أقسام الأسئلة والأجوبة
 سؤال مختار:
 الاحصائيات:
 الصفحة الرئيسية » الأسئلة والأجوبة المهدوية » عصر الغيبة » (١٢٩٧) ما فائدة وجود إمام معصوم غائب عنا، وهو لا يؤدّي دوره التبليغي...؟

يرجى البحث في الأسئلة والأجوبة المنشورة من خلال محرك البحث قبل إرسال سؤالكم الكريم 👇

 ابحث هنا عن سؤالك المهدوي:
 عصر الغيبة

الأسئلة والأجوبة (١٢٩٧) ما فائدة وجود إمام معصوم غائب عنا، وهو لا يؤدّي دوره التبليغي...؟

القسم القسم: عصر الغيبة السائل السائل: مريم محمد الشخص المجيب: مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠٢٢/٠٤/٢٣ المشاهدات المشاهدات: ٢٧٣٤ التعليقات التعليقات: ٠

السؤال:

صديقتي من المذهب السني طالبة معي في الجامعة سألتني ما فائدة وجود إمام معصوم غائب عنا، وهو لا يؤدّي دوره التبليغي الديني أو الإداري الدنيوي؟
فممكن أن تعطوني جواباً من مصادر الكتب السنية، لكي أستطيع أن أجيبها على هذا الإشكال.


الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الإشكالية التي تطرحها هذه الأخت ناشئة من التصور الخاطئ للمخالفين في فهم حقيقة الإمامة ومعناها، فإنهم لما قصروا معنى الإمامة على الرئاسة وممارسة السلطة، فمن الطبيعي أن يتساءلوا عن دور هذا الإمام وفائدته إذا غاب عن الناس، وكذلك أدى بهم هذا الفهم إلى تصور أن الإمامة إنما هي مجرد قضية تنظيمية إدارية يمكن أن يقوم كل أحد تتوفر فيه الأهلية المتعارفة فيما لو توفر السبب الذي يعطيه الشرعية، ثم اختلفوا اختلافاً كبيراً بينهم في طريقة انعقاد هذه الإمامة ومصادر وشرعيتها، فقد ذكر الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية: فقد اختلف العلماء في عدد من تنعقد به الإمامة منهم على مذاهب شتّى، فقالت طائفة: لا تنعقد إلّا بجمهور أهل العقد والحل من كل بلد، ليكون الرضا به عامّاً والتسليم لإمامته إجماعاً، وقالت طائفة أُخرى: أقل من تنعقد به منهم الإمامة خمسة يجتمعون على عقدها أو يعقدها أحدهم برضا الأربعة، وقال آخرون من علماء الكوفة: تنعقد بثلاثة يتولّاها أحدهم برضا الاثنين ليكون حاكماً وشاهدين، وقالت طائفة أُخرى: تنعقد بواحد. [الأحكام السلطانية للماوردي: ص٦]
بل ذهبوا إلى أن الإمامة تأخذ شرعيتها بالاستيلاء والغلبة كما ذكر ذلك النووي في روضة الطالبين: إذا ثبتت الإمامة بالقهر والغلبة، فجاء آخر، فقهره، انعزل الأول، وصار القاهر الثاني إماماً. [روضة الطالبين للنووي: ج٧، ص٢٦٧]، ليصبح بعد ذلك حاكماً وقائداً عاماً، وتكون طاعته واجبة وعدم بيعته سبباً للموت على الضلالة ولو كان كيزيد بن معاوية بناء على ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية. [صحيح مسلم: ج٦، ص٢٢]
ولا يخفى أن هذا الاختلاف الكبير بينهم في طريقة انعقاد الإمامة عندهم يدل على وجود ثغرات فاحشة تؤشر بوضوح إلى بطلان أصل القول بأن الإمامة تكون بيد الأمة أو الناس، فإن الأمر لو كان كذلك لبيَّن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) طريقة انعقادها وتفاصيل ذلك، فإن الإسلام قد بيَّن ما هو أقل من ذلك كطريقة انعقاد الزواج، وشروطه وبيان تفاصيل البيع والشراء، وتفاصيل طبقات الإرث ومن يرث ومن لا يرث، فكيف يهمل والحال هذه أخطر قضية تهم المجتمع الإسلامي ألا وهي (الخلافة والإمامة)، فهل يمكن أن نتعقل بأن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) خرج من هذه الدنيا وترك الأُمة الإسلامية هملاً من دون أن يعيّن لهم هذا الإمام الذي يحفظ لهم شملهم، وتكون بيعته إنقاذاً لهم من الضلال والفتن التي سوف تقبل عليهم بعد وفاته (صلّى الله عليه وآله)، وهو القائل كما روى أحمد بن حنبل في مسنده: ويل للعرب من شر قد اقترب فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً. [مسند أحمد بن حنبل: ج٢، ص٣٩٠]، وهل يمكن أن يكون حكّام العالم أكثر رشداً ونضجاً من نبينا (صلّى الله عليه وآله وسلم) حينما يعينون لهم ولاة عهد أو نواباً يخلفونهم في الحكم خوفاً على مجتمعاتهم من الضياع والتفرقة!؟
وبعد هذا البيان والتوضيح نقول لها إن القرآن الكريم يصرح أن الإمامة إنما هي من أمر الله تعالى واختياره لا بأمر الناس واختيارهم، يقول (عزَّ وجلَّ): ﴿وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا﴾، وفي آية ثانية ﴿وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا﴾، وهذا ما وضحه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) للمسلمين في الأحاديث التي تواترت عنه سواء ما ورد في حديث الغدير أو حديث الثقلين، وغيرها من الأحاديث التي تشرع الخلافة والإمامة في أهل بيت رسول الله (عليهم السلام) دون غيرهم، ولكن الذي جرى في حادثة السقيفة هو الذي قلب الأمور وأدى إلى تولّي بعض الناس أمر هذه الخلافة تمرداً على ما أمر الله تعالى به ورسوله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، ولم يكن أمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلّا أحد أمرين، إمّا الدخول في معركة محسومة النتائج لقلة الناصر أو السكوت والصبر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، يقول (عليه السلام) في الخطبة الشقشقية المعروفة: وطفقت أرتئي بين أن أصول بيدٍ جذّاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربّه، فرأيت الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهباً.... [نهج البلاغة: ص٤٨]
ومن هنا فإن نكوص الناس عن بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) أو عن أولاده المعصومين (عليهم السلام) لا تشكل مطعناً في إمامتهم ولا يقلل ذلك من شأنهم، ولو كان الأمر كذلك لسقطت نبوة الكثير من الأنبياء ممن كذبتهم أُممهم ولم تعتن بالرجوع إليهم، بل قتلتهم ونكَّلت بهم أشد التنكيل، مضافاً إلى ذلك فنحن نعتقد أن الإمامة لا تعني فقط الرئاسة والمرجعية الدينية، بل هناك أدواراً ووظائف تُلقى على عاتق الإمام المعصوم (عليه السلام) يؤديها ويقوم بها ولو كان غائباً عن الناس، فليس كل وظائفه تستلزم حضوره بين الناس، بل أن الدور الأهم هو الدور الغيبي الذي يؤديه لحفظ هذا العالم وهو الذي يُعبر عنه في علم الكلام بالدور الملكوتي.
وهذا معنى ما ورد مستفيضاً أنه لولا وجود الإمام (عجّل الله فرجه) لساخت الأرض بأهلها، فقد نقل الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: أتبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لو بقيت الأرض بغير إمام ساعة لساخت. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٢٠١]
وورد عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): نحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث، وبنا ينشر الرحمة، ويخرج بركات الأرض ولولا ما في الأرض منا لساخت بأهلها. [الأمالي للشيخ الصدوق: ص٢٥٣]
ونفس هذا المعنى الذي يؤشر إلى أهمية وجود أهل بيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في الأرض مروي في كتب السنة، فقد روى الحاكم النيسابوري عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في حديث قال عنه صحيح الإسناد قوله: وأهل بيتي أمان لأُمتي، فإذا ذهب أهل بيتي آتاهم ما يوعدون. [المستدرك على الصحيحين للحكام النيسابوري: ج٢، ص٤٤٨]، وروى الطبراني في المعجم عنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) قوله: النجوم جعلت أماناً لأهل السماء وإن أهل بيتي أمان لأُمتي. [المعجم الكبير للطبراني: ج٧، ص٢٢]
وعليه فليس غيبة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) تعني غيبة الدور أيضاً أو تعطيلاً لوظيفته، وهذا هو مدلول ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في سياق حديثه عن ولده القائم (عجّل الله فرجه) في قوله: إن الناس ينتفعون به كما ينتفعون من الشمس إذا سترها السحاب. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٢٠٧]
ووجه المقاربة والشبه بينه (عجّل الله فرجه) والشمس أن البشرية وهم على الأرض لا يمكن لهم أن يعيشوا على الأرض من دون هذه الشمس، فهي التي تمدهم بالطاقة والحيوية ولا يضر أهميتها وقيمتها لهم حتى وإن جهلوا منفعتها وفائدتها في استمرار حياتهم.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016