المسار
مسيرة الأربعين » البحوث والمقالات
الفهرس
البحوث والمقالات

(١٠٦) أنهار من البشر تمهِّد لظهور المنتظر (عليه السلام)

أنهار من البشر تمهِّد لظهور المنتظر (عليه السلام)

الشيخ حميد عبد الجليل لطيف الوائلي

تعتبر المسيرات الجماهيرية _إذا نظرنا إليها ضمن النظرة الحالية_ انها أحد أهم المحاور في تحديد السياسات للمجتمع بل قد تتعدى إلى أن تتدخل في تغيير النظم والدول .
فلو عكسنا ما تمثله المسيرات الجماهيرية التي تنطلق من أسس عقائدية لكان الأولى أن نقول انه لو كانت القابلية على التغيير في المسيرات الجماهيرية الاعتيادية بنسبة تقارب 60% فإنها في المسيرات العقائدية لابدّ أن ترتفع إلى نسبة أعلى بكثير, ومنشأ هذه اللابدية أن تلك المسيرات الجماهيرية كانت منطلقاتها المطالبة بتلبية حاجات آنية كتوفير معيشة أفضل أو مسكن أو نوع من الحرية تتناسب وطموح الشخص الذي خرج في هذه المسيرات, أما المسيرات الجماهيرية العقائدية فإنها تنطلق من منطلقات تخترق هذا الوجود لترتبط عبر القدوة الذي تتخذه الجماهير إلى وجود أرحب وأوسع, لأن العقيدة لا يحصرها الوجود الدنيوي بل هي تنفذ إلى الوجودات المتعددة التي يعيشها الإنسان, وتتحصل ثمراتها له في المراحل التي سينتقل إليها بعد حياته الدنيوية, ومن هذا المنطلق يكون الدافع أقوى والعزيمة أعلى وبمرتبة يضعف معها امكانية النيل من المسيرة أو تفكيكها وإضعافها.
ومن هنا, لو أننا أخذنا على عاتقنا في مسيرة الأربعين لزيارة الامام الحسين عليه السلام بأن نفهّم الجمهور أن لمسيركم هذا علاقة مباشرة بظهور الأمام المهدي عليه السلام وهذه العلاقة يمكن استكشافها من جوانب متعددة .
فعلى سبيل المثال لا الحصر أن الذهاب إلى الحسين عليه السلام مع استحضار كون هذا الذهاب بقصد القربة إلى الإمام المهدي عليه السلام ويعني ذلك ان هذا الفرد بذهابه إلى الإمام الحسين عليه السلام يكون قد ذهب إلى الإمام المهدي عليه السلام فإنه صاحب ثأره وولي دمه, وإن الأمر كما في حياتنا الاجتماعية, فعندما نريد أن نعزّي بفقد عزيز فإننا نذهب إلى وريثه وولي دمه, وهذا الذهاب منا تكريم للميت وللحي معاً, ولا يمكن أن يحسب تكريما للميت فقط أو تكريما للحي فقط بل هو تكريم لهما معاً, وهذا ينطبق تماماً على مسيرة الأربعين المليونية التي نشهدها في كل سنة مرة وبأعداد لم يسبق للتأريخ أن سجل كثرة كهذه التي هي عليه الآن.
وهذه المسيرة كما تمثل عقد بيعة وولاء للامام الحسين عليه السلام فهي تمثل عقدة بيعة وولاء للامام المهدي عليه السلام.
ومن جانب آخر فان هذه المسيرة الملحمية تقدم لنا إمكانات روحية عالية على مستوى سحق الانانية في تقديم الخدمة للآخرين وان كان صاحب هذه الخدمة ذا منزلة اجتماعية كبيرة أو سياسية أو دينية, فإننا نشهد على نطاق واسع أن أصحاب هذه الخدمة يتذللون ويتصاغرون أمام المشاة من أجل أن يقدموا لهم خدمة كغسل بعض ملابسهم أو تقديم الطعام لهم أو توفير وسيلة راحة لهم, فإن هذا التجرّد من الانانية, والذوبان الروحي في المعارف الأخلاقية في تحصيل الكمالات يصعب تحصيله في أرقى الجامعات الانسانية والمعاهد الاخلاقية حتى لو خُصص لذلك زمن طويل وتوفرت الامكانات المادية الهائلة, بينما بالامكان أن يحصله الإنسان في مسيرته إلى الأربعين, وهذا يجعل الإنسان متهيئاً أكثر لقضية الإمام المهدي عليه السلام, فكلما كان الإنسان ذا خلق رفيع وأخلاق سامية فإنّه سيكون أقرب إلى الإمام, ومن بين الاشخاص المعدودين الذين يتشرفون بنصرته ويحسبون على جماعته, وما إلى ذلك من العناصر التي يمكن أن نستشفها ونقف عليها من خلال هذه المسيرة الاربعينية وكيف أنها ترتبط بالامام المهدي عليه السلام وبعقيدته.
ان المشاة في هذه المسيرة المليونية المباركة هم بلا شك عناصر تقرب من ظهوره عليه السلام وتمهد لدولته, فهذه الأنهر من البشر التي تصب في بحيرة كربلاء الولاء لو سلط عليها الإعلام كما يسلط على القضايا السياسية فإنها كفيلة بأن تغير مجتمعات ودولاً, وهذا من الاهداف الأخرى التي يجب أن نرعاها في هذه المسيرة.

البحوث والمقالات : ٢٠١٨/١٢/٠٦ : ١.٥ K : ٠
: الشيخ حميد عبد الجليل لطيف الوائلي
التعليقات:
لا توجد تعليقات.