(١٦ شعبان المعظّم) سنة (٢٥٥هـ):
كرامة الإمام الحسن العسكري عليه السلام وبركة كحل الإمام المهدي عليه السلام:
روى الصدوق رحمه الله عن أبي جعفر محمّد بن علي بن أحمد البزرجي، قال: رأيت بسُرَّ من رأى رجلاً شاباً في المسجد المعروف بمسجد زبيدة في شارع السوق وذكر أنَّه هاشمي من ولد موسى بن عيسى(١) لم يذكر أبو جعفر اسمه وكنت اُصلّي فلمَّا سلَّمت قال لي: أنت قمّي أو رازي؟ فقلت: أنا قمّي مجاور بالكوفة في مسجد أمير المؤمنين عليه السلام، فقال لي: أتعرف دار موسى بن عيسى التي بالكوفة؟ فقلت: نعم، فقال: أنا من ولده، قال: كان لي أب وله أخوان وكان أكبر الأخوين ذا مال ولم يكن للصغير مال، فدخل على أخيه الكبير فسرق منه ستمائة دينار، فقال الأخ الكبير: أدخل على الحسن بن علي بن محمّد بن الرضا عليهم السلام وأسأله أن يلطف للصغير لعلَّه يرد مالي فإنَّه حلو الكلام، فلمَّا كان وقت السحر بدا لي في الدخول على الحسن بن علي بن محمّد بن الرضا عليهم السلام، قلت: أدخل على أشناس التركي صاحب السلطان فأشكو إليه، قال: فدخلت على أشناس التركي وبين يديه نرد يلعب به، فجلست أنتظر فراغه، فجاءني رسول الحسن بن علي عليهما السلام فقال لي: أجب، فقمت معه فلمَّا دخلت على الحسن بن علي عليهما السلام قال لي: (كان لك إلينا أوّل الليل حاجة، ثمّ بدا لك عنها وقت السحر، اذهب فإنَّ الكيس الذي أخذ من مالك قد رُدَّ ولا تشك أخاك وأحسن إليه وأعطه فإن لم تفعل فابعثه إلينا لنعطيه)، فلمَّا خرج تلقّاه غلامه يخبره بوجود الكيس. قال أبو جعفر البزرجي: فلمَّا كان من الغد حملني الهاشمي إلى منزله وأضافني ثمّ صاح بجارية وقال: يا غزال _ أو يا زلال _، فإذا أنا بجارية مسنّة فقال لها: يا جارية حدّثي مولاك بحديث الميل والمولود، فقالت: كان لنا طفل وجع، فقالت لي مولاتي: امضي إلى دار الحسن بن علي عليهما السلام فقولي لحكيمة: تعطينا شيئاً نستشفي به لمولودنا هذا، فلمَّا مضيت وقلت كما قال لي مولاي قالت حكيمة: ايتوني بالميل الذي كُحّل به المولود الذي ولد البارحة _ تعني ابن الحسن بن علي عليهما السلام _، فأتيت بميل فدفعته إليَّ وحملته إلى مولاتي فكحَّلت به المولود فعوفي، وبقي عندنا وكنّا نستشفي به ثمّ فقدناه. قال أبو جعفر البزرجي: فلقيت في مسجد الكوفة أبا الحسن بن برهون البرسي فحدَّثته بهذا الحديث عن هذا الهاشمي فقال: قد حدَّثني هذا الهاشمي بهذه الحكاية كما ذكرتها حذو النعل بالنعل سواء من غير زيادة ولا نقصان(٢).
الهوامش:
ــــــــــــــــــــــ
(١) خبيث ناصب، روى الطوسي رحمه الله في أماليه (ص ٣٢٠ و٣٢١/ ح ٦٤٩/٩٦) عن أبي موسى بن عبد العزيز، قال: لقيني يوحنّا بن سراقيون النصراني المتطبّب في شارع أبي أحمد فاستوقفني، وقال لي: بحقّ نبيّك ودينك، من هذا الذي يزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة، من هو من أصحاب نبيّكم؟ قلت: ليس هو من أصحابه هو ابن بنته، فما دعاك إلى المسألة عنه؟ فقال: له عندي حديث طريف. فقلت: حدّثني به.
فقال: وجَّه إليَّ سابور الكبير الخادم الرشيدي في الليل، فصرت إليه، فقال لي: تعال معي، فمضى وأنا معه حتَّى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي، فوجدناه زائل العقل متّكئاً على وسادة، وإذا بين يديه طست فيها حشو جوفه، وكان الرشيد استحضره من الكوفة، فأقبل سابور على خادم كان من خاصّة موسى، فقال له: ويحك ما خبره؟ فقال له: أخبرك أنَّه كان من ساعة جالساً وحوله ندماؤه، وهو من أصحّ الناس جسماً وأطيبهم نفساً، إذ جرى ذكر الحسين بن علي عليه السلام، قال يوحنّا: هذا الذي سألتك عنه. فقال موسى: إنَّ الرافضة لتغلو فيه حتَّى إنَّهم فيما عرفت يجعلون تربته دواء يتداوون به. فقال له رجل من بني هاشم كان حاضراً: قد كانت بي علَّة غليظة فتعالجت لها بكلّ علاج، فما نفعني، حتَّى وصف لي كاتبي أن آخذ من هذه التربة، فأخذتها فنفعني الله بها، وزال عنّي ما كنت أجده. قال: فبقي عندك منها شيء؟ قال: نعم. فوجَّه فجاءوه منها بقطعة فناولها موسى بن عيسى، فأخذها موسى فاستدخلها دبره استهزاءً بمن تداوى بها واحتقاراً وتصغيراً لهذا الرجل الذي هذه تربته - يعني الحسين عليه السلام -، فما هو إلاَّ أن استدخلها دبره حتَّى صاح: النار النار، الطست الطست، فجئناه بالطست فأخرج فيها ما ترى، فانصرف الندماء وصار المجلس مأتماً، فأقبل علي سابور فقال: أنظر هل لك فيه حيلة؟ فدعوت بشمعة، فنظرت فإذا كبده وطحاله ورئته وفؤاده خرج منه في الطست، فنظرت إلى أمر عظيم، فقلت: ما لأحد في هذا صنع إلاَّ أن يكون لعيسى الذي كان يحيي الموتى. فقال لي سابور: صدقت، ولكن كن هاهنا في الدار إلى أن يتبيَّن ما يكون من أمره، فبتُّ عندهم وهو بتلك الحال ما رفع رأسه، فمات وقت السحر.
(٢) كمال الدين: ٥١٧ و٥١٨/ باب ٤٥/ ح ٤٦.