المسار
مسيرة الأربعين » البحوث والمقالات
الفهرس
البحوث والمقالات

(٨١) أربعينية المبادئ

أربعينية المبادئ

حسن الهاشمي

الملايين الزاحفة لمرقد سيد الشهداء في أربعينيته كل عام خير شاهد على تماسك الأمة على خطى وأهداف الإمام الحسين عليه السلام، وهذا السير إنما هو سير نحو المثل والأهداف النبيلة المكتنفة في ثورته المباركة، وهي خير منج للأمة مما يعتورها من معطيات الفساد والانحراف والتخلف، وطالما ابتليت الشعوب الإسلامية من أنظمة فاسدة هي بحاجة إلى منهج إصلاحي لعلاجها، وها هو الإمام الحسين يضع لنا المنهج من خلال ثورته المباركة التي هي منهل الأحرار في كل زمان ومكان.
وبطبيعتها فإن الحركة المليونية الزاحفة إلى كربلاء المقدسة حركة إصلاحية تقض مضاجع الظالمين وتستذكر دائما وأبدا الأهداف الحسينية التي ضحى من أجلها الإمام الهمام الغالي والنفيس من أجل تثبيتها وإيصالها لنا عبر الحقب والأزمان وهى تتجدد بتجدد الذكرى والمأساة، وفي الحقيقة فإن ديمومة حركته الإصلاحية بديمومة المسيرات والمواكب والشعائر الحسينية وتبعا لذلك كان (عليه السلام) سببا لهداية الملايين من البشر، وما زالت الثورة الحسينية ماثلة في الأذهان والنفوس والمواقف وقد حافظت وتحافظ على بيضة الإسلام المحمدي الأصيل التي يحاول الطغاة والمستبدون من طمسها كلما سنحت الفرصة لهم بذلك، ولكن إصرار المؤمنين من إقامتها وتواصلهم مع إمامهم في هذه البيعة المتجددة في كل عام هي التي جعلت نقوش الطغاة على ماء وسراب، ونحتت المفاهيم والقيم الحسينية الخالدة في قلوب العاشقين وزرعت في نفوسهم قيم الحق والعدالة والأخلاق وهي أمور أحوج ما يتوق إليها عالمنا اليوم من أي وقت مضى.
الهدف الرئيسي من نهضة الحسين (عليه السلام) في ملحمة الطف الخالدة هو الدفاع عن العقيدة والأحكام الإلهية التي بها يسعد الإنسان في الدنيا ويفوز بالآخرة، وإن هذا الهدف السامي مطمح الأنبياء والأوصياء الذي كان ولا يزال الطريق القويم الذي يسلكه المصلحون لبلوغه أو تحقيقه وإن طال الزمن، والتي بادر بثورته تلك من أجلها واستشهد في سبيلها، إضافة إلى ما ذكر فإن النهضة الحسينية تستبطن الكثير الكثير من الأهداف التي تسمو بالإنسان وترتقي به إلى مصاف الأولياء الصالحين إذا ما تقمصها وحاول تكريسها على أرض الواقع، فإنها ركزت في الأمة إحياء الإسلام، وتوعية المسلمين وكشف الماهية الحقيقية للأمويين، وإحياء السنة النبوية والسيرة العلوية، وإصلاح المجتمع واستنهاض الأمة، وإنهاء استبداد بني أمية على المسلمين، وتحرير إرادة الأمة من حكم القهر والتسلّط، وإقامة الحق وتقوية أهله، وتوفير القسط والعدالة الاجتماعية وتطبيق حكم الشريعة، وإزالة البدع والانحرافات، وإنشاء مدرسة تربوية رفيعة وإعطاء المجتمع شخصيته ودوره.
لقد تجلّت هذه الأهداف في فكر سيد الشهداء وفي عمله أيضا، وكذلك لدى أنصاره وأتباعه، ومن جملة خطب الإمام الحسين (عليه السلام) المعبرة عن أهدافه، هي قوله: إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب. (حياة الإمام الحسين بن علي 264:2).
وكتب إلى وجوه أهل البصرة: أنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، فإنّ السنة قد أميتت والبدعة قد أحييت فإن تسمعوا قولي أهدِكم سبيل الرشاد. ( حياة الإمام الحسين بن علي: 322).
وأرسل مع مسلم بن عقيل كتابا إلى أهل الكوفة حدّد فيه رسالة الإمامة بما يلي: فلعمري ما الإمام إلاّ العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والدائن بالحق، والحابس نفسه على ذات الله والسلام. (حياة الإمام الحسين بن علي:340).
وفي كربلاء خطب بأنصاره قائلا: ألا ترون إلى الحق لا يُعمل به، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، فإني لا أرى الموت إلاّ سعادة، والحياة مع الظالمين إلاّ برما.(حياة الإمام الحسين بن علي 98:3).

البحوث والمقالات : ٢٠١٨/٠٤/٢٩ : ١.٦ K : ٠
: حسن الهاشمي
التعليقات:
لا توجد تعليقات.