الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: كأني أنظر إلى القائم على منبر الكوفة وحوله أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدة أهل بدر، وهم أصحاب الألوية، وهم حكام الله في أرضه على خلقه، حتى يستخرج كتاباً من قبائه مختوماً بخاتم من ذهب، عهد معهود من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فيجفلون عنه إجفال الغنم البكم فلا يبقى منهم إلّا الوزير وأحد عشر نقيباً، كما بقوا مع موسى بن عمران (عليه السلام)، فيجولون في الأرض ولا يجدون عنه مذهباً، فيرجعون إليه... . [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٦٧٢، ب٥٨، ح٢٥]
وبغض النظر عن سند الرواية، هناك ملاحظات لابد من الالتفات إليها:
١) تؤكد الروايات الشريفة أن لدى أهل البيت (عليهم السلام) علوماً جمة وعظيمة ولا يمكن لأي إنسان أن يتحمل تلك العلوم، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): إن أمرنا صعب مستصعب، لا يحمله إلّا عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ولا يعي حديثنا إلّا صدور أمينة وأحلام رزينة. [نهج البلاغة: ج٢، ص١٢٩]
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن هاهنا لعلماً جمّا لو وجدتُ له حملة. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٦٥، ص٢٢٤، ب٢٣، ح١٧]
٢) إن مراتب الإيمان متعددة وليست على مرتبة واحدة، ويمكن أن يمر الإنسان بمرتبة منه لا تؤهله أن يتحمل مسؤوليات ومقتضيات المرتبة الأعلى إلّا بعد فترة من مجاهدة النفس وسلوك طريق التكامل، ومن ذلك ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): ارتدّ الناس إلّا ثلاثة نفر سلمان وأبو ذر والمقداد قال أبو بكر الحضرمي: فعمّار؟ قال: قد كان حاص حيصة ثم رجع. [قاموس الرجال للشيخ محمد تقي التستري: ج١٠، ص٢٢٧]
فمثل عمار بن ياسر الذي مُليء إيماناً من قرنه إلى قدمه كما في الروايات الشريفة، وقد حاص حيصة، لكنه رجع إلى الحق بعدها.
٣) إذا تبين هذا نقول: إن الرواية المذكورة في صدد بيان أن من الاختبارات الصعبة التي يمر بها أصحاب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو إظهاره (عجّل الله فرجه) لهم ذلك الكتاب المعهود من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولأنهم لم يصلوا إلى تلك المرتبة الكمالية التي تتحمل ما في ذلك الكتاب، فقد جفلوا، ولم يتحملوا ما فيها، فهربوا منه.
لكنهم وبعد أن داروا شرق الأرض وغربها لم يجدوا بُداً من الإيمان بما جاء به المهدي (عجّل الله فرجه)، لذلك سيؤوبون ويرجعون إليه وتطمئن قلوبهم بما جاء في ذلك الكتاب.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)