الإجابة: الله الرحمن الرحيم
وإن لم يكن معلوماً على نحو قاطع طبيعة السلاح الذي يكون سائداً في عصر الظهور ومع ذلك لو افترضنا أن هذه التكنولوجيا العسكرية ستبلغ أعلى مراحل تطورها حينذاك، فهذا لا يلغي أهمية الإعداد البدني والجسدي للمقاتلين، وهذا ما نلاحظه بوضوح في الدول المتقدمة عسكرياً واهتمامها الكبير باللياقة البدنية لجنودها، بل وتشترط في الانتماء إليها كل ما يوفر الأهلية لذلك من القوة والرشاقة والسرعة، حتى أنها تخصص أوقاتاً طويلة لتأهيل أفرادها من هذا الجانب لعلمها أن الأسلحة الحديثة مهما تقدمت لا يمكن أن تكون بديلاً عن الدور الفعال والمهم للأفراد والمقاتلين بما يمثلونه من وسائل أساسية وفعالة في حسم المعارك.
ولذلك نجد أن الروايات واضحة في نشوب المعارك في عصر الظهور والتي تستدعي بذلك الجهد والعرق والتضحيات، فقد جاء عن بشير النبال أنه سأل الإمام الباقر (عليه السلام): إنهم يقولون إن المهدي لو قام لاستقامت له الأمور عفواً ولا يهريق محجمة دم. فقال: كلا، والذي نفسي بيده لو استقامت لأحد عفواً لاستقامت لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) حين أدميت رباعيته، وشج في وجهه، كلا والذي نفسي بيده، حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق، ثم مسح جبهته. [الغيبة للشيخ النعماني: ٢٩٤]
مضافاً إلى ذلك فإن القدرة البدنية العالية تتجاوز في قيمتها البدن إلى كل ما يرتبط بالصحة من جميع نواحيها النفسية والعقلية والاجتماعية، بل حتى الروايات الشريفة التي ذكرت قوة أنصار الإمام (عجّل الله فرجه) لا يمكن تفسيرها بالقوة الجسمانية فقط، وإنما يشمل أيضاً كلا البُعدين، فقد وردت تلك الروايات في سياق وصف الأنصار بقوة الإرادة والصلابة في مواجهة المصاعب والأخطار كما يرشح هذا المعنى عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في سياق حديثه عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه): إذا هز رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع يده على رؤوس العباد، فلا يبقى مؤمن إلّا صار قلبه أشد من زبر الحديد، وأعطاه الله تعالى قوة أربعين رجلاً. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٦٥٣].
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)