنَ مِمَّنْ لَا يُشَكُّ فِي قَوْلِهِ وَصِدْقِهِ فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ الله وَبِحَقِّ الْإِمَامَيْنِ اللَّذَيْنِ وَثَّقَاكَ هَلْ رَأَيْتَ ابْنَ أَبِي مُحَمَّدٍ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الزَّمَانِ (عليه السلام) فَبَكَى ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنْ لَا تُخْبِرَ بِذَلِكَ أَحَداً وَأَنَا حَيٌّ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ قَدْ رَأَيْتُهُ (عليه السلام) وَعُنُقُهُ هَكَذَا يُرِيدُ أَنَّهَا أَغْلَظُ الرِّقَابِ حُسْناً وَتَمَاماً»(٢٢٠).
السند صحيح جداً.
(الصدوق):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ قَالَ: «قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَمْرِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ إِبْرَاهِيمَ رَبَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ حِينَ قَالَ لَهُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي فَأَخْبِرْنِي عَنْ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ هَلْ رَأَيْتَهُ قَالَ نَعَمْ وَلَهُ رَقَبَةٌ مِثْلُ ذِي وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عُنُقِهِ».(٢٢١)
الحديث صحيح جداً.
(الصدوق):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِصَامٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ قَالَ: «حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ(٢٢٢) قَالَ: وُلِدَ الصَّاحِبُ (عليه السلام) لِلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن»(٢٢٣).
الحديث صحيح
إلفات:
* من الضروري للباحث ان يراجع الكتب التالية:
- عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال للشيخ عبد الله البحراني مع مستدركاتها للسيد محمد باقر الابطحي الاصفهاني.
- منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) للشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني.
- إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للحر العاملي.
- أربعون حديثاً معتبراً في النص على الأئمة الاثني عشر بأسمائهم للشيخ الماحوزي.
فقد وفرت هذه الكتب الأربعة جهداً كبيراً على الباحثين.
إضافة للكتب المصدرية الأولى مثل:
- الغيبة للشيخ الطوسي
- كمال الدين للشيخ الصدوق
- كفاية الأثر للشيخ علي بن محمد بن علي الخزاز القمي
- الرجعة للفضل بن شاذان
- بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار.
- إثبات الوصية لعلي بن الحسين بن علي المسعودي وغيرها.
كتب أخرى للمؤلف
١- شعاع من نور فاطمة الزهراء (عليها السلام)، دراسة عن القيمة الذاتية لمحبة الزهراء (عليها السلام) مطبوع.
٢- أضواء على حياة الإمام علي (عليه السلام)، مطبوع.
٣- التصريح باسم الإمام علي (عليه السلام) في القرآن الكريم، مطبوع.
٤- من حياة الإمام الحسن (عليه السلام)، مخطوط.
٥- الإمام الحسين (عليه السلام) وفروع الدين، دراسة عن العلاقة الوثيقة بين سيد الشهداء (عليه السلام) وبين كل فرع فرع من فروع الدين، مطبوع.
٦- السيدة نرجس (عليها السلام) مدرسة الأجيال، مطبوع.
٧- بحوث في العقيدة والسلوك، أربعة مجلدات، مجموعة محاضرات على ضوء الآيات القرآنية الكريمة، ألقيت في الحوزة الزينبية وفي النجف الأشرف، طبع المجلد الأول منها.
٨- شرعية وقدسية ومحورية النهضة الحسينية، مطبوع.
٩- كونوا مع الصادقين، بحوث تفسيرية في الآية الشريفة (كونوا مع الصادقين)، مطبوع.
١٠- لماذا لم يصرح باسم الإمام علي (عليه السلام) في القرآن الكريم؟، مطبوع.
١١- دروس في أصول الكافي، الجزء الأول كتاب العقل والجهل، مخطوط.
١٢- شورى الفقهاء، دراسة فقهية أصولية، مطبوع.
١٣- فقه التعاون على البر والتقوى، مطبوع.
١٤- فقه الاجتهاد والتقليد، تقريرات درس الخارج، ألقي في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، مخطوط.
١٥- رسالة في قاعدة الإلزام، تقريرات درس الخارج، ألقي في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، قيد الطباعة.
١٦- المكاسب المحرمة، حفظ كتب الضلال ومسببات الفساد، تقريرات درس الخارج، ألقي في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، قيد الطباعة.
١٧- فقه الخمس، تقريرات درس الخارج، ألقي في الحوزة العلمية الزينبية، مخطوط.
١٨- الأصول مباحث القطع، مجلدان، مخطوط.
١٩- الاجتهاد في أصول الدين، قيد الطباعة.
٢٠- الأوامر المولوية والإرشادية، مطبوع.
٢١- الحجة "معانيها ومصاديقها"، مطبوع.
٢٢- المبادئ التصورية والتصديقية للفقه والأصول، مطبوع.
٢٣- رسالة في أجزاء العلوم ومكوناتها، مطبوع.
٢٤- الضوابط الكلية لضمان الإصابة في الأحكام العقلية، مخطوط.
٢٥- حجية مراسيل الثقات – قيد الطبع.
٢٦- نسبية النصوص والمعرفة.. الممكن والممتنع، مطبوع.
٢٧- استراتيجيات إنتاج الثروة ومكافحة الفقر في منهج الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، مطبوع.
٢٨- ملامح العلاقة بين الدولة والشعب، مطبوع.
٢٩- مؤسسات المجتمع المدني في منظومة الفكر الإسلامي، قيد الطبع.
٣٠- الحوار الفكري، مطبوع.
٣١- في السجن كانت مقالات، مطبوع.
٣٢- توبوا إلى الله، مطبوع.
٣٣- شرح دعاء الافتتاح، مخطوط.
٣٤- الخط الفاصل بين الأديان والحضارات – قيد الطبع
٣٥- لمن الولاية العظمى؟ - مطبوع.
٣٦- فقه مستثنيات الكذب – مخطوط.
٣٧- فقه التعامل بالدراهم المغشوشة والبضائع المقلدة – مخطوطة.
٣٨- فقه مقاصد الشريعة – مخطوطة.
٣٩- إضاءات في التولي والتبري – مطبوع.
٤٠- فقه الرشوة – قيد الطبع.
٤١- فقه الرؤى – دراسة في عدم حجية الأحلام على ضوء الكتاب والسنة والعقل والعلم.

الهوامش:

ــــــــــــــــــــــ

(١) القصص: ٥.
(٢) الزمر:٦٩.
(٣) وسيأتي في البحث القادم الإشارة إلى وجه ثالث عرفاني مع مناقشته.
(٤) وفي بعض الروايات (وضع يده) أي وضع الإمام (عجل الله تعالى فرجه) يده، والطولية تحل توهم الإشكال. قال تعالى: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى).
(٥) الكافي الشريف، ج ١، ص ٢٥، ح ٢١
(٦) بريد يعني رسول، يعني من يُبْرَد به ويُبعث به لإبلاغ رسالة.
(٧) الكافي الشريف ج ٨ ص ٢٤٠ ح ٣٢٩
(٨) كأجهزة الآيفون والآي باد والحاسوب وغيرها.
(٩)دلائل الامامة، ص ٤٦٢ ح ٤٤٣.
(١٠) عبر توازن دقيق للقوتين: الطاردة والجاذبة.
(١١) سيأتي في البحث القادم الأثر التربوي لنظرية الإعجاز كقاعدة عامة.
(١٢) على تأمل في صحة إطلاق هذه الكلمة وسيأتي بحثه.
(١٣) بل ومهيمنا عليه.
(١٤) لا بد من الالتفات إلى كلمة (يحتمل...) وكلمة (الاقتضاء) جيداً. على اننا في البحث القادم سنناقش هذا الأمر سلباً وإيجاباً ان شاء الله.
(١٥) ونقصد بـ(يقدِّم) انه بحسب لطف الله تعالى أو ما قدّره من الاسباب الظاهرية إذ (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) وإلا فان لله تعالى الأمر كله من قبل ومن بعد.
(١٦) الزمر آية ٦٩.
(١٧) آل عمران آية ٢٠٠.
(١٨) لا يخفى ان الوجود والتحقق والشيئية متساوقة.
(١٩) أي نفس ما هو موجود في عالم الدهر.
(٢٠) مثل (لسان العرب).
(٢١) أي بتأويلها وبشأن نزولها مما يرتبط بالمعصومين (عليهم السلام).
(٢٢) تفسير القمي ج ١ ص ١٢٩، عنه البرهان في تفسير القران ج ١ ص ٧٣١ ح ٢٠٥١، وقد ورد الحديث في الكافي الشريف بسند اخر عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال: (اصبروا على الفرائص، وصابروا على المصائب، ورابطوا على الائمة (عليهم السلام)) الكافي ج ٢ ص ٨١ ح ٣.
(٢٣) البرهان في تفسير القران ج ١ ص ٧٣١ ح ٨.
(٢٤) معاني الاخبار ج ١ ص ٣٦٩.
(٢٥) تفسير العياشي ج ١ ص ٢١٢ ح ١٧٩.
(٢٦) الكافي الشريف ج ٨ ص ٣٨١ ح ٥٧٦.
(٢٧) البرذون على حسب تفسير بعض اللغويين كمجمع البحرين يعني الخيل التركية.
(٢٨) لأن البرذون حصان يحتاج إلى رعاية خاصة وإلى طعام خاص وأكثر، عكس الحمار.
(٢٩) أي بهذا الرباط والارتباط.
(٣٠) ستأتي تتمة الرواية بعد حوالي الصفحة.
(٣١) إضافة إلى ان التدريب عليه، يمنح المرأ عضلات قوية وصحة وعافية تؤهله للدفاع.
(٣٢) إذ ان الجياد والبراذين لا تزال تستفيد منها قوات الجيش خاصة في الجبال بل والمدن – لاحظ بريطانيا مثلاً
(٣٣) كالإمام الكاظم (عليه السلام).
(٣٤) فصل سماحة الاستاذ في بحثه الخارج الفرق بين نمط القضيتين في مباحث الأصول.
(٣٥) كانت الغاية الأولى (متوقعاً به أمرنا)
(٣٦) الكافي الشريف ج ٦ ص ٥٣٥ ح ١
(٣٧) الكافي الشريف ج٧ ص٥١.
(٣٨) تحف العقول ص٥١٣ والكافي ج ٢ ص٣٤٤.
(٣٩) وقيل ان أحدهم قتل الآخر على خلاف على ما يعادل دولاراً واحداً!
(٤٠) كتاب المكاسب من الكتب الفقهية القيمة، وكذا كتاب الرسائل في الأصول، وهما من تأليف الشيخ الأنصاري (رضوان الله عليه).
(٤١) الزمر:٦٩
(٤٢) آل عمران:٢٠٠.
(٤٣) التهذيب ج ١ ص ١٤٦ ح ٤١٤.
(٤٤) إن لم تترتب مفسدة أكبر على حسب رأي السيد الوالد قدّس سرّه في المسألة، لأن المسألة خلافية، اذ لو اغتاب شخص شخصا أو اتهمه أو نمّ عليه أو غير ذلك، فهل يجب عليه أن يسترضيه؟ المسألة خلافية لكن البعض يفصل: أنه لو كان الاسترضاء مما لا تترتب عليه مفسدة أعظم فيجب وإلا فلا، وذلك لأنه أحيانا يفتح الاسترضاء باباً للفساد أعظم إذ قد لا يرضى الطرف الاخر فيثير ذلك فتنة كبرى وتبدأ مشكلة جديدة. (السيد الأستاذ).
(٤٥) أعلنت وسائل الإعلام هذا اليوم (الأربعاء ٥/٢/٢٠١٤م): "وافق برلمان اسكتلندا أمس الثلاثاء بغالبية ساحقة على مشروع قانون يسمح بزواج المثليين، ليصبح البلد السابع عشر الذي يعطي الضوء الأخضر لهذا الزواج، رغم معارضة المنظمات الكنسية الرئيسية." المصدر: موقع قناة BBC العربي - المقرر -.
(٤٦) نهج البلاغة من كتاب له (عليه السلام) الى عثمان بن حنيف عامله على البصرة
(٤٧) بل ان الاستدلال على البديهيات محال، ولو كان فهو صورة استدلال.
(٤٨) (وبين قوسين أقول: إن الناس عادة يعلّقون الوفاء بالنذر على تحقق ما نذروا لأجله، ولكن الطريقة الثانية وهي إعطاء النذر – أي ما نذره - مسبقا هي أكثر فاعلية واسرع تأثيراً في كثير من الأحايين، وقد ذكرت ذلك لبعض المؤمنين ففعلوا وكانت الحاجة ناجعة حينئذ) (السيد الاستاذ حفظه الله).
(٤٩) نعم إذا كان عهداً وجب.
(٥٠) لم نعهد في التاريخ أن البشرية منيت بالشيطان وبتخطيطات الشياطين كما منيت بها الآن؛ حيث انتشار وسائل الإفساد والفساد في الشوارع والأزقة والبيوت والمدارس والأسواق وغيرها وعبر الشاشات التلفازية والشبكة العنكبوتية والفيس بوك وغير ذلك.
(٥١) الكافي ج٦ ص٣٠٠.
(٥٢) بحار الأنوار ج ٥٢ ص١٠١ وعوالم العلوم والمعارف والأحوال عن غيبة الطوسي ص٣٤٠.
(٥٣) وهو الطين المطبوخ الذي تصنع منه الكيزان (جمع كوز).
(٥٤) يوسف:٤١.
(٥٥) تفسير القمي ج ٢ ص ٢٥٣
(٥٦) المنهج في هذا الكتاب اعتماد ما يراه السيد الاستاذ حجة من الروايات؛ اما لوثاقة الصادر أو لوثاقة الصدور، اما لتمامية الإسناد وحجيته بين صحيح وموثق وحسن، او لاعتضاده بالقرائن التي تفيد الاطمئنان النوعي بالصادر أو الصدور ومنها مطابقة المضمون للأدلة الأربعة ولما استفيد منها من الأصول والقواعد، أو لقوة المضمون، واما لمبنى حجية مراسيل الثقاة التي اعتمدوا عليها وكما ذهب إليه الشيخ الطوسي في العدة، والشهيد الثاني، والشيخ البهائي والحر العاملي والسيد الشيرازي وآخرون، وقد فصل سماحة السيد الحديث عن ذلك في كتاب (حجية مراسيل الثقات) فليراجع. وحيث ان هذا الكتاب عبارة عن مجموعة من المحاضرات التي القاه سماحته وليس بحثاً تخصصياً لذلك لم يتناول كل رواية رواية بالبحث السندي وشبهه.
(٥٧) يمكن مراجعة مباحث الخارج للسيد الأستاذ (حفظه الله) في الفقه في حاضرة العلم والمعرفة في النجف الاشرف. على الموقع الرسمي لمؤسسة التقى الثقافية: (m-alshirazi.com).
(٥٨) يراجع (حق اليقين) للسيد شبر وكتاب الإمامة من البحار، وكفاية الموحدين للطبرسي وغيرها.
(٥٩) اليوم التاسع من ربيع الأول هو يوم عظيم يحتضن مناسبات مهمة في التولي وفي التبري معاً، ومن مناسبات التولي: تجديد العهد مع الإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حيث انه هو إمامنا الحي، مع أن كل الأئمة (عليهم السلام) أحياء عند الله يرزقون لكن الإمام الحي الغائب الناظر هو إمامنا (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فبعد استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في اليوم الثامن من ربيع الأول، فان ولاية الكون انتقلت لولي الله الأعظم الحجة ابن الحسن المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
بهذه المناسبة ألقيت هذه المحاضرة عن موضوع مهم من المواضيع التي ترتبط بقضية الأمام المهدي صلوات الله تعالى عليه:
(٦٠) غيبة النعماني ص ١٦١ ح ٢.
(٦١) فان كان على الأمر الأول إطلاق الدليل أو عمومه، فانه الحجة ولا تسقطها عن الحجية الاحتمالات الطارئة والشبهات، وإن وصلت النوبة للأصل العملي فالبقاء على الأمر الأول هو مقتضى الاستصحاب الذي دل عليه العقل والنقل كما قرر في محله.
(٦٢) أي صنمية الشهرة الفتوائية أو الروائية.
(٦٣) المقتبسة من دساتير الغرب ومنظماته.
(٦٤) الاحتجاج ج١ ص ١٨ وج٢ ص٤٥٥ وعوالي اللآلي ج١ ص١٩.
كما نقله عنه كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال وهو.. تلميذ العلامة المجلسي، وامتاز العوالم عن البحار بأنه أفضل تنظيما وتهذيبا وتصنيفا وللبحار عليه امتيازات كما هو واضح.
(٦٥) الكافي الشريف ج١ ص٣٦٩.
(٦٦) الزمر:٦٩.
(٦٧) آل عمران:٢٠٠.
(٦٨) وكذلك لو سألكم عابر عن مسألة أو شاهدتم منظراً في الطريق فانها متقدمات على الوصول للمسجد وليست مقدمات له.
(٦٩) إلا النادر مما خرج بالدليل للمعارضة.
(٧٠) راجع تمام الرواية الشريفة في الكافي الشريف ج ٨ ص ٣٦-٤٢
(٧١) لم يورد السيد الأستاذ (حفظه الله) الرواية بطولها بل اقتصر على مقاطع منها وهي التي علّق عليها فقط، إلا اننا أوردنا أكثرها تتمة للفائدة ثم أضاف السيد الأستاذ بعض التعليقات على بعض فقرات الرواية كتابةً (المقرر).
(٧٢) الكافي الشريف ج٨ ص٤٠.
(٧٣) نهج البلاغة ص ١٩.
(٧٤) نهج البلاغة الخطبة ١٠٨
(٧٥) كمال الدين ج١ ص٢٠٠ ومستدرك الوسائل ج١١ ص٣٢٣.
(٧٦) مكارم الأخلاق ص٤٤٨.
(٧٧) مستدرك الوسائل ج١١ ص٣٧٧
(٧٨) الكثير منها على الأقل.
(٧٩) أي في غير المعذور حقاً.
(٨٠) بصائر الدرجات ص ١٠٤.
(٨١) أي المقدمات لإدراك الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، لا لنفس الظهور المبارك.
(٨٢) وهي سور سبع تبدأ بمادة (س ب ح) ومشتقاتها وهي سورة الإسراء والحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن والاعلى.
(٨٣) الكافي ج ٢ ص٦٢٠
(٨٤) الكافي ج ٢ ص٦٢٠.
(٨٥) وفي نسخة البطشة، وكلاهما صحيح وكل له معنى.
(٨٦) أي المنطقة بين المسجدين، وقد يراد بها النجف الاشرف او مابين مكة والمدينة.
(٨٧) أي: ينقبض ويتضام بعضه على بعض فيختفي.
(٨٨) الكافي الشريف ج١ ص ٣٤٠
(٨٩) المحجن: عصا معوجة الرأس
(٩٠) قدّك اسم فعل امر بمعنى: يكفيك او حسبك
(٩١) الامالي للطوسي ص٦٢٥ -٦٢٦.
(٩٢) الأنفال ٣٧.
(٩٣) البقرة: ٢١٣.
(٩٤) ليستخرج عمق جوهر الإنسان وواقعه كي لا يدعي أحد ولا يطالب بما ليس له.
(٩٥) الغيبة للطوسي ص ٣٣٧.
(٩٦) العنكبوت: ١-٣.
(٩٧) عرضت على بعض الباحثين المتخصصين في هذا المجال فكرة وجود الممهِّدات للظهور المبارك فابدى استغرابه وقال: "ان هذا مما لا تساعد عليه الروايات"، لكن التتبع ساقنا الى ان الروايات صريحة في ذلك، كما سنذكر في المتن بعضها بإذن الله تعالى، ولعل استغرابه لان هذا البحث (الممهدات) لم يطرح بهذه الصورة التي نعرضها، فيما نعلم والمأمول من الباحثين الكرام ان يثروا هذا البحث بأفكارهم وبتحقيقهم أكثر فأكثر.
(٩٨) تفسير العياشي ج ٢ ص ١٥٤.
(٩٩) إذ يقول تعالى (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) البقرة: ٤٠ و(إنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) محمد: ٧ و(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ) الاحزاب: ٧٢.
(١٠٠) البحار ج٥١ ص١٥٦.
(١٠١) كمال الدين ص١٥٢.
(١٠٢) الرعد:١١.
(١٠٣) الزمر:٦٩.
(١٠٤) آل عمران:٢٠٠.
(١٠٥) أي قبل شهادة الإمام الحسن العسكري، في سنة ٢٥٥ أو ٢٥٦.
(١٠٦) بل: الناقص جداً جداً.
(١٠٧) وقد نقلها العلامة المجلسي في مرآة العقول ج٤.
(١٠٨) على ان بعضها متواتر تواتراً مضمونياً.
(١٠٩) بلغت في هذه الأبواب فقط حوالي الستين رواية، وهي غير الـ٣١ رواية منها روايات الكافي الشريف، إذن بخطوة واحدة فقط في بعض الأبواب من كتاب واحد فقط اكتشفنا تقريباً ضعفي كل روايات ذلك الباب من الكافي.
(١١٠) راجع كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ومستدركاتها ج١/٢٦ أبواب نسبه من الباب الأول إلى الباب ١٥ ص٢٩ -٦٠ ثم أبواب أحوال أمه.. فصاعداً ص٦١ فقد ذكر تفصيل الروايات بأسانيدها ومراجعها مما اعرضنا عنها خوف الإطالة وأشرنا إلى بعض الروايات فقط كما أشرنا إلى بعض الصحاح منها فقط إشارة وسنذكر بعض الصحاح الأخرى في الملحق بإذن الله تعالى.
(١١١) وبعض هذه الأسانيد صحيح جداً، كما أشار إلى ذلك الشيخ الصافي أيضاً في كفاية الأثر ج٢/٢٢٤.
(١١٢) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج١ ص٤٥٥ هو ([٨١٢] ٩- كمال الدين: أَبِي وابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ والْحِمْيَرِيِّ ومُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ وأَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وابْنِ عِيسَى والْبَرْقِيِّ وَابن هاشم جميعاً، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن مالك الجهني.
 وحدّثنا ابن الوليد، عن الصفّار وسعد معاً، عن الطيالسي، عن منذر بن محمد بن قابوس، عن منصور بن السندي، عن أبي داود المسترقّ، عن ثعلبة، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة، عن ابن نباتة، قال:
 أتيت أمير المؤمنين عليّ بن طَالِبٍ (عليه السلام) فَوَجَدْتُهُ مُفَكِّراً يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا لِي أَرَاكَ مُفَكِّراً تَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ أَ رَغْبَةً فِيهَا قَالَ لَا واللهِ مَا رَغِبْتُ فِيهَا وَلَا فِي الدُّنْيَا يَوْماً قَطُّ وَلَكِنِّي فَكَّرْتُ فِي مَوْلُودٍ يَكُونُ مِنْ ظَهْرِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي* هُوَ الْمَهْدِيُّ يَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً تَكُونُ لَهُ حَيْرَةٌ وغَيْبَةٌ يَضِلُّ فِيهَا أَقْوَامٌ ويَهْتَدِي فِيهَا آخَرُونَ فقلت: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ كَمَا أَنَّهُ مَخْلُوقٌ وَأَنَّى لَكَ بِالْعِلْمِ بِهَذَا الْأَمْرِ يَا أَصْبَغُ؟ أُولَئِكَ خِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَعَ أَبْرَارِ هَذِهِ الْعِتْرَةِ قُلْتُ: ومَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ، فَإِنَّ لَهُ إِرَادَاتٌ وغَايَاتٌ ونِهَايَاتٌ).
* قال الشيخ لطف الله الصافي في منتخب الأثر (٢/٢٢٤): ولا يخفى وضوح المراد من قوله (عليه السلام): «الحادي عشر من ولدي» وأنّ المراد منه الإمام الحادي عشر من ولده (عليهم السلام)، وهو المهدي – روحي لمقدمه الفداء – وسنده الأوّل صحيح جداً.
 غيبة النعماني: ص٦٩ ب٤ح٤ نحوه، وفيه: «ولكن فكري في مولود يكون من ظهري، هو المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، تكون له حيرة وغيبة يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين، فكم تكون تلك الحيرة والغيبة؟ فقال: سبت من الدهر... الحديث».
(١١٣) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج١ ص٥٢٦ هو ([٩٢٧] (١) إثبات الوصية: عن هارون بن مسلم، عن مسعدة، بإسناده عن العالم (عليه السلام): أنّه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلّم) إِنَّ اللهَ تعالى اخْتَارَ مِنَ الْأَيَّامِ يوم الْجُمُعَةَ، وَمِنَ اللَّيَالِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَمِنَ الشُّهُورِ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَاخْتَارَنِي من الرسل، وَاخْتَارَ مِنِّي عَلِيّاً، وَاخْتَارَ مِنْ عَلِيٍّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَاخْتَارَ مِنَ الْحُسَيْنِ تسعة، تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُهُمْ وَهُوَ بَاطِنُهُمْ)*.
* ٢٥٦، إثبات الهداة: ٣/١٣٤ ح٩٠٣، البحار: ٣٦/٣٧٢، وروى مثله باختلاف يسير في كمال الدين: ٢٨١ ح٣٢، وغيبة النعماني: ٧٣ ح٧).
(١١٤) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج٣ ص٢٥٠ هو ([١٦٢٣] (كفاية الأثر) بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ النَّصِّ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: مِنَّا مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِذَا صَارَتِ الدُّنْيَا هَرْجاً وَمَرْجاً، وَتَظَاهَرَتِ الْفِتَنُ، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وأَغَارَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلَا كَبِيرٌ يَرْحَمُ صَغِيراً، ولَا صَغِيرٌ يُوَقِّرُ كَبِيراً، فَيَبْعَثُ اللهُ عز وجل عِنْدَ ذَلِكَ مَهْدِيَّنَا التَّاسِعَ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) يَفْتَحُ حُصُونَ الضَّلَالَةِ ووقلاعها، يَقُومُ فِي الدِّينِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ كَمَا قُمْتُ بِهِ فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ، وَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً) وعنه في البحار: ج٥٢/٢٦٦/ح١٥٤.
(١١٥) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج٣ ص٢٥٧ ([١٦٣٥] ٣٣- كفاية الأثر: بإسناده، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقُومَ قَائِمُ الْحَقِّ مِنَّا، وَذَلِكَ حِينَ يَأْذَنُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ له فَمَنْ تَبِعَهُ نَجَا، ومَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ هَلَكَ، فَاللهَ اللهَ عِبَادَ اللهِ ائْتُوهُ ولَوْ عَلَى الثَّلْجِ، فَإِنَّهُ (عليه السلام) خَلِيفَةُ اللهِ. قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ! ومَتَى يَقُومُ قَائِمُكُمْ؟ قَالَ إِذَا صَارَتِ الدُّنْيَا هَرْجاً وَمَرْجاً، وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام)).
(١١٦) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج١ ص٤٨٩: ([٨٥٠] ٢- ومنه: الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عن عبد السلام الْهَرَوِيِّ، عَنْ وَكِيعٍ ابن الجراح، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلِيطٍ قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ (عليهما السلام) مِنَّا اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً: أَوَّلُهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَآخِرُهُمُ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِي، وَهُوَ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ، يُحْيِي اللهُ تَعَالَى بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، ويُظْهِرُ بِهِ دِيْنَ الْحَقِّ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، لَهُ غَيْبَةٌ يَرْتَدُّ فِيهَا أقوام، وَيَثْبُتُ عَلَى الدِّينِ فِيهَا آخَرُونَ، فَيُؤْذَوْنَ ويُقَالُ لَهُمْ: (مَتى‏ هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أَمَا إِنَّ الصَّابِرَ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى الْأَذَى وَالتَّكْذِيبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلّم)).
(١١٧) [٢] إثبات الوصيّة: عن الكاظم (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: اختار منهما – الحسن والحسين – تسعة، تاسعهم قائمهم.
 [٧] كفاية الأثر: عن جابر، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) - في حديث – قال: (مهدينا التاسع من صلب الحسين (عليه السلام)).
 [٩] ومنه: عن أبي أُمامة، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) - في حديث – قال: (وهو التاسع من صلب الحسين (عليه السلام)).
 [١٢] إثبات الرجعة: عن الباقر (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) - في حديث – قال: (التاسع من ولد ابني الحسين (عليه السلام)).
 [٢٠] كمال الدين: عن علي (عليه السلام) - في حديث – قال: (... التاسع من ولدك يا حسين هو القائم).
 [٢١] الأربعين لميرلوحي: عن علي (عليه السلام) - في حديث – قال: (هو التاسع من ولدك يا حسين).
 [٢٢] كمال الدين: عن علي (عليه السلام) - في حديث – قال: (التاسع من ولد الحسين بن عليّ).
 [٢٥] كشف الأستار: عن الصادق، عن عليّ (عليه السلام) - في حديث – قال: وهو التاسع من ولدك يا حسين (عليه السلام).
 [٢٦] كمال الدين: عن الحسن بن علي (عليهما السلام) – في حديث – قال: (... ذلك التاسع من ولد أخي الحسين (عليه السلام)).
 [٢٨] ومنه: عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: (منّا اثنا عشر مهديّاً أولهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وآخرهم التاسع من ولدي).
 [٣١] كمال الدين: عن الصادق، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين (عليهم السلام) قال: (في التاسع من ولدي سنّة من يوسف).
(١١٨) والسند صحيح: إثبات الرجعة للفضل بن شاذان: حدثنا الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن ثابت ابن أبي صفية دينار.
(١١٩) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج١ ص٥٣٦ ([٩٤٤] (٩) رجال الكشي: عن خلف بن حمّاد، عن أبي سعيد، عن الحسن بن محمد بن أبي طلحة، عن داود الرقّي، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): جعلت فداك، إنه والله ما يلج في صدري من أمرك شيء إلا حديثاً سمعته من ذريح يرويه عن ابي جعفر (عليه السلام)؛ قال لي: وما هو؟ قلت: سمعته يقول: سابعنا قائمنا إن شاء الله. قال: صدقت وصدق ذريح وصدق أبو جعفر (عليه السلام)، فازددت والله شكّاً؛ ثم قال لي: يا داود بن ابي خالد – والله – لولا ان موسى قال للعالم: ستجدني إن شاء الله صابراً، ما سأله عن شيء، وكذلك أبو جعفر (عليه السلام) لو لا أن قال: إن شاء الله لكان كما قال، فقطعت عليه).
(١٢٠) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج١ ص٥٠١ ([٨٧٤] ١٤- كنز الفوائد: روى الشيخ المفيد (رحمه الله في كتاب الغيبة، عن عليّ بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي، عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن عبد الرزاق، عن محمد بن سنان، عن فضيل الرسان، عن أبي حمزة الثمالي، قال: (كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) ذات يوم فلما تفرّق من كان عنده، قال لي: يا أبا حمزة، من المحتوم الذي حتّمه الله قيام قائمنا، فمن شك فيما أقول، لقي الله سبحانه وهو به كافر [وله جاحد] ثم قال: بأبي وأمي المسمى باسمي والمكنّى بكنيتي، السابع من بعدي، بأبي من يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا. يا أبا حمزة، من أدركه فيسلّم له فمن سلّم لمحمد وعلي (عليهما السلام) فقد وجبت له الجنة، ومن لم يسلّم فقد حرّم الله عليه الجنة، ومأواه النار وبئس مثوى الظالمين. وأوضح من هذا – بحمد الله – وأنور وأبين وأزهر لمن هداه وأحسن إليه، قول الله عز وجل في محكم كتابه: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ))
(١٢١) [٦٢] (٢) كفاية الأثر: بإسناده عن زيد بن علي (عليهما السلام) قال: (كنت عند أبي علي بن الحسين (عليهما السلام) إذ دخل عليه جابر – إلى أن قال -: قال جابر: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال لي يوماً: يا جابر، إذا أدركت ولدي الباقر فاقرأه منّي السلام سبعة من ولده أمناء معصومون أئمة أبرار، والسابع مهديهم).
 [٣] إثبات الرجعة: عن الباقر (عليه السلام): عن الحسين (عليه السلام) - في حديث – قال: السابع من ولد ابني محمد بن علي، وهو الحجة بن الحسن).
 [٦] غيبة النعماني: عن علي بن أبي حمزة، عن الباقر (عليه السلام) - في حديث – قال: السابع من ولدي القائم).
 [٦٣] (٩) كفاية الأثر: بإسناده عن أبي مريم عبد الغفار – في حديث – عن الباقر (عليه السلام) قال: يا عبد الغفار، إنّ قائمنا هو السابع من ولدي).
(١٢٢) السابع من الأئمة هو الإمام الكاظم عليه الصلاة والسلام والخامس من أولاده هو الإمام المنتظر (عجل الله فرجه الشريف).
(١٢٣) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج١ ص٥١٣ ([٨٩٧] ١١ كمال الدين: الدقّاق، عن الأسدي، عن سهل، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): من أقرّ بالأئمة من آبائي وولدي، وجحد المهديّ من ولدي، كان كمن أقرّ بجميع الانبياء (عليهم السلام) وجحد محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلّم) نبوّته. فقلت: يا سيدي، ومن المهدي من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه، ولا يحلّ لكم تسميته).
(١٢٤) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج١ ص٥٢١ ([٩١٤] (٢٨) غيبة الطوسي: حدّثني حنّان بن سدير، عن أبي إسماعيل الأبرص، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): على رأس السابع منّا الفرج).
(١٢٥) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج ١ ص٥١٣([٨٩٦] ١٠ – كمال الدين: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه الله قال: حدّثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدّثنا أبو عبد الله العاصمي، عن الحسين بن القاسم بن أيوب، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن ثابت الصائغ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: منّا اثنا عشر مهديّاً، مضى ستة وبقي ستة، يصنع الله بالسادس ما أحب).
(١٢٦) [٧] ومنه: عن الصادق (عليه السلام) - في حديث – قال: (إنّ الغيبة ستقع بالسادس من ولدي).
 [١٢] كمال الدين: عن الصادق (عليه السلام) - في حديث – قال: (منا اثنا عشر مهدياً، مضى ستّة وبقي ستة).
(١٢٧) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج١ ص٣٧٠ ([٦٧٥] ٢٧ – كفاية الأثر: بالإسناد المتقدّم في باب النصوص على الأئمة الإثنى عشر عن محمد بن الحنفية، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: يا عليّ، أنت منّي وأنا منك، وأنت أخي ووزيري، فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم، وستكون بعدي فتنة صمّاء صيلم يسقط فيها كلّ وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من [ولد] السابع، من ولدك، تحزن لفقده أهل الأرض والسماء، فكم مؤمن ومؤمنة متأسف متلهّف حيران عند فقده ثم أطرق ملياً، ثم رفع رأسه، وقال: بأبي وأُمي سميّي وشبيهي، وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب النور – أو قال: جلابيب النور – يتوقد من شعاع القدس، كأني بهم آيس ما كانوا، [قد] نودوا بنداء يسمع من البعد كما يسمع من القرب، يكون رحمة على المؤمنين وعذاباً على المنافقين. قلت: وما ذلك النداء؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب: الأول: (ألا لعنة الله على الظالمين) الثاني: (أزفت الآزفة). والثالث: يرون بدناً بارزاً مع قرن الشمس ينادي: ألا إن الله قد بعث (فلان بن فلان) حتى ينسبه إلى عليّ (عليه السلام) فيه هلاك الظالمين، فعند ذلك يأتي الفرج، ويشفي الله صدورهم، ويذهب غيظ قلوبهم. قلت يا رسول الله فكم يكون بعدي من الأئمة؟ قال: بعد الحسين تسعة، والتاسع قائمهم).
(١٢٨) [١] كفاية الأثر: عن علي (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: (وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من (ولد) السابع، من ولدك).
 [٢] كمال الدين: عن أبي بصير، عنه (عليه السلام) - في حديث – قال: (يا أبا بصير، هو الخامس من ولد ابني موسى).
 [٣] ومنه: عن الصادق (عليه السلام) - في حديث – قال: (الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه).
 [٤] مقتضب الأثر: عن حسين بن علوان، عن الصادق (عليه السلام) - في حديث – قال: (الخامس من ولده – الكاظم (عليه السلام) - يغيب شخصه).
 [٧] ومنه: عن محمد بن زياد عنه (عليه السلام) - في حديث – قال: (هو الثاني عشر منّا).
 [٨] علل الشرائع: عن عليّ بن جعفر، عن الكاظم (عليه السلام) - في حديث – قال: (إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم...).
(١٢٩) الثالث من ولد الإمام الرضا (عليه السلام) هو الإمام العسكري (عليه السلام) فعند فقده يبدأ عصر الغيبة وفيها الفتنة الصماء.
(١٣٠) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج١ ص٥٣٥ ([٩٤١] ٦ كمال الدين: العطار، عن أبيه، عن الأشعري، عن محمد بن حمدان، عن خاله أحمد بن زكريا، قال: قال لي الرضا (عليه السلام): أين منزلك ببغداد؟ قلت: الكرخ. قال: أما إنّه أسلم موضع، ولا بدّ من فتنة صماء صيلم تسقط فيها كل وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي).
(١٣١) بحار الأنوار ج٥١ ص١٥٢ وعلل الشرائع ج١ ص٢٤٥. والرواية صحيحة الإسناد
(١٣٢) وتمام السند والحديث في كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال ج١ ص٥٣٢ ([٩٣٨] ٢- علل الشرائع، وعيون أخبار الرضا: الطالقاني، عن ابن عقدة، عن عليّ بن الحسن بن فضال، [عن أبيه] عن الرضا (عليه السلام) أنه قال: كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي يطلبون المرعى فلا يجدونه. قلت له: ولِمَ ذلك يا بن رسول الله؟ قال: لأن إمامهم يغيب عنهم. فقلت: ولِمَ؟ قال: لئلاّ يكون في عنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف).
(١٣٣) [٢] غيبة الطوسي: عن الرضا (عليه السلام) - في حديث – قال: (لا بدّ من فتنة صمّاء... وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي).
 [٣] كمال الدين: عن الرضا (عليه السلام) - في حديث – قال: (ولا بدّ من فتنة... وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي).
 [٤] عيون أخبار الرضا (عليه السلام): عن الرضا (عليه السلام) - في حديث – قال: (كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي يطلبون المرعى فلا يجدونه).
 [٦٥] (٥) كمال الدين: بإسناده عن الريّان بن الصلت، قال: قلت للرضا (عليه السلام): (أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال... ذلك الرابع من ولدي).
(١٣٤) ومنها: ج١ ص٥٤٠ [٩٥٢] ٣- كمال الدين: الدقّاق، عن محمد بن هارون، عن الروياني، عن عبد العظيم الحسني، قال: دخلت على سيدي محمد بن علي (عليهما السلام) وأنا أريد أن أسأله عن القائم، أهو المهدي أو غيره، فابتدأني فقال [لي]: يا أبا القاسم، إن القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته، ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي. والذي بعث محمداً (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالنبوة، وخصنا بالإمامة إنه لو لم يبق في الدنيا إلا يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج [فيه] فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، وإن الله تبارك وتعالى ليصلح [له] أمره في ليلة، كما أصلح أمر كليمه موسى (عليه السلام) إذ ذهب ليقتبس لأهله ناراً فرجع وهو رسول نبي. ثم قال (عليه السلام): أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج).
 [٢] كمال الدين: عن الجواد (عليه السلام) - في حديث – قال: (القائم منّا هو المهدي... هو الثالث من ولدي).
 [٦٧] (٣) كفاية الأثر: بإسناده عن عبد العظيم الحسني، عنه (عليه السلام) - في حديث – قال: يا أبا القاسم، إنّ القائم منّا هو المهديّ... وهو الثالث من ولدي).
(١٣٥) والرواية صحيحة الإسناد.
(١٣٦) نص الرواية ج٣ ص٢٥ [١٣٩٣] ٣- كفاية الأثر: بالإسناد المتقدّم في باب النصّ على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) عن جابر الأنصاري، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال:... ثم يغيب عنهم إمامهم. قال: يا رسول الله، هو الحسن يغيب عنهم؟ قال: لا، ولكن ابنه الحجة. قال: يا رسول الله! فما اسمه؟ قال: لا يسمىّ حتى يظهره الله... فإذا عجل الله خروج قائمنا، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
 ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محجتهم، أولئك وصفهم الله في كتابه فقال: (الذين يؤمنون بالغيب) وقال: (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون).
(١٣٧) ومنها [١] كفاية الأثر: عن جابر، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: (هو الحسن؟... قال: لا، ولكن ابنه الحجة).
 [٢] المحتضر: عن سلمان، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) - في حديث – قال:... ثم الحسن بن عليّ، ثم ابنه حجة الله).
 [٦٨] (٣) كشف الحق: بإسناده عن عمار بن ياسر، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) - في حديث – قال: (... ثم ابنه (العسكري) الذي يغيب عن الناس غيبة طويلة).
 [٦٩] (٤) إعلام الورى: عن المفضل، عن الصادق (عليه السلام) - في حديث – قال: يا مفضل! الإمام من بعدي موسى، والخلف المنتظر «م ح م د» بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى).
 [٧١] (٦) كفاية الأثر:: بإسناده عن دعبل بن علي الخزاعي، عن الرضا (عليه السلام) - في حديث – قال: يا دعبل، الإمام (من) بعدي محمد ابني... وبعد الحسن ابنه الحجة القائم).
 [٧٢] (٧) كشف الغمة: ابن الخشّاب قال: حدثنا صدقة بن موسى، عن أبيه، عن الرضا (عليه السلام): قال: الخلف الصالح من ولد أبي محمد، الحسن بن علي، وهو صاحب الزمان، وهو المهدي.
 [٨] كفاية الأثر: عن الجواد (عليه السلام) - في حديث – قال: (بعد الحسن ابنه القاسم بالحقّ المنتظر).
 [٩] ومنه: عن الهادي (عليه السلام) - في حديث – قال: (الإمام بعدي الحسن ابني، وبعد الحسن ابنه القاسم).
 [٧٣] (١٠) ومنه: بإسناده عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: (سمعت أبا الحسن صاحب العسكر (عليه السلام) يقول: الخلف من بعدي ابني الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف).
 [١١] إثبات الرجعة: عن العسكري (عليه السلام) - في حديث – قال: (إن الإمام وحجة الله من بعدي ابني).
 [١٢] المناقب لابن شهر آشوب: عن العسكري (عليه السلام) - في حديث – قال: (لا تزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي).
 [١٣] كمال الدين: عن العمري، عن أبيه، عن العسكري (عليه السلام) - في حديث – قال: (ابني «م ح م د» هو الإمام، والحجّة بعدي).
 [١٤] ومنه: عن العسكري (عليه السلام) - في حديث – قال: (اسمه محمد، وهو القائم من بعدي).
 [١٥] ومنه: عن العسكري (عليه السلام) - في حديث – قال: (هذا ابن نرجس، وهذا خليفتي من بعدي).
 [١٦] ومنه: عن العسكري (عليه السلام) - في حديث – قال: هذا صاحبكم من بعدي وخليفتي عليكم وهو القائم الذي تمتد إليه الأعناق بالانتظار).
 [١٧] ومنه: عن الحسن بن محمد بن صالح، عنه (عليه السلام) - في حديث – قال: (إنّ ابني هو القائم من بعدي).
 [١٨] إثبات الرجعة: عن العسكري (عليه السلام) - في حديث – قال: (قد ولد وليّ الله وحجّته على عباده، وخليفتي من بعدي).
 [١٩] غيبة الطوسي: عنه (عليه السلام) - في حديث – قال: (أبشر يا بنيّ، فأنت صاحب الزمان، وأنت المهدي، وأنت حجّة الله).
 [٢٠] ومنه: عنه (عليه السلام) - في حديث – قال: (.. فنظر إليّ أبو محمّد (عليه السلام) مبتسماً، فقال: يا كامل! ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك الحجّة من بعدي).
 [٢١] كشف الحقّ: عنه (عليه السلام) - في حديث – قال (هو ابني وخليفتي من بعدي).
 [٢٢] كمال الدين: بإسناده عن جماعة من الشيعة قالوا جميعاً: اجتمعنا إلى أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) نسأله عن الحجة من بعده... فإذا غلام كأنه قطع قمر أشبه الناس بأبي محمد (عليه السلام)، فقال: (هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم).
 [٧٤] (٢٣) كفاية الأثر: بإسناده عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، قال: (سمعت أبا محمد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) يقول: كأني بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي... أما إنّ لولدي (المهدي) غيبة يرتاب فيها الناس).
 [٢٤] مشارق الأنوار: قال: (المهدي من ولد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)).
 [٢٥] الهداية الكبرى: عن أبي الحسين وأبي عبد الله الجمّال قالا: (المهدي سميّ جدّه، وكنيّه، وهو ابن الحسن (عليه السلام) من نرجس).
(١٣٨) وليس المقصود من استعراض بعض تلك الروايات القول بأنها جميعاً معتبرة الإسناد، بل المقصود إثبات تواترها، وفيها وفي غيرها المعتبرات بالعشرات من صحاح وغيرها وسنذكر في الملحق الثالث روايات معتبرة كثيرة أخرى بإذن الله تعالى: بعضها صحاح وبعضها موثقات أو حسان.
(١٣٩) وهناك أبواب أخرى في العوالم، تتضمن روايات كثيرة أخرى منها باب اسم أمه ومنها عدد من الأبواب اللاحقة فراجع.
(١٤٠) أو شبه المتواترة.
(١٤١) ص ١٥٠ حسب بعض الطبعات.
(١٤٢) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، ج‏٢، ص: ٢٣٤
(١٤٣) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏١، ص: ٢٥٢
(١٤٤) ولا بأس بنقل ما ذكره ابن تيميه ففي مجموع الفتاوى لابن تيمية ج٢٥ ص١٣١ كما قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ولا تزال فيه طائفة قائمة ظاهرة على الحق فلم ينله ما نال غيره من الأديان من تحريف كتبها وتغيير شرائعها مطلقاً؛ لما ينطق الله به القائمين بحجة الله وبيناته الذين يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنوره أهل العمى فإن الأرض لن تخلو من قائم لله بحجة؛ لكيلا تبطل حجج الله وبيناته).
(١٤٥) كفاية الاثر ص٣٠٤
(١٤٦) وراجع مستدركاته في الترجمة الفارسية للكتاب.
(١٤٧) كفاية الاثر ص ٦١.
(١٤٨) مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، ج‏١٢، ص: ٢٧٩.
(١٤٩) كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر، ص: ١١
(١٥٠) حدّثنا عبد الرحمن بن ابي نجران قال: حدّثنا عاصم بن حميد، قال: حدّثنا ابي حمزة الثمالي، قال: حدّثنا سعيد بن جبير، قال: حدّثنا عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم). وعن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس.
(١٥١) المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي وهو من مشايخ الصدوق وقد ترضى عليه في المشيخه.
(١٥٢) ٥-١/٣١٥ح٢، الإحتجاج: ٢/٩ عنهما البحار: ٤٤/١٩ح٣، وج٥١/١٣٢ح١، وعوالم العلوم: ١٦/١٧٤ح٤، ورواه الخزّاز القمي في كفاية الأثر: ٣١٧، والحمويني في فرائد السمطين: ٢/١٢٣ بإسناديهما إلى أبي سعيد (مثله)، وأورده في كشف الغمة: ٢/٥٢١ والصراط المستقيم: ٢/١٢٨ عن الحسن (عليه السلام) (مثله). وأخرجه في إعلام الورى: ٢/٢٣٠ وإثبات الهداة: ٥/١٢٨ ح١٦، والبحار: ٥٢/٢٧٩ ح٣، والايقاظ من الهجعة: ٣٢٦ح٣٨، وفي المحجة البيضاء، والبحار: ١٤/٣٤٩ح١٢ عن الإعلام، وفي إثبات الهداة: ٦/٣٩٦ ح١١٩ عن كمال الدّين والإحتجاج والكفاية، وفي الايقاظ من الهجعة: ٣٧٣ح١٣٥ عن الكفاية.
(١٥٣) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏١، ص: ٣١٧
(١٥٤) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏١، ص: ٣١٩
(١٥٥) كمال الدين: ٥٢٩ ح ٢، إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، ج‏٥، ص: ١٩٦
(١٥٦) اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للشيخ حرالعاملي ج٥ ص١٩٦ ح٦٨١.
(١٥٧) اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للشيخ الحر العاملي ج٢ ص ٢٣٤
(١٥٨) كمال الدين: ٢٥٨ ح ٢، إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، ج‏٥، ص: ١٩٦
(١٥٩) معاني الأخبار، النص، ص: ٩١.
(١٦٠) عن محمد بن علي ماجيلويه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن جندب.
(١٦١) الوسائل: ابواب سجدتي الشكر باب ٦ حديث ١.
(١٦٢) كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر، ص: ١٠٥.
(١٦٣) عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج‏٢، ص: ١٢١.
(١٦٤) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، ج‏٥، ص: ١٠٣
(١٦٥) الكافي (ط - دارالحديث)، ج‏٢، ص: ٦٧٨.
(١٦٦) مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، الخاتمةج‏٥، ص: ٢٢٧.
(١٦٧) ذهب الوحيد إلى وثاقته لرواية الأجلاء عنه ولعدم استثناء ابن الوليد إياه عن روايات محمد بن أحمد بن يحيى. ويظهر من النجاشي انه من شيوخ أصحابنا.
(١٦٨) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٣٨١.
(١٦٩) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، ج‏٥، ص: ١٩٧.
(١٧٠) وسنده صحيح ورجاله ثقات كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٤٠٩.
(١٧١) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٣٨٤.
(١٧٢) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، ج‏٥، ص: ١٩٧
(١٧٣) كصاحب القوانين وصاحب نهاية الدراية.
(١٧٤) وقال السيد حسن الصدر في نهاية الدراية (وليست الثلاثة – المتواتر والمتضافر والمتسامع – من مبحث علم الإسناد والدراية لأنها لا يبحث عن رجالها ويجب العمل بها مطلقاً).
(١٧٥) قوانين الأصول ج٣-٤ ص٤٤١ طبعة دار المحجة البيضاء ١٤٣١هـ.
(١٧٦) إذ قال البعض (إذا اكتفينا بخبر واحد أيفيد الظن أو القطع واليقين؟ فأنت تبني عقيدتك على الظن)؟ بتصرف بنقله من العامية إلى الفصحى.
(١٧٧) بل الظاهر انها تصلح كأدلة مستقلة وافية بالمطلوب.
(١٧٨) بل يكفي كلام الثقات الضابطين منهم لايراث القطع عادة، فيصلح هذا دليلاً في حد ذاته.. واعتبر بالنظر إلى حال الأشراف في مصر والسادة في العراق وإيران وغيرها.. أليس الكثير منهم ثبت نسبه بقولِ نسّابةٍ خبيرٍ ضابطٍ واحدٍ فكيف لو كان اثنين أو ثلاثة أو أكثر؟ ومن الواضح ان أولئك السادة – ومنهم المستشكِل – فان الناس عادة وهم أيضاً قاطعون بسيادتهم، ولو فحصت عن المنشأ لوجدت انه في الأغلب مشجرة نسابه واحد أو كلام الأب أو بعض أفراد الأسرة عن الجد عن جده وهكذا مما لا تجتمع فيه شروط التواتر قطعاً في كافة الطبقات ومع ذلك فانها تفيد القطع عادة.
(١٧٩) أي – غالباً أو كثيراً ما – من غير فرق بين كون النسابة قد كتب أو قد قال فتناقلته الأجيال. وأما الشياع فمرجعه لدى التحقيق إلى أقوال النسابة أو أشباههم (كالأباء وبعض الأقرباء). فتدبر.
(١٨٠) فليس من الصحيح قول البعض (لأنه ينقل عن نسابة في القرن العاشر)!
(١٨١) ص ٧٧ – ٧٨.
(١٨٢) وذلك رغم تعصب ابن عربي الشديد ضد الشيعة بل ونصبه العداء لهم، ورغم تنقيصه من مقام أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام ورغم إدعائه (العصمة) لبعض غاصبي الخلافة!، مما لا نظير له في علماء العامة، ورغم ورغم.. كما فصلنا الكلام حول ذلك ونقلنا أقواله في بحوث العام الماضي (السيد الاستاذ حفظه الله).
(١٨٣) الصواعق المحرقة: ٤٧٩.
(١٨٤) م س: ٤٧٨.
(١٨٥) م س: ٣١٤.
(١٨٦) م س: ٤٨٠.
(١٨٧) تنبيه: ولابد من التنبيه على ان المستشكل الذي طرح هذه الشبهة لا يريد ان ينقض أصل الاعتقاد بالامام المهدي بل انه يعتقد به (صلوات الله وسلامه عليه) حسب مبناه الواضح وحسب مختلف كلماته إلا انه أراد الاستشكال على مبنى السيد الخوئي (قدس سره) وان منهجه الرجالي يؤدي الى تالي فاسد.
وقد اتضح انه على كل المباني ومنها مبنى السيد الخوئي فان الاشكال لا يرد، وان الروايات متواترة حتى على مبناه، ثم على فرض انها ليست بمتواترة فانها محتفة بالقرائن القطعية والخبر الذي يحتف بالقرينة القطعية لا احد يستشكل في حجيته والسيد الخوئي يصرح بذلك بل يصرح في مواطن عديدة بحجية الخبر المورث للاطمئنان فكيف بالقطع؟.
(١٨٨) ملاحظة: سنستعرض في الملحق الثالث عشرات الروايات: نصفها صحاح ونصفها موثقات أو حسان تفيد مولد الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، وسنزيد عليها بإذن الله تعالى في الملحق الرابع لتبلغ مائة وعشرة رواية معتبرة. ولا يخفى ان التواتر يحصل بعشر روايات صحيحة بل بعشر موثقات فكيف بالأكثر؟ وكل ذلك حسب الفرصة السانحة للاستقراء.
(١٨٩) مما يستلزم عدم انقطاع سلسلة الأئمة الاثني عشر ولو للحظة واحدة على امتداد الأزمنة بعد شهادة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم).
(١٩٠) تصريحهم بان محمد المهدي قد ولد من الإمام الحسن العسكري.
(١٩١) هكذا زعم! وليس بصحيح.
(١٩٢) أقول: لا مانعة جمع، إذ كل هذه الأسماء هي أسماء لها صلوات الله عليها، ولعل السبب في تعدد وتغيير أسمائها هو لظروف التقية كي لا تعرف. وقد فصلنا ذلك في كتاب (السيدة نرجس مدرسة الأجيال).
(١٩٣) وقد سبقت عشرات الروايات المعتبرة الأخرى، في مطاوي الكتاب.
(١٩٤) وهو محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب – الثقة، والذي يعرف برواية محمد بن يحيى العطار عنه.
(١٩٥) الكافي (ط -الإسلامية)، ج‏١، ص: ٣٤٠.
(١٩٦) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٣٤٢.
(١٩٧) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏١، ص: ١٤٥
(١٩٨) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٣٤٣.
(١٩٩) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏١، ص: ٣٣.
(٢٠٠) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٣٣٤.
(٢٠١) استظهر الوحيد الوثوق به وعدالته، كما روى عنه في كامل الزيارات، وللصدوق طريق صحيح لكل روايات يونس بن عبد الرحمن.
(٢٠٢) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٣٦١.
(٢٠٣) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٣٧٧.
(٢٠٤) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، ج‏٥، ص: ١٠٣ عن علل الشرائع وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) وكمال الدين.
(٢٠٥) استظهر في معجم رجال الحديث وثاقته.
(٢٠٦) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٣٧١.
(٢٠٧) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، ج‏٥، ص: ١٩٦
(٢٠٨) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٤٣٥
(٢٠٩) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٤٠٩
(٢١٠) قال النجاشي: ثقة، عين في الحديث، صحيح الاعتقاد.
(٢١١) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، ج‏٥، ص: ١٩٧
(٢١٢) اثبات الوصية، ص: ٢٥٦ وكمال الدين.
(٢١٣) الغيبة (للطوسي)/ كتاب الغيبة للحجة، النص، ص: ٢٢٣
(٢١٤) الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏١، ص: ٣٢٩
(٢١٥) الكافي ١: ٢٦٤/ ٣، الغيبة للطوسيّ: ٢٣٤/ ٢٠٣، إعلام الورى: ٤١٤، باختلاف يسير، ونقله العلّامة المجلسي في البحار ٥٢: ٦٠/ ٤٨.
(٢١٦) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٤٤٠
(٢١٧) الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، ج‏٢، ص: ٣٥٢
(٢١٨) ادعى السيد بن طاووس في فلاح السائل الاتفاق على وثاقته.
(٢١٩) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٤٤٠.
(٢٢٠) الغيبة (للطوسي)/ كتاب الغيبة للحجة، النص، ص: ٣٥٥.
(٢٢١) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٤٣٥.
(٢٢٢) علي بن محمد بن بُندار – الثقة.
(٢٢٣) كمال الدين وتمام النعمة، ج‏٢، ص: ٤٣٠.

التحميلات التحميلات:
التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016