ابن بابويه: قال: اخبرنا محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني قال: حدثنا محمد
بن الحسين بن حفص الخثعمي الكوفي قال: حدثنا عباد بن يعقوب قال: حدثنا علي بن
هاشم، عن محمد بن عبد الله، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار، عن أبيه، عن جده
عمار قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض غزواته وقتل علي عليه
السلام أصحاب الألوية وفرّق جمعهم وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي وقتل شيبة بن
نافع، أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت له: يا رسول الله، إن علياً قد
جاهد في الله حق جهاده، فقال: لأنه مني وأنا منه وإنه وارث علمي وقاضي ديني
ومنجز وعدي والخليفة من بعدي، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي، حربه حربي
وحربي حرب الله، وسلمه سلمي وسلمي سلم الله، الا انه ابو سبطيّ والائمة من صلبه
يخرج الله تعالى الائمة الراشدين ومنهم مهدي هذه الأمة.
فقلت: بأمي وأمي يا رسول الله من هذا المهدي عليه السلام؟
فقال صلى الله عليه وآله: يا عمار إن الله تبارك وتعالى عهد إليّ أنه يخرج من
صلب الحسين عليه السلام أئمة تسعة، والتاسع من ولده يغيب عنهم، وذلك قوله عز
وجل: ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ
غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ)) تكون له غيبة طويلة يرجع
عنها قوم ويثبت آخرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً
كما ملئت ظلماً وجورا، ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وهو سميّي
وأشه الناس بي.
يا عمار: ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع علياً عليه السلام وأصحبه فإنه مع
الحق والحق معه، يا عمار: إنك ستقاتل بعدي مع علي صنفين الناكثين والقاسطين ثم
تقتلك الفئة الباغية، قال: يا رسول الله، أليس ذلك على رضى الله ورضاك؟ قال:
نعم على رضى الله ورضاي، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه.
فلما كان يوم صفين خرج عمار بن ياسر الى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا
أخا رسول الله صلى الله عليه وآله أتأذن لي في القتال؟ فقال عليه السلام: مهلاً
رحمك الله، فلما كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه بمثله، فأعاد عليه
ثالثاً فبكى أمير المؤمنين عليه السلام، فنظر إليه عمار فقال: يا أمير المؤمنين
إنه اليوم الذي وصفه لي رسول الله صلى الله عليه وآله، فنزل أمير المؤمنين عن
بغلته وعانق عمار وودعه، ثم قال: يا أبا اليقظان جزاك عن نبيك وعني خيراً فنعم
الأخ كنت ونعم الصاحب كنت، ثم بكى عليه السلام وبكى عمار ثم قال: والله يا أمير
المؤمنين ما تبعتك الا ببصيرة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم
خيبر: يا عمار ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتّبع علياً وحزبه فإنه مع الحق
والحق معه وستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين، فجزاك الله يا أمير المؤمنين عن
الاسلام أفضل الجزاء فلقد أديت وأبلغت ونصحت، ثم ركب وركب أمير المؤمنين عليه
السلام.
ثم برز الى القتال، ثم دعا بشربة من ماء، فقيل ما معنا ماء، فقام إليه رجل من
الانصار وسقاه شربة من لبن فشربه، ثم قال: هكذا عهد إليّ رسول الله صلى الله
عليه وآله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن، ثم حمل على القوم فقتل ثمانية
عشر نفساً، فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه وقُتِل رحمه الله.
فلما كان في الليل طاف أمير المؤمنين عليه السلام في القتلى ووجد عمار ملقىً
بين القتلى فجعل رأسه على فخذه ثم بكى عليه وأنشأ يقول:
ألا أيها الموت الذي ليس تاركي
أرحني فقد افنيت كل خليلِ
عنه: قال: حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد
بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم (بن)(٤)
(عن) معاوية بن (وهب) البجلي وأبي قتادة علي بن محمد بن حفص، عن علي بن جعفر،
عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام، قال: قلت (له)(٥):
(ما) تأويل قول الله عز وجل: ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ
أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ)) فقال
عليه السلام: اذا فقدتم إمامكم فلم تروه فماذا تصنعون.(٦)
علي بن إبراهيم: قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن القاسم
بن العلا (محمد خ ل) قال: حدثنا إسماعيل بن علي الفزاري، عن محمد بن جمهور، عن
فضالة بن أيوب قال: سئل الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: ((قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ
مَعِينٍ)).
فقال عليه السلام: ماؤكم أبوابكم أي الائمة
والائمة أبواب الله بينه وبين خلقه ((فَمَنْ يَأْتِيكُمْ
بِماءٍ مَعِينٍ)) يعني بعلم الامام.(٧)
محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن سهل بن
زياد، عن موسى بن القاسم بن معاوية البجلي، عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن
جعفر عليهما السلام في قول الله عز وجل: ((قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ
مَعِينٍ)) قال: إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد.(٨)
محمد بن إبراهيم النعماني: قال: أخبرنا محمد
بن همام رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن بندار (ما بندار) قال: حدثنا أحمد بن
هلال، عن موسى بن القاسم بن (عن) معاوية البجلي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى
بن جعفر عليه السلام، قال: قلت له: تأويل هذه الآية: ((قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ
مَعِينٍ)) فقال: إن فقدتم امامكم فلم تروه فماذا تصنعون؟ (قال: اذا
فقدتم إمامكم فمن يأتيكم بماءٍ جديد).(٩)
محمد بن العباس: عن أحمد بن القاسم، عن أحمد
بن محمد بن سيار (بشار)، عن محمد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي (البجلي)
عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: ((قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ
مَعِينٍ)) قال عليه السلام: إن غاب إمامكم فمن يأتيكم بإمامٍ جديد.(١٠)
المفيد: بإسناده عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى
بن جعفر عليهما السلام قال: قلت له: ما تأويل هذه الآية: ((قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ
مَعِينٍ)) فقال عليه السلام: تأويله إن فقدتم إمامكم فمن يأتيكم بإمام
جديد.(١١)
(١١)
لم أجدها في كتب الشيخ المفيد الموجودة، وتشبيه الامام عليه السلام
بالماء لوجوه:
١_ إن حياة الانسان تتوقف على وجود الماء ولولاه لم يتمكن من إدامة
حياته الجسمية، فكذلك الامام تتوقف حياة الانسان الجسمية والروحية على
وجوده ودليل ذلك قوله عليه السلام: لولا الحجة لساخت الارض بأهلها...
٢_ كما أن الماء من مواهب الله تعالى وليس للانسان أي تأثير في إيجاده،
فكذلك الامام من أنعم الله تعالى التي تفضل بها اعلى الانسان وليس
للإنسان أي دور في تعيينه ونصبه حسب الادلة الثابتة في محلها.
٣_ الماء يذهب به الانسان أوساخه الجسمية ويتطهر به من أنواع النجاسات،
والامام هو الذي يتعرف به الانسان على ربه ويقف على أحكام قرآنه
وشريعته وبذلك يتخلص من رذائل الشرك والجهل.
٤_ ان للماء الموجود في تخوم الارض سهم كبير في ثباتها وسيرها حسب نظام
دقيق ومعين، كذلك الامام يستفيد الانسان _بل كل الموجودات_ منه رغم
استتاره خلف سحائب الغيبة وذلك لوساطته في نزول الفيض من الخالق الى
المخلوقين عامة حسب الادلة.
٥_ كما أن الماء يطلبه الانسان عند افتقاده بالفحص في الارض وحفر
الآبار وغيرها لتوقف حياته الجسمية عليه، كذلك يلزم عليه الفحص عن
الامام والسعي في التقرب منه والتشرف بلقائه والاستفادة من حضوره
وتهيئة الجو المناسب لحكومته وإقامة العدل في الارض، حيث لا حياة سعيدة
للبشر بدون العدل والقسط.