الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
لا شك أن العدل في الحكم وتوزيع الثروات وإعطاء الحقوق وأخذ الواجبات سيكون على أعلى مستوياته في زمن ظهور الإمام (عجّل الله فرجه)، وأنه (عجّل الله فرجه) سيعمل على إرساء مبادئ العدل والقسط بين الناس، وأن القانون سيكون هو قانون السلام والإسلام، ولن يُسمح لأحد أن يتجاوز هذه الحدود، لكن كل ذلك لا يعني أنه (عجّل الله فرجه) سيسلب إرادة الناس بحيث يفعلون من دون إرادتهم، كلا، فإن هذا الشيء لم يفعله حتى الله تعالى رغم قدرته المطلقة على ذلك، قال تعالى: ﴿وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس ٩٩] وقال تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً﴾ [الرعد ٣١].
وإنما يبقى الاختيار الإنساني فعّالاً، وبه يصح الاختبار والثواب والعقاب.
وفي المقام فإن الدولة المهدوية ستفرض على الأزواج ممارسة العدالة الاختيارية مع أزواجهم فيما يتعلق بالنفقة والمبيت والتعامل الحسن وما شابه.
وأما الأفعال غير الاختيارية، فهذه خارج دائرة التكليف، ولا يؤاخذ العبد بما هو خارج عن ارادته، وقوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾. [النساء ١٢٩]، يُقصد منها العدالة القلبية والمحبة الداخلية، فهذا أمر خارج الإرادة، إذ لا شك أن الزوج سيكون عنده ميل قلبي لإحدى زوجاته لبعض الخصوصيات فيها، فهذا لا يخل بعدالة الرجل، ولا يؤاخذ عليه مادام عادلاً فيما يتعلق بالنفقة والمبيت وما شابه.
وهذا ما فسّر به الإمام الصادق (عليه السلام) هذه الآية حيث ورد عنه في تفسيرها: (يعني في المودة) [الكافي للشيخ الكليني: ص٣٦٣، باب فيما أحلّه الله (عزَّ وجل) من الناس، ح١]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)