الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
مقومات الإسلام هي الإيمان بوجوده تعالى ونفي الشريك عنه والإيمان بنبوة النبي محمد (صلّى الله عليه وآله) والإقرار بالقيامة والمعاد، وهذه الأصول لها مدخلية موضوعية في تحقق إسلامية المسلم، بمعنى أن من أنكرها خرج عن الإسلام، سواء كان معانداً أو غير معاند، وأمّا ما جاء به النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) من الفرائض والأحكام والعقائد فمن أنكر ذلك وهو عالم بأن إنكاره هذا يستلزم تكذيب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) فهو خارج عن الإسلام أيضاً. [للاستزادة راجع مصباح الفقاهة السيد الخوئي: ج١، ص٣٨٩]
وأمّا إذا أنكر ما جاء عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) لعدم علمه أو لشبهة حصلت عنده بحيث لا يعود إنكاره ملازماً لتكذيب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) فلا يقدح ذلك في إسلامه، ومن هنا يحكم بكفر من أنكر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إن ثبت عنده أنه مما جاء به النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم)، وأمّا إذا لم يثبت عنده ذلك ولم يعلم به، فهو وإن لم يخرجه من الإسلام، ولكنه لن يخرج عن دائرة الضلال والتيه، فقد روى الكليني عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): من مات وليس له إمام، فميتته ميتة جاهلية؟ قال: قلت: ميتة كفر؟ فقال (عليه السلام): ميتة ضلال، قلت: فمن مات اليوم وليس له إمام، فميتته ميتة جاهلية؟ فقال: نعم. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٣٧٦]
بطبيعة الحال الجواب السابق يرتبط بموضوع الإسلام وعدم الإسلام والضلال وعدم الضلال، وأمّا متى يكون هذا الضال معذوراً عند الله تعالى أو ليس معذوراً فإن له نقاشاً آخر ينتهي فيه العلماء إلى معذورية المستضعف من الناس، والمستضعف كما عرفه السيد الخوئي (رحمه الله) بقوله: هو الذي لا يعاند الإسلام والحق، وإنما لم يلتزم به لقصور فيه بحيث لو بيَّن له الحق لقَبِلَه، وهذا يتَّفق كثيراً في العجزة والنساء وعامّة القاصرين. [شرح العروة الوثقى تقرير بحث السيد الخوئي للغروي: ج٩، ص٢٣٩]
وقد روى الشيخ الكليني أن إسماعيل الجعفي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الدين الذي لا يسع العباد جهله، فقال: الدين واسع، ولكن الخوارج ضيَّقوا على أنفسهم من جهلهم. قلت: جعلت فداك، فأحدثك بديني الذي أنا عليه؟ فقال: بلى، فقلت: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، والإقرار بما جاء من عند الله، وأتولاكم وأبرأ من عدوكم ومن ركب رقابكم وتأمَّر عليكم وظلمكم حقكم، فقال: ما جهلت شيئاً، هو والله الذي نحن عليه. قلت: فهل سلم أحد لا يعرف هذا الأمر؟ فقال: لا إلّا المستضعفين. قلت: من هم؟ قال: نساؤكم وأولادكم. ثم قال: أرأيت أُم أيمن؟ فإني أشهد أنها من أهل الجنة وما كانت تعرف ما أنتم عليه. [الكافي للشيخ الكليني: ج٢، ص٤٠٥]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)