الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
يمكن مناقشة هذه الرواية سنداً ودلالة:
أما سنداً فإنها رواية عامية، ولم ترد في كتبنا ولا عن معصوم من الأئمة (عليهم السلام) فهي ضعيفة سنداً.
وأما دلالة، فلأنه لا يمكن قبول مضمونها كيف يكون كذلك وقد وصفو النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيه بالهذيان، (ليهجر) وقد انقلب الكثير من المسلمين على اعقابهم، وقتلوا ذرية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بدءاً ببضعته الطاهرة (عليها السلام).
إذن، لا يمكن قبول مضمون هذا الحديث.
قال الشيخ السبحاني في كتابه الحديث النبوي بين الرواية والدراية: ص٢٤٩- ٢٥٠، عند تعرضه لهذا الحديث ما نصه:
أخرج مسلم في صحيحه، عن زهدم بن مُضرّب، سمعت عمران بن حصين يحدث انّ رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: إنّ خيركم قرني، ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يلونهم، قال عمران: فلا أدري أقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعد قرنه مرّتين أو ثلاثة، ثمّ يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يُؤتمنون، ويَنذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السِّمن.
التاريخ الصحيح لا يذعن بما جاء في الرواية، فلنضرب عن عصر الخلفاء الراشدين صفحاً، ونستعرض العهد الأُموي الذي تسلم فيه الأمويون منصة الخلافة ابتداءً من معاوية بن أبي سفيان فيزيد بن معاوية فمروان بن الحكم ثم أبناؤه الأربعة، فهل يمكن أن نعدَّ هذه الحقبة من التاريخ خير القرون، وقد قتل فيها سبط النبي الحسين بن علي (عليهما السلام)، وأُبيحت دماء أهل المدينة وأعراض نسائهم، وحوصرت مكة وهتكت حركتها بيد الحجاج بن يوسف الثقفي، واستعبد أبناء المهاجرين والأنصار، ونُقش على أيديهم كما ينقش على أيدي غلمان الروم؟! إلى غير ذلك من الجرائم البشعة التي يندى لها جبين الإنسانية.
وأنت إذا أمعنت في كتب التواريخ وجدت النصف الثاني من القرن الأوّل
من أشرِّ القرون لا خير فيه، ولا في خلفائه وأُمرائه، والناس بأُمرائهم أشبه منهم بآبائهم.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)