الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
مقياس أهل البيت (عليهم السلام) في تقييم الآخرين والقرب والبعد عنهم إنما هو مقياس القرآن الكريم، يقول تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ﴾ وحنانهم وعاطفتهم (عليهم السلام) محكومة بمشيئة الله تعالى، فما أحبه الله أحبوه وما أبغضه الله أبغضوه، وهذا المعنى أصلٌ أصيل في رواياتهم، ودلّت عليه عدة أحاديث، بل عقدت لهذا المضمون في الموسوعات الحديثية أبواباً وفصولاً من قبل المحدثين، بل في بعضها أن أهل البيت (عليهم السلام) يعدون العاصي والمتمرد على الله تعالى في مصاف أعدائهم النواصب، فقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) قوله: من كان لله مطيعاً فهو لنا ولي، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدو، وما تنال ولايتنا إلّا بالعمل والورع. [الكافي للشيخ الكليني: ج٢، ص٧٥]
وبطبيعة الحال لا يعني أن كل ذنب ومعصية من الموالي والمحب لهم يؤدي إلى سقوطه أو انقطاع رعايتهم له، فإن المحبين لهم كيفما كانوا ليسوا بمعصومين أو لا تصدر منهم الذنوب، فالروايات المتقدمة غير ناظرة إلى هؤلاء، بل إلى من استغرق في المعصية والخطيئة، وأمّا المستغفر والتائب إلى الله تعالى فهو كمن لا ذنب له، فقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): التائب من الذنب كمن لا ذنب له. [الكافي للشيخ الكليني: ج٢، ص٤٣٥]
وعلى الإنسان المؤمن أن لا يصاب باليأس والقنوط من رحمته تعالى، وليعلم أن الرحمة الإلهية أوسع من السماوات والأرض، ولا تضيق على أحد من عباده، روي في الحديث الصحيح والمعتبر عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ﴿يا أَيـُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً﴾، قال: هو الذنب الذي لا يعود فيه أبداً. قلت: وأينا لم يعد؟ فقال: يا أبا محمد إن الله يحب من عباده المفتن التواب. [الكافي للشيخ الكليني: ج٢، ص٤٣٢]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)