الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
القول بأن الإمام (عجّل الله فرجه) لم ينطق أبداً وإن كان كلاماً في نفسه غير صحيح والأحاديث والروايات تكذب كل ذلك، فإننا حتى لو تنزلنا عن هذه الحقيقة الناصعة فإن بقية الأئمة (عليهم السلام) الذين سبقوه ابتداء من النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وانتهاء بآبائه المعصومين (عليهم السلام) لم يألوا جهداً في بيان الحق وما يجب على الناس، والنتيجة بعد كل ذلك لا تخفى على عموم الأمة وكيف أداروا لهم ظهر المجن بمجرد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم).
واضح من سؤالكم أنكم فهمتهم الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كجزء مستقل ومنعزل عن منظومة الإمامة الإلهية التي جعلها الله تعالى سبيلاً لهداية الناس وارشادهم والتي يشكل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فرداً من أفرادها الاثني عشر المعصومين (عليهم السلام) الذين اختارهم الله تعالى لهداية الناس وقيادتهم، وما زال الأئمة (عليهم السلام) في طول حياتهم الشريفة يشكون إعراض الناس عنهم وعدم الاستجابة لهم، حتى روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): بلية الناس عظيمة إن دعوناهم لم يجيبونا، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا. [الأمالي للشيخ الصدوق: ص٧٠٧]
وقد يهون الأمر لو أن الناس اكتفوا فقط بالإعراض عنهم والصد، بل عدوا عليهم جميعاً حتى قضوا (عليهم السلام) بين مسموم ومقتول، روي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): أيها الناس، أصبحنا مشردين مطرودين مذودين شاسعين عن الأوطان، من غير جرم اجترمناه، ولا مكروه ارتكبناه، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها، ولا فاحشة فعلناها، فو الله لو أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) أوصى إليهم في قتالنا لما زادوا على ما فعلوا بنا، فانا لله وإنا إليه راجعون. [ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ج٣، ص٩٤]
فلا ينبغي بل ولا يصح أن تُختزل تلك المواقف المؤلمة والجائرة التي جرت على أهل بيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) لنحاول بعد ذلك أن نبرء الناس من مواقفها السلبية والسيئة، ثم نلقي الخلل والتقصير على السماء والغيب لنماثل ونضاهي في ذلك موقف اليهود الذي قصه علينا القرآن الكريم حينما حاولوا أن يبرؤا أنفسهم ويبرروا عدم ايمانهم بنبينا (صلّى الله عليه وآله وسلم) بتبريرات واهية كاذبة ردها الله تعالى عليهم في محكم كتابه الكريم، يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا إلّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)