المسار
مسيرة الأربعين » البحوث والمقالات
الفهرس
البحوث والمقالات

(٦٣) دموع السماء تمسح العناء عن درب الإباء

دموع السماء تمسح العناء عن درب الإباء

الشيخ حميد الوائلي

قد نشاهد موقفاً نتأثَّر به أو نتألَّم لأجله وهذا أمر طبيعي، ولكن من غير المألوف أن نشاهد العشـرات، بل المئات من المواقف التي تتحيَّر عقولنا أمام إدراك حقيقتها، ويعجز الخيال عن وصف واقعها وكيف تجسَّدت على الأرض، وذلك عندما نُشاهد السائرين في درب الإباء والنور وهم يسيرون متَّحدين مختلف الظروف وأسوأها، يتحدّون البرد القارص والمطر الشديد، والشبهات الوهّابية، والأحاديث القشـرية التي تحاول أن تمنعهم أو تُحجِّمهم أو تُقصـي بعضاً منهم أو تصادر حقوق النساء منهم فتُميِّزهنَّ عداءً لهذه المسيرة، بينما تفتح الباب على مصـراعيه عندما تكون الدعوة للشيطان، فيجوز الاختلاط وله مبرِّراته.
ولكن الهمَّة العالية والتفاني المنقطع النظير، والذوبان المتواصل حطَّم كلَّ ذلك وصهره فتلاشى، وكأنْ لم يكن.
وإن الصور التي تُسجَّل وتُسطَر من قِبَل أصحاب المواكب لا تقلُّ عن أوصاف تلك الصور التي سجَّلها زوّار الحسين عليه السلام في مسيرة الأنهار التي يجري بين ضفَّتيها أمواج البشـر والتي تنبع من كلِّ أرض طيِّبة فتُشكِّل نهر الولاء والوفاء في مسيرة تذوب فيها الأنا ويندكُّ كلُّ شيء في الحسين عليه السلام، فتنقلب الموازين وتنفلت المشاعر، ومع ذلك كلِّه لا يمكن للمرء أن يُعبِّر عمَّا يختلجه تجاه هذه الوقائع، فقط هي الصور التي تُرى وتحكي جزءاً من الواقع وتُعبِّر عن جزء الحقيقة، أمَّا جزؤها الآخر فلا يُدركه إلَّا صاحب المسيرة والمنظِّم الحقيقي لها، وهو الإمام المهدي عليه السلام الذي يحفظ هذه المسيرة ويدفع الناس باتِّجاهها، كما أنَّه هو عليه السلام الذي سيدافع عنها ويجعلها عالمية بمعنى الكلمة عند ظهوره المبارك.
ومن هنا ينبغي أن تكون تلك الصور مطرَّزة بلون الانتظار، وأن لا تخلو هذه اللوحة من لمسات الدعاء لتعجيل فرج الإمام الغائب.

البحوث والمقالات : ٢٠١٨/٠١/٣٠ : ١.٦ K : ٠
: الشيخ حميد الوائلي
التعليقات:
لا توجد تعليقات.