(٣٣) العشرين من صفر
العشرين من صفر
هاشم الحكيم
اكبر مسيرة مليونية في العالم لتجسيد مبادىء الانسانية تمر علينا هذه الأيام ذكرى أربعينية الامام الحسين عليه السلام ورجوع السبايا من عترة رسول الله النبي الاكرم صل الله عليه وسلم من بلاد الشام الى كربلاء وهذا اليوم هو اليوم العشرون من صفر والذي يوافق مرور 40 يوم على مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب في معركة كربلاء على يد جيش عبيد الله بن زياد، وبحسب بعض الروايات فقد قامت زينب بنت علي وعلي بن الحسين السجاد وبرفقة الأيتام وأطفال الحسين إلى أرض كربلاء لزيارة قبر الحسين في الأربعين وتقول الروايات أن أول من زار الحسين في يوم الأربعين كان الصحابي جابر بن عبد الله الانصاري إذ صادف وصوله من المدينة المنورة إلى كربلاء في ذلك اليوم وهو يوم وصول ركب حرم الحسين (نسائه وأيتامه) واجتمع جماعة من أهل السواد أي من اهل العراق، وهم أهل القرى والأرياف التي كانت في ضواحي كربلاء يومذاك، فصار هناك اجتماع كبير نِسبيّاً من شتّى الطبقات، فالجميع حضروا عند قبر ريحانة رسول الله، وسيّد شباب أهل الجنة، يزورون قبره ويسلّمون عليه، والكآبة تخيّم على وجوههم، والأسى والأحزان تَعصِر قلوبهم .كانت القلوب تشتعل حزناً والدموع مستعدّة لتجري على الخدود، ولكنّهم ينتظرون شرارة واحدة حتّى تضطرم النفوس بالبكاء، وترتفع أصوات النحيب والعويل في تلك اللحظات وصلت قافلة العائلة المكرّمة إلى كربلاء، فكان وصولها في تلك الساعات هي الشرارة المترقّبة المتوقّعة، فتلاقَوا في وقت واحد بالبكاء والعويل. كانت السيّدة زينب عليها السلام في هذا المقطع من الزمان، وفي هذه المنطقة بالذّات ـ وهي أرض كربلاء ـ لها الموقف العظيم، وكانت هي القلب النابض للنشاطات والأحاسيس المبذولة عند قبور آل رسول الله عليهم السلام في كربلاء. نشاطات مشفوعة بكلّ حزن وندبة، مِن قلوب ملتهبة بالأسى وما تظنّ بسيّدة فارقت هذه الأرض قبل أربعين يوماً، وتركت جُثَث ذويها معفّرة على التراب بلا دفن، واليوم رجعت إلى محلّ الفاجعة؟! فما تراها تصنع, وماذا تراها تقول ؟من هنا بدأ احياء ذكرى هذه الفاجعة الاليمة واصبح المسلمون يحفون اليه من كل انحاء العالم ويعتبر من أهم المناسبات عند الشيعة حيث تخرج مواكب العزاء في مثل هذا اليوم ويتوافد مئات الآلاف من الشيعة من كافة أنحاء العالم إلى أرض كربلاء لزيارة قبر الحسين. ويقوم الملايين من الزوار بالحضور إلى كربلاء مشياً على الأقدام بأطفالهم وشيوخهم من مدن العراق البعيدة حاملين الرايات تعبيراً عن النُصرة انظر الصور إذ يقطع بعضهم ما يزيد على 500 كيلومتر مشياً ويقوم أهالي المدن والقرى المحاذية لطريق الزائرين بنصب سرادقات (خيام كبيرة) أو يفتحون بيوتهم لاستراحة الزوّار وإطعامهم معتبرين ذلك تقرباً إلى الله وتبركاً وقد ورد عن بعض أئمة الشيعة قوله أن علامات المؤمن خمسة: التختم باليمين، وتعفير الجبين، وصلوات إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم) أصبحت إحياء ذكراها من السنن المستحبة المؤكدة عند أتباع أهل البيت، وتسمى هذه الذكرى محلياً في العراق بزيارة مردّ الرؤوس (اي رجوع أو عودة الرؤوس) لأن رؤوس الحسين وبعض من قُتل معه من اصحابه وأهل بيته أُعيدت لدفنها مع الأجساد بعد أن أخذها جيش بني أمية إلى يزيد وطافوا بها تباهياً بالنصر.