الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
الرواية وردت بلفظين مختلفين، فقد وردت في بعض النسخ: لا يَقومُ القَائمُ حَتَّى يقومَ اثنا عَشرَ رجلاً كُلُهم يُجمِعُ عَلى قولِ إنّهم قَدْ رَأوهُ فَيُكَذِّبونهم [الغيبة للشيخ النعماني: ص٢٨٥]، ووردت في بعضها الآخر بلفظة (فيكذبهم) ولأجل هذا الاختلاف يختلف تبعاً لذلك تفسير الرواية، فالظاهر من الأول أن اثني عشر رجلاً يرون الإمام (عجّل الله فرجه) قبل ظهوره فيكذبهم الناس، وأمّا على الصيغة الثانية فإن الإمام القائم (عجّل الله فرجه) هو الذي يكذّبهم ويكذّب دعواهم عند ظهوره الشريف (عجّل الله فرجه)، وعلى ضوء ذلك فالرواية مجملة.
وإن كنا نحتمل صحة القراءة الأولى وأن بعض خواص الإمام (عجّل الله فرجه) يذيعون بين الناس رؤيته ومشاهدتهم له تمهيداً لنصرته إذا ظهر بشكل علني للناس عموماً، لاسيما مع ما ورد أن الإمام (عجّل الله فرجه) يظهر بشكل خاص وجزئي لبعض الناس في المدينة فيسمع السفياني بذلك فيرسل جيشه للقبض على الإمام (عجّل الله فرجه) في أوّل ظهوره فيخرج من المدينة بشكل سري ولا يظهر بعد ذلك إلّا في مكة.
روى جابر الجعفي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في سياق حديثه عن السفياني: ويبعث بعثاً (أي السفياني) إلى المدينة... ويخرج المهدي منها على سنة موسى (عليه السلام) خائفاً يترقب حتى يقدم مكة، ويقبل الجيش حتى إذا نزلوا البيداء... خسف بهم فلا يفلت منهم إلّا مخبر، فيقوم القائم بين الركن والمقام، فيقول: يا أيها الناس إنا نستنصر الله على من ظلمنا. [تفسير العياشي لمحمد بن مسعود العياشي: ج١، ص٦٥]
وفي رواية أخرى: ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة فينفر المهدي منها إلى مكة، فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج إلى مكة، فيبعث جيشاً على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفاً يترقب على سنة موسى بن عمران. قال: وينزل أمير جيش السفياني البيداء فينادي مناد من السماء: يا بيداء أبيدي القوم، فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلّا ثلاثة نفر. [الغيبة للشيخ النعماني: ص٢٨٩]، كما ورد ذلك في رواية الإمام زين العابدين (عليه السلام): فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ثم يخرج بعد ذلك. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص٤٤٤]
ولعل هذا الظهور الخاص الذي يسبق ظهوره العلني العام هو الذي عبرت عنه بعض الروايات بالظهور في شبهة، فقد سأل المفضل الإمام الصادق (عليه السلام): يا مولاي، فكيف بدءُ ظهور المهدي (عليه السلام)؟ قال (عليه السلام): يا مفضل يظهر في شبهة ليستبين، فيعلو ذكره، ويظهر أمره وينادي باسمه وكنيته ونسبه ويكثر ذلك على أفواه المحقين والمبطلين والموافقين والمخالفين. [مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي: ص١٧٩]، أي يظهر في ظرف أو وقت شبهة يختلط فيه الحق بالباطل والصدق بالكذب بين من يقول برؤيته وظهوره في المدينة وبين من يكذب ذلك.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)