الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات » (٩) زيارة الأربعين درس في السخاء
 البحوث والمقالات

المقالات (٩) زيارة الأربعين درس في السخاء

القسم القسم: البحوث والمقالات الشخص الكاتب: محمود الربيعي التاريخ التاريخ: ٢٠١٦/١٢/٢١ المشاهدات المشاهدات: ١٧٨٠ التعليقات التعليقات: ٠

زيارة الأربعين درس في السخاء

محمود الربيعي

المقدمة:
ثواب ذكر الحسين عليه السلام، وثواب لعن المشاركين بقتله
لقد ذكر الكثير عن استحباب زيارة الإمام الحسين عليه السلام واستحباب ذكر مصائب أهل البيت عليهم السلام وما جرى عليهم في الطف، وأهمية إبداء المواساة ومظاهر الحزن تجاه تلك المصيبة الراتبة. فقد جاء عن داود الرّقي قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام إذ استسقى الماء، فلما شربه رأيته قد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه، ثم قال لي: يا داود لعن الله قاتل الحسين عليه السلام، فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين عليه السلام ولعن قاتله، إلا كتب الله له مائة ألف حسنة، وحط عنه مائة ألف سيئة، ورفع له مائة ألف درجة، وكأنما أعتق مائة ألف نسمة، حشره الله تعالى يوم القيامة ثلج الفؤاد.
نصر الله للمؤمنين:
وقد أحببت أن أورد هذه الآية كإشارة إلى تأييد الله سبحانه وتعالى للمؤمنين ضد خصومهم الأعداء، وإلى تأليف الأمة الصالحة قيادتها الشرعية وأتباع تلك القيادة من الفئة الصالحة.
قال تعالى: (وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) سورة الأنفال ٦٢ - ٦٤.
مسيرة الأربعين إسهام كبير في توحيد مواقف الجماهير:
تعتبر مسيرة الأربعين أحد الممارسات الروحية العالية التي تؤلف بين قلوب الناس وتوحد صفوفهم، ففي هذه المسيرة يشارك الآلآف بل الملايين أحياناً في تظاهرة جماهيرية سلمية عظيمة لا تشابهها أية تظاهرة ومسيرة في العالم أجمع، تتحرك فيها الجماهير من كل صوب ومن مختلف أنحاء العراق والعالم الإسلامي والعربي ومن مختلف الدول الأوروبية وبقية الدول في العالم.
وفي هذه التظاهرة يشترك الجميع في المسير والمبيت والطعام، والصلاة والدعاء في كل بقعة من بقاع الأرض خصوصاً داخل العراق وعلى أرضه، كما يشارك في هذه التظاهرة جمع من أهل العقائد والأديان ومنهم المسيحيين، يتبادل فيها المتظاهرون الأحاديث الروحية والإنسانية، ويتبادلون الأفكار والثقافات فيما بينهم، وبالتالي فالمسيرة هي بمثابة دعوة الى الله عز وجل، وإلى تعاليم الإسلام، وإلى محبة آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.. وهي أيضاً دعوة للتطهر والتحرر من ربق النفس وآثامها وتطلع الى القيم الفاضلة التي دعا اليها الإسلام.
زينب عليها السلام والمسيرة.. ومسيرة المواساة الأربعينية:
إن لنا في مسيرة أسرى الطف حباً ورغبة في مواساة أهل البيت عليهم السلام، وإن مشاركتنا في مسيرة الأربعين إعلان لمظاهر الحزن تجاه ما مر من أحزان على السيدة زينب عليها السلام التي لاقت أقسى حملة ظالمة شهدها التأريخ.
كما نشارك أحزان كل من كان أسيراً من ذلك البيت الطاهر مما لاقى من ويلات البيت ألأموي الذي تمادى في غيه وطغيانه، أولئك الأشرار الذين ارتكبوا جرائمهم الكبرى بقتل الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وحملوا الرؤوس الشريفة المقطوعة على مرأى من عيون الأبرياء والصالحين والصالحات من أسارى الطف الذين فقدوا أعزائهم وأوليائهم.
المسيرة ترويض للنفوس المؤمنة:
تعتبر مسيرة الأربعين الكبرى ترويح للنفس وأسلوب حضاري للتعبير عن الحزن والاستنكار للجرائم التي ارتكبتها العصابات المجرمة في كربلاء يوم العاشر من محرم الحرام.
كما يعتبر إبداء مظاهر الحزن من خلال التعزية نوع من التفاعل الإيجابي تجاه ما جرى من سلبيات ارتكبتها العصابات الأموية تجاه البيت النبوي المطهر الشريف، وعلى هذا الأساس فإن ظاهرة المشي في أربعينية الإمام الحسين عليه السلام هي نوع من أنواع العزاء والمواساة التي تعبر عن أسف ضمير الأمة والبقية الصالحة من المؤمنين.
وبودنا أن نشير الى الإيجابيات التي تنشأ عن تلك المسيرة التي تشجع على تكوين صداقات اجتماعية طيبة يتبادل فيها المتعارفون ثقافاتهم الجيدة فيخرجون بذلك إلى عالم رحب يمتلئ بالحياة والتفكير والتأمل.. فالمسيرة إذن هي ترويض للنفس وحثها على الأخذ من القيم الفاضلة والمبادئ السامية وتمهد للإنسان لكي ينهل من تلك الواقعة عناوين جديدة للحياة الفاضلة.
مسيرة الأربعين مسيرة الشجعان:
إن مسيرة الأربعين السلمية السنوية كانت ولاتزال وستبقى تعبير عن صوت الإنسانية وضميرها الرافض للعنف والجريمة، وطريق محبة لنداءات السلم والسلام والحرية والعدالة، وإن كل ما زرعه السلوك الأموي لنظام حزب البعث ورئيسه صدام من خوف في نفوس العراقيين الشرفاء تحول برغم كل الجرائم والتفجيرات الدموية الى دروس إضافية في الشجاعة والصمود والإصرار والبسالة أخذت مكانها في قلوب زوار الإمام الحسين عليه السلام وقلوب كل العاشقين للحرية والإسلام.
مواكب المحافظات تعبير عن موقفها المنسجم تجاه مسيرة أربعينية الإمام الحسين عليه السلام ومما يلفت النظر أن يرى الإنسان أسماء مواكب المحافظات العراقية هنا وهناك ممثلة لجماهيرها العريضة.. فهنا موكب أهالي الكوت وبجانبه موكب أهالي الديوانية ومواكب أخرى لأهالي محافظات الحلة والبصرة والعمارة والناصرية وبقية المحافظات، وكل ما نراه هو بمثابة تعبير وطني وإنساني رائع يشكل حلقة اتصال وتواصل بين الولائيين من محبي أهل البيت عليهم السلام اليوم وغداً.
كربلاء مدينة الولاء:
وأما كربلاء فهي مدينة مقدسة شاء الله أن تحتضن الجسد الطاهر للإمام الحسين عليه السلام وتحتضن بقية الأجساد الطاهرة من أصحابه الميامين، وعلى هذه الأسس والاعتبارات القدسية أصبحت كربلاء قبلة لزوار الإمام الحسين عليه السلام حيث يقدمون له فيها آيات الحب والولاء ويجددون العهد بين يديه على نصرة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.
الحضور المسيحي في كربلاء المقدسة:
إن للإمام الحسين عليه السلام في قلوب المسيحيين محبة خاصة وذلك لوجود تلاقي بين ما يحمله المسيحيون من فكرة صلب السيد المسيح عليه السلام وهو في نظرنا الشبيه ولا يمنع ذلك من حقيقة الصلب نفسه سواء من وجهة نظرهم أم من وجهة نظرنا.
فالتشابه بين تلك التضحية وبين تضحية الإمام الحسين عليه السلام شجع المسيحيون في العراق وفي بعض الدول على أن يقدموا لزيارة الإمام الحسين عليه السلام في هذه المناسبة باعتبار أن الإمام الحسين عليه السلام مات شهيداً ومن أجل إعلاء مبادئ العدل والحرية والسلام كما كان عليه السيد المسيح أو شبيهه بنظرنا.
تنامي المواكب الحسينية ومخيمات الخدمة الحسينية كما أن إحساس الجماهير المتنامي بضرورة إحياء الشعائر الحسينية دفع الناس الى تعميم تلك المظاهر بحيث عمت العديد من الدول ومنها الدول الاوروبية التي أصبحت جالياتها المسلمة تقيم مواكب العزاء ومظاهر الحزن في مسيرات منظمة تحيي فيها ذكرى واقعة الطف.
إن إحياء هذه المناسبة هو إحياء لمظاهر الحق التي تجلت في وقوف الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه في وجه الظلم والفساد الذي طال الحالة الإسلامية في ذلك الحين والذي ترك آثاره في كل مفاصل الدول الحاكمة ذات النموذج الأموي الذي يحكم العالم اليوم.
تجديد البيعة وإعلان الولاء:
كما إننا نؤمن بأن كل المشاركات الجماهيرية ومظاهر إعلان الحب والولاء للإمام الحسين عليه السلام هو عنوان تجديد البيعة والنصرة لمسيرة أبي عبد الله الحسين عليه السلام، ولنا في أصحابه الأسوة الحسنة والقدوة المباركة التي نهتدي بها في عالم تسوده شريعة الغاب وتحكم فيه قوى الشر والظلام.
نسال الله تعالى أن يعز بالإمام المهدي عليه السلام دولة الإسلام وأهله ويذل بها النفاق وأهله، ويجعلنا من الدعاة الى طاعته والقادة الى سبيله ويرزقنا خير الدنيا والآخرة إنه أرحم الراحمين.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2017