(٢٣ ذي الحجّة) سنة (٤١٢هـ):
تاريخ وصول رسالة الإمام المهدي عليه السلام الثانية إلى الشيخ المفيد رحمه الله:
جاء في الاحتجاج للشيخ الطبرسي رحمه الله: ورد على الشيخ المفيد رحمه الله كتاب آخر من قبل الإمام المهدي صلوات الله عليه، يوم الخميس الثالث والعشرين من ذي الحجّة، سنة اثني عشر وأربعمائة، نسخته: (بسم الله الرحمن الرحيم سلام الله عليك أيّها الناصر للحقّ، الداعي إليه بكلمة الصدق، فإنّا نحمد الله إليك الذي لا إله إلاَّ هو، إلهنا وإله آبائنا الأوّلين، ونسأله الصلاة على سيّدنا ومولانا محمّد خاتم النبيّين، وعلى أهل بيته الطاهرين. وبعد: فقد كنّا نظرنا مناجاتك عصمك الله بالسبب الذي وهبه الله لك من أوليائه، وحرسك به من كيد أعدائه، وشفعنا ذلك الآن من مستقرّ لنا ينصب في شمراخ، من بهماء صرنا إليه آنفاً من غماليل ألجأنا إليه السباريت من الإيمان، ويوشك أن يكون هبوطنا إلى صحصح من غير بعد من الدهر ولا تطاول من الزمان ويأتيك نبأ منّا بما يتجدَّد لنا من حال، فتعرف بذلك ما نعتمده من الزلفة إلينا بالأعمال، والله موفّقك لذلك برحمته، فلتكن حرسك الله بعينه التي لا تنام أن تقابل لذلك فتنة تسبل نفوس قوم حرثت باطلاً لاسترهاب المبطلين، يبتهج لذمارها المؤمنون، ويحزن لذلك المجرمون، وآية حركتنا من هذه اللوثة حادثة بالجرم المعظم من رجس منافق مذمم، مستحلّ للدم المحرَّم، يعمد بكيده أهل الإيمان ولا يبلغ بذلك غرضه من الظلم والعدوان، لأنَّنا من وراء حفظهم بالدعاء الذي الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء، فليطمئنّ بذلك من أوليائنا القلوب، وليثقوا بالكفاية منه، وإن راعتهم بهم الخطوب، والعاقبة بجميل صنع الله سبحانه تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب. ونحن نعهد إليك أيّها الوليّ المخلص المجاهد فينا الظالمين أيَّدك الله بنصره الذي أيَّد به السلف من أوليائنا الصالحين، أنَّه من اتَّقى ربّه من إخوانك في الدين وأخرج ممَّا عليه إلى مستحقّيه، كان آمناً من الفتنة المبطلة، ومحنها المظلمة المظلّة ومن بخل منهم بما أعاده الله من نعمته على من أمره بصلته، فإنَّه يكون خاسراً بذلك لأولاه وآخرته، ولو أنَّ أشياعاً وفَّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخَّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجَّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقّ المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلاَّ ما يتَّصل بنا ممَّا نكرهه ولا نؤثره منهم، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلاته على سيّدنا البشير النذير محمّد وآله الطاهرين وسلَّم).
كتب في غرَّة شوّال من سنة اثني عشر وأربعمائة: نسخة التوقيع باليد العليا صلوات الله على صاحبها: (هذا كتابنا إليك أيّها الوليّ الملهم للحقّ العلي، بإملائنا وخطّ ثقتنا، فاخفه عن كلّ أحد، واطوه واجعل له نسخة يطلع عليها من تسكن إلى أمانته من أوليائنا شملهم الله ببركتنا إن شاء الله، الحمد لله والصلاة على سيّدنا محمّد النبيّ وآله الطاهرين)(١).
الهوامش:
ــــــــــــــــــــــ
(١) الاحتجاج ٢: ٣٢٤ و٣٢٥؛ قال السيّد بحر العلوم في الفوائد الرجالية (ج ٣/ ص ٣٢٠): (وقد يشكل أمر هذا التوقيع بوقوعه في الغيبة الكبرى، مع جهالة المبلّغ ودعواه المشاهدة المنافية بعد الغيبة الصغرى، ويمكن دفعه باحتمال حصول العلم بمقتضى القرائن، واشتمال التوقيع على الملاحم والإخبار عن الغيب الذي لا يطَّلع عليه إلاَّ الله وأولياؤه بإظهاره لهم، وأنَّ المشاهدة المنفية أن يشاهد الإمام ويعلم أنَّه الحجّة عليه السلام حال مشاهدته له، ولم يعلم من المبلّغ ادّعاؤه لذلك، وقد يمنع أيضاً امتناعها في شأن الخواصّ، وأنَّ اقتضاه ظاهر النصوص بشهادة الاعتبار ودلالة بعض الآثار).