الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
سيف ذي الفقار من مواريث النبوة والإمامة، نزل به جبرئيل (عليه السلام) لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، فأعطاه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) كما في رواية ابن عباس عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): إن الله تبارك وتعالى أعطاني ذا الفقار، قال: يا محمد خذه وأعطه خير أهل الأرض، فقلت: مَن ذلك يا رب؟ فقال: خليفتي في الأرض علي بن أبي طالب (عليه السلام). [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٤٢، ص٦٧]
ويعتبر من دلائل الإمامة وبراهينها يدور معها حيث دارت كما روى ذلك سعيد السمان عن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل، كانت بنو إسرائيل أي أهل بيت وجد التابوت على بابهم أوتوا النبوة فمن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٢٣٨]
والذي يظهر من الروايات أن الإمام الحسين (عليه السلام) أودعه عند أم سلمة حينما خرج من المدينة ولم يأخذه معه إلى كربلاء خشية عليه من السلب والاستيلاء من قبل بني أمية إذا استشهد الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد ورد في الحديث المعتبر الذي رواه الكليني عن الإمام الباقر (عليه السلام) قوله: إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لما قبض، ورث علي (عليه السلام) علمه وسلاحه وما هناك، ثم صار إلى الحسن (عليه السلام) ثم صار إلى الحسين (عليه السلام)، فلما خشينا أن نغشى استودعها أم سلمة ثم قبضها بعد ذلك علي بن الحسين (عليه السّلام). [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٢٣٥]
وذكرت عدة روايات أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عند خروجه يتقلّد سيف (ذو الفقار) الذي ورثه عن آبائه الطاهرين (عليهم السلام)، فقد روى أبو بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: يا أبا محمد إنه يخرج موتوراً غضبان أسفاً، لغضب الله على هذا الخلق، عليه قميص رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذي كان عليه يوم أُحُد، وعمامته السحاب، ودرع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) السابغة، وسيف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذو الفقار. [الغيبة للشيخ النعماني: ص٣٢٠]
وكذلك ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): ثم يهز الراية الجلية وينشرها وهي راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله) السحابة ودرع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) السابغة، ويتقلد بسيف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذي الفقار. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٥٢، ص٣٠٧]
ومن خصوصيات هذا السيف ومعاجزه ما جاء في بعض النصوص الشريفة أنه يخاطب الإمام (عجّل الله فرجه) بلسان عربي مبين عند انتهاء الغيبة الكبرى ويقول له: قم يا ولي الله فاقتل أعداء الله. [كفاية الأثر للخزاز القمي: ص٢٦٧]
وأمّا ما ورد في الزيارة الناحية فيمكن حمله على إرادة رمزية المعنى العام الذي يشمل كل سيف يجاهد به الإمام المعصوم (عليه السلام) الأعداء، فقد روى الصدوق في علل الشرائع عن الإمام الباقر (عليه السلام) تعليل تسمية السيف بذي الفقار بقوله: لأنه ما ضرب به أحد من خلق الله إلّا أفقره من هذه الدنيا من أهله وولده وأفقره في الآخرة من الجنة. [علل الشرائع للشيخ الصدوق: ج١، ص١٦٠]، بمعنى أن السيف الذي كان يقاتل به الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء وإن لم يكن هو سيف (ذو الفقار) ولكن كل سيف يجاهد به الإمام له من الشأنية ما لذاك السيف من إفقار المقتولين به في الدنيا والآخرة، وهذا المعنى صحيح في نفسه كما يصح أن نقول: إن سيف المعصوم هو سيف الله تعالى في الأرض فلا يختص بعض السيوف بهذا الوصف دون البعض الآخر.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)