استثنائية زيارة أربعين الإمام الحسين (عليه السلام)
السيد ابراهيم سرور العاملي
إن زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) لها من الفضل العظيم ما لا يمكن أن يعد أو يحصى، ولا يمكن اختزالها في يوم دون آخر، خصوصاً و إن أيام زائري الحسين (عليه السلام) (لا تعد من آجالهم) كما يصرح بذلك الإمام الصادق (عليه السلام)، مما يجعل الشيعة الموالون في تسابق وتنافس دائم لإحياء مراسيم الزيارة سواء في العاشر من محرم أو الأربعين أو حتى في النصف من شعبان ويوم عرفة فضلاً عن ليالي الجمعة المباركة.
وقد ورد التأكيد على استحباب زيارة الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام) في يوم الأربعين في جملة من الأحاديث الشريفة المأثورة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، و ذكرت لها فضلاً كثيراً .
رُوِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ(عليه السَّلام) أَنَّهُ قَالَ: (عَلَامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ: صَلَاةُ الْخَمْسِينَ، وَزِيَارَةُ الأربعين، وَالتَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ، وَتَعْفِيرُ الْجَبِينِ، وَالْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).
أما الزيارة المشهورة في يوم الأربعين والمعروفة بالأربعينية فقد روية على روايتين الرواية الأولى رواها صفوان الجمال عن الإمام الصادق (عليه السلام) فقال: قال لي مولاي الصادق تزور الحسين عند ارتفاع النهار وتقول.. ثم تلا الزيارة.
أما الرواية الثانية فقد رويت عن عطا عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنت مع جابر يوم العشرين من صفر فلما وصلنا الغاضرية اغتسل في شريعتها ولبس قميصاً كان معه طاهراً ثم قال لي: أمعك شيء من الطيب يا عطا؟ قلت: سعد، فجعل منه على راسه وسائر جسده ثم مشى حافياً حتى وقف عند رأس الحسين (عليه السلام) وكبّر ثلاثاً، ثم خر مغشياً عليه، فلما أفاق سمعته يقول:.. ثم تلا الزيارة.
ذكر الكثير من العلماء الأعلام فضل زيارة الحسين (عليه السلام) في يوم الأربعين وقد استدلوا في ذلك على روايات الأئمة المعصومين (عليهم السلام) منهم:
بو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في التهذيب ج ٢ ص ١٧ باب فضل زيارة الحسين (عليه السلام) فانه بعد ان روى الأحاديث في فضل زيارته (عليه السلام) ذكر المقيد منها بأوقات خاصة وذكر شهر صفر وما فيه من الحوادث نقل عن مصباح المتهجد ص ٥٥١ ثم قال: وفي يوم العشرين منه رجوع حرم أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) من الشام الى مدينة الرسول وورود جابر بن عبد الله الانصاري الى كربلاء لزيارة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) فكان أول من زاره من الناس وهي زيارة الأربعين ثم روى حديث الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
قال العلاّمة الحلّي في المنتهى كتاب الزيارات بعد الحجّ: يستحب زيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) في العشرين من صفر..
وقال السيد ابن طاووس في الإقبال عند ذكر زيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) في العشرين من صفر.
ونقل العلاّمة المجلسي في مزار البحار هذا الحديث عن ذكر فضل زيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) يوم الأربعين.
ووافقهم صاحب الحدائق في باب الزّيارات بعد الحجّ فقال: وزيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) في العشرين من صفر من علامات المؤمن.
وحكى الشيخ القمي في المفاتيح هذه الرواية عن التهذيب ومصباح المتهجد في الدّليل على رجحان الزيارة في الأربعين من دون تعقيب باحتمال إرادة أربعين مؤمناً.
والشيخ المفيد قال باستحباب الزيارة في العشرين من صفر في كتابه مسار الشيعة، وقال بمثل ذلك العلامة الحلّي في التذكرة والتحرير،. وقال بمثله الملا محسن الفيض الكاشاني في تقويم المحسنين.
ويرى السيد القاضي الطباطبائي إن زيارة الأربعين معروفة عند الشيعة بزيارة (مردّ الرّأس). والمراد من التسمية أن اُسارى أهل البيت (عليم السلام)، قد جاءوا برأس الحسين (عليه السلام) معهم عندما جاءوا إلى كربلاء في هذا اليوم.
من هنا بدأت زيارة الأربعين الإمام الحسين (عليه السلام) حيث إنه اليوم الذي رجعت فيه الرؤوس أهل البيت (عليهم السلام) إلى أبدانهم في كربلاء.
ولأهمية هذا اليوم عدّ من علامات المؤمن فيه أن يزور قبر الحسين(عليه السلام)
ووقف جابر الأنصاري على القبر فأجهش بالبكاء وقال يا حسين ثلاثاً، ثم قال: (حبيب لا يجيب حبيبه وأنّى لك بالجواب وقد شطحت أوداجك على أنباجك، وفُرقَّ بين رأسك وبدنك، فأشهد أنك ابن خاتم النبيين وابن سيد المؤمنين وابن حليف التقوى وسليل الهدى وخامس أصحاب الكساء وابن سيد النقباء وابن فاطمة سيدة النساء، ومالك ما تكون كذلك وقد غذتك كف سيد المرسلين، وربيت في حجر المتقين، ورضعت من ثدي الإيمان وقطمت بالإسلام فطبت حياً وطبت ميتاً غير أن قلوب المؤمنين غير طيبة بفراقك ولا شاكة في الخيرة لك، فعليك سلام الله ورضوانه، وأشهد انك مضيت على ما مضى عليه أخوك المجتبى ابن زكريا) ثم جال بصرة حول القبر وقال: (السلام عليكم أيتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسين وأناخت برحله، وأشهد أنكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين، وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين، والذي بعث محمداً بالحق نبيا، لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه) فقال له عطية العوفي: (كيف؟ ولم نهبط وادياً ولم نعل جبلاً ولم نضرب بسيف والقوم قد فرق بين رؤوسهم وأبدانهم وأؤتمت أولادهم وأرملت الأزواج، فقال له جابر: (إني سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من أحب قوماً كان معهم ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم، والذي بعث محمداً بالحق نبياً إن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين (عليه السلام) وأصحابه.