الزيارة الأربعينية أكبر مسيرة سنوية في العالم لتجسيد مبادئ انسانية واسلامية
قيس العامري
ملايين من المحبين لأهل البيت عليهم السلام يقطعون مسافة عشرات او مئات بل حتى ألف وأكثر من الكيلو مترات مشيا على الاقدام لزيارة ابي عبد الله الحسين عليه السلام، مشكلين اكبر مسيرة في العالم والتي اكدتها وسائل الإعلام المحايدة وواجهت التحديات من قبل الإعلام المخالف و افقدت –المسيرة- قدرة التظليل عليها لما لها من شيوع اكتسح الساحة الاعلامية.
وهنا يسال السائل ما المغزى من قطع هذه المسافات لزيارة الحسين عليه السلام مشيا على الاقدام؟ فهم يتحملون المصاعب التي قد تودي بحياتهم من قبل المعادين لهذه الشعيرة المقدسة ناهيك عن المجازفة من قبل المريض و المُسن و اصحاب الاحتياجات الخاصة وغيرهم، والتي حيرت العقل في مصدر هذه الارادة.
و الجواب على هذا السؤال لا يصعب على من اطلع على واقعة كربلاء التاريخية ولو سطحيا، لان المطلع عليها يلتمس منها مبادئ انسانية و ضربة تاريخية شلت الحراك المبتغى حرف الاسلام عن جادته، كيف لا.. و قد غرس الامام الحسين عليه السلام تلك المبادئ و سقاها بدمائه و دماء اهل بيته عليهم السلام.
فإن ما قدمه الامام الحسين عليه السلام _في معارضة حكم يزيد بعد موت معاوية لعنهم الله، و فضح حكومته الزائفة بخروجه عليه قائلا (إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين)_ موقفا تاريخيا يجب ان يخلد لكونه حجة بالغة في اثبات ظلم بني امية و اتباعهم ومن مهد لهم على ذلك، وهناك ثلاث عوامل رئيسية تخلد هذه الواقعة وهي:
الاول: فضل موقف الامام الحسين عليه السلام بعدم انحراف الاسلام عن جادته (مجردا عن مظلوميته و ما جرى عليه من احداث مهولة).
الثاني: تعرض قضية الامام الحسين عليه السلام الى محاولات تعتيم و تظليل و تشويه على مر التأريخ، و القتل و التهجير و التعذيب لشيعة اهل البيت عليهم السلام على مر العصور.
الثالث: عظمة مصيبة الامام الحسين عليه السلام التي واجه فيها ما ابكى السماء دما وما اعظمها من مصيبة تلك التي وصفتها الروايات بلا يوم كيومها.
و لذلك يتوافد الشيعة الذين اصبحت من علاماتهم هذه الشعائر الحسينية الى زيارة الامام الحسين عليه السلام لإحياء ذكراه و اثارة انتباه الناس لما قدمه الامام الحسين فضلا عن تجديد العهد معه سلام الله عليه، و استثمار هذا التحشد المليوني في نشر الثقافة الحسينية التي تأسست على نبذ العنف و الذل، وشجعت على رفع القيم و المبادئ الانسانية السامية.
وعليه فان المسير مشيا على الاقدام لمسافات طويلة جدا وتحمل المشقة والصعاب الهدف منه تثبيت هذه المبادئ ولذلك فان الزيارة الأربعينية تعتبر جبهة من الجبهات المدافعة عن الانسانية التي تعتمد على سلاح المسيرة السلمية لنقل تلك الرسالة الانسانية.