الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
له أُسوة بالزهراء (عليها السلام):
إنَّ من أهمّ أنظمة الحياة التربوية هو نظام الأُسوة والقدوة الحسنة، وهو نظام دعا له القرآن الكريم بقوله عزَّ من قائل: ﴿لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً﴾ [الأحزاب: ٢١]، وقال تعالى: ﴿قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ [الممتحنة: ٤].
والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) اتَّخذ من جدَّته الطاهرة الزهراء (عليها السلام) أُسوة حسنة، فقد ورد في أحد توقيعاته (عجّل الله فرجه): وفي ابنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لي أُسوة حسنة. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص٢٨٦، ح ٢٤٥]
فما هو وجه التأسّي بها (عليها السلام)؟
إنَّ التأسّي بها (عليها السلام) من عدَّة وجوه:
الأوَّل: إنَّها (عليها السلام) قد غُصِبَ حقُّها وإرثها في حياتها، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كذلك، غُصِبَت حقوقه، وقُسِّم إرثه في حياته.
عن أحمد بن إبراهيم، قال: دخلت على حكيمة بنت محمّد بن عليٍّ الرضا (عليهما السلام) سنة اثنتين وستّين ومائتين، فكلَّمتها من وراء حجاب، وسألتها عن دينها، فسمَّت لي مَنْ تأتمُّ بهم، قالت: فلان ابن الحسن، فسمَّته. فقلت لها: جعلني الله فداكِ، معاينةً أو خبراً؟ فقالت: خبراً عن أبي محمّد (عليه السلام) كتب به إلى أُمِّه، قلت لها: فأين الولد؟ قالت: مستور، فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟ قالت: إلى الجدَّة أُمّ أبي محمّد (عليه السلام)، فقلت: (أقتدي) بمن وصيَّته إلى امرأة. فقالت: اقتدِ بالحسين بن عليٍّ (عليهما السلام) أوصى إلى أُخته زينب بنت عليٍّ (عليه السلام) في الظاهر، وكان ما يخرج من عليِّ بن الحسين (عليهما السلام) من علم يُنسَب إلى زينب ستراً على عليِّ بن الحسين (عليهما السلام). ثمّ قالت: إنَّكم قوم أصحاب أخبار أمَا رويتم أنَّ التاسع من ولد الحسين (عليه السلام) يُقسَّم ميراثه وهو في الحياة. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص٢٣٠، ح ١٩٦]
الثاني: إنَّها (عليها السلام) لم تتَّق من الأعداء عندما طالبت بحقِّها، فوقفت أمام السلطات العاتية، وفي مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لتطالب بحقوها ولتكشف أباطل المبطلين من دون أيَّة تقيَّة.
وكذلك الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) سيطالب بالحقِّ ويُطبِّقه عندما يأذن الله تعالى من دون أيَّة تقيَّة، بل سترتفع التقيَّة في زمن ظهوره حتَّى عن الشيعة.
الثالث: إنَّها المدافعة عن الولاية وإمام زمانها في زمن قلَّ فيه الناصر، وهي التي أبرزت هذه العقيدة الإيمانية أمام الملأ.
والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) سيكشف للناس هذه الحقيقة الإيمانية، وستكون الدولة إسلاميَّة محمّدية علوية لا غير.
الرابع: إن مولاتنا الزهراء (عليها السلام) قد تم تغييب قبرها، فلا أحد يصل إليه، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أيضاً غاب فلا أحد يصل إليه اليوم.
الخامس: إن الناس لم يعرفوا حق فاطمة (عليها السلام) بل جهلوا حقها واستخفّوا بحرمتها، وكذا حصل مع الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) حيث جهله الكثير واستخفّوا بحرمته.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)