الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
أول مراتب المواساة والعزاء لإمامنا صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه) هو استشعار الحزن والألم في القلب، إذا حل شهر محرم الحرام، وأن لا يكون حالنا في هذه الليالي والأيام كحالنا في بقية أيام السنة، فهذه هي العلامة الفارقة بين الموالي المنتظِر وبين الآخرين الذي لا يرتبطون بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عقائدياً وروحياً.
ولا يمكن أن نكتفي باستشعار القلب لذلك فقط، بل لابد من إظهاره كواقع يحكم سلوكنا وحركتنا من خلال إقامة الشعائر الحسينية والاشتراك فيها حضوراً وخدمة.
فإن إظهار الحزن ورفع الأعلام الحسينية على البيوت والجدران من الأمور الكاشفة عن الحزن والغمّ الذي أمرنا أهل البيت (عليه السلام) بإشاعته وإعلانه، وليكون كل ذلك مصداقاً لاقتدائنا بهم (عليهم السلام) ومواساتهم، يقول الريّان بن شبيب: دخلت على الرضا (عليه السلام) في أول يوم من المحرّم، فقال لي: يا بن شبيب، إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا، وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا، فلو أنّ رجلاً تولّى حجراً لحشره الله (عزَّ وجلّ) معه يوم القيامة. [الأمالي للشيخ الصدوق: ص١٩٣]
وينبغي أن نلتفت بعناية أن صاحب العزاء في هذه الليالي هو الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وأن يكون هو أول من نقدم له العزاء والمواساة قبل غيره، وقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) ما يدلّ على كيفيّة هذه التعزية، وهي كالآتي: عظّم الله أجورنا بمصابنا بالحسين (عليه السلام)، وجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثأره مع وليّه الإمام المهدي من آل محمّد (عليهم السلام). [كامل الزيارات لابن قولويه: ص٣٢٦]
ولا يخفى على أمثالكم من الموالين أن إقامة مجالس العزاء، والمشاركة فيها، ودعمها، وتقويتها للوصول من خلالها إلى تحقيق الهدف وهو التعرّف على الوظائف والأحكام الشرعيّة ومعرفة سيرة أبي الأحرار (عليه السلام) وخطّه ومنهجه يأتي في طليعة ما يقربنا ويعمق علاقتنا والمودة بيننا وبين إمام زماننا (عجّل الله فرجه).
فإنه مطّلع وناظر في أعمال شيعته ومحبيه كما استفاضت في ذلك الروايات والأخبار، وأن نأخذ بنظر الاعتبار أن تلك المجالس الحسينية وإن كان عنوانها الأول إظهار الجزع والحزن على ما جرى على سيد الشهداء (عليه السلام) وأهل بيته في كربلاء، فهي في الوقت ذاته إعلان آخر يتضمن الانتظار لظهور صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)، وحيث كانت كذلك، فلابدّ من تضمينها الدعاء والابتهال إلى الله تعالى لنكون معه طالبين بثأر تلك الدماء الطاهرة، كما ورد ذلك في زيارة عاشوراء: أسأله... أن يرزقني طلب ثأري مع إمام مهديّ ظاهر ناطق منكم.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)