الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
من البديهيات أن الخوف من غير الله منفي عن الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) قال تعالى: ﴿إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ المُرسَلُونَ﴾ [النمل: ١٠] إلّا أنه مع ذلك وردت آيات دلت على أن موسى والنبي الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وغيرهم حصل لهم الخوف، فهذا الخوف لابد أن يفسر بوجه يتناسب مع ما ذكرناه أولاً. ويمكن أن نذكر عدّة وجوه لذلك، فمن الوجوه:
إنهم ورد عنهم أنهم لا يجزمون على الله لشدة خضوعهم لسلطان الله، فهذا يؤدي إلى حصول الخوف لديهم على نتائج حركتهم، وإن كانوا يعلمون بانتصار حركتهم، فإنّ النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عندما هاجر من مكة إلى المدينة تخفّى من الأعداء مع علمه بأنّ الله (عزَّ وجلَّ) سينجيه، ووعده بأنْ يملك مفاتيح الكعبة نفسها، هذا وجه.
ومن الوجوه: أنهم يخافون لعظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، فإن الآيات القرآنية وصفت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأنه تدثّر وتزمّل عند إلقاء المسؤولية على عاتقه، مع علمه بأنه منصور مؤيد وأنّ دينه يظهر على الدين كله، وكذلك الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فإنّ ما سيقوم به يمثل ثمرة جهود الأنبياء والأولياء (عليهم السلام) ويمثل إنجاز الوعد الإلهي، ولذلك سيخرج خائفاً يترقب لعظم هذه المسؤولية وهذا الخوف من عظم المسؤولية يبقى معه في كل مراحل إنجاز المشروع الإلهي، لكن الرواية ذكرت الخوف في خصوص المورد لأنه يمثل بداية الحركة نحو الإنجاز كما كان بالنسبة لخوف النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أول ما ألقيت عليه المسؤولية.
وبعبارة مختصرة: بما أن قتل الإمام (عجّل الله فرجه) سيشكل فراغاً في الإمامة، فإذن أصبح من اللازم عليه أن يحفظ نفسه لئلا تخلو الأرض من الحجة، وخروجه من المدينة يُفسّر بهذا النحو، خصوصاً وأن أصحابه لم يجتمعوا به ولم يتجمعوا له إلى هذه اللحظة التي يخرج فيها من المدينة.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)