هناك شخص شيعي يطعن بالحوزة العلمية والمراجع بحجة أنَّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عندما يظهر يقتل علماء وفقهاء وبالآلاف وله في ذلكَ أدلة وهي: عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، أنه قال: قال لأبي هاشم الجعفري: يا أبا هاشم سيأتي زمان على الناس... علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف، ويضلون شيعتنا وموالينا، فإن نالوا منصباً لم يشبعوا عن الرشا، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء، ألا إنهم قطاع طريق المؤمنين، والدعاة إلى نحلة الملحدين.
وعن مالك بن ضمرة قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا مالك بن ضمرة كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا -وشبك أصابعه وادخل بعضها في بعض-؟ فقلت: يا أمير المؤمنين ما عند ذلك الزمان من خير؟ قال: الخير كله عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم عليه سبعون (فيقدم سبعين) رجلاً يكذبون على الله ورسوله فيقتلهم ثم يجمع الله على أمر واحد. [بشارة الإسلام: ص٥٠ - وبحار الأنوار: ٥٢، ص١١٥]
ويعلق الكوراني في كتابه (عصر الظهور) في باب ما يقوم به الإمام (عجّل الله فرجه) في الكوفة على الرواية أعلاه ص١٨٢ (وتذكر الرواية التالية أنه يقتل سبعين رجلاً هم أصل الفتنة والاختلاف داخل الشيعة ويبدو أنهم من علماء السوء المضلين) انتهى الكلام.
ونفس الكوراني قد أورد رواية الإمام الباقر (عليه السلام): إذا قام القائم سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلاف نفس يدعون البترية عليهم السلاح... ص١٨٢.
وهذا دليل على أن الرواية ثابتة لديه. ويقول الكوراني أيضاً في نهاية هذا الفصل (وبهذا العرض المجمل لمن يقتلهم المهدي (عليه السلام) في العراق، يظهر أنهم فئات متعددة من الشيعة والسنة، ومن المؤيدين للسفياني والمعارضين له، من علماء السوء والمجموعات والأحزاب وعامة الناس... من الطبيعي أن يكون فيهم فئات عميلة للروم والترك أيضاً...
وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حيث يقول عن آخر الزمان: فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود. [بحار الأنوار: ج٥٢، ص١٩٠]
وقد روي: فإذا خرج القائم من كربلاء وأراد النجف والناس حوله قتل بين كربلاء والنجف ستة عشر ألف فقيه، فيقول من حوله من المنافقين: أنه ليس من ولد فاطمة وإلّا لرحمهم، فإذا دخل النجف وبات فيها ليلة واحدة: فخرج من باب النخيلة محاذي قبر هود وصالح استقبله سبعون ألف رجل من أهل الكوفة يريدون قتله فيقتلهم جميعاً فلا يبقي منهم أحد. [بحار الأنوار: ج٣، ص٣٤٥]
وهذا الحديث ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): غير حديث البترية الوارد عن الباقر (عليه السلام) الذي شكك فيه من شكك، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يا بن مسعود علماؤهم وفقهاؤهم خونة فجرة، ألا إنهم أشرار خلق الله، وكذلك أتباعهم ومن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم أشرار خلق الله يدخلهم نار جهنم ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٨] يقول الله تعالى: ﴿لَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [سبأ: ٥١]. يعني العلماء والفقهاء.
أحب أن أعرف الرد على هذه الشبهة.. وأكون ممنوناً لكم. علماً أنه يقول (إن هنالك قلة تنتصر لصاحب الأمر ذكرتها الأحاديث وأن هنالك ثلة وجمعاً كبيراً تسقط في الاختبارات وتستحق العقاب والقصاص من الإمام المهدي (عليه السلام) بما فيهم علماء وفقهاء وهم كثر ومن يدّعي غير ذلك وينفي فهو إمّا مدلس أو ضال يخاف أن تنكشف الأمور لعوام الناس فتنكشف حقيقته وتبور سلعته ويخسر دكانه أو أنه من تلك الجماعة التي تحارب الإمام (عليه السلام) فيحاول بشتى السبل دفع الشبهة عن نقصه.
ونفي تلك الحقائق لا يصمد أمام تواتر الروايات والأحاديث بحدوثها ووقوعها! فحديث الإمام العسكري (عليه السلام) الذي ذكرته أعلاه قوي السند وواضح الدلالة والمعنى فهو يدل على أن على طول الزمان هنالك بعض فقهاء الشيعة فقط وفقط من يتصف بالصلاح ويستحق أن يقلد من العوام لا أن الكل صالحون عادلون صادقون ويجب الوثوق بكل ما يصدر منهم كما يشاع في هذا الزمان لتبرير الأفعال والأجندات، وقد يكون ظاهر الأحوال غير ذلك وإن بدت مظاهر النسك والقدسية الصلاح!