(٨ ربيع الأوّل) سنة (٢٦٠هـ):
حضور الإمام المهدي عليه السلام في ساعة احتضار الإمام العسكري عليه السلام وإعانته في وضوءه وصلاته:
روى الطوسي رحمه الله عن إسماعيل بن علي، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن علي عليهما السلام في المرضة التي مات فيها وأنا عنده، إذ قال لخادمه عقيد _ وكان الخادم أسود نوبياً قد خدم من قبله علي بن محمّد وهو ربى الحسن عليه السلام_، فقال [له]: (يا عقيد، اغل لي ماء بمصطكي(١))، فأغلى له ثمّ جاءت به صقيل الجارية اُمّ الخلف عليه السلام. فلمَّا صار القدح في يديه وهمَّ بشربه فجعلت يده ترتعد حتَّى ضرب القدح ثنايا الحسن عليه السلام، فتركه من يده، وقال لعقيد: (اُدخل البيت فإنَّك ترى صبيّاً ساجداً، فأتني به). قال أبو سهل: قال عقيد: فدخلت أتحرّى فإذا أنا بصبي ساجد رافع سبّابته نحو السماء، فسلَّمت عليه فأوجز في صلاته فقلت: إنَّ سيّدي يأمرك بالخروج إليه، إذا جاءت اُمّه صقيل فأخذت بيده وأخرجته إلى أبيه الحسن عليه السلام. قال أبو سهل: فلمَّا مثل الصبي بين يديه سلَّم وإذا هو درّي اللون، وفي شعر رأسه قطط، مفلج الأسنان، فلمَّا رآه الحسن عليه السلام بكى وقال: (يا سيّد أهل بيته، اسقني الماء، فإنّي ذاهب إلى ربّي)، وأخذ الصبي القدح المغلي بالمصطكي بيده ثمّ حرَّك شفتيه ثمّ سقاه، فلمَّا شربه قال: (هيّئوني للصلاة)، فطرح في حجره منديل فوضَّأه الصبي واحدة واحدة ومسح على رأسه وقدميه. فقال له أبو محمّد عليه السلام: (ابشر يا بني فأنت صاحب الزمان، وأنت المهدي، وأنت حجّة الله على أرضه، وأنت ولدي ووصيّي وأنا ولدتك وأنت محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. ولدك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنت خاتم [الأوصياء] الأئمّة الطاهرين، وبشَّر بك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسمّاك وكنّاك، بذلك عهد إليَّ أبي عن آبائك الطاهرين صلّى الله على أهل البيت، ربّنا إنَّه حميد مجيد)، ومات الحسن بن علي من وقته صلوات الله عليهم أجمعين(٢).
الهوامش:
ــــــــــــــــــــــ
(١) المصطكي والمصطكاء: علك رومي، أبيضه نافع للمعدة والمقعدة والأمعاء والكبد والسعال المزمن... (القاموس المحيط ٣: ٣١٩).
(٢) الغيبة للطوسي: ٢٧١ - ٢٧٣/ ح ٢٣٧.