بعد (١٣ صفر الخير) سنة (٣٧هـ):
لقاء أمير المؤمنين عليه السلام مع نصراني _ بعد انتهائه من معركة صفّين _ وأخبره النصراني بوجود كتب وآثار من عيسى عليه السلام عنده تحكي وتبشّر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة الاثني عشر عليهم السلام من بعده ونزول عيسى عليه السلام آخر الزمان وصلاته خلف الثاني عشر:
روى سليم بن قيس الهلالي الكوفي رحمه الله في كتابه، قال: أقبلنا من صفّين مع أمير المؤمنين عليه السلام، فنزل العسكر قريباً من دير نصراني. فخرج إلينا من الدير شيخ كبير جميل حسن الوجه حسن الهيئة والسمت ومعه كتاب في يده، حتَّى أتى أمير المؤمنين عليه السلام فسلَّم عليه بالخلافة. فقال له علي عليه السلام: (مرحباً يا أخي شمعون بن حمّون، كيف حالك رحمك الله؟)، فقال: بخير يا أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ووصيّ رسول ربّ العالمين. إنّي من نسل رجل من حواري أخيك عيسى بن مريم عليه السلام، وأنا من نسل شمعون بن يوحنّا وصيّ عيسى بن مريم. وكان من أفضل حواري عيسى بن مريم عليه السلام الاثني عشر وأحبّهم إليه وآثرهم عنده وإليه أوصى عيسى بن مريم عليه السلام وإليه دفع كتبه وعلمه وحكمته، فلم يزل أهل بيته على دينه متمسّكين بملَّته فلم يكفروا ولم يبدّلوا ولم يغيّروا. وتلك الكتب عندي إملاء عيسى بن مريم وخطّ أبينا بيده، وفيها كلّ شيء يفعل الناس من بعده ملك ملك، وكم يملك وما يكون في زمان كلّ ملك منهم، حتَّى يبعث الله رجلاً من العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن من أرض تُدعى (تهامة) من قرية يقال لها: (مكّة) يقال له: (أحمد)، الأنجل العينين، المقرون الحاجبين، صاحب الناقة والحمار والقضيب والتاج _ يعني العمامة _، له اثنا عشر اسماً. ثمّ ذكر مبعثه ومولده وهجرته ومن يقاتله ومن ينصره ومن يعاديه وكم يعيش وما تلقى أمَّته من بعده من الفرقة والاختلاف، وفيه تسمية كلّ إمام هدى وإمام ضلالة إلى أن ينزل الله عيسى بن مريم من السماء. فذكر في الكتاب ثلاثة عشر رجلاً من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله، هم خير من خلق الله وأحبّ من خلق الله إلى الله. وأنَّ الله وليّ من والاهم وعدوّ من عاداهم، من أطاعهم اهتدى ومن عصاهم ضلَّ، طاعتهم لله طاعة ومعصيتهم لله معصية، مكتوبة فيه أسمائهم وأنسابهم ونعتهم وكم يعيش كلّ رجل منهم واحداً بعد واحد، وكم رجل منهم يستسر بدينه ويكتمه من قومه، ومن يظهر منهم ومن يملك وينقاد له الناس حتَّى ينزل الله عيسى بن مريم عليه السلام على آخرهم، فيُصلّي عيسى خلفه ويقول: (إنَّكم أئمّة لا ينبغي لأحد أن يتقدَّمكم)، فيتقدَّم فيُصلّي بالناس وعيسى خلفه في الصفّ الأوّل. أوّلهم أفضلهم، وآخرهم له مثل أجورهم وأجور من أطاعهم واهتدى بهداهم...)(١).
ورواه النعماني رحمه الله عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ومحمّد بن همّام بن سهيل وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد الله بن يونس الموصلي، عن رجالهم، عن عبد الرزاق بن همّام، قال: حدَّثنا معمّر بن راشد، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي(٢).
الهوامش:
ــــــــــــــــــــــ
(١) كتاب سليم بن قيس: ٢٥٢ و ٢٥٣/ ح ١٦.
(٢) الغيبة للنعماني: ٧٨ - ٨٠/ باب ٤/ ح ٩.